الثلاثاء، 18 أبريل 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2157 du 18.04.2006

 archives : www.tunisnews.net


الرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان: بـيــان

الرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان  – فرع توزر : بـيــان

الحياة: دمشق «ردت جميل» تونس وسحبت الكتاب عشية اجتماع رئيسي الوزراء… «صديقنا الجنرال» في مقابل «الطوفان»

رويترز: مدرسو تونس يضربون الاربعاء للمطالبة بتحسين وضعهم

أخبار تونس: توضيح من وزارة التربية والتكوين حول دعوة النقابة العامة الى الإضراب

الطيب السماتي: لا هي مبادرة سياسية و لا هي مناورة أمنية ليست سوى عملية احتيال

ماهر حنين: عائلة الدكتور المنصف بن سالم في إضراب مفتوح عن الطعام

 د. سليم بن حميدان: في ثقافة التغيير- المسؤولية والإجماع

المنذر جغام: حول مؤتمر إتحاد الطلبة

الحبيب بوعجيلة: الورطة الأمريكية: مقاومة تتصدّى فهل من نخبة تؤسّس ؟

عبد الوهاب عمري: أين نصيب الشغالين من النجاحات الاقتصادية ؟

رشيد خشانة: محاكمة أشهر تونسي عائد من أفغانستان تعاود طرح ملف «الأفغان»… الفارغ!

آمال موسى: أطروحة الاستقواء بالأجنبي

الشروق: كيف ستكون «تونس» عام 2016 ؟:

رئيس جمعية الصحة الانجابية لـ «الشروق»: هذه أسباب ارتفاع تكاليف الانجاب في تونس

الصباح: المناضل حسين التريكي يدلي بشهادة تاريخية

د. عبدالوهاب الافندي: الغارة العالمية المنظمة علي العالم الإسلامي الياس خوري: القيصر وجنرالاته


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
 

الرابطــة التونسية للدفـاع عن حقـــوق الإنســـان

 

تونس في 18 أفريل 2006

بيـــــــــان

 

مرة أخرى توظف السلطة القضاء لمحاولة إسكات الرابطة وإثنائها عن القيام بدورها و خاصة انجاز مؤتمرها الوطني السادس بكل استقلالية ،فقد قضت اليوم 18 أفريل 2006 الدائرة الاسعجالية بالمحكمة الابتدائية بتونس بتعطيل الدعوة الصادرة عن الهيئة المديرة لعقد المؤتمر السادس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يومي 27 و 28 ماي 2006 بعد أن قام عشرون من الذين يدعون الإنتماء إلى الرابطة والمعروفين بإنتمائهم للتجمع الدستوري الديمقراطي بقضية إستعجالية من ساعة إلى أخرى نشرت بجلسة اليوم  يطلبون  الحكم إستعجاليا بتعطيل الدعوة لعقد المؤتمر السادس أيام 27 و 28 ماي 2006 « وإيقاف أي أشغال أو اجتماعات أو أعمال مهيئة له أو متعلقة به أو منجزة له في ذلك التاريخ أو أي تاريخ لاحق وبأي مكان سواء بمحل عمومي أو خاص والإذن بالنفاذ على المسودة مع حفظ الحق فيما زاد عن ذلك « .

 

وقد كان نفس هؤلاء الأشخاص قاموا بقضية أصلية أمام المحكمة الإبتدائية بتونس وتهدف إلى إلغاء الدعوة للمؤتمر يومي 27 و 28 ماي 2006. وقد عينت ليوم 06 ماي 2006 (وهو نفس اليوم المعيّن للقضية التي كان هؤلاء الأشخاص انسحبوا منها وبقيت قائمة بطلب من مدعيين اثنين لطلب إلغاء عقد المؤتمر أيام 09 و 10 و 11 سبتمبر 2006).

 

 وكانت الهيئة المديرة قررت بتوصية من المجلس الوطني عدم حضور القضايا الأصلية الرامية إلى طلب إبطال الدعوة للمؤتمر كعدم حضور أي قضية أخرى تتأسس عليها، وبناء على ذلك لم يحضر أحد لنيابة الرابطة في هذه القضية الجديدة وهي رقم 32 في المسلسل القضائي المفتوح من طرف السلطة ضد الرابطة منذ المؤتمر الوطني الخامس.

 

وتأتي هذه القضية الإستعجالية الجديدة بعد ثلاثة أيام من منع السلطات لاجتماع أعضاء هيئات فروع تونس الكبرى والشمال للتداول في شأن المؤتمر الوطني السادس الذي تم تعيينه ليومي 27 و 28 ماي 2006. وقد حاصرت قوات كبيرة من أعوان الأمن المقر المركزي ولم تسمح إلاّ لأعضاء الهيئة المديرة بالدخول إليه معتدية بالعنف الشديد على عدد هام من أعضاء هيئات الفروع.

 

و الهيئة المديرة:

– تؤكد من جديد العزم الراسخ لمناضلات و مناضلي الرابطة على عقد مؤتمرهم في الأجل المحدد

والقيام بكل الأعمال الضرورية لإنجاحه، وتعبر مرّة أخرى عن رفضها لتوظيف القضاء لضرب الرابطة وشلّ أعمالها و إثنائها عن أداء دورها في الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر ثقافتها.

  تهيب بالرأي العام الوطني والدولي وكل قوى ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية للوقوف إلى جانب الرابطة في هذه الظروف العصيبة حتى تتمكن من أداء دورها.

  تدعو السلطة إلى الإقلاع عن توظيف القضاء لضرب الرابطة، وإقامة حوار جدّي مع الهيئة المديرة لحل الإشكالات العالقة. 

 

  عن الهيئـــة  المديــرة

الرئيـــس

المختـار الطريفـي

 

 
الرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان     توزر في: 17 أفريل 2006   بــــيــــان  
إنّ فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منشغل بوضعية الأستاذ منجي الدّكالي الباحث في قوانين الشغل والوظيفة العمومية والذي يتعرض لمضايقات مهنية عديدة وصلت حد سحب المسؤولية الجهوية منه إثر تعبيره عن رأيه في الندوة الجهوية « تونس الغد  في فكر مثقفيها » في 6 أكتوبر 2001 .
وقد علم الفرع أن الكتاب الجديد للأستاذ منجي الدّكالي « دليل الموظف للدّفاع عن حقوقه » لم يحصل على وصل الإيداع القانوني في الآجال المحددة رغم أنّ الكتاب المُودَع لم تَعْلَقْ به مخالفة للتشريع الجاري به العمل. بل إن الكتاب لا يحتوي على ما « من شأنه أن يُعكر صفو الأمن العام »، حسب الصيغة المستخدمة ـ بشأن مصنّفات أخرى ـ في مجلة الصحافة.( وهو ما عبّر عنه الأستاذ منجي الدّكالي ).
إنّ فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يقف بكل قوّة ضد ما يتعرض له الأستاذ منجي الدّكالي من مضايقات ويدعو السلط المعنية إلى تمكينه من إصدار كتابه قبل التئام الدورة الجديدة لمعرض الكتاب الدولي صونا لحقه في التعبير والنشر    عن هيئة فرع  توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الرئيس  شكري الذويبي


دمشق «ردت جميل» تونس وسحبت الكتاب عشية اجتماع رئيسي الوزراء…

«صديقنا الجنرال» في مقابل «الطوفان»

دمشق – ابراهيم حميدي    

 

قررت الحكومة السورية «منع تداول» النسخة العربية من كتاب «صديقنا الجنرال» لنيكولا بو وجان بيار توكوا وسحب جميع النسخ الموجودة في الاسواق السورية استجابة لـ «الاحتجاج الرسمي» الذي تقدمت به السفارة التونسية في دمشق الى وزارة الإعلام.

 

وتأتي هذه الخطوة قبل أيام من زيارة رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري الى تونس لترؤس وفد بلاده الى اجتماعات اللجنة العليا السورية – التونسية بين 20 و22 الجاري. ومع ان عطري سيبحث مع نظيره محمد الغنوشي في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية، إلا ان مصادر ديبلوماسية قالت ان «لا علاقة أبداً بين الزيارة وسحب الكتاب».

 

وكانت السفارة التونسية تقدمت الاسبوع الماضي الى وزارة الاعلام بطلب رسمي لمنع تداول الكتاب وسحبه من الاسواق باعتبار انه «لا يجوز بين الدول الصديقة نشر كتب مسيئة لأي منها»، فاستجابت الوزارة بسرعة واتخذت «الاجراءات المناسبة».

 

وصدر «صديقنا الجنرال» قبل سنوات في فرنسا، وترجمه الدكتور زياد منى صاحب دار نشر «قدموس» الى العربية نهاية العام الماضي. وافاد موقع «الجمل» الالكتروني لصاحبه نبيل الصالح امس ان الكتاب يتحدث عن «نظام حكم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وعن الانتقال من الحبيب بورقيبة الى زين العابدين» مع مقارنة بين الزعيمين من الناحية السياسية والشخصية. وزاد «الجمل» ان «الكتاب يؤكد انه لا يطعن في البلاد وانما في الاشخاص، وان الكاتبين يتحدثان عن حكاية عربية تبدأ بالانحدار المثير للشفقة والمتوقع لقدر خارج عن المألوف». وبعد «الاحتجاج» التونسي، استندت وزارة الاعلام في قرار «منع التداول» الى ان الدكتور منى «لم يحصل على الموافقات المسبقة»، بعدما اسندت السفارة التونسية طلبها الى ان الكتاب «يسيء الى الرموز التونسية ولا ينسجم مع الاتفاقات الثنائية».

 

وكان رد الفعل السوري السريع بمثابة «رد الجميل» على الاستجابة التونسية السريعة نهاية العام 2004 بمنع عرض فيلم «الطوفان» للمخرج السوري عمر اميرلاي ضمن المسابقة الرسمية في مهرجان قرطاج السينمائي.

 

واذ عللت الحكومة التونسية قرار منع عرض «الطوفان» بتلقيها «طلبا رسميا من السفارة السورية لانه يسيء الى الرموز»، أوضح اميرلاي لـ «الحياة» أمس ان الاحتجاج تضمن ان الفيلم «مسيء لسورية وسمعتها وانه يسهم في الحملة الشعواء التي تقودها اميركا واسرائيل على سورية الصامدة والمقاومة للغزو الاميركي للعراق». لكن «الضغوط» التي مارسها مخرجون عرب وتهديد يوسف شاهين بالانسحاب من المهرجان الذي كان يتضمن تكريماً له، أدى الى الوصول الى «حل وسط» تمثل بعرض الفيلم خارج اطار المسابقة الرسمية.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 18 أفريل 2006)


 

مدرسو تونس يضربون الاربعاء للمطالبة بتحسين وضعهم

 

تونس (رويترز) – أعلنت نقابة التعليم الثانوي بتونس الاضراب عن العمل يوم الاربعاء للمطالبة بتحسين اوضاعهم الاجتماعية ورفع المنح المخصصة لهم واحترام حقهم النقابي في التجمع.

وقال طارق محضاوي المسؤول بنقابة التعليم الثانوي لرويترز يوم الثلاثاء « النقابة تصر على الاضراب يوم الاربعاء لمطالبة الحكومة بخفض سن التقاعد من 60 عاما الى 55 عاما وتخصيص منح العودة المدرسية واحترام الحق النقابي للمدرسين في التجمع. »

وأضاف ان المفاوضات التي أجريت مع وزارة التربية والتكوين لم تفض الى اتفاق حول هذه المطالب.

لكن وزارة التربية اعتبرت ان اصرار النقابة على تنفيذ الاضراب « تصعيد من شأنه ان يزج بالمدرسة في تونس الى متاهات لا حاجة بها. »

ويقدر نقابيون عدد أساتذة التعليم الثانوي بنحو 60 الف مدرس.

وبخصوص خفض سن التقاعد الى 55 عاما قالت الوزارة في بيان ان هذا الامر يهم كافة العاملين بالحكومة ومن ثم لا يمكن حسمه في قطاع واحد دون بقية القطاعات.

وينتظر ان يتجمع مئات المدرسين يوم الاربعاء في ساحة محمد علي امام الاتحاد العام التونسي للشغل بالعاصمة.

وكان اساتذة جامعيون امتنعوا نهاية العام الدراسي الماضي عن تصحيح الامتحانات للمطالبة برفع اجورهم في سابقة نادرة الحدوث في البلاد.

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 18 أفريل 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 

توضيح من وزارة التربية والتكوين حول دعوة النقابة العامة الى الإضراب

 

صدر عن وزارة التربية والتكوين اليوم الاثنين بلاغ جاء فيه :

اثر دعوة النقابة العامة للتعليم الثانوى الى الاضراب عن العمل  » يوم الاربعاء 19 افريل 2006 وانارة للاسرة التربوية وللراى العام الوطني تقدم وزارة التربية والتكوين التوضيحات التالية :

ان الحوار مع النقابة العامة للتعليم الثانوى لم ينقطع في اى وقت من الاوقات وقد ادى التفاوض الى نتائج هامة مكنت اساتذة التعليم الثانوى من جملة من المكاسب الجديدة نذكر منها بالخصوص :

-اسناد مكافأة مالية للمدرسين المراقبين في الامتحانات الوطنية مقدارها 40 دينارا بالنسبة الى شهادة البكالوريا و30 دينارا بالنسبة الى شهادة ختم التعليم الاساسي بداية من السنة الدراسية الحالية بكلفة سنوية تناهز 3 مليون دينار

 

-ادماج كل الاساتذة المعاونين « صنف أ » المباشرين حاليا وعددهم 3420 بصفة تدريجية وعلى مدى 4 سنوات ضمانا لاستقرار هذا الصنف من المدرسين وطمأنتهم على مستقبلهم

 

وفي خصوص ما تنادى به النقابة بشأن ممارسة الحق النقابي:

 

تذكر الوزارة ان هذا الحق مضمون في تونس دستوريا وتوءكده القوانين والتشريعات وان ممارسته في الموءسسات التربوية تنظمها اتفاقيات مبرمة بين الوزارة والمركزية النقابية منذ سنة 1999 تراعي خصوصية المدرسة.

 

-اما بخصوص المطلب المتعلق بالنزول بسن التقاعد الى 55 سنة تذكر الوزارة ان هذا الملف يكتسي صبغة وطنية باعتباره يهم كافة اسلاك الوظيفة العمومية ولا يمكن بالتالي حسمه قطاعيا.

 

ومع ذلك وحرصا منها على مزيد الاحاطة بالاساتذة الذين يتعرضون الى صعوبات مهنية نتيجة وضعهم الصحي او الاجتماعي اقترحت الوزارة على الطرف النقابي تكوين لجنة مشتركة تقوم بتشخيص هذه الوضعيات الاستثنائية ودراستها حالة بحالة قصد ايجاد الحلول الملائمة لها.

 

-وفيما يتعلق بالنظام الاساسي لاساتذة التعليم الثانوى طالبت مصالح الوزارة منذ سنوات النقابة العامة للتعليم الثانوى تقديم مقترحاتها في الموضوع كتابيا حتى يتسنى النظر فيها والتفاوض حولها0 ولم تستجب النقابة الى حد هذا التاريخ لهذا الطلب وذلك رغم الحاح الوزارة وحرصها على انهاء التفاوض واصدار القانون الاساسي على غرار بقية الاسلاك الراجعة لها بالنظر.

 

وتؤكد الوزارة مجددا حرصها الدائم على تحسين وضعية المدرسين المادية والمعنوية وظروف عملهم وهي لم تبخل على تمكين رجال التربية والتعليم من مكاسب جديدة كلما امكن ذلك علما وان الدولة قدمت هذا المجهود الاضافي تقديرا لهم ولما يبذلونه من جهود بالرغم مما تواجهه ميزانية الدولة من ضغط بسبب الارتفاع المشط لسعر النفط.

 

وبناء على ما سبق تعتبر الوزارة ان اصرار نقابة التعليم الثانوى على تنفيذ اضراب يوم 19 افريل تصعيد من شأنه ان يزج بمدرستنا في متاهات لا حاجة لها بها وتدعو الاساتذة الى تبين حقائق الامور والوعي بأهمية رسالتهم خاصة في هذه الفترة التي يتأهب فيها أبناوءنا التلاميذ الى اختبارات البكالوريا والى امتحانات اخر السنة ».

 

(المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 17 أفريل 2006)

 

 

بســم الله الــرحمــان الرحـيـم

و الصــلاة و الســلام علــى سيــد المــرسليـن و إمـام المـتقـيـن  ســيـدنـا و مـولانـا محمـد ابـن عبـد الله رضـي الله عنـه و أرضـاه

 

الطيب السماتي

الحزب الإسلامي التونسي

Tunisian_islamic_party@yahoo.fr

partislami@yahoo.fr

ننبذ العنف جميعا

  

لا هي مبادرة سياسية و لا هي مناورة أمنية

 ليست سوى عملية احتيال

  

 ارفع رأسك يا وطني واسقط نظامك السياسي

 

  

قرر ذات يوم صديقي سابقا الدكتور الصحبي العمري القيام بعملية شبه انتحارية لأجل جلب الانتباه إلى حالته الاجتماعية المتردية و كنت ارفض فكرته تلك و انصحه بالعودة إلى سالف نشاطه المهني كطبيب.

  

أعلم الدكتور الصحبي العمري أحد أصدقائه(ظهر فيما بعد انه عون امن) و الذي تعرف عليه أيام قام بإضراب الجوع بمقر اتحاد الشغل في سيدي بوزيد تضامنا مع مضربي 18 أكتوبر، و بدوره أعلم هذا العون عونا ثان مهمته الاستحواذ على ممتلكات الغير وهو المسمي « حمادي » الذي قدم لنا نفسه، عندما كنا جالسين ببهو فندق الهناء بشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة، قدم لنا نفسه على انه الصديق الحميم للرئيس بن علي شخصيا و أكد لنا أن الأمن الرئاسي والرئيس بن علي لم يعودا يثقا في أمن وزارة الداخلية الذي لا يريد تنقية الأجواء و لا يجيد إلا التعذيب و تلفيق التهم للأبرياء و سجنهم و معاملتهم معاملة لا تليق بالإنسانية عامة و بالرئيس بن علي خاصة، كما أكد لنا أن الرئيس بن علي مستعد لإطلاق سراح المساجين السياسيين و حل مشكل الأستاذ منصف بن سالم وعودة المهجرين الخ….

