24 novembre 2003

Accueil

TUNISNEWS

  4 ème année, N° 1283 du 24.11.2003

 archives : www.tunisnews.net


المجلس الوطني للحريات بتونس:الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة  المولدي الجندوبي- من متضرر إلى متهم.

المؤتمر من أجل الجمهورية: تهاني  العيد

المنبر الديمقراطي للإصلاح والتنمية في تونس: تهنئة بعيد الفطر المبارك

رويترز: باول يزور الجزائر والمغرب وتونس في ديسمبر

الشرق الأوسط: موسى: القمة العربية لن تنقل من تونس للقاهرة

الشيخ الهادي بريك: لا عيد للجار إلا في دار جاره ولا للرحم إلا في دار رحمه ولا للغني إلا في دار الفقير

عبد الحميد الحمدي: عاشقُ القرآن يترجّل

نوفل المعاوي: رد وجيز على  » قومي سوري  » متطاول على القرآن الكريم في شهر القرآن الكريم « !!!

مختار بن حفصة: الدين الخارجي لتونس : مقاربة مواطنية

عبد الباري عطوان: درس جديد للحكام العرب


Luiza Toscane: Le prisonnier Lotfi Farhat est en grève de la faim
AFP: Radia Nasraoui poursuit sa grève de la faim malgré un état de santé détérioré

AFP: Paris « en contact régulier » avec Tunis au sujet de Radia Nasraoui

Radhia Nasraoui: Que de  mensonges !Réponse aux« précisions » d’une « source officielle »

AP: Le secrétaire d’Etat américain Colin Powell en tournée dans le Maghreb les 2 et 3 décembre

AFP:Tunisie – l’Algérie ; Ratification d’un accord sur la délimitation des frontières maritimes

La Tribune : Clin d’oeil de la Tunisie au touriste algérien : les opérateurs algériens invités de l’Office tunisien du tourisme

Taoufik Ben Brik: Radhia est morte

Taoufik Ben Brik: Gris et chuchotements ou Radhia d’Australie


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

بسم الله الرحمن الرحيم

بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك تتقدم أسرة « تونس نيوز » إلى السادة والسيدات القراء والمشتركين داخل البلاد التونسية وخارجها بأصدق التهاني وأجمل الأماني، سائلين الله تعالى أن يُعيده على بلادنا وشعبنا وسائر أفراد الأمة العربية والإسلامية بالخير والبركة والوحدة والتوفيق راجين من المولى الكريم أن نكون وإياكم ممن ختم لهم شهر رمضان بالمغفرة والرحمة والعتق من النار وأن يفرج الكروب عن الجميع إنه سميع قريب مجيب.

وكل عام وأنتم بألف بخير


   المجلس الوطني للحريات بتونس 
تونس في :20 /11/2003   بلاغ:

الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة  المولدي الجندوبي : من  متضرر  إلى  متهم.

  مثل   صبيحة اليوم 20/11/2003 السيد المولدي  الجندوبي الكاتب  العام للإتحاد الجهوي للشغل  بجندوبة ( الممثلية الجهوية للنقابة الوطنية  » الإتحاد العام التونسي للشغل  » ) و الكاتب العام لفرع  جندوبة  للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ؛ أمام محكمة ناحية بوسالم  في القضية  الجناحية عدد  16538 و تم تأجيلها  إلى يوم 18/12/2003  لعرضه على الفحص الطبي . و لقد أعلن عديد المحامين  من مختلف  النظمات الحقوقية   نيابتهم  عنه  ومثل المجلس الأستاذان سعيد المشيشي عضو  هيئة  الإتصال المكلف بالجمعيات والهادي المناعي  ، و قد لوحظ تواجد  مكثف  لأعوان  البوليس السياسي  أثناء الجلسة . و معلوم أن السيد المولدي  الجندوبي كان  تعرض يوم 15/08/2003  إلى الإعتداء بالعنف الشديد  من طرف كل من محمد الحبيب بوعلي و شقيقه محسن  وهما نقابيان ينتميان  إلى الحزب الحاكم  و إلى الشعبة المهنية ( وهي  خلايا للحزب  المذكور  داخل  المؤسسات )  و ذلك عند إشرافه على موتمر  النقابة الأساسية  بالمركب الفلاحي  ببوسالم . و على إثر الإعتداء   رفع شكوى إلى النيابة  في  الغرض  إلا أنه دعي في القضية كمتهم  بتبادل العنف  الشديد عوض إستدعائه كمتضرر . إن المجلس الوطني للحريات بتونس  يندد بشدة  بما  تعرض ويتعرض له  السيد  الجندوبي  من مضايقات  من  طرف  السلطة  جراء  مواقفه  المناظلة من  أجل  الحريات العامة  وبالخصوص من  أجل  إستقلالية  وحرية العمل النقابي .  كما  يدين  تواصل  الإعتداءات  بالضرب  على  مناضلي الحريات   وتوضيف  القضاء    لتلفيق  التهم  الكيدية   لهم  . ويعبر  عن  تضامنه الكامل  مع  السيد الجندوبي  ومع  كل  مناضلي  الرابطة  و الإتحاد العام التونسي للشغل  .  الناطق الرسمي باسم المجلس الأستاذ محمّد نجيب الحسن


Le prisonnier Lotfi Farhat est en grève de la faim

Lotfi Farhat, incarcéré à la prison de Gabès, est en grève de la faim depuis mardi 18 novembre, pour protester contre la négligence sanitaire dont il est victime. Il est diabétique et souffre de troubles de la vue. Pour protester contre l’interdit de correspondre avec sa famille résident en France dont il ne reçoit aucun courrier depuis de longs mois. Pour protester contre le refus qui lui a été opposé de reprendre des études… Lotfi Farhat avait été arrêté le 2 août 2000 au port de la Goulette alors qu’il rentrait en Tunisie en vacances, accompagnée de son épouse. Il avait été détenu au secret au-delà de la durée légale de garde à vue et torturé. Il a été condamné lors d’un procès inique le 31 janvier 2001 par le tribunal militaire de Tunis à sept ans d’emprisonnement et cinq ans de contrôle administratif. Transféré de prison en prison, il a subi les affres de tous les détenus d’opinion : privation de soins, de correspondance, du droit à reprendre ses études, à la visite directe. Son épouse et ses deux enfants vivent en France. Il ne connait pas son fils né après son arrestation. Luiza Toscane

 


 

المؤتمر من أجل الجمهورية حتى تتحقق السيادة للشعب والشرعية للدولة والكرامة للمواطن   23-11-03   تهاني  العيد

  إخوتي أخواتي في الوطن . أي أمنية أتمناها لكم باسم كل الجمهوريين بمناسبة هذا العيد ،لا تكون جملا آلية خارجة لتوها من مخزون ألفاظ  صنعها  التقليد وحافظ عليها الروتين . وفي الوضع البائس اليائس الذي نعيش،  لا أرى أمنية تفرض نفسها بقوّة ، قدر القطع مع حالة أصبحت خاصيتنا الوطنية الأولى وفي كل المستويات:  الاهتراء. ومن معاني الكلمة الإعياء ، الإرهاق ، الإحباط ، التسليم ، الاستسلام وخاصة توقفّ القدرة على العطاء والتجديد .  ومن عواقب الحالة أصابت فردا أو نظاما أو شعبا إن طال به  المرض،  التعفن ، التفسخ ، التفكك ،التذرّر والتلاشي. هذا الاهتراء هو اليوم وضع سلطة تآكلت شرعيتها ، تآكلت مصداقيتها ، تآكلت هيبتها  وليس لها من مشروع غير مواصلة السياسة التي أوصلتها إلى الحالة التي هي عليها  : الإمعان في القمع ، المزيد من الفساد، مواصلة التضليل والتزييف. هذا الاهتراء هو اليوم وضع طبقة سياسية تآكلت مشاريعها، تآكلت نضاليتها ، تآكلت شخصياتها وليس لها من سياسة غير التي أوصلتها إلى الحالة التي هي عليها : الإمعان في المهادنة ، المزيد من الصراع الشخصي العقيم ، مواصلة تجاهل شارع لم تعتبره يوما طرفا وإنما تهديدا . هذا الاهتراء هو اليوم وضع مجتمع تآكلت قدراته الشرائية،  تآكلت قدرته على الدفاع عن حقوقه، تآكلت قدرته على الحلم والأمل ، وليس له  من سياسة غير التي أوصلته إلى الحالة التي هو عليها : الإمعان في الخوف، المزيد من الاستقالة ،مواصلة انتظار الفرج من طارئ ومجهول قد لن يأتيا أبدا. هذا الاهتراء  هو منبع مشاعر تعصف بنا وتعصف بيننا ولّدت ولا تزال تصرفات مدمّرة  سمّمت حياتنا والمناخ العامّ  : الذاتية المفرطة ، الأنانية ، النفعية ، الانتهازية ، انعدام الثقة في الناس والقيم  ،   الإحباط ، القرف، كره الذات والآخر، الخصومات الشخصية المتواصلة ، إرادة الفرار. لكن إلى أين؟  لا ينفع أن يوجد أشخاص داخل المجتمع وداخل الطبقة السياسية وربّما حتى داخل السلطة، نذروا أنفسهم للحفاظ على الشرف ، على الأنفة ، على الجرأة ، على الأمل ، على التضحية ، على مواصلة الطريق مهما كان خطرا أو طويلا. إنهم بمثابة لهب نور ضعيف  يصرّ على مقاومة ريح  هوجاء  وغزو الظلام . إنّهم بمثابة قطرات الماء التي تحاول التوجه نحو الشاطئ والموجة العارمة التي تحملها على قمتها   تتجه إلى أعماق المحيط. هذه الموجة لن تعكس اتجاهها إلاّ إذا ساهم كلّ واحد منكم في عكسها،  فليس هناك اليوم منقذ أو مسئول وإنما نحن جميعا هذا وذاك. يمرّ الأمر ضرورة  بالاستنجاد  بالقوة الهائلة المعطّلة  داخلنا ، بإرادة الحياة  التي ترفض وضعا  لا يؤدي في آخر المطاف إلا إلى انتحار جماعي بطيء …… بثورة داخل الذات تؤدي إلى التقائها مع الذات الأخرى ، إلى ربط الجسور ، إلى رصّ الصفوف ….. إلى العودة لروح الشابي والدغباجي وحشاد  . هذه القوّة هي التي أتمنى لكم بمناسبة عيد عاد ولم يعد بأي تجديد ، أن تجدوها في أعمق أعماقكم  ، أن تفجّروها ، وأن تجعلوا منها شعلة من لهب ونور تبدّد كلّ الظلمات ، أن تهببوها لتونس الحبيبة لتكون جزءا من الطاقة الجبارة  التي  ستعيد التأسيس والبناء  على أنقاض الخراب الروحي والسياسي الذي تسببت فيه 16 سنة من دكتاتورية آن الأوان لأن ترحل حتى تكون لنا أعياد جديرة بالاسم وبالاستبشار والفرح . وإن لبعد العسر يسرا وبعد الجزر مدّا.                                                        د. منصف المرزوقي  

 

المنبر الديمقراطي للإصلاح والتنمية في تونس

تهنئة بعيد الفطر المبارك   يتشرف المنبر الديمقراطي للإصلاح والتنمية بتهنئة الشعب التونسي والأمة العربية والإسلامية بعيد الفطر المبارك، سائلين المولى عز وجل أن تعود هذه المناسبة السعيدة على وطننا العزيز وأهله بما ينشر الوئام ويشجع على العفو ويدعو إلى الإصلاح، لما فيه مزيد من عزة تونس ورفعة شعبها وتقدمه.   الأمين العام د.خالد شوكات


Radia Nasraoui poursuit sa grève de la faim malgré un état de santé détérioré

 
 
AFP, 24 novembre 2003

 

TUNIS, 24 nov (AFP) – L’avocate tunisienne Radia Nasraoui a annoncé lundi qu’elle poursuivait sa grève de la faim entamée le 15 octobre malgré son état de santé dégradé pour demander la fin des harcèlements dont elle se dit l’objet ainsi que sa famille et ses clients. « Je me vois obligée de poursuivre la grève parce que les autorités n’ont pas répondu à mes demandes qui sont simples, claires et légitimes », a déclaré Me Nasraoui en recevant la presse internationale à son domicile. Mme Nasraoui a perdu plus de 13 kilos et paraissait très affaiblie par un jeune de 41 jours lundi. « Je suis prête à me sacrifier pour la défense de ma liberté et ma dignité », a-t-elle ajouté d’une voix faible. Elle a insisté sur sa volonté de poursuivre son action de protestation. « Je ne demande pas l’impossible. Qu’on me permettre d’être en contact avec les miens à l’étranger, qu’on arrête de me filer et qu’on fasse faire une enquête sérieuse sur le saccage de mon cabinet, sur le vol de mes dossiers », a poursuivi l’avocate en accusant la police politique. Mme Nasraoui a fustigé « l’attitude de déni » des autorités tunisiennes envers ses revendications et salué les témoignages de soutien reçus en Tunisie et à l’étranger. « Que de mensonges! » écrit-elle dans un document en réponse aux précisions des autorités concernant les raisons qui l’ont amenée à entreprendre une grève de la faim. Elle y évoque par le détail des tracasseries multiples dont des agressions policières, le triple saccage de son cabinet, l’incendie de la porte de son appartement, les pressions sur sa famille et ses clients, la présence continue de la police politique aux alentours de son cabinet et les plaintes sans suite en justice. « Je subis (…) un triple encerclement: professionnel, social et familial, le but étant on ne peut plus clair, de me réduire au silence pour me transformer en complice de la torture et des violations systématiques des droits de l’Homme », a-t-elle affirmé. Me Nasraoui était entourée de membres de son comité de soutien, des personnalités politiques et défenseurs des droits de l’Homme dont l’écrivain islamologue Mohamed Talbi, venu s’incliner devant « le sacrifice de Radia pour la défense des sans voix ». Le président du conseil de l’ordre des avocats tunisiens, Béchir Essid, de retour de Paris lundi, a répété que la situation de Me Nasraoui était symptomatique des menaces qui pèsent sur les avocats en Tunisie.


