الأحد، 24 أغسطس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année,N°3015 du 24.08.2008
 archives : www.tunisnews.net 


نصّ رسالة الأستاذ عبو إلى وزير الداخليّة بشأن حرمان الأستاذ بوخذير من بطاقة التعريف و جواز السفر.

الحبيب ستهم : أسئلة في التنمية المدنية.

العرب : تونس : سجناء «التيار السلفي» يواصلون الإضراب وحقوقيون يهاجمون قانون «مكافحة الإرهاب».

الصباح : تونس : صدور أحكام في قضية (إرهابية).

قدس برس : تونس : السلطات التونسية ترحيل موريتانية متزوجة من لاجئ سياسي تونسي.

الأخبار اللبنانية :  تونس : التونسيون يحاربون القمع الإلكتروني.

البديل العاجل: أخبـــــــــــــار

أخبار تونس: حزب الوحدة الشعبية يعقد مؤتمري الفرعين الجامعيين بأم العرائس والمتلوي

أخبار تونس: الحزب الاجتماعي التحرري يعقد اجتماع مكتبه السياسي

منية اليوسفي : تطوير مضامين التربية في سن ما قبل الدراسة: هل يجد المنشور المحجر لتلقين الأغاني المبتذلة داخل رياض الأطفال صداه؟

على إبراهيم : ماذا بقي من قرطاج 2008؟

الهادى ثابت : جمهورية قرطاج.. أهم منابع الديمقراطية فى العالم القديم قبل روما.

سعيدة بوهلال : في منتدى الذاكرة الوطنية: حسن ببّو يتحدث عن أحداث الوردانين (جانفي 1969) وآثارها على حركة التعاضد «كان بالإمكان تفادي اضطرابات الوردانين والساحل لو عمل المسؤولون على إقناع المواطنين بجدوى التعاضد».

بلقاسم القلالي : تجربة التعاضد بين وقفة التجنّي وصحوة الحقيقة.

محمد ضيف الله : البعثيون التونسيون في صفحات الذاكرة الوطنية.

السبيل أونلاين نت : محمد شمام : المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح :”عتاب من الله لرسوله لإرساء الميزان الرباني في التقويم” – الحلقة الثامنة .
رضا المشرقي:

توصيات المؤتمر الدولي السابع لكلية الشريعة بدولة الكويت المنعقد بمدينة بريشيا – ايطاليا تحت عنوان ” الانسانية في الاسلام”

الخليج الإماراتية : محامو الرئيس التشادي السابق يطالبون بمحاكمة القذافي وديبي.

إسلام أونلاين نت : الجزائر : “مايوه المحجبات” يكسو شواطئ الجزائر.

 المساء الجزائرية : الجزائر : خلال السبعة أشهر الأولى الجزائر تسجل فائضا تجاريا بنحو 26 مليار دولار.

الاهرام المصرية :  الجزائر : مقتل‏7‏ ارهابيين واعتقال‏30‏ في مواجهات أمنية بالجزائر.

 الخليج الإماراتية:  الجزائر :  الحزب الحاكم يعلن اليوم قرارات مهمة: تمرد 19 نائباً ينذر بتأزيم وضع “إخوان” الجزائرآخر تحديث:الأحد ,24/08/2008

الشرق:تحليل إخباري : عتاب وتريث أردني في تطوير العلاقة مع “حماس”

 الحياة :اخطر مناطق النزاع الدولي وأكثرها تعقيداً تفتح صفحة جديدة في تاريخ ما بعد الاتحاد السوفياتي… روسيا تقدمت في جورجيا إلى عمق النفوذ الأميركي واقتربت من أنبوب الغاز الذي يتجاوزها


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


سماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


تونيس نيوز تنشر نصّ رسالة الأستاذ عبو إلى وزير الداخليّة بشأن حرمان الأستاذ بوخذير من بطاقة التعريف و جواز السفر

  

