الاثنين، 16 أبريل 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2519 du 16.04.2007
 archives : www.tunisnews.net


النقابة الأساسية لأساتذة التعليم العالي كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة: لائحة

“الشروق اليومي”:تحسبا لتسلل انتحاريين إلى تونس:حالة استنفار قصوى على الحدود التونسية – الجزائري

إسلام أونلاين : تونس.. استنفار أمني ومداهمات بعد تفجيرات الجزائر

صحيفة “الموقف”: مربيات محرومات من حق الإضراب

الموقف: إعلانات استبدادية

الموقف: الديمقراطي التقدّمي يساند الإضراب

الصباح الأسبوعي: التفاصيل الكاملة لجريمة الروحية

الصباح الأسبوعي: خاص: الوزير الأول في منشور موجه للوزراء والولاة ورؤساء البلديات والمنشآت العمومية

مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات: زمن بورقيبة (1 + 3)

ام اسامة:لا يجوز الحديث مع الحامدي والصلح منه خيانة

جمال الدين أحمد الفرحاوي :ستلوح بارقة الضياء

صحيفة “الحياة”:مؤسس «الجماعة السلفية» يتبرأ من اعتداءات «القاعدة» … بوتفليقة يجول في العاصمة ويتمسك بخيار المصالحة

الحياة:اللجان الثورية تُنظم «عرض قوة» في طرابلس وبنغازي وتهدد «الحزبيين والتكفيريين والزنادقة» … القذافي يتوعد المعارضين لـ «نهج الثورة»

القدس العربي: مجلس الأمن الوطني في ليبيا يباشر مهامه للمرة الأولى

الجزيرة.نت: في الانتخابات العامة المقبلة:يسار المغرب يتحد لمواجهة الإسلاميين

القدس العربي: اعتقال مراسل قناة الحوار في القاهرة

موقع ميدل إيست أونلاين:الانترنت تعطي فضاء أرحب للدفاع عن قضايا حقوق الانسان:الانترنت وحقوق الإنسان في ورشة عمل في القاهرة

رويتر: كاتب مصري – بعض الادباء اليهود حذروا من مصير مأساوي للصهيونية

صبحي حديدي: بـوّابـات الـذاكــرة

د. عزام التميمي:من الذي يريد هكذا ديمقراطية؟


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


  النقابة الأساسية لأساتذة التعليم العالي كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة لائحــــــــة
 
نحن الأساتذة المجتمعين والمضربين عن العمل كامل يوم الخميس 05 أفريل 2007 استجابة للقرار الذي اتخذه المجلس القطاعي المنعقد يوم 24 مارس 2007 وبعد تداولنا في الأوضاع المتردية معنويًّا وماديًّا التي يشكو منها قطاع التعليم العالي وبعد وقوفنا على سياسة المماطلة وانعدام الجدية التي تنتهجها سلطة الإشراف مع ممثلينا الشرعيين.

1- نعبر عن ارتياحنا لنجاح الإضراب في كليتنا نجاحًا باهرًا واستعدادنا الكامل للقيام بكل التحركات التي تقترحها الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي دفاعًا عن مصالح القطاع 2- نطالب سلطة الإشراف بالدخول الفوري في مفاوضات جدية مع جامعتنا كما نطالبها بالإقلاع عن سياسة المماطلة وتمضية الوقت وهي القناعة التي انتهى إليها كل النقابيين الجامعيين بعد خمس جلسات لممثلينا مع الوزارة كانت أشبه بحوار الصمّ وأقرب إلى المناورة الإعلامية منها إلى المفاوضات الجدية والمسؤولة 3- نستغرب من الأساليب البالية والمتشنجة التي لجأت إليها سلطة الإشراف للتشكيك في شرعية تحركنا وعدالة مطالبنا من ذلك الإدعاء بأن إضرابنا اليوم ذو دوافع سياسية وأنّ الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من الجامعيين وأن المفاوضات جارية معها ومع نقابات أخرى إلى غيرها من المغالطات والأساليب المعلبة والمحنطة التي تستعمل ضدّ كل من يجرؤ على المطالبة بالحقوق الدنيا التي كفلها الدستور والقوانين الجاري بها العمل،هذه الأساليب التي خبرناها في الماضيين البعيد والقريب والتي لن تؤثر على عزمنا على مواصلة النضال بجميع أشكاله 4- نعبّر عن انشغالنا البالغ لما آلت إليه أوضاع الحريّات الأكاديمية في بلادنا، فقد تعددت التجاوزات وتنوعت رغم أنّ الحكومة التونسية قد صادقت على توصية باريس الصادرة سنة 1977 عن منظمة اليونسكو والتي تنصّ على حريّة النشاط الأكاديمي واستقلاله التام عن أي دور رقابي من المؤسسات الإداريّة والسياسية الرسمية، وننبه إلى خطورة أن يوضع الباحثون والأساتذة المتميزون تحت سلطة إداريين يقرّرون مصير البحث العلمي في كلياتنا ومعاهدنا العليا وفق مقاييس لا تمت إلى الحياة الأكاديمية بأي سبب 5- نحذر من مغبّة سياسة إفراغ الجامعة من كفاءاتها وإهدارها لأثمن خبراتها العلمية وذلك من خلال رفض مطالب التمديد لأساتذة أجلاء بذلوا أعمارهم خدمةً للجامعة التونسية وننبه إلى أن هذه السياسة هي في عمقها اغتيال صريح – بالمعني الرمزي للكلمة – لآباء الجامعة وصانعيها وكسر لسلسلة التلاقح والترابط بين الأجيال دون أي مبّرر غير منطق التشخيص السياسي وما يستتبعه من عقاب وتشفّ 6- نتساءل عن سبب تباطؤ الوزارة في الموافقة على تجديد مطالب المتعاقدين في قسم الانقليزية والتأخر في صرف رواتبهم ونشير إلى أن بعض الزملاء قد تلقوا إجابات بالرفض على مطالب تجديد عقودهم وهو ما ساهم في خلق حالات إجتماعية ونفسية صعبة ومتوترة أثرت سلبًا على سير العمل بالكلية 7- نستغرب عدم فتح خطط للترقية في كثير من أقسام الكلية ومطالبة الوزارة بأن تكون الخطط المقترحة من قبل المسؤولين عن الأقسام إسمية ونخشى أن يكون وراء هذا الإجراء رغبة في الإنتقام من بعض الوجوه النقابية 8- ندعو نقابات التعليم إلى مزيد من التضامن وإلى تنسيق تحركاتها دفاعًا عن مطالبها المشروعة وخدمة للمدرسة العمومية التي هي مسؤوليتنا جميعًا 9- نحيي قيادة الإتحاد لمساندتها لتحركنا وندعوها إلى تفعيل مقررات مؤتمر المنستير الأخيرة وخاصّة الدعوة إلى هيئة إدارية خاصة بالتعليم العالي. عــاش الإتحاد العــام الــتونسي للشغل حــرّا مستقــلاً ومناضــلاً عن الاجتماع النقابي الكاتب العام عبد السلام الككلي


   حزب الوحدة الشعبية  منتدى التقدم  اللائكية…اليوم

 
ينظم منتدى التقدم لحزب الوحدة الشعبية لقاء فكريا حول موضوع :  اللائكية … اليوم يستضيف فيه المناضل التقدمي والحقوقي السيد صالح الزغيدي،
 وذلك يوم الجمعة  20 أفريل 2007 على الساعة الخامسة مساء بمقر جريدة  الوحدة ( 7 نهج النمسا ـ تونس ). الدعوة إلى الحضور والمشاركة مفتوحة للجميع.           عن منتدى التقدم  عادل القادري

 

 

تحسبا لتسلل انتحاريين إلى تونس: حالة استنفار قصوى على الحدود التونسية – الجزائري

 
تعيش مصالح الأمن التونسية حالة توتر شديد، منذ اليومين الماضيين، اللذين شهدا عمليات انتحار بالدار البيضاء وبالعاصمة الجزائرية، حسب سواق الطاكسي والسواح الجزائريين الذين كانوا متواجدين بالتراب التونسي، حيث عاينوا تكثيف الحواجز الأمنية بتونس العاصمة مع التركيز على مراقبة وتفتيش السيارات الحاملة للوحات ترقيم جزائرية، بالرغم من أنها كانت عائدة إلى الجزائر. كما أفاد شهود عيان عن وصول تعزيزات أمنية إضافية إلى مراكز الحدود التونسية المتواجدة بولايات تبسة، الطارف وسوق اهراس، أين تم تشديد الرقابة على السيارات القادمة من التراب الجزائري، ويخشى سائقو الطاكسي العاملين على خطوط النقل البرية بين الولايات المذكورة وتونس من مضايقات محتملة، عقب تعزيز مراكز الحدود التونسية بعناصر أمنية تابعة لوزارة الداخلية التونسية وليس لشرطة الحدود. من جهة أخرى، عاين العديد من السواح الجزائريين، حركة غير عادية لمصالح الأمن التونسية على مستوى أهم المركبات السياحية الساحلية والداخلية، بظهور عناصر الأمن التونسية بأعداد كبيرة، خاصة وأن موسم السياحة الربيعي يشهد خلال هذه الأسابيع إقبالا كبيرا من طرف السواح الألمان والفرنسيين، وحتى الإسرائيليين الذين يتوجهون إلى جزيرة جربة، مكان تواجد “الغريبة” المعبد اليهودي الذي تعرض سنة 2003 إلى أول عملية إرهابية إنتحارية من تنفيذ مواطن تونسي، أقدم على تفجير نفسه في شاحنة صهريج كانت مشحونة بأكثر من 500 كلغ من المتفجرات، أدت إلى نسف شبه تام للمعبد اليهودي ومقتل حوالي 30 سائحا من جنسيات هولندية، فرنسية وبلجيكية. وتخشى السلطات التونسية حاليا، من وجود إتصالات بين الجماعات الإرهابية الناشطة في الجزائر والمغرب وعناصر أصولية تونسية، تم رصد تحركات البعض منها على شبكة الأنترنات، الأمر الذي دفع بمصالح الأمن التونسية إلى تشديد الرقابة على محلات الإنترنات، خاصة منها المتواجدة بالعاصمة التونسية والمدن السياحية ذات التواجد الأجنبي الكثيف مثل طبرقة، سوسة والحمامات. كما أقدمت مصالح الشرطة السرية التابعة لوزارة الداخلية التونسية خلال الأيام القليلة الماضية، على تكثيف المراقبة على العناصر الإسلامية المحسوبة على حزب “حركة النهضة” التونسي التابع لزعيمه الأول راشد الغنوشي، الذين إستفاد حوالي 70 عنصرا منهم من عفو رئاسي، أقره الرئيس زين العابدين بن علي تحت ضغط عدد من المنظمات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، التونسية والأجنبية. وهو ما اعتبرته بعض الأطراف في تونس تنازلا من السلطة التي فضلت لأسباب وحسابات تكتيكية تخفيف القبضة الحديدية على التيار الإسلامي في تونس تحسبا للإنتخابات الرئاسية المقبلة، التي رشح فيها الحزب الحاكم التجمع الدستوري الرئيس بن علي لعهدة رئاسية أخرى. وفي تبسة أكد مصدر أمني للشروق اليومي بأن الأيام الثلاثة الأخيرة شهدت حراسة مشددة عبر المراكز الحدودية الأربعة الموجودة في ولاية تبسة، وهي بوشبكة والمريج وراس العيون ببلدية الكويف وبتيتة ببئر العاتر.. وإذا كان ذات المصدر قد أكد أن تشديد الحراسة التي أصبحت استثنائية تفاديا لأي طارئ، خاصة بعد تفجيرات الدار البيضاء والجزائر قد شملت المنطقتين الحدوديتين “الجزائرية والتونسية على السواء”، إلا أنه أشار إلى أن جزائريين امتعضوا من مبالغة مراقبتهم وتفتيش سياراتهم في الأراضي التونسية، ما أدى إلى وقوع مناوشات بالرغم من أن مراكز الحدود التبسية لم تعد تشهد ذات الإقبال المسجل خلال السنوات الماضية، إذ لا يتجاوز عدد الجزائريين المسافرين إلى تونس الألفين خلال شهر واحد من المراكز الأربعة، بعد أن كان خمسة أضعاف هذا الرقم في السنوات الماضية، وهو مرشح لأن يسجل أضعف أرقامه خلال شهر أفريل الحالي، بفعل عمليات المراقبة الدقيقة التي تقلق السواح بالخصوص. وعلى النقيض من ذلك لم يسجل المسافرون عبر مركزي الطارف الحدوديين “العيون وأم الطبول أية ملاحظات واعتبروا الإجراءات بالعادية جدا”. (المصدر: صحيفة “الشروق اليومي” (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 14 أفريل 2007)

تونس.. استنفار أمني ومداهمات بعد تفجيرات الجزائر

 محمد الحمروني
 

تونس ـ تسود تونس حالة من الاستنفار الأمني بعد التفجيرات الأخيرة التي وقعت بالجزائر والمغرب، تمثلت في قيام قوات الأمن بمداهمات لبيوت عناصر تنتمي لحركة النهضة الإسلامية، واعتدائها على محام بسبب إدلائه بتصريح

لم يستبعد فيه تعرض تونس لتفجيرات انتحارية، بالإضافة إلى سعي السلطات لإغلاق مقر الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض.

ويقول مراسل “إسلام أون لاين.نت”: “إن بعض وسائل الإعلام التونسية تحدثت عن قيام الأمن التونسي بغارات ليلية، في الثانية والنصف من فجر الخميس 12-4-2007 على كثير من بيوت المواطنين الذين سبق أن حوكموا على خلفية الانتماء لحركة النهضة الإسلامية المحظورة قانونًا في بداية التسعينيات“.

وأرجعت وسائل الإعلام هدف هذه الغارات إلى حرص القوات الأمنية التونسية لـ”الاطمئنان على وجود تلك العناصر (عناصر النهضة) في منازلها في ذلك الوقت، والتأكد من عدم إيوائهم غرباء أو مطلوبين للعدالة“.

وعلّق زياد الدولاتلي القيادي بحركة النهضة على ممارسات الأمن التونسي بحق المنتمين لحركته بالقول: “إنه تعبير جديد على إصرار السلطة على الخيار الأمني واستبعادها كل حلول أخرى للأزمات العالقة التي تعيشها البلاد، وعلى رأسها قضية الحركة التي تدخل الآن عامها السابع عشر“.

وأكد الدولاتلي في تصريح خاص لـ”إسلام أون لاين.نت” على أن “النهضة أدانت ولا تزال كل أشكال العنف، مهما كان مصدرها، وأن أيًّا من أبنائها لم يلجأ -ولو بشكل فردي- إلى انتهاج هذا الأسلوب في أحلك الظروف التي مرت بها الحركة خلال ما بات يعرف بسنوات الجمر؛ لذلك فإن القيام بغارات بوليسية ليلية على منازل أبناء النهضة الآمنين في بيوتهم وترويع عائلاتهم وأطفالهم غير مبرر وغير مقبول، بل مدان بأقسى العبارات الممكنة“.

وهز انفجاران قويان وسط العاصمة الجزائرية الأربعاء 11-4-2007 استهدف أحدهما مبنى الحكومة الجزائرية، والثاني مركزًا للشرطة، وأسفرا عنهما مقتل 33 شخصًا وإصابة أكثر من 222، وذلك بعد يوم من مقتل 4 مفجرين في المغرب خلال مطاردة قوات الأمن لهم الثلاثاء 10-4-2007 بحي الفدا في مدينة الدار البيضاء، لصلتهم بتفجير انتحاري وقع في المدينة قبل نحو شهر. ويوم السبت 14-4-2007 فجّر انتحاريان أنفسهما أمام المركز الثقافي الأمريكي في الدار البيضاء بعد فشلهما في الدخول إلى المبنى.

محام يتعرض للضرب

وفي سياق الاستنفار الأمني الذي تشهده تونس تعرض المحامي التونسي عبد الرءوف العيادي السبت 14-4-2007 للاعتداء عليه بالضرب من قبل رجال أمن يرتدون الزي المدني والرسمي، عندما كان في طريقه لحضور محاكمة مجموعة من الشبان المحالين للقضاء بموجب قانون الإرهاب.

ويقول مراسلنا: “إن الاعتداء على العيادي تم في قصر العدالة بتونس العاصمة، وأمام عدد من كبير من المحامين والناشطين الحقوقيين من بينهم عميد المحامين عبد الستار بن موسى ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الأستاذ مختار الطريفي“.

وكرد فعل على الاعتداء طلب بن موسى الانسحاب من المحاكمة، فيما وقّع 18 من المحامين الذين حضروا الواقعة على عريضة تندد بالاعتداء على زميلهم وطالبوا بفتح تحقيق لمعرفة خلفيات ما جرى.

وعزا العيادي سبب الاعتداء عليه إلى “تصريح صحفي أدلى به لمراسل (إسلام أون لاين.نت) بتونس بعد التفجيرات التي هزت الدار البيضاء المغربية والعاصمة الجزائرية اعتبر فيه أن تونس ليست في مأمن من مثل تلك العمليات، خاصة في ضوء الاعتقالات الواسعة التي شنّتها السلطة في صفوف التيارات الإسلامية بعد الاشتباكات المسلحة التي وقعت في الضاحية الجنوبية للعاصمة في نهاية العام الماضي“.

ويعكس رد الفعل غير المسبوق من جانب الأجهزة الأمنية على تصريح العيادي درجة قلقها من انتقال عدوى تفجيرات المغرب والجزائر إلى تونس.

معركة المقرات

من جهة أخرى أعلنت الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي (معارض – معترف به) مية الجريبي والأمين العام السابق ومدير جريدة “الموقف” الناطقة باسم الحزب الأستاذ أحمد نجيب الشابي عزمهما عقد مؤتمر صحفي مشترك الثلاثاء 17-4-2007؛ للتحدث بخصوص التهديدات المتواصلة بإخراجهما من المقر المركزي للحزب والجريدة في العاصمة تونس والذي يستأجرانه منذ 13 عامًا.

 

وقال الشابي في تصريح لـ”إسلام أون لاين.نت”: “إن الهدف من المؤتمر الصحفي إطلاع الرأي العام على الضغوط التي نتعرض لها كجريدة وكحزب، رغم الصفة القانونية التي نتمتع بها منذ سنوات، والإعلان عن جملة من التحركات الاحتجاجية التي ننوي خوضها وما زال النقاش جاريا بشأنها داخل الحزب“.

 

وشدّد على أن السلطة “تمارس سياسة (تفكيك) المقار بطريقة منهجية في مختلف أنحاء البلاد، وليس أدل على ذلك من وجود 8 مقار للحزب إما مغلقة، أو أن أنشطتها معطلة بدواع قضائية أو إدارية مختلفة“.

 

وعلم مراسلنا من مصادر مطلعة داخل الحزب أن أهم المقترحات التي تمت مناقشتها “تراوحت بين الاعتصام لفترة محدودة داخل مقرات الحزب، أو دخول الأمينة العامة للحزب ومدير الجريدة وأعضاء آخرين من المكتب السياسي واللجنة المركزية في إضراب لانهائي عن الطعام“.

 
(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (القاهرة – الدوحة) بتاريخ 16 أفريل 2007)


مربيات محرومات من حق الإضراب

عبد الجبار الرقيقي بمناسبة إعلان قطاعات التربية عن عزمها تنفيذ إضراب 11 أفريل 2007دفاعا عن مطالبها المشروعة تحركت آلة الحزب الحاكم تدعمها أجهزة الدولة و الإدارة في حملة شرسة من التشويه و التخوين و الترهيب و التهديد أقنعتنا بأن الحكم لم يفارق خطابا أفلس منذ عقود و لم يعد ينتج سوى النفور والاستهزاء كما ازداد اقتناعنا بأن السلطة غير مستعدة بالمرة للقبول بممارسة الحقوق والحريات حتى في أدنى مظاهرها . كل هذا لم يعد خافيا إلا أننا نود أن نسلط الضوء قليلا على معضلة يعاني منها عدد لا يستهان به من المربيات اللاتي شاءت أقدارهن أن يتزوجن إطارات في الجيش أو الأمن أو الإدارات العمومية , هؤلاء المربيات يتعرضن إلى ضغوطات شديدة جدا من أجل إثنائهن عن المشاركة في تحركات القطاع الذي ينتمين إليه , وتكون الضغوطات غير مباشرة و تتمثل في توصيات و أوامر و تنبيهات و تلميحات يتقبلها الأزواج من رؤسائهم و هم ينقلونها إلى زوجاتهم , وكثيرا ما تنجح هذه المساعي في حرمان عدد من المربيات من ممارسة حقهن المشروع في الإضراب خوفا مما قد يتهدد أزواجهن من مساءلة أو محاسبة و حرمان من الترقية أو النقلة أو غير ذلك من الإجراءات ـ التأديبية ـ غير المنصوص عليها في القانون . و هذا السلوك يمثل تدخلا غير مقبول من أجهزة يفترض حيادها وضمانها لممارسة الحقوق لكل التونسيين والتونسيات كما يضعف قدرة قطاعات حية على الدفاع عن حقوقها المشروعة بالطرق الشرعية و يضع عددا من المربيات في المدارس و المعاهد في وضع محرج أمام زملائهن كما يثبت نظرة دونية للمرأة تعتبرها ملحقة و تابعة لزوجها تبعية مطلقة و تنفي عن المرأة استقلال كيانها و حرية إرادتها في ممارسة حقوقها بما في ذلك حق الإضراب. فالإضراب على حد علمنا لا يشكل أي تهديد لسيادة البلاد أو أمنها حتى تمنع منه المربيات زوجات الإطارات العسكرية و الأمنية و الإدارية . و لكن الكثيرات من هؤلاء المربيات اخترن التمسك بحريتهن و مارسن حقهن غير مكترثات بمحاولات إثنائهن . (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 401 بتاريخ 13 أفريل 2007)

إعلانات استبدادية
 
عبد الجبار الرقيقي للكراء : محلات و شقق بمختلف مدن الجمهورية . صالحة للسكن أو لأنشطة أخرى باستثناء مقرات للحزب الديمقراطي التقدمي أو فروع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أو مكاتب لجريدة الموقف شريك في مشروع :نبحث عن شريك في مشروع اقتصادي مربح . لا نطلب منه مساهمة في رأس المال و لا المساهمة بتجهيزات و لا نشترط فيه أية كفاءة سوى أن يكون ذا نفوذ كاف لدى الجهات المتصلة بمشروعنا حتى يضمن له الاستمرار ويحميه من شر العيون . انتداب صحفي: مؤسسة إعلامية وطنية تنتدب خريج معهد الصحافة و علوم الأخبار في اختصاص التمجيد و يستحسن أن يكون قد أجرى تربصا في اختصاص تكميلي يتعلق بالتشويه و قلب الحقائق مطلوب مهندس إعلامية : مؤسسة تونسية عمومية تجري اختبارا لانتداب مهندسي إعلامية من المتخرجين بامتياز المتخصصين في برمجيات الأمن المعلوماتي و تقنيات مراقبة المواقع و حجبها خاصة مواقع المعارضة و الجمعيات المستقلة انتداب عمدة: لا شروط بالنسبة للمستوى التعليمي حدة النظر 10 من 10 دقة السمع الاستيقاظ قبل الجميع و النوم بعد الجميع الولاء للجهة المعروفة مطلوب مقدم نشرة جوية : مؤسسة إعلامية وطنية تجري اختبارا لانتداب مقدم للنشرة الجوية يلطف الأجواء و يطمئن المشاهدين و يقنعهم بأن الغيث النافع من إنجازات عهد التغيير . بيع أثاث مستعمل: تباع غدا بالمزاد العلني كمية هامة من أثاث السجن المدني 9 أفريل و يستحسن أن يكون المشاركون في المزاد من أحباء التحف القديمة جدا أو من الباحثين في تاريخ الحريات بتونس المعاصرة أو مهندسي ديكورات أشرطة الرعب . انتداب معينة منزلية: نبحث عن فتاة لا تتجاوز الخامسة والعشرين , جميلة ,بشوش, مرحة ومقبلة على الحياة بقوة , نعدها بتوفير المأكل والمسكن و لا نشترط فيها أية مؤهلات .سيكون لها مرتب قار مع مكافآت تناسب استعدادتها. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 401 بتاريخ 13 أفريل 2007)