  

 رفض السيد الحسين المحمدي تصديق مخاطبنا جملة و تفصيلا و من أول لحظة لا لشيء إلا لأنه مثله مثل مخاطبنا متخرجان من نفس المدرسة، مدرسة الكذب و النفاق و التحيل و الظلم والاستبداد و الاستحواذ على ممتلكات الغير بكل احترام للأخ حسين الذي انسلخ عن هذه المؤسسة و يعود إلى الجادة.

  

أما الدكتور الصحبي العمري فصدق كل كلام العون حمادي و امتطى أول سيارة تاكسي في اتجاه المحترمة حرم المحترم الأستاذ محمد عبو واعلمها بانه تعرف على صديق حميم للرئيس بن على لحما و دما و طلب منها ان تقدم له رسالة اعتذار و مطلب سراح لزوجها، مؤكدا لها انه سيقع إطلاق سراحه في بحر ال 24 ساعة.

  

لكن الشريفة حرم المحترم رفضت ذلك العرض لا لشيء إلا لأنها « مؤطرة » من طرف معارضين سياسيين محنكين يعرفون هذا النظام  السياسي حق المعرفة عكسي أنا و الدكتور و بقية الضحايا في تونس و في أوروبا.

  

رفضت المحترمة مطلب زائرها و اضن أنها أطبقت الباب في وجهه و ربما أطردته ولا يعيبها احد عن ذلك خاصة اليوم و قد ظهر للجميع أن العملية ليست سوى  « كذبة افريل« .

  

 عاد لنا الدكتور العمري إلى بهو الفندق يجر أذيال الخيبة و ساقه المريضه و أعلن عن صدمته لما سمع من المحترمة حرم الأخ الفاضل الأستاذ عبو، لكن العون حمادي تعامل مع الحدث بحنكة، حيث أجاب حرفيا و على الطائر: « ماعليش يا جماعة سأعمل على إطلاق سراحه رغم ما حصل من زوجته، فقط ساعدوني انتم في تونس لإطلاق سراح السجناء و اعملوا على أن يساعدني الجميع داخل الوطن و خارجه ».

  

 اعترف أنني كنت متحمسا الى مساعدة هذا الرجل لكن أن اكتب شيئا على الانترنت مشابها لما كتب الدكتور الصحبي، هذا ضرب من الخيال رغم ما قدم العون حمادي للدكتور أمام أعيني من مغريات كنت اعتقد انه من المستحيل ان يحصل عليها الدكتور الصحبي العمري، حيث مكنه من المال الوفير، من جواز سفره سويعات فقط بعدما قدم الدكتور الوثائق اللازمة( و ماطلني أنا في الحصول على جوازي حتى اليوم)، مكن زوجته من رواتبها التي كانت محجوزة للبنك، دفع بعض قروضه الخ

  

 إلى جانب وعده بإطلاق سراح المساجين و فض مشكل الأستاذ المحترم المنصف بن سالم و عودة المهجرين أضاف العون حمادي وعود ا بإصلاح وضع الجميع و تمكيننا من حقوقنا، فيما يهمني أنا كان يعدني بالتعويض عن قضيتي الشغلية و تمكيني من جواز سفري …(جنة و فيها بقراجي)

  

و كان دائما و ابدا يتحدث الرجل الينا على لسان رئيس الدولة  و يقول للدكتور الصحبي »هذا المال بعثه لك السيد الرئيس شخصيا الذي قضيت معه وقتا طويلا البارحة للنظر في مشاكلك و مشاكل غيرك، كذلك جواز سفرك، هو الذي امر باحضاره الخ… »

  

و رغم رفضي العلني لكتابة رسالة على الانترنات مشابهة لرسالة الدكتور، إلا أني كنت مترددا بيني و بين نفسي، أقول في نفسي ربما يكون صادقا هذا الرجل خاصة و انه قدم الكثير لصديقي وامامي؟

  

ذات يوم و بعد شهر تقريبا من الأخذ و الرد بيني و بين العون حمادي و بينما كنت في منزلي بعد منتصف النهار بقليل رن جرس هاتفي الجوال و كان على الخط العون حمادي طالبا مني الحضور على جناح السرعة لمقهى نزل الهناء وعند وصولي أعلمني انه بعد لحظات ستحضر سيارة تحملني لوزارة الداخلية أين ستستقبلني شخصية سامية جدا و ذلك ما حصل بالفعل.

  

استقبلتني تلك الشخصية بكل احترام و كانت في مستوى عال من الأخلاق تجاهي و لم يقم احد بتهديدي و لا بإيذائي بل و قدم لي كوبا من الشاي و أكدت لي أنها في خدمتي و خدمة الشعب التونسي(ياليت تفعل هذه الشخصيات ما تقول)، وبعد نصف ساعة تقريبا غادرت الوزارة و كلي اطمئنان و ثقة في العون حمادي و اعتقادي راسخ بأنه سيفي بكل وعوده و رأيت انه من واجبي مساعدته من اجل عودة المهجرين  و فض مشكل الأستاذ الفاضل المنصف بن سالم وطبعا حصولي على تعويض عن قضيتي الشغلية و جواز سفري و إطلاق سراح إخوتي المساجين و على رأسهم أفضل وأحب من عرفت الأستاذ عبو الذي فتح لي أبواب مكتبه و فتح لي قلبه و كان و لا يزال المعارض السياسي الوحيد الذي يقبلني بصدر رحب و يساعدني و أستشيره في كل خطوة أخطوها رغم أنني إسلامي و انه ليبرالي لكن اعتقد أن أبواب الجنة تفتح له قبل غيره، و اقسم بالله لو كان الأستاذ عبو خارج السجن لما حصل لي ما حصل،

  

وكتبت ذلك المقال المشئوم، التمس اليوم المعذرة من الجميع و من الله و ما كتبت الا من اجل هدف نبيل مع الأسف لم و لن يتحقق ما دام هذا النظام قائما.

     

عملية الاحتيال

  

كنا جالسون كعادتنا في بهو فندق الهناء نسرد الملفات و نناقش الحالات حتى تطرق الدكتور الصحبي إلى وضعية ممتلكات  عندها طلب العون حمادي من الدكتور الاتصال هاتفيا بشخص اسمه يوسف الذي حضر بعد دقائق قليلة ومباشرة أمره حمادي بالا يتصرف في ممتلكات الصحبي و خاصة ألا يقوم بتسجيل عملية البيع بإدارة الملكية العقارية و أن يبطل عملية البيع و هدده علنا ومباشرة بإحياء قضايا عدلية سابقة و برفع قضايا أخرى جديد ضده خاصة بصكوك و أكد له ان مصانعه و أعماله ستصبح مهددة بالغلق إذا رفض الامتثال للأوامر، فطالب السيد يوسف بدوره بالأموال التي دفعها للدكتور الصحبي مقابل عملية  شراء الأرض و البستان، عندها وعده العون حمادي بان يحصل على ماله مع نهاية شهر مارس  و ما أظنه قبض دينارا واحدا حتى اليوم.

  

  و بمرور الأيام ظهر جليا أن أصبح العون حمادي هو الذي يتصرف في ممتلكات الصحبي و ظهر جليا أن المال الذي كان يغدقه حمادي على الصحبي لا هو قرض و لا هو هبة من النظام السياسي أو من الرئيس بن علي كما كان يدعي حمادي و إنما هو مال  حمادي الخاص و أصبح العمال الذين يعملون في ارض الصحبي يتصلون مباشرة بحمادي لحل مشاكلهم و حصولهم على أجورهم

و أصبح حمادي يزور الأرض و البستان كما يحلو له، و نظرا أن الأرض و البستان ورثة لكل إخوة الدكتور الصحبي، كان الإخوة يمنعون كل من يريد العمل في ارض والدهم قبل حصولهم على منابهم و هنا أمر العون حمادي أعوان الحرس الوطني بمدينة الكاف و السرس بالحضور على عين المكان و إيقاف كل من تخول له نفسه من إخوة الصحبي بمنع العمال من نشاطهم و أصبحت دورية أمنية تتواجد كل يوم تقريبا قرب الأرض و البستان الذين يتواجد فيهما العمال.

  

هكذا إذن من أول لحظة ضبط البوليس حمادي هدفه و قام بمسرحيته و ضخمها خاصة بزيارة باريس و استولى على ممتلكات صديقي سابقا الذي تنكر لي و لصداقتنا العريقة و لجميع أصدقائه و الحقيقة انه مغلوب على أمره(اقسم بالله انه مغلوب على أمره)لأنه أصبح فريسة بين فكي تمساح سحب منه كل شيء حتى هاتفه الجوال سحبه منه و منعه أن يعطي رقمه الجديد لأي كان حتى لا يساعده احد على الخروج من ورطته هذه.

  

كما أن الدكتور الصحبي العمري لم يكن ليكتب ما كتب إلا تحت الأمر و الإملاء و التهديد بالسجن من طرف البوليس حمادي و اقسم لكم أن المسكين لا يزال تحت التهديد حتى ينتزع منه ومن إخوته كل ممتلكاته وربما بعدها يلفق له تهمة باطلة و يسجنه و ربما سيسجنه هذه الأيام القليلة القادمة حتى يستفرد حمادي بالمنتوج الفلاحي لهذه الصائفة.

  

أرجوكم اعلموا أن من يده في العسل ليس مثل من يده في النار

  

 اليوم و بعد مدة تجاوزت الشهرين لم تتحقق وعود العون حمادي لا بالنسبة للمقيمين داخل الوطن و لا بالنسبة المهجرين و لا تزال المحترمة حرم الأستاذ عبو تتعرض لأبشع المضايقات و كذلك المحترم زوجها داخل سجنه وازداد وضع المساجين سوءا و لم يقع النظر في موضوع الأخ الفاضل الأستاذ منصف بن سالم و لم يتحقق أي شيء و أصبح العون حمادي يتهرب من الجميع وتعرض السيد العقوبي لمحاولة دهس بسيارة بتونس العاصمة و رجع هاربا إلى فرنسا لا لشيء إلا لأنه كان يقوم بعملية هرسلة ضد العون حمادي من اجل الوفاء بعهوده

  

 الشيء الوحيد الذي تحقق هو أن أصبحت ممتلكات الدكتور الصحبي العمري بين يدي العون حمادي يتصرف فيها كما يشاء واضعا صاحبها الحقيقي الدكتور الصحبي و من اشتراها منه و دفع ثمنها نقدا السيد يوسف، و الذي لم يقم بتسجيل عقد البيع، وضع الغريب عن ممتلكاته.

  

لذا فاني أرجو من كل الأخوة المحترمين الذين علقوا آمالا على هذه المبادرة أن يضعوا حدا لحلمهم و أن يعلموا أن ما بالطبع لا يتغير و لا حل أمامنا إلا بالمطالبة بإسقاط النظام السياسي برمته : رئيسا، حكومة، نوابا و حزبا حاكما.

  

والسلام

  

الطيب السماتي

الأمين العام المؤسس للحزب الإسلامي التونسي

الجوال 21840725


عائلة الدكتور المنصف بن سالم في إضراب مفتوح عن الطعام

ماهر حنين

حين غادرت منزل الدكتور منصف بن سالم مساء الثلاثاء 10 أفريل أدركت مرة أخرى أن بلدي تونس ينحدر إلى هاوية بلا قرار في ظل أسلوب الحكم الحالي بعد أن انهارت كل المعايير السياسية والحقوقية وحتى الأخلاقية في ضبط تعامله مع معارضيه ومخالفيه في الرأي. فالدكتور منصف يخوض إلى جانب زوجته وابنه أسامة إضرابا عن الطعام منذ 30 مارس بعد أن حرم الأب من العمل والابن من الدراسة والعائلة برمتها من مورد رزق وشروط حياة كريمة.

 

استقبلنا الرجل صحبة ابنه أسامة وأحد أصدقائه بحرارة الريفي التلقائية وهدوء العالِم وابتسامة المتفائل رغم كل ما لحقه وأفراد أسرته من أذى. تضاعفت فرحته حين علم أن الزائرين يمثلون الحزب الديمقراطي التقدمي وحين تعرف على زميله القديم في مدارج كلية العلوم الأخ فريد النجار عضو الحزب الذي رافقني بمعية الأخ فتحي الشفي لزيارة الدكتور .

 

حدّثنا مضيفنا رغم الإرهاق البادي عليه عن تفاصيل عديدة من مراحل حياته في السنوات الأخيرة وعن ظروف الاعتقال والسجن التي مرّ بها رفقة سجناء الحق العام محروما من كل حقوقه كسجين رأي. حدثنا عن والدته رحمها الله التي أغمي عليها في إحدى الزيارات إلى السجن عندما حاول الحراس إرغامها على نزع غطاء رأسها وهي في الثمانين، وعن مرضها ووفاتها سنة 1994 دون أن يتمكن من حضور جنازتها بعد أن حولته الإقامة الجبرية إلى سجين داخل بيته. حدثنا عن حرمانه من العمل ومن مرتباته رغم تدخل منظمة « اليونسكو » لدى الحكومة التونسية سنة 1990 ثم عن حجز ملفاته ووثائقه ومكتبته العلمية التي يجهل المحتفظون بها إلى اليوم قيمتها. حدثنا عن الأزمات الصحية التي مرّ بها وحرمانه من العلاج مما عرض حياته مرات عديدة للخطر . ورغم ذلك ظل الدكتور بن سالم كبيرا صامدا صمودا ملحميا وواصل بمفرده بناء وتجهيز منزله وحفر في حديقته مستعينا بزوجته فقط بئرا وحولها إلى حياض لزراعة أصناف من الخضر كان يعدها من حين لآخر للبيع في سوق حي الحبيب المجاور لكن تدخلت المصالح الأمنية لتمنعه من تحصيل حتى الكفاف من القوت .

 

تفاصيل كثيرة انساب الجامعي منصف بن سالم بحرقة في عرضها عن الحصار وحرماه ابنيه أسامة ومريم من المنحة الجامعية إلى أن جاء الطرد التعسفي لأسامة من كلية العلوم بصفاقس، حينها قررت العائلة الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة برفع المظالم التي يتعرض لها أفرادها وتمكينهم من حقوقهم الاجتماعية والمدنية في العمل والعلاج والدراسة والسفر ومواصلة حياتهم دون قيود ورقابة . أما المظلمة التي يتعرض لها أسامة المرسم بالسنة رابعة رياضيات بكلية العلوم بصفاقس وهو ممثل للطلبة في المجلس العلمي فتتمثل في طرده تعسفيا بقرار انفرادي من عميد الكلية بعد رفضه تمكين المحامين من حضور مجلس التأديب الذي دعي له أسامة وخمسة طلبة آخرين سلطت عليهم عقوبات مختلفة .

 

إن المسافات الإيديولوجية بين العائلات الفكرية والسياسية تتقلص بقدر ضغط كمّاشة الاستبداد والظلم وتتسع بقدر ما تتوفر للحياة السياسية السليمة شروطها ومقوماتها . فبأي البليتين يكون التونسيون اليوم أشقى باستبداد الحكم الجائر أم بترددهم عن التضامن فيما بينهم ؟

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 355 بتاريخ 14 أفريل 2006)

 

 

الورطة الأمريكية: مقاومة تتصدّى فهل من نخبة تؤسّس ؟

الحبيب بوعجيلة

 

حلت منذ أيام الذكرى الثالثة لغزو بغداد ولم يشرب « بوش » هذه المرّة نخب الانتصار مع جنوده من فوق إحدى الحاملات التي تعجّ بها مياه الخليج العربي بل تجوّل مرتبكا بين مواطنيه المحتجّين في مختلف الولايات الأمريكية وراح يخوّف شعبه من شبح « الإرهاب المزعوم » ومبرّرا حربه الخاسرة على العراق رافعا من معنويّات جنوده المرعوبين في شوارع بغداد الصامدة. ولأنّ الهزيمة يتيمة لا يقبل أحد بتبنيها فقد انبرى عدد من جنرالات « البنتاغون » المستقيلين وثلّة من نواب الكونغرس ينصبون « المحاكمات » العلنية للمسكين رامسفيلد.أما الموظف والكاتب المغمور « فوكوياما » فإنه قد أعلن تراجعه عن التبشير بنهاية التاريخ وولادة الإنسان الأخير بعد أن أصبح من الواضح أنّ التاريخ لا يكتمل بمجرّد قرار أرعن يخطه « الكاوبوي » الأمريكي في « البيت الأبيض » وان الإنسان الأخير لا يظهر بإرادة « البنتاغون » على جماجم الأبرياء وغزو الأوطان الآمنة وعلى حساب الشعوب الحرّة.

 

لقد أصبحت ورطة أمريكا في العراق حقيقة لا تخفى على أحد بعد أن أصبحت المقاومة العراقية بفصائلها الإسلامية والقومية هي اللاعب الرئيسي في المشهد العراقي فلقد هرب « بريمر » و »غارنر » وقبر مجلس الحكم الإنتقالي وفشلت « العملية السياسية » المزعومة مع ذهاب « علاوي » وعجز الانتخابات وبداية سقوط « الجعفري » وتآكل حلف العملاء القادمين على ظهور الدبابات والمشدودين إلى نعراتهم الطائفية وأحقادهم التاريخية.كما إنّ عمليات القصف العشوائي في الفلوجة والموصل والقائم وتلعفر وسامرّاء لم تفلح في كسر شوكة المقاومة وقد أحسن الباحث الأمريكي « كوردسمان » توصيف الوضع حين قال: » إنّ أمريكا اليوم في وسط حرب استنزاف تخسرها باستمرار » أمّا « وليام بولك » العضو السابق في مجلس التخطيط التابع لوزارة الخارجية الأمريكية ومؤسّس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة شيكاغو فقد حسم الأمر حين اقترح منذ أكثر من سنة: » أنّ أحسن الخيارات هو أن نقرّر الانسحاب بدل أن نجبر عليه إذا كان عند « بوش » فعلا شجاعة الجنرال ديغول الذي طلب من المقاومة الجزائرية سلام الشجعان ».

