TUNISNEWS
4 ème année, N° 1239 du 11.10.2003
نــداء استغاثة من زوجة السيد طارق سويد اللاجئ السياسي التونسي في لبنان السيدة نزيهة رجيبة (أم زيـاد) تستقيل نهائيا من التدريس وتطلق صرخة فزع مُـدوية في رسالة تاريخية إلى وزير التربية والتكوين موقع نهضة.نت : رئيس المكتب السياسي للنهضة يلتقي قيادات المعارضة قدس برس: تونس: هجرة جماعية من « الوحدة الشعبية » إلى « التكتل الديمقراطي »
مراد حارسي: قراءة غير صامتة حولت حوار عبد اللطيف المكي إلى موضوع نقاش المركز المغاربي للبحوث والترجمة: إصدار جديد: البرزخ (رواية) – تصوير في غاية الإبداع لتجربة السجن والمحنة
د. محمود الذوادي: كيف استهدف العهد البورقيبي الهوية الاسلامية في تونس؟ رويترز: تونس تدافع عن ترشحها مع ليبيا لاستضافة كأس العالم
سويس إنفو : شيراك مغربي أم مغاربي؟ أ ف ب: حجاب « ناشالا » يثير جدلا في أمريكا
آسيا العتروس : امريكا والبحث عن تجميل صورتها في العالم العربي والاسلامي: تعددت التقارير والنتيجة واحدة عبد اللطيف الفراتي : جامعة الدول العربية.. تدير ظهرها للعرب د. عبدالوهاب الافندينصر إرهابي مبين مصطفى الحاج يحيي : من الإرهابي؟
أحمد مطر: لافتة -المَثَل الأدني في المُنتهي..!
Vérité-Action: Le Deux en Un du tribunal de Médenine pour totaliser 13 mois d’emprisonnement dans le procès de M. Zouari. Zyed Krichen: L’Ijtihad face à la modernité Noura Borsali: Hammam-Chatt, un 1er octobre 1985…un crime impuni El Moufekir: Les inondations et la conscience politique à Cité Etadhamen – (une analyse sociopolitique)
Abou Mourad: Un petit conseil à mon cher président Le Monde: Après trois ans d’attente, Mohammed VI révolutionne le statut de la femme
Libération : Des associations concurrencent les barbus – A Mohammedia, elles viennent en aide aux habitants des quartiers pauvres. Le Monde: Lila et Alma ne retourneront plus au lycée Henri-Wallon AP: Exclusion des lycéennes voilées en France – les politiques satisfaits, les associations inquiètes Le Monde: Le bruit du mensonge
Le Monde: Tariq Ramadan accusé d’antisémitismeTariq Ramadan: Critique des (nouveaux) intellectuels communautaires
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
نــداء استغاثة من زوجة السيد طارق سويد اللاجئ السياسي التونسي في لبنان بسم الله الرحمن الرحيم بلاغ هام جدا
لقد تعرض زوجي طارق سويد إلى التعنيف والشتم والتهديد في منزله الكائن ف بيروت من قبل البوليس السياسي التونسي الذي لوح في وجهه بكل العقوبات التي سيلقاها مستقبلا، كما لم يستثن من الشتم والسب كل من فضيلة الشيخ راشد الغنوشي وحركة النهضة وأتباعها، وكان ذلك على مرأى ومسمع سكان البناية منذ ما يزيد عن شهر مضى. وبعد ذلك تم تحريك ملفه الامني، فقامت السلطات اللبنانية بأن وجهت له تهمة الاقامة الغير شرعية على الاراضي اللبنانية، وذلك عن طريق دعوى قضائية تحمل رقم1921مستند(ج /9) للمثول أمام المحكمة بتاريخ 29/10/2003 وذلك بالرغم من كونه يتمتع باللجوء السياسي من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ببيروت. وقد قام زوجي بإبلاغ المفوضية بكل التفاصيل ولكن المفوضية غضت الطرف عن الموضوع. بعد ذلك قامت باستدعاء زوجي بتاريخ 9/10/2003الساعة 10 صباحا لتفاجأه بطلب غريب وعجيب لا يمت لمواثيق الامم المتحدة بأي صلة ومفاده: « مغادرة الاراضي اللبنانية والتوقيع على وثيقه تنازل عن حق اللجوء لدى مكتب المفوضيه في بيروت وإغلاق ملفه نهائيا ». وكان الطلب صريحا وواضحا دون أي تبطين ولكن زوجي رفض القبول بما تقدم فأبلغته المفوضية بأنها غير مسؤولة في حالة اعتقاله. وفي اليوم التالى الموافق 10 /10/2003 قامت المفوضية بالاتصال بزوجي على الساعة الواحدة بعد الظهر، وتكرر الاتصال أكثر من مرة لمحاولة الضغط عليه (غير عابئين بظروفه الصحية والنفسية المتدهورة من جراء الاعتقال السابق وما يعانيه من مضايقات والتي لا تسمح بمزيد من هذه الممارسات الخاطئة) إلى أن أصيب بانهيار عصبي وحالة إحباط ، حيث أحيل زوجي لمستشفى سلام الجردي بجبل لبنان عند الساعة الثانية والربع بعد الظهر. للمزيد من المعلومات الرجاء الإتصال: 009613320311 tareksouid@hotmail.com
Vérité-Action
Le Deux en Un du tribunal de Médenine pour totaliser 13 mois d’emprisonnement dans le procès de M. Zouari.
C’est avec une grande désolation que Vérité Action apprenne que le journaliste tunisien, M. Abdallah Zouari, observe de nouveau une grève de la faim le 8 octobre 2003 après sa condamnation à une peine de 13 mois de prison ferme. En effet, la cour d’appel a confirmé sa condamnation de 4 mois de prison, après qu’une propriétaire d’un cybercafé à Zarzis a plaidé contre lui et une autre condamnation plus récente de 9 mois pour avoir refusé « le contrôle administratif ». En fait, le tribunal a cumulé les deux peines lors d’un seul procès et a totalisé les mois pour sortir avec le verdict qui condamne M. Zouari à 13 mois de prison. Malgré la protestation des avocats, Maître Abdelwahab Maatar et de Me Mohsen Rabiâ, contre « l’absence des conditions minimales pour permettre le déroulement d’un procès équitable » et contre le non respect des droits des avocats de rencontrer leur client, d’où le directeur de la prison a empêché Me Maatar de visiter Me Zouari le 22 août 2003 ; en outre les deux autres avocats, Me Salah Wiryimmi et Me Mohsen Rabiâ, ont été refoulés de la prison et empêchés de rencontrer M. Zouari également. Face à une « justice » qui a perdu ses qualités et valeurs morales, face à la situation d’un citoyen innocent qu’ils n’arrivent pas à défendre à cause d’un système corrompu, les avocats de la défense, désenchantés et découragés se sont retirés en signe de protestation, ils refusent « de faire partie du décor juridique tunisien » comme Me Maatar le dit. Vérité-Action affirme que la situation dans laquelle se trouve aujourd’hui le journaliste Abdallah Zouari est plus que humiliante et inhumaine, d’où cet homme endure depuis des années l’injustice du système tunisien et ses pratiques inhumaines : tout d’abord son incarcération le 12 avril 1991 pour une durée de 12 ans pour son appartenance au parti Ennahda, interdit en Tunisie, arrêté de nouveau le 19 août 2002 pour non respect du « contrôle administratif », il a toujours été sous un contrôle policier suffocant durant sa libération et dernièrement son arrestation le 17 août 2003 aussi pour « infraction à une mesure de contrôle administratif ». Sa famille n’est pas épargnée non plus, en effet, on a coupé leur ligne téléphonique sous prétexte que la famille de M. Zouari n’a pas payé la dernière facture, pourtant ils ont découvert des numéros virtuels et imaginaires pour augmenter le prix d’après le beau frère de Abdallah Zouari, résidant en France. Tout ceci n’est qu’un mauvais prétexte pour mettre un obstacle devant la couverture des ONGs et des médias. Malheureusement, ce dernier exemple affirme encore plus que le manque de liberté d’_expression et de presse en Tunisie est véritable, ceci montre que la Tunisie recule en matière de respect des droits de l’homme et des libertés en général. Vérité-Action exprime son soutien absolu au journaliste Abdallah Zouari et exige sa libération immédiate, lui et tous les journalistes qui sont incarcérés inéquitablement. Nous invitons aussi toutes les organisations mondiales à soutenir cet imminent journaliste pour le réconforter et à agir en sa faveur. Fribourg, le 10 octobre 2003 Nassiba Khenissi, service de l’information et des recherches
« المدرسة التونسية في خطر سيتفاقم ما لم يدركها إصلاح حقيقي يكون محلّ اتفاق جميع الأطراف المعنية بالشأن الوطني » السيدة نزيهة رجيبة (أم زيـاد) تستقيل نهائيا من التدريس وتطلق صرخة فزع مُـدوية في رسالة تاريخية إلى وزير التربية والتكوين تونس في 25 سبتمبر 2003
من نزيهة رجيبة حرم الجلالي أستاذة مبرّزة في العربيّة تباشر التدريس منذ سنة 1969 وتعمل حاليا بالمعهد الثانوي بالمنزه السادس. إلى السيد وزير التربية والتكوين