أخبار قصيرة من الموقف

 
شفاء عاجل خضعت السيّدة سنية فارح زوجة الأخ الشاذلي فارح عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدّمي الثلاثاء الماضي الى عمليّة جراحيّة دقيقة بمستشفى شارل نيكول كُلّلت بالنجاح. نتمنّى لها الشفاء العاجل والعودة السريعة الى سالف نشاطها واشعاعها. اقصاء الكفاءات رفضت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التمديد للأستاذيْن الجامعيَين المفكّريْن هشام جعيّط وأبو يعرب المرزوقي بعد بلوغهما سنّ التقاعد، وتساءل البعض عن المقاييس التي تعتمدها الوزارة والتي تنتهي بإقصاء كفاءاتنا العلميّة المشهود لها عالميًا بينما تمدّد لغيرها. ومعلوم ان رئيس جامعة قرطاج كان وجّه مؤخّرًا منشورا الى العمداء حثّهم فيه على الاستعانة بمتقاعدين فرنسيين. محاضرة يُلقي الدكتور محمّد صالح الهرماسي محاضرة في “منتدى الجاحظ” حول ” العرب وتحدّيات المستقبل”، وذلك يوم الجمعة 13 أفريل 2007 على الساعة 18. ملتقى علمي تنظّم وحدة البحث “السياسات الإجتماعيّة” بكلّية الحقوق والعلوم السياسيّة بتونس ملتقى علميًا تحت عنوان “التغطية الإجتماعية في أسئلة” وذلك يومي 12 و13 أفريل الجاري بالمركّب الجامعي بالعاصمة. ندوة دولية تنظّم وحدة البحث “حوار الثقافات” بكلّية العلوم الإنسانيّة والإجتماعيّة (9 أفريل) بتونس ندوتها الدوليّة الثانية التي ستتناول بالبحث هذه السنة “صورة الآخر في الثقافة العربية الإسلامية” وذلك من 12 الى 14 أفريل الجاري. اعتصام عادت مجموعة من عمّال بلدية أمّ العرايس للإعتصام أمام المستودع البلدي احتجاجًا على اخلال البلدية بوعودها بترسيم البعض منهم كخطوة أولى. وكان العمال دخلوا في اعتصام سابق احتجاجا على تواصل تجاهل مطالبهم بالترسيم. إضراب جوع تجمّعي دخل المواطن يحيى بن عمر المنتمي الى الشعبة الترابية بأمّ العرايس في اضراب عن الطعام بمقرّ التجمّع الدستوري بالمدينة احتجاجا على سوء أوضاعه الاجتماعية. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 401 بتاريخ 13 أفريل 2007)

الديمقراطي التقدّمي يساند الإضراب

 
أعلنت النقابات العامة لقطاع التعليم الدخول في إضرابات متزامنة، دفاعا على مستوى عيش المربين وتحسين مقدرتهم الشرائية التي شهدت تدهورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، واحتجاجا على الإخلال بالاتفاقات المبرمة وعدم جدية وزارتي الإشراف في التفاوض، ورفضها تشريك الإطار التربوي ونقاباته في تحديد الخيارات المستقبلية للمدرسة التونسية، وعلى ما اتسمت به الإصلاحات المنجزة من فوقية وارتجالية. إنّ الحزب الديمقراطي التقدّمي الذي يولي ملف التعليم أهمية مركزية ضمن مشاغله ويتابع بانتباه التطوّرات الأخيرة في قطاع التعليم والتربية وما اتخذته نقاباته من قرارات ومبادرات: 1ـ يعلن مساندته الكاملة لنقابات القطاع التربوي في تحرّكهم وتأييده الحازم لمطالبهم المشروعة ويؤكّد أنّ إقدام رجال التعليم على إضرابات بهذا الحجم هو بمثابة صيحة فزع حول ما آلت إليه أوضاع المدرسة التونسية من تفشّي مظاهر العنف والإقصاء والغياب وتفاقم الفشل المدرسي وفتك البطالة بخريجي الجامعات 2ـ يعتبر أنّ لجوء الحكومة إلى التشكيك والتشهير بدوافع إضراب المربين باعتبارها دوافع سياسية لا تمت إلى مشاكل القطاع بصلة إنّما يهدف إلى تغطية الإختلالات التي تردّت فيها خياراتها بين ما تنفقه المجموعة الوطنية وضعف المردود المدرسي وعلاقة ذلك بالقدرة التشغيلية لللإقتصاد الوطني. 3ـ يدعو كافة المتدخلين في القطاع التربوي وجميع الأحزاب الوطنية إلى بذل كلّ الجهود لحمل الحكومة على عدم الإستخفاف بمصير مئات الآلاف من التونسيين والتعامل الجدّي مع هذا الملف الوطني الهام، بإطلاق حوار عاجل يسمح بفتح آفاق جديدة لشباب تونس. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 401 بتاريخ 13 أفريل 2007)

التفاصيل الكاملة لجريمة الروحية

** شك في سيرة صديقته الحامل فخرّب جسدها بــ15 طعنة ثم ذبحها وجلس بجوار جثتها ** القتيلة تزوجت منذ 6 أشهر وقررت الطلاق من أجل قاتلها ولكن!

 
الروحية – الأسبوعي- القسم القضائي: شهد احد احواز مدينة الروحية وتحديدا بالقرب من وادي «سلطاج» مساء أحد ايام الأسبوع الفارط جريمة قتل فظيعة راحت ضحيتها امرأة حامل في شهرها الثاني على يدي صديقها الذي كان ينوي الزواج بها بعد اتمامها اجراءات الطلاق من شريك حياتها الذي اقترنت به منذ أكثر من ستة أشهر ولئن رجحت بعض المصادر ان تكون الهالكة وتدعى لطيفة قد انفصلت فعلا عن زوجها بالطلاق قبل أيام من وقوع هذه الجريمة فإن عائلةالضحية نفت ذلك وقالت انها مازالت على ذمة زوجها وأنها لا تعرف قاتلها اصلا رغم أنه اعترف أمام باحث البداية بأنه كان ينوي خطبتها وكذلك الاقتران بها قبل أن يقرر التخلص منها إلى الأبد بعد أن شك في سيرتها على حد زعمه،، ولكن ماذا عن الحقيقة؟ «الأسبوعي» بحثت في المسألة وتحصلت على المعطيات التالية: زواج وحمل.. أفادتنا والدة الهالكة أن ابنتها من مواليد أفريل 1986وقد احتفلت منذ أكثر من ستة أشهر بزواجها ــ وهي قبل وفاتها ــ كانت حاملا في شهرها الثاني. واضافت محدثتنا: «لقد اتصلت بها في ساعة متأخرة من الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والأربعاء وطلبت منها المجيء بعد ان انتابتني الام حادة في الكلى وفعلا حلت ابنتي بالمنزل على الساعة الرابعة من صباح الأربعاء ووقفت إلى جانبي» حمام.. الموت وواصلت الأم حديثها قائلة: «لقد اتفقت المرحومة مع شقيقتها على الذهاب إلي الحمام وفعلا توجهتا على الساعة الثالثة ظهرا إلى الحمام بالمدينة ولكن بوصولهما إلى هناك حصل ما لم يكن في الحسبان، اذ قررت ابنتي الثانية العودة فيما قررت الهالكة الدخول الى الحمام ولكن فجأة اقترب منها القاتل وأشهر في وجهها سكينا وحوّل وجهتها على مرأى ومسمع من بعض الأهالي نحو وادي «سلطاج» وهناك سدد لها عدة طعنات قاتلة ثم سلبها مصوغها وفر». زواج، فصداقة كانت هذه رواية العائلة غير أن مصادر أخرى نفت عملية تحويل وجهة القتيلة أو سلبها مصوغها بناء على أقوال المظنون فيه وهو فلاح شاب في السابعة والعشرين من عمره لم يعرف له انحراف فضلا عن كونه ينحدر من عائلة محافظة. في هذا الصدد علمنا أن المشبوه فيه تعرّف على القتيلة بعد زواجها ويبدو أنهما اتفقا على الزواج ولكن فجأة قرر الفلاح التخلص من صديقته فاتصل بها بعد ظهر يوم الأربعاء واتفق معها على لقاء يجمعهما، وبعد موافقة الهالكة عاقر كمية من الخمر وابتاع سكينا وتوجه في الموعد المحدد إلى المكان المحدد حيث التقى بصديقته وفتاة احلامه (التي لم يتأكد لنا إن كانت انفصلت عن زوجها بالطلاق او لم تنفصل بعد) ثم استدرجها بالكلام الى ضيعة فلاحية قرب وادي «سلطاج» وهناك أنهال عليها طعنا بالسكين إذ سدد لها 15 طعنة قبل أن يذبحها من الوريد إلى الوريد. بقي بجوار الجثة بعد أن أتم جريمته لم يشأ القاتل الفرار بل وضع السكين بمسرح الجريمة وجلس بجوار الجثة المشوهة لصديقته التي قد يكون تعلق بها وبنى أحلاما تلاشت في لحظات غضب أوشك الى أن حل شقيقه بالمكان واصطحبه الى مركز الشرطة بالروحية وثيابه ملطخة بالدماء. وهناك اشعر الأعوان بأنه تعرض لاعتداء فتم نقله الى المستشفى ولكن بعد دقائق وردت معلومة على أعوان الحرس الوطني بالجهة باعتبار ان موقع الجريمة راجع بالنظر اليهم مفادها تورط ذلك الفلاح في جريمة قتل فتوجهوا إلى المستشفى بعد تنسيق مع رجال الشرطة وألقوا القبض على المظنون فيه الذي اعترف بما نسب اليه وأفاد بأن شكوكا خامرته حول سلوك صديقته التي كان ينوي الاقتران بها لذلك قرر قتلها بطريقة فيها الكثير من الانتقام، وأكيد أن التحريات الأمنية والقضائية المتواصلة ستكشف عن المزيد من التفاصيل. صابر المكشر (المصدر: جريدة “الصباح الأسبوعي” (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 16 أفريل 2007)


 

زمن بورقيبة (الحلقة الأولى)

 

حصة تقييمية حول الحلقة الأولى التي بثتها قناة العربية يوم الاثنين 19 مارس ‏2007

 

 

د. عبد الجليل التميمي:

 

مرحبا بضيوفنا السادة الوزراء والباحثين والصحافيين وإخواننا الباحثين الجزائريين اللذين أرادوا أن ينظموا لنا في هذه الحلقة المضيقة التي نخصصها لاستشراف الرأي حول الحلقة الأولى لمسلسل “زمن بورقيبة” وأود قبل إعطاء الكلمة للزملاء أن فكرة البرنامج جاءت قبل سنة، عندما اتصل بي السيد محمد الهادي الحناشي، واستشرف رأيي حول تنظيم هذه الحلقات حول الرئيس بورقيبة، والموضوع يستحق حقا أهمية خاصة وإذا أخذنا بعين الاعتبار رواد العالم العربي والإسلامي وعلى رأسهم كمال أتاتورك، الذي كان موضوع عدد من الحلقات والأفلام والتي تعد بالمئات، وإذا قارنا ذلك بالحبيب بورقيبة، فلا نجد أي حلقات متتابعة تترجم عن هذه الشخصية، ما عدا ما خصته تلفزة أبو ظبي من ست حلقات قبل عدة سنوات. واليوم فإن مسلسل “زمن بورقيبة” كانت أكثر قربا من الواقع التاريخي ومن الواقع الوثائقي. ومن هذا المنطلق رحبت بالفكرة، وبالمناسبة أشكر قناة العربية التي فكرت في هذا المشروع ومولته، والفاعلون في هذا المشروع هم أساسا من التونسيين المسؤولين والوزراء السابقين، ممن عرفوا عن قرب الرئيس الحبيب بورقيبة. ومن هنا رحبت بالفكرة أن يتم تسجيل هذه الحلقة بتونس واقترحت تقريبا كافة الأسماء المشاركة وشجعناهم الجميع على المساهمة في ذلك.

 

وأعود للتأكيد أن الحلقة الأولى لا تمثل مطلقا أهمية بقية الحلقات الأخرى، ومن هنا كنت وددت لو جاء الحكم عقب بث بقية الحلقات والتي هي بعدد 6 حلقات، حتى نضمن حكما اكثر موضوعية على هذا الانجاز. وأذكر أيضا أني كنت اقترحت على السيد ماهر عبد الرحمان تنويع الشخصيات التونسية بكل شرائحها وتياراتها، وقد تم ذلك ولكن كان بدرجة أقل ما وددت.

 

ومن هنا جاء استضافة السادة الوزراء المشاركين في الحلقة لاستشراف إيجابيات ونواقص الحلقة الأولى من هذا المسلسل وطرح مقترحات التعديل، خاصة وقد ثبت أمر وجود أخطاء تاريخية بالحلقة. ومقال د. محمد ضيف الله بجريدة الصباح بتاريخ 22 مارس، أكد ذلك من وجهة نظر خاصة وشخصية. ونواصل عملية الاستشراف والتقييم اليوم بحضور السيد مصطفى الفيلالي وبقية السادة الحضور، فليتفضلوا:

 

-السيد مصطفى الفيلالي:

 

يتنزل البرنامج في إطار تنزيل شخصية بورقيبة في إطارها الزماني، فقد كانت بلا شك فترة حاسمة من تاريخ تونس وتاريخ المغرب العربي بدرجة ثانية. وأهمية هذه الفترة تستحق أكثر من حلقة والمزيد من الحضور في صفوف المعاصرين لشخصية بورقيبة بوصفهم شاهدين للعصر. واعتقد أن الحلقة الأولى هي مجرد مقدمة، لكونها لا تتناول سوى فترة التحول من مرحلة الكفاح الوطني إلى مرحلة إنشاء الدولة وبنائها. وهي بلا شك حلقة هامة لأنها نقلت صورة عن مرحلة إنهاء الكفاح وتأسيس الدولة من خلال الشروع في وضع الدستور وإعلان الجمهورية. وفي اعتقادي لم يغطي نقل هذه الأحداث الأوقات الحاسمة من الفترة البورقيبية، التي امتدت منذ ذلك التاريخ أي سنة 1956 إلى 1987، أي طوال ثلاثين سنة. وبلا شك فإن هذه الفترة احتوت عددا من المراحل الهامة التي لا بد من تمحيصها وهي المتعلقة بالنواحي السياسية لإنشاء الدولة وتركيز مؤسساتها وكيفية ممارسة هذه المؤسسات لوظائفها الأساسية. وفي اعتقادي فإن البرلمان (المجلس التأسيسي) هو أهم هذه المؤسسات. وكذلك مسائل تعاقب الحكومات والمعطيات الثقافية التي صحبت هذا التأسيس، وهي أساسا اللغة والدين والتاريخ. وكذلك الميدان الاقتصادي، فالعودة للحديث عن حياة بورقيبة ودوره في بناء الدولة وصعودها ثم تقهقرها، لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الميادين المختلفة وأساسا السياسية بما فيها من طرح للعلاقة السائدة بين الدولة والمجتمع المدني ومسائل الحريات العامة والحقوق الأساسية والتعرض إلى الوقوع في الزيف والانحراف في هذا الميدان وكذلك التطرق للمتطورات الثقافية وطرح كيفية التعامل مع هذه المراجع الثقافية وخاصة في جانبي الدين والتاريخ واللغة أساسا. ثم كذلك طرح المعطيات الاقتصادية، خاصة المنعرجات، لأن الخط الاقتصادي في تونس إبان مرحلة التأسيس، لم يكن خطا متواصلا بل حصلت عدة منعرجات وهي على الأقل تقدير ثلاث منعرجات كبرى ولا بد من الوقوف عندها وتحليل أوجهها. وأعتقد أن الشاذلي العياري، أورد في كتابه عن التجربة الاقتصادية التونسية، ملامح هذه التطورات الاقتصادية في مراحلها الأولى ثم أورد ملامح تجربة التخطيط إبان فترة التعاضد.

 

ومن هنا أؤكد أنه لا يمكن الحكم عن الحلقة الأولى من البرنامج، لأنها مجرد تمهيد لبقية الحلقات لتكوين نظرة متكاملة: تقييم الكل: الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. ورغم أن الشخص الموضوع هو شخص واحد أشرف على هندسة الحكم والنظام التونسي، ولكنه ليس نفسه ذاك الشخص الذي أخذ الحكم سنة 1956 واعتلى كرسي الرئاسة والشخص الذي نقل إلى دار والي المنستير سنة 1987. وهذه صورة على خط الحياة لدى كل بشر وفيها الصعود والانتكاس.

 

د عميرة علية الصغير:

 

شكرا للدكتور عبد الجليل التميمي الذي أتاح لنا تقييم هذه الحلقات. وفي البداية أود أن أتساءل عن نوعية الشريط، هل هو ينتمي إلى صنف الأشرطة الوثائقية؟ أم هو أحد تلك الأشرطة المتكررة والتي عودتنا بها التلفزة التونسية منذ اعتلاء بورقيبة السلطة وحتى تاريخ تنحيته سنة 1987. ورغم أني لاحظت وجود الجهد التوثيقي في هذه الحصة الأولى من الحلقات الوثائقية، لكن ما عاينته وما أورده زميلي وصديقي محمد ضيف الله بجريدة الصباح، أكد لي أن الشريط كان مجرد تكرار لنفس “الأغنية” المؤلفة والملحنة حول بورقيبة.

 

أولا أشير إلى تواتر الهفوات التاريخية التي أحاول تلخيصها دون التوسع فيها. إذ يورد الشريط أن المؤتمر الافخارستي انعقد في الذكرى الخمسين لانتصاب الحماية، في حين أن انعقاد هذا المؤتمر جاء لإحياء الذكرى المائوية لاحتلال الجزائر.

 

من الهفوات كذلك أن الشريط يمر مرورا سريعا على حياة بورقيبة بفرنسا، إذ واصل الشريط تعتيم النشاط السياسي لبورقيبة بفرنسا ولم يورد أي معلومة عن هذه النشاطات السياسية. كذلك يذكر الشريط أن الحزب عقد مؤتمرا سنة 1938، بينما كان مؤتمر الحزب سنة 1937 وهو مؤتمر نهج التريبنال والمؤتمر الموالي كان في 1948 وهو مؤتمر دار سليم.

 

من الهفوات التاريخية الواردة بالشريط كذلك أنه يورد أن بورقيبة استرجع حريته في شهر أفريل 1944، بينما كان ذلك في أفريل 1943. وان بورقيبة ساهم في تأسيس “مكتب المغرب العربي” في حين أنه كان خارج القاهرة في الفترة الممتدة بين أكتوبر 1946 حتى مارس 1947، وكان يتنقل ما بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ولم يحضر المؤتمر المؤسس لمكتب المغرب العربي الذي انعقد في شهر فيفري 1947. ويذكر الشريط أن حكومة الطاهر بن عمار تأسست في شهر يوليو 1954 وإنما كان ذلك في شهر أغسطس (أوت) 1954. ولم تسقط حكومة مانداس فرانس في مارس 1955 وإنما سقطت في شهر فيفري 1955، وعوضتها حكومة أدقار فور Edgar Faure.

 

بعد إحصاء هذه الغلطات التاريخية، يبقى الأهم هو هذه المقاربة لتاريخ تونس في الفترة المعاصرة، وتحديدا منذ تاريخ ولادة بورقيبة حتى تاريخ الاستقلال سنة 1956 واحتوت هذه الفترة أحداثا هامة وعميقة. والمدرسة التاريخية التونسية  الحديثة تقدمت فيها كثيرا وخطت خطوات هامة في مسار إعادة كتابة تاريخ الحركة الوطنية وخاصة بالنسبة لفترة الثلاثينات وأعادت الاعتبار لمختلف الفاعلين في تاريخ الحركة الوطنية ولم تقتصر على الاهتمام بالحزب الحر الدستوري الجديد فقط أو الاقتصار على زعامة الحبيب بورقيبة، وإنما اهتمت ببقية الزعامات وببقية التنظيمات الوطنية كالحزب القديم والجمعيات والمنظمات القومية والثقافية وكذلك الصحافية التي كانت بلا شك فاعلة في صنع وبلورة التاريخ الوطني.

 

وأنا شخصيا أعتبر أن فترة الخلاف اليوسفي-البورقيبي والممتدة ما بين 1954 حتى 1957، هي فترة هامة لكن الشريط مر عليها بسرعة وكأن المسألة بسيطة، بينما في الواقع كانت فترة 1954، وتحديدا سنة 1955، ومنذ عودة صالح بن يوسف في 13 سبتمبر 1955 حتى تاريخ إمضاء الاستقلال 20 مارس 1955، كانت فترة نضال ومقاومة كبيرة جدا، في إطار ما يعرف بالمعارضة اليوسفية والتي شارك فيها أكثر من 170 مقاوم، من مختلف الجهات وتحديدا على الشريط الساحلي وبالجنوب التونسي والتي ظلت تعتبر وإلى وقت قريب مجرد رأي مخالف تزعمه رجل مهووس بالسلطة هو صالح بن يوسف. وحتى الفرنسيون أنفسهم يعترفون ان منح الاستقلال التونسي كان من منطلق مغاير حيث أقر آلان سافاري Alain Savary نفسه، في جلسة برلمانية انعقدت في شهر جوان 1956 بأن فرنسا أجبرت على منح تونس استقلالها التام والتحول بها من الاستقلال الذاتي إلى الاستقلال الكلي في ظرف أشهر قليلة، ويعود ذلك أساسا إلى الضغط الكبير الذي مارسته المعارضة اليوسفية ليس فقط على المستوى السياسي، وإنما المقاومة المسلحة والتي أفرزت أكثر من 450 شهيد، مازالوا لم يذكروا حتى اليوم ولم يتنزلوا في قائمات الشهداء، وظلوا إلى اليوم منسيين. والمعارضة اليوسفية أقرت بها السلط الفرنسية نفسها وتنزلت في إطار مقاومة أشمل سعت للالتحام بالمقاومين الجزائريين من خلال وحدات منتشرة بكامل البلاد (سوق الأربعاء، الرديف…) وهذه النقطة الهامة جدا في تاريخ تونس أهملت كما أهملت بعض النواحي الأخرى.

 

شهادة محمد المصمودي كأحد الحاضرين المعاصرين الفاعلين في أحداث الاستقلال وفي المحادثات الأولية قبل مجيء مانداس فرانس، كانت للأسف شهادة منقوصة، إذ لم يذكر شيئا كبيرا عن استعداد فرنسا لمنح تونس الاستقلال رغم حضوره في هذه المحادثات. وحقيقة نتأسف عن صمته وضعف شهادته، وربما ذلك كان من منطلق أنه “يستبله” الناس أو لأنه يعتقد أن المتفرجين بلهاء وليسوا قادرين على الفهم. وهذا الصمت والاستبلاه ليس غريبا على محمد المصمودي، فقد كان له نفس الموقف عندما استدعاه الدكتور عبد الجليل التميمي في مؤسسته بزغوان ولم يقدم شيئا في شهادته رغم أهميته وعلاقاته المحددة بالمخابرات الفرنسية في فترة المفاوضات، وخاصة وأنه كان من المفروض الاستفادة والإفادة بهذه الشهادة، ولا سيما وأن صالح بن يوسف بادر فيما بعد إلى فضح أسرار المفاوضات.

