الأحد، 27 أبريل 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2896 du 27.04.2008
 archives : www.tunisnews.net  


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بعد الحرمان من الحرية  مدة..16 عاما و 4 أشهر .. الصحبي عتيق  يحرم من مناقشة أطروحة الدكتوراه..!

عريضة مساندة لصحيفة الموقف

الحزب الدّيمقراطي التقدّمي:جامعة بنزرت:ارفعوا الحصار على جريدة الموقف المؤتمر من أجل الجمهورية يتضامن مع جريدة الموقف

 فدرالية التونسيين لمواطني الضفتين : بيـــــان – مقبرة بحرية

الجامعة العامة التونسية للشغل:بيان غرة ماي 2008 أساتذة الفلسفة بقبلي :عريضة في الفلسفة

الطاهر العبيدي :نجيب الشابي وجها لوجه مع الجالية التونسية في باريس يوميات الصمود (1): رشيد خشانة ومنجي اللوز في إضراب مفتوح عن الطعام دفاعا عن حرية التعبير في تونس

اسلام أون لاين :رئيس تحرير “الموقف” التونسية يضرب عن الطعام ا ف ب :تونس ترفض الاتهامات بشأن حقوق الانسان وتعتبرها ناتجة عن “انحياز” موقع “إيلاف”:ساركوزي في تونس الاثنين المقبل والمجتمع المدني يترقب “تعاطفه” يو بي أي :الرئيس التونسي يجدد مساندته لمشروع الاتحاد من أجل المتوسط يو بي أي :ساركوزي ينفي تبعيته لاميركا ويدعو لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي

موقع “محيط”: 179مليون دولار العجز التجاري في تونس للربع الأول

طلبة تونس : أخبار الجامعة

محمد شمام: حتى لا يشوش على واجبي الشرعي – الحلقة الأولى موقع الحوار.نت :اكذب اكذب حتى يكشفك الناس مراد رقية :معارضة المحاصصة والاعتراض:على الجزئي قبل الكلّي،حركة التجديد نموذجا؟؟؟

مرسل الكسيبي: في تونس : النجدة ساركوزي يرحمك الله ! زكريا: الآن وهنا الإرادة: عيد العمّال عيد العمل والأمل الإرادة: انتـخابات 2009: الرّهـانات والحسـابات الوطن: في المقر المركزي للإتحاد الديمقراطي الوحدوي  – ندوة “الشباب من نحن؟ وماذا نريد؟”) 1/2) صحيفة ” مواطنون” : ال…برهان…الأوحد عبد القادر المعالج: بين الطالبي والشرفي:أدب الحوار أ.د. طه عبد الرحمن: تقديم كتاب “الخطاب الإسلامي المعاصر بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001  ” للمؤلف وحيد تاجا

 


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 27 أفريل 2008  

بعد الحرمان من الحرية  مدة..16 عاما و 4 أشهر .. : الصحبي عتيق  يحرم من مناقشة أطروحة الدكتوراه..!

 
لا تزال إدارة المعهد الأعلى لأصول الدين  بجامعة الزيتونة  تواجه بالمماطلة مساعي السجين السياسي السابق الصحبي عتيق في التسجيل بأطروحة الدكتوراه ، و رغم المطالب المتكررة ( منذ 10 سبتمبر 2007 )  و المراسلات العديدة لوزارة الإشراف .. لا يزال الملف .. قيد الدرس..! و على الرغم من  حصول السيد الصحبي عتيق على الأستاذية  ثم شهادة التأهيل للبحث العلمي منذ 1986 ..! ،و رغم أن لجنة الأطروحات وافقت على أطروحته منذ 1989 .. لا تزال بطاقة هويته تحمل عبارة ..عامل يومي ..! و قد كان من المفترض أن يناقش الصحبي عتيق أطروحته في 1991 إلا أن اعتقاله في مارس 1991 و الحكم عليه بالسجن المؤبد أبعداه عن البحث العلمي ..17 سنة ..! و إذ تذكر الجمعية بأن الإدارة السجنية قد تعمدت طيلة سنوات طويلة حرمان الصحبي عتيق , و بقية المساجين السياسيين من الحق الدستوري و القانوني في الدراسة و البحث العلمي  فإنها تدعو السلطات المعنية إلى كف أيدي الأجهزة البوليسية عن المؤسسات التعليمية .. و عن التدخل في قراراتها ..!     عن الجمعية الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي


عريضة مساندة لصحيفة الموقف

 

 
على إثر التضييقات المستمرة التي تتعرض لها صحيفة الموقف التونسية، الناطقة باسم الحزب التقدمي الديمقراطي، نحن الممضون أسفله نعبر عن تضامننا مع أسرة الصحيفة ونطالب السلطات التونسية بوقف كل أشكال التضييق، التي تخالف كل القوانين والأعراف المعمول بها داخل تونس وخارجا.
للانضمام لحملة التضامن مع جريدة الموقف، يرجى إرسال الإمضاءات على العنوان البريدي التالي: taharlabidi@free.fr الإمضاءات الأولية بسام بونني / صحفي / قطر كمال العبيدي / صحفي / واشنطن الطاهر العبيدي / صحفي / باريس عبد الوهاب الهاني / حقوقي / جينيف


 
الحزب الدّيمقراطي التقدّمي جامعة بنزرت – مكتب الشّباب
– 40 نهج بلجيكيا بنزرت

ارفعوا الحصار على جريدة الموقف

 
أقدمت السّلطة في الآونة الأخيرة على حجز العدد 443 و 444 و 446 و….. لدى الموزّع ﴿الشّركة التّونسيّة للصّحافة﴾ و لم توضع في الأكشاك سوى نسخ قليلة كان مصيرها الجمع من متعهّدي التّوزيع بعد ساعات من عمليّة وضعها……. و تشكّـل اجراآت الحجز, الخارجة عن أيّ ضوابط قانونيّة, حملة قديمة متجدّدة تهدف إلى إخماد صوت صحيفة الموقف و النّيل من وسائل عمل الحزب الدّيمقراطي التّقدّمي..فجريدة الموقف ممنوعة من الدّعم و الإشهار العمومي, فضلا عن حرمانها من التّعويض عن ورق الطّباعة.. و بعد دخول رئيس تحرير الجريدة الأستاذ رشيد خشانة و مدير التحرير الأستاذ منجي اللّوز في إضراب مفتوح عن الطّعام إبتداءا من يوم 26 أفريل 2008 احتجاجا على هذه الحملة الشّـاملة الّتي تشنّها الحكومة ضدّ الموقف فإنّ الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي ﴿مكتب بنزرت﴾ يعبّر عمّـا يلي: 1/- إنّ استهداف جريدة الموقف هو جزء من انتهاك واسع لحريّة الإعلام و الصّحافة في بلادنا كعدم تسليم رخص لعديد من الصّحف و الاستمرار في منع صحف أخرى كالبديل و الفجر و تسليط الرّقابة القصوى على الإعلام الإلكتروني.. 2/- تجنّدنا الكامل للدفاع عن مراية الحزب و على صحيفته بكلّ الوسائل المشروعة. 3/- نهيب بكلّ أنصار الحريّة و ضحــــايا القمع و كل تشكيلات المجتمع المدنــــي بدعم هذا الصّوت الحر و الوقوف معه في هذه المحنة بالتّعبير الفعلي عن مؤازرتهم له و العمل على تشكيل لجان أصدقاء الموقف في كامل تراب الجمهوريّة.. عن مكتب الشّباب الديمقراطي التقدّمي ببنزرت منسّق المكتب: نزار بن حسن


المؤتمر من أجل الجمهورية يتضامن مع جريدة الموقف

 
 على اثر انطلاق اضراب الجوع في جريدة الموقف احتجاجا على ما تتعرض له من تهديد ، بادر المؤتمر بالتعبير عن تضامنه مع الجريدة ومع المضربين . وقد بعث الدكتور المرزوقي برسالة للأخ رشيد خشانة باسم المؤتمر للتعبير عن الدعم والمساندة، كما زارت قيادات المؤتمر في الداخل المضربين للتأكيد مرة أخرى على أن اختلافات وجهة النظر لا يجب أن تفسد للود قضية بين المناضلين ،وأننا كلنا في خندق واحد ضد الاستبداد. وهذه القضية للأسف التي تضاف لبقية ملفات النظام في عدائه المرضي للصحافة، تضاف لمحنة عبد الله الزواري الصحافي المنفي في وطنه ومحنة سليم بوخذير السجي لأنه القلم الحر. إنه أمر بديهي للمؤتمر من أجل الجمهورية أنه لا يمكن لحرية فردية أو جماعية أن ترى النور، أو ألا تكون مهددة، في ظل استبداد لا يخشى شيئا قدر حرية الصحافة وحرية التنظم والانتخابات الحرية ،وهو ما يعني أن المطلوب من القوى السياسية اكثر من أي وقت مضى التوجه لسبب الداء وليس لأعراضه ،وأن تكون تضحياتنا التي لا مناص منهافي خدمة هدف يستاهل ويستثمر هذه التضحيات . والهدف الوحيد الذي يجب أن نتجنّد ونضحي من أجله هو رحيل الدكتاتور ونهاية الدكتاتورية ،والحل الوحيد جبهة المقاومة المدنية التي سيواصل المؤتمر سعيه لبنائها مع كل الأطراف ، وكل الأحداث تؤكد أنه لا خيار لنا غير هذا الطريق امام نظام ممعن في تعنته وظلمه وفساد. (المصدر: موقع المؤتمر من أجل الجمهورية بتاريخ 27 أفريل 2008)

 فدرالية التونسيين لمواطني الضفتين
بيـــــان مقبرة بحرية
 
يوم الخميس 24 أفريل 2008 غرقت سفينة في عرض البحر وعلى متنها 26 مرشحا للهجرة. لقد انطلقت السفينة الغارقة قبل ذلك بأربعة أيام من مدينة الشابة في ولاية المهدية بتونس وكانت في اتجاه الجنوب الايطالي. أعادت الأمواج ثلاث جثث إلى السواحل التونسية وقد تم اعتبار 23 شخصا في عداد المفقودين. منذ سنوات أصبحت أنباء حوادث غرق قوارب الأشخاص المرشحين للهجرة أو اللجوء في البحر الأبيض المتوسط والموت الناتج عن ذلك من الأنباء العادية، نقول ذلك بكل حسرة. إن عدد القتلى غرقا في البحار المؤدية لأوروبا هو في ارتفاع منذ أن شدّدت أوروبا سياستها الأمنية على حدودها وضيّقت من إمكانات الدخول القانوني لأراضيها. لذلك صار هذا العدد الهائل من الأموات المتتالية لا يكلّف الإعلام أكثر من بعض البرقيات الصحفية الوجيزة في أفضل الحالات. لم تفرد الصحف التونسية الرّسمية لخبر الفاجعة الأخيرة إلا بعض الأسطر نقلت ضمنها وجهة نظر السلطة : “أكدت هذه الأخيرة على أهمية الجهد المبذول لمنع انطلاق المهاجرين في اتجاه ايطاليا من الأراضي التونسية وأكدت على كون الحكومة التونسية شددت سياستها العقابية تجاه كل من يساهم أو يقوم بعمليات الإبحار. هكذا تعلمنا الأطراف الرسمية بأنّ هؤلاء البؤساء وفي حال نجاتهم من الموت ستستضيفهم الحكومة التونسية “الموقرّة” في سجونها، ولفترة طويلة!!!! إن فدرالية التونسيين لمواطني الضفتين تتوجه لعائلات الضحايا وللشعب التونسي بتعازيها الخالصة وتأكد على تضامنها المطلق معهم في مواجهة هذه المأساة الجديدة. ولقد اتصلت فدرالية التونسيين لمواطني الضفتين بالجمعيات والمنضمات الشريكة لها في جنوب إيطاليا وبالمرصد المحلي للجنة العليا للاجئين –ACNUR –  وبالرابطة التونسية لحقوق الإنسان  من أجل فتح تحقيق حول الـ 23 شخصا “المفقود”. إن فدرالية التونسيين لمواطني الضفتين تحمل السلطات الأوروبية والإيطالية بالخصوص المسؤولية الجسيمة عن هذه المآسي، خاصة بعد أن نجحت هذه الأخيرة في تجريم الإنقاذ في عرض البحر. وفي هذا الصدد تذكر بجلسة المحاكمة التي ستعقد للبحارة التونسيين السبعة لأقريجنتو (Agrigente) بجنوب إيطاليا يوم 28 أفريل 2008 وذنبهم الوحيد أنهم هرعوا لإنقاذ 44 غريقا وغريقة. إن فدرالية التونسيين لمواطني الضفتين تذكر بكون سفينة البحارة السبعة، أصيلي مدينة طبلبة الذين يعيشون في وضعية صعبة جدّا، مازالت محجوزة، دون أن تحرك الدولة التونسية ساكنا لمساعدتهم. ويصادف يوم محاكمة البحارة السبعة، الإثنين 28 أفريل 2008، زيارة دولة للسيد الرئيس نيكولا ساركوزي لتونس لمدة ثلاثة أيام، حيث سيتداول مع السيد الرئيس زين العابدين بن علي في مشروع “الإتحاد من أجل المتوسط”. فمنذ أيام أعلن الرئيس الفرنسي، بكل وقاحة، عن حاجة الاقتصاد الفرنسي الماسّة لليد العاملة الأجنبية، غير أنه في نفس الوقت يعلن مواصلة تعزيز سياسة القمع للمهاجرين المعتبرين “سريين وغير شرعيين”. فدرالية التونسيين لمواطني الضفتين تدين بشدة السياسة المتبعة من قبل حكومات ضفتي البحر الأبيض المتوسط وتعتبرها مسئولة عن مئات الوفيات التي لا تسجل إلا كأرقام. ” 102 يرقد هنا و508 يرقد في الضفة الأخرى والحبل على الجرار…” قرنان بعد إلغاء العبودية ونهاية تجارة الرق العابرة للأطلسي، حيث مات آلاف العبيد في المحيط الأطلسي كي يصخّر الآخرين لفلاحة حقول القطن، وبمناسبة يوم ذكرى إلغاء الإستعباد (10 ماي)، تقترح الفدرالية يوم حداد وطني من أجل أبناء تونس وأبناء بلدان الجنوب الذين يرمون بأنفسهم في البحر، ويموتون أملا في العمل لتوفير شروط حياة كريمة لأنفسهم ولذويهم. إننا ندعو المنضمات والأحزاب والجمعيات المحبة للعدالة النهوض ضد العبودية المعاصرة وجعل يوم 10 ماي يوما لتكريم ضحايا الكفاح من أجل الكرامة. باريس، في 25 أفريل 2008 عن الفديرالية محي الدين شربيب


عريضة في الفلسفة

 
نحن أساتذة الفلسفة بقبلي الممضين أسفله ونظرا : ·لما أقدمت عليه سلطة الإشراف من تحويرات تتعلق بالمادة وخاصة التوقيت والضوارب والاختبارات وهو ما نعتبره مسا من قيمة مادة الفلسفة وتراجعا خطيرا في مكاسب تدريسها . ·الطابع الارتجالي والمخل بضوابط البرنامج السنوي ومقتضياته : فالكتاب المدرسي لم يتوفر في الوقت الملائم ( الجزء الثاني من كتاب الآداب ) بالإضافة إلى ما تخلل الكتاب المدرسي من أخطاء وفي كل المستويات وهو ما يؤكد الطابع المتسرع في إعداده . ·لما تأكد لدينا من عدم تلاؤم بين محتوى البرنامج والتوقيت المخصص وهو ما أثار العديد من الصعوبات ومثل عبئا على الأستاذ والتلميذ وبالرغم من كل المجهودات التي بذلت ( تدريس أثناء العطل ..) فإننا نسجل تأخرا في انجاز البرنامج . وعليه : ·نحمل سلطة الإشراف كامل المسؤولية في ذلك وندعوها إلى التراجع عن ما أقدمت عليه خاصة وان كل المعطيات تؤكد عدم وجاهته وفشله الذريع في التوفيق بين كثافة البرنامج والتوقيت الزمني المخصص · ندعوها إلى التشريك الفعلي للمتفقدين والأساتذة في ما يتعلق بالمادة. ·نطالب سلطة الإشراف وكإجراء وقتي وظرفي بحذف المسائل الأخيرة من البرنامج ( الأخلاق والفن للآداب والأخلاق للعلوم ) . الإمضاء  28 أستاذا من جهة قبلي والنسخة الأصلية لدى النقابة الجهوية بقبلي

هذا وقد أرسلت نسخة من العريضة إلى كل من : التفقدية العامة للتعليم الثانوي عن طريق السيد المتفقد الإدارة العامة للبرامج عن طريق الإدارة الجهوية بقبلي الإدارة الجهوية للتعليم  بقبلي النقابة العامة للتعليم الثانوي بتونس.

اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي  دعوة
 
تدعو اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي كل النقابيين ونشطاء المجتمع المدني أن يكون الاحتفال بيوم غرة ماي 2008 ، يوم عيد الشغل تحت شعار : يوم التضامن مع الحوض ألمنجمي: مساندة حق الشغل والحق في التنمية. عن اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي مسعود الرمضاني


الجامعة العامة التونسية للشغل CONFEDERATION GENERALE TUNISIENNE DU TRAVAIL  –  CGTT  

بيان غرة ماي 2008

 
تحتفل الطبقة الشغيلة في تونس وفي جميع أنحاء العالم بالذكرى 122 لعيد الشغل العالمي،  رمز التضحية والنضال من أجل إحترام الحقوق الأساسية للعمال وتحقيق  الشغل اللائق لملايين الشبان من النساء والرجال. وتحيي الجامعة العامة التونسية للشغل بكل  نخوة واعتزاز هذه الذكرى النقابية المجيدة، مؤكدة التزامها بالمبادئ التي تأسست عليها الحركة النقابية في العالم  وتعبر عن وفائها لكل شهداء الحركة النقابية وروادها الذين ضحوا بأنفسهم دفاعا عن مصالح الشغيلة في جميع انحاء المعمورة، ونخص بالذكر في هذا المجال رواد الحركة النقابية الوطنية بتونس  وفي مقدمتهم كل من محمد علي الحامي  مؤسس أول منظمة نقابية وطنية تونسية، جامعة عموم العملة التونسية  سنة 1924، و الشهيد فرحات حشاد، مؤسس الإتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946.   تحتفل الحركة النقابية في العالم  بهذه الذكرى المجيدة  في ظل تحولات عميقة وسريعة  تتسم بالعولمة  كمسار معقد ومتعدد المظاهر سواء في جوانبه السلبية المتمثلة في اختيارات الليبرالية الجديدة في التصرف الذي يميز الجدوى والمردودية  الاقتصادية على حساب التنمية البشرية  و  إنتشار الخوصصة و تراجع دور الدولة التعديلي، و توسع القطاع غير المنظم، و تدهور أنظمة الحماية الاجتماعية وفي ظل تفاقم الفوارق الاجتماعية وازدياد الفقر و انتشار الفساد،  أو في الجانب الإيجابي المتمثل  في وعود مجتمع المعرفة  الذي كان من نتائجه بروز منوال إنتاجي جديد يعتمد على تطوير الكفاءات والمهارات و يتيح النمو الاقتصادي المرتفع عبر ما يعرف  اليوم بالاقتصاد الجديد أو الاقتصاد الرقمي،  ويخلق هذا المنوال الانتاجي الجديد مواطن شغل نوعية و يوفر رصيدا هاما لتحسين نوعية حياة السكان ويلعب دورا متميزا في التنمية المستدامة. ومن نتائج التحولات الجارية ،  الانتقال من سوق الشغل التقليدية  إلى سوق شغل جديدة  في ضوء المنافسة الشديدة بين المؤسسات الاقتصادية وأشكال التعاون الشبكي بينها وفقدان  البلدان النامية الامتيازات النسبية  الريعية التي كانت تتمتع بها، مما جعلها عرضة للإقصاء والتهميش والعجز عن الاندماج في التقسيم العالمي الجديد للعمل.   إن  مواجهة هذه التحديات وكسب الرهانات المطروحة، تتطلب من الحركة النقابية التونسية العمل من أجل المساهمة  بالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين ومختلف مكونات المجتمع المدني، في تأهيل النظام الإنتاجي ومحيطه والنهوض بالموارد البشرية والعمل على خلق تنظيمات إنتاجية جديدة ذات مزايا تنافسية  تتيح إمكانية إعادة التموقع على الساحة الدولية عبر الإندماج في تجمعات جهوية على غرار الاندماج المغاربي. إن جوهر المسألة الإجتماعية اليوم في ظل التحولات الجارية تتمثل في مواجهة تحدي الشغل الهش و كسب رهان الشغل اللائق وتحسين أداء نظام الحماية الاجتماعية ، وتحسين المقدرة الادخارية والشرائيةّ  للأجراء ضمن التمسك  بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للعمال والحقوق النقابية  المضمنة في الاتفاقيات الدولية لمنظمة الشغل العالمية وحق المشاركة في التحولات الاجتماعية. والحقيقة التي لا  مناص من إقرارها، أن الحركة النقابية التونسية تعيش اليوم أزمة بنيوية تتسم  بحالة التعطل وانسداد الأفق  نتيجة تراكم السلبيات خلال تجربتها التاريخية  التي تحكمها ثقافة نقابية لم تخرج عن دائرة الفكر المحافظ. ومن مظاهر الأزمة البنيوية العجز عن تحديث آليات العمل النقابي والفشل في ايجاد حلول وتحقيق الحد الأدني من القضايا  والمطالب المطروحة  كالمناولة وهو مفهوم ملتبس يقصد به السمسرة باليد العاملة والشغل الهش،  والمفاوضات الاجتماعية التي لا تعدو أن تكون في أحسن الحالات مشاورات فوقية، والتأمين عن المرض حيث تم تعقيد الأمور عوضا عن تبسيطها. لقد أثبتت التجربة النقابية وخاصة خلال العشرية الأخيرة، أن إصلاح  أوضاع الحركة النقابية  لا يمكن تحقيقه اليوم إذا  وقع التشبث بوحدانية التنظيم النقابي و أغلقت الأبواب في وجه التعددية وتنوع التجارب.                                             إن ان ممارسة حرية  التنظيم النقابي بتونس في الظرف الراهن  هو حق من أجل تكريس التعددية كحل عملي للخروج من أزمة إنسداد الأفق الذي تردت فيه الحركة النقابية وهو السبيل الناجع للإصلاح والتجديد و خلق ديناميكية جديدة تعيد لها الاعتبار والفاعلية. إن رفض حرية التنظيم النقابي في هذا الظرف بدعوى وحدة الصف النقابي الضبابية هو  قبول لحالة الجمود  والترهل الذي تعيشه الحركة النقابية  وتخل عن الدفاع على مصالح العمال  و مصداقية العمل النقابي المستقل و المناضل  . إن إعادة بناء الحركة النقابية بل وإعادة تأسيسها على أسس ديمقراطية وتقدمية وعصرية ، لمواكبة  تحولات العصر واستحقاقات المرحلة الجديدة، تتطلب  بالضرورة  القطع بصفة جذرية مع  الثقافة التقليدية الآحادية التي أعاقت تطور الممارسة الديمقراطية وقبول التنوع والتعددية  على مستوى المفاهيم والهيكلة والتسيير، نتيجة إستبطان ثقافة “الحزب الواحد” و التي بنيت   على شاكلتها وبصفة موازية لها ثقافة “النقابة الواحدة” وما نتج عنهما من مركزة مفرطة وبقرطة مشطة ووحدانية في سلطة القرار وآستفحال للحكم الفردي وخوف كل الخوف من كل ما هو آختلاف في الرأي وتعدد في الموقف وتنوع في الممارسة، وهي تمثل تاريخيا عرقلة  لكل عملية جادة للإصلاح والتجديد. في هذا الإطار، وضمن هذا التصور، يندرج تأسيس منظمة نقابية جديدة  هي الجامعة العامة التونسية للشغل، كتحديث  وتطويرلأول منظمة نقابية وطنية تونسية “جامعة عموم العملة التونسية” التي تأسست في 3 ديسمبر 1924 بقيادة المناضل  النقابي الفذ المرحوم محمد على الحامي، وهي نابعة من إرادة نقابية حرة  تعتبر استقلالية الكنفدرالية النقابية الجديدة قضية مركزية تساهم  بدرجة جد هامة في تحديد  هويتها النقابية وتموقعها على الساحة الوطنية على أنها ليست تابعة للسلطة أو حليفا سياسيا لها ، وليست معادية للسلطة أوخصما سياسيا لها.  ولقد شكل  تمسك الجامعة العامة التونسية للشغل باستقلاليتها و إلتزامها بالدفاع عن الحقوق الأساسية للعمال و مساندة نضالات الشغيلة من أجل اكتساب حقوقها المشروعة، طبقا لأرضيتها التأسيسية  و لبياناتها، أحسن رد على  حملة المغالطات والافتراء التي تعرضت لها من قبل البيرقراطية النقابية وبعض القوى السياسية المتحجرة وهو من أسباب تعرضها منذ تأسيسها  لتجاهل  جل وسائل الاعلام لبياناتها ولعديد العراقيل من قبل السلطة  مثل منعها في مناسبتين من عقد ندوة صحفية ، للاعلان عن تأسيسها، و رفض مكتب الضبط بولاية تونس تسلم ملفات النقابات الأساسية التي تم تأسيسها، وكذلك عدم الاعتراف الى يومنا هذا بالنقابات التي تأسست في قطاع المناجم بولاية قفصة طبقا لقوانين البلاد و إتفاقيات منظمة الشغل الدولية. وفي هذا الصدد، يؤكد مناضلو ومناضلات الجامعة العامة التونسية للشغل من جديد عزمهم على مواصلة بناء منظمتهم النقابية الجديدة، لبنة،لبنة، رغم العراقيل والصعوبات وبكل رصانة ومثابرة وحزم مع استعدادهم لتحمل تبعات ذلك من أتعاب وتضحيات، بروح نضالية في كنف المسؤولية واحترام القانون.   وبهذه المناسبة التاريخية المجيدة، تعبر الجامعة العامة التونسية للشغل  عن إنحيازها للخيار الديمقراطي وما يستوجبه من احترام لاستقلالية منظمات المجتمع المدني و تكريس حق المواطنة وضمان الحريات العامة والفردية  والمشاركة في الحياة العامة و  السياسية  ضمن إقرار التعددية السياسية والاجتماعية والثقافية ، والرفع من شأن دولة القانون والمؤسسات وذلك بالفصل الفعلي بين السلطات و باستقلالية النظام القضائي المعتمد على الشفافية و تمسكها بالتوجه الحداثي والتقدمي وبضرورة تطويره، خاصة في مجال المساواة بين الجنسين ، و عن ايمانها العميق  بحق الشعوب في تقرير مصيرها ورفض كل أشكال  الاستعمار والاستغلال والعنصرية  وخاصة حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية وحق الشعب العراقي في مقاومة الإحتلال الأجنبي والتصدي للمشاريع الطائفية ، والمساهمة ضمن الحركة النقابية العالمية ومنظمات المجتمع المدني في العالم للنضال من أجل عالم أفضل يكرس عولمة الحقوق وخاصة حقوق الشغل والحقوق الاجتماعية والمدنية، والإدارة الديمقراطية للعولمة و دمقرطة المؤسسات المتعددة الأبعاد الدولية. كما تعبر منظمتنا النقابية عن مساندتها لنضالات الشغيلة في مختلف القطاعات بتونس  من أجل تحقيق مطالبها المشروعة و  عن تضامنها مع مطالب الحركة الإحتجاجية في الحوض المنجمي من أجل الحق في شغل لائق مع الطلب الملح  لإيلاء الجهات المحرومة  أهمية  أكثر في التنمية،  وتدعو النقابيين و مناضلي المجتمع المدني للوقوف إلى جانب الشباب العاطل عن العمل عبر مبادرة مواطنية عملية تتجاوز مجرد التضامن اللفظي . كما تعبر عن إبتهاجها بتأسيس النقابة الوطنية للصحافيين و دعمها لنضالاتها المشروعة  دفاعا عن مصالح منخرطيها.   و في الختام، تتقدم الجامعة العامة التونسية للشغل بهذه المناسبة التاريخية  المجيدة  المتمثلة في عيد الشغل العالمي، بأحر التهاني إلى كافة  الشغالين والشغالات  بتونس  وإلى كافة العمال في جميع أنحاء العالم.   عاشت الحركة النقابية في كل أنحاء العالم، مناضلة و مستقلة ومتجددة عاشت الجامعة العامة التونسية للشغل المجد والخلود لشهداء الحركة النقابية تونس في 1 ماي 2008   اللجنة الوطنية للاتصال والتأسيس سعاد كداشي ، محمد شقرون ، طارق مهري، زهور كوردة فاطمة الشريف ، توفيق دبية ، شرف الدين البرهومي، الحبيب قيزة   (المصدر: مدونة زياد الهاني بتاريخ 26 أفريل 2008) الرابط: http://journaliste-tunisien.blogspot.com/

