الأربعاء، 21 يناير 2009

 

 

TUNISNEWS

8 ème année, N° 3165 du 21 .01.2009

 archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف : أخبار الحريات في تونس

السبيل أولاين:مشاهد من مسيرة إتّحاد الشغل بتونس تضامنا مع غزة

حــرية و إنـصاف:سليم بوخذير تحت المراقبة اللصيقة

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية:اعتصام الأعوان العرضيين لمؤسسة الإذاعة والتلفزة

مراد رقية : مذبحة النقابيين الأشراف : الاتحاد الجهوي للشغل بتونس نموذجا؟؟؟

إكسبرس نيوز:  حملة إعلامية شبه رسمية على فضائية “الجزيرة” واتهامات للشيخ الغنوشي

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس :  فاجعة غرق ضحيتها 26 شابا تونسيا

الحزب الديمقراطي التقدمي:  بيــــــــــــــــــان

الصباح  :بعد مرور 48 ساعة على حادثة غرق مركب «الحارقين» بالمرسى : تواصــل البحــث عـن 26 مفقــــودا

الصباح  :توضيحات من مصدر رسمي في تونس حول محاولة اجتياز الحدود البحرية خلسة من قبل مجموعة من الاشخاص

محمد كريشان : لا للإفلات من العقاب

د.مصطفى بن جعفر :  لا بدّ للعرب من صحوة !   

آسيا العتروس :عفوا أوباما.. لا يمكننا أن نشاركك احتفالاتك

صالح عطية : أوراق من المحرقة الصهيونية على غزة (4) : مؤتمر دولي لانقاذ «الشرعية الدولية»

المجموعة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي  :تضامن

القدس العربي  :فرنسا تلوح للحوار مع حماس

ياسر الزعاترة :  أولمرت يبيع الوهم وحماس ربحت المعركة

جمال باروت  : خمس عبر تاريخية

عبد السلام المسدّي : العرب بين اليمين الفرنسي ويساره

طلال عتريسي  :كيف أنهت حرب غزة المحور السوري الإيراني؟

هآرتس  :القصة التي نحتبس فيها

يديعوت أحرونوت  :رقصة التانغو تحتاج الى اثنين

معاريف  :عن الحروب والتحولات

عبد السلام بوشداخ:  دعوة الرئيس الأمريكي براك حسين أوباما لزيارة غزة  : لمعاينة أضرارالغزو الصهيوني الغادر…

محمـد العروسـي الهانـي : قرارات قمة الكويت الانتصارية ولقاء القادة العرب : وما كنا ننتظره من القمة ودور الإعلام المرئي العربي

عادل الثابتي : الموقف العربي الرسمي من محرقة غزّة : انقسام لفائدة المقاومة

صدر عن دار الكلمة بمصر كتاب جديد للدكتور خالد الطراولي بعنوان “حـدث مـواطن قـال..”

خالد الكريشي : عـــــــــــــذرا غــــــــزة!

عدنان المنصر :غزة غراد… وعرب الإعتدال

نصر شمالي : مأزق العرب في بعده الأخطر

المركز الفلسطيني للإعلام : محلل سياسي صهيوني : العدوان على غزة فرض “حماس” أمراً واقعاً على الدول العربية

أحمد القديدي : الدعوة لتأسيس جامعة الشعوب العربية

خالد الحروب  :حرب غزة وصعود “الشرق الأوسط المُمانع”

توفيق المديني  : الفكر الماركسي بين الطوباوية والممارسة

مصطفى عبدالله ونيسي  :تقرير عن أشغال المنتدى الأوروبي الأول للنهوض بتدريس اللغة العربية في الغرب


 


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:

 


 

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 24 محرم 1430 الموافق ل 21 جانفي 2009

أخبار الحريات في تونس

 

 
1)     تواصل اعتقال شبان سيدي حسين السيجومي: يتواصل لليوم التاسع على التوالي اعتقال قرابة العشرين شابا متدينا من منطقة سيدي حسين السيجومي لدى الشرطة و لا تزال عائلات المعتقلين تجهل مكان اعتقال أبنائها رغم بحثها طيلة الأيام الفارطة عنهم و لا تزال السلطات الأمنية ترفض تقديم أي معلومة عن مصير الموقوفين للعائلات في خرق واضح لقانون الاحتفاظ  علما بأن البعض منهم وقع اعتقاله إثر خروجه من المسجد بعد صلاة الصبح . 2)     سجين الرأي سيف الدلاجي يعاني من الإهمال الصحي: تتواصل معاناة سجين الرأي الشاب سيف بن علي بن خليفة الدلاجي المعتقل حاليا بسجن مرناق نتيجة الإهمال الصحي الذي تسبب في تعكير وضعيته الصحية علما بأنه مصاب بتقرحات جلدية بكامل جسمه نتيجة انعدام النظافة و حرمانه من الاستحمام و التلوث الشديد بغرف السجن ، فقد ذكرت عائلته التي زارته يوم الثلاثاء 13/01/2009 أنها وجدته في حالة نفسية سيئة نتيجة ما يعانيه من آلام و تقرحات جلدية. 3)     قيمة تهدد تلميذة بالطرد بسبب الحجاب: هددت المدعوة حنان بعشوق قيمة بالمعهد الثانوي 7 نوفمبر بمعتمدية كسرى من ولاية سليانة اليوم الأربعاء 21/01/2009 التلميذة بية مبارك المرسمة بالسنة الثانية شعبة الآداب بالمعهد المذكور بالطرد من المعهد في صورة عدم امتثالها لقرار نزع الحجاب علما بأن التلميذة بية مبارك تتعرض منذ بداية السنة الدراسية للمضايقات و التهديدات بسبب ارتدائها للحجاب.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  

 

مشاهد من مسيرة إتّحاد الشغل بتونس تضامنا مع غزة انقر هنا – الرابط على اليوتوب :

  http://www.youtube.com/watch?v=RoUCvVZGWQQ   (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 21 جانفي 2009)  

 


 

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 24 محرم 1430 الموافق ل 21 جانفي 2009

سليم بوخذير تحت المراقبة اللصيقة

 

لليوم الثالث على التوالي يتعرض الصحفي سليم بوخذير العضو المؤسس لمنظمة حرية و إنصاف و مندوب منظمة مراسلون بلا حدود إلى المحاصرة اللصيقة من طرف بعض عناصر من البوليس السياسي بالقرب من منزله ، و قد ذكر الصحفي سليم بوخذير أنه يخشى أن يصيبه مكروه نتيجة هذه المضايقات التي بدأت إثر خروجه من السجن بتوجيه تهديد له بواسطة بعض زملائه و ذلك بتخييره بين الصمت مقابل حصوله على مكاسب و امتيازات مادية أو مواصلة سيره في نهجه القديم و انتظار الأسوأ. كما ذكر الصحفي سليم بوخذير أنه أصبح يخشى على أفراد عائلته خصوصا و أن المضايقات طالت حرمته الجسدية و العائلية فقد ذكر أن أشخاصا مجهولين يبعثون له برسائل قصيرة ذات محتوى لا أخلاقي على رقم زوجته الذي اقتناه لها حديثا و الذي لا يعرفه أحد سواه.

و حرية و إنصاف

1) تندد بشدة بالتضييق على الصحفي سليم بوخذير و تعتبر ذلك اعتداء صارخا على الصحافة و الصحفيين و ضرب لحرية الكلمة. 2) تدعو إلى وضع حد لهذه الممارسات المخالفة للقانون.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


 

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية البريد الالكتروني marced.nakabi@gmail.com : تونس في 21 /01 / 2009

اعتصام الأعوان العرضيين لمؤسسة الإذاعة والتلفزة

 

بلغ إلى علم المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية أن الأعوان العرضيين لمؤسسة الإذاعة والتلفزة قد دخلوا في اعتصام منذ ثلاثة أيام بمقر العمل احتجاجا على تدني ظروف عملهم وتواصل معاناتهم سنوات طويلة علما وان مؤسسة الإذاعة والتلفزة تضم عدد من الأعوان العرضيين من مصورين تلفزيين وصحفيين وتقنيين وهم يتقاضون أجورا تقل عن 250 دينارا كما أنهم محرومون من المنح والزيادات ولم يقع إدماجهم وترسيمهم رغم قضائهم سنوات عديدة في العمل . إن المرصد يعبر عن تضامنه المبدئي واللامشروط مع الأعوان المعتصمين وهو يأمل أن يجد اعتصامهم كل أشكال المساندة والدعم من الهياكل النقابية الجهوية والوطنية حتى يواصل الأعوان صمودهم إلى حين تحقيق مطالبهم.كما يأمل المرصد من الجهات الإدارية ذات الاختصاص فتح تفاوض جدي مع الأعوان المعتصمين وتسوية وضعيتهم المهنية في اقرب الآجال حفاظا على السلم الاجتماعية في مؤسسة الإذاعة والتلفزة ومنعا لكل توتر أو احتقان في صفوف الأعوان . جميعا من اجل فرض الحقوق والحريات النقابية جميعا من اجل التصدي للانتهاكات ضد العمال والنقابيين المرصد فضاء نقابي مستقل ديمقراطي وهو مفتوح لجميع النقابيين بدون استثناء ويمكن التواصل مع المرصد على العناوين الالكترونية التالية : http://nakabi.maktoobblog.com                          http://nakabi.blogspot.com                                 عن المرصد المنسق محمد العيادي


مذبحة النقابيين الأشراف

الاتحاد الجهوي للشغل بتونس نموذجا؟؟؟

 

 

 

مراد رقية

استغل”كرزاي التونسي” وبطانته من أعضاء المكتب التنفيذي أو التصفوي المدينيين له بالولاء والظاعة وبملء الجيب وجلب وتعجيل الامتيازات بأنواعها داخل تونس وخارجها،استغل هذا الظاقم الجهنمي فرصة انشغال عموم التونسيين وخاصة الشغالين بأحداث غزة،غزة العروبة والصمود ورفض الخضوع والموت المبرمج قياسا على النمط العربي المخزي فقرر هو بدوره اعلان حرب تصفوية استئصالية لا على الصهاينة كما فعل أحرار غزة ،ولكن على الشرفاء والأحرار من قيادات الاتحادات الجهوية مواصلا نهجه التصفوي مقربا اليه الكاتب العام للاتحاد الجهوي بقفصة المسؤول المباشر عن تصعيد وتوتير الأوضاع في الحوض المنجمي ،وعن ايقاف وسجن “أسد الرديّف” المناضل الفذ البطل عدنان الحاجي مجمدا ومعاقبا الكاتب العام للاتحاد الجهوي بتونس بسبب خلافات قديمة جديدة؟؟؟

وطالما أن طاقم كرزاي  المنشط استعراضيا عبر المسيرات التضامنية استبلاها للشغالين والمناضلين عموما أصبح مطلق اليدين ومطلق الصلاحيات من قبل السلطات القائمة الراضية عن دوره التأطيري الايجابي،وبعد قبول لعب دوره كاملا في مسرحية “الاستسلامات الاجتماعية” التي كرستمهانة الشغالين التونسيين بالفكر والساعد ودوس وغبن حقوقهم مجسما خيانة قيادة الاتحاد للمؤتمن خدمة لمصاحها في داخل البلاد وخارجها(دفعا بعلي رمضان للأمانة العامة،وبعبد السلام جراد للأمانة العامة للاتحاد الدولي للعمال العرب؟؟؟)فانه وظف هياكل الاتحاد خاصة منهالجنة النظام أو”لجنة الانتقام” لتصفية وابعاد النقابيين الأشراف الممانعين،الرافضين الخضوع للطاقم الجهنمي والذين فتحوا ملفات ساخنة حول عمليات التلاعب بأموال الاتحاد العام التونسي للشغل،وحول ارتكاب مخالفات خطيرة يمكن أن يقاضى عليها كامل طاقم المكتب التنقيذي التصفوي نقابيا تنظيميا ،وكذلك مدنيا؟؟؟

ان صمت القطاعات النقابية حول هذه المذبحة هو أدهى وأمرّ من صمت الأنظمة العربية حول مجزرة غزة وتطوراتها،فكان من الضروري أن تطالب القيادات النقابية المتحولة الى شهود زور على الأقل تلك المستقلة نسبيا والمنضوية خارج اطار تأثير الطاقم الكرزايي الجهنمي بوجوب دراسة الملف والبت فيه من لجنة محايدة وفوق الشبهات متكونة من بعض النقابيين القدامى الحكماء مثل الأساتذة الطيب البكوش والجنيدي عبد الجواد،ومن بعض نشطاء المجتمع المدني والحقوقيين حماية للنقابيين المستهدفين،وضربا على أيدي العابثين من أتباع كرزاي المؤهل للوصول الىمنصب خارجي يستحق لخبراته التنظيمية هو منصب الأمين العام للاتحاد الدولي للعمال العرب،فهنيئا للعمال العرب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 

 


 

 حملة إعلامية شبه رسمية على فضائية “الجزيرة” واتهامات للشيخ الغنوشي

 

تونس – خدمة قدس برس شنّت صحف تونسية خاصة حملة متزامنة على الشيخ راشد الغنوشي ووصفته بأبشع النعوت على خلفية تصريحات أدلى بها لإحدى نشرات قناة “الجزيرة” مساء أول أمس الاثنين (19/1) حول ردود الفعل الشعبية في تونس تجاه العدوان على غزّة. ووزعم مقال وقّع باسم مستعار في صحيفة “الشروق” اليومية التونسية في عددها اليوم الأربعاء (21/1) أنّ الغنوشي هو “أحد مناضلي فنادق الخمس نجوم الضالع في التمسّح على الأعتاب الذي تخلّى عن كلّ ما يربطه بالوطن”، ووصفته الصحيفة في نفس المقال بنكران الجميل وفقدان الضمير والكرامة، حسب تعبيرها. وفي تهجم غير مفهوم من الصحيفة المذكورة على فضائية “الجزيرة” “كشفت الجزيرة أنّها ليست قناة الرأي والرأي الآخر وأنّها قناة التفتيت القومي ووقود الحرب الأهلية وليست قناة القضايا العربية المصيرية، وكان العدوان على غزّة مناسبة لتشيّع النزاهة الفكرية وأخلاقيات المهنة الصحفية إلى مثواها الأخير”. وفي نفس السياق لم يتردد أحد كتّاب يومية “الصريح” المعروفة بموالاته للحكومة وثلبها المستمر للمعارضة في وصف الجزيرة والشيخ الغنوشي بالإرهاب “استضافة هذا الإرهابي ليست له قيمة أو انعكاس إلاّ على قناة الجزيرة لأنّ الإرهابي يستضيف الإرهابي”. وليست هذه هي الحملة الأولى من نوعها في تونس على فضائية الجزيرة والمعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين في الصحف الخاصة الموالية للحكومة، ولا تتورّع بعضها عن الثلب وهتك الأعراض. وتتهم تقارير حقوقية جهاة في السلطة التونسية بالوقوف وراء تلك الحملات التشويهية وحماية من يقوم بها وكذلك تمويل مقالات لتلميع صورة النظام التونسي في وسائل إعلام خارجية. ورغم أن عديد الشخصيات السياسية والحقوقية في تونس رفعت دعاوى قضائية لمحاسبة الصحف المتورطة في تلك الحملات عليهم فإنّ القضايا بقيت دون متابعة رغم مرور عديد السنوات.

(“إكسبرس نيوز” الأربعاء 21 كانون ثاني (يناير)  2009 )


الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights inTunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2084233070– 7903274826  فاجعة غرق ضحيتها 26 شابا تونسيا

 

علمت الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس بفاجعة غرق 26  شابا  يوم الإثنين الماضي قبالة السواحل التونسية، أثناء محاولتهم الإبحار سرا الى ايطاليا، لتضاف هذه المأساة الإنسانية الى سلسلة  المآسي التي تكررت في العقدين الماضيين، وذهب ضحيتها العشرات من الشباب العاطل عن العمل ومن أصحاب الشهادات الذين سدت في وجوههم أبواب العيش الكريم، فركبوا  قوارب الموت، هربا من ” الجنة ” التي يتغنى بها إعلام السلطة. وإننا في الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، اذ نعبر عن حزننا العميق ازاء هذه الفاجعة الجديدة، ومواساتنا لعائلات الضحايا، فإننا نحمل السلطة المسؤولية الكاملة عن هذه المأساة وكل حوادث الغرق المتكررة للشباب في عرض البحر، نتيجة تعاطيها الأمني مع ظاهرة الهجرة السرية المتنامية، متجاهلة أبعادها الإجتماعية والإقتصادية، التي أصبحت تهدد حياة المئات من الشباب التونسي، في سعيه المشروع لتأمين لقمة العيش، ونحت مستقبل أفضل.   الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس المنسق


 

                                                             الحزب الديمقراطي التقدمي                                                               10 نهج آف نوهال تونس                                                                      بيــــــــــــــــــان

 

علم الحزب الديمقراطي التقدمي بغرق  قارب صيد يقل 35 شابا تونسيا حاولوا الإبحار خلسة إلى السواحل الإيطالية فجر الاثنين الماضي ، نجا من بينهم تسعة شبان فيما لا تزال الأبحاث جارية عن البقية وسط تضاؤل الأمل بالعثور عليهم أحياء وأمام هذه المأساة الإنسانية والاجتماعية المتكررة فإن الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يولي كل الاهتمام لهذه الظاهرة الخطيرة التي باتت تتهدد حياة المئات من شباب تونس فإنه – يعبر عن مؤازرته الكاملة لعائلات الشبان في هذه المحنة  – ينبه إلى التنامي الخطير لظاهرة الهجرة السرية التي طالت شبابا من كل المستويات التعليمية والاجتماعية فقدوا الأمل في غد أفضل وضاقت بهم السبل فسعوا إليه  وراء البحار عبر قوارب الموت – يعتبر أن الاقتصار على التعاطي الأمني مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية وحصرها إعلاميا في زاوية قضايا الانحراف لا يمكن أن يحجب ضرورة المعالجة العميقة لأسبابها الحقيقية المتعلقة بتردي الأوضاع الاجتماعية، وغياب تكافؤ الفرص وانعدام أسس المواطنة الحقة،  بعيدا عن الاستشارات الصورية  التي لا تفسح المجال أمام مشاركة فعلية للشباب التونسي في تعهد قضاياه ونحت معالم مستقبله المنشود.    تونس في 20  جانفي

 


 

بعد مرور 48 ساعة على حادثة غرق مركب «الحارقين» بالمرسى:

** تواصــل البحــث عـن 26 مفقــــودا

** المفقودون يتوزّعون على مناطق عين زغوان، الكرم والمرسى

 

تونس ـ الصباح

 

تعيش الضاحية الشمالية للعاصمة منذ صباح اول امس على وقع حادثة غرق مركب «حارقين» بالمرسى.. فخلال ظهر امس تابعنا تلك الاجواء التي تخيم على مدينة المرسى وبعض الاحياء الاخرى التي ينحدر منها «الحارقون»..

 

عدد من الشبان والفضوليين من اقارب المفقودين يتابعون مشهد قوارب البحث التي تكاثر عددها، وهي تشق البحر جيئة وذهابا بحثا عن المفقودين الذين اما تكتم البحر عن لفظهم الى اليابسة او كانوا قد غادروا البحر جميعا ولاذوا بالفرار خوفا من التتبعات التي تنتظرهم.

 

لا جديد عنده بخصوص المفقودين

 

ستة وعشرون (26) شابا مازالوا في عداد المفقودين الى غاية ظهر امس، ولا جديد حولهم حسب بعض المصادر المعنية التي رفضت لقاء الاعلاميين، او الادلاء بتفاصيل توصلت اليها الابحاث الجارية في هذه القضية..

 

المنطقة البحرية بالمرسى التي تم فيها العثور على القارب الذي اعتمده «الحارقون» كانت شبه مغلقة، وتجري حولها حراسة مشددة كما يتابع مشهد زوارق البحث في عرض البحر التي قيل انها تبلغ 30 قاربا عدد من الفضوليين الذين تجمعوا هنا وهناك.. بعضهم من اصدقاء المفقودين والبعض الاخر شدته الحادثة فجاء لمتابعتها، وقد يكون  بين هؤلاء نفر من ذوي واقارب بعض المفقودين.

 

وخلافا للتسعة الناجين من الغرق افادنا بعض الشبان الذين حضروا لمتابعة عملية البحث عن المفقودين ان الـ26 عنصرا محل البحث عنهم ينتمون الى مناطق مختلفة من الضاحية الشمالية للعاصمة. وفي تحديد المناطق التي ينتمي اليها هؤلاء اعلمونا ان 13 منهم من منطقة عين زغوانو7 من الكرم (حي بوسلسلة) و6 من المرسى ومناطق مختلفة قريبة منها.

 

زيارة بعض عائلات المفقودين

 

امام عدم توفر معلومات غير ضافية عن المفقودين تحولنا الى ضاحية الكرم (حي بوسلسلة) وهناك اتصلنا بمعارف بعض المفقودين، لكن يبدو ان لا أحد منهم له معلومات عن المفقودين، بل الذي لاحظناه من خلال حديثنا اليهم هو التملص من حضورنا وملاقاتنا والحديث الينا بشيء من التقتير حتى عن علمهم بمحاولة «حرقان» هؤلاء. وقد ذهب بعضهم تهربا من الحديث الينا بان بعض المفقودين كثيرا ما تكون لهم غيابات عن المنطقة لعدة أيام، لذلك لا تتوفر لديهم حتى معلومات عن كونهم بين «الحارقين» أم لا.

 

والد أحد المفقودين استقبلنا وسط جمع كانوا يرابطون امام منزله، وقد بدا حائرا، شارد البال، ولا يملك حتى القدرة على التركيز في حديثه الينا، سألناه عن ابنه المفقود، فبدا متلعثم الكلام، وقال «أنا لا أعرف هل هو من بين «الحارقين» أم لا، ولا أدري ان كان من بين الـ9الناجين او من بين الـ«26 المفقودين»..

 

بعض من تابع  اكتشاف الحادث صباح اول امس وشاهد مكان القارب بعد عودته الى الشاطئ لاحظ ان المسافة التي ارسى بها القارب الذي عاد بالحارقين لا يتعدى سوى مئات الامتار عن الشاطئ، وهذا قد يرجح سلامة «الحارقين».. وعودتهم الى اليابسة بسلام ويرجح امكانية اختفائهم عنالعيون ريثما تمر الايام الاولى بسلام.

 

وهذا الرأي لم يشر اليه البعض ممن جاؤوا لمتابعة عملية البحث عن المفقودين فقط، بل ردده على مسامعنا عديد الحاضرين  هناك بمن في ذلك بعض اصدقائهم ومعارفهم.

 

هذا ما افضت اليه اخبار حادثة «الحارقين» بالمرسى الى غاية مساء امس، ولا شك ان الساعات او الايام القادمة ستحمل الجديد حول هؤلاء المفقودين.

 

علي الزايدي

 

)المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 جانفي 2009(

 


 

توضيحات من مصدر رسمي في تونس حول محاولة

اجتياز الحدود البحرية خلسة من قبل مجموعة من الاشخاص

 

تونس (وات) أفاد مصدر رسمي في تونس حول محاولة اجتياز الحدود البحرية خلسة من قبل مجموعة من الاشخاص أنه تم فجر يوم الاثنين 19 جانفي الجاري ضبط مجموعة من 5 أشخاص بشاطئ سيدي عبد العزيز بالمرسى من قبل الوحدات الامنية.

 

وقد أفادوا بأنهم حاولوا مع مجموعة أخرى من الافراد اجتياز الحدود البحرية خلسة على متن قارب صيد عادي الا أنهم وبعد توغلهم في البحر مسافة ميل ونصف الميل انقلب بهم القارب وتمكن الخمسة أشخاص من النجاة والوصول سباحة الى الشاطئ دون معرفة مصير البقية.

 

وعلى الفور بادرت وحدات من الحرس الوطني وجيش البحر والحماية المدنية بتركيز خلية قيادة ومتابعة على عين المكان وتم في الحين تسخير الامكانيات اللازمة للبحث والتفتيش وذلك بتوفير طائرة مروحية عسكرية وعدد من الخافرات والزوارق السريعة وفرق الغوص الى جانب تنظيم دوريات راكبة ومترجلة بهدف تمشيط الشريط الساحلي.

 

وقد تم خلال صباح نفس اليوم انتشال شخص سادس عرض البحر. كما بينت الابحاث وجود ثلاثة أشخاص اخرين كانوا نجوا بدورهم سباحة وحاولوا الاختفاء. واذ بقي اثنان من بين هؤلاء في حالة فرار فقد تم جلب الشخص الثالث وجرى بحثه مع بقية الاشخاص المشار اليهم سابقا وذلك لمزيدالتحري بشأن الظروف التي تمت فيها محاولة الاجتياز وتحديد عدد الاشخاص الذين حاولوا الاجتياز وهوياتهم. وقد تم التعرف في هذا الاطار على هوية منظم عملية الاجتياز الذي يجري البحث عنه لايقافه.

 

وتتواصل من جهة أخرى عمليات التفتيش والبحث بنسق حثيث بمشاركة مختلف الوحدات المعنية وقد تم في هذا الاطار العثور على القارب بقاع البحر في نفس المسافة تقريبا وجرى اخراجه.

 

)المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 جانفي 2009(


صدر عن دار الكلمة بمصر كتاب جديد
للدكتور خالد الطراولي بعنوان “حـدث مـواطن قـال..”