  نيابة عن هيئة الدفاع عن القلم الحرّ سليم بوخذير ، وجّه الأستاذ محمد عبّو بتاريخ 11 أوت 2008 رسالة إلى وزير الداخليّة التونسيّة مضمونة الوصول بشأن موضوع حرمان السلطات للصحفي المفرج عنه السيد سليم بوخذير من حقّ جواز السفر وحقّ بطاقة تعريفه التي صادرها له أعوان البوليس الذين إعتقلوه يوم 26 نوفمبر 2007 الماضي دون أن تقع إعادتها له مع مؤمّناته لدى إدارة السجن يوم الإفراج عنه بتاريخ 21 جويلية 2008 . لكن إلى الآن لم يصدر عن وزير الداخليّة أيّ ردّ .  و فيما يلي نصّ الرسالة التي وجّهها الأستاذ عبّو :   الأستاذ محمد المحرزي عبو المحامي 47 نهج البمباشي البجاوي – تونس الهاتف 71346950  

السيد وزير الداخلية والتنمية المحلية النيابة عن سليم بوخذير

حيث أنّه ألقي القبض على المنوّب من قبل شرطة صفاقس في شهر نوفمبر 2007. وحيث أحتجزت بطاقة تعريف المنوّب دون التنصيص على ذلك بمحضر بحثه. وحيث أنّ المنوّب قد أرسل كلّ الوثائق المطلوبة قانونا للحصول على جواز السفر. و لذا نرجو منكم الإذن لمنظوريكم بتمكين المنوّب من بطاقة تعريفه ومن جواز سفره. وتقبلوا سيدي فائق احتراماتي .


أسئلة في التنمية المدنية

السؤال الأول: لماذا أضرب محمد عمار وعادل العوني والمنصوري وغيرهم من سجناء الرأي في تونس عن الطعام ؟ الجواب:حتى لا يموتوا جوعا،…  ومايلزك على المر كان اللي أمر منوّ السؤال الثاني: متى يتمتع أهالي الحوض المنجمي بقسط من عائدات الفسفاط الجواب: عندما تتمتع الدول العربية قولا وفعلا بثرواتها ومواردها الطبيعية قديما قالوا خيرنا عند غيرنا السؤال الثالث: ما المقصود بشعار التداول على السلطة الذي تنادي به المعارضة في تونس؟ الجواب: يعني أن تكف السلطة عن التداول على المعارضة، .. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم السؤال الرابع: لماذا حاول بعضهم منع زواج سجين الرأي الزغلامي بكريمة سجين الرأي الآخر المنصف بن سالم؟ الجواب: هناك مثل عامي يقول، إذا الأم شلبة والأب قاروس يجي الولد حي ينقز ( يقفز) السؤال الخامس: لماذا يتم تغيير الدستور عند كل عملية انتخابية ولو جزئيا؟ الجواب:لأنه لا بد من تغير أحد الثلاث، أن يتغير الحزب الحاكم أو يتغير الشعب أو يتغير الدستور وهذا الأخيرهو الممكن والمتيسر إلى حد الآن. تخاصم الريح والبحر جات الضربة في المراكب السؤال السادس: لماذا حرصت السلطة على دفن رفاة الأبطال شهداء القضية الفلسطينية في سكات؟ الجواب:حتى لا توقض عملية دفنهم الأحياء. السؤال السابع: هل توافق على استعمال السوار الإلكتوني لمراقبة الخارجين عن القانون؟ الجواب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا السؤال الثامن: لماذا لا نلمس أي استجابة لأصوات المعارضة لا عند العامة ولا عند الخاصة ؟ الجواب: لأن المعارضة لا تملك خطاب وفصاحة المتنبي وهو القائل: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي – وأسمعت كلماتي من به صمم ولأنها لم تفقه مقولة أكلت يوم أكل الثور الأبيض السؤال التاسع: بما تفسر سماح السلطة لبعض المغتربين السياسيين بالحصول على جوازات تونسية والعودة إلى أرض الوطن؟ الجواب: بلغة السجن إن العملية لا تتعدى أن تكون البرلوار(parloire ) زيارة مغترب عن الوطن لغريب داخل الوطن ممنوع من مغادرة الوطن. الحبيب ستهم  


تونس: سجناء «التيار السلفي» يواصلون الإضراب وحقوقيون يهاجمون قانون «مكافحة الإرهاب»

