TUNISNEWS
7 ème année, N° 2431 du 17.01.2007
الحياة: تونس: إحالة عناصر مسلحة على القضاء وعزل مستشار لبن علي سليم بوخذير: بالتزامن مع حدث الإشتباكات المسلّحة – إيقاف مجلّة في تونس يُديرها صهر رئيس البلاد لِ”سبب غامض” القاضي سلطان: بعد انتهاء المواجهات الأخيرة بتونس العاصمة من الضروري تقييم انعكاساتها على تونس الصباح: قضية المحامي الأمريكي المتهم بالشذوذ وعرض أشرطة اباحية: عامـان و6 أشهـر سجنـا مع التأجيـل “الوقت” البحرينية : محــامٍ أميركي يتحـرش بقاصـر تونســي أكي: تونس وإيران توقّعان على اٍتّفاقية تجارية تفاضلية الصباح: بهدف تجفيف منابع التجارة الموازيـة – منع استيراد قطع الغيار المستعملة وإجراءات الصباح:ماذا عن الأنشطة التي ستفوت فيها «الصوناد» في إطار آلية الافراق؟ الصباح: الأستاذ الصادق الحمامي في مجلة «المستقبل العربي»:الفضاء العمومي في المجتمعات العربية تتجاذبه أنساق التحديث من جهة وأنساق التراث من جهة أخرى الحوار. نت: حوار مع الدكتور عبد المجيد النجار صابر التونسي: المواطن والتغيير عادل القادري: العرب بين الإسلام والإسهام محمد كريشان: رايس والاسطوانة المشروخة توفيق المديني: السياسة الصهيونية في إفريقيا د. أحمد القديدى: حكاياتي الطريفة مع الشيوعية د. سعيد الشهابي : الاصطفاف الطائفي يتحدي علماء الامة ومثقفيها عبد الوهاب المسيري: جنود نازيون يهود فهمي هويدي : العام الجديد.. سحب داكنة في الأفق القدس العربي: بيان لمرشد الاخوان ردا علي مبارك: ايدينا ممدودة للجميع بدون استثناء زهير الشرفي: الاختصاص من جديد´ محمد سعيد الخرشاني: تساؤلات…. ساذجة… ربما! أمير جابر: حكاية السنة والشيعة محمد عبد الحفيظ : تسمع جعجعة ولا ترى طحينا
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
دعـــوة
يدعوكم الحزب الديمقراطي التقدمي لحضور الاجتماع العام الذي يتناول:
الوضع السياسي وآفاقه في ضوء المواجهات الأخيرة بالضاحية الجنوبية
وذلك مساء الجمعة 19 جانفي 2007 بداية من الساعة الرابعة بعد الزوال بمقره المركزي
تونس: إحالة عناصر مسلحة على القضاء وعزل مستشار لبن علي
تونس – الحياة فيما أكدت صحيفة «الصباح» أمس أن المتورطين في المواجهات مع قوات الجيش الشهر الماضي ومطلع الشهر الجاري أحيلوا على القضاء طبقاً لقانون مكافحة الإرهاب، نفى محامون نقل الملف إلى الدوائر القضائية. وقال المحامي عبدالرؤوف العيادي إنه قدم إلى السلطات القضائية لائحة بأسماء معتقلين بعدما كلفته أسرهم الدفاع عنهم، لكن اتضح أنهم ما زالوا في أيدي الأجهزة الأمنية. وأوضح لـ «الحياة» أنه إذا ما ثبت أن عسكريين قُتلوا في المواجهات فإن الملف يُحال حكماً على المحكمة العسكرية، إلا أنه أفاد أن الأخيرة لم تتسلم حتى نهار أمس بأي ملف من هذا النوع. وكان وزير الداخلية رفيق حاج قاسم أعلن في اجتماع حزبي أواخر الأسبوع الماضي أن المواجهات أدت إلى مقتل اثنين من قوات الأمن وجرح ثلاثة آخرين من دون تحديد ما إذا كانوا من الجيش أو من قوات الدرك التي شاركت بكثافة في الاشتباكات مع المجموعة المسلحة. وأسفرت المعارك وفق الحصيلة الرسمية عن مقتل 12 عنصراً مسلحاً من أفراد المجموعة (التي أتى ستة منهم من الجزائر) واعتقال 15 آخرين. وذكرت صحف محلية أن حواسيب محمولة ضُبطت مع أفراد المجموعة كشفت رسوماً لموقعي سفارتي دولتين كبريين كانتا مستهدفتين، ويُرجح أنهما سفارتا أميركا وبريطانيا الموجودتان في ضاحية «البحيرة» الراقية شمال العاصمة. وأفاد مصدر مطلع أن المعتقلين الخمسة عشر سيكونون أول مجموعة تُحال على القضاء قريباً، مُرجحا أن تُفوض المحكمة العسكرية ملاحقتهم قضائياً، فيما سيُحال المشتبه في كونهم ساعدوهم على محاكم عادية. وكانت جمعيات حقوقية أشارت إلى اعتقال عشرات من مدينة سليمان للاشتباه في أنهم ساعدوا أفراد المجموعة وبينهم سندس الرياحي التي وُصفت بكونها صديقة نائب «أمير» الجماعة ربيع الباشا والمُعتقلة منذ أسبوعين. وجرت أعنف المعارك بين عناصر المجموعة المسلحة في محلتين منفصلتين من مدينة سليمان (30 كيلومتراً جنوب العاصمة) في الثالث من الشهر الجاري وأدت إلى مقتل الباشا وأسعد ساسي الذي اعتُبر أمير الجماعة. وفي سياق متصل، أفادت «الصباح» أمس أن شحنة من المتفجرات محلية الصنع عُثر عليها ظهر الأحد في ضاحية أريانة شمال العاصمة تونس من دون تحديد الكمية أو ما إذا كانت عناصر اعتُقلت في الوقت نفسه. وهذه هي المرة الأولى التي يُعلن فيها كشف مواد متفجرة في المنطقة الشمالية، بعدما اقتصر مسرح الأحداث على الضواحي الجنوبية. من جهة أخرى سُجل أمس أول تغيير سياسي بعد الأحداث الأخيرة وتمثل في عزل المستشار السياسي للرئيس زين العابدين بن علي محمود المهيري واستبداله بسفير تونس في لندن محمد الغرياني الذي كان يشغل قبل التحاقه بالسلك الديبلوماسي منصب الأمين العام المساعد للحزب الحاكم. وتوقع مراقبون أن تكر سبحة التغييرات بناء على الواقع الجديد الذي أفرزه تمكن عناصر مسلحة من التسلل إلى مناطق قريبة من العاصمة والاشتباك مع قوات نظامية. ولمحت صحف إلى أن طول الملاحقات التي استمرت أكثر من 10 أيام في مساحة لم تتجاوز 20 كيلومتراً مربعاً دلّ على وجود تقصير امني وسياسي. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 17 جانفي 2007)
بالتزامن مع حدث الإشتباكات المسلّحة
إيقاف مجلّة في تونس يُديرها صهر رئيس البلاد لـ ِ”سبب غامض”
تونس – سليم بوخذير
بمقتضى قرار وُصف بـ “الغامض”، وقع في تونس مؤخرا إيقاف مجلة يديرها صهر رئيس البلاد زين العابدين بن علي بشكل مفاجئ، دون أن يرد أي تفسير لا من المصادر الحكومية ولا من مدير المجلة لهذا الحجب.
وقال لنا أكثر من صحفي في تونس إنّ “مجلة “إينيفير سبور” hلأسبوعية الرياضية التي يديرها عماد الطرابلسي صهر الرئيس التونسي قد “وقع إيقافها فجأة بقرار غامض منذ 3 أعداد” .
وأوضح لنا عدد من باعة الصحف بالعاصمة التونسية أنّ المجلة لم “تصلهم منذ أكثر من أسبوعين دون أن يعرفوا السبب”.
و قال صحفي تونسي مختصّ في شؤون الرياضة فضّل عدم الكشف عن اسمه، إنّ زملاء يعملون في المجلة التي يديرها عماد الطرابلسي “أخطروه أنّ قرارا مفاجئا صدر بإيقاف المجلة نهائيا منذ 20 يوما تقريبا و أنّ المدير أعلمهم به طالبا منهم عدم العودة لمقرّ العمل”.
ورخّصت السلطات التونسية لعماد الطرابلسي شقيق حرم الرئيس التونسي ليلى بن علي في إصدار مجلة رياضية يدير تحريرها منذ جانفي – يناير 2006 حيث بدأت في الصدور بشكل دوري أسبوعي، فيما رفضت السلطات الترخيص لعدد من الصحافيين والنشطاء الحقوقيين تقدّموا بمطالب لإصدار صحف على مدى الأربع سنوات الماضية .
و أثارت وقتها حكاية الترخيص لصهر الرئيس بإصدار مجلة مع أنّه لم يسبق له العمل في قطاع الصحافة إنتقادات عديدة من قبل عدد من أطياف المجتمع المدني التونسي اتهموا الحكومة بـ “محاباة الحكومة لصهر الرئيس” .
وفور صدور العدد الأول من مجلة عماد الطرابلسي، أصدر عدد من الكتاب و الصحافيين و قياديّي عدد من الأحزاب و المنظمات الحقوقية ، عريضة وقّعوها طالبوا فيها الحكومة بـ “رفع يدها عن قطاع الإعلام و إطلاق حرية النشر و إيقاف ظاهرة إهداء القطاع إلى أصهار الرئيس” ، حسب وصفهم .
وبعد سنوات طويلة لم تسمح فيه حكومة الرئيس بن علي بتأسيس محطات إذاعية أو تلفزيونية خاصة، كانت الحكومة قد رخّصت في 2004 بإنشاء إذاعة “موزاييك” و تلفزيون “حنبعل” ، لكن مصادر المعارضة وصفت هذين المحطتين بأنهما “محطتان خاصّتان و ليس مستقلان” ذاكرة أن “كلاّ منها على ملك صهر من أصهار الرئيس” .
و تتّهم تقارير متطابقة للإتحاد الدولي للصحافيين و منظمة “مراسلون بلا حدود” و “هيومان رايتس ووتش ” و الشبكة الدولية لمنظمات حرية التعبير “إيفيكس” السلطات التونسية ب”إنتهاك حرية التعبير و ملاحقة واعتقال الصحافيين المستقلين و التحرّش بالمدافعين عن حرية التعبير ” .
وأتى قرار إيقاف مجلة صهر رئيس البلاد متزامنا مع أحداث الإشتباكات المسلحة الأخيرة مع مجموعة قال وزير الداخلية التونسي إنّها تسربت بالسلاح إلى تونس من الجزائر، وهو ما جعل بعض التأويلات في تونس تسير في إتجاه أنّ “هناك علاقة مّا بين قرار إيقاف المجلة وخلفيات التحقيقات في المجموعة التي سرّبت السلاح” ، لكن إلى غاية تحرير هذا التقرير لم تصدر أي توضيحات في هذا الخصوص من أي مصدر مستقل .
و سبق لعدد من قياديي منظمات و أحزاب تونسية أن رفعوا قضية بصهر الرئيس التونسي عماد الطرابلسي مطالبين بـ “التحقيق معه في جرائم تهريب ليخوت مختلسة عبر الحدود” ، و جاءت القضية على خلفية مقال كانت نشرته صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية في أحد أعدادها في أكتوبر – تشرين الأول الماضي نقلت فيه عن متحدثين قضائيين في فرنسا أن التحقيقات مع أفراد عصابة تورطت في اختلاس زهاء 40 يختا فاخرا أفضت إلى “ضلوع صهري الرئيس التونسي عماد و معزّ الطرابلسي في سرقة اليخوت و تهريبها إلى تونس”، على حدّ وصف الصحيفة الفرنسية .
و قالت الصحيفة الفرنسية وقتها إن المتهم “سدريك .س” قال في الأبحاث “إنّه قبض 40 ألف يورو من صهري الرئيس التونسي عماد و معز الطرابلسي مقابل تسليم اليخوت المسروقة التي حوّلوها إلى تونس”.
(المصدر: مدوّنة “القلم الحرّ” بتاريخ 16 جانفي 2007)
الرابط : http://alkalamalhor.maktoobblog.com/?preDate=2007-01-16%2012:15:00&post=187291
وصلتنا الرسالة التالية عبر البريد الالكتروني يوم 17 جانفي 2007 من طرف “القاضي سلطان”:
بعد انتهاء المواجهات الأخيرة بتونس العاصمة من الضروري تقييم انعكاساتها على تونس خاصة سياسيا ، وسأحاول أن أكون موضوعيا وأرجو أن يطلع الرئيس على هذا التقييم نظرا لانقطاع السبل أمام إيصال أي معلومة أو تحليل إليه عبر الطرق الإدارية بالقصر.
جاءت الأحداث الأخيرة بعد الطلب من الرئيس تجديد ترشحه لرئاسيات 2009 بالرغم من أن حالته الصحية غير مطمئنة، وهو ما يعني وجود جناح في السلطة يعتبر تنحي بن علي نهاية حتمية له وبذلك تكون الأحداث الأخيرة بمثابة دليل للتونسيين و للغرب بأن هذا هو البديل إذا تنحى بن علي.
ويتناسب هذا التحليل مع بعض ما ذهبت إليه جهات مقربة من التجمع و حتى بعض الكوادر الأمنية خاصة من الحرس الوطني من أن أجنحة في السلطة و بعض رجال الأمن والديوانة مورطون بطريقة ما في التخطيط واختيار التوقيت وربما التجنيد وتيسير توفير الأسلحة.
وهو ما يتوافق مع تصريحات وزير الداخلية أحد عناصر هذا الجناح حيث بين أن الأجهزة الأمنية كانت على علم بهذه الجماعة منذ دخولها لتونس وهي التي حددت توقيت الهجوم. مع العلم بأن العناصر المسلحة موجودة قي تونس منذ مدة طويلة وحديث الوزير يوحي بأنهم حديثي الدخول لتونس.
من جهة أخرى يعرف الجميع بأن أجهزتنا الأمنية تعمل حسب طرق استباقية حسب تعليمات الرئيس شخصيا منذ الثمانينات لتفادي وقوع الأحداث، حيث ليست لنا الإمكانيات للتتبع المفصل للأشخاص على مدة طويلة. وفي هذا الإطار تم إيقاف الكثير من السلفيين، فلماذا لم يتم إيقاف هذه العناصر إذن؟
وشخصيا أعتبر هذه الفرضية هي الأقرب للحقيقة و أستبعد فرضية التعليمات الأمريكية و التي تفيد بأن الإدارة الأمريكية هي من أعلمت الأجهزة الأمنية بوجود هذه العناصر وأصرت على أن تقوم القوات التونسية بقتالها وإلا فإنها سوف تقوم بقصف بعض الأحياء أو المساجد التي يتواجدون بها.
أيا كانت الفرضية وقد يكون كل منهما صحيحا فإن الأحداث جدت وانتهت ونحن بصدد تقييم تبعاتها.
على الصعيد الداخلي الأكيد أن كلا من السيد رفيق الحاج قاسم والسيد عبد الستار بنور والسيد عبد الرحمان الإمام سيلتحقون بالسلك الدبلوماسي في حين سوف يلتحق عدد من العسكريين بوزارة الداخلية. أما بقية الوزارات فمن المتوقع جدا تغيير كل من وزير الثقافة ووزير الشؤون الدينية والتعليم العالي.
كما أنه من الممكن إذا ما تجمعت للرئيس مجموعة من المعطيات تنحية إما عبد الله القلال ومرجان معا أو عبد العزيز بن ضياء وسيعتبر ذلك بمثابة نجاح جناح وتهاوي الجناح الآخر.
على الصعيد الخارجي وإذا ما صحت بعض المعلومات الصادرة من بعض السفارات الغربية فإن هناك توصية في أحدى التقارير المشتركة بعدم التعويل على بن علي مستقبلا وهو ما يعني إما عدم تمكينه من الترشح سنة 2009 أو عدم التعاون معه منذ الآن وهو ما قد يعني بداية حملات إعلامية ضده وهو ما أستبعده في الوقت الراهن. و لا أعتقد أن حامد القروي كان على علم بهذه التوصية حين انتقد عدم تعاطف الغرب مع القيادة التونسية وإشارته إلى استقلالية القرار في تونس.
تعليق تونس نيوز:
والله أعلم !!
مع قوات الأمن الوطني في الكفاح ضد الجريمة و الإرهاب
و بعد ما جاء في كلمة السيد وزير الداخلية .و لأن هذه المسألة قضية مبدأ .وبلا تردد أدعو كل التونسيين للوقوف صفا واحدا للذود على حرمة الوطن بمساندة قوات الأمن في مهمة الحفاظ على أمن بلادنا من الجريمة والإرهاب.
عدنان الحسناوى
تونس في 16 جانفي 2007 نعــــــــــــــــــــي
تنعى جمعية رادْ أتاك تونس بشديد الأسى واللوعة الصديق والمناضل وعضو الجمعيّة، أحمد العبيدي الذي وافته المنيّة في إيطاليا يوم 3 جانفي 2007. وقد تمّ موكب الدّفن بمقبرة مدينة سليمان يوم الثلاثاء 16 جانفي 2007. وبهذه المناسبة الأليمة، تتقدّم رادْ أتاك تونس إلى أسرة الفقيد وسائر أصدقائه بأحرّ التعازي. وداعا فقيدنا العزيز أحمد
رادْ أتاك تونس فتحي الشامخي
إنا لله وإنا إليه راجعون
لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
توفي يوم 12 جانفي2007 العم بلقاسم عناية والد أخينا عبد المانع عناية اللاجئ السياسي بالسويد. وبهذه المناسبة الأليمة نتوجه إلى أخينا عبد المانع بأحر التعازي سائلين المولى عز وجل أن يرحم الفقيد العزيز ويتقبله في الصالحين ويرزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
للإتصال والتعزية:
08-54066672 : البيت
الجوال: 0708137873
تهنئة للأخ عماد عثماني وحرمه
الله أكبر ولله الحمد،
ببالغ الفرح والسرور أعلم* الأخوة الأفاضل، أصدقاء الأخ عماد العثماني والأخوات الفضليات صديقات الأخت دليلة البش زوجة عماد أن الله تعالى قد رزق الأسرة الكريمة ثلاثة أبناء (بنتين وولد) يوم الإثنين15جانفي (بعملية قيصرية) وكلهم والحمد لله بخير.
هذا وإن الأبناء الثلاثة قد ولدوا بعد طول انتظار (13سنة) تخلله صبر وتوكل على الله وأخذ بالأسباب.
الأخت دليلة من قدماء طلبة الحقوق بصفاقس والأخ عماد من طلبة التصرف والكاتب العام السابق للإتحاد العام التونسي للطلبة بكليته.
وأما البشرى الثانية (وهي أسبق) أن الأخت دليلة قد انكبت في الفترة الماضية على حفظ كتاب الله وتعليمه لأخواتها المسلمات في كل المهاجر التي مرت بها وقد وفقها الله تعالى لإتمام حفظه ونالت في ذلك شهادة الحفظ المسند إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
عماد ودليلة يقيمان الآن في تركيا ويسألان جميع الأخوة الدعاء للمواليد الثلاثة (أحمد، وتسنيم، وهبة).
تحية لأخي عماد ولأختي دليلة وبارك الله لكما في الأبناء وأعانكما على تربيتهم،
وأسأل الله أن ينبتهم نباتا حسنا وأن يجعلهم من أهل القرآن.
لتهنئة الأخ عماد والأخت دليلة: 00905357072175
00902124823923
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*طه بعزاوي
قضية المحامي الأمريكي المتهم بالشذوذ وعرض أشرطة اباحية:
عامـان و6 أشهـر سجنـا مع التأجيـل
ادانت الدائرة الجنائية الرابعة بابتدائية تونس في ساعة متأخرة من مساء اول امس المحامي الامريكي الذي ينشط في المجال الحقوقي والقانوني وقضت بسجنه مدة عامين و6 اشهر مع اسعافه بتأجيل العقاب البدني بعدما ثبتت ضده تهم مسك وعرض صور وافلام اجنبية المصدر من شأنها النيل من الاخلاق الحميدة وتعاطي اللواط طبق الفصلين 230 و121 من القانون الجزائي. وللاشارة فان المتهم له من العمر 46 عاما وينشط في المجال الحقوقي والقانوني بين امريكا واوروبا وشمال افريقيا. وكان منطلق تورطه في هذه القضية معلومات وردت على السلطات الامنية المكلفة بمكافحة التفسخ الاخلاقي مفادها اندماج احد الاشخاص في عمليات ترويج افلام اباحية وممارسة الشذوذ، فتوجهوا الى المكان الذي يوجد به ذلك الاجنبي وهو عبارة عن غرفة بنزل شعبي بباب الجديد، ووقعت مداهمته فضبط معه شخص آخر من مواليد 1989، كما ضبطت لديه آلة تصوير رقمية تحتوي على اشرطة اباحية وكذلك جهاز حاسوب وبعض الاشياء الاخرى التي تستعمل في العلاقات الجنسية. وباحالتهما على باحث البداية تبين ان المظنون فيه الثاني وهو تونسي الجنسية لم يتجاوز سن الحداثة لذلك افرد بالتتبع. واما المظنون فيه الاول وهو المحامي الامريكي فقد انكر تورطه في عمليات ترويج او عرض اشرطة اباحية كما نفى ممارسته اللواط بصنفيه. وفي خاتمة الابحاث احيل صحبة ملف القضية على انظار هيئة الدائرة الجناحية الرابعة بابتدائية تونس والتي عقدت جلسة سرية في حدود الساعة الواحدة من يوم الاثنين الفارط، وخلال الجلسة حضر مترجم محلف وترجم اقوال المتهم الذي تمسك بالانكار التام لجملة التهم المنسوبة اليه وبين ان الاشرطة التي حجزت لديه في اطار عمله لا غير. ورافع عنه محامو الدفاع وبينوا ان التهمة غير ثابتة ضد منوبهم واضاف ان الاشرطة والادوات المحجوزة لديه كان يستعملها في اطار عمله كمحام لانه مختص في الترافع في القضايا الجنسية وقضايا الشذوذ، وطلبوا بناء على ما جاء في مرافعاتهم الحكم في حقه بالبراءة. وبعد المرافعة والمفاوضة قررت هيئة المحكمة القضاء بسجن المتهم مدة عامين و6 اشهر مع اسعافه بتأجيل العقاب البدني. مفيدة القيزاني (المصدر:جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 17 جانفي 2007)
محــامٍ أميركي يتحـرش بقاصـر تونســي
حكم على محامٍ أميركي بالسجن 30 شهراً مع وقف التنفيذ بتـهمة <>ممارسـة الجنس مع قاصـر وترويـج صور وأفلام بورنوغرافية>>، بحسـب مصدر رسمي في تونس. وقال المصدر إن القضاء دان المحامي (47 عاماً) بـ <>ممارسة الجنس مع طفل قاصر وتعمده تصوير مشاهد بورنوغرافية وتجميعه أشرطة فيديو وترويجها في بعض المناطق التونسية، ما من شأنه النيل من الأخلاق>>. وصدر الحكم عن الدائرة الجنائية للمحكمة الابتدائية في تونس إثر جلسة مغلقة مساء الاثنين، على أن يوضع القاصر <>في عهدة قاضي الأطفال>>، وفق المصدر نفسه. وتناولت الصحافة التونسية القضية، وهي الأولى من نوعها التي يتورط فيها مواطن أجنبي. وذكرت صحف محلية خاصة أنه تم القبض على المتهم <>متلبساً في أحد نزل العاصمة التونسية برفقة قاصر يحمل الجنسية التونسية>>. وأضافت <>أن المحامي الأميركي يمثل بعض الشركات المحترفة في مجال الأفلام الإباحية>>. ويتوقع أن يتم ترحيل المتهم، فيما رفضت الأجهزة القنصلية الأميركية التعليق على القضية. (المصدر: صحيفة “الوقت” البحرينية الصادرة يوم 17 جانفي 2007)
تونس وإيران توقّعان على اٍتّفاقية تجارية تفاضلية
تونس (17 كانون الثاني/يناير ) وكالة (أكي) الإيطالية للأنباء – ذكر مصدر رسمي أن تونس وإيران وقّعتا اليوم الأربعاء في طهران على اٍتّفاقية تجارية تفاضلية قصد تطوير وتنويع المبادلات التّجارية بين البلدين.
وأفادت وكالة الأنباء التونسية الحكومية مساء اليوم أن هذه الاٍتّفاقية تنصّ على خفض الرسوم الجمركية بالنسبة إلى قائمتين من السلع التونسية والإيرانية.
وقد وقّع على هذه الاتفاقية المنذر الزنايدى وزير التجارة والصناعات التقليدية التونسي ومسعود مير كاظمي وزير التجارة الإيراني.
وأضافت الوكالة أن الوزير التونسي ترأس أيضا مع نظيره الإيراني جلسة عمل تمّ خلالها بحث السبل الكفيلة بتعزيز التعاون الاٍقتصادي والتّجاري بين البلدين وتفعيل دور القطاع الخاص لتطوير المبادلات التّجارية والاٍستثمارات المشتركة.
وكان وزير التّجارة والصّناعات التقليدية التونسي منذر الزنايدى قد وصل أمس الأول إلى طهران في زيارة عمل تستغرق ثلاثة أيام بهدف تعزيز التعاون الثنائي وتنويعه ليشمل المجالات الاٍقتصادية والاٍستثمار وأجرى محادثات مع مسؤولين إيرانيين، من بينهم مساعد رئيس الجمهورية ورئيس المنظمة الإيرانية للسياحة والتراث الثقافي، ومساعد وزير النفط ورئيس الشركة الوطنية الإيرانية للبتروكيماويات، إضافة إلى رئيس الغرفة الإيرانية للتجارة والصناعة والمعادن .