نجيب الشابي وجها لوجه مع الجالية التونسية في باريس

 
الطاهر العبيدي taharlabidi@free.fr أسبوع مكثف بالمقابلات الصحفية، والحوارات الإعلامية، واللقاءات السياسية مع العديد من الشخصيات العربية والدولية ومختلف الفعاليات الحقوقية، ليختتم نجيب الشابي المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية لسنة 2009 جولته الأوروبية، يوم الخميس 10 أفريل 2008 الماضي،  بلقاء مع الجالية التونسية بباريس، اعتبره البعض منعرجا من حيث التصارح والتطارح، من خلال حضور العديد من الأطياف السياسية والشخصيات الحقوقية، التي تابعت مباشرة خطاب الشابي، الذي حاول تشريح الوضع السياسي، وتحليل الواقع الاقتصادي بكثير من الأدلة والشواهد، فكانت كلمته ممنهجة على حد تعبير المحامي الدكتور حسين الباردي، وقد اغتنم الشابي فرصة لقائه بالتونسيين مباشرة دون حواجز، ليكون تدخله إجابة على الكثير من الأسئلة الصامتة، مبيّنا أن تعديل الدستور وتحديدا الفصل 40 الذي نقح ثلاث مرات، لم يأخذ بعين الاعتبار تحييد الإدارة، والقوائم الانتخابية، وكيفية الاقتراع وغيرها من المعوّقات، وأن السلطة بتعديلها الأخير تحاول أن تفرض تدخلا مكشوفا في استقلالية قرارات الأحزاب، ومحاولة تطويعها، وتشكيلها حسب مقاس الأصابع، وبالتالي فإنه من المستغرب أن يطرح البعض أسئلة من نوع أننا بعد التعديل الدستوري نعتبر في ورطة سياسية، وكأنه نوعا من التسليم بقدرية القوانين التعسفية، في حين أن المطلوب من الكل التصدي لمثل هذه القوانين، ومقاومتها سلميا لإلغائها، مضيفا أننا لا نطمح أن نكون في مقام دولة السويد، بل نسعى أن نكون مثل موريتانيا، وترشحنا للرئاسة هو تثبيتا لحقنا في مشروعية الاختيار الحر، ورغبة في تجسيد معاني الديمقراطية، وأن من استشهدوا من التونسيين الأشاوس منذ 70 سنة من أجل المطالبة ببرلمان تونسي، لا يمكن إلا أن يخلفوا جيلا يتوق للحرية ويؤمن بأن الكلمة للشعب دون سواه، كما تطرّق إلى الأحزاب المستثنية من طرف هذا القانون، معتبرا بأنها معنية بالتوحّد لمقاومة هذا “التعديل”، خصوصا وأن مواقفها متقاربة من حيث التشخيص، كما دعاها إلى التكتل لأن الزمن والعصر لا يسمح برئاسة مدى الحياة، وأن ترشحه أحدث نقلة في الحياة السياسية، بدليل أن بعد شهر من إعلان ترشحه اضطر النظام لإدخال هذا ” التعديل”، وأن الإعلام التونسي بما فيها الصحافة الصفراء، اضطرت للحديث عن هذه الانتخابات، ما يدل أن هذا الترشح خضّ حالة الجمود، وخلق نوعا من الجدلية السياسية، التي قد تراكم فعلا ينقل المعارضة من وضع المطلبية الحقوقية الاحتجاجية التي وان كانت ضرورية، إلى المبادرة السياسية من أجل إحداث وضع مغاير لواقع الانتظارية والسكونية، ليضيف أني لم اسع لهذا الترشح، ولكن الحزب هو الذي رشحني، ومن واجبي أن أضطلع بمهمة من وضعوا في ثقتهم، مذكرا ارتباطه بمؤسسات الحزب الديمقراطي التقدمي التي تتمتع بقدر كبير من الحرية الداخلية، وأن هذا الحزب يشهد تمدّدا في الجهات، مثنيا على الشباب الديمقراطي ومساهماته في تثبيت وعي سياسي من خلال النشريه الالكترونية والنضال الميداني، دون نسيان ذكر جريدة الموقف، والمحاصرة المستمرة التي تتعرض لها، حيث تم حجزها في 3 مناسبات متتالية بشركة التوزيع، وهي نوع من العقوبة والقصاص تستهدف خنق الحرية الإعلامية… المساجين السياسيين  حول هذا الموضوع تطرّق إلى أوضاع المساجين السياسيين المسرحين من السجن، الذين يعانون المحاصرة ويعيشون ظروفا اجتماعية مزرية وقيودا إدارية مجحفة، البعض منهم كما ذكر ما يزال مكبلا بالإمضاء في مراكز البوليس، ومحاصرين في قوتهم، بل منهم من  لا يملك بطاقة تعريف، وما ينجر عن ذلك من مآسي اجتماعية ومضايقات إدارية، وذكر بالمساجين السياسيين الذين يقبعون منذ عشرات السنين ومختلف إصاباتهم الصحية والاجتماعية ومعاناة عائلاتهم، وطول مدة السجن التي باتت تتجاوز المعقول، كما تطرّق إلى الشباب الموجود في السجن ضمن قانون الإرهاب، والذي يقدر عدده بين 2500و4000 لا نعرف بالضبط كما قال الإحصائيات الحقيقية لان الوضوح والشفافية غائبة في مثل هذه القضايا خصوصا وأن هذا القانون الجائر هو سيفا مسلطا على الأعناق، وغالب هؤلاء الشباب متهمون بالانتساب إلى السلفية الجهادية، وفي غياب فضائات الحرية ووجود الضغط الأمني، فان مخاطر التطرف تخيم على عقول الشباب وتستهويه لرد الفعل. نتيجة الانغلاق السياسي، ولسنا هنا نبرر، ولكن نحذر من تفاقم الظاهرة إذا لم يقع الانتباه إلى الأسباب الحقيقية في انتعاش مثل هذا الاتجاه الذي يشكل خطرا على الجميع… مثلث الحرمان لم يتخلف الشابي عن متابعة إحداث الرديف، حيث بدأ بتثمين جرأة أهالي الحوض المنجمي من أجل المطالبة بحقوقهم في الشغل والتنمية، ذاكرا أنه زار هذه المناطق، واطلع مباشرة على أوضاعها وحالة الفقر والبطالة التي تعانيه، مستشهدا بلقاءاته بالعديد من سكان هذه المناطق المحرومة من التنمية والاستثمار، واطلع عن قرب عن معاناة الأهالي، موضّحا واقع اختلال التوازن الجهوي وغياب المشاريع التنموية في مثلث الاحتياج والخصاصة، الذي خلق مثل هذه الأوضاع الاجتماعية، التي تتطلب من وجهة نظره معالجة جدية تأخذ بعين الاعتبار توزيع عادل للثروات الوطنية، واستنفار كل الجهود دون إقصاء، من أجل ابتكار مشاريع تنموية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وجلب استثمارات وطنية تغير وجه هذه المدن…


إذا الشعب يوما أراد الحياة…فلا بدّ أن يستجيب القدر

رشيد خشانة ومنجي اللوز في إضراب مفتوح عن الطعام دفاعا عن حرية التعبير في تونس

 
يوميات الصمود (1) السبت 26/04/2008
 
أعلن كل من الأستاذين رشيد خشانة رئيس تحرير الموقف ومنجي اللوز مدير تحريرها دخولهما في إضراب مفتوح عن الطعام دفاعا عن استمرار جريدة الموقف وعن حرية التعبير في تونس وذلك بداية من اليوم بمقر الجريدة بالعاصمة تونس 10 نهج ايف نوهال   ندوة صحفية الإعلان عن انطلاق إضراب الجوع جاء في الندوة الصحفية التي عقدت اليوم على الساعة 12.00 ظهرا بمقر جريدة الموقف التي قدّم لها الأستاذ نجيب الشابي المدير المسئول عن جريدة الموقف . وحضر الندوة ممثلون عن وسائل الإعلام المحلية والأجنبية كالاسوشيتد برس  ووكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس) واليونايتد برس أنترناشيونال(يو بي آي) وجريدة الشرق الأوسط وأخبار الجمهورية وجريدة الشرق القطرية وجريدة إيلاف الالكترونية والصباح ولوطون والطريق الجديد. وقال الشابي في مداخلته إننا مضطرون مرة أخرى إلى اللجوء إلى هذا الشكل النضالي لاستنهاض الهمم في تونس وحمل كل مساندي حرية التعبير في العالم على الوقوف إلى جانب إحدى منارات حرية التعبير في بلادنا وأكد على أن الأخوين المضربين على استعداد تام لإيقاف الإضراب بمجرد رفع الحكومة يدها عن الصحيفة .   مطالبنا تولى الأخوان رشيد خشانة ومنجي اللوز تقديم لائحة في مطالبهما نيابة عن هيئة تحرير الموقف وتتمثل في : 1/ إيقاف التتبعات القضائية ضد مدير الصحيفة ورئيس تحريرها. 2/رفع العقلة المضروبة على الحساب البنكي للجريدة 3/رفع كل أشكال التضييقات على توزيع الموقف وبيعها للمواطنين 4/جبر الأضرار الناجمة عن الحجز والمصادرة المتكررين للصحيفة   حضور حضر الندوة الصحفية عدد من الوجوه السياسية والحقوقية إلى جانب أعضاء هيئة التحرير ومناضلي ومناضلات الحزب الديمقراطي التقدمي. ونخص بالذكر :  السيد حمة الهمامي الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي السيدان سليم بن عرفة وتوفيق حويّج القياديان في حركة التجديد . السيد الصحبي عتيق القيادي في حركة النهضة السيد العياشي الهمامي عضو هيئة المتابعة للنداء من أجل بديل ديمقراطي السيد محمد النوري رئيس جمعية حرية وإنصاف الأستاذ المنذر الشارني المحامي والحقوقي المعروف السيد زهير الجويني الوجه القومي والنقابي المعروف   أرقام   كانت مبيعات الموقف تتراوح وفق إحصاءات شركة التوزيع ما بين 60 بالمائة و70 بالمائة بينما تراجعت” فجأة ” إلى حدود 12 بالمائة عند بداية الحملة الحكومية الهادفة إلى محاصرة الجريدة . معدل نسبة المبيعات       
جانفي 2007 =74.7%  نوفمبر2007 =60 % ديسمبر2007=58% العدد 444(بداية الحملة) 12% فقط !!!                                                إضراب يتجدد بعد 33 عاما أعلن الأخ رشيد خشانة خلال الندوة الصحفية أن الأقدارـ وتردي الأوضاع ـ شاءت أن يلتقي برفيق دربه المنجي اللوز ويخوض معه إضرابا مفتوحا عن الطعام بعد 33 عاما من الإضراب الأول الذي خاضاه في سجن برج الرومي  مع ما يزيد عن الـ40 سجينا سياسيا دفاعا عن الحريات … والعطاء يتواصل.    A LA GREVE …COMME A LA  GREVE بهذه العبارة ردّ الأخ رشيد خشانة عن أسئلة الصحافيين فيما يتعلق بتوقيت الإضراب وتزامنه مع اقتراب زيارة الرئيس الفرنسي لتونس، وقال : نحن لم نختر التوقيت ولم نحدد يوم الجلسة في 10 ماي 2008 ليتزامن لا فقط مع زيارة ساركوزي وإنما أيضا مع إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة في 03 ماي 2008 وأضاف:نحن لا نطلب شيئا من الرئيس الفرنسي ولكننا نقول أنه لا يجب أن تستثني العلاقات بين البلدين قيم الحرية وحقوق الإنسان…لن نعدم وسيلة إلا واستعملناها دفاعا عن حقوقنا.   شركة التوزيع تمتنع امتنعت الشركة التونسية للصحافة (SOTUPRESSE) مدّ المسئول الإداري للموقف بكشف مفصّل عن مبيعات الأعداد الأخيرة من الجريدة وهو ما دفع بإدارتها إلى اتخاذ قرار مراسلة كل الجهات المساهمة في رأسمال الشركة للتنديد بدورها المشبوه في محاصرة حرية التعبير.   تضامن منظمتا “مراسلون بلا حدود” و”اللجنة الدولية لحماية الصحفيين” أصدرتا بيانين تضامنتا فيهما مع “الموقف” وطالبتا الحكومة التونسية بالكفّ عن كل أشكال المصادرة والضغط المسلطة على الصحيفة.   الطريفي يتضامن مباشرة اثر دخول الأخوين رشيد خشانة ومنجي اللوز في إضراب عن الطعام أدّى الأستاذ المختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان زيارة إلى مقر جريدة الموقف أعرب خلالها عن تضامنه التام مع الصحيفة المحاصرة ومع المضربين من أجل حرية التعبير في البلاد.   العريّض في مقر الجريدة أدى القيادي في حركة النهضة السيد علي لعريض زيارة مؤازرة وتضامن مع الأخوين المضربين . و أجرى العريّض لقاء مطوّلا مع المضربين وقيادة الحزب الديمقراطي التقدمي.   إعلام سابق تولى مسئولو الجريدة والحزب خلال الأسبوع الماضي عقد لقاءات مع قيادات الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية ومنها حركة التجديد وحزب العمال الشيوعي التونسي وحركة النهضة والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ،لإحاطتهم علما بالضغوطات التي تتعرض لها “الموقف” وبعزم المسئولين عنها انتهاج كل الأشكال النضالية دفاعا عن حرية التعبير.   الحوار التونسي تتضامن أدى السيد الطاهر بن حسين مدير قناة الحوار التونسي والمناضل الحقوقي المعروف زيارة مساندة إلى مقر صحيفة “الموقف” التقى خلالها بالمضربين عن الطعام وعبر لهما عن تضامنه الكامل مع مطالبهما ودعا إلى ضرورة رفع كل القيود المكبلة للإعلام الحرّ.   وفد من جندوبة يزور المضربين كما هي دائما، كانت جهة جندوبة سبّاقة في انخراطها في معركة حرية التعبير فقد أدى وفد يتكون من السادة رابح الخرايفي والمولدي الزوابي عن جامعة التقدمي بجندوبة والسيد الهادي الرمضاني رئيس فرع الرابطة بالجهة زيارة إلى مقر الإضراب لتقديم الدعم المعنوي والسياسي للأخوين المضربين.   مناورة لم تجد الحكومة من رد على مطالب المضربين عن الطعام وهيئة تحرير الموقف وقيادة الحزب الديمقراطي التقدمي سوى اعتبار الكفاح من أجل حرية التعبير “مناورة ديماغوجية وانتهازية ” على حد تصريحاتها لبعض وسائل الإعلام. ونفت الحكومة أن تكون الموقف قد تعرضت لأي نوع من التضييقات….   لغة خشبية تدحضها القضايا الخمس المرفوعة ضد مدير الصحيفة ورئيس تحريرها  وعقلة رصيدها البنكي وإنذار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومنع توزيعها ومحاصرتها وصدّ مناضليها عن بيعها.
 


بعد حجب المعلومات والإعلانات عنها.. ودفع شركات لمقاضاتها.. وتكرار مصادرتها

: رئيس تحرير “الموقف” التونسية يضرب عن الطعام

 
تونس -محمد أحمد : دخل رئيس ومدير تحرير صحيفة “الموقف” التونسية المعارضة إضرابا مفتوحا عن الطعام بسبب التضييقات على صحيفتهم، والتي تعتبر الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي توجه انتقادات لنظام الحكم في تونس. وفي ندوة صحفية عقدت بالعاصمة تونس اليوم السبت، أعلن رشيد خشانة (55 عاما) رئيس تحرير صحيفة الموقف الأسبوعية المعارضة، التي تصدر عن الحزب الديمقراطي التقدمي (يسار وسط) ومنجي اللوز (59 عاما) مدير التحرير عن دخولهما في إضراب مفتوح عن الطعام. وقال خشانة في الندوة: “إنّ الدخول في الإضراب يأتي ردّا على الحصار المضروب على الصحيفة (الموقف)”.. وعدّد التضييقات التي تعرّضت لها صحيفته من حجز ومصادرة لأكثر من مرّة وبأكثر من طريقة. واعتبر خشانة أنّ آخر فصول هذه الممارسات التضييقية على صحيفته من قبل السلطات التونسية “تمثل في قيامها بدفع 5 شركات لتعليب وترويج زيت المائدة لرفع قضايا عدلية ضدّ الصحيفة ضمن ما بات يعرف بـ(قضية الزيت الفاسد)”. وطالبت شركات الزيوت بتعويضات أولية بنحو 500 ألف دينار( 416 ألف دولار) في انتظار تحديد الأضرار التي لحقت بها جراء مقال افتتاحي لخشانة تحدّث فيه عن “اكتشاف مخابر جزائرية لكميات من الزيوت الفاسدة المهربة من تونس، والتي تحتوي على نسبة عالية من الرصاص، مما قد يشكل خطرا على صحة المواطنين”. كما دعا رئيس تحرير (الموقف) في مقاله إلى فتح تحقيق في الموضوع و”محاسبة المسئولين عن ترويج الزيوت الفاسدة”. وتمت مصادرة أعداد “الموقف” من الأسواق ثلاثة مرات خلال عام، آخرها في 6 أبريل الجاري ، بسبب خبر عن اعتزام الحكومة رفع سعر الخبز. “تقنيات شيطانية” أمّا منجي اللوز فهاجم من جهته ما سماها “التقنيات الشيطانية التي تنتهجها الحكومة ضدّ الصحيفة الحرة (الموقف)”، معتبرا أنّ هذه التضييقات تأتي على خلفية الدعوات المتكررة التي يطلقها الحزب “الديمقراطي التقدمي” (صاحب إصدار الموقف) تجاه السلطة في تونس للحوار والمساءلة في سياق الاستعداد للاستحقاق الانتخابي 2009، وردّا على “دعوة الحزب السلطة إلى مناظرة تلفزيونية حول قضايا الحرية وحقوق الإنسان والتشغيل والتداول السلمي”. من جهته، قال أحمد نجيب الشابي المدير المسئول عن الجريدة في نفس الندوة الصحفية: “إن تصرفات الحكومة هي التي تدفعنا إلى التضحية بأعز ما نملك، وهي أرواح وصحة زملائنا المضربين، وهم مستعدون للتراجع عن الإضراب في أية لحظة شريطة أن ترفع الحكومة يدها عن صحيفتنا وتسقط الدعاوى المرفوعة ضدنا”. الشابي الذي شغل سابقا منصب الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي، سبق أن أعلن عن ترشحه للمنافسة على رئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية المقبلة (2009)، ودعا مؤخرا الرئيس التونسي زين العابدين بن عليّ إلى مناظرة تلفزيونية في حادثة هي الأولى منذ توليه السلطة في نوفمبر 1987. وترد السلطات التونسية على إضراب صحفيي (الموقف) بالقول إن “ما يروّجه مسئولي الصحيفة هو كذب وتضليل، وإنها لا تمارس أي نوع من التضييق علي الصحيفة”. حسب ما ردده أكثر من مسئول حكومي. ويأتي الإضراب في وقت حرج بالنّظر إلى أنّه يتصادف مع زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى تونس الإثنين المقبل، والتي سيرافقه فيها وفد إعلامي كبير، وهو ما من شأنه التسبب في حرج بالغ للنظام التونسي أمام الإعلام الفرنسي والغربي. ويرى مراقبون إلى أنّ هذا الحدث سيلقي بظلاله على هذه الزيارة، فيما تأمل عدد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية التونسية أن يكون موضوع حقوق الإنسان في أولويات هذه الزيارة. دعم “مراسلون بلا حدود” من جهة أخرى عبّرت كلّ من منظمة “مراسلون بلا حدود”، ولجنة حماية الصحفيين في بيانين منفصلين عن مساندتهما لصحيفة الموقف وأدانتا ما تتعرّض له من “تضييقات من قبل السلطات”. وبحسب تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود نشر عام 2007 عن أوضاع الصحافة في تونس فإن صحيفة (الموقف) “توزع نحو 10 آلاف نسخة أي ضعف معدل التوزيع الذي كان سائدا منذ عامين (2005).. وقد تم هذا التقدّم بالرغم من العوائق التي تعترض الصحيفة المحرومة من التمويل الرسمي، والخاضعة لمقاطعة الشركات الإعلانية الخاصة بأوامر من السلطات”. ولا تمنح صحيفة “الموقف” أية موارد مالية حكومية، إذ يقصر القانون التمويل على صحف الأحزاب التي لها ممثلون في البرلمان، وهو ما لا ينطبق على الحزب الديمقراطي التقدمي. كما تفتقر هذه الصحيفة إلى مورد الإعلانات، الذي يحتكر عادة من قبل الصحف الحكومية. ويعتبر مراقبون لأوضاع حرية التعبير في تونس أنّ نصيب الإشهار في الصحف يتم مقايضته بالموالاة. وتعاني وسائل الإعلام المختلفة في تونس (مطبوع – مرئي – مسموع – إلكتروني) من ممارسة التضييق عليها، وإمكانية مصادرتها أو حجبها، بموجب الصلاحيات الكبيرة التي منحها قانون الصحافة التونسي لوزير الداخلية في الإشراف على القطاع الإعلامي. اسلام أون لاين بتاريخ 26 أفريل 2008-


تونس ترفض الاتهامات بشأن حقوق الانسان وتعتبرها ناتجة عن “انحياز”

 
تونس (ا ف ب) – رفضت السلطات التونسية الاحد الانتقادات الصادرة عن منظمات غير حكومية ومدافعين عن حقوق الانسان في فرنسا عشية زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى تونس الاثنين. وقال مصدر رسمي في تونس لوكالة فرانس برس ان “تونس تضمن استقلال العدالة (..) والدستور والقوانين التونسية تحمي وتشجع حقوق الانسان (..) والتعذيب وغيره من المعاملات غير الانسانية محظورة بشكل قاطع”. وقال المصدر الذي يعبر عن موقف الحكومة ان التشريعات في تونس “تعاقب بشدة اي معاملة سيئة يتعرض لها المعتقلون (..) والقانون يضمن التعويض على اي شخص يحكم عليه ظلما وتثبت براءته فيما بعد”. وندد المصدر ب”مزاعم محض منحازة ومضللة” و”بانحياز بعض المنظمات غير الحكومية المعادية بشكل منهجي” لتونس ورفض اتهامات الفساد مؤكدا ان تونس “تتميز بادارتها الرشيدة”. واستشهد المصدر بالتقرير الاخير لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي مذكرا بانه صنف تونس “في مقدم الدول الافريقية والعربية لجهة بيئة الاعمال وفي المرتبة ال14 في العالم لجهة ثقة المواطنين في حكامهم”. وتابع ان تونس اقدمت “طوعا على خيار الديموقراطية وحقوق الانسان” وتؤكد “المضي بتصميم في عملية الاصلاحات” والاستمرار “في ظل سيادة كاملة في الطريق الذي سلكته منذ تغيير السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1987” تاريخ وصول الرئيس زين العابدين بن علي الى السلطة. واعلنت منظمات غير حكومية ومدافعون عن حقوق الانسان بينهم مختار طريفي رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان ان زيارة ساركوزي الاولى الى تونس في تموز/يوليو خيبت املهم مؤكدين انهم ينتظرون “اشارة قوية” خلال زيارة الدولة التي يبدأها الاثنين. وقالت خديجة شريف رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات ان “القضاء مأمور والفساد ينتشر والتعذيب غالبا ما يحصل”. ورأى اريك غولدستين من هيومن رايتس ووتش ان “على نيكولا ساركوزي عدم الوقوع في فخ المساومات من اجل الافراج عن معتقل واحد كما حصل في تموز/يوليو”.

ساركوزي في تونس الاثنين المقبل والمجتمع المدني يترقب “تعاطفه”

 
إسماعيل دبارة “الاتحاد من أجل المتوسط”، الاستثمار، الهجرة والطاقة النووية ملفّات جدّ ساخنة إيلاف تحاور خبراء ومحلّلين للكشف عن أبعاد الزيارة ساركوزي في تونس الاثنين المقبل والمجتمع المدني يترقب “تعاطفه” إسماعيل دبارة من تونس: تستعد تونس لاستقبال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أيام 28/29/30 أبريل الجاري ،ويبدو أن مختلف التحضيرات التي بدأها الخبراء والمسئولون الحكوميون من الجانبين الفرنسي والتونسي على وشك النهاية تمهيدا للزيارة “التاريخية” كما يصفها بعض المتابعين. و تأتي زيارة ساركوزي وهي الثانية إلى تونس منذ توليه رئاسة الجمهورية الفرنسية في إطار تحركات دبلوماسية واقتصادية حثيثة تشهدها المنطقة المتوسطية منذ أشهر. ومن المتوقّع أن تكون زيارة ساركوزي المرتقبة ذات طابع اقتصادي واضح ،خصوصا و انه حددّ خلال  زياراته المغاربية السابقة التي قام بها في جويلية الماضي الخطوط العريضة لسياسته تجاه بلدان المنطقة. وعلى الرّغم من أن الجولة الأولى لم تشمل سوى تونس والجزائر، فإنه عاد ليزور المغرب ثم ليبيا بشكل منفصل فيما بعد، مؤكدا بذلك خصوصية العلاقة مع هذين البلدين المهمين بالنسبة للمصالح الفرنسية في المنطقة الجنوبية للبحر المتوسط. ويمكن اختزال أهداف زيارة الرئيس الفرنسي إلى تونس في عدد من الملفات الكبرى التي ستطرح على المسئولين التونسيين ولعل أهمها قضية الإتحاد من أجل المتوسط الذي سيستأثر بقسم من المحادثات على أعلى مستوى، على الرغم من أن ساركوزي والوفد المرافق له يدركون جيدا أنهم لن يواجهوا صعوبات تذكر في هذا الملف في المحطة التونسية مقارنة بما اعترضهم في بلدان متوسطية أخرى كالمغرب والجزائر. الملف الثاني سيكون ضمان تقدّم الاستثمارات الفرنسية على المنافسين الأوروبيين و الأمريكيين والصينييّن الذين بدؤوا في تسليط الضوء على تونس منذ مدة.  كما سيتمّ التطرّق خلال هذه الزيارة إلى موضوع مساهمة فرنسا في بناء محطة نووية لتوليد الطاقة في تونس في أفق سنة 2020 ، وهو موضوع يتقدم بخطى حثيثة استنادا إلى الإجراءات المتّبعة والمعلن عنها في هذا الميدان. إذ سلّمت تونس مشروع دراسة جدوى إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تخصّ تركيز المحطة الكهرونووية الأولى في البلاد،  وذلك بالاعتماد على خبراء الشركة التونسية للكهرباء والغاز والمركز الوطني للبحوث النووية (الذي أقيم بمساعدة فرنسا). كما أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز التي تتولى الإشراف على المشروع أجرت اتصالات مع كل من المؤسسة الفرنسية للطاقة الذرية والهيئة الكندية للطاقة الذرية لتحديد التكنولوجيات التي ستُعتمد لدى إقامة هذه المحطة الكهرونووية. ساركوزي …وهاجس الاستثمار ويرى المحلل السياسي رشيد خشانة ”  أنه من الأرجح أن الرئيس الفرنسي وضع نصب عينيه المنافع الاقتصادية التي ستحصدها باريس من الزيارة، فقد كان حريصا في زياراته إلى البلدان العربية والإفريقية على اصطحاب وفود من رجال الأعمال ورؤساء الشركات، واستطاع أن يعقد صفقات ضخمة في كل الزيارات وخاصة في الإمارات والسعودية وليبيا والجزائر. ففي هذه الأخيرة مثلا انتزع عقدا لفائدة شركة “توتال” مع سوناتراك للمساهمة بـ1.5 مليار يورو في مشروع مصفاة يتطلب  ملياري يورو، بالإضافة إلى عقد استغلال مترو الجزائر. وصيانته بعد الإنجاز، ليضاف هذان المشروعان الى سلسلة الهياكل القاعدية التي تشرف على تسيرها المؤسسات الفرنسية في الجزائر كمطار الجزائر الدولي الذي أوكل تسييره لمطارات باريس. ويضيف خشانة لإيلاف: ومادام حجم تونس لا يتيح التوصل إلى صفقات من ذلك الحجم، فإن المهم هو تسهيل انتشار الشركات الفرنسية جنوبا في إطار التكيف مع التغييرات التي فرضتها المستجدات الإستراتيجية بعد بروز الأسواق الآسيوية وتوسع الإتحاد الأوروبي شرقا. وتحتل تونس في هذا السياق موقعا مهما إذ أنها استقطبت 1200 مؤسسة فرنسية تُشغل 100 ألف عامل (إحصاءات 2007)، وهي مؤسسات تعمل أساسا في قطاع النسيج والملابس والأحذية والميكانيك وليست في قطاعات مُصنعة أو ناقلة للتكنولوجيا. من جهتها ترى خبيرة اقتصادية رفضت الكشف عن اسمها أن حجم الاستثمارات الفرنسية قد بلغ في السنة الماضية الـ 137 مليار دينار، مما جعل فرنسا تحافظ على تقدمها على الإيطاليين والألمان والأسبان، وإن كانت المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي الطاغية على تلك الاستثمارات خلافا لبريطانيا مثلا. وتفسّر ذات الخبيرة :نفس الصورة نتلمّسها في المجال التجاري، ففرنسا هي الزبون والمُزود الأول لتونس، بل إن حجم المبادلات معها قد تضاعف بين عامي 2006 و2007 طبقا لتقديرات “الغرفة الاقتصادية التونسية الفرنسية”. فرنسا و…الهجرة غير القانونية من جهته يعتبر السيد كمال بن يونس أستاذ العلوم السياسية بالجامعة التونسية انه” من حق دول جنوب المتوسط ومن بينهم تونس أن توظف وتستثمر علاقاتها الطيبة مع العواصم الأوروبية بهدف فرض أولوياتها و أجنداتها ،خصوصا فيما يتعلق بملفّات الاستثمار الاقتصادي و جلب رؤوس الأموال والمشاريع الضخمة التي تحتاجها هذه الدول ، علاوة على محاولة  معالجة الهجرة غير القانونية  وحرية تنقل المسافرين في الاتجاهين لإنهاء حالة الاحتقان الأمني التي فرضت في عديد المطارات و القنصليات الأوروبية ضد المهاجرين والمسافرين القادمين من الضفة الجنوبية للمتوسط”. ويرى بن يونس أن :”تونس قد تستفيد كثيرا من الاتحاد من أجل المتوسط الذي سيقنّن ويحدّد نصيب فرنسا من المهاجرين التونسيين، كما انه سيساهم في امتصاص ردود الفعل السلبية على غرار انتشار مفاهيم خاطئة عن الهوية والاعتزاز بالذات في مجتمعات ضفتي المتوسّط وفي أحياء المهاجرين في أوروبا، الأمر الذي ساعد على انتشار التطرف والغلوّ عوضا عن تكريس مبادئ مسار برشلونة الداعية إلى الحوار الثقافي والسياسي الشامل، إذ أنه لا حوار في ضلّ مناخ الإقصاء المتبادل.” ساركوزي…وحقوق الإنسان ولا توجد خلافات تذكر بين كل من فرنسا وتونس في مشروع ساركوزي المتوسطي – رسميّا على الأقل – إذ أن الحكومة التونسية كانت من أولى الحكومات التي أعطت موافقة غير مشروطة على المشروع الفرنسي الرامي لإنشاء “اتحاد من أجل المتوسط” يكون استكمالا لمسار برشلونة الذي مني بالفشل. ومن المتوقع أن تحتضن تونس مركز الأمانة العامة لهذا الاتحاد المتوسطي استنادا إلى عدد من التقارير الإعلامية الفرنسية والتونسية. ويقول السيد رشيد خشانة في هذا الصدد :الاختلاف بين كل من تونس وفرنسا لم يكن في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط الذي أتى به الرئيس ساركوزي و إنما في ملف آخر يبدو محرجا للحكومة التونسية ولا يمكن للفرنسيين التغاضي عنه وهو كل ما يتعلّق بسجل حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية والمؤسسات المنتخبة والمنظمات غير الحكومية و حرّية الإعلام والتعبير. فالرئيس السابق شيراك كان يكلف أحد المسئولين الذين يرافقونه في زياراته لتونس بالتحاور مع بعض ممثلي المجتمع المدني، على الأقل من باب الحرص على التعرف على جميع ألوان الطيف، وعادة ما تكون تلك اللقاءات محل مساومات مع الحكومة التونسية. ولم يفعل ساركوزي ذلك في زيارته السابقة متعللا بقصر مدتها، إلا أن كاتبة الدولة لحقوق الإنسان السيدة “راما ياد” سترافقه في الزيارة المقبلة. ولم يُعرف إن كانت ستلتقي وجوها من المجتمع المدني أم لا، لكن يبدو أن هناك اتفاقا على السيطرة على هذه الملفات “الحساسة” كي لا  تطفو على السطح، وإن كانت الحرية التي تتمتع بها الصحافة الفرنسية في هذا المجال تجعلها بعيدة عن السيطرة الكاملة للفريق السياسي الذي يرمز له ساركوزي”. هذا وتعوّل عدد من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني بشدة على زيارة ساركوزي المرتقبة ،لكسب تعاطف الفرنسيين ضدّ ما يسمونه “استقواء النظام التونسي عليهم”. كما تأمل عدد من المنظمات والجمعيات الحقوقية أن “تنحاز” وسائل الإعلام الفرنسية المعروفة بجرأتها إلى قضاياهم والانتهاكات التي ترتكب في حقهم ، على الرغم من قناعة العديد منهم بأن السياسة والاقتصاد يطغيان اليوم على الأصوت التي تنادي بحقوق الإنسان وقضايا الحرية والانتقال الديمقراطي و هو ما عبّر عنه حقوقي بالقول:نأمل خيرا من دعم الرأي العام الفرنسي الرسمي والشعبي لنا ،لكن الاقتصاد والاستثمار قد يعمي ساركوزي و مرافقيه عن التقاط الانتهاكات العديدة التي تحصل في تونس والوقوف ضدّ من يمارسها”. (المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ   27  أفريل 2008)