 

وهذه التوطئة التعريفية للكتاب : مواطننا ذلك المجهول هذا الكتاب هو رحلة اقتطعنا تذاكرها جميعا دون سابق إنذار، حملنا فيها زادنا وملأنا جعابنا وأطلقنا العنان لعقولنا وعواطفنا لتنطلق تتلمس منازل الكرامة وحقوق الإنسان… لم يكن الوطن يوما دارا مغلقة أو دهاليز مظلمة أو كهوفا في الجبال وحياة السراب، ولكنه بداية قصة جميلة عنوانها “هنا يُبنى الإنسان” والوطن ليس بجغرافيته وجدرانه السميكة، ولكنه بنواته الصلبة، بمواطنيه، بتاريخه وقوانينه، بدستوره ومواثيقه، بحقوقه وواجباته، بعدله وعدالته، بتكريم أبنائه وكرامة مواطنيه. ويوم تتقلص مساحة البياض وتتسع مساحات الرماد وتهيمن مربعات السواد، فإن الوطن يفيق على ليل دامس مستقر، يغيب فيه المواطن ويغيب فيه الإنسان… لقد حلقنا في هذه الورقات على مناطق ومنازل نحسب دخولها من واجبات المواطن الحر والمواطن المسئول، مسؤولية تجاه أبناء قومه وتجاه قضاياه المصيرية، وتجاه هذه القرية الكونية، وعملنا على سبر بعض الثنايا والتضاريس وأدلينا بدلونا الصغير في توضيح الصورة وتبيين الإطار، وتعرية المطموس والمغشوش والمستخفي تحت كثبان من الحيف والجور والسواد… أردنا تبليغ رسالة شعارها “المواطن هو الحل” فبه تقام الأعمدة وعليه يستند البناء، مواطن حر ومسئول، يعيش ساعة وطنه على مواعيد ضابطة ومضبوطة، تقطع مع الاستبداد والاستغفال والاستخفاف، وتبني مع الحرية والكرامة وحقوق الإنسان. للحجز الرجاء الاتصال بهذا العنوان:   kitab_traouli@yahoo.fr

 


لا للإفلات من العقاب

 

محمد كريشان

زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى قطاع غزة مناسبة فريدة لجعل المسؤول الأول عن المنتظم الدولي يقف بنفسه على مدى الخراب الذي خلفته آلة القتل الإسرائيلية الوحشية وبالأساس استهداف المدنيين، وبالأخص الأطفال والنساء، وأماكن العبادة وطواقم الإسعاف مع استعمال أسلحة محظورة دوليا فضلا عما ستكشفه الأيام المقبلة من فظاعات كإعدام مدنيين عزل بعد استسلامهم واللجوء إلى أسر فلسطينيين لاستعمالهم دروعا بشرية وغير ذلك. بالطبع الزيارة التي سبق لإسرائيل أن عرقلتها قبل أيام لن تكون كافية للوقوف على كل تفاصيل هذا المشهد المأسوي ولكن يكفيه على الأقل زيارة مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأنروا) التي قصفها الطيران الحربي الإسرائيلي مما أدى إلى استشهاد خمسين وجرح عشرات آخرين بين العائلات المدنية التي احتمت بها، وكذلك المدرسة الثانية التابعة للأنروا التي تعرضت هي الأخرى لعدوان غادر رغم اعتراف إسرائيل المتأخر بأن القصف الأول كان بالخطأ، فضلا بطبيعة الحال عن قصف مستودعات المقر الرئيسي للأنروا وأودى بكميات كبيرة من الغذاء والدواء والوقود وكل هذه المقرات كانت ترفع أعلام الأمم المتحدة. كما يكفي بان كي مون الاستماع لجون غينغ منسق الأنروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي أبلى بلاء حسنا خلال أيام العدوان حيث لم يكتف بالوجود الدائم في القطاع بين موظفيه وإنما أيضا كان دائم الظهور في وسائل الإعلام الدولية للتشهير بما يحدث من تدمير ممنهج ومن لجوء إلى القنابل الفسفورية التي أحرقت أجسام الأطفال الغضة. لقد كان غنغ مثالا رائعا للموظف الدولي صاحب الضمير المتيقظ وهو يحتاج لكل شكر وإشادة. يكفي بان كي مون هذه المحطات دون غيرها لأن زيارته السريعة قد لا تتيح له الاستماع إلى شهادات الأطباء والمسعفين، الذين سقط عدد كبير منهم، في استهتار واضح بالقانون الإنساني الدولي ولا إلى شهادات آلاف العائلات المشردة التي باتت بلا مأوى ولا غذاء ولا عائل. وما لم يسمعه أو يشاهده الأمين العام ستتكفل به منظمات حقوق الإنسان الدولية التي شرعت بعد في إصدار تقاريرها الأولية ومواقفها المنددة بالممارسات الإسرائيلية وخاصة منظمتي ‘العفو الدولية’ و’هيومن رايتيس واتش’ اللتين قامتا بعمل جبار يعزز مصداقيتهما ونزاهتهما وبالتالي يستحقان عليه كل تحية وعرفان. المرحلة القريبة المقبلة ستكون مرحلة لجان التحقيق المختصة التي ستتوافد على غزة، رغم كل العراقيل التي ستوضع في طريقها، لجمع الأدلة والشهادات وتوثيقها وتحليل كل دليل باق في المختبرات المختصة للخروج بالتأكيدات العلمية القاطعة على ارتكاب جرائم حرب ومن ثم الانطلاق لرفع قضايا في محكمة الجنايات الدوليــــــة ومختلف المحاكم الغربية ضد القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين حتى يضيق الخناق عليهم في العالم كله تمهيدا لجلبهم ذات يوم للمثول أمام القضاء لوضع حد نهائي لعربدتهم اللامحدودة وعنجهية الدولة الخارجة عن القانون والمتمتعة بحصانة دولية ترعاها الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوروبية في انتهازية صارخة. هذا طريق طويل ولكن لا بد من الشروع فيه وعدم نفض اليد من إمكانية أن يحق الحق ذات يوم مهما بدا طويلا أو حتى مستحيلا، ويكفي هنا أن نتابع بعض الذعر الذي بدأ ينتاب الإسرائيليين من خلال ما أوردته صحيفة ‘يديعوت أحرنوت’ قبل يومين من أنه قد طلب من ضباط الجيش الإسرائيلي الذين ينوون السفر إلى خارج البلاد- سواء في رحلات خاصة أو من أجل العمل- الحصول على توجيهات من النيابة العسكرية ومن المحتمل أن يمنع بعضهم من السفر إلى الخارج خشية استصدار أوامر اعتقال دولية ودعاوى ستقدم في أوروبا ضد وزراء وضباط كبار لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب… وهذه ليست سوى البداية.   (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 21 جانفي 2009)


لا بدّ للعرب من صحوة !

 

  بقلم د.مصطفى بن جعفر

 مرّة أخرى تضرب إسرائيل عرض الحائط  بقرارات المنتظم الدولي الداعية إلى الكفّ الفوري عن إطلاق النار و تواصل عدوانها البربري ضد أهالي غزة العزّل ببشاعة شهّرت بها  و شجبتها مؤسسات أممية محايدة و متواجدة على عين المكان. لم تميز القنابل الإسرائيلية بين المقاتلين و المدنيين و لا بين الكهول و الأطفال و لا بين المعسكرات و الجامعات  و لا بين العمارات و الجوامع و لا بين المدرّعات و سيارات الإسعاف. يتواصل القصف منذ قرابة ثلاثة أسابيع بشكل عشوائي حصد أكثر من تسعمائة شهيد وآلاف الجرحى نصفهم من النساء و الأطفال و جعل العديد من أحياء غزة ركاما و أنقاضا لم تبح إلى الآن بكل من قبروا تحتها من ضحايا. و أمام هذه العنجهية الظالمة و أمام هذا الدّمار المهول هبّت جماهير الأحرار في كل أنحاء العالم شرقا و غربا – و حتى في تل أبيب-  لتصرخ مندّدة بالعدوان الغاشم و متضامنة مع صمود الشعب  الفلسطيني الباسل.

 الأمر المذهل في هذه الفاجعة التي أصابت أهلنا في غزة هو الغيبوبة التي غمرت جلّ الحكومات العربية فكأنها في كوكب و شعوبها المتّقدة غضبا في كوكب آخر. و هكذا غاب الموقف العربي، بل غابت حتى الإرادة البسيطة في اتخاذ موقف، و هو ما يفسّر تلكّؤ البعض في الاستجابة إلى عقد قمة رغم أن تدهور  الوضع و صوت الواجب يفرضانها، واختصرت ردود الفعل في السعي إلى مدّ المعونة و الأدوية و الأغذية إلى أهالي غزة في الوقت الذي هم في أمسّ الحاجة إلى ردع المعتدي أو –على الأقل- إلى وقف العدوان.

  و في الوقت الذي يدخل فيه العدوان في ما سمّي مرحلته الثالثة التي تميزت بتشريك الاحتياطيين الإسرائيليين في عملية الاجتياح البرّي، و في الوقت الذي يتواصل فيه سقوط الضحايا الفلسطينيين ، يمكن استخلاص بعض الاستنتاجات:

 أولها أن إسرائيل – وهي التي تتشدق بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة – خسرت  المعركة أخلاقيا من خلال ما أثارته من سخط لدى الرأي العام العالمي  ضد بشاعة العدوان و من سعي بعض المنظمات الإنسانية إلى اللجوء إلى القضاء لمحاكمة المسؤولين الإسرائيليينبتهمة مجرمي حرب. لقد تأكد أنّ إسرائيل تتعامل مع غيرها و كأنها  دولة فوق القانون، كما اتضح أن توظيف صفتها كضحية تاريخية وصل حدّا لم يعد مقبولا و لا ينبغي أن يحميها مطلقا عندما تنتهك حقوق الإنسان بهذا الشكل السافر.

 ثانيها أن إسرائيل خسرت الحرب سياسيا نتيجة ما أثار عدوانها من تململ لدي عدد من أصدقائها التقليديين و من ضمنهم الاشتراكيون الأوروبيون الذين تحول موقفهم من التحفظ إلى التنديد، و هنا تجدر الإشادة بموقف الحزب الاشتراكي الإسباني  باعتبار أنه الحزب الحاكم في إسبانيا حيث تعالت الأصوات المطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

 ثالثها أن إسرائيل فشلت في تحقيق الهدف الرئيسي المعلن لحربها وهو الإطاحة بتنظيم “حماس” حيث أصبح هذا التنظيم واجهة المقاومة و الطرف الكفء الذي لا مجال لإقصائه من مائدة المفاوضات .

 لقد ألحقت إسرائيل الدّمار و جعلت من قطاع غزة ركاما  و زرعت في الشعوب العربية و الإسلامية – في منطقة العمليات و خارجها- مزيدا من اللوعة و الحقد و الكراهية و الشعور بالظلم أي ما يعمّق الهوة بين الإسرائيليين و الفلسطينيين و يدفع أفق السلام بعيدا… بعيدا..

 إنها بكل المقاييس لحظة تاريخية لأنها أعادت للقضية الفلسطينية العادلة مركزيتها بفضل زخم التضامن الشعبي الذي اخترق القارات، و لأنها و على الرغم من جسامة التضحيات، بل و نتيجة لحجم العدوان و بشاعته، خلقت موازين قوى جديدة بالمنطقة ليست لصالح المستعمر الذي لم يتوقف منذ ستين سنة عن التوسع على حساب الفلسطينيين. فهل يغتنمها القادة العرب للخروج من هذه الأزمة أكثر قوة و انسجاما بما يمكنهم من الضغط الفعلي على أمريكا – صاحبة القرار أولا و آخرا- و اغتنام اعتلاء رئيس ديمقراطي أكثر انفتاحا و أقل انحيازا من أجل تحقيق السلام العادل و العيش الكريم الذي تنشده شعوب المنطقة.

 إن إسرائيل بحربها على غزة ألغت كل المسارات ” السلمية” السابقة، من أسلو إلى أنابولس، كما وضعت في التسلل المبادرة العربية للسلام. المطلوب اليوم هو التعجيل بعقد قمة – سبق أن دعت إليها بعض الأطراف على غرار قطر و سوريا..- تخرج منها مبادرة جديدة تحدّ من أزمة ثقة الشعوب في قيادات دولها.

 طبعا لا يتبادر لذهن عاقل أن هذا الأمر هين أو بسيط و لكنه ممكن إذا تحلت بعض القيادات بالشجاعة اللاّزمة و في مقدمتها القيادة الفلسطينية المدعوة إلى جمع كل الفصائل حولها – و هو الشرط الأساسي لاسترجاع تمثيليتها المتهرئة-، و القيادة المصرية لما لمصر من أهميةإستراتيجية كبرى تسند لها بالضرورة دور المبادرة و واجب الإقدام. فهل من صحوة عربية تحيي الأمل و تعيد الكرامة؟

 


عفوا أوباما.. لا يمكننا أن نشاركك احتفالاتك

 

بقلم: آسيا العتروس   كثيرة هي الرسائل المفتوحة العاجلة والدعوات والبرقيات والعناوين التي ستتزاحم اليوم في طريقها الى مختلف المنابر الاعلامية واعمدة الصحف اليومية والفضائيات العالمية حاملة توقيعات شخصية او جماعية كل يناشد من موقعه سيد البيت الابيض الجديد زعيم الدولة الاقوى في العالم ان يكون اقل ظلما واكثر اعتدالا وموضوعية وانسانية من سلفه في تعامله مع القضايا المعقدة العالقة على الساحة الدولية وهي على الارجح رسائل لن تحظى بنظرة من الرئيس الامريكي المنشغل باخر ترتيبات حفل تنصيبه الذي تجاوزت تكاليفه 165 مليون دولار وقد لا تجد لها موقعا في رزنامة اول ايامه كالرئيس الرابع والاربعين للولايات المتحدة وكاول رئيس اسود لبلاد العم سام… لا نملك رسالة نوجهها للرئيس الامريكي فالرجل ادرى من موقعه بما ينتظره وبما يحدث في كل نقطة على سطح الارض وما قد يخفى على اجهزة استخباراته قد لا يخفى على الاقمار الصناعية التي ترصد كل شاردة وواردة في العالم… قد لا نبالغ اذا اعتبرنا انه باستثناء اهالي غزة المنكوبين والمنشغلين بالبحث عن بقايا ضحاياهم بين الركام وباستثناء اطفالهم الذين يقفون في الطوابير في انتظار وصول المساعدات الانسانية العاجلة الموعودة التي يمكن ان تساعدهم على تجاوز محنتهم الراهنة فقد كانت كل الاوساط الرسمية والشعبية في مختلف انحاء العالم سواء الذين يعدون من انصار امريكا او حلفائها او الذين يعدون من اعدائها ومنافسيها بالامس تتابع مراسم استقبال الامريكيين سيد البيت الابيض الجديد وترصد تطلعاتهم الى المستقبل والارجح ان الانصار سيبحثون عن تعزيز مواقعهم وعلاقاتهم مع العملاق الامريكي اما الاعداء سيتطلعون بدورهم الى فرصة جديدة او ثغرة من اجل مستقبل افضل في العلاقات معه ولاشك ان الملايين قد تابعوا تفاصيل الحدث الذي من المنتظر ان تكون مختلف شاشات العالم قد تناقلته ايضا بعد ان تحولت الانظار والعدسات عن المشهد الدموي الاليم في غزة لتنتقل الى المشهد في واشنطن بما يمكن ان يعكس التباين الصارخ بين عالمين او بين عالم الحياة وبين عالم اقرب ما يكون الى الفناء بعد العبث الذي احدثته الة الدمار العسكرية الاسرائيلية… لا احد يملك ان يتوجه باللوم الى الرئيس الامريكي الجديد ولكن لا احد ايضا يملك ان يحرمه من سيل الاهتمام والمتابعة وهوالذي اعاد بوعوده من اجل التغييرالامال في نفوس الكثيرين بعد حصيلة مخزية لسلفه المغادرحامل لقب الرئيس الاسوا في تاريخ امريكا. ولعله من بين الرسائل التي قد لا تتيه في زخم الرسائل الكثيرة الى البيت الابيض تلك التي تحمل وصية ابنته ماشال التي اختارت ان تقطع مع التقليد السائد بان الاباء الذين يتمتعون بالخبرة والتجربة هم الذين يتركون الوصايا للابناء ان تذكره في رسالة مفتوحة بانه كاول رئيس اسود في امريكا فان عليه ان يكون رئيسا جيدا قبل كل شيء تلك امنية طفلة امريكية تعيش وقائع حدث تاريخي لا يمكن الاستهانة به ولكنها ايضا قد تكون امنية اطفال كثيرين داخل امريكا وخارجها قد لا يعرفون اسماء المسؤولين في دولهم ولكنهم يعلمون الكثير ويتابعون الكثير بشان ادق تفاصيل حياة الرئيس الامريكي الجديد وهم الذين وجدوا انفسهم مدفوعين الى ذلك بسبب السياسات الكارثية لسلفه الذي شهدت سنوات حكمه من الحروب ومن الخراب والدمار واغتيال الشرعية والعدالة الدولية وانتشار الفوضى على القانون واستعلاء الاقوى ما فرض الكثير من حالات الاحباط والياس والقنوط والاحساس بالضياع بين الشعوب… احداث كثيرة تلقي بضلالها على احتفالات تدشين الرئيس الامريكي منصبه الجديد واذا كانت غزة الجريحة وهي تنفض الركام وتبحث عن بقية ضحاياها المتوارين بين الانقاض ستبقى الحدث الغائب الحاضر في كل تلك الاحداث فان في مشهد الزعماء الاوروبيين الستة الذي شدوا الرحال سريعا الى اسرائيل لتهنئة اولمرت على حربه والوقوف الى جانبه وقد انفجروا ضاحكين فيما لم تجف دماء اطفال غزة ونسائها بعد ما يؤكد ان التعويل على دور اوروبي في احد اعقد الصراعات في منطقة الشرق الاوسط لم يحن بعد وانه سيكون من الغباء الاعتقاد بان برلسكوني وساركوزي وميركيل ومن انضم اليهم من كبار قادة اوروبا يمكن ان يشكلوا عنصر ضغط على اسرائيل او يتحركوا ضد مصالحها فالموقف الاوروبي لم ينضج بما يجعله قادرا على الاضطلاع بدور الوسيط النزيه في القضية الفلسطينية بعد ان اسقطت حرب غزة الاقنعة وكشفت عن حجم الدور الذي بامكان اوروبا وان تفخر بانجازه وهو الدور الذي قد لا يتجاوز حدود تقديم المساعدات التي تشتري بها صمت السواد الاعظم من الفلسطينيين وهو اكثر ما يمكن لاوروبا السبع والعشرين تقديمه… الحدث الاخر الذي يرتبط بهذا الحدث وهو الذي لا يبدو ان الكثيرين قد انتبهوا اليه وهو مرور الذكرى التسعين لمؤتمر فرساي او مؤتمر الصلح وهو المؤتمرالذي اكتملت فيه فصول المؤامرة اليهودية لاغتصاب فلسطين التي تشهد غزة اليوم ربما اخر فصولها بعد المهزلة الخطيرة للامم المتحدة ولامينها العام في غزة وعودة اسرائيل للالتفاف على القوانين الدولية لتطويعها واعتمادها غطاء لجرائمها المتكررة باسم القانون الدولي … وفي انتظار ما يمكن ان يحمله وصول الرئيس الامريكي الجديد يبقى من الصعب مشاركة الامريكيين احتفالاتهم وجرح غزة لا يزال ينزف واطفالها ينقلون للعالم ما خفي من ماساة ستحدث اخبار غزة عنها العالم عنها طويلا…    (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 21 جانفي 2009)


أوراق من المحرقة الصهيونية على غزة (4): مؤتمر دولي لانقاذ «الشرعية الدولية»

 

بقلـــــم: صالح عطية   واجهت الشرعية الدولية على امتداد العشريتين الماضيتين، امتحانات عسيرة للغاية، وفي كل مرة كان الأمل الذي يعلّق (بفتح اللام) عليها هنا أو هناك، يتلاشى ويذوب بمجرد أن ” تحشر” هذه الشرعية أنفها في خلافات أو صراعات دولية، خاصة إذا كان أحد أطرافها، رقعة من الجغرافيا العربية.. عندما أنشئت الشرعية الدولية قبل أكثر من ستين عاما، كان العالم قد خرج للتوّ من مرحلة دولية معقدة، وأطلق العنان حينذاك لآمال وطموحات وتوقعات ضخمة، في نظام عالمي جديد، تقوده الأمم المتحدة عبر العمل على فرض احترام القانون الدولي والشرعية الدولية على الجميع.. غير أن هذا “الجميع”، تفتت بمرور السنوات، لتدخل الشرعية الدولية طورا جديدا من حسابات المصالح وموازين القوى و”حرب اللوبيات”، ومنطق الفكر السياسي الهرمي، الذي يقسّم الدول إلى “صغيرة” و”كبيرة”، إلى “عالم أول” و”عالم ثالث”، بل إلى “عالم حرّ” وعالم ضد الحرية، والأدهى من ذلك وأمرّ، أن تصنّف إسرائيل أو أن “تقحم” رغم أنف الجميع ضمن هذا العالم الحرّ، ما أدى إلى جعل القوانين الدولية “تتفصّل” (في مستوى التطبيق خاصة) على مقياس دول دون أخرى، فظهر ما يعرف بسياسات الكيل بمكيالين، التي نجحت في “غمس” الشرعية الدولية في “ميزان” جديد مثقوب ومختلّ.. هكذا كانت “الشرعية الدولية” الغطاء الذي سمح للقوات الأمريكية والغربية باحتلال العراق وتمزيقه و”بلقنته”، تمهيدا لتوزيع غنائمه بين بورصات العالم وأسواقه النفطية ومصارفه الدولية الضخمة، وهكذا “سكتت” هذه الشرعية عن حرب إسرائيل للبنان فيما يعرف بـ”حرب تموز 2006″، ومن هذه الزاوية أيضا، كانت هذه “الشرعية” السند الفعلي لتل أبيب لكي تعبث بقطاع غزّة في أكبر مجزرة / جريمة تاريخية يسجّلها التاريخ البشري، بل هي “هولوكوست” حقيقي وليس وهميا، على النحو الذي تدعيه إسرائيل من خلال كذبتها التاريخية المتهافتة.. لقد “شرعنت” هذه الشرعية الدولية، القرار الإسرائيلي بالحرب على قطاع غزّة، من خلال ذلك القرار الأممي اليتيم الذي اتخذه مجلس الأمن عبر اكتفائه بالدعوة إلى إيقاف “إطلاق النار” في غزّة، ما جعل العمليات الحربية الإسرائيلية تستمر بشكل أوسع وأعنف في مشهد هو الأكثر درامية بين مشاهد القتل والدمار والخراب في تاريخ الإنسانية.. ولعل اللافت للنظر في هذا السياق الدموي الذي انتهجته إسرائيل، هو استهدافها ليس القرار الأممي ذاته، من خلال الضرب به عرض الحائط ـ كما العادة ـ وإنما تعمدها ضرب مقر “الأونروا” في مناسبتين خلال الأيام الأخيرة للحرب، كانت إحداهما خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون إلى تل أبيب، ضربة لا تعكس صلف إسرائيل وتعنّتها واستهتارها بالقانون الدولي فحسب، وإنما تبرز إلى حدّ كبير مدى عدم احترامها للمؤسسة الدولية، التي يفترض أنها راعية القانون الدولي وحاضنته.. لم تخسر غزّة لوحدها من هذه الحرب الإجرامية، إنما خسرت مؤسسة القانون الدولي، بتاريخها ودورها الذي جبلت من أجله، وأرضيتها القانونية التي صيغت العام 1945 لكي تكون حامية لأي تعدّ صارخ أو مغامرة بالحرب.. والحقيقة أن هذا المطبّ الذي وقعت فيه هذه “الشرعية الدولية” من خلال صمتها، وبالتالي مشاركتها في الحروب الدائرة في المنطقة منذ تسعينيات القرن المنقضي، قد تزامن مع دور جديد للحركة الحقوقية في العالم، التي باتت “تشتغل” على القانون الدولي، وإن من زاوية إنسانية وحقوقية، لكنها رغم ذلك، تزيد في إضعاف الأمم المتحدة وتآكل الشرعية الدولية، وبالتالي “انهيار” العدالة الدولية، التي زادها صمت المحكمة الجنائية الدولية، التي لم تتحرك إلا فيما يتعلق بالشأن السوداني، أزمة ومأزقا لا يبدو الخروج منهما يسيرا في المدى المنظور، على الأقل.. ولا يختلف اثنان في ضوء هذه التطورات، بأن الشرعية الدولية باتت اليوم بحاجة إلى مؤتمر دولي لإعادة تأسيس المنظمة على نحو جديد، ينطلق بفكر سياسي جديد، لا يقوم على “الفيتو الأمريكي الإسرائيلي”، ولا يخشى من اللوبيات، ولا يكون صدى “للأقوياء” حتى وإن كانوا على غير وجه حقّ.. إعادة تأسيس تأخذ بعين الاعتبار تطورات الفكر السياسي في الكرة الكونية، ودخول الفكر الحقوقي “على خطّ” المخاض الدولي الراهن.. من دون ذلك، ستبقى الأمم المتحدة مؤسسة غير ذات فاعلية في المشهد الدولي، إلا من حيث كونها “راعية” للسلام بمفهومه المصلحي الأمريكي، ومقاسه الإسرائيلي، ولن يكون بوسع أي كان الحيلولة دون حق بعض الدول أن تخرق هذا القانون الدولي، سواء بذريعة نووية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرها..        (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 21 جانفي 2009)

 


     المجموعة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي                                           

تضامن

 

أصدرت المجموعة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي بيانا بخصوص الحرب على غزّة عبرت فيه عن ‘استيائها العميق” تجاه “ما أدى إليه استعمال غير متكافئ للقوة من طرف إسرائيل و ما نتج عن ذلك من سقوط مئات الضحايا المدنيين و من ضمنهم أطفال”. و دعا البيان إسرائيل إلى احترام التزاماتها  تجاه القانون الدولي و القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان و فتح المجال لوسائل الإعلام حتى تتابع ما يجري على الميدان”  . كما دعا البيان حماس “إلى الكف عن إطلاق الصواريخ و الرجوع إلى الحوار الفلسطيني  الفلسطيني و المساهمة في المفاوضات

 و إضافة إلى دعوة “الاتحاد الأوروبي إلى العمل من أجل “ضمان احترام الاتفاقيات المبرمة في سبتمبر  بين مصر و إسرائيل و السلطة الفلسطينية  سنة 2005 “، طالبت المجموعة “بوقف فوري و غير مشروط لإطلاق النار”، و أكدت على الارتباط بين تطور الأوضاع في اتجاه العودة إلىمفاوضات السلم  من ناحية و ربط علاقات متميزة بين إسرائيل و الاتحاد الأوروبي.. 

 

صرح السيد جورج بابندريو رئيس الدولية الاشتراكية أن اللجوء إلى العنف لا يحل المشكل و دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار و فتح المجال لإيصال الإغاثة التي يفرضها الوضع الإنساني لأهالي غزة. كما طالب بعقد مؤتمر إقليمي يضم الأطراف المعنية تحت إشراف “الرباعي” من أجل وضع خارطة طريق تضمن للفلسطينيين دولة لها مؤهلات الحياة و تضمن أمن إسرائيل.

 

أكد الحزب الاشتراكي الفرنسي أن الحل لا يمكن أن يكون عن طريق العنف وأدان العدوان الإسرائيلي و اعتبر أن الوضع مؤهل إلى الانتشار إلى المنطقة كلها. كما دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار و إلى توفير ممر إنساني  و إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزّة. من ناحية أخرى دعا الحزب الاشتراكي الفرنسي الرئيس ساركوزي إلى التحرك بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي كما دعا إلى عقد اجتماع طارئ للحزب الاشتراكي الأوروبي بهدف التناغم بين مواقف الأحزاب الاشتراكية بخصوص هذه القضية.