(المصدر: وكالة أكي الإيطالية للأنباء بتاريخ 17 جانفي 2007)
الرابط: http://www.adnki.com/index_2Level_Arab.php?cat=Business&loid=8.0.377103959&par=0
بهدف تجفيف منابع التجـــارة الموازيـــــــة
منع استيراد قطع الغيار المستعملة وإجراءات
تونس – الصباح: بعد اتساع ظاهرة التجارة الموازية واغراق المنتوجات الموردة بطريق شرعية وغير شرعية لاسواقنا وخاصة منها الاسبوعية، اتخذت وزارة التجارة والصناعات التقليدية جملة من الاجراءات الهادفة الى تجفيف منابع التجارة الموازية والحد منها اقصى ما يمكن على أمل ارجاع الحياة للمنتوج المحلي وجعل قطاع الصناعة ينتعش بفرض تزويد الأسواق بالسلع والمنتوجات الوطنية. وقد اتخذت وزارة التجارة والصناعات التقليدية في المدة الأخيرة تمشيا في هذا الاتجاه يركز على الحد من التقليد والسعي للقضاء اقصى ما يمكن على التجارة الموازية وذلك عبر الغاء عدد من رخص التوريد الخاصة ببعض القطاعات وتشديد المراقبة على الأسواق الموازية وتكثيف الحملات على الباعة المتجولين ونقط البيع والتجارة العشوائية وفرض عقوبات وغرامات وحجز السلع الغاء عدد من رخص التوريد واهم ما انطلقت به حملة وزارة التجارة والصناعات التقليدية هو الغاء رخص التوريد وابرزها رفض توريد قطع الغيار المستعملة للسيارات فبعد ان انتشرت دكاكين ومستودعات ومخازن هذه القطع المستوردة اصاب الكساد. محلات بيع قطع الغيار واصبح المواطن يفضل اقتناء قطع غيار مستعملة وموردة من الخارج على قطع الغيار الجديدة والمصنع اغلبها في تونس. فالفرق في الثمن واضح بين هذا وذاك زيادة على ذلك فإن نفسية التونسي تميل دائما الى المورد حتى ان كان مستعملا ويعتبره افضل من الجديد المحلي. وقد لاحظنا هذه الأيام، ان اغلب الدكاكين والورشات والمخازن التي كانت مختصة في بيع قطع الغيار المستعملة والموردة بدات تحد من نشاطها وتختفي منها عديد السلع، وهو ما عاد بالايجاب على محلات بيع قطع الغيار الأخرى. «الفريب» كما مس هذا الاجراء كذلك قطاع «الفريب» او الملابس المستعملة حيث اتخذت وزاارة التجارة والصناعات التقليدية جملة من الاجراءات الهادفة الى تنظيم هذا القطاع اكثر بحيث لا تكون عمليات توريد الملابس المستعملة على حساب النسيج الصناعي والمنتوج المحلي، من ذلك الحد من استيراد الملابس الجلدية المستعملة خاصة ان النوعية المستوردة لا تزيد جودة عن الملابس الجلدية المصنعة في بلادنا والتي باتت تقليدا وصناعة تقليدية تعيل الاف العائلات سواء تعلقت هذه المنتوجات بالاحذية او الملابس الجلدية الاخرى كالجمازات والمعاطف.. وعلى عكس ميدان قطع الغيار المستعملة فان الملابس والمنتوجات الجلدية القديمة لم يتم منع استيرادها بل الحد منها وتنظيمها اكثر خاصة ان ظاهرة «الفريب» لم تعد تتعلق بشريحة اجتماعية معينة بل ان محلات الملابس القديمة المستعملة باتت قبلة لكل الشرائح الاجتماعية وباتت كذلك قطاع هام يشغل عشرات الالاف البنزين المهرب من جهة اخرى اتخذت الوزارة جملة من الاجراءات للقضاء على ظاهرة تسويق البنزين من بعض الدول المجاورة حيث تعممت هذه الظاهرة خاصة في المناطقة الجنوبية والغربية للبلاد واصبح البنزين يباع على الطرقات بصفة غير قانونية وبطرق لا تخلو من مخاطر. وقد تكثفت في المدة الأخيرة حملات المراقبة من قبل مصالح وزارة التجارة بالتعاون مع اجهزة الامن والقمارق لوقف نزيف تهريب وتسويق المحروقات. وتسعى وزارة التجارة والصناعات التقليدية بهذه الاجراءات وغيرها الى الحد من التقليد والسعي للتقليص اقصى ما يمكن من التجارة الموازية عبر تشديد الرقابة الميدانية وتنظيم الأسواق بالتعاون مع السلط الجهوية مع السعي الى توعية المستهلك. سفيان رجب (المصدر:جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 17 جانفي 2007)
حوار خاص بالحوار. نت
مع الدكتور عبد المجيد النجار، عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين
والأمين العام المساعد للمجلس الأروبي للإفتاء والبحوث
حاوره : الهادي بريك ــ ألمانيا الدكتور عبد المجيد عمر النجار : من مواليد 1945 ببني خدا ش بالجنوب التونسي متزوج وأب لولدين وبنت. دكتوراه من جامعة الأزهر الشريف عام 1981 في العقيدة الإسلامية والفلسفة. عمل أستاذا جامعيا بعدة جامعات عربية : تونس والجزائر والإمارات العربية المتحدة وقطر وأستاذا زائرا بجامعات عربية أخرى. حاصل على جائزة آل ثاني الوقفية العالمية بدولة قطر عن كتاب ” قضايا البيئة من منظور إسلامي “. باحث إسلامي صدرت له عشرات المؤلفات في العقيدة والفكر الإسلامي. الأمين العام المساعد للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وعضو به مكلف بالبحوث. رئيس المجلة الفصلية العلمية الصادرة عن المجلس. عضو مؤسس بالإتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ورئيس لجنة الترجمة والتأليف بالإتحاد. مسؤول بالمجلس العلمي بالكلية الأوروبية للعلوم الإنسانية بفرنسا.
نص الحوار:
الحوار. نت : بمناسبة أول ظهور للسلفية الجهادية في تونس ما هو رأيك دكتور عبد المجيد في الأسباب خاصة فيما يتعلق بالحالة التونسية ؟
الجواب: لا نعرف كثيرا عن هذا التيار في تونس، إلا أننا نعلم أنه منذ بعض سنوات ظهرت في تونس موجة من الشباب المتدين من فئة 18 ـ 25 سنة ، ونعلم أن شقّا من المنتسبين إلى هذه الموجة ينتهجون في تدينهم نهجا فيه شيء من الحرفية والسطحية في فهم الأحكام الدينية، وربما أدى ذلك ببعض منهم إلى غلو في هذا الفهم، يبدأ نظريا ثم ينتقل شيئا فشيئا إلى مظاهر عملية تتمثّل في القصد إلى تغيير الواقع الذي يرونه مخالفا للإسلام الصحيح بأيديهم، ويعتبرون ذلك أرقى ما يمكن أن يصل إليه تديّنهم، إذ الجهاد هو ذروة سنام الإسلام، فإذا هم ينخرطون في أعمال من العنف المسلح يحسبونه جهادا، فيطلق على هؤلاء اسم السلفية الجهادية.
أما الأسباب التي تؤدي إلى نشأة هذه الظاهرة في الوضع التونسي بصفة خاصة، فهي تعود فيما أرى إلى الأسباب التالية
:
1
ـ نزوع طبيعي إلى التدين عند هذه الفئة العمرية التي تعيش حالة من المثالية الطهورية تتمثلها في أرقى مظاهرها وهو التديّن الذي هو فطرة في النفس البشرية.
2
ـ ردّ فعل على ما تمارسه الفئات المتغرّبة في تونس من مواقع مختلفة، من انتهاك لمكوّنات الهوية ـ وعلى رأسها الدين، نظريا بالمنظومة الفكرية الطاعنة في الأسس الدينية، وعمليا بممارسة التميّع والحثّ عليه، وتيسير أسبابه، والتضييق على مظاهر التدين من مثل منع الحجاب وغيره.
3
انعدام الإرشاد الديني المتّصف بالاعتدال والوسطية، والقائم على التفقّه في الدين من قِبل المجتمع المدني ومؤسساته، وخاصة بعد غياب الحركة الإسلامية المعتدلة الوسطية عن الساحة منذ ما يقارب العقدين، أما الإرشاد الديني الرسمي فإن الشباب لا يثقون به، فلا تأثير يذكر له عليهم.
4
ـ سياسة الانسداد السياسي والاجتماعي الذي اتصف به الوضع التونسي، واعتماد القبضة الأمنية الغليظة مسلكا لضبط المجتمع، وهو ما يجعل اليأس يتسرب إلى نفوس الشباب، فيجعلهم يرون كل الأبواب للمشاركة فيما يرون من إصلاح مغلقة، فلا يبقى أمامهم إلا باب العنف.
5
ـ الأحداث العالمية التي تُنتهك فيها حرمة الإسلام والمسلمين، وتنقلها الفضائيات ليلا ونهارا، فذلك مما يؤجج في الشباب عواطفهم الدينية، ويولد فيهم حب الثأر للدين المهان.
الحوار. نت : وماهي في رأيك المعالجات الواقعية والعملية الممكنة لهذه الظاهرة التي تنحو منحى العنف؟
الجواب: أرى أن علاج هذه الظاهرة لا يمكن أن يتمّ إلا بالبحث الجاد والعميق في أسبابها، والعمل على تلافي تلك الأسباب. ولذلك فالعلاج فيما أرى لا يمكن أن يتم إلا بما يلي:
1
ـ انفتاح سياسي واجتماعي يجد فيه كلّ مواطن تونسي وخاصة الفئة الشبابية مجالا لإبداء الرأي والدفاع عنه بحرية وفق ضوابطها المعروفة، فيُفسح للمجتمع مجال لتأسيس المنظمات والمؤسسات السياسية والثقافية والاجتماعية، لتستوعب فئات الشباب ويجدون من خلالها متنفسا لهم ينشطون من خلاله، ويعبرون عن طموحاتهم ورؤاهم وهواجسهم، فذلك كفيل بمنع تسرب خواطر العنف إلى الأذهان.
2
ـ قيام حركة حوارية تصالحية بين جميع المكونات السياسية والثقافية من جهة المجتمع ومن جهة النظام الحاكم، تسفر عن ميثاق يضمن الحرية والمساواة لكلّ هذه المكونات دون إقصاء، ويضبط مبادئ وقواعد يجري على أساسها التعامل بينها، وتوجه العمل السياسي والمجتمعي الذي تقوم به للنهضة بالمجتمع، فذلك هو الكفيل بنزع الاحتقان الذي يحكم الوضع في تونس منذ سنوات، والذي يجد فيه التطرف المناخ المناسب للانفلات. وأول ما أرى من مفردات تلك الحركة الحوارية أن يطلق سراح مساجين الرأي الذين يقضم الموت البطيئ أجسامهم طيلة سبعة عشر عاما، فتلك مأساة ينبغي أن يكون إنهاؤها أول مفتاح من مفاتيح الحوار المبتغى.
3
ـ إفساح المجال بطريقة أو بأخرى للحركة الإسلامية الوسطية المعتدلة، التي ينبني تفقهها في الدين على فقه الأولويات والموازنات، والتي تنتمي إلى ثقافة دينية سنية عريقة في نبذ العنف ورثتها عن السمت السني العريق، وعن الحركات الإصلاحية القائمة على العلم الديني عبر أجيال ممتدة إلى الماضي، فهذه الحركة هي الكفيلة بأن تقوم بدور التأطير الديني للشباب، فلا يظهر فيهم تطرف ولا نزوع إلى العنف، وهو ما أثبتته التجربة في تونس خلال الثلث قرن الأخير، إذ هذه الحركة بالرغم مما سلّط عليها مما تعتبره ظلما كبيرا فإنها لم يقم أي من أفرادها بإطلاق رصاصة واحدة طيلة ما يقارب أربعين عاما، فلما أُقصيت عن الساحة ظهر ما ظهر من مثل هذه الأحداث..
4
ـ احترام مكونات الهوية للمجتمع التونسي، وعلى رأسها البعد الديني فيها، وترك المجال حرا للتدين دون قهر أو وصاية أو انتهاك من شأنه أن يؤجج أسباب العنف.
الحوار نت
: ولكن النظام الحاكم في تونس كانت بينه وبين المعارضة وعلى رأسها الحركة الإسلامية توترات حادة، فهل يمكن أن يعيد اللقاء الحواري التصالحي مع المعارضة بمناسبة هذه الأحداث خاصة وأنه يسيطر على الوضع بقبضة أمنية صارمة، ويقول إنه قضى على هذه المجموعة المسلحة؟
الجواب
: لعلّ هذه الأحداث التي نسبت إلى السلفية الجهادية والتي هي غير مسبوقة في تونس تكون مناسبة ذهبية لمراجعة النظام لمسيرته السياسية السابقة التي تقوم على الانسداد السياسي والقبضة الأمنية الغليظة، ولعل العقلاء فيه يقرأون الحدث قراءة صحيحة، وهو أنه نتيجة منطقية وطبيعية للمسار السابق، وحينئذ فإنها تكون فرصة هامة لإجراء حوار وطني شامل لا يستثني أحدا من مكونات المجتمع السياسية، ليقع التوافق على ميثاق وطني يفتح العمل السياسي والاجتماعي أمام الجميع، ويزيل الاحتقان الحاصل والذي كانت هذه الأحداث أحد ثماره المرّة. نأمل أن يتم الأمر على هذا النحو، وهو الأمر الذي طالبت به المعارضة بما فيها الحركة الإسلامية، ونبهت مرارا وتكرارا للنتائج الوخيمة لمسار الانسداد والاحتقان وها هو الواقع يصدق تلك التنبيهات. وما أظن المعارضة بجميع فصائلها إلا مستعدة لهذا الحوار الوطني الشامل الذي كان أحد مطالبها الأساسية. أما إذا تمادى الأمر على ما هو عليه، وظُنّ أن هذه الحادثة معزولة، وأنها تم القضاء عليها إلى الأبد، وأن القبضة الأمنية هي وحدها الكفيلة باستتباب الأمن، فإن ذلك سيكون وهما كبيرا كوهم النعامة التي تدفن رأسها في التراب ظانة أنه بذلك تزول الأخطار، وستكون النتيجة مزيدا من العنف، إذ العنف إذا انطلقت شرارته الأولى ولم تُستأصل أسبابه فإنه ينتج بعضه بعضا في مسار غير منطقي، خاصة وأن أسباب العنف ومعداته ووسائله أصبحت ميسورة اليوم أكثر من أي وقت مضى، وقانون المجتمع وأحداث التاريخ شاهد على ذلك، فانظر إلى جيرتنا الغربية ماذا وقع فيها من مآس طيلة عشرية كاملة، انطلقت فيها شرارة صغيرة من العنف وقع الظنّ بأن الأمن القوي والجيش الجرار سوف ينهيها في رمشة عين، فإذا بها تتوالى عشرية كاملة لتأكل الأخضر واليابس، ولم تهدأ أو تخف وطأتها إلا حينما تغيرت طرق المعالجة إلى حوار ووئام وتصالح، هذا وإن ما يمكن أن تتحمله تونس من هذا الأمر لا يساوي عشر معشار ما يتحمله جارنا الغربي لاعتبارات اقتصادية واجتماعية كثيرة. لو لم يعالج الوضع في تونس بالحكمة التي تعتبر بالدروس القريبة والبعيدة التي يتحملها العقلاء من النظام والحزب الحاكم، ولو تمادى الاستماع إلى نصائح سماسرة الفتنة القابعين على حواشي النظام، والذين يقومون بدور الشيطان في الإغواء فإن التاريخ سيحاسب القيمين على الأمر حسابا عسيرا. أما نحن فإننا لا نملك إلا التبصير والنصح باعتبارنا روادا في استكناه عبر التاريخ، والرائد لا يكذب أهله، وسيكون لنا بذلك عذر يوم الحساب في محكمة التاريخ.
الحوار. نت : تساءل كثير من القراء والمهتمين إبان اندلاع ما عرف بأزمة الحجاب في تونس في رمضان المنصرم عن دور رجال مختصين في الشريعة الإسلامية من مثل الدكتور عبد المجيد النجار. لو رجعنا قليلا إلى الوراء هل من الممكن أن يتعرف القراء على الحكم الشرعي لزي المرأة المسلمة بقلم رجل مختص مثلك وعلى حقيقة ما عرف يومها بأزمة الحجاب أي أهم الأسباب والمعالجات.
الجواب
: مسألة ما عرف باللباس الشرعي للمرأة يمكن النظر إليها من ناحيتين:
1
ـ ليس من شكّ في أن التوجيهات الدينية تلزم المرأة بلباس معين، وصفه العام أنه لا يظهر منه سوى الوجه والكفين، وأنه لا يصف، ولا يشفّ، أي لا يكون ضيقا يجسم الأعضاء، ولا يكون شفافا يظهر من تحته الجسم. وفي نطاق هذه المواصفات يمكن أن يتخذ هذا اللباس أي شكل أو لون أو صفة، والأدلة الشرعية من نصوص القرآن والسنة مستفيضة على هذا الحكم، إلا أنه ينبغي أن نلاحظ أن هذا الحكم الشرعي هو من أحكام الفروع وليس من أحكام الأصول، فالتخلي عنه بدون عذر معتبر يعد مخالفة شرعية مثل الكثير من المخالفات الشرعية التي يجترحها الناس والتي يكاد لا يسلم منها إنسان إلا من رحم ربك، ولكنها مخالفة لا علاقة لها بالتكفير بأي وجه من الوجوه.
ـ
2 لئن كان البعض يرون أن هذا اللباس لا علاقة له بأحكام الشرع، فإننا نرى ذلك تأويلا منهم غير صحيح، ولكن لهم الحرية في الأخذ به في ذات أنفسهم، ولكن ما ليس مقبولا هو أن يُفرض هذا الفهم على الآخرين فهما، وأن يُلزموا به سلوكا، فهذا ضرب من الاستبداد ، ونوع من مصادرة الحرية الشخصية، بل هو ضرب من الاضطهاد الديني، لأن صاحب الفهم الذي يلزم بهذا اللباس يعتبر أن من واجبه الديني تطبيقه، فإذا ما مُنع من ذلك فإنه يكون قد مُنع من تطبيق دينه، وذلك بلا شكّ اضطهاد ديني إلى جانب كونه مصادرة للحرية الشخصية، خاصة وأن الأمر يتعلق بالأفراد ولا يترتب عليه بحال ضرر بغيرهم. ولا يفوتنا أن نلاحظ أنّه كما لا نراه حقا أن تلزم المرأة بنزع لباسها الشرعي، فإننا لا نراه حقا أن تُلزم أيضا بالقهر على أن تحمل ذلك اللباس، إلا أن يكون إرشادا وتوعية ودعوة في كنف الحرية.
الحوار .نت : هل يوافق الدكتور على فكرة مؤداها أن الفكر الإسلامي المعاصر مازال يشكو نقصا كبيرا في مستوى تأصيل مباحث شرعية ملحة من مثل قضايا السياسة والإقتصاد ومناهج التغيير المقبولة شرعيا وقضية المرأة والحريات ومختلف الفنون المعاصرة وغير ذلك ؟ إذا كان ذلك أو بعضه صحيحا فهل يرى الدكتور أن المجامع الإسلامية القائمة اليوم رسميا وشعبيا في مستوى ذلك التحدي الفكري الملح؟
الجواب: إن الفكر الإسلامي الحديث قطع شوطا كبيرا في التأصيل لمثل هذه القضايا، وفي وضع الأسس والمبادئ العامة لها، بل قطع شوطا كبيرا في البرامج المفصلة لبعضها مثل المجال الاقتصادي، ولكن أغلب هذه القضايا لا يمكن أن تبنى فيها برامج تفصيلية معلقة في الهواء بصفة نظرية، وإنما تكون البرامج التفصيلية فيها نتاجا للممارسة العملية، والاحتكاك بالواقع، الذي يقوم بتعديل كثير مما يتصور نظريا، وهكذا بني الفقه الإسلامي الذي هو أعظم مدونة قانونية شملت جميع وجوه الحياة، فقد كان يبنى شيئا فشيئا بتفاعل بين المبادئ الشرعية النظرية وبين ما يجري به الواقع من أحداث، إلا أن الفكر الإسلامي هو في أغلب البلاد الإسلامية مقصى من حلبة الواقع، ممنوع من ممارسة الحياة السياسية التي هي تهيمن اليوم على كل وجوه الحياة الأخرى، فيكون من الطبيعي إذن أن تكون رؤاه وبرامجه في مثل هذه القضايا يغلب عليها طابع التأصيل العام، ويوم أن يسمح لأصحاب هذا الفكر بأن يكونوا عنصرا ممارسا للحياة الواقعية في المجال السياسي على الأخص فإن المشاريع التفصيلية للفكر الإسلامي سوف تبنى من خلال التجربة شيئا فشيئا..
الحوار. نت : كيف يرى الدكتور عبد المجيد مستقبل التعايش الإسلامي في ظل التنازع الطائفي خاصة بعد إعدام صدام حسين وظهور ما سماه بعضهم الهلال الشيعي وهل من المنتظر أن يشهد المغرب الإسلامي بعضا من فصول ذلك التنازع؟
الجواب
: التنازع الطائفي كما نراه اليوم ظاهرة في غاية الخطورة، إنها تهدد تهديدا جديا الإسلام والمسلمين، وما أظنها إلا واحدة من عناصر مخطط جهنمي لتمزيق المسلمين لسهولة السيطرة عليهم، وإذا كان أصحاب هذا المشروع يتحملون المسؤولية التاريخية لهذا المسلك الذي سينالهم هم أنفسهم بالأذى، فإن المسلمين بطوائفهم المختلفة يتحملون المسؤولية الأكبرعن غفلتهم وقصر نظرهم، مما جعلهم يسقطون في هذا المستنقع. والمسؤولية الأكبر تلقى على عاتق العلماء والموجهين، فإنهم سيحاسبهم التاريخ قبل أن يحاسبهم الله تعالى على تقصيرهم في توجيه الأمة بصفة صارمة نحو ما يعصمها من هذا الاحتقان الطائفي. أما في المغرب العربي فإنه بالرغم مما يروى من تسرب نزعة طائفية متمثلة في التشيع هنا وهناك إلا أن المناخ الثقافي والديني العام الذي يقوم على تجانس كامل بسيادة السنة المالكية سوف يكون عاصما من مثل هذا الاستقطاب، وهو الأمر الذي حدث في التاريخ فقد حكمت الشيعة وانتشرت في عهد العبيديين ولكن زالت بعد ذلك ولم يبق لها أثر. ومع ذلك فإنه يجب الحيطة والحذر من تسرب هذا الداء، وإذا كان يوجد من هو غافل عنه أو يسهل له التسرب لهدف أو لآخر من الأهداف فإنه سيكون هو أول من يصيبه أذاه إذا ما استفحل.
الحوار. نت : كثر اللغط من لدن كثير من غير المختصين في السنوات المنصرمة حول الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي لحركة النهضة التونسية بإعتبارها في نظرهم رؤية أشعرية. كيف يرى الدكتور عبد المجيد ذلك وهل أن تلك الرؤية تحتاج إلى تجديد أو مراجعة وفي أي مفصل من مفاصلها يمكن أن يكون ذلك؟
الجواب
: عرفت الثقافة الإسلامية في تونس بالانفتاح منذ وقت بعيد وهو ما أكده ابن خلدون في المقدمة، فجامع الزيتونة المعمور بالرغم من أن السمت العام في منهاجه وفي الثقافة الإسلامية بتونس عموما هو السمت الأشعري عقيدة والمالكي فقها إلا أنه كان يدرس كل المذاهب في العقيدة والفقه، وكانت من أهم مقرراته في العقيدة كتب الماتريدية، وفي الفقه كتب الحنفية. والحركة الإسلامية في تونس ليست منعزلة عن هذه السنة الثقافية العامة، فهي تسير على نفس الخطى، وهي وإن كانت تسير على هذا النسق العام إلا أنها تنزع إلى الارتفاع عن المذهبية، وإلى الانطلاق من الأصول النصية، للاستفادة بعد ذلك من كل المذاهب المعتبرة، وهو في رأيي ما ينبغي أن يكون.
الحوار .نت : رجوعا إلى ظاهرة المد السلفي : هل يرى الدكتور عبد المجيد أن ذلك المد مرشح في العالم العربي والإسلامي بأسره إلى مزيد من التوسع العددي وهل مرجع ذلك في رأيك إلى فشل الحركة الإسلامية الوسطية المعاصرة ولو جزئيا أو إلى الضربات الإستئصالية ضد الإسلام ودعوته ومؤسساته من لدن قوى دولية خارجية أو من لدن أجهزة الحكم والتوجيه الثقافي في العالم العربي والإسلامي؟ هل هو الزمن الأمريكي الصهيوني خارجيا والسلفي الجهادي داخليا؟
الجواب
: حينما تتعرض الأمة إلى تحديات كبيرة في ثقافتها فإنها غالبا ما تعتصم بنصوصها المؤسسة لدينها، فيشتد التمسك بها، ويتجه ذلك التمسك إلى نوع من الظاهرية في فهمها خوفا من أن يجد التحدي الثقافي الخارجي في التأويل العقلي لها مدخلا يدخل منه للتحريف ، هذه ظاهرة تكررت في التاريخ الثقافي الإسلامي، وأظن أن ظهور المد السلفي بالحجم الذي نراه يندرج ضمن هذه الظاهرة وأسبابها، وذلك بالنظر إلى ما يتعرض الإسلام والمسلمون من غزو ثقافي حادّ. وأنا شخصيا لا يقلقني كثيرا ظهور المد السلفي إلا أن يتحول إلى ضروب من العنف، وذلك لأن هذا المد يمثل عامل توازن مع الدعوات التي تقصد إلى تمييع الدين بتأويله تأويلا يخرج به عن حقيقته أساسا. ويبقى مع هذا وذاك الفهم الوسطي للدين هو سيد الموقف، وهو الذي يحمل الاستمرارية والدوام، كما شهد بذلك التاريخ، فقد ظهر في تاريخ الأمة نزعات تمييعية للدين متمثلة في تأويلات باطنية ونزعات صوفية مغالية، وظهرت نزعات ظاهرية تنحو منحى الحرفية في الفهم، ولكن مع ذلك فإن الذي استمر ودام هو الفهم الوسطي المعتدل الذي يلتزمه الجسم الأكبر من الأمة.