 

Paris « en contact régulier » avec Tunis au sujet de Radia Nasraoui

 

PARIS, 24 nov (AFP) – La France est « en contact régulier » avec les autorités de Tunis au sujet de la situation de l’avocate tunisienne Radia Nasraoui, en grève de la faim depuis plus de cinq semaines, a déclaré lundi le Quai d’Orsay. « Nous suivons avec attention la situation de maître Nasraoui », a déclaré la porte-parole adjointe du ministère français des Affaires étrangères, Cécile Pozzo di Borgo, lors d’un point de presse. « Nous sommes en contact régulier avec les autorités tunisiennes à ce sujet, dans le cadre de notre dialogue politique étroit et confiant qui porte sur toutes les questions d’intérêt commun, y compris sur les droits de l’homme », a-t-elle souligné. Le président du conseil de l’ordre des avocats tunisien, Béchir Essid, a dénoncé samedi à Paris les harcèlements dont sont victimes les avocats dans son pays et lancé un appel en faveur des droits de l’Homme en Tunisie. La situation de Me Nasraoui « reflète la situation générale des avocats tunisiens et ce qu’ils doivent endurer au quotidien », a déclaré Me Essid. Le parti socialiste (PS) français a appelé la Tunisie à respecter les droits de l’Homme, jugeant « très préoccupante » la situation de Radia Nasraoui, et demandé « aux autorités françaises de prendre toutes les initiatives garantissant la fin de cette situation dramatique ». Les accusations de Radia Nasraoui, qui dénonce des harcèlements en tout genre dont une surveillance policière permanente, ont été qualifiées d' »allégations dépourvues de tout fondement » de source officielle tunisienne. L’appel du bâtonnier tunisien intervient avant la visite du président français Jacques Chirac, le 3 décembre, à Tunis pour le premier sommet des chefs d’Etat du « Dialogue 5+5 », qui doit réunir les cinq pays du Maghreb (Algérie, Maroc, Libye, Mauritanie et Tunisie) et cinq pays de l’Europe du Sud (Italie, Espagne, France, Portugal et Malte).


باول يزور الجزائر والمغرب وتونس في ديسمبر

 

الجزائر (رويترز) – قالت متحدثة باسم السفارة الامريكية في الجزائر يوم الاثنين ان كولن باول وزير الخارجية الامريكية سيزور الجزائر والمغرب وتونس اوائل شهر ديسمبر كانون الاول لتعزيز روابط واشنطن مع دول اتحاد المغرب العربي في مكافحة الارهاب العالمي.   وقال دبلوماسيون ان زيارة باول يومي ٢ و٣ من ديسمبر كانون الاول تعتبر زيارة غير متكررة من جانب وزير خارجية امريكي للمنطقة مما يبرز تلهف واشنطن على كسب تأييد العالم العربي لسياستها في العراق وتنشيط عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية.   (المصدر: موقع أريبيا.كوم بتاريخ 24 نوفمبر 2003 نقلا عن وكالة رويترز للأتباء)


 

Le secrétaire d’Etat américain Colin Powell en tournée dans le Maghreb les 2 et 3 décembre

lundi 24 novembre 2003, 14h40
RABAT (AP) – Le secrétaire d’Etat américain, Colin Powell, effectuera une tournée dans le Maghreb (Tunisie, Maroc, Algérie) les 2 et 3 décembre prochains, a-t-on appris lundi de sources diplomatiques marocaines. Colin Powell, dont c’est le premier déplacement dans la région depuis l’intervention militaire américaine en Irak, est attendu le 2 décembre à Tunis. Le chef de la diplomatie américaine se rendra dans l’après-midi à Rabat où il devrait passer la nuit avant de se rendre le 3 décembre à Alger. « Cette visite devrait notamment être consacrée à la sécurité régionale et à l’engagement des pays du Maghreb dans la lutte internationale contre le terrorisme », précise-t-on de même source sous couvert d’anonymat. La question du Sahara-Occidental, qui empoisonne depuis un quart de siècle les relations entre le Maroc et l’Algérie, devrait également être abordée par Colin Powell, qui s’entretiendra avec le roi Mohammed VI et le président Abdelaziz Bouteflika. L’Algérie a renforcé ces derniers mois sa coopération militaire avec les Etats-Unis, qui envisagent de créer une base militaire dans le sud du pays, la zone saharienne étant considérée comme une zone de transit de rebelles salafistes appartenant au réseau Al Qaïda. Les relations bilatérales sont également très denses avec le Maroc qui négocie actuellement un accord de libre-échange avec Washington, le premier du genre en passe d’être conclu avec un pays du continent africain. La tournée de Colin Powell intervient à la veille de la visite d’Etat que le président français Jacques Chirac doit effectuer en Tunisie, les 3 et 4 décembre, avant de participer à Tunis au sommet « 5 + 5 » des chefs d’Etat et de gouvernement euroméditerranéens (Algérie, Maroc, Tunisie, Libye, Mauritanie, Espagne, France, Italie, Portugal, Malte). AP


Colin Powell se rendra au Maghreb début décembre

Reuters, le 24 novembre 2003 à 09:53:42 ALGER – Le secrétaire d’Etat Colin Powell se rendra en Algérie, au Maroc et en Tunisie les 2 et 3 décembre afin de renforcer les liens de Washington avec ces trois pays dans la « guerre mondiale contre le terrorisme », a annoncé lundi l’ambassade des Etats-Unis en Algérie.   Powell se rendra en Algérie le 3 décembre, environ cinq mois avant l’élection présidentielle algérienne.   L’ordre des étapes de cette tournée nord-africaine n’a pas été précisé.
 

موسى: القمة العربية لن تنقل من تونس للقاهرة

القاهرة: «الشرق الأوسط» نفى امس الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ما تردد عن نقل القمة العربية من تونس الى القاهرة قائلا ان زيارته التي قام بها الى تونس اخيرا تناولت بحث كل ما يتعلق بترتيبات انعقادها في موعدها خلال شهر مارس (آذار) القادم.   وقالت مصادر مطلعة ان تونس اعربت عن مخاوفها في مباحثات موسى مع مسؤوليها بشأن القمة، وخصوصا «ألا يتخللها انجاز كبير على صعيد تفعيل العمل العربي، وخشية تعثرها أو حدوث صدامات وخلافات بها على غرار ما حدث في القمة الاسلامية، التي عقدت في الدوحة مؤخرا».   لكنها نفت ان تكون تونس قد طلبت نقلها الى القاهرة. وقلل موسى من شأن هذه المخاوف مؤكدا على «انتظام القمة وفقا لآليتها، وعقدها بمواعيدها وقدرة القادة على التعامل مع أي تحديات أو قضايا قائمة». وتوقع أن يتمخض عن القمة «تطور ملموس خاصة على صعيد تطوير العمل العربي المشترك».   (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 24 نوفمبر 2003) 

 

Ratification d’un accord sur la délimitation des frontières maritimes

 

 TUNIS, 24 nov (AFP)  AFP, le 24 novembre 2003 La Tunisie et l’Algérie ont échangé les instruments de ratification d’un accord sur les modalités de délimitation de leurs frontières maritimes conclu en février 2002, apprend-on lundi de source officielle à Tunis.   L’accord complète celui relatif au bornage des frontières terrestres conclu entre les deux pays en 1994 à l’issue de plusieurs années de pourparlers et il est qualifié d’ « important dans l’histoire des relations tuniso-algériennes », par l’agence Tunis-Afrique-Presse (TAP, officielle).   L’échange est intervenu lors d’une visite du ministre tunisien des Affaires étrangères Habib Ben Yahia, dimanche à Alger, au cours de laquelle il a eu des discussions avec son homologue algérien Abdelaziz Belkhadem, a-t-on ajouté.  Les deux hommes ont discuté de l’ordre du jour du sommet du forum « 5+5 » qui doit rassembler les 5 et 6 décembre prochains à Tunis les Etats membres de l’Union du Maghreb arabe (Algérie, Libye, Maroc, Mauritanie et Tunisie) et les pays de l’Europe du sud (Espagne, France, Italie, Malte et Portugal).   M. Ben Yahia a participé samedi à Alger à une réunion « consultative » des ministres maghrébins des Affaires étrangères pour la préparation du sommet euro-méditerranéen des 5+5.  

Clin d’oeil de la Tunisie au touriste algérien : les opérateurs algériens invités de l’Office tunisien du tourisme

Par : Hasna Yacoub   De Mahdia à Hammamet en passant par Monastir et Sousse, il est facile de constater que la politique du tourisme, source de vie de ce pays, est réussie. Les Tunisiens ont réussi l’opération de charme des touristes étrangers en leur offrant des villes côtières entières pour des vacances de rêve : mer bleue, sable blanc et un décor splendide   Le Boeing 707 survole à basse altitude Tunis, offrant ainsi une gigantesque fresque multicolore aux invités d’une semaine de ce pays, naguère petite bourgade berbère, (oppidum tunicense), devenu ensuite capitale de l’Ifriqiya, l’ancienne Africa.   Cette fraîcheur crépusculaire qui effleure le visage fatigué des invités en cette première soirée à l’aéroport s’ajoute à ce sentiment commun que le voyage s’annonce assez agité à l’exemple de l’atterrissage presque raté par le pilote. Encore trois heures de trajet pour arriver à Mehdia, ville côtière, où les invités de l’Office national du tourisme tunisien sont attendus. Certains journalistes qui accompagnent un groupe de tour-opérateurs algériens ne connaissent pas la Tunisie, ils auront l’occasion de traverser près de 200 kilomètres en bus pour admirer sous la lumière de la lune les beaux paysages de ce petit pays.   Tunis, ce grand hôtel A la vue de ces nombreuses bâtisses, grandioses, toutes avec les mêmes inscriptions : Hôtel ou Palace, la traversée de la ville de Tunis suscite une drôle de question : «Tunis, est-ce un grand hôtel ? » Dans cette capitale, à côté d’un hôtel, c’est, sans risque de se tromper, une banque.   Plus loin, en empruntant l’autoroute, c’est toute la verdure de Tunis qui s’affiche. Vers une heure du matin, le bus s’engage dans les rues de Mahdia ou cap Afrique qui fut la capitale de la Tunisie au XIème siècle sous la dynastie des Fatimides, après Carthage et Kairouan. Il s’immobilise devant Mélia El Mouradi Mahdia, un palace, comme sont appelés dans ce pays la majorité des hôtels, de cinq étoiles qui a pied dans l’eau.   L’accueil est chaleureux et le service exemplaire. Après une nuit de sommeil, l’aventure pour la découverte de la beauté des plages de la Tunisie et de ses atouts touristiques qui se résument, en fait, à son impressionnante infrastructure hôtelière, commence. De Mahdia vers Hammamet en passant par Monastir et Sousse, il est facile de constater que la politique du tourisme, source de vie de ce pays, est réussie.   Les Tunisiens ont réussi l’opération de charme des touristes étrangers. Leur offrant des villes côtières entières pour des vacances de rêve, ce pays enregistre l’entrée de pas moins de 5 millions d’étrangers par an. Mer bleue, sable blanc et un décor splendide : confort moderne, oasis vertes, piscines, équipements sportifs luxueux, animations diversifiée et repas copieux les Tunisiens ont tout pensé. Rien n’est laissé au hasard. La majorité des hôtels sont le pied dans l’eau ou juste à une centaine de mètres de la plage. A l’intérieur, tout est prévu.   A commencer les chambres où tout est étudié : du coffre-fort aux papier à lettre et cartes postales. Le livret guide de l’hôtel est transcrit dans toutes les langues et les travailleurs parlent dans leur majorité l’anglais et baragouinent l’allemand.   Pour ce qui est des loisirs, des activités de sport sont conçues pour tous les goûts : piscine, court de tennis, minigolf, pétanque, tir à l’arc ou encore un stade omnisports sans oublier bien sûr les jeux vidéo, flippers ou encore table de billard. Les enfants ne sont pas en reste dans les hôtels tunisiens. Sont prévus mini-club, les aires de jeux pour enfants et aussi la discothèque pour les plus jeunes.   La thalassothérapie, l’atout tunisien L’atout de ce pays est, sans contexte, ces centres de thalassothérapie. Au moins 30 centres existent en Tunisie et un projet de doubler ce chiffre est en voie de réalisation selon le représentant de l’ONTT, M. Hassan Ziad.   Dans ces différents centres, qui se trouvent dans leur majorité à l’intérieur des palaces, un large éventail de soins et de cures personnalisées est proposé. Avec du matériel des plus sophistiqués, ces centres proposent les bains hydro-massants ou bouillonnants, le parcours marin, l’application de boues marines ou encore l’enveloppement d’algues.   Relaxant, décontractant, tonique ou circulaire, toutes les formes de massage sont proposées, de même que les soins (shiatsu, sophrologie )et les cures (remise en forme, jambes lourdes, minceur diététique, antitabac ). Dans ces zones touristiques, tout est prévu pour un accueil parfait du touriste. Ce dernier, même s’il doit payer le sourire du chasseur de l’hôtel, ne se rendra pas compte de ses dépenses. Le Tunisien a donc bien appris la technique de vendre son produit touristique !   Le tourisme, plus qu’une politique, un mode de vie C’est le cas de le dire puisque, dans les hôtels, même en pension complète, l’eau n’est pas comprise dans le prix des repas. Pour en avoir, il faut payer 1,5 dinar tunisien quand ce n’est pas 2 dinars. Deux dinars, ce n’est pas rien puisque 1 euro équivaut à 1,45 dinar. Faites vos comptes ! C’est grâce à une politique qui a porté ses fruits que la Tunisie, avec 1 298 km de côtes, génère des milliards de dinars de recettes en devises de l’industrie touristique.   Elle compte aujourd’hui près de 800 hôtels, une capacité d’accueil qui dépasse les 500 000 lits et de nombreuses stations balnéaires mondialement connues telles que Tabarka, Hammamet, Sousse et Djerba. Sept aéroports internationaux et huit ports relient la Tunisie au reste du monde. Des vols quotidiens la relient aux pays européens, africains et à ceux du Moyen-Orient et de l’Europe de l’Est.   La Tunisie est une destination prisée par l’Algérien puisque pas moins d’un million ont passé des vacances dans ce pays voisin. Et malgré ce chiffre important de touristes algériens, les professionnels du tourisme estiment que le passage des Algériens dans leurs hôtels ne représentent pas plus que 2% du chiffre d’affaires annuel.   Le problème avec les Algériens, expliquent de nombreux gestionnaires d’hôtels, est leur présence durant une période limitée (juillet- août) en Tunisie. C’est la raison qui pousse ces gestionnaires à privilégier les tour-opérateurs étrangers avec lesquels ils travaillent à longueur d’année. «Un problème que nous essayons de résoudre puisque nous tenons à offrir les mêmes privilèges au touriste algérien qui paye le prix de ses vacances», affirme Omar Khelifati, directeur de l’agence de voyages Amplitude.   Le vrai problème, selon Omar, est que l’Algérien n’a pas encore la culture de «passer» par une agence touristique. «Moins de 20% des touristes qui se dirigent en Tunisie passent par des agences. C’est un problème de manque de communication. Car le client ne sait pas encore qu’avec l’agence qui négocie à sa place il a toutes les chances d’avoir les meilleurs prix et la meilleure prestation.»   En effet, le risque d’un accueil moins chaleureux pour l’Algérien existe et ce sont les opérateurs algériens qui le confirment. «Il m’est déjà arrivé de rappeler à l’ordre les responsables des hôtels avec qui j’ai des contrats après les remarques de mes clients», précisent les opérateurs.   Le problème, disent-ils, est que le «complexe» de servir un «Arabe» existe encore même s’il est en voie de disparition. Surtout après l’attentat de Djerba qui a porté un coup dur au tourisme étranger en Tunisie, poussant ce pays à faire une opération de charme à l’égard des touristes des autres pays voisins, dont l’Algérie. Et vu que le tourisme est le pilier économique de la Tunisie, ce pays a tout concentré autour de ce secteur.   C’est ainsi que cette année est consacrée à la protection de l’environnement. Une politique qui a pour but de préserver l’équilibre écologique, de sauvegarder les ressources naturelles et humaines et de lutter contre les diverses formes de pollution. Tous ces objectifs s’inscrivent dans le cadre d’une stratégie nationale pour un développement durable et un plan d’action a été mis en vigueur à travers la création ou le renforcement des outils déjà existants dans les domaines financier, institutionnel, juridique et technologique.   Tout cela dans le but de préserver le développement du secteur touristique. C’est le cas également pour le secteur du transport qui a été réellement pris en charge. Jouant un rôle primordial dans la concrétisation des objectifs et des choix de développement, dans le soutien aux secteurs productifs et le renforcement de leurs capacités concurrentielles, le secteur des transports a connu une croissance de 6,5%.C’est ainsi que Tunis a réussi son défi avec l’industrie touristique.   Un secteur qui lui a permis de générer des centaines de milliers d’emplois mais pas encore assez d’argent pour améliorer la vie de ses enfants. Puisque ces derniers ne fréquentent les zones touristiques que comme employés avec un salaire moyen entre 200 et 300 dinars. De Mahdia à Hammamet, aucune maison, aucun immeuble, pas de village qui apparaissent de l’autoroute.   A croire qu’à Tunis, les Tunisiens n’y vivent plus. Où sont-ils ? Où vivent-ils ? Même en ville, il faut quitter les artères principales pour retrouver des quartiers habités. Autrement, dans ce pays-hôtel, tout porterait à croire que ses propriétaires n’y sont pas hébergés.   (Source : le journal algérien « La Tribune » du 22 novembre 2003)
 