الرئيس التونسي يجدد مساندته لمشروع الاتحاد من أجل المتوسط

 
تونس / 27 إبريل-نيسان / يو بي أي: جدد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي التأكيد على مساندته لمشروع الاتحاد من أجل المتوسط الذي طرحه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ونال موافقة قادة دول الاتحاد الأوروبي. . واعتبر بن علي في حديث نشرته اليوم الأحد صحيفة “لابريس”(La Presse) التونسية الناطقة بالفرنسية، أن “مستقبل هذا المشروع يتوقف في جانب كبير على مشاركة كل الدول المعنية وبنفس الدرجة في بنائه” . وشدد في هذا الحديث الذي يأتي عشية وصول الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي إلى تونس في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام،على أن “مسؤولية الإتحاد الأوروبي في هذا المجال لها طابع خاص”. وكان ساركوزي بادر إلى اقتراح هذا المشروع منذ وصوله إلى الحكم في فرنسا، وأيده قادة دول الإتحاد الأوروبي خلال قمتهم التي عُقدت في الرابع عشر من الشهر الماضي في بروكسل. وينتظر أن تعقد قمة لقادة الدول المعنية بهذا المشروع في منتصف شهر يونيو/حزيران المقبل في فرنسا للإعلان رسميا عن تأسيس هذا الإتحاد. وقال بن علي إن “تونس وفرنسا اللتين تتقاسمان نفس الرؤية عازمتان على العمل سويا من أجل تحقيق هذا المشروع”. وأعرب في هذا السياق عن ارتياحه لما وصفه “بالطابع الممتاز” للعلاقات التونسية-الفرنسية، حيث توفقت تونس وباريس” مع توالي الأعوام إلى إرساء تعاون مكثف ومثمر في المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية”. ولكنه شدد بالمقابل على أن المتغيرات العديدة والمتسارعة على الصعيدين الوطني والدولي “تستدعي تجديدا متواصلا لآليات التعاون بهدف ملائمتها مع الأولويات الجديدة للبلدين”. يشار إلى أن ساركوزي سيبدأ غدا الإثنين زيارة دولة إلى تونس تستغرق ثلاثة أيام، هي الثانية من نوعها منذ وصوله إلى الحكم إثر إنتخابات السادس عشر من مايو/آيار من العام الماضي. وينتظر أن تهيمن المسائل المرتبطة بمشروع الإتحاد من أجل المتوسط، والإرهاب والهجرة غير الشرعية والقضايا ذات الصلة بتعزيز العلاقات الثنائية، على المحادثات التي سيجريها الرئيس الفرنسي مع نظيره التونسي خلال هذه الزيارة التي ينظر إليها في تونس بكثير من الإهتمام.

ساركوزي ينفي تبعيته لاميركا ويدعو لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي

 
تونس / 27 إبريل-نيسان / يو بي أي: نفى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن يكون تابعا للولايات المتحدة الأميركية واعتبر أن الوقت حان لوضع حد للإحتلال الإسرائيلي للآراضي الفلسطينية في إطار إتفاق سلام. وقال ساركوزي في حديث نشرته اليوم الأحد صحيفة “الشروق” التونسية ،”أنا لا أحبذ لا المواجهة المنهجية، ولا التبعية الآلية، ثم أنه بالإمكان أن نكون أصدقاء لأميركا- وأنا صديق لأميركا ليس في ذلك شك- وأن نحدد سياستنا الخارجية بكل إستقلالية”. وأضاف في هذا الحديث الذي يأتي عشية وصوله إلى تونس في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام، لو كانت فرنسا تابعة لأميركا،هل تعتقدون أني كنت سأستقبل العقيد معمر القذافي في زيارة رسمية إلى باريس، أو رئيس فينزويلا هوغو شافيز؟”. كما رفض ساركوزي الآراء التي تقول بأن صداقته لأميركا ساهمت في عزلة فرنسا ودفعتها إلى التخلي عن سياستها العربية والأفريقية،وقال” أنا لست أرى أي دليل عزلة…،وبكل تأكيد هذه المقولة غير صحيحة”. ولم يتردد في هذا السياق في وصف أصحاب هذا الرأي بـ”مرضى النفوس”، وأعرب عن اعتقاده بأنه “بالنسبة إلى مرضى النفوس الذين تكون لهم سياسة عربية وسياسة أفريقية هي معطيات لا تتغير، ومنقوشة على الرخام”. وتابع “بحسب رأيي فإنه سيكون من قبيل الإزدراء بالعالم العربي وبأفريقيا أن نحتفظ إزاءهما بسياسة لا تأخذ التحولات في العالم في الإعتبار…،وفرنسا هي شريك فاعل في العالم العربي، كما أن تعلقنا بإفريقيا لم يتغير لا من حيث كثافته، ولا من حيث عمق”. وأكد في هذا الصد أن بلاده تتمنى أن تطوّر شركات مجددة في المجال النووي السلمي، مع الدول العربية التي العربية التي ترغب في ذلك، “والتي تنضبط الشرعية الدولية في الغرض”. ومن جهة اخرى، اعتبر الرئيس الفرنسي أن إرادة السلام تفرض أمرين، أولهما “الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وفي سلام…،والدعوات إلى تدمير إسرائيل هي بالتأكيد غير مقبولة، وثانياً تقضي إرادة السلام، وبالقوة نفسها الاعتراف بحق الفلسطينيين في أن تكون لهم دولة مستقلة، متطورة وقابلة للحياة”. وشدد في هذا السياق على أن الوقت “حان لوضع حد للاحتلال الذي بدأ في العام 1967، وذلك في إطار إتفاق سلام”، مؤكدا عزمه على “تسخير رئاسة فرنسا للإتحاد الأوروبي للعمل على تحسين مصير الفلسطينيين بشكل ملموس   


179مليون دولار العجز التجاري في تونس للربع الأول

 
تونس: أظهرت احصاءات رسمية أن قيمة العجز التجاري لتونس خلال الربع الأول من العام الحالى 2008 بلغت 238 مليون دينار (179 مليون دولار) بزيادة نسبتها 31.1%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وأشار المعهد التونسى للاحصاء إلى أن الصادرات التونسية شهدت نمواً بنسبة 21.6% منذ بداية العام الحالي، مقارنة بالعام الماضى فيما أرتفعت الواردات بنسبة 22.9%، كما ذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس”. وأوضحت الاحصاءات أن الصادرات وفرت لخزينة الدولة نهاية شهر مارس الماضي 5820.9 مليون دينار (4376 مليون دولار) محققة نمواً باتجاه الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لتونس بلغ 139.2% بالنسبة لقطاع المناجم والفوسفات و23.2% بالنسبة للصناعات الكهربائية والميكانيكية فيما وفرت المنتجات الفلاحية مداخيل بقيمة 705 مليون دينار (530 مليون دولار). (المصدر: موقع “محيط” بتاريخ   27  أفريل 2008)

 

 

طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET السنة الثانية:  العدد رقم 14
الخميس24 أفريل 2008 
 
أخبار الجامعة  

تأجيل مؤتمر الإتحاد العام لطلبة تونس إلى أجل غير مسمى ….. مثلما كان متوقعا تم تأجيل المؤتمر الخامس و العشرين للإتحاد العام لطلبة تونس الذي كان من المقرر انعقاده أيام 25 و 26 و 27 أفريل 2008 بكلية العلوم ببنزرت حيث كانت كل المؤشرات و منذ الأسبوع الفارط ترجح عدم انعقاده حيث لم يتم توزيع الإستدعاءات على نواب المؤتمر كما لم يصدر عن الأمين العام أو أعضاء المكتب التنفيذي تأكيد قطعي لانعقاد المؤتمر بل إن الجو العام المتسم بالبرودة في مختلف المؤسسات الجامعية لم يعط أي انطباع عن وقوع هذا الحدث الذي يكون مسبوقا – عادة – بتحركات مكثفة و أجواء إحتفالية وهو ما لم نرصده بتاتا في أي جزء جامعي  و يبدوأن الخلافات العميقة التي تشق أعضاء المكتب التنفيدي و ربما الرغبة في إنجاح المؤتمر هي التي حسمت الأمر لصالح تأجيل انعقاده حتى تتوفر الظروف المناسبة لإنجازه و بأقل الأضرار الممكنة … فلننتظر تطورات الأحداث خلال الأيام القادمة …. الحوار مع الشباب ؟؟؟؟؟ هذه عينة أخرى من أشكال الحوار مع الشباب : 1 – اعتقالات جديدة في صفوف الطلبة : في يوم العطلة الأسبوعي و بعيدا عن مؤسستهم الجامعية و في وقت بدأوا يستعدون فيه لإجراء امتحانات آخر السنة قام البوليس السياسي يوم الأحد 20 أفريل 2008 باعتقال مجموعة من الطلبة يدرسون بالسنة الثانية بالمعهد التحضيري للدراسات الهندسية بنابل و اقتادوهم إلى جهة مجهولة و هم على التوالي أحمد الكريمي – أصيل مدينة منوبة – و محمد الرحماني – أصيل بن قردان – و محمد السماري – أصيل القيروان –  و من غير المستبعد تعرض هؤلاء الطلبة للتعذيب الذي كان و لا يزال ممارسة منهجية في مراكز الإيقاف و المعتقلات و السجون …. 2 – تلميذ مهدد بعدم اجتياز امتحان الباكالوريا :  لم يعد يفصلنا عن انطلاق دورة جوان 2008 لامتحان الباكالوريا سوى 40 يوما و مع ذلك لا زال التلميذ نور الدين الكافي – أصيل قفصة – و المرسم بالسنة الرابعة ثانوي ( باكالوريا ) رهن الإيقاف بسجن المرناقية سيئ الذكر تحت طائلة ” قانون الإرهاب ” و قد تم اعتقاله من منزله ليلة الجمعة 14 مارس 2008 في حدود الساعة الحادية عشرو النصف ليلا ( 23.30 ) من قبل البوليس السياسي و تم اقتياده إلى تونس العاصمة حيث تم عرضه على قاضي التحقيق السادس بالمحكمة الإبتدائية بتونس …. باريس : طلبة يشاركون في تجمع تضامني مع أهالي الحوض المنجمي …. شارك عدد من الطلبة الذين يواصلون دراستهم بفرنسا يوم الأحد 20 أفريل 2008 في تجمع تضامني مع أهالي الحوض المنجمي انتظم في ساحة ” كورون ” بباريس و رفعوا خلاله لافتات تعبر عن مساندتهم لمطالب المحتجين في كل من الرديف و المظيلة و أم العرائس و قفصة و قد تواصل التجمع قرابة الثلاث ساعات تدخل خلالها العديد من الخطباء الذين سردوا مسلسل الأحداث التي عاشتها هذه المدن في ظل طوق بوليسي رهيب كما ركزوا على المعاناة الشديدة التي يشعر بها سكان هذه المدن بسبب الفقر و البطالة و الحيف الإجتماعي …. معرض تونس الدولي للكتاب و انتظارات الطلبة و التلاميذ : ككل سنة تنتظر جماهير الطلبة و التلاميذ المعرض الدولي للكتاب بفارغ الصبر عساها تجد ما يشفي غليلها مما أنتجته المطابع في بيروت و القاهرة و دمشق و غيرها من مدن العالم المشهورة بإنتاجها الثقافي الغزير و لكن الخيبة كانت دائما هي سيدة الموقف حيث يلاحظ في كل دورة تراجعا عن سابقتها في ما يتعلق بالعناوين الجيدة و الجديدة المعروضة لدرجة أن معرض تونس الدولي للكتاب يكاد يكون في ذيل القائمة مقارنة بالمعارض التي تقع في الأقطار العربية الأخرى و هذا ما يؤكده الناشرون أنفسهم الذين يتجولون بين مختلف المعارض فهل تشذ الدورة السادسة والعشرين عن القاعدة و يجد الطلبة والتلاميذ ضالتهم في الإصدارات الجديدة التي تعتبر ميزة أي معرض للكتاب أم أن دار لقمان لا زالت باقية عل حالها …. ؟؟؟؟ جامعة قفصة : ارتفاع في عدد الطلبة …. ارتفع عدد طلبة جامعة قفصة التي تضم عشرة مؤسسات منها اثنتان في مدينة توزر خلال السنة الجامعية الحالية 2007 – 2008 إلى 800 13 طالب نصفهم تقريبا أصيلي مدينتي توزر و قفصة و يدرس بها كذلك 40 طالبا من الجزائر و موريطانيا و ساحل العاج و الكونغو و… و قد ارتفع عدد المدرسين ما بين سنتي 2004 و 2008 من 264 مدرس من مختلف الأصناف إلى 717 مدرس كما تحسنت نسبة الأساتذة القارين حيث ارتفعت من 29 في المائة إلى 50 في المائة حاليا قائمة سوداء مفتوحة في أعداء الحجاب : هذه قائمة أولية في أعداء الحجاب الذين لم ينفكوا عن مضايقة و قمع و اضطهاد التلميذات و الطالبات المحجبات في خرق كامل لدستور البلاد الذي يضمن الحريات الشخصية ….. 1 – عادل الفهري :                        مدير معهد الإمتياز بالجديدة 2 – فيصل عبد ربه :                      مدير المعهد الثانوي بزهانة – معتمدية أوتيك – ولاية بنزرت – 3 – صلاح الدين القيطوني :             مدير معهد بن عروس 4 – ناجية العياشي :                       مديرة المعهد العلوي – باب الجديد – تونس – 5 – صالح الجملي :                        مدير معهد محمود المسعدي بنابل 6 – المختار العيساوي :                   قيم عام المعهد الثانوي ببوحجلة – القيروان – 7 – بشير بن ثائر :                        مدير المدرسة العليا للتجهيز الريفي بمجاز الباب 8 – حذامي بالإمام :                       مديرة المبيت الجامعي للفتيات باردو 1 – تونس – 9 – عز الدين بريك :                       مدير المعهد العالي للدراسات التكنولوجية ببنزرت 10 – خالد ساسي :                         مدير معهد الوفاء – حي الغزالة – ولاية أريانة – تحت غطاء استضافة مجانية لمواقع تربوية منتديات تبث إعلانات إشهارية للتنصير و تستدرج التلاميذ إلى التخلي عن الإسلام … أسلوب جديد و خبيث أخذت تتبعه بعض المنتديات للإيقاع بالشباب و خاصة التلاميذ في حبال التنصير و ذلك باستضافة مواقع تربوية بصفة مجانية و بث إعلانات مفروضة على الموقع من قبل مستضيفه مقابل الإستضافة المجانية و من ثم بث سمومها بتوجيه المتصفح إلى روابط تتحدث عن النصرانية من خلال طرح عدة أسئلة جذابة : ” لماذا أصلي ” و ” هل الله واحد أم ثلاث ” و ” أنا متردد قليلا … هل يمكنكم مساعدتي ” إلى آخره … و يمكن الإستفادة من بعض المواقع الإلكترونية التي توضح طبيعة التنصير و أساليبه و أهدافه و مرتكزاته و مقارنة ما يطرحه دعاة التنصير و ردود المفكرين و العلماء المسلمين عل ذلك … و هذه بعض من تلك المواقع : 1 – موقع الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله – : www.ahmed- deedat.net                                                       www.islam-online.net عصابة لصوص مكونة من ثلاثة طلبة : أحيل خلال النصف الأول من شهر أفريل 2008 على القضاء ثلاثة طلبة من بينهم فتاة بتهمة السرقة فقد عمد هؤلاء إلى التسلل إلى أحد المصانع بمدينة بني خيار في الوطن القبلي – 70 كلم جنوب شرق تونس العاصمة – و استولوا على كميات من الأسلاك البلاستيكية و غيرها من المواد و قد أحيل المتهمون موقوفين على السلط القضائية بقرمبالية …. و يبدو أن الحاجة إلى المال كانت السبب وراء اقتراف السرقة كلية الطب بتونس : وفاة طالبة إثر حادث مريع … يوم الثلاثاء 22 أفريل 2008 و في حدود الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا ( س 11 و 30 د ) صدم القطار الرابط بين تونس العاصمة و مدينة منزل بورقيبة طالبة تبلغ من العمر 22 سنة و تدرس بكلية الطب بتونس فحولها إلى أشلاء في مشهد فظيع أدمى قلوب كل الحاضرين و الجموع المحتشدة التي هالها منظر الفتاة و قد أصبحت قطعا متناثرة من اللحم …. و قد جد الحادث بحي الملاسين على مستوى نقطة التقاطع مع الطريق المؤدية إلى حي الزهور و قد اهتز لهذا الحادث الفظيع كل أهالي الملاسين أين تقطن الضحية رحمها الله رحمة واسعة و رزق أهلها جميل الصبر و السلوان و إنا لله و إنا إليه راجعون و في الختام : أقوال في الرسول صلى الله عليه و سلم :  ” بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول محمد ، أجد نفسي بحاجة أكثر للتعرف على حياته العظيمة … إنه يملك بلا منازع قلوب ملايين البشر …. ”   الزعيم الهندي ” المهاتما غاندي “


بسم الله الرحمان الرحيم

حتى لا يشوش على واجبي الشرعي – الحلقة الأولى

تــوطئــــــــة

 

     بقلم محمد شمام

 

تذكيــــر:

 

   نشرتُ في السبيل أون لاين ، بتاريخ 09042008 ، النص التالي :“حركة النهضة والمشروع الإسلامي : لا يا أخي حمادي لن نقبل التفريط في المشروع الإسلامي ” ، ذكرت في التقديم له ما يلي :

  (تفاعلا مني مع نص “الهوية والدولة والديمقراطية” ، الذي نشرته السبيل أون لاين في الحلقة الثالثة من محور المسألة الحضارية ، راغبة في تنضيجه عبر الحوار؛ أساهم بهذا النص على أمل أن يوفقني الله إلى مساهمات أخرى بإذنه تعالى.)

    ثم قلت : (هذه المساهمة هي من منطلق شرعي الذي يقتضي الصدع، وليس من منطلق تنظيمي ذو الطبيعة الداخلية. إن الحديث هنا هو عن الشرع، وهو أمر عام يهم الناس جميعا وليس فقط التونسيين. وقد ضرب الله لنا مثلا في نبيه صلى الله عليه وسلم وفي صحابته رضي الله عنهم ، حيث كان يتنزل القرآن يُقوّمهم على الملإ حتى في حال الحرب مع أعداء المشروع الإسلامي. ماسنقوم به هنا هو قريب من ذاك القبيل الذي لم يعد يجوز معه السكوت.)

 

    وكانت على هذه المساهمة ، ردود أفعال متنوعة . وما شدني منها، تلك التي لا تتعلق بالموقف ذاته ولكن بملابسات ماضية .

 

    لقد كتبت أداءا لواجبي الشرعي ، إلا أن هذه الملابسات يبدو أنها شوشت على ذلك الأداء مما أصبح الأمر يقتضي إزالة هذا التشويش قبل المواصلة. وهذا الذي سنقوم به إن شاء الله في سلسلة عارضة من النصوص تحت عنوان “حتى لا يشوش على واجبي الشرعي” – ولكل واجبه الشرعي – ، مقدمين لها بهذا النص الذي يمثل حلقتها الأولى.

  

 

يا سعدنا لو نقوم بوقفة محاسبة ومراجعة قرآنيتين:

 

    من أين جاء هذا ؟ وماذا يحكي؟ وماذا يقول؟ وهل نسي فعلته التي لا زلنا نعاني مضاعفاتها . مثل هذه التعبيرات قد تخطر ببال بعضنا، بل قد يقولها كما حصل بمناسبة النص الأخير الذي نشرته ، وكأن لسان حال هؤلاء : هل مازال لك ما تقوله “وفعلت فعلتك التي فعلت” كما قالها فرعون لموسى. وأجد نفسي هنا في حرج شديد مع أناس موجوعين قد لا أجد معهم قولا غير الإحجام والتواري. ولكن ما قصه الله لنا عن موسى عليه السلام لا يترك لي فسحة للتنصل من الواجب .

 

    بالفعل ما الذي فعلت ؟

 

   أنا ليس لي أي إشكال فيما يسمى بالمحاسبات والمراجعات ، بشرط أن تكون قرآنية ، وأن تكون وفق المنهج القرآني في التقويم والمراجعة . وأنا غير مستعد للتقويمات حسب الأهواء لأنها تفسد أكثر مما تصلح .

 

    أنا أعرف جيدا ماذا فعلت، وليس عندي أي إشكال في الحديث في كل ذلك ، ليس فقط مع من يطالب به ولكن على الملإ. وليس عندي أي إشكال في التوبة من أخطائي ، ليس فقط بين الجدران بل على الملإ. أنا خطاء وكذلك خلقني ربي ، ومع ذلك أؤمن بقول نبينا صلى الله عليه وسلم :”خير الخطائين التوابون”.

 

   وإذا لم تعلموا فأعلمكم أني اجتهدت أن أقنع حركة النهضة بأن المشروع الإسلامي – وما حركة النهضة إلا إحدى تعبيراته – هو من الشأن العام التونسي. وإذا جاز سابقا قبول – بصيغة الحركة الإسلامية بمفهوم التنظيم والحزب – أنها تهم دائرة محدودة ، فإنه بعد التطورات العالمية والمحلية لم يعد هذا مقبولا، بل مطلوب أن تتحول الحركة الإسلامية إلى حركة مجتمع ، وأن يُتناول شأنُها مع الجمهور التونسي.

 

   ومن هنا فقد كنت أطرح دائما أن أوضاع حركة النهضة ، وخاصة المتعلقة منها بمعالجة أوضاعنا وتصحيحها، هي من الشأن العام المطلوب أن يتم على الملإ. أنا أقول بذلك وأدعو إليه في إطار قوله صلى الله عليه وسلم:”كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون”.

 

 

كيف تردون على من يحملكم أنتم شخصيا  قدرا غير قليل من المسؤولية فى ذلك؟

 

   ولأختصر لكم الطريق فيما يتعلق بتحملي المسؤولية ، أقول بشكل أولي – وسيكون لي قول آخر في وقت لاحق – من خلال سؤال سئلته لم ينشر بعد :

 

س : بعد مرور كل هذه السنوات العجاف التي أعقبت المواجهة مع السلطة هل ترون أن لكم مسؤولية شخصية  فى الاشتباك الذى حصل مع السلطة التونسية , وكيف تردون على من يحملكم أنتم شخصيا  قدرا غير قليل من المسؤولية فى ذلك دون إعفاء السلطة طبعا؟

 

ج : طبعا أنا لي مسؤولية، وبعض إخواني – خاصة من غير المطلعين، ومن غير أن يصرحوا – يرونها مسؤولية كبيرة إن لم تكن الأولى. وأنا ليس لي أي مشكل في تحميلي المسؤولية، والمهم أن نعتبر ونستفيد ونتجاوز العطالة والسلبية لأداء ما مطلوب آداؤه . وقد تعرضت في بعض اللقاءات، لمثل هذه الأسئلة، فقلت لإخواني بكل وضوح: “إن الابتلاءات والأحداث هي كشّاف لمعادن الناس وقلوبهم ومؤهلاتهم، وقد عرفتم صاحبكم فالزموا ما عرفتم…. “.

 

   وللعلم فقد كنت سجينا حين أجْريَت انتخابات 1989، حيث خرجت من السجن بعدها في أفريل 1989. وهذه الإنتخابات هي التي أثارت الاستئصاليين نحو المواجهة. ولم ألبث إلا قليلا حتى غادرت تونس بين 22 و 23 ديسمبر 1990 في الليلة التي انطلقت فيها حملة السلطة علينا وبدأت فيها المواجهة. يومها كنت على الحدود، والبلدة التي كنت فيها جرت فيها اعتقالات وإطلاق رصاص حتى ذهب الظن أن الأمن اكتشف أمري وأني أنا المقصود.

 

   ولأني أتحمل مسؤولية، فإنه لن يرتاح لي بال حتى تحَل المشكلة، بل حتى يتم إصلاح ما فسد وجبر ما تضرر.

 

  وتحمل المسؤولية هذه – مع التطورات الكبيرة الحاصلة في الواقع – لم يعد لها من معنى إلا معنى خاصة اعتباري ، وهو تحمل لايعفيني من واجبي الشرعي إذ هو الواجب الأصلي الذي أصدر عنه الآن . ولن أهمل مع هذا واجبي تجاه حركة النهضة بكل ما يقتضيه من رأي ونصيحة واجتهاد في كل ما من شأنه أن يدعم ويصحح ويجدد هذه الحركة.

 

 

خاتمــة :

 

   وفي خاتمة هذه الحلقة التمهيدية أقول : ليس الوجه الأهم في موضوعنا هنا، هو وجه المحاسبات ، ولكن هو وجه العبرة واستفادة التونسيين منه جميعا. وإنجاز هذا الوجه يختلف في أسلوبه ومنهجه عن أسلوب ومنهج وجه المحاسبة. وقد أستبق الأحداث بإعلامكم أنه قد اتصل بي أحد الأحباب طارحا فكرة الاهتمام بهذا الملف فشجعته عليه، وقلت له أنا معك فيه حسبما تسمح به ظروفي وإمكانياتي. وأنا مدرك جدا أن مثل هذا الملف سيحتاج واقعيا وعمليا إلى وقت، والمهم أن يبدأ الاهتمام ولو بأشياء بسيطة فمع الزمن وبالتراكم سيكتمل إنجازه بإذن الله تعالى.