 

أما على الساحة الفلسطينية فان المقاومة التي أجبرت « الإرهابي شارون » على الانسحاب من غزة واقتراح تفكيك المستوطنات هي نفسها الآن التي تمسك بخيوط اللعبة بعد أن اختار الشعب الفلسطيني ديمقراطيا إسقاط خيار الفساد والاستسلام لصالح خيار المواجهة الشاملة الكفيل وحده بإسقاط الغطرسة الصهيونية المدعومة بتطرف المحافظين الجدد ومن المؤكّد أن حجم الذكاء الفلسطيني وتصميمه سوف يكون قادرا على تجاوز كلّ الفخاح المنصوبة له وعلى تحمّل كلّ التضحيات والتحدّيات الآتية من العدوّ والصديق في نفس الوقت وفي سياق متّصل تبدو المؤامرة الصهيو- أمريكية على لبنان وسوريا في طريقها إلى التهافت بعد أن استعادت قوى الممانعة والمقاومة في بيروت زمام المبادرة في مواجهة حلف المتآمرين على عروبة لبنان وسلاح مقاومته المظفّرة بتوجيه ظاهر من أعداء الأمّة في واشنطن وتل أبيب وعدد من العواصم الأوروبيّة المرتدّة إلى ماضيها الاستعماري.

 

وعلى صعيد آخر عادت من جديد حدّة المجابهة المسلحة للجيش الأمريكي في أفغانستان ويتوقع المراقبون أن تعيش الولايات المتّحدة هناك صيفا قاسيا هذا العام بعد أن استعادت حركة طالبان أنفاسها ونظّمت صفوفها من جديد. أمّا أهم الأحداث التي أصابت أمريكا بالصدمة والذهول فهي إعلان « إيران » مؤخّرا دخولها إلى نادي الدول النوويّة ممّا سيزيد بالضرورة في صداع رأس « بوش الابن » وفريقه الذين يصرّون على الهروب إلى الأمام عبر التلويح بإمكانية ضربة عسكريّة لطهران ولكنّها ضربة غير مأمونة العواقب خصوصا بعد أن تآكل نسيج التحالف العسكري الذي تشكّل إبان غزو العراق بعد انسحاب دول عديدة منه في انتظار انسحاب ايطاليا بعد تشكيل حكومة « برودي » في الأيام القليلة القادمة.والحقيقة أن الخيبات المتتالية للولايات المتّحدة قد وصلت الآن إلى حديقتها الخلفية حيث تشهد بلدان أمريكا اللاتينيّة صحوة ديمقراطية وطنيّة وتصاعدا مشهودا لموجة العداء لمشروع « الأمركة المتصهين » المشدود إلى جشع عولمة نيوليبيرالية متوحشة تستهدف الشعوب أوطانا وثروات وثقافات.

 

والغريب أنه وبالرغم من هذه الخيبات المتعاقبة فإنّ المحافظين الجدد يواصلون استعداء كلّ سكان المعمورة ويمعنون في ضرب رأس أمريكا على حائط الفشل مسرّعين بذلك كما قال المفكّر الحرّ « تشومسكي » نهاية عصر الاستفراد الإمبراطوري بالعالم وفي مقابل ذلك يكتفي « المنقذ الالاهي » للبشر السيد بوش الإبن وأعوانه بحملات في العلاقات العامة ودبلوماسية الإعتذارات ورصد الأموال الطائلة لاصطناع العملاء والترويج الإعلامي لمشروع عالمي لم يعد يقنع أحدا ومن المهم أن نشير في هذا السياق إلى أنّ فضائح « أبو غريب » و »غوانتنامو » ووضعيّة الحريات الصحفية بالولايات المتحدّة الأمريكية وموقفها من إحداث « قيرغستان » الدموية ومن الإنتخابات في مصر ومن صعود « حماس » إلى سدة الحكم في فلسطين تجعل أمريكا آخر من يستطيع الحديث عن مشاريع الإصلاح والتنمية ولعلنا لا نملك الاّ التصديق على كلام « كوردسمان » حين قال مرّة أخرى : » انّ على أمريكا أن تتخلّى على مبادرة الشرق الأوسط الكبير وأن لا تضيف فشلا استراتيجيا وسياسيا إلى فشلها العسكري… »

 

ان ما سبق من توصيف لمظاهر التعثر الأمريكي أمام تصاعد المقاومة والممانعة العالمية عموما والعربية على وجه الخصوص ليس إغراقا مجانيا في انتصارية حالمة بل هو في تقديري تحليل واقعي وضروري في نفس الوقت انه تحليل واقعي تثبته الأحداث على الأرض ويعترف به الأعداء قبل الأصدقاء وهو كذلك تحليل ضروري في وقت احترف فيه العديد من مفكّرينا مهنة جلد الذات من ناحية وتضخيم العظمة الأمريكية من ناحية أخرى وقد عادت فكرة « السادات » انّ ثلاثة أرباع الحل في يد أمريكا لتطلّ برأسها لا من أفواه حكامنا فقط بل من أفواه العديد من نخبنا الذين فشلوا من زمان في المراهنة على قدرات شعوبهم فراحوا ينتظرون الفرج من وراء البحار. غير أنّنا بهذا التوصيف لا ننسى جملة من الحقائق المرّة وأهمّها أن المقاومة وحدها اليوم هي التي تصنع الحدث على الساحة العربية في غياب تام لأيّ مشروع تأسيس مستقبلي يستثمر زخم هذه المقاومة وينتقل بها إلى فعل ايجابي على جميع الصّعد السياسية والإجتماعية والثقافية وإذا كان من المعقول أن يكون النظام العربي الرسمي عاجزا عن هذا التفعيل فإن نخبنا غير الرسمية بأطيافها المختلفة تبدو هي الأخرى دون هذا المطلوب فالأمة العربية اليوم لا تملك مشروعا فكريا أو سياسيا قادرا على قيادة الجماهير المتحفزة نحو تحقيق طموحاتها في التحرر الوطني والإنعتاق السياسي والإجتماعي ومواجهة التحديات الثقافية الراهنة في عالم متحوّل باستمرار.

 

انّ السؤال الأساسي اليوم هو هل تستطيع النخبة الفكرية والسياسية العربية أن تصوغ مشروع النهضة العربية الثانية آخذة بعين الإعتبار تداخل الإنتظارات الجماهيرية ومستفيدة من روح المقاومة والصمود المتصاعدة ؟ أيّ مشروع نظري يمكن أن يؤلف جدليا بين طموحنا من اجل مواجهة الاستبداد الداخلي والهيمنة الخارجية أي كيف نؤسس لمشروع يعيد للمواطن حرّيته في الاختيار وحقّه في بناء مجتمع العدالة والتنمية المستقلة ويحفظ له حقّه في الإستقلال الثقافي والوطني ؟ أي مشروع في الفكر والعمل يستطيع ان يجسّر العلاقة مع الجماهير ليعيدها إلى ساحة الفعل والتأثير بعد ان أرعبها الاستبداد ودمّرها الإستلاب الثقافي ؟ هل تستطيع قوى التغيير بأطيافها المختلفة ان تتجاوز تشتّتها وصراعها العقيم لبناء جبهتها وتجاوز ضعفها؟ هذه الأسئلة وغيرها هي المدخل الرئيسي اليوم للانتقال بأمتنا من وضع التصدّي وردّ الفعل على أهميّته إلى فعل التأسيس ولا نتصورّ أنّنا قادرون على الإجابة على هذه الأسئلة ما لم ننصت جيّدا إلى دروس المقاومة المظفّرة في فلسطين والعراق ولبنان ….

 

17 أفريل 2006

 في ثقافة التغيير: المسؤولية والإجماع

د. سليم بن حميدان (*)

 

تدفق المد النضالي الذي رافق حركة 18 أكتوبر والإفرازات السياسية التي أعقبته تؤشر على ملامح مرحلة وطنية مقبلة يكتنفها كثير من الغموض ومفتوحة على شتى الاحتمالات.

 

فلجهة قوى المعارضة للنظام يبدو أن الأمور تسير قدما نحو تشكيل قطب سياسي ديمقراطي يتجاوز التناقض التقليدي المدمر، بين قوى رجعية وأخرى تقدمية، إلى بناء فضاء عام مشترك تتأسس فيه السياسة على المسئولية والإجماع.

 

إن أفيون التناحر الإيديولوجي بين الفرقاء السياسيين أنساهم طيلة عقود كاملة أنهم شركاء الوطن والتاريخ والثقافة والمستقبل وكل المصالح والأحلام الجميلة.

 

لقد أيقظت مبادرة 18 أكتوبر صحوة الضمير السياسي لدى المعارضة المسئولة وارتقت بأدائها من حيز الإيديولوجيا والطائفية السياسية المتعطشة دوما للتميز والانقسام إلى فضاء العقلانية المتزاوجة غالبا مع البراغماتية والمنافع المباشرة.

 

هذا التوجه الرشيد والمسئول لدى المعارضة التونسية لم يطمس نهائيا نزوعات التطرف والإقصاء المتغذية من عقد الغبن الأقلوي. ولئن تبدو هذه النزوعات مغمورة ونائمة بمفعول الزخم السياسي الذي فضحها وأربكها وعزلها حتى عن حلفائها التقليديين فإنها سوف لن تتوانى عن مقايضة دعمها للنظام الاستبدادي بنزر العطايا والامتيازات لتتحول السياسة عندها إلى عهر مجاني، تمارسه علنا، نكاية وتشفيا من القريب والبعيد.

 

أما لجهة نظام الحكم فالمشهد يبدو قاتما ومخيفا. فهو قاتم لاعتبارات بنيته السياسية القائمة على الفردانية والقهر والفساد المؤدية بداهة إلى التسلط والإذلال والنهب.

 

وهو مخيف لأن استعار حرب الخلافة في وضع هشاشة البنية الدستورية للانتقال السلمي للسلطة يمهد لتفجير التناقضات الداخلية الكامنة ويفتح أبواب الفوضى الأهلية على مصراعيها، بل ربما يبرر داخليا وخارجيا للتدخل الأجنبي المباشر في زمن أصبح فيه المغرب العربي مجالا حيويا تتنافس عليه الأطماع الصهيونية والأطلسية.

 

تهرؤ السلطة سياسيا وفشلها أمنيا واقتصاديا وتحولها إلى عبء ثقيل ومكلف لأسيادها في الخارج وإلى مفرخ خصب للإرهاب إقليميا ودوليا مقابل توحد قوى المعارضة وتوجهها نحو مزيد من الراديكالية والرفض، لم يقنعها إلى حد الآن بضرورة مراجعة سياساتها العنيفة وحلولها الأمنية الطائشة بل دفعها نحو مزيد من التعنت والجنون والصبيانية في إدارة الشأن العام.

 

تدلل على هذا التوجه الغبي المناورات الأخيرة للنظام الذي استعاد أسلحته التقليدية الحقيرة للتفاعل مع أحداث جديدة يبدو أنها أربكته كثيرا.

 

فمن سلاح البورنوغرافيا إلى أساليب الغواية السياسية للمناوئين عبر الإغراء بخلاص فردي واهم ومهين يبدو النظام التونسي مصمما على توخي استراتيجية الميوعة والإذلال والتدمير الشامل لتبقى السياسة عنده، وكما كانت دائما، رديفا للثأر والانتقام وإشفاء الغليل.

 

منطق المسئولية الوطنية والأخلاقية يدعونا إذن إلى التحذير من خطورة النظام الحالي على أمن البلاد ومستقبلها وإلى رفض كل الحلول المغشوشة والملغومة التي تطرح تحت جنح الظلام، كما يدفعنا جميعا إلى تجذير خط التقارب والعمل المشترك والانفتاح الكامل على كل الفرقاء الحالمين بوطن المواطنة الكاملة والمساواة الحقيقية والقانون العادل.

 

(*) عضو مؤسس للمؤتمر من أجل الجمهورية


حول مؤتمر إتحاد الطلبة

بقلم المنذر جغام 

 

« مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد ﺇليهم طرفهم وأفئدتهم هواء »

سورة إبراهيم الآية 43

 

… »قد يظن البعض أن الوهم يتحدد بالوهم لا بالفهم… فلا خوف إذن من توهم شيئا من الأشياء شريطة أن يكون إدراكنا له إدراكا واضحا ومتميزا.. »

سبينوزا رسالة في إصلاح العقل

 

 

قيادات طلابية كبيرة مشحونة بمشاعر القلق والغيظ والقرف واليأس أشبه ما تكون بشاحنة كبيرة مشحونة بمواد ناسفة معدة لصنع حرائق هائلة وسط الجامعة ووسط البلاد .هناك من يهمه الأمر ويعمل على اختطاف تلك الشاحنة واستخدامها .التغيير الذي طرأ على العالم والذي ترفض السلطة وقيادة الإتحاد فهمه جعل استخدام مثل هذه الشاحنات تحت يافطة إشاعة الديمقراطية ظاهرة ملحوظة ومتكررة .

 

طبعا لسنا بصدد التحقق من اكتشافات أستخباراتية بل لم تعد العملية برمتها تقوم على أساس اعتبارها ثغرة أمنية بقدر ما هي بالفعل ثغرة سياسية .فهذا السيناريو تكرر حتى أن ما عداه أصبح استثناء .الولايات المتحدة الأمريكية وكذالك بريطانيا والعديد من الدول الكبرى قد أصبحت تناقش ميزانيات هذه العمليات بصفة علنية قابضي العمولات أو الإتاوات لم يعد يسمونها بالإعانات بل قد أصبحوا يستخدمون في صرفها في المصارف الرسمية بطاقات هوياتهم المدنية والسياسية .مع إتحاد الطلبة(كما مع رابطة حقوق الإنسان وإتحاد المحامين …الخ) تكرر هذا السيناريو بالذات وبصورة مفضوحة وغير مثيرة بالمرة .

 

قيادة الإتحاد المنصبة منذ أكثر من ربع قرن تذهب بمنخرطيه إلى حدود الجرف الهاوي يذكرنا وضعها بأوضاع معارضي الدكتاتوريات فهل تحتاج تلك الديكتاتورية إلى تدخل أمريكي سافر وسافل .السلطة تضع ثقتها المطلقة في تلك القيادة بشكل يغيض خصومها .يبدأ الخصوم في التعبير المنظم عن سخطهم. لا ترى القيادة ومن ورائها السلطة أي فائدة ترجى من معالجة ذاك السخط أو تلك العبوات الناسفة .مختطفي الشاحنة الناسفة يشقون وحدة تلك المشاعر الساخطة ويعمدون على الإبقاء عليها ملتهبة وغامضة وعفوية سديمية وصدامية …تطرح عليهم خيارات سياسية ونقابية أخرى فيسفهونها بدعاوي اللاجدوى. قلة من الساخطين ستكون مستعدة للاتصال بالشيطان الأكبر والأصغر . ستناقش سيناريوهات التدخل الأجنبي والمحلي السلطة وقيادة المنظمة الديمقراطية الأعرق تصر على اعتماد سياسات متخشبة ولا ترى أي حاجة لإبداء أي دينامكية .

 

القيادة التي تحاول جهدها وأطماعها أن تستفيد من وضعها تصعد إلى مقود القيادة وهي تدرك تماما أنها لا تنلك رخصة السياقة ولا بوليصة التأمين وليس لها أي معرفة ولو أولية بقوانين الطرقات فهي لا تبدي أي مسؤولية من أي نوع كان .حسب التقديرات الراهنة فأن هناك أكثر من احتمال أن السائق نفسه وقع تفخيخه من رأسه إلى قدميه…..لقد فعلوا به ذلك في أحدى جلسات مفاوضاته للانضمام إلى فريق الديمقراطية المسنودة أمريكيا؟ هاتفه النقال مفخخ هذه الجزئية من السهل جدا التأكد من صحتها تقرير الحماية المدنية بعد الكارثة سيحسم ذالك بصورة قاطعة هذا طبعا إذا ما تمت إزالة القيود البيروقراطية بعد تلك العملية مباشرة إذ أن أزالتها قبل الكارثة أمر يحتاج إلى نباهة سياسية مستحيلة و حتى لا تكون أحكامنا أطلاقيه فيمكننا القطع بعدم وجودها حصرا عند المكلفين راهنا بملف إتحاد الطلبة أمنا وسياسة.هناك أكثر من طرف نقابي يمتلك القدرة لا فقط على قيادة تلك الشاحنة وإنما وأيضا على تفكيكها وإعادة تركيبها ميكانيكيا فحصها ومعالجة المواد الناسفة بصورة لا تخلف ضحايا من المدنيين .المدنيون هم الجمهور الطلابي و أهاليهم وأساتذتهم.

 

مختطفي الشاحنة يتعمدون وضع المدنيين معصبي الأعين قبالة تلك الشاحنة بل ويعمدون على نسفها وسط جموعهم لتحقيق عنصر الإثارة . الشغب والتهارج السياسوي يقتضيان ذلك.القنوات التلفزية التي تتهم عادة كميرا واتها بإثارة الفتنة تعتبر تصوير تلك الحوادث من صميم عملها الصحفي .القيادة والسلطة ترى أن الحل الأمني والوقائي نفع. ري الوحيد هو فصل عربة القيادة عن أي عربة أخرى يمكن أن يستقلها الجمهور أو يتعلق بها .هذا التكتيك وتلك التقنية الأمنية لم تعد ذات نفع .مختطفي الشاحنة الذين جربوا العشرات من مثل هذه القنابل المتحركة والبشرية لا يرون في ذلك ألا أقل من ربع حل  أي عقبة تكتيكية بل على العكس تماما فكلما كانت الشاحنة خفيفة مرنة كان أمر اختطافها ونسفها أسهل .تفسير هذا يمكن ملاحظته والتحقق منه في أنهم بصدد صنع شاحنات خاصة بهم جديدة ولا يستقلها من الجمهور ألا من وقع تصميمه لمثل تلك المهام.

 

أساس عمل منخرطي الإتحاد في هذا الجزء من نضالهم هو الدفاع عن النفس مقابل ذلك نستطيع الانضمام وحتى أن نكون عضو شرف في الدوائر بعيدة المدى لمكافحة الإرهاب قبل ذلك نرى ضرورة اشتقاق إستراتيجية جديدة للحالة الطلابية وللإتحاد العام لطلبة تونس.هذا ضروري بالنسبة لعموم الأطراف وهو أشد ضرورة بالنسبة لجمهور المدنيين ….