 

نقطة أخيرة تستحق التوضيح، وهي متعلقة بمؤتمر صفاقس 1955، إذ لم يكن مؤتمر الحزب الحر الدستوري الجديد وحتما كان مؤتمرا للبورقيبيين فحسب، رغم ان التقديرات والإحصائيات أكدت أن اليوسفيين مثلوا قرابة الـ40% من مجموع المنتمين للحزب الحر الدستوري الجديد. وهذه المعطيات مصدرها وثائق موثوق فيها مثل دراسة محمد الوالدي والتي أكدت على أن اليوسفيين والبالغة نسبتهم 40% من الحزبين، قاطعوا المؤتمر كما ان اللذين حضروا المؤتمر كانوا مختارين وعددهم حوالي 1200 ونسبة هامة من اليوسفيين (سليانة، الكاف، تونس) ضربوا على أيديهم ومنعوا من الحضور. فجامعة تونس بوصفها أكبر جامعة للحزب الحر الدستوري الجديد، حاولت أن تكون محايدة، ولم تعلن مناصرتها لاي طرف بل فقط عبرت عن موقف نقدي وبسبب هذا الموقف …. أثناء المؤتمر ومنع أعضاؤها من التجمع داخل المؤتمر الذي كان تحت مراقبة 1200 شخص غريب عن المؤتمر، وهذا يذكره الحبيب عاشور في مذكراته عندما أكد أنه جند حوالي 2000 شخص من الاتحاد العام التونسي للشغل لتكوين ميليشيا تقوم بالضغط على المؤتمر، إلى جانب ما أوردته تقارير الإقامة العامة الفرنسية التي أكدت تجنيد عدد من الفلاقة لخدمة المؤتمر، وأهم هؤلاء عبد العزيز الورداني، وهذه من أهم محطات تاريخ الحزب وتاريخ الاستقلال.

 

وفي الختام أود الإشارة إلى انتقاد ما قاله السيد مصطفى الفيلالي، فقد سألت السيد عبد الحميد الفقيه، وهو مهندس وكان عضوا بجامعة تونس وحضر مؤتمر صفاقس وانسحب فيما بعد مع بقية المنسحبين، وأكد أن التقرير الاقتصادي الذي أفرزه المؤتمر، كان من إنجاز جامعة تونس، وأكد أن السيد مصطفى الفيلالي استحوذ عليه وقرأه باسم المؤتمر. وهنا أورد هذه الشهادة لمجرد الإيضاح والاستفسار.

 

د.عبد الجليل التميمي:

 

أود إعادة التأكيد على أن هذه الحلقة سوف لن تطول أكثر من ساعة وأنه نظرا لقصرها الزمني، فإنه من المستحيل إيراد كل الآراء المتقاطعة والتفاعلات السياسية، فالمهم اليوم فقط تحديد هل كانت هناك أخطاء فادحة بالحلقة، يتوجب ذكرها لتفاديها وهي دعوة للجميع وللتونسيين بالذات، وليقوموا بإعداد فيلم حقيقي وموثق يجمع كل التيارات وكل الأفكار، وهذه هي غايتنا من هذا التقييم. فالقضايا التي طرحتها يا سي عميرة هي عديدة بلا شك، ولكن يستحيل التطرق إليها كلها في ساعة من الزمن؟

 

د. عميرة علية الصغير:

 

ما أردت التأكيد عليه أن المقاربة ككل هي مقاربة خاطئة، واقتصرنا على إعادة الخطاب البورقيبي الممجوج والمكرر والذي ألفناه وضجرنا (فدينا) منه. وللأسف المشرفون يمتلكون الامكانيات المادية الكافية التي كانت ستخول لهم إنتاج عمل جيد على المستويات العلمية والمعرفية. وهنا ربما ومن هذا المنطلق يمكن للجهات المنافسة لقناة العربية إنتاج برنامج آخر أهم وأنجح حول بورقيبة.

 

د. عبد الجليل التميمي:

 

أود أن أذكر السيد عميرة أن هذه الحلقة لم تكن موجهة فقط إلى التونسيين، بل هي للعالم العربي ككل.

 

د. علية عميرة الصغير:

 

إذا فالبرنامج معد لمغالطة العالم العربي.

 

د. عبد الجليل التميمي:

 

هذه مسألة أخرى، فقط غاية البرنامج تقريب شخصية بورقيبة للرأي العام العربي، ولا شك أن هناك مآخذ على تناول الإشكاليات، وفي تغطية بعض الحقائق، ومع ذلك فإن إنجاز هذا المسلسل أفضل من لا شيء وهو إنجاز هام للقناة التلفزية المعنية، وأشير إلى أنى اقترحت أن يأتي بأناس غير بورقيبيين، ولئن لم نتمكن من ذلك فسنحاول على الأقل تأطير هذه المعلومات عسى أن نجد من يتقبل هذه الأفكار المنتقدة وينجز برنامجا أشمل وأكثر توازنا…

 

د. عبد اللطيف الحناشي:

 

شكرا في البداية على هذه الدعوة، وددت لو حضر معد البرنامج ومخرجه معنا اليوم، وبذلك يمكننا أن نتفاعل معهما أحسن من خلال ما سنطرحه من أسئلة، لأن هذه القصة لا يجب أن تقتصر على مجرد تداعيات أكاديمية، وإنما للتقييم. أود أن أصحح ما ورد بالبرنامج بان كنت قد راجعت ما ورد في الحلقة الأولى من الناحية العلمية، والحقيقة أني لم اكن مراجعا لمعلومات الحلقة، بل اقتصر حضوري على مجرد مشارك، ولئن حضرت لمشاهدة الحلقة قبل بثها، فقد كانت مجرد مشاهدة، دون عودة إلى وثائق تستحق مراجعة العمل، ودون أن يطلب مني المراجعة لان المراجعة تستوجب العودة إلى وثائق ومشاهدة هذه الحلقة في وقت كاف من شأنه أن يجعلني أتفطن إلى الأخطاء الواردة في العمل، وما اطلعت عليه اليوم من أخطاء كان بالنسبة لي عن طريق الصدفة الآن لأني لم أهتم كثيرا بالجانب العلمي للبرنامج عند مشاهدتي للحلقة، وربما يعود ذلك إلى أني كنت مركزا فقط على مشاهدة “مشاهدة نفسي في التلفزة؟” وهذا أعبر عنه بكل واقعية c’est une réalité دون التباس.

 

ملاحظة ثالثة، أود الإشارة إلى أني كنت قد أكدت على المشرفين على هذه الحلقة أن يشركوا مختلف الأطراف، بل أني قد اقترحت عليهم بعض الأسماء أمثل محمد حرمل ومحمد النافع، كما اقترحت عليهم أسماء بعض اليوسفيين. وهنا ربما كان اختيارهم مجرد رأي خاص بهم، وأحترم رأيهم وموقفهم من مسألة اختيار الشخصيات.

 

أود كذلك مساندة رأي الدكتور عبد الجليل، في أن تاريخ 75 سنة لا يمكن اختزاله وتقديمه في ساعة من الزمن. فمثلا تاريخ الحركة الوطنية قسم إلى حقبات وكتب عن كل حقبة العديد من الدراسات والكتب، وبذلك فالـ75 سنة تصعب تقديمها في 50 دقيقة. ومن وجهة نظري، فإني مؤمن ان التقديم  كان من الممكن ان يكون بطريقة افضل، رغم أني مرتاح إلى ردة فعل عامة الناس، فقد كانوا مرتاحين وراضين عما قدم في الحلقة، ولا يقتصر هذا الرضاء على فئة العامة بل أن الفئات المثقفة هي الأخرى أعجبها البرنامج والحلقة وهنا أعيد التأكيد أني أنقل هذا الرضا كمعارض سياسي. وهذا لا ينفي أن هناك نقصا في بعض التفاصيل ومن المفروض تفادي هذه النقائص.

 

من الناحية الفنية، فشخصيا اعلم أن السيد ماهر عبد الرحمان ليس مخرجا في الأصل، ولم يعمل في الإخراج من قبل، بل فقط حاول الاجتهاد. ومن المعلوم أن مثل هذا البرنامج يتطلب إمكانيات ضخمة وميزانية هامة وعدد من المختصين حتى يكون العمل دقيقا وفي المستوى المأمول. أما مسألة المضمون فإنها قابلة للنقاش من جانبين وأوله الجانب المعرفي، وهنا أتفق مع الانتقادات المطروحة من قبل الزملاء. ولكن وحتى لا نسقط في النقيض، فنحن في الآن نفسه ضد تضخيم شخصية بورقيبة، ولا بد من ذكر الإيجابيات والسلبيات وفي نفس الوقت لا بد من وضع الشخصيات المعارضة لشخصية بورقيبة في إطارها. وهنا لا بد من النظر إلى المسائل بمنظار ذاك الوقت وليس بمنظار معاصر أو بمنظار خلفياتنا نحن السياسية والإيديولوجية.

 

د. عبد الجليل التميمي:

 

تحدثت شخصيا مع السيد ماهر عبد الرحمان، وبوصفه مهندس البرنامج، وأكد لي أنه مول إعداد البرنامج حتى ذلك اليوم من ماله الشخصي. وفي هذا الإطار ومن منطلق هذه المعطيات، يصعب عليه أن يستوفي شروط وخصوصيات الحقائق التاريخية. ومن هنا فالبرنامج بلا شك له نقائصه ولكن لا بد من التنويه بالمبادرة التي تبقى مبادرة إيجابية.

 

د. منصف الشابي:

 

موقفي من الحلقة، هو نفس موقف أي متفرج عادي لا أكثر ولا أقل، وسأحاول عدم التعمق في طرح موقفي، فعلى حد علمي هناك 5 حلقات أخرى في هذه السلسلة وأما بالنسبة للحلقة الأولى لدي بعض الملاحظات، فقد لاحظت ودونت ملاحظاتي، لكني للأسف لم أتمكن اليوم من استحضار هذه الملاحظات، التي كانت بشأن بعض الأخطاء التاريخية الفادحة التي جاءت بهذه الحلقة، ولن أعيد تكرار ما قيل بشان هذه الأخطاء، والمهم في النهاية ليس تعداد الأخطاء، بل الأهم هو جوهر الموضوع، فبعض الشهادات كانت على درجة من السطحية، وأهمها شهادة محمد المصمودي، الذي هو ربنا كان متعبا أو أن سنه لم تعد تسمح بالإدلاء بالشهادات، ورغم أني أؤمن بأهمية التاريخ الشفوي وأهمية أرشيف الصدور، لكن إذا كانت شهادات مفرغة وواهية، فإنها لن تصلح لأن تكون شهادات مرجعية معتمدة في كتابة التاريخ، وإذا ما تم اعتمادها فستشوه مرحلة تاريخية كاملة. فشهادة المصمودي أوحت لنا بأنه كان من بين الشخصيات التي كانت بمثابة الفتات من بورقيبة ولا بد من تحمل مسؤوليته في ذلك.

 

في المقابل تم تغييب شق آخر من المعاصرين، وبالتالي فأنا أجزم أن الحلقة هي مجرد موروث عن كتابة التاريخ الرسمي، رغم أن الأجواء تغيرت واصبح العديد ممن أقصاهم بورقيبة، مستعدون لرواية تجاربهم وإخراج حتى الوثائق التي كانوا ممنوعين من اخراجها. وهنا أستحضر مثالا على هؤلاء، وهو ابن الشيخ محمد صالح النيفر وأكد لي أن لديه وثائق هامة، وعبر لي عن استعداده للحديث عما أجبر عن السكوت عنه. ولما سألته عن سبب صمته في الفترة السابقة، أجابني بأنه كان مرغما على الصمت بسبب المعطيات السياسية. وهذا يؤكد أن التاريخ لا زال يكتب من قبل نفس المجموعة، في حين أنه حان الآن الوقت لقول كافة الحقيقة وخاصة قول ما لم يقل من قبل. وهذا لا يعني أني أجرد بورقيبة من قيمته وقد أكدت ذلك في حلقة سابقة، لكن الاقتصار على تكرار ما قيل من قبل، يعطي صورة على أن بورقيبة لا يزال على قيد الحياة ولا يزال أتباعه يؤكدون على أهمية إنجازاته من خلال المؤسسات الحكومية والجامعية الرسمية.

 

وما أود أن أجده في بقية حلقات السلسلة هو الوجهة المعاكسة للرواية المعهودة، وقول أن بورقيبة كما كانت له إنجازات، فقد قام على جماجم قسم لا يستهان به من الشعب التونسي وإطاراته.

 

كما أود الإشارة إلى أن بعض المداخلات كانت قيمة على المستوى الفردي رغم رداءة الحلقة.

 

-د.محمد ضيف الله:

 

ابدأ بالتساؤل التالي: هل يمكن الحكم على 6 حلقات من خلال حلقة واحدة؟ وهذه الملاحظة قيلت لي بعد أن نشرت مقالي الصحفي، ولكن إذا كان ذلك صحيحا، لماذا كانت هذه الحلقة أصلا؟ ولماذا نجلس اليوم لتقييم حلقة وحيدة؟ وبالتالي فيمكن أن نقيم حتى صفحة وحيدة خاصة وأن الفترة أن تغطيها هذه الحلقة فقرة واضحة المعالم وامتدت  إلى غاية سنة 1957. وهكذا فتقييم الحلقة أمر جائز ومعقول خاصة وأننا نقيم فترة النضال الوطني الممتدة حتى 1957، وليس تقييم بورقيبة حاكم البلاد.

 

ومن يشاهد الحلقة تطرح أمامه بعض التساؤلات، أولها التساؤل بشأن من الذي يصنع التاريخ؟ والنتيجة التي تحققنها منها هي  أن الفرد هو الذي يصنع التاريخ وتحديدا الزعيم. أما البقية  فلا وجود لهم ولا نراهم إلا في احتفالات استقبال الزعيم وهم يصفقون وبالتالي فإننا نستطيع أن نؤكد على أن الشعب لا وجود له، وهذا ما أكدته لنا هذه الحلقة الأولى من السلسلة وسادت هذه الفكرة خلال العهد البورقيبي لغايات إجرائية. فبورقيبة يصور دوما على أنه الأصلح والأقدر وبالتالي فهو قادر على الحكم بمفرده وبالتالي لا مكان عنده للديمقراطية. من هنا جاءت العلاقة التنفيذية بين الطرفين: الحاكم والشعب، في حين أن الشعب التونسي كان نشطا وفاعلا طيلة الفترة الاستعمارية والتي كانت موضوع الحلقة الأولى من الشريط.

 

ودليلنا على ذلك انتعاش العمل الجمعياتي والسياسي بدواخل البلاد وبالقرى الصغيرة، حيث كانت الجمعيات لها وزنها أي أن الشعب إذا صح تعبير الشعب كان حاضرا وبقوة من خلال مؤسسات المجتمع المدني كما يروج الآن. وإذا غاب فيما بعد أي بعد الاستقلال فيعود ذلك إلى عملية مصادرته.

 

وهنا أعود للتأكيد على ما ذكرته في المقال، وأطرح مسألة الباحث في التاريخ والفاعل في التاريخ، فالفاعل في التاريخ بإمكانه أن يعطينا نظرة مدققة حول الزاوية التي وجد فيها. أما الباحث في التاريخ فله عدة زوايا ينظر منها، وهي زاوية الشاهد وزاوية الفاعل وزاوية ثالثة، تمكننا من إنارة الحدث وبالتالي هناك إمكانية تصوير الحقائق بأكثر واقعية.

 

وما شاهدناه في هذه الحلقة الأولى، هو شهادة سبع وزراء، ثلاثة منهم عملوا كوزراء للإعلام والبقية عملوا بوزارة التربية والثقافة، وهي وزارات يصنفها علم الاجتماع السياسي كوزارات الإيديولوجيا التي تتكفل بمهمة الترويج للحاكم وتأمن تواصله، وبذلك فالصورة التي حصلت لدينا، هي صورة تلمع صورة بورقيبة وتنزهه عن فعل أي خطأ.. وحتى طريقة تقديمه أكدت هذا المنحى فاستقباله في 1 جوان 1955 كان مصورا تلفزيونيا، في حين عرض استقبال صالح بن يوسف من خلال صورة وردت بجريدة عندما عاد في شهر سبتمبر 1955! بينما كان الحدثين متوازيين من حيث أهميتهما وفي قيمتهما وفي شعبيتهما.

 

-د. عبد الجليل التميمي:

 

فيما يتعلق بمسألة إقصاء بعض الأسماء، اعتقد أنه لم يكن مقصودا بل كان محض الصدفة، فقد سألني السيد ماهر عبد الرحمان عن الأسماء فاقترحت عليه بعض الأسماء، لكن للأسف اعتذرت بعضها عن الحضور وتخوف البعض الآخر ورفضت الحضور بسبب تقاربها السياسي مع الحبيب بورقيبة. ومع كل ذلك ورغم الأخطاء والمعطيات، فإني أود التوقف عند بعض الشهادات وتحديدا شهادة السيد رشيد إدريس، فالحقيقة هي شهادة آلمتني كثيرا، فشهادته جاءت تبريرية وأكدت لنا أن عائلة البايات كانت عائلة متواطئة وبالتالي جاءت مشروعية إقصاءها من الحكم، وهذا آلمني خاصة وقد جاءت من رجل واكب الحركة الوطنية وواكب مختلف ذبذباتها وعايشها عن قرب. لذلك فأنا أتألم بسبب هذه الشهادة لكونها لم تكن شهادة أمينة ونزيهة وشهادة الرشيد إدريس بلا شك دواعيها معروفة فقد جاءت لتبرر دعمه ومساندته لقيام النظام الجمهوري !

 

ورغم كل ذلك، فأنا أحترم مختلف الآراء، وأثمن هذه المبادرة ويجب أن نموقعها موقعها السليم، وان لا نكون مشطين في التعتيم عليها، وان نعمل على معالجة نقائصها في المرات القادمة. والحلقة الثالثة في السلسلة والمتمحورة عن قضية فلسطين، هي حلقة أعتبرها حلقة ناجحة وجيدة لكونها جمعت مختلف الأطراف الفاعلة من أمثال أحمد سعيد… وعرضت خطب جمال عبد الناصر وخطبة بورقيبة، أما الحلقة الثانية التي جمعت كل من رشيد التراس ومصطفى الزعنوني هي حلقة هامة وفاعلة لأن المتدخلين كانوا أمناء في نقل شهاداتهم، وأعيد لأكرر أن الحكم على هذه الحلقات لن يكون نهائيا إلا بعد الانتهاء من بث بقية الحلقات.

 

د. عبد اللطيف الحناشي:

 

أعتقد أن أهم نقيصة في السلسلة هي مسألة عدم التوازن بين الخمس أو الست حلقات، فقد تم عرض فترة 75 سنة من تاريخ البلاد في 50 دقيقة في حين ستخصص بقية الحلقات الخمس لفترة زمنية محدودة، وهذا اختلال واضح أثر حتما في نوعية البرنامج.

 

-د. عبد الجليل التميمي:

 

هنا نعيد طرح التساؤل، من المسؤول عن هذا الاختلاف، المسؤول الأول هو غياب الدولة التونسية عن الاهتمام بهذا الموضوع. كما من الممكن أن تجند كفاءات سينمائية وعلمية لإنجاح هذه الحلقات. والاهم كان بإمكان الدولة إتاحة الأرشيف السمعي البصري الذي ظل للأسف مفقودا وغير ذي جدوى إلى حد اليوم. وهنا أعيد التأكيد على أن هذه الحلقات التقييمية هي دعوة لإعادة النظر والعمل على تحسين المستوى، وأعيد لأستشهد بما أنجز للتعريف بشخصية كمال أتاتورك، وهي مئات الأشرطة، في حين انعدم العمل الجدي، حتى ولو اقتصر على فيلم وحيد للتعريف بحسنات ومساوئ شخصية بورقيبة. وتبقى التجربة عموما إيجابية لكونها بادرة يجب أن تتطور.

 

-د. رشيد التراس:

 

وجدت الفيلم المعروض، غير مختلف عن الأفلام التي تعرضها التلفزة التونسية قبيل عيد الاستقلال أو عيد الجمهورية، فقد احتوى تقريبا نفس المحتوى ونفس الإكليشيات. وفقط وقع التركيز على نقاط إبراز شخصية بورقيبة دون غيره من الشخصيات ودون التركيز على ذكر الأحداث التي وقعت بتونس آنذاك. ولدي مثال على ذلك, فبورقيبة عندما أعلن إنطلاق المعركة الحاسمة ببنزرت في 15 أكتوبر 1952, تم إبعاده مباشرة إثر ذلك (18 أكتوبر 1952) وظل مبعدا إلى تاريخ 1955.

 

والمهم آنذاك أن الحركة الوطنية لم تتوقف, بل تواصلت وبأكثر فاعلية رغم أن بورقيبة كان مبعدا, وكانت تلك الفترة أصعب فترة وأهمها و بورقيبة نفسه كان يسمي تلك الفترة بأنها “الفترة الحاسمة”. وفي المقابل تم تغييب هذه الفترة كليا, ولم يقع كذلك أعداد الضحايا والشهداء خلال معارك الحركة المسلحة, وتم التغاضي عن دور فرحات حشاد ودور الهادي شاكر ودور الفلاقة, كل هذا لم يذكر, واقتصر التأكيد على مقابلة بورقيبة لإدقار فور, وعلى حكومة الطاهر بن عمار, والتأكيد على أن لولا هذه المقابلات لما تم تحقيق استقلال تونس, في حين كان الأمر مخالفا لذلك تماما, فقد لعب الشعب التونسي الدور المحوري في تاريخ تونس منذ دخول الاستعمار حتى تحقيق الاستقلال. ولكن للأسف غيب هذا الدور بصفة كلية في تصوير الحركة الوطنية والقومية, وهذا بلا شك أهم جانب سلبي في الشريط.

 

د. عميرة علية الصغير :

 

ملاحظاتي ستكون لنفس الهدف, وهو تعديل الصورة, وللتأكيد على أهمية بقية العناصر التي كانت فاعلة في بلورة تاريخ الحركة الوطنية, فبورقيبة كما هو معلوم هاجر نحو المشرق سنة 1945 ليعود سنة 1948, لكن هذه الفترة كانت فترة حاسمة في تاريخ الحزب الحر الدستوري الجديد, حيث تولى صالح بن يوسف قيادة الحزب, وتولى تدعيمه وهيكلته من خلال بعث المنظمات القومية وقيادته لها, وهذا الدور غيب تماما.

 

أما الجانب الفني, فهو هام ومحدد لنوعية الحلقة, وكان من الأجدى الاستعانة بالمختصين الفنيين, أما طريقة تناول بورقيبة فقد كانت طريقة أحادية الجانب واقتصرت على إظهار الجوانب الإيجابية وغيبت الجوانب السلبية, وهي جوانب حاضرة لا شك في أي شخص, فقد كان سلبيا في طريقة قيادته للحزب ذاته, وفي تعمده تغييب رفاقه, وبالتالي فقد صور بورقيبة بوصفه شخصية “متضخمة الذات” c’est un mégalomane Bourguiba.