 

وإلى الحلقة القادمة إن شاء الله وهو الهادي إلى سواء السبيل

 

 


 

معارضة المحاصصة والاعتراض على الجزئي قبل الكلّي،حركة التجديد نموذجا؟؟؟

 
مراد رقية   لقد طالعت على صفحات الشبكة وبالصدفة اعتراض أحد نواب كتلة التجديد في مجلس التواب على الأداء المقتتطع من فاتورة الكهرباء لفائدة مؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية لضحالة أو ضعف أداء المؤسسة. ولكن تعجبي كان أكبر من لجوء بعض نواب المعارضة التونسية التي بلغت عتبة مجلس النواب بالوسائل التي نعرفها جميعا والذين يحاولون اقناعنا وايهامنا بشرعية تمثيلهم للمجتمع التونسي داخل هذا المجلس الذي نعرف كيفية تكوينه من قوائم الموالاة أي التجمّع الدستوري أساسا ،أو من قوائم أحزاب المعارضة التي يرتاح اليها ،ويرضى عنها ومنها حركة التجديد؟؟؟ ان حركة التجديد أساسا من بين جملة حركات وأحزاب أخرى”خضراء”و”صفراء” غير ذات لون وطعم ورائحة وصلت الى هذا المكان عبر نظام الصفقة والمحاصصة،فقبلت بالتالي قانون اللعبة الذي يجعلها تمثّل بنسبة مئوية من المقاعد يقع تحديدها ما بين قيادة حركة التجديد والسلطة القائمة مقابل الالتزام بالطاعة ،وبعدم الدخول في المحظورات والتركيز على الجزئي الهامشي قبل الكلّي مثال ذلك تناول النائب التجديدي المحترم مشكلة اقتطاع اتاوة الاذاعة والتلفزة من فاتورة الكهرباء والغاز المتضخمة يوما بعد يوم،وهي مشكلة خطيرة جدّا تعتبر محور معاناة المواطن التونسي المغلوب على أمره،المضحوك على ذقنه من قبل كل الاتجاهات والتوجهات من أقصى اليمين الى أقصى اليسار،المرغم على ابتلاع الأفاعي بأنواعها السامة وغير السامة؟؟؟ فما الذي يريد النواب المحترمون اقناعنا به ونحن نستعد منذ الآن لاستحقاقات سنة2009 التشريعية وسنة2010 البلدية،فهل أن المطالبة بالغاء الاعدام،أو المطالبة بالغاء اتاوة الاذاعة والتلفزة كفيلان وحدهما بتبييض وجه معارضة المحاصصة،أم هل أن جردة الحساب لنواب المعارضة وخاصة المعارضة المنصّبة التي تحترم نفسها مثل حركة التجديد تحتاج الى أكثر من ذلك بكثير؟؟؟ ولعل من نوادر نواب حركة التجديد المعتمدين وصولا لمجلس النواب على نظام المحاصصة أن نائبا منها مشهود له بالتنظير في أوضاع تونس الحالية،وفي عهد الأمين العام السابق الحاكم بأمره لما يئس من وجود اسمه على قائمة الحركة بمنطقة الساحل التونسي تطوّع ضمانا للفوز بدورة ثانية ليدرج نفسه ضمن قائمة الحركة لولاية ريفية قريبة من تونس لا يمت لها بصلة تكريسا  للنزوح السياسي من ولاية الى أخرى ضمانا للبقاء داخل المجلس دفاعا عن الجماهير؟؟؟ لقد مججنا هذه المعارضات الصورية التي تعتمد تعددية المعايير،فهي تعمل بنظام المحاصصة أو الشحن الالكتروني عبر ملىء الجيب شراء للضمائر نيلا لنصيبها من مقاعد المجلس،فتلتزم بالانقطاع عن مطالب الجماهير الحقيقية وعن الاتصال بالقواعد،فأين هم نواب المعارضة ،وأين هي اتصالاتهم بقواعدهم المفترض فيهم تمثيلهم،ما الذي يميزهم عن نواب التجمع الدستوري سوى مجرد يافطات وعلامات مميزة،الجميع منقطع لنداء الطاعة المدفوعة الأجر،ويطلع علينا من حين الى آخر ببعض الفقاقيع والشعارات المموّهة التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟؟؟ فهل أن مؤسسة الاذاعة والتلفزة وحدها هي التي تتميز بأدائها الضحل والماسخ،أم هل أن نواب المعارضة المحاصصين من الذين وصلوا بنظام الصفقة أو التسخير أو المحاصصة يشاركونها في ضحالة وتدني هذا الأداء فلا يستحقون حتى الجرايات التي يتحصلون عليها خلال أكثر من دورة لعبا لدور شاهد الزور أو الشاهد الذي لم يشاهد حاجة أو النائب الذي يلقّن مايقول،أو حتى ان قال واقترب من المحظور فهو لمجرد المساومة ورفع أسهمه لانتخابات 2010 وصولا الى دورة ثانية……أو حتى ثالثة وضمان تقاعد فاخر ووثير لالتزامه بقواعد لعبة المحاصصة؟؟؟ كفانا ضحكا على الذقون ياسادة،ولا تستحمروننا أكثر من ذلك،فأنتم قبلتم اللعبة وتحصلون على المقابل تبديدا لأحلام وطموحات الجماهير التي تدعون زورا الدفاع عنها،فهل أن حركتكم هي حركة تجديد،أم حركة تبديد لحقوق المواطنين بأنواعهم وتعدد مشاغلهم ومشاكلهم التي تدعون حمايتها ورعايتها ضمانا للمحاصصة لاغير،فانتخابات 2009 التشريعيةو2010 البلدية يجب أن تضع حدا لمثل هذا البازار السمج والماسخ الذي أصبح لا ينطل حتى على ضعاف العقول،كفانا انتهاكا لذكاء وكرامة وآدمية المواطن التونسي الذي لم يعد يصدقكم؟؟؟ مع العلم بأن المواطن التونسي يتطوع حاليا بدفع ضريبة الاذاعة والتلفزة،ولا يتابع الا قناة حنبعل أو القنوات الفضائية،فكان من الأفضل للنائب الكريم الذي يشفق علينا من هذه المحنة الوحيدة الفريدة أن يحيلنا على عبثية دفع التونسيين لرواتب النواب والمستشارين موالاة ومعارضة حتى يكونوا شهودا مدفوعي الأجر على نكبة المواطن التونسي المغيّب تماما موالاة ومعارضة من تولّي شؤونه عبر القنوات القائمة التي تشارك معارضة المحاصصة في اغتصابها ومنها حركة التبديد…..عفوا التجديد؟؟؟؟؟؟

 


اكذب اكذب حتى يكشفك الناس

 
 
بقلم عبدالباقي خليفة هل تذكرون تلك ” الزيتة والزنبليطة ” وتلك الادعائية العريضة للنظام الحاكم عندما ( انتخب ) في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ؟ هل تذكرون تلك التعليقات في الاعلام الرسمي ، والناطقين باسمه من موظفي لجنة الاتصال الخارجي ،وبقية شهود الزور ،( حتى لا نقول ذلك الوصف التونسي ) ومن بين تلك التعليقات أن ، انتخاب ،( هكذا قيل وقتها ) “تونس “في مجلس حقوق الانسان ” ضمن 47 دولة ،دليل “على احترامها لحقوق “الانسان “وعلى صورتها المشرقة وسمعتها الدولية . ولم يمض عام حتى طلع بشير التكاري على التونسيين ليفند تلك الادعاءات الكاذبة ، ويخبرهم وبكل ” صراحة ” بأن انتخاب تونس كان ” قرعة ” . ولم يمض عام حتى بدا أن ذلك الانتخاب أو يانصيب مجلس حقوق الانسان ، لم يكن ميزة ولا رشوة بل استدراج لفتح ملف حقوق الانسان في تونس .  ورغم أن بعض الأنظمة كعادتها حاولت مجاملة النظام التونسي لاعتبارات دولية ، بحكم أن نظام 7 نوفمبر محسوب على الأنظمة العدوة لشعوبها والمرتهنة للخارج ومشاريعه الاستعمارية الراهنة و المستقبلية ومستعد لتطبيق كل الشروط الخارجية من أجل البقاء في الحكم ،وإن كان على حساب تقدم وانعتاق البلاد والعباد من الهيمنة الأجنبية على المقدرات والارادات وبالتالي القرارات السياسية والاقتصادية و الثقافية والاجتماعية والاستراتيجية  التي تهم الدولة التونسية . رغم ذلك صمدت الكثير من المنظمات غير الحكومية على موقفها المشرف من قضية حقوق الانسان في تونس ، كالفيدرالية الدولية لحقوق الانسان .وهذا ما حدا بالنظام التونسي لمنع وفدها من دخول تونس لزيارة السجون التي تحولت في عهد بن علي إلى معسكرات اعتقال نازية ، وبوسائل أكثر همجية ، تتمثل في استراتيجية القتل البطئ للمساجين الذين قضى الكثير منهم نتيجة الامراض المزمنة التي أصيبوا بها داخل زنازين على ترقى لمستوى الاصطبلات ( 2 ) . لكن النظام التونسي يسمح للصليب الاحمر الدولي بزيارة السجون لان الصليب الاحمر لا ينشر تقاريره على الملأ ،لذلك فالنظام لا يخشى الفضيحة المدوية ،فيما لو سمح للفيدرالية الدولية لحقوق الانسان أو منظمة العفو الدولية أو منظمة هلنسكي بزيارة السجون النوفمبرية  . يقول التكاري وزير ( العدل وحقوق الانسان ) أن جميع دول العالم لديها تجاوزات بخصوص حقوق الانسان ، وربما يعني بذلك دولة الكيان الصهيوني و الولايات المتحدة الاميركية ، بخصوص معتقل غوانتنامو .ولم يلاحظ التكاري ، ( وهو بالمناسبة من مفتي النظام ) وأمثاله ،وياللعار بأن الدول التي يعنيها لا تعذب مواطنيها ، وإنما مواطني دول متخلفة بسبب أنظمتها الاستبددية كالنظام التونسي ، ويعتبرهم مقاتلين أعداء . ولو كان هناك أميركيا أواسرائليا أوبريطانيا أو فرنسيا في أي سجن في العالم فإن دولهم ستعمل على اطلاق سراحهم بأي ثمن ومهما ارتكبوا من جرائم . وقضية الفرنسيين المتورطين في جريمة تهريب أطفال أفارقة من تشاد ليس عنا ببعيد ، وتفدي الدول الديمقراطية مواطنيها بملايين الدولارات حتى لو ذهبوا للقتال من أجل المال في العراق أو غيره كما فعلت ايطاليا في وقت سابق ودول أخرى . ولكن انظروا كيف يعامل نظام بن علي المواطنين التونسيين الذين يعتبرهم معارضة ولا سيما الاسلاميين منهم . سواء كانوا في الداخل أوالخارج بل أن الانظمة الاستبدادية ويا للخزي والمهانة والسقوط تقوم بتعذيب مواطنيها للحصول منهم على اعترافات تطلبها الدول الأخرى .وتحرض عليهم دول أخرى ، وتفرح للمصائب التي يعانيها مواطنوها المعارضون في الخارج ، فالقضية لا تتعلق بالكرامة الوطنية وقداسة المواطن بالنسبة للانظمة التي على شاكلة النظام النوفمبري ،وإنما بحسابات المافيا والعصابات الاجرامية ، ولا تنظر للمعارضة كمعارضة ،وإنما كأعداء للنظام . يتحدث النظام عن وجود 9 أحزاب ( معارضة ) ، وعن وجود 36 عضوا ( معارضا ) داخل مجلس النواب ، وعن وجود 300 عنوان اعلامي . وهو بذلك يريد أن يقول إن الديمقرطية وحرية التعبير مكفولة في تونس مع هذا الكم الهائل من الأحزاب والنواب ووسائل الاعلام ،وهي مغالطة لم تعد تنطلي حتى على الأطفال في المدارس . فالشعب ليس مجموعة حيوانات في اصطبلات النظام ، يقدم لها نوع الماء والعلف الذي يختاره ، بل شعب حر له اختيارت أخرى غير التي اختارها له النظام النوفمبري . والحل ليس في عدد الاحزاب المعترف بها ولا نوابها في البرلمان ولا الصحف والمجلات الصفراء التي يدعمها ، وإنما في كسر قيد الشعب وكل تلك الارقام والعناوين جزء منه ، وقد يحتفظ بها للذكرى كما يحتفظ الالمان بأجزاء من جدار برلين . فهي الحاجز الحقيقي بينه  وبين الحرية الحقة والديمقراطية الحقة . إنه الغبار الذي يحاول النظام عبثا أن يمنعهم من خلاله من الرؤية ، ويسد به عنهم الآفاق الرحبة للحرية والديمقرطية الحقيقيتين . يتحدث النظام عن نسبة الفقر في البلاد برقم  3،8 في المائة ، وعن 2 من كل 3 تونسيين يملكون مسكن خاص وعن نسبة 99 في المائة من التمدرس ، وهي أرقام لا يمكن التأكد من صدقيتها في ظل حرمان التونسي من حق الوصول للمعلومة من مصادرها ،وفي ظل تداخل السلطات التنفيذية والتشريعية وفي ظل سوابق كذب استراتيجية اعتمدها النظام ويعتمدها حاليا . ليس في مجال الأرقام فحسب بل فيما يتعلق بالمنظومة القانونية ، فهناك مغالطات وأكاذيب لا تحصى . وليس في مجال الدعاية الداخلية فقط بل شمل ذلك التقارير التي يقدمها النظام للجهات الدولية عن الوضع الاقتصادي والتشريعي وغيره ، وبناء على ذلك تصدر القرارات الدولية .وحتى لا يكون كلامنا بلا سند نذكر مثالا واحدا من الامم المتحدة ، فأثناء مناقشة الاعضاء تقرير النظام في تونس عن حقوق الانسان شكر جميع من جاملوا النظام ، قرار إلغاء عقوبة الاعدام ، بينما لم يلغ النظام تلك العقوبة ، وإنما يقول إنه علقها ، وبين التعليق و الالغاء بون شاسع ، اللهم إذا كان ذلك يعني شيئا واحدا عند النوفمبريين . ( للحديث بقية بعون الله ) عبد الباقي خليفة صحفي تونسي (المصدر: موقع الحوار.نت(  ألمانيا )  بتاريخ 26 أفريل )


في تونس : النجدة ساركوزي يرحمك الله !

 

 
مرسل الكسيبي*
في الوقت الذي تمعن فيه السلطة في خيارات سياسية وحقوقية قروسطية على حد تعبير مثقفة ألمانية , تنتظر بعض أطراف المعارضة التونسية في شغف زيارة الرئيس ساركوزي ابتداء من يوم الاثنين 28 ابريل 2008. السلطات التونسية تستقبل ضيفها الرسمي رغبة ولهفا في تحقيق أكبر المكاسب الاقتصادية والاستثمارية الممكنة ,وسط مناخ دولي واقليمي وقطري يتسم بارتفاع الأسعار واشتداد الطلب على المحروقات في ظل بداية تراجع عالمي لحقبة الطفرة النفطية . أما الدولة الفرنسية فتتشوف هي الأخرى من خلال هذه الزيارة الى تثبيت أقدام مشروع الاتحاد المتوسطي في منطقة شمال افريقيا والى تحقيق أكبر الامتيازات في حقول الطاقة والنقل الجوي , علاوة على موضوعات أخرى ذات طابع سياسي واستراتيجي تتطلع لها من خلال كبح جماح الهجرة السرية ومزيد من احكام الطوق على ظاهرة الارهاب . تتزامن زيارة ساراكوزي للجمهورية التونسية مع حمى وطيس المعركة السياسية الرئاسية بين الحزب الحاكم في تونس والحزب الديمقراطي التقدمي الذي يرغب في تثبيت مساحات له في الفضاء العمومي وفي توسيع دائرة الاعتراف به على الصعيد الوطني والاقليمي الدولي بدائرته الأوروبية المتوسطية . السلطات الحاكمة تبدو قلقة ومتشنجة الى أقصى الحدود تجاه مبادرات سياسية ذكية يتقنها الديمقراطي التقدمي في محطات تشكل ذروة الاحراج في المشهد السياسي الداخلي ومتعلقاته الخارجية , فعلى مدار أربع سنوات تقريبا أصبح الأستاذ أحمد نجيب الشابي ومية الجريبي ورشيد خشانة ومنجى اللوز ومحمد القوماني وغيرهم من اعضاء المكتب السياسي أو اللجنة المركزية خلية نحل وطنية مزعجة لأصحاب وصانعي القرار … الديمقراطي التقدمي استطاع من خلال اتقانه للعبة التضحية بالجسد عبر دخول قادته في سلسلة من اضرابات الجوع التاريخية …, استطاع أن يتحول الى ظاهرة غاندية جديدة في منطقة شمال افريقيا , ولقد باتت سلمية هذه التحركات وكثافة تغطيتها اعلاميا وسياسيا من خلال شبكة من العلاقات القوية برجال الاعلام والديبلوماسيين اسفينا يدق مع كل مرة في جسد سلطة تفتقد الى الحنكة والذكاء في ادارة المشهد السياسي والأزمات … تعودت السلطة على ربح جولاتها مؤقتا باستعمال أساليب القمع والتركيع عبر الترهيب بسياسة العصا الغليضة … , غير أن استفاقة جماعية لمكونات الفضاء العمومي وتمرسا على ادارة الصراع السياسي مع أقدار كبيرة من الجرأة , كل ذلك ساهم في خسارة سياسية فادحة ومتفاقمة لجهاز حكومي لم يعد له من أسلوب في ادارة الأزمات غير الاعتماد على تسييس القضاء واقحام المؤسسة الأمنية في قضايا ليست من صميم اختصاصها . تتزامن اليوم زيارة الرئيس ساراكوزي للجمهورية التونسية مع اضراب عن الطعام يقوم به الزميلان رشيد خشانة ومنجي اللوز من صحيفة الموقف المعارضة , ويهدف اضرابهما الى منع السلطات من اسكات صوت منبر معارض لايسمح له بتوزيع أكثر من 8 الاف نسخة على مدار كل أسبوع  مع صعوبات بالغة في الوصول الى الأكشاك فمابالكم بالشارع التونسي ! التوقيت يبدو ذكيا جدا ومعبرا عن غفلة السلطة عن كثير من الكبائر التي ترتكبها في حق المعارضين وفاعلي المجتمع المدني , فقبل أيام قليلة وصل بها الحد الى تهديد الأستاذ المحامي مراد النوري بسكين حينما كان يهم بالالتحاق بمكتب أبيه المحامي البارز الأستاذ محمد النوري … ويوم الجمعة 25 أفريل 2008  تلقى رئيس منظمة حرية وانصاف الحقوقية المستقلة دعوة للتحقيق لدى النيابة العمومية يوم الاثنين 28 افريل 2008 أي يوم حلول الرئيس الفرنسي ساركاوزي ضيفا على تونس ! وعلى مدار أيام وأسابيع تسبق هذه الزيارة مباشرة تتالت المحاكمات والاعتقالات استنادا الى قانون 10 ديسمبر 2003 اللادستوري , وهو ماضاعف من قلق المجتمع والنخبة وغضبتهما الشديدة على السلطات , ولعل بعض العارفين بالشأن العام يؤكدون على أن اضطرابات الحوض المنجمي بمنطقة قفصة لم تكن الا انذارا سياسيا وجهته المعارضة بطريق غير مباشر عبر تحريكها للجبهة الاجتماعية … المشهد السياسي التونسي يقف على أعتاب زيارة ساراكوزي الى تونس مترقبا ليس أكثر , ولو أن البعض يبدو متضرعا  ” النجدة ساراكوزي يرحمك الله ! ” , عسى أن تحمل الديبلوماسية معها بعض مفاجات الانفراج المؤقت , غير أن الكثيرين يميلون الى أن وحدة الصف المعارض والتحام النخب مع الجماهير هما الكفيلان لوحدهما باحداث  فجوة في جدار موالاة تبدو ظاهريا متماسكة الى أبعد الحدود غير أنها تحمل في أحشائها بوادر قلق وتململ أمام تراجع سياسي وحقوقي ليس فقط على صعيد المنطقة وانما على صعيد ارث الزعيم التاريخي الأول وصعيد تجارب ثلاثة عقود من تاريخ الاستقلال . (*) رئيس تحرير صحيفة “الوسط التونسية” (اليكترونية – ألمانيا)   (المصدر: مدونة مرسل الكسيبي بتاريخ 27 أفريل 2008) الرابط: http://morsel-reporteur.maktoobblog.com


قال زكريا:
 الآن وهنا،
 
علينا أن نتوقف لحظة كي نرى مليا الدابة التي هي بصدد أكلنا كلنا، نحن القطيع، بقطع النظر عن انتماءاتنا أو هوياتنا الفكرية أو العقائدية، تحولنا إلى قطيع لا يفكر بل يخاف على مصالحه الصغرى: أن يبقى على قيد الحياة اليوم، كما فعل الثور الأبيض قبل أن يؤكل الثور الأسود، تعرفون بقية القصة. هل سيكون علينا، أن نعيد مشاهدة التفاصيل ذاتها التي شردتنا قبل عشرين عاما ؟ أنا اليوم أسأل السؤال ذاته قبل ذلك، منذ أربعة وعشرين عاما: من قتل أخي، من قفز من سطح البيت لكي يأخذ أمي ويغتصبها باسم قوة الدولة، فقط لكي يعرف مكاني؟ هل كان ذلك يستحق اغتصاب امرأة في الخمسين من العمر ؟ ها هي في الثمانين لم تبرأ من جراح الاغتصاب الغادر الذي لا مبرر له في أية شريعة، حتى الكلاب لا تغتصب أمهاتها فلم نجد ما نقوله لها كلي نداوي جراحها. لم أكن “أرهابيا”  في أي عصر ولا في أي مفهوم، لا بالمعنى السياسي ولا بمعنى قانون الإرهاب الذي خاطه بعد ذلك خياط الحكومة لكي يستبيح الحريات العامة، إذ قريبا جدا، سوف تصبحون كلكم إرهابيون لمجرد التفكير. لا تخسرون شيئا إذا انتظرتم. إضرب رأسك على الحائط، يقال لي، إنها الدولة، أو انتحر. أنا زكريا، حسنا، سوف ننتحر في قلوبكم، بعدها لا تلومونا لأنكن دفعتمونا إلى فقدان الرغبة في الحياة. بالأمس فعلوها وانتهكوا القانون والأخلاق العامة، ليس كرها في الإسلام ولا حبا في السيد المفتي، لكنهم فعلوا ذلك دفاعا عن صاحب القصر، أكان حبهم له أو بقاءه في القصر يتطلب اغتصاب أمهاتنا ثم اغتصابنا نحن الأطفال؟ بعدها، أروني صور أمي وهم يغتصبونها. أولاد الكلب التقطوا لها صورا وهم يغتصبونها. اغتصبوني أنا أيضا بالتفاصيل المدمرة ذاتها، بل بلغت بهم البذاءة حد التبجح بأنهم يغتصبون المكان الذي جئت منه، لم أكن أعرف أن الوحشية في أكل الثور الأبيض قد تبلغ هذا الحد، هل كان ذلك لإخافة الثور الأسود؟ “وظلم ذوي القربى أشد مضاضة”، قال المتنبي، لأن الذي اقترف كل ذلك تونسي اسمه حلاس أو القاطري، أو محمد الصالح، بيد أنه تونسي، من هذه الأرض، آه يا أبي، وله أم عجوز، وخالة معاقة وأخت مطلقة، ويعاني من غلاء الأسعار مثلنا تماما يا إلاهي. إذن من أين اكتسبوا هذه القدرة على كرهنا، نحن الذين ناقشنا الدولة في أشياء بسيطة جدا. إذن لا يلومني أحد هنا، فأنا أعرف عما أتحدث عندما أقرر أن أقتل نفسي أو ما تركوه مني، على الأقل سوف أعمل على أن يكون لموتي النهائي معنى. رغم أنهم أخذوني وأنا لا أعرف وقتها عدد ركعات العصر، فقد اكتشفت الله، ولم أجد ملاذا غيره في ذلك الجحيم الأرضي الذي اسمه السجن، حيث لم أجد معنى للعدل الكوني “أي معنى للحياة إذا اغتصبي حمار فشل في تجاوز السنة السادسة إبتدائي بالنظام القديم؟”. طيب، هذه قناعات شخصية، لا تلزم أحدا غيري، لكن على الأقل، الله له كلام واضح ونهائي لا يغيره منذ خمسة عشر قرنا. ليكن، لكني لا أحب أن أتحدث مع الناس انطلاقا من معتقدات شخصية، بل من الباب الذي أكل منه الثور، أيا كان لونه. الآن تأكلنا الدابة، في الرديف أو في أم العرايس، في المظيلة، أو في القلعة الصغرى حيث يقتل الناس في صمت. الآفة نفسها، إنها قادمة، قريبا تكون في حي التضامن، في المنيهلة، على أبواب بيوتكم، وبيوتكم من زجاج وفي أيديكم حجر، يا أبي. في أيدينا حجر وأحزان بلا شفاء غير ضرب الدابة. اغفر لنا يا أبي في قبرك، إذ لم نكن نتوقع أن نعيش كل هذا الذل لأجل بقاء سيد القصر في قصره. الآن وهنا، علينا أن لا نخطئ في تحديد هوية العدو، هذه الدابة، إنه ذلك الكامن فينا، الذي يعيش من “القوادة والطحين” الذي فينا، من قدرتنا على عدم احترام أنفسنا ولا احترام الآخرين القريبين منا، ترى الواحد منا يقضي حياته في الدفاع عن القيم العليا، ولا يفطن للقيم الدنيا لاحترام جاره. أرى الناس يتقاتلون على أبواب الحافلات والدابة قادمة، تأكلنا كلنا لكي تبقى في القصر ولكي تأكل أطرافها من لحومنا، لكي تأخذ من ثمن خبزنا اليومي، لكي يضاعف أولاد الكلب ثرواتهم من لحومنا وخبز أطفالنا. الآن وهنا، علينا، كتب علينا أن نعيد صياغة القيم الأخلاقية لكي نواجه العدو الكامن فينا: “الجبن والخوف والبحث عن مكان متميز بين القطيع الذي سوف يؤكل اليوم أو غدا”. سوف تأكلنا الدابة، “المسيح الأعور”، ذلك الذي لا ينام في قصر قرطاج في انتظار نهايته المحكوم بها قدره: “لن يموت إلا قتيلا، مضرجا بالدم، بمأساة سوف تؤسس لما بعده كما أسست لما قبله، لكننا لن نستفيد منها، طالما أن الواحد منا، يجد الجرأة لكي يرمي زبالته في الشارع، ثم يتشدق مع الناس عن حقه في معارضة الدولة. الآن وهنا، أقترح عليكم فتح باب للحديث عن الدابة، لا غير، فلنبدأ بتحديد شكل وهوية الدابة، قبل أن تأكلنا، هذا كلام زكريا، هكذا قال زكريا، ولكم القول.