الموضـــــــوع : تقديم استقالة من العمل ولفت انتباه إلى أوضاع المدرسة التونسيّة. السيد الوزير تحيّة طيبة وبعد ، لن أكتب – وفقا لما تقتضيه آداب المراسلة- « يشرّفني أن أكتب إليك رسالة استقالتي من العمل » فأن تُقدم استاذة مثلي وبعد طول تردّد على الاستقالة من التدريس ليس فيه ما يسرّ ولا ما يشرّف بل فيه ما يبعث المدرّس على الشعور بالحزن ومرارة الفشل وما هو جدير بأن يبعث المسؤولين عن المدرسة الوطنيّة على محاولة فهم ما يحدث ومصارحة أنفسهم بحقيقته بعيدا عن الخطاب الانتصاري والمفاخرة بالمكاسب وتناسي المساوىء حتّى تزداد سوءا وتستعصي على كل إصلاح. السيد الوزير ، إنّ في هذه الاستقالة الخارجة عن المألوف كلاما كان يمكن أن يقوله مئات بل آلاف الزميلات والزملاء لو ساعدتهم ظروفهم على كتابته مثلما ساعدتني ، فأنا أستاذة أشرفت على التقاعد فلم يعد لها شيء كبير تخسره وأنا مواطنة قرّرت أن تعيش مواطنتها كاملة بما تعني المواطنة من حريّة وشجاعة وانشغال بالشأن العام وبما تعنيه أو بالأحرى برغم ما تعنيه في بلدنا من مغامرة وتعرّض للعقاب على ممارسة الحريّة. لهذا قرّرت سيّدي الوزير أن تكون رسالة استقالتي نصّا طويلا ومصارحة بما عشته من تجارب وما تفاعلت معه من وقائع اكتبها بصدق ونزاهة عساها تكون آخر خدمة يقدّمها شخصي المتواضع إلى المدرسة التونسيّة التي خدمتها بما أتيح لي من قدرة طيلة عقود من الزمن. السيد الوزير ، لقد التحقت بالتدريس بعد تخرّجي من دار المعلّمين العليا عام 1969 ، التحقت به عن اختيار وتصميم وإيمان برسالة المدرسة والمعلّم. ولئن وضعتني البيروقراطيّة وتمرّدي عليها في مواجهات عديدة لا تخلو من حدّة مع إدارات بعض المعاهد فإنّ ذلك لم يؤثّر إلاّ على سير حياتي المهنيّة وعلاقاتي مع الادارة بينما بقي آدائي لواجبي على الصورة التي أردتها له : فقد استطعت أن أحافظ على هذا الآداء لشعوري العميق بأنّي وأنا في قسمي رئيسة نفسي وغير مسؤولة أمام أحد إلاّ ضميري وتلاميذي وحسّي الوطني الذي يصوّر لي التعليم ضربا شريفا من ضروب النضال ، وبهذه المقاربة لوظيفتي أمكنني الظفر بحبّ التلاميذ وثقة أوليائهم كما أمكنتني النجاة نسبيا من عنهجيّة بعض المديرين والمتفقّدين الذين لا يرضون عن الأستاذ إلا متى ألغى شخصيته وخافهم وتقرّب منهم وآنذاك تراهم يقرّبونه ويسعون إلى ارتقائه ولو بغير كفاءة واستحقاق. وللأمانة أقول هنا إنّ أغلبيّة زملائي لا ينحدرون إلى حضيض التزلّف والتملّق كما أنّ بعض المديرين والمتفقّدين ينزّهون أنفسهم وزملاءهم عن دفع هذه الضريبة من كرامتهم ويسيرون على نهج الاستقامة في تقدير الكفاءات والتعامل مع المرؤوسين… ولكنّ هؤلاء قلّة قليلة وسط الرداءة العامة التي انتجتها سياسة اختيار المسؤولين بحسب الولاء قبل الكفاءة. السيد الوزير ، لقد عرفت المدرسة التونسيّة عن قرب وهي في دوّامة الاصلاحات وإصلاحات الاصلاحات التي لم تنقطع إلى يومنا هذا والقائمة على الانفراد بالرأي والاختيارات الاعتباطيّة وفي النكوص عنها بصفة اعتباطيّة أيضا مضحيّة أثناء كل ذلك بآلاف التلاميذ والتلميذات الذين لفظتهم المدرسة كما يلقي الباحث العلمي بفئران المخابر بعد فراغه من التجريب عليها. ولعلّ أكثر ما صدم عيني الجديدة التي ألقيها على واقع المدرسة التونسيّة هذا أنّ الأستاذ بما هو الحلقة الأضعف في جهاز التعليم يُحمّل المسؤوليّة الأكبرفي فشل ما اختاره رؤساؤه بينما يُنسى في حال استعراض النجاحات وخاصة المكافآت عليها ويُهاجم بشدّة إذا طالب بحقوقه. لقد بدأت مبكّرا ردّ الفعل على المظالم المسلّطة على الأستاذ فكتبت في صحف أوائل الثمانينات لمّا كانت لنا بعض الصحف التي يُكتب فيها مدافعة عن سلكي ومطالبة بحقّنا في التقدير وكانت الغاية من كتاباتي شخصيّة على نحو ما لأني أردت أن احتفظ بتفاؤلي وأبقى على إيماني بجدوى الوظيفة النبيلة التي اخترتها وأحببتها. وبهذا التفاؤل استطعت- مثل عدد من زملائي- أن أبني لنفسي عالما خاصا مكّنني من المضيّ في أداء واجبي رغم كثرة الصعاب ولعلّ أشقّ هذه الصعاب هو فرط الاحساس بظروف العمل والوعي الحادّ بالمحيط العام الذي يؤثّر سلبا على الأستاذ الواعي ويحمله على فقدان الإيمان بجدواه وعلى الوقوع في العدمية القاتلة لمواهبه وطموحاته فيصير بائع معارف وملقّن محفوظات لا صانع أجيال وصاقل عقول ونفوس وهو ما ينبغي له أن يكون. وبذلك التفاؤل أمكنني كما أمكن عددا من زملائي تجنّب الوقوع في طاعة عمياء لسلطة إشراف هي الأخرى منقادة ومستطيعة بغيرها وفاقدة لحرية المبادرة ممّا مكّنني من مواصلة أداء رسالتي على أكمل وجه متاح. وفي هذا العالم الخاص تمكّنت كما تمكّنت قلّة قليلة من زملائي – فسلكنا تنقصه الشجاعة مع الأسف أو هو سلك متجاهل لقوّته – من تحدّي القرارات الفوقية غير المنطقية ولا التربوية التي تلزم الأستاذ بأن يكون بوق دعاية سياسية فجة واضعة ايّاه أمام خيار مستحيل بين الخوف على خبزة أولاده أو التضحية بهيبته ومصداقيته أمام تلاميذه وهذا يعني التضحية بالمدرسة برمّتها التي ليست الدعاية السياسية وظيفتها بل هي مخالفة لرسالتها في تربية النشىء على استقلالية الفكر والموقف وضارّة بالمتعلّم ومزرية بالمعلّم إذ تجعل منه طبلا أجوف لا مرجعا فكريا وروحيا جديرا بالاحترام والتقدير كما ينبغي له. وبهذا التصوّر النبيل لوظيفتي أمكنني المضي في طريقي دون تأثر حاسم بما كنت ألحظه ويلحظه زملائي وزميلاتي من تدهور المدرسة التونسيّة عقدا بعد عقد ومن تدنّي مستوى التلاميذ المعرفي والأخلاقي عاما بعد عام ومن انحطاط قدر إطار التدريس وما أحاط به شهرا بعد شهر ، وهذا ما جعلني إلى حدود نهاية السنة الدراسية الفارطة أقاوم رغبتي المتنامية في تقديم استقالتي معتبرة ذلك فرارا من ساحة المعركة. وهذا ما جعلني أرى في نفسي إلى وقت قصير مضى دينصورا من دينصورات جنس منقرض من الأساتذة الواثقين من جدواهم المتمتّعين بهيبة المعلّم وقدره العالي. وقد أصابني بعض الأحيان شيء من الغرور الصامت والاستعلاء على زملائي « العاجزين » عن فرض أنفسهم وأداء رسالتهم كما يحقّ لها أن تُـؤدّى… ولكن هيهات. لقد أيقظني الواقع الأليم من حلم ما كان له أن يكون لأجد عالمي القديم قد تهدّم دون أن تبقى فيه دينصورات ناجية من زحف الرداءة التي آجتاحت المدرسة التونسية في العشرية الأخيرة لأنّ المدرسة التونسية ، والحق يقال ، ظلّت رغم النقائص محتفظة بهيبتها عاملة على تخريج أجيال من حاملي الشهادات المعترف بجودة مستواها خارج حدود بلادنا وكان ذلك راجعا بلا ريب لتحمّس جيل ما بعد الاستقلال من الأساتذة وإيمانهم بأنّ تعليم الأجيال هو المدخل الأساسي لرقيّ المجتمع الذي ينتمون إليه كما كان راجعا وبلا ريب أيضا إلى جدّية نظرة المسؤولين عن قطاع التعليم إلى وظيفتهم من وزراء حافظوا على الحدّ الأدنى من استقلالية قرارهم ومديرين ومتفقّدين اعتبروا أنفسهم مربّين قبل أن يكونوا موظفين عليهم واجب الطاعة والخضوع . كان الباعث على ما انتابني من شعور أليم ومفاجىء بأنّ المدرسة التونسية قد تدهورت أوضاعها بما لا يدع مجالا للأمل هو تعرّض زملاء لي أواخر السنة الدراسية الفارطة للعنف البوليسي البدني والمعنوي لا لشيء إلاّ لأنهم نقابيون وقفوا أمام باب سلفك ليقولوا له كلاما لعلّه مماثل لما أكتبه في هذه الرسالة وليطالبوا بحقوقهم وحقوق زملائهم. عندها صحوت من حلمي الشخصي وفهمت أنّي لم أكن محقّة في اعتبار نفسي استثناء بين زملائي فنحن جميعا نعيش أوضاعا واحدة بمؤهلات متقاربة ومعنيون بواقع واحد عبّر عنه أعوان البوليس الذين ضربوا زملائي وزميلاتي ليقدّموا الصورة الحقيقية للمعلّم في تونس اليوم. معلّم يضربه تلميذه في قسمه ، ووليّ تلميذة في مدرسته وتضربه دولته أمام وزارته. وخلاصة هذه الأوضاع وغيرها كثير هي أنّ منزلة الأستاذ صارت في مدرستنا الحالية منزلة مهينة أكثر من أيّ وقت مضى وهي انّ الأستاذ صار في الحضيض باستثناء أقلَـية يجوز أن نسمّيهم أرستقراطية الأساتذة الذين يدرّسون المواد العلمية في أعلى مستوى ومن ثمّ فهم يمسكون بما يسمّيه التوحيدي » سلّة الخبز » أي ما به يكون التخصّص النبيل والمربح. السيد الوزير ، لقد تركت الحادثة المذكورة في نفسي أبلغ الأثر وأشعرتني بأنّ المدرسة التونسية تهين أعوانها أو تسكت على إهانتهم وبأنها لم تعد تُطاق. وذلك ما جعلني أسعى طيلة الصائفة الماضية إلى تسوية وضعيتي وترك العمل قبل الأوان آسفة عليه من جهة وغير آسفة عليه من جهة أخرى ، ولكن بقرب موعد العودة المدرسية في السنة الحالية عاودني الحنين إلى جلبة القسم ورائحة الورق الجديد والطباشير وإلى مكتب الأستاذ ومصطبته أخاطب من عليائهما عقولا فتية لتكـبُر وشخصيات شابة لتنضُج وأشرف من أعلاهما على خلاصة المجتمع التونسي بسلبياتها وإيجابياتها شاعرة أثناء ذلك بأنّي أؤدّي خدمة ما تزال مطلوبة وأنهض بمهمّة تبقى نبيلة برغم كل شيء . غير أن دخول القسم فعلا أشعرني بالدَوار والغثيان وجعلني أعي نهائيا بأنه لم يعد هناك مجال للتشبّث بحبال أمل مقطوعة تمنعني تجربتي الطويلة من تجاهل حقيقتها. ولهذا قرّرت الاستقالة بعد أسبوع واحد من المباشرة لأواصل خدمة بلادي بما فيها المدرسة العزيزة على قلبي بوسائل أخرى وفي مجالات أخرى. السيد الوزير ، إنّ وقوفي في قاعة الدرس في مفتتح هذه السنة لم يكن في ظروف كارثية ولا خارجة عن المألوف ولكنّه أوقفني على حقائق تسلَحت بالتفاؤل لتخطّيها وخلاصتها أنّ المدرسة التونسية مريضة حقّا وأنها تنقل عدواها إلى كل ما له بها صلة. ولنبدأ بالتلاميذ ودعني أيّها الوزير أصف لك قسما من أقسامهم في معهد المنزه السادس ذائع الصيت وهو من الأقسام » المحظوظة » بجودة التوجيه ناهيك أنه قسم الثالثة رياضيات وما أدراك ما الرياضيات : أربعون تلميذا وتلميذة لم تكف المقاعد المتداعية لجلوسهم في قاعة الدرس المتداعية هي الأخرى. أمّا التلاميذ أنفسهم فقد رأيت فيهم أكثر من أيّ وقت مضى وبرغم ألبستهم الفاخرة والسيّارات الفارهة التي تقلهم إلى المعهد ، أربعين مسكينا ومسكينة. تلاميذ يعيشون وهْم التخصّص في العلوم الصحيحة في مدرسة تُـعلّم الكيمياء كما تشرح النصوص الأدبية أي بلا أختبار ولا تجريب وفي بلاد يجلس فيها المهندسون وراء مكاتب البيروقراطية واللاَجدوى تماما كما يجلس غيرهم من الموظفين من خرَيجي العلوم الانسانية. تلاميذ أضاعوا لغتهم كما شاءت لهم بورصة الضوارب والخطاب الرسمي المتبنّي « للحداثة » دون أن يكسبوا غيرها من اللغات. تلاميذ فقدوا إحساسهم بقيمة العلم في حدّ ذاته وقيمة المعلَم الذي يسديه فصاروا ينظرون إلى العلم ومسديه نظرة نفعية لا روح فيها ترسّخ هذا العلم وتجعله أساسا لبناء شخصية متعلّمه. تلاميذ يحتقرون العلوم الانسانية ولا يعرفون شيئا إسمه القراءة والثقافة العامة (أندادهم في أغلب بلدان العالم يقرأون ويتثقّفون) كما شاء لهم تصوّر غير سويّ لوظيفة المدرسة وانخراط في العولمة المتوحّشة حوّل ويبدو أنّه سيحوّل أكثر المدرسة التونسيّة إلى مصانع تنتج بضاعة لسوق الشغل أو البطالة أكثر ممّا تنتج لهذا