 

من سلبيات الشريط أيضا أنه صور بورقيبة على أنها الشخصية الوحيدة التي عارضت الذهاب مع الألمان والإيطاليين, فقد كان موقفا مشتركا مع بقية الشخصيات المتواجدة آنذاك بحصن سان نيكولا (Saint Nicolas) بمرسيليا.

 

ورسالة بورقيبة التي حثت على التعامل مع الحلفاء لم تكن رسالة فاعلة في التاريخ, والدليل أن مختلف قيادات الحزب من أمثال الرشيد إدريس والحبيب ثامر ويوسف الرويسي تفاعلت واتجهت نحو دعم ومؤازرة المحور, والدليل أنهم فروا وخرجوا من البلاد عند عودة دخول الحلفاء إلى تونس, وليس هذا من باب تحميل المسؤولية لمنتجي البرنامج، لأن البرنامج في حد ذاته أمرا إيجابيا. والأهم والأكثر إيجابية هو محاولة الارتقاء بهذا البرنامج لمستوى أحسن من خلال التحسيس بأهمية استشارة المختصين.

 

د. عبد الجليل التميمي :

 

أود التعقيب على ملاحظة الدكتور منصف الشابي بشأن دور محمد صالح النيفر, فأود الإشارة إلى أني انتهيت مؤخرا من كتابة مقال حول مذكرات محمد صالح النيفر, احتوى قرابة 86 صفحة. واكتشفت أن هاته الشخصية استثنائية, وأن دور محمد صالح النيفر كان دورا هاما بحيث تجاوز المنطلق الزيتوني بل كانت له أفكار وآراء متنوعة وكان له أيضا دور هام في الحركة النقابية.

 

وأود كذلك التعرج على مسألة التعاون مع المحور, فقد تأكد أن أمين الحسيني بعث شخصيتين لإقناع الثعالبي بدعم المحور وكان موقف الثعالي واضحا ورد عليه قائلا أن أمين الحسيني من خلال هذه الدعوة “أراد أن يستبلهني كما استبله غيري” وهكذا فالجوانب متعددة وشائكة ويتعذر الإحاطة بها كلها في الـ50 دقيقة المخصصة للحلقة الأولى.

 

السيد مصطفى الفيلالي :

 

أود فقط لفت الانتباه والتأكيد على ضرورة التفريق بين تاريخ تونس وتاريخ الشعب التونسي ككل وبين تاريخ شخص كان محددا وفاعلا في صنع هذا التاريخ, وأعتقد أن الحلقة الأولى من السلسلة، تعلقت بشخص بورقيبة وليس بشخص تونس ككل, ولو تعلقت المسألة باستعراض تاريخ تونس, لشملت مختلف الجوانب التي لم يذكرها الشريط, كمسألة الحركة النقابية, والكفاح المسلح, وغيرها من المسائل والأحداث التي جدت عند غياب بورقيبة عن البلاد التونسية, وأعتقد أن الشريط احتوى خلطا بين مسألتين متشابهتين ومتناقضتين في نقس الوقت وهما مسألتا : تاريخ الشعب والبلاد وتاريخ شخصية بورقيبة, والشريط اهتم بتاريخ بورقيبة أساسا.

 

وتعقيبا على ملاحظة الدكتور ضيف الله بشأن علاقة المؤرخ بالفاعل السياسي, فهي مسألة يمكن استشفافها من خلال كتابات ابن أبي الضياف وخير الدين التونسي. لكن الغريب أن الفاعل يكون معاصرا لزمن الحضور أو الشهود, وتطبيقا لذلك علي شخصيا, فقد كنت شاهدا وحاضرا لمؤتمر صفاقس من بدايته إلى نهايته, وأعتقد أني لم أبلغ حدا من الخرف إلى درجة اختلاط الأمور في ذاكرتي, فقد دعيت من قبل الباهي الأدغم وأحمد بن صالح وعبد الله فرحات… لتحضير التقرير الاقتصادي والاجتماعي, ولهذا أغلق علي في غرفة لمدة 16 ساعة، لأتمكن من تحضير التقرير الاقتصادي والاجتماعي, والسبب أن السيد الباهي الأدغم بوصفه رئيسا للمؤتمر, افتقد التقرير الاقتصادي الذي كان قد أعد في وثائق المؤتمر التحضيرية من قبل جامعة تونس, ولكن هذه الوثائق اختفت ولم يعثر عليها الباهي الأدغم في آخر لحظة قبيل المؤتمر, وما أعلمه أني دعيت لإعداد تقرير جديد, فقمت بذلك. وعيت فيما بعد لتلاوته, وقمت بذلك فوق برميل فارغ وسط خيمة المؤتمر, بحيث إذا قام السيد عميرة بتحقيق مع زميل من الزملاء وتأكد أني قمت بسرقة التقرير الاقتصادي من جامعة تونس ثم قمت بتلاوته, فهذا أمر أستغربه واستهجنه, لأن انسحاب مجموعة جامعة تونس من مؤتمر صفاقس كان انسحابا بالتقرير وليس بدونه, لأنهم لو انسحبوا وتركوا التقرير لوجدناه فيما بعد. وما أؤكده وقد تأكدت منه لما ترأست الحزب فيما بعد, أن جامعة تونس كانت دوما منافسة لبقية الجامعات خاصة جامعات الساحل وكانت تعتبرها دوما منافسة لها, وساد التنافر بين الشقين في حياة الحزب, وفي النهاية أؤكد أني كشاهد وحاضر مؤتمر صفاقس أن جامعة تونس انسحبت من المؤتمر وحملت تقريرها الاقتصادي معها.

 

د. منصف الشابي :

 

أود التذكير بما قلته في البداية, وهي أن هذه الحلقة الأولى من السلسلة لا تبشر بأن بقية الحلقات ستكون أحسن منها, ولا تبشر بتغيّر أسلوب تناول المراحل اللاحقة من تاريخ تونس. وفي إطار تقييمي للمسألة أود إقامة مقارنة تفرض نفسها في هذا الإطار. فبورقيبة كما هو معلوم كان خصما لعدد من الشخصيات المعاصرة له وفي مقدمتها شخصية جمال عبد الناصر, وكذلك شخصية شارل ديغول, مع فارق في حجم الشخصيتين, وفي نفس إطار المقارنة فإن الفيلم الذي أعد لتصوير حياة جمال عبد الناصر ببطولة أحمد زكي, وحمل عنوان “ناصر 56”, كان فيلما نجح في تصوير ببليوغرافيا عبد الناصر وجعل المتفرج يعجب بالجوانب الفنية التي تقدم الشخصية بطريقة قريبة جدا من واقعها, وهنا نأمل أن ينجز فيلما من نفس الحجم يصور حقيقة ما قدمه في سبيل تقدم البلاد وبالتوازي نقدم ما فعله ومنع تقدم البلاد في جوانب أخرى. وأنا شخصيا أعتبر أن معركة 1956 حرمت تونس من الثنائية الحزبية, وإنها معركة مقصودة وكانت مجرد مؤامرة فرنسية لأن بورقيبة سقط فعلا في “قرطلة” فرنسا لأنه كان مربوط بفرنسا, فلماذا لم يقع إظهار هذه الجوانب التي طال تعتيمها. ولذلك سأحاول أن أشاهد الحلقات القادمة بانتباه, رغم اقتناعي المبدئي بأنني لن أجد أكثر وأفضل مما وجدته بالحلقة الأولى.

 

د. عميرة علية الصغير:

 

أود  فقط أن أشير إلى مسألة ذكرتني بها مداخلة الدكتور منصف الشابي، وهي مسالة تغييب ما قدمته الدول العربية لبورقيبة كشخص وليس فقط كحزب؟ وباستثناء ما قيل بشان مساندة السعودية والصرة السعودية. لم يقع ذكر دور المساعدة العراقية في ادخال المجموعة الوطنية التونسية إلى إسبانيا فقد مكنهم العراق من جوازات السفر.. كما غيب دور المصريين اللذين استقبلوا التونسيين ولم يذكر أن الجامعة العربية كانت تدفع الأموال لهم. وتوالى الصمت إزاء ما قام به عبد الناصر للتحرر الوطني التونسي, مع العلم أن خطاب عبد الناصر والخطاب السياسي المصري, كان نافذا ومحددا لنوعية السياسة الفرنسية بشمال إفريقيا (تونس والمغرب)… وللأسف أهمل ذلك في حين أنه كان من الأجدى الإقرار به من باب إحقاق التاريخ.

 

د. عبد الجليل التميمي:

 

وفي الختام أود شكر الحضور, فقد أردنا استشراف رأيهم في الحلقة الأولى, وأعيد التذكير بأننا على موعد ثان لتقييم الحلقة الثانية يوم الثلاثاء المقبل, وأعتقد أن هذا الاستشراف مفيد جدا لتقييم الحلقة.‏‏

 

(المصدر: مراسلة اليكترونية وزعتها مؤسسة التميمي يوم 16 أفريل 2007)

 


 
حوار حول الحلقة الثالثة من مسلسل “زمن بورقيبة” حول موقف بورقيبة من القضية الفلسطينية دأبت مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات على إجراء تقويم شامل لكل حلقة من مسلسل “زمن بورقيبة” الذي تبثه قناة العربية, ونظرا إلى أن الحلقة الثالثة قد تناولت موقف بورقيبة من قضية فلسطين, ها نحن نحيل إليكم النص الكامل لهذا لحوار لأهميته. شاكرين اهتمامكم وعنايتكم. د. عبد الجليل التميمي

زمن بورقيبة (3)

 

