السبت، 11 يوليو 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3336 du 11 .07.2009

 archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف:من يحمي الويغور المسلمين من حرب الإبادة؟
حــرية و إنـصاف:

مروة الشربيني ضحية الميز العنصري

سفيان الشورابي

:تونس بطلة القمع… الإلكتروني!

الحوار نت:العفو الدولية:حملة قمعية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في تونس

الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة تطاوين:بـــــيـــان

الشروق:كاتب عام النقابة العامة للمعلمين لـ ?الشروق?: أيدينا مفتوحة للحوار

الأستاذ سيف الدين مخلوف :ما لم أقله في الجلسة العامة للهيئة الوطنية للمحامين

الوطن:أخبـــــار ليست للنشــــــــــر

سوسن الراجحي:عن فضيحة « الصباح » و حوار أزنافور الوهمي:الملف الأسود لصحافة السرقة والانتحال والحوارات الوهمية

خميس الخياطي: »مئوية لوصيف وجرمانة في صيف 2109!!!  »

جيلاني العبدلي:وطن وبوليس ورشوة (4) تونس في مفترق السيدة المنوبية

مراد رقية:رسالة الى وزير الثقافة والمحافظة على التراث

الوطن:ندوة حول « البلديات في الجنوب الغربي »:لماذا التهميش والإقصاء؟

الصباح:التلوث الغذائي.. لدغات العقارب ومحاولات الانتحار… في قفص الاتهام

الصباح:الخلاعة، رمضان والعودة المدرسية:مصاريف الصيف تستنزف ميزانية الاسرة.. و(الحل) في التداين

الوطن:في المهرجانات الصّيفيّة:والصورة المشوّهة لثقافة الشّباب

الصباح:ملاكم تونسي محترف بألمانيا متهم بالتحيّل

الوطن:قراءة في ندوة: الإعلام وتحديث المجتمعات العربية الإسلامية أوعن أي إعلام نتحدث؟

علي بوراوي:أحنّ إلى نخلتي( شعر )

المنصف زيد:يا أبتي يا وطني في وجْدِي( شعر )

ميدل ايست اولاين:اعمال شغب تدفع فرنسا الى التحقيق في مقتل مهاجر بين يدي الشرطة

رجب الباسل :الإخوان وسيناريوهات المستقبل

محمد زاهد جول:الإسلام السياسي والديموقراطية: قراءة في التجربتين الإيرانية والتركية

العرب:مباحثات مصرية إسرائيلية حول صفقة تبادل الأسرى

عدنان أبو عامر :السيناريو الإسرائيلي لضرب إيران (تقدير إستراتيجي)

طلعت الرميح:المقاومة.. والتغييرات الدولية

توفيق المديني:لعنة النفط في نيجيريا

مهنا الحبيل :ساركوزي المتطرف.. هل قتل مروة المحجبة؟


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  جانفي 2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm         فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm            أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm ماي 2009:https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm


أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 18 رجب 1430 الموافق ل 11 جويلية 2009

من يحمي الويغور المسلمين من حرب الإبادة؟


عاشت أورومتشي عاصمة إقليم شينغيانغ الأسبوع الماضي أعمال عنف خطيرة خلفت آلاف القتلى والجرحى والمعتقلين، وقد بدأت هذه الأحداث باشتباكات بين قبيلتي الويغور (مسلمون يمثلون أغلبية سكان الإقليم) وقبيلة الهان (أقلية في الإقليم وهم الأغلبية في الصين) ثم تطورت الاشتباكات بتدخل قوات الشرطة والجيش الصينيين الذين داهموا مساكن الويغور وقاموا باعتقالات عشوائية شملت الآلاف من الشبان كما أغلقوا المساجد ومنعوا المصلين من الوصول إليها. وحرية وإنصاف 1)    تدين بشدة عدم احترام حقوق الأقلية المسلمة في الصين والمساس بمقدساتها وغلق مساجدها كما تدين الاعتقالات العشوائية التي طالت أفراد الويغور. 2)  تدعو السلطات الصينية إلى احترام حقوق المسلمين في إقليم شينغيانغ وعدم المس بالخريطة الديمغرافية للسكان لصالح الهان. كما تطالب بمعاملة سكان الإقليم بنفس معاملة الأقاليم الأخرى وعدم تهميشه.     عن المكتب التنفيذي للمنظمة المكلف بملف قضايا التحرر في الوطن العربي وفي العالم الأستاذ حاتم الفقيه  


أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 18 رجب 1430 الموافق ل 11 جويلية 2009

مروة الشربيني ضحية الميز العنصري


في غرة جويلية 2009 ارتكب ألماني متطرف جريمة بشعة عندما انهال على المواطنة المصرية مروة الشربيني (32 عاما) الحامل في شهرها الثالث داخل قاعة محكمة دريسدن طعنا بالسكين أثناء النظر في استئناف لحكم صادر لصالح المواطنة المصرية يقضي بدفعه غرامة قدرها 2800 يورو بعد ثبوت تهمة الإهانة ضده. وقد كان هذا المتطرف ارتكب جريمة أولى في حق هذه المواطنة المصرية عندما نعتها بالإرهابية بسبب ارتدائها للحجاب. وحرية وإنصاف: 1)تدين بشدة مقتل المواطنة المصرية مروة الشربيني وتتقدم بأحر التعازي لعائلتها راجية من المولى العلي القدير أن يسكنها فسيح جناته وأن يتغمدها برحمته ويرزق أهلها بجميل الصبر والسلوان. 2)تعتبر أن هذه الجريمة عنصرية وتطالب بإنزال أقصى العقوبات على مرتكبي مثل هذه الجرائم.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


تونس بطلة القمع… الإلكتروني!


أطلقت عشرات المدوّنات التونسية بداية الشهر الجاري حملةً أُطلق عليها اسم «التدوينة البيضاء»، احتجاجاً على الرقابة الإلكترونية الممارسة من أجهزة الحكومة التونسية وبهدف المطالبة بتحرير الإعلام الإلكتروني من سلطة الرقيب. وطيلة يوم الأول من تموز (يوليو)، اعتمد المدوّنون التونسيون مختلف الوسائل بهدف التعبير عن رفضهم لإغلاق المواقع من خلال نشر صور كاريكاتورية ونصوص ساخرة عن الجهة التي تراقب المواقع والمدونات الإلكترونية الناشطة كثيراً داخل تونس. هكذا، كتب صاحب مدوّنة «لاعب النرد» باللهجة التونسية عن الدوافع التي تقف وراء لجوء الدوائر الحكومية إلى حجب المدونات، وقال «إن السلطة السياسية قررت أن المواطن غير مؤهل لاتخاذ قرار بسيط، وهو من أين سيحصل على المعلومة؟»… وعموماً، يشتكي المدونون التونسيون وأصحاب المواقع الإلكترونية من عمليات الحجب التي تطال فضاءاتهم الإعلامية وتتضمن عادة أنباءً وتحاليل تخرج عن نطاق الرؤية الرسمية. وكثيراً ما يبرر الطرف الحكومي منعه للمتصفحين التونسيين من الولوج إلى عدد من المواقع الإلكترونية بأنها تنشر مواد مخلّة بالآداب أو أنّها تحرّض على القيام بأعمال إرهابية. غير أن عملية جرد بسيطة لقائمة المدونات والمواقع التي تُحجب، تُظهر أن معظمها مواقع ذات صبغة سياسية أو أنها تحتوي على معلومات وأخبار عن نشاطات لأحزاب معارضة أو جمعيات مستقلة. ووصلت حدود إجراءات الحجب لتمس مواقع مشهورة مثل «يوتوب» و«دايلي موشين» اللذين من المعروف عنهما أنّهما يتبعان سياسةً صارمةً في خصوص المواد المسموح نشرها على صفحات موقعيهما، وبالتالي لا يمكن السلطات التونسية اتّهامهما بنشر مواد «مخلة بالآداب» أو «تشجّع على الأعمال التخريبية والإرهابية». المدونة «ولادة» توجهت إلى الرقيب الافتراضي وكتبت: «أقول لك إنك أول شخص خرق الدستور الذي يخوّل المواطن التعبير عن آرائه بالوسائل المتوافرة ما لم يكن فيها مساس بأمن البلاد». هذا وكان تقرير قد صدر أخيراً عن منظمة «مراقبون بلا حدود» ومقرّها باريس صنّف تونس ضمن قائمة أبرز الدول التي تعادي خدمات الإنترنت. والتقرير ليس الأول من نوعه الذي ينتقد السلطات التونسية بسبب قمعها المستمرّ للمواقع والمدوّنات. وكانت «مراسلون بلا حدود» قد صنّفت النظام التونسي من بين أبرز أعداء الإنترنت، وانتقد التقرير الصادر عنها بداية العام الحالي، الرقابة المفرطة التي يفرضها النظام على مقاهي الإنترنت وعلى مضمون مختلف المواقع، وخصوصاً تلك التي تتعاطى الشأن السياسي، أو التي تنشر آراءً سياسية معارضة لنظام الرئيس زين العابدين بن علي.
 
سفيان الشورابي http://www.al-akhbar.com/ar/node/146758
(المصدر: صحيفة « الأخبار » (يومية – بيروت) الصادرة يوم 11 جويلية 2009)  

 

العفو الدولية:حملة قمعية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في تونس

 


  خاص بالحوار نت /  لندن  /  أصدرت منظمة العفو الدولية يوم الثلاثاء الماضي 7 جويلية بيانا تعرضت فيه للحملة القمعية التي يتعرض لها نشطاء حقوق الانسان في تونس و عبرت المنظمة عن قلقها لتزايد أعمال العنف ضد المدافعين عن حقوق الانسان مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تونس في شهر اكتوبر القادم  » حيث شهد الشهر الماضي أعمال عنف ضد المدافعين عن حقوق الانسان بمن فيهم المحامين والصحافيين  » وأكدت المنظمة في بيانها  » أن حرية التعبير وتكوين الجمعيات وحق التنظم والاجتماع هي الشروط الأولية لادارة حوار حر لا غنى عنه في فترة ما قبل الانتخابات ولا يجب بأي حال ان يمنع نشطاء حقوق الانسان من الحديث عن وضع حقوق الانسان في البلاد » ودعت المنظمة السلطات التونسية لوضع حد للاعتداءات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الانسان والسماح لهم بحرية التنقل ومناقشة أوضاع حقوق الانسان بكل حرية وعددت المنظمة اشكال المضايقات التي يتعرض لها نشطاء حقوق الانسان في تونس فذكرت منها المطاردة والمراقبة المكثفة لمكاتبهم ومنازلهم فضلا عن قطع خطوط الهاتف والانترنات واشارت المنظمة أيضا إلى المضايقات التي يتعرض لها ضحايا انتهاكات حقوق الانسان عندما يرغبون في الاتصال بنشطاء حقوق الانسان أو المحامين ويتعرض المحامون كما ذكرت المنظمة في بيانها لعمليات تشويه إعلامي من قبل الإعلام الذي تسيطر عليه الحكومة كما ذكرت المنظمة  » أن المنظمات الحقوقية المستقلة تُمنع من التسجيل القانوني وتواجه إجراءات قانونية ذات دوافع سياسية تشل حركتها وأنشطتها. وذكرت المنظمة أن الأسابيع الماضية شهدت اعتداءات مكثفة على نشطاء حقوق الانسان حيث منع يوم 1 جويلية لطفي العمدوني عضو منظمة العفو الدولية من مغادرة منزله للمشاركة في اجتماع الجمعية العمومية لمنظمة العفو الدولية حيث رابط 5 اعوان من ضباط أمن الدولة حول منزل العمدوني وأبلغوه أنهم ينفذون أمرا بمنعه من المشاركة في الجمعية العمومية ومازال منزل العمدوني تحت المراقبة الى اليوم كما تعرض أفراد عائلته إلى الترهيب كما أشارت المنظمة للإعتداء الذي تعرض له المحامي عبد الرؤوف العيادي والمحامية راضية النصراوي والأستاذ عبد الوهاب معطر عند عودتهم من مؤتمر للمهجرين التونسيين في جينيف يوم 23 جوان حيث تعرض العيادي 59 سنة للضرب والركل بعد سقوطه على الأرض ثم حمله أربعة أعوان إلى مكتب أمن المطار للتفتيش والتحقيق وقد تمزقت ملابسه وكانت ركبته تنزف وقام أحد ضباط الأمن بليّ ذراع المحامية راضية النصراوي ورمى هاتفها المحمول أرضا عندما حاولت مخاطبة زوجها كما تعرض بيان المنظمة للاعتداء الذي تعرض له عمار عمروسية من قبل 6 ضباط من أمن الدولة في مدينة قفصة عندما قام بزيارة زوجة سجين الرأي عدنان الحاجي كما منع بالقوة من لقاء محاميته راضية النصراوي يوم 21 ماي الماضي كل هذه الأحداث تقول المنظمة  » هي جزء من أنواع الانتهاكات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الانسان بمن فيهم المحامون والصحافيون وغيرهم من نشطاء حقوق الانسان الذين يتجرؤون على انتقاد الوضع السياسي القائم في تونس » وعبرت المنظمة عن انشغالها  » رغم تصريحات السلطة العلنية باحترامها لحقوق الانسان لتزايد الانتهاكات في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بهدف اسكات صوت المعارضة والأصوات التي تنتقد وضع حقوق الانسان في تونس » ودعت المنظمة السلطات التونسية  » للوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 8 من الدستور التونسي والمواد 19و21و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الحكومة التونسية ويتضمن ضمان حرية التعبير وحق التنظم و الاجتماع وتكوين الجمعيات » وحثت المنظمة السلطات التونسية على  » التوقف فورا عن قمع المعارضين وترهيب المدافعين عن حقوق الانسان » (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ  10 جولية 2009)  
 


الحزب الديمقراطي التقدمي  جامعة تطاوين  بـــــيـــان  

عقدت جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بتطاوين اليوم 07/07/ 2009  اجتماعا بمقرها بالجهة لتدارس ما تعرض له وفد الحزب برئاسة الأخت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب من اعتداء وحشي أثناء زيارته لعائلة الأخ وحيد ابراهمي عضو الحزب بعد إطلاق سراحه من السجن  بعد انتهاء محكوميته.                                                                        إن جامعة الحزب الحزب الديمقراطي التقدمي بتطاوين تعتبر الاعتداء الذي تعرض له وفد الحزب مؤشرا على تصعيد خطر في تعاطي الحكم وحزبه مع المعارضة ،عشية الانتخابات،ودليل انتقال  إلى طور جديد اعنف في مسار خنق كل صوت اختار نهج المعارضة الحقيقية والنضال من أجل الحرية والتصدي لمحاولات الحكم القضاء على كل ما أنجزته تضحيات الأجيال المتعاقبة من المناضلين في سبيل الحرية والمواطنة والديمقراطية، كما ترى في هذا الاعتداء صورة ومثالا لما ينتظر المعارضين أثناء الانتخابات القادمة إذا ما تمسكوا بحقهم في إبلاغ صوتهم إلى الناخبين وحقهم في مراقبة سير الانتخابات في مختلف مراحلها.                                                                                                      وجامعة تطاوين للحزب الديمقراطي التقدمي،إذ تدين هذا الاعتداء الهمجي، فإنها :              -تؤكد مطلق تضامنها مع الإخوة الذين تعرضوا للاعتداء، والتزامها بالنهج الذي سطره الحزب في مؤتمره ولجانه المركزية الأخيرة ، وتعلن استعدادها للدفاع عن حرمة رموز المعارضة ومناضليها الجسدية،وحقهم في التعبير بكل وسائل الكفاح السياسي السلمي المدني،لا يثنيها عن ذلك تضييق أو حصار أو منع أو تلويح بالهراوة والحجارة والميليشيا.                                                                                                                                                                                              -وتدعو الحكم إلى الإقلاع عن مثل هذه الأساليب التي ثبت عقمها في مراحل سابقة من  تاريخ البلاد،بل ساهمت في نزع شرعية الحكم آنذاك،وتطالب بمعاقبة المعتدين و المحرضين أيا تكن صفتهم.                                                                                                                                                 -وتدعو السلطة إلى تنقية الأجواء،وقد قرب موعد الانتخابات،بإطلاق سراح كافة مساجين الرأي،والكف عن هرسلة منظمات المجتمع المدني المستقلة،والقيام بخطوات فعلية جديدة في اتجاه تطوير الحياة السياسية و توسيع مجال الحريات.                            عن جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بتطاوين الكاتب العام مصباح شنيب

كاتب عام النقابة العامة للمعلمين لـ ?الشروق?: أيدينا مفتوحة للحوار


* تونس (الشروق) في أول حديث صحفي يدلي به منذ انتخابه على رأس نقابة المعلمين ـ أكبر نقابات الاتحاد العام التونسي للشغل ـ كشف حفيظ حفيظ كاتب عام النقابة العامة للتعليم الأساسي عن برنامج عمل المكتب الجديد وعن موقعه كمنسق لهذا المكتب. حفيظ حفيظ كشف موقف المكتب الجديد من كل الملفات القائمة وبيّن بوضوح ضوابط العلاقة مع المركزية ومع وزارة الاشراف. الشروق تنفرد بنشر أول حديث مع الرجل القوي في قطاع التعليم الأساسي. * حاوره: سفيان الأسود * بعد انتخابكم بأغلبية كبيرة في المؤتمر الأخير ما هو برنامج عملكم داخل المكتب علما وأن المكتب يضمّ أطرافا أخرى غير حليفة لكم؟ ـ إن المؤتمر الثالث والعشرين للنقابة العامة للتعليم الأساسي لم ينتخب حفيظ حفيظ بل انتخب قائمة التفّت حول برنامج عمل داخل القطاع والمنظمة وترجمته أرضية نقابية تحت شعار ?التحالف النقابي التقدّمي? وما احتوته هذه الأرضية من مواقف تتعلق بـ: أ ـ الالتزام المبدئي والثابت بنضالية قطاع التعليم الأساسي واستقلالية قراره والتمسّك بدوره الفاعل في الحياة الاجتماعية والسياسية بالبلاد. ب ـ إرساء ثقافة نقابية نضالية داخل القطاع. ج ـ حقّ القطاع في تقرير مصيره بإرادة مناضليه. د ـ عدم السّماح لأي كان بالتدخل في شؤون القطاع الداخلي تحت أي شعار كان. إن هذه الأرضية العامة التي تلتقي مع محتويات لوائح المؤتمر هي برنامج المكتب الجديد وهي مضامين أجمع عليها نواب المؤتمر واختاروا بكل ديمقراطية الأغلبية التي يمكنها إنجازها ومن موقعي كمنسّق لهذا المكتب سأسعى مع زملائي الى تكريسها. * كيف ترى تعامل النقابة مع سلطة الاشراف مستقبلا؟ ـ إن النقابة العامة للتعليم الأساسي هي إحدى نقابات الاتحاد العام التونسي للشغل ونقابتنا العامة لها تقاليدها: تقدم البدائل، تتفاعل كعادتها مع الطرف المقابل باعتبارها شريكا فعليا في كل ما يخص مصالح منخرطيها ولكنها كما عوّدنا أسلافنا لن تتنازل عن مكاسبها وثوابتها، تتعهد بالتزاماتها وبما أمضته من اتفاقيات وتدعو سلطة الاشراف الى التعامل معها بنفس المنطق. إن القطاع في هذه المرحلة غير مستعد الى الخوض في تطبيق ما توصّل إليه مع سلطة الاشراف من اتفاقيات ويطمح الى تحقيق مكاسب جديدة من شأنها أن تمثل حافزا لكل المعلمين كي يرتقوا بالعملية التربوية فالنقابة العامة للتعليم الأساسي هي ممثل لكل المعلمين ووزارة التربية والتكوين هي مشغّلنا ونحن أيدينا مفتوحة للحوار والتعامل المشترك ولكن تبقى مصالح منخرطينا فوق كل اعتبار. * ما هي في نظركم أهم المطالب والرهانات المطروحة على القطاع؟ ـ أولا: لقد مرّ القطاع مع سلطة الاشراف بأزمة منذ 2006 لذلك خضنا إضرابات متعددة توّجت باتفاقية 12 ماي 2009 التي نعتبر تحقيقها والالتزام بها من الأولويات الرئيسية والمتعلقة بتشريك النقابات جهويا ووطنيا في كل ملفات المعلمين وخاصة: الحركة ـ إسناد الادارات ـ تحديد المدارس الريفية ـ انتداب النواب. ثانيا: التزام الوزارة بتعهداتها السابقة، ضروري وطرح ملفات لا تزال عالقة وأهمها: ـ تمكين معلمي التطبيق من التدريس 20 ساعة أسبوعيا. ـ تنظير أساتذة التعليم الابتدائي بنظرائهم في الثانوي. ـ تعميم المنح الجامعية والسكن الجامعي لكل أبناء المعلمين. ـ فتح الآفاق العلمية لكل المعلمين. ـ تحسين شروط الارتقاء الى رتبة معلم تطبيق أول بتخفيض الأقدمية في رتبة معلم تطبيق بـ8 سنوات والعدد الصناعي بـ16. ـ إقرار الأسبوع المغلق خلال الامتحانات الثلاثية. ـ ترفيع منح تكاليف العودة المدرسية لترتقي الى راتب شهري يصرف لكل العاملين بالقطاع في مفتتح كل سنة دراسية سواء كانوا مباشرين في القسم أو مكلفين بإدارة أومساعدين بيداغوجيين. ـ تحسين ظروف عمل المدرسين من حيث إلغاء نظام الفرق وتجهيز المدارس بكل وسائل العمل وتعيين قيمين وتعميم مساعدي المديرين بكل المدارس. أما المسألة الأساسية بالنسبة الى القطاع فتتمثل في ضرورة تشريكه في كل الخيارات التربوية من مناهج ومحتويات والنقابة بكفاءة منخرطيها قادرة على توفير بدائل تتماشى مع هويتنا وواقعنا ومنفتحة على كل الحضارات الانسانية فالمعلم هو محور العملية التربوية ولا مجال لإبعاده في خيارات سينفذها. * يقرّ البعض بوجود حساسيات سياسية منظمة داخل مكتب النقابة، كيف تردّ على هؤلاء؟ ـ الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة جماهيرية وديمقراطية يضمن قانونها الأساسي ونظامها الداخلي انتساب كل الشغالين في صلبها مهما كانت توجهاتهم ورؤاهم السياسية وهي من عوامل قوة الاتحاد.. نعم نقابتنا تضم حساسيات متعددة لكنها تؤمن بالعمل النقابي وتلتزم بضوابط المنظمة وهو ما ساهم في إثراء تجارب القطاع ومواكبة إنجازاته وهو عامل يميّز كل قطاعات المنظمة وجهاتها ويضمن تعدد الآراء والمواقف التعمّق في كل الملفات والتوصل الى توافق يخدم مصالح المنخرطين. * كيف ستكون علاقتكم مع المركزية النقابية؟ ـ المركزية النقابية هي قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل وهي منتخبة في مؤتمر ديمقراطي تضمن قرارات ولوائح ونحن مدعوون جميعا الى تنفيذها والالتزام بها ونحتكم في علاقاتنا الى القانون الأساسي والنظام الداخلي للمنظمة، لنا واجبات تجاهها وحقوق عليها. نحن لسنا كنفدرالية بل نقابة من نقابات الاتحاد شعارنا التضامن النقابي والعمل المشترك في كنف الاحترام المتبادل لكن في نفس الوقت نؤمن باستقلالية مواقف القطاع ونستميت من أجل ثوابت المنظمة. (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية يوم  الاربعاء 11 جويلية 2009)  