 


فرنسا تلوح للحوار مع حماس قلق في إسرائيل من خطط أوباما للتفاهم مع إيران

 

باريس- بدأت تظهر في العالم مؤشرات على إحتمال تفعيل حوارات خلفية مع حركة حماس من قبل لاعبين دوليين كبار خصوصا في الإتحاد الأوروبي. وتحدثت تحليلات صحافية إسرائيلية عن مخاوف واقعية من شمول إيران وحليفتها حركة حماس بالحوار المفترض الذي أعلن الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما انه سينشطه مع العالم الإسلامي. وفيما دعا مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين الرئيس الأمريكي الجديد للتحاور الفعلي مع جميع مكونات العالم الإسلامي وتحديدا تلك المتصلة بالقضية الفلسطينية بدت فرنسا وكأنها تخطو خطوة في السياق . وفي باريس إعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير حركة حماس محاورا محتملا اذا وافقت على عملية السلام وشاركت في حكومة وحدة وطنية فلسطينية. واكد كوشنير الثلاثاء امام مجلس النواب الفرنسي ان حركة حماس المدرجة على لائحة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة للمنظمات الارهابية، هي احد اطراف الحوار في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. وقال: في لهجة دبلوماسية تعبر عن تطور في راينا وقد تيقنا من ذلك منذ فترة طويلة ان حماس هي احد اطراف الحوار ونعتقد انه ينبغي التحاور معهم عندما يوافقون على عملية السلام ويقبلون بالانخراط في المفاوضات. واعلن كوشنير تاييده دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم اعضاء من حركتي فتح وحماس. وكان عباس دعا الاثنين خلال قمة الكويت العربية الاقتصادية الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس الى تشكيل حكومة وفاق وطني تتولى تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية بشكل متزامن. هكذا، وبعد بضعة ايام على انتهاء الهجوم الاسرائيلي الدموي على قطاع غزة، اعطت فرنسا اشارة تدل على تغيير في موقفها من حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ حزيران/يونيو عام 2007. وشدد الوزير الفرنسي على اهمية رفع الحصار عن قطاع غزة وعلى الجهود التي تبذلها بلاده في هذا الاطار. وقال كوشنير لكن كان لدينا وسطاء للحوار مع حماس وخصوصا مصر. وتابع والخيار الكبير الذي اتخذناه كان بانتقاء مصر كمحاور، لقدرتها على محاورة السلطة الفلسطينية وحماس. وكان كوشنير قد اقر منذ ايار/مايو بان باريس تجري اتصالات غير مباشرة مع حماس. وقبيل القاء كوشنير كلمته اعرب الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية اريك شوفالييه الثلاثاء عن استعداد بلاده للبحث مع حكومة فلسطينيية تتمثل فيها حماس ما ان تتعهد الاخيرة بالعمل لمصلحة السلام مع اسرائيل. وردا على سؤال حول ما اذا كانت باريس لا تزال تشترط قبل اي اتصال مع حماس تخلي الحركة عن العنف والاعتراف باسرائيل والاتفاقات المبرمة بين الدولة العبرية والفلسطينيين، شدد شوفالييه على ان هناك عنصرا اساسيا جدا هو التخلي عن العنف ملمحا الى ان فرنسا تركز على هذا الجانب. ويشكل قيام حكومة وحدة وطنية فلسطينية افضل اطار لاشراك حركة حماس في عملية سياسية اوسع وصفها كوشنير بانها بداية كل شيء. يذكر ان اسماعيل هنية تولى رئاسة الحكومة الفلسطينية بعد فوز حركته بالانتخابات التشريعية في كانون الثاني/يناير 2006. وقرر المجتمع الدولي مقاطعة تلك الحكومة وفرض عليها حظرا ماليا ودبلوماسيا بحجة ان حماس مدرجة على لائحة المنظمات الارهابية لدى الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة. وبعد 18 شهرا من التعايش اقال الرئيس محمود عباس اسماعيل هنية لكن حركة حماس سيطرت على قطاع غزة بعد انقلاب على حركة فتح منتصف 2007. وفي السياق نقلت وكالة آكي الايطالية للأنباء عن الشيخ حسين قوله في تصريح خاص تعقيباً على خطاب تنصيب أوباما ان ما صدر عن الرئيس أوباما مهم مشدداً على أن تعامل الولايات المتحدة مع العالم الإسلامي بطريقة الاحترام والندية يساعد على تحقيق الاستقرار في هذا العالم الذي ينشد الاستقرار. واعتبر الشيخ حسين ان خطاب أوباما يتطرّق بطريقة أو بأخرى إلى القضية الفلسطينية، وقال: صحيح أنه لم يشر إلى القضية الفلسطينية بالاسم في خطابه ولكن إذا ما أرادت الولايات المتحدة علاقة جديدة مع العالم الإسلامي، فإن القضية الفلسطينية هي إحدى أهم القضايا، ومن غير المرجّح أن تغيّب عن أي حوار بين أميركا والعالم الإسلامي. وفي إسرائيل لفت محللون الى أن أوباما وخلافاً لسلفه جورج بوش أكد في خطاب تنصيبه الثلاثاء على أنه سيتحاور مع العالم الإسلامي بعد أن كان الإسرائيليون أعربوا عن قلقهم من نيته التحاور مع إيران وربما مع حركة حماس أيضاً. ولفت المحللون إلى القلق الذي يسود إسرائيل من تعيين السيناتور السابق جورج ميتشل مبعوثا خاصا إلى الشرق الأوسط، كونه طالب إسرائيل في الماضي بتجميد الاستيطان بالكامل. كذلك عبّر الإسرائيليون عن قلقهم من مواقف رئيس طاقم الموظفين في البيت الأبيض رام عمانوئيل، لأنه أيّد في الماضي مبادرة جنيف التي تدعو إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك على الرغم من أنه تطوّع في الجيش الإسرائيلي خلال الحرب على العراق عام 1991. وفي حال صدقت توقعات استطلاعات الرأي الإسرائيلية، وشكل رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فإن القلق يتصاعد في إسرائيل. وأشار المحللون الى أن هناك مسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية الجديدة يختلفون في الرأي مع الإسرائيليين فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، أبرزهم وزير الدفاع روبرت غيتس، ومستشار الأمن القومي الجنرال جيمس جونز. ورأى كبير المعلقين في يديعوت أحرونوت ناحوم برنياع أنه لا يُتوقع حدوث أي أمر هام على جبهة أوباما – إسرائيل حتى تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل، في بداية آذار/مارس المقبل.   (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 21 جانفي2009)


أولمرت يبيع الوهم وحماس ربحت المعركة

 

ياسر الزعاترة 

للتذكير فإن الجيش الذي خاض المعركة ضد قطاع غزة هو «الجيش الذي لا يقهر»، وهو رابع قوة عسكرية في العالم، والأكبر في الشرق الأوسط، وهو صاحب القدرة على توجيه الضربات الحاسمة وتحقيق الانتصارات السريعة. تلك معادلة نسيها أولمرت وهو يتحدث في مؤتمره الصحافي عن العملية العسكرية التي حققت أهدافها، بل أكثر من أهدافها، والسبب هو أن الجيش الذي تحدث عنه عملياً هو الجيش الذي هزم في معركة يوليو 2006، وهو الجيش الذي نسي القتال وتحول إلى قوة شرطة في الانتفاضة الأولى والثانية، وعندما قاتل قتالاً حقيقياً في مخيم جنين ربيع عام 2000 لقي هزيمة كبيرة، بينما كان لا يزال يلملم جراحه النازفة إثر هزيمة مايو 2000 في لبنان. في القطاع، لم يكن ثمة جيش دولة كبرى يواجهه الجيش الصهيوني حتى يفتخر أولمرت بانتصاره عليه، بل قوة مقاومة معزولة ومحاصرة في شريط ضيق لا تتعدى مساحته كاملة 360 كيلومترا مربعا، ومع ذلك لم يجرؤ «الجيش الذي لا يقهر» على التقدم صوب المقاومة، حيث اكتفى بالقصف الجوي، ومن ثم التقدم في المناطق المفتوحة تحت نيران الطيران والمدفعية، بينما كان جنوده في حالة ذعر يُجرّون إلى المعركة جراً. كيف يجرؤ أولمرت على القول إن المعركة قد حققت أهدافها؟ لقد أعلنوا في البداية أنهم سيغيرون الوضع في القطاع وينهون حكم حماس، وها هم يوقفون العمليات وحماس باقية، بل في ذروة تألقها. ثم قالوا إنهم سيوقفون إطلاق الصواريخ، وها هي الصواريخ تنطلق حتى بعد إعلان وقف إطلاق النار من طرف واحد، كما أن المقاومة ستعود من جديد إذا بقي الغزاة داخل غزة بعد مهلة الأسبوع التي أعلنت عنها قوى المقاومة. وحتى لو قالوا إنهم سيوقفون تهريب الأسلحة، ولا يعرف كيف سيفعلون ذلك، فإن التهريب سيتواصل، مع العلم أن حماس لم تهرّب إلى القطاع لا دبابات ولا طائرات، بل مجرد صواريخ عادية. ثم قالوا إنهم سيفرضون تهدئة متواصلة، وهو ما لم يحدث أيضاً، ثم قال بعضهم إنهم سيعيدون الجندي الأسير شاليط إلى الديار، وها هم يوقفون النار من دون أن يعيدوه. أما قول أولمرت إن حماس قد تلقت ضربة موجعة في قيادتها وقوتها العسكرية، فليس صحيحاً، حتى لو صدقنا الرواية الصهيونية عن خسارتها 400 من مقاتليها (القسام اعترفت باستشهاد 48، لكن ذلك لا يشمل ضحايا جهاز الشرطة)، ليس فقط لأن لديها عشرات أضعاف هذا العدد، بل أيضاً لأن ما جرى سيمنحها مزيداً من التألق الذي يمنحها الفرصة والقدرة على تجنيد أعداد أكبر بكثير، فيما ستحصل على دعم استثنائي متعدد الأشكال لم تحلم به. إن ما لم يدركه أولمرت هو أن حماس ما بعد المعركة ليست حماس التي قاتلها، فقد قاتل حركة كانت تعيش بعض التراجع إثر مشاركتها في الانتخابات والحسم العسكري وإشكالات السلطة في القطاع، أما اليوم فثمة حماس بشرعية شعبية داخلية وخارجية أكثر رسوخاً بكثير، وهي ستستثمر هذه الشعبية على نحو أفضل في المستقبل، ليس على صعيدها كحركة، وإنما على صعيد برنامج المقاومة الذي ازداد قوة مقابل سقوط البرنامج الآخر. لقد منحت هذه الحرب لحماس مكاسب لم تكن تحلم بها، وهتف لها وباسمها الملايين في العالم أجمع، بينما سقط خصومها في الساحة، في ذات الوقت الذي سقط فيه أعداؤها، وظهروا بأنهم قتلة الأطفال والنساء، لاسيما في ظل التغطية الإعلامية القوية للمجازر الصهيونية، ولا تسأل بعد ذلك عن سقوط خيار التسوية والتعايش والتطبيع مع هذا الكيان الغاصب. مكاسب كثيرة حققتها حماس وقوى المقاومة، وسيكون بوسعها استثمارها على نحو مختلف خلال المرحلة المقبلة، وبخاصة في سياق تكريس برنامج المقاومة، وقد كان للدكتور رمضان شلّح رأي مهم على هذا الصعيد، سبق أن دعونا إليه مراراً، يتمثل في تشكيل حكومة مقاومة وحل السلطة التي ثبت للقاصي والداني أنها مصمَّمَة لخدمة الاحتلال ولا يمكن أن تخدم أهداف الشعب الفلسطيني في الكرامة والتحرير. لقد كانت معركة رائعة أجمعت عليها الأمة كما لم تجمع على معركة أخرى من قبل، وهي معركة ألهبت مشاعر الجماهير وساهمت في إيقاظ همتها وتشكيل وعيها، ما يعني أنها معركة سيكون لها بُعدها على صعيد التغيير الداخلي ومواجهة الغطرسة الخارجية في آن واحد.   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 21 جانفي 2009)


خمس عبر تاريخية

 

جمال باروت

رغم أن مقاربة المستقبل محفوفة بالمخاطرة بحكم ما يتسم به من ضعف تيقن، فإن الحرب الفلسطينية-الإسرائيلية الراهنة تنطوي على بروز مؤشرات ثلاث عبر أو ثلاثة اتجاهات كبرى في منظور تاريخ الفترات الطويلة الأمد للصراع العربي-الإسرائيلي عموماً منذ قيام دولة إسرائيل في العام 1948. وتتمثل هذه العبر أو الاتجاهات فيما يلي: العبرة الأولى: مهما كانت ملابسات وأسباب ووظائف عملية إعلان إسرائيل عن وقف إطلاق النار من طرفٍ واحدٍ، فإن هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل وقف إطلاق النار، بينما درجت العادة على أن يطلب العرب المعتدى عليهم في الحروب الإسرائيلية-العربية السابقة وقف إطلاق النار، أو يستعجلون الإعلان عنه. وقد يكون من المبكر استنتاج اتجاهات نهائية لذلك غير أنه ينطوي على تغير كبير في الاتجاهات التي حكمت الحرب العربية-الإسرائيلية خلال العقود الخمسة المنصرمة. العبرة الثانية: هذه هي الحرب الأولى التي تستأنف ما كرسته حرب تموز 2006 من نقل آثار الحرب في شكل مؤشرات قابلة للقياس إلى داخل إسرائيل بعد أن كان هذا الداخل «محصّناً» ضد الهجمات العربية. فلأول مرة يعيش ما يقترب من خُمس سكان إسرائيل على الأقل داخل مربع «الإنذار الأحمر»، ويعيشون بعض ويلات العدوانات الإسرائيلية على الفلسطينيين والعرب في شكل «هلع» يثير قلقاً كيانياً أو وجودياً. ووفق توازنات القوى السائدة بغض النظر عن مدى استثمارها فإن هذا الميزان قد تحول استراتيجياً من الاختلال الكبير إلى نوع من التوازن الردعي العربي المقاوم لإسرائيل، والقادر على فرض ميزان «رعب» قابل للقياس. ويرتبط مستقبل ذلك بإعادة النظر جذرياً في مفهوم موازين القوى من ميزان توازن بين الجيوش إلى ميزان توازن بين حركة المقاومة وبين الجيش الإسرائيلي. العبرة الثالثة: أن حركة المقاومة قد تحولت من شكل حركة الفدائيين الذين يتسللون إلى داخل أرضهم ويقومون ببعض العمليات العسكرية، ومن شكل الانتفاضة الشعبية، إلى شكل المقاومة الشعبية المسلحة، التي تستند فيها العصابات المقاومة إلى انغراس عميق في النسيج الشعبي. وهذا مؤشر على تحول كبير تستطيع فيه حركة المقاومة وبإمكانات ذاتية وبسيطة وأسلحة تقليدية جداً قابلة للتطوير أو لاستخدام أسلحة تقليدية أكثر تطوراً أن تتحدى التفوق العسكري النظامي الإسرائيلي، وتفرض ميزاناً يمتلك سمات الردع مع أن حركة المقاومة الفلسطينية في غزة ليس لديها نمط داعم من النمط التقليدي الذي مثله نموج هانوي. وفي مثل هذا التحول أبدى الجيش الإسرائيلي ارتباكاً كبيراً في عملية تطوير مراحل حربه، ولم يستطع أن يغامر في الدخول إلى غزة، بينما كان يستطيع في فترة سابقة أن يصل إلى بيروت ويحتلها، وأن يحاول قطع خط بيروت- دمشق، أو يطل على بعض المدن المصرية. العبرة الرابعة: أن حركة المقاومة هي حركة لاجئين، فهي وإن كانت حركة حماس تقودها، وتجد غطاءها وسياجها في الشعب، فإنها حركة مقاومة فلسطينية «غزاوية» تجد الوجه الآخر لها في أنها حركة مقاومة للاجئين فلسطينيين، فما يتم عدم الاهتمام به بشكل كاف أن ما لا يقل عن ثلاثة أرباع فلسطينيي غزة هم من اللاجئين. وسوسيولوجياً ينحدر معظم المقاومين من عائلات اللاجئين، ويمكن بدقة رسم خطوط اللجوء في غزة وعلاقته بالمدن والبلدات الفلسطينية التي هجروا منها. وفي مثل نوعية التركيب الغزاوي الفلسطيني يبدو «ساذجاً» جداً أن يتصور مخططو الحرب الإسرائيليون، أنهم بالاستمرار بعملية الحصار والفتك بالمدنيين، وتحويل الحياة اليومية إلى جحيم في «قفص» فيما يعرف بـ «عقيدة الضاحية» سيجعلون الشعب ينفض عن حركة حماس، لأن هذه الحركة بغض النظر عن تعبيرها الإسلامي هي من الناحية السوسيولوجية الأهم في تقرير اتجاهات الأحداث حركة لاجئين، أي حركة الشعب نفسه، التي قد تتخذ في فترة غطاءً أيديولوجياً قومياً أو يسارياً أو وطنياً صرفاً أو إسلامياً. فالغطاء الأيديولوجي -بالإذن من المتربلرين العرب على نمط ليبرالية منتدى المستقبل- في حيوات الشعوب التي تخضع لنير الاحتلال يفهم ليس في عناصره الأيديولوجية المفردة بحد ذاتها بل في ضوء وظيفتها التعبوية، وقدرتها على تحقيق التماسك المعنوي للشعب المضطهد. والغريب ألا يعرف المخططون الإسرائيليون هذا الدرس الذي طبقته أميركا ضد الفيتناميين، وحصدت ما حصدته. وبمقياس الحروب العربية-الإسرائيلية فإن حربي تموز وغزة هما أطول حربين خاضتهما إسرائيل. وحقق فيه الشعبان الفلسطيني واللبناني صموداً «مفاجئاً» قلب التقديرات رأساً على عقب. العبرة الخامسة: إن نتائج حرب تموز والحرب الفلسطينية-الإسرائيلية الراهنة بين اللاجئين الفلسطينيين في غزة وبين إسرائيل تنطوي على تغير جذري في العقيدة الأمنية الإسرائيلية التي كانت تعرف في السابق حزب الله وحركة حماس كمجرد «مخاطر أمنية» يسهل التعامل معها. فلقد سقطت نظرية الصواريخ «العبثية» إلى لا رجعة. وهذا شيء جديد تماماً في منظور إسرائيل للخطر الأمني والخطر الوجودي الكياني. تنطوي هذه المؤشرات على عبر ودروس لم تصبح بعد نهائية لكن اتجاهاتها تتسم بالأمامية. والأهم في ذلك أن تطورها يثير احتمالات شديدة «الخطورة» على المسألة الكيانية الإسرائيلية نفسها. إن الشرق الأوسط يتغير حقاً، ويتطور في اتجاهات لم يستطع أن يتنبأ بها خبراء إعادة تنظيم المنطقة، وهناك تاريخ آخر يتمخض في المنطقة.   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 21 جانفي 2009)


العرب بين اليمين الفرنسي ويساره

 

عبد السلام المسدّي

جاء جاك شيراك الحكم في 7 مايو 1995 فأحيا الإرث الديغولي في التعامل مع القضايا العربية، وبان علناً أن اليمين الفرنسي حريص على الاعتدال في قضية العرب الأولى، بينما يظل اليسار، مجسماً في الحزب الاشتراكي، منحازاً إلى إسرائيل. وفي 22 أكتوبر 1996 كان شيراك على أرض فلسطين المحتلة زائراً، وكان يريد أن يتصل بالجماهير العربية المتأذية، وكانت سلطة الاحتلال مراهِنة على أن تحول بينه وبين ذلك، فما إن طاف في جولته الحرة على القدمين واقترب من بعض المستقبلين له، المنادين بعدالة قضيتهم، حتى نصب له البوليس الإسرائيلي فخاً من الاستفزاز، فتشابك الرئيس الفرنسي مع بعض أعوان الاحتلال بالجسد والأطراف، وتناقلت وسائل الإعلام المرئية الصورة الحية الاستثنائية، وتحدثت عن «أزمة» ترتبت على هذه الحادثة. لم تمض على رئاسة جاك شيراك سنتان حتى فاز الاشتراكيون بالأغلبية البرلمانية، فكان على شيراك اليميني الديغولي أن يرضى بما يصطلح عليه الفرنسيون «المُساكنة» على معنى تعايش اليمين واليسار في تركيبة الحكم، وتولى جوسبان الاشتراكي رئاسة الحكومة في 2 يونيو 1997، وفي 20 فبراير 2000 بدا له أن يزور إسرائيل، ووصف المقاومين الفلسطينيين بالإرهابيين، ولما حل بالأراضي المحتلة قذفته الجماهير بالحجارة، وتناقلت الشاشات المشهد الذي أذله وأهاج الرأيَ العام الفرنسي عليه لسوء تدبيره في إحكام الزيارة، وانكشف من جديد الشرخ الفرنسي بين يمينه ويساره في قضية العرب الأولى. ثم كانت اللحظة التاريخية الخالدة يوم أعلن جاك شيراك -بقامة متسامقة يجلوها إرث ديغولي نبيل- اعتراضه على غزو العراق واعتزامه استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن، فسجل بذلك موقفاً يصدق عليه بوفاء تام قول ديغول: إن السياسي هو الذي يعرف كيف يأخذ موعداً مع التاريخ. رسخ إذن -مرة أخرى- في الوعي السياسي أن اليمين الديغولي أكثر تعاطفاً مع العرب من اليسار الاشتراكي وإن كانا معاً يشتركان في مقاومة الهيمنة الأميركية على القرارات الدولية، وما حرصُ فرنسا على قيادة مركب الوحدة الأوروبية وتعاونها الحميم مع ألمانيا -وأحياناً مع روسيا- إلا ترجمة لتلك الرغبة الدائمة. وجاء نيكولا ساركوزي -اليميني هو الآخر- إلى الرئاسة في 6 مايو 2007، ولكنه جاء حاملاً لواء التغيير، وأغرى الفرنسيين بشعاره ذاك، لأنهم أحسوا على مدى السنين أن فرنسا فقدت الكثير من وزنها الاعتباري على الساحة الدولية، وبدأ ممارسة التغيير -في مجال السياسة الخارجية- بأن أعاد جسور الرضا والوئام مع الولايات المتحدة، فبدا كأنه يلاحق بقايا شخصية جورج بوش بعد أن أصاب صدقيّتها تآكل عالمي، ولم يسبق للدول كافة أن أجمعت على فشلٍ مّا كما أجمعت على فشل المشروع البوشيّ. ولكننا -من باب الإنصاف- نقرّ بأن ساركوزي، باصطناع التعاطف مع الخيارات الأميركية، استطاع أن يفتك بعضاً من زمام المبادرة على الساحة الدبلوماسية في الشرق الأوسط، واستطاع أن يذيب بعض الجليد المتراكم على الوضع السوري اللبناني، وأن يخرق بذلك حاجزاً نفسياً صنعته الولايات المتحدة على طريق تطبيع العلاقات الدولية مع النظام السوري عامة. وأدى ساركوزي زيارة لإسرائيل في 24 يونيو 2008 كانت موعودة ليومين، وقبل السفر جدد التعبير عن أهمية قيام الدولة الفلسطينية، وكانت تلك محاولة منه لرسم زاوية من 45 درجة بين الطرح اليميني (الديغولي الشيراكي) والخط اليساري (الاشتراكي) ولكن زيارته لإسرائيل اختصرت في يومها الثاني، وليس هو الذي قرر اختصارها، ولكن الأمن الإسرائيلي هو الذي رجاه أن يختصرها، أما السبب فهو أن جندياً من حاملي الزي العسكري فاجأ الموكب بإطلاق الرصاص دون تحديد مرمى مّا لطلقته، ولم تركز وسائل الإعلام كثيراً على الحادثة.. ترى هل هي انفعالة فرد، أم هي تدبير آخر؟ وجاءت أحداث غزة بكل بشاعتها الوحشية، ورأى ساركوزي فيها فرصة لاحتلال مقعد الصدارة على منصة السياسة الدولية، وكان في ذلك مستغلاً «الفراغ» الحاصل في الإدارة الأميركية، ولكن المأزق كان أكبر من حجم ساركوزي، بل اتضح أن فرنسا الديغولية كانت تستحق زعامة سياسية يفوق حجمها حجم ساركوزي. لا شك أن الرئيس الفرنسي كان مضروباً في معنوياته حيال إسرائيل التي لا ترضى بأنصاف الحلول في ولاء فرنسا لها، والتي لا يُرضيها إلا الالتزام الأعمى الذي عودتها عليه الولايات المتحدة، ورغم براعة ساركوزي في تجنيد كتيبة كاملة من البلاغة اللفظية بكل عدّتها من المجازات الوسطى والتضمينات القابلة للتأويل وللتأويل المضاد، فإنه لم يقنع بخطابه السياسي أحداً، بل بدا أصغر بكثير من فصاحة الإرث الديغولي والشيراكي. يكفي الراصدَ المدقق أن يتمعن جُملَه التي كان يفوه بها هنا وهناك علناً: في خطابه وهو بحضرة الفلسطينيين قال جملاً لم يستطع أن يقولها في إسرائيل، وفي مصرَ قال كلاماً خجلَ أن يقوله أمام الفلسطينيين، وفي لبنان أمام عساكره الأمميين تلفظ بكلمات لا ترضي أحداً وقد تغضب الجميع. كان واضحاً أنه ضحية قصور فرضه السياق وساهم هو في تضخيم أبعاده، ومن سخرية التاريخ أن الذي أوصل مهمته إلى بعض الإنجاز إنما هو وصول إسرائيل بوحشية القصف إلى مداه الأقصى يوم ضربت مدرسة الأطفال التابعة لوكالة الإغاثة التي ترعاها الأمم المتحدة، وكان لها من الوقاحة والشراسة ما جعلها تجاهر بتعمد القصف. لن أختم كلامي –هنا- بأي تعريج على مسؤولية الواقع العربي، ولكن أكتفي بإشارة سريعة تخص موضوعنا الخاص الذي مداره العلاقة العربية الفرنسية في حجمها الفسيح، فميثاق الأمن القومي قد تفككت مقوماته، وخيل لنا أن الأمن القومي يمرّ عبر الأمن القُطري بينما كان من المفروض أن نتمسك بأن الأمن القطري هو الذي يمر عبر الأمن القومي. في أحداث غزة تسللت أشباح عديدة، جلها يتحرك بأنصاف الحياة: الشرق الأوسط، والشرق الأوسط الكبير… وكان طيف شبحي آخر: «الاتحاد من أجل المتوسط» هذا الجنين الذي وُلد مكتومَ الأنفاس، والذي انفرد بأبوّته نيكولا ساركوزي، فعز عليه أن يُدفن وهو رضيع، فجرى مهرولاً لإنقاذه من الغرق. عندما اندلع الهجوم الإسرائيلي على غزة كان ساركوزي في الأيام الخمسة الأخيرة من رئاسته الاتحاد الأوروبي، وكان قد انتهز فترة رئاسته الأوروبية لتمرير قرارات تعطي إسرائيل كل حظوظ الأعضاء دون أن تتحمل تبعات العضوية وضريبتها. ربما كان يظن أن إسرائيل ستكافئه فلا ترده خائباً من جولته في أوج حربها الغازية، فكان في حساباته غرّاً يلتحق بصفوف أغرارٍ كثيرين.   abdessalemmseddi@yahoo.fr   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 21 جانفي 2009)


كيف أنهت حرب غزة المحور السوري الإيراني؟

 

 