الحوار. نت : يلاحظ كثير من الناس ومن بينهم أئمة وخطباء ودعاة في أروبا بأنه رغم الجهد العلمي المعتبر للمجلس الأروبي للإفتاء والبحوث فإن أثر ذلك الجهد مازال مقصورا على النخبة إذ لايكاد يصل إشعاعه إلى عامة الناس في أروبا. إذا كان ذلك أو بعضا منه صحيحا كيف تفسره سيما أن المجلس يريد أن يكون مرجعية فكرية وفقهية لمسلمي أروبا؟
الجواب
: المجلس الأوروب للإفتاء والبحوث الذي أتشرف أن أكون عضوا فيه وأمينا عاما مساعدا له سيحتفل هذه السنة بعشريته الأولى، فهو إذن صغير السن بمقاييس المجامع والمؤسسات، وهو مع ذلك يتقدم شيئا فشيئا نحو أن يصبح المرجعية الدينية الأساسية في أوروبا، وإذا لم يصبح بعد ممتدا إلى جمهور المسلمين بالصفة المطلوبة في النهاية، فإنه يكاد لا يمر يوم طيلة السنة إلا ويتصل به المسلمون من مختلف البلاد الأوروبية للمراجعة والاستفتاء، وقد استطاع المجلس أن ينير سبيل المسلمين الأوروبيين في كثير من المسائل المعقدة، وأن يجد لهم فيها حلولا شرعيبة أخذ الكثيرون بها. ولا ننسى أن المناخ العام للمسلمين في أوروبا تشقه المذهبيات والطوائف ، وهو أحد العراقيل التي تعرقل امتداد المجلس بالسرعة المطلوبة. ولكن المجلس لجديته ودأبه على العمل ( عقد ست عشرة دورة في عشر سنوات وهو ما لم يقم به أي مجمع فقهي آخر ) فإنه سيصبح قريبا المرجعية الدينية المعتبرة في أوروبا.
الحوار .نت : من منطلق تجربتك الثرية دكتور عبد المجيد هل يمكن أن يوفق رجل مثلك جمع بين التخصص العلمي وبين الممارسة العملية ( الحركية ) بين الإهتمام الفكري والعملي بتحديات الدعوة الإسلامية في أروبا وبمثلها في الساحة القطرية سيما إذا كانت تلك الساحة تتطلب عملا بمثل ما هو واقع في تونس؟
الجواب
: بالنسبة لما تتطلبه الساحة الإسلامية من عمل نظرا لكثرة التحديات الداخلية والخارجية أشعر بأنني مقصر في الجانبين معا، وقد يشفع في شيء من ذلك التقصير ما تعرضت له وتعرض له كثيرون من ترحال دائم بين البلاد العربية مشرقها ومغربها وبين أوروبا، فمنذ اثنتين وعشرين سنة لم يقرّ لي قرار في مكان، وهي فترة العطاء الثري. ومع ذلك فإنني أحاول أن أستفيد من الأوضاع كما يفرضها الواقع، وقد وفقت والحمد لله في مواكبة الحركة الفكرية الإسلامية، وشاركت فيها بما يفوق ثلاثين كتابا بالإضافة إلى بحوث عديدة وحضور مؤتمرات كثيرة. وأما الجانب الحركي فليس لي فيه نشاط يذكرمنذ خرجت من تونس سنة 1985، ولكنني أحرص على المتابعة للأحداث بصفة دائمة، فقبل الثامنة صباحا أكون كل يوم قد قرأت سبع جرائد يومية تتعلق بأخبار الوطن والأخبار العربية والعالمية. وأجد أن ذلك يساعد جدا على إنضاج الرؤى النظرية التي أدونها في مؤلفاتي، ففقه الواقع شرط ضروري لمن يريد أن يجتهد في الإصلاح ويسهم في مشروع نهضة الأمة.
الحوار
. نت : شكرا للدكتور عبد المجيد النجار على ما أولانا به من حوار صريح شامل.
(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 17 جانفي 2007)
المواطن والتغيير (1)
بمناسبة مرور 19 سنة على التغيير “المبارك” في تونس ودعوة “السيد” الرئيس خلال الاحتفال بالمناسبة القوى الوطنية وقوى المعارضة ابداء مساهماتها الجادة حول الوضع التونسي للاستئناس بها في احتفالات الذكرى العشرين للتحول، التي ستكون مناسبة متميزة في تاريخ “التغيير” بتونس حيث تطفئ “تونس” شمعة العقد الثاني وتشمر للدخول في العشرية الثالثة بعزم وثبات واستمرار على المنهج المتبع مع زيادة في “الحزم”!
وشعورا مني بما يمليه عليّ الواجب الوطني واستجابة لدعوة صانع “التغيير” في تشريك كل القوى في الإعداد للحفل البهيج بمناسبة الذكرى العشرين للعهد الجديد، قرّرت المساهمة في الإعداد، حيث تتمثل مساهمتي في استطلاع آراء المواطنين عن مفهوم “التغيير” وما الذي يعنيه لهم وعن طبيعة تغيّر أحوالهم بين العهدين!
وسيستمر الاستطلاع على حلقات حتى حلول الذكرى العشرين! إن حلت وبقيت من الأحياء. هذا وإني سأستطلع آراء جميع فئات الشعب التونسي وأجعل “الميكرفون” يتنقل بينهم في الوطن وخارجه إن وُفّقت في الحصول على “فيزا” لدخول الوطن!
والعمل مُهدى بكامله إلى “السيد” الرئيس تعبيرا منّي على خالص امتناني للتغيير وما فعله بنا وفينا، هذا وإنني لا أبغي من وراء ذلك جزاء ولا شكورا!
وإليكم الإستطلاع الأول مع أحد المواطنين:
المكرفون: ـ مرحبا سيدي عرفنا بنفسك من فضلك!
المواطن: ماذا تريد مني ؟ هل أنتم من الداخلية؟ هل ارتكبت جرما؟ أنا مواطن صالح أحب بلادي وقائدها!
المكرفون: هون عليك نحن جهة مستقلة ومحايدة نجري سبرا لآراء المواطنين عن التغيير وإنجازاته فما رأيك في “التغيير” بعد أن تعرفنا باسمك؟
المواطن: أنا “وأعوذ بالله من كلمة أنا” أنا … أنا …. ولد الربط! أما عن “التغيير” فالتغيير “حاجة باهية برشة” !
المكرفون: كيف وماذا تقصد؟
ولد الربط: “التغيير” قد رفع اسم تونس في المحافل الدولية بعد أن كانت نسيا منسيا، “وبالسلامة خويا”!
المكرفون: لحظة من فضلك، نحن نريد لحوارنا هذا أن يكون حرا وهادفا وبناء، وأنت قد تكلمت كلاما عاما ولم تفصل كيف رفع “التغيير” ذكر اسم تونس؟
ولد الربط: “التغيير” أدخل تونس عصر الفضاء يا صاحبي وهذا ما عندي وشكرا …و
المكرفون: لم نفهم ما ترمي إليه ولا نعلم أن تونس قد أرسلت قمرا صناعيا أو مركبة فضائية أو صاروخا رغم كل إنجازات “التغيير” العظيمة!
ولد الربط: غريب أمركم، هل أنتم حقا إعلاميون ولا تعلمون أن المواطن العادي في تونس قد أصبح يصنع “الصاروخ”؟!
المكرفون: نحن إعلاميون حقا ومهتمون بقضايا بلادنا وإنجازاتها ولكننا لم نسمع بهذا الإنجاز، ونصارحك القول، يبدو أنك تسخر منا أو تستخف بنا!
ولد الربط: لا يا سيدي، هي حقيقة و”الصاروخ” يصنع في واحات الجنوب وبدون رخصة أيضا والدولة تشجع على ذلك!!
المكرفون: وهل لديك علم عن كيفية صنع هذا الصاروخ المزعوم؟
ولد الربط: يبدو أنكم من البوليس أو غير جادين في استقصاء آراء المواطنين، أنا أحدثكم عن “الصاروخ” الذي نقلت لنا قناة 7 شريطا كاملا عن كيفية صنعه ضمن برنامج قضايا في المجتمع، وهو عبارة عن خلطة “كيميائية” فتاكة من ابتكار بعض الشباب التونسي العاطل عن العمل، وهم مجموعة من الشباب “الأذكياء”، توجهوا للصناعة والإبتكار ولم يلقوا بأنفسهم في البحار. والمشروع يعود عليهم بأرباح طائلة تفوق ما يكسبه أستاذ جامعي أو عامل في أوروبا! وكله من بركات “التغيير” الذي يشجع على الإبداع!!
المكرفون: لقد أخذت من وقت “البرنامج” كثيرا دون أن تحدثنا عن هذا الصاروخ!!
ولد الربط: ليس من مصلحتكم أن أحدثكم عن التركيبة “الصاروخية” فكما تعلمون الأخلاط الكيميائية تحتاج أحيانا إلى مواد قذرة أو نتنة كي يتم التفاعل! وقد يحرمكم وصفي للمواد المستخدمة لذة الطعام أيام أو أسابيع!
المكرفون: ألست تقول بأنه إنجاز من إنجازات “التغيير” ابتكره شبابنا للخروج من البطالة؟
ولد الربط: نعم هو ذاك!!
المكرفون: إذن لا يهم، وقد نلتحق بهم للعمل معهم!!
ولد الربط: لقد أعذر من أنذر، والخلطة كالآتي:
ـ لتر “لاقمي”(عصير لب النخل) ميت (مخمر)، 40 لتر ماء، لتر كحول، كغ ونصف سكر، حشيشة الهبيلة مطحونة، تخلط هذه المقادير بعناية ثم يوضع فيها خرطوم الغاز وتفتح القارورة وتظل “تبقبق” نصف ساعة، ثم … “نكمل وإلا ما نكملش” ؟!
المكرفون: كمل وإذا عندك قنبلة فجرها و “سيبنا”!
ولد الربط: كما تريدون… ثم يؤخذ ماء نتن (زفرة) وضع فيه رأس كلب ميت مدة زمنية حتى تتعفن ثم يضاف إلى الخليط ، و…..تشربوا بالشفاء والهناء!! اللتر بدينار ومعدل البيع سبعين لترا يوميا والدولاب يدور والشباب ملقى في الغابات وعلى قارعة الطريق بفضل التغيير!! وهذا هو الصاروخ الذي دخلنا به عصر الفضاء لأن الذي يشرب منه جرعة يطير!!
المكرفون: إذن أنت ساخر متهكم ومُعرّض بمكاسب التغيير!؟ قلت لنا ما اسمك بالضبط وأين تسكن؟!
ولد الربط: كنت أعلم أنكم من البوليس، ف”الميكرفون” لا يتنقل في الشارع من غير بوليس وذلك من إنجازات “التغيير” الذي صنع “إرهابا” وحاربه وترك الإرهاب الحقيقي يفتك بالمجتمع والشباب!!
ثم حمل حذاءه وأطلق ساقيه للريح!!
وإلى لقاء مع مواطنين آخرين وكل ذكرى وتونس بخير!
إستطلاع: صابر التونسي
(المصدر: كلمة عدد49)
اللهم احمي بلادنا تونس وأهلها
اللهم يا سامع الصوت ويا سابق الفوت ويا كاسي العظام لحما بعد الموت ويا من أجاب نوحا حين ناداه وكشف الضر عن أيوب في بلواه وسمع يعقوب في شكواه ورد إليه يوسف وأخاه وبرحمته ارتد بصير ا وعاد النور إلى عيناه وليس بعزيز عليك وليس بعسير عليك ان تحمي بلادنا تونس وأهلها من شرّ الفتن سبحانك لااله الاانت يا ذا الجلال والأكرام يارب يا من نجيت محمد صلى الله عليه وسلم حين نسجت على الغار خيوط العنكبوت وأمنت يونس في بطن الحوت وحفظت موسى في اليم والتابوت ليس بعسير عليك ان تحمي بلادنا تونس وأهلها من شرّ الفتن سبحانك لااله الا انت يا ذا الجلال والإكرام يارب يا خالق السماوات والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والكواكب والشجر والدواب والماء والتراب وكل شي وعلمت الإنسان ما لم يعلم ورفعت السماوات بغير عمد نراه ليس بعسير عليك وليس بعزيز عليك ان تحمي بلادنا تونس وأهلها من شرّ الفتن سبحانك لااله الا انت ياذا الجلال والإكرام يارب اللهم اني عبدك الذليل الفقير المسكين سجدت لوجهك العظيم ابتهالا وتضرعا ورجاء واعترافا بذنبي وضعفي وعجزي وقله حيلتي وهواني على الناس ويقينا واعترافا وتصديقا بأنك انت الله وحدك لاشريك لك لك الملك ولك الحمد بيدك الخير كله وانت على كل شي قدير اللهم اني اسالك بانك انت الله الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد ولم يتخذ صاحبه ولا ولد واسالك اللهم باسمك الاعظم الذي اذا سئلت به اعطيت واذا دعيت به اجبت واذا استرحمت به رحمت واذا استفرجت به فرجت ياارحم الراحمين يامالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين احمي بلادنا تونس وأهلها من شرّ الفتن سبحانك لااله الا انت ياذا الجلال والإكرام اللهم يا ذا العزة والجبروت يا مالك الملك والملكوت أسألك اللهم بكل اسم هولك سميت به نفسك او استأثرت به في علم الغيب عندك او علمته احد من خلقك ان تحمي بلادنا تونس وأهلها من شرّ الفتن سبحانك لااله الا انت يا ذا الجلال والاكرام يارب يا مالك الملك يامن تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء بغير حساب ليس بعسير عليك وليس بعزيز عليك ان تحمي بلادنا تونس وأهلها من شرّ الفتن سبحانك لااله الاانت ياذا الجلال والاكرام اللهم انك قلت وقولك الحق ادعوني استجب لكم اللهم انا دعوناك كما امرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا يا أكرم من سئل ويا أجود من أعطى وحسبنا الله ونعم الوكيل (المصدر: مدونة samsoum بتاريخ 9 جانفي 2007) الرابط:
http://samsoum-usa.blogspot.com/2007/01/blog-post.html
العرب بين الإسلام والإسهام*
عادل القادري
لست ممن يحقر الدين أو يغمطه حقه، وأنى لعربي أن يفعل ذلك بجزء أساسي من هويته. ولا أعتقد أن معظم التونسيين والتونسيات ممن يفعلون ذلك. ولكني ممن يميزون بين العقيدة (الإيمان والعبادات) غير القابلة للتطور لأنها مسألة غيبية تتجاوز العقل وشروط المعرفة والتجربة، والتشريع (المتعلق بالمعاملات و بتنظيم العلاقات المجتمعية) وهو في نظري دائم التطور. وأنا ممن يؤمنون بالتقدم الإنساني الذي كان الإسلام ،في وجه من وجوهه المنهجية والتاريخية، تجسيما له، حتى في مسألة العقوبات والقصاص، التي لا تعفي الدولة ـ أي دولة ـ من مسؤوليتها الوقائية أولا في منع الجرائم بتوفير الظروف النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية والثقافية والأمنية لمواطنيها والإحاطة بهم حتى لا يصبحوا مجرمين.
فالرجاء منكم الرجوع إلى المصادر الأساسية في التفاسير القرآنية (ولا سيما الناسخ والمنسوخ) والحديث (الكتب الصحاح) وسيرة النبي والخلفاء الراشدين ( ولا سيما عمر بن الخطاب ومسألة حد السرقة، وكذلك فك الرقاب المشجعة على تحرير العبيد) للتأكد من ذلك ومن الأبعاد المقاصدية المفتوحة للاجتهاد والتطوير .
تونس الزيتونة لها شرف إهداء الإنسانية أعظم مفكر في التاريخ البشري(ابن خلدون). ولها كذلك من علماء الإسلام في العصر الحديث أرفعهم مكانة علمية ( أمثال الشيخ الطاهر بن عاشور صاحب التحرير والتنوير ،والخضر حسين شيخ الأزهر، والشيخ الدكتور محمد بن الحبيب بلخوجة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي ).
أما الحجاب (ذي الشكل الخاص جدا ) فهو لا يمثل في اعتقادي وتجربتي الوازع الأخلاقي الذي يضمن للمرأة ” الشرف والعفاف ” مثلها مثل الرجل ، فتلك مسألة لا يعلمها إلا الله، وقد اكتسى الحجاب عندنا طابعا سياسيا فلا ” تحريم ” ولا تجريم له في تونس وإنما هو منشور إداري صدر في ظرف معين سنة 1981 يمنع ارتداءه ببعض المؤسسات العمومية تماما مثلما هو الحال في تركيا، وإن كنت ممن يرون اللباس شأنا فرديا خاصا لا علاقة له بالقانون أو الضوابط الإدارية المتدخلة في الحرية الشخصية وإنما هو العرف والسائد في كل عصر. وآمل أن يكون النقاش (الصغيرأمام نقاشات أهم وأجدى ) حوله مدنيا وثقافيا وليس في شكل حملات أمنية أو سياسية موجهة تجعل من المعنيات به ضحايا .
وأعود إلى موضوع الخروج عن الإسلام لأدعوك إلى التعمق أكثر في القرآن والسنة فسترى أن قصص الأنبياء من آدم ونوح و إبراهيم إلى التشريعات التوراتية وتعاليم المسيح والتي أخذت جزءا هاما في الثقلين، تبرز أن المنهج الرباني الذي أشرت إليه يدعوك إلى التواصل النقدي مع الآخرين الذين سبقوك والسعي إلى تجاوزهم واكتشاف انحرافاتهم وتثبيت مزاياهم وإنكار أخطائهم أو ما لا يتلاءم مع متطلبات المكان والزمان، مع الحرص على التميز .
ولدينا منذ أكثر من ألف عام قصص جديدة لحكماء جدد ومجتمعات أخرى غربية وشرقية (غير ثمود والفراعنة وذي القرنين الذي لا يتصور الكثيرون أن معلمه كان أرسطو…) ودساتير وأنظمة وتحولات وثورات سياسية واجتماعية أخرى ، جديرة بالاعتبار والتمحيص وهي الأولى بالتأمل والتدبر، ثم تقديم بديلك الحضاري الجديد للعالم بأسره وليس فقط للعرب أو للمسلمين إن استطعت. أما دون ذلك فلا شيء سوى الأصنام حتى وإن كانت مصاحف أوكتب صفراء و ما وجدنا عليه آباؤنا وأجدادنا . الإسلام جاء لتحرير العقل وليس لتقييده. ولتوحيد الإنسانية وليس لتمزيقها إربا كما يفعل باسمه الآن بعض الفوضويين المتقوقعين و ملاحقيهم من المجرمين الكبار بحق الشعوب في التواصل والعيش بأمان وسلام.
وإذا كان أغلب الإسلاميين يعتقدون أن الإسلام قد جاء تأليفا متجاوزا لليهودية والمسيحية، فالمفارقة أنهم يزعمون أن ما سيتجاوز الليبرالية والشيوعية اليوم هو الإسلام أيضا. أي أنهم لتغطية عجزهم الفكري وقصورهم العقلاني يحولون الدين إلى ايديولوجيا ويختبئون وراء المقدس، والمنطق الجدلي السليم ـ من دون شيء آخر ـ يرفض ذلك، ويفرض أن التأليف المتجاوز يكون من جنس الأطروحة ونقيضها.
فعلينا بالإسهام …والإسهام … ثم الإسهام التقدمي في الحضارة الإنسانية الحديثة . و بذلك وحده يمكن أن نكون مسلمين حقيقيين. ونكون مرة أخرى اللبنة التي تكمل الصرح الإنساني الجديد الذي يحتاج اليوم فعلا إلى الاكتمال (انظر الحديث النبوي الصحيح : مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله فجعل الناس يطيفون به يقولون ما رأينا بنيانا أحسن من هذا إلا هذه اللبنة فكنت أنا تلك اللبنة).
وأعتقد أن ذلك لن يكون بالتمسك بالقصاص الدموي ذي الجذر اليهودي بل العصر الحجري أو تضخيم مسألة الحجاب الذي يكاد يحاكي ويغطي أمة بكاملها يحاولون (من الداخل والخارج) حجبها وشنقها وحرقها وإخراجها من التاريخ .
· تعقيب على تعليق محمد علي بن عمر (من السعودية) صاحب مدونة ” التواصل والحوار” على مقالي حول إلغاء عقوبة الإعدام.
السياسة الصهيونية في إفريقيا
توفيق المديني
يعود السبب الرئيسي في خسارة الموقف الدولي لإفريقيا ، بشكل خاص إلى تراجع المواجهة العربية مع العدو الصهيوني على جبهات القتال المختلفة . فزيارة الرئيس السادات التاريخية للقدس في نوفمبر1977, و توقيع اتفاقية السلام المصرية- الصهيونية في عام 1979, مهدتا طريق الانفتاح مرة أخرى لتقارب الجانبين الإفريقي و الصهيوني, و تحسين إلى حد كبير العلاقات الإفريقية – الصهيونية .
و لكن تطبيع العلاقات بين مصر و الكيان الصهيوني ، و انسحاب القوات الصهيونية من سيناء في 25 نيسان 1982 ، و حرب الاجتياح الصهيونية للبنان أمام القوات الغازية ، و سقوط جبهة الصمود و التصدي, و خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت ، و توقيع اتفاق أوسلو ، و عدم احترام الدول العربية بالتزاماتها حيال تقديم المساعدات المالية للبلدان الأفريقية ، قد أنهى نظريا و عمليا بصورة متدرجة مبررات مقاطعة دول إفريقيا لدولة الكيان الصهيوني . فاتجهت معظم الدول الأفريقية لاعادة العلاقات الدبلوماسية رسميا مع الكيان الصهيوني ، بعد أن أزاح العرب و الفلسطسنيون الحرج عن إفريقيا من تقاربها مع الكيان الصهيوني .و للصهاينة مصالح استرتيجية يعملون على تحقيقها في إفريقيا،و منها:
المصالح الأمنية : إذ يشكل تهديد الأمن القومي العربي عامة و الأمن المصري خاصة , محورا إستراتيجيا في السياسة الخارجية الصهيونية, لذا دأب الكيان الصهيوني على تعزيز علاقاته الثنائية و الأمنية مع دول شرق إفريقيا, لاسيما أثيوبيا , و كينيا, و أوغندا, و إيريتريا , وجيبوتي, من أجل تحقيق هذا الهدف. و كان الكيان الصهيوني يستهدف من خلال هذا التحرك و لا يزال تحقيق السيطرة الإستراتيجية على مضيق باب المندب الذي يعتبره منفذا حيويا لتحركاته الملاحية من و إلى آسيا و إفريقيا حتى يضمن مصالحه الإقتصادية و التجارية.
إضافة إلى ذالك , تستهدف الإستراتيجية الأمنية الصهيونية تهديد أمن الدول العربية المعتمدة على مياه نهر النيل و هما مصر و السودان بالدرجة الأولى , و الحال هذه تمثل دول حوض النيل إحدى المصالح الأمنية الكبرى للكيان الصهيوني. فإستراتيجية الكيان الصهيوني تتمحور حول الإلتفاف حول هذه الدول (إثيوبيا, و أوغندا, و كينيا, و رواندا, و الكونغو , وإريتريا). المصالح الإقتصادية: يتزايد دور التغلغل الاقتصادي الصهيوني في ظل الأوضاع الاقتصادية المتأزمة لأفريقيا في مجال التغذية حيث تبدو فيها البلدان الأفريقية بحاجة إلى التكنولوجيا و الخبرات الصهيونية ، من أجل تطوير الزراعة و استغلال ثروتها الخشبية واستصلاح الري . و من الطبيعي أن ينجم عن هذا الوضع تطوير في التبادل التجاري بين إفريقيا و الكيان الصهيوني . لقد كانت دولة ساحل العاج نقطة ارتكاز في السياسة الخارجية الصهيونية من أجل النفاذ إلى باقي الدول الإفريقية، ذلك أن الرئيس الراحل هوفيه بوانيه كانت تربطه علاقات تاريخية وثيقة مع حزب العمل منذ ثلاثين سنة ، و مع الرئيس الفرنسيالراحل فرانسوا ميتران منذ ان كان نائبا في البرلمان الفرنسي في إطار التجمع الديمقراطي الإفريقي و حليفا للشيوعيين الفرنسيين . و حاليا ، تتمركز الشركات الصهيونية في أحد عشر بلدا إفريقيا هي : الكاميرون ، ساحل العاج ، غانا ، كينيا ، ليبريا ، مالاوي ، نيجيريا ،تنزانيا ، زائير ،زامبيا و إثيوبيا و تعمل معظم هذه الشركات في تطوير الزراعة و الري و في مجال الفنادق السياحية و مقاولات البناء الخ . و علاوة على ذلك فإن هذه الشركات المندمجة في شركة مساهمة عملاقة يقع مقرها الرئيسي في امستردام بهولندا يشرف على إدارة أعمالها موظفون كبار تربطهم علاقات وطيدة كبار رجال السياسة في دولة الكيان الصهيوني ، و لا تقتصر مهمتهم على الأعمال الاقتصادية فحسب ، و إنما يقومون كذلك بترتيب اللقاءات السرية بين القادة الأفارقة و الساسة الصهاينة .