 

قد تتهم هذه القراءة بأنها لا تعادي السلطة ولكنه لا يمكن اتهامها بأنها لا تعادي المشاريع الاستعمارية معاداة هذه الورقة لسياسات السلطة قاطعة إلى درجة أن أصحابها لا يرون أي فائدة ترجى من التضحية بالجمهور وتركهم دون دول في صد سياسات التلاعب بمصالحهم وأمنهم ووطنيتهم. نعم وطنيتهم وهذا أقدس ما يمكن بالفعل بذل الدماء من أجله.

 


أين نصيب الشغالين من النجاحات الاقتصادية ؟

عبد الوهاب عمري

في تناقض صارخ مع الخطاب الاحتفالي للسلطة، الذي يغني لـ »نجاحات باهرة » في المجالين الاقتصادي و الاجتماعي تحولت إلى سلاح يرفع في وجه كل من تحدث عن المأزق السياسي الذي تردت فيه البلاد تحت هذه السلطة. بدأت منذ مطلع هذا القرن أغلب شرائح المجتمع التونسي ( بطالين، عمال و موظفين) تقف على تدهور و تآكل مقدرتها الشرائية و تراجع مستوى عيشها و ذلك نتيجة للتخلي التدريجي للدولة عن مهامها الاجتماعية و التوزيع الغير عادل للدخل الوطني و عدم التعويض للأجراء عما يلحق بأجورهم من تدهور في قيمتها نتيجة الارتفاع المتواصل للأسعار.

فالمقدرة الشرائية للأجر هي كمية الخيرات و الخدمات التي يمكن الحصول عليها مقابل هذا الأجر، لذلك و عندما يكون الأجر ثابتا فإن المقدرة الشرائية تتغير حسب أسعار تلك المقتنيات. فإذا ارتفعت الأسعار، و هو ما يعرف بالتضخم، فإن كمية الخيرات و الخدمات المتحصل عليها مقابل الأجر تتدنى، و عليه و حتى تتطور المقدرة الشرائية و تتحسن فإنه يجب أن يرتفع الأجر بنسبة تفوق ارتفاع الأسعار.

و لقياس التضخم ( أي ارتفاع الأسعار) تستعمل نسبة تسمى مؤشر الأسعار و هو الذي يمكّن نظريا من معرفة اتجاه تغير الأسعار بين فترتين معينتين. و يحسب هذا المؤشر بالاعتماد على سلة تحتوي على الخيرات و الخدمات التي يستهلكها المواطن. و ينشر المعهد الوطني للإحصاء شهريا جداول تبين التطور الشهري لمؤشر الأسعار و نسب التضخم وهي النسب التي تعتمدها السلطة. لكن السلة التي تعتمد لحساب هذا المؤشر لا تعكس بصدق الصورة الحقيقية لاستهلاك العائلة التونسية (المتوسطة على الأقل) فخبراء الاتحاد العام التونسي للشغل مثلا يعيبون عليها عدم مسايرتها لتطور السلوك الاستهلاكي للمواطن التونسي و عدم تحيين محتوياتها فهي لا تأخذ بعين الاعتبار الحاجات و العناصر الاستهلاكية الجديدة كالهاتف الجوال و السيارة الشعبية و الحاسوب العائلي و الانترنيت و ما نجم عن تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي من مصاريف تداوي و نقل و دروس خصوصية الخ… و من ناحية أخرى فإن ضوارب التعديلcoefficients de pondération)   ( التي يقع استعمالها في حساب مؤشر الأسعار لا تعكس هيكلية موضوعية قريبة للاستهلاك الحقيقي للعائلة التونسية. فالمعهد الوطني للإحصاء قسّم هذا الاستهلاك إلى سبع مجموعات رئيسية بنسب هي كما يلي: غذاء 38%، سكن 21.5%، لباس 11.1%، نظافة و دواء 10%، نقل و اتصالات 9.7%، دراسة، ثقافة و ترفيه 8.7% مصاريف أخرى 1%.  و على هذا الأساس وقع حساب النسب المأوية السنوية للتضخم فكانت في السنوات 2003 : 2.7 ، 2004 : 3.6 ، 2005 : 2 . و هي في تقرير للبنك العالمي و لنفس الفترة على التوالي: 2.8، 3.8 و 3.2.

ماذا يعني ذلك؟ لنأخذ مثلا و لنفرض أن نسب التضخم هي تلك التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء ( حتى لا يقع اتهامنا بالاستقواء بالأجنبي ) فذلك يعني أن كمية الخيرات التي كنا ندفع مقابلها 100 دينار سنة 2003 يجب أن ندفع مقابلها 108.525د سنة 2005 أي بارتفاع نسبته 8.5%. و هو بالمناسبة ارتفاع مقبول بالنسبة لثلاث سنوات لكن ما مدى عكسه للواقع؟ لنسأل الخبز ( و هو الذي يؤخذ عادة كمقياس لارتفاع الأسعار) فقد انتقل من 220 إلى 240 في هذه الفترة بمعنى أن كمية الخبز التي كان يمكن شراؤها بـ100د في 2003 أصبح ثمنها 109.090د سنة 2005 أي بزيادة قدرها 9.1 % إذن  فالاستنتاج الذي يفرض نفسه هو أن معدل ارتفاع الأسعار أدنى من ارتفاع سعر الخبز !!! يبدو أن بسلة المعهد الوطني للإحصاء الكثير من السلع التي حافظت على أسعارها كـ « العفصة » و « المردڤوش » و « المر وصبر » و « التلغودة » و السكنجبير الخ…

في الجدول التالي عينة صغيرة لبضائع استهلاكية يومية تدخل ضمن مجموعتي الغذاء و النقل و الاتصالات و التي تمثل بنسبة 50% تقريبا في حساب مؤشر الأسعار لذلك فهي تساعد على تكوين فكرة قريبة للواقع (لا غير) على تدهور المقدرة الشرائية لموظف متوسط (مثلا) و تبين بعد نسب ارتفاع الأسعار الواقعية عن النسبة الرسمية. في الوادي قبل الأخير من الجدول وضع الثمن الذي يجب دفعه سنة 2005 لشراء كمية كان ثمنها 100د سنة 2003 ( كما في مثال الخبز) وفي الوادي الأخير وضعت النسب المأوية لارتفاع الأسعار.         

بضاعة/خدمة

ثمن 2003

ثمن 2005

زيادة على 100

نسبة الارتفاع %

خبز

220

240

109.090

9.1

كسكسي

655

735

112.214

12.2

مكرونة

340

380

111.765

11.8

أرز

690

790

114.493

14.5

سميد

360

420

116.666

16.7

لحم

8

10

125

25

سكر

570

600

105.263

5.3

حليب

680

720

105.882

5.9

زبدة

440

600

136.364

36.4

جبن

855

1130

132.164

32.2

زيت

690

730

105.797

5.8

غاز

5800

6200

106.897

6.9

ماء

494

546

110.526

10.5

كهرباء

106

120

113.208

13.2

بنزين

670

1000

149.254

49.3

تامين

174

296

170.115

70.1

                                                 معدل ارتفاع أسعار هذه البضائع

20.3

تلك هي إذن بعض نسب الارتفاع الحقيقي لأسعار بعض المقتنيات و ليست الأكثر ارتفاعا فهل عوضت السلطة للأجراء عمّا لحق بمقدرتهم الشرائية من تدهور نتيجة ذلك و هو الحد الأدنى؟ يعترف الاتحاد العام التونسي للشغل بأن  » الزيادات الثلاثية المقررة منذ سنة 1990 وإن ساهمت في الحد من نزيف القدرة الشرائية، خاصة في القطاع العمومي، إلا أنها لم ترتق بها إلى ما كانت عليه سابقا، أي في بداية الثمانينات ». مما يعني أن الشرائح المتوسطة ( و معها طبعا الشرائح الدنيا) تعرضت إلى حملة تفقير متواصلة لعشريتين أتت على تلك المكاسب التي تحققت في بداية الثمانينات. و هذا مثال يبين ذلك : الراتب الذي يتقاضاه أستاذ أول للتعليم الثانوي سنة 2003 هو 821د و هو 867د سنة 2005 فتكون نسبة الزيادة في الأجر هي 5.6%. و هي نسبة لا تغطي حتى النسبة الرسمية للتضخم ( 8.5% ) و بذلك يكون الأجر قد فقد 3% من قيمته خلال ثلاث سنوات أي خمس قيمته في العشريتين. 

هذا التفقير المتواصل للأجراء (و الذي يمثل ظاهرة ملازمة للتضخم ) يتزامن مع تطور الناتج الداخلي الخام) PIB ) بمعدل يفوق الـ5% خلال الفترة 2003/2005 بحيث لو وزع هذا الناتج بعدل على كل التونسيين لكان نصيب كل واحد منهم 4 ألاف دينار سنة 2005. و لا يخفى أن للعمل دور مهم في تكوين هذه الثروة و بالتالي فمن العدل أن ينعم الشغالون بجزء من ثمرتها. فأين ذهب نصيبهم؟ و لماذا يحرمون من حقهم هذا؟

فإذا علمنا أن:

        مصاريف الدولة و تماشيا مع المفهوم الليبرالي الجديد لها قد انخفضت من 20.6 إلى 19.6 بالمائة من الناتج  الخام بين 1999 و 2005.

        الاستثمار العمومي و الخاص انخفض في نفس الفترة من 25.4 إلى 23.1 بالمائة لا بل أن الدولة قد فرطت بالبيع في خيرة المشاريع التي بناها هذا الشعب خلال الستينات و السبعينات.

        الادخار انخفض من 24.1 إلى 22.4 بالمائة من الناتج الخام.

        خلاص فوائد الدين انخفض من 4.3 إلى 2.5 بالمائة و أن حجم التداين تواصل في الارتفاع لتستقر نسبته إلى الناتج الخام في حدود الـ60% ( أي أن كل مواطن تونسي عليه دين يقدر بـ2400د تقريبا).

يصبح التساؤل عن مصير الثروة الوطنية مشروعا لا بل واجبا. و لعل في النقطتين التاليتين بداية للإجابة على ذلك.

1-    يوم 20-01-2004 عقد الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي السيد نجيب الشابي ندوة صحفية دعا فيها إلى تكوين لجنة وطنية محايدة للبحث في كيفية إسناد البنوك للقروض و مدى مطابقة ذلك للإجراءات المتبعة. كان ذلك إثر تسريب قائمة ضمت 127 شخصية يمثلون مؤسسات تمتعوا بقروض قيمتها 6890 مليون دينار دون تحري في الضمانات المقدمة أي أنهم تحصلوا على 21 % من الدخل الخام لسنة 2003.

2-    هذه النقطة تدعم الأولى، فهي تبين الحيف الكبير في توزيع الثرة الوطنية حيث يحتكر الخمس ذي الدخل الأعلى ( le quintile supérieur ) نسبة 48 % من الناتج الوطني ( النصف تقريبا) بينما لا يتحصل الخمس ذي الدخل الأدنى إلا على 6 % أي أن نسبة الدخل الأعلى إلى الدخل الأدنى هي 1 إلى 8، الشيء الذي جعل معامل جيني ( coefficient de Gini ) يساوي 0.42  و هو مؤشر لقياس درجة العدالة في توزيع الثروة الوطنية فكلما اقترب من الصفر كلما كانت العدالة في التوزيع أكبر. و تتراوح قيمه عمليا بين 0.20 في الدول الاسكندينافية المعروفة بعدالة التوزيع و 0.60 بالبرازيل التي تحتكر فيها الثروة بيد أقلية متنفذة و للمقارنة فهو يساوي 0.30 في أوروبا الغربية و قد وصل إلى 0.40 بالولايات المتحدة في السنين الأخيرة. مع العلم أن النسب المعتمدة في هذه النقطة تتعلق بسنة 2002 مما يعني أن الوضع قد زاد إجحافا الآن.


15 من مواطنيه في غوانتانامو …

محاكمة أشهر تونسي عائد من أفغانستان تعاود طرح ملف «الأفغان»… الفارغ!

تونس – رشيد خشانة     

 

في مثل هذا الشهر من عام 2003 أصيب التونسيون بالذهول بعد تنفيذ عملية انتحارية تبنتها «القاعدة» واستهدفت كنيس «الغريبة» في جزيرة جربة السياحية ما أدى إلى سقوط واحد وعشرين قتيلاً بينهم أربعة عشر سائحاً ألمانياً. لكن ملف التنظيمات الإرهابية عاد ليطفو على السطح مجدداً مع محاكمة سيف الله بن حسين الذي يُعتبر أشهر «أفغاني» تونسي، ونال أخيرا أحكاماً بالسجن بلغت 68 سنة. وفيما حذرت السلطات باستمرار من وجود خطر إرهابي في البلد، قللت أوساط حقوقية من دقة تلك التحذيرات مُستدلة باللوائح الأميركية والأوروبية التي لم تضع أي تنظيم سلفي تونسي في خانة الحركات الإرهابية، مُعتبرة أن «تضخيم» خطر الإرهاب يرمي «الى تصفية حسابات مع خصوم سياسيين».

 

طفا على السطح مجدداً ملف «الأفغان» في تونس بعد مقاضاة سيف الله بن حسين العائد من أفغانستان والذي نال أخيراً 68 عاماً في أعقاب مثوله أمام القضاءين العسكري والمدني في ثلاث محاكمات منفصلة. وفيما أكدت مرافعات الدفاع في قضايا الإرهاب التي نظرت فيها المحاكم على مدى السنوات الأخيرة عدم وجود صلات بين التنظيمات الأصولية التونسية وشبكة «القاعدة»، حاولت السلطات إثبات وجود تلك العلاقات وعززت التنسيق مع الولايات المتحدة في ملاحقة العناصر المشتبه بضلوعها في «الإرهاب»، ما حمل وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الى الإشادة بدور تونس في الحرب الدولية على الإرهاب خلال زيارته البلد في وقت سابق من العام الجاري.

 

وقاضت محاكم عسكرية ومدنية تونسية في الفترة الأخيرة أعضاء حركات سلفية بتهمة «الإنتماء الى تنظيم إرهابي يعمل في الخارج» وهي من أخطر التهم التي يلحظها قانون مكافحة الإرهاب الذي سنّه مجلس النواب في أواخر العام 2003. وفي مقدمة تلك التنظيمات «الجبهة الإسلامية في تونس» التي يتزعمها من لندن محمد علي الحراث، و»أهل السنة والجماعة» التنظيم الذي شكله تونسيون مقيمون في ميلانو (شمال إيطاليا)، و»سرايا الدعوة والجهاد» الذي اعتبرت السلطات الأمنية أربعة من التونسيين المعتقلين في غوانتانامو أعضاء فيه وهم رياض النصري وعادل الورغي ولطفي الغريسي وعادل الحكيمي، بالإضافة الى بن حسين الذي صنفته عضوا في التنظيم على رغم نفيه التهمة لدى مثوله أمام المحكمة أخيرا.

 

تنظيمات محلية

 

وجرت العادة أن ترتدي هذه التنظيمات طابعاً دولياً لأنها إسلامية، غير أن الحركات المذكورة لا تضم سوى تونسيين وهي مع ذلك لم تضع تونس على أجندتها ولم تحدد أهدافاً لضربها في البلد وإنما ركزت اهتمامها على «الجهاد في العالم». ونقل محامون عن بن حسين أنه سأل القاضي في المحاكمة التي لم يُسمح للإعلاميين بحضورها «أين أدبيات تلك التنظيمات؟ ولماذا لم تنشئ مواقع الكترونية ولم تُذع بيانات بينما هي تحتاج للتعريف بأهدافها وكسب الأنصار؟» ليستدل بذلك على أنها «تنظيمات وهمية صنعتها محاضر الإستنطاق» على ما قال.

 

واللافت أن بن حسين، الذي يُعتبر أشهر «أفغاني» تونسي، تمت ملاحقته في محاكمات عدة بتهم الإنتماء لتنظيمات مختلفة ما أدى إلى كثير من الإضطراب والغموض في الوقائع المنسوبة اليه، إذ قضت المحكمة العسكرية في تموز (يوليو) بسجنه عشرة أعوام بتهمة الإنتماء الى تنظيم إرهابي (الجبهة الإسلامية في تونس) ثم دانته محكمة الإستئناف في العاصمة تونس مطلع العام الجاري بالتهمة نفسها، لكن التنظيم المعني هو «أهل السنة والجماعة». وكانت المحكمة قاضت عشرة من أعضاء التنظيم في وقت سابق بعد اعتقالهم، مع أربعة وعشرين عضواً اجنبياً حوكموا غيابياً من ضمنهم بن حسين وقررت سجنهم بين ستة أعوام وعشرين عاماً. ثم عادت وحاكمت بن حسين على انفراد وقررت سجنه اثني عشر عاماً. وأخيرا دانته المحكمة العسكرية في الرابع والعشرين من الشهرالماضي بتهمتي «الحض على التباغض» و«الإنتماء الى تنظيم إرهابي في الخارج» وقررت حبسه ستة وأربعين عاماً. وانتقد المحامي عبد الرؤوف العيادي الفصل بين القضايا الثلاث معتبراً ذلك مخالفاً للقوانين التي قال إنها تُلزم القضاء الجمع بين قضايا متداخلة ومحاكمة المتهم مرة واحدة في نفس الجرم.

 

من أفغانستان إلى تركيا

 

وكانت أجهزة الأمن التركية قبضت على بن حسين (40 عاماً) في آذار (مارس) عام 2003. وأتى اعتقاله نتيجة تنسيق استخباراتي مع الأميركيين الذين كانوا يظنون أنه يحتل موقعاً مهماً في تنظيم «القاعدة»، لكنهم قرروا التخلي عنه عندما لم يحصلوا منه على معلومات مهمة، على رغم التعذيب الشديد الذي قال إنه تعرض له على أيدي محققين من الاستخبارات العسكرية التركية والأميركية. وفي النهاية تم تسليمه الى السلطات التونسية في حزيران (يونيو) من السنة نفسها. وقال محاميه سمير بن عمر ل»الحياة» إن المتهم نفى أمام المحاكم التونسية التي حاكمته انضمامه الى حركة «طالبان» أو أي حركة أخرى، مؤكداً أن دوره في أفغانستان اقتصر على إلقاء خطب في المساجد مشيراً إلى أن أياً المحاضر لم يتضمن أي اعتراف يدلل على انتمائه لتنظيم أصولي أو غير أصولي.