طلال عتريسي  بات من الواضح أن إسرائيل أرادت من حربها على غزة تحقيق مجموعة من الأهداف بضربة واحدة. منها ما هو قريب ومنها ما هو أبعد. فالقضاء على حكومة حماس وإعادة الاعتبار إلى سلطة محمود عباس في القطاع كانت من الأهداف المباشرة للحرب. ويرتبط بهذا الهدف عندما يتحقق منع حماس من إطلاق الصواريخ على المستعمرات الصهيونية، وهو هدف الحرب المعلن، الذي سمح بتماسك الجبهة الداخلية طيلة أيام الحرب. وما هو مباشر أيضا هو التنافس الانتخابي بين أطراف القيادة الإسرائيلية للحرب تسيبي ليفني وإيهود باراك وإيهود أولمرت، لأن كل واحد من هؤلاء لديه حساباته المستقبلية الخاصة التي تتعلق بنتائج الحرب وتحقيق الانتصار فيها. أما المستوى الآخر من الأهداف المباشرة فهو استعادة قدرة الردع الإسرائيلية التي سقطت وتمرغت بعد الحرب الفاشلة على لبنان في حرب تموز 2006. ولقد دعا تقرير فينوغراد بعد انتقاده القيادتين السياسية والعسكرية، إلى أخذ العبر والدروس من حرب لبنان، لتحقيق الانتصار الواضح الذي لا لبس فيه في أي حرب مقبلة. لذا كان من المفروض في الحرب على غزة أن يحقق الجيش الإسرائيلي مثل هذا الانتصار الواضح لكي يستطيع القول بأنه تجاوز هزيمة لبنان واستجاب لما ورد في تقرير فينوغراد. وهذا ما لم يتحقق، بطبيعة الحال. أما الأهداف الأبعد فكانت ذات مستويين: الأول هو إنهاء القضية الفلسطينية بعد القضاء على حماس. والقضاء على حماس يعني القضاء على أي حركة للمقاومة ضد الاحتلال، وبالتالي فتح الطريق أما السلطة الفلسطينية لكي تصبح من دون منافس كي تفعل ما تشاء أو تقدم من التنازلات ما تشاء. ومن المعلوم في مثل هذه الحالة من سقوط المقاومة أن مشاريع الوطن البديل ستصبح أكثر قوة في الأوساط الإسرائيلية التي لم تتخل يوما عن هذه الفكرة وإنما وضعتها جانبا ليحين أوانها. وإذا كانت إسرائيل لم تقدم أي شيء للفلسطينيين منذ اتفاق أوسلو عام 1993، فمن المؤكد أنها لن تقدم لهم الدولة الفلسطينية إذا خرجت منتصرة في حربها على المقاومة. أما المستوى الثاني فيتعلق بإيران وبالخطر الذي تراه إسرائيل على نفسها وعلى وجودها من البرنامج النووي الإيراني. فالحرب التي أرادت من خلالها إلغاء حماس والقضاء عليها وإنهاء القضية الفلسطينية تعني أيضا قطع الطرق على إيران للتدخل في الشرق الأوسط بحجة دعم حركات المقاومة. كما تعني أيضا أن الرئيس الأميركي الجديد سيتمكن عندما يعود الهدوء إلى الشرق الأوسط بعد القضاء على حماس وحركات المقاومة الأخرى من التفرغ للملف الإيراني. وهذه رغبة إسرائيل التي تشعر بالقلق من إيران ومن أهدافها وطموحاتها. ومتى تحقق ذلك فهذا سيعني أيضا أن إسرائيل لن تكون مرغمة على إعادة الجولان لسوريا حتى تتخلى هذه الأخيرة عن تحالفها مع إيران وتتخلى عن دعمها لحركات المقاومة التي سيكون قد قضي عليها. وهكذا ينتهي ما أطلق عليه محور الممانعة أو المحور السوري الإيراني. إذن أهداف إسرائيل كانت كثيرة من الحرب على المستويات المباشرة والاستراتيجية. لكن ما الذي جرى فعليا في أثناء الحرب وبعدها، وما هي النتائج القريبة والبعيدة التي حققتها؟ وهل تطابق حساب الحقل مع حساب البيدر إسرائيليا فقضي على المقاومة وعلى المحور الذي تنتمي إليه، واستعيدت قدرة الردع، وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية واقتربت فرص التسوية أكثر من السابق؟ يبدو أن أيا من تلك الأهداف لم يتحقق. لا بل يمكن القول إن ما جرى قلب الأمور رأسا على عقب، وأطاح بكل الآمال الإسرائيلية والأميركية وبكل الجهود التي بذلت طيلة السنوات الماضية لترسيخ منطق التسوية وتهميش منطق المقاومة. وبدلا من انهيار المحور السوري الإيراني الممانع للتسوية والداعم للمقاومة رأينا كيف اتسع هذا المحور ليضم قطر التي استضافت، دون أن تأبه لاعتراضات المعترضين، قمة عربية بمن حضر لدعم المقاومة ولدعم غزة وللاعتراض على السياسات العربية التي قاطعت القمة أو فرضت الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة. كما انضم إلى المؤتمر في الدوحة دول عربية أخرى وشارك فيها قادة المقاومة في فلسطين وحضرتها تركيا وإيران وإندونيسيا، أي أن محور الممانعة اتسع ليضم أيضا دولا إسلامية رفضت ما قامت به إسرائيل وقررت قطع العلاقات معها. والأهم أن المؤتمر اعتبر أن المبادرة العربية قد انتهى أوانها بعدما رفضتها إسرائيل طوال سبع سنوات (منذ عام 2002). وما لا يقل أهمية عن نعي المبادرة هو الموقف السوري الذي نعى أيضا التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، عندما أعلن توقفه إلى أجل غير محدد بسبب الحرب على غزة. كان كل شيء يسير بشكل أفضل بالنسبة إلى إسرائيل قبل الحرب. فاستعداد العرب للتطبيع ولإقامة العلاقات يزداد يوما بعد يوم. والتفاوض مع سوريا يتقدم، ومع دول أخرى يجري بعيدا من الإعلام. وكان الخلاف الفلسطيني على أشده وحماس محاصرة منذ أشهر ولا تستطيع أن تفعل شيئا لفك الحصار. وكانت التهدئة قد استمرت ستة أشهر من دون أي خرق جدي لها.. لكن إسرائيل أطاحت بكل شيء، وخسرت كل شيء. فحماس خرجت أكثر قوة وأكثر تمثيلا للشعب الفلسطيني. وكذلك محور الممانعة الذي ازداد اتساعا، ولم تتم استعادة قدرة الردع بعد 22 يوما من القتال. حتى إن القيادة الإسرائيلية اضطرت إلى إعلان وقف النار من طرف واحد. لا بل إن الاهتمام والتعاطف الشعبي الواسع في العالمين العربي والإسلامي قد ازداد وكأن احتلال فلسطين قد حصل قبل أسابيع فقط. لقد فشلت إسرائيل وخربت كل شيء، ولم تنجز ما أرادت قبل استلام أوباما الحكم. ولا شك أن مرحلة جديدة قد بدأت بعد تكرار الفشل الإسرائيلي مرتين متتاليتين والفارق بينها سنتين فقط. في حين كان الفارق بين فشل وآخر في المرات السابقة أكثر من عقدين. لم تعد إسرائيل كما كانت. على العرب أيضا ألا يبقوا كما كانوا. لقد أعلنت ذلك قمة الدوحة. ومن المؤكد أن أحدا لم يتوقع أن تنقلب الأمور على رأس إسرائيل وحلفائها، وعلى من علق الآمال عليها بمثل تلك الطريقة.   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 21 جانفي 2009)


القصة التي نحتبس فيها

 

دافيد غروسمان (*)

مثل الثعلبين في القصة التوراتية لشمشون، المرتبطين الواحد بالاخر من ذيليهما من خلال شعلة متلظية، هكذا نحن والفلسطينيون نجر بعضنا بعضا رغم فوارق القوى وحتى عندما نجتهد جدا كي ننقطع الواحد عن الاخر وفي ظل ذلك نشعل الاخر المعقود بنا، نظيرنا، مصيبتنا، ونشعل أنفسنا ايضا. وعليه، ففي ظل موجة الحماسة الوطنية التي جرفت البلاد الان، لا ضير في أن نتذكر بان الحملة الاخيرة في غزة هي في نهاية المطاف مجرد محطة واحدة اخرى على طريق كلها نار وعنف وكراهية، مرة تنتصر فيها ومرة تخسر، ولكن الطريق نفسها تؤدي في نهاية المطاف الى الضياع. الى جانب الرضى عن اصلاح الاخفاقات لحرب لبنان الثانية، مرغوب فيه الانصات للصوت الذي يقول ان انجازات الجيش الاسرائيلي حيال حماس ليست البرهان الحاسم على أن اسرائيل محقة في أنها انطلقت الى حملة هائلة الحجوم كهذه، وبالتأكيد لا تبرر الطريقة التي عملت فيها في سياقها.   سلوك غير اخلاقي عندما تنتهي الحملة تماما، وبعد أن تتكشف حجوم القتل والدمار امام ناظر الجميع لدرجة ربما، للحظة قصيرة، تفوق حتى آليات الكبت وادعاء الحق، تلك الاليات المتطورة التي تعمل في اسرائيل الان، ربما عندها سيكوي درس ما الوعي الاسرائيلي ايضا. لعلنا نفهم اخيرا بان شيئا ما عميقا واساسيا في سلوكنا هنا في المنطقة، منذ الازل، مغلوط، غير اخلاقي وغير حكيم، وبالاساس هو نفسه يشعل المرة تلو الاخرى النار التي تأكلنا. مفهوم أنه لا يمكن اعفاء الفلسطينيين من مسؤولية اخطائهم وجرائمهم. ومع ان سكان قطاع غزة ‘خنقوا’ من نواحٍ عديدة على يد اسرائيل، ولكن كانت امامهم مفتوحة سبل اخرى للاحتجاج والحوار واظهار أزمتهم الشديدة، غير اطلاق الاف الصواريخ نحو مواطنين ابرياء في اسرائيل. ولكن حتى عندما يعمل الفلسطينيون بعدوانية لا تمييز فيها مثل العمليات الانتحارية ونار القسام لا يزال يوجد لاسرائيل، الاقوى منهم بكثير، قدرة تأثير هائلة على مدى عنف النزاع بأسره، وعليه، على سياقات التهدئة والخروج منه ايضا. الحملة الاخيرة لم تظهر ان احدا في القيادة يفهم حقا، بوعي كامل، بمسؤولية كاملة، هذا العنصر الحرج للنزاع. ستأتي أيام سنحاول فيها اشفاء الجروح التي نحدثها نحن اليوم. فكيف ستأتي هذه الايام إن لم نفهم بان قوتنا العسكرية لا يمكنها أن تكون الاداة الاساسية التي بمعونتها سنشق طريقنا هنا، حيال الشعوب العربية ومعها؟   إسرائيل خدّرت نفسها حين تتبدد سحب الدخان الملونة لتصريحات السياسيين عن انتصار جارف وحاسم، وحين نتبين ماذا كانت الانجازات الحقيقية لهذه الحملة، وما هو الفارق بينها وبين ما هو ضروري حقا لنا كي نعيش هنا حياة طبيعية، وحين نوافق على الاعتراف بان دولة كاملة خدرت نفسها هنا لانها كانت بحاجة ماسة جدا لان تؤمن بان غزة ستشفيها من مرض لبنان ربما في حينه سنأتي لنتحاسب مع اولئك الذين يفعمون بين الحين والاخر الجمهور الاسرائيلي بحماسة الغرور ونشوة القوة، اولئك الذين يعلمون على مدى السنين الاحتقار للايمان بالسلام، ولكل أمل بتغيير ما في العلاقات بيننا وبين العرب، اولئك الذين يقنعوننا بان العرب لا يفهمون غير لغة القوة وبالتالي ينبغي الحديث اليهم فقط بهذه اللغة. ولما كنا أكثرنا بهذا القدر من الحديث اليهم بهذه اللغة وبها فقط، فقد نسينا بان هناك ايضا لغات اخرى يمكن الحديث بها مع بني البشر، حتى مع الاعداء، حتى مع الاعداء الالداء مثل حماس، لغات هي لغات أم لنا، نحن الاسرائيليين، بقدر لا يقل عن لغة الطائرة والدبابة. الحديث مع الفلسطينيين. هذا ينبغي أن يكون الاستنتاج الاساسي من الجولة الدموية الاخيرة. الحديث ايضا مع من لا يعترفون بحقنا في الوجود هنا. وبدلا من تجاهل حماس الان، من الافضل أن نستغل بالذات الواقع الجديد الناشىء والدخول معها فورا في حوار، للسماح بتسوية مع الشعب الفلسطيني بأسره. الحديث، كي نفهم بان الواقع ليس فقط القصة المغلقة التي نرويها نحن وكذا الفلسطينيون منذ أجيال لانفسنا، القصة التي نحتبس فيها، والتي قسم غير صغير منها خيال مغرق وأمانٍ وكوابيس. الحديث، كي نصيغ في داخل الواقع المغلق والاصم امكانية الحديث نفسه، هذا البديل، المحقر والبائس اليوم، والذي في عصف الحرب يكاد لا يكون له مكان، ومنفعة ومؤمنون. الحديث كاستراتيجية ملموسة، المبادرة في الحديث، الاصرار على الحديث، الحديث مع الرأس في الحائط، الحديث ايضا اذا بدأ الحوار منذ البداية عديم الامل. على المدى البعيد كفيل هذا العناد بأن يساهم في أمننا اكثر بكثير من مئات الطائرات التي تلقي القذائف على مدينة وناسها. الحديث انطلاقا من الفهم أنه ولدت في ضوء مشاهد الفظاعة الاخيرة، الفهم بان الدمار الذي يمكن ان نلحقه الواحد بالاخر، كل شعب بطريقته، هو هائل ومفسد جدا، عديم الغاية جدا، اذا ما استسلمنا له ولمنطقه، فانه سيبيدنا جميعا في النهاية. الحديث، لأن ما جرى في الاسابيع الاخيرة في قطاع غزة يطرح أمامنا، في اسرائيل، مرآة تعكس لنا وجهنا، لو كنا نظرنا اليه للحظة واحدة من الخارج او اذا كنا نراه في شعب آخر، لكنا خفنا. كنا سنفهم بان النصر ليس نصرا حقيقيا، وان الحرب في غزة لم تجلب لنا الشفاء في المكان الذي نحتاج فيه بشدة الى الدواء، بل فقط كشفت بقوة اعظم خطأ التوجيه المأساوي والمتواصل عندنا، وعمق الفخ الذي نعلق فيه.   (*) روائي شهير   (المصدر: جريدة هآرتس (يومية – الكيان الصهيوني) بتاريخ 20 جانفي 2009)


رقصة التانغو تحتاج الى اثنين

 

اشكول نافو لا يوجد ما يشبه اجراء مفاوضات بغير حديث الى الطرف الثاني. فالامر جد سهل. لا تجب المصالحة، ولا يجب التنازل، ولا تجب مواجهة مطالب الاخر. فببساطة نعلن من طرف واحد اننا اتفقنا مع انفسنا وننفذ تفصيلات الاتفاق بالفعل. ويمكن ايضا ان نضيف ‘مذكرة التفاهمات’ مع الامريكيين. لا يعني ذلك ان هذا يحل شيئا لكن ‘مذكرة التفاهمات’ تبدو ممتازة وتصور تصويراً رائعا. توجد مشكلة واحدة فقط هي انه لا قيمة حقيقية لـ ‘اتفاقات’ الطرف الواحد هذه. فهي تستطيع في الاكثر ان تفضي الى مهلة مؤقتة لسفك الدماء، لكن ليس لها فوق ذلك اي بقاء استراتيجي. الطريقة الوحيدة التي حلت بها صراعات عنيفة في التاريخ هي التفاوض المباشر بين اطراف النزاع حتى لو كان حساب الدماء بينهم طويلا. يمكن الحديث عن ايرلندا او الجزائر، لكن لماذا نذهب بعيدا؟ فقبل ثلاثين سنة وقع مناحيم بيغن، بعد مفاوضة مباشرة، اتفاق سلام مع مصر، التي قتل جنودها في الحروب المختلفة من الاسرائيليين اكثر مما نؤمل ان تقتل حماس في اي وقت. بعد ذلك بخمس عشرة سنة وقع اسحاق رابين اتفاق سلام مع الاردن. صحيح، ان انور السادات والملك حسين اوحيا بالصدق الشخصي. لكن الم يحن الوقت لأن نكف عن التبجح المستكبر الذي كاد ان يصبح ها هنا مبدأ يستطيع ان يملي من يكون شركاؤنا؟. اولا في اواخر الثمانينيات لم تكن تناسبنا محادثة منظمة التحرير الفلسطينية. آنذاك حاولنا ان نقرر للفلسطينيين من هو ممثلهم الشرعي وان نحادث ‘منظمة التحرير الفلسطينية في الداخل’. بيد انه تبين آنذاك ان هذا التقسيم بين ‘الداخل’ و ‘الخارج’ موجود عندنا فقط وانه لا يوجد اتفاق بغير عرفات، فحادثنا عرفات. بعد ذلك لم يلائمنا ان نحادث عرفات، وعندما مات وحل ابو مازن محله لم نجر مفاوضات مع ابي مازن في الانفصال لانه ‘زعيم ضعيف لا يقدم المطلوب’ آنذاك انفصلنا عن غزة من طرف واحد بغير تفاوض وحصلنا على حماس التي قدمت من جهتها المطلوب اي الصواريخ على سديروت. مرة بعد اخرى تقع اسرائيل في شرك التصور الخاطئ، الذي يقول انها تستطيع ان تقرر للطرف الثاني من يكون ممثله. لكن التجربة تدل على ان الوضع عكسي: فكلما ضيقت اسرائيل اكثر على زعيم عربي ما، زاد مقدار شرعيته عند ابناء شعبه. الطريقة الوحيدة التي تستطيع بها اسرائيل الخروج من حصار الكراهية الذي دفعت اليه في الشرق الاوسط هي مفاوضة مباشرة مع أعدائها، جميع اعدائها. بلا فرق دين وقومية وتعاطف. الان خاصة بعد ان اظهر الجيش الاسرائيلي بنجاح قدرته على الردع، يحسن التعجيل بمفاوضة ابي مازن (الذي برهن في الشهر الاخير على انه قادر بيقين على تقديم المطلوب)، وبدء مفاوضات مباشرة مع سورية والسعي الى حوار الجهات التي هي اشد سلامة عقل في حماس والا فاننا سنعيش على السيف ها هنا الى الابد.     (المصدر: جريدة يديعوت أحرونوت (يومية – الكيان الصهيوني) بتاريخ 20 جانفي2009)


عن الحروب والتحولات

 

شالوم يروشلمي منذ حرب الايام الستة يمكن ان نرى في اسرائيل ظاهرة مشوقة، شبه منهجية: من جهة، اذا كانت حكومة يسارية ادارت معركة عسكرية، وانتهت بفشل، التحول السياسي في اعقابها يكون محتما. هذا حصل في 1977، بعد ثلاث سنوات من حرب يوم الغفران، حين انتصر اليمين نصرا كبيرا؛ هذا حصل بعد العمليات في 1996، التي جاءت ببنيامين نتنياهو والليكود على حساب شمعون بيرس وحزب العمل؛ وهذا حصل بعد الانتفاضة الثانية في العام 2001، حين انتصر ارييل شارون نصرا كبيرا على ايهود باراك. من جهة اخرى، اذا كان اليمين هو الذي يدير معركة امنية تنتهي بالفشل، فان النتائج الانتخابية لا تكون دراماتيكية بهذا القدر. هكذا مثلا خرج الليكود من حرب لبنان الاولى في العام 1982 وكان الفشل مدويا. لجنة كاهان اطاحت بوزير الدفاع شارون ومناحيم بيغن استقال. ومع ذلك، في الانتخابات التي جرت في تموز (يوليو) في 1984 كانت النتيجة التعادل، وفي اعقابها قامت حكومة وحدة مع شمعون بيرس واسحاق شامير. واضح ايضا انه اذا كان اليمين هو الذي يدير معركة امنية ناجحة فانه فقط سيجترف المزيد فالمزيد من الاصوات في صناديق الاقتراع. شارون والليكود هزما عمرام متسنع والعمل في كانون الثاني (يناير) 2003، بعد حملة السور الواقي في 2002. الليكود حصل في حينه على 38 مقعدا. اما العمل فاكتفى بالنصف 19 مقعدا فقط. ولكن ماذا يحصل اذا كان اليسار هو الذي يدير معركة امنية ناجحة؟ فالحملة في غزة التي انتهت اول امس تعتبر ذات نتائج ايجابية. يمكن الجدال حول القوة المبالغ فيها التي استخدمتها اسرائيل في موت مدنيين كثيرين جدا في القصف، في نوعية الخصم الذي ما كان يمكنه ان يتصدى للالة الحربية الاسرائيلية، في الاهداف التي تحققت او فوتت ولكن في نظر الكثيرين يدور الحديث عن الانجاز الامني الاول لحكومة الوسط اليسار منذ 1967. المسألة السياسية المشوقة هي اذا كان سيكون لها فوائد في انتخابات شباط (فبراير)، والتي ستصبح استفتاء شعبيا على نتائج الحملة في غزة. من في واقع الامر يكسب هنا، السياسي ام المنفذ؟ بنيامين نتنياهو والليكود، اللذان طالبا بشن هذه الحرب منذ زمن بعيد؟ ام ايهود باراك الذي يطبق جيدا الفكرة على الارض؟ هل الجمهور سينتخب نتنياهو لانه الايديولوجي الامني الذي سيواصل الخط المتصلب الذي روج له ايضا حيال ايران وسورية؟ ام ربما سينتخب تسيبي ليفني وايهود باراك اللذين دمرا نصف غزة واثبتا انهما ايضا يمكنهما ان يدافعا عن سكان الجنوب في وجه حماس؟ فهل سيساعدان من يروج للرفض السياسي ام أنهما لا يزالان يؤمنان بفرص السلام؟ الجواب تلقيناه بشكل جزئي في نهاية الاسبوع بالذات من جهة الليكود. فقد اثبت نتنياهو رباطة جأش اثناء ايام القتال وحافظ على مكانته بصفته المرشح المتصدر، على الاقل في الاستطلاعات. وهو يعرف بانه ملزم في ان يؤكد اليوم اكثر فاكثر الرسائل الامنية على حساب خصومه من اليسار وتحطيم الصورة الناجحة للحملة. ولهذا السبب فقد قرر اتخاذ موقف متطرف اكثر باضعاف. من اليوم سيعلن بان وقف النار من طرف واحد هو فشل للقيادة السياسية وان تهريب السلاح لم يرتب وان جلعاد شاليط ترك لمصيره. في واقع الامر سيقول ان الحكومة اضاعت الانجازات العسكرية. نتنياهو يسير مع الرؤيا التبسيطية لمعلق سياسي متوسط، يظن ان جيشنا فائق ولكنه يعتقد ان الحكومة التي اعلنت عن وقف النار ولم تسقط حكم حماس خانته. اذا واصلت صواريخ القسام في الايام القريبة القادمة ايضا فان الوضع سيلعب في صالح هذه المزاعم. كما انه اذا ما انتصر في النهاية، كما تقول الاستطلاعات، فسيكون ممكنا التوصل الى الاستنتاج بان اليسار لا يمكنه ان يصنع هنا السلام، ولكنه حتى لا يمكنه أن يشنّ حرباً ناجحة.   (المصدر: جريدة معاريف (يومية – الكيان الصهيوني) بتاريخ 20 جانفي 2009)


بسم الله الرحمان الرحيم  دعوة الرئيس الأمريكي براك حسين أوباما لزيارة غزة لمعاينة أضرارالغزو الصهيوني الغادر…  قمم القادة العرب من الدوحة الى شرم الشيخ مرورا بالرياض والكويت  تسمع جعجعة ولا ترى طحين .. الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته يدعو المقاومين للإستسلام القادة العرب بالكويت يضعون مصير المقاومة بين يدي مبارك المتواطئ في العدوان في غزة ومستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية لبيك غزة … لبيك فلسطين… حي على الجهاد قال الله تعالى ” ولا تحسبنّ الله غافلا عما يعمل الظالمون” المبادرة العربية والخيار بين السلم والحرب لن تبقى طويلا على الطاولة محمد دحلان، مسئول الأجهزة الأمنية السابق عن حركة فتح بقطاع غزة قال بالحرف الواحد “أنا سعيد جدا بهذه الضربة العسكرية الاسرائيلية ضد حماس”. مصر تقف من غزة الآن موقف أمريكا منها في 67 .. غزة ليست آخر منطقة في أطماع إسرائيل .. وهآرتس تتوقع انتصار حماس ..

 