ما لم أقله في الجلسة العامة للهيئة الوطنية للمحامين


بقلم: الأستاذ سيف الدين مخلوف   في ماهية الجلسة العامة جلسة يوم 4 جويلية كانت جلسة عادية وتقييمية بمعنى أنها كانت جلسة محاسبة وحسب، ولم يكن لها من مهام أخرى سواء انتخابية أو تشريعية، وبناء عليه فقد كنت أنتظر بحماسة أثر سيلان سيولة المحامين هباء في مصاريف العميد وسفرات العميد وهاتف العميد وسيارة العميد وسائقي العميد وميكانيكي سيارة العميد ومعينات كراء سيارة أخرى للسيد العميد… كما كنت أنتظر محاسبة صادقة وجادة لسنة من عمل مجلس الهيئة الموقر حفلت أشد ما حفلت بحرب النجوم والبيانات والبيانات المضادة، والاتهامات الخطيرة بسوء التصرف في أموال المحامين وصندوق تقاعدهم، وما قابلها من اتهامات مضادة بالمغالطة والتظليل وافتعال الأزمات في إطار الحملات الانتخابية المبكرة، لكن ما حصل لم يكن ما توقعته آملا بل كان ما توقعته واقعا، اصطفاف – بحماسة مفرطة – وراء العميد بمنطق من لا يُسأل عما يفعل، ومن ليس معه فهو ضده، فهو الرمز الذي لا يُطال، وأن من يُسائله يحمل ضرورة أجندة في أدناها انتخابية وفي أقصاها سياسية خبيثة. وبمقابل هذا الاصطفاف اصطفاف آخر، فسيفساء من التوجهات والأطياف تتعقب زلات العميد وكبواته بأشكال عدة فيها اللايت خوفا على مستقبل الكيان وطمعا في تسوية المسار، وفيها المتشدد إلى حد تذييت القضية في إطار تجاذبات المرحلة وحالة ليّ الذراع بين العميد وبعض الزملاء والتي بلغت في مواطنَ حلبات القضاء، في صلاحيات الجلسة العامة والجلسة العامة – كما يقولون – سيدة نفسها، وكان يمكن انتهازها لضبط الإيقاع وتعديل البوصلة عبر مقترحات عملية تفرض بالتصويت سرا أو علانية، تنتهي إلى ضبط سقف  » لأتعاب  » العميد ونفقات المجلس، بيد أن التجاذبات والتشنج الذي اعترى المداخلات، واعتماد نظرية نسبية الزمان الاينشتاينية في تقسيم الوقت بين المتدخلين حسب قاعدة : للموالي مثل حظ المعارضَيْن وأكثر أحيانا، كما أن الرغبة في الخروج من الجلسة بأخف الغصرات وأقل الصفعات كان محددا في تسرع العميد في طي مراحلها طيا، وصولا إلى عملية التصويت الكرنفالية في مشهد تزكية أخفت فيه الأكمة ما أخفت بين الحلفاء المتربصين .. في الدورة. في التطوع أو التكليف والتشريف و » العميد يصرف أكثر من فرع سوسة  » قالها زميل ونزل، فضحك منها من ضحك وحنق منها من حنق، لكنها حقيقة .. والقول فيها أن العمادة في أصل الأمور شرف يُراد وهيبة تُمنى، ويُصرف لأجلها الغالي تتويجا من طالبها لحياته المهنية بلقب يبقى وسمعة ترقى، وليست أبدا وظيفة يأتيها الراكضون وراء لقمة العيش وملء الجيوب. وعليه فليس من طبيعة الأمر تخصيص ما يمكن من حل كثير من مشاكل المحامين لفرد واحد جاءها أول الأمر خاطبا وعارضا الغالي والنفيس، وليس أبدا من الحكمة أن يصير الخطيب عبئا على دار الأنساب يؤكلونه ويشربونه ويدفعون له بسخاء من مدخرات رجال العائلة وتحويشات نسائها. وكل شيء دخل جمجمتي إلا فواتير هاتف العميد.. أكثر من 15 مليون لهاتفه المحمول .. جوا،.. هل سأسأل عما قدم لنا به ؟ .. أم سأسأل كيف تمكن من صرفها ؟ .. حذار فعصب السمع مرهف جدا وبعزقة أموال المحامين رغما عن قلوبهم حرام شرعا ومضر بالسمع. وللسيد العميد ما فاق 32 مليون منحا لسفره خارج الوطن .. ما عادل 2666 دينار مشاهرة و89 دينار كل صباح، والقانون يمنع الجمع بين مهنة المحاماة وغيرها، والجمع في الحقيقة أهون. وليس من المريح سرد بقية الأرقام عن تذاكر العميد و جوالات العميد ومصاريف تنقل العميد ومبيت العميد وطبع بيانات العميد وقيمة إرساليات العميد التي تبشرنا أحيانا بأخبار حوارات العميد وجلسات العميد.. قلت ليس من المريح لأن السؤال الأكثر جدية حقا هو الآتي: هل أن العميد متطوع أم موظف ؟ فالمتطوع يصرف من جيبه على كل ما ليس للمحامين فيه نفع، بل ويتعفف حتى عما قد يضر بميزانية منظوريه مما قد يعود عليهم نفعا.. والعميد ليس معوزا حتى يجعل من خزينة الهيئة دجاجة تبيض له ذهبا كلما أراد شيئا أدخل يده فيها وأخرج منها ما شاء ثم يُمضي وحده على ورقة كُتب في ثناياها صك مغفرة مفاده  » سحب نقدا « ، من دون أن تجد للرقيب ولا للحسيب أثر،.. والعميد ليس متفرغا للعمادة، فملفاته – كثرها الله – تملأ المحاكم، وليس به حاجة لإفساد تطوعه، ونسيان برنامجه الانتخابي.   في فزّاعة المؤتمن العدلي والجلسة العامة حملت لغة جديدة من طابور العميد مفادها أن من يروم محاسبة العميد لا يريد في الحقيقة سوى جر السلطات إلى افتكاك  شؤون التصرف في أموال الهيئة وميزانية الصندوق وتنصيب مؤتمن عدلي عليها.. وفي هذا القول تسطيح للوعي وتهميش للقضية بيّن.. فقد صور طارحوه المعادلة بقطبين لا ثالث لهما: إما سوء التصرف وبعزقة الأموال .. أو المؤتمن العدلي. وللحقيقة وجه ثالث يشبه مقولة المنزلة بين المنزلتين: إنها حق وواجب المحاسبة .. ثالثة الأثافي في معادلة حسن التصرف ونجاح المساعي، والمحاسبة مهما كانت قاسية شرط أكيد لاستواء السفينة وبلوغها المرام وشاطئ السلام برصانة ووثوق، وفي غياب المحاسبة يكون حتما سوء التصرف – ولن أقول الفساد – ويكون حينها المؤتمن العدلي مناعة وليس فزّاعة كما يراد تصويره، ففي أقصاه لن يتكلف المؤتمن على الميزانية عُشر مِعشار ما يتكلفه العميد في غياب الحسيب ( رغم أنني كما الجميع نرفض حتى مجرد الحديث عنه ) في الواجبات الأكيدة لمجلس الهيئة والجلسة العامة رحلت رتيبة كئيبة عاقرا وأورثت لمجلس الهيئة نفس الهموم ونفس المشكلات ونفس الوجوه،.. بيد أن الأمل لا يزال يشع، فللمجلس صلاحيات عظمى في ترتيب البيت، ويمكن له فرض النظام من جديد عبر التحديد العاجل لسقف نفقات العميد وأعضاء المجلس، والمسارعة على الأقل بتنفيذ توصيات التقرير المالي لضبط النفقات، ومنها ما أقترحه من تخفيض منحة السفر إلى النصف وتحديد سقف لها لا يزيد عن مبلغ محدد مثل 5 أو 10 آلاف دينار – وهو كثير لسفرات أقر التقرير المالي بمحدودية المصلحة منها – كما أقترح ترشيد نفقات التنقل والهاتف بتحديد سقف 300 دينار بنزين شهريا و100 دينار هاتف – كي قدر ربي – وفرض الإمضاء المزدوج ومنع العميد من التعامل نقدا وسحب الأموال بغير ما يفوض له وبغير موافقة المجلس وإمضاء أمينة المال. في من سيحضى بصوتي في رهان 2010 وصوتي كصوت الجميع سيغلى ثمنه هذا العام، وقد أصبح محبوبا وتكثر دعواتي وأسمع من أجله الغزل والمديح، لذلك فسأضع شروطا لكل من يخطب صوتي: فصوتي يحب القوي في الموقف المبدئي في قناعاته الأمين على حقوقنا العفيف أمام أموالنا المنتصر للحق الحكيم في الأزمات الشفاف في معاملاته، وصوتي لا يحب الهُمزة اللمزة ولا المنافق ذا الوجهين ولا الطعان من الخلف ولا اللعان للخصم ولا الفاحش البذيء، وصوتي لمن يلتزم احترام عقلي ووعيي ولمن يكون لي نصيرا وعليّ رحيما، ولمن يبيع الغالي من أجلي ولا يبيعني بثمن بخس، ولمن يجعلني أنحني لهيبته ولا أشمئز من رؤيته. فليس لصوتي قيمة في بلدي إلا يوم اختيار عميدي ورمز مهنتي.. المهنة الأجمل في العالم.                                                                  ألا قد بلغت اللهم فاشهد  

أخبار ليست للنشر


  الخبر الأول : مشغل ثالث للهاتف يدخل السوق التونسية بعد جدل و حديث طويل و إشاعات منها ما صدر في الصحافة الأجنبية و منها ما تناقلته الصحف المحلية والله أعلم مدى صحته. و لكن لماذا يتهافت القوم على هذا القطاع و لماذا تتشبث الحكومة بالتفويت في قطاع لا يعاني مشكلات؟ الكل يعرف مدى قدرة السوق على الاستيعاب و الحكومة تريد عددا أكبر من المشغلين .. !؟ الخبر الثاني : أقدمت الحكومة الليبية على فرض رسومات دخول على السيارات و الأفراد و رسومات خروج على المغادرين الذين تجاوزوا الفترة المسموح بها . لا نعرف مبرّر هذا القرار في هذا الظرف بالذات الذي يتحدث فيه الجميع عن التكامل و التعاون.     الأسواق التي تتزود بالبضائع من خلال التعامل مع ليبيا شهدت ركودا و نقصا واضحا سيؤثر       على الفئات المتعاملة معها و العاملة فيها . الخبر الثالث : ألعاب البحر الأبيض المتوسط و ما رافقها من ميداليات ذهبية و فضية و برونزية لم تخل من بعض الأحداث أهمّها هروب رياضيين بمجرد وصولهم الى الأرض الايطالية. كان إعلامنا يتندر ببعض الدول الأخرى في السابق و الآن لم نفهم الأسباب ! ؟ الخبر الرابع :  تحدّث الإعلام عن 16 مليون تركها ممرن الفريق الوطني لكرة القدم  كديون في أحد النزل التي أقام فيها لمدة و لم نسمع من الجامعة بقرار بتحمل المبلغ المذكور أو أن تخصمه من مرتبه.غير أن هذا السلوك ليس بغريب عن رياضة تحكمها الفوضى و يسود فيها الصياح و العويل. و لمن لا يصدق عليه أن يستمع إلى المذيعين و هم ينقلون المباريات و المسابقات الرياضية حتى التي لا تكون تونس فيها طرفا. قد يكون الأجر مرتبطا بالقدر الأكبر من الصياح و العويل ! ؟ الخبر الخامس : السادة الوزراء و كوادر التجمع يتنقلون في كل الولايات و في الخارج ليجتمعوا بالمواطنين و ليس بكوادر و هياكل الحزب الحاكم. برامج تلفزية تطل برأسها  قبل كل انتخابات لتمّجد و تعدّد الانجازات و تفرّق الهدايا هنا وهناك. معلقات و لافتات تزيّن الطرقات و الشوارع . ملفات حوارية يكون فيها الوزير محاضرا و ممثل حزب المعارضة مستمعا جيدا و إذا تكلم يكون المنشط جاهزا لقطع الكلمة. كل هذا و يقولون أن الحملة الانتخابية لم تبدأ بعد و يحكمها قانون يحدد بدايتها و نهايتها.. ! ؟ الخبر السادس : الانتخاب على ما نعلم عملية شخصية و سريّة لا يحقّ أن يقوم بها أحد نيابة عن الآخر و لا أغلبية نيابة عن أقلية و لا يسمح لأحد أن يتبجح بخياره الانتخابي للعموم و خارج اجتماعات الحملة الانتخابية المخصصة للأحزاب. أما  البرقيات الانتخابية التي ترسلها بعض المنظمات و الجمعيات التي تعقد لقاءات و مؤتمرات و اجتماعات  باسم منخرطيها و يتناولها الإعلام فرحا مسرورا فهي مخالفة للدستور و لسريّة الانتخاب و لتساوي الفرص بين المرشحين و لم نسمع بمثيلها في الدول الديمقراطية … !؟ (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 93 بتاريخ 10 جويلية  2009)  


عن فضيحة « الصباح » و حوار أزنافور الوهمي الملف الأسود لصحافة السرقة والانتحال والحوارات الوهمية


أثار الحوار الوهمي مع الفنان شارل أزنافور الذي نشرته جريدة الصباح وأمضاه الصحفي محسن بن أحمد، أزمة أخلاقية في المشهد الاعلامي في تونس وأثار العديد من التساؤلات بخصوص قضيّة الحوارات الوهمية التي يقوم بها صحفيون بغاية التميّز من جهة وكسب ثقة المدير من جهة ثانية. الأزمة الأخلاقية تجلّت في الحرج الذي أصاب ضمير الصحفيين والسمعة التي أصبحت عليها « الصباح » والصحافة عموما أمام الرأي العام، وفي الجدل الذي دار على الأنترنات بين مساند للصحفي محسن بن أحمد والتعاطف اجتماعيا معه وبين من أدانه واعتبره ارتكب جريمة وخطأ مهنيا فادحا ويجب أن يتحمّل مسؤوليته، بل هناك من ذهب إلى ضرورة أن لا يتحمّل المسؤولية بمفرده، وهنا على المجلس الأعلى للاتصال أن يفتح تحقيقا جديا في الموضوع وأن يتم الكشف عن كلّ القضيّة وخيوطها. أما من ناحية إرضاء المدير وجلب استعطافه فهي مهمّة أساسية لعدد من الصحفيين الذين أصبحوا معروفين في عالم الصحافة، والمتابع لقضية الحوار مع الفنان شارل أزنافور يلاحظ أن جريدة « الشروق » فجّرت الأزمة وفضحت ما نشرته وكالات الأنباء ويفهم ذلك أمام المنافسة الشرسة بين الجرائد اليومية المتسابقة وللمتأمل في تاريخ السرقات الصحفية والحوارات الوهمية، فإنّه سيجد بأنّ الصحفية فاطمة بن عبد الله الكراي- التي أصبحت رئيس تحرير الشروق التي كشفت للرأي العام فضيحة حوار أزنافور الوهمي- هي من أوّل من انتهج هذا الأسلوب، لذلك يمكننا أن نتذكّر تلك المقولة المأثورة « من كان بيته من زجاج فعليه ألا يرمي بيوت الناس بالحجارة »، فالصحفية فاطمة بن عبد الله سبق وأن أثيرت قضيّة سرقتها لتحقيق بأكمله أجراه الصحفي الهادي يحمد الذي أصبح يقيم في فرنسا، حول التونسيين المعتقلين في غوانتنامو، والذي نسخته الصحفية ونشرته في جريدة الوطن السعودية، بحذافيره وأخطائه وفواصله ونقاطه وأمضته تحت « تونس- من فاطمة بن عبد الله»  وتدخّلت جمعية الصحفيين وبدأت في إجراءات الفضيحة لولا تدخّل نور الدين بوطار لدى سفيان بن حميدة للتأثير على الهادي يحمد ليتنازل عن حقوقه، وفعلا تنازل عن حقوقه، ولكن السرقة قامت والفضيحة تدلّت كالنور اضافة الى الحوارات الوهمية التي أجراها والتي سنأتي عليها لاحقا بالدليل والبرهان في حلقات أخرى نعد بها في مرصد أعلن وسيعلن عنه من جديد. ولا يمكننا أن ننسى أيضا الحوار الذي أجراه المولدي مبارك الصحفي في لابراس وفي مجلّة الملاحظ سابقا، مع الفنان اللبناني وديع الصافي، ولكن الفضيحة تكشّفت وخرجت للعموم. كما لا تزال الذاكرة تسجّل السرقة التي ارتكبها رئيس تحرير جريدة لابراس نور الدين الحليوي في مقال حول الأزمة الاقتصادية، استولى عليه من موقع اقتصادي فرنسي، واكتفى بالامضاء باسمه. عدد من الصحفيين الذين سرقوا أو قاموا بحوارات وهمية مازالت الذاكرة لم تمحهم، ولعلّ « قائدهم» صالح الحاجة رئيس ومدير جريدة الصريح، الذي نشر في جريدته حوارات مع هيفاء وهبي ونانسي عجرم وفيروز ومحمّد حسنين هيكل ومحمّد البرادعي وظهر بأنّها كانت حوارات وهمية توضع باسم سمير الوافي الذي كان يستأجر منها، ومع ذلك لم نر أي تحرك من ادارة الاعلام وخاصة من المجلس الأعلى للاتصال، ليُفتح الملف الأسود لصحافة السرقة والانتحال والحوارات الوهمية.   سوسن الراجحي  