 

وكان بن حسين الذي هاجر من تونس في السنة 1990 لدراسة الحقوق في المغرب، انتقل إلى النمسا في السنة 1993 ثم الى بريطانيا في السنة التالية حيث طلب اللجوء السياسي لكن طلبه رُفض. وسافر إلى أفغانستان في أواخر السنة 2000 لكنه غادرها في تشرين الأول (أكتوبر) من العام التالي في أعقاب سقوط نظام «طالبان».

 

واللافت أن أعضاء تنظيمات أصولية تمت مقاضاتهم في تونس أخيراً ومن ضمنهم «أهل السنة والجماعة» قالوا في اعترافاتهم إنهم علموا ان بن حسين يشرف على مركز لتدريب المجندين في أفغانستان، لكن أحداً منهم لم يجتمع معه. وأوضح المحامي بن عمر الذي ترافع عن أعضاء تنظيم «أهل السنة والجماعة» أنهم سافروا إلى أفغانستان في السنتين 1998 و 1999 أي قبل وصول بن حسين إليها بسنة. ومع ذلك لم تُصنف اللوائح الأميركية والأوروبية تنظيم «أهل السنة والجماعة» ولا أياً من الحركات السلفية التونسية الأخرى على لوائح التنظيمات الإرهابية. وأفاد بن عمر بأنه قام بمراجعة دقيقة للوائح التي وضعتها الأمم المتحدة وأميركا والإتحاد الأوروبي وكندا في هذا الصدد ولم يعثر على اسم أي تنظيم تونسي بينها. واستدل بتصريحات أدلى بها الناطق باسم الخارجية الأميركية في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) السنة 2001 ونفى فيها نفيا قاطعا وجود شبكات تابعة لتنظيم «القاعدة» في تونس.

 

رامسفيلد وموللر

 

ولعل إعلان رامسفيلد أن تونس لا تتعرض لأخطار إرهابية من تنظيم «القاعدة» خلال الزيارة التي قام بها الى تونس في إطار جولة مغاربية مطلع شباط (فبراير) الماضي قلَل من قوة المزاعم التي تؤكد وجود امتدادات للتنظيم في البلد. كذلك استدل مراقبون بإحجام مدير مكتب التحقيقات الفدرالي «أف بي آي» روبرت موللر عن زيارة تونس خلال جولته المغاربية الأخيرة التي شملت الجزائر والمغرب، للتأكيد على خلو البلد من الأخطار التي تتعرض لها بلدان مجاورة.

 

مع ذلك شارك التونسيون في المناورات التي أجرتها قوات أميركية ووحدات تنتمي الى كل من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا والنيجر ومالي والسينغال وتشاد ونيجيريا بقيادة الجنرال هولي سيلكمان قائد القوات الأميركية في أوروبا في أواسط حزيران (يونيو) الماضي والتي استمرت عشرة أيام في إطار خطة تدريبات مشتركة أطلق عليها اسم «المبادرة العابرة للصحراء لمكافحة الإرهاب» (Transaharian anti-terrorist initiative) والتي خصص لها الكونغرس 100 مليون دولار.

 

وفيما تكتمت مصادر رسمية عن الخوض في الملف وتفادت تأكيد أو نفي وجود امتدادات لـ «القاعدة» في البلد مكتفية بالتشديد على أن «خطر الإرهاب قائم» ومستدلة على ذلك بوجود خمسة عشر تونسيا معتقلين في غوانتانامو، توقف محللون عند أبعاد العملية الوحيدة التي نفذها التنظيم في تونس في ربيع العام 2003.

 

وأسفر التفجير الذي استهدف كنيس «الغريبة» في جزيرة جربة السياحية عن سقوط واحد وعشرين قتيلا بينهم منفذ العملية وأربعة عشر سائحاً ألمانياً. ورأى المحللون في اعتماد «القاعدة» على التونسي نزار نوار (32 سنة) لتنفيذ العملية، وهو الذي كان يقيم مع أسرته في مدينة ليون الفرنسية، دليلاً على عدم وجود خيوط للتنظيم داخل البلد. وقاد نوار الذي عاد الى تونس ليعمل في مكتب سفريات قبل تنفيذ العملية بأشهر، شاحنة تحمل صهريجاً اشتراها من مواطن يهودي يقيم في الجزيرة وملأها بالغاز ثم فجرها أمام مدخل الكنيس. وأفيد أخيراً بأن عم منفذ العملية بلقاسم نوار سيمثل قريباً أمام القضاء بتهمة المساعدة في تنفيذها، ما شكل بحسب المحامين دليلا إضافيا على غياب أي عناصر للتنظيم في البلد.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 18 أفريل 2006)

 


 

أطروحة الاستقواء بالأجنبي

بقلم: آمال موسى (*)

 

اشتد الجدل حول مفهوم السيادة الوطنية ومسألة ضبط العمل السياسي الوطني داخل إطار حدود الدولة الوطنية القطرية، ولا يزال، منذ أن استنبط وزير الصحة الفرنسي برنار كوشنار في عهد ميتران مفهوم حق التدخل الإنساني، بحثا عن جعله قانونا دوليا منطلقا من تلك المآسي والمجاعات التي شهدتها أفريقيا جراء فساد بعض أنظمة الحكم.

 

والى ذلك، أصبحنا أمام موقفين؛ موقف يرفض كل أشكال التدخل، وأغلبهم من الموالين لأنظمة الحكم في بلدانهم (والباقي لأسباب مبدئية)، وموقف ثان لا يمانع من التدخل الأجنبي ويرى فيه ضرورة ونتيجة حتمية لفشل النخب العربية الحاكمة على إشباع توقعات شعوبها في مجالات التنمية والديمقراطية وانصرافها نحو الفساد السياسي والاقتصادي، ومواصلة طريقة حكم الماشية وعدم أهليتها للتحول آليا وطبيعيا إلى منظومة المواطنة.

 

وفي حالة الدول العربية، فإنّ غزو العراق وطرح مسألة الشرق الأوسط الكبير وتبني الولايات المتحدة لمشروع دمقرطة منطقتنا، كل ذلك أعاد النقاش الساخن حول هذه المفاهيم التي أطلت في الأخير على مصطلح جديد هو الاستقواء الأجنبي.

 

الجدير بالذكر في البداية هو أن هذا المصطلح يستبطن ويعلن تخوينا ويسعى إلى عزل التيار الذي يؤمن بضرورة «الاستقواء بالأجنبي»، للضغط على الأنظمة الحاكمة وإجبارها على قطع خطوات في مجال الحريات.

 

وتلمّح النخب السياسية المهددة بظاهرة «الاستقواء بالأجنبي»، وبشكل غير مباشر إلى الجناية الكبرى التي قام بها العراقيون المعارضون عندما راهنوا على التدخل الأجنبي، حيث قادوا العراق إلى فوضى ومآس يوميّة.

 

وطبعا، لا تفوتنا في هذا السياق الإشارة إلى أن فشل الولايات المتحدة والقوات المتحالفة في العراق، انعكس سلبا على خطاب المؤمنين بضرورة «الاستقواء بالأجنبي» لإرساء الديمقراطية في بلدانهم. بمعنى أنه خطاب لا يستند إلى حجة ومثال ناجح يقوّي الالتفاف حوله، في حين أنّ الأنظمة الحاكمة استثمرت فشل الولايات المتحدة في العراق لإظهار فضائل تأمين المرافق من ماء وكهرباء وأمن في الشوارع، وأنها أفضل من العدم!

 

لذلك يمكن القول إن تخبط المشروع الأمريكي في العراق والمآسي التي حملها، جعل الأنظمة العربية وجزءا من الرأي العام العربي والأحزاب خصوصا القومية منها والأخرى الحاكمة، تعلن رفضها التام لهذه الظاهرة وتذهب بها إلى حد التكفير. وهو رد فعل دفاعي يستند إلى طاقة هجومية عنيفة تلعب على السياسي والاجتماعي، وتقوم على المبالغة في تضخيم ما يسمّى «الاستقواء بالأجنبي».

 

أمّا القوى السياسية والفكرية الأخرى، خصوصا الليبرالية منها، فرأت في خطاب الأنظمة العربية حول «الاستقواء بالأجنبي» تحايلا على استحقاقات وطنية عاجلة، لم ولن تقيمها الدول الوطنية إذا انفردت بقرارها السيادي.

 

أي أن هناك أزمة ثقة بين الأنظمة والقوى الباحثة عن الديمقراطية.

 

وإلى جانب الموقفين السائدين، برز موقف ثالث يتبنّى مقولة توفيقية؛ شعارها «لا للاستبداد ولا للاستعمار»، وهي مقولة تبنتها مجموعة من المثقفين والمبدعين العرب البارزين، وذلك قبل الهجوم على العراق.

 

ولعلّ المتابع للفضائيات العربية والصحف يلاحظ دون جهد طغيان خطاب «الاستقواء بالأجنبي» في عدة دول عربية؛ منها لبنان ومصر وسوريا، علما بأنه خطاب يندرج ضمن خطاب السب والشتم والتخوين، لذلك فهو خطاب يتغذى من معجم التلاسن ولم يرتق إلى ما هو فكري وجوهري.

 

إنّ إقبال النخب الحاكمة العربية على ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام والحريات العامة وحرية أحزاب المعارضة ومختلف الأطياف السياسية، بدون حاجة إلى ضغوط، أي أنها تتعاطى مع الاستحقاقات الوطنية العاجلة من باب القناعات، يمثل الحل الأمثل والأقوى والوحيد لتعزيز بناء معارضة وطنية تستمد قوتها من الداخل قبل الخارج. أما إذا واصلنا الحرث في الرمل والرهان على التخوين، فإنّ هذا الخطاب قصير العمر والحبل ولو كان خليطا من حقائق وكذب.

 

(*) كاتبة تونسية

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 18 أفريل 2006)

 


خاص:

كيف ستكون «تونس» عام 2016 ؟

11.3 مليون ساكن منهم 65.5 % في سن النشاط و11.8 % فوق الستين

 

* تونس (الشروق)

 

ما تنفرد «الشروق» بنشره اليوم لا يندرج في باب تنبؤات العرّافين أو ما شابههم، وإنما يندرج في اطار مجهود بحثي وأكاديمي وعلمي سهرت عليه عدة جهات عملا على بلورة الاستشرافات التي يمكن أن تكون عليها بلادنا خلال العشرية القادمة. وتساهم هذه الاستشرافات في وضع تطورات أولية استراتيجية لمختلف الميادين وتؤسس من ثمّ لبلورة المشاريع والبرامج التنموية للفترة القادمة على أساس من العلمية والدقة.

 

* عرض: خالد الحدّاد

 

ففي مجال التطور الديموغرافي تفيد التوقعات المستقبلية والمبنية على فرضية تحسّن مؤمل الحياة عند الولادة وتواصل الانخفاض التدريجي لمؤشر الخصوبة وشبه استقرار للولادات والوفيات أن معدل نمو السكان في تونس يبلغ 1.12 % سنة 2011 و1.04 % سنة 2016 وعلى هذا الأساس سيرتفع عدد السكان من 10 ملايين حاليا الى 10.7 مليون سنة 2011 و11.3 مليون ساكن سنة 2016، مع الاشارة الى أن نسبة النمو السكاني ستتراجع بعد ذلك وستنحصر في حدود 0.94 % سنة 2019.

 

* مؤشرات

 

وباعتبار تطور مختلف هذه المؤشرات الديمغرافية والتي تبرز دخول تونس المرحلة الأخيرة من التحول الديمغرافي ستتصف الهيكلة العمرية بخاصيات جديدة من أبرزها تراجع نسبة السكان الذين لا تفوق أعمارهم 15 سنة من 25.3 سنة 2006 الى 23.3 سنة 2011 و22.8 سنة 2016، وفي المقابل سيرتفع عدد السكان الذين هم في سن النشاط (15 ـ 59 سنة) حيث سترتقي نسبتهم من مجموع السكان من 65.2 سنة 2006 الى 66.4 سنة 2011 لتتراجع بعد ذلك الى حدود 65.5 سنة 2016.

 

وبحكم تلك التغيرات سيتزايد عدد حجم السكان الذين تفوق أعمارهم 60 سنة ليمثلوا 10.2 % من السكان سنة 2011 و11.8 % سنة 2016 مقابل 9.5 % من السكان سنة 2011 و11.8% سنة 2016 مقابل 9.5 % سنة 2006.

 

* تشغيل وشهادات عليا

 

وتبرز من خلال هذا التطور الديمغرافي وبحسب قراءات الخبراء والمختصين ثلاث خاصيات أساسية تتعلق الأولى بتقلص الطلب على التعليم وخاصة التعليم الأساسي فيما تتمثل الخاصية الثانية في بروز ظاهرة الشيخوخة وما تفرض من ضغوط اضافية على قطاعي الصحة والضمان الاجتماعي، أما الخاصية الثالثة فإنها تتمثل في ازدياد حجم السكان الذين هم في سن النشاط وبالتالي في تزايد الطلب الاضافي للتشغيل.

 

وباعتبار فرضيات نسب النشاط المنتظرة لدى الرجال وخاصة ارتفاع هذه النسبة لدى النساء وعدد السكان الذين هم في سن النشاط سيرتفع الطلب الاضافي للتشغيل ليبلغ حوالي 87.2 ألفا سنويا خلال العشرية 2007 ـ 2016 مقابل 80.3 ألفا كمعدل سنوي خلال المخطط العاشر، ومن ثم سيتم خلق حوالي 957 ألف موطن شغل على امتداد العشرية القادمة.

ولن يكون تأثير انخفاض الخصوبة والنمو السكاني المسجل في الفترات الأخيرة على حجم الطلبات الاضافية للتشغيل محسوسا الا بداية من أواخر الخماسية 2012 ـ 2016 وستتميز هيكلة السكان الناشطين بارتفاع حصة الذين لهم مستوى التعليم العالي لترتقي من 14.1% سنة 2006 الى 18.8% سنة 2011 ثم 23.7 % سنة 2016.

 

ومن المؤكد أن هذا الارتفاع المهم في حجم الطلب الاضافي للتشغيل وفي عدد حاملي الشهادات سينجم عنه ضغوط كبيرة على سوق الشغل وعلى الاقتصاد بصفة عامة، ولرفع كل تلك التحديات سيتطلب الأمر تحقيق نسبة نمو للناتج المحلي الاجمالي بمعدل 6.3 % خلال كامل العشرية 2007 ـ 2016، كما يستوجب ذلك احداث 957 ألف موطن شغل جديد بمعدل 85 ألف موطن شغل في السنة خلال الفترة 2007 ـ 2011 و100 ألف موطن شغل خلال الفترة 2012 ـ 2016 (المخطط 12).

 

* دخل فردي

 

وسيساهم نسق النمو المستهدف في بلوغ الدخل الفردي مستوى 5635 دينارا سنة 2011 و8 آلاف دينار سنة 2016 وذلك بعد أن يكون قد بلغ 5 آلاف دينار سنة 2009.

 

كما سيسمح نسق احداثات الشغل المستهدف من تحقيق نسبة تغطية للطلبات الاضافية للشغل بمعدل 98.2% مع نهاية سنة 2011 وبمعدل 121.3% مع حلول سنة 2016.

 

* نمو ونسبة البطالة

 

وستبقى نسبة البطالة معلقة على تحقيق نسبة النمو المشار إليها ففي صورة بلوغ النسبة المستهدفة (6.3 سنويا) فإن هذه النسبة ستنخفض الى 13.1 % سنة 2011 والى 10.3% سنة 2016 وسينعكس ذلك على نسبة البطا لة بالنسبة لحاملي الشهادات العليا من 16 منتظرة لسنة 2006 الى 14.1 % سنة 2011 و11.3 % سنة 2016 وسترتفع بالتالي نسبة التأطير لتبلغ 18.5 % سنة 2011 و23.4% سنة 2016، أما في صورة انحصار النمو خلال العشرية القادمة في حدود النسبة المتاحة حاليا (أي حوالي 4.6%) فإن احداثات الشغل ستتراجع الى حدود 69 ألف موطن شغل في السنة وستتفاقم البطالة حيث سترتفع نسبتها من 14.2 % مقدرة سنة 2006 الى 15.2% سنة 2011 و15.3 % سنة 2016 وترتفع هذه النسبة بالخصوص لحاملي الشهادات العليا حيث يقدر أن تبلغ 16 سنة 2006 و21.6 % سنة 2011 و26.1% سنة 2016 علما وأن اليد العاملة النشيطة في تونس والتي هي في حدود 3512.2 ألف ساكن ستكون سنة 2011 في حدود 3952.9 ألف ساكن و4389.8 ألف ساكن سنة 2016، وعلى ضوء الأرقام والتقديرات سيكون عدد اليد العاملة المشغلة 3436.8 ألف ساكن سنة 2011 و3936.5 ألف ساكن سنة 2016.

 

وتشير التوقعات الى أن عدد حاملي الشهادات العليا سيواصل الارتفاع خلال كامل السنوات القادمة على ضوء الارتفاع المتواصل لعدد الطلبة والذي من المرجح أن يبلغ نصف مليون طالب سنة 2010، وتشير التوقعات الى أن عدد الخريجين من الجامعة سيرتقي من 50 ألفا سنة 2005 الى 90 ألفا سنة 2011 و97 ألفا سنة 2016.

 

وعملا على مزيد توفير الظروف لبلوغ النمو المؤمل للاقتصاد الوطني وتحقيق مختلف الأهداف التنموية فإن الاستثمار سيشهد دفعا هاما بحسب التوقعات الموجودة لينتقل من مستوى 22.7 % من الناتج المحلي الاجمالي سنة 2006 الى 25.3% سنة 2011 والى 26.1% سنة 2016 مع تعزيز حصة القطاع الخاص لترتقي من 57 % من جملة الاستثمار سنة 2006 الى 65 % سنة 2011 و70 سنة 2016 وهو ما يفترض تعزيز مساهمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتمثل 3 % من الناتج المحلي الاجمالي في السنة خلال الفترة 2007 ـ 2016.

 

* ميزانية الدولة وتمويلات

 

وعلى مستوى ميزانية الدولة فإن التقديرات تشير الى أن نسبة العجز من الناتج المحلي الاجمالي ستكون في حدود 2.7 % سنة 2011 و2.1 %سنة 2016 باعتبار عائدات الخوصصة، علما وأن تمويل الاقتصاد سيعول سنة 2016 على ما نسبته 23.7 % فقط من التمويلات الخارجية في حين ستكون البقية (76.3 %) متأتية من الادخار الوطني.