عبد السلام بوشداخ أحد مؤسسي الحركة الاسلامية بتونس 22 جانفي 2009 تعهد الرئيس الأمريكي الجديد وهوأول رئيس أمريكي أسود و من أصول إفريقية ومسلمة باراك حسين أوباما في خطاب تنصيبه بفتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي. وقال “بالنسبة للعالم الإسلامي.. نسعى لنهج جديد للمضي قدما استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل.”بخلاف عهد الرئيس جورج بوش السيء الذكر حيث هيمن التوتر على العلاقات بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية لاسيما بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وهكذا يشعر المسلمون بالغضب حيال الولايات المتحدة الامريكية وإدارتها بشكل خاص بسبب الحروب التي قادتها في العراق وأفغانستان وإنشاء معتقل جوانتانامو والذى يحتجز فيه المئات من المشتبه في انتمائاتهم الاسلامية دون محاكمة والانتهاكات التي تتم بداخله . وفي هذا السياق قال الرئيس رقم 44 للولايات المتحدة عن خطوط عريضة في سياسته الداخلية والخارجية قائلا : إن  الولايات المتحدة ستغادر العراق “بطريقة مسئولة” وستحاول تحقيق السلام الصعب في أفغانستان وهو ما يتطلب جهدا كبيرا ويبقى القسم الآخر لتولي مهمة مكافحة “الإرهابيين”. وأضاف أن الولايات المتحدة ستكون ” صديقا لكل بلد وشعب يسعى من أجل الحرية والصداقة وسوف نتصدى بالتعاون مع الدول الأخرى لكل التحديات التي تواجه العالم” كما تعهد بمد يد العون  للشعوب الفقيرة خاصة تلك التي تأثرت بالأزمة المالية  ، وفي  الوقت ذاته وعد بالتصدي “للتحديات النووية” في إشارة ضمنية إلي إيران ، وكذلك التعاطي بإيجابية مع  أزمة الاحتباس الحراري التي باتت من الأزمات الدولية التي تحتاج إلي معالجة. و نحن نحيي يجري صمود غزة المدهش والأسطوري ومهما تكن نتائج المفاوضات والمتفاوضينو المتآمرين على الشعب الفلسطيني عموماً وبشعب غزة خصوصاً. لكن الأهم سيبقى في أن غزة قد دحضت النظريات الأميركية في إسقاط القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني من خارطة الصراع. ومرة جديدة ينبض قلب مئات ألوف المدنيين في العالم العربي وكل العالم، مع أطفال فلسطين ومع مقاوميها ومع صمودهما البطولي في وجه آلة الموت الاسرائيلية – الأميركية. وبديهي أنه في خضم هذه الملحمة التي دامت استمرت 23 يوما على التوالي، سقط جزء كبير من حاجز الكراهية والانقسام الذي جهد الأميركيون لإقامته بين الفلسطينيين، وبين الأمة الاسلامية من السنّة والشيعة وغيرهم وبين الحقائق والحقوق من جهة، والمزاعم والأوهام من جهة ثانية. أمام هذا العدوان الغاشم على غزة رمز العزة والعفة والصدق والصمود يتمنى نازي صهيوني جديد أن تستخدم تل أبيب السلاح النووي لإبادة غزة وشعبها، على غرار ما فعلته الإدارة الأميركية في الاستخدام المجرم وغير المبرّر للقنبلة الذرية ضد كل من «هيروشيما» و«ناكازاكي» في اليابان عام 1945! إنّه ليس مجرّد حلم من جانب فاشي صغيربل هو ثمرة مشروع صهيوني بات أخطر اليوم، بعدما أصبح مشروعاً أميركيّاً متكاملاً يشارك فيه أيضاً «عرب الاعتدال» ممّن بلغ بهم التواطؤ حدّ الشراكة في الجريمة لا مجرّد السكوت عن ارتكابها! لكن حلم ليبرمان في إبادة شعب فلسطين لن يكون أكثر من نوايا شريرة، لن تلبث أن تسقط وبأبشع صورة ومصير أمام براءة أطفال غزة وبطولات شعبها . إن المظاهرات والمسيرات المليونية التي خرجت على مدى  الأسابيع الفارطة، ما كان لها أن تتم لولا الحاضنة الإسلامية والإنسانية القوية التي يعيش وسطها الشعب والقضية الفلسطينية العادلة ، مظاهرات عبّرت عن سخطها وكفرها بالأنظمة العربية والإسلامية أكثر ممّا عبرت عن تأييدها لأهل غزة ، فالمتظاهرون صبّوا جام غضبهم على أنظمة عربية وإسلامية تتفاخر بلعب دور الوسيط . إن الأنظمة العربية التي شاخت من زمن، ما عادت ترى ولا تسمع، سوى مصالحها الشخصية وتاريخ القمم التي بدأت منذ عام 1946بانعقاد قمة أنشاص الطارئة لمناصرة القضية الفلسطينية، وتوقفت القمة العربية عشر سنوات تقريبًا لِتُعْقَدَ قمة بيروت الطارئة عام 56 لِدَعْمِ مصر ضد العدوان الثلاثي، وبعد 12 عامًا عُقِدَتْ قمة الخرطوم عام 67؛ حيث دعتْ إلى إزالة آثار العدوان الصهيوني بعد ما عُرف بـ”النكسة”، واللاءات الثلاث، وهي: لا صلح، ولا تفاوض مع الكيان الصهيوني، ولا اعتراف به. وجاءت قمة الجزائر التي عُقِدَتْ في نوفمبر من عام 73 عقب انتصار السادس من أكتوبر ، ثم “قمة بغداد”- عام 78- والتي كانت بداية ظهور الانقسام العربي؛ حيث علَّقت القمة عضوية مصر، وتم مقاطعتها بعد توقيعها اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وتم نقل مقر الجامعة العربية من مصر، وبعد 11 عاما عادتْ مصر إلى عضوية الجامعة العربية. ومن القمم المثيرة قمة القاهرة عام 90، التي أدانت العدوان العراقي على الكويت، وأكدتْ سيادة الكويت، وشجبت التهديدات العراقية للدول الخليجية؛ حيث وصف المراقبون القمة بأنها جاءت بضوءٍ أَخْضَرَ من البيت الأبيض. وتستمر قمم الخذلان العربية منذ التسعينات، مُوَاصِلَةً قراراتها الداعمة على الورق- فقط- للقضية الفلسطينية، حتى جاء المشهد العربي المنقسم بين قمة  الرياض و قمة الدوحة في الدوحة، والقمة التشاورية على هامش القمة الاقتصادية في الكويت؛ لتضيع قضايا الوطن العربي، وتصاب القضية الفلسطينية بالخذلان. خطة أمريكية لدعم عباس : ذكر مسئولون أمريكيون من الادارة السابقة أن الولايات المتحدة تأمل في استخدام إعادة الإعمار في غزة لمساعدة السلطة الفلسطينية على استعادة حضورها ونفوذها فيما أسموه “معقل حركة حماس”. وقال مسؤول في إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش لم يذكر اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية إن “الولايات المتحدة تدرس سبل استخدام إعادة الإعمار في قطاع غزة في دعم الرئيس عباس”. وأضاف “لا نريد بالتأكيد أن تستفيد حماس من برنامج إعادة الإعمار ولا نريد أن يذهب أي جزء من هذه الأموال إلى حماس أو عبرها”. قمة الكويت و المصالحة العربية  : عبّر الرئيس حيني مبارك عن ذلك بكل وضوح في لقائه مع ساركوزي “إنه في كل الأحوال ما ينبغي لحماس أن تخرج منتصرة”. كما عبرت عنه ليفني إذ قالت: إن المعركة ليست بين الفلسطينيين وإسرائيل ولا بين هذه والعرب وإنما هي بين معسكر الاعتدال ومعسكر الإرهاب بقيادة حماس. وعبرت الصحافة الإسرائيلية عن ابتهاجها بهذه الظاهرة وهي أن كثيرا من العرب لا يتمنون انتصار حماس بل التخلص منها بيد إسرائيلية ويدلّل على ذلك تشديد مصر للحصار رغم كل الضغوط الشعبية والمماطلة في عقد القمة. في خضم إعصار غزة وحتى قبل أن يهدأ، انحسر مدّه عن معالم تضاريس جديدة لعالم جديد عربيا وإسلاميا ودوليا، فكانت مبادرة أمير قطر لقمة الدوحة، حاملة لواء دعم المقاومة، فاسحة لرموزها لأول مرة ممارسة حقهم المشروع في النطق باسمها بما يضع حدا فاصلا بين زمنين زمن الحقيقة وزمن الزور. إنه ليوم فرقان يوم الدوحة. مصر نفسها المنقلب نظامها من طور استمداد الشرعية من مشروع تحرير فلسطين إلى طور الاستقالة منه بعد كامب ديفد إلى طور الوسيط بل الوسيط المتحيز لصف الاحتلال، لا تجد مناصا إذ تمارس وساطتها من توجيه الدعوة إلى قادة المقاومة فهم من يتفاوض معهم في المسائل الأمنية لتطويعهم، فإذا جد الجد وبدأ الحديث رسميا في السياسة فهو عباس الوكيل، إسرائيليا وأميركيا وعربيا، على حماية الاحتلال من المقاومة.  كانت الدعوة للوحدة العربية والمصالحة الفلسطينية هي القاسم المشترك في كلمات القادة العرب بالجلسة الافتتاحية لقمة الكويت الاقتصادية حيث صرح رئيس الوزراء، وزير خارجية قطر، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، بالتوصل إلى مصالحة سعودية – سورية، وأخرى قطرية – مصرية، عقب اجتماع خماسي على مأدبة غداء، دعا إليه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، على هامش القمة ضمت قادة مصر وسوريا وقطر والأردن والكويت. دعم المقاومة : حث الرئيس السوري بشار الأسد القادة العرب المجتمعة بالكويت على “معالجة الخلافات الداخلية العربية”، لمواجهة التحديات العربية. ودعا الرئيس السوري في الوقت ذاته إلى “دعم المقاومة الفلسطينية بشكل صريح والتصدي لأي محاولات تستهدف إضعافها” إلا ان هذا المعنى لم يظهر في البيان الختامي . حكومة وحدة وطنية : دعا رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته، محمود عباس، أبو مازن هذه البضاعة الأمريكية التي انتهت صلاحيتها برحيل بوش الغير مؤسوف عليه .. دعا الفصائل الفلسطينية إلى تجاوز الخلافات والتوجه إلى القاهرة و لماذا القاهرة بالذات وليس بيروت او المدينة المنورة ألأجل تلميع بعض الصورالتي فقدت لمعانها بعد ان شاركت في مجزرة غزة بصفة غير مباشرة أمن أجل “الاتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني تضطلع بمهام رفع الحصار وفتح المعابر وإعادة الإعمار، وكذلك إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة”. المبادرة العربية : قال الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز آل سعود إن المبادرة العربية لن تبقى مطروحة على الطاولة، والخيار بين الحرب والسلام لن يبقى طويلا، وأعلن عن تخصيص مليار دولار لصندوق دعم غزة، بينما تضاربت تصريحات القادة العرب في القمة حول التعامل مع إسرائيل مستقبلا. وتمسك مبارك بمبادرة السلام العربية، قائلا: “طرحنا المبادرة منذ سنوات وحان الوقت للنظر فيها على محمل الجد”. وانتقد “المزيدات والتشرذم ومحاولات شق الصف العربي”. وشدد على أن أزمة غزة كشفت عن تشتت العالم العربي، معتبرا أن منطق الأمور يقتضي أن يتم التعامل مع الأزمة بعيدا عن “المزايدات والشعارات الجوفاء” وأن يتم تغليب المصالح الوطنية عن المصالح الفئوية، على حد قوله. ثم دافع مبارك عن الدور في المصري في أزمة غزة، قائلا: “مصر مارست دورا، سعى إليها ولم تسع إليه”. وأردف قائلا: “نرفض تقسيم العالم العربي إلى محور اعتدال وآخر ممانعة.. فمن المؤسف السماح باستغلال غزة لاختراق قوة من خارج العالم العربي تتاجر بدماء غزة لخدمة مصالحها”. وأضاف أن “مصر توصلت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بما يفتح الطريق إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وفك الحصار”، وأنها “ستواصل جهودها لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية التي بدونها لن يتحقق الإعمار والخير”. في الوقت ذاته أقر بتوتر العلاقات العربية العربية قائلا: “نحتاج إلى وقفة صادقة مع النفس.. فالعلاقات بين الدول العربية ليست في أحسن أحوالها”، مشددا على ضرورة أن تقوم العلاقات العربية العربية على “تطابق الأقوال والأفعال وليس سوء الفعل”. مؤتمر قمة غزة بالدوحة  : الحرب في لبنان وفي غزة تثيران الشك في قدرة الدول العربية الكبرى والهامة مثل مصر و السعودية على حل أزمات اقليمية لكونها دولا قيادية. مصر والسعودية فشلتا في حل الازمة في لبنان، التي اندلعت سنة 2006 وتعاظمت بعدها، وفشلتا في عقد مصالحة داخلية فلسطينية ومنع الحرب في غزة، و لم يتمكنا من اقناع سورية بالتعاون معهما في الضغط على حماس او على حزب الله وصياغة خطة عمل عربية متفق عليها. العدوان الاسرائيلي الوحشي على قطاع غزة كان مؤشرا لصحوة عربية، ومقدمة لتغيير انتظرته المنطقة طويلا، ويذكرنا بصحوة مماثلة فرضت نفسها بأشكال عديدة اثر هزيمة حزيران عام 1967، مثل حرب الاستنزاف البطولية، وانطلاق حركات المقاومة الفلسطينية بزعامة حركة ‘فتح’، واعادة بناء الجيوش العربية على أسس حديثة اثمرت انتصارا مفاجئا في حرب اكتوبر عام 1973، والاستخدام الفاعل لسلاح النفط. معركة الكرامة في مارس عام 1968 غيرت معادلات سياسية واقليمية راسخة، ابرز معالمها: دعم عربي كبير لحركات المقاومة، وتغيير قيادة منظمة التحرير عنوان مرحلة الهزيمة، وتتويج الرئيس الراحل ياسر عرفات، قائد هذه المقاومة، زعيماً للمنظمة وللشعب الفلسطيني. ربما يؤدي هذا الصمود الكبير في مواجهة آلة القتل الاسرائيلية الوحشية من قبل رجال المقاومة في قطاع غزة خلال ثلاثة وعشرين يوما متتالية من لبقصف الى تغيير جذري مماثل، في القيادات والنهج معاً. اسرائيل خرجت ضعيفة وخاسرة سياسياً، مثلما كان حالها بعد كل الحروب العسكرية التي خاضتها في المنطقة على مدى ربع القرن الماضي، ابتداء من حرب العاشر من رمضــان اكتوبر، ومروراً باجتياح لبنان عام 1982، وعام 2006، وانتهاء بحرب الابادة الأخيرة في قطاع غزة.  إن أول مظاهر الضعف هو خسارتها لمعظم اصدقائها العرب والمسلمين، مثل تركيا وقطر وموريتانيا وسلطنة عمان واضعاف ما تبقى منهم (مصر)، وانهيار مبادرة السلام العربية، وما تشكله كأول خطوة جدية نحو التطبيع الكامل معها، وانهيار مكانة السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها المنتهية ولايته منذ 8 جانفي من الشهر الجاري محمود عباس وهو شريك إسرائيل الاساسي في العملية السلمية. مستقبل العلاقات الداخلية الفلسطينية : ارتكب الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس خطأ كبيراً عندما رضخ لضغوط مصرية وسعودية وقاطع قمة الدوحة الأخيرة، وترك مقعد فلسطين خالياً فيها للمرة الأولى منذ تبلور هوية التمثيل الفلسطيني في اطار منظمة التحرير الفلسطينية. فقد حبس نفسه في احد المحاور العربية المتنافسة، وهو الذي طالما انتقد رئيسه الراحل ياسر عرفات لأنه ارتكب خطأً الانحياز الى معسكر دول “الممانعة” عند احتلال الكويت، وكان يردد دائماً في مجالسه الخاصة، واجتماعات القيادة الفلسطينية عن اهمية تحييد القضية الفلسطينية في اي انقسامات عربية. إن الفراغ يجد دائماً من يملأه وبسرعة في حال حدوثه، وهذا ما فعلته ايران بخروج مصر من المعادلة الاقليمية، وانهيار الدور العراقي بفعل الاحتلال الامريكي، وهذا ما تفعله حالياً، او تحاول فعله فصائل المقاومة المعارضة لسلطة رام الله، مثل حركتي ‘حماس’ والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية القيادة العامة. الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس ربما لا يكون المخطئ الوحيد، فالسيد عمرو موسى امين عام الجامعة العربية انهى حياته السياسية بالانحياز الى “محور الاعتدال”، عندما قاطع قمة الدوحة، وادار ظهره لكل المواقف ‘الثورية’ التي جعلت منه اسطورة يتغنى بها البعض، وينال شهرة واسعة بسببها. ولعل الانجاز الأكبر لحرب القمم العربية، وتبلور المحاور السياسية المتنافسة، هو رمي الكرة في ملعب القمة الثالثة التي ستعقد يوم الاثنين المقبل في الكويت. فالضغوط لاتخاذ خطوات عملية، تجاري قمة الدوحة وقراراتها، مثل سحب المبادرة العربية للسلام وقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، وانهاء حوار الأديان والآمال المعلقة عليه، واستخدام الاقتصاد كسلاح لفرض الارادة العربية على الغرب الداعم لاسرائيل وعدوانها، وهو السلاح الأمضى في هذا الاطار. ان رحمة اختلاف النظام العربي العاجز والعقيم، ما كان له ان يتحقق لولا شهداء قطاع غـــزة، والانتفاضات الاحتجاجية والتضامنية العارمة في الشوارع العربية والاسلامية بل والعالمية، فهذه هي المرة الأولى التي يفرض فيها الرأي العام العربي نفسه بقوة على حكامه. أمام هذا الوضع المتردي ندعو الرئيس الامريكي الجديد لزيارة غزة الشهيدة .. غزة المدمرة المساجد المهدمة .. المدارس المحطمة . ندعو الرئيس الامريكي الجديد ان يزور ويتأمل المجازر البشعة التي قام الحليف المدلل في هذا القرن الواحد والعشرين قصد الاعلان بوجوب محاسبة المجرمين مجرمي الحرب الذين قتلوا النساء والاطفال. باريس في 22 جانفي 2009 عبد السلام بوشداخ أحد مؤسسي الحركة الاسلامية بتونس

 

 


بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 538 على موقع تونس نيوزالحلقة السابعةبقلـم : محمـد العروسـي الهانـي مناضل دستوري – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي قرارات قمة الكويت الانتصارية ولقاء القادة العرب وما كنا ننتظره من القمة ودور الإعلام المرئي العربي

 

قبل يوم انتهت القمة العربية المنعقدة بالكويت الشقيق. وحضرها قادة الدول العربية واكتمل النصاب وزيادة. وكنا بعد الاستماع إلى خطب القادة العرب نتوقع التوغل في مزيد القرارات الشجاعة والحكيمة ذات البعد السياسي والأخلاقي على غرار قرارات قمة غزة الدوحة المنعقدة يوم 16/01/2009 في الدوحة قطر وما اسفرت عليه من قرارات جريئة وشجاعة خاصة قرار تجميد العلاقات بين قطر واسرائيل وغلق المكتب التجاري بقطر وطرد الساهرين على المكتب التجاري. وكذلك القرار الحكيم لرئيس المجلس العسكري الموريتاني الرائع بقطع العلاقات وتجميدها من الكيان الاسرائيلي وعدة قرارات أخرى تدل على جرأة القادة العرب الذين حضروا قمة غزة الدوحة يوم الجمعة السادس عشر من شهر جانفي 2009. وكنا نعتقد أن قمة الكويت التي انعقدت بعد 3 أيام من القمة التاريخية بالدوحة ستنسج على منوال قمة الدوحة وتبادر مصر وحاكم مصر بقطع العلاقات الديبلوماسية مع الكيان الصهيوني وكذلك الملك عبد الله الثاني عاهل المملكة الهاشمية الأردنية يبادر هو الآخر بقطع العلاقات مع العدو تعبيرا منها بمبدأ التضامن العربي عوضا عن الخطب الرنانة والابتسامة والتحرك لحضور أجواء المصالحة، فالمصلحة لا تكفي وحدها والابتسامة لا تجدي نفعا والمصافحة الحارة لا تنهي الاحتلال والظلم والبطش الاسرائيلي وأن قمة الكويت لم تضف شيئا جديدا للقضية ولم تتعمق في جذور المواقف وأسبابها ومخلفاتها ولم تتطرق لموضوع الساعة بالجرأة الكافية لمنع العدو من تكرار العملية بوحشية وإجرام لا مثيل له في العالم، ولم نشاهد حركية في قمة القادة العرب توحي بموقف موحد لإنهاء الاحتلال بصفة جذرية ماعدى قرار  تعمير غزة وتشكيل حكومة وحدة وطنية حصلت سابقا ولم تعمر نتيجة الخناس الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس،،، نتيجة الاستماع إلى رأي بوش المجرم الأكبر. ونتيجة أفكار وزيرة الخارجية السوداء، ونتيجة فرق تسد، ونتيجة الخوف من إيران الإسلامية حسب الدعاية الغربية والأمريكية ونتيجة هذا سني وهذا شيعي،،، ونتيجة البقاء على كرسي الحكم، ونتيجة النية للتوريث الأبدي، ونتيجة الخوف من كل مقاومة تنتمي للإسلام وتقاوم العدو وبروح إسلامية ونتيجة الخوف من أرسى قواعد الديمقراطية ونتيجة الخوف من الحكم بصندوق الانتخاب كما حصل في حماس وتركيا والجزائر وإيران ونتيجة الخوف على مصالح بعض المنتفعين ونتيجة الخوف من الشعوب الواعية التي أصبحت قادرة على فهم الأطراح،،، كل هذه العوامل تمنع بعضهم من اتخاذ القرارات الجريئة خوفا على الكرسي وربما الدول التي تحميهم اليوم وتغطي على أفعالهم تصبح تطالب بقواعد الديمقراطية والإصلاح السياسي حسب ما جاء في خطاب براك حسين أوباما يوم أمس في حفل تنصيبه، هذه العوامل تجعلهم أكثر صمتا ولو ذبح الشعب الفلسطيني من الوريد إلى الوريد كما قال أبو مازن مؤخرا،،، ولا يهمهم الدمار الذي حصل طيلة 22 يوما على أرض غزة الصامدة، بل الذي يهمهم هو الكرسي والمحافظة عليه إلى أبد الآبدين مع نية التوريث والبقاء في الحكم جيلا بعد جيل هذا حسابهم ونيتهم ولكن علام الغيوب هو الأعلم وهو العليم الخبير لا تخفاه خافية يعلم بالأسرار الخفية والنملة السوداء في الليلة الظلماء في الصخرة الصماء. نقول لاخواننا في مصر وخاصة حكامها والله أكبر عار ان نستمع لمجرد الاستماع أن أجانب وأعداء وأصحاب أيادي ملطخة بالدماء العربية ماضيا وحاضرا تأتي إلى مصر أم الدنيا، مصر الأزهر الشريف، مصر جمال عبد الناصر، مصر طه حسين، مصر السيد قطب، مصر العربية المسلمة. واليوم يزورها أجانب منهم الحاقد على السلام وماذا يقولون في شرم الشيخ بمصر نريد مراقبة مشددة على تهريب الأسلحة من إيران إلى غزة فلسطين لا حول ولا قوة إلا بالله. مصر تسمح لهؤلاء بالحديث على أراضيها بمثل هذا الكلام والتصرف المشين لعروبتنا وكرامتنا وعزتنا وشهامتنا ودورنا التاريخي ومقاومتنا للإحتلال والعدو عبر العصور والأزمان، نسمع ونسمح اليوم لهؤلاء بأن يتفوهوا بمثل هذا الكلام ولم نطردهم من أراضنا الطاهرة الزكية التي قاومت الشرك والاحتلال والظلم والاستعمار والمغتصب فكيف يحصل ذلك يا ترى؟؟؟ وبدون تعليق. ونعود لنقول كما قلت البارحة على الشاشة قناة المستقلة مشكورة على دورها الإعلامي الرائع والممتاز والهادف. نقول أن للإعلام دور هام وحاسم وقد لعب الإعلام المرئي دوره الفاعل في كشف وفضح نوايا العدو وفضح أعماله وجرائمه وبطشه وتحديه لاخواننا في غزة وفي كامل تراب فلسطين وقد كان للإعلام المرئي الدور الفاعل خاصة قناة الجزيرة التي تستحق وسام شرف عربي إسلامي. وكذلك قناة المنار لسان حزب الله في لبنان قناة الحق والشرف والروح الإسلامية وقناة المستقلة قناة الحكمة والرأي السديد والغيرة على العروبة والإسلام. هذه القنوات الرائدة تستحق منا كل التشجيع والإكبار والإعجاب والفخر والاعتزاز. وأجدد شكري للدكتور محمد الهاشمي الحامدي مدير قناة المستقلة الذي حرص كل الحرص على إدارة الحوار بنفسه وأعطى مساحة هامة لقضية الساعة قضية غزة فلسطين وكان في مستوى الرسالة الإعلامية النبيلة كما لا يفوتني ذكر مواقف موقع تونس نيوز وإفساحه المجال لكل الراغبين في الكتابة للتعبير عن ما يخالج أفكارهم دون رقابة أو مقص حاد… أو حذف جملة واحدة ذلك هو دور الإعلام الحر. كما أتمنى مستقبلا عندما تريد الأمة الخروج في مسيرات شعبية عارمة للتعبير عن غضبها الشديد وسخطها على العدو الصهيوني أن لا تجد أمامها آلاف الأعوان بالأزياء المختلفة والسيارات وكل العتاد الذي لا يخيف المؤمنين الصادقين ولكن والله هي مظاهر لا تليق أن تستمر أمام موجة الغضب العارم والسخط الشديد. أملي أن لا تكرر مثل هذه الصور مستقبلا على غرار المسيرات في العالم الأمن يحميها؟؟؟…والله ولي التوفيق. محمـد العـروسـي الهانـي مناضل يريد الخير للوطن ويطمح لدعم العدل السياسي والتنموي الهاتف : 22.022.354


الموقف العربي الرسمي من محرقة غزّة: انقسام لفائدة المقاومة

 

تشير آخر التطورات في العدوان المسلط على قطاع غزّة – والذي تحول منذ ساعاته الأولى إلى محرقة نفذتها آلة الحرب الصهيونية المدعومة عسكريا وسياسيا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ،والمسنودة بمواقف دول الإتحاد الأوروبي التي ألقت  باللائمة على الضحية وأوجدت الأعذار للمجرم  -إلى فشل الحملة الصهيونية على القطاع المنهك بحصار دام عدة أشهر ، حيث لم تحقق آلة الحرب الصهيونية أي من أهدافها المعلنة ، ولم ترفع المقاومة الراية البيضاء ، ولم يحدث فلتان في غزّة المثخنة بجراحها كما لم تحدث انتفاضة شعبية ضد فصائل المقاومة كما كان يتمنى العدو الصهيوني وعديد العرب وحتى بعض الفلسطينيين . و تحتاج هذه المعركة لتحاليل عديدة حول الدروس المستمدة منها، وربما يكون ذلك أجدى بعد أن تبين معالم الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع. ولكن ما يهم الآن هو رصد وتحليل التطورات التي شدها المشهد السياسي العربي الرسمي الذي انتهى إلى انقسام واضح لأول مرة تقريبا. وتفرقع الإجماع المغشوش الذي كان يميز مجمل السلوك السياسي العربي الرسمي. وانتهت سياسة الوفاق التي ميزّت أغلب المحطات التي كان يجب على الحكام العرب فيها أخذ موقف واضح “خط الاعتدال” أو عرب أمريكا : لم يعد خافيا على أحد في المنطقة وجود عرب يتبنون الطرح الأمريكي، بل وينفذون سياستها كالوكلاء الأوفياء لهذه القوة الإمبريالية في العالم. وكان وقوف هؤلاء واضحا مع الولايات المتحدة الأمريكية في حروبها على العراق. ويتشكل الحلف الأمريكي من نواة صلبة متكونة من مصر والسعودية والأردن تحاول جرّ مجموعة من الدول العربية الأخرى بكل الطرق لتشكل رصيد أصوات دائم لفائدة مشاريع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة  خلال اجتماعات العرب المشتركة التي تنعقد تحت لواء الجامعة العربية .  ولئن كان الموقف المصري واضحا منذ بداية العدوان على غزّة في تحميل المقاومة وفصيلها المركزي حركة حماس مسؤولية اندلاع الحرب ،متناسية انتهاك الصهاينة للتهدئة بالاعتداء المسلح المباشر خلال شهر نوفمبر وباستمرار الحصار على القطاع لمدة أشهر ،والحصار يعتبر عملا من أعمال الحرب ، بل شاركت مصر في دعم الحصار من خلال إغلاق معبر رفح وساندها في ذلك محمود عباس .ومصر هنا تحركها حسابات خارجية ذكرناها ،ولكن تحركها أيضا حسابات محلية متعلقة بالعلاقة بين النظام وحركة الإخوان المسلمين أكبر أحزاب المعارضة في مصر ، حيث يعدّ نجاح حركة حماس في غزّة بمثابة النموذج المشجع على تنامي حركة تتقاسم  تقريبا نفس التوجهات الفكرية معها إذا لم تكن أمّا شرعية لها . وعبّر الرئيس المصري صراحة على حق إسرائيل في مراقبة معبر رفح لمنع تسليح المقاومة  بل ورد على لسان الرئيس الفرنسي أن مصر ترى أن إزالة حركة حماس من الساحة السياسية الفلسطينية  بات ضرورية لتحقيق السلام . وقدمت مصر مبادرة لوقف القتال كانت أقرب إلى إعلان الاستسلام .و اعتبر عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية أن رفض المبادرة يعني تحمل حماس لمسؤولية شلال الدم الفلسطيني  وذهب الملك السعودي إلى اعتبار أن مصلحة المنطقة تقتضي محو حماس من الخارطة . وشمعون بريز رئيس دولة الكيان الصهيوني كشف في حوار مع صحيفة إسبانية هذه المشاعر العربية تجاه حركة حماس عندما قال “هناك زعماء عرب طلبوا منا القضاء على حماس ” وفي الوقت الذي كانت فيه المقاومة في غزّة بحاجة إلى الدعم السياسي –بما أنها يئست من دعم عسكري عربي – بذلت هذه الدول كل الجهد لإفشال القمّة التي أصرّت دولة قطر على عقدها بمن يحضر من الزعماء العرب بعد أن فشلت مساعي عقد القمة خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة في اليوم الخامس  من اندلاع العدوان على غزّة .بل كان نصاب قمة غزّة بالدوحة سريع النقصان حال ما يكتمل كما جاء في كلمة أمير قطر الذي عبّر عن القهر الذي أحسّ به تجاه هذه التقلبات في المواقف بقوله معلقا على ذلك “حسبي الله ونعم الوكيل” ، مما يدل على الجهد الجبّار الذي بذل لإفشال القمة وكان جهدا ماليا لشراء ذمم المنسحبين مما جعل المفكر الفلسطيني عزمي بشارة يتساءل قائلا ” كان بالأحرى أن تدفع هذه الأموال لأهل غزّة المنكوبين عوض دفعها لممثلي الصومال حتى ينسحبوا  من قمة غزّة “،ولاشك أن الأموال كانت من ريع النفط السعودي    لقد بُذِل جهد عربي كبير لفسح الفرصة أمام آلة الحرب الصهيونية لتركيع المقاومة، ولكن الصهاينة وبعد فشل جهد اثنان وعشرون يوما من المحرقة الموجهة ضد أهالي غزة ،ولهيب مليون كلغم من المتفجرات التي ألقتها الطائرات فقط أرضها  من قنابل الفسفور الأبيض وقنابل  “الدايم DIME “التي تحول الضحايا إلى هياكل عظمية ،وابتزاز اتفاق لمنع السماح بمرور السلاح للمقاومة مع حليفتها الإستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية يقع التعويل في تنفيذه على أصدقائهما في المنطقة  ،أعلنوا وقفا لإطلاق النار من جانب واحد متجاهلين شريكهم المصري مما دفع هذا الأخير إلى تبني مطالب المقاومة ونهج خطاب ثوري عبر عنه وزير الخارجية المصري أبو الغيط بقوله “إن إسرائيل بالغة التعنت و شربت من لبن الغطرسة ” في حين بشر رئيسه مبارك أنصار المقاومة بقوله “إن هذا العدوان لن يوقف المقاومة ولن يحقق أمن إسرائيل وشعبها ” وخلنا أن المتحدث هو إسماعيل هنية لولا بروز ملامح الرجل العجوز الممتلئ والطويل على شاشة الفضائيات . وكانت مواقف شبيهة بتوبة اللحظة الأخيرة التي لا يتحقق منها غفران . 2) دول تتحول إلى مساندة خط المقاومة والممانعة:        إن التطورات الحاصلة في المنطقة منذ فشل مسار “التسوية السلمية “التي بشر بها مشروع أوسلو والعدوان الأمريكي على العراق والممارسات المهينة التي تعرض لها سجناء أبو غريب وغوانتنامو والشعب العراقي ،وما مثلته محاكمة رئيس عربي- مهما اختلفنا معه ومهما عذب شعبه- وإعدامه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإن كانت الأيدي المنفذة عراقية ، واستمرار هذه الأخيرة في دعمها اللامشروط لممارسات الاحتلال الصهيوني ، والنجاحات التي حققها الخط المقاوم في لبنان وفلسطين حيث انسحب الجيش الصهيوني من جنوب لبنان ومني بهزيمة عندما عاد إليه معتديا في صيف 2006 وحيث انسحب من قطاع غزّة سنة 2005 كل هذه التطورات خلقت حالة جديدة من الوعي في المنطقة لدى الشعوب ولدى بعض الأنظمة فمنذ الوهلة الأولى للعدوان الصهيوني على غزّة خرجت الجماهير العربية في مظاهرات حاشدة تساند المقاومة وتندد بالتخاذل العربي الرسمي وعمت المظاهرات حتى الدول التي لها حساسية داخلية تجاه حركة الشارع وتحسب كل صيحة عليها حيث هدم الاتحاد الطلابي العام الحر بالجزائر حاجز المنع الذي فرضه النظام الجزائري على المظاهرات الشعبية وأجبر هذا الأخير على السماح بالتظاهر  بل صرح وزير خارجيته بأن حركة حماس” ليست حركة إرهابية  ” رغم خلفيتها الفكرية الإسلامية، وحضرت الجزائر قمة غزّة بالدوحة مصحوبة بكل دول المغرب العربي ما عدا تونس   أما دولة قطر فيبدو أن قيادتها تزداد كل يوم انحيازا لخط الممانعة والمقاومة بثبات واعتدال وترو. وكان إصرارها على دعم المقاومة بموقف عربي سياسي رسمي  لافتا للانتباه .وكانت متوافقة مع مطالب المقاومة في إيقاف العدوان ورفع الحصار وفتح المعابر، بل أعلنت القمة عن تجميد العلاقات مع دولة الكيان الصهيوني بالنسبة لدولتي قطر وموريتانيا.كما تم سحب الثقة من مبادرة السلام العربية من قبل أكثر من نصف الدول العربية . و شهدت هذه القمة انفتاح العرب على عمقهم الإستراتيجي المتمثل في الدول الإسلامية حيث حضرت كل من إيران وتركيا واندونيسيا بل حضر هذه القمة مبعوثا عن دولة فنزويلا التي أطردت سفير إسرائيل من أراضيها في إشارة إلى بداية تشكل محور ممانع أممي في مواجهة محور الغطرسة العالمي ممثلا في نواته الصلبة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل  . لقد أحدثت قمة غزّة بالدوحة فرزا حقيقيا في الأنظمة العربية بين المرتهنين لأمريكا وبين الذين يملكون قرارهم بأيديهم فحضرت سوريا ولبنان والسودان واليمن و ليبيا والجزائر وموريتانيا والمغرب والسودان والعراق وإن كنا نحسب أن حضوره أتى في سياق البحث عن الشرعية العربية والشرعية الداخلية في العراق ذلك أن البلد تحت الاحتلال الأمريكي ولا نظن أن حضوره تم دون الرجوع إلى واشنطن إن المؤامرات والضغوطات ستكون كبيرة من أجل اختراق هذا الاختراق في الموقف العربي الرسمي مما يجعل المسؤولية الملقاة على عاتق قوى الممانعة كبيرة في الحفاظ على هذه المكاسب ومزيد دعمها  وذلك بدعم التوجه نحو الديمقراطية والابتعاد عن التوظيف الآني والفئوي لنتائج صمود المقاومة في غزّة باعتبار أن المعركة التي خيضت على أرض غزّة هي معركة كل الأحرار في العالم العربي والإسلامي بل في العالم كلّه  وباعتبار أن التحولات في مواقف بعض الأنظمة وتراجع البعض منها عن مساندة الحملة الصهيونية على غزّة كانت نتاج تحرك كل أحرار العالم ودعمهم الجماهيري للمقاتلين  عادل الثابتي (مواطنون عدد 89 -21/01/2009)  


الحرية أولا وأخيرا عـــــــــــــذرا غــــــــزة!