تونس . محمد الحمروني  حمّلت الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب السلطات التونسية المسؤوليّة عن تدهور الحالة الصحيّة لـ 400 سجين من الشبان المنتمين للتيار السلفي دخلوا منذ أسبوع تقريبا في إضراب مفتوح عن الطعام، وطالبتها بتوفير الإحاطة الطبية لهم وتمكين عائلاتهم من زيارتهم بصورة عاديّة ووضع حدّ للتجاوزات التي تستهدفهم بسبب شنهم للإضراب عن الطعام. ودعت الجمعية السلطات إلى مراجعة كلّ المحاكمات التي تمت بمقتضى «قانون الإرهاب» وإطلاق سراح كلّ الموقوفين أو المحاكمين الذين لم يرتكبوا جرما ماديا يعرّضهم للعقاب، وتمكين كلّ متهم مهما كانت الأفعال المنسوبة إليه من حقه في محاكمة عادلة. وفي بيان حصلت «العرب» على نسخة منه أكد المحامي منذر الشارني كاتب عام الجمعية على «أنّ ما أثاره المضربون عن الطعام من مظالم تعرّضوا ويتعرّضون لها هو من الأمور المؤكدة والتي سبق للجمعيّة أن ندّدت بها وطالبت السلطات بوضع حدّ لها». ودخل المضربون عن الطعام والمقيمون أغلبيتهم في سجن المرناقية (20 كلم غرب العاصمة تونس) منذ 15 أغسطس الجاري في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على اوضاع السجون . وعلمت الجمعية التونسيّة لمقاومة التعذيب أن ما يقارب الـ 400 من الشباب الموقوفين والمحاكمين بمقتضى ما يعرف بـ «قانون الإرهاب» والمقيمين حاليا بسجن المرناقية بالعاصمة، قد دخلوا بداية من يوم 15 أغسطس الجاري احتجاجا على «عدم استقلالية القضاء في التعاطي مع قضاياهم وانتهاك حقهم في الدفاع عن أنفسهم وفي محاكمة عادلة ممّا أدّى إلى إقرار محاكم الاستئناف أحكاما ابتدائيّة قاسية لا علاقة لها بالوقائع المنسوبة إليهم أو الترفيع في أحكام ابتدائيّة بطلب من النيابة العموميّة بدت لها أنها «خفيفة» أو محاكمة المتهم نفسه أكثر من مرّة بالتهمة نفسها وبناء على نفس «الأفعال»… ويطالب المضربون عن الطعام بوضع حدّ لهذه المظالم واحترام حقهم في الدفاع عن نفسهم وفي محاكمة عادلة وفي معاملتهم كمساجين سياسيّين. وفي تصريحات خاصة لـ «العرب» أكد عبد الرؤوف العيّادي المحامي المختص في الدفاع عن الحركات الإسلامية أن إضراب الشبان ضحايا قانون يتعرضون إلى صنوف من الإهمال والإذلال تبدأ من إفاقتهم من النوم في ساعات متأخرة من الليل ومراقبتهم بكاميرات في الحمامات وأماكن قضاء الحاجة وتنتهي بالإهمال الصحي الذي يتعرضون له وهو ما نتج عنه تقيحات كبيرة لبعضهم نتيجة إصابتهم بداء «الجرب» المستشري في السجون التونسية. ويأتي إضراب الجوع –وفق العيادي- احتجاجا على هضم حقهم في الدفاع وللمطالبة بحقهم في المحاكمة العادلة إضافة إلى المطالبة بعرضهم على الفحص الطبي للكشف عما تعرضوا له من تعذيب، إلى جانب تعرض عدد من هؤلاء الشبان إلى تكرار الأحكام بنفس التهم مثل ما حصل مع رمزي الرمضاني الذي حوكم 5 مرات بنفس التهم. واعتبر العيّادي -أن قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003 الذي يحال وفقه هؤلاء الشبان- ليس بالقانون بل هو خطة قمعية وليبست لها مواصفات القانون على حد قوله، وأضاف «أن رفض المحامين والناشطين الحقوقيين لهذا القانون مرده إلى الطابع الاستثنائي لهذا القانون إضافة إلى كونه مخالفا للقانون والدستور». وأضاف العيّادي أن من أهم المؤاخذات على القانون أنه قانون يحاكم على النوايا والخواطر وهو ما يفتح الباب أمام التعذيب لأن الكشف على النوايا والخواطر في غياب دلائل مادية يفتح المجال أمام التعذيب، معتبرا أن المضربين عن الطعام تعرضوا إلى محاكمة فكرية الهدف منها محاولة الحد من مظاهر التدين في تونس.. فالسلفية، كمال قال، موجودة في البرلمان الكويتي وهي موجودة في لبنان وتدعم الخط الرسمي هناك بينما وقع في تونس الربط بينها وبين الإرهاب، حتى يسهل ضربها، مثلما وقع الربط في التسعينيات بين الجيل الأول للصحوة الإسلامية وبين التطرف. وختم العيّادي بالقول إن «عنوان المحاكمات هو محاربة الإرهاب ولكن ما تتضمنه التقارير والمحاضر لا يتحدث إلا على المقاومة والجهاد وفيها تجريم واضح لهذين المبدئين… فالمحور الأساسي للحرب على الإرهاب هو المشاركة في ما يسمى بالحرب الدولية على الإرهاب وهو ما يؤكد انخراط تونس الواسع في هذه الحرب ذلك أن أغلب الموقوفين والمحاكمين وفق هذا القانون يحالون على القضاء بتهمة (محاولة أو التفكير) في الالتحاق بالمقاومة العراقية وهو ما يعني أن المشاركة في تحرير أرض عربية أصبح مجرما قانونا.  
 (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 24 أوت2008)  