البلد مواطنين واعين بمكانتهم في الوجود وطامحين إلى تحسينها، لهم حسّ وطني وانساني راق يقوم على القيم والمبادىء قبل قيامه على المصالح والمنافع ويدعوهم إلى الأثرة و التفكير في الصالح العام قبل دعوتهم إلى الأنانية والانكفاء على الشأن الخاص. تلاميذ فاقدون للوعي بهويتهم مستخفّون بها تتقاذفهم أهواء التشبّه بالآخر الذي يخفي وراءه احتقارا للشخصية الوطنية واستهانة برموزها ناهيك أنّهم يستقبلون النشيد الوطني والبنات منهم يطلقن قهقهات الغواني والأولاد يلقوْن رمز وطنهم باطلاق الأصوات البذيئة التي نعرف. تلاميذ لم يعودوا يفهمون إلاّ منطق المال والقوّة الغاشمة والغلبة والبقاء لمن هو أكثر شراسة قدوتهم في الحياة الطفيليات التي نبتت وتكاثرت في الأرض التونسية تُـسوّق لنموذج النجاح المادي القائم على السلب والنهب والمخاتلة فتطمس به مثال النجاح الحقيقي القائم على طلب العلم والصبر على تحصيله وعلى العمل الشريف وكسب الرزق من أبوابه المشروعة ولهذا ترى تلاميذنا قد استشرى في أوساطهم الغش بصورة غير مسبوقة بعد أن صار الغش والتدليس والمخاتلة قوام كل شيء في حياتنا. لقد كنت في أعوام خلت أفاخر بأنيّ من الأساتذة الذين لا يعجزهم التفاهم مع الأجيال الجديدة ولو بلغة أهل المريخ وأقرّ اليوم بعجزي التام عن التواصل مع هذا الجيل الجديد من التلاميذ نتاج المدرسة التونسية المنكوبة بأيّة لغة من اللغات عدا لغة القمع التي قد يفهمونها ولكنّي أكرهها. هذا أيها الوزير غيض من فيض واقع تلاميذنا لم أذكر لك فيه إلاّ صورة عامة لجمهور التلاميذ في البلاد التونسية ولم أدخل أثناء عرضه في التفاصيل المتعلّقة بخصوصيات معاهدنا في الجهات أين يزداد الطين بلّة بفعل الفقر والشعور بالاحتقار والغبن فيترجم كلّ ذلك إلى عنف ونقمة على المدرسة التونسية التي لا تعدل بين أبنائها فتقود المهمشين منهم إلى إرادة تحطيمها وتخريبها واضرام النار في حطام تجهيزاتها البائسة. أمّا المدرسة، فهاك أيّها الوزير غيضا آخر من فيضها : هذه المدرسة واجهتها طلاء وأصباغ وزهور من البلاستيك وخلفيتها بناء وتجهيزات، إذا تداعت لا تتجدّد وإذا فسدت لا تصلح. تُـصفّر الرياح في خرائب بلَور نوافذها المهشّمة وترتع في شقوق جدرانها الفئران والزواحف (نعم) معلنة ألاّ كرامة ولا تكريم للمعلّم ولا للمتعلّم ولا خوف على صحتهما. هذه المدرسة المعدّة لاستيعاب المئات ولكنّها تكره على استيعاب الآلاف فيتراصون فيها ويتدافعون ويصبح التحاق الأستاذ فيها بقاعته البعيدة سفرا شاقا قد يعرّضه إلى حوادث الطريق. هذه المدرسة المفتقرة إلى إطار القيّمين والقيّمات رغم بطالة الآلاف من الشباب المؤهلين لتأطير التلاميذ، والتي تتحوّل أروقتها إلى حلبات مصارعة وقاعاتها إلى قاعات للعب الورق وغيره من وسائل التسليّة معلنة عن إصابة التعليم في تونس بجراثيم التسيّب الأخلاقي والعنف اللفظي والمادي وحتّى الإجرام. هذه المدرسة التي صارت المعرفة تباع فيها وتشترى معلنة أن التعليم ليس مجانيا ولا ديمقراطيا كما يقال وأنّ المكان المعدّ مبدئيا لتلقين مكارم الأخلاق والوقاية من توحّش المادَة قد صار سوقا معولمة يستأسد فيها ذو المال ويُـحرم فيها الفقير من أبسط حقوقه. هذه المدرسة التي صار النجاح فيها قابلا للتزييف خاضعا لإرادة سياسية تريد الإيهام بتحسّن النتائج طلبا للدعاية فتنعم بالشهادات بطرق مختلفة بقدر ما هي ملتوية ونتيجة ذلك هي تدهور المستوى العلمي لشهائدنا وتخرّج أجيال من أنصاف المتعلّمين وهم شرّ من الجهلة. هذه المدرسة التي فقدت إداراتها جزءا كبيرا من حسّها التربوي والبيداغوجي لتلعب أدوار الشرطة في الضبط والربط والتجسّس على إطار التدريس وإحصاء حركاته وسكناته وتحسيسه بأنّه ليس حرّا كما ينبغي له وليس مهيبا كما يجب أنّ يكون لينجح في مهمته التربوية. هذه المدرسة التي يختار أغلب مديريها على أساس الولاء والتحزّب لا على أساس الكفاءة فيتحوّلون إلى أجهزة للدعاية السياسية المعلنة وحشد التأييد لزيد أو عمرو وجمع التبرّعات من التلاميذ والأساتذة بالإكراه والتخويف لمشاريع تضامنية ليست مقنعة لهم بالضرورة. هذه المدرسة التي صار فيها المديرون مستطيعين بغيرهم لا يملكون حرية المبادرة ولا يتحرّكون إلاّ بالتعليمات خوفا على وظائفهم (لقد أعلمني مدير معهدي يا سيدي الوزير أنّه لن يتسلّم منّي هذه الرسالة وبالتالي لن يبلّغها لأنّه –كما أتصوّر- يخشى أن يتّهم بلمس أوراقها فيكون متواطئا معي في كشف الحقائق). هذه المدرسة التي يتسلل إليها دخلاء لا وظائف لهم معلومة ولا عمل لهم إلاّ التحرّك في كل اتجاه والتلصّص على ما يتحدّث به الأساتذة أثناء فترات استراحتهم خاصة متى كان هؤلاء الأساتذة من النقابيين أو المناضلين السياسيين والحقوقيين الناشطين خارج وصاية الحزب الحاكم. هذه المدرسة التي لا يدخلها الأستاذ إلاّ بتزكية غير مصرّح بها من وزارة الداخلية فيما يسمّى « الكاباس ». أمّا الأستاذ في مدرستنا فهذه الرسالة جزء من لسان حاله ولعلّه ليس بالجزء اليسير ومع ذلك فلو أردنا التعيين وذكر طرف من بؤس ظروفه لأمكننا الجزم بأنّه الطرف المهمّش في المنظومة التربوية رغم أنّ دوره فيها رئيسي وأنّ انهيار كيان سلك الأساتذة سيكون به انهيار شامل ونهائيّ للتعليم برمّته وخراب له سيتطلّب اصلاحه عشرات العقود. فالأستاذ هو الواقع تحت ضيم الضغوط المادية العائدة إلى ضعف أجره والمؤثّرة تأثيرا بليغا في نظرة تلاميذه إليه ونظرة المجتمع بصفة عامة. وهو المحروم من الإنصاف في مختلف شؤونه من تسميات بمراكز العمل وترقيات ونقل ، وقد رأيت بأمّ عيني في إدارة من الإدارات الجهوية للتعليم عروسا باكية وحنّاء عرسها ما تزال بعدُ على كفَـيها لأنها قوبلت برفض طلبها في الالتحاق بمركز عمل زوجها الذي كان أستاذا هو الآخر ووقع تعيينه في جهة بعيدة عن مركز عملها في حين كانت زميلة لها على بعد خطوات في مكتب مسؤول يخيّرها بين معهدين متقاربين من معاهد الضواحي الراقية للعاصمة ولمّا يراها تردد في الاختيار يمكّنها من هاتف الإدارة لتستشير زوجها ولا شكّ أنّ مشاكل مثل هذه الزميلة المتعلّقة بالاتصالات الهاتفية قد حُـلّت اليوم بانتشار الهاتف الجوال ولكن الأخرى وأمثالها من بؤساء السلك مازال عليهم أن يرضوا بما قدّرتـه لهم الإدارة الجائرة حامدين الله على أنّهم وجدوا الشغل بينما الآلاف من أمثالهم يتسكّعون في شوارع البطالة. والأستاذ هو الموصى عليه في كافة أموره بدءا بطريقة معيّنة لأداء درسه مرورا بما يجوز له وما يحرّم عليه من لباس بغير وجه حقّ وصولا إلى الكلام بآسمه دون إذنه واتخاذ مواقف سياسية بالنيابة عنه في تأييد تنقيح الدساتير وترشيح هذا أو ذاك لمنصب سياسي. وقد تنج عن هذا كلّه وعن غيره مما لا تتسع هذه الرسالة لذكره أن صار جمهور الأساتذة مستقلّين لقيمتهم يكثرون من جلد ذواتهم ومن التعبير عن التسليم باالمقدّر لهم جاهلين أثناء ذلك أنّهم قوّة حقيقية من حيث العدد والدَور والقيمة المعنوية وقادرون على تغيير مصيرهم بل مصير البلد كلّه إلى الأحسن. السيد الوزير ، قد يبدو لكم أنّي ألقي الحجارة على المدرسة التي لم أعد أطيق البقاء فيها وأنّي أبالغ وأهوّل في تصوير نقائص المدرسة التونسية وأنني بالتالي صوت نشاز لا يعبّر عن رأي الأساتذة التونسيين في مدرستهم. وإنّي أقول إنّ كل ما كتبته في هذه الرسالة كلام ردّدته كثيرا في كتاباتي وسأواصل الجهر به سواء أكنت داخل المدرسة أم خارجها فالمدرسة التونسيّة مكسب يعزّ على كل تونسي يحبّ بلاده خاصة إذا كان هذا التونسي معنيّا – مثلي- عن قرب بمشاغل التعليم ومقدّرا لدوره الحاسم في تقدّم أو تخلف المجتمع وفي بناء المواطنة أو القضاء عليها وليس صوتي – فيما أعتقد – نشاز يعبّر عن رؤية ذاتية للمدرسة التونسية بل أغلب الظن أن هذه الرسالة كان يمكن أن يكتبها أي زميل آخر لو أتاحت له الظروف كتابتها ولا ريب عندي في أنّ مئات بل آلاف الزملاء سيقرأونها ويوافقون على ما فيها بل لا يستبعد أن يعيب عليّ الزملاء والزميلات التقصير والانتقائية في توصيف أمراض المدرسة التونسية وهذا يعني أنّي لم أبالغ ولم أهوّل بل قلت جزءا من الحقائق التي لا يمكن أن تراها أيها الوزير من وراء نافذة مكتبك البعيد الذي يُضرب الأساتذة إذا اقتربوا منه كما لا يمكن أن ترى هذه الحقائق أثناء زياراتك لبعض المؤسسات التربوية محاطا بالوالي والمعتمد ورئيس الشعبة يقودك في زيارتك أدلاَء لهم خبرة بإظهار محاسن التزويق والتلميع وبإخفاء المقابح والمعايب والنواقص التي لو رأيتها يوما كما أراها ويراها زملائي ولو عايشتها مثلنا لربما استقلت أنت أيضا من منصبك يا سيدي الوزير. لكل ما تقدّم ولكل الأسباب التي شرحتها في هذه الرسالة ولغيرها ممّا لا يسع المجال لذكره أقدّم لك سيّدي الوزير استقالتي من مهنة التدريس بالمعاهد الثانوية التونسية استقالة نهائية لا رجعة فيها. وإني إذ أقدَم هذه الإستقالة لا أبغي من ورائها فقط الخروج من جحيم المدرسة التونسية التي لم يعُـد قلبي يطاوعني على رؤيتها وهي تتداعى بل أريد من هذه الإستقالة في المقام الأول أن تكون حركة رمزية متحضَرة تقول لمن يريد أن يسمع أن المدرسة التونسية في خطر سيتفاقم ما لم يدركها إصلاح حقيقي يكون محلّ اتفاق جميع الأطراف المعنية بالشأن الوطني لا فعل طرف واحد بعينه ، كما أريدها أن تكون شكلا متواضعا من أشكال مساندتي لزملائي وزميلاتي خاصة منهم الشباب والنقابيون حتى يدافعوا عن مدرستنا الوطنية بصوت مسموع وبعزائم لا يثنيها خوف ولا طمع . والسلام نزيهة رجيبة –أمّ زياد- رئيس المكتب السياسي للنهضة يلتقي قيادات المعارضة