الافتتاحيّة عيد العمّال عيد العمل والأمل

 
تحتفل الطبقة العاملة وعموم الكادحين بعيد العمّال العالمي ويترافق ذلك مع احتفالنا في حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ بالذكرى الثالثة لتأسيس الحزب. ونحن نتقدّم بالتحيّة في هذه المناسبة لكلّ المناضلين، وكلّ الكادحين في وطننا وفي العالم. هؤلاء الذين يكابدون المشاق وينتجون الثروة ويناضلون من أجل مجتمع عادل ومصير مشرق لشعبنا ووطننا وكلّ الإنسانية. ومن واجبنا أن نقف وقفة تأمّل وتقويم لما نحن فيه من أوضاع وما نحن مقبلون عليه من استحقاقات. لقد تقدّمنا في بلورة ذات سياسية حاضرة وفاعلة في العديد من جهات البلاد وفي العديد من قطاعات النشاط بأصنافه السياسية والاجتماعية والثقافية وأصبح صوت الحزب مسموعا في أغلب الملفات والقضايا التي تشغل بال جماهيرنا، وكان هذا الصوت جامعا بين الدفاع المتماسك عن مصالح الكادحين والانحياز المشروع لقضايا العدل والحريّة والمساواة، والتصدي لكلّ المظالم ومظاهر الحيف والغبن أينما كانت تصديا واعيا وحازما دون تشنّج أو افتعال وهو ما جعل اشعاع الحزب وانتشاره يتوسّع الأمر الذي يضعنا أمام مرحلة جديدة من عملنا عنوانها الكبير الاستعداد لانجاز المؤتمر الأوّل للحزب وذلك في ترابط وثيق مع المهام النضالية المتنامية والملتحمة بمطالب الكادحين وتطلعاتهم. إنّنا نتحرّك في واقع سياسي مازال محكوما باستقطاب ضار، إذ يواصل النظام الاستبداد والتضييق على الحريات فهو مازال يمنع أحزابا مدنية من حقّها في العمل القانوني مثل حزبنا والحزب الاشتراكي اليساري، وحزب تونس الخضراء. ويضيّق على نشاط أحزاب معارضة معترف بها ويحول دون تحقيق انفراج حقيقي في الحياة السياسية قوامه اطلاق الحريات وسنّ عفو تشريعي عام، وإعادة الاعتبار لحقّ المواطنة وسيادة القانون. ويواصل تطبيق املاءات صناديق النهب ويستجيب للدوائر الامبريالية الهيمنية. وتبلورت في المقابل مشاريع ليبرالية ورجعية تتستّر بالدين وتستند في تحرّكها إلى دعم الدول الاستعمارية فهي تعارض التسلّط والاستبداد لتعوضه بتسلّط وتخلّف لا يقلّ خطرا على مصالح الشعب ومستقبل الوطن. كما تتفاقم في البلاد أوضاع الغلاء والبطالة وتسود حالة من اليأس لدى قطاعات واسعة من الفئات الشعبية ولدى شريحة الشباب على وجه الخصوص مما أفضى إلى ردود فعل عفوية مثل الاحتجاجات الشعبية التي شهدها الحوض المنجمي خلال الفترة الأخيرة. كلّ هذا في ظل حالة من الارتداد الفكري والتدهور القيمي تغلق كلّ أبواب الأمل ولا تبقى من خيارات أمام شبابنا غير الانحراف والهجرة المهلكة أو الوقوع في براثن الفرق الرجعية المتاجرة بالدين.  إنّ هذه الأوضاع تحتّم على حزبنا أن يكون في طليعة النضال من أجل مستقبل أفضل لبلادنا وشعبنا في سبيل حياة سياسية متحرّرة وديمقراطية تقوم على أسس مدنيّة متطوّرة وتعكس إرادة المواطنين الأحرار في تسيير شؤونهم واختيار حكامهم على أساس البرامج السياسية المحقّقة لمصالحهم، لذلك انخرطنا وسننخرط في كلّ جهد نضالي يحقّق ذلك ونحن نمدّ يدنا لكلّ القوى الديمقراطية والوطنية لتجسيد البديل الديمقراطي التقدمي القادر على تغيير موازين القوى السياسية لصالح الشعب وقواه التقدمية، ولمواجهة الاستحقاقات السياسية المقبلة على هذا الأساس. كما أننا مهتمون بالنضالات الاجتماعية المشروعة للعمّال وعموم الكادحين من أجل تحسين الأجور والتصدي للغلاء ومساندة مطالب العمّال وتحركاتهم بمناسبة المفاوضات الاجتماعية ومن أجل ضمان الحماية الاجتماعية وتوفير الخدمات الأساسية من صحّة وتعليم وتنقّل وتدعيم الحقوق النقابية والمهنية. ونحن مهتمون بتطوير نشاط الجمعيات الأهلية والنقابات ومجمل مكونات المجتمع المدني وبفتح إمكانيات حقيقية لتأطير المواطنين سياسيا واجتماعيا وثقافيا ليأخذوا مصائرهم بأيديهم ويحقّقوا مطالبهم في الحريّة والعدل والمساواة والرفاه. ونحن نعي أنّ مشاغلنا في تونس وثيقة الصلة بمشاغل جماهير منطقتنا المغاربية وهموم أمتنا المناضلة ضدّ الامبريالية والصهيونية.  فنحن نتطلّع إلى انجاز مغرب عربي يوحّد الشعب على أسس ديمقراطية ويبني فضاءا اقتصاديا واجتماعيا متقدما ومتناسبا مع متطلبات مرحلة العولمة الليبرالية التي لا بدّ فيها من كيانات فاعلة في مواجهة أطماع الهيمنة وقادرة على حفظ المصالح الوطنية. كما أنّ ذلك يترافق مع النضال العربي الشعبي المتواصل ضدّ الاحتلال في العراق وفلسطين وضدّ مشاريع الهيمنة ونحن نستغلّ هذه المناسبة لنحيّي المقاومة الصامدة في القطرين المحتلين وندعو إلى حشد كلّ الطاقات لدحر مؤامرات الاحتلال والتطبيع مع الصهاينة والعملاء، ولتفعيل النضالات الوطنية الوحدوية بين مختلف الأقطار العربية. ونحن نستحضر في هذه المناسبة عمقنا الأممي ونعلن أنّ معركة الانسانية واحدة ضدّ الاستغلال والاضطهاد وضدّ الحروب الامبريالية العدوانية الواقعة أو التي يعدّ لها من خلال التحرشات والتهديدات لكلّ من لا ينصاع لمخططات حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها. ونرفع أصواتنا عاليا لنقول:  يا عمّال العالم وشعوبه وأممه المضطهدة اتحدوا وإن عالما بدون استغلال وبدون اضطهاد وبدون حروب عدوانية وبدون تخريب للبيئة والمحيط ممكن الانجاز بفضل تكاثف جهود الانسانية التقدمية وقواها الحية ضدّ الامبريالية في زمن العولمة.
( لمصدر:”الإرادة” نشرية حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  – العدد السّابع أفريل/ماي   2008 )
 


انتـخابات 2009: الرّهـانات والحسـابات

 
تشهد الساحة السياسية حراكا لافتا في علاقة بالاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي لسنة 2009. فقد بدأ الحزب الحاكم وقبل حوالي سنتين من الاستحقاق حملة لمناشدة رئيس الجمهورية للترشح لولاية خامسة. وأعلن الحزب الديمقراطي التقدمي في الأيام الأخيرة ترشيح السيد أحمد نجيب الشابي للرئاسة وهو أوّل مترشّح يعلن عن ذلك إلى حدّ الآن. وأعلن الحزب كذلك إعداده لقوائم في كافة الدوائر للانتخابات التشريعية. ونحن وإنّ كنّا نرى أن حقّ الترشح يجب أن يكون مكفولا لكلّ المواطنين وفق ضوابط قانونية وديمقراطية عادلة وشفافة في إطار من التعاقد المدني يسمح بتعدّد الترشحات لكلّ المناصب السياسية وفي صدارتها منصب رئيس الجمهورية ويضمن فعليا حقّ المواطن في الاختيار وتحقيق إمكانية التداول على مناصب التسيير والتمثيل السياسي وهو جوهر نظام الحكم المدني الديمقراطي الحديث. وفي هذا الإطار ننظر إلى كلّ الترشحات الحاصلة أو ما سيحصل منها. ولكننا الآن نرى أن هناك قضايا إطارية تحفّ بالانتخابات القادمة وتكتنفها جديرة بأن تسلط عليها الأضواء. · إنّ الرهان الأساسي للاستحقاق الانتخابي المقبل في نظرنا يدور حول مسائل توفّر الحدّ الأدنى من شروط العملية الانتخابية ذات المصداقية، وذلك في مختلف مراحل العملية الانتخابية بدءا من تسجيل الناخبين وتحديد الدوائر إلى شروط الترشح وشفافية العملية الانتخابية وظروف سيرها من الحملة الدعائية المتوازنة توازنا فعليا إزاء القانون إلى عملية الاقتراع والفرز والإعلان في كنف من الإشراف المحايد النزيه بعيدا عن كلّ تسلط أو تصرف في إرادة الناخبين. ويبدو هذا الرهان هو المدار الفعلي للاستحقاقات الانتخابية المقبلة. فما من شك في أن السلطة ـ وككلّ سلطة قائمة ـ تسعى لاستمرار حكمها وتفوقها في الاستحقاق الانتخابي ولكن بأي ثمن؟ هل مازال واردا في انتخابات 2009 أن تتواصل مهازل الترسيم الانتقائي للناخبين ويحرم جلّ المواطنين ذوي الرأي المخالف أو حتى غير المعروف من حقّ الانتخاب؟ هل مازال واردا أن تمارس شروط اقصائية غير عادلة تفرغ العملية الانتخابية من أي مصداقية فيزاح من السباق الانتخابي كلّ المعارضين ذوي الكفاءة لأنّ السلطة هي التي تقرّر من يعارضها وهي التي تختار من يدخل البرلمان ممن تثق بهم ليقوموا بالدور الذي رسمته سلفا لهم؟ وهل مازال وارادا أن تشرف أجهزة الحزب الحاكم الملتبسة بأجهزة الدولة على كلّ العملية الانتخابية من الترسيم إلى الانتخابات فالفرز والإعلان فتكون تلك الأرقام العجيبة التي تحضر فيها الأغلبية الساحقة من المواطنين للانتخابات حتى وإن كان أغلبهم قد لازم بيته، ويساند أغلب من نسب لهم الحضور مرشحي الحزب الحاكم فتكون النسب التسعينية التي أصبحت من التحف النادرة ومن الغرائب المضحكة المبكية، وأصبحنا بموجبها في أسفل سلم الديمقراطيات الناشئة حتى بمقاييس المنطقة التي تنتمي إليها والتي يخجل أحدنا من مقارنة حالنا بحال من كنّا نتفوق عليهم. هل من الوارد أن تكون انتخابات 2009 نسخة من انتخابات 2004 بل من كلّ الانتخابات التي سبقتها منذ أكثر من نصف قرن؟ لا شكّ في أن هناك قوى شدّ عاتية ترغب في إدامة واقع الاستبداد والانغلاق وإشاعة الإحباط من كلّ تطوّر سياسي ديمقراطي، ولكن هذه المرة لن يكون الأمر سهلا لسببين: أولهما داخلي يتمثل في وجود قوى سياسية اكتسبت نوعا من التجربة ومن المشروعية باتت تؤهلها لخوض معركة حقيقية حول الرهان السياسي لاستحقاق 2009. وثانيهما عوامل خارجية ضاغطة لا تسمح بتكرار السيناريوهات البائسة التي تزيد من حدّة الاحتقان وتسارع باتساع حزام تهديد المصالح. · ويبدو أن خيار العامل الخارجي واضح وضاغط في الاتجاهات التالية: – التوافق أمريكيا وأوروبيا على القبول بإمساك التجمع الدستوري الديمقراطي ورجالاته بمقاليد الأمور في تونس خلال المرحلة القادمة وبالتالي فإن انتخابات 2009 يجب أن تكرّس هذا التوافق الضامن لمصالح الجميع. –   ولكن هذا الإمساك بمقاليد الأمور لا يجب أن يكون في صورته القديمة أي صورة المستبد الحاكم بأمره والمحدّد لمعارضيه والمقصي تعسفا لمن لا يرغب فيه حتى وإن كان صديقا للغرب وصديقا للولايات المتحدة الأمريكية تحديدا. إنّ هناك رغبة أمريكية واضحة في إبراز معارضة صديقه للغرب مشكّلة من جناحين حيويين هما المعارضة الليبرالية التي تمتدح النموذج الأمريكي وتشيد بفضائله صباحا مساء، وتؤاخذ النظام القائم على بطء الانخراط في العولمة الليبرالية وتقدّم نفسها أداة أنجع اقتصاديا وسياسيا لتحقيق ذلك وجناح اسلاموي يكرّس صورة ما يسمى بالإسلام المعتدل في أحزاب تدمج في النظام وتدخل البرلمان وتتوافق مصالحها مع توجهات القوى الهيمنية وتخدم مخططاتها وتضفي عليها مشروعية هي في أوكد الحاجة إليها لمواجهة الفرق المسماة بالجهادية وليس أدلّ على ذلك من التشكيلات السياسية الملازمة للبرلمانات العربية مشرقا ومغربا من الكويت إلى الأردن ومن مصر إلى المغرب ولكنّ المثال الأعلى الذي يتوق الأمريكيون لتعميمه هو المثال التركي من خلال سيطرة الإسلام السياسي على البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية في توافق تام مع سياسات الولايات المتحدة والحلف الأطلسي والكيان الصهيوني. وسينعكس هذا وجوبا على واقعنا وعلى استحقاق 2009 ويصار بفعل تظافر العوامل الداخلية والخارجية إلى نوع من التوافق يحتفظ فيه الحاكم بالحكم ويتنازل ولو جزئيا عن اختيار معارضيه، وسيفسح المجال أمام المعارضة الليبرالية والاسلاموية لتبرز باعتبارها البديل المستقبلي الذي ترغب فيه قوى اجتماعية واقتصادية محلية ذات صلات وثقى بمصالح الكمبرادور والاقتصاد المعولم وبالتشكيلات الاجتماعية التقليدية وسيسعى لإدخالها إلى البرلمان وتقديم رموزها باعتبارهم المعارضة الأكثر تمثيلية ومصداقية هذا التوجّه الذي جوهره صياغة معارضة متماسكة للاستبداد السياسي في ظل التوافق معه على التوجهات الاقتصادية والاجتماعية الجوهرية ومنافسته على التحالفات الخارجية الضامنة للحماية والمانعة لتجاوز الخطوط الحمر في التعامل بين الفرقاء. وكان من أبرز تمظهراته كذلك تلك الحملة المسعورة على كلّ ما هو معارضة يسارية وكلّ ما هو فكر مقاوم للاستبداد السياسي على خلفية التباين السياسي والاقتصادي والاجتماعي لخيارات العولمة الليبرالية والربط بين ذلك وبين الإصرار على الاعتماد على القوى الذاتية والتمسك باستقلالية القرار الوطني ومناهضة التدخل الامبريالي الهيمني في الحياة السياسية الداخلية فلا يمكن أن نرفع لواء الوطنية وننافس من ننتقدهم على كسب ودّ السفارات الامبريالية. لهذه الأسباب تمارس تلك السياسة المنهجية الدؤوبة على إقصاء اليسار بمكوناته الديمقراطية والوطنية وإظهاره في صورة القوّة الآفلة عديمة التأثير والحضور، والسعي لإجباره على دخول بيت الطاعة الامبريالي من خلال دفعه للتخلي عن مواقفه الديمقراطية المناهضة للحركات السياسية الرجعية وللبدائل الاجتماعية المتخلّفة وذلك تحت يافطة القبول بالآخر والتصالح مع الإسلام السياسي المعتدل بل أصبح من حسبوا يوما على اليسار يتبرؤون من التطرّف العَلماني. وكذلك من خلال دفع اليسار للتخلي عن مواقفه الوطنية المناهضة للهيمنة تحت تعلة تغير الظروف وتشابك المصالح وتداخل الإرادات. فالحدود الوطنية للقرار السياسي ليست إلا بقايا تفكير انعزالي فقد مبرّراته في ظّل العولمة التي وحّدت القرية الكونية ولم يعد مستنكفا في ظلّها التدافع على أعتاب القوّة العظمى الوحيدة في عالم اليوم، ألم يفعل ذلك حكام العراق اليوم بعد أن كانوا طابورا خامسا لغزو بلادهم؟ وغيرهم من سعى ويسعى ليكون أداة للسياسة الأمريكية في المنطقة الجاهزة لاحتضان القوى السياسية المتوافقة معها بشرط أن تتبرّأ من تهمة اليسار والاشتراكية ومن تهمة الوطنية ومناهضة الاحتلال والصهيونية. · ولهذه الأسباب جميعا نرى أن استحقاق 2009 جدير بأن يخاض بوعي بمجمل هذه الرهانات، جدير بأن يواجه بموقف يساري تقدمي وطني واضح يتباين مع موقف السلطة الراغبة في إبقاء دار لقمان على حالها من حيث الجوهر، ويتباين كذلك مع كلّ البدائل المغشوشة التي ليست إلا تطبيقا محليا لمخطّطات الهيمنة والتي في صدارتها مشروع “الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا”. ولهذه الأسباب نرى نحن في حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ أنّ مواجهة هذا الاستحقاق يقتضي سلوكا سياسيا واضحا وبرنامجا مطلبيا يجمع بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي واجتماعي ووطني وقوة سياسية قادرة على النضال من أجل تحقيق ذلك. فنحن في حاجة لبلورة قطب يساري وديمقراطي تقدمي يكون في مقدّمة النضال ضدّ الاستبداد السياسي الواقع وضدّ مشاريع الاستبداد المتوقّعة، يلتئم حول أرضية دنيا توافقية ترسم حدودا واضحة بين مكوناته وبقية البدائل المطروحة على الساحة السياسية وهذا ما يبرّر وجدوده وتميزه. ونحن نعتبر الاستحقاقات المقبلة فرصة مناسبة لبلورة وإبراز هذا البديل الذي يجب أن يحمل لواء المطالب الشعبية والحملة الانتخابية مناسبة للدعاية لتلك المطالب ولتعبئة الناس حولها والتي منها: 1. الاعتراف بالأحزاب والجمعيات المدنية بما فيها حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ الذي مازال محروما من حقّه في العمل القانوني ومن الإصدار العلني لجريدة الإرادة، ويتعرض موقعه الالكتروني للإغلاق الدائم ليحال بينه وبين نشر مواقفه والتعريف بها. 2. رفع التضييقات عن الأحزاب والجمعيات المدنية لتقوم بدورها في التنمية السياسية للمجتمع. 3. تنقيح المجلة الانتخابية وقانون الأحزاب وقانون الصحافة لضمان انتخابات تعددية فعلية تتكافأ فيها الفرص بين مختلف الفرقاء بما في ذلك قوى اليسار ولضمان شفافية ونزاهة العملية الانتخابية. 4. العمل على إقرار نظام ضريبي أكثر عدلا للحدّ من الفوارق الطبقية والتصدي للتهرب الضريبي وللهدايا الضريبية الممنوحة لمؤسسات الرأسمال الأجنبي. 5. المحافظة على القطاع العام وتأهيله ووضع حدّ لسياسة الخصخصة، وتوفير وتحسين الخدمات الاجتماعية في ميادين الصحّة والنقل والتعليم والتقاضي والبنية الأساسية. 6. تحسين القدرة الشرائية لعموم الكادحين من خلال زيادة الأجور والحفاظ على صندوق التعويض ودعمه. 7. معاضدة المؤسسات الوطنية الصغرى والمتوسطة والتشجيع على بعثها في كامل مناطق البلاد وفي مختلف قطاعات الإنتاج والخدمات. 8. الإحاطة بالقطاع التعاوني وإعادة تأهيله من خلال تشريعات مناسبة وحوافر جبائية ومالية ملائمة. 9. بلورة خطة وطنية للتشغيل تأخذ بالاعتبار حاجات الجهات المحرومة والفئات الأكثر تضرّرا وفي مقدمتها العاطلين من حملة الشهائد. 10. إصلاح السياسة التعليمية في مختلف مراحلها بالتشاور مع المربين وممثليهم النقابيين. 11. الاعتناء بالثقافة وبالمبدعين ورفع التضييقات عن الإنتاج الإبداعي المستنير. 12. الدفاع عن حقوق المرأة وعن مبدأ المساواة بين الجنسين في كافة الميادين. 13. الدفاع عن بيئة سليمة تحافظ على صحّة المواطن ونقاوة المحيط 14. مساندة النضال التحرّري في فلسطين والعراق وتعزيز علاقات التعاون مع الأقطار العربية ومع الأقطار المغاربية خاصّة. 15. تعزيز علاقات التعاون مع البلدان الإفريقية وبلدان أمريكا الجنوبية والبلدان الآسيوية. 16. رفض الاملاءات ضمن العلاقة مع البلدان الأوروبية والولايات المتحدة والدفاع عن المصلحة الوطنية، ومناهضة نزعة الحروب العدوانية ومناصرة قضايا التحرر في العالم.  هذه هي رهانات المرحلة المقبلة كما نراها ونحن عازمون على مواجهتها وتحمّل مسؤوليتنا التاريخية إزاءها. عبد الرزاق الهمامي رئيس الهيئة التأسيسية لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ
 
( لمصدر:”الإرادة” نشرية حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  – العدد السّابع أفريل/ماي   2008 )


في المقر المركزي للإتحاد الديمقراطي الوحدوي  ندوة “الشباب من نحن؟ وماذا نريد؟”) 1/2)

 
  تغطية صحفية: نورالدين المباركي تونس/الوطن احتضن المقر المركزي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي، مساء السبت 19 أفريل ندوة تحت عنوان “الحوار الشباب: من نحن؟ وماذا نريد؟” أشرف عليها الأمين العام للحزب الأستاذ أحمد الاينوبلي وألقى خلالها الدكتور المنصف وناس محاضرة قيمة موضوعها الحوار مع الشباب والتحديات التي تواجه هذه الفئة من المجتمع. وحضر هذه الندوة أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي وعدد من النشطاء السياسيين والجمعياتيين… ونسبة هامة من شبيبة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي والشباب الطلابي والتلمذي والعامل. وتخللت هذه الندوة التي تندرج في إطار ستة الحوار مع الشباب التي أقرها رئيس الدولة مداخلات هامة للشباب الحاضر عبروا من خلالها عن كل ما “يخالج صدورهم” وطرحوا شواغلهم ورؤيتهم لتجاوز ما يعتقدون أنه يعيق أداءهم وانخراطهم في المجتمع كفاعلين اجتماعيين واقتصاديين وسياسيين.   أحمد الاينوبلي (الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي)  

الشباب هو طلائع تستكشف للشعب طريق الحياة… لكنه بقي بعيدا عن الفعل الاجتماعي والثقافي والمدني.

  “… في البداية يسعدني أن أرحب بالدكتور المنصف وناس وأتوجه إليه بالشكر على المجهودات التي يقدمها للساحة السياسية والجمعياتية.. الاتحاد الديمقراطي الوحدوي كان دائما ومازال منسجما مع رؤيته التي تضع الشباب في مقدمة اهتماماته ويظهر ذلك سواء في البرنامج العام للحزب أو في الأداء اليومي لمختلف هياكل الحزب… نحن نعتبر أن الشباب هو طلائع تستكشف للشعب طريق الحياة… لكن نقولها بكل أسف أن هذا الشباب بقي لزمن طويل بعيدا عن الفعل الاجتماعي والثقافي والمدني… بل إنه ذهب في اتجاهات عذة لذلك أصبح لزاما على كافة مكونات المجتمع المدني النظر إلى فئة بعين أخرى… أي مزيد الاهتمام بها ومزيد الإنصات إليها. لقد حرصنا في الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن نكون عمليين في هذا الاتجاه، فنظمنا قبل أشهر قليلة ندوة موضوعها الشباب والعمل السياسي والجمعياتي… وحرصنا أن تحظى شواغل هذه الشريحة بالمكانة التي تستحق على صفحات جريدة “الوطن” لسان حال الحزب… واليوم ننظم هذه الندوة لنحاول أن نجيب مع بعضنا على جملة من الأسئلة والقضايا: على أي أرضية يقف هذا الشاب؟ ما هو تراثه؟ ما هي مرجعيته؟ لأننا نعتقد أن هذه الإجابات والقضايا هي التي تحدد رؤيته للمستقبل. هذه الندوة كما قلت هي في صميم اهتمامات الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بالشباب وهي أيضا مشاركة في الدعوة التي طرحها رئيس الدولة للحوار مع الشباب من أجل الخروج بميثاق وطني حول الشباب. لقد عرفت البلاد عدة انزلاقات كان الشباب ضحيتها لأنه يعاني من عدة مشكلات وعدة شواغل… وأعتقد أنه لا بد من فهم عملي لهذه المشكلات ولا بد أن يساهم الشباب في حل مشكلاته… هكذا نفهم الحوار مع الشباب وهكذا نأمل أن يكون… وفي الختام أتوجه للحضور من الشباب بالقول إني أحرضكم للتعبير على كل ما يشغل بالكم.. نعم أحرضكم لأن تكون مداخلاتكم حرة… وشكرا…”     الدكتور المنصف وناس:  

متطلبات الشاب اليوم، أكثر مما تتوقع… وهو بحاجة يضا إلى سياسة تشغيلية وواقعية وعلمية

  ألقى الدكتور المنصف وناس محاضرة قيمة تعرض فيها إلى عدة قضايا شبابية. “… في البداية أريد أن أعبر عن تأثري بهذا الحضور الشبابي المكثف، رغم أن اليوم هو يوم كروي بامتياز حسب ما فهمت وأنا في طريقي لحضور الندوة. أعتقد أنه من المهم أن يحضر الشباب ليساهم في حوار حول قضاياه وشواغله رغم هذه الكرة المكثفة. هذه المناسبة نريدها أن تكون مناسبة للحوار وللاستماع إلى الشباب ولإبداء الرأي والتجاوب مع ذلك. إن الخوض في قضايا الشباب من الناحية العلمية ومن الناحية الأكاديمية هي قضية شائكة وتحتاج إلى جهد كبير، فمفهوم الشباب هو مفهوم غامض، إذ هناك تعريفات كثيرة لهذا الشباب من الناحية المنهجية والفكرية والعلمية، وهناك قراءات تختلف من مدرسة إلى أخرى ومن باحث إلى باحث، وهي مسائل لا تعنينا بقدر ما يعنينا أن نستمع إلى بعضنا البعض. نحن في بلد في حاجة ماسة للاستماع إلى شبابه وإعطائه الفرصة كاملة ليتحدث عن شواغله، وذلك ليس بغريب، نظرا لأن الشباب يمثل فئة هامة في المجتمع… بل أستطيع أن أقول إننا مجتمع شباب (2.750.000 شاب و350 ألف طالب جامعي) قياسا بمجموع عدد السكان الجملي وأيضا قياسا بإمكانات البلاد التشغيلية، خاصة إذا علمنا أن عدد خريجي الجامعات يصل سنويا إلى نحو 55 ألف خريج (من بين من يدرس سنة واحدة ومن يدرس 8 سنوات). ولكن هذه المعطيات الديمغرافية والسكانية اعتقد أنها في حاجة إلى تحليل، وفي حاجة إلى فهم ما يترتب عن هذا المجتمع الشاب. المجتمع الشاب تترتب عنه اعتبارات كثيرة منها عملية تأطير الشباب فكريا وثقافيا وسياسيا، تأطيره مؤسساتيا مهنيا وتأطيره أيضا من الناحية المرجعية. إن متطلبات الشاب اليوم، أكثر مما تتوقع، وهو بحاجة إلى بيئة معقولة وإلى تعامل عصري وحديث معه… وهو بحاجة أيضا إلى سياسة تشغيلية وواقعية وعلمية… وفي كلمة هو بحاجة إلى توفر ظروف العيش الكريم ومستوى مقبول من الحياة اللائقة. هذه الحاجيات في حاجة إلى استراتيجيات وإمكانات لتوفير الشغل (كل سنة يتخرج من الجمعة التونسية نحو 55 ألف طالب). لكن أقول إننا لم نستعد بما فيه الكفاية لمواجهة كل هذه التحديات والمستلزمات الضرورية: فهناك تراجع في القطاع العام دون وجود بديل في القطاع الخاص، وهناك مزيد من انحصار القدرات التوظيفية والتشغيلية وهناك أيضا مزيد من الضغط على الجامعات. اليوم نحن في حاجة (وهو الاستنتاج الأكبر الذي يمكن أن نتناقش فيه) أن نعيد النظر بشكل عملي وعقلاني واستراتيجي ثم واقعي أيضا فيما وصلنا إليه في مجال سياسيات تأطير الشباب والإحاطة به واستشراف المستقبل واقتراح البدائل. لا يوجد بلد في العالم بدون مشاكل مع الشباب وله قدرة على حل مشاكل الشباب… فالبلدان التي لها قدرة على تشغيل الشباب تجد لها مشاكل أخرى مثل الانحراف والعنف والإدمان… الخ. كل المجتمعات لها مشاكل مع الشباب وخاصة مع تأطير الشباب. المشكلة في اعتقادي هي في غياب السياسيات، أو في ضعف التصورات السياسية الراهنة والاستشرافية في الوقت نفسه. مشكلة الشباب هو أن هناك مشاكل راهنة وحالية، وهناك تحديات مستقبلية تحتاج إلى الاستشراف وإلى خيال خصب في مجال إيجاد الحلول. هذا الشباب يحتاج: أولا: إلى أن نعمق انتماءاته المرجعية والهوية… وهو محتاج إلى أن يشعر بشكل مباشر في برامج الأحزاب السياسية وفي برامج الجمعيات والجامعات.. بانتمائه المغاربي والعربي والإسلامي في الوقت ذاته، وترسيخ هذا الانتماء بشكل متفق عليه. ثانيا: يجب اليوم أن نفكر مع الشباب وبحضور الشباب. هناك تجارب سابقة تم التفكير فيها عن الشباب ولفائدة الشباب ولكن في غياب الشباب. علينا أن نتفق أنه من واجب الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة والجمعيات أن تعتبر أن الشباب هو فاعل سياسي وثقافي واجتماعي يشرك في جميع التصدرات والحوارات والاستراتيجيات. ثالثا: ضرورة الالتزام بمواجهة جدية لمشاكل الشباب. أنا أعتبر أن الشباب في تونس بنسبة كبيرة هو في وضع جيد… نحو في مجتمع لا يوجد فيه تطرف يحير أو يزعج… نحن في مجتمع لا يوجد فيه انحراف أو إدمان أو عنف يزعج. نحن في مجتمع ما يزال فيه الشباب بنسبة محترمة يؤمن بالجهد والعمل وبالكد وبالحصول على الشهادة ويسعى إليها رغم الظروف الصعبة. صحيح ان هناك صعوبات وأن هناك بعض ملامح التطرف والانحراف ولكن أعتقد أن الأمر لا يمثل وضعية مأساوية كما هو الشأن في مجتمعات أخرى. وأعتقد أنه من واجب المجموعة الوطنية وفي مقدمة ذلك السلطة أن تقوم بما يجب القيام به في مجال التشغيل. سأقدم مثالا، في تونس تنشط نحو 9200 جمعية ومن حقنا أن نتساءل، ما هي نسبة ما تقدمه هذه الجمعيات في التشغيل، وما هو دورها في ذلك؟ هذه الجمعيات للأسف بنسبة 75% هي رئيس جمعية وسكرتيرة وفي أقصى الحالات ساعي. في فرنسا يمثل قطاع الجمعيات القطب الثالث من حيث التشغيل، نحو 8 ملايين فرنسي يعيشون بشكل كلي أو جزئي من الجمعيات. أعتبر أن هناك حلول ممكنة، لكن المطلوب هو مزيد “التورط” (بالمعنى الإيجابي) في التشغيل. “تورط” الدولة والقطاع الخاص والجمعيات والمجتمع المدني. القطاع الخاص هو قطاع بني من مال القطاع العام، لذلك نحن نطالب برد الجميل لهذا القطاع، وذلك “بالتورط” أكثر في عملية التشغيل. أنا أعتبر أن 350 ألف خريج من الجامعة دون عمل قار، ليس مأساة، لأني أعتبر أن قطاعا مثل قطاع الجمعيات لو يعاد النظر فيه ويستثمر فيه أكثر ويعقلن أكثر ويطهر أيضا… تمكن أن يكون قطاعا موظفا للشباب ولخريجي الجامعات. تونس اليوم محتاجة أن تكون مخبرا علميا نفكر فيه بصوت مرتفع من أجل مواجهة شواغل الشباب. اليوم لم يعد معقولا أن يفكر طرف واحد باسم الشباب، لأن قضية الشباب هي قضية وطنية والحوار مع الشباب. كل طرف في هذا المجتمع له مسؤولية أخلاقية ووطنية وسياسية للحوار مع هذا الشباب.وإذا كنا نريد بلدا مستقرا اجتماعيا وسياسيا. نحن بحاجة إلى استقرار الشباب مرجعيا (تكون له مرجعية واضحة) وأن تكون له القدرة على التعلم ولكن خاصة القدرة على التشغيل وعلى الاطمئنان على المستقبل. إن من أولويات الشباب اليوم أنه يرغب في أن يطمئن على مستقبله، يرغب في أن يشارك في بناء المجتمع، يرغب في أن يعطي الفرصة وأن يكون طرفا منتجا، وأعتبر أن هذا حق مقدس، لا بد أن نلتزم به وتلتزم به السلطة وذلك من خلال الضغط على كل مكونات المجتمع وخاصة القطاع الخاص لتقديم مزيد من التنازلات ليشغل الشباب… وأعتقد أنه قادر على ذلك. إذا لم نعرض على الشباب عروضا معقولة (من القطاع العام والخاص)… فهناك أطراف أخرى ستقدم له عروضا سيئة فيها ما هو مرتبط بالتطرف وبالعنق… لذلك لا بد من الانتباه. لذلك أقول نحن بحاجة إلى حوار فيما بيننا وإلى تشريك الشباب في هذا الحوار وإلى الخروج نهائيا من لغة الإقصاء والوصايا وادعاء أحادية التمثيل. نحن بحاجة إلى أن نكسب شبابنا رأسمال من الثقة وإلى تحصينه فكريا ومرجعيا.   *ملاحظة: ننشر في العدد المقبل مداخلات السباب الذي شارك في هذه الندوة  (المصدر: صحيفة “الوطن  ” لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي(أسبوعية معارضة – تونس) العدد 32  الصادرة يوم 25 أفريل   2008)