صدور أحكام في قضية (إرهابية)

  احضر اول امس امام انظار الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة 14 متهما بحالة ايقاف فيما احيل 7 اخرين بحالة فرار وذلك لمقاضاتهم من اجل الانضمام الى تنظيم ارهابي للقيام بأعمال ارهابية كما وجهت الى بعضهم تهمة محاولة الالتحاق بتنظيم ارهابي وللبقية تهمتي اعداد محل لايواء ارهابيين وعدم اشعار السلط بمعلومات متعلقة بتنظيم ارهابي.   الوقائع للتطرق الى وقائع القضية ننطلق في البداية من المتهمين المحالين بحالة فرار والبالغ عددهم 7 فلقد وجهت اليهم التهمة المذكورة اعلاه على اثر ثبوت مشاركتهم في الاحداث الاخيرة التي جدت بلبنان وبالتحديد ما يعرف بأحداث النهر البارد حيث كانوا من ضمن عناصر تنظيم «فتح الاسلام». كما ان 6 من المتهمين الموقوفين تم ضبطهم من قبل السلطات الامنية السورية وهم يحاولون اجتياز الحدود العراقية للالتحاق بما يسمى «بالمقاومة العراقية» فوقع ترحيلهم الى تونس. اما في يتعلق ببقية المتهمين فقد وردت معلومات على السلطات الامنية بمدينة بنقردان تفيد قيام مجموعة من الاشخاص باجتماعات مشكوك في امرها فوقع مراقبة المحل المعد لهذه الاجتماعات والقاء القبض عليهم. وبعد المناداة على المتهمين الموقوفين وذكر المحالين منهم بحالة فراروقع تذكيرهم بالتهم الموجهة اليهم احالت المحكمة الكلمة للدفاع الذي فوضى النظر في المحاكمة او التأخير، وهو ما ادى بهيئة المحكمة الى رفع الجلسة للتفاوض في ذلك وبعد ذلك قررت المحاكمة. اختلفت الاحكام الصادرة عن المحكمة باختلاف التهم الموجهة الى المتهمين:   * المتهمون المحالون بحالة فرار تهمة الانضمام الى تنظيم ارهابي للقيام باعمال ارهابية  وعددهم  7: السجن مدة 8 سنوات. * المتهمون المحالون من اجل تهمة محاولة الالتحاق بتنظيم ارهابي وعددهم 6 السجن مدة 6 سنوات * اما بقية المتهمين وهم ثمانية فلقد صدرت بشأن 4 منهم أحكام بالسجن مدة 4 سنوات وذلك من اجل اعداد محل لايواء ارهابيين. فيما قضت في شأن البقية بالسجن مدة عامين من اجل عدم اشعار السلطات بمعلومات تخص تنظيما ارهابيا.   صلاح الدين البوغالمي   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 24 أوت 2008)  