و قد ترافق مع أساليب التغلغل الاقتصادي ، تلك الأشكال من الاختراق لجيوش الأنظمة الرجعية و العميلة في القارة الإفريقية ..و هنا يكمن الهدف الاستراتيجي للكيان الصهيوني في إبقاء البلدان الإفريقية ضمن دائرة النفوذ و السيطرة الإمبريالية الفرنسية و الأميركية ، و الوقوف أمام تحرر شعوب إفريقيا كما يتجلى ذلك في ” المساعدات العسكرية ” التي يقدمها العدو الصهيوني إلى الأنظمة العميلة و العفنة في الزائير ، و ليبريا ، و التشاد ، و إفريقيا الوسطى ، و الغابون ، و غانا ، الخ .. و بالإضافة إلى ذلك ، يقوم الخبراء العسكريون الصهاينة المتواجدون في هذه البلدان بتدريب القوات الخاصة لقمع المظاهرات ,وإنهاء التمردات العسكرية و الشعبية المناهضة لأنظمة الحكم ، مثلما هي الحالة في الزائير و التشاد في عقد الثمانينات . و فضلا عن ذلك أصبحت الموساد تشرف على الحماية الأمنية الخاصة للعديد من الرؤساء الأفارقة ، نذكر على سبيل المثال الرئيس السابق موبوتو …
و هكذا ، يحقق المخطط الصهيوني بنفاذه إلى الحياة الاقتصادية و العسكرية و الدبلوماسية لهذه البلدان الأفريقية ، انتصارا كبيرا ، في خدمة استراتيجية الإمبريالية الأميركية عامة ، و الاستراتيجية المشتركة الصهيونية – الأمريكية، الهادفة دائما إلى التدخل العسكري الصريح للحيلولة دون حدوث تغيير تقدمي جذري لمصلحة تحرر إفريقيا . و لو كان الاهتمام الرئيسي للدول العربية موجها نحو المجابهة السياسية و العسكرية مع العدو الصهيوني و الإمبريالية الأميركية ،لما كان في وسع بعض الدول الأفريقية أن تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني ، و لما حدث ما يحدث الآن ، من تراجع في التأييد الدولي الذي حققته القضية الفلسطينية . لأن كسب المواقف الدولية ، و ضمان استمرار التأييد العالمي ، لقضايا العرب العادلة ، مرهون بانتهاج العرب أنفسهم ، خط التحرير و التوحيد القومي ، و انتزاع الحقوق السياسية للأمة العربية فهل نضيف شيئا جديدا ؟ ربما في الإعادة إفادة .
صحيفة الخليج: رأي ودراسات0072 -01-17
حكاياتي الطريفة مع الشيوعية
د. أحمد القديدى لي مع الشيوعية قصص شخصية ويطيب اليوم أن أحكي بعضا منها الى الجيل العربي الذي لم يعشها لأن فيها عبرا ودروسا وكثيرا من الثقاقة السياسية والتسلية بعد انقضاء العقود الطويلة وبعد انهيار الشيوعية ذاتها في عقر ديارها. كانت أولى علاقاتي بالشيوعية جسور الأدب الروسي التي تتيحها لي ولأندادي العرب روايات جوركي وتشيخوف وتولستوي ودستويفسكي. من خلال أعمالهم المترجمة للعربية والفرنسية عرفت شخصيا البيئة الروسية وسهول أكرانيا وضفاف الفولجا، ثم اكتشفت كتاب (سبعون) للأديب الراحل اللبناني ميخائيل نعيمة يروي فيه مرحلة من شبابه قضاها في طلب العلم بروسيا ما قبل الثورة البولشفية، وكنت أقارن بين هذه المراجع جميعا لأدرك روح الحضارة الروسية وما طرأ عليها منذ عام 1917 بحلول الثورة السوفييتية على أيدي لينين، في زمن الستينيات الذي كانت المجتمعات العربية فيه تتقاسمها أحلام التقدم السريع عن طريق الاشتراكية وضغوط الالتحاق بالغرب الليبرالي. ويذكر كبار السن ما عانته الشعوب العربية من صراع المعسكرين الشرقي والغربي حول شعارات التقدمية والرجعية التي تشكل عليها الوعي العربي ما بعد الاستقلال. وكنت أطالع تلك الكتب القيمة في المركز الثقافي السوفييتي الذي يقع في شارع الحرية بتونس، الى أن اكتشفت أنا ورفاقي المولعين بالأدب خارج المركز الثقافي السوفييتي روايات الكاتب العملاق الروسي المنشق الذي ما يزال حيا الى اليوم والذي حاز على جائزة نوبل للآداب فيما بعد ألكسندر سولجينتسين، وبدأنا نقرأ عن الغولاغ والمنفيين في سيبيريا وقسم المرضى بالسرطان ويوم من أيام دنيسوفتش، وكذلك نكتشف رواية الدكتور جيفاغو للكاتب الروسي بوريس باسترناك، ونتعرف على الأدب الثائر الذي يبشر بانهيار الشيوعية الى جانب الشريط الروسي الرائع (عندما تمر اللقالق) الذي سمح بعرضه المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي السوفييتي على أيدي خروتشوف في مرحلة سميت بذوبان الجليد. وجاء أول اصطدام لي مع الشيوعية في حدثين عام 1968 الأول داخلي والثاني خارجي، أما الأول فكان عندما أطلق سراح الشباب الشيوعي التونسي من جماعة ما كان يعرف بمجلة افاق من سجون بورقيبة وحل بالقيروان منهم اثنان في مرحلة ما بعد السجن تعرف بالرقابة الادارية وهما الدكتور الطبيب ابراهيم رزق الله والصحفي المتميز أحمد بن عبد الله لأنهما مثلي أصيلا القيروان، فرأيت من واجب الأخوة أن أرافقهما في حلهما وترحالهما لنتجول في الشوارع أو نجلس في مقهى (المحشي) أو مقهى المحطة، وهو ما خفف عنهما في ذلك العهد حسبما اعتقد مرارة العزلة وعذاب التوقيع اليومي على دفتر الحضور بمركز الشرطة، وأنست معهما بالحديث عن طرائف السجن ومصائبه. الا أن دعوة على ورقة حمراء أعرفها جيدا حطت على باب بيتنا ذات يوم تدعوني الى الحضور الى مركز الشرطة لأمر يهمني، فتوكلت على الله واستقبلني مفتش دمث الأخلاق كتب على الراقنة كل تاريخ حياتي البسيطة العادية وعند ما سألته عن شرف تلك الزيارة، أسر لي في أدب بأن هناك (استفيدات) وصلت الى العاصمة تفيد بأنني شيوعي ! فأقسمت للرجل أني عدو لدود للشيوعية ولكل الايديولوجيات وما استصحابي لأبناء بلدي الخارجين من السجن سوى من باب أصول الصداقة والمواساة لا غير. أما الحدث الخارجي فهو قيام ثورة الربيع في تشيكسلوفاكيا على يد الزعيم الليبرالي الجريء دوبشاك، حيث شرعت أنشر في الصحف والمجلات تعريفا بالحركات المنشقة في روسيا وبلدان المعسكر الشيوعي، يملأها الحماس التلقائي للحرية. ودأبت على ذلك المنهج الى بدايات السبعينيات حين تلقيت دعوة من الكاتب المصري الراحل يوسف السباعي أنا والكاتب التونسي الأستاذ مصطفى الفارسي كعضوين في الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين آنذاك للمشاركة في أعمال مؤتمراتحاد الكتاب الافريقي الأسيوي الذي ينعقد عام 1972 في مدينة (ألما أتا) بالاتحاد السوفييتي، وكان السباعي رئيسا لذلك الاتحاد، ووعدت نفسي بالتألق في ذلك المؤتمر بسذاجة شاب عربي يكتب أدبا محليا تهبط عليه نعمة الحضور في محفل الأدباء الذين كان يطلق عليهم لقب التقدميين! لكن الرجاء خاب حين عتبت مقر السفارة السوفييتية بتونس طالبا التأشيرة ، ولأول مرة في حياتي شاهدت الباب الذي ينفتح بالريموت، حيث استقبلني الملحق الثقافي المستعرب تحت صورة كبيرة للرفيق ليونيد بريجنيف ، وقال لي بابتسامة صفراء: اننا منحنا تأشيرة للأستاذ الفارسي وليس لدينا اذن بمنحك التأشيرة مع الأسف، وأمام الحاحي أسر الي الرجل بأن السفارة تتابع بقلق وامتعاض مقالاتي عن المنشقين المنحرفين والمرضى النفسيين من المثقفين المعادين للشعب وللجنة المركزية للحزب الشيوعي! وهكذا سافرالزميل الى الجنة الماركسية وبقيت أنا في تونس أواصل التعريف بروايات الكاتب الروسي ألكسندر سولجينتسين الذي كان يقول بأنه يأتي يوم وينهار هذا البناء المزيف الذي اسمه الاتحاذ السوفييتي لتعود الروح الى روسيا الخالدة! وبعد ثلاثة عقود ونصف أحمد الله على أنه أعطى الحق لسولجينتسين الذي سحبت منه آنذاك الجنسية السوفييتية كما سحبت مني تأشيرة الدخول للجنة الاشتراكية. وما زلت أنا نفسي متعجبا من أمر بسيط وهو كيف كانت لنا نحن الشباب تلك الرؤية التي صدق عليها التاريخ في حين غابت عن كثير من الكبار الذين يقودون العالم! (المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 17 جانفي 2007)
محمد كريشان لست ذاهبة باقتراح، لست ذاهبة بخطة … هذا ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس عن الملف الفلسطيني الإسرائيلي وهي متوجهة إلي المنطقة في ثامن جولة لها هناك منذ توليها منصبها قبل عامين، غير أن ذلك لم يمنعها من أن تضيف بأنها تريد إجراء محادثات بشأن الإسراع بتنفيذ خطة خارطة الطريق التي، للتذكير فقط، كانت ولدت ميتة في نهاية نيسان (أبريل) 2003. شكرا لرايس علي هذا الاعتراف الصريح الذي كان عدد كبير من السياسيين والمراقبين يشيرون إليه مرارا وتكرارا عند التطرق للتحركات الأمريكية الخاصة بالقضية الفلسطينية لينبهوا الجميع بأن هذه الإدارة إنما هي خالية الوفاض تماما علي هذا الصعيد، بل إنها لا تبدو راغبة بالمرة في التقدم نحو أي شيء مكتفية بالحد الأدني اللازم لإدارة وتحريك الألغام دونما سعي لتفكيكها مع حرص متواز علي عدم تفجرها أيضا. كل ذلك فقط حتي تتمكن الحكومة الإسرائيلية من مزيد إحكام ترتيب الأمر الواقع وفرضه كما ترتئيه وتشتهيه. في المقابل، استقرت اسطوانة اللغة الدبلوماسية الأمريكية في الشأن الفلسطيني منذ مدة علي شرخين أساسيين، لم تفوت السيدة كوندي فرصة جولتها الحالية لتكررهما أيضا في ما يشبه اللازمة أو التعويذة: الأول هذا التكرار الممل والسمج عن دولتين مستقلتين، فلسطين وإسرائيل، تعيشان جنبا إلي جنب حتي أن الظن قد يذهب ببعضنا إلي الاعتقاد بأن العرب والفلسطينيين تحديدا هما من يعرقلون قيام دولة إسرائيل المستقلة ذات الحدود الثابتة والآمنة والمعترف بها أو أن هذه الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة والمتصلة جغرافيا، كما يكررون دائما، معروضة الآن علي طبق من ياقوت وألماس لكن الكسل حال دون أن يمد أي كان يده ليلتقطها ويتنعم بها!! أما الشرخ الثاني فهو هذا الإلحاح الدائم علي ذكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقرونا دائما بالإشادة الثابتة باعتداله ومرونته وكأنهم قدموا له ما يكافئ هذا التوجه المحمود لاسيما وأنهم كلما زادوا في مدحه والإشادة به، مع الإسرائيليين، زادوا في تغذية شكوك الباحثين عن كل لؤم في مثل هذه التصريحات التي كان يمكن فعلا لــ أبو مازن أن يرحب بها لو أنه قبض مقابلا لها يمكن أن يشعر به المواطن الفلسطيني في حياته اليومية علي الأقل فيعذر الرجل ويزيد في دعمه لكن ذلك لم يحصل أبدا مما يعني إمعانا في إحراجه و حرقه بشكل مقصود ومتعمد علي الأرجح. هنا يحضرني ما قلته مرة للناطقة باسم الخارجية الإسرائيلية أميرة آرون وقد وقفت مع بعض الصحافيين في حلقة نقاش سريعة علي هامش اجتماع دولي في الدوحة، توجهت إليها بالسؤال التالي: أبو مازن المعتدل الذي لا يؤمن سوي بالعمل السلمي والدبلوماسي لم يحصل منكم علي شيء، وحركة حماس المتطرفة التي ترفع شعار المقاومة المسلحة لاسترجاع الحقوق المغتصبة لم تحصل منكم طبعا علي شيء، والرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات الذي وضع رجلا هنا ورجلا هناك ولعب بالحجر والبيضة كما يقال غادر عالمنا دون أن يحصل منكم علي شيء… فبربكم أية مواصفات تكون مطلوبة حتي تسلك الأمور معكم؟!! فوجئت بصيغة السؤال ولم ترد. نفس السؤال يمكن أن يطرح علي الدكتورة رايس وأشك أنها يمكن أن تقدم جوابا شافيا والأرجح أن تلجأ كعادة المسؤولين الأمريكيين إلي حذلقات لغوية صارت مدعاة للنقمة ومغذية لأي نزعة متطرفة مدمرة. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 17 جانفي 2007)
الاصطفاف الطائفي يتحدي علماء الامة ومثقفيها
د. سعيد الشهابي (*) مع استمرار الأزمة العراقية، تتفرع تداعياتها بشكل مضطرد لتتجاوز حدود ذلك البلد، ولتفتح المزيد من الملفات السياسية والدينية بشكل مرعب. والواضح ان هناك اطرافا عديدة تشعر بالارتياح لاستمرار النزيف العراقي، برغم ما تظهره من قلق ، فرب ضارة نافعة كما يقال، او ان مصائب قوم عند قوم فوائد. فعلي مدي أكثر من ثلاثة عقود أبقي ذلك البلد في حالة اضطراب متواصلة، ابتداء بالحرب ضد الاكراد في منتصف السبعينات، مرورا بالحرب العراقية ـ الايرانية وما صاحبها من اضطراب الوئام الداخلي، وأزمة الكويت وصولا الي اسقاط نظام صدام حسين وتداعيات ذلك الحدث المستمرة. ويبدو ان ذلك جزء من العمل الدائب من قبل قوي خارجية لمنع استتباب الامن العربي بشكل يؤدي الي تمخض قوي سياسية وعسكرية فاعلة توقف تداعي الموقف العربي في مقابل المشروع الصهيوني الغربي في المنطقة. فمنذ رحيل الرئيس المصري جمال عبد الناصر في 1970، تموجت اوضاع المنطقة، واستهدفت دولها الكبيرة بازمات داخلية وخارجية لم تنته. بدأت مسيرة التداعي بتوقيع مصر اتفاقات كامب ديفيد وخروجها من دائرة الصراع مع الكيان الاسرائيلي، وتم تحييد البلد العربي الأكبر في ذلك الصراع، ومعه الصراع الملازم له مع الولايات المتحدة الامريكية. وبدأت ازمات العراق منذ ذلك الوقت لتتواصل حتي يومنا هذا. وبمرور الزمن استهدفت بلدان اخري، مثل الجزائر واليمن وسورية والسودان باضطرابات داخلية، عرقية ودينية وسياسية، أضعفتها كثيرا وأضعفت معها مشاريع التضامن العربي، في الوقت الذي تكثفت فيه تدخلات واشنطن لتحقيق عدد من الامور: اولها توفير الدعم السياسي والعسكري للكيان الاسرائيلي، وثانيها فرض الهيمنة الامريكية علي منطقة الشرق الاوسط لمواجهة النفوذ السوفياتي خلال الحرب الباردة، ثم مواجهة التيارات الاسلامية خلال ربع القرن الاخير، وثالثها: الهيمنة علي مصادر النفط بمعدلات وأسعار تناسب اقتصادات الغرب.
وبرغم تداخل الوضع العربي، يمكن القول ان ازمات الدول العربية المذكورة كانت محصورة بحدودها الجغرافية، وبالتالي لم تنعكس ازمات اي منها بشكل كبير علي الاوضاع الاقليمية، وان كان هناك قدر من التأثير الاقليمي المحدود لكل منها. اما العراق فشأنه مختلف تماما. فهو ملتقي الحضارات والثقافات والاعراق والمذاهب. فهو عربي ـ كردي، وشيعي ـ سني، وهو بلد نفطي ـ زراعي، يلتقي في حدوده الجغرافية مع الفرس والاتراك، يحاذي دولتين من مجلس التعاون الخليجي، ودولتين محاذيتين للكيان الاسرائيلي. وبالتالي يصعب منع ما يحدث فيه من التأثر بالمحيط الخارجي او التأثير فيه. فحين حدثت المشكلة الكردية في السبعينات، طرحت في اطارها القومي، وانها صراع عربي ـ كردي. وعندما نشبت الحرب العراقية ـ الايرانية طرحت تارة بانها صراع عربي ـ فارسي، واخري في اطارها المذهبي. وفي ازمة الكويت، تحولت المشكلة الي صراع عربي ـ غربي. هذا لا يعني ان الآلات الاعلامية التي تروج لهذه الطروحات قد نجحت في اهدافها، ولكنها، بدون شك، ساهمت بدرجة او اخري في تشويش الاذهان، واضعاف الرؤية والبصيرة لدي الكثيرين. الامة تعيش اليوم تداعيات تلك الصراعات التي كانت في بداياتها محدودة ولكنها مهدت للوضع الذي يعيشه العراق اليوم وينعكس علي الاوضاع الاقليمية، بدفع خارجي ايضا. فالصراعات الداخلية التي شهدها العراق في السبيعينات والثمانينات بين الحكم المركزي والأكراد تارة والشيعة أخري، تشكل جانبا اساسيا من خلفيات الوضع الحالي. وكذلك الامر بالنسبة لما حدث في حرب التسعينات بعد الاجتياح العراقي للكويت، البلد العربي الخليجي الذي دخل معمعة الصراع مع نظام الحكم في العراق من اوسع ابوابه بعد تجربته المرة في 1990. وحتي علي مستوي نظام الحكم، فقد كان الصراع محتدما بين شقي حزب البعث: السوري والعراقي، وهو صراع ابتدأ في السبعينات، واستمر حتي سقوط حكم البعث في العراق قبل قرابة اربعة اعوام، وانعكس ذلك الصراع علي الاحزاب البعثية في الدول العربية الاخري، فهذا بعثي عراقي، وذاك بعثي سوري.
هذه الانعكاسات اصبحت مصدرا للقلق في اوساط الامة. لكن اكثر القضايا حساسية المسألة الطائفية التي بدأت في تجاوز حدود الاختلاف بين الفرقاء. لقد اصبح الوضع اليوم مستقطبا بشكل لم يسبق له مثيل، علي اسس مذهبية بحتة، وهو تطور خطير جدا، لان من اكثر الامور دموية الخلافات الدينية عموما، والخلافات ذات الطابع المذهبي ضمن الدين الواحد علي وجه الخصوص. ففي الاطار المسيحي شهدت اوروبا من الصراعات المذهبية ضمن الدين المسيحي ما ادي الي الكثير من القتل والدمار علي مدي قرون طويلة. وقد شهد القرن السادس عشر عددا من الحروب منها الحروب السبع بين الكاثوليك والبروتستانت التي بدأت في فرنسا وشملت بلدانا أخري مثل بريطانيا واسبانيا وبولندا، وحرب هنري الثالث والرابع والخامس في تلك البلدان ايضا (1584ـ1989)، وحرب الرابطة التي امتدت عشر سنوات بعد ذلك. وتواصلت الحروب علي اسس مذهبية في اوروبا وكان آخرها الصراع بين الكاثوليك في ايرلندا الشمالية وبريطانيا البروتستانتية. تؤكد هذه الصراعات ان الحروب ذات الطابع المذهبي من أخطر الحروب لانها تلامس عواطف الناس وتضفي علي الصراع طابعا دينيا خطيرا، وتجعل ممارسة الحرب والقتل عملا ليس مشروعا فحسب، بل فرضا مقدسا يجب القيام به. هذه الصراعات المذهبية لم تؤد الي ازدهار المذاهب الدينية بل اضعفت الجميع وادت الي موت الكثيرين في حروب غير ذات معني. ولا شك ان هناك من يغذي هذه الصراعات لاسباب تتعلق بالجهل تارة، والعصبية تارة اخري، والاطماع ثالثة. ويمكن القول ان الحروب من هذا النوع لم تحسم يوما اشكالا او قضية، بل أدت الي تفاقم الخلافات وتعمق الضبابية وغياب الحكمة والمنطق. فهي بالتالي صراعات عبثية تغذيها آلة الحرب الشيطانية، بلا مغزي او معني. وليس بعيدا القول بان من اسبابها شعور بعض اقطاب المذاهب باحتكارهم الحقيقة المطلقة وحتمية خطأ الآخر، وغياب روح الحوار الذي قد يؤدي الي قدر من الوئام والتفاهم، ويقلص دوائر الخلاف والاختلاف.
ازمة العراق اليوم ليست من صنع ابنائه وحدهم، وان كانوا جميعا شركاء في ما يجري. ونظرا لتركيبة العراق المعقدة، كانت اثارة العواطف والاضطرابات أمرا سهلا. الغريب في الامر ان هذا البلد أنجب اجيالا من العلماء والمثقفين والشعراء منذ صدر الاسلام، وفي الماضي كان مهدا نشأ فيه اقطاب المدارس الفقهية الاسلامية التي تحولت لاحقا الي مذاهب. ويتوقع من بلد كالعراق ان يكون علماؤه ومثقفوه، نظرا لهذا التراث العلمي العملاق، أبعد الناس عن الانجرار في مشاريع الاحتراب والاصطفاف علي اسس القناعات الفقهية والدينية. لكن الملاحظ انه يتحول الي بؤرة لتفريخ الافكار الطائفية الهدامة التي تجعل القضايا الفقهية الفرعية المختلف عليها، اساسا للتعامل مع الآخرين، وتجاهل المشتركات من العقائد والافكار والقيم التي تقتضي تلاحم الصف وتقوية الاواصر. بدأت الأزمة سياسية بين الفرقاء علي اساس الموقف من القوات الانكلو ـ أمريكية، وتطورت حتي أصبحت بقدرة قادر قضية أخطر، ذات أبعاد دينية وعقيدية. وبالغ اعداء الامة في التحدث باللغة الطائفية حتي استطاعوا تحويلها الي عنوان للأزمة، بعد ان كانت سياسية بحتة. هذه الجهات أدركت خطر ابقاء القضية في اطر الخلاف السياسي، فذلك ليس من مصلحتها لانها بمرور الوقت ستتحول الي بؤرة استقطاب لجميع العراقيين. وسعت في السنوات الثلاث الاخيرة لتطوير التجاذبات المذهبية حتي جعلتها محور الأزمة السياسية بين ابناء العراق. صحيح ان هناك من لا يزال يتحدث عن الاحتلال وضرورة مواجهته، ولكن الاحتقان الطائفي أصبح يمثل العنوان الاوسع للازمة العراقية. وظهر الرئيس بوش مجددا، كلاعب أساس بقرار ارسال اكثر من 20 الفا من الجنود الامريكيين الي العراق للمساهمة في الحفاظ علي الامن والاستقرار . الرئيس بوش يعلم، كما يعلم رئيس الوزراء البريطاني، ان المشكلة تتحرك علي خط التأزيم المذهبي، وان ذلك من شأنه ان ينعكس علي الاوضاع الاقليمية والعلاقات بين شعوب المنطقة. فاذا كانت حرب لبنان الاخيرة قد كسرت الحواجز العرقية والمذهبية بين العرب والمسلمين، فان خطة احتواء المنطقة وتطلعات ابنائها، تقتضي اعادة صياغة المعالم السياسية وخريطة الانتماءات العقيدية، لتصبح المذهبية اطارا للصراع بين ابناء المنطقة. اصحاب هذه الخطة يدركون ان الخلافات الدينية تخترق الحواجز بدون صعوبة، وانها كالنار التي تنتشر بسرعة الريح لتدمر ما حولها بدون رحمة.