« مئوية لوصيف وجرمانة في صيف 2109!!! « 

خميس الخياطي سئل مرة الكاتب والمسرحي والفنان التشكيلي والسينمائي، العبقري الفرنسي « جان كوكتو » (1889 1963 ) عن رأيه في فيلم معين فأجاب: هو فيلم ركيك. قيل له: كيف ذلك وهو من إخراج فلان وتمثيل زيد وعمرو، هند وليلى و… قال: ورغم ذلك، فهو فيلم ركيك… قيل له: … والجمهور أحبه. أجاب كوكتو بكلمته الشهيرة: هو الوحيد الذي أحبه… هذا من جهة. من جهة أخرى، كنا في العام 1975 وفي مجلة « الوطن العربي » لصاحبها وليد ابوظهر قبل أن تنطلق في إصداراتها التي لم تتوقف حتى الآن… من بين الذين وجدوا لهم مكانا في المجلة، الباحث والمثقف المصري الراحل غالي شكري (صاحب دراسة « المنتمي » عن روايات نجيب محفوظ) وكان حينها من المشهورين في الوطن العربي بكتاباتهم المرجعية في مراجعة معطيات الثقافة العربية… علاوة عن عمله كمستشار سياسي لرئيس التحرير نبيل مغربي، كان غالي شكري رئيسا للقسم الثقافي بالمجلة… وكان من المقرر أن يلتقي أعضاء القسم الثقافي لوضع ومناقشة المواد الصحفية… إلا أن غالي شكري الذي كان مشغولا بأمر سياسي وليس بإمكانه التفرغ لنا قال كلمة اشتهرت فيما بعد وهي « الثقافة بعد الساعة السادسة والنصف مساء »… وكلنا يعرف أن تلك الساعة هي ساعة القهوة والشاي و »نصف البيرة »… من جهة ثالثة، زمن إدارة السيد زهير القمبري لقناة تونس 7، اجتمع مدير القناة بطاقمه الإداري لدراسة الشبكة البرمجية وكانت من بين الحاضرين المسؤولة عن البرامج الثقافية بالهجالة… وعند مناقشة الخطوط البرمجية، قام المسؤول عن معاينة البرامج وتساءل لماذا البرامج الثقافية كلها موجودة بعد منتصف الليل… وإن أظهر البعض من الحاضرين تعجبهم لهذا السؤال، فإن المسؤولة عن هذه البرامج، بكل وقاحة، وتقربا من مدير القناة أجابت قائلة: « وبعد واشنية المشكل، مانا نعرفو إللي المثقفين ما يفيقوا إلا بعد نص الليل؟ »… ونسيت مسؤولتنا المحترمة أن تضيف بأن مثقفينا من سلالة « دراكولا »، يمتصون دماء الشعب وبالمقابل كسولين في إذكاء مخياله… عهد الثقافة الخفيفة هذه الأحداث الثلاث تلتقي في نقطة واحدة فيما يخص بلادنا وهي أن الثقافة أصبحت اليوم في منتصف العام 2009 من مكملات المكملات وفي إمكان أي كان أن « يكمل عليها »… طبعا هناك وزارة مختصة في الثقافة، يحتلها وزير مثقف له معرفة بالثقافة، مارسها لفترة غير قصيرة ويحمل هموم فئة المثقفين في بلادنا. غير أن المثل القائل « العين بصيرة واليد قصيرة » يعبر أحسن تعبير عن منزلة هذه الوزارة وإمكاناتها في مخططات الدولة رغم كل الأبواق المهللة هنا وهناك من أن واحد في المئة من ميزانية الدولة تذهب للثقافة. وهو أمر صحيح من زاوية الحسابات ولكنه خاطئ من زاوية الواقع… طبعا هناك مدينة الثقافة التي تعول عليها السلطة لتحسين صورتها الثقافية أمام رواد شارع محمد الخامس من متساكني الفندق « النواسي » طالما أن الواجهة أصبحت اليوم بيت القصيد. وإن أراد مواطن تونسي من « ورى البلايك » مشاهدة فيلم أو مسرحية أو معرض تشكيلي ما، عليه أن يركب القطار السريع ويأتي لتونس العاصمة، فمدينة الثقافة مدينته… هناك شبكة المهرجانات التي تمتاز بها بلادنا ويحسدنا عليها القاصي والداني والتي منذ فترة أصبح يدير شؤونها مندوبو الثقافة بالولايات في نطاق اللامركزية… وكلنا يعرف استقلالية هؤلاء المندوبين عن الوالي والمعتمد الأول ورئيس لجنة التنسيق ورئيس الشعبة الذين يفهمون كلهم دون استثناء في الشؤون الثقافية لسبب إطلاعهم على ذوق مسيريهم، إن لم أكتب لسبب قولبتهم لذوق مسيريهم… وهو الأمر الذي أخضع مهرجاناتنا إلى منظوري الإنتاجية المكثفة والربحية السريعة كما لو كانت الثقافة بجميع مفاهيمها « البهيم القصير »، يمثل النقطة الأخيرة في البرامج الانتخابية المستقبلية أو حتى لا يوجد بتاتا في البعض منها… الدولة لم تكف عن إطلاق الاستشارات الوطنية في الكتاب والمطالعة، والمسرح، والموسيقى وغيرها من الميادين الثقافية دون أن ترى إسقاطا على الواقع… ورغم كل هذه النوايا الطيبة، بقيت الثقافة في بلادنا كما دار لقمان في أحسن الأحوال إن لم نقل كسروال عبد الرحمن،  » يشرب مع كل غسلة »…  وبالتالي، لا يجب أن نفاجأ من تفكير خريجي الـ »أل، أم، دي » من الشعب الألف وأكثر التي تسنها الدولة وتصوراتهم للعالم… فالتكوين الخفيف بثقافة خفيفة لا يمكن أن يعطي إلا مواطن « خفيف نضيف »، مواطن، عندما يأتي الدنك، لا يعرف إلا « ضرب الخفيف »… ثامر أفضل من مارسيل؟ يحسب لقناة « حنبعل تي في » أنها عن قصد أو غير قصد تضع مرارا إصبعها على البعض القليل من الجروح النازفة في الكيان التونسي… ومن البرامج التي تؤثث الشبكة الصيفية لهذه القناة والتي تدخل في الخانة المشار إليها سابقا برنامج حواري من إعداد وتقديم الأستاذ وليد الزراع بعنوان « بلا ريتوش » والذي استضاف في حلقته الأولى التي أنجزت في بنزرت الزميلة شراز بن مراد (أخبار الجمهورية) وكل من الزملاء لطفي لعماري (حقائق)، حسن بن أحمد (البيان) وصابر بن عامر (العرب)… موضوع الحلقة كان خارطة المهرجانات الصيفية وما جاء في المؤتمرات الصحفية من درر لمديريها… وما يمكن استخلاصه من هذه الدرر ليس فقط الهنات التي قد تطال هذا او ذاك من المهرجانات وهو أمر طبيعي ولكن التصور العام لما ألت إليه الثقافة في بلادنا… الدرة الأولى ما جاء على لسان بعض الزملاء حول المطرب « شارل أزنافور » – قبل فضيحة اختلاق الحديث معه من طرف يومية تونسية – من أن وجوده في حد ذاته في قرطاج غير مرغوب فيه لأنه « خرف » وان التونسي لم يعد يتذوق هذا الفنان… حينما نعلم أن مثل هذه الملاحظات أتت من صحفيين شبان يؤثرون في الراي العام يوميا، فمن المؤكد أنهم لم يخرجوا عن الروتانيات ومن المؤكد حتما أن الذوق خرج – بمعنى هج – من تونس… وكان رد الحاضرين إيجابي كقول السيد لعماري – على سبيل المثال – من أن « أزنافور من خيرة الفنانين، يحترم روحو، يحترم الجمهور… فهو يحمل القضية الارمنية » وهذا شرف لتونس ». ويزداد الطين بله حينما يصرح مدير مهرجان بنزرت « نتبع الجمهور اللي يجي لثامر حسني ولا إللي تطلبوا وسائل الإعلام؟ »… وهو سؤال وجيه ومحير لأنه على شاكلة « كلمات، كلمات، كلمات » للمرحوم هاملت…  إلا أن هذه الكلمات تنم عن إفكارية تسطيحية للجمهور وكأن الثقافة مرادفة للكبي والترفيه لا يأتي إلا مع غياب الذوق…  قد تطالب سلطات الإشراف المتعددة هذا المدير أن تكون حساباته مربحة وهو أمر طبيعي لأنها أموال عمومية، لكن هل من وضيفة المهرجانات بالأموال العمومية تشيىء الذوق وإشاعة قلة الذوق حتى تكون الحسابات قائمة على الصفر… وهو ما جعل كل من شراز بن مراد وصابر بن عامر يقارنان بين تأثير ثامر حسني ومارسيل خليفة ألإيراداتي. وكما قال لطفي لعماري في موضوع المئويات المتكاثرة هذه السنة « في العام 2109 سنحتفل بمئوية سمير لوصيف ولطفي جرمانة » إذا لم تتفطن السلط الثقافية أنها بهذا النهج تخرب البناء الثقافي الذي ثم تشييده منذ الاستقلال… درة أحرى تلك التي قالها لسعد بن عبد الله، مدير مهرجان الحمامات الذي تعلل باحترام لطفي بوشناق حينما لم يسأله هل من جديد في الحفل الذي سيحييه في الحمامات… وهو في ذلك مخطئ لأن لو احترم كل من بن عبد الله وبوشناق الجمهور، لكان البرنامج جاهز حتى قبل المؤتمر الصحفي وهو أمر لم نعهده من هذين الطرفين… الأمر ذاته طرح فيما يخص قرطاج وأمينة فاخت التي « تبعث الناس الكل يشيتو » وتغني بأغاني الأخرين… وهو ما دفع صابر بن عامر إلى طرح مسؤولية الفنانين أراء المهرجانات الكبيرة بالأموال العمومية خاصة حينما تهدى الحفلات لهذا الفنان أو تلك الفنانة لأن مسؤولا ما يعشق غناءها… وأضاف لطفي لعماري وهو محق في هذا أن « ربي عطى صوت كبير لفنانة صغيرة »… وطال الحديث البرمجة المهرجاناتية وبعض القفشات فيما يخص منع الفنانين من طرف المهرجانات من إعطاء المعلومة للصحفيين وكما قال صحفي : »هذي موضة كبيرة ولات عندنا… حجب المعلومة »… « بلاريتوش » وإن هو من البرامج الهامة فهو يتطلب نرفزة أكثر من المعد/المنشط إضافة إلى التحري مما يبث (صورة لجريدة المدينة السعودية) مع قليل من الاحترام من طرف المصورين في اختيار زواياهم… ماهذا يا لطفي؟ بثت القناة اليمنية حفلا وطنيا بعنوان « أوبريت يمن العرب » حضره عديد الفنانين العرب من أيهاب توفيق إلى حكيم وآخرون وأخريات لا اعرفهم/هن… من بين الذين غنوا في هذا الحفل مطربنا الوطني لطفي بوشناق… إلى حذا الحد المعلومة عادية، لقد عودنا بوشناق بحسه القومي العربي المتفاقم أنه « ملح ما يغيب على طعام » وتلك حريته… إلا أن هذا الاحتفال الذي شارك فيه بوشناق وضعته يدون شك « وكالة الاتصال الخارجي » اليمنية التي نسجت على منوال وكالتنا ودعت الفنانين ودفعت لهم… فغنوا لليمن كما غنوا لتونس وغدا سيغنوا للزمبابوي… وهذا كذلك أمر طبيعي… ما ليس طبيعيا هو أن جل الفنانين، ما عدا الخليجيين، لبسوا بدلا « مودرن » إلا بوشناقنا الذي اختار الأصالة… فلبس الكوفية والدشداشة وأضاف إليهما الجنبية، ذلك الخنجر المرشق على الحزام… لو لبس صاحبنا جبة تونسية وشاشية وبلغة، لقلنا أنه يمثل بلدنا لدى يمنيي علي عبد الله الصالح… لكنه اختار أن يكون يمنيا أكثر من اليمنيين… وهو في ذلك يزايد على القومية لا سيما والقصيدة التي غناها تنطبق على اليمن كما تنطبق على الصومال او دجيبوتي… مثال؟ هذا البيت « من أرض اليمن نهدي عقود الفل والريحان/ سلامي لكل أحبابي وكل الأهل والجيران »… لا يوجد شعر قومي أكثر حلمنتيشية من هذا وليس من حق لطفي بوشناق أن يدع صورته وصوته في هذا السيرك الصوتي اليمني العربي… خسارة.            (صدر بأسبوعية « الطريق الجديد »، العدد 136 بتاريخ 11 جويلية 2009  

وطن وبوليس ورشوة (4) تونس في مفترق السيدة المنوبية


بقلم: جيلاني العبدلي في حدود شهر أفريل من سنة 1982 ضبطتّ  موعدا في الكلية مع زميل لي، لأنسخ عنه المحاضرات الدراسية، استعدادا لإجراء الامتحانات الجامعية لدورة جوان. كان زميلي في الموعد، وأنجزنا عملية النسخ، ثم ودّعته وبين يديّ حمل كبير من المطبوعات، لم أحسب له حسابا، ولم أتسلّح لحفظه بحاوية، وغادرت متوجها إلى منزل خالتي، السجينة السياسية سابقا حدة العبدلي بمنطقة السيدة المنوبية، أين كنت أستقّر وقتها. ولما تجاوزت المفترق المحاذي لمعهد محسن العياري، اهتزّت نفسي لشخص أحكم قبضي من الخلف، قائلا:  » لقد وقعت ياابن ال…. » بلغة رقيقة انتحلها من أدب ما تحت الصرّة، وسرعان ما تبيّنت، أنه أحد عونين كانا بالمفترق ينظّمان حركة المرور، وكان يعتقد حين لمحني من بعد، أنّني أحمل مناشير سياسية، لتوزيعها في الأحياء الشعبية المترامية حول العاصمة.  خاطبني بخشونة وهو يرجّني بين يديه رجّا:  » هل بلغت من الوقاحة ما جعلك تروّج المناشير في وضح النهار وعلى مرأى من أعوان الأمن؟ » عجّلت بالإجابة لدفع الشبهة فقلت له: خذ، اقرأ ما في الأوراق، ودفعت بين يديه المحاضرات، فجعل يحرّك شفتيه محاولا القراءة، وأعاد ذلك مرات، ثم قلّب الصفحات: الأولى والثانية والثالثة والرابعة، ثم جعل يتمتم ويغمغم، ثم رفع رأسه برهة وهو يرمقني بنظرة توحي برغبة في السؤال، ثم عاد يلامس الأوراق وهو يتمتم ويغمغم، يحاول القراءة من جديد، ولمّا استحال عليه الفهم خاطبني: قل لي يا مصيبةُ، ما هذا؟ تعال، اقرأ هنا؟ قلت له: اقرأ بنفسك لتتأكد أنّها ليست مناشير. فجعل يتلعثم ويتعثر في القراءة بصوت مسموع، وهو يقول: « بنام خدا واند » ثم توقف فجأة، وهزّ رأسه وقد لاحظ أنّني كنت بصدد الابتسام وقال: « تعال يا سي…، اقرأ ما هو مكتوب هنا  » وقد انسابت من فمه مفردات لطيفة مختارة بعناية كان لها وقع مدوّ في نفسي كوقع الصواعق. قرأتُ في مطلع الصفحة الأولى: « بنام خدا واند بخشند مهربان » فعلّق سريعا قائلا أنّه لم ير في حياته لغة عربية بهذا الشكل، غير أنّني أخبرته بأنّ ما حيّر أمره هي اللغة الفارسية وليست العربية، وأنّ حمولة المطبوعات التي كنتُ أحضنها ليست إلا محاضرات جامعية. عندها ثارت ثائرة ذلك العون لابتسامتي السابقة، وقد قرأ فيها سخرية منه، فانهال عليّ صفعا ولكما، الأمر الذي بعثر أوراقي ونثرها على الأرض، والمارةُ في ذهاب وإياب يسترقون النظرات، وتوعّدني بلسان الجادّ الواثق بأنّه  » س…أمي، لينسيني قلّة أدبي »، مضيفا: « أنّ الطالب ليس… كبيرة « . ثم سحب منّي بطاقة تعريفي الوطنية وبطاقة الطالب، وأشار عليّ بالوقوف تحت الحائط، حتى ينظر في شأني، ويجعلني عبرة لمن يعتبر. حاولت تصحيح الصورة لديه، لأخلص من الورطة التي أوقعت نفسي فيها، وما إن هممت بالحديث إليه حتّى ركلني برجله، وصاح في وجهي:  » انتظر هناك حتى أعود إليك » وكان يشير بيده إلى واجهة محلّ لبيع المرطبات على مقربة مناّ. والتحق بزميله في مفترق الطريق، وبقيت أنا منكودُ الحظ متكئا على الجدار، مردّدا في نفسي المقولة الشائعة  » يأتيك البلاء يا غافلُ ». ظللت في ذلك المكان أعدّ المارة، وأشغل نفسي بأطوار غريبة كان يأتيها بعض المجانين المترددّين على مقهى مجاور لي، ومن حين إلى آخر كنت أعود إلى نفسي، فأهزّ رأسي سريعا لأرصد حركات ذلك العون وهو يستخدم جهازه اللاّسلكي، متوقّعا بين الفينة والأخرى أن يستدعي لي عربة الأمن، لتأخذني إلى حيث لا أعلم.  بقيت على تلك الحال ساعات، منتظرا ما سيتقرر في شأني، إلى حين انتهاء توقيت عمل الدورية. وما إن حلّت عربة الأمن بالمفترق لتركيز الدورية الجديدة، حتّى رفع ذلك العون رأسه، وأشار إليّ من بُعد بسبّابته يطلبني بالعجل. انطلقت نحوه برجفة في نفسي وخفقان متزايد في قلبي وقد تأكّدت، من أنّه سيزجّ بي في سيارة الأمن، ويأخذني إلى المجهول، وما كدتُ أقتربُ منه حتّى قذف في وجهي بطاقتي الطالب والهُويّة قائلا:  » خذ أوراقك يا ولْد… لو لم يشفع لك زميلي لأوقفتك بتهمة التطاول على عون أمن أثناء القيام بواجبه »، قال ذلك بلسانه الرطّب وبألفاظه البليغة. جمعتُ بطاقتيّ من الأرض، وانطلقتُ مُبهجا خفيف الحركة، يُغذّيني إحساس جميل بالحرية، وفي نفسي أثر سيئ من تلك الحادثة، وفي ذاكرتي صورة قبيحة لرجل الأمن في وطني، ولكن كان المُهمّ عندي زمنئذ أن أعود إلى المنزل كسائر من يعودون إلى منازلهم وأن أبيت فيه كسائر من يبيتون، أما دون ذلك فقد كنت أراه من صغائر الأمور.    – يتبع جيلاني العبدلي: كاتب صحفي ناشط حقوقي وسياسي Blog : http://joujou314.frblog.net Email : joujoutar@gmail.com  

رسالة الى وزير الثقافة والمحافظة على التراث -نطالب بتقرير المصير الثقافي لمدينة قصرهلال- في تعددية وعدم تمثيلية سلطة القرار الثقافي


مراد رقية
لقد بلغ المهرجان الصيفي الذي يحمل رغم أنفه صفة اللاجىء لدى الملعب الرياضي بقصرهلال والذي يطلق عليه زورا وبهتانا وتطاولا ماسخا »مهرجان النسيج » دورته الخامسة والعشرون ولن يحصل بعد على مقومات مهرجان حي لا مهرجان جهوي أو وطني مع حفاظه المرضي مع جل المهرجانات التونسية في ماعدا الدولية على صفة مطعم الوجبات السريعة،هذه الوجبات التي يتكرر معظمها بتنقله بين المدن والقرى والبلدات بعد صومها المفروض على مدى أحد عشر شهرا مما أعطى لهذه التظاهرات صفتها التهريجية أكثر من صفتها التثقيفية التكوينية؟؟؟ ولم ينجح تغيير شخوص وزراء الثقافة والمحافظة على التراث المقاطعون على الدوام لمدينة قصرهلال برغم دفعنا للضرائب وللتبرعات بأنواعها لعل أبروها تبرعات صندوق26-26 في تغيير شيء من الواقع الثقافي الرديء المرير لمدينتنا،ولا حتى التمديد للمندوب السامي الثقافي لمدينة المنستير الذي قارب على بلوغ عشرون سنة في خطته السامية بسبب غياب المثقفين والمبدعين في ربوع ولاية المنستيروالذي بتحمل بامتياز مسؤولية تجميدالشأن الثقافي بالتعاون مع السلطة الادارية التي لا ترى مانعا في تأبيد تحمل منتحلي الصفة الثقافية الذين يضمنون الموت الثقافي الأكيد لمدينتنا؟؟؟ لقد أصبح الشأن الثقافي يعاني من تعددية سلطة القرار الثقافي ومن تهميش المثقفين والمبدعين خاصة من غير التجمعيين،وحتى وصول المعتمد الجديد يوم7أفريل2009 والذي استبشر به الكثيرون فانه لم يغير من الأمر شيئا لأن الجميع المؤطر من التجمع يريد بأن تبقى دار لقمان على حالها،السلطات الوطنية والجهوية والكرزايات المحليون المتمعشون من ميزانية المهرجان غير المعلومة أوجه الصرف.ولعل الغريب العجيب من خلال اطلاعي على برنامج المهرجان هو وجود فصل يتعلق بتكريم بعض رجالات الثقافة ولعل أبرزهم متولي كرسي الرئيس بن علي لحوار الحضارات،فما الذي أنجزه لمدينته منذ أن كان مديرا عاما للمعهد الوطني للآثار وللفنون،ثم رئبس دائرة المتاحف بالمعهد ،ثم عندما أصبح خبيرا لليونسكو،ثم مكلفا بالكرسي،وأخيرا رئيسا للجنة الثقافة وللشباب وللاعلام بمجلس المستشارين لدورتين،فهل نظم ولو ندوة واحدة تاريخية أو فكرية بمدينة قصرهلال،هل أصبحنا نكرم لمجرد التكريم وحتى الكتاب الأزرق الذي ألف حول تاريخ قصرهلال فهو لم يكن سوى مساهما فيه وفرض فيه نظرية »بني هلال »التي ليس لها نصيب من الصحة؟؟؟ لقد وصل الشأن الثقافي بمدينة الخلق والابداع الى طريق مسدود بتظافرمحاصرة المدينة من وزارة الثقافة وحماية التراث التي لا تعترف بمدينة قصرهلال الموريتانية ومن المندوب السامي الثقافي لمدينة المنستير،ومن السلطة الادارية وخاصة من الكرزايات المحليون الذين بحرصون كل الحرص على تقزيم مدينتنا وعلى تحويلها الى « مسخة ثقافية »والى منطقة »ظل وذل ثقافية »؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟  

ندوة حول « البلديات في الجنوب الغربي »: لماذا التهميش والإقصاء؟

مناضل من جامعة قفصة للإتحاد الديمقراطي الوحدوي تعدّ البلدية مؤسسة الديمقراطية الأولى في المجتمع فهي تمثل كل شرائحه وتسعى إلى تمثيلها بما يخدم مصالحها وتطلعاتها وفي هذا الإطار نظمت ندوة حول البلديات في الجنوب الغربي  واحتضنتها ولاية سيدي بوزيد في الأول من شهر جوان الماضي استدعي إليها أعضاء بلديات سيدي بوزيد والقصرين وتوزر لكن ما راعنا سوى اقتصار الحضور على أعضاء النيابة الخصوصية للتجمعيين بالنسبة إلى بلدية قفصة فقط وبالتحري في ذلك تبين لنا أن الاستدعاء خصهم لوحدهم وبالتالي وقع تهميش النيابة الخصوصية للمعارضة في هذه البلدية وإقصائها ومن بينها ممثل الاتحاد الديمقراطي الوحدوي والأحزاب الأخرى علما وأن سياسة الإقصاء والتهميش هذه تمارس بشكل أو بآخر في كل القرارات التي تتخذ في بلدية قفصة نظرا لما تتسم به من عشوائية ومن غياب للشفافية فعلى سبيل المثال نذكر تعطيلها لملفات وقع التطرق إليها منذ انطلاق النيابة الخصوصية بعد حل المجلس البلدي مثل ملف المسبح البلدي وتسيير المؤسسات البلدية المختلفة وفي هذا الإطار تأكد لدينا أن الخلل وغياب المسؤولية قد تسرّب إلى هذه الهيئة، ففي مسألة المسبح بقفصة مثلا لاحظنا، بعد مجموعة التشكيات المتراكمة بشأن إصلاحه وتهيئته، أن البلدية تركن الملف في الرفوف من ناحية وتقوم بتكريم المسؤول عنه بالرغم مما سجّل في حقه من تجاوزات مهنية متنوعة معروفة لدى الجميع كما يعمد إلى تكريم عضو لجنة حي وهو عضو في النيابة الخصوصية وفي خطوة أخرى علمنا أن بلدية قفصة نشرت في جريدة الشروق بتاريخ 07/06/2009 ردا أقرت فيه بأن مجلس النيابة الخصوصية صادق في جلسة يوم 29 ماي 2009 على كراس الشروط الخاص بالعلامات الإشهارية والفضاءات الأمامية في الجهات في حين أن ممثلي المعارضة لم يحضروا هذه الجلسة ولم يكن لهم علم بانعقادها تماما ولم يبلّغوا بها، كما أننا لاحظنا حصر التمثيل للبلدية في الإذاعة الجهوية في شخص الكاتب العام دون سواه ودون استشارة أي عضو من أعضاء النيابة الخصوصية. وهذه تجاوزات كبرى تخلّ بسير العمل في الجهة. لقد كنّا نأمل أن تنتهي التجاوزات بمجرد حلّ المجلس البلدي والبدء بصفحة جديدة ناصعة إلا أن العكس هو الذي حصل ويبين هذا التجاوز ما تعاني منه المعارضة من إقصاء وتهميش في النيابة الخصوصية وهنا نتساءل لمصلحة من ذلك كله؟ ولماذا هذه الممارسات التي عفا عنها الزمن؟ وأين الشفافية التي وعدنا بها في هذه البلدية التي نريدها أن تكون نموذجا فعالا في خدمة الوطن والمواطن؟ (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 93 بتاريخ 10 جويلية  2009)  