لا عيد للجار إلا في دار جاره ولا للرحم إلا في دار رحمه ولا للغني إلا في دار الفقير

بقلم: الشيخ الهادي بريك   لا  يدري واحد منا هل ودع رمضان ام ودعه رمضان ورب فرح بالعيد جذلا طربا لاهيا واسمه في ديوان الاموات نزل وتلقت الملائكة الامر بقبضه ولا يدرى للمصائب التي اقترفها في حق الناس لفرط غلوائها ساحل تناخ به ناقة التوبة .   اخلص التهاني لسائر المسلمين بعيد الفطر ورب عيد يعود علينا في زمن الانكسار والذلة فيطوي فرش النكد ويحرك القلوب الى الامل في الله والرجاء في فضله سبحانه وفي اسمى مخلوقاته الانسان المكرم فطعم العيد في هذا الزمن لذيذ تفكرا في سنة تقليب الله تعالى لليل والنهار وانقاص الارض من اطرافها فبالامس اندحر من هفت له الاعناق ظماى فما زادها غير رمض واليوم تشرئب ذات الاعناق لعل الطاغوت الدولي « عادنا وثمودنا  » تطويه ليالي الخسف .   الحكمة من العيد: 1 ـــ اشاعة الحب والوئام بين الناس ونسج خيوط الاخوة وتدوين اسباب التعاون على الخير والاعتصام بالمعروف ودحض الباطل وذلك بالخروج الى المصليات وتبادل التهاني والتعرف خلال ذلك على احوال الناس عبر البصر والسؤال وسماع الدعوة الى البر فالعيد مؤتمر سنوي محلي تعقده كل قرية واهل حي يتفرغون فيه لانفسهم بالتهادي والتغافر والتعاتب والتسامح ومد مساحات التعارف .   2 ـــ ربط الماضي التليد بالحاضر ودعوة التاريخ واعلاء الشعيرة والاشعار بالرابط المشترك بين الناس وهو رابط قديم وقطعه حرام والذاكرة حية دوما بدعوتها وتفعل فعل السحر في اذكائها تعيد النخوة والعزة وتنفض غبار الذل والمهانة واعلان التميز دون احتقار بل اعلاء لسنة التعدد وقانون التنوع  وتوريث كل ذلك للناشئة الجديدة وينشا ناشئ الصبيان فينا كما قال الشاعر على ما كان قد عوده ابوه   لاعيد للجار الا في دار جاره: قال عليه السلام : » مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه. » كما قال عليه السلام : » والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من قال من لم يامن جاره بوائقه . » وقال عليه السلام : » ما امن بي من بات شبعان وجاره جوعان وهو يعلم  »   لا يشك احد انه ما اوتي علينا بما تعرفون وما لا تعرفون من البلاء والضيم حتى اصبح الاسلام مهانا في بلده قبل غيره وهو شارة سوء وعلامة حقارة ومجلبة تخلف وفقر واحتلال وذل … الا بما فرطنا في حق الناس علينا واول هؤلاء طرا الجار افلا نرحم انفسنا ونحن نودع رمضان ونستقبل الاشهر الحرم الثلاثة المتتالية بمشاركة الجار عن يمين وشمال عيدنا هذا بالتهنئة والهدية والمؤازة والاجتماع في البيت والمصاحبة الى المسجد ورعاية امره كله سيما اذا كان خصيما او محتاجا او غاب العائل في السجن لاي سبب كان او مات او لا يعلم عنه خبر صحيح   لا عيد للرحم الا في دار رحمه : قال عليه السلام : » ليس الواصل أي لرحمه بالمكافئ ولكن الواصل من اذا قطعت رحمه وصلها  » وقبل ذلك امرنا القران الكريم في بداية سورة النساء بتقوى الارحام أي اجتناب ما يؤذيها واي ايذاء لو لم يجمعك برحمك في العيد سقف واحد واحذر ان يتسلل اليك ابليس بوحيه ان رحمك لا يزيدك وصله غير قطع فان صح فانت تسفه الملك  فيما اخبر الصادق المصدوق سافر اليه حيثما كان وانفق في سبيل ذلك او اجلبه اليك وتفقد اهله وذريته يصلك الله يوم تنقطع بك السبل   لا عيد للغني الا في دار الفقير : قال تعالى في الحديث القدسي : » ان من عبادي من لا يصلحه غير الفقر ولو اغنيته لفسد وان من عبادي من لا يصلحه غير الغنى ولو افقرته لفسد » وليس الفقر عارا ولا عيبا بعد نشدان سبل الغنى والستر والتوكل وليس الغنى شرف ولا مدعاة لمخيلة بل كلاهما ابتلاء وامتحان عسير فهذا زكاته الشكر وذاك الصبر وكم من غني امسى بعد عز كسيحا كاشحا تتدافعه الايدي وكم من فقير اصبح وجيها بعد ضعة وعبادة الغني في يوم العيد تفقد حال الفقير جارا كان او رحما او بعيدا او خصيما كلما كان ذا كبد رطبة حرى فيها اجر واكثر اجرا من  زكاة الفطر تكريمه بامضاء العيد عنده والتواضع له والاهداء واسداء الرحمة بالقلب واللسان واليد   تلك هي فتوى القلوب المؤمنة المفعمة رحمة بالانسان : فانت من اهل السبق بالخيرات من الذين اورثوا الكتاب لست مقتصدا ولا ظالما لنفسه فان تسد رمق جارك ورحمك والفقير بزكاة فطرك من بعيد وتحدث نفسك بانك اديت الامانة فتلك تلبيسة ابليسية خبيثة ماكرة واستفت قلبك ان شئت فهو قائل لك في تانيب بديع  » اليوم حق على جارك ورحمك والفقير ان يرتقب منك الفضل فلا تبخل به عن نفسك لا عنه » قلبك يفتيك قائلا : »لاعيد لك الا في دار جارك ودار رحمك ودار الفقير والارملة والمسكين  » فاستمع الى حديث روحك ومناجاة قلبك ودع المفتين يحرقون البخور للسلاطين ويزينون لهم الفسق ونشر الفاحشة ..   (المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 24 نوفمبر 2003)  

  بسم الله الرحمن الرحيم « يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي »  

عـاشـقُ الـقـرآن يتـرجّــل

 

أخيرا رحل إلى الديار التي لم يعد من الذاهبين إليها أحد واحد من ألمع رجال تونس المعاصرين وأقصد به حافظ القرآن الشيخ نجيب بن النور.   فوجئت بالخبر الذي تصفحته كما التونسيين الذين يعيشون في المهجر على صفحات « تونس نيوز » قبل أيام، لأن الفقيد ليس شخصا عاديا بل واحد من حفظة القرآن وأساتذته في عصر قلت فيه الصدور الرافعة لكتاب المولى عز وجل.   رحمك الله يا أخي بنور، عرفته منذ أكثر من عقدين من الزمن يوم أن كنا معا في مدرسة تلاوة القرآن الكريم بنهج الكتبية قرب جامع الزيتونة المعمور. كان رحمه الله محبا لكتاب الله وزاهدا في الدنيا متلهفا دوما لمجالس الذكر ومحبا لتلاوة القرآن.. قلبه عامر بحب الله ولسانه مسبح بحمد الله ومعرض عن سفاسف القول.. وقليل من هم في سنه وقتها كانوا من رواد أماكن العبادة والتقرب إلى الله.. كان في العقد الثالث من العمر تنطلق من محياه سمات الإيمان والتقوى والقرآن. أقول قليل ممن تستهويه أماكن العبادة وأنا أستحضر في ذاكرتي موجة الحداثة التي عرفتها معظم الدول العربية في الربع الأخير من القرن الماضي وما صاحبها من مغريات كثيرة حتى أصبح الماسك بدين الله كالقابض على الجمر.   رحمك الله يا أخي بنور، مازال في ذاكرتي وذاكرة من رافقوك أيام الدرس والتحصيل حسن تمثيلك لحفظة القرآن من أبناء بلادي حين فزت بالمركز الأول في مسابقة القرآن الكريم الدولية بقبلة المسلمين في مكة المكرمة.. مضى زمن يا أخي بنور، وأنت الآن تحت اللحود، لم أرك ولكني كنت أعرفك وأعرف صدقك وثباتك وحرصك على تعليم القرآن للأجيال الجديدة من أبناء بلادي.. ترجلت وليس في الترجل إلى الموت من مرد في العشر الأواخر من شهر نزول القرآن الكريم وبالتحديد بعد أن صليت الفجر، ولعلها تكون ليلة القدر فتكون علامة قبول لك ولأعمالك.   رحمك الله يا أخي بنور، توقفت عند هذا المصاب الجلل وقلت في نفسي: ما أكثر مصائب المسلمين في هذه الأيام وما أعظمها! ولكن المصائب تتفاوت وتختلف… ألا وإن من أكبر ما تصاب به الأمة موت علمائها وحفاظها الذين هم قدوتها ومصابيحها في وقت نحن في أمس الحاجة للاستنارة والاستضاءة من هذه المصابيح في زمن العتمة.   إن رحيل مقرئ وداعية بحجم أخي العزيز بنور، وخصوصا في تونس الزيتونة هو أمر محزن، إذ بذهابه يلثم جدار العلم ولا يلتئم نقصه إلا بعالم آخر يحمل الراية من بعده.. وفي الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ». (متفق عليه)   رحمك الله يا أخي بنور، لا ريب ولا شك بأن وفاة شيخنا وأخينا بنور هي مصيبة عظمى ورزية كبرى.. وليس من عادتي في مثل هذه المناسبات أن أزيد الجراح نزيفا والألم عمقا لكني لست مبالغا إن قلت إن هذا الحدث ملأ كياني كله فدمع القلب حزنا وانهمرت العين لفراقك، وامتزجت أحزان الفراق الأبدي مع أحزان الغربة وبعد المسافة.. كان بودي أخي أن أكون إلى جانبك في مثل هذه المناسبات، لكن لعله قريب فأقرأ من على حافة قبرك السلام وفاتحة الكتاب ودعاء المغفرة.. ولا راد لمشيئة الله فإن لله وإن إليه راجعون.   رحمك الله يا أخي بنور، كان الراحل الحبيب حافظا للقرآن الكريم عاشقا لتلاوته سيظل محرابه في مسجد سيدي قويسم بباب الخضراء يبكيه ويئن لفراقه لأن أماكن العبادة تحن لعبادة الصالحين، فما بالك لمن كان من أهل الله وخاصته! هذا ظننا فيه والله حسيبه. كان رجلا خالصا لله وحده ولا شغل له بحسابات السياسة والسياسيين.. نعم إن الفقيد موسوعي المعرفة في علم القراءات وعلوم القرآن.. كان يدخل على طلبته في مدرسة تجويد القرآن الكريم معتمدا على ذاكرة حافظة وقلب واع وعقل لماح ونظرة ثاقبة لذلك أحبه كل من درس على يديه..   رحمك الله يا أخي بنور، أسأل الله تعالى أن تكون دروسك من العلم النافع والصدقة الجارية التي تنتفع بها يوم القيامة وأن يتقبلك قبولا حسنا ويلهمنا ويلهم ذويك وأصدقاءك وتلاميذك ومعارفك الصبر الجميل  » وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ». اللهم الحقنا به مؤمنين موحدين لا فاتنين ولا مفتونين وإنا لفراقك يا ابن النور لمحزونون.   عبد الحميد الحمدي الدنمارك ـ 23 نوفمبر 2003


بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد النبي الأمين و على آله و صحبه أجمعين  

رد وجيز على  » قومي سوري  » متطاول على القرآن الكريم في شهر القرآن الكريم « !!!