 

وسيتركز الاهتمام خلال السنوات القادمة على التخفيض في نسبة التداين من 50.2% سنة 2006 الى 40.5 % سنة 2011 و33.6 % فقط سنة 2016 وسيتوزع التمويل الخارجي مع نهاية سنة 2016 على هبات وقروض عمومية (18.8 ) ومساهمات واستثمارات مباشرة (39.7% ) وقروض تجارية ومالية (41.5% ) ونتيجة لذلك سيتسنّى التخفيض في الدين العمومي لينحصر في حدود 54.4 % سنة 2011 و48.1 % سنة 2016.

 

هذه جملة ملامح عما يمكن أن تكون عليه تونس خلال العشرية القادمة، وهي في مجملها تصورات مهمة جدا ستساهم دونما شك في بلورة أهم التوجهات للمخططات القادمة والتوقي قدر الامكان من التأثيرات والانعكاسات السلبية في ظل واقع دولي مضطرب ويشهد العديد من التقلبات والتغيرات.

 

 (المصدر: صحيفة « الشروق » التونسية الصادرة يوم 18 أفريل 2006)


 

رئيس جمعية الصحة الانجابية لـ «الشروق»:

هذه أسباب ارتفاع تكاليف الانجاب في تونس

 

* تونس ـ الشروق:

 

أصبح من يفكّر في انجاب طفل ببلادنا كمن يفكّر في فتح سرداب من المصاريف والتكاليف التي لم تعد تقوى عليها الأسر التونسية بدءا من متابعة الحمل وصولا الى لحظة الولادة وحاجيات الطفل لكن في المقابل هناك ظاهرة جديدة برزت خلال السنوات الأخيرة وهي ظاهرة الحمل غير المرغوب فيه لدى شريحة معينة من النساء وانعكاساته السلبية على الطفل.

وعن هذا وذاك تحدثت «الشروق» الى الدكتور المنصف بن ابراهيم رئيس الجمعية التونسية للصحة الانجابية ورئيس المكتب الاقليمي للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة بتونس.

 

* كلفة باهظة

أفاد الدكتور بن ابراهيم أن عملية الانجاب صارت مكلفة تبعا لارتفاع تكاليف الحياة بصفة عامة وتبدأ التكاليف منذ لحظة القيام باختبار للتأكد من الحمل لتليها المتابعة اللصيقة للجنين بصفة شهرية والقيام بتحاليل للنظر في خصائص تركيبة المرأة وافتقارها لأمراض ذات خطورة على الجنين لا سيما منها السكري.

وأضاف أن المرأة كانت سابقا لا تعمل وتعدّ لوازم ابنها بمفردها لكن اليوم المرأة تعمل وليس لديها الوقت الكافي لاعداد ما يلزمه لذلك تضطر للشراء وكل ما يتعلق بالطفل ببلادنا مكلف.

وأوضح أن الولادة ولئن كانت باهظة ببلادنا خاصة بالمصحات الخاصة فهي لا تتعدى ألف دينار بينما بفرنسا تصل الى 2800 أورو.

واعتبر أن التكاليف تبرز أكثر لدى الأزواج الذين لديهم صعوبة في الانجاب حيث أن طفل الأنبوب وعمليات التلقيح الاصطناعي تتطلب بين 350 دينارا و500 دينار المحاولة الواحدة بينما يمكن أن يقوم الراغب في الانجاب بـ6 محاولات متتالية وأضاف ان الأدوية أيضا باهظة فالحقنة الواحدة في حدود 250 دينارا.

وأوضح أن الأدوية المساعدة على الانجاب باهظة الى حد كبير بالنسبة للمواطن التونسي.

واعتبر أن بلادنا تعتبر من بين البلدان التي لها سبق في مساعدة الراغبين في الانجاب عن طريق الصناديق الاجتماعية التي تتكفل بالمصاريف كاملة.

 

* غير مرغوب فيه

الحمل غير المرغوب فيه هو الظاهرة التي تقابل ما تحدثنا عنه حيث أن ارتفاع عدد الأمهات العازبات والاجهاض يؤكد وجود الظاهرة.

وأوضح الدكتو أن غياب الاحصائيات راجع الى تردد المراهقات على المصحات والعيادات الخاصة عوض العيادات العمومية.

وذكر أن هناك موانع حمل استعجالية لا يعرفها الكثيرون نظرا لانعدام اشهارها.

وهذه الأدوية ناجعة وتوقف حدوث كوارث على الأم والطفل لكن هذا لا ينفي ضرورة الاحتياط منها لانه في حال تواتر استعمالها تنجر عنها انعكاسات سلبية.

واعتبر أنها أدوية استعجالية للذين لم يأخذوا الاحتياطات اللازمة باستعمال موانع الحمل المعروفة.

 

* برامج

تحدث الدكتور في ضرورة الوقاية من الامراض المنقولة جنسيا ومن الحمل غير المرغوب فيه كما أشار الى ضرورة الوقاية من سرطانات المرأة ونوّه بالثورة العلمية التي حدثت في شأن سرطان عنق الرحم من خلال اكتشاف تلقيح سيرى النور خلال 2007.

وقال: «ان الجمعية تعمل بالتعاون مع وزارة الصحة العمومية والاتحاد الدولي لتنظيم الاسرة ووزارة تكنولوجيا الاتصال على بعث مراكز لخدمة الشباب مباشرة في مجال الصحة الانجابية.

وأضاف انه تمّ فتح مركز بسيدي حسين السيجومي اضافة الى مركز مدنين وقابس وهناك برنامج بفتح 10 مراكز للمكفوفين.

 

* نزيهة بوسعيدي

 

 (المصدر: صحيفة « الشروق » التونسية الصادرة يوم 18 أفريل 2006)


 

على منبر الذاكرة الوطنية بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات: (1 من 2)

 

المناضل حسين التريكي يدلي بشهادة تاريخية على منبر الذاكرة الوطنية:

مكتب المغرب العربي بالقاهرة هيّأ للانتفاضة الكبرى التي تمخضت على الاستقلال

 

تونس ـ الصباح:

 

تجاوز عمره عتبة التسعين لكنه تحدث بكثير من الوضوح والبلاغة عن اتفاقيات الاستقلال الداخلي لتونس وعن المعارضة، إنه المناضل حسين التريكي الذي جلس أمس طيلة أربع ساعات على منبر الذاكرة الوطنية بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات للإدلاء بشهادة تاريخية.

 

وكان قد جلس على نفس المنبر في لقاء سابق انتظم يوم 26 نوفمبر 2005 وللتذكير يقول عنه المؤرخ عبد الجليل التميمي ان حسين التريكي تتلمذ في صفوف الحزب الحر الدستوري الذي كان يتزعمه الحبيب بورقيبة وعمل تحت قيادة المرحوم الدكتور الحبيب ثامر الذي قاد حركة النضال السري للحزب التي تشكلت اثر حوادث 9 أفريل 1938 الدامية.. والتي اعتقل على اثرها قادة الحزب وعلى رأسهم الحبيب بورقيبة وأعضاده المقربين.

 

 

وعلى اثر اعتقال الدكتور الحبيب ثامر ورفيقه الطيب سليم والرشيد ادريس، آلت اليه قيادة الحركة السرية واعتقل وحكم عليه بالسجن والنفي.. و أطلق سراح حسين التريكي مع الدكتور الحبيب ثامر ومئات المساجين الوطنيين في أول ديسمبر 1942 نتيجة للضغط الذي مارسه المنصف باي وضغوط السلطات العسكرية الألمانية التي حلت بتونس أواخر 1941.. كما انضم الى المجموعة الثامرية التي انتقلت الى أوروبا لمواصلة النضال وتتألف خاصة من الدكتور الحبيب ثامر ويوسف الرويسي والهادي السعيدي والطيب سليم والحبيب بوقطفة والرشيد ادريس. وضمت هذه المجموعة جهودها الى النضال العربي الذي كان يقوده سماحة مفتي فلسطين المرحوم الحاج أمين الحسيني.

 

وهاجر التريكي بعدها الى اسبانيا على اثر هزيمة ألمانيا في فرنسا ثم هاجر الى مصر في جوان 1946مع المجموعة الثامرية وشارك في اعداد وعقد مؤتمر المغرب العربي في القاهرة في 22 فيفري 1947 الذي قرر عدم الاعتراف بالحمايتين المفوضتين على تونس1881 ومراكش1912 بقوة السلاح.

 

وشارك حسين التريكي في تأسيس مكتب المغرب العربي في القاهرة وانتخب أمينا لصندوقه ورئيسا للجنة المالية للدورتين 47/1948 و48/1949. وقد حكمت عليه محكمة عسكرية فرنسية غيابيا بالاعدام ضمن المجموعة الثامرية سنة 1947.. كما شارك الدكتور ثامر في معارضته للنهج القيادي الفردي الذي كان يرى الزعيم الحبيب بورقيبة أنه من حقه أن يفرضه على الحزب. وقد أخذ الديوان السياسي برأي الدكتور الحبيب ثامر وعقد مؤتمر دار سليم لتكريس القيادة الجماعية.

 

وحكمت عليه محكمة شعبية نصبها بورقيبة سنة 1957 لمحاكمة قادة المعارضة التي قادها الزعيم صالح بن يوسف الأمين العالم للحزب الدستوري والتي لعبت دورا حاسما في تحطيم الاتفاقيات التونسية ـ الفرنسية.. والتي كان الفرنسيون يهدفون من ورائها الى عزل الثورة الجزائرية من عمقها الترابي والبشري عن أشقائها التونسيين بجلبهم نحو تعاون تونسي فرنسي تنتفع به شرائح من الشعب التونسي كفيلة بأن تلهيه عما يجري في الجزائر. وبذلك يكون حسين التريكي التونسي الوحيد الذي نال حكمين بالاعدام الأول من محكمة عسكرية فرنسية والثاني من محكمة تونسية.

 

ورجع حسين التريكي الى تونس سنة 1962 حيث رفع عنه حكم الاعدام على اثر الاستقلال الجزائري في جوان 1962 وعين مستشارا في وزارة الخارجية التونسية ثم جمد نشاطه كما عين نائبا لمدير مكتب الجامعة العربية في بوينس آيرس 1958 ثم مديرا لمكتب الجامعة العربية هناك 1961ـ 1964..

 

وكلفته لجنة تحرير المغرب العربي بتمثيل الطلبة الجامعيين في المؤتمر الذي عقدته المنظمة العالمية للطلبة الجامعيين التي أسسها الجنرال بيرون زعيم الأرجنتين في جوان 1955 حيث مثل طلبة تونس والجزائر ومراكش ودافع على الحركات التحريرية لأقطار المغرب العربي.. وتمكن من ربط أواصر الصداقة مع زملائه المناضلين ضد الامبريالية.. وهي التي وظفها فيما بعد للدفاع عن الثورة الجزائرية حيث شارك في الوفد الذي شكلته لجنة التحرير برئاسة المرحوم فرحات عباس 1956ـ 1957.

 

ونظرا لأهمية الشهادة التي أدلى بها المناضل حسين التريكي تتولى «الصباح» نشر تفاصيلها في حلقتين.

 

مصير واحد

 

ذكّر السيد حسين التريكي في مستهل كلامه بمؤتمر القاهرة لسنة 1947 الذي كان قد تحدث عنه خلال اللقاء الأول الذي واكبه عدد هام من المؤرخين، وبين أن الاعتقاد السائد آن ذاك هو أن بلدان المغرب لها مصير واحد وأوضح أن جماعة الحركة الوطنية المكافحة في سبيل استقلال تونس والجزائر والمغرب كانت موجودة في القاهرة لذلك تقرر القيام بمؤتمر المغرب العربي في القاهرة الذي انتهى بعدة قرارات أهمها عدم الاعتراف بالحمايتين المفروضتين بالسلاح في تونس 1981 والمغرب 1912 وعدم الاعتراف لفرنسا بأي حق ترابي لها في الجزائر.

 

وبين أن النقلة الأولى في العمل النضالي كانت نتيجة لما قام به مكتب المغرب العربي في القاهرة الذي هيأ للانتفاضة الكبيرة التي سيأتي بعدها الاستقلال. فعندما بدأت المفاوضات التونسية الفرنسية تتعثر ظهرت في الصحف وتحديدا جريدة الصباح بتاريخ 5 جانفي 1955 بوادر الاختلاف بين اتجاهين وهما الاتجاه الذي اتخذه صالح بن يوسف والاتجاه الذي اتخذه الحبيب بورقيبة.. وكان صالح بن يوسف آن ذاك يقيم بسويسرا ويتصل بالوطنيين هاتفيا ليبلغهم أنه يعارض معارضة كبيرة الاتفاقيات التونسية الفرنسية التي وقعت في جوان 1955..

 

ويضيف التريكي: « ان صالح بن يوسف بعد سقوط حكومة شنيق وسجن أعضائها هرب مع محمد بدرة الى القاهرة وأعتقد أنه تأثر بمصر جمال عبد الناصر.. ولا ننسى أن بورقيبة لم يجد في القاهرة الاستقبال الطيب الذي انتظره لما زارها نظرا لوجود ستار كثيف جدا بين المغرب العربي وبين المشرق العربي لكنه انقشع خلال الفترة التي زارها فيها صالح بن يوسف حيث وجد مد عروبي ودفاع عن القضايا العربية من المغرب الى الخليج».. وبين حسين التريكي متحدثا عن مؤتمر المغرب العربي انه تمخض عن فكر جديد في الوسط التونسي تزعمه الدكتور الحبيب ثامر الذي كان يعارض القيادة الأحادية للحزب ويسعى لتكريس القيادة الجماعية.. وقد قال الدكتور ثامر لبورقيبة ذات مرّة انك «على الرأس والعين لكن لا تنسى أننا حزب ويجب أن نتشاور».. ومنذ ذلك الحين حصلت جفوة بين الزعيمين وبرز الخلاف بينهما في القاهرة..

 

وذكر أن المرحوم المنجي سليم حاول التوفيق بين الدكتور الحبيب ثامر والزعيم الحبيب بورقيبة وكذلك فعل المرحوم سليمان بن سليمان.

 

المعـــارضــة

 

أجاب المناضل حسين التريكي عن سؤال يتعلق بنشوء المعارضة اليوسفية فقال: انه لا أريد أن يتحدث عن اليوسفية.. بل عن شخص صالح بن يوسف..  وذكر أنه وجه يوم 14 ديسمبر 1956 بيانا لأبناء الساحل في جريدة «الصباح» بين فيه أن ذلك الخلاف ليس خلافا شخصيا بين صالح بن يوسف وبورقيبة وأبرز أن ذلك الخلاف هو خلاف مشروع لا يمكن أن ينجم عنه الا خيرا لهذا الوطن وتساءل لماذا يضيق صدر الحبيب بورقيبة على المعارضة النزيهة التي يتزعمها صديقه وعضده الأيمن صالح بن يوسف؟؟

 

 

وبين أنه لما كان في روما عام 1957 أظهرت الصحف أن هناك بوادر تقارب بين تونس ومصر.. لكن التريكي  كان يعرف بورقيبة وكان يريد أن يساعده على  تحقيق ذلك التقارب لأنه يؤمن بأنه لا مستقبل لتونس دون مغرب عربي ولا مستقبل لها دون بعد عربي.. وبين في هذا الصدد: «قابلت الرئيس الحبيب بورقيبة عام 1957 ولما أردت أن أصافحه زجرني ودعاني بالوقوف في مكاني متهما اياي بأنني كفّرته.. فأجبته: أنا تلميذك ولم أعارض الدولة التونسية بل عارضت اتفاقيات الاستقلال.. وبعد أن سمع مني تبريرا لأسباب معارضتي للاتفاقيات أمرني بالعودة الى تونس قائلا انه لا ينسى الزمالة التي ربطت بيننا.. ولكن كان أبنائي وقتها في الجامعة ولم تكن لي امكانيات مادية للعودة نهائيا الى تونس.. وتكرر اللقاء ببورقيبة مرة ثانية في الستينات في سويسرا لزيارته فرفضت فألح عليّ بالمجيء فذهبت اليه ولم أصافحه حتى لا يتكرر مشهد لقاء روما فسألني عن سبب عدم عودتي الى تونس فقلت له ان أبنائي يدرسون ولا أستطيع العودة وأخبرته أن الجامعة العربية دعتني لفتح مكتب في بوقوتا وليس من الممكن رفض ذلك وسأذهب لفتح المكتب ثم سأعود بعد ستة أشهر الى تونس فوافق».

 

وفي ما يتعلق باتفاقيات الاستقلال أشار التريكي الى أنها كانت في تقديره وتقدير صالح بن يوسف خطوات الى الوراء.. وفي أواخر 1955 لما عاد للقاهرة تم الاتفاق على أخذ أسلحة من جمال عبد الناصر وتكوين جيش تونسي لتحرير المغرب العربي وانشاء دولة المغرب العربي التي تشمل تونس والجزائر والمغرب.. وأضاف أن جمال عبد الناصر قال انه سيمنح السلاح للكفاح من أجل العروبة وليس لاشهاره في صدر أي عربي..

 

وصمت التريكي حينا من الزمن وقال «بعد أن حصلت تونس على الاستقلال هرب صالح بن يوسف من تونس الى ليبيا فاجتمعنا معه في نزل بطرابلس فطلبت منه أن ننظم مؤتمرا صحفيا لنبرز فيه لوسائل الاعلام العالمية أن الاستقلال أتى به الشعب ولن نعتبره استقلالا تاما الا بعد الجلاء عن بنزرت وتحقيق استقلال الجزائر وأنه لم يبقى بيننا وبين بورقيبة أي خلاف فقال لي بن يوسف هل جننت فقلت له كنا نعارض الاتفاقيات ونطالب بالاستقلال وبالبعد العروبي فقال لي ان بورقيبة خان فقلت له قل أخطأ.. فضحك وقال لي فهمتك يا حسين قلت هذا الكلام لأنك مستيري..