ازمة العراق بدأت سياسية وتحولت الي ابعاد مذهبية خطيرة. المشكلة تتمثل باستحالة حصر هذه الحالة ضمن حدود ذلك البلد المحتل من جهة، وعجز علمائه ورموزه السياسيين عن كسر دائرة التصعيد والهاب المشاعر الطائفية. هذا برغم الجهود التي بذلتها جهات عربية واسلامية لاحتواء الازمة باستحضار الرموز الدينية من كافة الاطراف لمؤتمرات في مكة ودمشق وطهران، بهدف تقريب وجهات النظر وسحب الشرعية عن الاحتراب الداخلي القائم علي اسس الانتماء المذهبي. دول المنطقة اصبحت اليوم تشهد حالة اصطفاف طائفي غير مسبوق، طرفاها السنة والشيعة، ومنطلق اختلافاتها ما يجري في العراق من اعادة رسم الخريطة السياسية. لقد كان هناك متشددون و معتدلون ازاء المشكلة الطائفية، ولكن هناك توجها عاما ضد الاتجاهات المعتدلة، يخشي ان يؤدي الي تحول الاغلبية الساحقة نحو المواقف المتطرفة، وهو امر سيكون كارثة علي المنطقة كلها. ان مشكلة العراق الطائفية آخذة في التوسع، خصوصا في ظل السياسات الامريكية التي تصر علي الاحتلال والعسكرة، وتكرس حالة الاستقطاب السياسي بشكل خطير. العراقيون هم اكثر الناس تضررا من هذه السياسة، ولكن ابناء المنطقة يواجهون تحديات صعبة وهم يتأملون الخيارات المتاحة امامهم، وفي مقدمتها الاصطفاف الطائفي. انها مشكلة متداخلة تساهم في تعقيدها اطراف سياسية خارجية، واجهزة استخبارات تعمل بشكل حثيث لمنع استقرار الوضع السياسي والعلاقات الاسلامية ـ الاسلامية، لان ذلك الاستقرار يقوي الاطراف ذات النزعة الوطنية الرافضة للاحتلال، سواء في العراق ام في فلسطين. الجانب الايجابي في الأمر وجود وعي لدي قطاع واسع من المثقفين والدعاة الاسلاميين بخطر الانجرار الي المستنقع الطائفي، وانه لا يخدم اية مصلحة اسلامية ولن يكون عاملا حاسما في الاستقلال ومقاومة الاحتلال. هذه الطبقة اصبحت تضغط علي الرموز الاسلامية والسياسية الكبيرة لاتخاذ خطوات عملية لمنع التداعي، ويتجلي ذلك في الندوات والاجتماعات والمناظرات الاعلامية، كما يتجلي في اللقاءات المباشرة بين النشطاء في مجالات السياسة والدعوة والاعلام.
ماذا بعد؟ ان المنطقة تستقبل مرحلة صعبة لا تقل عن سابقتها التي تخللها الغزو والتدجين السياسي، وتنام علي مرجل من نار، وهي تتوجس خيفة مما تخبئه الاقدار في ظل تحشيد مذهبي مقيت، تؤججه جهات عديدة لا تريد للامة خيرا، وتتمني استمرار غياب الاستقرار عن العراق. ولا شك ان السياسات الامريكية من جهة، وعجز النخب السياسية والدينية في العراق عن التحاور والتقارب، كل ذلك يساهم في اذكاء روح الخلاف، ويصعب مهمة من يسعي للتهدئة وتطويق الازمات. مع ذلك لا يمكن اغفال حقائق عديدة من اهمها ان التحشيد الطائفي يوازيه عمل سياسي مشترك بين رموز الطائفتين الاساسيتين في العراق، سواء داخل حكومة نوري المالكي، ام في الجمعية الوطنية، ام في الجهات السياسية الرسمية التي تعمل في نطاق الدولة، وتساهم عمليا في الانماء والتطوير. ان علي المسؤولين في الدول المجاورة ان يشعروا بان اذكاء حرب طائفية في العراق خيار خاسر، سوف ينعكس سلبا، بشكل مباشر علي مروجيه وداعميه، وانه يؤدي الي التمزق الداخلي لأمة مستهدفة في حقوقها ووجودها، ولن يستفيد منه الا اعداؤها خصوصا قوات الاحتلال في العراق وفلسطين. (*) كاتب بحريني مقيم في بريطانيا (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 17 جانفي 2007)
العام الجديد.. سحب داكنة في الأفق
فهمي هويدي (*) لا يبشرنا استهلال عام 2007 بخير، والسحب الداكنة التي تتجمع في أفقه تباعا هذه الأيام والألاعيب التي تمارس على مسرح السياسة في المنطقة، خير دليل على ان القادم لا يبعث على الاطمئنان، ويستوجب درجة عالية من اليقظة والحذر. خذ مثلا زيارة السيدة رايس وزيرة الخارجية الامريكية للمنطقة، وكلامها عن «تنشيط عملية السلام» والعودة الى التلويح بحكاية الدولتين المتجاورتين، الفلسطينية والاسرائيلية، ذلك ان أي مبتدئ في علم السياسة، او حتى قارئ للصحف اليومية يصعب عليه ان يبتلع الكلام، ولا بد ان يتشكك في صدقيته لأول وهلة. فنحن لا نعلم ان القضية الفلسطينية لا تحتل أية اولوية في اهتمام الادارة الامريكية، التى لا يهمها ولا يعنيها ان تقام الدولة الفلسطينية الا اذا كان في ذلك مصلحة اسرائيلية، واسرائيل تعمل جاهدة على الارض لكي لا تقوم لتلك الدولة قائمة، وإن لم تمانع في اقامة هياكل كاريكاتورية عاجزة تعلق عليها لافتة الدولة. وفضلا عن ان اسرائيل لا تريد طرح ملف الدولة، فان توازنات المنطقة لا تضطرها الى ذلك، إذ أنها لا تواجه ضغوطا من أي نوع تدفعها الى تبني ذلك الخيار، ثم إن محيطها العربي «مرتاح» الى الوضع الراهن، ومتجاوب معه الى حد كبير، و«اصدقاؤها» في ذلك المحيط لم يعربوا عن استنكارهم للوضع الراهن او استيائهم ازاءه، وما برحوا يفتحون اذرعهم مرحبين بالقادة الاسرائيليين في عواصمهم، بل ان هؤلاء القادة اصبحوا يسمعون مدائح من بعض القادة العرب، لا يكادون يسمعونها في بلادهم، والإطراء الذى سمعه ايهود أولمرت في احدى العواصم العربية التى زارها اخيرا، خير دليل على ذلك. إذ في حين أشارت استطلاعات الرأي إلى تدهور سمعته السياسية وندد أقرانه بفشله، ورغم انه عين في وزارته السيد ليبرمان الذى يكن درجة عالية من الاحتقار للعرب والعداء للفلسطينيين، رغم ذلك فقد امتدحه أحد القادة العرب، وقال إنه طيب ومخلص وابن حلال وجدير بالثقة والاحترام! ولماذا نذهب الى المحيط العربي، ونحن نجد نفس الظاهرة في الدائرة الفلسطينية ذاتها، ذلك ان جناح «السلطة» لم يعد مشغولا لا بالدولة ولا بمصير القضية، وانما شاغله الاول هو كيف يمكن إقصاء الحكومة التي شكلتها حماس وإفشالها، ومن يتابع الصور المنشورة عن لقاءات ابو مازن رئيس السلطة، لا تفوته ملاحظة انه يظهر صارما ومتجهما في كل لقاء يعقده مع رئيس الوزراء اسماعيل هنية، في حين تراه دائما فرحا ومنشرحا ومتهللا حين يصافح السيدة كوندوليزا رايس او يعانق رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، وقد قرأنا أخيرا انه تحدث عن صعوبة اجتماعه مع هنية في عمان، في حين أن الأمر من جانبه سهل للغاية ومرحب به دائما اذا كان المطروح هو اجتماعه مع اي مبعوث إسرائيلي أو امريكي. اذا كان «الهوى» الفلسطيني على هذا النحو، فهل يصدق عاقل ان يكون الوقت الراهن هو المناسب لتنشيط عملية السلام، والإعداد لإقامة الدولة الفلسطينية؟ اذا كانت الاجابة بالنفي، وأحسبها كذلك، فلماذا بدأت السيدة رايس جولتها في المنطقة بزيارة تل ابيب ورام الله؟ ـ روي أن للزيارة هدفا اساسيا، هو تخدير العالم العربي وايهامه بأن واشنطن جادة في ايجاد حل للصراع العربي ـ الاسرائيلي، وهي التي تدرك ان قضية فلسطين هي مفتاح حل مشاكل المنطقة، وهذا التخدير مطلوب لاجراء جراحة اخرى في العراق الذي يشكل ملفه الهم الملح والعنصر الضاغط على السياسة الامريكية في الوقت الراهن، بعدما تدهورت الاوضاع الامنية في بغداد، وأدت إلى تدهور الوضع السياسي للرئيس بوش وبطانته. واشنطن مشغولة بورطتها في العراق، ولم يعد الملف الفلسطيني ضمن اولوياتها، وغاية ما تريده من ذلك الملف ان يستخدم لصالح إخراجها من ورطتها. وهي اكثر من يدرك ان 2007 هو عام حسم مستقبل وجودها في العراق، ومستقبل المشروع النووي الايراني، والاول مطلب امريكي ملح، والثاني مطلب اسرائيلي بامتياز، الشرط الاساسي لتحقيق هذين الهدفين هو تسكين المنطقة بوسائل عدة، من خلال توزيع مختلف أنواع المهدئات والمخدرات السياسية، التي تحمل أسماء من قبيل «خارطة الطريق» وتنشيط عملية «السلام» واقامة الدولة الفلسطينية.. الخ. من بوابة فلسطين، ستدلف السيدة رايس الى موضوع العراق، والاشارات القادمة من واشنطن تدل على انها تريد من الدول العربية عدة أمور، فالدول النفطية مطلوب منها أن «تسهم» في تغطية ما يعجز الرئيس الامريكي عن تمريره من نفقات لتمويل حملته في العراق، من الكونجرس ذي الاغلبية الديمقراطية، والدول غير النفطية سوف يقترح عليها ان تسهم في ارسال قوات إلى العراق تحت أي مظلة، إذا ما تطلب الامر ذلك، خصوصا انها تتجه الآن الى تصعيد حملتها العسكرية هناك، لتخوض حربين وليس حربا واحدة. الاولى ضد الميلشيات ومن تسميهم «الارهابيين»، والثانية ضد الحضور والنفوذ الايراني المتصاعدين داخل العراق. وهذا النفوذ لا تتمثل خطورته فقط فيما يحققه من توسع لصالح ايران، ولكنه ايضا يهدد الوجود الامريكي ذاته، وهذا التهديد يفترض ان يصبح اشد خطورة في حالة ما اذا جرت محاولة اجهاض المشروع النووي الايراني، من خلال عمل عسكري، وهذا العمل حتى اذا كان اسرائيلياً، فانه لن يتم دون مشاركة أو موافقة امريكية. ازاء ذلك الاحتمال، فالمطلوب امريكيا الآن تفجير الصراع السني ـ الشيعي، واذكاء هذه العملية بكل السبل، بحيث يهيأ المناخ المناسب لطرح فكرة الهلال السني في مواجهة الهلال الشيعي، وذلك يستدعي احتشاد الدول السنية «المعتدلة» في المنطقة للقيام بهذا الدور، وقد رشحت بعض الدول العربية بقيادة ذلك الهلال السني، وهناك حديث متواتر عن ضم تركيا الى ذلك الحشد، باعتبارها دولة سنية (اخيرا تذكروا انها سنية!) ـ لكن أغرب ما في هذا السيناريو أن إسرائيل مرشحة بقوة للانضمام الى المعسكر السني المفترض. وكان الاسرائيليون قد لمحوا الى ذلك اثناء محاولتهم اجتياح لبنان في الصيف الماضي، حين قالوا ان العملية التي قاموا بها هناك تلقى رضا وتأييدا من بعض الدول العربية، الامر الذي دفع عددا من المحللين العسكريين في الدولة العبرية الى الحديث صراحة عن أهمية اقامة تحالف بين اسرائيل وتلك الدول العربية، لمواجهة مستويين من الخطر، أولهما الخطر الايراني، والثاني خطر الاصولية الصاعدة في المنطقة. لكي تضغط من اجل تمرير السيناريو، فان واشنطن حاولت ابتزاز الدول العربية من خلال التلويح بأن الهزيمة الامريكية في العراق ـ اذا تحققت ـ فانها ستعد هزيمة للدول العربية «المعتدلة»، لأنها ستفتح الباب واسعا لتنامي الخطرين الايراني الشيعي، والاصولي المتطرف، والمطلوب في هذه الحالة ان يتوازى التصعيد العسكري في العراق، مع تصعيد آخر في المواجهة بين السنة والشيعة. الامر الذي يعني اننا بصدد موسم قادم للحرائق. قد لا يفوز فيه الامريكيون، ولكن اسرائيل هي الفائز الاكبر لا ريب، والعرب هم الخاسرون في كل الاحوال، إلا اذا حدثت مفاجأة ليست في الحسبان. ما يثير الانتباه في هذا الصدد، انه في الوقت الذي نرشح فيه المنطقة لتكون مسرحا لحرائق كبرى، فان بعض الاقطار العربية تشهد تصعيدا موازيا في معادلات الصراع الداخلي، فالصراع الحاصل في لبنان لا يخفي أمره على أحد، فضلا عن ان له خلفيات وخيوطا موصولة بسيناريو الحرائق الكبرى، والصراع في فلسطين بين فتح وحماس سينطبق عليه نفس الكلام. وفي مصر صراع متصاعد بين السلطة من ناحية وبين حركة الاخوان المسلمين من ناحية وبين السلطة، وبين قوى المعارضة السياسية من جهة اخرى بسبب التعديلات المقترحة لدستور البلاد. وفي السودان صراع لا يراد له ان يهدأ، سواء في دارفور او حتى مع شركاء الحكومة في الجنوب. وفي تونس، صراع بين السلطة ومعارضيها، الذي وجدناه يتراوح بين القمع السياسي وبين الاشتباك المسلح. وإذا يمَّمنا البصر إلى أبعد نحو الجنوب، فسنجد ان الصومال بصدد الدخول في جولة أخرى من حلقات الصراع الداخلي المستمر منذ 15 عاما، وذلك بعد اجتياح القوات الاثيوبية له. وإسقاط نظام المحاكم الاسلامية، وتوقع لجوء قوات المحاكم الى حرب للعصابات، بدأت مقدماتها بالفعل، المدهش في ذلك الصراع ان الغزو الإثيوبي تم بناء على ترتيب وغطاء امريكيين، ووسط سكوت مستغرب من جانب العالم العربي والاسلامي. رغم ان الصومال عضو في الجامعة العربية. كما انها تشكل احدى بوابات ومنافذ الإسلام الى افريقيا، وإخضاع ذلك البلد للنفوذ الاثيوبي ـ الامريكي، وربما الكيني ايضا، يعني سحب هويته ومحاولة قهر انتمائه العربي والاسلامي، بقدر ما يعني تحويله الى بؤرة للغضب مرشحة للانفجار في اي وقت. هذه بعض المؤشرات التي ظهرت في الشهر الاول من العام، فما بالك بأحد عشر شهرا اخرى قادمة؟ (*) كاتب ومفكر من مصر (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 17 جانفي 2007)
عبد الوهاب المسيري (*) من الحيل الأساسية في الخطاب التحليلي الغربي أنه ينزع الظاهرة من سياقها الحضاري والإنساني فتتحول الظاهرة إلى مجرد حادثة أو معلومة يفرض عليها العالم الغربي ما يشاء من معاني. فحين يتعامل مع ظاهرة مثل الفساد في حكومات العالم الثالث، خاصة في أفريقيا والعالم العربي، فإنه يفصلها عن عناصر أخرى مثل دعم حكومات العالم الغربي لمعظم هذه الحكومات، وعن الرشوة التي يقدمها العالم الغربي وشركاته لأعضاء النخب الحاكمة في العالم الثالث. ومن ثم يتحول الفساد من كونه ظاهرة اجتماعية سياسية ساهم الغرب في صنعها إلى حد كبير، إلى أمر لصيق بالعالم الثالث الذي لم تصله بعد قيم الديمقراطية الغربية! ونفس الشيء ينطبق على ما يسمى “الإرهاب الإسلامي”، إذ يتم فصل هذه الظاهرة عن التدخل الغربي في المنطقة وعربدة الجيوش الأميركية في العراق وأفغانستان ودعمها لبعض الحكومات العربية الفاسدة، وعن الاحتلال الصهيوني وبطشه اليومي المستمر بالشعب الفلسطيني. وبالتالي تظهر بعض العمليات التخريبية (مثل تلك التي حدثت في إسبانيا وإنجلترا) وكأنها نتاج عقل بشرى شرير، وكأن الإرهاب أمر لصيق بالإسلام ذاته. ثم يسحب هذا التعميم على المقاومة الشرعية ككل سواء كانت في فلسطين أم العراق أم أفغانستان مما يسبغ شرعية على التدخل الاستعماري الأميركي في الشؤون العربية وعلى تحالفها مع النظم العربية الفاسدة، بحجة التصدي للإرهاب! وهذا أيضا ما فعله العالم الغربي مع ظاهرة الإبادة النازية ليهود أوروبا والتي يطلق عليها “الهولوكوست”. فقد نزعها تماما من سياقها الحضاري الغربي وقام بأيقونتها، أي جعلها مثل الأيقونة، التي يظن العابد أن الإله قد حل فيها، وبالتالي لا يمكن للمؤمن بها أن يشكك فيها أو أن يتساءل عن معناها أو دلالتها، فالأيقونة لا تشير إلى شيء خارج عنها، فهي مرجعية ذاتها ولا تشير إلا إلى ذاتها. ولذا بدلا من أن ينظر العالم الغربي إلى الإبادة النازية لليهود باعتبارها جزءا من نمط أوسع، وهو قيام الحضارة الغربية بإبادة الملايين (إبادة السكان الأصليين فى أميركا الشمالية وأستراليا ونيوزلندا – ملايين الأفارقة الذين تم إبادتهم إبان عملية استرقاقهم – إبادة سكان الكونغو الأصليين على يد الاستعمار البلجيكي – إبادة مليون في الجزائر على يد الاستعمار الفرنسي)، أصبحت الإبادة النازية فعلا إجراميا قامت به ألمانيا النازية ضد اليهود، واليهود وحدهم. وبالتالي تتحول المسألة إلى لونين: أبيض وأسود، النازيون الجزارون واليهود الضحية. وتحاط الإبادة بالقداسة، وكأنها الحق المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي لا يمكن مقارنته بأي ظاهرة أخرى، وكأن الإبادة ليس كمثلها شيء. ومن هنا ظهرت قوانين تجرم من يشكك في الإبادة (في الوقت الذي لا توجد قوانين مماثلة تجرم من يشكك في وجود الله أو حتى القيم الأخلاقية الثابتة المطلقة). وأعتقد أنه من الواجب تحدي هذه الرؤية الاختزالية عن طريق وضع الإبادة فى إطارها الحضاري والسياسي الغربي فننزع القداسة عنها ونبين أنها ظاهرة إنسانية تاريخية لا تختلف عن ظواهر مماثلة، وأنه لا يمكن رؤية الإبادة من خلال لونين اثنين. ومن أهم الإستراتيجيات في هذا المجال هو توضيح مدى تعاون الصهاينة مع النازيين، وهو تعاون تم على جميع المستويات الشخصية والمؤسسية، والسرية والعلنية. وقد نشرت جريدة الديلي تليجراف البريطانية في عددها الصادر في ديسمبر/كانون الأول 1996 مقالا بعنوان “كشف السر الخاص بجنود هتلر اليهود!” وعبارة “جنود هتلر اليهود” تهدم الخطاب الغربي من أساسه، إذ تبين مدي التداخل بين النازيين من جهة، والصهاينة واليهود من جهة أخري، وأن مسألة الأبيض والأسود هذه ليست لها أي أساس من الصحة. والمعلومات المذهلة الواردة في المقال ليست من قبيل الإثارة الصحفية، وإنما هي ثمرة بحث قام به طالب تاريخ في جامعة أكسفورد يسمي برايان ريجز. يبين المقال أن القانون الألماني، إبان الحكم النازي، إي منذ عام 1935 كان يرفض منح الجنسية لذوي الأصول المختلطة واليهود، هذا هو الأبيض والأسود الذي يروجه الخطاب التحليلي الصهيوني والغربي. ولكن الواقع يتحدي هذه الصيغ الاختزالية، إذ يشير المقال إلى أن اليهود وأنصاف اليهود الذين انخرطوا في الجيش تم السماح لهم بالاستمرار في الخدمة على ألا يصلوا إلى رتبة ضابط. ولكن حتى هذا لم يتم الالتزام به، فمكتب شؤون العاملين في الجيش الألماني كان علي دراية بوجود 77 ضابطا من الرتب العالية من أصول يهودية مختلطة أو متزوجين من يهود ويخدمون في الجيش النازي (الفيرماخت). كما بيّن التقرير أن الآلاف من اليهود من ذوي الأصل المختلط (أي أنصاف يهود) خدموا في الجيش النازي. وتوضح الدراسات التي قام بها ريجز حالات متنوعة. كان بعضها من اليهود المتدينين، والبعض الآخر ممن لا يعتبرون أنفسهم من اليهود بصرف النظر عن نظرة القوانين لهم. وكان البعض يخفى نسبه الأصلي والبعض الآخر لم يستطع أن يفعل ذلك. ويوضح البحث مدى فظاعة الرفض النازي أثناء الحرب لمن ينتمون إلى أعراق مختلطة. وقد اكتشف ريجز أنه بينما كان الجنود اليهود يؤدون الخدمة العسكرية، كان ذووهم من اليهود يقتلون في معسكرات الاعتقال. وكان ما يقرب من 2300 يهودي أقارب من الدرجة الأولى لمجموعة تقرب من ألف جندي ممن التقى بهم ريجز من ضحايا الهولوكوست. وقد تمكن ريجز من توثيق 1200 حالة واستطاع أن يجمع ما يقرب من ثلاثين ألف وثيقة عن أصول يهودية لاثنين من المارشالات الميدانيين وعشرة جنرالات و 14 كولونيلا وثلاثين ميجورا. وتكشف الوثائق عن حالات كثيرة بعضها في غاية الغرابة، مثل حالة أحد كبار الضباط النازيين اليهود الذي قام بزيارة والده في أحد معسكرات الاعتقال وهو يرتدي زيه الرسمي وأوسمة المعارك التي خاضها، والصليب الحديدي الذي تسلمه تكريما لأدائه في إحدى المعارك, وقد يبدو الأمر بالنسبة لنا غريبا، ولكن يبدو أن هذا الأمر كان مألوفا في ألمانيا النازية. إذ تشير الوثائق إلي معرفة القيادة الألمانية معرفة كاملة بأصول الضباط النازيين اليهود، كما هو الحال مع المارشال الميداني إرهارد ميلش الذي ولد عام 1892 لأب يهودي وكان صديقا شخصيا لهيرمان جورنج، قائد القوات الجوية الألمانية وأحد المرشحين لخلافة هتلر. كان ميلش رئيس شركة لوفتهانزا التي قام بتطويرها، ورئيس جهاز وزارة الطيران، وحسب التعريف النازي كان يعد نصف يهودي. ولكن هتلر وجورنج قررا أن يتجاوزا هذا العائق العرقى بأن “قررا” أن خال والدة المارشال المذكور هو في واقع الأمر والده الحقيقي (وكأن الجماع بالمحارم ليس جريمة، وأن انتماء المارشال اليهودي هو الجريمة الحقيقية) وبالتالي فهو من ذوي الدم الألماني الطاهر. وقد ظل المارشال النازى نصف اليهودي في منصبه، وظل علي ولائه للنظام النازي إلي أن حوكم بعد انتهاء الحرب في محاكمات نورمبرج، باعتباره مجرم حرب، وسجن لمدة عشر سنوات، من عام 1945-1955، ومات عام 1972. والبحث مليء بحالات أخرى: * إدجار جاكوبسن الذي طلب إخفاء اسمه الحقيقي لأنه حسب التعريف النازي يعد يهوديا خالصا رغم أنه لا يمارس العبادة اليهودية، ورغم أنه تزوج من فتاة غير يهودية ولاتزال حية حتى اليوم. عمل إدجار مخرج أفلام ثم في المكتب الإعلامي (النازي) في باريس في 1941 وحصل على الصليب الحديدي من الطبقة الأولى. وفى عام 1941 حاولت أخته التي كانت ترتدي نجمة يهودية حضور مؤتمر نازي، إلا أنها منعت من الدخول، وقد احتجت بالقول إن أخاها ميجور فى الجيش النازي. وقبض على إدجار وحوكم أمام محكمة عسكرية لتزييف هويته ثم أرسل إلى إحدى معسكرات الاعتقال. * هلموت ويلبرج مهندس مفهوم “البليتزكريج” (Blitzkrieg) العدواني النازي، والذي استخدم الطائرات في الحرب العالمية الأولى لتدعيم المدفعية الألمانية. والدته كانت يهودية، إلا أن وثيقة في ملفه بتاريخ 30 إبريل/نيسان 1940 تقول أن ويلبرج قام ببحث مضني، ثم اكتشف أنه ليس يهوديا، وقد توفى عام 1941 حين تحطمت طائرته. * كول والتر هولاندير التحق بجيش جمهورية فيمر Weimar Republic عام 1922. وكانت أمه يهودية، وكان ملفه في مكتب شؤون أفراد الجيش يشير إلى أن مركز قيادة الضباط في برلين قد بعث برسالة عام 1934 تقول إنه “ليس آريا”. لكن ومن حسن حظه أنه كان قد حارب ضد الشيوعيين في عامي 1923 و 1924، ولذا أوصى مكتب شؤون الأفراد أنه ينبغى أن يبقى في الجيش لكن أصله اليهودي سبب متاعب لزملائه في الكلية العسكرية التي عين فيها، ولذا نقل إلى الصين. وقد منحه هتلر ميدالية الخدمة الشرفية عام 1936 ثم في عام 1939. ثم منحه تصريحا بأنه آري بعد أن اطلع على صور فوتوغرافية له وعلى ملفه وأوراقه وشهاداته. وكان أداء هولاندير في الخدمة العسكرية متميزا، حيث منح الصليب الحديدي بعد أن قاد فرقة grenadethrower فرقة إلقاء القنابل في بولندا. كما منح صليب الفارس في مايو/أيار 1943 تكريما لقيامه بتدمير 21 دبابة روسية في معركة كيرسك. بيد أنه في نهاية ذلك العام حالت أصوله اليهودية دون ترقيته إلى رتبة جنرال. ووقع هولاندير أسيرا في قبضة القوات الروسية في أكتوبر/تشرين الأول عام 1944 وأمضى 12 سنة في السجون الروسية. * هيلموت فيلبرج، استخدم الطائرات في الحرب العالمية الأولى لدعم كتائب المشاة الألمانية، وكان يتولى سرب الطائرات الألمانية التي ذهبت إلى إسبانيا عام 1936 لدعم فرانكو، ومنح صليب الفارس. كما تولى إدارة كلية طيران وترقى في المناصب حتى وصل إلى رتبة جنرال. وقد كانت أمه يهودية، لكن تم العثور على وثيقة داخل ملفه العسكري يقول فيها “بعد بحث طويل عن أصولي وأجدادي، اكتشفت أنني لست يهوديا”. كما التقى ريجز أيضا برجل آخر عمره 76 عاما ويعيش في ألمانيا، وكان الرجل يهوديا لكنه سافر إلى فرنسا التي احتلتها ألمانيا آنذاك وانضم إلى فرق الإس إس تحت اسم جديد. وكان كثير من “أنصاف اليهود” half-jews الذين اشتركوا في الحرب يعملون لحساب منظمة Organization Todot وهى المؤسسة المسؤولة عن برنامج التعمير النازي في معسكرات الاعتقال وهي أعمال السخرة التي كان اليهود المنتجون القادرون على العمل يرسلون إليها. ولقد منحت السلطة النازية أرفع وسام عسكري (صليب الفارس Ritterreuz or Knight’s Cross the) لجنود من أب وأم يهوديين وهى تعلم ذلك. فعلى سبيل المثال طرد الرائد بورخاردت من منصبه العسكري عام 1934 لأنه كان “نصف يهودي”، لكنه عاد في نفس العام بعد أن تسلم صك الدم الألماني من هتلر، وأرسل إلى الصين كي يساعد جيش شيانج كاى شيك Chiang Kai shek. وفى عام 1941 أصبح يقود فرقة الدبابات، وفى أغسطس/آب من نفس العام منح صليب الفارس تكريما لأدائه في روسيا. وبعدها تم نقله إلى وحدة روميل ووقع أسيرا في معركة العلمين. وفى نهاية عام 1944 عندما أصبح من أسرى الحرب، ارتمى في أحضان أبيه اليهودي الذي فر من ألمانيا قبل الحرب. وفى عام 1946، عاد إلى ألمانيا لأنه كان لابد، كما تقول زوجته، أن يعود شخص ما لإعادة بناء البلاد. وفى عام 1983، قبيل وفاته، قال لبعض الطلاب في مسقط رأسه “لقد كان يؤمن الكثير من اليهود الألمان وأنصاف اليهود الذين اشتركوا في الحرب العالمية الأولى، وحتى الحرب العالمية الثانية أيضا، بأن عليهم أن يكرموا ويشرفوا موطن آبائهم من خلال المشاركة فى الحرب”، أى أنه ظل مؤمناً تماماً بالتزامه الوطني لألمانيا. إن الأمثلة السابقة التي أوردناها تبين مدى التداخل بين كثير من العناصر التي تصر التواريخ الصهيونية والغربية على فصلها. وقد بلور هذه القضية أحد اليهود الذين خدموا في الجيش النازي إذ قال: “لو كنت ضمن القوات الألمانية وفقدت أمي في المحرقة النازية، هل أكون بذلك أحد الضحايا أم أحد الجناة”. ويتساءل ريجز لماذا لم يكتب عن هؤلاء؟ ولماذا لم أن يسردوا حكاياتهم؟ ولماذا لم يهتم أحد بالأمر؟ ويفسر ريجز تجاهل كل من الألمان واليهود، على حد سواء لهذه المجموعة من اليهود، بقوله “إن الألمان الذين شعروا بالذنب يرغبون عن الحديث عنهم، أما المجتمع اليهودي فيرغب عن الاعتراف بهم، لأن ذلك يتعارض مع كل ما تعلموه عن الهولوكوست”. إن تقرير ريجز يجعل واقع الدولة النازية أكثر تركيبا، ولذا سيوسع من حدود النقاش الدائر حول الدوافع النازية في عملية الإبادة ودور هتلر في تنفيذ المحرقة النازية، وأعداد الذين تم حرقهم في مقابل هؤلاء الذين تخفوا أو تم التغاضي عن هويتهم!.. والله أعلم. (*) كاتب ومفكر مصري (المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 16 جانفي 2007)
بيان لمرشد الاخوان ردا علي مبارك:
ايدينا ممدودة للجميع بدون استثناء
القاهرة ـ القدس العربي اصدر المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين بيانا مطولا رد فيه علي اتهام الرئيس مبارك لهم بانهم خطر علي امن مصر. ونفي فيه ذلك، وطالب بفتح الحوار مع النظام والمعارضة ونص البيان هو: ان الاخوان المسلمين لم ولن يكونوا في يوم من الايام الا دعاة خير يبتغون مصلحة الوطن وامنه واستقراره ومصلحة الامة ونهضتها ورقيها، يعملون لوجه الله ولا يرجون من احد غيره جزاء ولا شكورا، ولذلك فقد آلمنا اشد الايلام ما صرح به السيد الرئيس قبل ايام من اننا خطر علي امن مصر لاننا ننتهج نهجا دينيا، وهذا يقطع بان هناك من اصحاب القرار من لا يعرف حقيقتنا، ولقد سبق ان نادينا كثيرا ان اسمعوا منا ولا تسمعوا عنا، وان قلوبنا وعقولنا مفتوحة لكل حوار، وايدينا ممدودة للتعاون مع كل مخلص للوطن علي البر والتقوي، ولكن للاسف لم يستجب لنا احد. ان امن مصر نفتديه بارواحنا واولادنا واموالنا، فنحن علي مستوي الفكر رفضنا عقيدة التكفير داخل السجون رغم ما كان يحيق بنا من اليم العذاب، واصدر امامنا الهضيبي – رحمه الله – كتاب دعاة لا قضاة ، وفاصلنا من تبني هذه العقيدة واخرجناه من زمرتنا لعلمنا انها مقدمة للعنف الذي يمس امن مصر واستقرارها، وبعد خروجنا من السجون ظللنا ندعو للفكر الاسلامي الصحيح وحمينا – بفضل الله – مئات الآلاف من الشباب من الوقوع في منزلق التكفير والعنف وحمل السلاح، وادنا كل اعمال الارهاب وصوره ومصادره، وعندما تراجع قادة الجماعة الاسلامية عن افكارهم، واصدروا كتبا بمراجعاتهم الفكرية لم يفعلوا الا ان اقتربوا من افكارنا ونقلوا عن بعض علمائنا وهو ما رحبنا به. وعلي مستوي العمل فقد كنا وكان مرشدنا الراحل عمر التلمساني – رحمه الله – صمام امان لاطفاء نار فتن طائفية في الزاوية الحمراء وغيرها، وغير طائفية في اماكن كثيرة، وشهد بذلك النبوي اسماعيل وزير الداخلية الاسبق ورغم الاضطهاد الشديد الذي طالنا قديما وحديثا ولا يزال، فلم تمتد يد احد منا بالسوء لاحد وانما نصبر ونحتسب. ولقد سبق للرئيس مبارك ان صرح لصحافي فرنسي سنة 1994 ان الاخوان جماعة يلتزمون بالعمل السلمي ويترشحون للنقابات والبرلمان ولا شان لهم بالعنف، وصرح قبيل الانتخابات البرلمانية الاخيرة ان من حقهم ان يترشحوا كمستقلين، وعندما ترشحنا منحنا نحو ثلاثة ملايين ناخب ثقتهم، ونجح لنا – بفضل الله – ثمانية وثمانون مرشحا، هذا غير الذين منعوا من الادلاء باصواتهم من الناخبين، ومن اسقطوا من المرشحين بغير حق، واداء نوابنا في مجلس الشعب منذ عام 1984 وحتي الآن يشهد بحرصهم التام علي المصلحة الوطنية وامن الوطن واستقراره وتحقيق رخائه وازدهاره. فهل يمكن بعد ذلك كله ان نكون خطرا علي امن مصر؟ وهل يمكن ان ينتخب المصريون من يهدد امنهم وامن وطنهم؟ اما استعراض طلبة الازهر الذي اتخذ ذريعة للتصعيد والاعتقال وضرب المصالح الاقتصادية للافراد والعمال والشركات، فهو حادث فريد في تاريخ ناصع استمر اكثر من ثلاثة عقود، خصوصا اذا نظر اليه بانصاف في اطار ظروفه وملابساته، ومع ذلك فقد استنكرناه واعتذر عنه فاعلوه، وكان المتوقع ان يتم تجاوزه بعد ذلك، علي الاقل حرصا علي مستقبل هؤلاء الشباب، مثلما حدث في واقعة اخري من آخرين سببت اضرارا في الناس والممتلكات. اما ان يُعزي لنا الخطر علي الامن لاننا نتبع نهجا دينيا فهو امر غريب، فالنهج الذي نتبعه هو النهج الاسلامي الذي تؤكد عليه المادة الثانية من الدستور والثابتة في كل دساتير مصر منذ عرفت دستورا مكتوبا، حيث دين الدولة هو الاسلام، والذي يسعي لاقامة الحق والعدل والمساواة ويحترم حقوق الانسان وكرامته ويقدس حرياته العامة، ويجعل الشعب مصدر السلطات، ويقيم الاخلاق ركنا ركينا في كل انشطة الحياة، فالسياسة لابد ان تكون مبراة من الكذب والغش والخداع ونقض العهود وخيانة الامانة والتزوير واغتصاب السلطة والاستبداد بها وتقنين الظلم وقهر ارادة الشعب وسجن المخالفين والتحالف بين السلطة والثروة والهيمنة علي التشريع والقضاء، والاقتصاد لابد ان يكون قائما علي الامانة والشفافية والاتقان والعلم والتخطيط وعدم الاسراف والتبذير، والاجتماع لابد ان يقوم علي التعاون والتكافل والتراحم والمساواة وتكافؤ الفرص والتقريب بين الطبقات ومحاربة الفساد والبطالة.. الي آخر ما قرره المنهج الاسلامي للاصلاح الذي يُعني باصلاح النفس والباطن مع اصلاح الواقع والظاهر فكيف يمثل هذا النهج خطرا علي امن البلاد؟ اما اذا كان المقصود بالنهج الديني هو احتكار الحقيقة والحكم بالحق الالهي وعصمة الحكام والتفرد بالسلطة.. والتمييز بين المواطنين علي اساس العقيدة او المذهب او الدين، فهذا لا يعرفه الاسلام ولا يقره، ولذلك فنحن نرفضه ونأباه. اما الذي يتسبب في هروب المستثمرين فهو الاستبداد والفساد وقانون الطوارئ الذي تم في ظله اعتقال عشرات الآلاف دون تحقيق ولا اتهام ولا محاكمة لمدد تجاوزت العشر سنوات، وهو المحاكم الاستثنائية، وهو جحافل الامن المركزي التي توحي للغريب ان البلد في حالة حرب، وهو الاعتداء المستمر علي حقوق الانسان وكرامته ومصادرة حرياته وعدم احترام احكام القضاء، والفساد المستشري في كل قطاعات الدولة والذي يتحدث عنه الجميع في الداخل والخارج والذي وضع مصر في ذيل قوائم الدول في مجالات التنمية والشفافية واحترام حقوق الانسان وجذب الاستثمار، ولذلك فنحن نطالب بتعاون الجميع، من في السلطة ومن في المعارضة، علي العمل علي القضاء علي كل هذه الاسباب لكسر الاغلال التي تعوق مصر عن الانطلاق لتتبوأ المكانة التي تليق بحضارتها وتاريخها وريادتها، واما ما يثيره الغرب من التخويف بالحصار والتضييق، فلا يصح مطلقا ان نتخلي عن مبادئنا ومصالحنا لذلك، وانما يجب ان نزداد اعتصاما بالله، وتوحدا فيما بيننا، والتحاما بين الحكومة والشعب، وانكارًا للذات، والتنافس الشريف علي خدمة المصالح العامة، والتماس اسباب القوة المادية والمعنوية بالعلم والعمل والانتاج والاتقان، والتعاون مع اصحاب قيم الحرية والعدل والسلام والمساواة. واخيرا وليس آخرا نقرر ان مصر هي روحنا وان امنها اغلي من امننا، وان رفعتها وسيادتها وتقدمها هو هدفنا، ولن نكون يوما من الايام خطرا عليها. ونكرر ان قلوبنا وعقولنا مفتوحة للحوار سواء مع اهل الحكم او فصائل المعارضة من اجل مصلحة مصر، وايدينا ممدودة للتعاون مع الجميع بغير استثناء (وَتَعَاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَالتَّقْوَي وَلا تَعَاوَنُوا عَلَي الْاِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ اِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 17 جانفي 2007)
زهير الشرفي
بعد حديث السيد محمد بوزغيبة عن الاختصاص في الدين في جريدة الصباح التونسية طالعت مقالا للسيد عبد الرحمان الحامدي في تونس نيوز (29-12-2006) يرد فيه على د. رجاء بن سلامة. وما كتبه السيدان محمد بوزغيبة وعبد الرحمان الحامدي يصنف ضمن الحوار حول قضية حمل الحجاب لكن الذي يجمعهما أيضا في مقاليهما هو دعوتهما لمنع حرية التفكير في الدين ونقد أقوال الفقهاء ولاهوتهم. هذا ما يحصل برفعهما لشعار التخصص في حديث الدين؟
لا بد لي، في هذه المناسبة، من إعلام القارئ الكريم بأن جريدة الصباح التي امتنعت عن نشر مقالي بعنوان”الخمار بين الفهم الأصولي والمعاني الأصلية” هي التي نشرت مقال السيد محمد بوزغيبة. كأنها تبرر بذلك امتناعها عن نشر مقالي وتختفي وراء رجل الدين والموقف الرسميين. وبعد بضعة أيام استدعي محمد بوزغيبة للحضور في الملف التلفزي في قناة 7 حول موضوع الخمار أيضا.
فرح عدد من الداعين للحجب والحجاب بكل من مقال السيد محمد بوزغيبة المنشور في جريدة الصباح وبالملف التلفزي أيضا، فقال السيد ناجي الجمل في “تونس نيوز”(14-11-2006) حول المقال المنشور بجريدة الصباح:” فبيّن الشيخ(محمد بوزغيبة) بالدليل الشرعي والتوثيق التاريخي أن أئمة الزيتونة، قدامى ومتأخرين، قد أجمعوا على أن ستر المسلمة لبدنها ما عدا الوجه والكفين فرض ثابت على مر العصور والأجيال وأنه لم يقل خلاف هذا إلا دعيّ متطفّل على الدين. وبهذا يكون الشيخ الفاضل قد ألقم الذين انبروا، مستغلين سكوت العلماء…حجرا أكبر مما كانوا يتوقعون. خاصة وأن الرمي جاءهم من حيث ضنوا أنهم لن يؤتوا.” وقال السيد بو عبد الله بو عبد الله في “تونس نيوز”(28-11-2006) عن الملف التلفزي:” ولقد أسرّني أن أسمع وأشاهد على التلفزة التونسية مثل هذا الحوار الذي قدمه برنامج ملفات حيث كان صوت الحق يعلو اذا أقرّ أساتذة الشريعة أن الحجاب أمر شرعي لكن كل واحد منهم أراد تبليغ هذا الأمر بأسلوبه الخاص/ بعيدا عن إزعاج السلطات- حيث تحسّ أنهم يرفضون ما تقوم به السلطات وبعض أعداء الدين من محاربتهم للحجاب وذلك من خلال ترديدهم/ الستر مطلوب والمرأة حرة في اختيار لباسها وأن المرأة لا يرى منها إلا الوجه والكفان”. إن كانت جريدة الصباح والتلفزة التونسية تخيّران كلام السيد محمد بوزغيبة وترفض كلا من مقالي وما يقوله السيد جمال البنا والسيد حسن الترابي في الموضوع، إن كانتا ترفضان الفهم أو كل اجتهاد يكتفي بالاعتماد على النص القرآني ويتجاوز الفقه القديم، إن كانتا ترفضان كل آراء المفكرين المساندين لحق المرأة في اختيار دينها ولباسها وطريقة فهمها لدينها ، ألا يحقّ لي بعد هذا أن أهنّئ الأصوليين من أحباء الحجب والحجاب بما قدّمه ويقدّمه هذا الإعلام من مثل جريدة الصباح وقناة 7 الرسمية لصالح حجب المرأة سوى وجهها ويديها؟ أطلب من القارئ الكريم أن يلاحظ ما تعنيه عبارات”لم يقل خلاف هذا إلا دعيّ متطفل على الدين” و”بهذا يكون الشيخ الفاضل قد ألقم الذين انبروا…حجرا … خاصة وأن الرمي جاءهم من حيث ضنوا أنهم لن يُؤتوا” و” ما تقوم به السلطات وبعض أعداء الدين من محاربتهم للحجاب”، وأن يميز بين من يقذف حجرا ومن يرسل المحبة والنصيحة. ما دفعني للكتابة هذه المرة ليس موضوع الحجب والحجاب. إنه قضية “التطفّل” على الدين و”الاختصاص” في الكلام حول الدين ومعانيه ومعاني نصه وألفاظه ومبدئه ولاحقه. فبعد السيد محمد بوزغيبة الذي يمثّل الموقف والمصلحة الرسميين يحدثنا السيد عبد الرحمان الحامدي، في رده على السيدة رجاء بن سلامة، بنفس المنطق ونفس “الحجة”فيقول:”لست أدري هل أن الدكتورة ستحشرني مع الفاشيين إذا ذكّرتها على سبيل المثال بأن لكل علم قواعده وضوابطه وأصوله ومختصّينه وليس متطفّليه؛ وهو ما أظنّ، وبعض الظن إثم، أن الدكتورة تقره لكافة العلوم إلا العلوم الدينية والشرعية والتي لن تتردد باسم حرية التفكير وديمقراطية البحث العلمي في أن تسمح؛ لكل من هب ودب؛ في الخوض فيها(أي العلوم الشرعية) دون امتلاك المعارف اللازمة والأدوات الضرورية فضلا عن ضرورة إخضاع منهجيّة الفهم الديني إلى منظومته الداخلية ونسقه الفكري المتناغم مع إطاره الثقافي واللغوي الأسلوبي والتاريخي تجنبا لداء عضال في البحوث الأكاديمية اسمه الإسقاط.”
من هم المختصون بالحديث في الدين؟ من يسلّمهم شهادة الاختصاص؟
يقول السيد جمال البنا في مقال نشره موقع “شفاف الشرق الأوسط” ما يلي: ” الجميع بلا استثناء ( لعله يقصد أصحاب شهادات الاختصاص الديني من رموز السلطة ورموز بقية الأصوليين)، يقولون الحجاب فريضة، بنص القرآن والسنة والإجماع، وأن من لا تلتزم به فإنها تنتهك أحد فروض الإسلام. هل في القرآن نص على تغطية الشعر أو الوجه؟ ضعوا أيدينا عليه إذا كان موجودا… هل الآية “ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها” أو الآية” يدنين عليهن من جلابيبهن”، أو الآية”وليضربن بخمرهن على جيوبهن”، تقتضي أن يكون جسم المرأة كله عورة إلا وجهها وكفيها؟ … إن الحجاب جزء من الزي، والزي قضية عادات وتقاليد، وهو في البلاد الحارة غيره في البلاد الباردة، وهو شكل وقالب، والأديان لا علاقة لها بالأشكال والقوالب…”
هذا بعض من كلام جمال البنا فهل رأينا السيد محمد بوزغيبة يتبارى معه في حديث الدين حتى نحكم لأحدهما بالتخصّص؟ أم أن التخصص شهادة يسلمها الأقوياء من بين الحكام والحركات الأصولية لرموزهم ومفكريهم بحكم ما يملكونه من أساليب القوة والدعاية الإعلامية؟
إذا تجولنا بين ما يوجد من مذاهب بين المسلمين لوجدنا لكل مذهب فقهاءه أو مختصّيه الخاصّين به. ولكي يتبين القارئ الكريم مما قد يأتيه المتخصّصون من هذا المذهب من قول في ذاك المذهب الآخر وفقهاءه، سأعرض عليه فتوى المفتي الشيخ/ عبد الرحمان بن ناصر البراك تحت رقم 18080 وبتاريخ 17-12-2006، منسوخة من الموقع الألكتروني: “شفاف الشرق الأوسط”، بتاريخ: 25-12-2006، يقول الشيخ: ” الرافضة الذين يسمون أنفسهم الشيعة ، ويدّعون حبّ آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ، هم شرّ طوائف الأمة ،وقد كان المؤسس لهذا المذهب يهودي اسمه عبد الله بن سبأ ، وأصحابه السبئية الغلاة الذين ادعوا الإلهية في علي رضي الله عنه ،وورثتهم يألهون أئمتهم من ذرية علي رضي الله عنه ، وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين ، وإذا أظهروا الإسلام وكتموا اعتقادهم كانوا منافقين ، وهؤلاء من غلاة طوائف الرافضة الذين قال فيهم بعض العلماء : إنهم يظهرون الرفض ، ويبطنون الكفر المحض ، ومن الرافضة السبابة الذين يسبون أبا بكر وعمر ويبغضونهما ،ويبغضون سائر الصحابة ،ويكفرونهم ، ويفسقونهم إلا قليلا منهم . وفي مقابل ذلك يغلون في علي رضي عنه وأهل البيت ، ويدعون لهم العصمة ، ويدعون ان عليا رضي الله عنه هو الأحق بالأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بذلك ، وأن الصحابة كتموا الوصية ، واغتصبوا حق علي في الخلافة ، فجمعوا بين الغلو ،والجفاء ، ثم اعتنقوا بعض أصول المعتزلة كنفي الصفات ، والقدر ، ثم أحدثوا بعد القرون المفضلة بناء المشاهد على قبور أئمتهم ؛ فأحدثوا في الأمة شرك القبور ، وبدع القبور ، وسرى منهم ذلك لكثير من طوائف الصوفية ، والمقصود أن الرافضة في جملتهم هم شر طوائف الأمة ،واجتمع فيهم من موجبات الكفر ، تكفير الصحابة ، وتعطيل الصفات ، والشرك في العبادة بدعاء الأموات ، والاستغاثة بهم , هذا واقع الرافضة الإمامية الذين أشهرهم الإثنا عشرية فهم في الحقيقة كفار مشركون لكنهم يكتمون ذلك ، إذا كانوا بين المسلمين عملا بالتقية التي يدينون بها ، وهي كتمان باطلهم ، ومصانعة من يخالفهم ، وهم يربون ناشئتهم على مذهبهم من بغض الصحابة خصوصا أبا بكر وعمر ، وعلى الغلو في أهل البيت خصوصا علي ، وفاطمة ، وأولادهما ، وبهذا يعلم أنهم كفار مشركون منافقون وهذا هو الحكم العام لطائفتهم ، وأما أعيانهم فكما قرر أهل العلم أن الحكم على المعين يتوقف على وجود شروط ، وانتفاء موانع ، وعلى هذا فإنهم يعاملون معاملة المنافقين الذين يظهرون الإسلام . ولكن يجب الحذر منهم ، وعدم الاغترار بما يدعونه من الانتصار للإسلام فإنهم ينطبق عليهم قوله سبحانه {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} ،وقوله تعالى {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } ، ولا يلزم مما تقدم أن كل واحد منهم قد اجتمعت فيه أصولهم الكفرية ، والبدعية . ومن المعلوم أن أئمتهم ، وعلماءهم هم المضلون لهم ،ولا يكون ذلك عذرا لعامتهم لأنهم متعصبون لا يستجيبون لداعي الحق ، ومن أجل ذلك الغالب عليهم عدواة أهل السنة ، والكيد لهم بكل ما يستطيعون ، ولكنهم يخفون ذلك شأن المنافقين ، ولهذا كان خطرهم على المسلمين أعظم من خطر اليهود ، والنصارى لخفاء أمرهم على كثير من أهل السنة ، وبسبب ذلك راجت على كثير من جهلة أهل السنة دعوة التقريب بين السنة والشيعة ، وهي دعوة باطلة . فمذهب أهل السنة ،ومذهب الشيعة ضدان لا يجتمعان ، , فلا يمكن التقريب إلا على أساس التنازل عن أصول مذهب السنة ، أو بعضها ، أو السكوت عن باطل الرافضة ، وهذا مطلب لكل منحرف عن الصراط المستقيم ـ أعني السكوت عن باطله ـ كما أراد المشركون من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوافقهم على بعض دينهم ، أو يسكت عنهم فيعاملونه كذلك ، كما قال تعالى {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} ، والله أعلم .” هذا المثال من فقهاء السنة يعتبر أن الفقهاء المتخصصين في حديث الدين بين الشيعة هم المضللون لأهلهم فما الذي يبقى من معاني الاختصاص العلمي أو سعة الاطلاع والمعرفة؟ من المتخصص في الدين هل هو فقيه السنة أم فقيه الشيعة؟ وما هي المسافة التي ما زالت تفصل بين مثل هذا الخطاب وبين الحرب الطائفية؟
الشيخ ابن باز أيضا فقيه السعودية المتخصص في الدين يكفر الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة فمن منهما كان الأصلح لشعبه ومن منهما يستحق رضاء الأرض والسماء من عمم التعليم في بلاده أو من يكفر الناس ويتحكم في إيمانهم ومعتقداتهم؟
يعتمد فقهاء وأصوليو السنة على الحديث النبوي ويرفضون الاكتفاء بالاعتماد على مقاصد الخير المنصوص عليها في القرآن. وفي قضية الحجاب يرفضون مواقف كل من جمال البنا وحسن الترابي الداعية للاكتفاء بالنص القرآني. والاختصاص، عندهم، لا يعني توظيف النص القرآني وحده بل توظيف نصوص الحديث أيضا ويصل إلى حد تغليب تلك النصوص على النص القرآني ذاته(انظر كتاب فرج فودة”الحقيقة الغائبة) فماذا عن هاته الأحاديث؟
سأقدم للقارئ الكريم، لكي يثري معارفه، بعض الكلام من أحد المواقع الألكترونية لمسلمي الشيعة الذي يتحدث عن أهم مراجع الحديث عند فقهاء وأصوليي السنة: الصحيحان لمسلم والبخاري. جاء في مقال السيد جاسم الحائري تحت عنوان” الصحيحان أم السقيمان” ما يلي:
” يقولون أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله! ولكن عندما ننظر ونرى، نجدهما أسقم الكتب التي يشتم منها روائح اليهود!.