 

خالد الكريشي مسكينة غزة ومسكين شعبها ،وحدها قاتلت وتقاتل بالصمود فتجبر العدو الصهيوني على وقف إطلاق النار من جانب واحد بعد أن فشل في تحقيق أي هدف من أهدافه المعلنة منذ بداية الغزو بشهادة حزب الليكود الصهيوني والمحللين والخبراء العسكريين والصحافيين الصهاينة أنفسهم فلم ينجح إلا في قتل الأطفال والنساء والمدنيين وتحطيم البنية التحتية بالكامل لتسطر المقاومة أروع صور الصمود وتكتب بدماء أبطالها أحسن قصائد الإنتصار…هذا الدم الطاهر الزكي الذّي غدا سلعة يناقش في القمة العربية الإقتصادية بالكويت كما تناقش أسعار العملات وتحصى كمياته كما تحصى ثروات أصحاب السمو والجلالة والفخامة وكيفية المحافظة عليها بالحسابات السرية بالبنوك الأوروبية …عفوا غزة المقاتلة كم يلزمك من دماء لملئ بطون هؤلاء ؟وكم يحتاج هؤلاء من دمك لغسل ذنوبهم ومحو خطاياهم ؟ لك يا غزة في القلوب والأفئدة منازل ،منازل للحكام العرب ومنازل لرهط من الشعب العربي …وهؤلاء قصة أخرى!فإذا دعوت أحدهم للتظاهر من أجل صد العدوان عنك ورفع الحصار المفروض عليك وفتح المعابر المغلقة بقرار من النظام العربي الرسمي ،قالوا أنهم لا يشاركون في مسيرات ومظاهرات غير مرخص فيها ومحاصرة من آلاف عناصر الشرطة في مساحة مائة متر مربع ،وأنهم لا يريدون مواجهة مع قوات الأمن ولا يرغبون في خرق القوانين الجاري بها العمل فيغضبون السلطان وأن هذا المسيرات والمظاهرات لا طائل من ورائها غير الكلام المباح والممنوع ،أما إذا كانت المظاهرة مرخص لها قانونا تعلل نفس الجماعة بأنهم لا يشاركون في مظاهرات ومسيرات مرخص فيها من النظام الإقليمي العميل الرجعي  الفاقد للشرعية والمشروعية !!وأنهم يرفضون رفضا قاطعا المشاركة في أي مسيرة يحدد النظام توقيتها بداية ونهاية ومسلكا كما لا يتورعون على المزايدة وإتهام  كل من شارك فيها بأنهم يغازلون السلطة وأنهم جزء من النظام وعملاء وخونة….!!. وإذا دعوتهم يا غزة تضامنا معك للتبرع بالمال لمشرديك ومنكوبيك وبالدم لجرحاك ،على صوتهم بأن لا الدم ولا المال سيصل لك بل سيضخ في حسابات مشبوهة وحدهم يعرفون أرقامها السرية والمستفيدون منها …وإذا إستدعيتهم لحضور  تظاهرة  موسيقية وشعرية تمجد المقاومة وتحتفي بالشهداء شحذا للهمم قالوا أنهم لا يشاركون في تظاهرات تؤدي طقوس جنائزية وتحول تلك الفضاءات إلى أمكنة لبيع البخور وممارسة الشعوذة!!وأنه لا يجوز الغناء حتى وإن كان ملتزما بالقضية ورقص الدبكة الفلسطينية في وقت يسيل فيه دم شهداؤك سيلان الماء في الأنهار !. وفي الأخير لا ينطق لسانهم غير ما نطق به بني إسرائيل لسيدنا موسى عليه السلام :”يا موسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون”. عذرا غزة ..أنت أكبر منهم جميعا بإختلاف مرجعياتهم الفكرية والسياسية والإجتماعية ،وبإختلاف أزمنتهم وأمكنتهم، هل يحتاج كل هذا مزيدا من الدماء؟كم يحتاج البعض من الدماء ليغسل بها يديه التي صافح بها مسؤول صهيوني أو أمريكي يوما ما – ولو صدفة – بإحدى المناسبات الرسمية  بالسفارة الأمريكية أو بمنزل السفير الأمريكي وكم يلزمه من مفردات لطلب المعذرة والمغفرة من شهداؤك…وكم يحتاج هؤلاء من دماءك مطية للتنفيس عن أنفسهم من الجور السياسي والإجتماعي الإقليمي ومن حالة الغضب التي تعتمر داخلهم في التظاهرات والمسيرات المؤيدة لك وقد تحولت إلى مناسبة لتصفية الخصوم السياسيين على مستوى الشعارات واللافتات والصور فقط . عذرا ثانية وثالثة ورابعة غزة !…لقد أضحت كل قطرة من دم شهداؤك يحسبها أحزاب المخزن بتونس بحساب عدد المقاعد في برلمان 2009 وفي الوظائف الديبلوماسية الشاغرة إلى حد الآن. عذرا أخيرا غزة …أرادوا التضامن معك ومساندتك فإذا بك أنت من يتضامن معهم ويساندهم في محنتهم ،فأنت المنتصرة وهم المهزومون دوما.  (المصدر :صحيفة مواطنون العدد 89 بتاريخ 21 جانفي)

 

 


غزة غراد… وعرب الإعتدال

 

عدنان المنصر مؤرخ من تونس       حصل أخيرا ما كان في دائرة المتوقع منذ مدة طويلة. لا يتعلق الأمر بالعدوان الذي تشنه اسرائيل على قطاع غزة منذ حوالي الأسبوعين، فهذا العدوان لم يتوقف مطلقا منذ أزيد من ستين عاما وأصبح خبز أهل فلسطين اليومي منذ جيلين على الأقل، بل بشكل الرد الذي وجده ذلك العدوان، في حلقته الراهنة، من صمت مريب لدى الدول التي “تقود” العالم العربي ولدى فئات معينة ممن يفترض أنهم مثقفون ملتزمون بقضايا الحرية والعدالة وكل “القضايا الإنسانية النبيلة”. لا أحد يحسد حكام مصر اليوم على الموقف الذي وجدوا أنفسهم فيه بل وأوجدتهم فيه جغرافيا قاسية. نفس الوضع تقريبا مر به حكام الأردن منذ بضع سنوات أثناء الحصار الذي سلط على الضفة الغربية والذي انتهى بتسميم عرفات. كانت نهاية عرفات تلك أكبر انتصار حققته الدول العربية “المعتدلة” منذ امضاء أول اتفاقيات “سلام” بين العرب وإسرائيل. وللتذكير فإن كلا من الضفة الغربية وقطاع غزة كانتا من غنائم حرب الأيام الستة فازت بهما إسرائيل، يا لسخرية الأقدار، على حساب مصر والأردن بالتحديد. منذ ذلك الوقت لم يحدث شيء فعال لمنع تعميق اختلال ميزان القوى بين الكيان الناشئ من جهة وكل العرب من جهة أخرى إلا والتف حوله “المعتدلون” لإفشاله. معتدلو اليوم هم فاشلو الأمس، هذا أمر لا مراء فيه مهما بلغت المساعي لجعل ذلك الأمر نسيا منسيا. كان عليهم إذ قرروا أن لا فائدة من الحرب أن ينزلوا النسور من على راياتهم ويجعلوا مكانها حماما أبيض، وأن يبدلوا اللون الأحمر القاني فيها بأحد مشتقات الأزرق الوديع. لا أحد يقدر أن يعيش كامل حياته منافقا، فالنفاق لا يكون إلا تكتيكا لمرحلة. لذلك فإن هؤلاء ليسوا منافقين مطلقا وهم بتعرضهم المتواصل لهذه التهمة يعيشون ظلما من الضروري تحريرهم منه. هؤلاء أصحاب قضية بالفعل، وقضيتهم هي “الإعتدال” غير أن عيبهم الوحيد ربما هو تطرفهم فيه. يحلو للبعض منهم رغم ذلك أن يستذكر ماضي خدمته العسكرية وأن يخرج من أدراج الزمن زيه القتالي وأن يفتخر بانتمائه لسلاح الطيران. ذهب كل شيء منذ وقت طويل ولم يبق من أندلس سوى ذكراها. يجاهد هؤلاء كثيرا منذ أزيد من ثلاثة عقود لنشر تصورهم عن “سلام” لم يفتأ منذ ذلك الوقت يزداد ابتعادا. من المثير ملاحظة الشبه الشديد في مواقف هؤلاء من كل المواجهات التي حصلت منذ 1978، وسواء كان في الصورة ثوريون علمانيون أو شيعة ملتزمون أو سنة تقطعت بهم سبل التاريخ، فإن رد الفعل كان دائما نفسه. في كل المراحل كان أبناء “أم الدنيا” الرسميون يرفضون أن “يزايد عليهم أحد” في وطنيتهم وانتمائهم القومي وينجحون، دائما أيضا، في العثور على مسوغ استراتيجي يغطي عورة الموقف. ذهب الإتحاد السوفياتي إلى غير رجعة وذهبت الأنظمة القومية التقدمية وذهبت معها منظمة التحرير فكان ذلك فألا حسنا “للإعتدال”. منذ ذلك الوقت والمعتدلون يبحثون وراء الأكمات ويعثرون دائما، يا للمصادفة، على إيران. أصبح الشيطان أخضر بعد أن كان أحمرا، ولكن الخضرة درجات. من المهين أن مصر التي استطاعت تكتيل العالم العربي وراءها في هبتها القومية الرائدة قبل بضعة عقود تفقد منذ ذلك الوقت أسس أمنها القومي والقطري وتسقط بتطرفها في الإعتدال كل الأوراق حتى أصبحت بكاملها عورة مثيرة للخجل. جعل التطبيع مصر أكثر ضعفا ولم يغنم منه المصريون سوى المزيد من الفقر والمهانة ومنذ حرب لبنان 1982 لم يفعل حكامها سوى التفريط في عمقها القومي والإستراتيجي. أضعفت مصر العراق بعد أن دفعت به إلى أتون حرب مدمرة ضد إيران ثم كانت من ضمن من أجهز عليه، كما أضعفت منظمة التحرير وياسر عرفات. نتذكر جميعا خزي الموقف الرسمي المصري تجاه ياسر عرفات المحاصر في المقاطعة، ولم يكن ياسر عرفات من حماس ولا من الجهاد. ونتذكر أيضا الموقف الأكثر خزيا من الهجوم الإسرائيلي على لبنان في صائفة 2006. من سوء حظ مصر أن محاولاتها الدؤوبة للحد من النفوذ الإيراني في العالم الإسلامي لم تزد ذلك النفوذ إلا تعاظما ولكن أكبر مصائب مصر على الإطلاق هو فقدان أي دور هام لها تجاه الصراع المحتدم في فلسطين. حتما ليست إيران وحدها الرابحة من تراجع مكانة مصر فتركيا العائدة بقوة إلى الساحتين العربية والإسلامية من أكبر المستفيدين من ذلك التراجع. شيئا فشيئا يفلت العالم العربي من بنيه تحت ضغط “الأعاجم” العائدين من أعماق التاريخ. “إن تركيا لها تاريخ في هذه المنطقة وعليها مسؤوليات”، يلخص هذا التصريح لأوردوغان تلك العودة، ولن يمر وقت طويل حتى يجد عرب الإعتدال أنفسهم دون بضاعة يعرضونها في سوق السلام. بنفس العجز عن الفهم يدار الوضع الداخلي. يخضع سبعون مليون شخص إلى سطوة الأحكام العرفية منذ حولي الثلاثة عقود ويتصرف الحكم وطغمته في مقدرات البلد كقوة احتلال مع ميل واسع إلى ارتكاب جميع المنكرات الإنتخابية. عندما يتقيأ رئيس أكبر دولة عربية ويتغوط وزير خارجيته بما سمعنا من كلام نفهم بشكل شديد الوضوح المعنى الذي يعطيه هؤلاء للإعتدال فلا تعود لنا أية شكوك فيما يدفع القوم: هؤلاء ليسوا منافقين ولا خونة، هؤلاء جزء أساسي من حركة العدوان التي تقودها إسرائيل. وكما أن الدجاجة لا تفرخ إلا صيصانا، فإن الإعتدال لا يفرخ إلا معتدلين والإستبداد سوى مستبدين والفساد سوى فاسدين. إن قدرة نظام معين على الإستمرار لثلاثة عقود لا تفسر إلا بطبيعة التحالفات التي استطاع نسجها طيلة مسيرته “المظفرة”. تتجاوز تلك التحالفات حدود الوطن والإقليم ولكن أكثرها فعالية تلك التي نسجت في الداخل. يتجمع حول النظام سديم من المنتفعين، رجال أعمال مثقفين، رجال دين، ممثلين…إلخ، ويضع كل منهم خبراته وقدراته تحت تصرفه فتبدأ عملية تشييد عالم مواز للعالم الواقعي. ينشئ الفساد عالمه الخاص الذي يزداد ابتعادا عن العالم الحقيقي وسيطرة عليه في الوقت نفسه. نفتقد في هذه الأيام شيخ الأزهر وغباءه المتصنع. الرجل ليس غبيا كما يريد أن يبدو عليه. أي مثال للمسلمين يقدمه “الزعيم الشرعي للإسلام” (الذي يرى في نفسه، لشدة حمقه، ندا لبابا الفاتيكان) عندما يكذب على الملأ ثلاث كذبات في ثلاثة أيام؟ وبقدر ما أنه ليس غبيا فالرجل ليس منافقا أيضا، أما إيمانه وشدة تمسكه بتعاليم دين لا يشجع على الكذب، فذلك أمر ليس من شأننا. يقدم الرجل صورة للإسلام تحت الطلب ويستنجد به في كل مرة للتغطية على بعض العورات. أما في الجهة الأخرى من الصحراء فلا يفعلون ما هو أفضل فقد أفتى كبيرهم، الذي يعلمهم السحر، بأن المظاهرات المنددة بالعدوان على غزة هي من قبيل الفساد في الأرض لأنها تمنع العمل المنتج وتعطل العبادات. من تحت الألحاد يستنشق إسلام الأمراء رائحة الحياة ويستجمع قواه للوثبة الأخيرة. من المخزي للمعتدلين أن يكون الإسلام الذي يدافع عنهم من النوع المنتهية صلاحيته التاريخية، فذلك يبشر دون أدنى شك أنهم، مثله تماما، أصبحوا خارج التاريخ. يقوم الرجلان بالدور المطلوب بكثير من الحماس الذي لا ينافسهما فيه سوى بعض “الزعماء” من قدامى “المشاغبين”. نكتشف منذ فترة قدرة كوميدي مثل عادل إمام على التحليل السياسي والإستراتيجي ولا نملك إلا أن ننحني تقديرا لفطنة من أولى مهمة الدفاع عنه لأمثال ذلك الرجل. ينخرط الجميع في مجهود جبار لتطويع الرأي العام الذي لا يريد أن ينسى “الأهل في فلسطين”. ما هو منسوب الغضب ضد الديكتاتورية في المظاهرات التي خرجت في كل مكان للتعبير عن التضامن مع غزة؟ تلك المظاهرات لم تظهر فقط حجم “التعاطف” مع قضية العرب والمسلمين الأولى بل أظهرت أن هناك رأيا عاما ميالا للتمرد على السياسات التي تنتهجها قياداته الرسمية، وقد فهمت تلك القيادات الأمر على هذا النحو بالضبط. ما يخيف بالفعل، من منظور تلك القيادات، أن الفضاء العمومي قابل للسقوط في يد الجماهير السائبة في كل لحظة رغم كل الجهود التي وقع القيام بها من أجل حصر هذا الفضاء والتضييق عليه بل وإلغائه تماما في بعض الأحيان. كم هي قاسية المعركة التي تتم على الفضاء العمومي اليوم، لا ينافسها قسوة سوى ما يتم على أرض غزة. لا يراد لتلك الجماهير أن تتعود على الغضب ولو كانت الذريعة تبعد آلاف الأميال، فالتاريخ لا يؤتمن جانبه. وذلك هو بالفعل ما فهمته القيادات ، ولكن ينبغي توفر أشياء أخرى غير الفهم لتغيير مسار الأشياء. مسار الأشياء، ذلك هو الخيط الذي ينبغي التمسك بتتبعه في زحمة الأحداث المتسارعة. من أصدق ما قالته تسيبي ليفني على الإطلاق في معرض تعليقها على المظاهرات الضخمة التي خرجت تندد بالعدوان على غزة في كل العالم العربي، أن “العرب يثبتون كل يوم أنهم ضد السلام”. نعم، العرب ضد السلام الذي يصادر حقوق شعب محتل في الأرض والكرامة وليس من قوة على الأرض، ولا في السماء، يمكن أن تقهر إلى ما لانهاية توق الشعوب إلى التحرر. من حسن الحظ أن هناك شيئا اسمه إسرائيل يذكرنا بهذا القانون التاريخي الصارم وبأننا فلسطينيون عندما ننسى ذلك. لا أفق لسلام من النوع الذي يروج له عرب الإعتدال، فإسرائيل تتكفل تطوعا بإغلاق كل المنافذ الممكنة أمامه. أصبحت إسرائيل، بقيادتها لعرب الإعتدال في التصدي “للإرهاب” و”بتطابق المصالح النادر” بينها وبينهم، زعيمة النظام الرسمي العربي، وهذا في حد ذاته يعطي لمظاهرات المساندة لغزة بعدا جديدا آخر. يثير الأسف استيعاب الدعاية الصهيونية التي تجعل من المقاومة عملا مرتبطا بحركة حماس، لأن الهدف من ذلك هو استعداء قطاعات مؤثرة في الرأي العام العربي والدولي ليس للحركة بحد ذاتها ولكن للمقاومة كمنطق وكإستراتيجيا، فقد استعمل نفس المنطق وسادت نفس المبررات خلال مراحل طويلة من الصراع، عندما كانت حماس لم تولد بعد. لم تمر على إنشاء دولة إسرائيل سوى ستون عاما، ومع ذلك فإنها تبدو وكأنها في خريف عمرها ولن ينفعها تعويلها على خدمات المعتدلين شيئا على المدى المتوسط والطويل. فمنذ إمضاء أول اتفاقيات سلام قبل ثلاثين عاما، لم يزد عرب الإعتدال إلا عزلة وهزالا، فاشلين في تغيير الوعي العربي والإسلامي بالعداء للكيان الغاصب ولو قيد أنملة. نشأ منذ ذلك الوقت جيل جديد، ولم يتغير شيء في الصورة. وها أن إسرائيل، ومعها عرب الإعتدال، تجسم بالعدوان على غزة مرحلة مفصلية في مصيرها المحتوم. لن تحقق إسرائيل شيئا هاما في هذا العدوان مهما بلغت وحشيتها ومهما بلغت قيمة الخدمات التي يقدمها لها عرب الإعتدال، فحركة التاريخ تسير في الإتجاه المعاكس تماما. منذ أزيد من قرن على انطلاق حركة الإستيطان الصهيوني في فلسطين، وبرغم المساندة القوية التي وجدتها من قبل القوى الدولية الكبرى، لم تستطع إسرائيل أن تندمج في بيئتها الجغرافية والبشرية ولم يغير تحولها إلى “دولة” منذ عقود ستة من الأمر شيئا. في المقابل اكتسبت الأمة بالتدريج المناعة ضد كل المشاريع التي أريد لها أن تسوق للواقع اللاشرعي الجديد وطورت مخزون صمود لا حدود له ضد كل الهمجية الصهيونية وضد دعايات المعتدلين.  وحده الهدير الجارف للأجيال المقاومة والصامدة يسير بموازاة حركة التاريخ، وكل ما عدا ذلك مجرد تفاصيل

(جريدة الموقف التونسية بتاريخ 9 جانفي 2009 )

 

 


مأزق العرب في بعده الأخطر!

 

نصر شمالي الجيش الإسرائيلي ليس مدجّجاً بأحدث أسلحة القتل والدمار الشامل فحسب، بل يشكّل أيضاً طليعة عسكرية من طلائع حلف شمال الأطلسي العاملة في الخطوط الأمامية للحرب العالمية المفتوحة ضدّ الأمم المستضعفة، فالجيش الإسرائيلي ليس منعزلاً ولا منفصلاً ولا مستقلاً، حيث هذا الحلف عمقه العميق، وحيث هو من هذا الحلف في موقع العضو الحيّ من الجسد الحيّ. إنّه الذراع الأطلسية على خطوط التماس مع البلدان العربية خصوصاً والآسيوية/الأفريقية عموماً. وعندما يتوجه الجيش الإسرائيلي لتدمير قطاع غزّة المحاصر وقتل شعبه الأعزل فإنّ من يفعل ذلك في حقيقة الأمر هو حلف الأطلسي بكامله، كما يفترض أن يكون واضحاً عملياً وميدانياً لكلّ ذي عقل وعينين! كذلك ينبغي أن لا يغيب عن الأذهان أنّ فلسطين العربية المحتلة هي، قبل كلّ شيء وأهمّ من أيّ شيء، قاعدة عسكرية وحاملة طائرات برّية أمريكية، أمّا حكاية الدولة والشعب والوطن الإسرائيلي فتأتي في الدرجة الثانية من الأهمّية في سلّم أولويات الأطلسي وقيادته الأمريكية، وبناء على ما ذكرناه، فقد يكون مدعاة للذهول وعدم التصديق على نطاق واسع أنّ المقاومة الشعبية الفلسطينية في قطاع غزّة، بظروفها الصعبة وأسلحتها البسيطة، واجهت على مدى أيام وأسابيع، حلف الأطلسي متجسّداً بطليعته الإسرائيلية، بينما يفترض أن لا تفعل ما يعرّضها لهذا الخطر الرهيب أصلاً، وأن تتحاشاه على الفور برفع الرايات البيضاء عندما يتجه نحوها لسبب ما أو لخطأ ما ارتكبته! كعب أخيل النظامي وخناجر المقاومة الشعبية! غير أنّ الذهول وعدم التصديق يتبخّران عندما نتذكّر التجربة الصومالية في عهد بوش الأب، والتجارب الأفغانية والعراقية واللبنانية في عهد بوش الابن، وعندما نأخذ بالاعتبار قصة ‘كعب أخيل’ الأسطورية الرمزية، فالقوات النظامية المتحاربة، المتكافئة نسبياً عموماً، تستطيع خوض المعارك النظامية ضدّ بعضها بجدارة ونجاح بغضّ النظر عمّن يخسر النتيجة أو يربحها، لكنها أمام تشكيلات المقاومة الشعبية المنظمة الكفؤة تترنّح وتتخبط، وتتحوّل مهما بلغ جبروتها إلى كعب أخيل! إنّ هذا هو ما رأيناه في معظم حروب التحرير الشعبية الأممية، من الصين إلى فيتنام إلى الجزائر، وعلى وجه الخصوص ما رأيناه مؤخّراً في أفغانستان والعراق ولبنان، ولعلّ أبرز مهمّات الجيوش الاستعمارية النظامية هي الحيلولة مسبقاً دون توفّر الشروط المناسبة لظهور تشكيلات الحرب الشعبية، في البلدان المستضعفة المتطلعة إلى التحرّر والنهوض، أو إبادتها في المهد ولو كانت مسلّحة مبدئياً بمجرّد الخناجر، لكنّ حكومات الجيوش الأطلسية تسمح وترعى غالباً تشكيل الجيوش النظامية الوطنية في البلدان المستضعفة عندما تكون مطمئنة إلى ولاء قياداتها السياسية والعسكرية، حيث مثل هذه الجيوش النظامية الوطنية سوف تقوم نيابة عنها بالحيلولة دون توفّر الشروط المناسبة لظهور تشكيلات الحرب الشعبية الساعية إلى التحرّر الوطني، وسوف تحافظ على ‘الأمن والاستقرار’ في بلادها لصالح دول حلف شمال الأطلسي، وإنّ هذا هو عين ما حدث في البلدان العربية جميعها تقريباً منذ عام 1979 على الأقلّ، ولعلّه البعد الأشدّ خطورة في المشهد العربي الراهن! خطوط الدفاع عن مصالح دول الأطلسي! منذ عام 1979 على الأقل، منذ اتفاقات كامب ديفيد، صار واضحاً أنّ القيادة الأمريكية لحلف شمال الأطلسي، التي تعتبر البلاد العربية من ممتلكاتها، قد وضعت ثلاثة خطوط للدفاع عن ‘ممتلكاتها’العربية: الأول هو خطّ الدفاع العربي الرسمي، يليه خطّ الدفاع الإسرائيلي، ثمّ خطّ الدفاع الأمريكي الأطلسي بمجمله، وقد رأينا كيف حلّ الخطّ الإسرائيلي محل الرسمي العربي المتعثّر في لبنان عام 1982، ثمّ رأينا كيف حلّ الخط الأمريكي الأطلسي في العراق عام 2003 محلّ الإسرائيلي المتعثّر بدوره في لبنان عام 2000، ثمّ كيف تعثّر الأمريكيون وتخبّطوا في العراق، واضطروا للاستنجاد بخطهم الدفاعي الثاني الإسرائيلي ليحقق لهم نصراً في لبنان عام 2006 يحسّن موقفهم في العراق، وكيف فشل الإسرائيليون فشلاً ذريعاً في أداء هذه المهمة! وفي العامين الأخيرين، رأينا الأمريكيين يوكلون مهمة تقويض الحكومة الفلسطينية المنتخبة إلى خطّ الدفاع العربي الرسمي الذي باشر مهمته: أولاً عن طريق إرباك حكومة حماس وإفشالها، وعندما لم ينجح الإرباك والتعجيز لجأ إلى محاولة الانقلاب عليها، وعندما لم ينجح الانقلاب لجأ إلى محاصرتها حصاراً محكماً، وعندما لم ينجح الحصار أوكلت مهمة القيام بعمل عسكري لخطّ الدفاع الإسرائيلي، الذي رأى في هذه المهمة هدفاً إضافياً خاصاً هو إمكانية استرداده لاعتباره بعد هزيمته المنكرة أمام المقاومة اللبنانية! لا توجد آلية عربية لاستثمار صمود المقاومة! لقد وجد الإسرائيليون في مهاجمة غزّة، المحاصرة المجوّعة والمحرومة من شروط ووسائل الدفاع الكافية، فرصة لا تفوّت تمكّنهم من استرداد هيبتهم استرداداً مضموناً مسبقاً، فقطاع غزّة لا يعدو كونه حيّاً مكتظّاً من أحياء المدن الكبرى، ينهض على أرض صغيرة، منبسطة مثل راحة الكفّ، وليس هناك ما يحول دون تدميره واجتياحه سوى أجساد أبنائه التي بدأوا على الفور في إحراقها بالنابالم والغازات الفسفورية، وبتدمير مساكنها بأطنان القنابل الضخمة! لكنّ غزّة المدمّاة المدمّرة فاجأتهم وفاجأت العالم أجمع بصمودها الأسطوري! لقد صمدت غزّة أمام طليعة من طلائع حلف شمال الأطلسي، هي الجيش الإسرائيلي الذي يشكّل الحلف الدولي عمقه العميق، وجاء صمودها كافياً ومؤسّساً لتحقيق انتصار عربي نوعي تاريخي عظيم لو وجد النظام العربي الرسمي الشريف المؤهل أو الجاهز لاستثمار صمود المقاومة، فكان هذا المأزق الخطير الذي يعبّر اليوم عن نفسه بخوف النظام الرسمي العربي المعلن من انتصار المقاومة، وبسعيه المحموم الصريح لتطويقها وإنهاكها وإلحاق الهزيمة بها، مبرهناً عن التزامه الثابت بمهمته كخط دفاع أول عن مصالح دول حلف شمال الأطلسي! غير أنّ المشهد الفلسطيني البطولي النادر لا يزال قائماً ومفتوحاً لم يسدل عليه الستار، ولسوف تليه على الأغلب مشاهد أخرى فلسطينية وعربية وأممية، في مستواه إن لم تتفوّق عليه! كاتب سوري

)المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم  21 جانفي 2009(

  


 

قال “إن أطنان الصواريخ زادتها تمسكاً بهزيمتنا

محلل سياسي صهيوني: العدوان على غزة فرض “حماس” أمراً واقعاً على الدول العربية

 

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام

 اعتبر كاتب ومحلل سياسي صهيوني، أن العدوان الذي شنه جيش الاحتلال على قطاع غزة طوال الأسابيع الثلاثة الماضية، أدى إلى زيادة شعبية حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وقللت من هامش المعارضة لها في القطاع.