 

لقاء طرابلس

 

ذكر حسين التريكي أنه يريد البوح بسرّ لم يخبر به أحدا وهو أن صالح بن يوسف ناداه بعد ذلك الاجتماع وقال له انه اتصل ببرقية من جمال عبد الناصر يدعوه فيها للسماح لي بزيارة القاهرة فوافقت وسافرت للقاهرة واتضح لي بعدها  أن المرحوم صالح بن يوسف أرسل برقية مستعجلة لفتحي الديب من المخابرات المصرية وقال له ان التريكي خان فاسجنوه.. ولكن عندما وصلت البرقية للديب قرأها وأعطاها لأحمد بن بلة وتناقشا معا طويلا وصادف وقتها أن عينتني جبهة تحرير الجزائر في أول لجنة كونتها لتجوب بلدان العالم للتعريف بالقضية الجزائرية.. وعلمت بالمؤامرة ضدي وعرفت أن الطاهر لسود قال ان من يقتل حسين التريكي أقتله لذلك قرر بن يوسف أن يكتفي بتدبير سجني..

 

وأضاف «أقول للتاريخ ان صالح بن يوسف أنقذ تونس من الاتفاقيات وبانقاذه منها ساعد الجزائر على الاستقلال وحسب رأيي كان في البداية بناء ومنقذا ثم أصبح مهدما».

 

وعن قضية تحرير المرأة  بين أن بورقيبة وضع مجلة الأحوال الشخصية مباشرة ابان الاستقلال دون أن يقوم بتهيئة المرأة التونسية نفسيا للقيام بالدور الذي أناطه بعهدتها.. وكانت هذه الطفرة سببا في خلخلة المجتمع التونسي

 

وقال في هذا الشأن: « لما كنا في السجن كثيرا ما كنا نتحدث فيما بيننا عن مصير بناتنا بعد الاستقلال؟؟»

 

وذكر أن صعود الزعيم صالح بن يوسف ثم نزوله.. أجبر بورقيبة على أن يفتح ذراعيه لمن يكون الى جانبه وتحول الحزب الى مكتب تشغيل وكان كل من يريد أن يصبح معتمدا أو واليا يذهب للحزب ويتقرب من بورقيبة.

 

تغطية: سعيدة بوهلال

 

(يتبع)

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 16 أفريل 2006)

 

على منبر الذاكرة الوطنية بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات(2 من 2)

 

المناضل حسين التريكي يدلي بشهادة تاريخية:

لم أكن يوسفيا… ولا بورقيبيا، بل كنت تونسيا لأن الأشخاص زائلون والوطن باق

 

تونس/الصباح: بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها الدكتور عبد الجليل التميمي أدلى المناضل حسين التريكي بشهادة تاريخية على منبر الذاكرة الوطنية نقلت « الصباح » جزأها الأول في عدد يوم الأحد وتتولى اليوم تقديم اجاباته عن أسئلة عدد من المؤرخين والمهتمين بتاريخ تونس المعاصر.. وتطالعون تفاصيلها في هذه الورقة:

 

 باقتضاب كبير روى حسين التريكي بعض الوقائع التي عاشها بعد سنة 1962 وتحدث عن علاقته بعبد العزيز شوشان وقال ان الصدفة جمعتهما في أحد المؤتمرات فصافحه.. ولما رآى أحد الصحفيين هذا المشهد كتب أن حسين التريكي يتزعّم حركة المعارضة لأن شوشان كان قد سبق له وأن تحدث عن المعارضة.. وأثار ذلك ضجة في مصر لذلك طلبت السلطات المصرية من التريكي تسوية وضعيته مع بلده فاتصل بالسفير التونسي أحمد المستيري الذي تفهم الأمر ونصح التريكي بأن يرسل الى بورقيبة برقية يهنئه فيها بزواجه الثاني من وسيلة ويلطف الأجواء المشحونة ضده بسبب المقالات الصحفية ففعل وفي اليوم الموالي تم اخباره أن الاذاعة التونسية بثت برقيتـــــه.. 

 Bonne nuit

ويقول التريكي: «بعد مدة من هذه الحادثة قررت العودة الى تونس ووصلت المطار عند منتصف الليل وطلب مني أن أذهب لمكتب عبد الله فرحات لأنه في انتظاري فذهبت ووجدت في مكتبه عبد المجيد بوسلامة وكان على المكتب كوما من الأوراق فنظر اليها وحدق بي قائلا «انها ملف الفتنة».. فقلت له «انني لم ألحق ضررا بهذا البلد.. فلماذا أعامل بهذا الشكل» وبعد ساعة أمضاها في استجوابي سلمني وثيقة تنص على «تأجيل اعدامي شنقا مدة شهر كامل الى غاية يوم 22 ماي 1962 لكن في غرة ماي وبمناسبة عيد الشغل أعلن بورقيبة العفو عني فأرسلت له برقية شكر ثم أجّرت سيارة بخمس دينارات للذهاب لرؤيته بقرطاج وأمضيت معه ساعتين ولم أسمع منه أي كلام جارح».

 

لاحظ الدكتور عبد اللطيف الحناشي المؤرخ والأستاذ الجامعي بكلية الآداب بمنوبة تحريف تاريخ تونس وتطويعه في اتجاه معين وذكر أن مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بقيت بعيدة عن الخطاب الرسمي وفتحت المجال للنقد وبلورت رؤية جديدة لتاريخ تونس وما تأسيس المجلة التاريخية المغربية في عهد بورقيبة ونشر مذكرات يوسف الرويسي الا دليلا على جرأة كبيرة..

 

وبين المؤرخ أن صالح بن يوسف كان على علاقة جيدة بفرنسا وبالقصر وشارك في الوزارة وحاول أن يزايد على بورقيبة في علاقته بفرنسا وتحدث عن تأثير مصر على صالح بن يوسف وقال انه جاء متأخرا لكن التأثير الكبير حصل له بسبب اندلاع الثورة الجزائرية وكذلك اثر مؤتمر باندونغ.. 

 

وقال المؤرخ انه لا يمكن الحديث عن ديمقراطية صالح بن يوسف في أي وقت من الأوقات ففي عام 1937 عمل على فظ اجتماع عموم العملة بالعنف..

 

ولاحظ متحدثا عن علاقة بورقيبة بمصر أن سوء استقبال بورقيبة في مرسى مطروح بمصر هو الذي غير موقفه منها لأنه سبق أن تحدث عن شدة اعجابه بهذا البلد لكن هناك أسباب أعمق من ذلك فقضية الثورة الجزائرية بأبعادها هي التي غيرت المنطقة. ووجه المؤرخ السؤال للتريكي: «تزامن رجوعك الى تونس مع اغتيال صالح بن يوسف وحسب تقديرك هل ترى أن بورقيبة هو الذي شجع على هذه العملية ومن بدأ بعملية العنف والاغتيال هل هو بورقيبة أو بن يوسف؟».

 

واجابة عن هذه التساؤلات قال انه «لم يكن يعلم بجدية المجلة التاريخية وكان سيذهب الى ظنه في ذلك الوقت أن الحديث عن التاريخ هو حديث عن فردة حذاء بورقيبة الاي ضاعت منه زمن الاستعمار في الصحراء وأتاه بها أحد أعضاده بعد سنوات طويلة»..

 

وأضاف «من الأشياء التي أثرت على المرحوم صالح بن يوسف بالاضافة الى البعد العروبي هو مؤتمر باندونغ الذي شهد سباقا بين مواقف باريس وما سيقرره مؤتمر باندونغ وأقر المؤتمر استقلال تونس والمغرب العربي».

 

لا بورقيبي ولا يوسفي

 

عن علاقته ببورقيبة وبن يوسف قال حسين التريكي انه لم يكن بورقيبي ولم يكن يوسفي بل كان تونسيا وهو يعتقد أن الأشخاص زائلون والوطن باق.

وبين متحدثا عن موقف بورقيبة من المغرب العربي أن بورقيبة لم يكن ليوافق على عقد مؤتمر المغرب العربي وصادف في تلك الأثناء أن يكون حشاد في السيزل وقدم خطابا باسم تونس أثار الانتباه وهو أمر لم يعجب بورقيبة الذي كان آن ذاك يقيم في مصر مع عدد من الزعماء.. ورأى ثلة من الراغبين في عقد مؤتمر المغرب العربي حث بورقيبة على الالتحاق بحشاد بالولايات المتحدة الأمريكية ففعل وفي غيابه تم تنظيم المؤتمر وعند عودته الى مصر غضب بورقيبة غضبا شديدا.

 

وعن سؤال يتعلق بمن هيأ لاغتيال بن يوسف بين أن بورقيبة قال في اجتماع عام بمعهد الصحافة ان «المسدس الذي حاول بن يوسف أن يغتالني به أغتيل هو به».

 

ولاحظ الدكتور رشيد التراس معقبا عن الملاحظات التي توجه بها حسين التريكي لأبناء الساحل أنها «تنم عن رؤية اقليمية فقد كنت من الساحل وضد زعيم الساحل».

 

وقال أحد الحضور انه «بعد وفات صالح بن يوسف كان التريكي على اتصال بالمعارضة وخاصة بالزعيم يوسف الرويسي.. وبين أنه كانت هناك شكوك وأسئلة كثيرة حول المرحوم عبد العزيز شوشان ويقال أنه اذا كان هناك تخريب للمعارضة اليوسفية فقد كان الفضل فيها يعود لعبد العزيز شوشان».. فأجاب «أعرف أن عبد العزيز شوشان كان ملازما لصالح بن يوسف يأتمر بأوامره».

 

واستوضح الدكتور علية علاني أستاذ التاريخ بكلية الآداب منوبة عن فحوى المقابلة التي تمت بين حسين التريكي وبين الزعيم بورقيبة التي دامت ساعتين.. وقال «ان المعارضة بدأت بالمحاكمات اليوسفية وتواصلت مع عديد العناصر فهل يعد بورقيبة آكل الرجال كما يقال.. ويذكر أنه يوم وفاة علي البلهوان قيل انه زعيم الشباب لكن بورقيبة كان يقلقه الحديث عن الزعامات وقال لي أحدهم ان علي البلهوان ذهب لزيارة بورقيبة وخرج من عنده وهو في حالة سيئة وتوفي في نفس اليوم قبل أن يلقي خطابا عقد العزم على القائه مساء نفس اليوم الذي توفي فيه».

 

وأجاب التريكي: «ان موقف الدكتور الحبيب ثامر من القيادة الجماعية والقيادة الأحادية ولد في 1947 في ليلة شديدة البرد.. اذ سهرت مع الدكتور ثامر ثم ذهبنا للنوم وبعد ساعات طرق عليّ الباب ليقول لي (أنت مجرم وأنا مجرم ألا تخاف على بورقيبة وعلى طريقة حكمه البلاد بهذا الشكل).. وفي الصباح طلب الدكتور ثامر تنظيم اجتماع عام لضبط ما للزعماء وما عليهم وتحديدا بورقيبة بتونس ومصالي الحاج بالجزائر وعلال الفاسي بالمغرب.. وحظر هذا الاجتماع كل التونسيين بمصر ومنهما الطيب سليم والرشيد ادريس وقال الدكتور ثامر ان بورقيبة حصان جامح يجر وراءه أربعة ملايين من البشر واذا تركناه يفعل ما يريد سيكسر رقاب الشعب ويتعين حماية التونسيين من بورقيبة».. 

 

ولاحظ التريكي أن الدكتور ثامر كان ضد طريقة قيادة بورقيبة وليس ضد شخص بورقيبة وأضاف أنه تقرر توجيه أذهان الشعب التونسي والجزائري والمغربي الى دولة المغرب العربي واستقلال هذه البلدان الثلاثة.

 

وعن فحوى اجتماعه ببورقيبة بين أن بورقيبة حاول اقناعه بأن مواقفه كانت ايجابية وعبّر عن خشيته من أن تكون تونس جزء من المغرب العربي.

 

وعن سؤال آخر أجاب أن الشيوعيين لم يناضلوا من أجل استقلال تونس لكن بورقيبة قبلهم.. ورأى أنه بعد الاستقلال اختلط الحابل بالنابل ومن كان يصفق لبورقيبة أكثر كان مقربا من بورقيبة أكثر. وذكر أن: «احمد بن صالح كان يدير خمس وزارات وكانت تربطني علاقة صداقة بشقيقه محمد بن صالح. وقال لي أحمد بن صالح أن الديوان السياسي قرر تعييني مستشارا في سفارة تونس في داكار فقلت له اذا أراد الديوان السياسي ذلك فسأوافق وتم ابلاغي بتعييني مستشارا في سفارة داكار في ماي 1965. وقال لي بورقيبة عندما قابلته (ستذهب عند أحسن سفير لدينا وهو الطاهر بالخوجة فهو بورقيبي مائة بالمائة) وخفت من قوله هذا لأنني كنت اعرف بورقيبة معرفة جيدة. وحينما كنت أعمل في داكار جاء بورقيبة وذهب معه بالخوجة في زيارته للمنطقة وبعد أن انتهت الزيارة قال لي الطاهر بلخوجة وهو صديق مقرب من سفير البرازيل في داكار ان بورقيبة سيعيّنني سفيرا في البرازيل وبعد عودة بورقيبة الى تونس تم تعييني في ديوان النسيج ثم في وزارة السياحة واكتشفت أن الطاهر بالخوجة أضر بي وأذكر أنني صافحت سفيرا مصريا في وقت انقطعت فيه العلاقات بين تونس ومصر فقال بالخوجة لبورقيبة ان التريكي لازال ناصريا.

 

الناصرية واليوسفية

تساءل الدكتور التميمي عن موقف جمال عبد الناصر من اليوسفية ولماذا انزلق الرئيس عبد الناصر لمعارضة اتفاقيات الاستقلال.. وبين أن بورقيبة أقنع يوسف الرويسي بالعودة وقال ان يوسف الرويسي حدثه مرة أن أول خطاب ألقاه في دقاش ركز فيه على البعد العربي لتونس فرد عليه بورقيبة ردا شنيعا الى درجة أن الرويسي ندم على العودة الى تونس.. وتساءل التميمي ان كان صالح بن يوسف في طرابلس قد خطط لاغتيال بورقيبة.

 

وعن سؤال يتعلق بالمعارضة قال انها: «نبعت في القاهرة عام 1947 ويتزعمها الحبيب ثامر ويوسف الرويسي أحد كبار مؤسسي الحزب الجديد وكان من الرعيل الذي سبقني في الحزب ومات الحبيب ثامر في حادث طائرة في كراتشي بعد المشاركة في مؤتمر اقتصادي اسلامي وفي ذلك الوقت كانت المعارضة موجودة لكن ثامر لم يخرج بيانات».

 

وعن المعارضة بعد الاتفاقيات قال «كانت هناك لجنة التحرير والنشر التي ترأسها عبد المجيد بن جلون ورشح الرشيد ادريس نفسه وصوتنا أنا وثامر لعبد المجيد بن جلون وليس للرشيد ادريس فقال لنا ان ذلك خيانة لتونس وبعد الاجتماع ذهب الطيب سليم والرشيد ادريس لبورقيبة وقالا له هناك مؤامرة على زعامتك وبقي الاثنان خارج مكتب المغرب العربي لمدة طويلة ولما توفي ثامر وأراد المكتب تعيين الطيب سليم انسحبت أنا منه..  وفي عام 1955 أردت اقناع يوسف الرويسي بالعودة الى الساحة السياسية لكنه رفض».

 

وقال ان المعارضة لم تكن قائمة على خطة عمل واتضح أن صالح بن يوسف كان يعتقد أن بورقيبة خانه أي أن المسالة أصبحت شخصية وتزاحمه على الزعامة والقيادة وانتهى دوري في المعارضة.

 

وعن سبب الانتقال السريع من اليوسفية الى البورقيبية بين أن الرشيد ادريس والباهي لدغم كانا معارضان للاتفاقيات لكن بورقيبة أعطى مبلغا كبيرا من المال للرشيد ادريس وأكرم الباهي الأدغم فغيرا موقفهما من بورقيبة.

 

وبين أن مؤتمر المغرب العربي اتخذ قرارات سرية وأخرى أذاعها ومنها عدم الاعتراف بالحمايتين التونسية والجزائرية وكانت القرارات السرية تتمثل في التهيئة للثورة المسلحة لأننا كنا نؤمن أنه اذا لم تحصل الجزائر على استقلالها فان تونس لن تستقل.

 

ويقول الحبيب نويرة: «ان حسين التريكي كان يمد المقاومة بالديناميت وهرب مع الألمان ولما ذهب بورقيبة الى القاهرة عام 1945 اتصل به فرجع للقاهرة وعرفته آنذاك وكان بيته مفتوحا للجميع وكانت زوجته تكرم الضيوف من مقاومين وطلبة».

 

ويضيف «أرى أن الخلاف بين بورقيبة وبن يوسف كان خلافا شخصيا وليس مبدئيا.. وكان بورقيبة يقول انه لا يمكن أن يكون مع صالح بن يوسف في حزب واحد . وكان بامكان صالح بن يوسف أن يبعث حزبا ثان ويحقق به التوازن».

 

زيجة سياسية

 

تساءل المؤرخ أحمد الجدي عن شبكة الزعماء الذين ارتبط بهم حسين التريكي وعن وسيلة بورقيبة قبل الاستقلال وبعده و«هل كان هناك غرض سياسي من هذه الزيجة؟».. 

 

وتساءل الدكتور عبد الجليل التميمي ان كانت للتريكي مراسلات لها صبغة تاريخية فأجابه بأنه لديه الكثير منها.. وذكر أنه كان يكتب مذكراته ولكنه فوت في ما كتبه لـ: «الدّارة السعودية» وحصل مقابلها على مال ارتزق به لكن تم الاتفاق مع «الدارة» حديثا على منحه نسخا من تلك المخطوطات وتركيز جناح في «الدارة» حول كتابات التريكي.

 

ولاحظ الدكتور التميمي أن حسين التريكي يعيش وضعا ماليا صعبا ويجب أن يعاد له الاعتبار.

 

يقول الأستاذ الحبيب الهيلة ان بورقيبة عرف بن يوسف وفي عام 1945 حاول بن يوسف أن يقوم بانقلاب عميق للحزب على بورقيبة لكن بورقيبة كان ذكيا وعاد بسرعة لينقذ الموقف.. وبين أن المعارضة في البداية كانت معارضة شريفة فقد تعلقت بالاتفاقيات.. وبعد الحصول على الاستقلال كان يجب أن تنتهي الخلافات لكن تم تضخيم الأمر وأصبحت تسمى باليوسفية والمؤامرة اليوسفية وتساءل هل كان ممكنا أن يكون زعيمان يعملان في الدولة بورقيبة وبن يوسف معا.