بقلم: نوفل المعاوي  

 » من أهل الكتاب من ان تأمنه  بقنطار يؤده اليك  و منهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما  »                                                                                                         { آل عمران75}   قرأت الرد العنيف الدي كتبه داعية {النهضة القومية الاجتماعية } ! على الأخ أبو حاتم الدي تجرأ على كشف حقيقته للقراء . ونظرا الى أن صاحب الرد و صاحب المقالات العجيبة نصراني , و قد أمرنا ربنا عز و جل بألا نجادلهم الا بالتي هي أحسن …. و اعتبارا للتقدير الدي نكنه معشر التونسيين للبنانيين و لأهل بلاد الشام عموما ـ باستثناء حزب الكتائب و كافة عملاء الاستعمار و اسرائيل  ـ  فانني سوف أكون رفيقا جدا …. الواقع أنني يا أستاد , كنت ككل مسلم قرأ ما كتبته , قد تضايقت من مقالك السابق الدي كشف عن خلط عجيب و جهل عميق بالاسلام مع جرأة مدهلة حتى لا أقول وقاحة على الاستشهاد بالآيات القرآنية مبتورة و معزولة عن غيرها , كل دلك مع تطرف علماني مقيت في زمن انهيار العلمانية في بلادنا وبوار سوقها … و لم أرد عليك  نظرا للمشاغل كما أنني ظننتك أحد عوام المنتسبين الى الاسلام ممن يحسن عدم الاصطدام معهم و الحوار الهادئ معهم بعيدا عن {الشاشات} … الا أنني فوجئت بأنك نصراني صاحب أهداف ايديولوجية و سياسية  تريد أن تضحك علينا معشر التونسيين و تسرب ما تريده عبر التسمي باسم اسلامي  , في حين أنه كان يمكنك دخول البيوت من أبوابها و الظهور باسمك النصراني و نحن أمة الحوار و التسامح , و خاصة ان كنت كما تقول من أعداء { المسيحية الصهيونية} و لنا في البلاد العربية  نصارى نتحاور معهم و نلتقي على العداء للصهيونية والاستعمار و على العمل لرفعة مجتمعاتنا و أوطاننا , و حل مشاكلنا بيننا بالحسنى … مثل    د. رفيق حبيب في مصر مثلا , وغيره من الوطنيين و الشرفاء . أما الأسلوب الدي دخلت به ـ جنابك ـ فهو أسلوب عبد الله بن أبي سبأ و ميمون القداح  و ليس هنالك مسلم و لا نصراني أصيل يقبل بهدا الأسلوب . و عوض أن تعتدر للتونسيين بعد أن كشفك الأخ أبو حاتم على محاولتك للضحك عليهم و اهانتك لدينهم و نحن في شهر رمضان المعظم , فقد أشبعت الأخ سبابا و شتما , و تماديت على دات الطريق ـ طريق الخداع و محاولة الاحتيال على التونسيين  ـ متوهما بأن التونسيين لا يمكنهم فهم خلفياتك و مراميك نظرا لبعدهم عن الساحة اللبنانية , و نسيت ما تعلمه جيدا بحكم اختلاطك بهم في فرنسا   , بأن التونسيين هم من أكثر الشعوب العربية اقبالا على المطالعة و الاطلاع باللغات المختلفة التي يتعلموتها بسرعة , فكيف سمحت لك نفسك بالتمادي في محاولة الضحك علينا ؟؟ !!  ففي مقالك الجديد كنت تستشهد بأنطوان سعادة و تكتب فقط  أ. سعادة , لتمرر لنا تلك الاهانة العظيمة للاسلام بتسميته {المحمدية  و الدين المحمدي } !! و محاولة الايهام بأن الاسلام و النصرانية هما شيء واحد و أن الخلافات فرعية مع أن الله سبحانه يقول  » لقد كفر الدين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم  » وهدا لا يعني بحال من الأحوال أن نقسرهم على ديننا أو لا نتعايش معهم كما عملنا طيلة قرون و شهد بدلك العدو و الصديق : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » من آدى دميا فقد آداني و من آداني فقد آدى الله عز و جل  » . و أنطوان سعادة هدا هو مؤسس الحزب القومي السوري الاجتماعي الدي هو حزب اقليمي صغير في لبنان أغلب أتباعه من النصارى و الدروز وهو حزب  يرفض دعوة  الوحدة العربية و يسمي العرب الأمم العربية ويدعو الى وحدة الأمة السورية التي هي عنده سكان بلاد الشام وقبرص { وحدة الهلال الخصيب ونجمته قبرص }  . و يعمل الحزب على احياء الهويات السابقة للاسلام في المنطقة مثله في دلك مثل دعاة الفرعونية في مصر و البربرية في الجزائر … و قد تعرض الحزب الى اضطهاد شديد وصل الى حد اعدام مؤسسه وقد انقرض تقريبا من سوريا بعد الحملة التي شنت عليه بسبب اغتياله لعدنان المالكي….  و الحزب معاد لدولة اليهود كما يسميها  , و هدا ما يحمد له , و لعل مرد دلك أن أغلب النصارى المنتمين اليه لاينحدرون من الموارنة المعروفين بولائهم العميق للغرب .  و مع دلك فليست مشكلتنا يا أستاد أن تكون من القوميين السوريين الاجتماعييين , فهدا أفضل من أن تكون من الكتائب أو من بقية القوى الانعزالية . انما ما لا نقبله منك فهوادعاؤك للاسلام   لمحاولة نشر فكر هدا الحزب بالطرق الملتوية و غير الشريفة بين المسلمين . ورغم جهلك العميق بالاسلام الدي يتبدى من خلال ما كتبته , فقد نصبت نفسك مفسرا و شارحا للاسلام ! زاعما أن الاسلام هو فقط علاقة بين العبد وربه !!! و من أمثلة أنك تخوض و تتكلم فيما لا تعلم , زعمك أن الامام مالك قال : » الاستواء معقول و الكيف مجهول  » لتعلق بعد دلك تعليقاتك المتطفللة العجيبة !!, ولم يقل مالك :  الاستواء معقول و انما قال :  » معلوم » اد كيف يكون معقولا ثم يكون مجهولا ؟! و لا علاقة لهدا بطلاسم المسيحية  و دعوتها للمؤمنين بها أن يؤمنوا بالتثليث و صلب الرب و صكوك الغفران و غير دلك دون تفكير , أو مثلما كان يقول بعض القسسة  » أطفأ سراج عقلك واتبعني  » انما هو تعظيم لدات الرب عز وجل الدي لا يمكن للبشر القاصرين ادراك كيفية داته سبحانه , مثلما لم يكن ممكنا لأجدادنا ادراك كيفية التلفزيون أو الانترنت ـ و لله المثل الأعلى ـ . و أضيف لمعلوماتك أن الاسلام لم يقل أن الله لا يقدر على التجسد و انما أنه لا يتجسد  ـ سبحانه و تعالى عما يصفون ـ  و لتقريب الفهم اليك فانه ـ و لله المثل الأعلى  ـ عندما نقول أن عمرو لا يسرق أبدا  أو لا يسافر خارج البلد  أبدا ,  فهدا لا يعني أنه لايمكنه أن يسرق  أو يسافر خارج البلد . وتواصل تطاولك في فقرة أخرى عجيبة لتردد مزاعم حزبك بأن هنالك تعديل في العقيدة الاسلامية مما يتعلق بالمسيح ـ عليه السلام  ـ  يتجلى في سورة الجن ‍‍‍‍بعد اطلاع محمد على الانجيل المحرف !!! و لا أدري أين هو التعديل !!! اد ما ورد في تلك الآيات لا ينافي ما سبق انما هو تفصيل و نفس الشيء بالنسبة للتعديلات المزعومة في سورة الأنبياء .  يا أستاد,  أنت مجرد ناقل لتخرصات أنطوان سعادة التي أكل عليها الدهر و شرب , دون تثبت أو تمحيص . و لكن مادا تريد منا هل تريدنا أن نترك كتاب ربنا و سنة نبينا , من أجل أنطوان سعادة الدي يشتمنا و يسمينا المحمديين ؟؟!! وهده الاساليب لا تفيد التقارب المزعوم في الواقع و لكنها تثير الفتن و تعمق الخلافات … وواضح أنك لا تعرف الاسلام ولا تريد أن تعرفه و ما يشغلك و يقلق بالك هو التصدي للصحوة الاسلامية المباركة التي تغمر لبنان و فرنسا و العالم أجمع . و لكن لمادا هدا الحقد و التعصب  يا أستاد !!؟ , و أنت الدي تتهمنا بالتعصب , لمادا لا تحاول أن تجلس مع أهل الدعوة و العلم وتتحاور معهم و تحاول تعميق الحوار و التعايش!؟ , ادهب مثلا الى  د. العربي كشاط {مدير مسجد الدعوة في باريس} فهو دكتور في علم الاجتماع و متفتح على الآخر , على الآخر … ومعروف بندواته الحوارية مع كبار المثقفين حتى أنه عندما اعتقل ظلما مند سنوات كان من أكبر المدافعين عنه أحد كبار الآباء الكاثوليك في فرنسا … أظن أنه{ الأب لابي}   وأخيرا أتسائل مادا يريد هدا الحزب منا معشر التونسيين !!؟ فنحن لسنا من {الأمة السورية العظيمة } و لا ننتمي الى      { نهضتها الاجتماعية العظيمة } التي يكتب لنا عنها جناب الأستاد باستمرار { اد لدينا نهضتنا المسلمة  وهي تكفينا , فهل نبحث عن نهضة أخرى نصرانية درزية !! , و أرجو ألا يغضب الاخوة النهضويون فنحن اخوة مهما تعمقت الخلافات بيننا , و هده مجرد مزحة , و نحن على أبواب العيد أعاده الله علينا و على كل أمة الاسلام بالخير و العزة و التمكين بعد الدل و الهوان } أم أنكم تحلمون في حزبكم بانشاء { الحزب القومي البربري الاجتماعي}  لتوحيد { الأمة البربرية العظيمة} ؟! هدا يمكنك أن تطرحه على الجزائريين و ليس على التونسيين , و ان كنت لا أرى أن الجزائر بحاجة الى أحزاب أكثر مما عندها . لدلك أرجوك يا أستاد احترم ديننا و احترمنا كما احترمناك و { باللغة السورية الفصحى}  » دخيل عيونك , حل عنا  و اتركنا أريحلنا و أريحلك , و روح العب قدام بيتكم  » .   ملاحظات  : 1ـ الحوار مع الحزب القومي السوري و الرد عليه ليس من أولوياتي و لا من أولويات الساحة التونسية و قد رددت فقط دفاعا عن القرآن و العقيدة ولن أرد على أي رد .                                                                                         
 2   ـ لا أعرف الاخ أبو حاتم و لكنني أحييه على غيرته على الدين . 3ـ الدي بين الفرق الجدري بين الاسلام و النصرانية ليسوا علماء المسلمين و لكنه رب العزة في كتابه الكريم . ونسبة دلك الى العلماء هو مكر خبيث للتظاهر  » بأننا لسنا ضد الاسلام و القرآن و انما ضد رجال الدين الدين حرفوا الاسلام الصحيح الدي يعرفه أنطوان سعادة  » !!! و ليس عندنا في الاسلام رجال دين يغفرون الدنوب و يتوسطون بيننا و بين الله  و عندما نصلي في بيت يصلي بنا صاحب البيت أو من يقدمه لعلمه أو تقواه … 4ـ الأنبياء كلهم اخوة وهم على دين واحد ,  » ان الدين عند الله الاسلام  »  و الدين فرقوا هم الدين حرفوا الكتب المنزلة من رجال الدين  » فويل للدين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هدا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا  فويل لهم مما عملت أيديهم وويل لهم مما يكسبون  » .   


Radhia est morte

  Par Taoufik Ben Brik

 

Des drapeaux rouges, gorgés de sang, une foule qui chante l’hymne national, des barricades qui s’élèvent… une folie, une énergie jusque sur les toits du parlement… On scande: « Radhia est morte », et on demande la tête de Ben Ali.

Cet après-midi du 1er décembre 2003 à Tunis, tout peut basculer. Les étudiants de la Mannouba occupent le Parlement. Des véhicules militaires sont massés tout autour. Déchirement au sein du pouvoir. Rumeurs de coup d’Etat policier. Que veulent les Français ? Que dit l’AFP ?

« Nous vivons dans une prison mentale. » Moumen ose parler. Dix-sept ans de « Benalisme », une acculturation totale. Les étudiants manifestent toujours. Ils courent les uns vers les autres en levant les poings, par grappes qui se mêlent, de couleur différente. Aux balcons, des banderoles… des vagues de tension parcourent la foule. Les militaires vont-ils les laisser sortir. Tout est possible. Beyrouth, c’est ici. La foule crie un seul mot :  « Rendez-nous Radhia… »

La même mêlée. La même histoire. Une banderole noire en travers, comme un brassard de deuil. De toute la Tunisie, ils sont venus. Bain de sang ou pas bain de sang ? C’est la nuit des bras levés. C’est à pleurer. « On vengera Radhia », pas la peine de parler tunisien, on vit un instant de gloire. Ben Ali s’en va.

Combien de Radhia abattue pour que le 1er décembre 2003, le général-président, « l’artisan du renouveau » fout le camp…

PPP. Parti, Police, Pègre. Au bout de dix-sept années de chape de plomb, il part.

« Dictateur », « despote », ces qualificatifs sont très récents. Il y a encore peu, c’était Notre Ami Ben Ali, le fidèle ami de la France comme des Etats-Unis. Avec sa croissance de 5%, on lui passait tout. Il a fait gagner beaucoup d’argent. Il en a gagné beaucoup d’argent. Il en a gagné beaucoup.

Après Mobutu ou Norieaga, aujourd’hui on n’a plus besoin de l’encombrant Ben Ali. C’est vrai qu’il aurait pu rester encore un peu mais il y a eu la mort de Radhia, provoquant le chaos.

Etonnante image que celle de Ben Ali ce 1er décembre prenant la fuite. Des images qui frappent toute la Tunisie, répétées par TV7 toute la journée.

A Tunis, le 2 décembre, au feu rouge de la place d’Afrique, un type tend un tract. Une simple feuille photocopiée où on peut lire la liste interminable des familles qui pillent la Tunisie et l’état de leurs fortunes.

Bouleversant, ce geste au feu rouge, oser distribuer ce tract. Il y a un jour, c’était la prison. Il fallait que meure Radhia pour que ça arrive.

Dix-sept ans de peur. Juste un petit coup de terreur arbitraire et les têtes rentrent dans les épaules. Le flic est à l’intérieur de chaque Tunisien. Pas besoin d’indics. L’autosurveillance.

Durant des années, les spéculateurs se sont fait du beurre, beaucoup. Soudain, ils se sont retirés, ils ont enlevé leurs billes et sont partis spéculer ailleurs.

Radhia est morte. Fini. Ben Ali est parti. Le match est fini. Le spectacle est terminé. Le chapiteau est reparti. Les clowns sont démaquillés. Le sang est essuyé. Les reporters sont repartis voir le match suivant. Bouteflika contre l’Algérie. M6 contre le Maroc. Moubarak contre l’Egypte. Le spectacle est donc terminé à Tunis. Un spectacle comme on aimerait en voir plus souvent. Un affreux dictateur chassé par une vaillante gréviste de la faim, ça n’est pas si fréquent.