 

ال…برهان…الأوحد
 
بقلم جلال الحبيب   مرّة أخرى يطلّ علينا عبر شاشة التلفزيون ببدلته الأنيقة وربطة عنقه الثمينة ووجهه المنظّم جدّا ويستميت في الدفاع عن أخطاء السلطة السياسية التونسية… مرّة أخرى يحمل غرباله في فمه ويحاول حجب الحقيقة الساطعة… مرّة أخرى يقدّم برهان بسيّس شهادة زور مباشرة على الهواء ويوهم المتلقي  بأن المشهد الإعلامي التونسي تعددي وحرّ. كان ذلك على شاشة قناة الجزيرة في أخبار الليلة الفاصلة بن الجمعة 11 أفريل والسبت 12 أفريل 2008 وكان في الطرف المقابل (عبر الهاتف؟) رئيس تحرير الزميلة الموقف الصحفي رشيد خشانة وكان موضوع النقاش حجب جريدة الموقف من الباعة خلال الأعداد الأخيرة، بينما تحدث السيّد برهان من “استديو” (الله وحده يعلم مكان وجوده في تونس وكيف يمكن لصحافي مستقل استغلاله) أي عبر الصوت والصورة.                السيد رشيد خشانة تحدّث بوضوح عمّا تتعرّض إليه جريدة الموقف من مضايقات والبسيّس أنكر ذلك وتحدث عن إعلام حرّ ومتعدد واستشهد بما ينشر على صفحات “مواطنون” !… وليته ما فعل ذلك… أ إلى هذا الحدّ يستخفّ هذا المواطن بعقولنا وبعقول كلّ التونسيين ؟ … ألا يعلم ” سي برهان ” أن” مواطنون” محرومة من الدعم القانوني لصحافة الأحزاب ؟… ألا يعلم هو ومن فوّضه للدفاع عنه أن الحزب الذي يصدر هذه الجريدة محروم من حقه في التمويل العمومي وفي التمثيل في المجالس الوطنية والدستورية؟ ألا يعلم أن ممثلي جريدة “مواطنون” محرومون من الحضور في التلفزة والمذياع؟…                إنّ سي برهان فعل مثل الذي حلّ ضيفا ببيت ما وسبّ أهل هذا البيت.. فالقناة التلفزية التي أتاحت له الفرصة للحديث مباشرة ممنوعة من فتح مكتب في تونس حتى تتمكن من نقل الواقع بشكل محايد… أمّا استدلاله بما ينشر على أعمدة جريدة “مواطنون” فهو كلام حق أريد به باطل… إن ما نكتبه في “مواطنون” جريء وواضح لكنّنا ندفع ثمن ذلك باهظا ونتجنب لعب دور الضحيّة لأننا مقتنعون بما نفعل ومؤمنون به… المنع والمحاصرة والإقصاء والمضايقات والتهديدات وحتى الاعتداء بالعنف اللفظي والمادي… كلّ ذلك نعيشه ولا نعلنه لأننا نثق بأنفسنا وبما نفعل ورغم كلّ ما كتبناه لم يتجرأ مسؤول واحد بالردّ على قولنا، ولو فعل ذلك أحدهم لنشرنا رده لأننا نؤمن بحريّة التعبير وندافع عليها ولأننا نقبل الاختلاف في الرأي وننشر الانتقادات الموجهة إلينا دون حرج ولا مركبات… حريّة التعبير مقدّسة لدينا، وهي ليست مثل حرية التعبير لدى من تتكلّم على لسانهم ويوفون إليك في الميزان… لسنا ملائكة وقد نخطئ  بل إننا أخطأنا وسنخطئ لكننا لانقبل المساومة في كرامتنا وفي الدفاع المستميت عن مصالح هذا البلد وشعبه الطيب كلفنا ذلك ما كلّفنا والتاريخ كفيل بكشف الحقائق ولو بعد حين…                إن ما أستغربه أكثر من كلّ ذلك هو أن الدولة، بطم طميمها ومالها وأمنها وقادتها و إطاراتها و المليونين من المنخرطين في حزبها، مازالت ترفض تحمل مسؤولية سياستها وتصرّ على أن يكون لها ناطق”رسمي” واحد أوحد باسمها ( ولو أن سي برهان يحاول دائما الظهور  بزيّ المثقف المستقلّ)… أليس لها بديل رسمي قابل لمقارعة الحجة بالحجة أم هي تفضل أن تبقى دوما” داخلة في الربح خارجة من الخسارة” ؟…                الخطاب الرسّمي تعوّدناه، لكننا صراحة مللنا هذا التمثيل المقنّع له ونطالب بحقنا في الحوار مع من له مسؤولية في ما يقع بالبلاد إذ لا يعني الرئيس الواحد والحزب والواحد والبرلمان الواحد  بالضرورة الناطق الشبه الرسمي الواحد !…
(المصدر: صحيفة ” مواطنون” لسان حال التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 58 بتاريخ 16 أفريل 2008)
 

 

بين الطالبي والشرفي: أدب الحوار

 
بقلم: عبد القادر المعالج ليس من اليسير التعقيب على سجال حصل بين أستاذين كبيرين حول موضوع أساسي يتعلق بأمور عقدية هامة خاصة أن احد الطرفين تربطني به علاقة زمالة في الدراسة تعود الى عهد بعيد وأكن له احتراما كبيرا رغم أني أخالفه الرأي في كثير من المسائل التي أثارها وناقشها في مختلف كتاباته. ولست أروم في هذه الورقة الموجزة أن اعرض وجهة نظري في تلك المسائل اذ أن ذلك يقتضي مني تخصيص كتاب كامل للاحاطة بالموضوع من كل جوانبه ولكني أريد أن اكتفي بتقديم بعض الملاحظات والخواطر التي عنت لي وأنا أقرأ ما كتبه كلاهما عن الآخر متجاوزا آداب الحوار ولباقة الجدال. مع الطالبي وانفعاله وطبعا يجب أن يكون البدء مع الاستاذ الذي أطلق شرارة الحوار. فيما يتعلق بالطالبي فاني أعتقد أن الرجل كان على جانب كبير من الصواب من ناحية الموضوع، اذ أن عبد المجيد الشرفي طلع علينا في سائر كتاباته بأفكار ومواقف لا تمت الى الاسلام بصلة وهي تساهم عن قصد أن عن غير قصد في تقويض أركانه وتنكر لبعض ثوابته وترمي بها ادراج الرياح الا اذا كنا حسب قوله أغبياء لا نفهم الغاية التي يرمي اليها. ومن هذه الافكار والمواقف قول الشرفي ان القرآن من وضع محمدا صلى الله عليه وسلم وليس منزّلا من الله رغم قوله تعالى «إنا نحن نزلنا الذكرى وإنا له لحافظون» (صدق الله العظيم) ومنها تأكيده أن محمد صلى الله عليه وسلم أخذ الكثير من النصوص اليهودية والنصرانية وجعلها في كتابه ومنها ادعاؤه أن بعض العبادات يمكن الاستغناء عنها أو  تغييرها ومنها أن بعض المعاني القرآنية أصبحت غير قابلة للتطبيق في عصرنا الحاضر وغير ذلك. أجل كل ذلك وغيره كثير يجعلنا نرتاب في صحة انتساب الشرفي للدين الاسلامي الحنيف، ويدفعنا الى عدم الثقة بما يقول، لكن ذلك شأنه وليس من حقنا التدخل في أمور دينه، «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي» (البقرة) و«لكم دينكم ولي دين» (الكافرون»، بيد أنه بإمكاننا مناقشة أطروحاته في بعض القضايا التي أثارها في مقاله المنشور بجريدة «الصباح» بتاريخ 23 مارس 2008 وسأفعل ذلك لاحقا في الجزء الثاني من هذه الورقة، من حق الاستاذ محمد الطالبي اذن ان يتناول بالتحليل والنقد آراء الشرفي ومواقفه بكل حرية وأيضا بكل مسؤولية بشرط أن يتوخى الطريقة والاسلوب اللذين يمليهما عليه دينه الذي يدافع عنه. وهذه الشروط تتلخص في أمرين أساسيين جاء بيانهما في الذكر الحكيم وهما «ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» (النحل) و«ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم». وقد أمر الله سبحانه وتعالى موسى وأخاه هارون أن يذهبا الى الطاغية فرعون فيقولا له قولا لينا وأن لا يستعملا ضده العنف والشدة، ونبيء الاسلام محمد صلوات الله عليه وسلامه كان يعامل أعداءه بالرفق وهو القائل لأعدائه يوم فتح مكة عندما سألوه عما هو فاعل بهم «… اذهبوا فأنتم الطلقاء» وهو الذي قال فيه الله سبحانه وتعالى «حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم» (التوبة) أو «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين».. فما بال الاستاذ الطالبي يلجأ الى العنف اللفظي ضد الشرفي، وما باله يصفه بكل النعوت المشينة مثل منافق ومخادع وكاذب ومداهن وانسلاخ اسلامي وغير ذلك.. إن الطالبي أفسد قضيته باستعمال هذا الاسلوب الذي لا يليق بمفكر اسلامي كبير مهما كانت أدلته دامغة وحجة بالغة وآراؤه صحيحة. كان من اليسير أن يدحض الطالبي آراء الشرفي ومواقفه بالحجة والدليل مع الحكمة واللين. إن الاسلوب الذي لجأ اليه الطالبي هو ما جعل أكثر الذين عقبوا وعلقوا على كتابه يعيبون عليه التمشي الذي توخاه لينقد الشرفي بصفة لاذعة ومخلة بالكرامة ومن أغرب ما سمعته في هذا الصدد أن مسؤولا في أحد النوادي الثقافية المشهورة في تونس صرح في جلسة علنية عقدت بناديه، وكأنه يتبرأ من موقف اتخذه سابقا حول كتاب الطالبي «ليطمئن قلبي» انه لم يزد عن القول سوى «إن الكتاب ماهوش دوني». بالاضافة الى هذا، فانه ليس بالامكان الحسم بأن كل ما قاله الطالبي صواب لا يحتمل الخطأ، ولا يتسع المجال طبعا لاستعراض المواقف الطالبية التي يمكن أن تطرح للنقاش، لكن هناك موقفا اتخذه الطالبي يفرض علينا التوقف عنده، إن الطالبي يؤكد انه مسلم يؤدي شعائر دينه على الوجه المرضي ويؤمن ايمانا كاملا بما جاء في القرآن الكريم، ويعتمده أساسا لكل مواقفه. فلماذا لم يعتمد ما ورد في القرآن حول معنى عبارة النبي الأمي وينحاز الى التفسير الذي تبناه الشرفي وجعيط وغيرهما اعتمادا على ما ذهب اليه المستشرقون في تعاملهم مع النص القرآن فأكد جميعهم أن لفظة «الأمي» لا تعني الذي يجهل الكتابة والقراءة، بل هو الذي ينتمي الى قوم ليس لهم كتاب وهم غير اليهود والنصارى، والمقصود به هم العرب، وتقابل هذه الكلمة بالفرنسية لفظة les gentils ألم يقرأ السيد محمد الطالبي الآية48 من سورة العنكبوت «وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون» ثم ألم يقرأ قوله سبحانه وتعالى انه هو الذي علّم نبيه فقال في أول سورة العلق «اقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم». أبعد هذا من دليل قرآني على أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف الكتابة والقراءة. أجل إن لفظة أمي لها في القرآن معنيان مختلفان على الأقل، فكلما وردت اللفظة في صيغة الجمع فهي تعني فعلا العرب ومثال ذلك «هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين» (سورة الجمعة)، أما عندما ترد الكلمة في صيغة المفرد تابعة للفظة النبي فهي تعني حتما الجاهل بالكتابة والقراءة، وهذا الأمر ليس بغريب فكثير من الألفاظ وردت في القرآن بمعان مختلفة، فكلمة أمة مثلا وردت بمعنى شعب أو قوم «كنتم خير أمة أخرجت للناس» (سورة آل عمران) كما وردت بمعني امام أو قدوة أو مثل «إن ابراهيم كان أمة قانتا» (سورة النحل) وجاء أيضا بمعنى فترة زمنية «وقال الذي نجا منها وادّكر بعد أمة» (سورة يوسف). الكلمات التي اتخذت معاني مختلفة كثيرة جدا، فلماذا يصر الطالبي على أن لفظة «أمي» لا تفيد الذي لا يعرف القراءة والكتابة. مع الشرفي ورد الفعل ولنأت الآن لنعلق على ما قاله الشرفي في مقاله المنشور بجريدة «الصباح» بتاريخ 23 مارس 2008، إن أول فكرة يستنتجها القارئ وهي أن الشرفي يتجنب التصريح بأنه مسلم حقا على عكس ما فعله هشام جعيط الذي يصرح بأنه مسلم مؤمن. لقد قسم الشرفي الحديث عن النص الديني الى ثلاثة مستويات وذكر أنه معني فقط بالمستوى الثاني المتعلق بتأويلات النص وتطبيقاته أي انه لا يناقش ما جاء في النص القرآني، بل يتناول بالدرس والتحليل ما قاله المفسرون والفقهاء. وهذا الرأي يقتضي منا الوقوف عنده طويلا وهو قول ينطوي على شيء من المغالطة ويتطلب تقديم بعض الملاحظات، إن الذي قال ان القرآن وحي منزّل من الله هو الله ذاته، ورد في أول سورة آل عمران «هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذّكر إلا أولو الألباب». لقد جعل الشرفي القرآن كله متشابها، ألم يقل في مقاله المشار اليه آنفا «إن ايراد آية أو آيات في قضية ما لا يعني شيئا مادام الاتفاق غير حاصل على تأويلها علما بأنه لا وجود البتة لنصوص قطعية الدلالة وان كل نص يحتمل أكثر من تأويل» (كذا). إن الآيات المتعلقة بالارث التي كثيرا ما يستشهد بها واضحة وضوح الشمس ولو أمعن النظر فيها لوجد أنها لا لبس فيها ولا غموض وأنه يوجد ترتيب في توزيع المنابات أولا بأول ومن لم يبق له شيء فلأن قرابته بالهالك أقل درجة من الذين سبقوه والمعصبون يكون لهم نصيب من الارث اذا غاب المستحقون الأولون. والآيات المتعلقة بمقاتلة المشركين والأعداء واضحة والمسلمون لا يبدؤون القتال بل واجبهم الدفاع عن انفسهم وعن دينهم. إن آية «إن الله لا يحب المعتدين» تكررت في القرآن مرات عديدة. إن الاعمال او الأخطاء التي ارتكبها بعض المسلمين وحتى مشاهير المسلمين ليست حجة على الاسلام بل الاسلام هو الحجة على الناس.. ألم يقل الامام الشافعي «ما آراه صوابا يحتمل الخطأ وما يراه غيري خطأ يحتمل الصواب» ألم يقل مالك «كلكم راد ومردود عليه الا صاحب هذا القبر» وأشار الى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم. إن الشرفي وغيره كثيرون يدعون في كتاباتهم انهم يعتمدون في تأويل النصوص الدينية على ما تعلموه من العلوم الانسانية (تاريخ، أنتربولوجيا، علم اجتماع، فلسفة، لسانيات.. الخ..) لكن هل هذه العلوم علوم صحيحة حتى نثق بها تمام الوثوق؟ وعلم التاريخ الذي هو من أصح تلك العلوم يتعرض احيانا الى التشويه والخطإ وكثيرا ما يكتشف الباحثون في علوم الآثار معلومات كانت مجهولة لدى المؤرخين السابقين. إن اتباع المناهج والطرق الذي توخاها المستشرقون في التعامل مع النص القرآن والنسج على منوالهم منزلق خطير وقع فيه الكثير من الباحثين العرب المستغربين. لقد أساء بعض المستشرقين الذين تعاملوا مع القرآن فهمه، فلماذا يتخذهم بعض الباحثين العرب قدوة لهم ويعتمدونهم في دراساتهم وأطروحاتهم، ومن هؤلاء المستشرقين يمكن أن نذكر على سبيل المثال تيودور نولدكو (Theodor Nodelke) الألماني الذي اعترف هو نفسه بوقوعه في الخطإ في بعض ما قاله في كتابه تاريخ القرآن. واني اقترح على الصديق عبد المجيد الشرفي أن يرجع الى الدراسة التي نشرها الاستاذ فريد قطاط في مجلة «التنوير» عدد8 حول كتاب «تاريخ القرآن» لنولدكو الذي اتخذه كثير من باحثينا مرجعا اساسيا في دراساتهم الاسلامية ومنهم طه حسين وهشام جعيط وعبد المجيد الشرفي وغيرهم. وقد نشرت المجلة ترجمة لتلك الدراسة بالفرنسية في عددها التاسع. إن الاجتهاد في تأويل النصوص الدينية ضرورة يفرضها العصر ومقتضياته، لكن للاجتهاد شروط يجب أن تتوفر في كل من يريد أن يتولى الأمر فلا بد للمجتهد أن يكون حافظا للقرآن ولعدد كبير من الأحاديث ومعرفة الناسخ والمنسوخ والغريب والضعيف وغير ذلك من الشروط، وهي شروط لا تتوفر في كثير من باحثينا ومنهم الشرفي وجعيط والطالبي وطه حسين، فهؤلاء علماء في الدراسات الاسلامية تاريخا وحضارة ولكنهم ليسوا ممن يحق لهم تقلد منصب المجتهدين في الأمور الدينية. الاجتهاد اليوم هو من مشمولات المجامع الفقهية المختصة مثل مجمع الفقه الاسلامي ورابطة العالم الاسلامي وغيرهما من الهيئات الاسلامية والقطرية والمسلمون على كل حال لا يقبلون أخذ أمور دينهم عمن لا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون الى البيت الحرام ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاتركوا الاجتهاد الى أهله أيها السادة الكرام. من النقاط التي أثارها الشرفي في معرض رده على الطالبي مسألة البسملة والصلاة على النبي وهما أمران يتجنبهما الشرفي في كتاباته، مبررا ذلك بأنه ليس في مقام تعبد، فليعلم الشرفي أن كل عمل مفيد يقوم به المسلم هو تعبّد، فالكتابة والدراسة ونشر العلم هي اعمال تعبدية وليست العبادة مقصورة على الصلاة والزكاة والحج.. الخ.. ولو كان الأمر كذلك لكان المسلم مضطرا الى ترك شؤون الدنيا (البيع والشراء والعمل والتعلم والتعليم) تطبيقا للآية الكريمة «وما خلقت  الجن والإنس الا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون» وتوجد أحاديث كثيرة تدل على وجوب الصلاة على النبي، عند ذكره صلى الله عليه وسلم. ومن ناحية اخرى فان القول ان المالكية لا يبسملون عند قراءة الفاتحة في الصلاة أمر غير دقيق فهم يبسملون ولكن سرا وليس جهرا، وعلى كل فان أتباع المذاهب الثلاثة الاخرى يبسملون جهرا وهو الأصح عند الجمهور، ولله المنة ومنه التوفيق. ويعاير الشرفي أستاذه بالخرف وهو بذلك ينحدر الى المستوى الاخلاقي الذي يؤاخذ به الطالبي، وهو ايضا يعيب على الطالبي تغير مواقفه و«كفره» بما كان يقول سابقا، وينسى أن الانسان كائن متغير بطبعه يتطور مع الزمن وحسب الظروف وهذا التغير نلاحظه حتى في بعض الاحكام الشرعية الواردة في القرآن مثل تحريم الخمر. وعلى كل حال فان الرجوع الى الحق فضيلة. أخيرا، إن الشرفي يعيب على الطالبي وقوعه في أخطاء لغوية ونحوية كثيرة فهل سلم هو نفسه من تلك الاخطاء. لقد عثرنا في مقاله المنشور بجريدة «الصباح» المشار اليه على عدة اخطاء منها مثلا قوله «فنسب الينا ظلما القول بأن القرآن..» والقاعدة تقول بعد القول ان وليس بإن، ومنها ايضا «وانا كنا في الحقيقة غنيون» عوض «غنيين» ومنها كذلك قوله «يجهلون طبيعة العلاقة بيننا وبين من تتلمذ علينا (في الهوامش)» والصواب من تتلمذ الينا وتوجد أخطاء اخرى ولنا إن شاء الله عودة. (المصدر: صحيفة “الصباح ” (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 أفريل 2008)


الخطاب الإسلامي المعاصر بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 حوارات وحيد تاجا

 

وحيد تاجا   –       مواليد دمشق . –       حاصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة عين شمس في القاهرة . –       محاضرا في كلية الهندسة المدنية بجامعة دمشق. –       مراسل للعديد من الصحف والمجلات  صدر له : الخطاب الإسلامي المعاصر الإسلام والخطاب العربي المعاصر الحادي عشر من أيلول 2001 ونشر عددا من المقالات في الدوريات المحلية والعربية .   إهداء… إلى 25 أيلول /سبتمبر 2003     المحتوى تمهيد مقدمة بقلم أ.د. طه عبد الرحمن المفكر الدكتور إبراهيم البليهي، عضو مجلس الشورى السعودي (ص 27 )

د. أبو يعرب المرزوقي، المفكر الإسلامي التونسي   ( ص 35 )

الدكتورة أماني أبو الفضل، الباحثة المصرية    ( 53 ) أنور أبو طه، الباحث الفلسطيني   ( ص 64 ) السيد جواد الخالصي، المرجع الشيعي العراقي     ص 133

الشيخ راشد الغنوشي، المفكر الإسلامي التونسي

زكي الميلاد، الباحث السعودي الدكتور سعيد الشهابي، المفكر والناشط الإسلامي البحريني الدكتور طيب تيزيني، المفكر السوري عبد الوهاب المسيري، المفكر المصري  ( ص 266 ) علاء بيومي، الباحث المصري فاضل الربيعي، الباحث العراقي فايز سارة، الباحث السوري فتحي يكن، الداعية والمفكر الإسلامي اللبناني الدكتور لؤي صافي، المفكر السوري سماحة السيد محمد حسين فضل الله، المرجع الشيعي اللبناني الأستاذ محمد عدنان سالم، المفكر السوري سماحة السيد آية الله محمد علي التسخيري، العلامة الإيراني الأستاذة هبة رؤوف عزت، الباحثة المصرية     تمهيد سنوات خمس مرت على أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ومازال العالم العربي والإسلامي يدفعان فاتورة تلك الأحداث التي ألصقت بالمسلمين، عبر سلسلة من التداعيات بدأت، وليس لنهايتها حدود منظورة. كان في بدياتها غزو أفغانستان تحت قانون مكافحة الإرهاب، وتحت الشعار نفسه جاء غزو العراق. والآن تتوالى التهديدات والضغوط على سورية.. إلى التهديد بضرب إيران.. ولا أحد يعرف إلى أين ستصل هذه التهديدات في جملة تداعيات أحداث الحادي عشر من أيلول /سبتمبر الأمريكية، وأيَّ بلد ستدور عليه الدائرة في المرة القادمة. ولم تقتصر تلك التداعيات على ما تقدم، بل امتدت إلى مجال آخر، إذ بدأت الولايات المتحدة، تعمل على فرض مفهومها لـ«الخطاب» الإسلامي، وصارت تتدخل في السياسات التربوية في العالمين العربي والإسلامي إلى حد جعلها ذاتَ تأثير على محتويات مناهج التربية الإسلامية فيها.. وبدأنا نسمع عن حذف آيات من القرآن الكريم، ولاسيما تلك الآيات التي تحض على الجهاد، ثم زادت في مجال آخر بأن دعمت خطوة إمامة المرأة للمصلين في أحد مساجد الولايات المتحدة الأمريكية، وقامت بمحاربة وإغلاق عديد من المؤسسات الإسلامية بحجة (دعم الإرهاب) في خطوات أساسها «تجفيف ينابيع دعم الإرهاب» من خلال رفع الغطاء السياسي عن تلك التنظيمات والمؤسسات الإسلامية الخيرية، وقطع الإمدادات المالية عنها. لقد طرحت هذه التداعيات أمامنا العديد من الأسئلة حول أثر ما حدث من ظروف ونتائج على الخطاب الإسلامي المعاصر، ومدى تأثره فيها وتفاعله معها، متوقفين أمام الخطاب الإسلامي بعد أحدث أيلول /سبتمبر من حيث محتوياته وسماته، متسائلين عن رؤية كتاب ومفكرين وبعضهم من أصحاب هذا الخطاب من حركيين ودعويين لهذه التغييرات؟ وسؤالهم عما اذا كانوا قد استطاعوا فعلاً تشخيص ما يحدث وتحليله وصولاً إلى ما ترتب على ذلك من نتائج، والكيفية التي يمكن بها مواجهة هذه النتائج أو الحد من سلبياتها على العالمين العربي والإسلامي، بل وعلى العالم كله؟ في كتاب (الخطاب الإسلامي المعاصر بعد الحادي عشر من سبتمبر) حاولنا مقاربة هذه الجوانب في الخطاب الإسلامي المعاصر من خلال لقاءات أجريناها مع عدد من الكتاب والمفكرين من اتجاهات فكرية مختلفة بينهم عدد من رجال الدين الإسلامي للحديث بالعمق في الخطاب الإسلامي المعاصر من جوانب مختلفة، لرسم صورة للواقع العربي والإسلامي الراهن، دون أن نتجاوز قضايا وموضوعات هي بين القضايا الحساسة في الواقع الراهن كما في موضوعي الديمقراطية والتعددية، والعلاقة مع الآخر من خلال ما يحيط بواقع وتطور الحركات والجماعات الإسلامية في البلدان المختلفة، كما تعرضنا في جانب آخر من هذه الحوارات إلى مايراه الكتاب والمفكرون والعلماء في محتوى الخطاب الإسلامي المعاصر من الكيان الصهيوني وموضوع السلام المطروح معه. لقد بدأ الأمر في البداية محاولة مقاربة لجوانب في الخطاب الإسلامي المعاصر، لكن هذه المحاولة اتسعت لاحقاً لتشمل جوانب أكثر وذات حساسية من أجل خدمة أكبر للعالمين العربي والإسلامي في وقت يواجهان فيه تحديات كبيرة، نأمل من خلالها أننا قدمنا خدمة في هذا الطريق.                                                             وحيد تاجا دمشق في  5/5/2006 بسم الله الرحمن الرحيم                           