السلطات التونسية ترحيل موريتانية متزوجة من لاجئ سياسي تونسي

  تونس – خدمة قدس برس أدانت منظمة حقوقية تونسية ترحيل السلطات التونسية لمواطنة موريتانية، واعتبرته خرقا للاتفاقية المغاربية لحرية تنقل الأشخاص، ومخالفة صريحة للقانون التونسي المنظم لإقامة الأجانب بتونس. وقالت منظمة “حرية وإنصاف” في بيان أرسلته لـ “قدس برس” إنّ عناصر من “الشرطة السياسية” على متن سيارة شرطة اقتادوا ظهر الخميس 21 آب (أغسطس) السيدة “مريم الغانا بصحبة رضيعها إلى مكان مجهول قبل ترحيلهما على طائرة تابعة للخطوط الجوية التونسية باتجاه العاصمة الموريتانية. ورجّحت المنظمة أنّ ترحيل السيدة مريم الغانا، تم على خلفية كونها متزوجة من اللاجئ السياسي التونسي وائل الدريدي المقيم موريتانيا منذ أربع سنوات. وبحسب بيان المنظمة فإنّ زوجته وصلت تونس منذ أسبوعين وتعرضت منذ قدومها إلى عدة مساءلات أمنية وتهديد بالترحيل.  
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 24 أوت 2008)

التونسيون يحاربون القمع الإلكتروني

  الاثنين الماضي، وحين حاول شباب تونس الدخول إلى موقع فايسبوك، تبيّن أنه خارج الخدمة، وإمكان وصول الأعضاء إلى حساباتهم غير ممكنة. والسبب أنّ الوكالة التونسية لخدمة الإنترنت، ATI، أغلقت الموقع لأسباب لم توضحها. إلا أن عدداً من هؤلاء الأعضاء وجد طريقة إلى دخول الموقع عبر حسابات خارجية لا يمكن للوكالة رؤيتها، وأسسوا مجموعة تطالب بإعادة فتح الموقع ووقف قمع الشباب التونسي وحرية الرأي، أو على الأقل تقديم تبريرات مقنعة لعملية الحجب. ويشارك في الحملة شباب من المغرب العربي يعيشون في الدول الأوروبية، «كي يعرف العالم أن هذه الأنظمة الديكتاتورية المدعومة من الغرب لا تعرف شيئاً عن حقوق الإنسان والحريات الشخصية». وقد فتحت هذه الحملة الباب أمام كشف الشباب عن كل الانتهاكات التي تتعرّض لها المواقع العالمية في تونس مثل «يو تيوب» و«ماي سبايس» وموسوعة «ويكيبيديا». أما «الكارثة التونسية»، كما سمّاها أحد الأعضاء، فهي الرقابة على المدوّنات الشخصية وملاحقة المدوّنين بحجة «إثارة الفتن» أو «شتم النظام». ووضع مشرف المجموعة عدداً من العناوين الإلكترونية التي يمكن مراسلتها لممارسة ضغط على الوكالة وعلى الحكومة التونسية والجمعيات المعنية، وإذا لم تتجاوب، هدّد معظم الأعضاء بأنهم سيتحركون في الشوارع وفي الجامعات ليوقفوا «هذه المهزلة». ومن ضمن سبل «مقاومة القمع»، ابتكر الأعضاء أكثر من عشر طرق لكسر هذه الحجب ونشروها فيما بينهم عبر الرسائل الخاصة والرسائل الإلكترونية، وعبر المنتديات. ويتضمّن الموقع عدداً من الفيديو التي تظهر الطريقة التي تتبعها الدولة في قمع الشباب وتسييرهم بالاتجاه الذي تريده، «إن لم نتحرّك اليوم سيولد أبناؤنا في بلد أشبه بسجن كبير»، يقول أحد الأعضاء، داعياً التونسيين «إلى البدء بانتفاضتنا الخاصة».   (المصدر: جريدة الأخبار- لبنان) بتاريخ 23 أوت 2008 )