Demain à l’enterrement de Radhia chacun sera là. Hamma, son mari, sera là. Il y aura ses trois filles. Peut-être même un ancien amant discret avec son chagrin clandestin. La douleur ne nous apprend rien. Silence. Attention aux mots. Ils peuvent tuer pour de bon. Radhia est vulnérable. C’est un enfant. Mais si on laisse parler le poète, on aura la femme, telle qu’en elle même, un cerf-volant taillé dans les songes. Mais tout ça est une blague. Une sale blague, peut être, mais une blague. Elle va se relever, je connais l’oiseau, c’est de la comédie. Si vous la rencontrez, dites à la mort que ce genre d’opérette ne marche pas avec nous. Radhia a promis de ne pas mourir. Ben Ali, lui, a promis d’éteindre la lumière, de fermer la porte et de partir. Viva Radhia. Viva ! Viva !

 Taoufik Ben Brik


 

Gris et chuchotements

Ou

Radhia d’Australie

 

 

 Par Taoufik Ben Brik

 

El Manar I, un quartier résidentiel de Tunis à un jet de pierre de Bab B’har, la porte de la mer. Tout autour d’un immeuble, d’imposants caroubiers et un bigaradier trônent au milieu d’un jardin insignifiant. C’est ici, dans un F3 modernistique, Radia Nassraoui, avocate, a lancé, sa deuxième grève de la faim, pour reconquérir son droit à la dignité. Tout est calme. Les services spéciaux veillent.

« Une avocate en grève de la faim ? Non, je ne sais pas. Ici, on ne sait rien du tout. Les journaux ne disent rien. ». Le chauffeur de taxi qui lâche ces propos fait partie de l’immense majorité des Tunisiens qui ignorent tout ce qui se passe dans leur propre pays. De ce trou noir, émerge une poignée de militants coupée du reste de la population et qui paie cher son combat pour la liberté : emprisonnements, passages à tabac, punition collective. « la force de Ben Ali, c’est d’avoir instauré la punition collective. Mes voisins les plus proches ont été obligés de partir à l’autre  bout de la ville pour ne plus rien avoir avec moi. La police leur avait signifié que ni eux ni leurs enfants ne devraient nous parler. Avec mes parents, ils ont été encore plus clairs. Ou ils coupent avec moi ou ils perdaient tout : boulot, maison, voiture … », explique Radhia.

Pourtant, depuis quatre ans, les gens ont moins peur. « C’est vrai, à Tunis, ont est sous les projecteurs du monde, explique un instituteur de lycée d’une bourgade du Kef. Mais dès qu’on quitte la capitale, ont est complètement isolé. S’il nous arrive quelque-chose, personne n’est là pour témoigner. »Militant de l’ombre, cet enseignant énumère partiellement les «Faits » passés sous silence : la maladie du président, les inondations  d’octobre dernier, la hausse des prix du pain et de la semoule. « Le 7 novembre [coup d’Etat de Ben Ali ], tous les Tunisiens installés devant leur téléviseur. On attendait une ouverture du régime. A la place on a tout appris dans les moindres détails sur la Baklawa et autres mets ramadanesques. C’était appétissant ! », ironise amèrement la gréviste de la faim.

La suite est si commune, ennuyeuse, la peur qui couve, le quotidien bouffé à petites doses, qu’on a envie de roupiller. Ça frise la fiction. Pour dénicher où  «crèche» Radhia Nasraoui, par exemple, il faut avoir la patience d’un «pisteur» sioux.

Il est sept heures du soir et je roule depuis une heure dans les rues serpentantes d’El Manar I. Je m’accroche à un passant (un policier en civil) : « Où habite Radhia Nasraoui ? »

          Deux mois après la libération de son mari, Hamma Hammami, Radhia rompit avec le monde et partit s’installer en Australie pour se mettre à l’abri de ses semblables. Radhia a coupé toute communication avec le monde. Elle a même demandé aux gens des P.T.T. de détruire son courrier. Elle ne veut plus rien à voir avec les Tunisiens et la Tunisie. »

On ne part pas sur les traces d’un tel monstre de discrétion sans une certaine émotion, j’étais décidé à troubler une aussi parfaite solitude.

Une habitante d’El Manar I, la quarantaine, avec un visage agréable et des yeux sans aucune lueur de ruse, me dit d’un ton placide : « Je connais Maître Radhia. L’avocate qui fait la grève de la faim. Il m’est arrivé de la croiser. Je ne peux guère vous dire plus. »

J’interrogeai toutes  les personnes rencontrées. Voici leurs réponses :

          Oui, je la connais, enfin, j’ai entendu parler d’elle. Je ne peux rien dire. ( un flic assis sur le capot de sa voiture banalisée )

          Je ne suis pas autorisé à vous donner son adresse exacte, de toute façon, ce n’est pas par ici, vous vous trompez. (l’un des voisins les plus proches de Radhia )

          Comment dites-vous ? Radhia Nassraoui ? Jamais entendu parler. Désolé. (Le facteur qui faisait sa tournée )

Ben Ali a réussi à faire respecter par les Tunisiens sa règle d’or: le silence. Cette obéissance d’une communauté à la règle d’un seul n’est pas une mince affaire.

A l’entrée d’un immeuble, le passant ne pouvait qu’être attiré par les boites à lettres. On pouvait lire : R.N.

Radhia n’était pas loin. En Australie. 


الدين الخارجي لتونس : مقاربة مواطنية

 

 

 

تمهيد

في إطار فريق العمل حول قضية الدين الخارجي لتونس، وهو أحد فرق العمل الناشطة في صلب جمعيّة التجمّع من أجل بديل عالمي للتنمية( راد-أتاك تونس )، فإنّنا نقترح فتح النقاش وتعميقه حول هذه المسألة الهامّة التي لا تعني الخبراء وأصحاب البحوث والدراسات فقط، بل هي في الحقيقة من المسائل التي علينا كمواطنيين أن نهتمّ بها وأن ننشر المعلومة حولها وتحليلها والتفكير في البدائل (أعضاء فريق العمل هذا ليسوا من المختصين في هذا الموضوع ولكنّهم عازمون على تقديم مقاربة مواطنية لمثل هذه المسألة يقترحون فيها ما يبدو لهم وجهة نظر مواطنية).

 

كما نقترح أيضا ربط الصلات وتبادل الأفكار والتجارب مع مختلف مكوّنات حركة أتاك العالمية وخاصّة مع لجان أتاك بBouches du Rhône بفرنسا والتي تربطنا بها صلات عمل متعلّقة بهذه المسألة. كما أنّنا لا نغفل الاستفادة من التجربة الثريّة للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث CADTM (بلجيكا ) والتي تقوم بعمل متميّز طيلة العشرية الفارطة فيا يخصّ كمّاشة الدين والمطالبة الفورية بإلغائه.

 

مقدمة

لقد أصبحت مسألة الدين الخارجي للبلدان المتخلّفة، منذ اندلاع الأزمة الأولى في1982، مسألة مركزية في النقاشات الدائرة حول قضايا التنمية أو  » اللا-تنمية » على الأصحّ.

إنّ نظام التداين الذي تطوّر على امتداد العشرين سنة الأخيرة يزيد كلّ يوم من تكبيل أغلب بلدان الجنوب ويعمّق فيها الفقر والتبعية. وهكذا يبدو الدين الخارجي بكلّ وضوح موردا إضافيا لنهب ثروات البلدان المولّى عليها وليس وسيلة لتمويل تنمية مزعومة كما يحاول المستفيدون الأوائل منه إقناعنا بذلك (مؤسسات بروتن وودز والحكام المحليون).

وليس الدين الخارجي وحده سبب الفقر بل إنّ التعديل الهيكلي متممّه الطبيعي (أو لم يقل لنا بأنّ تنفيذ برنامج التعديل الهيكلي سيمكننا من التخلّص من هذا العبء؟!– إنّنا نعتزم دراسة الآثار المدمّرة لهذا البرنامج على كلّ المستويات : الصحة، الخوصصة، التعليم..-). وبالفعل فإنّنا نعرف جيّدا أنّ برامج التعديل الهيكلي التي أعدت في بداية الثمانينات كجواب نيو-ليبرالي على أزمة الدين ولكنّنا نعرف أيضا أنّ هدفه الحقيقي إنّما هو ضمان استمرار تسديد الدين الخارجي أي ضمان استفحال الأزمة وتعميقها!

وعندما نتساءل ما الذي ستفعله البلدان كي تواصل تسديد ديونها فإنّ برامج التعديل الهيكلي لم يرسم لنا مسالك غامضة أو ملتوية (ولكنّها في الحقيقة مسالك شائكة ومرهقة) : تصفية المؤسسات العمومية وإجراءات تقشّف اجتماعي وخاصّة فيما يتعلّق بالقطاعات الحيوية كالتعليم والصحّة خصوصا والحصول على قروض جديدة لمواجهة العجز عن تسديد السابقة – وهذه القروض يرفض المانحون تقديمها لمن لم ينفّذ هذه البرامج بحذافرها- إضافة إلى الاستغلال المفرط للثروات الطبيعية ممّا يعني تدمير البيئة والاعتداء على حقوق الأجيال القادمة.

بناء على ما تقدّم فإنّه من الضروري، ونحن نعالج مسألة الدين الخارجي أن نأخذ بعين الاعتبار آثار التعديل الهيكلي على بلدان الجنوب ومنها بلادنا طبعا، فالتعديل والدين هما في الواقع طرفا نفس المعادلة.

 

أسباب أزمة الدين

 

1– عودة إلى الماضي : حالة تونس أثناء الفترة السابقة للاستعمار

 

لقد اتجه نظام الباي، إثر انتفاضة 1864 التي فجّرها ارتفاع الجباية، نحو التداين لتمويل الخزينة التي كانت وقتذاك تشكو عجزا كبيرا.

لقد اقترن تاريخ هذه الفترة باسم مصطفى خزندار الذي باشر هذه الساسية وتحصّل على قرض مقابل لقيمة السندات التي أصدرها السماسرة الفرنسيون والإيطاليون يسدد على امتداد خمسة عشر عاما. وقد كتبت الصحافة الفرنسية آنذاك (جريدة الأسبوع الفرنسي) :  » إنّ باي تونس اليوم تحت الحماية المعنوية لفرنسا التي من مصلحتها ازدهار الشعب التونسي بما انّ ذلك الازدهار ضمان للمزيد من الأمن في الجزائر ».

إنّ هذه السياسة التي اتبعتها حكومة الباي أسالت لعاب السماسرة الكبار لمراكمة ثروة طائلة. وبالفعل فالتاريخ يخبرنا بأنهم فرضوا على خزنذار لزمات لضمان تسديد الديون ويمكن أن نذكر على سبيل المثال (حتّى نتبيّن إلى أيّ مدى يشبه اليوم الأمس) حصول السمسار ايرلنجي (Erlanger ) على إجمالي الاداءات الجمركية ومحاصيل الزياتين وعائدات مصنع طبربة.

ولكن إذا كانت العودة إلى الماضي تفيد شيئا فإنّ اعظم فائدة يمكن أن نجنيها منه هي لا محالة استخلاص الدروس وفيما يخص حالتنا فإنّه يتّضح لنا أنّ الاستعمار لا تختلف أهدافه وغاياته وإن اختلفت أشكاله وأنّ الحكومات المحلية الدائرة في فلكه هي نفسها سواء أكانت ملكيّة تقليديّة أو « جمهورية عصريّة » ! فلنتابع درس التاريخ إذن : إنّ ديون 1885 لم تحسّن الأوضاع المالية لتونس بل على العكس من ذلك فقد زادت من تعميقها فالدولة كانت في حالة إفلاس ورغم ذلك فقد التجأت إلى كبار المضاربين كي يمنحوها قروضا جديدة مقابل رهون وذلك رغم أنّها لم تكن في وضعية مالية جيدة تسمح لها بالتسديد.

إنّ هذا المرور من الديون مقابل سندات إلى ديون مقابل رهون أفضى إلى إعلان وضع اليد على المملكة وانقطاع التسديد وهو ما جعل خزنذار يلتفت إلى الشعب هذه المرّة، لا لسماع صوته بالقضاء على أسباب الانتفاضة، بل ليفرض عليه أداءات جديدة تغطّي جزءا من العجز دون أن يأخذ بعين الاعتبار- وكيف يفعل ذلك من يصادر سيادة الشعب- النتائج الوخيمة لهذه السياسة الخراجية فإحصاءات ذلك العصر أعلنت عن وفاة خمسة آلاف شخصا في العاصمة وما بين 18 و20 ألف في سائر المملكة بسبب انتشار الطاعون والفقر المدقع.

إنّ هذه « التضحيات  » لم تمنع دخول القوى الاستعمارية ووضع تونس تحت الوصاية فكان انهيار الدولة الخراجية النتيجة المنطقية لمسار بدأ منذ 1816 وتواصل إلى حدود مجيء الكمسيون المالي الثلاثي (فرنسا، إيطاليا، وأنقلترا) في 1869 والتي لم تعمّر طويلا نظرا إلى الصراع المتكالب بين أعضائها الذي انتهى بالتدخّل العسكري الفرنسي وتوقيع اتفاقية الحماية في 1881.

 ومرّة أخرى لا يمكننا أن نغضّ النظر عن  » إعادة التاريخ نفسه في شكل مهزلة  » فما أشبه الكمسيون المالي باللجنة الأوروبية التي تحدد مصير شعب تحت عنوان « الشراكة والتعاون والازدهار المشترك »، هذه اللجنة التي وصل بها الحدّ في 2001 إلى المشاركة في ظبط معالم المخطط العاشر. وما أشبه برامج ميدا1 و2(Meda) بما منحه مضاربو القرن التاسع عشر لتونس للخروج من الأزمة المالية والذي لا يعني في الحقيقة إلاّ دخولهم إلى البلاد ! وما أشبه المرور من القروض مقابل سندات إلى قروض مقابل رهون بالمرور من أزمة الثمانينات إلى برنامج التعديل الهيكلي والخوصصة المكثفة ورهن أو بيع ما كدّ التونسيون من أجله بعد الاستقلال إلى أغنياء العصر الجديد ومضاربيه (التفويت في مصانع الإسمنت، رهن مولد الكهرباء برادس، والطريق السيارة والتفويت في العديد من المؤسسات العمومية الأخرى…) وما أشبه التمادي في رفع الضرائب و »إبداع » خزندار للجديد منها بما  يثقل كاهل المواطنين اليوم من اداءات متعددة ومتنوعة بدءا بالأداء على القيمة المضافة وصولا إلى الأداء على الصحون الهوائية! وما أشبه انتفاضة 1864 بالغضب الاجتماعي الذي مازال خاملا في صدور التونسيين الذين عليهم أن لا يستفيدوا من الدروس المحلية (انتفاضات 1864- 1978-1984) فقط بل أن يفتتحوا القرن الحادي والعشرين بدرس أرجنتيني قادم من وراء البحار في عصر وحّدت فيه العولمة المتوحشة شعوب العالم في سوق واحدة وباعدت بينهم سياسيا وثقافيا واثنيا.