حصة تقويمية حول الحلقة الثالثة التي بثتها قناة العربية يوم الاثنين 03 أفريل ‏2007 حول موقف بورقيبة من القضية الفلسطينية د. عبد الجليل التميمي سنحاول من خلال الحوار الذي خصصناه لمناقشة الجزء الثالث من مسلسل زمن بورقية الذي أنجزته مشكورة قناة العربية وأشرف عليه كل من معد السلسلة محمد الهادي الحناشي والمخرج ماهر عبد الرحمان, فإن هدفنا الأساسي لذلك هو توضيح مدى توضيح مدى اختلاف الاجتهادات العميقة بين بورقيبة كطرف، وبين عبد الناصر كطرف ثان ومن ورائهما العالم حول المسألة الفلسطينية, حيث بدأ الجميع يقتنع أن الرئيس بورقيبة كان محقا نوعا ما, في تناول هذا الملف، وكانت رؤيته عملية حول طريقة حل هذا الإشكال العربي الاسرائيلي. إلا أني شخصيا وجدت هاته الحلقة الثالثة المتعلقة بهذا الملف, تتسم بشيء من الاختلال وعدم التوازن، إذ الصورة التي قدم بها عبد الناصر، كانت صورة سيئة ومضرة بشخص عبد الناصر. فكان لا بد من تقديم مقاربة أخرى, إذ عبد الناصر في الإطار العام, حسب شهادة أحمد بن صالح كان مؤيدا لرؤية بورقيبة ولكنه لا يمنكه أن يعلن عن هذه المساندة. وعلى ضوء ذلك فهناك اجماع على ان بورقيبة حصل على الضوء الأخضر من عبد الناصر للتصريح بمواقفه وهذا وفقا لشهادات الذين حضورا هذا اللقاء عبد الناصر-بورقيبة في القاهرة. وقد كنت بينت في أحد مقالاتي، ان بورقيبة عندما استقبل أسترمان السكرتير السياسي لمنظمة المؤتمر اليهودي العالمي برئاسة قولمان بتونس، في 17 جويلية من سنة 1957، كان بورقيبة منذ تلك الفترة يؤمن إيمانا راسخا بحتمية الحوار مع إسرائيل، وكانت هذه قناعته ورؤيته من القضية منذ البداية. وقد صرح لاسترمان وطلب أن يخبر قولدمان، أنه لا يستطيع إعلان ذلك للعالم العربي اليوم، لأنه يخاف من ردة فعل العرب التي وطلب أن يمهل بعض الوقت لتهيئة الرأي العام العربي وليسهل لهم قبول الأمر الواقع. وكانت تلك هي سياسة بورقيبة وفلسفته. ومن هنا أنتظر مؤتمر أريحا ليعبر عن موقفه هذا. ومن جهة أخرى, كنت قد سألت سيسيل حوراني ، لما كان المستشار السياسي الخاص لبورقيبة, لدى اجتماعي به بلندن مؤخرا, ما إذا كان قد أثر هو أو أوحى لبورقيبة باتخاذ هذه المواقف؟ فأكد لي أن المواقف التي عبر عنه بورقيبة، هي مواقف خاصة ببورقيبة ولم يكن له أو لغيره أي تأثير عليه. وألاحظ أن هذا الملف هو ملف دقيق جدا، وأن جدلية رؤية بورقيبة لهذا الملف فيها نوع من الأحقية، والتي تتمحور حول نظريته : “لو قبل العرب مبدأ التقسيم لتجنبوا العرب الكثير من الويلات والخيبات”. وهذه المواقف هي الإطار العام للحلقة الثالثة، إذن أفسح المجال لتدخلاتكم وآرائكم حول ذلك : د.رشيد التراس (رئيس بلدية بنزرت سابقا) : بالتأكيد لم يكن هناك قادة عرب لهم مميزات رجال الدولة القادرين على التفكير في القضايا المطروحة بعمق، واستشراف الحلول لها، بل غلبت على مواقفهم الجوانب العاطفية. وحرب 1948 أكدت ذلك، حيث أثبتت الحرب ضعف ووهن الجيوش العربية. ومحدودية عتادهم وأسلحتهم، وهذا أدى إلى سرعة حصول الهزيمة أمام إسرائيل. فحتى الرئيس ترومان سرعان ما غير نظرته إلى العرب كحلفاء وأصدقاء، وأقبل على مصادقة دولة إسرائيل، وعول عليها لتخدم مصالحه بالشرق الأوسط ! والإشكال المطروح، هو أنه في غياب القادة العظماء, تنعدم الحلول الناجعة. فالقادة العرب اقتصروا على مناورات الحفاظ على مناصبهم ووظائفهم السياسية, التي هي في الأصل من صنع أنقلترا نفسها, التي شرعت الحكم الملكي الوراثي. وهكذا انعدمت الهيكلة السياسية الكفيلة بإيجاد الحل المناسب. في المقابل تسلحت اسرائيل بأفكار اليهود الذين نظروا لقيام دولة إسرائيل منذ مؤتمر بازل مع تيودور هرتزل سنة 1897, عندما حددوا تاريخ قيام دولة إسرائيل وأكدوا أنه سيكون بعد 50 سنة، وهذا ما تم فعلا وقامت دولة إسرائيل سنة 1948. وهكذا وجدت الفكرة وتوحدت حولها الشعوب والحكومات الموالية لقيام دولة اليهود. يتأكد الفرق بين أفكار ومبادئ دولة اسرائيل وحلفائها وبين أفكار ومبادئ العرب حيث ينعدم التكامل بين الشقين. د.عبد الجليل التميمي: فعلا، نلاحظ انعدام استراتيجية الاستشراف للواقع العربي بتلك الفترة أي أثناء ستينات القرن العشرين، وانعدمت الكفاءات القادرة على تلمس هذه القضايا الدقيقة وموقعتها الجيو سياسي, الموقع الصحيح !. د.منصف الشابي (مؤرخ): للأسف لم أستطع البارحة مشاهدة الحلقة، نظرا لتأخر ساعة بثها. وفقط سأحاول التقييم العام لموقف بورقيبة من المسألة الفلسطينية، وهو موقف أثار ضجة ابتدأت ولم تنته بعد، إذ لازال الموضوع يثير حفيظة العديد من الشخصيات، رغم اتجاه السياسة العربية والدولية اليوم, إلى تبني جزء من مقترحات بورقيبة، وذلك بفعل تأثير 50 سنة من العلاقات الدولية، الذي زاد في تأكيد فارق القوة وليس العكس. وهكذا صيغت التحالفات والتكتلات الدولية، على هذا الأساس. وهكذا أستطيع القول بصيغة المفعول الرجعي rétrospective أن العرب أضاعوا فرصة هامة. ومع ذلك فإن ما اقترحه بورقيبة سنة 1965، لم تكن إسرائيل لتقبله، بل بالعكس أثارت اقتراحات بورقيبة ضجة بالجانب العربي، وأثار نوعا من الاستهزاء لدى الاسرائيليين المدركين لعدم استعداد العرب لقبول هذه الحلول. وهذا بلا شك وفر على إسرائيل الجهد اللازم لتذليل هذا الموقف لو قبل عربيا. وبورقيبة كان في مواقفه معزولا عزلة تامة، وقاطعته جميع الأطراف. وللإشارة فإن بورقيبة وقبل توجهه إلى أريحا, نزل ضيفا لدى جمال عبد الناصر، ولا شك أن عبد الناصر, لم يكن بعيدا عن مواقف وآراء بورقيبة، ولا أحتاج لتأكيد ذلك الاستشهاد بما صرح به التونسيون من أمثال محمد مزالي وأحمد بن صالح… لأن كل هؤلاء لم يكونوا يقبلون عبد الناصر، ولم يكونوا يقدرونه. وإنما لدي قناعات خاصة، تؤكد لي عبد الناصر كان يساند في قرارة نفسه اقتراحات بورقيبة، ولكنه كان يفتقد إلى الهامش اللازم لبلورة هذه المقولات، فقد كان منخرطا في مشاريع سياسية واقتصادية واجتماعية, تتعارض مع ما طرحه بورقيبة, وتجعله لا يساند توجهاته رغم عدم نفيها في قرارة نفسه، إلى جانب أن مصر كانت جغرافيا محاذية ومعارضة من قبل “العدو” الإسرائيلي. وهكذا استحال على عبد الناصر مساندة فكرة التحاور مع اسرائيل, خاصة وقد جاءت من بورقيبة نقيض عبد الناصر في السياسات الخارجية والدولية. فبورقيبة كان قد قبل الحوار مع فرنسا، وكان عدوا لصالح بن يوسف, الذي يعد صديق وصنيعة عبد الناصر في المسألة القومية على الأقل. ومن هنا انعدمت كل إمكانيات تقارب بين بورقيبة وعبد الناصر. وما رفضه عبد الناصر لسياسة بورقيبة, إلا إقصاء له عن القضايا العربية وخاصة المشرقية منها، حتى يتمكن عبد الناصر من إيجاد فضاء لأفكاره وسياساته, فقبول عبد الناصر لمخطط روجرس، المتضمن لقيام دولة إسرائيل, تعود إلى ما قبل هزيمة 1967, وأسسه تعود إلى فترة سابقة -مصطفى .الزيتوني (قفصة): أشير أولا إلى أني قد تربيت في وسط عربي وقومي ناصري بمدينة قفصة، لكن أنا  أيضا أحد أبناء جيل الاستقلال، ولدي ملاحظتان: الأولى، متعلقة باستراتيجية بورقيبة، وأؤكد أنه لا يمكن فهم هذه الاستراتيجية المتعلقة بقضايا فلسطين إلا بالعودة إلى كتاب احتوى الاطروحة الاسرائيلية، ونشر بامريكا، وطرح هذا الكتاب علاقات دول المغرب العربي بالدولة العبرية من النشوء سنة 1948 حتى مؤتمر أوسلو. وشخصية استرمان، الذي تحدث عنها الدكتور عبد الجليل هو الشخصية المهندسة للعلاقات المغربية الإسرائيلية في الفترة الممتدة منذ 1948, ولا يمكن فهم مواقف بورقيبة التي عبر عنها في خطابه بأريحا، إلا بالعودة إلى قراءة ما جاء بهذا الكتاب، إذ يؤكد أن إسرائيل كانت تتبنى استراتيجية محددة المعالم إزاء دول المغرب العربي حتى قبل تأسيسها سنة 1948 ويؤكد أن إسرائيل كانت في علاقة وطيدة بحركات تحرر دول المغاربية الثلاث. الملاحظة الثانية، لا أعتقد شخصيا أن عبد الناصر كان يرفض التفاوض مع إسرائيل وأتذكر مقالا صدر بمجلة Jeune Afrique عنوانه : Bourguiba-Nacer deux hommes complémentaires ou supplémentaires ? ويؤكد هذا المقال أن عبد الناصر ليس معاديا لإسرائيل، بل بالعكس بادر عبد الناصر إلى التفاوض مع الإسرائيليين بالفلوجة, وعبد الناصر هو أول من تفاوض مع الإسرائيليين من العرب, ومن هنا فإن القول بأن عبد الناصر كان jusqu’au boutiste, وأن بورقيبة كان رجل العقل ورجل الاستراتيجية المعقولة مع إسرائيل، هو قول خطأ. ومن هنا لا بد من تصحيح المعطيات المتعلقة بالرجلين. ولا بد من التأكيد على دورهما كزعيمين, قاما بأدوار هامة ومحددة للمصير العربي. فكلاهما قد فهم أبعاد القضية الفلسطينية ولكن كل بطريقته وأسلوبه الخاص. وأعود لأذكر بمحتوى الكتاب الذي أشرت إليه في البداية, فقد أورد تأكيدات بشأن علاقة بورقيبة بالشخصيات الاستراتيجية منذ ما قبل 1948، وتواصلت هذه العلاقات بعد الاستقلال، فلا وجود لشخصية تونسية مرموقة لم تلتق بشخصية إسرائيلية, ولنا على ذلك أمثلة عديدة: كالباهي الأدغم وأحمد بن صالح، محمد المصمودي.. د. منصف الشابي: أريد فقط الإشارة إلى أن الكتاب المتحدث عنه صدر بألمانيا ويقوم الآن الموسيقار السوري زياد منى بترجمته. د. عبد الجليل التميمي:  أود التذكير بأنني لما نشرت وثيقة استرمان، والمتمثلة في تقرير عن مقابلة بورقيبة في 17 جويلية 1957 بتونس، وأشرت أني كنت قد تحصلت على هاته الوثيقة عن طريق باحث مغربي متخصص في الأدب اليهودي، هو الأستاذ محمد حاتمي, من جامعة فاس, ولما سألته عن أصل هذه الوثيقة، أخبرني أنه لما زار القدس مر ببناية الأرشيف اليهودي فدخلها، فوجد أن المسؤول عن هذا الأرشيف يهودي تونسي، وليعبر هذا الأخير له عن حفاوته به أمده بهذه الوثيقة الهامة جدا, وأكد له عن وجود عشرات الوثائق والمتمثلة في مراسلات عديدة بين القيادات المغاربية والإسرائيلية في أرشيف المنظمة اليهودية العالمية بالقدس, وهو يؤكد ما قاله السيد مصطفى الزيتوني بأن العلاقات ثابتة بين القيادات السياسية اليهودية والمغاربية وبورقيبة كانت له علاقات وطيدة باليهود ومحمد المصمودي ذكر لنا ذلك في شهادته التاريخية والتي كنا قد سجلناها له بالمؤسسة، فهي علاقات معروفة وليست سرية، والمهم هو حسن موقعة بورقيبة في هذه الجدلية. السيد أحمد العجيمي (برلماني تونسي سابق) : أشير بداية إلى أني بورقيبي، وأقر بأن بورقيبة زعيم وطني عربي. وبما أني لست بورقيبيا متزمتا, فإني أعترف بان بورقيبة زعيم له أخطاؤه ونقائصه. وفيما يتعلق بمواقفه من اليهود ومن قضايا فلسطين، فهي مواقف معروفة عنه وعلاقاته باليهود معروفة ومتوازية لعلاقاته بالأمريكان, فلا تستقيم العلاقة بأمريكا دون أن توازيها علاقة بإسرائيل وباليهود. أما مسالة علاقة بورقيبة بجمال عبد الناصر، فأعتقد شخصيا أنهما زعيمان ووطنيان صادقان مع اختلاف بورقيبة عن عبد الناصر في إيمانه بتونس قبل العروبة، فقد كان يعتقد أن الإيمان بالعروبة وبلورتها, يتطلب مئات السنوات، وهذا لا يعني أنه يعارض مبادئ القومية العربية. وإنما يعارض مقولات البناء والوحدة, لأنه يعتقد أن الفقر والجهل المشترك بين الدول العربية يحول دون هذه الوحدة. ومن هنا جاء تركيزه على ضرورة التنمية ونشر مقومات التنمية الداخلية ثم الانتقال إلى مرحلة البناء الوحدوي. أما عبد الناصر فقد كان شخصية عربية مرموقة، وتشهد له الظروف على ذلك، إلا أنه كان سجين العاطفة العربية. في حين أن بورقيبة كان يؤمن بأن الزعيم يستطيع مخالفة آراء الشعب والمواطنين العاديين وبالتالي, فقد تبني رؤى أعمق وأبعد من رؤى العامة. وبورقيبة كان له الحس الاستشرافي والوعي بالزمن, عندما قال أنه لم يحن بعد زمن الوحدة باعتبار أن أفكار الوحدة أفكار لم تنضج بعد. كما كان يعارض فكرة شن الحرب ضد إسرائيل. وأن الخمسين سنة اللاحقة بعد ذلك أثبتت صحة رؤيته واستراتيجية بورقيبة الاستشرافية. د. توفيق البشروش (مؤرخ): أعتقد أنه ليس من المجدي التحدث عن هذه المواقف، بل يجب تدرج هذه المواقف في سياق الحركات الفكرية والديبلوماسية ,وعندما نحاول تنزيل خطاب أريحا, فلا شك أننا ننزله في إطار التطبيع مع إسرائيل، فقد مثل مرحلة من مراحل التطبيع مع إسرائيل. فهل يمكن اعتبار هذا التطبيع, هو توجه رائد لأحد رواد السياسة في النصف الثاني من القرن العشرين؟ لا شك أن الإشكال يتجاوز هذا التساؤل، لأن العرب قد واجهوا الوجود الإسرائيلي منذ الحرب العالمية الأولى، إذ احتوت معاهدات فرساي أن الملك فيصل, قد أقر بتأسيس دولة إسرائيلية مقابل تكوين المملكة العربية لفائدة الشريف حسين. والوثائق التي تؤكد ذلك متوفرة. والمؤرخون الإسرائيليون نشروا هذه الوثائق باللغتين الأنقليزية وبالفرنسية. إذا فالتطبيع بدأ منذ الحرب العالمية الأولى، لكن المشكل هو مشكل الانفصام بين العقلية الشعبية وعقلية بعض الرواد السياسيين. واليوم نتساءل : ألم يكن بورقيبة أداة من أدوات تحقيق هذا التعرض المتمثل في التطبيع، خاصة وأن بورقيبة قد عرف عنه انحيازه إلى المعسكر الغربي والى الدول الغربية، كما وأعتبر أن تونس لا تتبع المشرق العربي ! لكن هذه التفسيرات أعتبرها شخصيا هي موقف بورقيبة شجاعة, إلا أنها حصلت بإيعاز ولا شك في ذلك. وبالتالي لا يمكننا أن ننفذ إلى بورقيبة من خلال الإيعازات والتدخلات الخارجية التي كانت تعمل فيه. وتونس بلد صغير، ومع ذلك فقد أخذ حجما أكبر منه في المستوى الديبلوماسي، وهذا الحجم بلا شك يعزى إلى بورقيبة وأساسا إلى المساندات التي حظي بها والتي لم تكن عفوية بل كانت ايعازات مبرمجة. واعتقد أن قضية فلسطين هي من القضايا العويصة، ولم يتمكن العرب إلى حد اليوم من حلها, لا عبر التطويع ولا عبر الحرب. والإشكال هو هذا العجز في المستويين. وعبد الناصر وبورقيبة كانا على حق ومع ذلك لم يتوصلا إلى إيجاد أي حل. د. عبد الجليل التميمي: لا أعتبر أن دور بورقيبة اقتصر على مجرد إقرار التطبيع، وأتصور أن الملف تجاوز مسالة التطبيع. فبورقيبة رجل بلا شك عقلاني وعملي ويعرف عن قرب الغرب ومنحاز إلى أمريكا. وأن بورقيبة كانت قناعاته ثابتة إزاء الغرب. وبغض النظر عن كل هذه المعطيات أؤكد أن بورقيبة, لو وجد نفس من التحاور بين العرب حول نظريته, لاستثمر ذلك حتما لخدمة القضية الفلسطينية. فقد كان على العرب توظيف مبادرة بورقيبة من خلال مناقشتها من قبل القادة والاستراتيجيين العرب, وأنه نظرا لغياب أسس الحوار والتشاور الحقيقي, فلم تتموقع تلك المبادرة موقعها السليم, بعيدا عن العاطفة, مع التأكيد أنه تسود اليوم في العالم العربي، فكرة أن العالم العربي لم يفهم بورقيبة، ولم يموقع نظرية بورقيبة موقعها الصحيح، فحصل هذا التخلخل. وبقطع النظر عن كل هذه الاعتبارات، أنا احمل العالم العربي عدم اعتماد لغة الحوار مع بورقيبة  ولو ساد الحوار والتواصل لحصلت المقاربة بين كل الأطراف. ومن سوء الحظ أثرت سلبا الحملة الصحفية والشتائم والسباب لمقولات السيد أحمد سعيد في صوت العرب والتي كنت عايشتها شخصيا, لما كنت مقيما بالشرق، وكانت حملة عنيفة وأساءت لشخص بورقيبة، بل عسرت مهمة إيجاد حل ومخرج لقضية فلسطين. د. رشيد التراس: أود الإشارة إلى أن نفس السياسة الإسرائيلية لها نفس طويل واليهود كانوا يعلمون مسبقا أن العرب غير مهيئين لإيجاد حل مع إسرائيل، ولهذا كانوا رافضين لأي مبادرة تأتى من العرب. ومن هنا تنزلت الحروب العربية الإسرائيلية التي شنتها إسرائيل على العرب في كل مرة يكتسب فيها العرب بعض القوة والازدهار, وآخرها الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان في صيف 2006. وهذه الحروب تتنزل في مشروع تهديم وتفقير وتشريد اليهود للعرب واخضاعهم إلى منطق إسرائيل, وهذه هي سياسة إسرائيل إزاء العرب. د. منصف الشابي: ذكرت أن الزعيمين بورقيبة وعبد الناصر رسما كل من جانبه, إطارا لبلورة سياسته الخاصة به، وهنا أورد مثالا على ذلك. فعبد الناصر بدأ منذ 1965 بزعامة المنطقة وبدأ يعي بدور مصر الهام في تحرير الجزائر. وكان له دور هام في اليمن وبالتالي أصبح عبد الناصر متأكدا من دوره القومي والعربي، وبالتالي طرح نفسه عمليا لتقلد زعامة الأمة العربية. فالذي ميز أو حاول عبد الناصر التميز به عن بقية الزعماء العرب, كان ذلك من خلال خطبه المتواترة والتي تهجم فيها على القادة العرب التي بادرت إلى التقرب من أمريكا أو عبرت عن حلول تطبيعية مع إسرائيل. فسياسة عبد الناصر إزاء إسرائيل كانت خارج قناعاته, ومع ذلك فرضت نفسها في إطار سياسته وايديولوجيته, كما فرضت نفسها كنقطة تمايز بينه وبين بقية العرب. وفي هذا السياق لم تكن لدى بورقيبة  هذه التداعيات والتعقيدات الاستراتيجية، فقد كان زعيما لدولة صغيرة, حاول عبد الناصر استعمالها كورقة في العلاقات: مشرق-مغارب، وهكذا ستظل مواقف بورقيبة من المشرق هي نفسها مواقف سنوات الأربعينات، وسيواصل تعامله الحذر مع مصر ومع بقية دول المشرق. فتونس بالنسبة لبورقيبة بمثابة الحديقة الصغيرة ويتولى حراستها ويمنع كل من يحاول أن يدوس أرض هذه الحديقة. فقد تعامل مع عبد الناصر بقاعدة لا تتدخل في سياستي ولا أتدخل في سياستك. ومن هنا تنزلت الشتائم المتبادلة بين الشخصيتين, ثم تحسنت العلاقة بزيارة عبد الناصر لتونس، فقد اعتبر بورقيبة زيارة عبد الناصر مغنما لتونس وقدمه للتونسيين بوصفه زعيما مرموقا. لكن يبقى هذا التمجيد شرط بقاء عبد الناصر خارج أرض حديقته الصغيرة. ومن هنا أنفي مقولة تورط بورقيبة في فخ التطبيع ومن خلال خطاب أريحا، لانه خطاب تنزل في إطار تحرر وحرية بورقيبة  في التعبير عن القضايا العربية. محمد بن أحمد (يعمل في منظمة دولية): أود الملاحظة بشان شخصية بورقيبة  كزعيم له سلبياته وإيجابياته، ومقارنته ببقية الزعماء. والفارق الأول أن بورقيبة  له تكوين قانوني، وهو الوحيد الذي له هذا التكوين القانوني. وحديثه عن الشرعية الدولية، ليس من منطلق مدلول كلمة الشرعية الأخلاقية, وإنما من خلال محتوياتها القانونية، فقد كان مطلعا على القانون الدولي وكان يقول دائما : إننا كعرب لدينا مشاكل بسبب جور وظلم القانون الدولي، وكان يعتقد بإمكانية تغيير هذا القانون الدولي من الداخل وليس من الخارج. وفي هذا كان مخالفا لمقولات الزعماء العرب, لأنهم كانوا يجهلون القانون. وكان تحريك القوانين من الخارج وليس من الداخل كما يدعو بورقيبة فقد كان يقول ذلك:  “يمكن تغيير القانون الدولي من الداخل, حتى ولو كان ظالما (on peut changer le droit international de l’intérieur fut il injuste   ? ( في نقطة ثانية, ركز بورقيبة  عكس بقية الزعماء العرب, على ضرورة عدم لتدخل في الشؤون الفلسطينية وكان يذكر ذلك علنا. وهذا من منطلق أن كل حركة وطنية تفشل في حال وجود وصايا خارجية عليها، وهذه الوصايا وجدت على العديد من الزعماء العرب وأهمهم عبد الناصر. أما النقطة الثالثة : وبلا شك أن أستاذي الدكتور عبد الجليل أكثر حساسية لهذه النقطة بحكم درايته أكثر مني بالمشرق العربي وكذلك بالعالم الانقلوساكسوني بفعل معايشته عن قرب لهذه العوالم، وهي أن بورقيبة على عكس بقية الزعماء, كان على معرفة جيدة بما يعرف اليوم بالـ Net-Working وكان يديره مباشرة عكس الزعماء العرب من أمثال عبد الناصر وصدام حسين, فقد كانوا يرفضون الخروج من أوطانهم ولم تكن لديهم Net-Working. ولئن كان لعبد الناصر في فترة متأخرة الـ Net-Working من خلال محمد حسين هيكل، فإن بورقيبة كان يمارس الـ Net-Working المباشر وبنفسه من خلال اتصاله المباشر بالمجتمع المدني وبالصحفيين وبالزعماء السياسيين حتى المتخالفين معه في الرأي، وطبيعي أن تكون لبورقيبة في هذا الإطار لقاءات وحوارات مع النخب اليهودية لتواجدها في مختلف المواقع والمناصب. أما فيما يتعلق بما قيل عن غياب النخب وعن غياب المقاربة العربية-العربية وعن انعدام لغة الحوار، فأنا شخصيا بحكم انتمائي لجيل ما بعد الاستقلال, كنت فقط أستمع إلى “صوت العرب” ولم أكن أعلم بوجود مثقفين عرب أو صحفيين كبار, كتبوا مقالات هامة ظلت عالقة بأذهاننا إلى اليوم باستثناء مواقف إدوارد سعيد أو أحمد سعيد؟؟ وهنا أؤكد عن انعدام تواجد طبقة مثقفة, تبنت مواقف محددة إزاء مصيرنا وواقعنا العربي المعاصر. – خالد الدخلي : لدي سؤال في شكل افتراض أتوجه به إلى الدكتور عبد الجليل التميمي لنفترض أنه وفي فترة ما قبل حرب أكتوبر 1967، توجه عبد الناصر إلى الأمة العربية بخطاب وأقر فيه أن العرب أخطأوا ورفضوا قرار التقسيم وعبر عن استعداد العرب بقبول قرار الأمم المتحدة والاعتراف بإسرائيل, فكيف يمكن تصور ردود فعل العالم والشعوب العربية على ذلك؟ فلا شك أن ذلك سيفقد عبد الناصر قيمته التاريخية وشعبيته وستفقد مقولاته العروبية قيمتها. ولا شك أن ذلك سيفاجأ ليس فقط العرب وإنما سيفاجأ العالم كله. ومن هنا لا استغرب أن يكون عبد الناصر قد قال لبورقيبة : إذا يستطيع بورقيبة اقتراح هذه الحلول, فإنه كجمال عبد الناصر يستحيل عليه التصريح بذلك حتى ولو كان مقتنعا ومؤمنا به. ومن هنا أتساءل عن ردود الفعل إزاء عبد الناصر إذا ما قبل التصريح وتبني مقترحات بورقيبة؟؟ د. عبد الجليل التميمي: بالرجوع إلى معالجة هذا الملف في تلك الفترة الزمنية الدقيقة, فإنه يستحيل على عبد الناصر تبني هذه المقولات والتصريح بها علنا على الشعوب العربية، ولا يصح ذلك حتى من الناحية الافتراضية, لأنه يعلم أن ذلك يتنافى مع الخط العام لسياسته العربية وسيفقد شعبيته وقيمته لدى قيادات العالم العربي وكذا النخب والقوميين العرب جميعا. وبالتالي فمن المستحيل أن ينشق عبد الناصر عن المسار الذي اختاره ويقبل باقتراح بورقيبة. فلم يكن لديه سوى المساندة الشكلية الكلامية الانفرادية لبورقيبة, وربما حتى تشجيعه على طرح أفكاره تلك. أما أن يصرح هو بهذه المقولات, فهذا أمر غير وارد بالمرة. د. رشيد التراس: أود التذكير بزيارة شارل ديغول إلى الجزائر بعد عودته إلى الحكم 13 ماي 1958 وإثر حل الحكومة الجمهورية الرابعة, فقد مثلت عودته رمزا لإعادة أمجاد فرنسا وهيبتها, وبعد ان عاد إلى الحكم زار الجزائر وألقى خطابه المعروف وقال فيه للفرنسيينJe vous ai compris (لقد فهكمتكم) ! ولكن في قرارة نفسه لم يكن مقرا بمقولة l’Algérie française (الجزائر الفرنسية) ولم يكن مساندا لفكرة إلحاق الجزائر. وشرع في محاربة قوات الجيش المدافعين عن بقاء الجزائر لفرنسا، ودام تطبيق هذه السياسة 4 سنوات ( 1958 حتى 1962 ) وهذا يؤكد أنه ليس من الهين على زعيم (أن يقبل بالتعاطف مع شعبه في الخط المعاكس للشعب) De caresser le peuple dans le sens contraire du peuple. فيما يخص بورقيبة، فلا شك أن فترة إقامته بالمشرق كانت فترة مؤثرة بالنسبة إليه، فيما يتعلق بتبلور مفاهيمه للثورة العربية وللقيادة العربية ولإمكانيات العرب في تلك المرحلة. وعند عودته إلى تونس تكونت لديه منذ تلك الفترة نظرته النهائية للعرب ولسياسته التي يجب أن يسلكها إزاء القادة والقضايا العربية. د. عبد الجليل التميمي: أود أن أصل إلى مفرق آخر لهذا الحوار، فعلى الرغم أن الحلقة الأخيرة من سلسلة زمن بورقيبة قد موقعت بورقيبة موقعا واضحا و إيجابيا في جدلية معالجته للقضية الفلسطينية, لكن أذهب إلى الاعتقاد أن الكرة في الجانب التونسي، فعلى التونسيين أن يسعوا لإنجاز فيلم عن بورقيبة، على غرار فيلم أحمد زكي الذي جسد فيه شخصية عبد الناصر على أن يكون فيلما يجسد شخصية بورقيبة بمختلف جوانبها ويكون إنتاجا تونسيا وينشر في بقية العالم العربي ويعمم على صعيد الرأي العام التونسي, لأن ما قام به بورقيبة في شأن قضايا فلسطين وقضايا تحديث وبناء الدولة الوطنية، أصبح مكسبا وطنيا, بل أذهب إلى الاعتقاد أنه مكسب عربي. خاصة وأن العرب اليوم غيروا آرائهم عن بورقيبة فأصبحوا يعتبرونه زعيما عربيا متميزا وسابق لعصره على الساحة العربية. ومن هنا يمكن يومئذ الرجوع إلى الأرشيفات السمعية البصرية وإعادة توظيفها لتبديل صورة بورقيبة المعهودة، من خلال فيلم يكون متكاملا عن شخصية بورقيبة. وهذا النداء نريد أن نوصله إلى مختلف المسؤولين التونسيين وإشعارهم بأهمية هذا الإنجاز في المستقبل. ولنا أيضا في المثال التركي أبرز الأدلة حيث أنجزوا مئات الأفلام حول شخصية كمال أتاتورك، وتنوعت وجهات النظر اليسارية واليمينية المساندة أو المعارضة وكلها ساهمت في إبراز مختلف نواحي شخصية كمال اتاتورك. ونحن في تونس، لا بد أن نستثمر طول وثراء تجربة فترة حكم بورقيبة بإيجابياتها وسلبياتها معا, للعمل على إنجاز عدة أفلام حول هذه الشخصية ونقلها للأجيال القادمة. وفي الختام لا يسعني إلا أن أرفع التقدير العالمي لقناة العربية التي خططت لتحقيق مسلسل زمن بورقيبة ومنحت تأييدها ودعمها لكل من السيدين محمد الهادي الحناشي وماهر عبد الرحمان لإنجاز ذلك, كما أني أشكر كل الحاضرين على هذا الاستشراف الودي والأخوي حول هذا الملف الذي مازال ملف الساعة على مستوى الوطن العربي والدولي أيضا.‏‏ (المصدر: مراسلة اليكترونية وزعتها مؤسسة التميمي يوم 16 أفريل 2007)

خاص: الوزير الأول في منشور موجه للوزراء والولاة ورؤساء البلديات والمنشآت العمومية

الـمـطــــلـوب وضـــع حــــدّ للـتدخــــلات والـــوســــاطــــات فــي مصـالــــــح الادارة لا تكترثوا بمن يريد استغلال أسماء أصحاب الوظائف العليا والمراكز الهامة لقضاء شؤون إدارية بدون موجب قانوني

 
تونس -الأسبوعي عاد الحديث عن ظاهرة التدخلات والوساطات التي يستخدمها البعض للحصول على خدمات ومنافع دون احترام الاجراءات الادارية ليطفو على السطح من جديد. ويبدو أن الظاهرة لم تعرف لها حدّا رغم ما اتخذ من إجراءات وتدابير بل لوحظ أنها تنامت تدريجيا لتشكل «ظاهرة إدارية» يمكن أن يتسنى للمتتبع ملاحظتها. وقد أمكن لمصالح الوزارة الاولى الوقوف على تنامي ظاهرة التدخلات والوساطات قصد تمكين بعض الاشخاص من الحصول على خدمات أو منافع دون التقيّد بالضوابط التي تحكم إسداء الخدمة العمومية وأحيانا دون احترام الاجراءات والتراتيب الادارية المعمول بها.  ظاهرة تتنامى وعلى إثر وقوفها على تنامي هذه الظاهرة في بعض المصالح الإدارية وتفاديا لما تتسبب فيه من تأثير سلبي على السير العادي للمرفق العمومي وعلى مصداقيته، قررت الوزارة الاولى لفت نظر كافة المصالح المركزية والجهوية للوزارات وكذلك البلديات والمؤسسات والمنشآت العمومية الراجعة إليها بالنظر. ودعا الوزير الاول، ضمن منشور اعتبره المتابعون لشؤون الإدارة غير عادي، الوزراء وكتاب الدولة والولاة ورؤساء البلديات ورؤساء ومديري المؤسسات والمنشآت العمومية الى الحرص على أن تتم معالجة الملفات المتعلقة بالخدمات الإدارية صلب المصالح الادارية العمومية المختصة ومن قبل الأعوان المكلفين بها في كنف الالتزام التام بما جاءت به النصوص القانونية وبالتراتيب الادارية الجاري بها العمل والتأكد من توفر الشروط والمقاييس المخولة للحصول على أي خدمة. كما دعاهم الى حثّ كافة المسؤولين عن المصالح  الادارية العمومية على عدم التدخل  الا في الحالات التي يثبت أن لها علاقة بالصالح العام حتى يتسنى وضع حد لظاهرة التدخلات والوساطات وتفادي كل ما يمكن التذرع به لتبرير إسداء بعض الخدمات الإدارية بدون وجه قانوني. مغالطات وشدد الوزير الأول في المنشور الموجه الى أعضاء الحكومة والمسؤولين عن المؤسسات والمنشآت العمومية والبلديات والولايات الى عدم الاكتراث بما قد يلجأ اليه البعض من محاولات للتأثير على المصالح العمومية مثل استغلال أسماء أشخاص من ذوي الوظائف العليا والمراكز الهامة دون علمهم أو انتحال صفة أو الإدلاء بهوية غير صحيحة (..) قصد مغالطة هذه المصالح وحملها على إسداء خدمات أو قضاء شؤون إدارية والحصول على تراخيص أو تسوية ملفات بدون موجب قانوني. ودعا المنشور كل الوزراء وكتاب الدولة ورؤساء البلديات والولاّة ورؤساء ومديري المؤسسات والمنشآت الى ضرورة إيلاء هذه الظاهرة أهمية بالغة واتخاذ الاجراءات والتدابير الادارية اللازمة للحيلولة دون حصول تدخلات أو وساطات للحصول على بعض الخدمات سعيا لمزيد تجذير تقاليد النزاهة والشفافية في علاقة المصالح العمومية بالمتعاملين معها. ح.غ (المصدر: جريدة “الصباح الأسبوعي” (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 16 أفريل 2007)

 