التلوث الغذائي.. لدغات العقارب ومحاولات الانتحار… في قفص الاتهام

تونس ـ الصباح لحالات او مظاهر التسمم صيفا خصوصياتها الموسمية الناجمة  اساسا عن الاغذية وعادة ما يكون مصدرها جرثوميا الى جانب لدغات العقارب والثعابين بدرجات خطورة متفاوتة ولان الصيف يشكل موسم الافراح والاحتفال بالأعراس والنجاحات بصفة جماعية فان هذه المناسبات عادة ما تكون مصدر التسممات الغذائية ذات المصدر الجرثومي عند الاخلال بمقومات حفظ المأكولات والمواد الغذائية السليمة والتهاون في احترام سلسلة التبريد في وقت تبلغ فيه درجات الحرارة اقصى مستوياتها.. كما ان في بعض المطاعم وبسبب ضرب عرض الحائط بمقومات حفظ الصحة تسجل حالات تسمم جماعي كان يمكن  تجاوزها باحترام شروط التعامل الرشيد مع المواد الغذائية وطرق حفظها وتبريدها. هذه التسممات في مختلف تشكلاتها الصيفية مثلت محور لقاء مع الدكتور المولدي عمامو مدير مركز الاسعاف الطبي الاستعجالي والانعاش بتونس وكان المركز استقبل سنة 2008 نحو 4068 حالة استعجالية منها 2600 حالة تسمم لم يتردد محدثنا قبل التعمق في استعراض اسباب التسممات واعراضها في تحميل المواطن قبل التاجر مسؤولية التهاون بصحته وعدم ملازمة الاحتياط والحذر لا سيما في مستوى احترام سلسلة التبريد سواء عند الاستعمالات الفردية لمواد غذائية سريعة التلوث صيفا مثل الحليب او في مناسبات الأفراح المرتكزة على المأكولات من لحوم وبيض وغلال ومنها الدلاع وهي مواد يفترض التعامل السليم معها اعدادا وحفظا واستهلاكا. مياهنا بريئة اذا كانت المواد الغذائية في قفص الاتهام فهل تعد المياه مشتبه بها هي الاخرى؟ جنح د. عمامو الى تبرئة هذا العنصر لتوفر شبكة مياه شرب من ?الصوناد? تغطي معظم المناطق بما فيها الريفية وحتى الاماكن التي لم تشملها التغطية تتوفر بها حنفيات عمومية مياهها سليمة مما قد يحصر التسممات ان وجدت في استهلاك مياه الآبار غير المخصصة للشرب والغدران وهي مجرد فرضيات مستبعدة في نظره. وبالتطرق الى انواع التسممات الغذائية واعراضها يتضح ان مظاهر التسمم متعددة واعراضه او مضاعفاته متنوعة وان تبقى النتيجة واحدة وهي معاناة لصاحبها ولو بصفة ظرفية الى حين العلاج وكلفة باهظة لميزانية الدولة وبالتالي للمجموعة الوطنية. تعددت الاسباب والتسمم واحد.. وبخصوص التسممات الغذائية فانها مرتبطة اساسا بنوع الاغذية المستهلكة من ذلك ان اللحوم البيضاء اساسا لحم الدجاج والبيض تتسبب جرثومة السلامونيلا في حال عدم طبخهما جيدا في ظهور اعراض تسمم تبرز على الاقل بعد فترة حضانة تتراوح بين 12 ساعة و36 ساعة تكون مظاهرها الرئيسية ارتفاع في درجة حرارة الجسم واوجاع في الرأس واسهال وحالات تقيؤ الى جانب آلام بالبطن. وبالنسبة الى اللحوم البيضاء يمكن ان تتسبب في تسمماتها جرثومة السلامونيلا كما الـ?شيقال? ويترتب عنها نفس اعراض التسمم  باللحوم البيضاء. ويمكن ان يتسبب نوع آخر من الجراثيم موجودة في بطن الانسان في التسمم عند ملامسة اللحوم الحمراء دون الانتباه الى نظافة اليد. في مادتي الحليب والدلاع عادة ما تكون جرثومة ?ستافيلوكوك? السبب الرئيسي في حدوث التسمم بالنظر الى السرعة القصوى في تشكل هذه المادة السامة جراء تعرضها للحرارة وبالتالي للتعفن وتبرز اعراضها في وقت قياسي يتراوح بين 30 دقيقة والساعة الواحدة يتمثل في تقيؤ بدون اسهال وبدون حمى. وللأسماك غير الطازجة (القديمة) نصيب من المسؤولية خاصة السمك الازرق وتكون اعراضه جلدية بالأساس حكّان حاد الى حد احمرار لون الجلد وتكمن خطورة هذا التسمم الناجم عن افراز مادة سامة حوامض أمينية في انفتاح العروق بشكل بارز يتسبب في هبوط ضغط الدم ويتعين في هذه الحالة الاسراع بالتردد على الطبيب حالما تظهر هذه الاعراض. خطر(العقربان)
تكثر لدغات العقارب صيفا دون ان يعني ذلك انقطاعها عن ايذاء المواطن بقية العام لكن ما تجدر ملاحظته انه رغم تنوع عدد هذه الحشرات السامة والبالغ اربع فان خطورتها يختص بها صنف ?العقربان? الذي يعد من اصناف العقارب الخطيرة جدا ويتواجد عادة بمناطق الوسط والجنوب يبلغ طولها ما بين 7 و8 صم لونها أصفر يميل الى السواد وتختص بذيل طويل وشوكة رقيقة للغاية. فيما تختص بقية الأنواع بلون اصفر وعادة ما تكون خطورة سمومها نسبية وبالنسبة للصنف الأسود القاني فانه لا يشكل خطرا يذكر. كما يتواجد صنف آخر يحمل اللون الاصفر المائل الى الاحمرار يمكن ان يفرز اوجاعا في الساق عند التعرض للدغته. لغة الارقام تشير الى تسجيل ما بين 15 ألف و20 ألف اصابة بلدغات العقربان في السنة بتراجع ملحوظ مقارنة مع الاصابات المسجلة في الستينات والسبعينات والتي كانت تصل الى حدود 60 ألف اصابة متسببة في هلاك عدد هام من المصابين اما اليوم فان حالات الوفاة تقل عن 10 بفعل النجاعة العلاجية. …وللتسمم ثمن.. للتعهد بحالات التسمم التي يمكن تلافيها بشيء من الحيطة والحذر ثمنها وكلفتها الباهظة على المجموعة الوطنية ذلك ان قضاء يوما واحدا في قسم الانعاش بالقطاع العمومي يكلف ميزانية الدولة ما بين 600 الى 700 دينار دون احتساب اتعاب الطبيب المباشر لا يدفع منها المريض الا 80 دينارا في حين ان هذه الكلفة ترتفع الى الألف دينار بالمصحات الخاصة حسب محدثنا. التسمم ومحاولات الانتحار من بين انواع التسمم القاسية للغاية تعمد البعض الانتحار بتناول مواد سامة مثل الجافال والمبيدات او الادوية وتعتبر هذه الحالات ملفتة للنظر على مستوى العدد ذلك انه من بين 2600 حالة تسمم وردت على مركز  تونس سنة 2008 ثلثاها تقريبا تهم محاولات انتحار بنسبة تعادل 66%. وثاني الادوية في المرتبة الأولى من اسباب التسممات يليها الجافال ومبيدات الحشرات علما ان خدمات مركز الاسعاف الطبي الاستعجالي تخطى تونس الكبرى ومناطق الشمال وتوجه حالات التسمم داخل الجمهورية لتلقي العلاج بالمستشفيات الجامعية والجهوية ومادامت الوقاية خير من العلاج فقد جدد د. المولدي عمامو التأكيد على احترام سلسلة التبريد من قبل المستهلك وبقية الاطراف من منتج وناقل وموزع للمواد الغذائية مع وجوب الاحتياط من البيض الفاسد والامتناع عن استهلاكه وتوخي طهيه  وكذلك الشأن بالنسبة الى الدجاج ومختلف انواع اللحوم. وتمثلت نصائحه بالنسبة لتفادي لدغات العقرب في تجنب المشي دون نعل والتثبت من الاماكن المظلمة والمنزوية قبل ان يهم المرء برفع او مسك احد الاجسام والمواظبة على نظافة محيط البيت. منية اليوسفي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية ? تونس) الصادرة يوم 11 جويلية 2009)  

الخلاعة، رمضان والعودة المدرسية: مصاريف الصيف تستنزف ميزانية الاسرة.. و(الحل) في التداين

تونس ـ الصباح تتالت المناسبات والتقت جنبا إلى جنب متجندة لتعلن الحرب على جيب المواطن، فأصبح بذلك عاجزا عن تسديد نفقاته دون اللجوء إلى التداين الذي خرم ميزانية الاسر وقلبها رأسا على عقب.  وما زاد طين الاقتراض بلة. حلول فصل الصيف بأفراحه ومواسمه وبذروة الانفاق فيه بالتزامن مع شهر رمضان الذي بات قاب قوسين أو أدنى ليليه عيد الفطر مصحوبا بالعودة المدرسية والجامعية مباشرة. وكلها مناسبات تدق فيها تلك الجيوب نواقيس الخطر ليجد المواطن نفسه أمام نفقات يتم اعتماد التداين كحل لسدها. هل أصبح التداين شرا لا بد منه ولا مفر من اللجوء إليه أم أن المواطن هو سيد الاختيار؟ سؤال يطرح تزامنا مع ما يعيشه التونسي من مناسبات ونفقات متراكمة. وقصد الاجابة عنه وكشف الستار عن ملامحه سلطت « الصباح » الضوء على العوامل المفسرة لهذه الظاهرة وحاورت الشارع التونسي. فتطرقت إلى الخيارات المتاحة أمام من وجدوا أنفسهم رهن عواقب هذه الظاهرة. كما لم تغفل عن الكشف عن المخلفات السلبية التي يتكبدها التونسي سيما أمام تغافله عن جدولة نفقاته والالتزام بالسلوك الاستهلاكي الواعي والمتوازن. أصبح التداين جزء من سلوكيات التونسي وأمام بعض الظروف المادية الصعبة تجد العائلات نفسها مجبرة على التأقلم معها، كل حسب حاجياتها، لكنها تلتقي في مصب واحد وهو اللجوء إلى التداين كحل مؤقت للخروج من مآزق طالت وطأتها وأثقلت كاهل من يعانون منها وشكلت لهم عبءا يصعب تحمله. ذلك هو حال 85.3 بالمائة من الاسر التونسية التي شملتها الدراسة الصادرة عن منظمة الدفاع عن المستهلك منذ شهر. فأكد المستجوبون اعتمادهم التداين كوسيلة لسد نفقاتهم. وفي حين برر البعض ذلك بعجز المرتب بمفرده عن تلبية الحاجيات المتراكمة أرجع البعض الاخر ذلك إلى تنامي نفقاته دون وعيه بخطورة ذلك. خياران أحلاهما مرّ تتصدر نسبة المتزوجين طليعة المقبلين على التداين لتصل إلى 73.3 بالمائة من المستجوبين. فالسيد أمين يؤكد أن بالاضافة إلى الديون المتخلدة بذمته والتي فاقت قيمتها دون الاداءات الخمسة ملايين من مليماتنا تتكبد زوجته أيضا عناء سداد قرض الثلاث ملايين الذي اقترضته لشراء تجهيزات كهرومنزلية « رغبة في التجديد لا غير » وهو ما أثقل كاهل كليهما وشكل مصدر ندم كل منهما » على حد قوله. وواصل السيد أمين قوله « هذا الوضع أرقني وأثر سلبا في حياتي اليومية التي أصبحت فيها مهووسا بكيفية تسديد القروض المتراكمة في أقرب وقت ممكن… » ولا عجب إن تداين 39,4  بالمائة من المستجوبين أكثر من ثلاث مرات فـ »… الاقتراض لمرة واحدة يجر المقترض إلى الغوص في دوامة الاقتراض مجددا… » مثلما أشارت إلى ذلك السيدة هاجر التي وجدت نفسها مجبرة على التداين من أقاربها بالاضافة إلى المال الذي اقترضته من البنك.   وفي حين تتصدر البنوك قائمة مصادر الاقتراض بنسبة  77,7 بالمائة هناك من اختار اللجوء إلى العائلة والاصدقاء أيضا كحل بديل. وهو ما اعتمدته السيدة هاجر التي تؤكد أن « … البنوك ملاذ الاغلبية وهي السند وقت الشدة غير أن ضماناتها وشروطها تبقى أمرا يصعب تحمله لذلك أعتمد أيضا على الاقارب والاصدقاء ومن أثق في أنهم لن يخيبوا آمالي إذا ما احتجتهم ليمدوا يد المساعدة… وإن كانوا قلة… ». التنويع في مصادر التداين خيار ناتج عن كثرة المتطلبات والالتزامات العائلية خاصة في المناسبات العائلية والموسمية كالاعياد والاعراس وغيرها من المناسبات الاخرى. هي مناسبات تدفع المواطن إلزاما إلى التداين المفرط أحيانا دون التحسب بطريقة جدية لعواقبه الوخيمة. ولكن وطأة الاقتراض من العائلة والاصدقاء قد تصبح أشد وطأة إذا ما اقترنت بخلاف حول آجال التسديد ليصبح هذا الحل معادلا للاقتراض من البنوك. كثرة المتطلبات والمناسبات دفعت المواطن إلى التنويع في مصادر تمويل نفقاته. ولكن هذه الوسيلة تجعل من الازمة أكثر تعقيدا. وأشار السيد حبيب العجيمي نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك إلى أن « … التداين الاسري دون أخذ مستوى الدخل والراتب بعين الاعتبار يعد خطأ فادحا يجعل من المواطن عاجزا عن جدولة نفقاته… لذلك يبقى الوعي بترشيد الاقتراض حسب الامكانات المتاحة عنصرا أساسيا لتفادي الوقوع في مثل هذه المآزق التي يصعب الخروج منها… ». قسوة الاختيار من جهته فسر السيد أمين دوافع لجوئه وزوجته إلى التداين بثقل مصاريف أسرته. وما عمق الازمة القرض الذي اقترضه لاستكمال بناء المسكن الذي تقطن فيه عائلته المتكونة من ستة أفراد. وأشار إلى أن ما زاد الطين بلة تتالي وتيرة المناسبات ونسق الانفاق معها « فلم يعد بالامكان اللحاق بركب تسديد القرض في آجاله سيما أمام عجز الراتب على مجابهة النفقات المتراكمة » على حد قوله. ولان اختلفت دوافع التداين والاسباب الكامنة وراءه بين شراء منزل أو بناؤه و شراء قطعة أرض وتزايد المتطلبات الشخصية والعائلية، سيما المنزلية منها، ورغبة البعض في اقتناء بعض التجهيزات وشراء سيارة… فإن هذه الاسباب من شأنها أن تزيد في حدة الازمة وتعمق عجز المواطن على مجابهة المصاريف المتراكمة. خاصة في فترات متتالية مما يحول دون إمكانية الترفيه عن النفس. ويجد بذلك من لجأ إلى التداين نفسه أمام مشاكل جمة كان بالامكان تفاديها والتخفيف من وطأتها. وعن هذه المشاكل تتحدث الانسة شادية عن تجربة صعبة عاشتها وأفصحت عن ملامحها بعد جهد: فعائلتها أصبحت تواجه أزمة مالية بحق أمام عجز والدها بمفرده عن مواصلة تسديد القرض الذي ترافقه فوائده منذ ثلاث سنوات. هذه الوضعية جعلتها مجبرة على العمل للمساهمة في إنقاذ أسرتها ووقايتها خطر التتبعات العدلية. وأشارت شادية إلى المعاناة التي تعيشها جراء غياب عوامل الترفيه فقالت: « إن الحل يكمن في الضغط على المصاريف وتأجيل الترفيه إلى حين فيكفي الاقتصار على الضروريات والحاجيات الاساسية » وهو » اختيار قاس وتضحية لا بد منها » على حد تعبيرها. حلول مشروطة لا يسع إذا إلا تأكيد خطورة هذه الظاهرة خاصة أمام التحديات التي تفرضها المناسبات المقبلة والتي تهدد مجددا جيب التونسي وسلامته. لذلك لا مفر من ضبط ميزانيته وبرمجة نفقاته حسب الاولوية والاهمية، من الضروري وصولا إلى الكمالي منها، وذلك وفق نمط استهلاكي عقلاني مثلما أكد ذلك نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك فـ »… ترتيب الاولويات وسط الاسرة حل لا مفر من اعتماده لتفادي الوقوع في متاهات التداين ومخلفاته ».  و. بوزيان (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 جويلية 2009)  

في المهرجانات الصّيفيّة: والصورة المشوّهة لثقافة الشّباب

 بقلم: محمد رضا سويسي      مع حلول فصل الصّيف تُستبدل حمّى المسابقات الرّياضيّة وما يصحبها من مسابقات رهان رياضي  بأنشطة أخرى تكاد تُغطّي كلّ شبر من البلاد ألا وهي المهرجانات المُسمّاة ثقافيّة والّتي تتراوح في تصنيفها حسب حجمها وإشعاعها بين مهرجانات دوليّة وأخرى وطنيّة وثالثة محلّية في شكل أيّام ثقافية وتقتصر هذه المهرجانات في ماهو ثقافي تقريبا على الحفلات الفنّية الّتي تؤمّنها وجوه فنّية محلّية أو عربيّة أو من مختلف أنحاء العالم وفق قوائم يتمّ ضبها حسب عدّة مقاييس ماليّة وثقافيّة مع أمكانيّة احتفاظ بعض المهرجانات ببعض الخصوصيّات المرتبطة بتقاليد المنطقة وتراثها كالفروسيّة والشّعر الشّعبي.    وتعمل هذه المهرجانات على لفت انتباه الشّباب واستقطابهم من خلال الدّعاية لبعض سهراتها على أنّها سهرات خاصّة بالشّباب. لكنّ المتأمّل في هذه السّهرات يلاحظ أنّها كلّها تقريبا سهرات مؤثّثة بموسيقى غربيّة صاخبة تكون أحيانا من خلال حفلات مباشرة وأحيانا عبر الوسائل السّمعيّة البصريّة بل إنّ الطّابع العبثي يكون السّمة الغالبة على هذه الحفلات الّتي أصبحت تمثّل فرصا للكثير من الشّباب للتّعبير عن حالات غريبة من السّلوك المنافي لكلّ قيم المجتمع وأخلاقه.    أمّا الأدهى من ذلك فهو إقدام بعض الشّباب ممن لهم تكوين في الموسيقى على تشكيل فرق للموسيقى الغربيّة في صورتها الهابطة والعبثيّة لتجد هذه الفرق نفسها محلّ دعوات وحفاوة في بعض البرامج التلفزيّة ممّا يمكّنها من الدّخول عنوة إلى كلّ بيت وفرض حالة من التّطبيع مع ما تقدّمه.  على أنّ ما يلفت الانتباه في كلّ ذلك هو التّساؤل عن سبب ربط الشّباب دائما بهذه الأشكال من السّلوك المسقط على ثقافتنا وقيمنا وكأنّ الإقدام عليه هو عنوان الانخراط في الثّقافة الشّبابيّة الحقيقيّة ليصبح التّنكّر للثّراث والقيم عنوانا للتّقدّم والحضارة.   إنّ  شبابا يؤسّس لثقافته وشخصيّته على هذه الأسس المنبتّة لا يمكن له أن يبني مستقبلا أو وطنا بل إنّه يصبح أشبه ببضاعة مغشوشة وقع استيرادها من الخارج . لذلك فإنّه أصبح واجبا على القائمين على ثقافتنا وشؤون شبابنا السّعي لاستبدال هذه التّصوّرات بأخرى متجذّرة في هويّتنا الوطنيّة العربيّة الإسلامية وقادرة على إنجاب شباب مؤمن بنفسه وبانتمائه وبقدراته على الإبداع في إطار منظومته الحضاريّة مع الاستعداد للتفاعل الايجابي مع الحضارات الإنسانية في وجوهها الايجابيّة الّتي تحقّق الإضافة الحقيقيّة. بل أنّ وزارة الثّقافة مدعوّة إلى إعادة النّظر في التّرخيص للقيام بمثل هذه الحفلات وكذلك في تمكين بعض المجموعات الّتي تسمّي نفسها موسيقيّة من رخص النّشاط وهو ما يدخل في صميم اهتماماتها في صيانة التراث والمحافظة علية والدّفاع عن قيم وهويّة الشعب.  كما أنّ القائمين على هذه المهرجانات مدعوّون إلى النّظر بطريقة مغايرة للشباب والتّعامل معه كشريحة واعدة من المجتمع تحتاج تكوينا يُجذّر وعيها بوطنيّتها وبدورها المستقبلي في النّهوض بالوطن وهو دور لا يتسنّى إلاّ بثقافة تقوم على المعرفة والتّعامل الجاد مع قضايا المجتمع وهو ما يجعلنا نطالب أن يصحب كلّ مهرجان من هذه المهرجانات على الأقل ندوة فكريّة يؤثّثها مثقّفون وأكاديميّون تكون مناسبة لتكريس خيار الثّقافة الجادّة والملتزمة بقضايا المجتمع . (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 93 بتاريخ 10 جويلية  2009)  

ملاكم تونسي محترف بألمانيا متهم بالتحيّل


ستنظر الدائرة الجناحية بمحكمة تونس قريبا في قضية تحيل تورط فيها ملاكم تونسي محترف في ألمانيا. منطلق الأبحاث كانت شكاية تقدم بها شخصان إلى أحد مراكز الأمن وذكرا أن المشتبه به أوهمهما بتسفيرهما إلى ألمانيا ثم طلب من كل واحد منهما دفع مبلغ مالي يفوق الألفي دينار افستجابا لطلبه وسلماه وثائقهما الشخصية وكذلك المبلغ المالي وحدد لهما موعدا بالمطار ولكنه لم يحضر ولم يف بوعده لهما. وعلى ضوء تلك الشكاية انطلقت تحريات الباحث وتمكن الأعوان من إلقاء القبض على المشتبه به وتبين فعلا أنه ملاكم محترف بألمانيا وأنه فعلا حاول تسفير ?المتضررين? خلسة وذلك بعدما أخبرهما بأنه سيساعدهما على السفر إلى ألمانيا بدعوى أنهما ملاكمان محترفان هناك ولكن الخطة باءت بالفشل. وقد أحيل المتهم على أنظار محكمة تونس التي ستنظر قريبا في القضية وعلمنا كذلك أن مشتبه به آخر ثبت أنه مورط كذلك في المشاركة في عملية التحيل المذكورة.  (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 جويلية 2009)  

قراءة في ندوة: الإعلام وتحديث المجتمعات العربية الإسلامية أو عن أي إعلام نتحدث؟

 