 

وقال روني شاكيد، الكاتب في صحيفة /يديعوت أحرونوت/ العبرية، إنه على الرغم من الخسائر البشرية التي مني بها الفلسطينيون وحركة “حماس” إلا أن الحركة “زادت تصميماً على هزيمتنا”. مشدداً على أن أطنان الصواريخ التي ألقيت على غزة “زادت حماس صمودا“.

 

كما اعتبر شاكيد، أن العدوان على غزة “أدى إلى تعاطف دولي مع حماس، وسخط دولي على الحكومة الإسرائيلية واتهامها بأنها مجرمة، وتقوم بحرب إبادة للمدنيين، وتقوم بأعمال إرهابية، عكس ما تصرح به للإعلام العالمي أنها تسعى للقضاء على الإرهاب”. ولفت المحلل الصهيوني، إلى أن العدوان على غزة، “منح “حماس” قوة كافية لفرض المزيد من الشروط، حتى على حلفاء تل أبيب في المنطقة“.

 

ورأى شاكيد أن “الدول العربية ستضطر الآن للتعامل مع حماس على أنها قدر واقع، وليست حركة منبوذة”، الأمر الذي “سينعكس سلباً بعلاقة الدول العربية مع تل أبيب، خاصة تلك التي لها علاقات جيدة معها“.

 

ورأى الكاتب الصهيوني أن العدوان على قطاع غزة “ليس أكثر من ورطة جديدة قام بها بعض السياسيين الصهاينة الذين لا يملكون أي حنكة سياسية“.

 

)المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام بتاريخ 21 جانفي 2009(

الرابطhttp://www.palestine-info.info :

 


 

الدعوة لتأسيس جامعة الشعوب العربية

 

د. أحمد القديدي (*)   

تنطق ضمائر العرب الحية أمام حرب الإبادة الصهيونية لشعب غزة العربي ولابد أن نستخلص دروس النكبة الراهنة بكل صدق وصراحة وإعادة النظر فيما اعتقدناه مسلمات، ومن أسطع الدروس هو الإقرار بفشل رمز التنسيق العربي أي جامعة الدول العربية في أداء دورها التاريخي المنوطبعهدتها منذ تأسيسها، وهو فشل لا يرتبط بالجهاز بل يتجاوزه للمنظومة الرسمية العربية لأسباب يطول شرحها لكننا نعاني تداعياتها. وهنا لماذا لا نجرب تأسيس جامعة للشعوب العربية لا تعوض جامعة الدول العربية وتحل محلها في تمثيل الأمة بل ربما تسندها وتوضح لها السبيل وتفعلها بإدراج المجتمعات المدنية العربية في سياق التأثير على الأحداث ! بعد أن فشلت المنظمة الرسمية وحدها في حمل الأمانة التي وضعها على أكتافها جيل عبد الرحمن عزام باشا أول أمين عام لها ومن ورائه ملوك العرب الذين لم يترددوا في إعلان الحرب على الصهيونية عام 1948مهما كانت نتائج تلك الحرب التي خاضوها.

ونحن ندعو المنظمات الأهلية للمجتمعات المدنية العربية والنقابات وتنسيقيات الفعاليات العربية في كل المجالات والمهن ومختلف الحساسيات السياسية والنخب الثقافية والاتجاهات الفكرية من كل الأديان والمذاهب أن تعلو لديهم كلمة التعلق بالعروبة الحق لنؤسس معا وفي كنف القومية الشعبية المعبرة عن خلجات الأمة ونبضات تضامنها التلقائي وروح الإخاء العربي وتحت ظلال المبادئ والقيم العربية التي حررت شعوبنا من الاستعمار، لنؤسس جامعة للشعوب العربية تكون الوفية للميثاق الذي وضعه المؤسسون في القاهرة يوم 22 مارس 1945 ورسموا في بنوده خارطة التحرر العربي بدءاً من إنقاذ فلسطين المهددة في ذلك العهد بالمظلمة التاريخية الكبرى.

ونؤمن بأن الشروع في تحقيق حلم الأجيال وأمل الشهداء البررة من المجاهدين العرب من المحيط إلى الخليج أي الوحدة العربية لا يكون إلا بالتوافق العميق والناجع بين طموحات الجماهير العربية والمنظمة التي تمثلها بدءا بنصرة فعلية لشعب فلسطين المنكوب بحرب إبادية إجرامية لا يمكن أن يسكت عنها الثلاثمائة وثلاثون مليون مواطن عربي ناطقون بالضاد، ثم بالتكامل الاقتصادي والتكاتف السياسي وتفعيل الدفاع المشترك المنصوص عليه في الميثاق المجمد، والتأسيس لمصير عربي تعززه المناعة الشعبية والدفاعية و تصونه القوة الاقتصادية والتكنولوجيةو يحميه استقلال القرار في استغلال الطاقة العربية وتجلله النخوة والكبرياء المشروعتان بأننا أمة ساهمت بغزارة في بناء الحضارة الإنسانية بالعلوم والمعارف والاختراعات والقيم الروحية والأدب والفكر ونبذ التعصب والعنف واحترام الحضارات الأخرى باعتبارها شريكة في صنع المستقبل البشري.

كل هذا الحلم الذي أجهضته الأخطاء والانشقاقات الخرقاء ودفنته الشعارات الجوفاء على مدى نصف قرن عجزت فيه جامعة الدول العربية بشكلها الراهن على رفع التحديات، في حين نجحت الوحدة الأوروبية التي جاءت بعدها وضمت شعوبا مختلفة الأعراق واللغات والمستويات المادية بل شعوبا خاضت ضد بعضها البعض ثلاثة حروب إقليمية وكونية مدمرة، ثم تأسس الاتحاد الأوروبي لأنه اتحاد شعوب لا اتحاد دول وأعاد للقارة الأوروبية مشعل التقدم والسلام والأمن والتفوق، وأنشأ عملته الموحدة وأقام مؤسساته الدستورية العتيدة وألغى الحدود والجمارك بين دوله، وهو يستعد لبعث دفاعه المشترك وسياسته الخارجية الموحدة، بينما وفي نفس المرحلة الزمنية تفاقمت التناحرات بين العرب وأقيمت الحدود بل أحيانا أغلقت، واستقرت الخشية والريبة وأعلنت التأشيرات وأوصدت المعابر لتعوضها الأنفاق واستنفرت الجيوش لا ضد العدو المشترك بل بينالأشقاء والجيران وأبناء العشيرة الواحدة.

لقد حان وقت العمل وعودة الأمل ولعل الشروع في تأسيس جامعة للشعوب بدلا من الاقتصار على جامعة للدول سيكون الخطوة المنتظرة لفتح عصر عربي جديد يتعاهد العرب على صيانته ومساندته وإشاعة قيمه القومية السامية والذود عن كرامة الأمة بل عن بقائها. ولعل الظرف الراهن يقتضي إعلان مقر هذه الجامعة في فنزويلا لعدم إحراج أية دولة عربية ريثما يهتدي الزعماء العرب في قمتهم القادمة (إذا كتب لهم أن يعقدوها) إلى أقوم المسالك لإعادة الروح لميثاق الجامعة وتحويلها إلى جامعة شعوب تزخر بطاقات الأمة وتنطق بلسانها وتناصر قضاياها وتساند بالفعل لا بالقول نضال شعب فلسطين العادل كما ساند العرب في الجيل الماضي كفاح الشعب الجزائري وتوج ذلك الكفاح بالنصر.

 

(*) كاتب وسياسي من تونس

 

)المصدر: صحيفة “الشرق” (يومية – قطر) الصادرة يوم 21 جانفي 2009(

 

 


 

 

حرب غزة وصعود “الشرق الأوسط المُمانع

 

خالد الحروب (*)

يلحق مشروع “الشرق الأوسط الجديد” بصاحبه جورج بوش فيغادران المشهد العالمي والشرق أوسطي في لحظة سوريالية. لحظة تجمع الفشل الذاتي والغبطة المعولمة لانتهاء الحقبة البوشية وأقداراً من أمل غير قليل تُناط بالرئيس المنتخب باراك أوباما. تلاقت تلك اللحظة مع حرب غزةالتي أعلنت بدورها عن إسدال الستار بشكل دموي وفاحش على مغامرات وغباوات بوش الشرق أوسطية وإنهاء سذاجاته بـ “شرق أوسط جديد” مفصل على مقاسات أفكار المحافظين الجدد وإسرائيل. بيد أن حرب غزة عملت على ما هو أهم من ذلك: إنها تفتح ستارة أخرى عن شكل شرق أوسط مختلف: “الشرق الأوسط الممانع”. الروافع السياسية العريضة لقيام هذا “النظام الجديد” تستند إلى أرضيتين: فشل مشروعات التسوية مع إسرائيل وازدياد بطشها الاحتلالي خلال العشرين سنة الماضية رغم إقرار الفلسطينيين بمبدأ الدولتين منذ أواخر الثمانينات, والفشل الإجمالي للسياساتالأمريكية في المنطقة سواء إزاء فلسطين أو العراق أو إيران أو “الإرهاب” وقائمة أخرى من القضايا الأقل مركزية, مُضافاً إليها سياسة احتقار الاعتدال العربي التي تمثلت في إهمال المبادرة العربية للسلام التي أطلقت سنة 2002 في بيروت بإجماع عربي.

رغم أننا ما زلنا نعيش لحظة الحرب إلا أنه بالإمكان القول, وبقدر من المجازفة, إن الحرب أطلقت نظاما إقليميا جديداً يمكن وصفه بـ”الشرق الأوسط المُمانع”, معلنا نهاية مرحلة وبداية مرحلة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية تحديدا. الحرب أنهت الشكل الصوري الهش لما كان يعرف بـ “النظام الرسمي العربي”, متمحورا حول الجامعة العربية والدول العربية الكبرى إزاء فلسطين. معالم ذلك النظام كانت تتمثل في توفير موقف عربي شبه موحد كلما لزم الأمر وخاصة عند الأحداث الكبيرة, الحروب, الاعتداءات الإسرائيلية, الانتفاضات وسوى ذلك. تبنى ذلك النظام سياسة توافقية معتدلة في جوهرها وتأخذ بالاعتبار الشديد عدم مواجهة السياسة الأمريكية والاصطدام المباشر معها. نعرف جميعا أن ذلك النظام انشطر على نفسه في قضايا كبرى ولم يقو على استيعاب تناقضات مواقف الأطراف العربية, خاصة قبيل وخلال حرب العراق الأولى. لكنهإزاء قضية فلسطين تمكن من المحافظة على “هشاشة الحد الأدنى” بتقديم أقل ما يمكن من الفاعلية مُعلبةً بأكبر قدر ممكن من اللفظية. حرب غزة هي ثاني أهم اختبار تعلق بالصراع العربي الإسرائيلي خلال ما يقارب من ثلاثين عاما وتسبب في الانهيار الكلي لهذا النظام, إذا اعتبرنا أن الاختبار الأول كان زيارة السادات للقدس سنة 1977 وما تبعه من انشطار رأسي في النظام الرسمي العربي. لكن الأهمية الاستثنائية لحرب غزة هي وقوعها في سياق توزيع قوى إقليمي مختلف عما كانته الأمور قبل ثلاثين عاماً. وهذا السياق يتضمن دولا فاعلة غير عربية أهمها تركيا وإيران تلعبان دورا كبيرا, إن لم نقل مركزيا, في قضية فلسطين كما تجلى ذلك خلال الحرب. وكلا البلدين لا تتورعان, وبدرجات مختلفة, في تبني سياسة مصادمة للسياسة الأمريكية في المنطقة تجاه فلسطين. ردة فعل النظام الرسمي العربي على الحرب كانت أقل من “درجة العجز” التقليدية” التي تعودت عليها المنطقة, والتي غالباً ما كان يتم إخراجها على شكل اجتماع قمة يصدر قرارات وإدانات قليلة التأثير في مجملها. والأخطر من ذلك أن شرائح واسعة من الرأي العام العربي رأت أن هذا النظام تجاوز في ترديه درجة العجز والمراقبة عن بعد, كماكان الحال في حرب العراق الثانية مثلاً, وانزلق إلى درجة التواطؤ ضد الفلسطينيين. خلق ذلك كله فراغا سياسياً, أو بالأحرى كشف بشكل فادح عن الفراغ الموجود أصلاً والمغطى صورياً, والذي سرعان ما ملأته القوى غير العربية. وإحدى النتائج الطبيعية لهذه الصيرورة تكمن فيأفول إضافي للنظام الرسمي العربي, وصعود تدريجي لنظام “الشرق الأوسط الممانع”. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يحول دون مزيد من الأفول هنا, ومزيد من الصعود هناك هو تغيير الأرضيات التكوينية لهذا التغيير: التغول الاحتلالي الإسرائيلي, والسياسة الأمريكية المتواطئة معه.

تاريخياً يمكن القول بأن قمة الدوحة التي ضمت عددا من الدول العربية وحضرتها تركيا وإيران والسنغال الإعلان الرسمي لصعود “الشرق الأوسط الممانع”, وبداية لحظة الانعطاف الزمني والنوعي في شكل النظام العربي والإقليمي. وثمة أكثر من مغزى ودرس في قمة الدوحة, لكن يكفيهنا ونظرا لمحدودية المساحة الإشارة إلى الدرس المركزي الأهم, والمغزى المركزي الأهم. الدرس المركزي يقول إنه بإمكان الدول العربية فعل الكثير والانتفاض على حالة العجز الذاتي التي عطلت الفعل العربي لسنوات إن لم يكن لعقود. فهذه قطر الدولة الصغيرة والهامشية إستراتيجيا في المشهد العربي تقود بفعالية حقيقية جهداً كان الأهم سياسيا ودبلوماسيا وتأثيرياً في المنطقة. وهذا يعني أن التوصيف “المكرس للعجز الذاتي” لطبيعة العلاقات الدولية والإقليمية, وخاصة الهيمنة الأمريكية, وبكونها ضاغطة على الدول العربية وتحرمها مجال حركة هوتوصيف مخطئ تماماً. لم تعلن قمة الدوحة الحرب على إسرائيل, لكنها اشتغلت في المجال الذي تتيحه هوامش السياسة وهي كثيرة, وهو مجال مقدور وعدم استغلاله تسبب في الانهيار العربي الذريع الذي نراه. واستندت قمة الدوحة (كما استندت تركيا داخلياً) في ذلك الاشتغال على مزاج داخلي شعبي وخارجي عالمي داعم للفلسطينيين ومعارض للوحشية الإسرائيلية الباطشة. ولنا أن نتخيل الوضع لو كان لمصر والسعودية على وجه التحديد موقف مشابه وجهد في ذات الاتجاه؟ أما المغزى الحقيقي لهذه القمة ومن ناحية الشكل الإقليمي العام فيكمن في إعلانها الرسمي بأن الدول العربية الكبرى فشلت في المحافظة على أي بقايا لدور قيادي في المنطقة, خاصة فيما يتعلق بقضية فلسطين, وتركت هذا الدور ليس فقط لدول عربية صغيرة, بل وأيضا لدول غير عربية. وعلينا أن ننتظر بعض الوقت لنرى فيما إن كانت “قمة الدوحة” ستستمر على شكل تحالف أو شبه تحالف بين الدول والأطراف التي حضرتها بما يكرس الشكل الإقليمي الجديد, أو نظام “الشرق الأوسط الممانع”. دخول تركيا وإيران بقوة إلى قلب النظام الإقليمي العربي هو المعلم الأول والكبير في الشكل الجديد, طبعاً إلى جانب بروز دور قطر وسوريا, مضافاً إلى ذلك قوى وحركات المقاومة.

وهذه الإضافة الأخيرة, أي قوى وحركات المقاومة, وارتقائها إلى درجة مختلفة على المستوى الإقليمي, تمثل المعلم الثاني لهذا النظام الإقليمي قيد التشكل. فهذه القوى ورغم أنها أطراف غير دولتية (ليست دولاً وحكومات) إلا أن نظام الشرق الأوسط الممانع يمنحها موقعا وشرعية وتعاملاً دبلوماسياً غير مسبوق. فعلى غير ما هي الحالة التقليدية للنظام الرسمي العربي حيث الأطراف المشاركة والرسمية فيه هي الدول, وحيث عضوية الجامعة العربية مقصورة عليها بطبيعة الحال, فإن نظام “الشرق الأوسط المُمانع” يضم منظمات مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي. وعندما يتحدث خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس مباشرة بعد أمير قطر وعلى التوازي مع رؤساء دول فإن ذلك يعني تغييرا جوهرياً في الأدوار والأوزان السياسية التي تلعبها الأطراف غير الدول. ارتقاء الأطراف غير الدولتية في أي فضاء سياسي, وطنيا كان أم إقليمياً أو عالمياً, يتأسس على البطالة الطوعية التي تختارها الدول والحكومات وبها تعطل أدوارها المناطة بها, أو تعجز عن القيام بها, بما يخلق الحيز لبروز واستقواء تلك الأطراف. وهنا لا يُلام الطرف الفاعل, أي القوى غير الدول, لأنها تحتل مساحات فراغ سياسي, بل يُلام الطرف العاطل عن العمل, أي الدول, بكونها انسحبت إلى الوراء وخلقت تلك المساحات بتخليها عن ما كان يجب عليها أن تقوم به.

فلسطينيا عززت هذه الحرب ونتائجها غير الحاسمة, نسجاً على منوال حرب إسرائيل ضد حزب الله في صيف 2006, موقع حركة حماس في الساحة الفلسطينية, وأضعفت موقع حركة فتح عموما, وموقع السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس في رام الله خصوصا. الارتباك والتردد والعجز الذي وسم موقف فتح والسلطة في رام الله وجه ضربة شديدة التأثير لموقع الاثنتين ولا يعرف أحد في هذه اللحظة كيف سيتم ترميم الخسارات. عززت الحرب أيضا مسألة في غاية الخطورة وهي تباين مصادر الشرعية. ففي حالة الرئيس عباس والسلطة في رام الله تبدى أكثر وأكثر أن مصدر الشرعية الأساسي خارجي متمثل في التوافقات السياسية مع الأطراف الخارجية, إسرائيل, الولايات المتحدة, أوروبا, والعلاقات الدولية والدبلوماسية التي تساند السلطة والرئاسة. في حال حماس تبدى أكثر وأكثر أن مصدر الشرعية الأساسي داخلي, يعتمد على آليات ذاتية: الانتخابات والمقاومة في السنوات القليلة الماضية. في نفس تلك السنوات ارتكبت حماس سلسلة من الأخطاء بعضها يتسم بالجسامة, وأهمها فشلها في تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد فوزها بالانتخابات مباشرة, ثم لجوؤها إلى القوة لحسم خلافها مع فتح في قطاع غزة, هذا من ضرورة الإشارة دوما إلى رعونة القادة الأمنيين الفتحاويين في غزة واستفزازاتهم التي ساهمت في دفع حماس للقيام بما قامت به. على كل حال, أتاحت الحرب وصمود قطاع غزة والأداء العسكري لحماس وفصائل المقاومة إعادة ترتيب الأوراق وخلق واقع جديد. جوهر هذا الواقع, فلسطينيا, هو استقواء حماس واستضعاف فتح بما سينعكس على مضامين ونتائج أي حوار فلسطيني- فلسطيني قادم, إذ سيقوم على أرضية توازنات سياسية مختلفة.

 

(*) كاتب فلسطيني

 

)المصدر: صحيفة “الشرق” (يومية – قطر) الصادرة يوم 20 جانفي 2009(


 

             الفكر الماركسي بين الطوباوية والممارسة

 