بمناسبة افتتاح السنة السياسة وفي إطار التشاور بين مختلف الأطراف السياسية التقى السيد عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة بعدد من قيادات الهيئات والتيارات السياسية منها. وقد شملت هذه اللقاءات بشكل منفصل السادة أحمد نجيب الشابي رئيس الحزب الديموقراطي التقدمي والدكتور المنصف المرزوقي والأستاذ عبد الوهاب معطر عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والحقوقي التونسي الأستاذ خميس الشماري. وقد تناولت هذه اللقاءات الوضع السياسي بالبلاد ومستقبل عمل المعارضة وسبل الخروج من الأزمة السياسية التي تعاني منها تونس. وفي نفس الإطار أجرى الشيخ راشد الغنوشي مكالمة هاتفية مع الأستاذ أحمد نجيب الشابي هنأه فيها بنجاح العملية الجراحية التي أجريت عليه في أحد المشافي الباريسية. (المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 8 أكتوبر 2003)
تواصل مسلسل الخلافات والانشقاقات داخل أحزاب المعارضة
تونس: هجرة جماعية من « الوحدة الشعبية » إلى « التكتل الديمقراطي » تونس – خدمة قدس برس
(محمد فوراتي) في أغرب الأحداث المسجلة في صفوف المعارضة التونسية، أعلن عدد كبير من المنسبين إلى حزب الوحدة الشعبية استقالتهم النهائية من الحزب، والالتحاق بالتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي يرأسه الدكتور مصطفى بن جعفر. وقال بعض المستقيلين لوكالة « قدس برس » إن حياد حزب الوحدة الشعبية عن مساره، وإنفراد الأمين العام بالقرار، دون الرجوع إلى الهياكل الرسمية للحزب، وسياسة التهميش والإقصاء، التي يستعملها الأمين العام محمد بوشيحة، لم تترك أمامهم إلا الاستقالة نهائيا من الحزب، والانضمام إلى التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي حصل على الترخيص القانوني قبل نحو عام. وفي تفسير لهذا الإعلان قال هشام حجي، عضو المكتب السياسي في الوحدة الشعبية، إن أغلب، الذين أعلنوا الانسحاب أو الاستقالة، ليسوا من أعضاء حزبه أصلا، أو أنهم مطرودون منذ المؤتمر الأخير للحزب. وأضاف حجي أن بعض من كانوا في الحزب ثبتت عليهم تجاوزات لا يمكن السكوت عليها، ولذلك تم طردهم. وقد شملت هذه الاستقالة الجماعية 49 فردا، ينتمون، بحسب ما أعلنوه، في بيانهم، الذي حصلت وكالة « قدس برس » على نسخة منه إلى جامعات المهدية والقيروان ومدنين وبنزرت. وتضم قائمة المستقيلين منصف الوحيشي، كاتب عام جامعة القيروان، وأحمد لطيف، كاتب عام جامعة المهدية، وأحمد زكرياء ماقوري، كاتب عام جامعة مدنين. وشكك المنسحبون في شرعية المؤتمر الوطني السادس للحزب، الذي انعقد العام الماضي. كما أكد الموقعون على بيان الاستقالة، أنهم حاولوا الإصلاح من الداخل، ولكن من دون جدوى، « فتم رفض الأصوات المطالبة بتصحيح مسار الحزب، الذي بعث من أجله ». وفي الأثناء لم ينف الدكتور مصطفى بن جعفر حقيقة الأخبار الواردة عن انضمام 49 شخصا إلى حزبه، قائلا « إن عددا من مناضلي الوحدة الشعبية اتصلوا بالحزب، وأجرينا معهم محادثات، بخصوص سياسة التكتل وموقفه، وأعربوا عن رغبتهم في الانضمام، وبالطبع رحبنا بهم، على أساس أن باب التكتل يبقى مفتوحا لكل المواطنين ». وفي تعليقه على الضجة الإعلامية التي صاحبت استقالة بعض الناشطين في الحزب، لم يستبعد هشام حجي عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام، وجود مؤامرة ضد حزب الوحدة الشعبية، قائلا إن « كل الظروف أصبحت ضد وجود وعمل الأحزاب المعارضة ». وعبر حجي عن امتعاضه من الأسلوب الذي تم به الإعلان عن الاستقالة، وما صاحبه من هالة إعلامية، مؤكدا أن الوحدة الشعبية سيواصل نضاله والانحياز إلى الجماهير وإلى قضايا الأمة العربية، بحسب قوله. وتعتبر هذه الاستقالة الجماعية، إحدى فصول أزمة أحزاب المعارضة التونسية. فبعد الانشقاقات، التي حصلت في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، والأحداث التي عاشها الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، بعد سجن أمينه العام، بتهمة الفساد، ثم إقصاء منير الباجي، الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري، وإحالته على مجلس التأديب، بتهمة سرقة أموال عمومية، تأتي الأحداث الأخيرة في حزب الوحدة الشعبية، لتغرق أغلب الأحزاب المعارضة المقربة من الحكومة، في أزمة داخلية لا نهاية لها. وقد شهدت سائر أحزاب المعارضة المعترف بها، من دون استثناء استقالات وانساحابات جماعية وفردية على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة. وعادة ما يفسر ذلك بتدخل السلطة، أو بفقدان الأسلوب الديمقراطي في تسيير الشأن الداخلي. من جهة أخرى تميزت العلاقة بين الأحزاب المعارضة في المدة الأخيرة بالتوتر، وفشلت كل التجارب السابقة في إيجاد صيغ تعاون أو تحالف بينها. فيما تتواصل مشاورات بين عدة شخصيات مستقلة، لبعث حزب جديد، يهتم بشؤون البيئة والمحيط. ويرى المتتبعون للشأن السياسي بالبلاد أن هذه التطورات السلبية، التي تعيشها أحزاب المعارضة، في أول سابقة منذ تأسيسها، من شأنها أن تؤدي إلى الإضرار بالساحة السياسية، وإشاعة المزيد من توتير الأوضاع. كما ستؤدي على مدى بعيد إلى تغيير الخريطة السياسية بالبلاد. ويبقى حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، المستفيد الوحيد من هذه التطورات، خاصة وأن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية وتشريعية سنة 2004، وهو ما جعل العديد من المراقبين يتهمون الحكومة بتغذية الخلافات والصراعات داخل الأحزاب، وخاصة تلك التي يحق لقادتها الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في مواجهة الرئيس الحالي زين العابدين بن علي (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 10 أكتوبر 2003) « Une lecture non silencieuse transforme l’interview de Abdellatif Makki en un sujet de débat » par: Mourad Harsi, Conseiller juridique, Tunisie (A W Hani)
قراءة غير صامتة حولت حوار عبد اللطيف المكي إلى موضوع نقاش
مراد حارسي* مستشار قانوني / تونس
قرأت مقالة الصحفي الطاهر العبيدي قراءة غير صامتة في طروحات الدكتور عبد اللطيف المكي المقالة التي تشبه الأنهارالصامتة فوجدتها أفصح بيانا من موضوع تحليلها حتى أنها استنطقته إلى حد أن النص امتلك منهج الموضوع وعنان الصامت وأحسب أن صاحب المقالة الأم لن يجد إطارا أجمل مما ألهمه إياه…قراءة سياسية نموذجية حتى وإن اعترى الأطروحة بعض الوهن الذي وقع تجميله بالتوصيف الذاتي لكن التحليل كان من الجنس بمكان حتى ظننتني أتابع المشهد من خلال مآزق الهوية لعلي حرب الذي يمتاز على غيره بهذا التفتيت و التفكيك . غير أني أعزي وهن الأطروحة إلى تداعي الأفكار في المقالة الأم(ربما) والتي تحتمل- على خلافها- ذات التدليل إلى الاستنتاج… إن السقوط في مأزق التبرير عالجته قيمة الأطروحة فيكفي النص محوريته وفاعلية الراهن و حجم حساسيته بالنسبة للمشهد الخاص السياسي لإقليم بعينه مقارنة بالمشهد العام السياسي للخارطة الكبرى… أقول وهذا ما يجب أن نرابط فيه، إن التحليل كان فوق الأطروحة وسهل الاستنتاج، وأكثر من ذلك أنه من المقدرة بحيث غطى كل مكامن الضعف في المواضع الأخرى..وأكثر من ذلك حول بعضها- بطريقته المتميزة- إلى محاور رئيسة للنقاش حتى وإن لم يعن بإرشادها إلى الاستنتاج ووقع تهميشها بطريقة ذكية قبل أن تصل إلى مفاوضة التأليف و المرور إلى الاستنتاج…حيث أن القراءة كانت تحليلا من الجنس المتماسك والمتميز حتى عانق الإبداع حتى أنني والحق يقال – وأقول ذلك من باب المعتني بقراءة نصوص الفكر الحضاري – أكاد أتحسر على كل نقلة من تفكيك إلى آخر وهذا ما يجب أن ينتبه إليه و يعنى به أيما اهتمام لأن في هذا المجال يبدي الصحفي الطاهر العبيدي قدرة عظيمة تضاهي القراءات النصية التي تمتلك سوق الأفكار و المناهج. هذا ما يخص القراءة وأتمنى أن يستأثر التحليل القادم بأطروحة تخصه و من بنات أفكاره و يرخي لها العنان في التفكيك وأحسب المحصول وفيرا..حيث أن القراءة قد فعّلت الحوار ونفضت عنه غبن الحصار وأعادت الأمور إلى نصابها وأخرجت للسطح طروحات عبد اللطيف المكي التي تمتاز بنبرات الصدق والمشروعية والأولوية والأسبقية مما جعل الكثير يقتنص هذه الأفكار ليبني عليها وجهات نظر شخصية باسم الوطنية دون ذكر أن المصدر الأساسي هو أن ينابيع هذه الأفكار من نتاج المناضل عبد اللطيف المكي الذي لم يعبر عن شخصه بل عبر عن حس وطني وعن مجتمع يعيش تحت الحصار…
Maghreb Centre for Research and Translation المركز المغاربي للبحوث والترجمة إصدار جديد:
البرزخ (رواية) تصوير في غاية الإبداع لتجربة السجن والمحنة
العنوان: البرزخ الكاتب: سمير ساسي الناشر: المركز المغاربي للبحوث والترجمة- سلسلةالينابيع الطبعة الأولى: أكتوبر 2003 يتشرف المركز المغاربي للبحوث والترجمة، وفي إطار « سلسة الينابيع » التي استحدثها أخيرا، أن يعلن عن إصدار رواية تحت عنوان « البرزخ » للكاتب والأديب التونسي سمير ساسي. اختار الروائي المتألق سمير ساسي عنوان « البرزخ » لروايته، لأن البرزخ كما يعرفه اللغويون هو ما بين كل شيأين، وهوالحاجز بين الشيأين، فقد كانت رواية سمير ساسي، شهادة قبل الشهادة. شهادة على حقبة مظلمة ارتمت فيها البلاد، وزنزانة معتمة رمي فيها العباد. الرواية التي نسجها صاحبها/ السجين الحي، والسجين الحر، من تجربة فردية/ جماعية بدأت ولم تنته. الموت لا يأتي، والعذاب لا ينته، وبين هذا المشهد التراجيدي وذاك، يتراءى البرزخ الذي بأتي ولا يأت، وتزيد الأوجاع، ويتحول الإنسان إلى كومة من الأشباح، تعيش فيه صراعات الماضي والحاضر والمستقبل، تتزاحمه جميعا وتقبل عليه جميعا كلها، لا يردها إلا رنين السلاسل، ورعشة الحياة، بعد مشاهد العذاب التي لا تنتهي، يعيشها، و يراها، ويسمعها. « لكن الموت أمنية لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم، إذ لما أفقت من لسعة عمود من خيام عاد، وجدتني معلقا بين السماء والأرض، كشاة علقت للسلخ. أغطس المرة تلو الأخرى في ماء آسن يقطع طعمُه الأمعاءَ، وكدت أصيح لكني تقيأت، فأنزلت أرضا، يلاطفني السوط، فيتخذ من جسدي لوحة يرسم عليها ما أبدعته يد الجلاد صعودا ونزولا، وتركلني أرجل الجلادين من حولي على لحن سباب تعزفه ألسنة لم تجد غيره لحنا »(ص 27). أعواد المشانق، وظلمة الزنازين، وسياط الجلادين، وكل الممارسات اللإنسانية التي يتخيلها البشر، ولا يتخيلونها قد تناوش الأجساد المنهكة، وقد تنهش من أجسام المناضلين، بل وقد تحيلها إلى أكوام هامدة لا حراك فيها ولا حياة، ولكن لا شك أنها لا تناوش الروح، ولا تزلزل الإيمان بقضية عادلة، أو إصرار على الحرية، بل لعلها تزيد منها قناعة وبها تشبثا. ولا يتردد الكاتب في التعبير عن إصراره « إنما أكتب إليك لتقر عينك، حين تعلم أن الطريق لم تخل يوما من السالكين، ولتتعظ بما فعلوه وما أخطأوا في فعله، ولأجهدن نفسي لأكون ناقدا بصيرا مخبرا لك، كأنك المعاين فإذا وصلتك رسالتي هذه، فأقبل عليها إقبال محب لاقى حبيبه بعد طول غربة، وأنظر فيها نظرة عاقل لم تلهه لذة العسل عن إدراك خطر الحية »(ص8). هكذا يؤدي الروائي شهادته. شاهدا على فضيحة السجن، وفضيحة السجان، فضيحة الصمت، وفضيحة التواطئ. وما أبشع أن يشعر السجين، والمنفي أنه منسي فـ »اذكرني عند ربك ». للحصول على الرواية يمكن الاتصال بالمركز المغاربي على العنوان التالي: Maghrebcentre@hotmail.com المدير العام جلال الورغي