لا يجوز الحديث مع الحامدي والصلح منه خيانة

 
بقلم: ام اسامة
السيد الهاشمي الحامدي يسعى للمصالحة بين السلطة والإسلاميين عموما وبين السلطة والنهضة خصوصا ومن دون تحليل للنوايا فهذا شان يدركه الله عز وجل في معتقدنا اهل السنة . اما من هاجر وادعى النبوة وتلقب  بانه محمد وانه مهاجر ويحذر الناس من  مجرد الرد او الحديث عن السيد الحامدي  من منطلق ان الحامدي  ليس من النهضة فهو خائن, الحامدي له جواز سفر تونسي فهو خائن, الحامدي يمدح وشكر بن علي فهو خائن,  ,الحامدي عنصر مخابرات صنعته السفارة فهو خائن فالخيانة للحامدي ومن كان على دربه.  فمهاجر محمد رجل يقول انه من ابناء النهضة او انه من قياداتها وانه يطلع الغيب فمن خلال كتابتك يعرف انك رجل او امراة  يوحى اليه فهو محمد  او اسمه محمد اغتاض وزمجر وارتعد مهددا انصاره من مجرد الرد على الحامدي  وحبر موقع الحوار نيت محذرا من سخط المولى فهو هي مهاجر ~ ص~ غير راض عن مبادرة الحامدي ولم تسلم امة من غضبه  لا لشيء الا اانها ذكرت انها مع مبادرة الحامدي فما كان منه الا ان ذكرني ونعتني بما نعت به الحامدي من خيانة وما الى ذلك وعرف اني اتردد على السفارة  كي انقل اخباره  رغم اني متسترة باسم مستعار – كماهو متستر-  الا انه وسبحان الله انكشف له الغيب وعرف عني كل شي ء  ووصفني كما وصف الحامدي باني من  اتباع سلطة واني عميلة للسلطة وما الى ذلك من النعوت هو شبهنني بالرجال فهذا لا ينقص من قدر المراة اما ان يشبه الرجل بالمراة فهذا ما يحط من قدره ان كان له قدر ساخاطبك على اساس ما اوحي  اليك من امرنا : تزعم بان الهاشمي في مبادرته يريد ان يخذل و يدمر جماعة النهضة . انا وانت وامثالنا من المتسترين لا يحق لنا ان نتكلم في من يتحرك وهو  في وضح النهار كالعلم يعرف العديد وليس هناك ما يخيفه من قول الحق اما نحن – انا وانت  –  اي من يتستر ويخاف من ظلم السلطة رغم بعده عن البلاد الاف الاف الكلمترات ,   فلا يصدق عن بعد الا الرسول وانت لست برسول اللهم الا ان كنت تبطن هذا. صحيح انك تعلم الغيب وما يقر في النفوس وما يدور في البال لكن رغم ذلك لا يسمع لك الناس فنحن في زمن الصادق فيه هو الرجل الواضح ولا ياخذ الكلمة الا من هو اهل لها . الحامدي له الحق ان يتكلم بصفته اسلامي ووجه معروف من وجوه الإتجاه الإسلامي عرفناه كتوانسة في الجامعة وعرفه الكثير من خلال نشاطه الإعلامي فخروجه عن النهضة لا يعني انه ارتد ولا يحق لك ان تطعن في عمله اما ان تفعل مثله او خيرا منه او ان تصمت اما ان تعمي بصرك الغيرة والجهل والتخبط  فهذا امر قد يستحب في شخصك لكن تاكد ان عموم الناس لا يحبونه فانظر كيف كان رد الهاشمي على ابن  منصف بن سالم كلامه واضح كما كان هذا الإبن معه واضح  فكن انت واضحا صورة وصوتا وكن ندا له وقف حتى يراك ويتبعك الناس فاي رسول – خصوصا  وهو يعلم الغيب –  يجب ان يكشف نفسه للناس ولا يخاطبهم من وراء حجب مثلي انا امراة ولا يلام علي  – وان كنت اقر اني من الخائفين انا استبعد ان تكون من النهضة- تحليلا لا وحيا  – فانا امة لله عز وجل- لذلك لا استطيع ان ارسم لك صورة لكن ما اقوله لك دع الرجال يفعلون فعلهم . والكل يعلم ان هناك اطراف متسترة تريد ان تسيء الى اي مبادرة خيرة رافعين شعارت ما عادت تنطلي على احد ابدا اعمت المصلحة والجبن اعينهم ما سمعنا بهم ولا راينا لهم اثرا الا الطعن في اصحاب المبادرات الخيرة ثم ان كنت تكره السفارة واهلها ومن اقترب منها فلك ذلك وتكبر في اعييننا  ان نشرت السفارة اسمك في قائمة اخطر الناس على السلطة كما كبر الهاشمي في اعين الناس انه من المقربين للسلطة علما واني احب كل ما هو تونسي حتى وان كان جمادا فانا اعشق ترابها والحمد لله اني ما ابتعدت عنها ولا شبرا – لست لاجئة واسمي غير مدرج في قوائم الداخلية ولست مهاجرة لكني اخاف  من كل ممن يسئ الى تونس قولا وعملا فليست السلطة هي الشر بل من الإسلاميين من هو اشر, لا يريد ان يمر الخير لغيره ينعم بانات المضطهدين ويمنع السبيل امام المصلحين مشككا في كل ما هو يقين يملء الحقد قلوبهم – وهم جالسون – حين يرون البلاد تنعم في النعيم . ان ادرك الحامدي ان الصلح هو   مدخل للخير قد يجلب للناس النعيم فدعه وشانه واقل شيئ تفاءل,  وانا متيقنة انه ان كان عمل الحامدي انتج  خيرا فستكون انت اول  المييتين غيضا وحقدا على داعي الخير   وان كنت محمدا   يوحي اليك سرائر الناس ومايدور بداخلهم وتغير الأنثى الى ذكر والحق الى باطل اكيد انك مقتنع ان الذي يوحي اليك شيطان وليس رب العالمين فاسلوبك في الكلام  كالنار الحامية   بل انت حامي هذه النار  فاستمتع بدفئها لكن لا ترمي غيرك بشررها فتحرقه   واجعل خلقك الحسن هو الذي يقود الناس كي يصفوك “محمد” و “مهاجر” اما من يصف نفسه بنفسه بصفات الكمال والإجلال وخطاباته مدنسة ويدعي ماهو ليس اهل له وان السلم لا ياتي الا عن طريقه هو  فهذا يسمى غرورا وليس غيرة على البلاد  وشتان بين المغرور والغرور اما السيد الحامدي فلا اظن انه يصغي لك والى امثالك او انكم ستثنونه عن  عمله فهذا الرجل شق الطريق  باسمه وقناته ومبادراته. اما انت- من يريد ان يزاحم الحامدي- فلا اسم لك ولا اظن انك من الناجحين او الفاعلين  فلا اسم لك وما سمعنا انك صاحب مبادرة او موقف  وما نراك الا عند الطعن والخذلان. ثم مالذي يثيرك عندما تمدح تونسية مبادرة خير من تونسي  فنحن التوانسة هذا طبعنا فان كنت تونسي فكن معنا في الدعوى للخير   والصلح وان كنت من غير طينتنا فاعذرني في التقصير فنحن بشر وخطابنا موجه للبشر. واني اقولها ثانية ورابعة اني مع مبادرة الخير التي يطرحها الحامدي فقط لو يطلعنا الحامدي عن معالمها واساليبها كما اعلن لك اني مع ما قاله الأستاذ بسيس في دعوته لوقف معانات بعض المساجين وانا مع كل من يقول خيرا ويسعى للخير واسعاد الآخرين ولست مع من يبحث له عن مكان لنفسه  ويدعي لنفسه ما هو ليس باهل له. ولست مع من  يتحرك فيه الا اللسان بودي ان ارى منك ما يفند كلامي.  


ستلوح بارقة الضياء

  

 
جمال الدين أحمد الفرحاوي وتجمعوا من شرقنا وشمالنا من غربنا ومن الجنوب اليعربي جاؤوا لنكئ جراحنا للرّقص ….على أتراحنا ضيم على ضيم تكدّس في بلاد العرب قمم على قمم على قمم وما رأينا  فيهم إلا سفيها أجدب قوم إذا تجمعوا تنادوا للهراء وللشراب وللشواء وللبطولات الخواء وللنصوص الخاويات وللبلاهة في الإنشاء سنكسر………… سنحطم……….. سنبيد ظاهرة العداء س….سوف …..سيكون…..ولن جمع من الدجلة وتجمع للسفهاء خمسون مرت والبلاد كئيبة وأرى البلاء يحل من فوق البلاء خمسون مرت والجراح عميقة ونعاجنا…(حكامنا) زادوا عماء في العماء وتمسكوا بعروشهم وتمايلوا بكروشهم وتزايدوا بقروشهم ظنوا بانهم خلود ونسوا …. تصاريف القضاء قوم إذا ذكر الفناء بالوا مخافة الفناء نسوا بأن الله حق وان لا بد من اللقاء وبأننا سنجيئهم كنار من تحت الرماد  
……….نجيـــئهم كالريح………….. كالريح نجيئهم كالعاصفة الهوجاء وسنزحف لحصادهم كالموج …… نزحف كالأنواء…… كالريح…….كالريح كالريح عاتية نجيء ســـــنجيهم…… وسنمحو  …..غبش وجوههم بحذاء حتما يجيء صباحنا من بعد دائرة المساء حتما…..ستشرق…..شمسنا ستبيدهم  بشعا عها حتما سيورق  ….صبرنا حتما ….تجيء حتما تلوح  بارقة الضياء لاهاي  /15/04/2007  
 

 

مؤسس «الجماعة السلفية» يتبرأ من اعتداءات «القاعدة» …

بوتفليقة يجول في العاصمة ويتمسك بخيار المصالحة

 
الجزائر – محمد مقدم     عاد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، أمس، جرحى التفجيرات التي هزّت العاصمة الجزائرية الأربعاء الماضي، وحاول طمأنة الضحايا متعهداً بأن البلاد ستخرج من الأزمة «بفضل سياسة المصالحة الوطنية»، لكنه حرص على عدم الإدلاء بأي تصريح إلى الصحافيين في ختام زيارته الميدانية الأولى منذ شهور. وعاين بوتفليقة في مستشفى مصطفى باشا في الجزائر العاصمة ثمانية جرحى من ضمن 20 جريحاً يتلقون العلاج هناك، بينهم أربعة في قسم طب العيون وطفل في قسم جراحة الأطفال وثلاثة في قسم جراحة الأعصاب.   وحرص الرئيس الجزائري على التزام الصمت خلال جولته وإن بدا غاضباً من التفجيرات الدامية، في وقت انتقد وزير الداخلية يزيد زرهوني «المذكرة التحذيرية» التي أصدرتها السفارة الأميركية في الجزائر من مخاطر حصول هجمات جديدة ضد أهداف حيوية في العاصمة، وقال للصحافيين على هامش جولة بوتفليقة إن «واشنطن تصرّفت معنا وكأننا طيور متوحشة». وأعلنت وكالة الأنباء الجزائرية أن وزارة الخارجية استدعت أمس ممثل القائم بالأعمال في السفارة الأميركية لتسليمه احتجاجاً شديداً على «التحذير» الذي أصدرته السفارة الأميركية عن هجمات محتملة قد يشنها تنظيم «القاعدة» في العاصمة. وزار الرئيس الجزائري أحياء في وسط العاصمة مثل حي المعدومين ودالي إبراهيم وعين النعجة الشعبي، في محاولة لافتة لطمأنة سكان العاصمة في شأن قدرة السلطات على التصدي لتهديدات «القاعدة» بعد تفجيرات «الأربعاء الأسود» التي أوقعت 33 قتيلاً. وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» أن زرهوني أكد أن السلطات الجزائرية كشفت هوية الانتحاريين اللذين هاجما منطقة باب الزوار بعدما كشفت قبل أيام هوية الانتحاري الذي ضرب قصر الحكومة. حطاب يتبرأ من «القاعدة» إلى ذلك، تبرأ حسان حطاب ( «أبو حمزة»)، مؤسس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، من الاعتداءات التي استهدفت العاصمة والتي تبناها تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» بزعامة المدعو «أبو مصعب عبدالودود». وتولى الأخير إمارة «الجماعة السلفية» بعد مقتل أميرها نبيل صحراوي قبل عامين والذي كان بدوره تولى الإمارة خلفاً لحطاب. وبدأت «الجماعة السلفية» محاولات تقرب من تنظيم «القاعدة» في خلال إمارة صحراوي، وفي عهد عبدالودود تم دمج الجماعة الجزائرية في «القاعدة» وتغيير إسمها إلى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وأعلن حطاب في رسالة مطولة بعث بها إلى بوتفليقة، وتلقت «الحياة» نسخة منها، أنه يوجه «نداء للناشطين أن يكفوا نشاطهم ويلتحقوا بالمصالحة الوطنية الحقيقية». وتعهد العمل على «زرع بصيص الأمل في نفوسهم (المسلحون) وبعث الاطمئنان في قلوبهم جميعاً». وعبّر عن اقتناعه بأن الذين خططوا للتفجيرات الأخيرة «فئة قليلة تريد أن تجعل من الجزائر عراقاً ثانياً»، وقال: «ليكن في علم العام والخاص أننا لم نكن إطلاقاً وراء العمليات الانتحارية»، وأضاف: «نندد بهذه الفعلة ولا علاقة لنا بها إطلاقاً، لأننا ما زلنا نؤمن بالمصالحة الوطنية». وخاطب «أبو حمزة» الرئيس بوتفليقة قائلاً: «نحن نطلب من رئيس الجمهورية أن نلتمس منه العفو لإعادة فتح ملف المصالحة الوطنية من جديد وإعادة النظر فيه وتمديد المهلة»، مشيراً إلى استعداده للنزول من الجبل نهائياً «وفقاً للمصالحة الوطنية التي نطمح إليها ويرافقني جيش من المقاتلين إن شاء الله». في غضون ذلك، أفادت وسائل إعلام جزائرية أن أربعة عسكريين قُتلوا في مكمن نُصب لهم في شرق الجزائر. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 أفريل 2007)


اللجان الثورية تُنظم «عرض قوة» في طرابلس وبنغازي وتهدد «الحزبيين والتكفيريين والزنادقة» … القذافي يتوعد المعارضين لـ «نهج الثورة»

 
طرابلس (لبييا) – محمد عبعوب     توعّد الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بـ «بالثبور والويل كل من تسوّل له نفسه الوقوف في وجه الثورة والقوى الثورية في ليبيا أو المساس بسلطة الشعب». وخاطب القذافي تجمعاً للمنتسبين إلى «اللجان الثورية» تجمعوا أمام بيته في باب العزيزية في طرابلس في مناسبة الذكرى الـ 21 للغارات الأميركية على طرابلس وبنغازي، وقال «إن مسيرة استعراض القوة التي قامت بها قوى الثورة تمثل مظاهرة سافرة لتأكيد قدرتنا على الدفاع عن الثورة ورسالة واضحة للأعداء في الداخل والخارج بأن عليهم التفكير ألف مرة قبل الإقدام على أي تحرك ضد الثورة». وحض القذافي قوات عسكرية وشبه عسكرية من اللجان الثورية تدفقت على طرابلس وبنغازي في «عرض قوة» بمناسبة ذكرى قصف المدينتين عام 1986، على «أن تكون جاهزة للدفاع عن الثورة»، وحذّرها من أن «القوى الطاغية والمتمادية والمتجاوزة لحدودها قد تعيد الكرّة إذا توافرت لها الشروط المناسبة، وانه لا يمكن وقفها إلا بالقوة». وتابع «قوى الثورة في ليبيا جاهزة لاقتحام أي مدينة أو موقع يوجد به الأعداء لسحقهم والقبض عليهم وإفشال مشاريعهم المعادية للثورة». وجدد الزعيم الليبي دعوته التي أطلقها قبل أسابيع من واحة آغاديس في شمال النيجر لاقامة الدولة الفاطمية الثانية في شمال افريقيا، مشيراً إلى أنها «خيار لا مفر منه» بحسب تعبيره، لإخراج المنطقة من مشاكل واحتقانات سياسية ومذهبية وعرقية. ووجه كلامه إلى الأميركيين باعتبارهم «القوة الوحيدة القادرة على التأثير في الدولة العبرية»، قائلاً إن «الخيار الوحيد لانهاء الصراع في فلسطين هو اقامة دولة ديموقراطية موحدة للفلسطينيين واليهود فوق أرض فلسطين، وإن كل مشاريع السلام التي قدمها العرب لا تعدو كونها تفريطاً في الحقوق وتعقيداً للصراع الدائر في المنطقة». وعبر عن ارتياحه لمستوى العلاقات الليبية – الأميركية في ظل حكومة الرئيس جورج بوش وندد في شدة بسياسات الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان واصفاً اياه بانه كان مجنوناً وعدوانياً تسبب في توتير العلاقات الليبية – الأميركية. ومعلوم ان الغارات الأميركية على طرابلس وبنغازي التي قُتل فيها عشرات نُفّذت في عهد ريغان الذي بررها بأن ليبيا ضالعة في تفجير ملهى ليلي في برلين الغربية (في 1986). ويأتي كلام القذافي عشية وصول نائب وزيرة الخارجية الأميركية جون نيغروبونتي إلى طرابلس في أرفع زيارة لمسؤول أميركي إلى ليبيا منذ السبعينات. في غضون ذلك أكدت «اللجان الثورية» التي اشرفت على تنظيم مسيرات أمس تمسكها بـ «الخيارات الثورية» وبقيادة القذافي للثورة. وتعهدت في وثيقة تُليت أمام المشاركين في مسيرة طرابلس بحضور نجل الزعيم الليبي المعتصم القذافي، «مستشار الأمن القومي»، وقيادات تاريخية للثورة، بأنها «ستسحق كل من تسوّل له نفسه المساس بالثورة أو قيمها وثوابتها من فلول الرجعية والرأسمالية والحزبيين والتكفيريين والزنادقة». ونفّذ كوادر من «حرس الثورة» شاركوا في استعراض القوة، تمارين بوسط طرابلس تمثلت في «اقتحام مواقع» والاشتباك مع اعداء مفترضين». (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 أفريل 2007)


مجلس الأمن الوطني في ليبيا يباشر مهامه للمرة الأولى

 
طرابلس ـ يو بي أي: باشر مجلس الأمن الوطني الليبي مهام عمله للمرة الأولي في ليبيا كمؤسسة تلتقي فيها القطاعات العسكرية والأمنية والمدنية لإعداد السياسة العامة للحفاظ علي الأمن الوطني في البلاد. وعقد المجلس السبت أول جلسة علنية له برئاسة رئيس الحكومة البغدادي المحمودي تابعها عدد من أعضاء الحكومة عبر الدائرة المغلقة. يذكر أن نجل الزعيم الليبي معمر القذافي المعتصم بالله كان قد تم اختياره كمستشار لمجلس الأمن الوطني، الذي أقره البرلمان الليبي بموجب قانون أصدرته المؤتمرات الشعبية التي تحدد السياستين الداخلية والخارجية في البلاد. وتزامن انعقاد جلسة المجلس مع إحياء الليبيين للذكري الحادية والعشرين للقصف الأمريكي لمدينتي طرابلس وبنغازي إبان الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي ريغان. واعتبرت وكالة الأنباء الليبية أن هذا التزامن يعد تأكيدا جديدا للعالم بأن الليبيين يمضون قدما في تعزيز عزمهم الذي عقدوه للدفاع عن مكتسباتهم المعنوية وعن أرضهم ضد الطامعين في مقدراتهم ولتحقيق الأمن والطمأنينة في كل ربوع الوطن. وأكد مستشار الأمن الوطني أن هذا المجلس سيكون المرجعية الأولي في مجال ضمان الأمن الوطني. وأشار إلي أن المجلس سيعمل علي تحقيق وتناسق وتكامل سياسات التنمية والدفاع والأمن والخارجية باتجاه المصالح العليا لليبيين. وشدد المعتصم بالله القذافي الالتزام بالسير علي درب الأخ قائد الثورة (معمر القذافي) في تعزيز ممارسة الشعب لسلطته في ظروف الأمن والأمان . ووفقا لقانون الذي أنشئ المجلس علي أساسه، فأن سيعمل علي رفع قدرات الدولة في التعامل مع مصادر التهديد للأمن الوطني وإدارة الأزمات والكوارث. كما سيعمل علي مراجعة السياسات العامة لضمان رفع المستوي المعيشي للأفراد لتعزيز الرفاهية والاستقرار وتحقيق التنمية الشاملة. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 أفريل 2007)  


في الانتخابات العامة المقبلة

يسار المغرب يتحد لمواجهة الإسلاميين 

 
                 الحسن السرات-المغرب شرعت عدة أحزاب يسارية مغربية في لملمة صفوفها استعدادا للانتخابات التشريعية المقررة في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل. وقرر الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي تقديم مرشح مشترك في الانتخابات المقبلة، وأطلقت على نفسها تجمع اليسار الديمقراطي. الأحزاب الثلاثة التي تصنف نفسها على أنها قطب “المعارضة اليسارية” تمييزا لنفسها عن الأحزاب اليسارية المشاركة في الحكومة مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أوضحت أنها ستعلن رسميا عن هذا القرار في الـ29 من هذا الشهر بالرباط في مهرجان يجري الإعداد له. ووصف محمد مجاهد الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد للجزيرة نت هذا القرار بأنه تاريخي، وأضاف أن الأحزاب الثلاثة المذكورة ستندمج فيما بينها لتكوين حزب واحد. وأشار مجاهد الذي أعيد انتخابه مؤخرا على رأس الحزب الاشتراكي الموحد، إلى أن هذا القرار جاء بعد كفاح مشترك بين الهيئات السياسية الثلاث ضد عتبة 3% التي أرادت أحزاب الأغلبية المشاركة في الحكومة فرضها ورفضها المجلس الدستوري. وأكد مجاهد أن المعارضة اليسارية هي اليوم أكثر بروزا وحضورا مما مضى، غير أن هذا يلقي بالمسؤولية المضاعفة على المناضلين اليساريين لإنجاح الرهان المعلن عنه. يذكر أن أمناء الأحزاب الثلاثة محمد مجاهد وأحمد بنجلون وعبد السلام العزيز سبق لهم أن اجتمعوا بمقر الحزب الاشتراكي الموحد بالدار البيضاء لتدارس تقديم مرشح مشترك، وأحدثوا لهذا الغرض لجان عمل لمناقشة الإجراءات الضرورية لمشاركة مندمجة في الانتخابات المقبلة. وقد قرر حزب يساري رابع عدم المشاركة في الانتخابات ومقاطعتها بسبب النهج الديمقراطي. جمعية بدائل من جهته كشف إدريس بنعلي رئيس جمعية “بدائل” للجزيرة نت أن جمعيته السياسية تعمل على إنشاء تحالف واسع يشمل اليساريين والحداثيين، وذكر بنعلي أن الأحزاب المعنية هي الأحزاب اليسارية التي ستعلن عن اتحاد بينها، أي الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي, وجمعية بدائل وجمعيات حداثية وديمقراطية وحزب الاستقلال والتجمع الوطني لأحرار، وأحزابا أخرى. وأوضح بنعلي وهو محلل اقتصادي وأستاذ جامعي أن الترتيبات جارية على قدم وساق لتقريب وجهات النظر عن طريق أرضية ستعرض على المعنيين بالأمر للنظر فيها وإبداء وجهات الرأي بعد أن أنهت جمعيته فترة تفكير في جامعة ربيعية أتشئت لهذا القصد. وأكد بنعلي أن هذا التحالف موجه ضد القوى المحافظة، معتبرا أن هؤلاء هم أعداء للحداثة والديمقراطية ومصدر تهديد لها. وأضاف بنعلي أن التحالف سيسعى إلى تحييد الدين وجعله شأنا فرديا وسيدافع عن حرية الاختيار الشخصي وإبعاد الدين عن السياسة. وكانت جمعية بدائل قد وجهت نداء تحث فيه اليساريين والديمقراطيين والحداثيين إلى التكتل قبل حصول المد الإسلامي أو المحافظ، مقترحة 50 توصية للخروج من حال الجمود والتردد والتشتت عند “القوات التقدمية” كما جاء في النداء. وتراهن بدائل على التقرب من القصر الملكي لقطع الطريق على القوى المحافظة. كما دعت إلى اعتماد العلمانية بالمغرب وفصل الدين عن الدولة، وهو الأمر الذي سيكون محط نقاش في مؤتمرها المقبل هذا الشهر. (المصدر: موقع “الجزيرة.نت” (الدوحة – قطر) بتاريخ 12 أفريل 2007)