وذكر التريكي أن بورقيبة كان مصابا بمرض «تضخم الأنا» وأن المحيطين ببورقيبة نموا فيه هذا التضخم ولم تكن لهم شجاعة كشجاعة الدكتور ثامر لمواجهته فبعد القائه خطابا حول افطار شهر رمضان وسأل وزراءه عن رأيهم في ما قاله فأجابوه بما جاد به القاموس من عبارات الاطراء.. ولما سأل جلولي فارس عن المحتوى قال له ان الخطاب «لم يعجبني» وبعد مرور ثلاثة أيام أقيل جلولي فارس من منصبه.

 

واستفسر المؤرخ خالد عبيد ان كان صالح بن يوسف قد دعا لتصفية بورقيبة وهل كانت هناك اشاعات حول تصفية بورقيبة من ليبيا وفي صورة لو تمت هذه المحاولة فهل تمت بايعاز من صالح بن يوسف أم أنها فكرة عبد العزيز شوشان. فأجاب انه لم يكن يعلم أن هناك مخططا لاغتيال بورقيبة..

 

تغطية: سعيدة بوهلال

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 18 أفريل 2006)


 

الغارة العالمية المنظمة علي العالم الإسلامي

د. عبدالوهاب الافندي (*)

 

في مطلع التسعينات اعترضت وزارة الخارجية البريطانية علي مطالب تقدم بها عدد من نواب البرلمان البريطاني وبعض الجمعيات الطوعية لاتخاذ إجراءات عقابية ضد السودان عبر مجلس الأمن. وكان رد الوزير المسؤول علي من تقدم بهذه المطالب وقتها أن مجلس الأمن قد فرض خلال فترة وجيزة عقوبات ضد العراق وليبيا، وإن اتخاذ خطوة مماثلة في حق دولة عربية مسلمة ثالثة قد يعطي الانطباع بأن الغرب يشن حملة مبرمجة ضد العرب والمسلمين.

 

هذا التمنع البريطاني لم يطل كثيراً، حيث قام مجلس الأمن في عام 1996 بفرض عقوبات ضد السودان علي خلفية عملية محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا في العام الذي سبق. وكانت الولايات المتحدة قد سبقت بإضافة السودان إلي قائمة الدول الداعمة للإرهاب (وهي في معظمها دول إسلامية) في عام 1994. وقد تطورت الأمور سريعاً بعد ذلك، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001، حيث لم تعد الدول الغربية تلقي بالاً لمثل هذه الاعتبارات. فقد بادرت الولايات المتحدة بغزو أفغانستان في تشرين الاول (أكتوبر) من عام 2001، بدعم دولي قوي، ثم أعقبت ذلك بغزو العراق عام 2003 بدعم دولي أقل. وهي مشغولة هذه الأيام بإجراءات تستهدف إيران والسودان وسورية، إضافة إلي قيامها وحلفائها الغربيين بفرض عقوبات ضد الفلسطينيين.

 

يأتي هذا في وقت كثر الحديث فيه عن الإرهاب كأخطر تهديد يواجه الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً، وكثر فيه أيضاً الربط بين الإسلام والإرهاب. وقد كثر أيضاً الجدل حول بواعث الإرهاب ومبرراته، وكان هناك ترجيح لكون بواعث الإرهاب ترتبط بغضب المسلمين من السياسات الغربية، وخاصة السياسات الظالمة تجاه الفلسطينيين. وقد قبلت الإدارة الأمريكية جزئياً بهذا المنطق حين قررت علي أعلي المستويات إطلاق حملات لكسب عقول وقلوب المسلمين وخطب ودهم كجزء من حملتها لمكافحة الإرهاب.

 

ولعله من الطريف أن وزير الخارجية البريطاني الأسبق دوغلاس هيرد، الذي دار في عهده الجدل الذي أشرنا إليه أعلاه حول العقوبات علي السودان، كان أيضاً ممن قلل من عواقب السياسات الغربية الجائرة ضد المسلمين. وفي تصريح له مشهور عقب حرب تحرير الكويت ذكر هيرد من كانوا هددوا بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا وطئت أقدام القوات الأجنبية أرض الحرمين الشريفين وشنت منها الحرب علي العراق، ذكرهم بأن القوات وصلت وأقامت في الجزيرة العربية، وشنت الحرب علي العراق، ولم يحدث شيء مما خوف منه الناس، سواءً أكان ذلك مظاهر احتجاج شعبي أو إسقاط أنظمة صديقة أو ما إلي ذلك. ولكنني استمعت إلي نفس السيد هيرد وهو يعقب علي خطاب ألقاه رئيس الوزراء الحالي توني بلير، ويسفه مقولة بلير بألا علاقة لما تعرضت له بريطانيا من أعمال إرهابية وسياسة حكومة بلير المؤيدة لغزو العراق والمساهمة النشطة فيه. ولا أدري إن كانت مقولة هيرد تعبيرا عن صحوة ضمير وإدراكا لما كان لا يعترف به في السابق، أم مجرد كيد سياسي ضد حكومة حزب مناوئ.

 

مهما يكن فإن التحركات الغربية الحالية تعطي الانطباع الذي كان هيرد يتخوف منه حول حملة منظمة تستهدف العالم الإسلامي، وأهم من ذلك فإن من يتولون كيد هذه الحملات لم يعودوا يحفلون بهذا الأمر أو يتخوفون منه. فلو كان هناك أدني اهتمام بمشاعر الأمة الإسلامية، أو بأي اعتبارات إنسانية، لكان في مضاعفة الحصار علي الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال أمر يحاذر منه كل عاقل. وفي الحديث أن إمرأة دخلت النار لأنها حبست قطة فجوعتها حتي الموت. وإذا كان في تجويع القطة الواحدة ما يورد مورد التهلكة، فما بالك بتجويع شعب بكامله كما حدث في العراق من قبل، ويحدث في فلسطين اليوم، وينتظر أن يحدث في إيران قريباً؟

 

هذا الاستهداف يذكر بأسوأ عهود الاستعمار، حيث تكالبت الدول علي العالم الإسلامي، واستباحت حماة، حيث دخلت العلاقة بين الطرفين الآن في حلقة مفرغة، تقوم علي الإخضاع والابتزاز، ثم الاعتبار رفض الخضوع جريمة تستحق العقوبة. فالفلسطينيون مطالبون اليوم بإعطاء المشروعية لسلب حقوقهم، وإذا رفضوا اعتبروا مارقين. وبالمثل فإن تملك التقنيات التي تسهل الدفاع عن النفس ضد الغزو، أو مجرد شبهة تملكها، تعتبر جريمة يعاقب صاحبها، وهو تعبير آخر عن عدم الثقة في المسلمين. بل ان كثيرا من المسلمين والعرب استبطنوا هذه المواقف التي تضعهم في مكانة من تجب الوصاية عليه كونه دون مستوي بقية البشر. فالاعتراض علي غزو العراق استند علي حجة أن الدعوي بتملك أسلحة دمار شامل كانت كذبة، كأنه لو صح تملك العراق لهذه الأسلحة أو أي أسلحة أخري، وهو حق مشروع لكل دولة ذات سيادة، وعلي أساسه تم اختيار الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، فإن هذا يبرر الغزو. وبالمثل فإن إيران تحتج اليوم بأنها لا تريد تملك أسلحة نووية، كأن امتلاك هذه الأسلحة جريمة. في حين أن الجريمة الحقيقية هي عجز هذه الدول عن الدفاع عن نفسها ضد الهيمنة والغطرسة، وقابليتها للابتزاز والاستعمار.

 

لماذا إذن كل هذا التجرؤ علي اضطهاد المسلمين والاستخفاف بمشاعرهم، وعدم مراعاة الاعتبارات الإنسانية في التعامل مع قضاياهم؟ والإجابة بسيطة، وهي أن المسلمين هم أول من ينكر إنسانيته ولا يضع لها اعتباراً. حصار العراق مثلاً كان مطلباً عربياً إسلامياً قبل أن يكون مطلباً أمريكياً غربياً. وحصار العراق ما كان يمكن أن يتم وكل الدول المجاورة له دول مسلمة بدون تواطؤ كامل من هذه الدول، وبالمثل الحصار ضد ليبيا في السابق وسورية وفلسطين اليوم وإيران والسودان وغيرها غداً. بل إنه كان هناك كثير من العراقيين، إن لم تكن هناك أكثرية، تؤيد حصار العراق وتجويع أهله وتجد له المبررات. وبالمثل فإن الحصار العسكري علي العراق وقصفه ثم غزوه فيما بعد تم بمباركة عربية ودعم عربي إسلامي، وعبر أراض وأجواء عربية. بل إن إيران التي تشكو اليوم من استهداف غربي محتمل لا تجد غضاضة في التفاوض مع الأمريكيين حول أفضل السبل لتثبيت احتلالهم للعراق وجني ثمار ذلك الاحتلال. يمكن إذن أن يقال ببساطة ان الأمة الإسلامية هي التي تحاصر نفسها عبر وكلاء أجانب.

 

هناك من يقول ان المسؤول عن كل هذا هم الحكام المستبدون. فكل الدول التي واجهت الحصار أو الغزو أو وضعت علي لائحة من يدعم الإرهاب (العراق، السودان، ليبيا، سورية) هي دول تحكمها أنظمة غير ديمقراطية ارتكبت الكبائر في حق شعوبها قبل أن تستهدف مصالح الغرب. بل إن زعماء هذه الدول صرحوا بالقول والفعل عن استعدادهم لخدمة مصالح الأجنبي والتخلي عن كل مالا يرضي عنه (من برامج تسلح أو دعم لثورات وغير ذلك) مقابل أن يرضي عنهم السادة الأجانب ويتركوهم ليمارسوا استبدادهم في حق شعوبهم. ولا شك أن هذا اتهام صحيح في مجمله. ففي أضعف الإيمان فإن هذه الأنظمة هي التي بررت للاستهداف الأجنبي ووفرت له الذرائع بممارساتها المخجلة في حق شعوبها. ولكن يبقي عجز هذه الشعوب عن اقتلاع هذه الأنظمة في حد ذاته مدعاة للتأمل.

 

صحيح أن هذه الأنظمة أنظمة قهر واستبداد، يستبد بأمرها حاكم فرد أوحد، وهي تقمع الرأي الآخر وتحظر الأحزاب وتحجم مؤسسات المجتمع المدني ولا تسمح بأي نشاط لا ترضي عنه في أي مجال، حتي في مجال الاقتصاد. ولكن هذا الحاكم الفرد يكون في غالب الأمر قابع في قصره، بعيد عن الناس. والذي يمارس القمع فعلاً علي الأرض، ومن يبرر له وينظر له ويزينه، هم الآلاف من الجلاوزة، والإداريين والقضاة والمحامين والصحافيين والجامعيين والكتاب والعلماء ورجال الدين وكوادر أخري لا حصر لها. وكل واحد من هؤلاء يؤدي دوره المرسوم الذي لا تكتمل الحلقة إلا به بهمة ونشاط، وبالطبع كل له مبرراته من وجهة نظره.

 

الساسة الغربيون إذن لهم أيضاً مبرراتهم، فهذه أمة ميتة استهدافها مبرر ومشروع كما كان استعمارها في الماضي جائزاً ومطلوباً. ولا لوم علي إنسان وجد صيداً فاصطاده، بل يكون اللوم عليه لو لم يفعل.

(*) كاتب وأكاديمي سوداني، بريطانيا

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 18 أفريل 2006)


القيصر وجنرالاته

الياس خوري (*)

 

للهزيمة طعم واحد اسمه المرارة. لكن امريكا لم تنهزم في العراق، بل تشرشحت. العراق المتأمرك لا يستطيع ان يقدم هزيمة مشرفة للغزاة، انه يغرقهم في البهدلة، ويشرشح لغتهم، ويقترح عليهم المزيد من الهوان.

وهذا ما لم يخطر في بال منظري الغزو، من المحافظين الجدد الذين اعتقدوا انهم يستعيدون المهمات التمدينية الكولونيالية، من دون دفع ثمنها. كما لم يخطر في بال الكتبة العرب من امثال السيدين كنعان مكية وفؤاد عجمي. الأول رقص طربا علي ايقاع القصف، والثاني انتشي بديمقراطية الدبابات واليورانيوم المنضد، والي آخر قائمة ايتام المستشرقين، الذين توالدوا كالفطر علي هوامش الثقافة العربية، وساهموا في جرنا الي عصر الظلمات الانحطاطي هذا.

آخر علامات البهدلة جاءت من مجموعة الجنرالات الأمريكيين المتقاعدين الذين بدأوا حملة اعلامية لا سابق لها ضد وزير الدفاع دونالد رامسفيلد.

الحملة التي بدأها الجنرال بول ايتون الذي اشرف علي تدريب القوات العراقية حتي عام 2004، في مقال نشرته جريدة نيويورك تايمز بتاريخ 19/3/2006، وانضم اليها الجنرالات انطوني زيني وجون باتيست وتشارلز سواناك وجون ريغز، لها وجهان: ظاهرها يطالب باستقالة رامسفيلد بسبب غطرسته واخطائه وتفرده. اما باطنها فيستهدف الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني، عبر الدعوة الي اعادة النظر في المغامرة العراقية الحمقاء برمتها، وتحميل الثلاثي بوش وتشيني ورامسفيلد مسؤولية فشل الغزو وانهيار مسلماته الفكرية والسياسية.

بدأ تمرد الجنرالات علي القيصر.

صحيح انهم متقاعدون، وصحيح ايضا ان البنتاغون بدأ حملة مضادة ونجح في اقناع جنرالات آخرين بالدفاع عن رامسفيلد. غير ان ما يشهده الاعلام الأمريكي من تجاذب يشير الي بداية تمرد سببه الفشل، وعنوانه عجز الامبراطورية عن ادارة العالم الذي ولد بعد انهيار جدار برلين.

عنوان العالم الجديد كان الحرب في بلاد العرب، من حرب عاصفة الصحراء ، الي الغزو. ومن سحق الانتفاضة الفلسطينية الثانية الي دعم الجدار العنصري. كأن العالم العربي، اي النفط واسرائيل كانا ارض المناورة العسكرية التي اعتقدها الأمريكيون سهلة وغير مكلفة من اجل ارهاب حلفائهم واصدقائهم، واعلان انفسهم الوريث الوحيد لروما.

كانت لعبة الكذب والمراوغة مكشوفة، لكن القوة تستطيع ان تغطي كلّ شيء وان تشرعن ما لا شرعية له. هكذا اعتقد امراء الظلام في الادارة الأمريكية. غزو العراق لم يكن سوي اعلان جبروت القوة، ولم يكن علي المستوي الاستراتيجي سوي خدمة مجانية لاسرائيل، التي تريد ضرب اي قوة عربية، حتي ولو كانت مشلولة كحال العراق بعد اعوام الحصار الطويلة.

والنتيجة صارخة. الديمقراطية الموعودة صارت حربا اهلية، والفيدرالية صارت مشروع تقسيم، والهجوم الأمريكي صار قوة استطلاع لتمدد النفوذ الايراني الي العراق ومنه الي المنطقة بأسرها. والخوف الاسرائيلي من قوة عراقية قام الحصار باخصائها، تحول الي تهديد نووي ايراني بدأ يصير حقيقيا.

اما حكاية الحرب علي الارهاب فتحولت صدفة فارغة. القاعدة صارت في العراق، وابن لادن لا يزال طليقا، والحمّي الدينية تجتاح العالم بأسره.

صدق الامريكيون كذبة حرب الحضارات وحولوها الي حقيقة. اي انهم فتحوا ابواب الجحيم التي لا يعلم احد كيف يمكن اقفالها من جديد.

امريكا تخوض حرب الحضارات وحدها، كي تغطي بها شهوتها الي الهيمنة المطلقة علي العالم من خلال الهيمنة علي نفط العرب.

والسؤال هو لماذا كانت الحرب علي العراق؟

هل يستطيع الحمق ان يقود سياسة الدولة العظمي الوحيدة في العالم؟

واذا كان الحمق احتمالا فكيف يمكن مواجهته؟ ام علينا ان ننتظر تفكك الآلة العسكرية من الداخل وشعورها بالخسران والهوان، كي يستعيد المنطق قدرته علي لجم الجنون؟

اغلب الظن ان الانحطاط العربي، وانهيار مشروع الدولة الوطنية القومية، بسبب الديكتاتورية والفساد، اغري الأمريكيين بركوب هذه الموجة.

مسؤولية الانحطاط العربي، والغيبوبة التي تعيشها السياسة العربية الواقعة بين كماشة العسكريتاريا المنحطة من جهة، والأنظمة الاوليغارشية الظلامية من جهة ثانية، لا تقل عن مسؤولية صقور المحافطين الجدد في صنع هذه الهاوية التي يعيشها العالم العربي اليوم. لقد اختنق العرب واعيدوا الي زمن القبائل والطوائف، بسبب هذه الكماشة القاتلة. عسكريتاريا لا تقاتل الا شعوبها او تخوض حروبا خطئة وعقيمة كالحرب الايرانية ـ العراقية او غزو الكويت، وانظمة متكلسة تعوم فوق النفط وتشربه سما ووبالا.

المقاومة التي ترهق الأمريكيين في العراق لا اسم لها، ولا تستند الي وفاق وطني سياسي، ومع ذلك، يجد الجيش الأمريكي نفسه امام جدار مسدود. كيف كانت الأمور لو ان العراقيين كانوا موحدين سياسيا؟ هل كان الغزو ممكنا؟

لا نستطيع ان نتنبأ كيف ستخرج امريكا من الدم والوحل في العراق، لكن اغلب الظن انهم سيهربون في النهاية، تاركين للعراقيين هذا الحطام السياسي والانساني الذي لا يمكن الخروج منه الا عبر تجديد الفكرة العربية، عبر بناء الدولة علي اسس وطنية لا طائفية.

القيصر في بيته الأبيض يواجه جنرالاته السابقين. القيصر في المأزق وهو يعلم ان عليه في النهاية ان يدفع ثمن الفشل.

ام مماليك الانحطاط العربي، فانهم يسعون للتأقلم مع الكارثة العراقية، لأنهم جزء منها.

(*) كاتب لبناني

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 18 أفريل 2006)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.