       توفيق المديني بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، انتشرت اللغة الكونية الجديدة، التي ترفض توجيه نقد صريح وواضح الى النيوليبرالية، أو الرأسمالية الجديدة، والطبقات المالكة للثروة، والاستغلال والسيطرة والتفاوت الاجتماعي، باعتبارها مفاهيم اعيد النظر فيها بشكل قاطع بحجة بطلانها أو وقاحتها المفترضة، نتيجة هيمنة امبريالية رمزية قبل كل شيء متمثلة في الخطاب النيوليبرالي المنتصر. وما يزيد مفاعيل قوة وضرر هذا الخطاب ان من يشيعه ليس فقط دعاة الثورة النيوليبرالية الذين يريدون تحت غطاء “التحديث” اعادة صنع العالم بالقضاء على المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن مئة عام من النضالات الاجتماعية والتي باتت توصف كأنها تقاليد قديمة أو معوقات في وجه الرأسمالية الجديدة، بل ايضا منتجون ثقافيون من اليسار ما زالت غالبيتهم تعتبر نفسها تقدمية، لكنها محبطة مع انهيار تجربة “الاشتراكية المشيدة” في الاتحاد السوفياتي، التي بدت صالحة في مرحلة ما من القرن العشرين. النيوليبرالية الرأسمالية الغربية التي انتصرت على الماركسية والاشتراكية في نهاية عقد الثمانينات وقعت هي الأخرى في فخ لاهوت الخلاص وميكانيزماته الذي وقعت فيه الماركسية حين طرحت نفسها على أنها ايديولوجية خلاص البشرية. فها هي الأزمة المالية التي اندلعت شرارتها في الولايات المتحدة الأميركية في صيف 2007، وامتدت الى معظم دول العالم، تعبر في جوهرها عن ازمة الرأسمالية العالمية في طورها الراهن بوصفها نظاماً مهيمناً، ويشكل قاسما مشتركاً بين البشر جميعاً، ويمتد في كل مكان، ويخص الجميع على كل مساحة الكرة لاارضية. وهذه الأزمة المالية العالمية الخانقة التي ليست بجديدة، لكنها تعد الأقوى والأصعب من بين الأزمات التي عرفها مجتمع المال والأعمال منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. في ظل هذا السياق، استعدات بعض مقولات الفكر الماركسي بريقها، نظراً لأن الماركسية مثلت في عهد ماركس اول حركة فكرية نقدية جدية للرأسمالية في مرحلتها الأولى، مرحلة الثورة الصناعية الأولى، ويأتي كتاب المفكر الفرنسي جاك اتالي، المستشار السابق للرئيس الراحل فرانسوا ميتران، الذي يحمل العنوان التالي: “كارل ماركس او فكر العالم”، في مرحلة تاريخية من سيادة النيوليبرالية المظفرة، والتي اعتقد القسم الأكبر من المثقفين ان نظريات ماركس نبذت وتصوراته للعالم بصفة جماعية، والانجاز السياسي الذي اقيم حول اسمه ارسل الى مزابل التاريخ (ص 7 من المقدمة). ويضيف الكاتب في المقدمة، قائلا: “وفي الاجمال، ان المسار الفريد لهذا المنبوذ، مؤسس الدين الجديد الوحيد في هذه القرون الأخيرة يتيح لنا ان نفهم كيف تأسس حاضرنا على هؤلاء الرجال النادرين الذين اختاروا العيش مهمشين في الفاقة، ليحافظوا على حقهم بأن يحلموا بعالم افضل. في الوقت الذي كانت اروقة السلطة مفتوحة أمامهم. فنحن مدينون لهم بواجب العرفان بالجميل، كما يرينا اعماله في الوقت ذاته، كيف انزلق افضل الأحلام الى الهمجية الأسوأ” (ص9). كان المعتقد الماركسي يقول ان المحرك الرئيسي لخلاص البشرية ليس الشعب، وانما طبقة البروليتاريا اخص منتجات الصناعة الرأسمالية، التي يجب ان تتحد في الكون كله من اجل تحقيق سعادة البشرية وايصالها الى “ارض الميعاد” اي الشيوعية، حيث الرفاه والمساواة للجميع. في هذا الطور الراهن من العولمة الرأسمالية المتوحشة، النيوليبرالية تقول الشيء ذاته معكوساً، حيث لم تعد البروليتاريا هي منقذة البشرية بل الشركات المتعددة الجنسية ورجال الأعمال والبيزنس، والمؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمة العالمية للتجارة، التي صارت حارس المعبد ومديروها الرهبان الكبار وأنبياء البشرية الجدد، اجتماعات زعماء وقادة الدول الصناعية الثمانية (G8) التي باتت تشبه اجتماعات اللجان المركزية للأحزاب الشيوعية الكبرى التي كانت تقاريرها الصادرة عنها بمنزلة الكلام المقدس. ديناميكية الاقتصاد فالاقتصاد الرأسمالي العالمي قائم منذ ما لا يقل عن خمسمئة عام، وارتبطت الثورة الصناعية بطريقة انتاج جديدة لم يعرفها التاريخ من قبل، هذه الطريقة كانت نمط الانتاج الرأسمالي، وبعكس التشكيلات الاجتماعية الراكدة بأهدافها الكثيرة المتلازمة، المنصبة على ارضاء ديناميكية الاقتصاد في الرأسمالية تستند الى تكامل الوسائل من خلال الهدف المشترك، الا وهو جني الأرباح، هذا التكامل يشد الوسائل الى نظام مرتبط يهدف، ويفضي الى تطورها وتبدلها المستقل. ولقد كمن الدور التاريخي لنمو الانتاج الرأسمالي في “مركزة وسائل الانتاج المبعثرة والضيقة، وتوسيعها وتحويلها الى روافع ذات اثر جبار في انتاج الحاضر” (ماركس انجلر: المؤلفات الكاملة ـ الجزء 14، برلين 1962 (ص 211). ولم تعرف ديناميكية الرأسمالية حدوداً، بل ودمجت العالم بأسره في نظامها، مخضعة البلدان التي كانت تسيطر فيها انماط انتاج ما قبل رأسمالية، لهيمنتها. لقد جعل نمط الانتاج الرأسمالي “الشرق تابعا للغرب” وتطورت الكولونيالية كظاهرة ملازمة للرأسمالية، بقدر ما تطورت هذه واصبحت العلاقة بين المستعمرات والبلدان الرأسمالية المتقدمة في الغرب علاقة ترتبط بنهب المستعمرات واثراء المتروبولات الرأسمالية. وكان ماكس فيبر قد عزا نشوء الرأسمالية الى حركة الاصلاح الديني وظهور الأخلاق البروتستانتية فـ” التحرر من الاتجاه الاقتصادي التقليدي يبدو بمنزلة احد العوامل التي ينبغي ان تفرز الميل الى التشكيك ايضا بالتراث الديني، والى التمرد على السلطات التقليدية. لم يجعل ماركس من الصراع الطبقي مفتاح قراءة كل المجتمعات، كما لم يبن مفهوم الانتاج الاجتماعي على قاعدة الانتاج واعادة انتاج الحياة (الشراب والأكل والسكن) بل على قاعدة انتاج واعادة انتاج الأفراد وعلاقاتهم الاجتماعية (وهذا ما يوجب بداهة المادي والرمزي). ويرى ماركس أن الثورة في نظره تعني التحول الشامل للعلاقات الاجتماعية وان هذا التحول ممكن لكنه ليس امراً حتمياً. فتناقضات الرأسمالية هي التي تخلق ضرورة تغير المجتمع. بيد ان الأمر لا يتعلق بضرورة الممكن المرتبطة بحدث القطيعة الذي يتسبب به الفعل الجماعي، ومفهوم الثورة عند ماركس لا يحمل معاني محددة في الحاضر بل يمتد الى المستقبل. ويعتبر ماركس ان ادراك زمن المفهوم وتأثيره والبنى المتوافقة معه يتم من خلال التطور التاريخي. وبذلك فان مفهوم الثورة لا يعبر عن العلاقات التي يدركها فحسب، انما يشكل احد عوامل تلك العلاقات، فيفتح المفهوم بعض الآفاق ويعلق بعضها الآخر. ويشكل هذا النفي للمفاهيم المغلقة على نفسها المسار العلمي لماركس. ومن ناحية ثانية، لا يعني تطور المفهوم عدم تحديد المعنى. فكثرة المعاني لا تلغي منطق الحركة الخاصة بالمفهوم، وقد تحمل بعداَ مضمراً يرجع الى لاوعي الأفراد والمجموعات وقد يحمل المفهوم شيئاً من الانسجام ومن التناقضات. لكن المفاهيم تظل بشكل عام غير حيادية، بما انها تصاغ وفق رؤية اجتماعية مهيمنة. وفيما يرى انغلز ان مؤلفات ماركس هي مؤلفات تامة لا تناقض فيها بين البرنامج والفعل ولا تردد حول الطريق المفترض اتباعه للتقدم في النقد، وهي تقدم في نظره، تفسيراً شاملاً للتاريخ والمجتمع يكفي ان تغذيه بوقائع جديدة وتنظيرات ثانوية كي نتممه ونجعله عملياً أكثر ويرى نقاد الماركسية ان ماركس لم يتحدث البتة عن طبقات كأشخاص فاعلين او كممثلين جماعيين يتدخلون على نحو واع في العلاقات الاجتماعية. فالطبقات في نظر ماركس هي مركبات من السيرورات والحركات الاجتماعية التي لا يمكن تشبيهها بكيانات ثابتة والطبقات هي في اعادة بناء دائمة بفعل تراكم رأس المال ودورانه. ويمكن الاشارة الى التغييرات التي تصيب العلاقات بين مختلف عناصر البورجوازية والتغييرات التكنولوجية والتغيرات التي تشمل طبقة المأجورين (أولئك الذين ينتجون فائض القيمة) لنواحي تراتبية المهمات والأهلية وطرق التكون وطرق الانخراط في العمل وعمليات الانتاج وتتجدد هذه الطبقة من خلال الهجرات والحركية الاجتماعية. تنبع أهمية كتاب جاك آتالي من المسألة التالية: اليوم وقد كانت النظم السياسية التي اعتنقت الماركسية تزول جميعاً من على سطح الأرض، وبعد انقضاء فترة من الزمن على مؤلفات كارل ماركس، وبصرف النظر عن القيمة العلمية التي يحتلها فكره في الثقافة العالمية، وفي اعقاب المنحى الذي سلكته الماركسية على صعيد النزعة الطوباوية التي تحكمت في سيرورتها التاريخية، ولا سيما بعد النتائج والتداعيات الكارثية المتعددة على جميع المستويات الايديولوجية والثقافية والسياسية، كان لا بد من وقفة فكرية هادئة تعيد النظر في كل ما كتب وقيل حول فكر ماركس، فضلاً عن البحث النقدي العلمي في طبيعة أزمة الرأسمالية المالية المعاصرة. يقول الكاتب جاك آتالي في معرض اعادة قراءته لفكر ماركس: “الرؤية الكلية للعالم هي رؤية (البيان الشيوعي) و(رأس المال) والثغرات التي تتيح عدة تفسيرات هي التي تواكب كل اعمال ماركس. والممارسة المتسمة بالحرية والديكاتورية في آن،هي ممارسته ايضاً. والصديقان اللذان سيدفنانه تحت عدة طبقات متعاقبة من التبسيط، ثم من الأكاذيب، كانا إنجلز وكاوتسكي. والقائدان الكاريزميان، كانا لينين وستالين، وهما يعتمدان على الحزب الشيوعي والكومنترن. اما الوضع السياسي الذي أتاح استيلاء الماركسية على السلطة فكان الحرب العالمية الأولى، في روسيا وبروسيا باعتبار هذا البلد وذاك الوارثين المنحرفين لهيغل وماركس، ولنزعة توجيهية وطنية، ولاشتراكية اممية. اذ هناك سيولد الانحرافان الرهيبان للقرن العشرين: النازية والستالينية (ص 383) إن المهم أيضاً الاشارة الى حقيقة منسية جداً هي ان الاصلاح الديني لا يعني بالتأكيد إزالة سيطرة الكنيسة بشكل نهائي على شؤون الحياة بل يعني بالاحرى استبدال القديمة منها بشكل جديد من السيطرة، وهي تعني استبدال سلطة متراخية الى الحد الاقصى، وغير موجودة عملياً في حينه، بأخرى تخترق كل ميادين الحياة العامة والخاصة، فارضة تنظيماً للسلوك شديد الوطأة والقساوة… إن البروتستانت قد أيدوا استعداداً خاصاً للعقلانية الاقتصادية سواء كانوا يشكلون شريحة مسيطرة، أم شريحة مسيطراً عليها، الاغلبية ام الاقلية. وهذا ما لم يكن ملحوظاً عند الكاثوليك، في هذه او تلك من الحالات. بالنتيجة ينبغي ألا يبحث عن مبدأ الاختلاف في المواقف هذه فقط في الظروف الخارجية والمؤقتة تاريخياً واجتماعياً، بل أيضاً في الطبيعة الملازمة للمعتقدات الدينية ومن داخلها. وقد رأى ماركس ان المسيحية هي الدين المتناسب مع الاقتصاد السلعي. “بالنسبة لمجتمع منتجي البضائع، حيث تتلخص علاقته الانتاجية الاجتماعية العامة في ان المنتجين يعتبرون هنا منتجات عملهم بضائع، وبالتالي قيماً، وحيث تقف أعمالهم الخاصة بهذا الشكل الشيئي تجاه بعضها البعض كعمل بشري متجانس، بالنسبة لهذا المجتمع يكون شكل الدين الاكثر ملاءمة هو المسيحية بعبادتها للانسان المجرد ولا سيما في مظاهرها البرجوازية كالبروتستانتية والربوبية… إلخ” (كارل ماركس ـ رأس المال ـ دار التقدم ـ موسكو الكتاب الاول ـ الجزء الاول “ص 117”). اليهودية والرأسمالية وإذا كان ماركس لم يعزُ نشوء الرأسمالية الى البروتستانتية او اليهودية، إلا انه تناول العلاقة التاريخية بين اليهودية ونشوء الرأسمالية، وقال: “مع انتصار المجتمع البرجوازي، الشعوب المسيحية صارت يهودية. تناقض المسيحية واليهودية هو تناقض النظري والعملي، الشكل والمحتوى، الدولة السياسية والمجتمع المدني”. اليهودية التي يعنيها هنا هي دين المال، وعبادة المتاجرة، المال هو إله “اسرائيل” الغيور. الاساس الدنيوي لليهودية هو الحاجة العملية، والمنفعة الشخصية، “اليهودية بقيت ليس رغم التاريخ بل بالتاريخ”. ولذلك رأى ان عتق اليهودي هو عتق المجتمع من اليهودية. لقد انصب جهد ماركس النظري على نقد الرأسمالية في مراحلها الانتقالية الاولى التي مرت بها الميركنتيلية او الرأسمالية التجارية، ثم الرأسمالية الصناعية، حيث كان التوسع الصفة الملازمة للرأسمالية في الماضي والحاضر. إلا ان التوسع الرأسمالي مختلف عن توسع الامبراطوريات القديمة في منطقه وآلياته ووتائره ووسائله. فقد بدأ التوسع الرأسمالي مع تنامي النزعة التجارية، الميركنتيلية، التي قادت الى استعمار معظم البلدان المتأخرة. وبعد ان خلقت الرأسمالية الغربية، أول مرة في التاريخ، تجارة الجملة بالضروريات، التي سرعان ما حلت محل التجارة التقليدية المحدودة بالكماليات، توسعت الهيمنة الغربية عبر الحصول على المستعمرات التي تنتج المواد الخام الضرورية لتغذية آلة الانتاج الرأسمالية في المتروبولات. وبذلك أخضعت مصالح المستعمرات آلياً الى مصالح المتروبولات الرأسمالية في الغرب. واتخذ التطور الرأسمالي منذ عمليات التراكم شكل نهب الداخل ونهب الخارج، وأطلق حركة لا تني تنشط وتتقدم، أعني حركة تدمير البيئة وتدمير الانسان. فالنزعة البرميثيوسية التي وسعت انطلاق الرأسمالية دفعت البشرية الى مفترق إما تدمير العالم، وفناء الجنس البشري، أو تغيير النظام العالمي القائم. على أنه ينبغي توكيد ان التجارة لا تشكل جوهر الرأسمالية، حتى في مرحلتها الاولى الميركنتيلية، إلا بوصفها جزءاً لا يتجزأ من عملية الانتاج الرأسمالي، لحظة من لحظاتها المترابطة والمتكاملة. فالتبادل والتداول يتخذان شكل التجارة ويشكلان المجال الذي يتظاهر فيه الطابع الاجتماعي ـ الانساني للانتاج عموماً وللانتاج الرأسمالي خصوصاً. وما هذا الطابع إلا الشكل الموسع والمعمم للطابع الاجتماعي للعمل بوجه عام. إن التجارة أقدم عمراً من الاسلوب الرأسمالي للانتاج. ورأس المال التجاري أقدم شكل حر لوجود رأس المال من الوجهة التاريخية. حسب ماركس ـ إلا انه “في ظل النظام الرأسمالي يتم إنزال رأس مال التاجر من وجوده المستقل السابق ليلعب دوراً لا يكون معه سوى لحظة خاصة من لحظات استخدام رأس المال عموماً. وتختزل مساواة الارباح ومعدل ربحه الى المتوسط العام، وينشط هذا الرأسمال بوصفه محض تطور رأس مال التاجر فلا تعود هي الحاسمة الآن… ان القانون الذي ينص على ان التطور المستقل لرأسمال التاجر يتناسب تناسباً عكسياً مع درجة تطور الانتاج الرأسمالي يتجلى بسطوع خاص في تاريخ تجارة الوساطة Carrying Trade كما جرى مثلاً على يد أهل البندقية وجنوا وهولندا إلخ حيث كان الربح الاساسي يتأتى لا عن تصدير المنتجات المحلية بل عن طريق توسط مبادلة المنتجات بين مجتمعات لم تتطور بعد تجارياً واقتصادياً عموماً” (كارل ماركس ـ رأس المال ـ مصدر سابق الكتاب الثالث ـ الجزء الاول “ص 470”). ويرى ماركس ان سيرورات التفكير وانتاج المعارف لا يمكن ان تكون غير مرتبطة بعلاقات العمل والانتاج. فالتفكير النقدي الحقيقي بالنسبة الى ماركس، يجب ان يقدم البرهان عن مقدرته على تحليل الواقع الاجتماعي والطريقة التي ينخرط الافراد بواسطتها فيه. ونقد الاقتصاد السياسي هو نقد لتناقضات العمل، وفي الوقت عينه للاقتصاد حيث تعقد وتتبلور علاقات اجتماعية وعلاقات بين أشخاص يدعوها ماركس مجردة. وفي شكل عام لا يركز هذا التفكير على لا عدالة الرأسمالية ولا انسانيتها، إنما على ما يشكل ويميز الرابط الاجتماعي. والقيام بنقد الاقتصاد السياسي يعني اذن ابراز شروط النقد الفاعل وتقديم طرق التفكير في طريقة مختلفة. ويبين ماركس المحددات الشكلية لحركات رأس المال ولتحولاته كمظاهر للقيمة، وان العمل بالنسبة الى رأس المال ليس معطى انتروبولوجيا، بل نشاط يطرح قيمة ويشكل جزءاً من رأس المال نفسه، وان القدرة على العمل ليست سوى عنصر في حركة رأس المال وانتاجه. ان العلاقة الاجتماعية أضحت علاقة رأس المال مع ان العمل المتموضع يمتلك عملاً حياً، وان الحقيقة يطرحها رأس المال وهي نتيجة له، وان أشكال القيمة تتأكد كعناصر مكونة لأشكال حياة الافراد والمجموعات، وان المجال الحيوي بات محدداً بالمنافسة والمال. وان الاشخاص متساوون كمبادلين للقيم وأحرار في مبادلاتهم، وان الاستقلالية الفردية لا تقوم بدورها إلا في المجالات المفتوحة حيث سلسلة الارتباطات الموضوعية التي يخض لها الافراد. ولا ينفي ذلك وجود مقاومات لعملية اعطاء القيمة. ويتحدث ماركس عن خضوع الافراد في علاقاتهم لدينامية رأس المال، ويعتبر ان نشاطهم يندرج ضمن الحقول التي ينتجونها أو يستهلكونها وهي مكونة من رأس المال، وان الاشخاص هم أشخاص رأس المال، وذاتيتهم موجهة نحو أهداف رأس المال، وكل الاجراء الخاضعين للاستغلال يتلقون يومياً عنف رأس المال، عنف إدخالهم في رأس المال، والعنف الممارس على أجسادهم ونفوسهم. وهذا العنف حاضر في العلاقات الاجتماعية، ويحمل نفياً له في ثبات، ويرجع الى ضغوط موضوعية “اقتصادية” و”طبيعية”. وينجح الرأسمال المهاجم هذا حين يدفع الشخص المهاجم (بفتح الجيم) الى الشعور بالذنب وحين يحول ضده وضد محيطه جزءاً من العنف المفترض ان يواجهه. وفي الوقت نفسه، فإن الخاضع لرأس المال، مهدد في كل لحظة بأن يفقد قيمته (قدرته على العمل وممتلكاته) وعليه ان يخوض حرباً من أجل الاعتراف الاجتماعي به، أي من اجل اعطائه قيمة، في نظره وفي نظر الآخرين. وهذه الحرب التي تظهر آمالاً وخيبات أمل وتراجعات متتابعة هي مصدر إذلال غير محدد. ولكي يبعد الافراد عنهم الألم، فإنهم لا يرون ماذا يفعلون وما هم عليه لأنهم غارقون في ذاتيات متفرقة، وهم يلجأون الى أشكال مختلفة من الهرب والتسامي. في معرض نقده الاقتصاد السياسي ينتقد ماركس المقولات الاقتصادية ونظام الاقتصاد الرأسمالي، ويكشف وظيفة رأس المال في مظاهرها المتناقضة، ويوضح التباعد والارتباط بين القيمة والسعر وفائض القيمة والربح وسيرورات القيمة. ويرى ماركس ان النقد يجب ان يقود الى انتاج معارف جديدة، وان يفتح الآفاق نحو إعادة امتلاك الذكاء المصادر من حركات عملية اعطاء القيمة. [ الكتاب: كارل ماركس او فكر العالم ـ سيرة حياة [ الكاتب: جاك اتالي ـ ترجمه عن الفرنسية محمد صبح [ الناشر” دار كنعان ـ دمشق ـ الطبعة الأولى 2008، 465 صفحة

( المستقبل – الاربعاء 21 كانون الثاني 2009 – العدد 3196 – ثقافة و فنون – صفحة 20 )

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم      تقرير عن أشغال المنتدى الأوروبي الأول للنهوض بتدريس اللغة العربية في الغرب .

 

في أجواء ثقيلة حزينة خيم عليها شعور   بالمرارة والألم بسبب ما يتعرض له شعبنا الصامد و الأعزل من كل سلاح إلاّ سلاح  إرادة الحياة الكريمة و الصمود و الصبر، من حرب أبادة مُمنهجة من طرف أعتى قوة في منطقة شرقنا الإسلامي  ، ورابع قوة عسكرية في العالم ، انعقد المنتدى الأوروبي الأول للنهوض بتدريس اللغة العربية في الغرب بمقر اليونسكو بباريس على امتداد يومي 12/13/01/2009. بدأ الملتقي أشغاله  بصفة رسمية على الساعة: 10: بالجلسة الافتتاحية تناول الكلمة في الجلسة الأولى شخصيات فاعلة ومحترمة : ـ كلمة المدير العام لليونسكو، ألقاها نيابة عنه د.أحمد الصياد مساعد المدير العام للعلاقات الخارجية و التعاون . ـ كلمة معالي د. عبدالعزيز التويجري المدير العام للإيسسكو. ـ كلمة مؤسسة غرناطة للنشر . ـ كلمات الضيوف: كلمة عمدة باريس، ألقاها نيابة عنه أحد ممثليه، كلمة معهد العالم العربي ……. و في هذه الجلسة تميزت كلمة د. عبدالعزيز التويجري،فهي ولئن كانت مُدركة لواقع اللغة العربية في الغرب، إلاّ أن الأهم فيها هو الأدانة الواضحة و القوية للهجوم الوحشي للجيش الإسرائيلي المدجج بأسلحة الدمار المحرم دوليا كالفسفور الأبيض على شعب بريء مسالم أعزل لا ذنب له  إلا المطالبة بتحرير أرضه المحتلة و رفع الحصار الآثم ووقف العدوان و قتل المدنيين العزل و خاصة منهم الأطفال و النساء و الشيوخ و هدم البيوت و المستشفيات والمدارس. غزة النجم الحقيقي الحاضر في قاعة المحاضرات باليونسكو: إن الهجوم على غزة المدينة الصامدة كان هو الحدث الحاضر الذي غطى على أشغال المؤتمر، فكان هذا الحدث باهتا وعبارة عن لا حدث مقارنة بما يحدث في غزة. كان  كل شيء حزين ومُحزن إلا صمود المقاومة الباسلة رغم قلة العتاد وخيانة ما يسمى بالسلطة الوطنية المقبورة ومهادنة  الأنظمة العربية وتواطئها مع المجرم المعتدي الظالم ضد الضحية المحاصرة برا وبحرا وجوا. فهنيئا للمقاومة الأبية التي مرغت كبرياء الصهاينة ووحشيتهم في التراب بفضل صمودها وثباتها على حقها في المقاومة ، فرفعت رؤوس الشرفاء في كل مكان من العالم مسلمين و غير مسلمين، وصنعت ما لم تصنعه الجيوش العربية مجتمعة في حروبها مع الكيان الصهيونى الغاشم ،إذا ما استثنينا حرب رمضان سنة 1973وخاصة حربها ضد حزب الله سنة2006.  أرادت الوحوش،ضعيفة الذاكرة،  تصفية حركة المقاومة الاسلامية (حماس)،تصفية جسدية، دموية ونهائية ليحل محلها الخونة و العملاء والأقزام، ونسوا أن الذي يغذي حماس و يقويها و ينمي فيها إرادة الحياة والصمود كل لحظة هو إيمانها الراسخ بعدالة قضيتها واقتناع شعب فلسطين بها والتفافه حولها و أن الذي يمدها بمدد من السماء هو الله قاسم الجبارين و ناصر المستضعفين. أرادوا أن ترفع حماس الرايات البيضاء، وتقبل بالشروط الإسرائلية المهينة كما فعل العملاء من أبناء جلدتنا من قبل ، ولكن حماس ما وهنت ولا استكانت و سفهت أحلامهم وكسرت مشاريعهم إلى الأبد، فلم ترفع الرايات البيضاء،ولم ترض بالشروط الصهيونوأمريكية ، و ما زادتها هذه الحرب الآثمة إلا قوة ومنعة وعزة ومحبة عند شعبها، وشعبية داخل فلسطين وخارجها رغم فداحة الأضرار والخسائر البشرية و المادية. فمال الدنيا كله لا يمكن أن يعوضنا شهيدا واحدا من شهداءنا الأبرار ولكن أيماننا بالله وحده هو عزاؤنا و قول الله تعالى(ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون. ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع و نقص من الأموال والأنفس و الثمرات و بشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون.أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة وأولئك هم المهتدون.)(1) هو شفاءنا الذي لا نخشى معه سقما. رحم الله شهداءنا الأبرار وأدخلهم فراديس جنانه وعلى رأسهم القائد البطل سعيد صيام وصحبه الكرام. ففي هذه الأجواء وللأسف انعقد المنتدى الأوروبي الأول للنهوض بتدريس اللغة العربية، فكانت  الجلسة العامة الثانية على  الساعة  12.30  إلى13.30 : وكانت بعنوان : تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في الغرب: الواقع و التحديات والآفاق:  وتهدف هذه الجلسة إلى تقديم تشخيص شامل  لواقع المؤسسات العاملة في مجال تدريس اللغة العربية في الغرب .   15.00 إلى 16.30الجلسة العامة الثانية: تجارب و رؤى من أجل تحسين جودة تعليم اللغة العربية في الغرب.   17.30 إلى18.30الجلسة العامة الثالثة : تأليف الكتب المدرسية و صياغة مناهج اللغة العربية في الغرب. وكانت هذه الجلسة من أهم جلسات الملتقى لما تميزت به من تحليل موضوعي لواقع التأليف المدرسي للغة العربية في الغرب، ومن دقة في استشراف وسائل الرُّقي بجودة التدريس للغة العربية في الغرب. وتميزت كلمة د. عبدالسلام المسدي أستاذ اللسانيات في الجامعة التونسية . كما نالت كلمة أ. نجيبة بلحاج : (كيف يكون المربي عاملا محققا للجودة في تعليم اللغة العربية في الغرب؟) المرشدة البيداغوجية بمعهد اللغة و الثقافة إعجاب الحاضرين و استحسانهم وخاصة لدى العارفين والمباشرين ميدانيا لشؤون تدريس اللغة العربية  . وقد نواتيكم بملخص للكلمة في مراسلة قادمة. كما سنواتيكم  ببعض المداخلات الأخرى المختارة إذا ما مدّنا بها المنظمون للمنتدى كما كانوا  وعدونا بذلك.    الثلاثاء 13/1/2009 9.00 إلى 10.30الجلسة العامة الرابعة رؤية حول مصادر وآليات توجيهها للنهوض بتدريس اللغة العربية في الغرب. 10.45ــ12.15الجلسة الخامسة: من اجل إعلام تربوي مُسهم في نشر اللغة العربية: 12.30ــ 13.30الجلسة الختامية : والتي كان من المفترض أن يصدر عنها بيانا ختاميا و بعض التوصيات ، و لكن لا شيء من ذلك تحقق وإنّما وعدونا بإرسال كل ذلك بما فيه  المداخلات عن طريق البريد الالكتروني وإلى الآن لا زلنا ننتظر ذلك. الحصاد العام : ولئن كان التنظيم الإداري للمنتدى في المستوى، إلاّ أنّ المحتوى كان ضعيفا جدّا، فكانت بالتالي الإستفادة محدودة جدّا. فالمداخلات كانت نظرية ومرتجلة لم تجب عن حاجيات ومشاغل المباشرين لتعليم اللغة العربية ميدانيا. ولذا لمسنا عند أغلب المشاركين وخاصة منهم الذين قدموا من خارج فرنسا شعورا بالمرارة نظرا لأنهم تحملوا كل مصاريف السفر و الإقامة ومعلوم المشاركة في مثل هذا المنتدى ، ولكن الفائدة المرجوة في المقابل قد تخلفت و لم تكن في المستوى. كما أن جُلّ المؤسسات التعليمية التي لها مصداقية من مثل المعهد الأوروبي للعلوم الانسانية بباريس، ومدرسة النجاح ومعهد اللغة و الثقافة….. لم يقع التشاور معها  أو تشريكها في تنظيم هذا المنتدى ووقع إعلامها في آخر لحظة، و في المقابل مُكنت بعض الأطراف من تدخلات  وهي لا علاقة لها  بتدريس اللغة العربية لا من قريب و لا من بعيد. إن الانطباع الذي حصل لدينا هو أن الهدف الأساسي من وراء تنظيم مثل هذا المنتدى هو بالنسبة لبعضهم تجاري بالأساس وليس الارتقاء بمستوى اللغة العربية لأن من أراد أن يرق بواقع اللغة العربية كان من الأجدر به أن يوسع الشورى ويستعين بأهل الخبرة و السبق في هذا المجال، لا أن يُهمشهم و يجعلهم أمام الأمر الواقع. أمّا بالنسبة للبعض الآخر فهو سياسي ،إذ  هناك من الأطراف من يريد، بعملية أستباقية كهذه، أن يفرض نفسه كممثل شرعي ووحيد لتدريس اللغة العربية،تماما كما تفعل أنظمتنا ، عندما تفرض وصايتها على بقية المؤسسات التعليمية و تُسّوق أنتاجها  ، وهو سلوك لا يساعد على النهوض بتعليم اللغة العربية. تقرير من إعداد مصطفى عبدالله ونيسي/باريس الثلاثاء 20/1/2009

Lire aussi ces articles

13 octobre 2008

Home – Accueil TUNISNEWS 8 ème année, N° 3065 du 13.10.2008  archives :www.tunisnews.net     L’ACAT-France s’inquiète vivement pour Abdellatif Bouhjila

En savoir plus +

1 février 2003

Accueil   TUNISNEWS 3ème année, N° 987 du 01.02.2003  archives : http://site.voila.fr/archivtn LES TITRES DE CE JOUR:   AISPP:CAMPAGNE

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.