بين الحين والآخر يعاود أهل العامة حملاتهم الضاربة ضد مصنفات الشيعة ويرمونها بالضعف والتحريف ودسّ الأحاديث الموضوعة على رسول الله وأصحابه. وبالمقابل فإنهم يتباهون بمصنفاتهم يمدحونها أشد المدح وكأنها قرآن منزل على قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله). ومن أهم المصادر التي عليها مدار اعتماد أهل العامة هما صحيحا مسلم والبخاري، حيث أنهم يصرّحون في مصنفاتهم المختلفة أن كل ما في هذين الصحيحين قد صدر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا مجال للشك أو التشكيك فيه أبداً.
وقبل أن نخوض غمار البحث حول هذين الكتابين ونكشف للقارئ الكريم مدى سقمهما، لا بأس أن تكون لنا وقفات عابرة معهما نوضح من خلالها بعض الخصائص المرتبطة فيها. …
الصحيحان.. بعد التعرية!
بعد أن اتضح مدى اعتقاد العامة بهذين الكتابين وكيف يجعلونهما بعد كتاب الله الكريم يحق للمحقق الواعي أن يتساءل قائلاً: هل أن هذين الكتابين حقاً بلغا قدراً من الصحة بحيث يعتمد عليهما بهذه الكيفية؟ وهل هما خاليان من الغث والسمين، أم أنهما كسائر مصنفات العامة التي عادة ما لا تخلو من الموضوعات والافتراءات على رسول الله وسائر الأنبياء المعصومين (عليهم السلام) فضلاً عن الأئمة الأطهار وغيرهم؟
الجواب على هذين السؤالين: إن الحقائق تشير بأن الصحيحين لا يفترقان عن سائر مصنفات العامة المليئة بالإسرائيليات والدسائس، وذلك لما يلي:
1- البعد الزمني: إذ أنه هناك فترة زمنية عصيبة مرت على المسلمين بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) حيث حظر الخليفتان تدوين الأحاديث ومنعا الرواة من حفظها، علماً أن الكثير من الرواة قد مات أو قتل في ساحات الحروب في تلك العصور. من جانب آخر فتح بنو أمية باب الوضع والدس في الأحاديث بقوة، فأتيح المجال لكل من راق له أن يفتري الأحاديث على رسول الله (صلى الله عليه وآله). والسؤال الذي يطرح هنا هو: مع هذه الفاصلة الزمنية بين البخاري ومسلم ورغم كل هذه الظروف الصعبة، كيف دوّنوا الأحاديث الصحيحة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن أين أخذوها؟!. من جانب آخر: إن الفاصلة الزمنية بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) والبخاري ومسلم فاصلة طويلة، ويشهد لذلك كثرة الوسائط في الأحاديث المروية في الكتابين حتى تصل النوبة إلى زمان الصدور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله). فرغم هذه الفاصلة الزمنية الطويلة بين صدور الحديث وتدوينه هل يعقل أنه نقل ما خرج من فم النبي (صلى الله عليه وآله) حرفياً دون أية زيادة أو نقصان في كل هذه الأحاديث البالغ عددها سبعة آلاف ومئتين وخمسة وسبعين حديثاً مع ذكر المكررات، وأربعة آلاف حديث دون ذكر المكررات في صحيح البخاري؟
2- النقل بالمعنى: كما أن في صحيح البخاري وردت عدة أحاديث بالمعنى لم ينقلها صحيح مسلم بالعبارة نفسها، وإنما نقلها بعبارات أخرى. ناهيك أن البخاري نفسه يتوف عن نقله لتمام الأحاديث، وذلك كما نقل عن الخطيب البغدادي عنه حيث قال: رب حدث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام وكتبته بمصر، قيل له: يا أبا عبد الله بكماله؟ قال: فسكت! (تاريخ بغداد: ج2 ص11). وقال ابن حجر: وهذا من نوادر ما وقع في البخاري أنه يخرج الحديث تاماً بإسناد واحد وبلفظين، كما في حديث سحر النبي (صلى الله عليه وآله). (فتح الباري: ج1 ص186).
3- ضعف الرجال: ومن الملاحظات المهمة على الصحيحين أنهما اعتمدا على رجال ضعفاء عُرفوا بالعداء لأهل البيت (عليهم السلام) وعدم دقّتهم في نقل الأحاديث، فضلاً عن الرواة المشهورين عند الجميع أنهم كانوا من الوضاعين ومزيّفي الأحاديث الشريفة، ومنهم:
1- أبو هريرة: الذي أخرج الصحيحان عنه أحاديث كثيرة، فقد أحصى بعض الجهابذة من الحفاظ أحاديثه فيها فكانت خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين مسنداً، وقد كان في البخاري فقط أربعمائة وستة وأربعون حديثاً. (هدى الساري: ص477).
الجدير بالذكر أن أبا هريرة لم يصاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ثلاث سنوات، إلا أن أحاديثه التي رواها الخلفاء والتي بلغت ألفاً وأربعمائة وأحد عشر حديثاً، حيث تبلغ نسبة إلى أحاديث أبي هريرة أقلّ من سبعة وعشرين في المائة.
وقد صرّح أبو هريرة نفسه أنه يروي من جيبه وذلك لما سئل عن بعض الأحاديث، فقيل له: هل سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لا هذا من كيس أبي هريرة! علماً أن البخاري نفسه قد نقل هذا الحديث وسمّى كتابه بالصحيح! طبعاً من كيس أبي هريرة (راجع صحيح البخاري: ج7 ص81).
2- عمرو بن العاص: الذي عرف بشدة إيذائه لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد قال ابن أبي الحديد عنه: وكان عمرو أحد من يؤذي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة ويشتمه ويضع في طريقه الحجارة، لأنه (صلى الله عليه وآله) كان يخرج من منزله ليلاً فيطوف بالكعبة وكان عمرو يجعل له الحجارة في مسلكه ليعثر بها، وهو أحد القوم الذين خرجوا إلى زينب ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما خرجت مهاجرة من مكة إلى المدينة فروّعوها وقرعوا هودجها بكعوب الرماح حتى أجهضت جنيناً ميتاً من أبي العاص بن الربيع بعلها، فلما بلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) نال منه وشقّ عليه مشقة شديدة ولعنهم. وقد كان عمرو بن العاص يهجو رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجاءً كثيراً وكان يعلّمه صبيان مكة فينشدونه ويصيحون برسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا مرّ بهم رافعين أصواتهم بذلك الهجاء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يصلي عند الحجر: اللهم إن عمرو بن العاص هجاني ولست بشاعر، فالعنه بعدد ما هجاني. (شرح نهج البلاغة: ج6 ص291).
بالإضافة إلى ذلك فقد كان عمرو بن العاص من ألدّ أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن أقرب المناصرين لمعاوية بن أبي سفيان، والدلائل على ذلك كثيرة يكفي المطّلع أن يراجع كتب التاريخ.
3- عمران بن حطّان: وهو من أشهر قادة الخوارج وزعمائهم، وقد روى عنه الصحيحان رغم عداوته لأمير المؤمنين (عليه السلام) الذي قال في حقه رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا يبغضك إلا منافق). وقد بلغ من شدة عداوة هذا الرجل لأمير المؤمنين (عليه السلام) أن مدح ابن ملجم في أبيات له وأثنى على ضربته للإمام علي (عليه السلام) في محرابه، وعبّر عنها بأنها تفوق أعمال الثقلين عند الله، فقال:
يا ضربـة من تقيّ ما أراد بهـــــا إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إنــــــي لأذكــــــره فأحــــــسبــــه أوفى البرية عند الله ميزانـــــــا! (الإصابة: ج5 ص332).
الكره لآل البيت:
ومما يقدح في الصحيحين أن مؤلفيهما كانا ممن عرفا بالكره لآل البيت (عليهم السلام) والتطرّف الملحوظ ضد الشيعة، والشواهد على ذلك كثيرة، منها:
1- التعتيم الواضح على فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا جلي لكل من يطالع الكتابين.
2- ما أورده مسلم في مقدمته حيث قال: إن من الأحاديث الموضوعة ما ترويه الشيعة الرافضة عن الإمام علي (عليه السلام): أن علياً في السحاب علماً أن أصل الحديث هو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألبس عمامته يوم الغدير لأمير المؤمنين (عليه السلام) وقال (صلى الله عليه وآله): (أتاكم علي في السحاب) ففرح الشيعة بمثل هذه المقولة وأخذوا يرددونها قائلين: جاء علي (عليه السلام) في السحاب.
3- المناوأة للإمام الصادق (عليه السلام): رغم نقل البخاري للكثير من الروايات عن زعماء الخوارج والناصبين العداء لأهل البيت (عليهم السلام)، إلا أنه لم ينقل ولو حديثاً واحداً عن الإمام الصادق (عليه السلام) مع أنه كان قريبا عهد منه، وأنه توفي بعد وفاته (عليه السلام) بقرن واحد، حيث توفي الإمام الصادق (عليه السلام) عام 148هـ، والبخاري عام 256هـ، ناهيك عن أن البخاري كان قد استوطن في المدينة المنورة التي كانت مركزاً لتدريس الإمام الصادق (عليه السلام)، فضلاً عن زياراته المتكررة لبغداد والكوفة اللتين تعدان من مراكز التشيع آنذاك ومحط استيطان الكثير من تلاميذ الإمام الصادق ورواة أحاديثه.
بعد كل هذه الملاحظات التي تجعل المنصف يتوقف حقاً في هذين الصحيحين ويتمعّن في الأخذ من كل أحاديثهما، ننقل بعض الشواهد الدالة على كون أحاديثها محرّفة مقتصرين على جانب النبوة فقط، ونترك التحقيق في سائر الأبواب إلى القراء الكرام. …
المسّ في قداسة الرسول (صلى الله عليه وآله):
ومن المخازي أيضاً في الصحيحين ما روياه في كتابيهما عن أبي هريرة حيث قال: أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياماً فخرج إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب. فقال لنا: مكانكم، ثم رجع فاغتسل، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر، فكبّر فصلينا معه! (صحيح البخاري: ج1 ص77. صحيح مسلم: ج1 ص422).
وقد روى الصحيحان أيضاً عن عائشة قالت: سمع النبي (صلى الله عليه وآله) رجلاً يقرأ في المسجد فقال (صلى الله عليه وآله): رحمه الله أذكرني كذا وكذا آية أسقطتها في سورة كذا وكذا!! (صحيح البخاري: ج3ص225).
كما ضمّ الصحيحان العديد من الروايات التي تعفّ النفس عن ذكرها تمسّ قداسة النبي كأنه (صلى الله عليه وآله) كان – والعياذ بالله – يتبوّل واقفاً وأنه سُحر من بعض، أو أنه (صلى الله عليه وآله) كان مغرماً بسماع الغناء والجلوس مع النساء!.
فيا من تعتقدون بقداسة الصحيحين أجيبونا مشكورين، ما هذه الإسرائيليات التي تضجّ بها صحاحكم؟ ومع كلّ هذه الإسرائيليات، هل يحقّ لنا أن نسميهما بالصحيحين أم الأفضل أن نغير اسميهما إلى السقيمين أو الإسرائيليين؟!. ” (جاسم الحائري )
هذا مثال مما يقال في الصحيحين بعد كل الجهد الذي بذله الشيخان مسلم والبخاري لطرح الضعيف مما كان ينسب للحديث النبوي، ورغم كل القداسة التي يعطيها متخصصو مذاهب أهل السنة لهما، فكيف سيجد المواطن طريق الحقيقة بين متخصصي أهل السنة ومتخصصي أهل الشيعة؟ هل كانت فنيات الجرح والتعديل قادرة على إظهار الحقيقة والحكم بين الطرفين الكبيرين؟ المتخصصون في الكلام الديني من الفريقين يقبلون بعدم المساواة بين المرأة والرجل وبعدم المساواة أيضا بين المسلم وغير المسلم وهم أيضا ومن الفريقين يعتبرون عبودية الإنسان لأخيه الإنسان حلالا لا يجوز منعه. لكنهم يختلفون حول الطريقة التي كان النبي يتبول بها ويستعيذ الواحد منهم بالله من قول الآخر بأن النبي كان يتبول واقفا !..
علينا أن نعترف بأن المغالاة في تقديس الرموز تجعل البعض ينسى الطابع البشري للرمز وينسى البحث في واقع وحقيقة ما كان يأكله أو يلبسه ثم يمضي في إقامة بناء أسطوري حول الرمز الذي لا يتبوّل مثل كل الناس أو الذي كانت سبابة يده أطول من وسطاها أو الذي بصق في برمة الأكل فأكل منها ألف من الخلق حتى الشبع وبقيت كما هي إلخ…
بدون ما أبداه السيد جاسم الحائري من استعاذة قد نفهم بسهولة أن النبي كان يتبول بالطريقة التي كان يسمح بها ما يحمله من الثياب: فمن كان يحمل ثوبا يشبه البنطلون مثلا فهو يستطيع التبوّل واقفا، أما من لا يحمل بنطلونا ولا سراويل كما كان وما يزال حال البعض ممن يحملون “الكدرون” في بلادنا مثلا فهو لن يتبوّل واقفا.. وجود المرحاض الساتر أو غيابه له أيضا دوره في الإيحاء بطريقة التبول.. يبدو إذا أن الخلاف الأصلي بين الشيعة والسنة ليس حول طريقة تبوّل النبي بل هو حول نوعية ثيابه ومسكنه. والخلاف حول نوعية ثيابه ومسكنه قد يحملنا إلى اكتشاف خلاف أسبق حول موقعه الاجتماعي ضمن الصور الرمزية للمنظومتين الإيديولوجيتين لكل من فريقي الشيعة والسنة: هذا يصور أبطاله بثياب الأثرياء أو المثقفين أو السادة وذاك يصورهم بثياب الفقراء أو الفلاحين…
بعد هذا المثال المختصر من التلميح حول متن ومعنى ما يصلنا من الأحاديث المنسوبة للنبي قد يتبين للقارئ الكريم أن الوصول إلى الحقيقة لا يتطلب حصول الباحث على شهادة اختصاص من مراكز نفوذ أهل السنة أو أهل الشيعة بقدر ما يتطلب التزاما بقواعد المنطق البشري. كما يتبين أيضا أن كل ما اعتمده السلف من تقنيات الجرح والتعديل لم تمنع من بقاء الاختلاف. كما أن الاختلاف لن يزول إلا باعتماد المنطق والعقلانية من الجميع. يزول الاختلاف عندما يحكمون المنطق والعقل في التراث و”يتدبرون” النص حسب العبارة القرآنية. لكن الأصوليين يتناولون التراث أو يفسرونه بواسطة مسلماته ومنطقه الخاص كما يريد الحامدي بالضبط حين يقول ب”ضرورة إخضاع منهجيّة الفهم الديني إلى منظومته الداخلية ونسقه الفكري”.
نصل هنا إلى المقولة الثانية ضمن المقولتين التين تمثلان جوهر مقالة الرد على السيدة رجاء بن سلامة. وهي مقولة طالما ذكرها وكررها الأصوليون بكل مشاربهم والإعلام الرسمي أيضا، وهي كما رأينا تطلب منّا فهم التراث الإسلامي بواسطة “منظومته الداخلية ونسقه الفكري”. فما الذي يقصدونه بعبارة”منظومته الداخلية ونسقه الفكري”؟ لا أظنهم يقصدون العبارات القرآنية من مثل: “أفلا يعقلون”، “أفلا تعقلون”، “أفلا يتدبرون القرآن”، “وجادلهم بالتي هي أحسن”إلخ… بل لعلهم يقصدون إقفال العقل والسمع على كل رأي مخالف، ونعته بالردة عن الدين من أجل الاعتداء عليه واستئصاله أو نعته بالفسق لإسكاته وطمسه، أو لعلهم يقصدون منهجية الولاء والبراء ذائعة الصيت ومنهجية فقهاء الأصولية والجبرية وما أوّلوه واستعملوه بغير حق من التراث والتاريخ الإسلاميين.
هل أسأل كيف يعتبر الأصوليون أن الدولارات الإيرانية في أيدي حزب الله اللبناني تمثل مالا حلالا أو تمثّلا بتأليف القلوب حول النبي وتقليدا له، ولا يصدّقون أنها قد تلعب دور إفساد للضمائر أو للكسب السياسي المتعالي على الحوار الأخلاقي والعلمي والفلسفي؟
ابن الشعب الأمريكي يعتبرونه نجسا ولا يأكلون من صحنه، وتلك الفتاة الأمريكية التي داستها جرافة الصهاينة لأنها أرادت أن تمنعها من هدم المساكن الفلسطينية، تلك الفتاة نجسة أيضا ككل اليهود والمسيحيين؟!… أما دولارات بوش فتتجول بين الجيوب الطاهرة للرموز الدينية المقدسة فهل هذا هو ما تعنيه المنظومة الداخلية والنسق الفكري الخاص للدين الإسلامي عملا بنظرية الولاء والبراء أيضا وما توظفه هاته النظرية من نصوص القرآن والحديث؟ أترك المجال للقارئ الكريم لمواصلة البحث في ما يأتيه ويقوله أصحاب نظرية فهم الدين بواسطة “منظومته الداخلية ونسقه الفكري”، لعله يكتشف أن تلك المنهجية هي التي تعتمد على المسلمات الرافضة لإعمال العقل وعلى رفض حرية البحث والنقد ورفض قيم الحرية والمساواة ومغالطة الذات في كراهية الآخر والاعتداء عليه. فهم الدين مثل فهم أي مادة أخرى يقع حسب واحد من منهجين اثنين لا ثالث لهما:
أ- المنهج الذاتي: هو الذي يعتمد على قناعات ومعارف ذاتية.
هذا هو منهج كل الأصوليين. فرغم كل حديثهم عن التثبّت في السّند والمتن وعن قواعد الجرح والتعديل إلخ…، هم إنما ينطلقون من الفهم أو الصورة الجاهزة لديهم ثم يطوّعون السّند والمتن ويوظّفون الجرح والتعديل لكي يقنعوننا بالفهم والصورة الجاهزين لديهم.
هكذا مثلا: لأن الأحاديث التي تحكي عن قصّة سارة زوجة إبراهيم مع أمَتها هاجر تمسّ من مبرّرات الحجب والحجاب فإن هواة الحجاب سوف ينكرون هاته الأحاديث ويتّهمونها بكونها من الإسرائيليات ويُعملون فيها قواعد الجرح والتعديل. بهذا الشكل وقع الردّ في “تونس نيوز” (22-11-2006) على مقال رجاء بن سلامة :” الختان والحجاب”. ولنفس الغرض يرفضون رأي كل من جمال البنا وحسن الترابي اللذان يكتفيان بالنص القرآني للبتّ في قضية الحجاب، ولنفس الغاية يرفضون كل نظريات ابن رشد والطاهر الحداد ومحمد إقبال ومحمود طه… لتناول القضية، ولنفس الغرض يفسّرون عبارة “زينتهن” في القرآن بأنها تعني شعر المرأة …، وكل ذلك مع رفضهم للبحث العلمي الجادّ في المعاني الأصليّة للعبارات والنصوص التراثية. ب- منهج الموضوعية: هو الذي يعتمد على قناعات ومعارف كونية لا خاصة وبالتالي
منطقية لا ثقافية وهو بالنتيجة يوحّد ولا يفرّق؛ يوحّد المسلمين في الحقّ والحقيقة ويوحّد كل البشر من كل الأديان والقناعات حول الحقيقة وقيم الحق والمساواة. هذا المنهج يأخذ بالحسبان كل ما جاء في كل الأديان بلا استثناء ويرتّب المعلومات حسب تاريخ ظهورها ويعتبرها مرآة لعصرها بقدر ما هي حاملة للحقيقة. هذا المنهج لا ينطلق من صورة خاصة لطريقة التبوّل التي يريدها فقهاء الشيعة ولا ينطلق من مقدّسات حجب المرأة وإنما يبحث عن الحقيقة بواسطة المنطق والأدلّة العلميّة.
حين نتفحص منهجية التخصص العلمي نكتشف بسهولة أن إحدى سمات التخصص العلمي هي مقدرة المتخصص على توظيف كل المعارف والتقنيات من أجل الإفادة والتقدّم في موضوع البحث والدراسة وتوحيد كل المواقف حوله. وسنكتشف بنفس السهولة أن التقليد، وإعادة طرح نفس الأطروحات السابقة مع الرفض الواضح أو المعلن للاجتهاد وللعودة إلى الاكتفاء بالنص القرآني وبالطبع رفض الاعتماد على قيمنا المعاصرة ومصالحنا الجديدة، لا يمتّ بصلة إلى صفة الاختصاص العلمي الصحيح.هكذا نرى بوضوح أن جمال البنا هو من تقيد بالنص القرآني، في مسألة الحجاب، سعيا للاجتهاد وتفاعلا مع العصر والمصلحة وأن محمد بوزغيبة هو من ردّد فتاوى الفقهاء اللاحقين على عصر النبي والناقلين لعادات وتقاليد مجتمعاتهم الخاصة. معذرة أيها القارئ الكريم فلا تأخذ كلامي على أنني أرفض وجود رجال الدين أو أطلب منعهم عن تقديم آرائهم أو قمعهم لصفتهم تلك ولكنني أتمنى أن يكون الحوار حرّا تحكمه الحكمة وينيره التعقل.. أريد أن يتسع لهم مجال البحث والتفكير فيسمعوا الرد على أقوالهم ويسمعوا اجتهاد الآخرين من نفس الدين ومن الأديان الأخرى ومن كل العقول والضمائر والألسن البشرية. هكذا فقط، وحين يتوفر الجد والصدق، يستطيع فقهاء الدين التوصل إلى الفهم الذي يتناسق مع نداء التعقل ومع مقاصد الخير التي يتفق حولها كل أبناء كوكبنا الأرضي. هل يعلم القارئ الكريم بخبر الفرق الدينية الإثنتين والسبعين؟ هل يعلم بالقول بأنها كلها في النار سوى واحدة ناجية؟ هذا ما كان منذ قرون. فهل يتصور عدد الفرق اليوم وما قد تكون العلاقات بينها عند احمرار الأعين؟
المتخصص في علوم الفيزياء أو الرياضيات أو الطب لا يمنع بقية المتخصصين عن مجادلته ولا يمنع من هو أقل منه اختصاصا أو علما ولا يمنع أيا من المواطنين من البحث والتفكير والتعبير. أي مواطن من أي بلد في العالم له الحق الكامل أن يجادل نظرية النسبية لأينشتاين ولم نسمع يوما أن علماء الفيزياء يمنعون ذلك. المنطق والحجة هي الحكم بين الجميع.
المتخصص في البحث العلمي يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت. فعند التقاء المتخصص في الطب مثلا مع من هو أقل منه اختصاصا أو اطلاعا لا يدعي كسب الحقيقة العلمية وحده بأي سبب أو أي تعلة وإنما يشارك في الحوار فيتفقون جميعا بلا استثناء حول جزء ويبقى المختلف فيه مطروحا لمزيد البحث والدراسة.
صحيح أنه لا ينبغي أن يباشر المريض إلا طبيب عارف بالمرض والعلاج ومسؤول على أعماله. هذا لأن المعارف الطبية واحدة ومتفق عليها والتدخلات الطبية متفق عليها كونيا وليس من حق طبيب أن يفتح بطن مريضة تقليدا لسلفه بأي شكل من الأشكال بل هو مطالب دائما بإظهار فائدة ونجاعة ما يقدمه من علاج ولا يقبل منه أي رفض للجديد في مجال البحث والاكتشاف والعلاج. فأين كل هذا من علاقات المتخصصين في الفرق الدينية بين بعضهم وبينهم وبين سائر المواطنين؟
كل تلك الأقوال حول التخصص في فهم وتفسير التراث الديني وحول إخضاع الفهم للمنظومة الداخلية للدين أو لنسقه الفكري إنما غايتها منع حرية التفكير والتعبير والنقد لكي يتواصل التقليد وتقديس فقهاء الأصولية الإسلامية. وإن كان فقهاء السنة يعرّفون الذات بتقليدهم للنبي عوضا عن فهم وتعقل فكره وتاريخه، فإن فقهاء الشيعة، الذين يعرّفون مذهبهم بأحبّاء أهل البيت، ينطلقون أيضا من الأحاديث التي توصي بالولاء لعلي بن أبي طالب وبالإحسان لأهل النبي عوضا عن فهمه وتعقل فكره وتاريخه. وهكذا بين فقهاء السنة والشيعة تتوالد وتتجدّد الصورة عن نبي الإسلام بأنه يبجّل في الإحسان أهله على من قد يكون أكثر استحقاقا، أو أنه الضحوك القتّال…، في حين يتواصل، في عالم آخر و”زمان آخر”، البحث والاجتهاد لإعادة ترتيب سور وآيات القرآن حسب التسلسل التاريخي الحقيقي، ويتواصل البحث والتثبّت في علاقة المنقول لنا بالمعقول في القرن السابع العربي والقرون الوسطى إلخ…
ها قد صرنا نرى نتيجة المسعى والعقل البشري فوق القمر والمريخ.. ونرى نتيجة مسعى فقهاء الأصولية في المشهد الأفغاني والعراقي … لكل متخصصوه ومفكروه ومواطنوه ومنهاجه.