 

2- من الاستقلال إلى أزمة سنوات 1980

 

إنّ الاندماج الآلي لتونس في النظام الرأسمالي العالمي بعد الاستقلال قد أدّى إلى هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي.

لقد أدى ذلك إلى نتيجتين متتابعتين : عدم اكتمال تكوّن الطبقات الاجتماعية وعدم اكتمال انبثاق المواطن الفرد باعتباره ذاتا ثقافية واجتماعية مستقلة ومتحررة من العلاقات الجهوية و »القبلية » القديمة وهو ما منع تكوّن المجتمع باعتباره فضاء حرّا لتجمّع الأفراد في استقلال عن هيمنة الدولة. وفعلا فإنّ هذا الضعف للمجتمع المدني منع نموّ قوّته الخلاّقة والإبداعية لكلّ بديل اجتماعي.

ومنذ الاستقلال كانت الدولة هي الأمّ/العرف المؤمّنة للإنتاج المنتظم في كلّ مستويات الحياة الاقتصادية والاجتماعية في غياب تامّ لكلّ رقابة أو مشاركة مواطنية.

لقد كانت سنة 1956 تاريخ ميلاد الدولة التونسية التي وجدت نفسها إزاء أزمة ذات أبعاد مختلفة ومظاهر جديدة ناجمة عن خروج الاستعمار. وفيما يخصّ البعد الاقتصادي فإنّ هذه الأزمة نشأت عن انهيار الاستثمار وخروج رؤوس الأموال الاستعمارية وانخفاض الإنتاج والعجز التجاري.

إنّ هذه الأزمة الاقتصادية تجد تفسيرها في انتهاء المنوال الذي أنشأه النظام الاستعماري. فالبرجوازية التونسية التي نشأت في أحضان النظام الاستعماري كانت جنينا كسيحا عاجزا عن استئناف الدور الذي كان يقوم به الاستعمار فكان إذن أن أنيط هذا الدور بعهدة فئة جديدة منها هي البرجوازية البيروقراطية التي انبثقت من الجهاز الإداري والتي ستصبح رأس حربة المنوال « التنموي » الذي اعتمد في الفترة الممتدة من 1961-1969.

إنّ هذه البرجوازية المحرومة من وسائل الإنتاج الرئيسية ستجد في التخطيط الوسيلة الأفضل لتجعل وسائل الإنتاج حسب ما تتطلّبه مصالحها. إنّ خصوصية هذه الفئة هي التي تجعلنا ندرك التجاء الدولة المستمرّ منذ ذلك الحين إلى الدين الخارجي، باعتباره موردا هامّا، لتوفير رؤوس الأموال الضرورية للتمويل الكافي.

لقد كان الالتجاء إلى الدين ضرورة فرضها الحفاظ على نسق للتراكم تمّ الإعداد له، لكنّ شروطا وإرغامات كميّة ونوعية دفعت إلى الإقبال على القروض الخارجية :

 

أ- الإرغامات الكمية:

 

لابدّ من الإشارة فيما يتعلّق بهذا النوع من الإرغامات والشروط أنّ الهبات والمنح تركت مكانها للقروض وأنّ نسب الفوائد التي يشترطها المانحون بدأت بالارتفاع المهول. ولئن تحصّلت الحكومة التونسية في البداية على قروض ذات نسب فائدة منخفضة نسبيا –3.7% مع أجل إعفاء بثلاثة سنوات- فإنّ هذا « الامتياز » لم يدم طويلا إذ تمّ تعويضه بالقروض الخاصة ذات نسبة فائدة أكثر ارتفاعا وصلت إلى %7. كما نشير أيضا إلى إرغامات مجحفة من قبيل أنّ تسدّد نسب الفائدة قبل انطلاق المشروع الاقتصادي المموّل بقرض وفي بعض الحالات الأخرى يشترط المانحون خلاص كلّ المصاريف إذ ترتفع مصاريف الدراسات التقنية للمشروع المزمع إنجازه إلى %40 من إجمالي القرض الممنوح.

 

ب- الإرغامات النوعية :

 

لقد وجد الاقتصاد التونسي نفسه خاضعا للمقاييس الاقتصادية والتقنية للاحتكارات الأجنبية التي تمنحه القروض وهو ما أجبر الحكومة التونسية في ذلك الوقت على اجتناب، أكثر قدر ممكن، المشاريع الاجتماعية الهادفة إلى الحدّ من نسبة البطالة للضغط على المصاريف وتأمين التسديد. بل إنّ الوضع ازداد سوءا حين مرّت إلى ضرب مبدإ التكامل بين مختلف القطاعات الاقتصادية التي كان يدافع عنه فيما مضى. ذلك هو جوهر استراتيجية الاحتكارات والمؤسسات المالية الدولية : تشجيع الصادرات والإضرار بالاستهلاك الداخلي واللامبالاة بالمشاريع الصناعية الكبرى ذات التكاليف الباهظة وتشجيع قطاع السياحة كلّ ذلك للحدّ من عجز الميزان التجاري وبالتالي مواصلة التسديد.

إنّ إجراءات كهذه، لا تعني في الواقع سوى بحث الاحتكارات والمؤسسات المانحة عن قنوات نقل فائض القيمة الذي تمّ تحقيقه في القطاعات المنتجة إلى حسابات المركز وهو ما يمنع كلّ مراكمة محلّية من جهة ويؤمّن سيولة تسديد الدين من جهة ثانية.

 

3- انفجار أزمة الدين : سنوات 1980

 

ليست أزمة الدين ظاهرة معزولة عن النظام الرأسمالي العالمي بقدر ما هي أزمة متعلقة بهذا النظام. وقد عبّرت عنها أزمة الطاقة ( تضاعفت أسعار النفط أربع مرّات في 1973) والمواد الأوّلية (للمزيد من التعمّق في هذه المسألة وقضيّة أزمة الدين عموما يرجى العودة إلى كتاب إريك توسان-CADTM

 » البورصة أو الحياة : المالية ضدّ الشعوب).

لقد أفضت أزمة الدين في الثمانينات إلى نقص في العائدات وتقلّص الاستثمار وانخفاض هامّ في الإنتاج وارتفاع مشطّ في الأسعار ممّا أدى إلى اختلال التنظيم على الصعيد المالي : تلاشي نسب التبادل القارّ وتضخّم الديون الذي سبّّب اختلال توازن المالية العمومية (ظاهرة كرة الثلج التي حلّلها توسّان في كتابه المذكور أعلاه).وتطوّر ظاهرة المضاربة في الأسواق المالية التي استفادت من غياب الضغط على التطوّر الهامّ لحركة رؤوس الأموال. في هذا الإطار العام اندلعت أزمة الدين منذ الثمانينات.  

ولابدّ من الإشارة إلى أنّ انفجار أزمة الدين لم يكن سببها تضخّم الاحتياج إلى التمويل وانخفاض نسب الادخار الوطني وصعوبات تسديد الديون فقط بل إنّ بلدان العالم الثالث وجدت نفسها مجبرة على تسديد مبالغ مرتفعة أكثر فاكثر مع موارد تتقلّص باستمرار.

 

وفي هذا الإطار العامّ عرف حجم الدين الخارجي لتونس ارتفاعا متواصلا

 

الجدول الأول : تنوّع حجم الدين الخارجي لتونس (مليار دولار)

   

السنة

1970

1975

1980

1985

1990

1995

1996

1997

1998

حجم الدين

541

1.109

3.527

4.884

7.691

10.986

11.390

11.355

12.099

معدّل النموّ السنوي %

+15.4

+26

+6.7

+9.5

+7.39

+3.67

-0.30

+6.55

المصدر : البنك العالمي « جدول ديون العالم » 1993 و1994 و1995. وجامعة الدول العربية : « التقرير الاقتصادي الموحّد » 1998.  ووزارة التنمية الاقتصادية، 1997، المخطط التاسع للتنمية 1997-2001 – وزارة المالية – المعهد الوطني للإحصاء- البنك المركزي التونسي- صندوق النقد الدولي، أكتوبر 1998.

 

بالفعل، إنّ إلقاء نظرة سريعة على هذا الجدول تؤكّد أنّ تونس شهدت في عشرية الثمانينات وبداية التسعينات أزمة اقتصادية خانقة (وأزمة سياسية لا يتسع المجال لتحليلها) ويمثّل الارتفاع  المتواصل لحجم الدين الخارجي مؤشّرا بارزا عليها وهو ارتفاع لا تبرهن عليه هذه الأرقام مجرّدة بل لا نتبيّن ذلك إلاّ متى ربطناها بالسياق التاريخي الذي تمثل فيه الثمانينات مرحلة فاصلة بين عصريْن من التداين : مرحلة السبعينات والتي كان فيها حجم الدين مرتفعا باعتباره مصدرا رئيسيا للتمويل (لاحظ جيدا ارتفاعه بنسبة 26  %في 1980 (ولكنه كان إلى حدود هذا التاريخ بنسبة فوائض ضعيفة.  ومرحلة ما بعد السبعينات التي عصفت فيها الأزمة بتونس وبمختلف بلدان الجنوب. فلئن لم تبلغ نسبة نموّ الدين الخارجي القدر الذي كانت عليها في السبعينات فإنّ عبء هذا الدين قد ازداد دون شكّ وهو ما يفسّر هذه الأزمة والتي تجلّت مظاهرها في تدهور قيم التبادل (تدهور قيمة الدينار مقارنة بالعملة الصعبة) خاصة بعد التخفيض في قيمة الدينار مع حكومة رشيد صفر في 1986. وليس غريبا أن يقترن ذلك التاريخ ببداية تطبيق برنامج التعديل الهيكلي الذي كانت مؤسسات بروتن وودز تشترط في تحقيقه البدء بالتخفيض من قيمة العملة المحلية، كما أدّى الارتفاع في الحجم ونسب الفائدة معا إلى نضوب المدّخرات من العملة الصعبة. وبطبيعة الحال وبما أنّنا اعتدنا أن نشتمّ من وراء كلّ أزمة من هذا النوع رائحة الفساد فإنّ أزمة الثمانينات قد زاد في تعميقها سوء التصرف والرشوة وتحويل الأموال إلى البنوك الأجنبية وهو ما كان التونسيون يتهامسون به عصرئذ. إنّ ذلك هو ما يزيد تأكيد شرعية إلغاء الديون لأنّها غير شرعية (مفهوم الديون المريبة La dette odieuse).

 

وبعيدا عن لغو سياسيي تلك الفترة وهذيان مستشاريهم وخبرائهم في خطبهم عن الإقلاع الاقتصادي و »التنمية المستديمة » فإنّنا نجد الأرقام تصدع لوحدها بالحقيقة فالبلاد في الثمانينات هي بصدد الغرق لا الإقلاع وكانت قد انتهجت طريقا آخر غير طريق التنمية المستديمة. فمن مؤشرات الأزمة أنّ إجمالي الدين في علاقته بالناتج الوطني الخام قد قفز من 51.02% سنة 1982 إلى 70.23% سنة 1986. كما أنّ كلّ مؤشرات الدين قد تدهورت خلال تلك الفترة ( الدين / الصادرات، الدين / النموّ وهو ما سنتبيّنه في قسم لاحق).

وبما أنّ الأمر يتعلّق بأزمة عامّة وعميقة فإنّه كان يجب البحث عن سبل الخروج منها بعيدا عن النظام النيو-ليبرالي وذلك بالتركيز على المصالح الحيوية للمضطهدات والمظطهدين الذين سحقهم هذا النظام الذي لم « يهبهم » طيلة عشرات من السنين إلاّ الإقصاء والفقر والبطالة. ولكن قائمة هؤلاء لن يرتفع عددها فحسب بل ستزيد الآلة الجهنّمية التي ابتدعتها « عبقرية » مهندسي الرأسمالية من سحقهم وقد تمّ ذلك حين أسرعت الحكومة التونسية، ودون مشاركة أو مساهمة مواطنية، إلى تطبيق برنامج التعديل الهيكلي سنة 1986 وهو ما يعني انقيادا كليّا  من طرف جنود النويو-ليبرالية المحليين لأوامر ضبّاطهم في صندوق النقد الدولي و البنك العالمي الذين كانوا قد خطّطوا بعد للاستراتيجية الهجومية للحرب التي سيخوضونها.

 

مؤشرات الدين 

 

بعد تقويم قويّ وشامل للوضع المالي الذي بدأ مع تطبيق المرحلة الأولى من برنامج التعديل الهيكلي (1986-1995) فإنّ الأوضاع لم تتحسّن إطلاقا كما وعدنا بذلك بل إنّ ما لاح في الأفق هو بوادر استفحال الأزمة – وخاصة في بعدها الاجتماعي- وليس منافذ الخروج منها. ولئن لم نكن أعداء الخطابة فإنّنا نصاب بالغثيان حين نسمع كلاما يحاول ايهامنا بأنّ التونسيين سيدخلون  » عهدا جديدا  » من الرفاه والرخاء لم يكن من حظّ أجدادهم وآبائهم أن عرفوا مثله ذلك هو ما ستحققه برامج التعديل الهيكلي التي ستكون الحقنة المناسبة لداء عشرية الثمانينات ولكنّهم في الحقيقة نسوا أن يعقّموا إبرة الحقن!!.

بالفعل لقد أصيب الاقتصاد التونسي بفقدان المناعة حين ارتبط هيكليا بالنظام النيو-ليبرالي عن طريق التعديل الهيكلي الذي ادّعى أصحابه أنّه سيتجاوز الأزمة وذلك بضمان السيولة اللازمة لتسديد الديون عن طريق الضغط على النفقات العمومية وتشجيع الصادرات ومنح قروض جديدة لإعداد بنية تحتية ملائمة لجلب الاستثمار الأجنبي وتحفيزه وتحويل الإنتاج الفلاحي من فلاحة القوت وضمان الغذاء إلى الإنتاج الفلاحي الموجّه للتصدير، إنّه في كلمة برنامج هجوم كاسح وشامل على مصالح عدد كبير من السكان فلم يضمن إيقاف نزيف الدين ولا تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ويكفينا إلقاء نظرة سريعة على علاقة الدين بالصادرات وبمعدّل النموّ حتىّ لا يكون كلامنا مجرّد لغو دوغمائيين أصيبوا بحمّى النقد.