الانبهار بالغرب من قبل قيادات سياسية ولّد هجوماً غير محتشم علي العروبة
كيف استهدف العهد البورقيبي الهوية الاسلامية في تونس؟
بقلم: د. محمود الذوادي الانبهار بالغرب من طرف القيادة السياسية التونسية بزعامة الرئيس بورقيبة لفترة ما بعد الاستقلال ليس بالظاهرة الفريدة في حد ذاتها في العالم العربي والإسلامي المعاصر وان ما يميزها عن غيرها من ردود الفعل عند القيادات السياسية العربية الاخري في المشرق والمغرب العربيين هو درجة شدة انبهارها بالغرب من ناحية وهجومها غير المحتشم علي العروبة والاسلام من ناحية اخري. وهو الامر الذي دفع بتونس بعد تحول السابع من نوفمبر بان تنادي وتعمل علي اصلاح ذات البين بين التونسيين ومعالم هويتهم العربية الاسلامية، وهكذا يمكن القول بان القيادة السياسية التونسية بزعامة بورقيبة تتشابه كثيرا مع القيادة السياسية التركية بزعامة مصطفي كمال اتاتورك. علما ان هجوم هذا الاخير علي الإسلام كان أشرس من الذي قام به بورقيبة. فدعنا نتعرف بشيء من التفصيل علي بعض مظاهر تعامل القيادة السياسية التونسية في ظل العهد البورقيبي مع عناصر الهوية العربية الاسلامية للشعب التونسي. باديء ذي بدء لابد من الاشارة إلي ان دستور الجمهورية التونسية يعلن صراحة في اول بنوده عن طبيعة الهوية الجماعية للشعب التونسي فيقول تونس دولة مستقلة، دينها الإسلام ولغتها العربية هي شهادة من السلطة الحاكمة الجديدة بعد الاستقلال مباشرة بان الهوية الجماعية للشعب التونسي هي هوية عربية اسلامية في الصميم، اي ان انتماء هذا الشعب هو في المقام الاول انتماء إلي العروبة والاسلام، هكذا اكدت القيادة السياسية التونسية الجديدة برئاسة الحبيب بورقيبة علي الهوية العربية الاسلامية للشعب التونسي علي المستوي النظري أو علي مستوي المباديء العامة. فدعنا ننظر الان إلي مدي تطبيق ذلك التوجه في دنيا الواقع الملموس من طرف تلك القيادة السياسية بخصوص انتساب المجتمع التونسي إلي العروبة والاسلام. أ ــ التعامل مع الاسلام: ولنبدأ بتعامل هذه القيادة السياسية الجديدة مع قطب الإسلام في الهوية العربية الاسلامية للشعب التونسي. ولا حاجة هنا إلي القيام بجرد كامل لكل المواقف والسياسات التي تبناها نظام الحكم في العهد البورقيبي ازاء الإسلام ومما له علاقة به. بل نكتفي بذكر خمسة امثلة نعتبرها مؤشرات ذات دلالة واضحة علي طبيعة علاقة السلطة التونسية الجديدة مع الاسلام. 1 ــ لقد قام الرئيس بورقيبة في اوائل الستينيات من هذا القرن بدعوة الشعب التونسي إلي الافطار في شهر رمضان. اذ ان ذلك يساعد في نظره علي كسب رهان عملية التنمية بالمجتمع التونسي. وبذلك يكون بورقيبة الزعيم الوحيد في العالم العربي المعاصر الذي يعلن علي الملأ ضرورة الافطار في رمضان للتغلب علي صعوبات التنمية. ويكون هو ايضا الرئيس العربي الوحيد الذي اجهر بالافطار امام العموم في بعض المناسبات. وقد ناشد الرئيس بورقيبة شيوخ وعلماء مؤسسة جامع الزيتونة لاصدار فتوي في ذلك تبرر وتعطي الشرعية لنداء الرئيس بالافطار في شهر رمضان، ولكن لم تكلل مساعي الرئيس بورقيبة بالنجاح في ذلك في نهاية الامر ولابد ان يكون رفض شيوخ وعلماء جامع الزيتونة سببا رئيسا في تردي العلاقة بين السلطة الحاكمة بقيادة بورقيبة وبين مؤسسة جامع الزيتونة. 2 ــ عملت القيادة السياسية التونسية علي تحجيم دور جامع الزيتونة كمؤسسة تربوية. فتم وضع حد للتدريس والتعليم في المرحلة الثانوية بها مع منتصف الستينيات، وبذلك تحول جامع الزيتونية إلي مؤسسة تعليم عال فقط متمثلة في انشاء ما اصبح يسمي بكلية الشريعة واصول الدين (2). 3 ــ وكما اشرنا سابقاً فان نظام الحكم في تونس تحت القيادة البورقيبية كانت تهيمن عليه سلطة اصحاب القرار ذوي التكوين المزدوج الثقافة أو التكوين الثقافي الاكثر تفرنسا، فاقصيت بذلك النخب الزيتونية وتلك التي اكلمت تعليمها العالي بالمشرق العربي من تولي المسؤوليات الهامة في المجتمع. فارسيت بذلك ما يمكن ان نسميه بتقاليد التمييز الثقافي في الوظيفة وتحمل المسؤولية بالمجتمع التونسي الحديث. فاذا كان المجتمع الامريكي ينتقد بسبب سياسات التمييز العنصري المستندة علي اللون، فانه يمكن القول بان العهد البورقيبي قد دشن هو الاخر سياسة الاقصاء الجزئي من عدد كبير من الوظائف والاقصاء الكلي من تحمل المسؤوليات الكبري من قتل التونسيين اصحاب التكوين الثقافي العربي الإسلامي والمتمثل في خريجي جامع الزيتونة وجامعات المشرق العربي. وهكذا يمكن تصنيف هؤلاء علي انهم يمثلون اقلية مهمشة في التركيبة الاجتماعية للمجتمع التونسي الحديث. وكأي اقلية تشكو من اللامساواة فهي مرشحة لكي تصبح مصدر معارضة ومجابهة مع الحكم. ان لمعاملة النظام البورقيبي لهذه الفئة من التونسيين بالاقصاء والتهميش لا لاشيء سوي تكوينهم الثقافي العربي الإسلامي اكثر من دلالة بخصوص موقف هذا النظام من الهوية العربية الاسلامية للشعب التونسي. فممارسة التهميش والاقصاء، لا تنم بالتأكيد علي ان القيادة السياسية التونسية بزعامة بورقيبة ترحب بكل ما هو عربي واسلامي. 4 ــ لعل اكثر تشريعات القيادة التونسية الجديدة شدا للنظر هي اصدارها لما يسمي بمجلة الاحوال الشخصية والتي تقرر فيها اصدار قانون منع تعدد الزوجات في المجتمع التونسي. وهو قانون تنفرد به تونس بين كل المجتمعات العربية الحديثة. بالنسبة لتحسين وضعية المرأة الاجتماعية والرفع من مستوي حماية حقوقها المدنية في مجتمع عربي اسلامي متخلف. ومع ذلك فان تقييما اكثر موضوعية لهذا القانون يحتاج إلي معرفة ما ترمز اليه القيادة السياسية من القيام بذلك. فالتشريع الجديد يشير بالبنان إلي انجذاب القيادة البورقيبية إلي روح القوانين الغربية من ناحية وعدم مصالحتها علي الاقل مع روح الفقه الإسلامي التقليدي الغير الاجتهادي، من ناحية أخري ومن ثم فاصدار قانون منع تعدد الزوجات لا ينبغي ان يفهم علي ان تحرير المرأة التونسية هو الهدف الاول والاخير منه. بل يجوز الافتراض بان القصد الرمزي لهذا التشريع يتجاوز ذلك فيمكن النظر إلي هذا التشريع علي انه يمثل محاولة تقريب تشريعات المجتمع التونسي من تشريعات المجتمعات الغربية من جهة وابعادها قدر المستطاع عبر الرموز التشريعية عن الانتماء الإسلامي من جهة ثانية. ومن هذه الخلفية لا يتحمس كثيرا المفكر التونسي الأستاذ محمد الطالبي لقانون تعدد الزوجات وذلك لسببين: (1) ان زواج الرجال من اكثر من زوجة في المجتمع التونسي ظاهرة محدودة جدا. اي انها لا تمثل مشكلة اجتماعية بالمعني السوسيولوجي والاحصائي للكلمة. كما ان نسبة الفتيات التونسيات الحاملات خارج اطار الزواج لا تعتبر مشكلة اجتماعية مقارنة بنسبة نظيراتهن في المجتمعات الغربية الحديثة كالمجتمع السويدي والفرنسي والامريكي والكندي، فان ظاهرة تعدد الزوجات لم تكن هي الاخري بتلك الخطورة في واقع المجتمع التونسي حتي يؤخذ قرار الحظر بتلك السرعة التي تم بها. انا اذكر ان تعدد الزوجات عندما كان مسموحا به في تونس، لم يكن معني ذلك ان كل تونسي متزوج باربع نساء، لان ذلك يستدعي ان يكون عدد النساء في تونس يفوق اربع مرات عدد الرجال، وهذا ما لم يوجد اذن كان التعدد أمراً شاذاً ولقد كان الغرض من التعدد معالجة الحالات الشاذة .. ففي نظر الأستاذ الطالبي لم يكن هناك ما يدعو إلي الفزع والتعجب وانا اطرح سؤالاً هو: هل الافضل ان نعالج الحالات الشاذة عن طريق إباحة الزنا أو إباحة التعدد؟ انه لا ينبغي ان يُفهم من قولي اني ادعو إلي العودة إلي نظام تعدد الزوجات، كل ما في الامر هو اني الاحظ ان تعدد الزوجات لم يكن قضية في تونس. وذلك أنه لم يكن القاعدة بل الشذوذ. وهذا ما يَسَّرَ في اصدار قانون منع تعدد الزوجات وهذا ما يدعونا ايضا إلي التواضع، والا نتحدث بلغة القداسة علي هذا (المكسب) أنا ادعو بقوة والحاح إلي احترام المرأة والعدل والمعادلة بينها وبين الرجل في كل الميادين بدون استثناء. واعتقد اعتقاداً راسخاً ان الإسلام يهدف إلي ذلك في مقاصده. هي القاعدة الاساسية التي منها ينبغي ان تنطلق، غير اني ارفض ان ادين الإسلام لانه يبيح ــ لا يفرض ــ تعدد الزوجات والمباح يمكن ان يؤخذ كما يمكن ان يترك، حسب الظروف والملابسات وما تقتضيه المصلحة ويفرضه الوضع. فالآية الشهيرة في هذا الميدان (النساء 3/4) واضحة: فهي لا تحرم تعدد الزوجات ولا تفرضه وانما نتيجة إباحة احتراز فيها تحريض علي الفردية الزوجية وتفضيل لها لاستحالة العدل. فالعدل بين المرأة والرجل بحق لو انه تم في ظروف مجتمعية كان تضامناً واستقراراً يقتضي الفردية الزوجية انطلاقا مما سبق يمكن لنا ان نمنع مباحا ــ لا ان نحرمه ــ فنمنع تعدد الزوجات طبقا لإرادة مجتمعنا.. من دون ان ندين الإسلام ولا المجتمعات الاخري التي لها اختيارات تختلف عن اختيارتنا انطلاقا من واقعها، وتحليلها لهذا الواقع، فلا الحرية ولا الحق مقصوران علي مجموعة دون اخري. وذلك لان جوهر القضية لا يهم القاعدة وانما الشذوذ (3). ففي نظر الأستاذ الطالبي لم يكن اذن هناك ما يدعو إلي الفزع والتعجل في اصدار قانون منع تعدد الزوجات اذ ان نسبة القران من اكثر من زوجة تبقي دائما نسبة ضئيلة بحيث لا تؤدي إلي اختلال التوازن الديمغرافي بين الجنسين. فالقانون كان يمكن ان يكون ثوريا بحق لو انه تم في ظروف مجتمعية كان تضامن واستقرار وسلامة المجتمع التونسي مهدداً فعلاً بسبب عامل تعدد الزوجات ولكن ليس هناك ما يدل علي ان الامر كان كذلك. وهكذا فتبني تشريع منع تعدد الزوجات يمثل ملمحاً من ملامح انبهار القيادة البورقيبة بالغرب اكثر من كونه نتيجة لوضع اجتماعي متفاقم في المجتمع التونسي كان لا يسمح بأخذ الوقت لدراسة القضية والبت فيها بعد التروي والنظرة الشمولية (2). يري الأستاذ الطالبي ان إباحة تعدد الزوجات في الإسلام يُعد استراتيجية لمعالجة الشذوذ البيولوجي الجنسي عند معشر الذكور للجنس البشري. وهذا الشذوذ البيولوجي هو الذي يستدعي التماس حلول منقوصة ومتنفسات يستحيل ان تكون مثالية ومرضية تماما من قبل الجميع ومن طرف كل المجتمعات والمجموعات علي حد سواء، وفي كل الازمنة والامكنة بلا خلاف. فعلاج الشذوذ الجنسي يؤدي حتما إلي حلول منقوصة. الحضارة الاسلامية التمست هذا الحل في نظام عائلي وجدته ولم تخترعه، وهو نظام تعدد الزوجات الذي لم تحرمه واكتفت بتهذيبه والحد منه وادخال عديد الضوابط عليه، واخضاعه للعدل مع التحريض صراحة علي الفردية الزوجية باعتبارها النظام الافضل بالنسبة للزوجة والزوج علي حد سواء.. فنظام تعدد الزوجات كحل استثنائي ومنقوص وكعلاج للشذوذ الجنسي، انما يهدف في الحقيقة إلي حماية الام والابناء، اذ يلزم الرجل تحمل مسؤولية علاقاته الجنسية ادبياً ومادياً، ولا تترك له ذريعة للتهرب منها (4). فادانة الإسلام والهجوم عليه في مسألة إباحة تعدد الزوجات لا يمكن تبريرهما اذا ما نظر إلي القضية علي انها مجرد علاج منقوص للشذوذ البيولوجي عند الرجال.. وهو افضل في نظر الأستاذ الطالبي لمعالجة الشذوذ من افساح المجال لتفشي ظاهرة إباحة الزنا (5). فقرار منع تعدد الزوجات قرار، في رأي الأستاذ الطالبي، تنقصه الرؤية ويفتقد إلي الموضوعية. فهو من ناحية متأثر في العمق بانبهار بورقيبة ورجال ونساء نظامه بالحضارة الغربية، وهو من ناحية ثانية، قرار لا يخلو من عدم التعاطف مع الإسلام وربما حتي العداء له. وهكذا فتشريع منع تعدد الزوجات فيه اكثر من رمز، وبالتعبير السيولوجي، هناك رمز ظاهر ورمز خفي. فالظاهر يرمز إلي الرفع من مكانة المرأة الاجتماعية والرمز الخفي يتمثل في ادانة الدين الإسلامي الذي يتخذ موقفاً مختلفا عن الغرب بخصوص مسألة إباحة تعدد الزوجات. 5 ــ اختار نظام الحكم في تونس منذ فجر الاستقلال يوم الأحد يوم العطلة الاسبوعية وجعل من الجمعة والسبت يومي عمل في الدوائر الحكومية وذلك حتي الساعة الواحدة ظهرا بالنسبة ليوم الجمعة والواحدة والنصف بالنسبة ليوم السبت. لقد ارتبطت ايام العطل بالهوية الدينية للافراد والجماعات في العديد من الثقافات والشعوب. فيوم الأحد هو يوم الراحة الاسبوعية للشعوب المتدينة بالديانة المسيحية. ففي هذا اليوم يذهب عدد اكبر من المسيحيين إلي الكنائس قصد التعبد والاستماع إلي خطب رجال الدين علي منابر تلك الكنائس . فيوم الأحد هو يوم الاله كما تعبر عن ذلك العبارة الفرنسية Le Jour du seigneur وبهذا الاعتبار فيوم الأحد علي المستويين الشعوري واللاشعوري يمثل عنصرا من العناصر المكونة للهوية الجماعية المسيحية. اما يوم الراحة الاسبوعية بالنسبة للشعب اليهودي فهو يوم السبت. فالسبت هو يوم العطلة الاسبوعية الرسمية في دولة اسرائيل. وان العديد من اليهود افراد وجماعات خارج اسرائيل يحترمون علي الاقل بعض الطقوس الدينية المقترنة بيوم السبت في الديانة اليهودية كالامتناع عن سياقة السيارات والخياطة بالنسبة للنساء اليهوديات والقيام بالتسوق والشراء. ويحضرني هنا مثال رواه لي زميل كندي ذو ديانة يهودية يبرز بكثير من الوضوح علاقة يوم السبت (اليوم المقدس عند اليهود) بالهوية اليهودية عند الفئات اليهودية المحافظة علي الخصوص. فيحكي انه خرج يوم سبت لشراء بعض المرطبات لأسرته في احد الاحياء بمدينة منتريال. وعند خروجه من مكان بائع الحلويات التقي بشاب يهودي ينتمي إلي اليهود المتزمتين والذين ينحدرون مما كان يسمي ببلدان اوروبا الشرقية. وهي فئة تلبس ثيابا محافظة بالنسبة للنساء والرجال. وطالما يطلق الرجال لحاهم والشباب الذكور شعر رؤوسهم بحيث تنزل خصائل شعورهم علي آذنهم. وكان لقاء الاثنين عند اشارة الضوء في مفترق شارعين. وعندما اقترح الزميل باللغة العبرية علي الشاب ان ينتظر اشارة الضوء الخضراء قبل عبور الشارع، كان رد الشاب ردا غاضبا وكأنه يقول للزميل انا لا اقبل نصيحة يهودي مثلك يتسوق ويشتري المرطبات (التي كان يحملها) في يوم السبت المقدس . اي ان هوية الزميل لا يمكن ان تكون هوية يهودية حقيقية كاملة طالما انه لا يحترم طقوس يوم السبت المقدس. اما يوم الجمعة فهو يوم العطلة الاسبوعية الرسمية لكل المجتمعات العربية ذات الاغلبية المسلمة في المشرق والمغرب العربيين. واذا كانت ايام العطل ذات معني رمزي بالنسبة لهوية الفرد والمجتمع كما رأينا في المجتمعات المسيحية وعند اليهود في اسرائيل وعند بعضهم خارج اسرائيل فالتساؤل يبقي مطروحا بالنسبة لمدي تأثر الهوية التونسية الجماعية بهذا الخليط من يوم الأحد ومن اقل من نصفي يومي الجمعة والسبت كأيام عطلة في كل اسبوع. فمن المؤكد ان العطلة الاسبوعية التي يتمتع بها التونسي يوم الأحد لا تجعله يشعر بانه قد صار ذا هوية مسيحية وربما ان اقصي ما تفعله فيه هو شعوره بالحداثة. اذ ان المجتمعات الغربية المعطلة كل احد هي مجتمعات حديثة وعصرية. اما بالنسبة لعطلته يوم الجمعة ابتداء من الواحدة بعد الظهر فيبدو انها لا تقترن بقوة في ذهنية التونسي بمسألة الجانب الإسلامي للهوية التونسية. فالتونسي، من ناحية، يعطل لبعض ساعات فقط بعد الظهر وهو من ناحية أخري يتمتع بالراحة لنفس تلك الساعات تقريبا يوم السبت. اي ان يوم الجمعة لا يكاد يتميز من حيث عدد ساعات الراحة فيه عن يوم السبت الذي هو يوم العطلة لليهود كما رأينا، وبفقدانه للتميز عن يوم السبت علي هذا المستوي فانه من الصعب القول ان عدم العمل بعد الواحدة بعد الظهر في أيام الجمعة يساعد تلقائيا علي تعزيز الشعور والانتماء للهوية الاسلامية عند التونسي. ومما سبق فان هذا الخليط من اقل من نصف الجمعة والسبت ــ ومن يوم كامل الأحد كعطلة اسبوعية ــ لا يكاد يساعد بالمرة علي تعزيز الجانب الإسلامي في الهوية الجماعية التونسية. والاغلب انه يعمل اكثر علي تعميق الشعور بالتذبذب والضياع في الجانب الإسلامي للهوية عند التونسيين افرادا وجماعات. احالات: 1 ــ عبد الحميد الكاتب ــ حكاية اتاتورك والاسلام، دار اخبار اليوم (مصر) كتاب اليوم العدد 344. 2 ــ لقد اعطي قادة تغيير السابع من نوفمبر اسم الجامعة الزيتونية كلية الشريعة واصول الدين. 3 ــ الطالبي، محمد « عيال الله، افكار جديدة في علاقة المسلم بنفسه وبالاخرين »، تونس، دار سراس للنشر 1992. ص 124 ــ 125. 4 ــ المصدر السابق ص 126 (5) المصدر نفسه ص 125. 5 ــ الذوادي ، محمود، في سوسيولوجيا اسباب نجاح وتعثر توطين اللغة ــ مجلة (المستقبل العربي) عدد 1990/142 ص 45. (المصدر: موقع نهضة.نت – أكتوبر 2003)
L’Ijtihad face à la modernité Par: Zyed Krichen La religion est une chose tellement importante qu’on ne peut la laisser aux seuls docteurs en théologie. *** Le rassemblement annuel des prédicateurs de toute la Tunisie s’est tenu récemment à Monastir. Le thème de cette année était “Les voies de l’Ijtihad, chez Ech-Chatibi, Ben Achour (Tahar) et El Fassi”. Au-delà de la dimension théologique de cette problématique et de son aspect souvent “technique”, il nous appartient de nous interroger sur le sens que peut avoir l’Ijtihad et sur sa capacité à engager la véritable réforme de l’Islam qui tarde à venir. Pour nombre d’intellectuels et penseurs musulmans, le retard historique de notre civilisation serait dû à la “fermeture (ou plutôt clôture) de la porte (voie) de l’Ijtihad”, œuvre supposée du grand philosophe et soufi Al Ghazali au sixième siècle de l’Hégire (12ème siècle de l’ère chrétienne). La renaissance de l’Islam reviendrait en fin de compte à la levée de ce scellés et à la réactivation de l’Ijtihad. Mais qu’est-ce que l’Ijtihad ? C’est l’effort intellectuel fourni pour connaître ou approcher un jugement divin en l’absence d’un texte sacré authentifié (ceci est valable pour les hadiths du Prophète) et dont le sens est univoque. Cette pratique n’est pas totalement libre. Les juriscconsults dont le plus célèbre est Ech-chatibi, ont délimité ses fondements et ses champs d’application. La question fondamentale est celle-là : l’Ijtihad, tel qu’il est défini aujourd’hui par l’écrasante majorité des théologiens, est-il capable de répondre aux questions de notre temps et aux attentes de la majorité des Musulmanes et Musulmans ? Il y a certes des réponses syncrétiques courageuses et audacieuses, telle que l’abolition de la polygamie en Tunisie. Mais la technique qui consiste à partir d’une réponse préalablement admise pour trouver un cheminement, souvent tiré par les cheveux, qui la justifie, ne peut ni convaincre par sa cohérence théorique ni faire face aux différents défis de la société moderne. C’est ce syncrétisme, souvent mal assumé, qui explique les silences gênés des