الهادي غيلوفي   نظمت وزارة الشؤون الدينية بالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي لقاء مع الأستاذ محمد عبد الباقي الهرماسي رئيس المجلس الأعلى للاتصال قدم خلاله مداخلة بعنوان الإعلام وتحديث المجتمعات العربية الإسلامية . وافتتح اللقاء بمداخلة لوزير الشؤون الدينية بوبكر الاخزوري استهلها بالترحيب بالحضور ومن ثم معرفا بمنتدى تونس للسلام. ولد هذا المنتدى في ماي 2005 على اثر توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي وتتمثل مشمولا ته في تنظيم ندوات علمية ومحاضرات وتوثيق الأنشطة التي ينظمها المنتدى وترجمتها إلى أهم اللغات العالمية. وقد استهل الأستاذ عبد الباقي الهرماسي مداخلته بالتركيز على أهمية الإعلام في هذا الوقت بالذات في ظل الثورة الرقمية التي يشهدها العالم من انتشار للفضائيات ومواقع « الانترنيت » التي تتنافس على استقطاب المشاهدين بمختلف الطرق ومنها الإثارة بشتى أنواعها حيث تعتمد بعض القنوات على قوى وشخصيات سلفية مما أدى إلى التداخل بين الديني والسياسي والتبس الأمر على المشاهدين وهذا المشهد ينم عن انسداد الأفق الثقافي . فهذه الفضائيات مكنت هذه التيارات الإسلاموية من الظهور واستخدام الإعلام والادعاء بأنها تقدم البديل لانتزاع الشرعية من الأنظمة الحاكمة لكنها فشلت في ذلك لأنها عجزت عن طمأنة الناس لمشاريعها التي ينظر إليها من الناس ولا سيما من المثقفين، بعين الريبة والشك كما إن هذه القوي لم تستطع نسج علاقات صحية مع الآخر أي مع الغرب من خلال تبنيها خطابا تحريضيا صداميا وهي تمثل النسخة الأخرى لمقولة صدام الحضارات التي ابتدعها « صامويل هانتغتون »  ويتبناها اليمين المتطرف في الغرب . لكننا نتساءل اليوم عن أي دور للإعلام؟ ولا سيما الإعلام الديني الذي أصبح اليوم كإحدى المشاريع الربحية التي يتزاوج فيها رأس المال بالنفعية السياسية فالبعض يستعمل الدين لمجرد الإثارة كما يستخدم الفن والجسد فنجده يبعث قناة دينية وأخرى فنية وأخرى رياضية ولا هدف له سوى الإثارة والربح وحتى استخدامه لغة التشدد والتعصب والتحجر وهو استخدام يهدف لاستقطاب المشاهدين فبالتالي علينا أن نواجه هذه الموجة باستخدام لغة العقل والحوار التي تؤمن بان الاختلاف بين الأديان والمذاهب  رحمة لا نقمة. فإذا أردنا أن نؤسس لمجتمع حداثي علينا الاعتماد على إعلام هادئ وموضوعي وبناء ويدعوا للحوار مع الأخر . وأكد المحاضر على أن التحديث لا يعني استنساخ التجارب الغربية بل إن لكل بلد خصوصياته ولعل البعض يدعو إلى تبني التحديث الاقتصادي والتكنولوجي دون الفكري وذلك خوفا على خصوصيات هويّته. فالعالم العربي والإسلامي يمكنه الاستئناس بالتجارب الآسيوية كاليابان والصين ودول شرق أسيا التي أنجزت تجاربها الخاصة، فلكل شعب تجربته الخاصة فلا داعي للخوف من التحديث بحجة الحفاظ على الهوية والخصوصية ثم عرج المحاضر على التجربة التونسية التي اعتمدت منذ الاستقلال مسارا تحديثيا وإعلاما فاعلا يعمل على تطوير ذاته . لعل ما طرحه الأستاذ الهرماسي يقودنا إلى مجموعة من الأسئلة والتساؤلات التي يجب أن نتناولها فلا شك أن الإعلام أصبح اليوم يساهم إلى درجة كبيرة في صنع الرأي العام لما يحظي به من اهتمام ومتابعة من مختلف فئات المجتمع من صغار وكبار ومثقفين وعوام فهو بذلك يساهم بدرجات متفاوتة في تشكل وعي أغلبية الشعوب لان هذا العصر هو عصر الصورة بامتياز وذلك لتطور وسائل الاتصال.  فالإعلام شهد في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا من حيث التقنيات والمحتوى والحرفة وهو ما جعل الكل يستخدم الفضائيات من فنانين ودعاة ودجالين وتجار فتاوى وغيرهم وهذا يجعلنا نتساءل عن دور إعلامنا وما يقدمه لكسب المشاهدين ويشدهم إليه، فكم هي ساعات البرامج الثقافية أو البرامج الدينية والتربوية؟ إننا على قناعة بأنها لا تحتل 20 بالمائة من ساعات البث، فإعلامنا المرئي هو مزيج من البرامج والحفلات الغنائية والبرامج الرياضية مع مساحة صغيرة مخصصة للدراما من أفلام ومسلسلات. أبهذا الإعلام يمكننا أن نواجه الإعلام الخارجي الذي يغزو منازلنا وأطفالنا؟  أبهذا الإعلام سنواجه قنوات الفتاوى والتدجيل؟  لا أعتقد أن إعلامنا الوطني المحتكر والمغلق أمام المثقفين إلاّ من يحظي بالرضا وأمام ممثلي المجتمع المدني من أحزاب ومنظمات.  أنكتفي بنقد الإعلام الخارجي ونتوقف هناك بل نسعى لتطوير مشهدنا الإعلامي من خلال فسح المجال أمام مواهبنا الإعلامية التي بدأت تختار طريق الهجرة. فإذا كنا كل مرة ننتقد الإعلام الديني لماذ لا تسعى وزارة الشؤون الدينية وجامعة الزيتونة من تأسيس قناة دينية تكون على غرار منتدى تونس للسلام تروج لإسلام معتدل ومنفتح في مقابل إسلام المتزمتين الذين لا يمكننا مواجهتهم دون توفر جملة من الشروط على رأسها حرية الإعلام وحماية الصحفي من كل أشكال التهديد والقمع فلا نعلم من يحارب حرية الفكر والتعبير في تونس، فإذا كانت السلطة تصرح دائما بأنها مع حرية التعبير وهذا ما أكد عليه رئيس الجمهورية في عيد حرية الصحافة في 3 ماي 2009 حين قال  » لقد اعتبرنا دوما حرية التعبير حقا أساسيا من حقوق الإنسان وأولينا قطاع الإعلام والاتصال ما هو جدير به من عناية ورعاية وتشجيع  » فهذه المقولة زينت بها جدران القاعة التي احتضنت الندوة فلا نعلم هل إن الدولة يجب أن تأخذ بكلام رئيسها أم تدعم بعض الذين يعملون على تقييد الإعلاميين والصحفيين؟ ! فلا حداثة أو تحديث دون توفر شروطهما الا وهو حرية الرأي والإبداع، فالأفكار الهدامة لا تأتي من السلفية أو الاسلاموية بل تأتي من كل من يتبني الفكر الاقصائي ولا يحترم شركاءه في الوطن مهما اختلفوا معه في الرأي أو التوجه السياسي، فالأوطان لا تنهض إلا بتضافر جهود كل أبنائها ولا حداثة ولا نهضة دون الحرية.  (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 93 بتاريخ 10 جويلية  2009)  

أحنّ إلى نخلتي

شعر علي بوراوي   أحنّ إلى نخلتي العالية وروعة خضرتها الزّاهية إلى سعفها المتمدّد فيّ وطلعة عُرجونها الحالمة إلى وَخْزِ شوكها وهو يدغدغ أطراف جسميَ في « السّانية »   إلى جرعة تطفئ ظمئي  من مياه جداولها الجارية إلى نظرة في جريدها وهو يناجي السّما والسّما صافية فتغسل أجواؤُها رئتيّ وتنتشل حيرتي الضّارية لأنّ دخان الحرائق طال المآذن واشتدّت النّازلة ففي عصرنا يتناسل جَدْبُ الرّجولة يُنْجِبُ في ثانية وفي حيّنا ينكرون عليكِ شموخكِ قالوا: مُنًى نابية وقالوا عن التّمر ملحٌ أجاجٌ يُصيب الشّرايين بالقاضية فيا نخلتي أين أنت؟ وكيف سرى القحط أيّتها الغالية؟   عرفتك يوم عرفت الوجود ولم أرك مرّة جاثية يمرّ الشّتاء وبردُ اللّيالي كأنّه من ظلمةِ … الغاشية وصيف الصّحاري كفَـيْحِ جهنّم يخِرّ له  البحر …  والبادية ويصرخ صخْرُ الجبال لهيبا وتفْتُرُ أنهاره الجارية وتبقيْن يا نخلتي مثلما أنت تشْدين …  واقفةً عالية تخافك كلّ الفصول، وتسأل:  هل أنت يا نخلةُ راضية؟   أحبّك أنت السّخية دوما وبِرّك يغمرني عافية وحبّك يُطرِد قحط الزّمان يخفّف من غربتي القاسية ويُبعِد عنّي كلّ وباء فتمرُك وصفتُه شافية   أحنّ إليك، فأنت الحنان وأنت له السّقف والسّارية لأنّكِ كنتِ ملاذ الصّبا وفُسحة أجيالنا التالية وقصّةَ حبّي، وشعرَ غرامي فأنت له البيت والقافية.   أحنّ إليك … إلى بَلَحِ الصّيف يرتاد أمعاءنا الخاوية فنأكل ما طاب منه ونرمي بما يتبقّى إلى الماشية ونرتع في ظلّك نملأ الأرض عطرا بأقدامنا الحافية ونجري ونقفز لا شيء يحرمنا من طفولتنا الطّاهرة ونرمي بأجسامنا نتمرّغ في الوحل والماء في السّاقية   وفي الرُّطَب كلّ آي الكمال يغرّد، يشدو مع الشّادية ألم يتساقط على ابنة عمران لمّا اشتكت وجثت باكية فكان المؤكِّد للطّهر يحنو وكان لها السّترة الواقية ومن دقلة النّور يعرج تمر يذود عن الجار والنّائية ويرفع قحطا تربّع فينا وهذي مراكبه راسية فيا نخلة الجدّ، يا نخلة العزّ يا نخلة الخصب، يا سامية أغيثي القبيلة، فالقوم ضاعوا وعهدي بك دائما صاحية وردّي علينا الحياة فإنّ الحياة مضت بنا في داهية وحطّي بنا في ظلالك، إنّي أريد بك الفرقة النّاجية.  باريس 11 جويلية 2009  

يا أبتي يا وطني في وجْدِي

مُقعدً أنتَ رجلاكَ سكنْْ و مُقْعدً أنا يجافيني الوطنْ يا أبتي يا بقية أمي تسامرني يا دمعة ليلي ،يا وجع الزّمن منذ فجر التسعين أجمعُ بقاياك لأصنع حلما في ليل الكفن يا أبتي لست هباء و أمّي لم ترحل و شذاها يعطّرُ يومي و يوقِّرُ دمعَ الحزَنْ يا أبتي ما سرقْتُ يوما  و ماخنتُ يوما ترابي  وما خنتُ حتّى ذرّات الوطنْ يا أبتي روحي تسافرُ في كلِّ يومٍ ترفرفُ على قبرِ أمّي تدغدغُ ذكرى طفلي و ترسم عشقًا بلا قيدٍ ينبتُ صبراً في الشمسِ و في العلنْ   المنصف زيد باريس 2009  

اعمال شغب تدفع فرنسا الى التحقيق في مقتل مهاجر بين يدي الشرطة

اعلنت سلطات وزارة العدل الفرنسية الجمعة انها فتحت تحقيقا بشأن رجل عثر عليه مشنوقا في زنزانة للشرطة وادى موته الى اعمال شغب من جانب شبان شككوا في تفسير رسمي بشأن الانتحار. واضرم شبان في بلدة فيرميني بجنوب شرق فرنسا النار في سيارات وحطموا متاجر في ثالث ليلة على التوالي من اعمال شغب احتجاجا على موت محمد بن مونا. وعثر على بن مونا ميتا في زنزانته في وقت سابق من الاسبوع الجاري وقالت الشرطة انه حاول على ما يبدو شنق نفسه بحبل حشية سرير وتوفي دون ان يسترد وعيه. وقالت السلطات ان موته كان انتحارا. ورفضت عائلته هذا التفسير واقامت دعوى قضائية في محاولة لتوضيح ملابسات وفاته. وادى هذا الى قيام مسؤولي وزارة العدل باجراء تحقيق. وقال جاك بان مدعي الدولة في سان اتيان وهي اقرب مدينة رئيسية « ثبت وجود اشياء غير سوية فيما يتعلق بالزنزانة وهو ما لايتفق مع المعايير العادية. « علينا ان ننظر في هذا الاتجاه لمعرفة ما اذا كان هناك اهمال من جانب الشرطة في تلك الليلة. هناك شك حقيقي ». واكدت نتائج التشريح الخميس ان بن مونا توفي جراء الاختناق كما لم تظهر اي آثار للعنف على جثته. وقال بان ان تشريحا ثانيا أيد هذه النتيجة. وقال »امرت باجراء هذا التشريح الجديد لتبديد اي غموض ». « العينات التي اخذت من الرقبة تستبعد فرضية ان شخصا اخر ربما تدخل اثناء عملية الشنق. النتائج واضحة تماما ». وارسلت السلطات نحو 150 من قوات مكافحة الشغب الى البلدة وتعتزم ابقاء هذه القوة عند هذا المستوى في مطلع الاسبوع بعد الاشتباكات التي وقعت في الايام الاخيرة والتي تعرض فيها عمال صيانة للرشق بالحجارة اثناء محاولتهم تنظيف المنطقة بعد اعمال الشغب. وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهتها العائلة ومؤيدون اخرون قال بريس اورتفو وزير الداخلية الفرنسي اليوم الجمعة ان بن مونا قتل نفسه. وقال اورتفو لمحطة « ار تي ال » « خلال الاحتجاز كان يريد قتل نفسه ومع الاسف نجح. « ممثل ادعاء الدولة اشار انه لا يوجد عنف من جانب الشرطة وبوضوح لا يوجد انتهاك من جانب الشرطة ». ورفض بان ما أثير حول سوء معاملة الشرطة للمحتجز لكنه قال إن كاميرا المراقبة التي كان يفترض أن تسجل ما يدور في زنزانة بن مونا لم تكن تعمل كما ينبغي. وهو ما اثار الشكوك حول « عملية الشنق » التي تعرض لها بن مونا. وفتحت وكالة تراقب عمل الشرطة تحقيقا في القضية. وألقي القبض على تسعة أشخاص الاربعاء اثر أحداث العنف التي وقعت مساء الثلاثاء حين كان بن مونا لا يزال حيا لكن في غيبوبة بعد الحادث.   (المصدر: موقع ميدل ايست اولاين  بتاريخ 10 جويلية 2009)  

الإخوان وسيناريوهات المستقبل

رجب الباسل 11-07-2009 مقالات عديدة ظهرت خلال الفترة الأخيرة تعقيبا على حملة الاعتقالات الشعواء ومصادرة الأموال التي تقوم بها سلطات الأمن المصرية بحق الإخوان المسلمين، وهو النهج الذي لم يتغير منذ قضية سلسبيل عام 1992 وحتى الآن، ولكن باختلاف درجات الشدة من قبل النظام وديمومة الهجمة وشموليتها وامتدادها لتصل إلى قيادات بعينها أو أنشطة ربما تكون بعيدة أشد البعد عن المجال السياسي. المطروح على الإخوان الآن من مؤيدي الجماعة أو المحايدين أو حتى المعارضين لنهجها أن تتخذ مسارين، إما منهاج الثورة السلمي أو الانسحاب تماما من العمل السياسي تحت دعاوى عدة، سواء للفصل بين السياسي والدعوي أو حفاظا على الدعوة والتنظيم وأبناء الحركة وأموالها وكوادرها الذين بذلت الجماعة الكثير لتكوينهم. هناك مساران آخران لم يذكرهما هؤلاء أو ربما علموه وتجتنبوا الحديث عنه لمخالفته لمنهجهم في التغيير، أو ربما لوجود تابوهات ومحرمات للحديث عن أحدهما، وهما منهج الانقلاب العسكري، وهو ما ترفضه الجماعة وجل الحركات السياسية، خاصة الإسلامية السلمية، والمنهج الإصلاحي المتدرج الشامل. مسارات التغيير المسارات الأربعة لها إيجابياتها وسلبياتها، وقد ينتقل تيار بين هذه المسارات بعد تقييمه لتجربته، فربما لجأ تيار إلى منهج القوة في التغيير ثم يجد بعد فترة عدم جدواه أو صحته أو مناسبته لظروف مجتمعه, أيضا قامت تيارات أخرى بالتحول من العمل السلمي الإصلاحي إلى المنهج الانقلابي للتغيير. وهكذا فقضية ثبات حركة ما أو جماعة بعينها على منهج بعينه للتغيير ليست دائمة في عمل الحركات الإصلاحية، وهو ما يطرح التساؤل المهم: أين الإخوان المسلمون من كل ذلك؟ الإخوان اختاروا منهج العمل الإصلاحي الشامل المتدرج، وأعلنوا صراحة رفضهم للخيارات الثلاثة الأخرى، فهم يرفضون الانسحاب من العملية السياسية تحت أي مبرر، ويعتبرون ما يتعرضون له من تضييقات ضريبة الإصلاح التي يدفعونها، وأنه مهما حدث معهم من تضييق فلن يغيروا إستراتيجيتهم في التعامل مع النظام والمجتمع ولن يستدرجوا إلى العنف أو الثورة السلمية أو الانسحاب من العمل السياسي، فكلها خيارات مرفوضة عند الإخوان؟ ولكن هل يعني ذلك أن هذا هو النهج الأفضل والأنجع أم أن المناهج والمسارات الأخرى ربما تكون أفضل في الحالة المصرية في ظل الظرف الذي نعيشه الآن؟ اختيار منهج دون غيره أو مسار ما لا يعني أنه الأفضل للمجتمع وربما للحركة، ولكن أيضا كل حركة لها الحق في اختيار مسارها، ومن المؤكد أنها أثناء عملية ضم المؤيدين أو تجنيدهم وفقا للمصطلح السياسي توضح لهم إستراتيجيتها ومنهجها في التغيير، فمن رأى في هذا النهج ما يوافق ميوله فبها ونعمت، ومن لم ير ذلك فهناك الجماعات والتيارات الأخرى التي يمكن من خلالها انتهاج أي من المسارات الأخرى، وتاريخ الجماعة مليء بالأمثلة التي خرجت من الجماعة، سواء التي رفضت المنهج السلمي أو التي رفضت العمل السياسي. خيار الانسحاب إذن.. ربما يرى البعض أن الأنسب للإخوان في هذا الظرف الانسحاب من العمل العام إجمالا والعودة إلى النقطة صفر، اعتقادا أن ذلك سوف يؤدي إلى الحفاظ على الدعوة وتوقف حملات الاعتقال ومصادرة الأموال، ويعتبر هؤلاء هذا النهج ليس انسحابا تاما، ولكنه هدنة مؤقتة لفترة معينة، ثم تعود الجماعة للعمل مرة أخرى عندما تتحسن الظروف. الخبرات تؤكد أن الانسحاب من العمل السياسي لم يحقق تهدئة أو هدنة في تعامل النظام مع الحركة، فالتصعيد المستمر للحكومة مع الإخوان بدأ عام 1992 عندما لم تكن ممثلة في البرلمان، وكانت قد انسحبت من انتخابات عام 1990 اعتراضا على عدم وجود ضمانات لنزاهة الانتخابات، ثم تلا قضية سلسبيل المحاكمات العسكرية عام 1995، وهى التي لم تتوقف حتى الآن، ولكنها توسعت وامتدت لتنال شخصيات تعيش خارج مصر منذ عشرات السنوات، أو لشخصيات غير مصرية، بل إن بعضها ليس له علاقة تنظيمية بالإخوان. الأمر الآخر وهو أن ممارسة العمل السياسي لحركة ما ليس منحة أو هبة من النظام يهبها لمن يشاء وينزعها ممن يشاء، وإلا فلن يكون للنضال السياسي معنى ولم يكن هناك حاجة للمعارضة حتى تلك التي تواجه تضييقا بشكل أو بآخر أمثال كوادر حزب الكرامة والشيوعيين المصريين والغد وكفاية وغيرهم. خيار الثورة السلمية أما خيار الثورة السلمية التي طرحها البعض تعاطفا مع الإخوان أو كراهية في تسلط النظام باعتبار أن الإخوان هم القوة الشعبية الوحيدة في مصر القادرة حاليا على الحشد. الإخوان استخدموا التظاهرات كثيرا، ولكنها بالمعنى المحدود الذي لا يسقط نظاما أو يهدد استقراره، ولكن أداة فقط للضغط أو لإظهار الاعتراض على سياسات أو سلبيات للنظام أو حتى اعتراضا أو تأييدا لأحداث خارجية، مثل دعم المقاومة في فلسطين ولبنان أو دعم شعب البوسنة والهرسك، ثم مظاهرات دعم القضاة والحريات التي قام بها الإخوان عام 2005. ولكن هل المطلوب من الإخوان انتهاج ذلك المسار؟ قد يكون من حقهم في ظل التضييق المستمر والاعتقالات والظلم الذي لم يتوقف بحقهم ولكن ليس من منهجهم. نعم.. هناك فارق بين الحق والمنهج, فالإخوان ربما يكون من حقهم كقوة اجتماعية ضخمة أن يقوموا بثورة سلمية مدنية أيا ما كانت نتيجتها، لكن منهج الجماعة يرفض ذلك، وهذا حقها، والجماعات تحاسب بمدى التزامها بما أعلنته من منهجها وليس بما يريده الآخرون. المنهج الأنسب لكن هل يعني ذلك أن الجماعة حتى في اختيارها لمنهج الإصلاح الاجتماعي الشامل المتدرج لم ترتكب أخطاء داخل المنهج ذاته، بمعنى أنه مع تطبيق الاعتبارات الموضوعية لتقييم مدى التزامها بهذا المنهج وتطبيقه على الجماعة هل سيكون التقييم لصالحها؟ ربما في تفاصيل كثيرة تكون الإجابة بلا. هناك ملاحظات على أداء الجماعة في هذا المسار، أهمها البطء الشديد في تنفيذه وفي الانتقال من مرحلة إلى أخرى وإستراتيجيات رد الفعل حيال ما تواجهه، والذي ربما يكون واضحا في مستوى القيادة، ولكنه غير ذلك عند القواعد، لذا تحدث البلبلة أحيانا في الشدائد، خاصة في ظل عدم امتلاك الجماعة لوسائل اتصال سريعة وشاملة توضح للقاعدة والجمهور موقفها مما يحدث. أيضا عدم وضوح الرؤية في بعض الأحوال لدى القيادة العليا والقيادات الوسيطة حول التوظيف الصحيح للجماعة ولكوادرها ولأولويات العمل، فأحيانا يغلب عليها الجانب الدعوي، وتارة أخرى الجانب الخيري، ومرة ثالثة العمل السياسي، وذلك لأن الجماعة لازالت تتبع النهج التعبوي في أعمالها، وهو منهج لا يصلح للعمل المستمر المنظم الهادف.    يجب على الجماعة إعادة التفكير جديا داخل منهجها الإصلاحي الذي اختارته حول الأسلوب الأنسب لممارسته، ويتم طرح تساؤلات من قبيل هل يتم فصل الدعوي عن الحزبي وليس السياسي مثلا؟ هل يعاد تقسيم الجماعة وظيفيا على أسس جديدة يصبح بموجبها مكتب الإرشاد مرجعية أكثر منها وظيفة إدارية؟ هل تغير الجماعة من قواعد التجنيد الصارمة لها أو تعيد فرز أسس الانتماء وعدم الانتماء مرة أخرى ولا تعتمد فقط على الأسس الحالية المبنية بالأساس على الالتزام بالأسرة التربوية؟ أسئلة كثيرة مثارة لا تتعرض للمنهج الذي اختارته الجماعة بقدر ما تتعرض لطريقة استخدام هذا المنهج. المطلوب إعادة توظيف جديدة لأفراد الجماعة وهياكلها، فليس من المعقول أن تمارس جماعة العمل العام وتبتلى بسببه وهو غائب تماما عن ثقافة أبنائها أو هيكلها التنظيمي وينظر داخليا في الغالب الأعم لمن يمارسون العمل العام نظرة ريبة واتهامات مستمرة بإثارة المشاكل أو جر الجماعة لمسارات ترفضها أو غيره من الاتهامات. كيان جديد إذا كانت الجماعة لازالت تنظر لنفسها على أنها جماعة إصلاحية شاملة فيجب أن تعيد هيكلة نفسها مرة أخرى، فالهيكل الحالي ليس مقدسا، وسوف أضرب مثلا بذلك يختلف في الشكل، ولكنه يتفق في فكرة تغيير الهيكلية بما يوافق البيئة ومتطلباتها. حركة المقاومة الإسلامية -حماس- انبثقت من جماعة الإخوان المسلمين بفلسطين، ولكنها رأت أن تحولها لحركة مقاومة بالشكل التنظيمي الإخواني التقليدي سوف يعيق عملها لأن أسس التجنيد والانتماء في الإخوان معقدة وطويلة الأمد، وهو ما يتعارض مع حركات المقاومة التي يجب أن تكون مفتوحة لكل من يؤمن بنهج المقاومة بأصوله العامة للحركة -وهو هنا الإسلامي- فقامت حماس بناء على ذلك بإعادة تأسيس نفسها باسم جديد، وهو حماس، وبضوابط تجنيد أكثر انفتاحا؛ لذا أصبح من المعروف في فلسطين أن كل من هو إخواني ربما يكون حمساويا، ولكن ليس كل من كان حمساويا يجب أن يكون إخوانيا. فإخوان فلسطين هم قاعدة حماس، وليسوا كل الحركة، ونجحت الحركة في ذلك حيث أصبح الإخوان مرجعية للحركة، ولكن أشكال التجنيد اختلفت، وكذا أساليب العمل وتحمل الهيكل الجديد تبعات اختياراته ومنهجه. وفي مصر ومع اندماج الحركة في العمل العام والسياسي وصعوبة انسحابها منه أمامها خياران: الأول أن تغير هيكلتها كليا كما فعل إخوان فلسطين وتجعل الانتماء للجماعة أقرب للمفتوح مثلما كان قبل الثورة، وهو الأصعب حاليا بسبب ظروف التضييق والحظر التي تجعل من عضوية الجماعة المفتوحة أمرا صعبا. الثاني أن تشكل الحركة كيانا جديدا سياسي النزعة يمثل الإخوان مرجعيته ولا يلغي الجماعة الأم، والتي سيكون دورها دعويا، ولكن سيحقق الكيان أهدافها وسيكون له برنامج سياسي صرف يتحرر فيه من بعض القيود الفقهية التي ألزمت الجماعة به نفسها -وهو حق لها كجماعة وليس كحزب- ويجعل باب الانتماء مفتوحا في ظل أهداف الحزب العامة لكل من يرغب شريطة الالتزام بها، ولا يشترط في هذا الكيان الجديد أن يحصل على موافقة الدولة، ولكن يسعى إلى الحصول على الموافقة القانونية وينتمي له من أبناء الجماعة ممن يستهويهم العمل العام ويضيقون بالعمل التنظيمي التربوي الصرف ويتحملون تبعات التضييق التي يفرضها النظام على الكيان وكوادره وتكون المواجهة مع الكيان بدلا من الجماعة، ويكون مفتوحا ويشمل رموزا أخرى من المجتمع تتحمل تبعات الإصلاح السياسي بعيدا عن أمور أخرى قد يرفضونها ويعطي أبناء الجماعة الذين لا يميلون للعمل السياسي والعام ولا يريدون تحمل تبعاته الفرصة في العمل الدعوي والشرعي والخيري ويكونون نواة الإصلاح بمفهومه الشامل لا وقود انتقام النظام الذي غالبا ما تمتد يد قمعه إليهم قبل غيرهم مما يضر بالدعوة ويضر بمصلحة المجتمع الذي يفتقد حاليا إلى جهد تيار وسطي فاعل وقوي في ظل غياب وتغييب تيارات وسطية أخرى رسمية وغير رسمية لصالح تيارات متشددة وأخرى مفسدة تم استعمالها لضرب التيارات الوسطية كلها بدعوى سياسة النظام في ضرب من يعملون منها بالسياسة. إذا كانت الجماعة ترفض التقدم بأوراق برنامج الحزب للجنة شئون الأحزاب بوصفها لجنة يتحكم فيها النظام والجماعة لا تنال شرعيتها منه، فإن طرح البرنامج باسم الكيان المقترح ووجود وكيل للمؤسسين وفتح باب العضوية استنادا للبرنامج والتقدم بأوراق الحزب ستجعل الكرة في ملعب النظام، ولن تضار الجماعة بأكثر مما تضار به حاليا. صحفي مصري (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 11 جويلية 2009)  