 

1- الدين/الصادرات : 

 

إذا كان منطق التعديل الهيكلي يقيم حججه على أنّ تشجيع الصادرات أمر ضروري لامتصاص عجز الميزانية وضمان تسديد الدين، فإنّ التجارة الخارجيّة أبعد ما تكون عن تحقيق ذلك إذ اصطدمت بضيق السوق الخارجية وانكماشها ثمّ إنّ تحرير التجارة لم يمكّن من توسيع السوق الخارجية نظرا إلى أنّ هذا التحرير كان عالميّا – هذا هو الدور الذي تلعبه منظمة التجارة العالمية – وبالتالي الاصطدام بمشكل المنافسة القويّة التي تفرضها الدول الغنية.

ثمّ إن تونس تبدو في النصف الأوّل من التسعينات في حالة من العجز التجاري متفاقم نظرا لتدهور قيم التبادل وعدم استقرار العملة التي يتمّ بها تسديد الديون وخاصّة الدولار الأمريكي واليان الياباني والدينار الكويتي.

ولم تتدعّم المبادلات التجارية قليلا إلاّ في سنة 1999 بفضل تطور في تصدير المنتوجات الغذائية ومنتوجات الطاقة والارتفاع الخفيف لعائدات السياحة في نفس السنة وقد تجسد هذا التحسّن في الاستقرار النسبي لعجز الميزان التجاري الذي بلغ 3.140 مليون دينار (تونسي) مقابل 2.971 مليون دينار في 1998.

ولكنّ ذلك كان ظرفيا، فالحكومة التونسية التي ما فتئت تمجّد التزاماتها المالية إزاء المؤسسات المانحة التي لم تبخل على هذا التلميذ النجيب بشهادات الشكر والإطراء وكانت أيضا تطنب في الحديث عن المنوال التونسي في التنمية القائم على سياسة » الازدهار » التي بلغت حدّ « الامتياز » (وهذا المنوال هو في الحقيقة الأخ الشقيق للنموذج التونسي في الديموقراطية ! ) .إنّها تفعل كلّ ذلك ولكنّها تتغاضى عن بيان أنّ ما تحقق ما كان له ليتمّ لولا  الهجوم العنيف على القطاع العامّ. تماما كما تعتبر أنّ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر قد عرف ارتفاعا هامّا بفضل الخوصصة ولكنّ متى كان مفهوم الاستثمار يعني بيع مؤسسات عمومية قائمة وطرد مكثّف للعمّال منها ؟ لا شكّ أنّ المفهوم التونسي للاستثمار لا يعني بعث مشاريع اقتصادية وخلق مواطن شغل جديدة.

إنّ الدين الخارجي استمر في امتصاص عائدات الصادرات على نحو متواصل والجدول التالي يمثّل شاهدا على هذه الوضعية :

 

الجدول الثاني : تطوّر نسبة تغطية الصادرات للدين (1970-1998)

 

السنة

1970

1980

1988

1989

1990

1993

1994

1995

1996

1997

1998

النسبة المائوية

64.7

90.1

140.5

136.3

132

133.5

119.6

119.6

119.8

124

138.1

 

 

2- الدين / النموّ

 

يؤكّد الخطاب الرسمي أنّ الالتجاء إلى الموارد الخارجية بما في ذلك الدين بقي السبيل الرئيسي لبلوغ نسق من النموّ يصل إلى 6% أثناء عدد هامّ من السنوات قصد تحقيق تحسين لمستوى العيش ولكن ذلك أبعد ما يكون عن التحقّق ولم يكن هذا الخطاب إلاّ ادّعاءات باطلة لم يثبتها الواقع وهو خطاب لم   تقتصر عليه الحكومة التونسية وحدها بل قرأناه في تقارير صندوق النقد الدولي و البنك العالمي وسمعناه من أفواه قادة الدول الغنيّة (حديث الرئيس الفرنسي شيراك عن « المعجزة التونسية » ). إنّها معجزة جعلت من تونس « نمرا » جديدا.  ولكن ما ينقص هذه التصريحات حقا هو أنّ هذا  النمر » كان   من ورق » أو من صنع الخيال ! إنّ مثل هذه البيانات تجعل النضال المناهض للعولمة النيو-ليبرالية وترجمتها المحليّة نضالا يجب أن يشمل كذلك الكشف عن زيف التصريحات وفضح الخطاب المزدوج الذي جعلته هذه العولمة جهازا إيديولوجيا للسيطرة وهذا هو ما نبّه إليه كريستيان دي بري المحرّر بجريدة لومند ديبلوماتيك ومقدّم كتاب « البورصة أو الحياة  » لتوسّان ونرى من المفيد الاستشهاد بهذه الفقرة الطويلة لأنّ الخطاب الرسمي في تونس لا يروّج إلاّ هذه « البضاعة » الفكرية معتبرا عموم الشعب مغفّلين يصدّقون ما يسمعون وخاصّة متى تعلّق الأمر « بالمعجزات » التي لا تقبل الدحض :

 » إنّ الأشخاص القادرين على الإفلات من الخطاب المهيمن ينخفض عددهم شيئا فشيئا. وقد انضمّت الأغلبية الكبرى من المفكرين إلى هذه الإيديولوجيا خدمة لها وكانوا قديما في تعبئة يعارضون السلطات القائمة أمّا اليوم فإنّهم مأجورون على نحو كبير ككلاب حراسة للنظام الجديد. إنّها لكهانة متعجرفة ووقحة تماما، جعل لها المدافعون عن القدر الليبرالي أجرا باهظا، إنّهم اكليروس تقاطعات نهاية التاريخ، ونسّاك دعاة قتال، وباحثو محاكم التفتيش يستقصون كلّ مقاومة، وسدنة المحرقة التي يلقى فيها المعارضون، ومحتكرو الصوت والصورة، والمبشرون بالتعاليم الدينية الجديدة للسوق، ومخترعو « المعجزات  » الاقتصادية، إنّها- إذا أردنا أن نستعير عبارة فولتيير- خرافات يحكيها لئام أنذال للحمقى ».

إنّنا ندّعي أنّنا من تلك القلّة التي أفلتت من الخطاب الرسمي فلا تسحرنا الخطابات الرنانة عن التنمية الشاملة وتأهيل اقتصادنا ليكتسح الأسواق العالمية ولا نبقى فاغري الأفواه أمام طلاسم « دكاترة اليقين المطلق في القدر الليبرالي »، نقول ذلك لأنّ تونس لم تعرف نموّا اقتصاديا ولا هي استطاعت الخروج من كمّاشة الدين. فالديون التي منحت في ظرف متميّز بالانكماش المالي الذي يتجلّى في قروض تكون فيها قيمة العملة الصعبة متقلّبة (قد يرتفع حجم الدين-الأصل والفائدة- بمجرّد ارتفاع طفيف لقيمة الدولار أو غيره من العملات الصعبة). إنّ ذلك قد أفضى إلى نتائج وخيمة على مستوى التوازن المالي وبالتالي على الوضع الاجتماعي عموما فالبلاد غدت عاجزة عن اتباع مسار لمراكمة النموّ رغم مجهودات التعديل الهيكلي التي لم توفّق في جلب استثمارات كبيرة.

تبدو علاقة الدين الخارجي بالناتج الداخلي الخامّ مستقرة في السنوات الأخيرة وهو ما يبرهن على أنّ الاقتصاد الوطني بقي دائما مرتهنا بالموارد الأجنبية وأنّ عبء الدين يمثّل عقبة حقيقية أمام تحقيق التنمية وأنّ الإجراءات التي اتخذتها مؤسسات بروتن وودز لم تساعد البلاد على تجاوز الأزمة بل على التصرّف في هذه الأزمة على نحو يضمن تسديد الدين.     

هذا هو ما أشار إليه تقرير الأمم المتحدة في 2000 حول تدفّق رؤوس الأموال في إفريقيا :  » إنّ الالتجاء المتزايد للموارد الخارجية لم يقد بالضرورة إلى نموّ سريع يسمح برفع مستوى العيش وبتحرير الموارد الداخلية للاستثمار ».

 

الجدول الثالث : نسبة الدين من الناتج الوطني الخام

 

1996

1997

1998

1999

2000

50.5

51.8

47.2

47.7

45.1

 

 

تؤكّد الإحصاءات أنّ ما قيل عن البلدان الإفريقية عامّة يشمل تونس كذلك، إذ أنّ نصف ما ينتجه التونسيون في النصف الثاني من التسعينات يتمّ تحويله مباشرة إلى خزينة الدائنين ويتأكّد كذلك ما جاء في تقرير الأمم المتحدة أنّ الدين هو عائق حقيقي أمام التنمية وتحسين مستوى العيش.

إنّه نهب مبرمج لثروات بلدان الجنوب ينضاف إلى النهب المباشر أيام الاستعمار (الدين التاريخي). وفي الفقرة الموالية نحاول دراسة هيكل الدين الخارجي لنحدّد بدقة هويّة أسياد العالم الجدد الذين واصلوا برنامج النهب هذا.

 

هيكل الدين الخارجي :

 

لقد عرف هيكل الدين الخارجي لتونس تغيّرا ذا دلالة هامّة. إنّ ديون السنوات الأخيرة (بعد نهاية المرحلة الأولى من برنامج التعديل 1986-1995) منحت في ظرف عالمي يتّسم بسيطرة الأسواق المالية والمؤسسات الدولية. وبالفعل فإنّنا نلاحظ انخفاضا في الديون الثنائية الأطراف، فحسب تقرير البنك المركزي التونسي لسنة 1999 فإنّ  » قسط الدين الثائي الأطراف قد انخفض فيما بين 1998 و1999 ليتحول من 43.6% إلى 41.7% وذلك خصوصا بتأثير تعبئة الأسواق المالية وتذبذب العملات الرئيسية للديون » ص 27.

أمّا اللجوء إلى الديون المتعدّدة الأطراف (المؤسسات المالية الدولية) فقد شهد ارتفاعا إذ مرّ من 4.111 مليون دينار تونسي في 1998 إلى 4.816 مليون دينار في 1999 . ويمثّل البنك العالمي المانح الأول لتونس إذ يستأثر ب 15.1%  من مجموع الديون المتعددة الأطراف.

إنّ هذا التغيّر في هيكل الدين الخارجي يعني أنّ الدين لم يعد يمنح في إطار « التعاون » بين الدول وإنّما فوّضت الدول الغنيّة إلى مختلف مؤسساتها إدارة الهجوم على بلدان العالم الثالث فكان أن عرف الدين الخارجي زيادة في عبئه بسبب تسديده بما أنّه أبرم بنسب فائدة مرتفعة ومتذبذبة.

يا لها من حلقة جهنّمية حقّا فالاقتصاد وجد نفسه في مواجهة عائق أشدّ وطأة هذه المرّة حين تقلّصت الديون الثائية الأطراف وارتفعت الديون المتعددة الأطراف والخاصّة هذا فضلا على أنّ نصيبا منها يبرم بعنوان تأهيل المؤسسات لجعلها قادرة على المنافسة الأجنبية. فكان اللهاث وراء تسديد هذه الديون على حساب التنمية وتحسين الظروف المعيشية للفئات الشعبية المفقّرة. إنّها حلقة جهنّمية أفضت إلى أن تمّوّل أغلب مشاريع المخطّط العاشر الذي انطلق هذه السنة عن طريق الدين الخارجي (الديون التي أبرمت أخيرا كان أغلبها بهذا العنوان) وإلى إعداد الحكومة نفسها لمجابهة ما يمكن أن يحدث من غضب اجتماعي ناجم عن هذه السياسة (تضخّم ميزانية وزارة الداخلية)،وما ينشئ عن تملّص الدولة من النفقات المخصصة للخدمات الاجتماعية بهالة إعلامية حول التضامن وصندوق محاربة الفقر الذي لا نعلم عن تسييره ورقابته أيّ شيء).

ويقدّم الجدول التالي الأرقام التي استندنا إليها في الاصداع بالاستنتاجات السابقة.

 

الجدول الرابع : أوضاع الدين الخارجي بالنسبة إلى موارد التمويل الرئيسية (إلى حدود 31/12/1999)

 

مصدر الدين

الالتزامات

بلدان الاتحاد الأوروبي ومؤسساته

7.024.0

مجموعة البنك العالمي

4.236.9

البنك الإفريقي للتنمية

2.369.4

بلدان أمريكا الشمالية

1.627.1

البلدان والمؤسسات العربية

2.090.2

البلدان الآسيوية غير العربية

2.644.0

الأسواق المالية

2.746.3

بلدان ومؤسسات دولية أخرى

911.5

المصدر : تقرير البنك المركزي التونسي، 1999

 

 

4- خدمة الدين :

 

ما انفكّ التسديد بعنوان خدمة الدين يرتفع منذ تطبيق برنامج التعديل الهيكلي. فقد سجلنا على امتداد المخطط الثامن (1992-1996) نسبة ارتفاع تقدّر ب3.5%.

وتتوزّع خدمة الدين على قسطين يشمل الأول 68% بعنوان فائدة عن الأصل و32% من الأصل يتمّ إخضاعه إلى فائدة أخرى.

إنّ ذلك هو دون شكّ من الآليات الرئيسية التي يقوم عليها النهب المبرمج ولا يمكن إلاّ أن يؤدّي إلاّ إلى ظاهرة اقتصادية انتحارية تتضح خصوصا في عدم الاكتفاء بتسديد الأصل فقط بل وأيضا في الارتفاع المشطّ للفوائد وتنويعها. إنّه ليس انتحارا اقتصاديا واجتماعيا فقط بل وسياسي أيضا عندما تتباهى الحكومة بالتزاماتها المالية وحسن سيرتها إزاء المؤسسات المانحة وتمّ ذلك خاصّة في سنتي 1998 و1999. أو عندما تغيّب المجتمع المدني بمختلف مؤسساته وتقتصر على تشكيل لجان محدودة العدد تعهد إليها بإعداد برامج الخوصصة والدين وغير ذلك من المسائل التي تهمّ حاضر كلّ التونسيين ومستقبلهم. إنّنا نرفض أن نكون مولّى علينا أو عاجزين عن مواجهة هذا القدر الذي لا يردّ -وفي هذا الإطار بالضبط تعتبر راد أتاك تونس أنّ النضال من أجل بديل تنموي لا يقلّ أهميّة في شيء عن النضال من أجل بديل سياسي ديموقراطي-.