autorités religieuses de notre pays quand il s’agit de pratiques qu’elles n’arrivent pas à condamner ou à approuver, ni au nom de l’Ijtihad ni au nom de la modernité. La cohérence doctrinale veut que toute pensée dérivant de l’Ijtihad soit prisonnière de l’univers intellectuel médiéval. Que demande-t-on à l’Islam aujourd’hui ? De légiférer dans la vie sociale, économique et politique, car la religion et l’Etat étaient intimement liés dans notre histoire, ou de reconnaître l’autonomie des champs social et spirituel ? En d’autres termes, le Faqih du “licite et de l’illicite” a-t-il encore sa raison d’être ? Peut-on réconcilier une pratique, même rénovée de l’Ijtihad, avec une culture des Droits de l’Homme ? L’exemple des châtiments corporels est significatif à cet égard. L’Ijtihad, moderne, peut-il réfuter les “hududs”, et si oui, au nom de quels principes et de quelle cohérence ? Bien entendu, si l’Ijtihad perpétue par définition la pensée classique, l’Ijtihad de l’Ijtihad peut opérer une rupture radicale. Du coup, ni Ech-Chatibi ni Tahar Ben Achour ni Allah al Fassi ne peuvent nous servir de guide. L’Ijtihad libérera la pensée islamique du syncrétisme et redéfinira le message de l’Islam aujourd’hui. Il est criminel de réduire l’énergie morale et spirituelle de l’Islam à des images figées par de longs siècles de décadence. L’Islam, comme toutes les grandes religions, n’est ni moderniste ni réfractaire à la modernité. Le message d’une religion, c’est d’abord l’image que renvoient ses adeptes même. La Tunisie, pays précurseur dans bien de domaines, mérite une pensée islamique réellement innovante. Une pensée qui n’hésite pas à affronter les difficultés. Il est malsain que le discours fondamentaliste soit sans véritable concurrent dans les mosquées, les écoles, les mass-médias et la société tout entière. Libérer le discours religieux des carcans de la décadence est plus qu’une nécessité. La Renaissance de l’Islam est à ce prix. (Source: Réalités N°928 du 10 octobre 2003)
HAMMAM-CHATT, UN 1er OCTOBRE 1985…Un crime impuni Par : Noura Borsali Le 1er octobre 1985, la Tunisie a été victime d’un raid israélien visant le QG de l’OLP qui avait élu domicile, depuis son départ forcé de Beyrouth en septembre 1982, à Hammam-Chatt situé à 28 kilomètres au Sud de la Capitale. Ce raid a été qualifié de “ violation inadmissible des règles du droit international ” et d’“acte de terrorisme d’Etat ” et condamné vivement tant par les Tunisiens que par la communauté internationale, à l’exception des Etats-Unis. Le “ revirement ” de l’Administration Reagan a abouti à l’abstention américaine au Conseil de Sécurité. La résolution adoptée, tout en condamnant l’acte d’agression israélien, a estimé que la Tunisie a droit à des réparations. Dix-huit années se sont écoulées depuis le 4 octobre 1985, date de l’adoption de la Résolution 573. Qu’est-il alors advenu de ce texte qui fut salué à l’époque comme un “ triomphe ” de la diplomatie tunisienne? Dans la matinée du mardi 1er octobre 1985, Tunis était sous l’effet de grondements effrayants et de bruits assourdissants d’explosions retentissant dans sa banlieue Sud. Des bombardements aériens de l’aviation israélienne pleuvaient sur les installations palestiniennes de Borj Cedria, larguant, à quelques minutes d’intervalle, leurs bombes d’un poids de 2.000 à 2.500 pounds (un pound = 400 gr environ) selon certaines sources, et de 1.000 pounds selon la lettre du gouvernement tunisien au Conseil de Sécurité de l’ONU. Huit mirages volant à basse altitude avaient effectué, de leurs bases, 4.800 kilomètres aller-retour. Un spectacle de désolation et d’horreur Trois assauts successifs de l’aviation de Tsahal accomplis avec une telle précision qu’après quelques poussières de minutes, il ne subsistait plus rien du QG de l’OLP transformé en champ de ruines. Une fumée emplissant le ciel d’où des avions, avant de disparaître, larguaient des ballons-leurres destinés à déjouer la défense aérienne. Bâtiments en miettes, voitures brûlées. Le quotidien Le Temps avait titré dans son édition du 2 octobre : “ Des décombres… des cadavres. La mort est passée par là ” et décrit comme suit le spectacle désolant : “ Chaussées défoncées, arbres jonchant le sol, voitures calcinées, pans de murs parsemés d’éclats et plusieurs bâtiments complètement rasés, c’est ce qu’ont laissé derrière eux les six F16 israéliens qui ont pilonné hier matin, la paisible localité de Hammam-Plage, siège du commandement de la Résistance palestinienne ”. De nombreuses victimes tunisiennes et palestiniennes gisaient à ras le sol et sous les décombres. L’hebdomadaire français L’Express rapportait, dans sa livraison du 11 octobre, la panique et l’affolement de la population : “ Des cris surgissent de partout. Des mourants et des morts, déshabillés par le souffle, ont le corps noirci de brûlures… ”. “ Mon fils a été décapité ”, s’écria la mère de Mahjoub Jellab tué à l’âge de 16 ans “ complètement décapité, et la jambe gauche arrachée par les effets des éclats de bombes ”, assura, au quotidien Le Temps, la mère qui a fini par retrouver son fils à la morgue de l’hôpital Habib Thameur décrite par Jeune Afrique (du 16 octobre) comme “ un vulgaire frigo de boucherie ” où “ gît (parmi d’autres) un jeune corps serré dans un jeans, le crâne fracassé ” ; “ des membres épars, bras et jambes, censés lui appartenir, sont amassés au pied de la civière ”. Une horreur indicible. Un raid de représailles L’opération-exploit revendiqué par Israël, tout comme le fameux raid d’Entebbe de 1976, en Ouganda (à 3.500 km de Tel-Aviv) pour libérer des Israéliens retenus par des pirates de l’air, avait été considérée à cette époque comme “ haut fait du palmarès de Tsahal ” et comme “ un des raids de représailles les plus spectaculaires jamais effectués par l’aviation israélienne ”. Elle surprit plus d’un observateur par sa prouesse technique, sa précision et sa rapidité et fut qualifiée par la presse occidentale comme “ le raid le plus audacieux de l’histoire ” israélienne. “ Tous les avions israéliens ont regagné leur base, indemnes. Les pilotes ont déclaré avoir atteint avec précision leurs objectifs ”, a précisé le communiqué du commandement militaire israélien. Le cynisme des commanditaires de cette opération avait alors suscité de nombreuses réactions des capitales occidentales et arabes ainsi qu’une vague d’indignations et de protestations à travers le pays, voire dans les rangs des étudiants destouriens que Bourguiba aurait autorisés à manifester leur mécontentement. Selon le quartier général israélien, ce raid, minutieusement préparé, était une riposte contre l’attentat commis le 25 septembre, le jour du Yom Kippour, fête du Grand pardon, à Larnaca (Chypre), contre trois plaisanciers israéliens et revendiqué par la Force 17. Il visait les locaux ex-territoriaux dont l’OLP disposait à Tunis : le bureau de Arafat, un autre abritant le Q.G. du Fatah et un troisième abritant le bureau de la Force 17, le service secret de l’OLP qu’Israël accusait d’être responsable de l’attentat de Larnaca. Et même si Rabin avait tenu à préciser que l’opération israélienne ne visait ni la Capitale tunisienne, ni une éventuelle confrontation avec le Président Bourguiba, la Tunisie, se sentant humiliée et agressée dans sa souveraineté, déposa une plainte au Conseil de Sécurité qu’elle saisit d’urgence et engagea une bataille diplomatique auprès de l’ONU visant à obtenir la condamnation de l’Etat d’Israël ainsi que des “ réparations appropriées comme suite aux pertes en vies humaines et aux dégâts matériels dont elle a été victime ” (Voir texte de la Résolution) tout en agitant la menace de sanctions obligatoires. Pour Béji Caïd Essebsi, alors ministre des Affaires Etrangères, il s’agissait d’un “ acte de terrorisme ” contre une “ zone urbaine où résident des familles tunisiennes et un nombre réduit de civils palestiniens ”. La Tunisie à l’ONU La question qui préoccupait le Président Bourguiba, ami fidèle des Etats-Unis, demeurait la position de ce pays vis-à-vis du raid et le véto américain appréhendé à un moment où l’opposition, toutes tendances confondues, reprochait au gouvernement son alliance avec Washington et exigeait la rupture