 الإسلام السياسي والديموقراطية: قراءة في التجربتين الإيرانية والتركية

 


 محمد زاهد جول * كان لانتصار الثورة الإسلامية في إيران وإعلان الجمهورية الإسلامية عام 1979م، أثر كبير على تطور مفهوم الإسلام السياسي في العصر الحديث، بل تجسده على ارض الواقع في أول نجاح لثورة إسلامية تصل الى السلطة السياسية الحاكمة من طريق ثورة جماهيرية واسعة. لقد كان ارتقاء الثورة الى مستوى إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أيدي رجال الدين والعلماء والمراتب الدينية الخاصة بالمدرسة الشيعية المتمثلة آنذاك بآية الله الخميني والعديد من الآيات والحجج والمجتهدين والأصوليين والمحافظين من حوله، لقد كان ذلك حدثاً غير عادي من أحداث القرن العشرين، وكذلك كان في نظر غالبية المسلمين في الأرض قمة الانتصار، الذي انتظره المسلمون بكافة قومياتهم وتياراتهم الفكرية والسياسية. وكان لا عجب ان تجد الثورة الإسلامية الإيرانية التأييد العارم من العالم الإسلامي عموماً، ومن الحركات الإسلامية السياسية على وجه الخصوص، فقد وجدت فيها أملاً حقيقياً في وصول الحركات والأحزاب الإسلامية الى السلطة ايضاً. وكذلك شهد انتصار الثورة الخمينية في ذلك الوقت ضجة إعلامية عالمية كبرى، ودخلت ايران في مجابهات عديدة مع الغرب ومع الولايات المتحدة خصوصاً التي اعتبرتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشيطان الأكبر، مما رفع المخاوف امام الدول الغربية من الإسلام السياسي، وبالأخص ان العديد من الحركات الإسلامية السياسية والعسكرية كانت شديدة العداء للغرب ولأميركا بسبب تدخلها المباشر وغير المباشر في الشؤون العربية والإسلامية، وبسبب دعمها الكبير وغير العادل لإسرائيل. وخلال ثلاثة عقود من انتصار الثورة الإسلامية في إيران وقعت أحداث عالمية جسام، ضخمت المخاوف من الإسلام السياسي في الغرب السياسي اولاً، ثم في الغرب الاجتماعي ثانياً، ونقصد بالغرب السياسي موقف الدول الغربية الرسمية من الإسلام عموماً ومن الحركات والأحزاب الإسلامية خصوصاً. أما الموقف الغربي الاجتماعي فهو موقف الشارع الأوروبي والأميركي حيال ما يجري من أحداث سياسية وأمنية، في البلاد الغربية والإسلامية، وبالتحديد في أوروبا وأميركا، كان المتهم الأول بها الحركات والأحزاب الإسلامية، التي اصطلح على وصفها بالإسلام السياسي، نظراً الى أهدافها السياسية أوأعمالها الجهادية. كانت نقطة الانطلاق لهذه الحركات الإسلامية، حركات الإصلاح الديني السلمي في أواخر عهد الخلافة العثمانية، مع جمال الدين الأفغاني والكواكبي ومحمد عبده وغيرهم، في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فهذه الحركات لم تكن فردية ولا حزبية، ولكنها تخاطب الجماهير وتدعو الى الإصلاح الذي يُحسِّن أحوال المسلمين في الداخل والخارج، وهذه الحركات الإصلاحية لم تكن تهدف الى قلب نظام الخلافة السياسي ولا القضاء عليه، فرسائل الأفغاني ومحمد عبده وكتب الكواكبي في أم القرى ومصارع الاستبداد كانت تعالج أوجه الضعف ولم تدعُ الى الثورة إطلاقاً. ولكن تدخل الغرب في إسقاط الخلافة العثمانية، واحتلاله للبلاد العربية والإسلامية إثر الحرب العالمية الأولى، فرض على الحركات الإسلامية الإصلاحية أن تتحول الى حركات تحرير ومقاومة للاستعمار، ومعها حركات تحرر وطنية وقومية كانت أقل شأناً من الحركات الإسلامية في مقارعة الاحتلال وتحرير البلاد منه. ولكن نتائج تلك الثورات التحريرية لم تكن عادلة سياسياً، فقد أعاق الاستعمار وصول الحركات الإسلامية الجهادية الى السلطة السياسية، مما مكّن الحركات والأحزاب الوطنية والقومية من الوصول الى سدة الحكم وحدها، وقد أيد هذا التوجه الكولونيالي الحكومات الديكتاتورية في بلاد المسلمين الى الاستبداد في الحكم وقمع كل أنواع المعارضة، فتحولت الحركات الإسلامية الجهادية التي أحرزت النصر على الاستعمار الى قوى مُضطهِدة، وحرمت من حق المعارضة السياسية السلمية في العديد من البلاد الإسلامية بما فيها الدول العربية وإيران وتركيا وغيرها، وأعلنت معظم تلك الدول والحكومات في البلاد المسلمة إنها دول علمانية، ولا تسمح بتأسيس احزاب سياسية على أسس دينية، علماً بأن غالبية سكان تلك البلاد هم مسلمون. في هذه الظروف اصبحت الحركات الإسلامية ممنوعة من السياسة ومن الاعتراف العلني بها إلا ما ندر، بل مارست بعض الأنظمة الديكتاتورية العسكرية أقسى أنواع القمع لها، فسجنت وأعدمت العديد من قادة الحركات الإسلامية، فكان الخيار الوحيد لبعض الحركات الإسلامية مواجهة هذه الأنظمة بالقوة المادية ما أمكن وبقدر المستطاع، إما دفاعاً عن النفس أو انتقاماً من الظالمين المستبدين، وأصبح هدف بعضها الوصول الى السلطة السياسية، سواء بالانقلاب المباشر أو غير المباشر، وبالأخص بعد فشل تلك الأنظمة الحاكمة من تحقيق تقدم البلاد داخلياً، بل وفشلها في حماية دولها امام المشروع الصهيوني – الإمبريالي، فكانت هزيمة العام سبعة وستين من القرن الماضي ضربة قاصمة للمشروع القومي العربي، وكانت نقطة متقدمة في صعود المشروع السياسي الإسلامي في ما عُرف بالصحوة الإسلامية، أو الأصولية او الإسلام السياسي، وأصبح الوصول الى السلطة السياسية هدفاً من أهداف الحركات والأحزاب الإسلامية السياسية، ولو بالطرق السلمية ومن طريق الانتخابات وصناديق الاقتراع. الى هذه المرحلة يمكن اعتبار الغرب مساهماً سلبياً في صعود الإسلام السياسي، لأنه وقف مسانداً للأنظمة والحكومات الديكتاتورية حفاظاً على مصالحه اولاً، وخشية من المستقبل الغامض لصعود الحركات والأحزاب الإسلامية الى سدة الحكم، بغض النظر عن القدرة العسكرية لتلك الدول، سواء كانت نووية أو غير نووية، وإنما بسبب وجود عدو استراتيجي للحركات الإسلامية في البلاد الإسلامية والمتمثل في دولة إسرائيل، والتي تمثل في الوقت نفسه حليفاً استراتيجياً للغرب. فساهم الغرب وإسرائيل من حيث لا يعلمان في صعود التيار الإسلامي السياسي في العالم أجمع، وتصدره شعبياً التأييد للوصول الى السلطة السياسية عاجلاً أم آجلاً، مما تطلب من الغرب وإسرائيل ان يعيدا النظر في التعامل مع الإسلام السياسي بحكمة واتزان. ولكن المساهمة الأكبر التي ساهم الغرب بها في صعود الإسلام السياسي، هو تبنيه لبعض هذه الحركات الإسلامية السياسية في مواجهة الاحتلال السوفياتي لأفغانستان، فأمد هذه الحركات الإسلامية السياسية والجهادية بالمال والعتاد والخبرات العسكرية المتطورة، ما أهلها لخوض حرب كونية مع أكبر ترسانة عسكرية في أوروبا الشرقية وحلف وارسو على الإطلاق، لقد كان هذا الدعم للحركات الإسلامية السياسية والجهادية في أفغانستان وخارجها، مساهمة إيجابية كبرى من الغرب لصعود الإسلام السياسي، الذي لا يمكن تفكيكه بنفس السهولة التي تم بها تكوينه، عند زوال الحاجة إليه. وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي سعت الحركات الإسلامية الجهادية الى إقامة دولة إسلامية في أفغانستان، أو إمارة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية، في ظروف كانت الولايات المتحدة تحتاج فيها الى هذا النموذج من الحكم الإسلامي. وفي مرحلة كانت تبحث عن عدوها البديل عن الاتحاد السوفياتي. فكانت تبحث عن عدو ايديولوجي وسياسي وعسكري في آن واحد، فوجدت دوائر المكر في الولايات المتحدة ضالتها في الإسلام والمسلمين، وفي إمارة أفغانستان الإسلامية تحديداً، كعدو محتمل ومطلوب، ويمكن تضخيم العداء المتبادل معه والتحكم به، لعوامل وأسباب تاريخية ومعاصرة. في هذه المرحلة، استفادت الحركات الإسلامية من عداء الولايات المتحدة لها، واتخذت موقفاً معادياً من الغرب عموماً ومن أميركا على وجه الخصوص، في محاولة منها لكسب اكبر شعبية إسلامية لها، ولتبدو رافعة لواء الجهاد ضد المحتلين الغربيين وضد الاستعمار الأميركي الجديد، فكسبت تأييد المجتمعات الإسلامية وبالأخص قطاع الشباب منه، من دون ان تكسب تأييد الدول الإسلامية لها إلا نادراً، بل دخلت بعضها في صراع مع الأنظمة في البلاد العربية والإسلامية، وبالأخص الدول التي تمنع نشوء أحزاب دينية إسلامية على أراضيها، على رغم سماح بعضها نشوء احزاب سياسية في دولها. كان العالم العربي انخرط في مراحل سابقة في هذا النوع من الصدام بين الأوساط الدينية وحركات الإسلام السياسي من جهة والأحزاب العلمانية واليسارية والاشتراكية والقومية من جهة أخرى، وبسبب العنف الذي مورس ضد حركات الإسلام السياسي او الحركات الإسلامية الاجتماعية، بدت تلك المرحلة صراعاً بين الدول العلمانية والحركات الإسلامية، منعت فيها الحركات الإسلامية من المشاركة السياسية المباشرة وغير المباشرة، فقد منعت هذه القوى من تشكيل أحزاب سياسية، ولو كانت راغبة في المشاركة في الانتخابات على مستوى مجالس الطلبة في الجامعات، أو على مستوى مجالس البلديات المحلية، أو المجالس النيابية والبرلمانية، من دون ان يكون لها أهداف في الوصول الى السلطة أو حق المنافسة عليها من باب أولى. وفي بداية القرن الجديد – الحادي والعشرين – جاءت إدارة أميركية يمينية ومحافظة ومتدينة الى سدة السلطة في الولايات المتحدة واستثمرت حالة العداء المشحونة بين المسلمين والغرب عموماً ومع الولايات المتحدة خصوصاً، فوجهت اصابع الاتهام إلى المسلمين بعد كل تفجير يستهدف المصالح الأميركية أم الغربية، سواء كان ذلك داخل الولايات المتحدة أو خارجها، وقد بلغ هذا العداء ذروته في أحداث ايلول (سبتمبر) 2001، والتي على أثرها قسمت الإدارة الأميركية العالم الى محور للخير وآخر للشر، وخرجت الحملات العسكرية الأميركية في حرب عالمية للإسلام والمسلمين، في أكبر تحرك عسكري عدواني عرفه التاريخ البشري، رافعة لواء الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، مدعية مشاريع التغيير الخارجية الغربية، واصفة بعضها بمشاريع الإصلاح ضد الفساد، الذي تتبناه دول الثمانية، أو مشاريع الشرق الأوسط الكبير أو غيرها. وفي مقابل ذلك زادت من إجراءات تشويه الآخر الإسلامي فيما تصفه بالإسلام الفاشستي، والمسلمين الإرهابيين والمتطرفين، فاحتلت الولايات المتحدة وحلف «الناتو» وأتباعهما بعض بلاد المسلمين احتلالاً كاملاً، وحاصرت غيرها حصاراً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ولكن أخطرها محاربة الإسلام إيديولوجياً واجتماعياً، وذلك بتخويف شعوب العالم والغرب من الإسلام، في ما عرف في الغرب بالإسلاموفوبيا، والتي شارك بها وللأسف بابا الفاتيكان السابق والحالي في اكثر من مناسبة، وزعماء سياسيون على كراسي المسؤولية، فضلاً عن الحملات الإعلامية في الإساءة الى رموز الإسلام ومقدسات المسلمين. من هذا المنطلق، نقول ان الإسلام السياسي الإيراني بعمومه أمام تحد كبير، وأن الانتخابات الإيرانية الأخيرة كانت امام تحد ديموقراطي وفق الدستور الإيراني وليس وفق الدساتير الديموقراطية الغربية، وإذا كان التوجه الأميركي الجديد ليس فرض نظام للحكم من دولة على أخرى، فكذلك ينبغي التعامل مع نتائج الانتخابات الإيرانية الأخيرة، بأنها جزء من النظام السياسي الإيراني الذي صوّت عليه الشعب الإيراني، وعلى الغرب ان لا يكرر أخطاءه في التعامل مع الإسلام السياسي، وبالأخص وهو في السلطة السياسية وبيده القوة القانونية والسياسية والعسكرية، فقضايا الانتخابات في الدول الإسلامية شأن داخلي لكل دولة، وما يمكن تقديمه هو المساعدة لمن يطلبها بالطرق الديبلوماسية المعتمدة. في المقابل، على الجمهورية الإسلامية في ايران ان تستفيد من التجربة الديموقراطية في تركيا الحديثة، وهي في ظل برلمان تركي غالبية أعضائه من التيار الإسلامي، وحكومة يرأسها حزب العدالة والتنمية، الذي يوظف ثقله الجماهيري في خدمة قضايا الشعب التركي الداخلية والخارجية، دون توتر داخلي ولا توتر خارجي، فضلاً عن ان الإسلام السياسي في تركيا لم يصل الى السلطة السياسية من طريق الثورة الانقلابية، وإنما من طريق الثورة الديموقراطية اي من طريق صناديق الاقتراع التي تعبّر عن إرادة الشعب وقناعاته، وليس من طريق الجيش ولا القوى الأمنية. والإسلام السياسي في مرحلة اختبار سواء كان في السلطة أو في المعارضة او خارجهما، وتجارب الإسلام السياسي الديوقراطي تأتي من خارج الوطن العربي، ويقدم ذلك فائدة الى هذه الدول والشعوب الإسلامية من تجارب دولها في الديموقراطية، ومن تقبل التعددية السياسية، وتقبل الآخر الداخلي والخارجي. فإذا احتكم الجميع الى الانتخابات، فلا ينبغي تجاهل ما تمثله أصوات التعددية السياسية، سواء كانت بين أحزاب أو جماعات إسلامية أو علمانية، كما هو الحال مع التجربة الإسلامية الديموقراطية في تركيا، فالشعب التركي المسلم كان وحده صاحب القرار أولاً وأخيراً، فإذا عبّر عن اختياره بحرية بانتخاب حزب إسامي أو علماني فهذا قراره، ولا يكره على اختيار آخر، وهذا سر نجاح الحركة الإسلامية في تركيا، وهو احترامها لإرادة الشعب التركي وقراره الانتخابي مما اضطر الطرف الآخر العلماني للدعوة الى تجاوز الديموقراطية، والقيام بأعمال وسلوكيات غير ديموقراطية، مما اكسب الحركة الإسلامية في تركيا احترام الداخل وحمايته، واحترام العالم الخارجي وتقديره، وبالأخص العالم الغربي، بحكم موقعها الجغرافي وانتمائها الأوروبي. والأمر في إيران أسهل، فكل المتنافسين من داخل الإسلام السياسي، اي الذين يؤمنون بالإسلام ديناً ومنهج حياة وحكم، ومن الذين يؤمنون بالجمهورية الإسلامية نظاماً ودستوراً، وحتى لو وجد عند بعضهم محاولة لتغيير الدستور، فهذا من حقهم، لأن الذين وضعوا الدستور أول مرة هم من الشعب الإيراني ايضاً، وكل تحسين أو تعديل للدستور سيعرض على الشعب الإيراني، والتغير الديموقراطي المطلوب هو من داخل الدولة، وليس من خارجها، وإذا فشل التغيير الديموقراطي من الداخل، فهو الذي يفتح الباب على مصراعيه لأن يأتي التغيير غير الديموقراطي من الخارج. الجمهورية الإسلامية في إيران اليوم أمام تحديات كبيرة، هي بالدرجة الأولى تطوير تجربتها الديموقراطية ومؤسساتها الدستورية، وأساسه احترام تعدديتها الفكرية والثقافية والمدرسية ولا أقول الطائفية ولا العرقية، فمواطني الدولة الواحدة هم سواء امام الدستور في الدولة العادلة، وأمام تحد إسلامي كبير، فالمسلمون في العالم أجمع يتطلعون الى هذه الجمهورية والانتخابات التي تجرى فيها بعين الرضا إذا حافظت على إرادة الشعب المسلم وغير المسلم في إيران، وإذا عبّر كل مواطن عن رأيه وإرادته بكل حرية وأمن وسلام.وإن معالجة الأزمة الانتخابية الراهنة امام تحد عالمي ليعرف العالم ان الإسلام السياسي لا يخشى إرادة الشعب، لأن منبعه هو الشعب نفسه، وكل تغيير ديموقراطي فيه هو معبر عن إرادة إسلام سياسي جديد، يتفاعل مع مستجدات عصره وزمانه ومكانه، فالإسلام السياسي ليس اجتهاداً واحداً، ولا صورة نمطية واحدة، ولكل واحدة منها ايجابياتها وسلبياتها. من حق الإسلام السياسي ان يلعب ديموقراطيته الخاصة بشرط حفاظه على حقوق الناس، كما انه ليس من حقه ان ينتهك الديموقراطيات العالمية في مجال حقوق الإنسان، وبالأخص امام الشعوب والمجتمعات الأوروبية والأميركية، ولا أقول امام الدول الغربية، التي لها أهدافها وأجندتها الخاصة في التعامل مع هذه الأزمة الإيرانية الراهنة، فعلى الإعلام الإيراني ان لا يتجاهل مخاطبة الشعوب الإسلامية والعالمية، وعدم جعلها تقف ضده، فإن لم يكسبها لجانبه، بحكم عدالة قضاياه التي يؤمن بها، فعليه ألا يجعلها تقف وراء المغرضين، الذين يتربصون بالمسلمين. * كاتب تركي  (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم  11 جويلية  2009)