اعتقال مراسل قناة الحوار في القاهرة

 
لندن ـ القدس العربي: اعتقلت السلطات الامنية المصرية امس الصحافي عبد المنعم محمود مراسل قناة الحوار في القاهرة، اثناء توجهه الي خارج البلاد في مهمة عمل. وقالت قناة الحوار في بيان اصدرته في لندن امس انها تتابع ببالغ الاستهجان والقلق الشديد قيام قوات الامن المصرية باعتقال مراسلها في مطار القاهرة وحبسه علي ذمة التحقيق. وذكرت ان الاعتقال يأتي بعد يومين علي تغطية عبد المنعم لمؤتمر منظمة العفو الدولية بنقابة الصحافيين والذي كشف خلاله انتهاكات الاجهزة الامنية في مصر، اضافة الي شهادة حول التعذيب ادلي بها للمؤتمر الخامس للحملة الدولية ضد الاحتلال الامريكي والصهيوني . وطالبت القناة السلطات المصرية باطلاق سراحه فورا، واعتبرت اعتقاله اعتداء صارخا علي حرية الصحافة وحرية التعبير والحريات الشخصية، كما ناشدت الحوار كل الجمعيات الحقوقية وجمعيات حماية الصحافيين العربية والدولية للتدخل وعمل ما يمكن لضمان اطلاق سراح المراسل فورا. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 أفريل 2007)


الانترنت تعطي فضاء أرحب للدفاع عن قضايا حقوق الانسان

الانترنت وحقوق الإنسان في ورشة عمل في القاهرة

 
عدد من اهم المواقع والصحف الالكترونية والحقوقية العربية تبحث اهمية الانترنت في الدفاع عن حقوق الانسان العربي. ميدل ايست اونلاين – القاهرة – عقدت في القاهرة في العاشر من ابريل/نيسان ورشة عمل موسعة حول “الانترنت وحقوق الانسان” شارك بها عدد من اهم الاعلاميين والحقوقيين العرب وذلك بتنظيم من “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان” التي تتخذ من القاهرة مقرا لها. وقد شارك في ورشة العمل مدراء تحرير وممثلون عن سبعة من اهم المواقع الاعلامية العربية العاملة على الانترنت وهم: – موقع ميدل ايست اونلاين. – موقع الجزيرة نت. – موقع العربية نت. – موقع اسلام اونلاين. – موقع محيط الالكتروني. – موقع ايلاف. – موقع نسيج. كما شارك في ورشة العمل عدد من اهم المنظمات المهتمة بحقوق الانسان في الوطن العربي وهي: – الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) من اليمن. – موقع الاقباط المتحدون. – اللجنة العربية لحقوق الانسان. – موقع امان من الاردن. – المرصد الوطني لحرية الصحافة والابداع والنشر من تونس. – جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان. – مركز هشام مبارك للقانون من مصر. – مركز النديم لعلاج ضحايا العنف من مصر. – مركز حابي لحقوق البيئة. – جمعية التنمية الصحية والبيئية. وقد تناولت اوراق العمل المقدمة أهمية الانترنت والاعلام الالكتروني في عرض قضايا وانتهاكات حقوق الانسان في الوطن العربي، والعلاقة ما بين منظمات حقوق الانسان والصحف الالكترونية العربية. كما جرى التركيز على خصوصية الصحافة الالكترونية واختلافها عن الصحافة الورقية وقدرتها على نقل هموم الانسان العربي بعيدا عن التحيز والضغط الذي قد تواجهه الصحف القطرية العربية من حيث كون الصحف الالكترونية تعيش في فضاء ارحب هو الفضاء الرقمي وما يعطيه هذا لها من حرية وقدرة على الحركة في التعبير الأمثل عن الانسان العربي وهمومه وتطلعاته. وقال المحامي جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ان هذه الورشة “تأتي لتسلط الضوء على اهمية الاعلام الالكتروني وقدرته على تبني قضايا حقوق الانسان والدفاع عنها في الوطن العربي، كما انها تأتي لتوثيق العلاقات بين اهم المواقع الصحفية الالكترونية العربية وبين منظمات حقوق الانسان العاملة بعيدا عن الضوء في الاقطار العربية المختلفة”. وأضاف عيد “ان قضايا حقوق الانسان قد عانت كثيرا من التجاهل الاعلامي في السابق وبالذات في عهد الصحافة الورقية بسبب عوامل كثيرة مختلفة ونعتقد ان الانترنت وما تتيحه من مساحة وحرية كبيرة قادرة على تجاوز هذا التجاهل وهو ما اخذنا نشهده بالفعل مؤخرا حيث أخذت قضايا حقوق الانسان طريقها الى الصحافة الالكترونية العربية”. ودعا عيد المواقع والصحف الالكترونية العربية الى ايلاء اهتمام اكبر بقضايا حقوق الانسان في الوطن العربي. من جهته قال الاعلامي محمد سناجلة مدير تحرير ميدل ايست اونلاين “ان هذه الورشة كانت مفيدة جدا في بيان دور الصحافة الالكترونية العربية في الدفاع عن قضايا الانسان العربي عموما وتلك المتعلقة بانتهاكات حقوق المواطن العربي على وجه الخصوص”. وأوضح سناجلة ” أن موقع ميدل ايست اونلاين يتبنى خطا تحريريا منحازا لقضايا الأمة العربية عموما وقضايا الانسان العربي على وجه الخصوص، حيث خصص الموقع مساحة واسعة للدفاع عن حقوق الانسان في شتى اقطار الوطن العربي ونشر الانتهاكات التي يتعرض لها الانسان العربي”. مشيرا الى ان وجود مقر ميدل ايست اونلاين في المهجر قد اعطاه حرية كبيرة في الحركة بعيدا عن عصى الانظمة العربية وتهديداتها المختلفة، داعيا في ذات الوقت منظمات حقوق الانسان العاملة في الوطن العربي للتواصل اكثر مع الصحافة الالكترونية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الاعلام الالكتروني من حيث كونه اعلام اللحظة الراهنة وقدرته الكبيرة على الانتشار والتغطية. (المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين (لندن) بتاريخ 16 أفريل 2007) الرابط: http://www.meo.tv/?id=47131


 

كاتب مصري:

بعض الادباء اليهود حذروا من مصير مأساوي للصهيونية

 

القاهرة (رويترز) – يرى كاتب مصري أن الادب العبري تم توظيفه في النصف الاول من القرن العشرين لخدمة المشروع الصهيوني لكن بعض نماذجه حذرت منذ وقت مبكر مما يصفه بمصير مأساوي للصهيونية.

 

وقال محمد محمود أبو غدير أستاذ الادب العبري الحديث والدراسات الاسرائيلية بجامعة الازهر يوم الاثنين إن أعمال الادباء اليهود منذ بدايات الهجرات اليهودية الى فلسطين في النصف الاول من القرن الماضي كانت تهدف الى “خدمة المشروع الصهيوني والعمل على تجميل الواقع في فلسطين لجذب أكبر عدد من اليهود.”

 

وأضاف في ندوة (ترجمة الشعر الحديث والمعاصر في الاداب الشرقية) أن الادب العبري داخل فلسطين وخارجها تم تجنيده ضمن جهود إقامة ما سمي بالوطن القومي لليهود في فلسطين مشيرا الى أن كثيرا من الادباء والمفكرين اليهود تحمسوا لتلك الدعوة في حين رفض آخرون “تجميل الواقع اليهودي في فلسطين وتناولوا كل المشاكل التي يعاني منها المهاجرون الجدد” منهم يوسف حاييم برنر (1881-1921).

 

كما أشار الى أن بعض الادباء اليهود استمروا في تناول حياة اليهود في أوطانهم الاولى خارج فلسطين “مثلما فعل كبير القصاصين العبرانيين والحاصل على جائزة نوبل في الاداب (1966) شموئيل يوسف عجنون (1888-1970”) الذي يعتبره بعض النقاد كاتبا عنصريا.

 

ويشارك في الندوة التي تستمر يومين بالمجلس الاعلى للثقافة بالقاهرة نحو 30 باحثا ومترجما يبحثون اشكاليات ترجمة الشعر الفارسي والتركي والاردي والعبري والسرياني الى العربية ضمن محاور منها (مفهوم الوطنية بين الشعراء والشاعرات في الشعر الفارسي الحديث) و(الشعر النسائي الفارسي الحديث) و(موسيقى الشعر العبري الحديث) و(شعر الطفولة العبري) و(النبي محمد في شعر محمد اقبال) و(أثر انتفاضة الاقصى على الشعر العبري الحديث).

 

وقال أبو غدير في بحث عنوانه (الشعر العبري الحديث بين التسييس وحرية الابداع.. شعر الاحتجاج السياسي نموذجا) ان فصيلا من الادباء اليهود رفضوا تسييس الادب وتجنيده ورحلوا عن فلسطين “كرفض لمحاولة فرض املاءات سياسية على ابداعاتهم الادبية والفكرية.”

 

وضرب مثلا بحاييم نحمان بيالق الذي يوصف بأنه شاعر القومية اليهودية الاول حيث “رفض املاءات الزعامة الصهيونية” على الادباء اليهود ونشر عام 1931 قصيدة “لاذعة” عنوانها (رأيتكم من جديد على عجزكم) متهما تلك الزعامات “بالتفاهة وفقدان الحكمة والرؤية السديدة مؤكدا أن الزعامة الصهيونية تقود اليهود الى مصير مأساوي وتحيل حياتهم الى محن وشدائد وخلود في أنواع العذاب المختلفة التي قد تصل الى الموت أو الى ما هو أشد قسوة من الموت.”

 

وقال إن نبرة الاحتجاج في الادب العبري تراجعت بعد قيام اسرائيل لصالح “بلورة أسس المجتمع الوليد على أرض فلسطين وتثبيت قواعده الهشة” وان أشارت أعمال محدودة الى قسوة ممارسات الجيش الاسرائيلي تجاه الفلسطينيين “بهدف دفعهم للرحيل من قراهم ومدنهم” وهو ما تمثل في سلسلة من المذابح التي كان من أولى ضحاياها قرية (دير ياسين) اذ شهدت مذبحة عام 1948 راح ضحيتها 350 فلسطينيا وان بلغ الضحايا في التصريحات الاسرائيلية 254 فردا.

 

وأضاف أن شعر الاحتجاج السياسي في اسرائيل عاد “بقوة” بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 وما نشر من صور لمذبحة صبرا وشاتيلا اضافة الى الدمار الذي سببته القوات الاسرائيلية بقيادة وزير الدفاع انذاك ارييل شارون.

 

وقال أبو غدير ان بعض الادباء الاسرائيليين كتبوا ما يطلق عليه “أدب الاحتجاج السياسي” بعد الانتفاضة الاولى عام 1987 اعتراضا على ممارسات الجيش الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني واصفا ثمرة هذا الاحتجاج بأنه ظاهرة فريدة.

 

ورصد أحداثا قال انها “نشطت حركة المعارضة بين الادباء بما في ذلك الشعراء لممارسة حكومتهم غير الانسانية” بداية من الانتفاضة الثانية التي اندلعت عام 2000 وما تلاها من أحداث ذات تأثير في السياسة الدولية مثل هجمات 11 سبتمبر أيلول بالولايات المتحدة الامريكية وغزو العراق وتراجع اسرائيل عن تنفيذ اتفاقياتها مع الفلسطينيين “منذ اتفاق أوسلو (1993) فصاعدا” واعادة احتلال الجيش لمناطق بعد انسحابه منها وحصار غزة برا وبحرا وجوا.

 

وقال إن انتقادات الادباء الاسرائيليين لم تقتصر على الزعامات كما فعل حاييم نحمان بيالق وغيره وانما توجهات الى “رفض الدولة ذاتها التي تحولت الى دولة احتلال وبطش على غرار حكومة الاقلية البيضاء السابقة في جنوب افريقيا.”

 

وكانت الجمعية العامة للامم المتحدة قد أصدرت عام 1975 قرارا باعتبار الصهيونية حركة عنصرية. لكنها ألغت القرار السابق في التسعينيات بضغوط أمريكية. ثم دعا مؤتمر دربان بجنوب افريقيا في سبتمبر أيلول 2001 إلى اعادة تجديد قرار الامم المتحدة الداعي لاعتبار الصهيونية حركة عنصرية.

 

وقال أبو غدير إن بعض الادباء الاسرائيليين عبروا عن “تنكرهم للدولة الصهيونية والتحذير من أنها تسير الى نهايتها مع ابداء مظاهر تعاطف مع الفلسطينيين الذين يعانون من حكم عنصري اسرائيلي.”

 

من سعد القرش

 

(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 16 أفريل 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 


بـوّابـات الـذاكــرة
 
صبحي حديدي (*) في مجلّد ضخم بعنوان ويلات لا تنقضي: تاريخ اليهود في ألمانيا، 1743 ـ 1933 ، صدر بالإنكليزية في 446 صفحة و50 صورة فوتوغرافية ومادّة ببليوغرافية مدهشة، يسعي الكاتب والمؤرّخ الإسرائيلي عاموس عيلون إلي تدوين أرشيف جديد حول وقائع مئتي سنة من حياة اليهود في المانيا. وقد يقول قائل، علي الفور: كتاب آخر عن تاريخ اليهود في ألمانيا… ألا تكفي عشرات المؤلفات والمجلدات والأسفار؟ والجواب الدائم، الذي يأتي المرء كلّ شهر تقريباً: نعم، تنقيب دائب، وبحث لا يكلّ، ونزوع استراتيجي في العمق يستهدف إبقاء هذا التاريخ (وهو، في نهاية الأمر، تاريخ المحرقة) علي الألسن، وأمام الأبصار، وفي الضمائر. ولستُ متبحراً في تاريخ اليهود بما يكفي لكي أحكم علي الجديد الذي يضيفه عيلون، ولعلّ الأمر ليس مهماً البتة من هذه الزاوية. أن يأتي بجديد، أو يعيد إنتاج القديم، أو يُلبس القديم لبوس الجديد، أو حتي أن يكتشف وثيقة هنا وصورة هناك… كلّ هذا لا يبدّل من طبيعة وأهداف ومقاصد النزوع الاستراتيجي إياه، سيّما وانّ القسط الأعظم من تراثه يدخل في باب جليل عزيز علي قلوب اليهود في سائر أرجاء الأرض، هو سياسة الذاكرة ، أو الذاكرة بوصفها موضوع صناعة السياسة. والحقّ أنّ عيلون يفصّل الأحداث التي نعرفها للتوّ، الأمر الذي لا يعني القول إنّ جهده العلمي يذهب هباء، إنْ لم يكن بسبب توليفه الذكيّ للمادّة التاريخية المتداولة، فعلي الأقلّ بسبب المقاربة الروائية ـ السردية الذكية التي يعتمدها المؤرّخ. وهكذا نعيد (في صيغة الأقصوصة، تقريباً) قراءة حادثة دخول فتي يهودي في الحادية عشرة من العمر إلي برلين سنة 1743، من بوّابة مخصصة لليهود والمواشي، راغباً في التعلّم كما قال للحرّاس، لكي يصبح بعد سنوات معدودات سقراط ألمانيا بلا منازع، ويجري اسمه علي كلّ لسان: موسي مندلسون، فيلسوف الأنوار في الفقه اليهودي وصاحب لقب موسي الثالث، بعد النبيّ موسي والمتصوّف الفيلسوف موسي بن ميمون. وثمة في مجلّد عيلون عشرات الحكايات السعيدة، علي صعيد الأدب والفلسفة والعلوم، وعلي صعيد المال والأعمال بصفة خاصة؛ وثمة، أيضاً وأساساً، عشرات الحكايات التعيسة التي بدأت تتكاثر مع تصاعد الخطاب المعادي للسامية، والذي بلغ ذروته عند أدولف هتلر والرايخ الثالث. القاريء ذو الضمير الحيّ، أي ذاك الذي أفلح في التحرّر من أيّ وكلّ خلط بين العداء للسامية والعداء للصهيونية، لا يملك سوي التعاطف مع المآلات المأساوية التي انتهي إليها اليهود، مقارنة بمقدار الحبّ الذي يبدو أنهم كانوا يكنونه لألمانيا وللألمان في الواقع. غير أنّ القاريء ذاته لا يملك صرف المقارنات بين ما عانته هذه الضحية في عقود الجمر والحريق والهولوكوست، وما مارسه بعدئذ ــ ويمارسه علي الدوام ـ أبناؤها وأحفادها، ولكن في فلسطين المحتلة اليوم. قد يقول قائل إنّ المقارنة معادة، وثمة فوارق، ولا طائل من الرياضة بأسرها. ولكن، أهي حقاً معادة أكثر ممّا يُعاد ويُستعاد من تفاصيل الرواية اليهودية عن الضحية الكونية الأوحد؟ وكيف أنها حين تضطرّ إلي ممارسة العنف، أي أن تتخلي عن مكانتها السامية كضحية مقدّسة، فإنّ الفلسطيني وحده هو المسؤول عن تدهور قِيَمها وأخلاقياتها وصورتها؟ ثمة سياسة ذاكرة عند الفلسطيني أيضاً، وثمة جَدْوَلة مشروعة لهذه السياسة حسب أطوار انقلاب الضحية إلي سفّاح، وسجين النازية إلي سجّان نازي، وقاطن الـ غيتو إلي مستوطن عنصري، وعابر البوّابات المخصصة لليهود والمواشي إلي صانع بوّابات للفلسطينيين والمواشي، وموسي مندلسون إلي أرييل شارون! وهذه، عند الفلسطينيّ علي الأقلّ، ذاكرة ليست للنسيان لأنها ليست مرشّحة لأرشيف آخر سوي ذاك الذي يسجّل ويحفظ ويستعيد، من شتات إلي شتات، ومن قرية تمّ محوها نهائياً عن الخريطة إلي أخري بقيت محض أطلال دارسة، إلي ثالثة في منزلة بين المنزلتين: مُحيت ولكنّ أطلالها بقيت شاخصة، سُكني لشبح فلسطيني لا يُهجّر ولا يُعاد. وهي، في واحد من أفضل دروس التاريخ، تذكرة بأنّ تواريخ الهدم والمحو والإقتلاع والإستلاب هي أيضاً تواريخ مقاومة. ذاكرة ليست للنسيان، لأنها لا يمكن أن تكون سوي ذلك المستوي الشامل المحتشد بالمعني وبممارسة الوجود في المعني، حيث يتوجّب علي الفلسطينيين أن يطوّروا أنماط حياتهم في غمرة ثقافة المقاومة، تحت الحراب وأمام البلدوزر، وأن يفرزوا تلك الأشكال الحيوية الأكثر تعبيراً عن تجاربهم الروحية والمادية والاجتماعية والسياسية. وذاكرة ليست للنسيان لأن عُدّة أية سلطة احتلال هي ابتذال الشخصية المقاومة في الثقافة الوطنية للشعب الذي لا مناص له من المقاومة. وهي استيلاد نَحْو بذيء لإعراب العلاقة بين تاريخ ما قبل و تاريخ ما بعد ، بين احتلال لا شرعي وبين الاحتلال ذاته وقد بات ملتبساً (وبالتالي شبه شرعي) بفضيلة النصوص والإتفاقات ومذكرات التفاهم. أليس من حقّ الفلسطينيّ أن يحوّل كتاب عيلون الجديد إلي سلاح ثقافيّ مضادّ، ينقلب علي جوهر التفكير الصهيوني، في صميم حروب الذاكرة؟ واستطراداً، هل يجرؤ الإسرائيلي، أو اليهودي أينما كان، علي مطالبة الفلسطيني بالنسيان؟ (*) كاتب سوري مقيم في باريس (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 أفريل 2007)