تقديم أ.د. طه عبد الرحمن

                               ينقلنا الكتاب الذي بين أيدينا إلى طور جديد من الأطوار التي قطعتها «دار الفكر» في مسيرتها الحوارية المتميزة؛ فلقد دأبت على إصدار سلسلة من الحوارات الثنائية في مختلف المجالات الفكرية والسياسية، أي حوارات تجمع بين طرفين اثنين لكل منهما رأيٌ خاص في السؤال المطروح أو المسألة المعروضة؛ وها هي ذي اليوم تُصدر <mb>حواراً استجوابياً متعدد الأطراف<?tf>، إذ يبلغ عدد المستجوبين تسعة عشر فرداً هم من صفوة العلماء والمفكرين والباحثين، طُرِحت على كل واحد منهم أسئلةٌ تكاد تتحد بمضمونها واتجاهها؛ وبذلك، يصح القول إن الحوار هنا، ولو أنه لَم يَجْرِ بين المثقفين بشكل مباشر – أي بعضهم مع بعض – فقد جرى بينهم حقيقةً، ولكن، هذه المرة، بواسطة، إذ كانت «دار الفكر» هي هذه الواسطة؛ وحينئذ، لا شيء يكون أنسب لتقديم هذه الأجوبة من أن نستخرج بعض عناصر <mb>هذه الحوارية غير المباشرة<?tf> التي ضمها الكتاب الجديد. وحتى نقف على هذه العناصر الحوارية، نقسّم الإجابات عن الأسئلة المطروحة إلى ثلاث مجموعات، تتعلق أولاها بأوضاع العالم الإسلامي وأسبابها وأولويات المفكر إزاءها؛ والثانية تدور حول الخطاب الإسلامي والحركات الإسلامية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001؛ والثالثة تتناول الحوارات المختلفة بين المسلمين وغيرهم، متدينين وعلمانيين؛ ثم نستنبط من كل مجموعة جملة من الأقوال والآراء – أو، بالاصطلاح، «الدعاوى» و«الأطروحات» – المتعارضة التي تضمنتها[1]،  مع العلم بأن التعارض ينزل منزلة شرط الانطلاق من شروط الممارسة الحوارية؛ وإسهاماً منا في تقرير هذه الحوارية غير المباشرة بين الآراء المختلفة، سوف نذيّل كل واحدة من هذه المجموعات الثلاث بكلام نتعقّب فيه بعض الأسباب التي دعت إلى اختلاف الآراء، ونهضت بهذه الحوارية الخاصة بين المشاركين في هذا الكتاب. فمِمّا تتضمنه المجموعة الأولى نجد الآراء المتعارضة التي تتحدث عن أوضاع العالم الإسلامي. فهناك ابتداءً رأي يقول إِن العالم الإسلامي لم يشهد في تاريخه الطويل حالة أسوأ من هذه التي هو عليها الآن، حتى إنه لا يتبدَّى في الأفق القريب سبيلٌ للخروج منها؛ إذ يعاني من التيه في الفكر والسياسة، فالعلمنة المفروضة على مؤسساته تقطع صلاته بالإسلام، والتبعية المطلقة لقرارت غيره تقطع عنه أسباب التقدم؛ وفي المقابل، نجد مَن يدَّعي بأن العالم الإسلامي ليس بالسوء الذي يبدِّد كل أمل في اهتدائه إلى طريق النهوض؛ فبفضل يقظة إسلامية تكاد تسري آثارها في مختلف أقطار الأرض، يستطيع أن يتصدى للهجمات الفكرية والحملات الاستعمارية التي تستهدفه، كاسراً شوكتها ومجدداً صلاته بدينه وتاريخه في أفق استعادة دوره الحضاري. وهناك أيضاً رأي يقول إنَّ العالم الإسلامي يراكم إخفاقات كثيرة تكشف عن أزمة شاملة تُكرس «الفوات الحضاري» بينه وبين بقية العالم المتمدن؛ منها إخفاق النخب الحاكمة، وإخفاق الدولة القُطرية الحديثة، وإخفاق مشاريع النهوض، وإخفاق خطط التنمية، وإخفاق تجربة الاستقلال، وإخفاق التيارات العلمانية، وإخفاق الحركات الإسلامية، وإخفاق الدولة الأمنية، حتى كأن هذا العالم حطامٌ، ويعارض هذا الرأيَ من يقول إن العالم الإسلامي حقق نجاحات مختلفة؛ فقد أضحى بمقدوره أن يستوعب الحداثة على شرط الإسلام وعلى مقتضى مصالح المسلمين، واضعاً حداً لتزايد نفوذ العلمانية في داخله؛ وليس هذا فحسب، بل إن الإسلام صار قادراً على أن يمد جذوره في البلاد غير الإسلامية، وأن يتعاطى أبناؤه اجتهادات متميزة تناسب خصوصيات تلك البلاد. ونجد أخيراً رأياً يدّعي أن العالم الإسلامي تسيطر عليه فئات متشددة تتجه إلى مخاصمة العالم كله، فضلاً عن مخاصمة بني جلدتها وملّتها ممن لا يشاركونها تشدُّدها، مُجبرة المسلمين كافة على الدخول في صراع مع قِوى لا طاقة لهم بها؛ وفي المقابل، نجد الذين يقولون إنَّ العالم الإسلامي يحتضن أكثر من صنف واحد من الجماعات الناشطة؛ فمنهم من يذهب إلى أن الساحة الإسلامية تشهد صراعاً عنيفاً بين فئتين اثنتين، إحداهما علمانية تمارس الإرهاب اليساري، متعاطيةً تخريب المقومات الروحية للأمة باسم الحداثة؛ والفئة الثانية أصولية تمارس الإرهاب الديني، متعاطيةً تخريب مجهودات النهوض المادي للأمة باسم الأصالة؛ ومنهم من يرى أن هذه الساحة تضمُّ فئات متعددة متنافرة، منها ذات النزعة المانَوية التي تدفع إلى الصدام؛ ومنها المأخوذة بالخوف على الهوية الإسلامية، مختارةً الانغلاق على التعامل مع «العالم الجاهلي»؛ ومنها، على العكس من ذلك، المتطلعة إلى تجديد حضارتها وابتكار حداثتها. كما تتضمن المجموعة نفسها آراء متضادة تورد الأسباب التي أدت إلى الأوضاع التي يعاني منها العالم الإسلامي. فمن المشاركين في هذه الحوارات مَن يرى أن الأسباب التي أدت إلى الوضع المتدني للعالم الإسلامي ترجع إلى أسباب محصورة ومخصوصة كالاستعمار والاستبداد؛ أو إلى أسباب مركزية معلومة كإخفاق النخب الحاكمة وإخفاق مشاريع الإصلاح، وعلى العكس من ذلك، هناك الرأي الذي يقول إنَّ هذه الأسباب عديدة ومركبة ومتشابكة ولها امتدادات بعيدة في تاريخ الأمة، منها الموروث الفكري والثقافي المتمثل في المعتقدات والسلوكات الباطلة، بالإضافة إلى توقُّف عملية الاجتهاد لقرون عدة؛ ومنها حالة التمزق الشامل التي خلَّفها الاستعمار الأجنبي بأشكاله المختلفة، بين احتلال للأوطان؛ وغزو للفكر والثقافة؛ واستيلاء على الاقتصاد والثروات؛ واستخلاف لنخب فكرية أو عسكرية موالية له عند جلائه عن الأوطان؛ ومنها كذلك المعاناة الطويلة للتخلف في المجالات كافةً حتى الأخلاقيةِ والروحية، فضلاً عن اهتزاز الثوابت التي تنبني عليها الهوية الإسلامية. ومن المشاركين أيضاً من يعتقد أن الأسباب التي أدت إلى الوضع المتدني للعالم الإسلامي هي أصلاً أسباب داخلية، منها سقوط الخلافة؛ والقابلية للاستعمار؛ والانغلاق الثقافي؛ وجمود الفكر الديني؛ والافتقار إلى العقل النقدي؛ وانتشار الحكم الاستبدادي؛ وفي المقابل، نجد أصحاب الرأي القائل إنَّ هذا الوضع نتج عن أسباب داخلية وخارجية مجتمعةً؛ إلا أن منهم فئة تقول بوجود تداخل بين النوعين من الأسباب، فلا يقل أحدهما تأثيراً في هذا الوضع المزري عن الآخر؛ في حين تقول فئة أخرى بوجود تفاوت في هذا الأثر، إما بترجيح تأثير الأسباب الداخلية كالثقافة القائمة على تمجيد الحكام المتسلطين وغياب القيادة السياسية الكفءِ والملتزمة، أو بترجيح تأثير الأسباب الخارجية من مثل سياسات الدول الغربية نحو العالم الإسلامي واستمرار الحرب الصليبية إلى هذا اليوم، متخذةً وجهاً جديداً. وثمة أخيراً قول بأن هذه الأسباب إنما هي وليدة الظروف الدولية والأوضاع السياسية المستجدة في العالم، متمثلةً في اكتساح ظاهرة العولمة لدوائر الاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام في مختلف الأقطار الإسلامية، وبروز القطبية الواحدية، وتفاقم سياسات الاستتباع، وإحكام السيطرة على ثروات العالم الإسلامي الذي تنتهجه القوى العظمى؛ ويعارضه قولٌ إنَّ هذه الأسباب تعود إلى فترات قديمة من تاريخ الأمة، يرجعها بعض الباحثين إلى الحدث الفاصل في هذا التاريخ، وهو سقوط الخلافة، وما تلاه من تقسيم للعالم الإسلامي إلى شتات من الدويلات؛ في حين يرجعها غيرهم إلى ما قبل هذه الفترة، عندما تعرَّض هذا العالم للحملة الاستعمارية الأولى في النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ بل منهم من ردَّها إلى فترة الحروب الصليبية، وهي، في نظره، حروب، لو تأملها المرء مليّاً، لأدرك أن المسلمين إنما توهموا الفوز بالنصر فيها، إذ لو انتصروا فيها حقاً، لما بدأ معها عصر الانحطاط الذي دخلوا فيه. وأخيراً، تتضمن هذه المجموعة الدعاوى المتقابلة المتعلقة بالأولويات التي تمليها أوضاع العالم الإسلامي على المفكر الإسلامي أو العربي.  فهناك دعوى تؤكد على أن الأولويات التي تُطرح على المفكر الإسلامي أو العربي تغيّرت بعد أحداث 11 أيلول 2001، إذ إِنَّ أسئلة النهضة أصبحت غير ما كانت عليه قبل هذه الأحداث، فأضحت تدور على تحديات أشد خطورة وأكثر تهديداً لمصير الأمة؛ فبعد أن كان سؤالها الأساسي هو: «لِم تأخَّرنا وتقدَّم غيرنا»؟، أصبحت صيغته اليوم هي: <mb>«لِمَ نُجْتثُّ ويتمكَّن غيرنا؟»<?tf>؛ ونجد من يعارض هذا التأكيد، قائلاً إنَّ أولويات المفكر لا تتحدد بهذه الأحداث، على هولها؛ ذلك أن ما يقع في الغرب لا يجوز أن يحدِّد منطلقات الأمة ومختاراتها، إلا ما يكون من تحصيل الوعي بالمتغيرات العالمية، لأن الواجب في هذه الأولويات أن تأتي على شرط التداول الداخلي الإسلامي، مراعية رسالة الأمة وما تقتضيه من مسؤوليات بغض النظر عن هذا الحدث أو ذاك. وهناك أيضاً دعوى تقول إنَّ أولويات المفكر، بعد أحداث أيلول، تتحدد بصياغة مشروع نهضوي تنويري قومي جديد يختلف عن سابق المشاريع  النهضوية بكونه لا يتعلق بكيفية الخروج من التخلف، طالباً تقدُّماً يضاهي التقدم الغربي، وإنما يتعلق بكيفية الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية ذاتها التي يسعى النظام العالمي الجديد إلى محوها؛ وعلى خلاف ذلك، هناك الرأي الذي يقول إنَّ هذه الأولويات تتحدد بوضع تصور إسلامي جديد على مقتضى منهج علمي دقيق يتصدي لتحديات المرحلة الراهنة، ويضبط العمل الإسلامي، ويراقب ساحته الواسعة، بانياً له على أسس شرعية أصيلة ترعى مصالح الأمة، ودافعاً عنه الحالاث العبثية التي تتسبب فيها تصرفات بعض الأفراد والفئات. وهناك كذلك دعوى تقرر أن هذه الأولويات تتقدمها مهمة الدفاع عن صورة الدين الإسلامي؛ فبعد الأحداث، صار الغرب يقرن الإسلام بالتطرف والإرهاب والهمجية وإرادة القضاء على التمدن، مستحضراً الصورة النمطية التي كان يغذيها بخياله ويخنزنها في ذاكرته عن هذا الدين منذ انطلاق الحملات الاستعمارية للشرق؛ فيلزم العمل على تغيير هذه الصورة المشوَّهة والمحرَّفة عن الإسلام وتبرئته من هذه التهم الرخيصة التي اتخذها بعضهم ذريعة للدعوة إلى تغييره من الداخل ولحمل الحكومات الإسلامية على تبديل مناهج التعليم الدينية؛ وفي مقابل ذلك، ثمة من يرى أن هذه الأولويات تقتضي تجاوز مقام الدفاع ودفع الشبهات إلى مقام الإبداع والتأصيل، إذ الدفاع لا يعدو كونه رداتِ فعل على ما هو ظرفي ونسبي وعلى ما يحدده الآخر من آفاق يريد أن نتحرك اتجاهها، أمَّا نحن فمطالبون ببناء نظريات متميزة في الفكر الإسلامي ترفع التحديات القائمة، وبإعادة قراءة النصوص على ضوء الحاجات المستجدة للمجتمع الإسلامي مع حفظ الهوية الثقافية، بل ينبغي إعادة النظر في الأصول وتجديد علوم الدين بشرط تحصيل التمكن فيها، وكذلك إنشاءُ مؤسسات الاجتهاد الجماعي؛ كل ذلك ليس إلا خطوة في طريق ما يجب على الأمة فعله لكي تمتلك أسباب القوة وتتحقق بمقتضى «الاستعداد الرادع». ونجد دعوى أخرى تقول إنَّ أهم الأولويات للخروج من هذا الوضع المتأزم هو أن يمارس المفكر النقد الجذري للذات وأن يداوِمَ على هذه المراجعة، حتى يقف على مواطن الخلل والقصور التي تَصدُّ المسلمين عن عالم الثقافة المعاصرة، وتجعلهم لا يدركون عمق التغيرات التي طرأت على الحضارة الإنسانية؛ ويدفعها الرأي القائل إنَّ الأولوية الأساس هي أن يدخل المفكر في حوار شامل مع الذات، لا ليمارس شديد النقد عليها، متتبعاً أخطاءها وعيوبها، ولكن ليتبيّن مدى استيعابه للصورة الإسلامية وإيمانه العميق بها؛ حتى إذا فرغ من ذلك، حُقَّ له أن يشتغل بحوار كل المسلمين على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم، مكتشفاً طاقات الأمة ومجالات التعاون بين مكوناتها؛ ولا يندفع في حوار الآخرين من غير المسلمين إلا بعد استكمال هذا العمل الحواري الإسلامي، لكي يقتدر على أن يوضح لهم الصورة الإسلامية على أفضل وجه.  وأخيراً ثمة دعوى تؤكد أن أولويات المفكر هي الكشف عن العوائق التي تحول دون نهوض الأمة والتي ترجع، في مجملها، إلى الاستغراق في قضايا الإيمان والعبادات وإهمال الاشتغال بالأسباب المادية والحضارية، بالإضافة إلى العائق المنهجي الذي يمثله انقطاع الصلة بين المفكر والفقيه، مع أن أدوارهما تتكامل فيما بينها؛ ويخالفها الرأي الذي يقول بضرورة الانتقال إلى طرح المنظور الإسلامي بحسب مقتضيات العصر؛ فلا بد من إنشاء خطاب إسلامي مبدئي يأخذ بأسباب الاعتدال والانفتاح وقبول الآخر وبالعقلانية والواقعية والشمولية، طارحاً الإسلام بلغة تستجيب لثقافة العصر بعد استيعاب الثقافة الأصلية، وساعياً إلى تحديث مضامينه دون التفريط في الثوابت بعد قراءة فاحصة للتاريخ الإسلامي تساعد على التعامل مع تحديات الواقع. هذه هي جملة قضايا الحوارية غير المباشرة التي تنطوي عليها المجموعة الأولى من الأجوبة؛ فلنذكر الآن بعض الأسباب التي ربما تكون قد أثَّرت في اختلاف الآراء في نطاق هذه المجموعة. ليس من شك أن في هذه المجموعة حقائقَ يتفق عليها المشاركون، قد نجملها في ثلاث هي: «أن الوضع في العالم الإسلامي سيئ»، و«أن لهذا السوء أسباباً موضوعية » و«أن النهوض بدفعه واجب عاجل»؛ لكن ظلَّ ما عداها من الحقائق موضع خلاف يشتد تارة ويخف أخرى، ذلك أنَّ الرؤية التي تم، انطلاقاً منها، مقاربة هذه الحقائق تردَّدت بين حالين: حال تنزع إلى <mb>التقليد<?tf>، وأخرى تنزع إلى <mb>الإبداع<?tf>، فتكون بعض هذه الآراء نتاج رؤية مقلِّدة وبعضها نتاج رؤية مبدِعة. والواقع أن هذين المفهومين: «التقليد» و«الإبداع» معنيان مجملان، ويحتاجان إلى تفصيل؛ فالتقليد ليس – كما استقر في الأذهان – نوعاً واحداً، لا يصدق إلا على الذي يتمسك بما سلف، وإنما هو، على الأقل، نوعان، ويصدق بذلك أيضاً على الذي يتمسك بما يعدُّ حديثاً. فحد التقليد هو أن يتبع المرء قولَ سواه – أو فعلَه – من غير أن يتمثل أدلته عليه، بَلْه أن يأتي بما يضاهيها؛ ومتى ثبت أن المتَّبِع للقول – أو الفعل – الحديث يقصر عن الإتيان بالأدلة على ما يتَّبع بما لا يقصر عنه المتبع للقول – أو الفعل – السالف، جاز أن يكون المتبِع الأول أشد تقليداً من الثاني؛ والحال أن شدة قصوره تظهر في كونه يأخذ القول – أو الفعل – عمَّن هو مفصول عن ثقافته، أمّا الآخر فيأخذهما عمّن هو موصول بثقافته. ومعلوم أن تمَثُّل الأدلة المفصولة أعسر على الذهن من تَمثُّل الأدلة الموصولة؛ وما كان بهذا الوصف أولى من غيره بأن يكون محل تقليد. وعلى هذا، فالذي ينظر إلى وضع العالم الإسلامي قد ينظر إليه بعين المقلد للحديث كما قد ينظر إليه بعين المقلد للقديم؛ فالأول يصف هذا الوضع ويحدد أسبابه وسبل مواجهته، مستحضراً في ذهنه وضع العالم الغربي، فيقيس عليه، سواء بطريق مباشر، مُثْبتاً للوضع الإسلامي بعض ما ثبت له، ونافياً عنه بعض ما نُفي عنه؛ أو بطريق غير مباشر، نافياً عن الوضع الإسلامي بعض ما ثبت للوضع الغربي، ومُثْبتاً له بعض ما نُفي عنه؛ أما الثاني، فيصف وضع العالم الإسلامي ويُعيِّن أسبابه وسبل مواجهته، مستذكراً الوضع السالف للعالم الإسلامي، فيقيس عليه، سواء بطريق مباشر، مُثْبتاً للوضع الإسلامي الحالي بعض ما ثبت للوضع السالف، ونافياً عنه بعض ما نُفي عنه؛ أو بطريق غير مباشر، نافياً عن الوضع الحالي بعض ما ثبت للوضع السالف، ومثبتاً له بعض ما نُفي عنه. ومَثَل الإبداع كمَثَل التقليد؛ فهو الآخَر ليس – كما ساد الاعتقاد – نوعاً  واحداً، فيصدق على الذي يُحدث شيئاً بغير مثال سابق، وإنما هو، على الأقل، نوعان، يصدقان أيضاً على الذي <mb>يختار بنفسه<?tf> ما أحدثه سواه بغير مثال سابق. ومتى ثبت أن الأصل في الأفعال هو الاختيار، وليس الإحداث، جاز أن يكون المبدع المحدِث أقل إبداعاً من المبدع المختار؛ وغير خاف أن كل إنسان، عرفاً كائن مختار، في حين ليس كل إنسان كائناً محدِثاً، فقد لا يستطيع أن يحدث كل ما يختار بنفسه؛ ويجوز أن يكون ما يختاره الإنسان، وقد أحدثه غيره، خيراً له مما قد يحدثه هو بنفسه؛ فقد يكون هذا المحُدث أعلم بمصالحه منه أو أقدر على تحصيلها له، فيستحق ما أحدثه الاختيارُ؛ فما الظن إذا كان هذا المحُدِث هو بديع السماوات والأرض؟ فأي شيء إذن يضاهي إبداع هذا الاختيار! وعلى هذا، فالذي ينظر إلى وضع العالم الإسلامي قد ينظر إليه بعين المبدع المحدث؛ كما قد ينظر إليه بعين المبدع المختار؛ فالأول يصف هذا الوضع ويكشف أسبابه وطرق التصدي له، ممارساً ما يعدّه نوعاً من <mb>«التقريب التكاملي»<?tf>، إذ يرى أن تغيير الوضع في العالم الإسلامي لا يكون إلا بتوسيع المفاهيم والتصورات الإسلامية المقررة، حتى تتلاءم مع المفاهيم والتصورات الحديثة، بل حتى تنضبط بها انضباطاً، فيُثبت لها كل ما ثبت نفعه المادي في هذه، وينفي عنها كل ما خالف العقل على مقتضاه الأداتي أو يتأوله بما يوافقه. أما الثاني، فيصف هذا الوضع ويقف على أسبابه وطرق التصدي له، ممارساً ما يعدّه نوعاً من <mb>«التقريب التداولي»<?tf>، إذ يرى أن تغيير الوضع في العالم الإسلامي لا يكون إلا بتهذيب المفاهيم والتصورات الحديثة، حتى تتلاءم مع المفاهيم والتصورات الإسلامية، بل حتى تنضبط بها انضباطاً، فيُثبت لها كل ما ثبت نفعه الروحي في هذه، وينفي عنها كل ما خالف الوحي على مقتضاه القيمي أو يتأوله بما يوافقه. وهكذا، يظهر أن اختلاف الآراء في المجموعة الأولى يرجع إلى كون الفاعلين الحواريين فيها يشكّلون أربعة أنموذجاتٍ مستقلة هي: «المقلِّد السلفي» و«المقلد الحداثي» و«المبدع المحدِث» و«المبدع المختار». أما المجموعة الثانية من الأجوبة المتضادة، فتتحدد بناء على المواقف المتخذة من أحداث أيلول؛ فلقد تردَّدت هذه المواقف بين عدَّ هذه الأحداث أحداثاً فاصلة في الزمن الإسلامي، وبالأوْلى في الزمن الغربي، حتى صح عند بعضهم أن نؤرخ بها لمسار الإنسانية، فنتكلم عن عالم ما قبل 11 أيلول وعالم ما بعده، وبين عدها أحداثاً عادية في أثرها في التاريخ الإسلامي، وفي إمكان توظيفها في خدمة النظام العالمي الجديد، ولكنها غير عادية بالنظر إلى ما تكشف عنه من اختلال غير مسبوق في هذا النظام. انطلاقاً من هذا، كان لا بد أن تختلف الرؤية إلى الخطاب الإسلامي، تعرُّفاً وتوجُّهاً، باختلاف هذه المواقف من أحداث أيلول؛ فتتمثل الحوارية غير المباشرة على مستوى هذه الرؤية في جملة من الأطروحات المتقابلة: فهناك أطروحة تؤكد على أن الخطاب الإسلامي اضطر إلى أن يختلف عما كان عليه تحت تأثير الأسئلة الحاسمة التي فُرضت عليه والتحديات الكبيرة التي أصبح يواجهها؛ في حين أن ثمة من يعتقد أنه خطاب لم تُغيّره الأحداث وبقي على حاله في رفض النقد والمراجعة. ونجد أيضاً رأياً يقول إنَّ الخطاب الإسلامي خطاب دفاعي يَرُدُّ عن الدين الأراجيفَ والتُّهم التي يتعرض لها، مبرزاً دعوته إلى الاعتدال والوسطية وإلى التعارف والتسالم بين الأمم؛ وهناك رأي مضاد يقول إنَّه خطاب أصولي متطرف لا يحتمل حق الاختلاف ويقبل أن توظفه القوى العظمى لصالحها. كما أن هناك أطروحة ترى أن الخطاب الإسلامي استبدل في همومه وتوجُّهاته المسألة الاجتماعية بالمسألة السياسية، متعاطياً تأسيس بنية المجتمع المدني؛ ويضادّها القول إنَّه خطاب يُبقي على النزعة إلى التسييس والرغبة في الوصول إلى السلطة. ونجد كذلك دعوى تقول إنَّ الخطاب الإسلامي أضحى قادراً على نقد الحداثة الغربية، منطلقاً من رؤية معرفية شاملة؛ وعلى العكس من ذلك، هناك من يقول بأنه لا يزال خطاباً وجدانياً انفعالياً لا يملك من أسباب العلم ما يجعله قادراً على مقاربة أوضاع المسلمين بما يخرجها من التردّي الذي أصابها. وثمة أخيراً دعوى تقرر أن هذا الخطاب خطاب واحد ومُتوحّد ولو تعددت أشكاله ومظاهره؛ ويخالفها الرأي الذي يصرح بأنه خطاب متعدد، غير متوحد؛ وقد ينحصر هذا التعدد عند البعض في خطابين اثنين متعارضين (خطاب تبريري وخطاب إنكاري؛ أو خطاب تقليدي وخطاب تجدبدي؛ أو خطاب إحيائي وخطاب إصلاحي)، كما أنه قد يتعدى ذلك، عند غيرهم، إلى أكثر من خطابين (نحو خطاب تقليدي، وخطاب جهادي، وخطاب إصلاحي، أو خطابات أشبه بمراتب السُّلَّم، ينزل أقصاها الخطاب العلماني في دار الإسلام، وأدناها الخطاب الإسلامي الحركي). كما تحتوي المجموعة نفسها الدعاوى التي تتعلق بالإسلام السياسي، متمثلاً في الحركات الإسلامية. فثمة مَن يدعي بأن الإسلام السياسي يركز على الصلة بين الدين والسياسة، مغلّباً الجانب السياسي فيه، وغير مكترث بشمولية الإسلام، ومبتغياً الاستيلاء على زمام الحكم؛ في حين نجد من يقول إنَّ الإسلام السياسي لا ينحصر دوره في هذا الجانب، بل يجاوزه إلى كل جوانب الحياة التي من شأنها أن تنهض بتجديد الهوية الإسلامية، حتى إن مدلوله يتطابق ومعنى (الإسلام) من غير تخصيص بصفة معينة، منبّهاً على أن الغرب هو الذي استحدث هذا المصطلح، وأطلقه على الصحوة الإسلامية في السبعينيات، مبتغيا من ورائه تشويه توجُّهها والإيقاع بأهلها. وثمة أيضاً من يدَّعي بأن الإسلام السياسي يُضادُّ الإسلام التقليدي، فهذا الأخير جمود على الجزء العقدي والشعائري من الدين، مع تجاهل مشكلات الحياة وتحديات الواقع؛ بينما نجد من يقول إنه لا تَضادَّ بينهما، ما دامت المؤسسات الدينية التقليدية تقوم هي الأخرى بدور سياسي ولو أنه غالباً ما يتمثل في تدعيم شرعية السلطة القائمة، وما دام الإسلام التقليدي ينزل منزلة المجال الحيوي الذي يتغذى منه الإسلام السياسي، مستمداً منه قاعدته النضالية وقوته العقدية والأخلاقية. وهناك كذلك من يرى أن الحركات الإسلامية أنموذج واحد يتميز بالانغلاق على الرؤية الواحدة وادعاء الاستفراد بالحقيقة وسيطرة أسلوب الدعوة، منتقلا من فشل إلى آخر؛ في حين يرى غيره أنها تبلغ الغاية في التنوع، فالحركة الواحدة قد تَضمُّ داخلها تيارات متعددة تتدرّج أوصافها من الانغلاق والتشدد إلى الانفتاح واللين؛ فالسلفية سلفيات والإخوانية إخوانيات والصوفية صوفيات؛ بل إن هذه التيارات لا تفتأ تتكاثر؛ ولو أن هذه التيارات تختلف خصائصها ومسالكها، زيادة ونقصاناً، باختلاف البلدان التي تؤويها، إسلامية كانت أم غير إسلامية، فإنها قد توجد مجتمعةً في البلد الواحد كما هو الشأن في لبنان. وهنالك من يدّعي بأنه لا يمكن للحركات الإسلامية أن تقبل الديمقراطية على شرطها الغربي، ولا على وجه الإطلاق، ولا على وجه الدوام؛ كيف لا وهي تمارس الاستبداد داخل صفوفها، بعيدة عن محاسبة الذات واحترام الرأي الآخر وتداول السلطة بين قياداتها! وفي المقابل، نجد من يقول إنَّ هذه الحركات لا تطالب الأنظمة بالتزام الديمقراطية في حكمها فقط، بل إنها تنهض بشرائطها في أوساطها، إيماناً منها بأن الإسلام يقر بتساوي الناس في الحقوق والواجبات كما يقر بالحريات الفردية وتعدد الأديان واختلاف الشعوب.    