مباحثات مصرية إسرائيلية حول صفقة تبادل الأسرى

ذكر مصدر مصري موثوق أن محادثات أجراها عاموس جلعاد رئيس الهيئة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية مع مسؤولين مصريين في القاهرة أمس الأول الخميس تناولت ملف تبادل الأسرى في المقام الأول. وقال المصدر لصحيفة ?الحياة? اللندنية في تصريحات نشرتها أمس الجمعة إن الطرفين اتفقا على ?استئناف المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من خلال الوساطة المصرية بهدف إطلاق أسرى فلسطينيين في مقابل الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط الأسير في غزة ?. وأشار المصدر إلى أن مصر طلبت من جلعاد ضرورة طرح الموقف الإسرائيلي من قضية الأسرى بعد تولي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منصبه، موضحا أن ملف الأسرى منوط بمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي كلف شخصية جديدة بتولي هذا الملف بدلا من عوفر ديكل ونوحال ديسكين، ?لكن رغم ذلك، فإنه حتى هذه اللحظة لم تقدم الحكومة الإسرائيلية أي طرح جديد في هذا الملف حتى يمكن البناء عليه أو تحريكه?. وقال: ?بالتأكيد نريد في هذا الملف استكمال المفاوضات من النقطة التي انتهينا عندها، لأننا كنا قطعنا شوطا كبيرا وعلى وشك إبرام الصفقة في عهد رئيس الحكومة (الإسرائيلية) السابق إيهود أولمرت، لذلك لا نريد إضاعة الجهود التي بذلت هباء والبداية من الصفر، ورغم ذلك فإن الاتفاق على استئناف المفاوضات أمر إيجابي، لكننا ننتظر من الإسرائيليين طرح موقفهم الجديد، وهذا ما طلبناه منهم?. وعن موقف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير الجانب الفلسطيني في المفاوضات، أجاب المصدر: ?لا يمكننا التحدث مع حماس في أي شيء قبل معرفة الموقف الإسرائيلي، لكن الذي نعلمه تماما أن حماس تتمسك بقائمة الأسماء المدرجة التي سلمتنا إياها، وتصر على إطلاق الأسماء التي رفضت إسرائيل الإفراج عنها بسبب من وصفتهم بأنهم من أصحاب العيار الثقيل والملوثة أيديهم بدماء اليهود، بالإضافة إلى قضية إبعاد إسرائيل بعض أسماء المعتقلين بعد الإفراج عنهم إلى غزة?. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 11 جويلية  2009)

 

السيناريو الإسرائيلي لضرب إيران (تقدير إستراتيجي)

عدنان أبو عامر تطورات متسارعة تشهدها المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة، كلها تشير إلى أن تحركا عسكريا ما، قد تشهدها الأجواء والسواحل والأراضي المجاورة، وغالبا ستكون وجهتها إيران. لن نأتي بجديد إذا ما قلنا أن التركيز الإسرائيلي منذ العاشر من فبراير الماضي، يوم إعلان فوز اليمين الإسرائيلي بالانتخابات البرلمانية، هو على الملف النووي الإيراني المتقدم على أي ملف، بما فيها عملية التسوية مع الفلسطينيين، وإمكانية عقد اتفاق سلام مع السوريين. وفي ظل تنامي المؤشرات الميدانية الأخيرة، والتحركات السياسية، واللقاءات المكوكية، السرية منها والعلنية، بات من الواضح أن شيئا ما يحضر لإيران، وأن المنطقة حبلى بتطورات قد تبدو « دراماتيكية »، لا يعلم أحد عقباها، فكيف سيبدو الأمر؟. تراجع أمريكي وتقدم إسرائيلي جاء التدخل العسكري الأمريكي في العراق وأفغانستان، ليعزز المخاوف الإيرانية من مغبة نقل هذا التدخل إلى أراضيها، في ضوء القناعات التي سادت أوساطها من أن نشر القوات العسكرية الأمريكية على طول حدودهم، وما تابعوه من قيامهم بإزالة أنظمة حكم بواسطة القوة، رسالة موجهة لهم بالدرجة الأولى، وأن واشنطن قد تبدو ماضية في هذه السياسة، بالرغم من تبدل الإدارات، ومرونة التصريحات، بين بوش وأوباما. وقد جاءت تصريحات نائب الرئيس الأمريكي « جو بايدن » الأخيرة لتعيد التأكيد أنها لا تلغي بتاتا إمكانية غض طرف واشنطن عن لجوء إسرائيل للخيار العسكري ضد إيران، إن لم تنجح الخيارات الأخرى في وقف التطوير الذاتي لمشروعها النووي. علما بأن إسرائيل من وجهة النظر الإيرانية قوة إقليمية لا يمكن تجاهلها، في ضوء إمكانياتها العسكرية وقدراتها التسليحية، وتعتبر ذراعا طويلا للولايات المتحدة، وبالتالي يمكن أن تفاجئهم في أي لحظة. ومن وجهة نظر الإيرانيين، تسعى إسرائيل بكل جهدها لتقويض تمددهم الحاصل في المنطقة، من خلال التعاون مع واشنطن وبعض حلفاء المنطقة، على أمل المس بإيران في النهاية، لذلك ما زالت المخاوف مصدرها إسرائيلي للقيام بعملية عسكرية ضد مفاعلاتها النووية، انفراديا أو تنسيقيا. كما تزايدت التخوفات في إيران من التهديد الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، في ضوء ارتفاع أصوات شخصيات نافذة في مستويات صنع القرار الإسرائيلي تطالب بوقف سير إيران في تطوير برنامجها النووي، حتى لو تطلب ذلك عملية عسكرية، إن فشلت الجهود السياسية. على هذه الخلفية، تباينت المخاوف الإيرانية من مغبة الضربة العسكرية الإسرائيلية، ارتفعت حينا، وانخفضت حينا آخر، حسب ما يرد من إشارات ميدانية أو سياسية تعزز هذا الخيار أو تراجعه. وفي حين وصل التخوف الإيراني من عملية عسكرية من قبل الولايات المتحدة ذروته عام 2003، فإنه تراجع رويدا رويدا في ضوء التأثير السلبي للتجربة الأمريكية في العراق، وتورطها في أفغانستان، ومجيء إدارة أوباما التي تجتهد في تغيير أسلوبها ولهجتها مع إيران، مع الحفاظ على الثوابت التي وضعتها إدارة بوش المنصرفة. كل ذلك، مقابل تزايد المخاوف والتهديدات القادمة من جهة إسرائيل، بناء على عدة إشارات: 1- تزايد المباحثات الماراثونية بين واشنطن وتل أبيب، خلال العام الأخير، والزيارات المكوكية للمسئولين فيهما، وجاءت هذه الزيارات في كل مستوياتها السياسية والأمنية والعسكرية، حيث حضرت المسألة الإيرانية بكل قوة خلال المباحثات. 2- الهجوم الجوي الناجح الذي استهدف منشأة نووية سورية في سبتمبر 2007، رأت فيه إيران عودة من جديد لتزايد الدوافع نحو العملية العسكرية ضدها؛ مما دفع بالرئيس « بوش » في حينه لأن يعلن أن هذه الضربة رسالة موجهة لطهران، وكان من الواضح أن الإيرانيين أبدوا قلقا متزايدا من حقيقة أن أي دولة عربية أو إسلامية، لم تستنكر ذلك الهجوم. 3- تزايد الإشارات الدالة على الإعداد للعملية العسكرية ضد إيران، في ضوء انتشار التقارير حول التدريبات العسكرية التي أجراها سلاح الجو الإسرائيلي في عرض البحر المتوسط، وكأنه إعداد للقوات لتنفيذ العملية ضد إيران. 4- ما تم تداوله مؤخرا حول نشر غواصة نووية إسرائيلية في سواحل البحر الأحمر، والتسريبات التي تم نفيها لاحقا حول سماح بعض الدول العربية لمرور الطائرات الإسرائيلية عبر أجوائها. بسبب هذه المخاوف المتزايدة، اتخذت إيران عددا من الخطوات، بعضها عملية وأخرى رمزية، في محاولة منها لردع إسرائيل من مغبة تنفيذ عملية عسكرية ضدها، في هذا الموضوع بالذات، تواجه إيران صعوبات جادة أوردها الباحث الإسرائيلي د.أفرايم كام، مساعد رئيس معهد أبحاث الأمن القومي، في دراسة نشرت أواخر العام الماضي، على النحو التالي:ـ 1- كيف يمكن بالفعل القيام بخطوات ردعية تجاه الولايات المتحدة، ودولة قوية ذات قدرات عسكرية كإسرائيل، لاسيما وأن الأولى لها تجارب عسكرية سابقة في السنوات السابقة في العراق وأفغانستان. 2- بالرغم من أن القوات المسلحة الإيرانية كبيرة، وهي الأكبر في الشرق الأوسط من ناحية العدد والعتاد، إلا أن فعاليتها التقليدية محدودة نسبيا، وتتمثل نقطة الضعف الأكثر فيها في الأسلحة والعتاد التقليدي، القديم وغير المطور في معظم جوانبه. 3- الولايات المتحدة من جهتها، ودول أوروبا، لا تزود إيران بأسلحة ذات جودة عالية، وفعالية مرتفعة، منذ أيام الثورة الإسلامية، فيما قامت روسيا والصين بتزويدها بأسلحة حديثة نسبيا، وخلال سنوات التسعينات من القرن الماضي وقعت صفقات لبيع الأسلحة. 4- رغم أن صناعة الأسلحة الإيرانية تتسع في مختلف المجالات، إلا أنها لم تأخذ البعد النوعي في انتقاء الأسلحة الأكثر فعالية. 5- نتيجة لهذا الضعف التسليحي في هذه الناحية، لا تستطيع إيران عمليا التعامل مع أي هجوم عسكري إسرائيلي على منشآتها النووية، لكنها ستتمكن من الرد على هذا الهجوم الافتراضي، واستهداف المصالح الأمريكية، ما قد يأتي بردود فعل عسكرية أمريكية ستأتي على باقي المنشآت الإيرانية في مختلف القطاعات. طبيعة الرد الإيراني في ضوء ذلك، تحاول إيران تقديم صورة ردعية لها مكونة من عدة عناصر مركبة، وتحاول إرسال رسائل مزدوجة على لسان مسئوليها تتركز في طبيعة الرد الإيراني المتوقع: 1- عنصر أساسي في الرد، سيتمثل باستخدام مكثف للصواريخ والقذائف، سواء ضد إسرائيل مباشرة، أو ضد القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في دول الخليج، وهناك إمكانية لمهاجمة إسرائيل عبر الطائرات المقاتلة. 2- لن تعمل طهران على الحد من ردها العسكري، وستقوم بالمس واستهداف المصالح الحيوية للطرف المهاجم في جميع أنحاء العالم. 3- إذا كانت الولايات المتحدة هي الطرف المهاجم، ستباشر إيران فورا باستهداف قواتها العسكرية الموجودة في العراق وأفغانستان، لاسيما وأن جميع قواعدها المنتشرة في الشرق الأوسط في متناول الصواريخ الإيرانية. 4- أما إن هاجمت إسرائيل، فإن العالم الإسلامي عموما، بما فيه المنظمات الموالية لإيران، وعلى رأسها حزب الله، سيوجه لها ضربة قاسية. 5- العمل من خلال العمليات الاستشهادية، على إغلاق مضيق هرمز، للتشويش على تدفق النفط من الخليج، والتسبب في ارتفاع هائل في أسعاره ليصل وفق بعض التقديرات إلى 250 دولار للبرميل الواحد. 6- العمل ضد كل دولة تستخدم أراضيها من قبل الولايات المتحدة، لمهاجمتها. وبالرغم من أن الإيرانيين باتوا على قناعة بتراجع إمكانية توجيه ضربة أمريكية لبلادهم، فلا يمنعهم ذلك من وضع احتمالية لجوء إسرائيل لضرب بلادهم، والعمل على تغيير النظام بوسائل عسكرية، من خلال: أ‌- مهاجمة مرافق البنى التحتية، والمستودعات الإستراتيجية. ب‌-  تدمير المؤسسات الحيوية في الدولة. ت‌-  تشويش طرق الحياة العامة. ث‌- الضغط على السكان، في محاولة للتأثير على النظام. علما بأن إيران تمتلك عددا من الردود المتوقعة ضد إسرائيل إذا ما هاجمتها، منها ما أورده الباحث العسكري الإسرائيلي « داني شوهام » في دراسته المنشورة في مجلة « نتيف » في يناير 2009، على النحو التالي: أ‌- إطلاق مكثف للصواريخ تجاه إسرائيل، وسيكون ذلك الرد الأكثر توقعا وسرعة، فهي تمتلك عدة مئات من صواريخ شهاب، التي يغطي مداها كامل الأراضي الإسرائيلية، وفي ضوء أن صاروخ شهاب غير دقيق، فستلجأ إيران لاستخدامه ضد مناطق كبيرة، لاسيما ضد المدن السكانية، وربما تلجأ لاستهداف المفاعل النووي في ديمونا. ويجب التذكر أيضا أن إيران تمتلك قدرات قتالية كيماوية وبيولوجية، وإذا ما زودت تلك الصواريخ بهذه الرؤوس، فسيسفر ذلك عن خسائر إسرائيلية هائلة غير متوقعة. ب‌- الاستعانة بالقذائف الصاروخية من حزب الله ضد إسرائيل، حيث تعول إيران على استثارة « العالم الشيعي » في حال هاجمتها إسرائيل، ويمكن أن تلجأ لحزب الله فعلا، السؤال هنا: لأي مدى سيكون الحزب مستعدا لفتح جبهة قتالية مع إسرائيل، وهو يحاول منذ حرب لبنان الثانية الحفاظ على الهدوء، تخوفا من رد عسكري إسرائيلي مكثف غير مسبوق ضده. ت‌- تنفيذ عمليات انتحارية ضد إسرائيل بواسطة منظمات فلسطينية، فمن الممكن الافتراض لجوء إيران لهذه الوسيلة، لاسيما وأنها عملت كل ما بوسعها لتفعيل العمل المسلح ضد إسرائيل، من خلال علاقاتها الحميمة مع حركتي حماس والجهاد، لكن هناك شكوكا حول مدى الموافقة التي ستعطيها هذه المنظمات، غير المرتبطة تنظيميا بإيران، في ضوء أن مصلحة حماس اليوم هي المحافظة على التهدئة. ث‌- تنفيذ عمليات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية ويهودية، خارج إسرائيل، كما حصل في هجوم العاصمة الأرجنتينية خلال التسعينات، مستغلة البنى المعلوماتية الاستخبارية في مختلف أنحاء العالم، وأوساط الجاليات الشيعية، وسيكون هذا من أهم الأساليب التي سيلجأ إليها الإيرانيون، حيث سيجتهدون في عدم ترك أي علامات تربط بينهم وبينها. مخاوف إقليمية كلمة ختامية إجمالية، فإن إيران تمتلك عدة خيارات عملية واقعية للرد على أي ضربة عسكرية إسرائيلية قد توجه لها، ما من شك في أنها سترد، ولن تذهب في طريق من سبقها في بعض العواصم العربية، ولكن في ظل القدرات العسكرية المحدودة التي تحوزها، فالمتوقع أن يكون ردها قاسيا، لكن على المدى البعيد لن يكون له تبعات إستراتيجية ذات تأثيرات كبيرة، على الأقل من وجهة النظر الإسرائيلية..كيف ذلك؟. بالرغم من القراءة الواقعية من محدودية الرد العسكري الإيراني على توجيه أي ضربة عسكرية ضد منشآتها النووية، فإن هناك مخاوف تسود أوساط عدد من الحكومات العربية والغربية من مغبة أن يكون للرد نتائج خطيرة، وهذه المخاوف لها ما يدعمها: 1- تسود العالم أجواء قلق من الرد والرد المضاد على العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، سواء في المجال العسكري أو المجال « العملياتي »، التي من شأنها التسبب في خلخلة استقرار المنطقة، خاصة وأن أي عملية عسكرية ضد إيران ستفتح حسابا طويل الأمد معها لسنين طويلة، كما يخشون من انتشار المشاعر المعادية للغرب في أوساط العالم العربي والإسلامي. 2- تصور إيران نفسها على أنها دولة لها قدرة على العزم لتوجيه ردها ضد أي عملية عسكرية تستهدفها فترة طويلة المدى، وتتعمد التأكيد على أنها تشكل تهديدا ضد من يفكر بمهاجمتها. 3- إذا ما فشلت الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية، ستكون نتائجها بعيدة المدى أكثر كارثية فيما لو لم توجه ضربة من الأساس. 4- في كل الأحوال يمكن الافتراض، أن الضربة العسكرية الإسرائيلية المتوقعة والرد القادم عليها، ستؤدي حتما لارتفاع أسعار النفط لفترة من الزمن ليست معلومة، وهي نتيجة غير مفضلة على الإطلاق في ظل الأزمة المالية العالمية المتفاقمة يوما بعد يوم. أيضا هناك تبعات ونتائج متوقعة إضافية، مرتبطة بعدد من الدول التي ستمتنع عن المشاركة في توجيه الضربة العسكرية لإيران، حرصا على الحفاظ على علاقاتها معها، والفرضية المقبولة على الكثير من الأطراف أن أي عملية عسكرية إسرائيلية ضد طهران، لن تمنعها من مواصلة طريقها نحو حيازة سلاح نووي، لكنها قد تنجح في تأجيله بعض الوقت، وقد تمنحها شرعية دولية بعد أن تتعرض لمثل هذا الهجوم. أخيرا، فإن أي ضربة عسكرية ضد الدولة الإيرانية، قد تعمل على رفع حجم التأييد الشعبي في أوساط الإيرانيين لصالح النظام الإسلامي، بعد حالة الاضطراب التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كاتب وصحفي فلسطيني. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 11 جويلية 2009)  