من الذي يريد هكذا ديمقراطية؟

 
بقلم: د. عزام التميمي صدر مؤخراً  عن دار نشر جامعة برينستون بالولايات المتحدة الأمريكية كتاب بعنوان الإسلام وتحدي الديمقراطية Islam and the Challenge of Democracy لمؤلفه خالد أبو الفضل الذي يشغل حالياً منصب أستاذ زائر بكلية القانون في جامعة ييل الأمريكية. في موقــــع علي الإنتــــرنيت اسمه عالم المنزل (بالإنكليزية Scholar of the House) ويبدو مخصصاً لشخص وأعمال خالد أبو الفضل ترد في معرض تقديمه للقراء الأوصاف التالية: الأهم والأكثر نفوذاً بين مفكري الإسلام في الزمن المعاصر ، عالم وفقيه إسلامي فذ ، شيخ رفيع المقام ، خبير في القانون الإسلامي ذاع صيته في أرجاء المعمورة ، غزير المؤلفات ومفكر مرموق في مجال القانون الإسلامي والإسلام . ما من شك في أن من يحوز علي هذه الألقاب لا يبقي لديه ما يطمح في تحقيقه. ولئن كان أبو الفضل غير معروف بعد لدي كثيرين من أبناء المسلمين خارج أمريكا، ناهيك عن أن يكونوا قد اطلعوا علي كتاباته، فهو في الولايات المتحدة الأمريكية نجم صاعد، ولولا ذلك لما تمكن من إقناع ثلة من كبار العلماء والمفكرين في الولايات المتحدة من الاشتراك معه في مشروع كتابه الأخير. وفكرة الكتاب أن هؤلاء المفكرين المرموقين يعقبون علي ورقة كان قد أعدها، ثم يعود هو فيعقب علي تعقيباتهم، ومثل هذا المشروع لا يتوقع له النجاح إلا إذا كان القائم عليه معتبراً في أوساط هؤلاء المفكرين. أما موضوع الكتاب فهو التحدي الذي تمثله الديمقراطية الليبرالية للإسلام، وهو موضوع ما كان يمكن أن يثار في ظروف أسوأ من تلك التي يمر بها العالم اليوم. فالديمقراطية في الغرب تمر بأزمة شديدة، حيث لم تترك النخب الديمقراطية الليبرالية الحاكمة في كل من واشنطن ولندن مبدأ واحداً من مبادئ الديمقراطية إلا انتهكته، ولا قيمة من قيمها إلا داست عليها بالأقدام والمجنزرات علي حد سواء. وليس من المبالغة القول بأن الديمقراطية لم تشهد ظروفاً أحلك من هذه التي تمر بها، وهي الظروف التي سادت منذ أن اعتلي جورج دبليو بوش سدة الحكم وأصبح السيد الجديد للبيت الأبيض رغم حصوله علي عدد من الأصوات يقل عما حصل عليه غريمه في الانتخابات الأقل ديمقراطية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. في ذلك اليوم بدأت الديمقراطية في السقوط، وما لبث معدل السقوط أن تسارع بجهود جوقة المحافظين الجدد الذين يحيطون بالرئيس الأمريكي كمستشارين ووزراء ومحظيين، تجمع بينهم عقيدتهم الشراوستية ومطامعهم البترولية وميولهم الصهيونية. ثم جاءت الحرب علي الإرهاب لتقدم فرصة سانحة للأنظمة الغربية الليبرالية في أوروبا لتشرع هي الأخري معاولها هدما في صرح الديمقراطية بحجة حمايتها من أعدائها المزعومين، وذلك من خلال إدخال تشريعات جديدة تقلص من هامش الحريات وتبيح انتهاك الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات. ولذلك فإن الخطر المحدق بالديمقراطية يمتد ليشمل كل القيم التي ارتبطت بها مثل منظومة حقوق الإنسان والحريات المدنية التي تكفلـــــها، وسيادة القانون والمساواة أمام القانون، فكل هذه باتت تنــــتهك بدرجــــات متفاوتة من بلد ديقراطي واحد إلي آخر وتحت مختلف المســــميات والأعذار. ولا يحسبن أحد أن الصور التي سربت لما يجري في زنازين البطش داخل سجن أبو غريب هي الاستثناء علي القاعدة، بل هي القاعدة التي بات يقوم عليها النظام الدولي الجديد في عهد جورج بوش الابن، وما قاعدة غوانتينامو في كوبا ولا قاعدة باغرام في كابول ولا سجن بيل مارش في لندن عنا ببعيد. ما من شك في أن الحرب علي الإرهاب تستهدف علي أرض الواقع المسلمين بشكل خاص، ويكفي أن يشعر أغلبية المسلمين اليوم بأنها حرب تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ومن يتحالف معها ضد كل ما له صلة بالإسلام ـ عقيدة وممارسة وتراثاً ـ لأن الإسلام اليوم هو الصوت الاحتجاجي الأعلي ضد الظلم والعدوان سواء مورس في فلسطين أو في الشيشان أو فيما بينهما. ولا أدل علي ذلك من أننا شهدنا منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 إيقاف الآلاف من المسلمين، رجالاً ونساءً، في الولايات المتحدة الأمريكية وفي المملكة المتحدة وفي دول أوروبية أخري تشارك بفعالية في الحرب ضد الإرهاب وفي دول تحكمها نخب من المرتزقة فيما يعرف بدول العالم الثالث تمارس نوعاً من الرق الحداثي فتخطف من تشتبه في أنهم صيد ثمين وتسلمهم للولايات المتحدة مقابل حفنة من الدولارات. كان مصير هؤلاء المستضعفين أن وضعوا رهن الاعتقال إلي أجل غير مسمي دون أن توجه لهم تهم أو يسمح لهم بالاتصال بمحامين أو بذويهم. في نفس الوقت سارعت الحكومات الديمقراطية إلي سن تشريعات جديدة تبيح لهم ما كان محرماً من قبل، وتيسر لهم ما كان متعسراً حتي حينه. وليس منفصلاً عن هذا السياق إقدام الحكومة الفرنسية ـ حماية للعلمانية بزعمهم ـ علي سن تشريعات تحرم الفتاة المسلمة من حق ممارسة شعيرة ستر الرأس في المدرسة. كل هذه الأمور ألحقت بالديمقراطية في الأراضي المشرقية أضراراً يصعب إصلاحها، فمن ذا الذي يريد اليوم من أبناء العرب والمسلمين أن يقترن اسمه بالديمقراطية التي باسمها فعل بوش وبلير بالمسلمين الأفاعيل، فقد تلطخ اسم الديمقراطية حتي باتت ترتبط بالأذهان بالعمالة للقوي الأجنبية الغازية. فها هم العراقيون الذين طالما أبغضوا صدام ونظامه ورفعوا أكف الضراعة حتي يخلصهم الله من كابوسه، ها هم يأسفون علي أيامه بعد أن أذاقتهم ديمقراطية الغزاة الأمريكان من الويلات أضعاف ما ذاقوا في ظل بطش ديمقراطية البعث. في ضوء ذلك يكون الناشر (جامعة بريستون) قد جازف بنشر هذا الكتاب، الذي لربما لو صدر قبل عشر سنوات من الآن لكان حظه في الانتشار والتوزيع أكبر. ينهــــج أبو الفضـــل في هذا الكـــتاب نفس منهـــجه في كتابه الســـابق مــوقـــع التسامح فــــي الإســلام (بالإنكليزية: The Place of Tolerance in Islam) ، حيث يكتب هو الورقة الأولي ثم يعلق عليها مجموعة من المفكرين. وفي هذه الحالة تتكون المجموعة من كل من: نادر هاشمي، جيريمي والدرون، نواه فيلدمان، مقتدر خان، كيفين راينهارت، سابا محمود، بيرنارد هايكيل، محمد فاضل، دافيد نوفاك، جون إسبوزيتو، وأخيراً ويليام كواندت. في ورقته التي تحمل نفس عنوان الكتاب (الإسلام وتحدي الديمقراطية) وتحتل ستاً وأربعين صفحة من صفحات الكتاب البالغة تسع وثلاثين ومئة، يسعي أبو الفضل إلي إيجاد موقع للديمقراطية في الإسلام، ويفعل ذلك بأسلوب ينم عن علم شرعي لا بأس به. إلا أن ما يلفت النظر أنه يعطي الانطباع كما لو كان وحده مبدع هذه الأفكار بينما سبقه إلي ذلك عدد كبير من العلماء والمفكرين نذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر المفكر الجزائري مالك بن نبي، والمفكر التونسي راشد الغنوشي، والمفكر المصري طارق البشري، وغيرهم كثير. بعض الكتاب الذين عقبوا علي ورقة أبي الفضل ذكروه بأن مجهوده جزء من حركة ممتدة في هذا المجال، وذكروه بشكل خاص بالغنوشي ـ وإن كانوا لسبب أو لآخر يعتقدون خطأ بأنه يقيم في فرنسا ـ وبالشيخ يوسف القرضاوي والكاتب المبدع فهمي هويدي. والعجيب أن أبا الفضل في رده علي التعقيبات بدا مستفزاً أن يقرنه بعض المعقبين بهؤلاء الذين وصفهم بـ الإسلامويين من أمثال راشد الغنوشي ويوسف القرضاوي وفهمي هويدي، ويقول: إن كلام هويدي والقرضاوي عن الديمقراطية دوغماتي (أي عقائدي) في أحسن أحواله، فهما لا يبديان أي فهم حقيقي للتحدي المفاهيمي الذي تشكله الديمقراطية للرؤي التقليدية للإسلام . وفي تقديره فإن كلا الكاتبين يتحدثان عن الإسلام والديمقراطية بشكل بالغ الغموض وغاية في العمومية، ودون الخوض في جزئيات التاريخ والمفهوم . ولا تجد أبا الفضل يذكر الغنوشي في معرض رده، مما يبعث علي الشك بأنه لا يعرف الكثير عنه، وربما لم يقرأ له شيئاً. وأما مالك بن نبي فلا وجود له في الكتاب بأسره رغم أصالة فكره وإبداع مساهمته وعظيم أثره في الفكر السياسي الإسلامي وخاصة في مجال التوفيق ما بين الديمقراطية وقيم الإسلام. إن الفرق الأساسي بين تفكير أبي الفضل وتفكير الإسلامويين المذكورين أعلاه هو أنهم يصدرون من داخل الإسلام بينما يصدر هو من خارجه، فما يفعله أبو الفضل في دفاعه عن الديمقراطية ـ ولربما دونما إدراك منه ـ هو إعادة توليد خطاب نهاية التاريخ (كما ورد في الكتابات المبكرة لفرانسيس فوكوياما)، ومن المثير للانتباه أن بعض المعقبين قد أشاروا إلي ذلك بلطف وبشكل غير مباشر محذرين أبا الفضل من الثقة العمياء بالمنظومة الليبرالية. فما بين سطوره يلمح القارئ رسالة ـ موجهة دون شك للمسلمين ـ مفادها أن الديمقراطية الليبرالية قد انتصرت وأن المسلمين لا خيار لهم سوي اللحاق بالركب. لا يمكن لمثل هذه الرسالة ـ التي تصدر حكماً نهائياً لا رجعة عنه ـ إلا أن تثير رفضاً للمعروض عوضاً عن أن تجذب المخاطبين تجاهه أو تستثير منهم التعاطف والإعجاب، وخاصة أن أبا الفضل لا يبذل جهداً في التمييز بين الليبرالية والديمقراطية، بينما يتميز خطاب العلماء والمفكرين الذين يترفع أبو الفضل عن أن يذكروا في معيته بالتمييز بين الأمرين. فبينما يري بن نبي والغنوشي والقرضاوي وهويدي وآخرون ممن يفكرون من داخل منظومة المرجعية الإسلامية أن هناك الكثير مما يمكن أن يتعلمه المسلمون من الممارسة الديمقراطية في المنظومة الليبرالية إلا أنهم يرفضون أن يشترط ذلك بأن نأخذ الكل أو نترك الكل ، ويصرون علي حق المسلمين في أن يحملوا من البضاعة ما يعتقدون انسجامها (أو عدم تعارضها) مع قيم مبادئ عقيدتهم وأن يلفظوا ما سواها. فالديمقراطية في نظر هؤلاء المفكرين الإسلاميين تتكون من شقين: شق فلسفي يتعارض بوضوح مع الإسلام، وشق إجرائي يمكن للمسلمين أن يتعلموا منه وأن يثروا به. لا يمكن بحال لمسلم يقر بمرجعية الوحي أن يعتنق الشق الليبرالي العلماني للديمقراطية لأنه ببساطة يتناقض مع جوهر العقيدة الإسلامية. فنحن بصدد مرجعيتين متقابلتين ومتعارضتين تماماً: المرجعية الإسلامية تقوم علي الوحي بينما المرجعية الليبرالية العلمانية تقوم علي أن الإنسان مرجع ذاته وعلي أنه لا يحتاج إلي مرجع سماوي متجاوز. ولذلك فإن من غير المجدي محاولة إعادة صياغة الإسلام حتي يتسني للمسلمين اعتناق الليبرالية، فذلك يعني نفي الصفة الإلهية عن الإسلام وتحويله إلي ديانة تعبث بها يد البشر كلما عن لهم ذلك، فتتغير أصولها ورؤاها بتغير الزمان والمكان. ما يعتقده بن نبي والغنوشي والقرضاوي وهويدي هو أن مشكلة الاستبداد المزمنة في بلاد المسلمين يمكن أن تحل جزئياً بتبني بعض ـ أو جميع ـ عناصر الشق الإجرائي في الديمقراطية، فهذه العناصر هي التي تنسجم مع قيم الاستخلاف، والشوري، والعدل، وسيادة الشريعة (القانون). وهذه العناصر الإجرائية التي يمكن أن تساعد المسلمين علي مأسسة الشوري وتطوير إجراءات تتلاءم مع أهدافهم وتلبي احتياجاتهم لكي تكون الحكومة في بلاد المسلمين منتخبة من قبل الناس ومسؤولة أمامهم ولكي يتسني منع استغلال السلطات والحد من الفساد. ومع ذلك فإن معالجة أبي الفضل لإشكالية الانسجام ما بين الإسلام والديمقراطية تعاني من عدد من نقاط الضعف، وهذا ما يلمسه بعض المعقبين علي ورقته ويشيرون إليه في تعقيباتهم، وخاصة نواه فيلدمان، وسابا محمود، ومحمد فاضل. أول هذه النقاط أنه يثق بالديمقراطية الليبرالية ثقة عمياء. فرغم أنه مقتصد جداً في تعريفه للديمقراطية الليبرالية إلا أنه يعطي الانطباع بأنه يؤيد كل ما تعنيه بلا تحفظ، ولا يجد القارئ في ورقته التي ابتدأ بها الكتاب ولا في تلك التي ختم بها معقباً علي المعقبين أدني ذكر للوعود الكاذبة للديمقراطية الليبرالية أو للعلاقة الوثيقة بين الأمم الديمقراطية الليبرالية والاستعمار، وهما الموضوعان اللذان تناولهما بالمعالجة بعض أهم من كتب في نقد وتقييم الديمقراطية الليبرالية من جهابذة الفكر السياسي الغربي من أمثال الإيطالي نوربيرتو بوبيو والبريطاني جون كين والأمريكي ستيبان. أما النقطة الثانية فهي صمته التام فيما يتعلق بمعوقات التحول نحو الديمقراطية في العالم الإسلامي. فهذه المعوقات لا تنبع من داخل الإسلام ولا تصدر بشكل خاص عن الشعوب المسلمة. ما من شـــك في أن قروناً متعاقبة من التخلف والانحطاط ساهمت في ترسيخ الاستبداد في مختلف أرجاء العالم الإسلامي، إلا أن هذا التخلف وذلك الانحطاط كانا في الأصل نتيجة مباشرة لانحراف المسلمين عن المنهج القويم لدينهم، ثم ما لبثا أن تكرسا بجهود المستعمرين الأوروبيين ثم بجهود النظام الدولي الذي يدعي ريادة الليبرالية وحماية الديمقراطية في العالم اليوم وتقوده حالياً الولايات المتحدة الأمريكية. وكما أثبـــت من خلال دراســــتي عن معــــوقات الديمقراطــــية في العـــالم العـــربي، والتي نشــــــرتها دار نشـــــر جامـــعة أكسفورد عــــام 2001 فــــي كتـــاب بعنوان Rachid Ghannouchi A Democrat Within Islamism، فإن المعوقات تتمثل أساساً في: (1) النظام الدولي، (2) الدولة القطرية الحديثة (أي دولة ما بعد الاستعمار ـ أو ما بعد الاستقلال كما يحلو للبعض أن يسميها) في العالم العربي بالذات، (3) سياسة العلمنة المفروضة علي المجتمعات الإسلامية بالقوة، والتي كان أحد أهم تداعياتها إضعاف المجتمع المدني لصالح تغول الدولة المركزية المهيمنة. تلك بحق هي العوامل المسؤولة عن غياب الديمقراطية في العالم العربي اليوم. وليس صحيحاً علي الإطلاق ما زعمه مقتدر خان في معرض تعقيبه علي ورقة أبي الفضل حين قال: ينبغي أن تنتصر الديمقراطية في النظرية قبل أن تتحول إلي واقع ، فلم يحدث ذلك في أوروبا ولا في أمريكا حتي يحدث في عالمنا، بل ولدت الديمقراطية من رحم ثورات دموية طاحنة أطاحت بالملكيات الفاسدة والإقطاعيات المستغلة. كثير من المسلمين والمسلمات، الذين فقدوا الأمل في حصول تحول سلمي نحو الديمقراطية في ديارهم، يتساءلون، ومن حقهم أن يتساءلوا: كيف، ومن الذي أجهض نضال الشعب الجزائري من أجل الديمقراطية عام 1991؟ من الذي بارك إرسال الدبابات تدوس صناديق الاقتراع وحافظ علي الاستبداد خوفاً من أن تنشأ في البلاد ديمقراطية إسلامية؟ ومن الذي يدعم الأنظمة الدكتاتورية في أرجاء العالم الإسلامي مالياً وعسكرياً ويؤيدها في تجــــاهلها لرغبـــــات وأماني شعوبها في أنظمة حكم عادلة ومنتخبة من قبل الشعوب؟ إنها الولايات المتحدة الأمريكية، زعيمة المنظومة الديمــــــقراطية الليبرالية في العالم، وحلفاؤها الديمقراطيون في أوروبا: فرنسا والمملكة المتحدة. ليست هذه محاولة مني للوم الخارج علي ما بجسدنا من علل، فما من شك أن ثمة معوقات محلية، ولكن النضال في سبيل التغلب علي هذه المعوقات المحلية خلال العقود الخمسة الماضية أو يزيد كان يجهض باستمرار من قبل الحكام الدكتاتوريين بمساعدة ومباركة وحماية الغرب القوي المتمكن. ولنأخذ صدام حسين علي سبيل المثال، فمن الذي يسر له الوصول إلي الحكم في بغداد ثم مده بوسائل البقاء ينتهك حقوق شعبه ويذيقه الويلات، ثم سلحه بما يكفي مما طورته العقلية الغربية من أسلحة فتاكة ـ تقليدية وغير تقليدية ـ حتي يئد الثورة الإسلامية في إيران في مهدها بعد أن دفنت إلي الأبد نظام الشاهنشاه ، أحد أعتي الأنظمة الاستبدادية في العالم في ذلك الوقت وأشدها ولاءً لكل ما هو فاسد وكريه في المنظومة الليبرالية ذاتها؟ إنهم هم أعضاء نفس النادي الذي قرر في النهاية الاستغناء عن خدمات صدام واستبداله بتنفيذي معين من قبلهم يوفرون له الحماية والدعم، يسمونه هذه المرة ديمقراطياً بعد أن كان حتي الماضي القريب بعثياً ، إنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. ولئن كنت ناقداً لأبي الفضل في محاولته التوفيق بين الليبرالية والإسلام، إلا أن بعض المعقبين علي ورقته في الكتاب يأخذون عليه أنه لا يفعل ذلك بما فيه الكفاية، فهذا مقتدر خان ينتقده بشدة لتأييده فقهاء المسلمين بما يعتبر تشجعياً لهم فيما وصفه بـ ميولاتهم الاستعمارية . لا أدري إن كان مقتدر خان نفسه يفهم ما تعنيه هذه العبارة، إذ لا أجد لها من معني، ولعلها مجرد محاولة للنيل بأي شكل من الأشكال من فقهاء المسلمين، فالاستعمار مصطلح يستدل به علي القوي الأجنبية التي غزت واستغلت ونهبت ثروات الأمم الأضعف منها، ولعل مقتدر خان بحث في قاموسه الأدبي عن لفظة مسيئة ينال بها من الفقهاء فلم يجد ما يشبع حنقه عليهم فصاغ هذه العبارة الغريبة، وكل ما في تعقيبه شاذ أو غريب. في الصفحات الأخيرة من ورقته الافتتاحية يقدم أبو الفضل وصفة يمكن بفضلها حسب رأيه أن يحل الإشكال في العلاقة بين الإسلام والديمقراطية، إنها عبارة عن تفسير جديد للشريعة الإسلامية. فعلي النقيض مــــن كثير من الحداثيين (أو العلمانيين) العرب والمسلمين المعاصرين يحرص أبو الفضل علي إظهار التوقير لفقهاء الأمة في العصور الأولي، وهم الذين يؤكدون علي مركزية الشريعة الإســــلامية في حياة المسلمين، وذلك قناعة منه بعدم جواز أن يترك الإسلام للفقهاء المعاصرين يفسرونه للناس حسب أهوائهم، وهذا أجدي أن يعتبره المتلقون مؤهلاً للخوض في هذه القضايا بينما لا يري مثل ذلك في العلمانيين. إن الشريعة في فهم أبي الفضل غير قابلة للتطبيق في أي حال من الأحوال، لأن كل ما يمكن أن يدعي الناس أنه شريعة ما هو في نهاية المطاف إلا فهمهم هم وتطبيقهم هم، فالفهم لا يتجاوز كونه فهماً بشريا والتطبيق بذلك لا يتجاوز كونه ًتطبيقاً لقانون وضعي. ويعلل أبو الفضل مذهبه ذلك بأن الشريعة بما هي وحي إلهي إنما هي فوق منال البشر، وبذلك لا يصح وصف دولة ما بأنها إسلامية ولا قانون ما بأنه إسلامي، ولا يملك أحد الحق في أن يقول هذا ما تقوله به الشريعة لأن ذلك هو ما يقوله هو بناء علي فهمه الذي يختلف عن أفهام الآخرين. ويضرب لذلك مثلاً بالآية رقم 38 من سورة المائدة والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله، والله عزيز حكيم ، مدعياً بأن لفظ فاقطعوا أيديهما ينبغي أن يفسر علي أنه حث علي منعهما من السرقة أصلاً ولا يعني عقوبة البتر كما فهمها المسلمون عبر العصور، وحافزه في ذلك أن ينفي عن الشريعة ما تتهم به من قبل الليبراليين بأنها تفرض عقوبات وحشية تتنافي مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولا يجد سبيلاً لذلك إلا هذا التنكيل اللغوي الذي لا أدري إن كان سبقه إليه أحد. ولا يخفي أبو الفضل ازدراءه لمن يخالفونه الرأي ممن يصفهم بالوهابيين والأصوليين، وربما غاب عنه أن هذين المصطلحين باتا من أدوات أجهزة الدعاية الليبرالية التي لا تميز بين مكونات طيف واسع من المسلمين، فتصوغ من الألفاظ ما يهيئ لها خلق البلبلة والتشويه الذي كثيراً ما يطال بعض أكثر الشخصيات أو المؤسسات الإسلامية احتراماً وتقديراً في أوساط المسلمين. وكأن أبا الفضل يريد أن يقول لقرائه إن كل من يخالفني الرأي فيما أقول فهو إما وهابي أو أصولي . والحقيقة أنه لا ينبغي بحال أن يؤخذ الإمام محمد بن عبد الوهاب، أحد أهم مصلحي ـ بل ومجددي ـ القرن الثامن عشر، بجريرة بعض من يدعون الانتماء إليه من الفاسدين والعابثين بينما انتسب إلي دعوته فيما مضي وانتسب إليها في زماننا بعض أفضل الناس سيرة وأرفعهم مقاماً وأغزرهم علماً. لم ينهض محمد بن عبد الوهاب في نجد إلا لينقي الإسلام ـ عقيدة وممارسة ـ مما أدخله الجهلاء عليه من بدع وكفريات، وها هي أصداء دعوته قد تجاوزت حدود الجزيرة العربية لتثري مشاريع الإصلاح والإحياء الإسلامي من المحيط إلي المحيط. أما مصطلح الأصولية ، الذي يستخدم لوصم الإسلاميين بالجمود والتخلف والتعصب، فإنما هو مصطلح مستورد نشأ في بيئة لا تمت إلي الإسلام والمسلمين بصلة، بل إن سياقه التاريخي مرتبط بنمط من التفكير المسيحي الغربي، وشتان ما بين التجربتين الإسلامية والمسيحية. ومن الجدير بالذكر أن أول من استخدم هذا المصطلح لوصف ظاهرة الصحوة الإسلامية ـ وبشكل خاص الثورة الإسلامية في إيران التي قادت الجماهير يتقدمهم المعممون ضد الشاه سفير الحداثة والليبرالية في القلب الإسلامي ـ هم الصحفيون والكتاب الغربيون الذين أذهلتهم الظاهرة ولم يتوفر لهم من البضاعة ما أمكنهم من تشخيصها تشخيصاً صحيحاً فأسقطوا عليها من تراثهم ما ظنوه مناسباً، ثم ما فتئ المصطلح أن أصبح شتيمة تلوكها ألسنة المغرضين الكارهين للإسلام وأهله. ولئن كان الجهل هو ما أوقع هؤلاء الصحفيين والكتاب في الخطأ، فإن المرء ليربأ بأمثال أبي الفضل أن يقعوا في الخطيئة. في آخر المطاف، لم يخدم هذا الكتاب قضية الديمقراطية في ديار المسلمين لأنه يعطي الانطباع بأنه مجرد محاولة أخري للنيل من الدين الإسلامي. إذ يأتي نشره، وبالأسلوب الذي كتب به، في ظرف يقال فيه للمسلمين إن عليهم إذا ما أرادوا الديمقراطية أن يدفعوا ثمناً لها من عقيدتهم وتراثهم بل ومن حريتهم وكرامتهم كما يحدث اليوم لشعوب أفغانستان والعراق. إذا ما أريد لقضية الديمقراطية أن تخدم فلا بد من التأكيد علي أنها إذا ما كانت منسجمة مع قيم الإسلام، ولعل هذا ما يعتقده معظم المثقفين من المسلمين، فإن آخر ما ينبغي أن يطلب من المسلمين هو التخلي عن تراثهم وعقيدتهم حتي يصبحوا ديمقراطيين. علي النقيض تماماً مما يفترضه هذا الكتاب، فإن الإسلام اليوم هو الذي يتحدي المنظومة الديمقراطية الليبرالية وليست الديمقراطية هي التي تتحداه. وليس الإسلام هو الذي بحاجة إلي الإصلاح والتغيير، بل إنها الديمقراطية التي تقف اليوم في العراء، بعد أن جردها بوش وبلير من أجمل زينتها، تنتظر من يستر عوراتها ويصلح ما أفسدته فيها المنظومة الديمقراطية الليبرالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكي. (المصدر: موقع نهضة.إي يو بتاريخ 16 أفريل 2007) الرابط: http://www.nahdha.info/arabe/modules.php?name=News&file=article&sid=61

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

18 septembre 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1582 du 18.09.2004  archives : www.tunisnews.net لجنة متابعة الطعن في ترشح بن علي لولاية

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.