des relations diplomatiques avec les Etats-Unis, où le sentiment anti-américain se renforçait dans l’opinion publique exaspérée par le manquement des médias vis-à-vis de la couverture de la tragédie (voir communiqué de la LTDH du 1er octobre, signé par Dr Slahedduine Zmerli) et où le différend avec la Libye ainsi que la situation sociale du pays risquaient de mettre le feu aux poudres. La Maison-Blanche avait en effet approuvé, le jour même, le raid israélien le qualifiant de “ légitime contre des actes de terrorisme ”. “ Pour la politique des Etats-Unis, des représailles contre des attaques terroristes sont une réponse légitime et une expression d’autodéfense. D’après les informations préliminaires dont nous disposons, cela semble être le cas ”, a déclaré le porte-parole de la Maison-Blanche, Larry Speakes qui a tenu à ajouter à la fin de sa déclaration “ que par principe, une réponse appropriée à des actes de terrorisme est un acte légitime d’autodéfense ” (AFP, Washington). Le Président Bourguiba “ inquiet ” et “ préoccupé ” par “ le rôle qu’auraient joué les Etats-Unis dans l’opération entreprise par l’aviation israélienne ” et “ étonné ” par “ la position américaine adoptée à la suite de la lâche agression israélienne contre la république tunisienne ”, aurait déclaré à l’ambassadeur américain à Tunis qu’il avait convoqué le lendemain de l’agression, après l’approbation américaine du raid israélien : “ Je suis dans la situation d’un homme qui a toujours cru à la fidélité de son épouse, qui découvre au terme de cinquante années qu’il a été trompé, et qui se demande s’il n’a pas été trompé depuis le début ” (Le Quotidien de Paris, 4/10/85) et demandé des Etats-Unis de “ reconsidérer leur position négative et inattendue vis-à-vis de cette agression, position qui est en contradiction avec la loi et la morale ” (Déclaration de Mahmoud Mestiri du 2/10/85). Béji Caïd Essebsi avait, de son côté, affirmé que la Tunisie saurait “ tirer les conclusions ” du soutien apporté par la Maison-Blanche au raid israélien. Répondant à la demande expresse du Président Bourguiba, Washington a fini par “ réviser ” son évaluation. Tout en exprimant sa “ compréhension ” envers l’opération israélienne présentée comme une “ expression d’autodéfense”, la Maison-Blanche s’est abstenue de reprendre ses affirmations du 1er octobre présentant le raid comme “ légitime ”. “ Une révision qui n’est pas un revirement, mais nuance les termes de la première prise de position. Le porte-parole de la Maison-Blanche a d’ailleurs nié toute modification de l’attitude américaine ”, commentait le journal Le Soir (3/10/85). La résolution 573 (1985) Suite à des négociations à propos du texte de la Résolution aboutissant à l’absence de mention relative aux Palestiniens et de condamnation explicite de l’auteur de l’agression (Israël), aux pressions américaines internes et à la position de condamnation ferme des Européens ainsi qu’à l’intervention du Président Bourguiba, les Etats-Unis optèrent pour l’abstention. Le texte de la résolution adoptée était en réalité en-deça par rapport au projet initial présenté par la Tunisie et qui réclamait une condamnation très ferme de l’agresseur et de l’acte de l’agression, des compensations financières pour les dommages subis et des mesures à l’encontre d’Israël pour éviter la répétition de cette agression (AFP, 3/10/85). A cela, Mahmoud Mestiri répondit : “ Certes, nous aurions souhaité la condamnation directe d’Israël, mais plusieurs pays occidentaux et même latino-américains et pas seulement les Etats-Unis ont toujours été réticents pour accepter une formulation qui revêt, de leur point de vue, des implications politiques et juridiques complexes ” (Réalités du11/10/85). Toutefois, cette “ victoire ” diplomatique de la Tunisie avait désamorcé quelque peu la crise si bien qu’on exhala dans les milieux officiels un souffle de soulagement. Mais elle ne manqua pas de provoquer une réaction d’hostilité de la part d’Israël qui, dans une déclaration du 21 novembre 1985 dont elle demanda l’intégration dans le rapport du Secrétaire Général sur l’application de la résolution 573 (1985), avait considéré le texte comme “ totalement inacceptable ”, et en particulier, avait rejeté “ l’usage impropre des termes “ acte d’agression ” et “ acte d’agression armée ”. Deux mois plus tard, en décembre 1985, la Tunisie a présenté à l’ONU un rapport détaillé des dégâts causés par le raid israélien. Dans ce rapport de 127 pages, élaboré par une commission d’enquête spéciale constituée par le gouvernement tunisien, la Tunisie a avancé le chiffre de 68 victimes ayant trouvé la mort (50 réfugiés palestiniens et 18 citoyens tunisiens) et la somme de 5.432.125 dinars (un peu plus de 6 millions de dollars) évaluant les dégâts matériels du raid. Le gouvernement tunisien se réservait “ le droit de réclamer des dommages et intérêts pour violation de sa souveraineté et atteinte à son développement économique et social ”, compte tenu du fait que, selon la Commission, il était impossible d’évaluer l’ampleur du préjudice subi (AFP, 5-12-1985). L’histoire retiendra -hélas- que cette résolution estimant que la Tunisie a droit à “ des réparations appropriées suite aux pertes en vies humaines et aux dégâts matériels dont elle a été victime ” et adoptée par 14 voix et une abstention (Etats-Unis), est désormais restée lettre morte. Dix-huit ans après, les Tunisiens attendent toujours l’application de la résolution 573 qui fut votée après moult efforts et d’âpres négociations, un vendredi soir d’un 4 octobre 1985… (Source : Réalités N°928 du 10 octobre 2003)
Les inondations et la conscience politique à Cité Etadhamen (une analyse sociopolitique) Par : El Moufekir Je suis un abonné fidèle de Tunisnews ; pendant la dernière semaine j’ai lu plusieurs articles sur Cité Etadhamen , mais je ne sais pas et je ne comprends pas pourquoi maintenant tous le monde parle de la qualité de vie à la Cité Etadhamen ; et le risque politique et sécuritaire qu’elle porte. Je veux dire par cela que cité Etadhamen, était toujours dans la misère, et la situation était toujours aussi catastrophique que les articles en parlent. Donc pourquoi les défenseurs de cité Etadhamen ; ne se sont réveillés que maintenant ? où sont-ils toutes ces années de misère, de souffrance et de pauvreté. Mais moi ; je crois avoir la réponse. En fait après les dernières inondations, les dégâts matériels et humains ont été très élevés, les habitants déjà démunis ont perdu tout ; absolument tout, et ont réalisé (enfin) que L’Etat et les autorités locales et régionales, n’ont pratiquement rien à leur donner. Les habitants de Cité Etadhamen après les dernières inondations se sont suffisamment convaincus, que Ben ali ; les ministres, les forces de l’ordre ; Le RCD et L’Etat en général ne sont qu’une bulle d’air devant les vrais examens, ils sont très incompétents ; très maladroits, très perturbés, trop incohérents, trop irresponsables (Chaque ministre jette la responsabilité sur l’autre, enfin le président soit disant responsable leur a ordonné de jeter toute la responsabilité sur le citoyen) Les habitants de cité Etadhamen ont réalisé, que le régime de Ben Ali est un régime en carton devant les sinistres, et un régime en acier pour les autres choses qui concernent la liberté, et le droit à une vie digne. En fait l’Etat, tout l’Etat, est incapable d’intervenir correctement, et efficacement après deux heures de fortes pluies ; qu’en est-il alors en cas de séisme ou en cas de guerre. Bien sûr aujourd’hui la cité Etadhamen, est en bouillonnement, la colère des habitants (ils n’ont même pas la qualité de citoyen) est au maximum. Probablement l’explosion ne tardera pas, si le président reste dans son palais (entouré de ses serveurs qui lui fournissent de faux indicateurs sur la situation politique après les inondations) n’entend rien ; ne voit rien ; ne fait rien. A cette occasion j’invite tous les habitants de la cité Etadhamen et tous les tunisiens à parler et à défendre cette cité où pendant que tout le monde vit l’année 2003 ; cette cité vit dans les années 70 de l’ancien siècle. J’attends vos commentaires sur cet article chers lecteurs. 11 octobre 2003
|