المقاومة.. والتغييرات الدولية

طلعت الرميح تدار الصراعات فى العالم فى السنوات الاخيرة وفق قواعد جديدة، هى بدورها سريعة التغيير والتجدد فى آلياتها وأدواتها، بما يجعل غير المتابعين بدقة لتغيراتها وغير الفاعلين فى صياغتها — المتلقين لنتائجها دون المشاركة فى صناعة قواعدها — هم فى مكان المفعول به فى الجمل الفعلية.. دوما. لا نقصد هنا فقط، اساليب الحركة فى ممارسة الصراعات ودور وسائل الاعلام الحديثة — وحسنا فعل د. فيصل القاسم فى تسليط الاضواء عليها فى حلقة برنامج الاتجاه المعاكس،اذ هى فى صلب ما يغير ويتغير — بل نقصد بالاساس قواعد ادارة الصراعات فى العالم وانتقالها للتركيز على الصراعات فى داخل الدول، وفق اساليب القوة الناعمة فى السنوات العشر الاخيرة، حتى مع ممارسات القوة الصلبة التى لم تعد هى العامل الحاسم فى تحقيق اهداف خوض الصراعات. وفى ذلك يمكن القول بان ابرز تجليات التغيير اصالة فيما جرى منذ بداية حكم اوباما هو فى تأكيد هذا الامر، اذ التغيير عن سلفه جورج بوش لم يكن فى ايقاف اللجوء الى السيف — اوباما زاد استخدام معدلات القوة فى افغانستان — بل التاكيد على ان التغيير بالقلم هو الاساس، وان القلم صار اخطر من السيف، او بالدقة ان التغيير باستخدام وسائل القوة الناعمة، صارت له الاولوية — الاول والثالث وبينهما استخدام السيف — التى هى اكثر تأثيرا فى نتائجها عن التغيير بالقوة العسكرية الصلبة. فمنذ سنوات والتغيير الاساس فى الصراعات الدولية، هو فى تركيز السياسات والخطط على اعادة تشكيل خرائط المجتمعات كاساس لتغير قدرات الدول ووجودها ككيانات، لا مجرد احكام السيطرة على القائم منها بالفعل، بما يعنى ان السيطرة تالية لفكرة التقسيم والانقسام او ان التقسيم والانقسام هو فعل يستهدف احكام السيطرة لقد صار الاصل والاساس ووجهة الخطط الاستراتيجية فى الصراعات، هو العمل من اجل انهاء « تشكيل الدول » التى مثلت الانجاز الاهم الذى حققته وتطورت اليه المجتمعات البشرية، وذلك من خلال تفكيك المجتمعات من داخلها بما يفكك كيانات الدول ذات القدرة فى تحقيق التوحد وتكوين عوامل القوة. وفى ذلك اصبح اساس التفكيك والانقسام يجرى ويمر عبر خطط ممنهجة متوالية الخطوات والمراحل،ت قوم على احياء ولاءات وثقافات وتكوينات ما قبل الدولة الوطنية — القومية، فى مختلف المجتمعات المستهدفة، وتسخير كل الوسائل الحديثة لنشر رسالة واسعة التأثير وتربية ورعاية قيادات فى داخل المجتمعات تعمل جميعها على اعلاء الفكر القديم والنهوض لما قبلى لصناعة ما هو مستقبلى. والمتأمل فى اوضاع التغيير الجارية فى العالم العربى — بتمعق — يلحظ ان الاغلب على حركة التغيير والمواجهة، هو انها ما تزال غير قادرة على التفاعل مع تلك المتغيرات التى تشهدها « الدنيا »، وان تلك الحركات لا تزال تسير — فى الاغلب — بمنطق رد الفعل على الظاهر مما يجرى بشأنها او فى مواجهتها، سواء كان ما يجرى هو فعل عسكرى خارجى وفق مفاعيل القوة الصلبة — الغزو الخارجى باستخدام القوة العسكرية — او وفق مفاعيل القوة الناعمة التى تعتمد الغزو الثقافى والاعلامى والمفاهيمى والقيمى والاقتصادى والاجتماعى، كما هى تقف غير قادرة على تجديد نفسها فى مواجهة التحديات التى تفرض عليها، اذ هى تتعامل برؤى قديمة لما هو مفروض عليها وفق قواعد وآليات واهداف جديدة. المقاومة ومشكلاتها فى النموذج الاهم والاوضح على عدم قدرة الحركات السياسية الوطنية والقومية والاسلامية على التفاعل الايجابى مع ما يتغير فى ممارسة الصراعات فى العالم او عدم قدرتها على مواجهة الآليات الجديدة التى تعمل وفقها القوى الخارجية لانفاذ اهدافها، تبدو قضية مفاهيم وممارسة اساليب المقاومة الجارية فى المنطقة، واحدة من اهم النماذج الرئيسية لتلك الحالة، اذ تلك الحركات قامت على استدعاء الخبرة التاريخية دون دراسة المتيرات الجديدة والتعامل معها بمعطياتها ايضا. فى واقع الحال، تمكنت المجتمعات العربية من مواجهة تحدى الغزو والاحتلال، على نحو اذهل الاعداء بما حققته فى المواجهة العسكرية. فى ذلك كانت المقاومة الفلسطينية (خاصة الجهاد وحماس) نموذجا للقدرة على ابتكار اساليب فى المقاومة، التى تعتمد على « الانسان » كقوة اساسية فى المواجهة العسكرية المختلة على صعيد التسليح التكنولوجى. كما شكلت المقاومة الافغانية نموذجا آخر — مثلها مثل المقاومة الفلسطينية — للقدرة على المقاومة سنوات طوال وعلى مواجهة كثرة من الاعداء فى وقت واحد، اذ الحركة الوطنية الافغانية تقاتل منذ الغزو السوفييتى وحتى الآن فى مواجهة القوى العظمى الرئيسية فى العالم، الواحدة تلو الاخرى. واذا كانت المقاومة العراقية هى المفأجاة الاكبر فى كل ما يجرى فى العالم العربى ،باعتبارها ظهرت فى مجتمع عاش حالة من حالات النظام الشمولى — المانع لتشكل المؤسسات السياسية والفكرية المستقلة — وعلى اعتبار انها ولدت قوية صامدة فى مواجهة اعتى آلة تدمير غير مسبوقة فى التاريخ البشرى، فقد مثلت تلك المقاومة نموذجا هى الاخرى فى القدرة فى المواجهة العسكرية. غير ان دراسة اوضاع ومشكلات تلك المقاومة تظهر على نحو ما وبدرجات متفاوتة هنا وهناك، ان هذا الجهد البطولى وتلك التضحيات فى المواجهة العسكرية لم تتواز مع قدرتها على « الادارة السياسية والاستراتيجية » للمعارك التى تخوضها، سواء فى مواجهة عدوها او على صعيد ادارة علاقاتها مع بقية مكونات مجتمعاتها، سواء الجمهور العام او القوى السياسية الاخرى المقاوم منها والمهادن، وهو ما ادخل تلك المقاومة فى مواجهات داخلية (سياسية او عسكرية)، اضعفت فى نهاية المطاف قدرتها على تطوير جهدها وتضحياتها لتحقيق اهداف اعلى مما حققت. بل يصح القول، بان تلك المقاومات قد تجد نفسها فى مواجهة مأزق، اذا ما استمرت فى ممارسة دورها دون الاخذ فى الاعتبار التغييرات الحادثة فى ادارة الصراعات. وفى محاولة فهم ابعاد تلك الحالة، يبدو الامر جليا فى مقارنة الانجازات العسكرية فى مواجهة الخارج، مع الانجازات السياسية فى مواجهة الخارج وفى داخل المجتمعات التى تجرى باسمها المقاومة. لقد قدمت كل تلك المقاومات تضحيات جساما، فى مواجهة اعداء خارجيين تفوقوا عليها فى القوة والقدرة العسكرية وفرضوا عليها حصارا تسليحيا، ومع ذلك هى حققت انجازات مهمة وكبيرة فى تلك المواجهة، لكن تلك المقاومات لم تتمكن من فعل الشىء نفسه على الصعد الاعلامية والسياسية والدبلوماسية والقانونية، كما هى لم تتمكن من مواجهة التحديات السياسية الداخلية التى اوجدتها الادارات السياسية لقوات الاحتلال، بما ادخلها فى صراعات داخلية حادة (عسكرية سياسية). على الصعيد العربى والاقليمى والدولى، لم تتمكن المقاومات من تحديد مساراتها، وفق مصالحها الخاصة وبناء على اسس تتعاطى مع المتغيرات فى توازنات القوى العربية والاقليمية ومحددات وثوابت سياسات الدول فى المرحلة الراهنة، وبالدقة هى لم تتمكن من العمل على محصلة التوازنات بل انغمست في الصراعات والخلافات كطرف..الخ. وعلى الصعيد الدولى يبدو جليا انها لم توجه فكرها الى العمل وفق خطة استراتيجية تقلل من حالة الصدام مع المتفوق حين يكون فى جبروت القوة، وتغير خلال سعيه للصدام من مفاعيل تطويره الى الحد الاقصى، او هى لم تعمل وفق خطة تعمق قدرتها على تطوير انتصاراتها وتقليل تضحياتها.. الخ. لكن الامر الاخطر هو فى عدم الادراك الكامل والدقيق للتغييرات الحادثة فى ادارة الصراعات بنقل الصراعات الى داخل المجتمعات واستهداف تفكيكها. فى حالة المقاومة الفلسطينية نجحت القوى الاخرى فى فرض استراتيجيتها على المقاومة — التى صمدت وحققت نتائج ونجاحات عسكرية باهرة فى مواجهة المحتل — حين تمكنت من جرها الى صراع داخلى استخدمت فيه السلاح للحسم، بما اثر على قدرة تلك المقاومة على تطوير جهدها السياسى والعسكرى فى مواجهة المحتل الاصلى، كما قلل من تصاعد توحد المجتمع حولها واهدافها الاستراتيجية واعطى فرصة للمحتل فى التشهير بها. وفى الحالة اللبنانية — ولذات الاسباب السابقة — نجحت القوى الاخرى فى فرض استراتيجيتها على المقاومة التى صمدت فى مواجهة عدوان 2006، حين جرفتها الى صراع استخدمت فيه سلاحها المقاوم فى حسم قضية صراع داخلى، بما اوجد مناخا غير موات لاستمرار « سمعتها كمقاومة موجهة للخارج  » وحولها فى نظر الكثيرين الى ميليشيا طائفية داخلية، خاصة بعدما توقف « الصراع العسكرى » مع القوات الاسرائيلية بعد فرض وجود قوات اليونيفيل فى جنوب لبنان. وفى الحالة الصومالية، كان نجاح القوى الاخرى اخطر واشد تأثيرا، اذ نجحت القوى الاخرى فى تقسيم المحاكم الاسلامية ذاتها ودفعها للتقاتل مع بعضها البعض، فتحولت المقاومة وتجربتها من قوة بناء بعد التحرير الى قوة هدم لوحدة مجتمعها ومانعىة ومجهضة لبناء دولة الصومال. اصل المشكلة وفى الرؤية المباشرة للمشكلة، يمكن القول بان الامر يعود الى عدم الدراية الكافية بتعدد اساليب الصراعات وتعقدها وترابط كل الاساليب مع بعضها البعض وتقديم احدها على الآخر وفق ميزان دقيق من مرحلة لاخرى، ضمن خطط استراتيجية يعدها متخصصون عبر دراسات تعتمد الاسس العلمية والخبرات، كما يعود الامر لمحدودية الخبرات لدى القيادات العليا وعدم قدرتها على التمييز بين ما هو مرحلى وما هو هدف استراتيجى نهائى، ولممانعتها للتدرب على الاساليب الصحيحة لممارسة القيادة وعلى طرق اتخاذ القرار وفى عدم الاستعانة بخبراء حقيقيين قادرين على التمييز بين الاهداف والخطط والادارة الاستراتيجية للصراع، وتلك التحركات السياسية التى تتغير من حالة لاخرى..الخ. كما يمكن القول، ان الامر يعود الى ظروف النشأة العفوية لمعظم حركات المقاومة، ورؤيتها القاصرة بشأن طبيعة بناء تلك المنظمات وفق الظروف والخطط الاستراتيجية المختلفة باختلاف ظروف المجتمعات الناشطة باسمها وباختلاف طبيعة العدو وخططه واهدافه، لكن الاشكالية الاعقد هى ان خصوم المقاومة واعداءها هم دوما فى حالة دراسة وتطوير لخططهم الاستراتيجية والتكتيكية وفق الوقائع الجارية على الارض، بما يمكنهم من تعظيم التحديات التى تواجه المقاومة بعد تحديد نقاط الضعف لديها وفى المجتمعات الناشطة فيها، ومن تغيير خططهم باستمرار فى المواجهة بما يطيل امد المعارك ويجعل الطرف الآخر فى حالة دفاع دائمة على مستويات الصراع العسكرية والسياسية والاعلامية والنفسية. وفى ذلك تبدو قضية ان الخصوم هم من يهيمنون على صناعة وصياغة الفكر الاستراتيجى فى العالم بما يتطلب ضرورة فهم التغيرات الحادثة فى رؤاهم ومفاهيمهم والتى نتوقف فى هذا المقال حول نقطة واحدة اساسية هى التحول الذى حدث فى العقل الاستعمارى من السيطرة على الدول وعزلها عن بعضها البعض، اى اعادة تشكيل المجتمعات والدول كاساس للتغيير فى قدرات المجتمعات والدول وكاساس لتمكين فكرة الاستعمار فى الهيمنة والسيطرة. الامر لم يعد متوقفا عند حدود الفكرة المبسطة القديمة للتقسيم والانقسام وفرق تسد.. الخ، لكنه اصبح هو الفكرة العليا التى تهيمن على وضع الاستراتيجيات وصناعة القرار السياسى والاعلامى والعسكرى والنفسى. هى « الفكرة العليا » التى تصل الى درجة المنهج او النظرية فى اعادة ترتيب التوازنات فى العالم وتغيير خرائطه السياسية.. او هى باختصار الخطة العليا المعتمدة لانهاء كل ما حققته الدول الاخرى — غير الغربية — ما بعد الحرب العالمية الثانية فى منتصف القرن الماضى من تشكيل مجتمعات متجانسة وتشكيل مؤسسات وكيانات لدول صارت تنتج التطور والقوة والقدرة. ذلك ان الدرس الاهم الذى تعلمه الاستعمار فى قيام ونهاية الحرب العالمية الثانية هو ان بقاء الدولة الوطنية ودوره هو فى تشكيلها — الدولة القومية او الوطنية — فى مختلف دول العالم، كوسيلة لاحكام السيطرة على المجتمعات وكاساس لادخالها ضمن سيطرته على المؤسسات والقرار الدولى هو ما تسبب فى الكارثة التى واجهها الاستعمار وهى الاستقلال. ومن يراجع كل الافكار التى طرحها الاستراتيجيون الامريكيون الكبار فى الولايات المتحدة وعلى رأسهم هنرى كيسنجر وبريجينيسكى سيلاحظ ان فكرة التفكيك للدول والمجتمعات وتطوير النزاعات والصراعات فى داخل الدول والمجتمعات وصناعة اعداء للدولة من داخلها وصناعة ودعم حركات سياسية ذات ابعاد قومية او دينية لمواجهة اعداء الولايات المتحدة، صارت هى الفكرة الاستراتيجية العليا فى التفكير الامريكى والغربى. (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 11 جويلية  2009)  

لعنة النفط في نيجيريا

  توفيق المديني اتخذت «الحرب من أجل النفط» أبعادا خطيرة في نيجيريا، إذ ضاعفت حركة تحرير دلتا النيجر منذ نهاية سنة 2005، من عمليات الخطف والتفجيرات، مستهدفة بشكل خاص العاملين في شركة شل، وهي تشترط أن يتم تحويل 50٪ من العائدات النفطية إلى الولايات المنتجة في هذه المنطقة، بينما لا يقر الدستور الحالي سوى معدل 13٪.‏ الحديث المتداول بين الناس الآن في دلتا النيجر، هذه المنطقة الغنية جداً بالنفط في جنوب نيجيريا، يدور حول اختطاف العاملين في حقول النفط، وتخريب الأنابيب، وتدمير قسم من إنتاج المحروقات، فالعنف الذي يعصف بجنوب نيجيريا منذ أكثر من سنتين يتمظهر كتعبير حاد عن هذه «اللعنة للذهب الأسود» التي تجمع بين الثروة النفطية والإفقار المطلق للسكان، والفساد، وعدم الاستقرار السياسي في معظم البلدان الإفريقية المنتجة للنفط.‏ لاشك أن طفح هذه الثورات التي تحرم نيجيريا بنحو 25٪ من إنتاجها النفطي، (الذي انتقل من 2.6 مليون برميل يومياً في سنة 2006 إلى ما يقارب 1،7 مليون برميل يومياً في الوقت الحاضر، بينما بإمكان نيجيريا أن تنتج أكثر من 3 ملايين برميل يومياً، تؤثر في أسعار النفط الخام العالمي، وتجلب الانتباه حول الموقع الجيواستراتيجي المركزي، الذي يحتله في إفريقيا، خليج غينيا الذي يضم ثماني دول نفطية: أنغولا، الكاميرون، الكونغو، الغابون، غينيا الإستوائية، نيجيريا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ساوتومي وبرنسيبي، وتشهد كل هذه البلدان نشاطات مافياوية، لم تهتم الممثليات الغربية في هذه البلدان مرة لأمرها، تضاربات المصالح هذه والاستغلال الاجتماعي للشعوب في اقتصادات غير عادلة، يزرعان ضمن الشعوب الإفريقية رفضاً يزداد عنفاً يوماً بعد يوم للوجود الغربي وللأنظمة المحلية المنخورة بالفساد..‏ بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها القارة الإفريقية منذ نهاية الحرب الباردة، أصبحت هذه المنطقة المهملة منذ مدة طويلة، وأيضاً غير المستقرة سياسياً، تمركز شجع الدول الغربية، لاسيما الولايات المتحدة الأميركية ولكن أيضاً بلدان ناشئة مثل الصين، وهكذا أصبحت إفريقيا رهاناً استراتيجياً للولايات المتحدة فأصبحت تنادي بإحلال الديمقراطية واقتصاد السوق الذي ارتبط تطبيقه بالسياسات العالمية للتجارة الحرة وقامت الأجندة الأميركية على تصفية أنظمة الحكم الإفريقية التي كانت حليفة للمعسكر الشرقي إبان الحرب الباردة، وتسوية الصراعات الإفريقية، وفق رؤية حلفاء المعسكر الغربي في إفريقيا، ودفع الأنظمة الإفريقية التي تتبنى النموذج الغربي سياسياً واقتصادياً، وصياغة شراكة أميركية – إفريقية لتأمين المصالح الأميركية.‏ بالنسبة لواشنطن، هذه المنطقة أصبحت الخليج العربي المقبل، بعدما زاد إنتاج إفريقيا السوداء على أربعة ملايين برميل يومياً، وباتت تنتج مقدار ما تنتجه إيران وفنزويلا والمكسيك مجتمعة، ففي عشر سنين زاد إنتاجها بنسبة 36 في المئة مقابل 16 في المدة لباقي القارات، فالسودان الذي بدأ تصدير نفطه قبل ثلاثة أعوام يستخرج يومياً 186000 برميل، فيما ستزيد نيجيريا، الدولة الإفريقية الأولى من حيث تعداد السكان (140 مليون نسمة) ومن حيث تصدير النفط الخام أيضاً، إنتاجها ما بين 2.2 و 3 ملايين برميل يومياً حسب إحصائيات العام 2007، قبل أن ترفعه إلى 4.42 ملايين برميل في العام 2020، أما أنغولا المصدر الثاني في القارة والتي خرجت في ربيع العام 2002 من حرب أهلية دامت خمسة عشر عاماً فيتوقع من الآن وحتى الموعد نفسه أن تضاعف إنتاجها ليصبح 3.28 ملايين برميل، وفي عام 2006 أصبحت أنغولا المزود الأول للصين بالنفط، وخلال هذه الفسحة من الزمن فإن غينيا الاستوائية التي تمتلك الآن أكبر عدد من الرخص المتداولة للتنقيب عن النفط (إلى جانب أنغولا) ستسمح لها مياهها الإقليمية أن تصبح من الآن وحتى العام 202٠ المصدر الثالث في إفريقيا للنفط الخام (متقدمة على الكونغو والغابون) عبر إنتاجها 740000 برميل يومياً.‏ كما أن لحقول النفط الإفريقية الواعدة منافع سياسية أكيدة، فمن جهة جميع الدول الإفريقية، باستثناء نيجيريا، لا تنتمي إلى «منظمة الدول المصدرة للنفط» أوبيك، التي تسعى أميركا في التزامها خطة استراتيجية طويلة الأمد إلى إضعافها عبر حرمانها انضمام بعض الدول الصاعدة إليها ومن جهة أخرى فإن هذه الاحتياطات النفطية، بحسب ما يؤكد السيد روبرت مورفي، مستشار وزارة الخارجية للشؤون الإفريقية، هي في شكل أساسي من نوع «الأوف شور» وتبقى في منأى عن أي اضطرابات سياسية أو اجتماعية محتملة، فالتوترات السياسية أو أي نوع آخر من موضوعات النزاع نادراً ما تتخذ بعداً إقليمياً أو إيديولوجياً قد يفضي إلى عملية حظر جديدة.‏ وهكذا يمتد اهتمام واشنطن بالنفط الإفريقي حتى مجمل خليج غينيا، الذي يحتوي على احتياط نفطي يبلغ 24 مليار برميل، وهو القطب العالمي الأول في إنتاج النفط بعيداً جداً خارج الحدود، وأخيراً فإن احتياطات القارة متصلة مباشرة بالساحل الشرقي للولايات المتحدة، ما عدا الحقول السودانية، في انتظار انجاز خط انابيب «تشاد – كاميرون» الذي سيضخ 250000 برميل من النفط يومياً في اتجاه الأطلسي، والحقيقة أيضاً كما يذكر تقرير لافت قدم في مؤتمر للكنائس الإنكليكانية في إفريقيا الوسطى: إن الالتزامات النفطية في غينيا الاستوائية ممنوحة لعملاء أميركيين من «ذوي العلاقات الوطيدة بإدارة بوش السابقة».‏ إن نيجيريا هذه المستعمرة البريطانية التي تعتبر سادس مصدر للنفط في العالم، وأول منتج له في إفريقيا، هي أحد البلدان التي تعتمد عليها الولايات المتحدة الأميركية من أجل تأمين احتياجاتها النفطية، فهناك نحو 10٪ من الواردات النفطية الأميركية تأتي من نيجيريا، وتقدر واشنطن أنه خلال عشر سنوات سيكون ربع النفط والغاز الذي سيشتريه الأميركيون إفريقياً ويبدو مستقبل النفط في نيجيريا، وأنغولا، وغينيا الاستوائية واعداً بيد أن نيجيريا مهددة بالانفصال جراء شمولية الفساد المنتشر في أجهزة الدولة ولدى الشركات النفطية العاملة في البلاد فمنذ الاستقلال حصلت نيجيريا على نحو 350 مليار دولار كعائدات من مبيعات النفط، بيد أن هناك 50 مليار دولار ذهبت إلى جيوب وأرصدة مافيات الفساد إضافة إلى ذلك فإن الصراعات الطائفية والعرقية تهدد وحدة البلاد، بسبب انقسامها بين شمال زراعي يقطنه سكان مسلمون في غالبيتهم إذ يتم تطبيق الشريعة الإسلامية في عدد من ولاياته، وبين جنوب مسيحي وغني بالنفط.‏ وتترافق مع هذه الوضعية السوداوية عودة الحركات السياسية إلى استخدام العنف، جامعة بين اللصوصية الاقتصادية والمطالب السياسية، وتستهدف بشكل خاص شركات النفط العاملة في دلتا النيجر، مثل شال، شيفرون، آجيب، طوطال، بسبب تدميرها للبيئة وتهريب مرابحها.‏ وتعصف الاضطرابات الحاصلة في دلتا النيجر بالثروة النفطية التي تجلب 70٪ من العائدات للبلاد بيد أن المفارقة القائمة في نيجيريا تكمن في أن 70٪ من السكان يعيشون بأقل من دولارين في اليوم وهناك ما يقارب 1000 قتيل يموتون سنوياً ضحايا العنف الدامي في دلتا النيجر، يضاف إلى ذلك الضحايا الذين يموتون جراء الأمراض التنفسية الناجمة عن انتشار المواد السامة، واللاجئون الاقتصاديون الذين بسبب ما يتعرضون له من تلوث السلسلة الغذائية يتكدسون في أحزمة المدن، لاسيما في لاغوس العاصمة الاقتصادية النيجيرية، التي تضم 15 مليون نسمة.‏ وهكذا، فإن التهديد بالانفصال أصبح مسلطاً من جديد على نيجيريا، وهو يذكرنا بالحرب الانفصالية التي خاضها الجنرال أوجوكيو في إقليم البيافرا ما بين 1967 – 1970 والتي ذهب ضحيتها ما يقارب مليوني شخص ثلاثة أرباعهم ماتوا بسبب المجاعة.‏    (المصدر: جريدة المستقبل( يومية – لبنان )العدد 3360 – رأي و فكر – صفحة 19بتاريخ 11 جويلية 2009 )  
 

ساركوزي المتطرف.. هل قتل مروة المحجبة؟

مهنا الحبيل من المؤكد أن الإرهابي الحقير أليكس وهو أحد عناصر التطرف العنصري الألماني كان أداة التنفيذ المباشرة لاغتيال الشهيدة مروة الشربيني، لكن شركاء الجريمة السياسيين والإعلاميين ضالعون في العمل الإرهابي الذي ذهبت ضحيته مروة وأصيب زوجها علوي عكاز برصاص مباشر من ضابط الحماية المفترض في محكمة دريسدن الألمانية والذي أطلق النار على علوي بدلاً من الجاني ونُقل عن علوي أن الضابط المذكور كان يعرفه جيدا حين إطلاق النار في إشارة إلى احتمال تواطؤ الضابط مع الجاني ليس في التخطيط للجريمة ولكن في كونه قد بادر بإطلاق النار على علوي حماية للإرهابي أليكس حين بادر علوي لمصارعته في محاولة للدفاع عن الشهيدة وفي هذه اللحظة بادر الضابط بإطلاق النار على علوي. وبغض النظر عن ثبوت الشكوك حول دوافع الضابط فإن قضية شركاء الجريمة ليست مقترنة بفعل الحادثة ولكنها وبإجماع من الأطراف الرئيسة في الجالية العربية وبعض المنظمات الحقوقية هي نتيجة لحجم الحقن والتعصب الإعلامي والسياسي الموجَّه ضد العرب والمسلمين في الغرب، ومع إيماننا بحراك ووعي شريحة من أبناء المجتمع المدني الغربي تنبذ خطاب العنصرية وتتواصل مع الجالية المسلمة، إلا أن دورها محدود في مواجهة سيل خطاب الكراهية والتحريض الرسمي وغيره. ومن هنا فمن الطبيعي أن نلتفت إلى قائد تجديد الحملة العنصرية ضد المسلمين وتحديداً ضد الحجاب وهو هنا بلا تردد الرئيس الفرنسي ساركوزي، ولا يُعفي ذلك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بحكم أنها هي ذاتها كانت ولا تزال محل تجاوب مع هذه الحملات وإن بوتيرة أقل من ساركوزي، وقد يستدرك البعض بأن عضو البرلمان الهولندي والرسام الدنماركي سيئي الذكر لهما الصدارة وبلا شك وأنهما شريكان في الجريمة سياسياً وأخلاقياً، لكن وضع الرئيس الفرنسي ساركوزي أهم وأكثر مركزية للحملة. إن المتابع لحديث الإعلام الفرنسي المتصل بباقي الإعلام الغربي بحيوية مباشرة يدرك سلسلة تحريضات الرئيس ساركوزي على الحجاب بشقيه: النقاب أو كشف الوجه ويستحضر هنا موقف الرجل منذ أن كان وزيراً للداخلية وتبنيه لقانون فرض نزع الحجاب كاملاً على المرأة المسلمة في المؤسسات التعليمية والرسمية. وعودة الرجل إلى الهجوم على النقاب إنما تؤكد أن هذه الشخصية تحمل من العقيدة الأيديولوجية المعادية للوجود العربي والثقافة الإسلامية ما يُحولها إلى حالة إدمان ومتابعة لا تهدأ تجاه أبناء الجالية، وهذا السُعار الدائم الذي يحركه ساركوزي يُنقل إلى أوروبا دورياً مع سيل من ثقافة الكراهية والعنصرية في المؤسسات الإعلامية التي تُرضِع تلك النماذج العنصرية وتُغذيها. من دون أن تصدر أي لغة ردع أو تحذير أو ضبط لمشروع ساركوزي الذي قاد ويقود حملة التطهير الوجودي للجالية العربية والإسلامية، وعليه فإن برنامج المواجهة والاحتجاج إنما يجب أن ينطلق للمصدر كما يُدين الآلة المنفذة ويجب أن يكون الخطاب واضحاً في تحميل المسؤولية السياسية والأخلاقية للزعماء الغربيين الذين يُسعرون خطاب الكراهية والتحريض، فهم المسؤولون عن دماء مروة وحقوق الجالية المنتهكة، وهم كذلك مسؤولون عن ثقافة العنف الأصلي والمضاد والتطرف لأنهم هم من صنعوا علته وأسبابه ولا يزالون يمارسون صراع الحضارات عملياً بأقذر وسيلة وبأقبح خطاب. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 11 جويلية  2009)  
 

 

 
 

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.