تساؤلات…. ساذجة… ربما!
محمد سعيد الخرشاني – كاتب تونسي
لعله من المتفق عليه كخطأ منهجي أن ننطلق من القناعة ونبحث لها عن شواهد وأدلة, لكن الكثير من المراقبين بل ومن المفكرين المحللين للأوضاع والمجريات السياسية يمارسون هذا الخطأ كل يوم.
إذا أن المستقرئ لكل ما يكتب ويقال هذه الأيام حول الشيعة وإيران ودورهما في العراق وفي المنطقة بصفة عامة وعلاقة كل ذلك بواشنطن يقف أمام كلمة سر وموقف موحد أن إيران دولة إسلامية, شيعية نعم, تبحث عن دور في العراق وفي المنطقة نعم, ولكن تتناقض وتتعادى وربما تتنافس مع واشنطن لكن أبدا وإياك أن تقولها : تتناسق وتتجانس وتتماهى وتتحالف معها.
فكلمة السر بين كل أو اغلب أهل الرأي المسموع في ساحتنا العربية الإسلاميون منهم والقوميون أن إيران تتناقض هيكليا وبنيويا ومبدئيا مع الولايات المتحدة الأمريكية والشواهد لذلك لا تحصى فالقضية الفلسطينية وحزب الله في لبنان وما يذيقه لإسرائيل كافيان لكل طالب للحقيقة والإنصاف!
هل إيران والشيعة امتداد لها, مبدئية في خياراتها الكبرى مع خيارات الأمة؟
بصيغة أخرى هل أولويات إيران العليا هي أولويات الأمة؟
أولوية الأمة هي فلسطين لأنها مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو فاتحها ولأن صلاح الدين الأيوبي هو من حررها.
يكفي لتعاين صحة ذلك بان تلقي سؤالا بسيطا على أي إيراني أو دعك من إيران على أي عضو من حزب الله بسيطا كان أو قياديا عن الفاروق رضي الله عنه وعن صلاح الدين الأيوبي.
ويعود السؤال أين تقع فلسطين من مشروع إيران ومشروع حزب الله؟
هل الجهد وصل بتسكين الصاد لما أنجزه السابقون ؟
لا يخفى على أحد أن ولي الفقيه خامنئي هو مبايع له من قبل عبد العزيز الحكيم والسيد حسن نصر الله ,والبيعة تعني ما تعني التبايع على وحدة الهدف. فعلى ماذا تبايعوا؟. والمشهد ظاهر: من هو اصدق حلفاء أمريكا في العراق؟, لا احد ينكر أنمحمد باقر الحكيم الذي أبنه السيد حسن نصرالله وابنه عبد العزيز الحكيم الآن الحاكم بأمره في العراق في ظل أمريكا.
السؤال مرة أخرى من نصدق الحكيم في حلفه مع الغزاة أم نصر الله في مقاومته( ما حصل في لبنان حرب ظالمة أتبنى فيا قول السيد اسعد هرموش القيادي في الجماعة الإسلامية في لبنان: إننا نقف مع المقاومة ونسندها بكل ما أوتينا وإننا نريد أن نشاركها أيضا في جهدها.أقول هل تقبل هي) أم إيران في قذفها لأمريكا؟ هذا التساؤل يلح علي كثيرا من نصدق من الثلاثة الذين تبايعوا؟
لقائل أن يقول أن الثلاثة صادقون, وأختار أن أقف مع المقاومة في لبنان ومع إيران ضد واشنطن ولا أقف مع الحكيم وحزبه
لكن السيد حسن نصر الله سيرد عليك بأننا ثالوث في واحد وهو ما ظهر من رفضه قول ولو كلمة خير واحدة في المقاومة العراقية التي وقفت بشهادة العالمين أمام الزحف الأمريكي. ولسان الحال ومنطق الأحداث أن المقاومتين أختان, فالعدو واحد وشكوى نصر الله من أمريكا أكثر من شكواه من ربيبتها إسرائيل أفلا كلمة شكر لمن يذيقون عدوه الأمرين؟
لماذا لم يقل السيد نصر ولا كلمة خير في مقاومة العراقيين؟؟
لقد تساءلت يوم دخل اغلب الشيعة في العراق في حلف مع الغزاة , لماذا يفعلون ذلك أوليس أولوياتهم هي أولويات الأمة, فالكل يعلم ظلم صدام لكن لا احد يصدق أن أمريكا هي من يريح العراقيين من ظلمه لكن الشيعة صدقوا ويصدقون بل بدا الأمريكان هم مهدي الشيعة المنتظر وقد جاء ليملأ العراق عدلا بعد أن كان مملوءا جورا.
وقالت الشيعة أولا نحن نترقب قول المراجع لإعلان الجهاد ضد الغزاة وقال كثير من أهل الرأي عندنا أن الأمر في العراق سيحسم قريبا فقط انتظروا إشارة المراجع ويلتحق الشيعة بركب المقاومة . لكن الآيات والمراجع صمتت وغابت عن العيان بل باركت رجوع الأمر إلى أصحابه وأهله ولكن على يد واشنطن . لقد سمعنا كثيرا أن الشيعة سيلتحقون قريبا بل التحق منهم التيار الصدري.وقال أناس أن ذلك الشاب مقتدى الصدر هو نصر الله العراق وستهرب أمريكا كما هربت إسرائيل من جنوب لبنان.
لكن الكل يعلم قصة التيار الصدري ومآلها الآن.
لماذا لم يلتحق الشيعة في العراق بالمقاومة ولماذا لم يحرضهم السيد حسن نصر الله صاحب التجربة في نجاعة المقاومة أو إيران الحاضنة لهموم فلسطين ومقاومة لبنان؟؟
يبدو أن التساؤلات تتوالد وتتوالى
لماذا هللت إيران و باركت غزو أفغانستان وغزو العراق؟ ووجد لها بعض أهل الرأي عندنا العذر فلإيران لدى طالبان ثأر لقتلها دبلوماسييها ولإيران ثارات لدى صدام وحربه الظالمة معها وهكذا سوقت إيران بضاعتها بيننا واكتفت بإدانات محتشمة هنا وهناك.
حتى قصة الطاقة النووية, ما سر كل هذا الصبر الأمريكي الغربي على إيران ؟ هل سمعنا شيئا من هذا قبل ضرب المفاعل النووي العراقي؟
هل يمكن أن نتساءل بعد كل هذا هل هناك شيء ما بين إيران وأمريكا, وقبل ذلك هل تمثل فعلا إيران خطرا على أمريكا أو إسرائيل أو الغرب؟
أو بصيغة أبسط هل إيران غير دولة قومية فارسية منتهى طموحاتها كسروية وما شيعة العرب إلا المناذرة أداتها في بعض خير جيرانها؟
فهل يغدو الحديث عن تناقض بين إيران وامتداداتها في العالم العربي وبين واشنطن غير انحراف في الرؤية لدى بعض المفكرين؟
هي تساؤلات أرجو أن تظل توهمات.
سؤال إلى من يجيبني
أعتبر نفسي عربي مسلم ولكن معرفتي في بعض أمور الفقه والمذاهب قليلة كأغلبية التونسيين إن استطعت القول. لاحظت في المدة الأخيرة سجالا ونقاشا حدا بين بعض الأخوة التونسيين حول الاختلاف بين السنة والشيعة وقد استغربت جدا من حدة هذا الجدال ولعل ما استغربته أكثر هو وجود المذهب الشيعي في تونس رغم أني لم أقابل أبدا من يقول هذا هناك منذ وعيت و لهذا فإن لي تساؤلا بسيطا حول موضوع سمعته و أتمنى أن يجيبني أحد الفريقين في هذا و شكرا.
السؤال: سمعت أن الإمام الخميني في إيران أفتى بإمكانية مصاحبة فتاة صغيرة (حوالي العشرة من العمر) و”اللعب بها ومعها” ولكن دون نكاحها. أريد فقط معرفة صدق هذه المعلومة وشكرا. الشنفرة http://chanfara.blogspot.com
حكاية السنة والشيعة
Amir Jaber بعد قيام الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 وسقوط حليف امريكا واسرائيل و السعودية شاه ايران وجدت المخابرات الامريكية والموساد الاسرائيلي والمخابرات السعودية والصدامية ان افضل وسيلة لمحاصرة تلك الثورة وتحييد الاعجاب الاسلامي بها هو باثارة النعرات الطائفية، وهكذا بدات المطابع تنشر الكتب الصفراء وبكل اللغات وتنشرها على طول الارض وعرضها، واسست لذلك المعاهد والمؤسسات في كل من الدول الخليجية وتل ابيب ولندن وواشنطن و التي خرجت الالاف من الشيوخ والكتاب، وكما قال بذلك الدكتور مصطفى محمود في الاهرام وغيره الكثير من الكتاب المصريين والفلسطينيين الذين اكدوا ذلك وقدموا الادلة الموثقة عليه، وعندما سقط صدام بعد ضربات بن لادن في 11سبتمبر واتضاح الدور السلفي الوهابي قامت الحكومة السعودية بانشاء المئات بل الالاف من المكتبات والمواقع الالكترونية وبعض الصحف الواسعة الانتشار والمحطات التلفزيونية والاذعية خارج السعودية وكانت هذه الوسائل بعضها يتخذ الاسلوب السلفي والاخر يتخذ الاسلوب اللبرالي ، وانا هنا ساتحدث فقط عن عينة من تلك المواقع ،ومنها محطة العربية وموقعها الالكتروني وصحيفة الشرق الاوسط والحياة وموقع ايلاف ومفكرة الاسلام ، وهذه المواقع الستة هي الاشهر وهي معروفة التمويل والكادر والموضوع وقد انشات هذه الوسائل الاعلامية في الخارج حتى لاتتحمل السعودية مسؤليتها سواء فيما تنشره بخصوص علاقات السعودية الخارجية او على المستوى الداخلي وخاصة فيما يتعلق باللبرالية التي يشكو منها التيار السلفي المسيطر ، وكذلك محاولة التنصل عن السلفية التكفيرية وما تسببت فيه من ارهاب عرف العالم من هم اصحابه وعلى من يعتمد تمويلا وفكرا. وبعد المواجهة الحادة بين امريكا واسرائيل من ناحية وبين ايران من ناحية اخرى حول مفاعلها النووي واتهامها بتعطيل عملية السلام من خلال دعمها لحزب الله ولحماس، ثم جاءت حرب حزب الله واسرائيل الاخيرة وانتصار حزب الله ذلك الانتصار الذي اسقط فيه مشروع ولادة الشرق الاوسط الجديد واحراجه لامريكا واسرائيل ذلك الاحراج الذي كشف عن حقيقة الحلف الامريكي الاسرائيلي وجبنه، وقوى من معنويات الشعوب العربية في وجه الغطرسة والظلم الامريكي الاسرائيلي، حتى وجدتها السعودية فرصتها لتجعل الشيعة هم مصدر الخطر وليس الوهابية ولتقنع الغرب ان مصالحه تكمن في دعمه للسعودية ولهذا شن الاعلام السعودي حملة منظمة وواسعة على الشيعة وحزب الله وايران وجند الالاف ممن ياكلون باقلامهم من الكتاب العرب خاصة وان السعودية تشهد الان فائضا ماليا ليس له نظير وقد وصل الامر بالرئيس الامريكي بوش ان يقول علنا ان الخطر الاكبر لاياتي من القاعدة التي قضينا على دولتها لكن الخطر الماحق يأتي من الشيعة وايران التي تسيطر على دولة غنية وكبرى وفي كل خطبه الاخيرة اخذ يكرر ويركز على الشيعة وحزب الله وقبله قال سعود الفيصل في احد المعاهد الامريكية اننا حاربنا معكم ايران ثمان سنوات وانتم الان تعطوها العراق على طبق من ذهب، وما تبني السعودية لمجموعة 14 اذار ودعمها لهم بشتى انواع الدعم بخافية على احد. واخذ هذا التحالف يتطور حتى اننا وجدنا الاعلام السعودي من خلال تلك الوسائل المذكورة انفا اصبح اسرائيليا اكثر من الاعلام الاسرائيلي، وقد عملت دراسة مقارنة ولمدة شهرين وهي المدة التي عاصرت فترة الحرب الاخيرة على لبنان بين تلك الوسائل السعودية وبين ستة صحف اسرائيلية فوجدت ان الاعلام السعودي كان اكثر انتصارا لاسرائيل من الاعلام الاسرائيلي نفسه حتى اني وجدت ان مانسبته 70% من لتحليلات والتعليقات الاسرائيلة تجزم ان اسرائيل قد هزمت وبالمقابل وجدت ان اكثر من 80% مما نشر بالمواقع السعودية المذكورة من دراسات وتحليلات ومقالات واراء تقول ان اسرائيل هي التي انتصرت، حتى ان الباحث يكتشف وبسهولة وكان خسارة اسرائيل هي خسارة كارثية على السعودية ، ولاحاجة للتذكير بفتوى ابن جبرين وعضو مجلس القضاء العالي اللحيدان بتكفير حزب الله والدعوة الى تخذيل الناس عنه ابان فترة الحرب ، وهذان الشخصان من يعرفها يعرف تماما انهما لايمكنهما ان يصدرا تلك الفتوى الا بتوجيهات رسمية وحتى مواقف الرئيس حسني مبارك وملك الاردن عبدالله التي تحدثت عن الخطر الشيعي كانت بتوجيهات سعودية. ووصل الامر بتلك الوسائل المذكورة في الاونة الاخيرة وخاصة موقع العربية نت وايلاف ان تنقل كل يوم تقريبا التقارير التي تسربها السي اي ايه والمخابرات البريطانية للصحف الغربية والتي تهدف الى اشعال الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة وباسلوب مخابراتي سيكولوجي يثير الضغائن ويهيج العامة تتنقلها وكانها حقائق لاتقبل النقاش، علما بانهم يعرفون تماما انها اكاذيب وخاصة مايجري على ارض العراق الدامي ووصل الامر بالمصادر البعثية ان تزودهم بالاكاذيب التي يعرفها حتى الطفل الصغير كقول عدنان الدليمي ان الشيعة يذبحون اهل السنة في بغداد ذات الاغلبية السنية المطلقة؟؟ وعندما تستهدف المناطق الشيعية لاتذكر هويتها الطائفية لكن عندما تستهدف المناطق السنية تشخصها بل وتشخص القتلة لكن قتلة الشيعة على الدوام هم من المجهولين وكم من مرة سمت بعض الاحياء الشيعية التي تستهدف كل يوم من التكفريين والصداميين بانها احياء للسنة والامر المستغرب اننا نرى ونسمع العاهل السعودي الذي يقول ويكرر انه لاتوجد مخاوف من حرب مذهبية فهل هذا الامر يراد منه مخاطبة الداخل ام انه لايدري بمايقوم به اعلامه الممول بماله في تأجيج تلك العداوات والحروب وعلى مدار الساعة؟ التي فيما لوبدأت فان اول من يحترق بلهبها هم السعوديين وخاصة اذا علمنا من ان الامريكان قالوا من خلال الوسائل الاعلامية انهم لم يعد لديهم وسيلة للسيطرة على العالم الاسلامي الا من خلال فرق تسد والفوضى الخلاقة والاسلوب السحري كما يسمونه لتحقيق اهدافهم مبني على اثارة العداء السني الشيعي ونبش التاريخ الاسلامي، وقد انشأوا المراكز المتخصصة لهذا الامر ومن خلال متابعتي الدقيقة لتلك الوسائل الاعلامية السعودية تبين لدي بما لايقبل الشك ان الكثير من العاملين في تلك الوسائل انما ينفذون ما يطلب منهم من المخابرات الغربية والاسرائيلية المعروفة وقد شهد بذلك الصحفي مهند الخطيب الذي استقال من قناة العربية لهذه الاسباب وقال بالحرف الواحد ان معظم من يشتغلون بالعربية تبين لي ان لهم ارتباطات مشبوهة مع مخابرات دولية هذه الشهادة المنشورة على العديد من المواقع والصحف العربية، ومنهم من له ارتباطات بالقاعدة ويتمنى تلك الفوضى الخلاقة حيث ان القاعدة كالطفيليات لاتعيش الا على القاذورات. لكن السؤال المهم هل ان المخابرات السعودية غافلة عما ستؤول اليه هذه الكوارث وهل يتوقع السعوديون انهم بمنجى منها ام انهم لم يعد لديهم خيار ووضعوا بيضهم كله في السلة الامريكية الاسرائيلية لكن هل حقا يطمأنون للامريكان والاسرائيليين الذين شيمتهم الغدر والمكر؟ والشهور القادمة حتما ستجيب على هذه التساؤلات عندما يخرج لهب نيران العراق الى المحيط العربي البترولي وعندها سيعرف السعوديون انهم هم من اشعل النار في ديارهم وعندها سيتحققون من عهود الامريكان والصهاينة الذين لاعهد لهم عندما يتخلون عنهم ويقسمون بلدهم الى امارات يسهل عليهم ادارتها وسيتذكرون ماقلناه مرارا وتكرارا لهم ولكن حين لاينفع التذكار.
تعقيبا على مقال “حقيقة التشيع”
تسمع جعجعة ولا ترى طحينا
محمد عبد الحفيظ جمعية أهل البيت الثقافية – تونس acte114@yahoo.fr بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطيبين الطاهرين لما وقع نظري على عنوان حقيقة التشيع للأخ عبد الحميد الحمدي، الذي نشرته تونسنيوز مشكورة، غدوت ألتهم كلماته متوقعا العلمية والموثوقية كما يوحيه العنوان. لكن ما أن أتيت على آخر ألفاظ المقال إلا وجدتني أردد بغير شعور مني جملا، من مثل تمخض الجبل فولد فأرا… تسمع جعجعة ولا ترى طحينا اسمح لي الأخ عبد الحميد الحمدي، أن أقول ومن البداية. إن من كان له أبسط اطلاع على فكر مدرسة أهل بيت النبوة سلام الله عليهم أجمعين، حتى ولو لم يكن من المتبعين لنهجهم السديد، ليدرك أن مثل هذا المقال يكاد يخلو من كل حقيقة لو استثنينا واحدة فقط تلك المتعلقة بالسعي للتقريب بين المذاهب. وحتى لا يكون حكمي هذا إدعائيا، استسمحك عذرا مرة أخرى أن أتناول بعضا من أفكارك لأبين تهاويها. ـ الأولى قولك: “طبيعة المذهب الشيعي دائما الهروب إلى الأمام والابتعاد عن الجدية في الحوار”. يرده دعوتي إليك وإلى من يرغب في الحوار العلمي الصريح أن نتناول من الآن فصاعدا معتقدات أتباع مدرسة أهل البيت سلام الله عليهم، بالدراسة والحوار، وليدل كل بدلوه ولنترك الحكم للقارئ الكريم ليتبين من منا سينطبق عليه حكمك السالف. ـ الثانية قولك: ” عقيدة راسخة عند هذا الفريق, تقول أن المذاهب المخالفة للإمامية الإثني عشرية باطلة” يرده افتقار هذا القول إلى دليل واضح فهلا قدمت لنا نص فتوى أو مقولة مثبتة في أحد المصادر أو الكتابات كما يقتضيه البحث العلمي الذي تدعو صراحة إلى تبنيه ولم تلتزم به. الثالثة: تتهم كما بينت سابقا ودون دليل أن الإمامية تقول ببطلان المذاهب المخالفة. في حين أنك وقعت فيما استنكرته عليهم بقولك ” ومحاولة تجلية الحقيقة التي قد تغيب عن بعض الناس الذين يتأثرون بالدعايات والشعارات, فينحرفون عن طريق الصواب“: فقد جزمت بانحراف أتباع مدرسة أهل البيت عن طريق الصواب. فهل نلت براءة من الله تعالى في ذلك؟ ـ الرابعة قولك: “إن أول موانع التجاوب الصادق بيننا وبينهم يرجع إلى ما يسمونه عندهم بالتقية … “. قول ينم عن قلة معرفة واطلاع عن مفهوم التقية وحكمها الشرعي وادعاء لا غرض منه سوى التشويه والإساءة. فهلا قرأت من القرآن قوله تعالى: “مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” النحل 106 “لاَّ يَتَّخِذِ المُؤمِنُونَ الكافرِينَ أَوليَاءَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ وَمَن يَفْعَل ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ في شيءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُم تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وإلى اللهِ المَصِيرُ” آل عمران 28. تحكم الآيات وفي سبيل حفاظ الإنسان المسلم على نفسه أو عرضه أو ماله أن يكتم عقيدته ويسمى هذا العمل في لسانِ الشرع والمصطلح بالتقية. وبالإضافة إلى جواز التقية بالدليل النقلي ، فإن العقل يحكم أيضا بصحته ولزومه، فإظهار العقيدة والعمل وفق تلك العقيدة وظيفة دينية، ولكن إذا جر إظهار العقيدة إلى الخطر على النفس والمال، والعرض، وتعارضت هاتان الوظيفتان عمليا، حكم العقل السليم بأن يقدم الإنسان الوظيفة الثانية على الأولى. والمفَسرِون يتفقون ـ عند تفسيرِ هاتين الآيتين ـ على أن التَقية أصل مشروع. فهذا الفخر الرازي مثلا يقول: إن مذهب الشافعي إذا شاكَلت الحالةَ بين المسلمِين والمشركين حلَت التقية محاماة على النفسِ. وقال: التقية جائزة لصونِ النفسِ، وهل هي جائزة لصونِ المال؟ يحتَمل أن يحكَم فيها بالجواز لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «حرمة مالِ المسلِمِ كَحرمة دمه» ولقولِهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «من قتل دون ماله فَهو شهِيد» تفسير الرازي: 8 \13 . والجدير بالذكر أنّ آيات التقية وإن وردت في مجال التَقية من الكافر إلا أن المناط (وهو حفظ نفسِ المسلم ومالهِ وعرضهِ) لا يختص بالكفار، فَلَو استوجب إظهار الشخص لعقيدته، أو العمل وفقها عند المسلمين، خوف ذلك الشخص على نفسه أو ماله أو عرضه من جانب المسلمين، جاز له التقية من المسلمين كما جاز له التقية من الكفار، وذلك لوحدة العلة، وتحقق الأمر الموجب للتقية. قال أبو هريرة: حفظت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وِعائين، أما أحدهما فَبثثته في الناس، وأما الآخر فَلَو بثثته لقطع هذا البلعوم. فلماذا هذا الكبر وهذا التنكب للطريق؟ ألأن هذه المسألة وغيرها كثير اشتهرت عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام ترفض وتترك بل ويتهم العامل بها بالضلال رغم شرعيتها واستفاض الأدلة على جوازها بل على وجوبها. . الخامسة: اتهامك المروجين لهذا المذهب بأنهم ضعفاء نفوس منتفعين مأجورين اتهام باطل خال من الصحة ولا دليل يؤيده، فهلا قدمت لنا دليلا واحدا يؤكد دعواك هذه. فما بهذه الطريقة تعالج الخلافات وما بالاتهامات الباطلة تستطيع أي قوة في الوجود أن تنفر الناس من إتباع ما اعتقدوا ورسخ في عقولهم وقلوبهم من نور بيت النبوة الذي لا يدرك حقيقته شخص لم يجعل له الله فيه حظا. فما بالمال ولا بالمناصب ولا بشيء من متاع الدنيا وزخفها يشترى دين من أزهرت شجرة نور النبوة في صدورهم وضمائرهم. إنما هو اللطف الإلهي والعلم اليقيني الذي قاد الكثير من الشباب والرجال والنساء إلى ترك مذهب الآباء والأجداد والأهل والأصحاب وأبناء التنظيم الواحد ليلتحقوا بصفوف من سبقهم من أتباع العترة الطاهرة صلاة الله وسلامه علي النبي محمد وعليهم أجمعين. السادسة قولك:” أما الدخول لنا من باب حب آل رسول الله , فالحمد الله حب آل البيت يجري في عروقنا , والإقتداء بهم والسير على منهجهم ديدننا فلا مزايدة في هذا الأمر”، فلا أرد عليه بقولي أنا كليل اللسان بل بكلام أميرنا وحبيبنا وقدوتنا بعد الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي عليه السلام القائل: إن الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار وفرقة في الجنة وثلاث عشرة فرقة من الثلاث والسبعين تنتحل محبتنا أهل البيت واحدة منها في الجنة واثنتا عشرة في النار وأما الفرقة الناجية المهدية المؤمنة المسلمة الموفقة المرشدة فهي المؤتمة بي، المسلمة لأمري المطيعة لي المتبرئة من عدوي المحبة لي المبغضة لعدوي التي قد عرفت حقي وإمامتي وفرض طاعتي من كتاب الله وسنة نبيه فلم ترتد ولم تشك لما قد نور الله في قلبها من معرفة حقنا وعرفها من فضلنا وألهمها وأخذ بنواصيها فأدخلها في شيعتنا حتى اطمأنت قلوبها واستيقنت يقينا لا يخالطه شك إني أنا وأوصيائي بعدي إلى يوم القيامة هداة مهتدون الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه في أي من كتاب الله كثيرة وطهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في أرضه وخزانه على علمه ومعادن حكمه وتراجمة وحيه وجعلنا مع القرآن والقرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا حتى نرد على رسول الله ص حوضه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم. أكتفي بهذا القدر من البيان ، وأجدد في الختام الدعوة لك يا أخي عبد الحميد وإلى كل من استأنس في نفسه القدرة على المحاورة العلمية والمباحثة الموضوعية فأنا على أتم الجهوزية. ” قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” البقرة 110