وأخيراً، يعتقد بعض الباحثين أن الحركات الإسلامية لا يمكن أن تسمح بوجود الأحزاب الإلحادية بين أظهرها، لأن الإلحاد فساد عقدي شأنه شأن الفساد الاجتماعي، أو لأن وجوده في المجتمع المتدين معارضةُ شريعة بأخرى؛ بينما يعتقد آخرون أن هذا الوجود يظل أمراً تقديرياً يتناسى واقع المجتمع الإسلامي؛ وحتى لو فرضنا تحقُّقَه، فإنه لا يضر هذا المجتمعَ في شيء، ولا خوف عليه منه، بل إنه يدل على مدى مرونة الإسلام وقوة براهينه وشعور أفراده بالمسؤولية. أما مسألة العنف الذي شاب هذه الحركات، فقد رأى بعضٍ أن العنف لون واحد من الإيذاء لا يقوم به إلا معتدٍ أثيم، والإسلام ينهى عن إيقاع الأذى بالناس بغير حق؛ وعلى العكس من ذلك، يرى غيرهم أن العنف ألوان شتى أشدها إيذاء ما تمارسه الدول الكبرى وأنظمة الحكم، وأخفها ما اضْطُرَّت إليه بعض الجماعات الإسلامية، ردّاً على سوء العنف الذي تسومها إياه هذه الدول المهيمنة والأنظمة المفسدة، غير أنها أبانت أحياناً عن جهل أو تجاهل بشرائط استخدام القوة وضوابط الجهاد التي أقرها الإسلام. هذه هي حصيلة قضايا الحوارية غير المباشرة التي تنطوي عليها المجموعة الثانية من الأجوبة؛ فلنقف الآن على بعض الأسباب التي يبدو أنها أفضت إلى اختلاف الآراء على مستوى هذه المجموعة. صحيح أن في هذه المجموعة أيضاً حقائقَ أخرى يتفق عليها المشاركون، وهي على وجه العموم: «أن الخطاب الإسلامي يختص بصفات محددة»، و«أن هذا الخطاب يعبّر عن توجهات الحركات الإسلامية في مساعيها إلى التصدي لمشكلات الأمة» و«أن هذه الحركات تمرُّ بظروف سياسية يطبعها العنف»؛ لكنهم اختلفوا في ما سواها من الحقائق، وذلك لأنهم  ركَّزوا عند نظرهم في الخطاب الإسلامي على مضامينه وتقريراته، لا على <mb>بُناه وآلياته<?tf>؛ وعندئذ، لا عجب أن يُثبتوا له صفات يضرب بعضها بعضاً، فاحتمالات الاختلاف أكبر في المضامين منها في الآليات، مادامت المضامين المختلفة قد تتوسل بالآلية الواحدة. الواقع أن مفهوم (الخطاب) يدل على أمر زائد على ما يدل عليه مفهوم (القول)، إذ لا يعني مجرد النطق بألفاظ معينة، وإنما يعني <mb>«توجيه هذه الألفاظ إلى الآخر، بوصفه قادراً على أن يفهمها، ويتحمل مسؤولية ما فهم منها»<?tf>؛ لهذا، فإن كيفية توصيل هذه الألفاظ إلى الآخرين – أو قل بالاصطلاح «تبليغها» – تتطلب من المتكلم عناية تساوي، بل تجاوز عنايته بالأحكام التي تتضمنها هذه الألفاظ، واختلال هذه الكيفية يلزم منه اختلال الأحكام، في حين قد يختل الحكم المُبلَّغ، ولا تختل كيفية تبليغه. هاهنا يجب الوقوف عند نوعين أساسيين من الخطاب الديني يختلفان باختلاف المقام، إذ لكل واحد منهما طريقه الخاص في التوجه إلى الآخر: أحدهما، «الخطاب الديني الذي يسلك طريق الوعظ والاستشهاد بالنص»؛ والثاني، «الخطاب الديني الذي يسلك طريق النقد والاستدلال بالعقل»؛ كما يجب الحكم على الخطاب الإسلامي بمدى وفائه بمقتضيات المقام الذي يتحدد بنوعية الآخَر؛ فهناك الآخر الذي يفهم الخطاب النقدي أو الاستدلالي، ولا يتحمل إلا مسؤولية هذا الفهم العقلي، وهو على نوعين: الآخر الذي يشارك المتكلم الثقافة ولا يشاركه العقيدة، والآخر الذي لا يشاركه العقيدة ولا الثقافة؛ وهناك الآخَر الذي يفهم الخطاب الوعظي – أو الاستشهادي – ويتحمل مسؤولية هذا الفهم النصي؛ وهو على نوعين: الآخر الذي يشارك المتكلم الثقافة والعقيدة ويشاركه العمل بالعقيدة؛ والآخر الذي يشاركه الثقافة والعقيدة ولا يشاركه العمل بالعقيدة. وبناء على هذا التقسيم للآخَرين، يتبين أن الخطاب الوعظي أخص والخطاب النقدي أعم، إذ يزيد عليه قيدَ العمل؛ وفي هذا دليل قاطع على أن الخطاب الأول، خلافا للرأي الشائع، أعلى رتبة من الثاني، فلا يخاطَب الآخَر وعظاً أو استشهاداً، حتى يخاطَب نقداً أو استدلالاً، مع العلم بأن الإنسان لا ينفك يمارس الاستدلال في عامة شؤون الحياة؛ فمن يتحمل مسؤولية فهم الخطاب الاستشهادي أجدَرُ به أن يتحمل مسؤولية فهم الخطاب الاستدلالي. وبهذا، تبطل الحجة التي روَّج لها «الحداثويون» كثيراً، بل اتخذوها رهانهم الرابح في حربهم على رجال الدين وهو أن الخطاب الاستشهادي يلتجئ إلى سلطة النص، وكل التجاء إلى هذه السلطة هو تبعية للغير وخروج عن مقتضى العقل؛ فقد اتضح أن مرتبة الاستشهاد تعلو على مرتبة الاستدلال، لظهور خصوصه وعموم الاستدلال، فيكون عقلياً مثلَه، بل إن عقلانيته أعلى، إذ ليس أساسها القاعدة المقررة في عقلانية الاستدلال النقدي، وهي: «إنكار القول حتى يقوم الدليل على صحته»، وإنما أساسها قاعدة أخرى، وهي: <mb>«اعتقاد القول حتى يقوم الدليل على بطلانه»<?tf>؛ وما ذاك إلا لأن مجال هذه العقلانية الاعتقادية هو عالم القيم، فلو أنها مورست على الوقائع، لأنزلت القانون الطبيعي منزلة الأمر التشريعي، متعاملة مع الأدنى بما ينبغي أن يُعامل به الأعلى؛ في حين أن العقلانية الإنكارية مجالها عالم الوقائع، فلو أنها مورست على القيم، لأنزلت الأمر التشريعي منزلة القانون الطبيعي، متعاملةً مع الأعلى بما ينبغي أن يُعامل به الأدنى. أضف إلى ذلك، أن الالتجاء إلى النص – أو بالاصطلاح «الاستدلال بالنص» – ولو كان نصاً غير وعظي- لا يمكن الاستغناء عنه، وذلك لسببين على الأقل، أحدهما: وجود التفاوت في القدرات والمعارف والمواهب والتجارب بين الناس؛ والثاني: ثبوت الاستحالة العملية على أن يستدل الإنسان بنفسه على كل شيء. لذا، فلا بد للمرء أن يرجع إلى غيره في أمور شتى، مسلِّماً باستدلالاته، متخذاً منها نصوصاً، ومتخذاً من صاحبها حجة، حتى إنه يصح القول إنَّ الإنسان لا بد له من التقليد حتى كأنه أمر داخل في بنيته الخَلقية؛ فكثير من علم المرء، فضلاً عن عمله، لا يُعوِّل فيه على نفسه وإنما يعوِّل فيه على الآخرين؛ فقد يكون الآخَر أعلم بمصالحه منه أو أقدر على تحصيلها منه، فيكون أوْلى له أن يعتمد استدلالاته ويعتقد نصوصه؛ فإذا كان حاله مع من هو أعلم أو أقدر منه من البشر كذلك، فكيف حاله مع العليم القدير الذي لا يحيط بشيء من علمه ولا بقدرته أحد؛ فأنى لاعتقاد أن يساوي في عقلانيته اعتقاد ما أنزَل على خلقه! وعلى هذا الأساس، يكون الأصل في الأقوال هو الاعتقاد، وليس – كما شاع وذاع – الانتقاد؛ فكل إنسان كائن معتقد، في حين ليس كل إنسان كائناً منتقداً؛ فحتى لو فرضنا جدلاً أنه يقدر على انتقاد كل ما يعتقده سواه، فلا يقدر أن ينتقد ما يعتقده هو بنفسه وفيه ما لا يحيط بعقلانيته انتقادُ منتقد. ونحن إذا تأملنا الخطاب الإسلاميَّ وجدنا أنه يقع في ما يمكن أن نسميه بـ«أخطاء المقام»؛ فقد استعمل أصحابُه الخطاب الاستشهادي حيث يجب استعمال الخطاب الاستدلالي، فخاطبوا أهل العقائد الأخرى والثقافات الأخرى بما ينبغي أن يخاطبوا به أهل عقيدتهم أو أهل ثقافتهم، فنُسِبوا إلى الانغلاق والتطرف، أو خاطبوا أهل ثقافتهم بما ينبغي أن يخاطبوا به أهل عقيدتهم أو خاطبوا أهل العقيدة المجرَّدة بما ينبغي أن يخاطبوا بها أهل العمل الحي، فنُسبوا إلى التشدد والتزمت؛ والغالب أن هذا الإخلال بالمقام من جانبهم لا يكون مقصوداً، ولا مرغوباً فيه، وإنما يؤدي إليه إما جهل بظروف الآخر كإنزاله رتبة غير رتبته أو إنزال الجميع منزلة الواحد أو جهلٌ بآليات الخطاب كالخلط بين مقتضياتها أو العجز عن ممارسة بعضها.  وأما المجموعة الثالثة من الأجوبة، فتتعلق بكيفيات إنهاء الصراعات وإقامة الحوارات بين المسلمين وغيرهم داخل أوطانهم وخارجها. فمن المشاركين من يصرح بأن صراع الحضارات حالة قائمة لا يمكن الالتفاف عليها، وبالأولى لا يمكن إنكارها، لأن الحقيقة واحدة غير متعددة، والاختلاف فيها يفضي حتما إلى التنازع؛ والشاهد على ذلك أن الساحة العالمية تشهد صراعات مختلفة منها «الصراع الأمريكي الإسلامي» و«الصراع الروسي الشيشاني» و«الصراع الإسرائلي العربي» و«الصراع الهندي الباكستاني» و«الصراع الصربي البوسني»؛ وفي المقابل، منهم من يؤكد أن صراع الحضارات لا وجود له في الواقع، وإنما الذي يوجد حقّا هو صراع على المصالح بين قوى كبرى – على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية – تسعى إلى بسط هيمنتها على العالم كله، وإلا فلا أقل من بسطها على مناطقه التي تزخر بالثروات وتحتوي على مصادر الطاقة، غير أنها تُغطّي ذلك بلباس فكراني مختلَق تُضلل به الرأي العام المحلي والعالمي، وتسوغ به مخططاتها الرهيبة في التوسع والنهب. وهناك مَن يرى أن أطروحة «صراع الحضارات» – التي انبنت على فرضيةِ أن في العالم حضارات متعددة ذات توجهات مخالفة للتوجه اللبيرالي الغربي – وقعت ترجمتها، على أرض الواقع، في صراع واحد قائم بين طرفين اثنين فقط هما: العالم الغربي والعالم الإسلامي، مع عدِّ المسلمين هم وحدهم المسؤولين عن إثارة هذا الصراع الذي لا ينفع معه إلا استخدام القوة؛ إذ إنهم اختاروا بمحض إرادتهم واستناداً إلى عقيدتهم أن يجعلوا من الغرب عدواً لهم، مصرين على استعمال منطق القوة معه ولو أنهم لا يملكون من أسبابها إلا الحد الأدنى؛ وعلى العكس من ذلك، يرى آخرون أن الغرب هو الذي أدخل العالم في لُجّ صراع الحضارات منذ انطلاق حملاته الاستعمارية، مدمّراً الثقافات والتراثات المحلية لكثير من الشعوب، ومسلّطاً عليها ثقافته الأوربية باسم الكونية، بل إنه سعى، في نهاية المطاف، إلى أن يجعل فصول الصراع الحضاري تدور في ساحة العالم الإسلامي وحده؛ وقد اتخذ هذا الصراع فيها الآن إما صورة صراع بين حركات إسلامية مقاوِمة للوجود الأمريكي من جهة وأنظمة وقوى سياسية دينية وعلمانية متحالفة مع أمريكة من جهة أخرى، وإما صورة صراع بين هذه القوى السياسية المتحالفة معها بعضِها مع بعض كما هو الشأن في أفغانستان وفي العراق. كما أن بعض الباحثين يعتقدون أن الغرب في تعامله مع المسلمين يكاد يسير على نهج واحد، إذ ليس مستعداً أن يقبلهم مع اختلافهم عنه في المقومات والقيم، بل يطالبهم بترك هذا الاختلاف الثقافي والدخول في ثقافته؛ وليس هذا فقط، بل مازال على موقفه القديم من دينهم، إذ ينكر أن يكون الإسلام ديناً سماوياً وأن يكون محمد (ص) نبياً مرسلاً؛ وفي مقابل هؤلاء، نجد من يعتقد أن الغرب أكثر من واحد؛ فهناك غرب المصالح العسكرية والاستراتيجية، وهناك غرب الشركات الكبرى، وهناك غرب النصرانية الكنسية؛ وهناك كذلك غرب الجماهير المناهضة للحروب، وهناك غرب الطبقات المستضعفة شأن السود في أمريكة؛ وقد يشكل بعضهم مع المسلمين جبهة واحدة تعمل على تغيير موازين القوى، مؤسِّسة لفكرانية إنسانية تجعل الناس سواسية. أما بصدد الحوار بين الإسلامين والعلمانيين، لبيراليين أو اشتراكيين، فهناك من يرى أنه قطع أشواطاً عدة، متجاوزاً مرحلة الدعوة والتأسيس إلى مرحلة التنفيذ والعمل المشترك ولو أن النتائج تبقى محدودة؛ فقد أصبح التياران – وقد تساويا في المواطنة – يتعاونان معاً في الدفاع عن الحريات الفردية والسياسية، ومناهضة الاستبداد السياسي وانتهاك حقوق الإنسان، ومواجهة الفساد المستشري في المؤسسات، والتصدي للعدوان الدولي على الأمة، والنضال من أجل تحقيق الوحدة ودعم مقاومة الاحتلال في فلسطين والعراق؛ ويخالفهم في هذا الرأي الذين يقولون إنَّ الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين، ولو أنه ضرورة ملحة، فإنه ظل في جوهره لا يتناول القضايا الخلافية المركزية، وذلك بحثاً عن القواسم المشتركة للتعاون في قضايا طارئة، بل ظل يتحاشى التعرض للصورة التي يُكوّنها أحد الجانبين عن الآخر؛ فمعلوم أن الإسلامي يرى في التيار العلماني نتاجاً أفرزه الغزو الغربي للبلاد الإسلامية، عاملاً على تخريب المقومات التقليدية الإسلامية للأمة، ثم داعياً إلى إحياء خطاب عصر النهضة القديم في مواجهة العقل «السلفوي»، ومنتهياً، بعد أحداث أيلول، إلى الدعوة إلى إنشاء خطاب يستوعب روح العصر التي تمثلها الفكرانية الأمريكبة الغازية؛ ومعلوم أيضاً أن العلماني يرى في الإسلامي إنساناً يعيش الماضي البائد ويكرس واقع التخلف، ويتوسل في مواجهة أزماته بأسباب العنف المدمّر؛ وعلى هذا، فواجب العلمانيين أن يُقروا بأن الإسلام هوية حضارية جامعة للأمة، وأن يتخلّوْا عن الاستظهار بالقوى الأجنبية؛  كما أن واجب الإسلاميين أن يعترفوا بأن الاختلاف واقع يُثري ثقافة الأمة وأن إقصاء المخالف يضر بنسيجها. وفيما يتعلق بالحوار بين المسلمين والمسيحيين، عرباً وغرباً، فهناك من يقرر أن الهدف منه ليس التوصل إلى توافقات دينية عقدية، وإنما الاهتداء إلى توافقات سياسية واجتماعية تساهم في قطع أسباب العزلة والتوتر بين المؤمنين، ورفع حالات اللبس وسوء الفهم بينهم، ونزع الصبغة الدينية عن صراعاتهم السياسية، وتسوية بعض الخلافات الجزئية، فضلاً عن وجود الرغبة عند كليهما في تجميل صورته لدى الآخر؛ فالطرف المسيحي الكنسي يسعى إلى أن يدفع عن نفسه صفة المعتدي الذي يستهدف المسلمين في عقيدتهم وثقافتهم وأراضيهم وثرواتهم، بل في وجودهم، أمّا الطرف الإسلامي بدوره فيسعى إلى أن يبرِّئ نفسه من تهمة التطرف والإرهاب الذي يستهدف المدنيين الأبرياء؛ ويعارض هذا الرأي من يقول إنَّ الحوار الإسلامي المسيحي يجب أن لا يقتصر على بحث القضايا السياسية والاجتماعية والإنسانية، بل ينبغي أن يتعداها إلى بحث أصول الإيمان وقضايا العقيدة، وذلك لأسباب مختلفة، أحدها، أن للمسلم أسئلة عن العقديات المسيحية يريد أن يعرف الأجوبة عنها؛ كما أن للمسيحي أسئلة عن العقديات الإسلامية يتطلع إلى أن يُحصّل الجواب عنها؛ والثاني، أن المسيحي قد يتعاطى التبشير في وسط إسلامي، والمسلمَ قد يتعاطى الدعوة في وسط مسيحي؛ ومِثل هذا التعاطي قد يفضي إلى المصادمة، والحوار كفيل بأن يعرّف الواحد بالمعتقدات الجوهرية للآخر، فضلاً عن إعطائه الفرصة لاختبار صحة معتقداته؛ والثالث، أن الإيمان ذو طبيعة حوارية؛ ولما كان الأمر كذلك، وجب أن يتوسط العقل في اعتقاد الإنسان؛ ولئن جاز أن هذا الحوار يدور مع الذات عينها، فأنْ يدورَ مع الآخر المختلف أَوْلى؛ والرابع، أنه لما كانت الأديان السماوية متكاملة فيما بينها، لزم أن تكون هناك مقاصد عامة مشتركة؛ ولا تنفع في كشفها وبلورتها لدى أصحابها سوى الممارسة الحوارية. أمَّا الحوار بين المسلمين واليهود، فيظن نفر من الباحثين أنه ممكن ومقبول ولو مع وجود الاحتلال الصهيوني لفلسطين متى توافرت شروط مخصوصة لا يمتنع تحققها، منها أن يدخل المسلمون هذا الحوار وقد نبذوا منطق القوة ولغة العنف وتزوَّدوا بمنطق العقل ولغة الإقناع؛ ومنها أيضاً أن يوجد علماء يهود وحاخامات ينكرون الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، ولا يسعون إلى تمرير مشاريع ظالمة تكرس الاحتلال؛ ومنها كذلك أن يرتفع الشك في أهداف المتحاورين ويحصل الاطمئنان إلى حسن نواياهم؛ ويخالف هذا الظنَّ ما يذهب إليه آخرون من أن الحوار الإسلاميَّ اليهوديَّ في ظل الاحتلال الصهيوني لفلسطين غير ممكن ولا مقبول مطلقاً، وذلك لأسباب عدة، أولها أن الجانب الإسلامي يطالب بتفكيك الدولة العبرية المحتلة والجانبَ اليهودي يرفض إدانة الاحتلال، فضلاً عن التسليم بالتفكيك؛ والثاني أن هذا الحوار يخرج عن وصفه الديني ويصبح قومياً وعرقياً من جانب واحد، إذ إن هناك تداخلاً صريحاً بين الدين اليهودي والعرق اليهودي، حتى كأنهما شيء واحد، فيكون الكلام في هذا الدين كلاماً عن الأصول الغابرة والوعود الواهمة، مفضياً إلى الاحتجاح لشرعية الاحتلال؛ والثالث أن هذا الكيان الغاصب لا تتوافق طبيعته مع مبدأ السلام، بل لا يخشى شيئاً خشيته من تحقق هذا المبدأ، لأن هذا الكيان الغريب والمليء بالتناقضات العصية يحتاج إلى عدو دائم يعلن عليه الحرب كل حين لكي يضمن استمرار وجوده، ثم لأن السلام يعني إقامة نظام عادل يتمتع فيه المواطنون بالحقوق ذاتها، لا فضل فيه لليهودي على غير اليهودي، وهو أمر غير مسلّم به في مجتمع صهيوني. بعد أن عرضنا مجمل قضايا الحوارية غير المباشرة المتضمَّنة في المجموعة الثالثة من الأجوبة، نمضي إلى بيان بعض الأسباب التي يظهر أنها أدت إلى اختلاف الدعاوى التي وردت فيها. لا خلاف أن في هذه المجموعة كذلك حقائق يتفق عليها المشاركون، على رأسها:  «أن أسباب الصراع بين الحضارة الغربية والعالم والإسلامي قائمة»، و«أن أحد الطرفين مسؤول عن هذا الصراع»، و«أن الحوار جارٍ بين المسلمين وغير المسلمين»؛ لكن بقي ما عداها من الحقائق موضع خلاف كبير؛ ومردُّ ذلك إلى بقاء مفهوم «صراع الحضارات» مجملاً غير مفصل، بل مشوَّشاً غير مبيّن؛ إذ لو حصل تفصيله بما يكفي، لأمكن تحديد المسؤوليات وتحديد الأطراف التي تقع عليها؛ وكذا بيان دور الحوار في تقويم الحضارة، قطعاً لأسباب الصراع الكامنة فيها. لا يخفى أنه لا بد لكل حضارة أن تقوم بشرطين أساسيين متمثليْن في حضوريْن اثنين: «حضور في المكان» و«حضور في الزمان»؛ وحضورُها في المكان هو نهوضُها بالفعل العمراني على أوسع نطاق، وحضورها في الزمان هو نهوضُها بالفعل التاريخي على أرسخ وجه؛ ومتى أخذنا بهذا الشرط المزدوج، فلا مفر من الإقرار بأن الحضارة التي تنهض في عالمنا اليوم بهذين الفعلين: «الفعل العمراني» و«الفعل التاريخي» هي الحضارة الغربية وحدها لاسواها؛ أما ما سُمّي ب-«الحضارات الأخرى» بما فيها «الحضارة الإسلامية»، فلا حضور مشهود لها؛ فلا هي تزيد في العمران وفق قدراتها الخاصة، ولا هي تصنع التاريخ وفق قيمها الحية؛ يلزم من هذا أن «صراع الحضارات» مفهوم مغلوط أو مدلَّس؛ والواجب أن يُستبدل به مفهوم غيره، فيقال: <mb>«صراع الحضارة الغربية مع الثقافات الأخرى»<?tf>، ذلك لأن الثقافة لا يُشترط فيها الحضور العمراني ولا الحضور التاريخي، بل يكفي فيها وجود الذاكرة وما تختزنه من قِيَم عابرة للزمن. وإذا تقرَّر أن الحضارة هي الفعل الحاضر المؤثر في المكان تشييداً، وفي الزمان توجيهاً، لزم أن تقع المسؤولية المباشرة عن الصراع على العالم الغربي وحده، لأن الحضارة حضارتُه، والفعلَ فعلُه، وإرادةَ القوة إرادتُه؛ لا أن تقع على العالم الإسلامي الذي لا طاقة له على واسع الامتداد المكاني، ولا على راسخ التخطيط الزماني، حتى يجوزَ القول بأن إرادة المسلمين تنازع إرادة الغرب، بل تصارعها. لكن يبقى للعالم الإسلامي شيئان جوهريان، أحدهما، الثقافة، مع العلم بأن <mb>الثقافة<?tf> هي ما تبقَّى من الحضارة بعد ما مضى حضورها المكاني والزماني؛ وهذا الذي تبقَّى إنما هو جملة من القيم والمُثل والمعاني التي تسعى إلى حفظ خصوصية الأمة في ظل وجودها في حضارة غير حضارتها؛ والثاني، <mb>الزمن الأخلاقي<?tf>، وتختص به من دون الثقافات الأخرى، حيث إن لكل دين سماوي زمنه الأخلاقي الذي يمتد من حين نزوله إلى حين ظهور دين آخر؛ وخاصية هذا الزمن أن يتولى أهله تصحيح كل ما يحدث فيه، متحملين تبعاته ولو أتى به غيرهم؛ ومعلوم أن الزمن الأخلاقي الذي نحياه اليوم هو زمان الدين الإسلامي بعدِّهِ الطور الأخير في التدين السماوي. ويجعل هذان العنصران: «الثقافة الخاصة» و«الزمن الأخلاقي» العالَمَ الإسلامي في وضع يختلف فيه عن وضع الثقافات الأخرى، إذ يُوجبان عليه ما لا يجب على هذه، إذ تقومُ عليه مسؤولية إزاء الحضارة الغربية كما أن لصانعيها مسؤولية نحوها، إلا أنها <mb>مسؤولية غير مباشرة<?tf>؛ فليس مطلوباً منه أن يشاطرهم شمول الفعل العمراني ولا رسوخ الفعل التاريخي، وإنما أن يعمل على <mb>تقويم<?tf> هذين الفعلين الحُضوريين بواسطة ما تحمله ثقافته من المبادئ والقيم؛ فبحُكم أن زمن الحضارة الغربية هو زمنه الأخلاقي، غدا مسؤولاً عما يقع فيه، سواء أقام به أهل الإسلام ابتداء أم قام به أهل الغرب ابتداء، لأنه يُعدّ بمنزلة ما قام به المسلمون بواسطة؛ فلولا تعاطيهم لأسباب التخلف، لما أصبح لواء الحضارة في أيدي غيرهم. كما لا يخفى أن هذا التقويم للحضارة الغربية هو في أساسه تقويم أخلاقي صريح؛ وهاهنا تجب الإشارة إلى النظرة السائدة عن الأخلاقيات والتي تستصغر من شأنها، مقارنةً  بالعقليات والماديات؛ فلا بد من تزييف هذه النظرة التي نجد لها صدى حتى عند بعض علماء المسلمين؛ والحق أنه ليس في الإنسان ما يجعله كذلك إلا الأخلاق؛ ودونها، يختل نظام الحياة وتفسد مقاصد الكون، بل الخاصية الأخلاقية والخاصية الإنسانية شيء واحد؛ وحينئذ، يكون هذا التقويم اجتهاداً في التشكيل الإنساني للفعل العمراني والفعل التاريخي، صارفاً عنهما ما يتهدد الأولَ من فرط التمتع المفضي إلى الانحلال، وما يتهدد الثانيَ من فرط التسلط المفضي إلى الاستبداد. لكن هذا التقويم، على وجوب النهوض به، لا يمكن أن يتحقق بواسطة «اليد»، لأن هذه «اليد» التي تتمثل في قوة السلطان يمثلها الفعلان: العمراني والتاريخي، وهما مُلك للغرب، صانع الحضارة؛ فلا يبقى إلا أن يتحقق هذا النهوض بواسطة اللسان الذي يتوسل بقوة البرهان، متمثلاً في الممارسة الحوارية. ولا يفيد في هذا الحوار التقويمي أن ينهض الجانب الإسلامي بإثبات أن بعض قيمِه الثقافية، على الأقل، أفضل من قيم الآخَر المؤثرة في حضارته، ذلك لأن الجانب الغربي غير مستعد للانسلاخ من ثقافته من أجل الاعتراف بأفضلية غيرها، بحجة أن ثقافته هي الصانعة للحضارة؛ وإنما الذي يفيد في هذا الحوار هو أن يتم نقد قيم هذه الحضارة من داخلها، وذلك باستخدام آليات النقد نفسها ومناهج الفكر التي تُقرّها، حتى إذا ظهر للجانب الغربي فساد هذه القيمة أو تلك من قيمه الثقافية، وتمَّ استنزاله عن اعتقاده بها، حُقَّ للجانب الإسلامي أن يدعوه إلى الأخذ بالقيمة المضادة التي يستمدها من ثقافته الإسلامية، ولا يَسع الطرف الآخَر إلا أن يقبل بها، وإلا كشف عن سوء تحضُّره وتهافت منطقه؛ أما إذا لم يظهر وجه القدح في القيمة الغربية، بل ثبت صلاحها وتأكدت سلامة الاعتقاد بها، لزم الجانبَ الإسلامي أن يأخذ بها وأن يترك ما يعارضها من قيم ثقافته التي ذهبت حضارتها، فيكون مجدّدا لثقافته بقدر ما هو مقوّم لحضارة غيره؛ وهكذا، فلا تقويم يُلزم الغرب إلا على مقتضى قواعد حضارته، إلى حين أن يقتدر الجانب الإسلامي على التشكيك في هذه القواعد بموجب منطقها نفسه، فيتحقق له نصيب في إعادة تأسيس الحضارة بعد تحقق نصيبه في إعادة توجيهها. ولا ريب أن مِثْل هذا الحوار يجعل الغرب غربين على الأقل، «غرب الحوار» الذي يؤمُّ الحق والعدل، فينبغي أن نوثّق الصلات به، و«غرب الاستعمار» الذي يؤمّ الباطل والظلم، فينبغي أن نتصدى له باشتراك مع غرب الحوار، حتى نعالجه من الداخل؛ وذلك أنجع وأسرع في تغييره مما لو عالجناه من خارج، أي بغير هذا الاشتراك. إلا أن هذا الحوار التقويمي للحضارة يتطلب من المسلمين استعداداً لم يألفوه أو لم يألَفْهُ جُلّهم أو لا يطيقه بعضهم، ولكن لا بد منه إن هم أرادوا حفظ هويتهم وحماية ثقافتهم؛ وليس لهم من سبيل أقرب إلى تحصيل هذا الاستعداد من تكثيف الحوار مع العلمانيبن من مواطنيهم، على أساس أنهم حملة التنوير الغربي، ومع المسيحيين، على أساس أن العلمنة استحوذت على كثير من قيمهم الدينية وفصلتها عن أصولها الروحية، وحتى مع اليهود (ولِمَ لا؟)، على أساس أن قيمهم نفذت في ثقافة الغرب وساهمت في تشكيل حضارته وتوجيهها؛ كل ذلك من شأنه أن يُزوِّد المسلمين بالخلفية الفكرية الضرورية للدخول في هذا الحوار التقويمي، منتزعين الندية المطلوبة بفضل ما حصلوه من معرفة واسعة بالآخر؛ وليس لهم أن يكتفوا بحضور ما يُدعَون إليه من لقاءات قد يكون الغرض منها تذليل بعض العقبات لمزيد هيمنة، وليس لمزيد تقارب، بل عليهم أن يَسبقوا إلى تنظيم هذه اللقاءات والإكثار من عددها وتنويع أمكنتها وإطلاق مواضيعها حتى لا ممنوع فيها، بدءاً من القضايا السياسية الساخنة وانتهاء بالمسائل العقدية الحرجة؛ ومتى التزم المشاركون فيها طريق التدليل العقلي على مختلف دعاويهم، فلن يزداد الإسلام إلا ظهوراً على غيره، عقيدةً أو فكرانية، لقوة عقلانيته ورسوخ أخلاقيته واتساع نطاق حواريته. [1] ننبه القارئ إلى أننا ارتضينا أن نورد هذه الآراء مجردة من أسماء القائلين بها ولو أننا نستعمل أحيانا بعض ألفاظهم، وذلك لسببين رئيسين، أحدهما، أن الواحد من هذه الآراء قد يكون مركباً من أقوال أكثر من فرد واحد؛ والثاني أن إدماج هذه الأسماء في صلب النص وتكرارها فيه يحدث فيه تقطُّعات قد تُربك قراءته وتعيق استجماع معناه أوّل ما تراه العين.


 

 

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

5 juin 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2205 du 05.06.2006  archives : www.tunisnews.net  Info Tunisie:  Le Président Ben

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.