فلنتأمّل حجم خدمة الدين الذي سدّد في 1998 وذلك حسب نوع الدين :

  • الدين الثنائي الأطراف : 44.6% (805مليون دينار تونسي)

  • الدين المتعدّد الأطراف : 43.7% (789 م.د.ت)

  • الديون الخاصّة : 11.7% (211 م.د.ت)  

ويبيّن الجدول التالي تطوّر خدمة الدين في سنوات التسعينات :

   

الجدول الخامس : تطوّر خدمة الدين في المدى المتوسط والبعيد

 

السنوات

الأصل

الفوائد

المجموع (م.د.ت)

مليون دينار تونسي

نسبته المائوية من المجموع

مليون دينار تونسي

نسبتها لمائوية من المجموع

 

1994

932

98.1

437

31.9

1.369

 

1995

 

982

 

66.3

 

499

 

33.7

 

1.481

1996

1.007

65.9

520

34.1

1.725

1997

1.102

66.8

547

33.2

1.649

1998

1.173

67.8

557

32.2

1.730

1999

1.227

68.0

578

32.0

1.805

المصدر : تقرير البنك المركزي التونسي- 1999

 

وبالفعل فإنّ كلّ هذه الأرقام هي خير شاهد على أنّ كلّ الإجراءات التي أخذت في إطار برنامج التعديل الهيكلي لم تمكّن إطلاقا من تجاوز الأزمة التي يعيشها الاقتصاد التونسي بقدر ما مثّلت تصرّفا فيها على نحو يمكّن من خلق الشروط الملائمة لتسديد الديون.

وهكذا يصبح الدين آلية لتحويل ثروات البلاد نحو الشمال وبالتالي التركيز الهيكلي لمراكمة فائض القيمة، وما على العمّال والاجراء إلاّ أن يعملوا طويلا للإيفاء بالالتزامات التي تعهّدت بها فئة قليلة وغير ممثّلة للمصالح الحيويّة لعموم الشعب. إنّه وضع شامل لكلّ بلدان الجنوب وهو ما حدا بفرنسوا ميتران -الرئيس الفرنسي الأسبق- بأن يعترف قائلا :  » مقارنة بالمبالغ الهامّة المخصّصة للمساعدات الثنائية والمتعددة الأطراف فإنّ تدفّقات رؤوس الأموال الواردة من إفريقيا نحو البلدان المصنّعة أكثر من تدفقات هذه الأخيرة نحو البلدان النامية ».

إنّ مثل هذا القول يمثّل شاهدا، من قادة الدول الغنيّة نفسها، على أنّ مصير المليارات من البشر أصبح تتحكّم فيه عدد قليل من المؤسسات الدولية والشركات العابرة للقوميات. وأنّ أزمة الدين المستفحلة هي في نهاية المطاف أزمة شرعية هذه المؤسسات.

 

خلاصة

لقد أثبت منوال  » التنمية » القائم على التداين فشله وعجزه التامّ عن تحقيق تنمية حقيقة ومستديمة ولئن جاءت برامج التعديل الهيكلي معلنة أنّها بديلة عن هذا الفشل وذلك بتقوية اقتصاديات بلدان الجنوب حتّى تكون قادرة على الخروج من الأزمة العميقة التي اندلعت في بداية الثمانينات فإنّ عشريتين من تطبيقها بيّنت أنّ النتائج كانت مخالفة تماما لما أعلنت عنه فكانت النتيجة المزيد من التداين والمزيد من التبعيّة للمركز الرأسمالي وهو ما انجرّ عنه تزايد الفقر وتدهور مختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

 

إنّ الصورة التي تبدو عليها تونس اليوم لا تختلف كثيرا عن تلك التي نرى عليها مختلف البلدان الفقيرة وهو ما يعني أنّ إلغاء ديون هذه البلدان هو المرحلة الأولى الضرورية في مسار إنشاء منوال تنموي بديل، وهو منوال عبّرت حركة المقاومة للعولمة الرأسمالية ومختلف الحركات الاجتماعية اليوم عن ضرورته. ولئن لم يكن هذا المنوال جاهزا بعد فإنّ التفكير فيه في صلب هذه الحركات المقاومة غدا مسألة ملحّة على جدول أعمالها فتفطّنت إلى أنّه لا سبيل إلى تنمية حقيقية دون توحيد الجهود وإعلان الهجوم المضادّ على معتد متّحد عالميا. كما أنّ ما يبعث على الأمل حقّا هو تلك المعرفة التي أصبحت تتحلّى بها تلك الحركات سواء بتحليل تاريخ الرأسمالية ودراسة آليات تطوّرها التاريخي أو الردّ على الأطروحات النيوليبرالية وبيان تهافتها مثلما هو الأمر فيما يخصّ  ما قد ينجم عن إلغاء الديون من خوف من عدم وصول التمويل الخارجي.. أو بتجريد مختلف المؤسسات المالية الدولية من الشرعية أو الدعوة إلى محاكمة الشركات المتعددة الجنسيات استنادا إلى القانون الدولي لاعتدائها على حقوق أساسية (الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الاعتداء على البيئة، إرشاء الحكّام المحليين…).

 

تتميّز الأطروحة النيوليبرالية بدوغمائية وجبرية مقيتة حينما تقول أنّه لا يمكن إيقاف القطار وهو في سرعته القصوى أو حين تذهب إلى ما هو أكثر من ذلك حين تقول لنا أنّه لا يمكن أن نفعل شيئا إزاء المنطق الاقتصادي المتبع حاليا ثمّ إنّه جاء على أنقاض أنماط أخرى قيل عنها اشتراكية أعلن التاريخ تهافتها. إنّ مثل هذه الدغمائية في التفكير هي التي تتهافت حين تصبح كلّ مناسبة يلتقى فيها « رجال الدين الجديد » إلى حرب حقيقية ضدّ حركات المقاومة لا يتوانى هؤلاء الأسياد عن « تكفيرهم » وتتهافت كذلك حين تنشر هذه المقاومة أطروحتها المتضمّنة للمصادر البديلة لتمويل التنمية ( استخلاص الديون التاريخية، إرجاع ما اختلسه الديكتاتوريين من مواطني العالم الثالث وتأميم ثرواتهم، العمل بقانون الضريبة التصاعديّة على الدخل، اصلاح النظام النقدي…).

 

إنّ وضع مخطّط لمشروع تنمية حقيقية وبديلة ، وهو من أهداف راد-أتاك تونس الأساسية، لا يمكن أن يتمّ إلاّ برفض النظام الحالي للدين وبطبيعة الحال رفض متمّمه برنامج التعديل الهيكلي. فالبرنامج البديل الذي يهدف منح حظوظ حقيقية في التنمية لبلدان الجنوب يجب عليه بكلّ تأكيد أن يقطع مع المنطق النيو-ليبرالي الرأسمالي المهيمن الذي لا يرى إلاّ مصالح الرأسمال العالمي على حساب حقّ حوالي خمسة مليارات من البشر في التنمية والكرامة.

 

مختار بن حفصة

فريق العمل حول الدّيْـن

راد أتاك تونس – أوت 2002

 

(المصدر: قائمة مراسلة راد – أتاك البريدية الألكترونية بتاريخ 24 نوفمبر 2003)


 

 

درس جديد للحكام العرب

2003/11/24

عبد الباري عطوان

قدمت المعارضة الديمقراطية في حورجيا درساً بليغاً لشعوب العالم الثالث واحزابه وسياسييه، عندما اجبرت الرئيس ادوارد شيفاردنادزه علي الاستقالة، والتنازل عن الحكم، دون اراقة نقطة دم واحدة، أو نهب مؤسسة عامة او خاصة واحدة. ويسجل للمؤسستين، الامنية والعسكرية، انحيازها الكامل للشعب، ووقوفهما علي الحياد، رغم نداءات الرئيس واستغاثاته المتكررة بالتدخل، فالزعماء يأتون ويذهبون في الدول الديمقراطية، اما الشعب فهو الباقي، وهو المصدر الوحيد للسلطات. هذه الثورات الشعبية ستصل حتماً الي المنطقة العربية، فقد بلغ الظلم مداه، وتوحشت الانظمة الديكتاتورية، وتغولت في نهب الثروات، ومصادرة الحريات العامة والخاصة، وتغييب القضاء العادل المستقل، واحتكار الوظائف والاعمال. والمأمول ان تكون هذه الثورات سلمية، ولكنها لن تكون كذلك، وللأسف الشديد، ليس لان الشعوب العربية متعطشة للدماء، ولكن لان الانظمة لا تقيم وزناً لهذه الشعوب، وتفضل التعامل معها بالحديد والنار، والمؤسستان الامنية والعسكرية جاهزتان دائماً لـ تأديب الشعب لمصلحة الفساد والديكتاتورية. وما يرجح خيار العنف، ويجعله الاكثر حتمية، ان الانظمة العربية في معظمها تقاوم الاصلاح، وترفض التجاوب مع نداءات القوي الديمقراطية، التي تطالب به، وحتي اذا تجاوبت، فانه تجاوب محدود، يقتصر علي اصلاحات تجميلية سطحية، وبهدف كسب الوقت، وامتصاص نقمة تعتقد الانظمة انها طارئة أو عابرة. المنطقة العربية دخل عليها اكثر من أربعة آلاف مليار دولار عوائد نفطية في السنوات العشرين الماضية فقط، ومع ذلك ما زالت الاكثر تخلفاً في العالم بأسره، فالخدمات الصحية شـــــبه معدومة، والتعليمــــية منـــهارة، والبني التحتية متآكلة، والتنمية لا مكان لها في قاموس الحكومات، والفساد هو القاسم المشترك في معظم الدول، ملكية كانت او جمهورية. مئات المليارات من الدولارات جري انفاقها علي شراء اسلحة، وطائرات حديثة، وعندما تعرضت دول للعدوان الاسرائيلي، توارت هذه الاسلحة والطائرات خجلاً، اما عندما اجتاحت القوات العراقية الكويت فكان لابد من الاستعانة بالقوات الامريكية. دولة مثل المملكة العربية السعودية وصل متوسط الدخل السنوي للمواطن فيها حوالي ثمانية وعشرين الف دولار، انخفض حالياً الي اقل من سبعة الاف دولار في افضل التقديرات، بينما وصلت ديون الدولة الي مئتين وخمسين مليار دولار، ووصلت معدلات البطالة الي حوالي ثلاثين في المئة، وعندما تحاول مجموعة من المواطنين الاحتجاج تقابل بالقمع والاعتقالات والاتهامات بالخروج عن طاعة اولي الامر، وتواجه بتطبيق حد الحرابة اي القتل بحد السيف لانهم من المفسدين في الارض. الرئيس حسني مبارك يسقط علي المنصة وهو يلقي خطابه في مجلس الشوري، ويخرج علينا وعاظ السلاطين ليؤكدوا ان الرجل سليم معافي، ويعاني من زكام بسيط، وسبب انهياره عائد الي تعاطية جرعات اضافية من المضاد الحيوي. ويذهب وزير الاعلام المزمن الي ما هو ابعد من ذلك في النفاق عندما يفتي بان الرئيس كان صائماً. ونسي الوزير نفسه انه قال ان الرئيس أخذ جرعات من المضادات الحيوية، فكيف يكون صائماً، وفي الوقت نفسه يتعاطي حبوباً وادوية. وأي زكام هذا الذي يعالج بجرعات قوية من المضادات الحيوية.. افيدونا افادكم الله! اما رئيس فلسطين فليس افضل حالاً، فتارة هو مريض جداً، وتارة اخري يسحب مسدسه ويهدد بقتل نفسه، بينما ينشغل الورثة في الصراع علي تقاسم المناصب والسلطات، وكأن شارون لا يقتل اطفالاً، ويدمر بيوتاً ويفرض واقعاً علي الارض ببناء السور العنصري. في سورية صراع بين حرس قديم وحرس جديد وغياب كامل للحريات والتنمية. وفي لبنان حرب ضروس بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء. وفي الجزائر حرب اكثر ضراوة بين بوتفليقة وبن فليس. وفي المغرب هناك اجماع علي وجود فراغ في السلطة. وفي الاردن وزارة للشعب واخري موازية للبلاط. وامام هذه الاوضاع المتدهورة لا يوجد بديل آخر للعنف، وقد بدأ هذا العنف يطل برأسه بقوة في السعودية والمغرب، ويحصد ارواح عشرات الابرياء، وهناك من يقول بأنه زاحف نحو مصر ان آجلاً او عاجلاً. ويساهم تحالف السياسات الامريكية الاستفزازية مع الديكتاتوريات المحلية الفاسدة في ايجاد المناخ الملائم للعنف، فالاحتلال الامريكي للعراق، والدعم المطلق للارهاب الاسرائيلي في فلسطين اوجدا ظاهرة القنابل البشرية، والعمليات الاستشهادية، وهي ظاهرة امتدت الي استانبول وقبلها الرياض، وقطعاً ستتناسخ وتصل الي عواصم اخري. تنظيم القاعدة الذي هو أحد افرازات الديكتاتورية القمعية المحلية والاهانات الامريكية للعرب والمسلمين، بات مظلة، وايديولوجية تنضوي تحتها تنظيمات اسلامية صغيرة متطرفة تجد في العنف الدموي وسيلتها الوحيدة للتعبير عن احباطاتها ويأسها. قتل المدنيين عمل مدان، وجريمة لا يمكن تبريرها، ولكن من حقنا ان نسأل عما فعلته الانظمة لهؤلاء، هل حققت لهم حياة كريمة، وساوت بينهم امام القضاء وقطعت دابر الفساد، واوقفت التعذيب والاهانات في السجون والمعتقلات؟ الرئيس شيفاردنادزه اضطر في نهاية المطاف للرضوخ لمطالب الشعب، تماماً مثل سوهارتو في اندونيسيا، وماركوس في الفيلبين، والشاه محمد رضا بهلوي في ايران، وتشاوتشيسكو في رومانيا، ولكن الدكتاتوريين العرب يعتقدون انهم مخلدون في السلطة، ويرفضون الاعتراف بان هناك شيئا اسمه الشعب، ومن هنا يأتي الخوف من حمامات الدماء. كم كانت متواضعة الطائرة الرئاسية التي امتطاها الرئيس الجورجي وهو هارب من البلاد الي غير رجعة، بالمقارنة مع الطائرات الخاصة لرجال الاعمال، ولا نقول الزعماء العرب، وكم كانت صاخبة احتفالات الجماهير بانتصارها التاريخي في اطاحته من السلطة بالوسائل الديمقراطية! تري كيف سيكون حال الزعماء العرب اصحاب الطائرات الخاصة الفخمة وغرف نومها الفارهة، ودورات مياهها المذهبة، وهل سيجدون الوقت لامتطائها والمغادرة بامان الي منافيهم المريحة، حيث اودعوا عشرات المليارات من الدولارات؟!

(المصدر: صحيفة  القدس العربي يوم 24 نوفمبر 2003)

Accueil

 

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.