 
أخبـــــــــــــار  

إيقافات ببرج العكارمة على إثر انتداب شركة فسفاط قفصة لأربعة و عشرين مرافق سائق لنقل الفسفاط من المظيلة إلى قابس، و التحاقهم بمراكز عملهم، قامت مجموعة من الشبان العاطلين عن العمل من منطقة برج العكارمة بالتجمّع أمام مركز الشركة بالمنطقة على أمل قيام هذه الأخيرة بانتدابات إضافية تشملهم، و ذلك يوم 11 أوت 2008. و حال وصول “معلومات” لبوليس المكان حضرت قوات أمنيّة مكثفة، و تمّ إيقاف ثمانية منهم نـُقلوا إلى منطقة المتلوّي أين تمّ الإفراج على ثلاثة منهم في حين أبقي الخمسة الآخرون بحالة إيقاف. و قد ذكر شهود أن المفرج عنهم كانوا يحملون آثار تعذيب فظيعة. و في حدود الساعة الواحدة و النصف زوالا من نفس اليوم قرّر الأهالي غلق الطريق للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين. و قد حصلت مواجهات كبرى في كامل الدشرة التي تعدّ ثلاثة آلاف ساكن تقريبا و تبعد عن معتمديّة المظيلة حوالي ثلاثة كيلومترات. و على الإثر تمّ إيقاف عشرات الشبان منهم: محمّد علي قوادر، الصادق قوادر، سمير قوادر، فوزي عكرمي، أشرف موسى، بهاء الدين قوادر، عبد الملك قوادر، محمّد العروسي ضو، منصف قوادر، عبد المجيد عكرمي، طارق رمايسيّة… هذا و تشهد المنطقة حالة حصار و قمع شديدين إثر الأحداث المذكورة. محاكمة نظرت المحكمة الابتدائية ببنزرت يوم 19 أوت 2008 في استئناف الحكم الابتدائي الصادر عن محكمة ناحية بنزرت بتاريخ 5 أوت 2008 و القاضي بسجن كلّ من خالد بوجمعة و عثمان الجميلي و فوزي الصدقاوي و علي النفاتي بتهم حق عام على خلفيّة اتهامهم بالمشاركة في مظاهرة نظـّمت بمدينة بنزرت يوم 25 جويلية إحياء لذكرى “عيد الجمهوريّة” رفعت خلالها شعارات مؤيّدة لمبادئ الجمهوريّة الحقيقيّة و منددة بالرئاسة مدى الحياة. و رغم نفي المتهمين المشاركة في تلك المظاهرة إلا أن المحكمة قضت بإدانتهم و سجنهم مدة 6 أشهر مع إسعاف اثنين منهم بتأجيل التنفيذ. و قد تمسّك الدفاع ببطلان محاضر البحث نظرا لإجبار البوليس المتهمين على وضع بصمة إبهامهم أسفلها بعد رفضهم إمضاءها لأنها كانت معدّة سلفا. كما أن المتهمين ذكروا للمحكمة أنهم نقلوا إلى مقرات وزارة الداخلية بالعاصمة و لم يتمّ استجوابهم ببنزرت مثلما ذكر في المحاضر. و بطلب من لسان الدفاع، تمّ الإفراج المؤقت عن عثمان الجميلي و خالد بوجمعة في انتظار تعيين جلسة جديدة للاستئناف. لجنة نسائيّة تكوّنت بمدينة قفصة لجنة نسائيّة جهويّة لمساندة السيدة زكية الضيفاوي التي حوكمت في الفترة الأخيرة أمام المحكمة الابتدائية بقفصة بالسجن لمدة ثمانية أشهر. و تتألف اللجنة من مناضلات بالجهة. و تعتزم اللجنة القيام بالعديد من الأنشطة لمساندة زكية و المطالبة بإطلاق سراحها. محاصرة مقرّ سكنى عفاف بن ناصر و زوجها الفاهم بوكدوس حاصر عدد كبير من أعوان البوليس السياسي ظهر يوم الأربعاء 20 أوت الجاري محلّ سكنى عفاف بن ناصر و الفاهم بوكدّوس دون سبب يذكر. و من المعلوم أنّ الفاهم بوكدّوس مراسل قناة “الحوار التونسي” الذي تولـّى تغطية أحداث الحوض المنجمي مبحوث عنه منذ مطلع شهر جويلية. تدهور الحالة الصحية لزياد الفقراوي اضطرّ السجين السياسي زياد الفقراوي يوم 18 أوت الجاري إلى قطع الإضراب عن الطعام الذي بدأه مع باقي المساجين السياسيّين بسجن المرناقية و ذلك بسبب التدهور الخطير لحالته الصحيّة. و من المعلوم أن زياد الفقراوي كان أطلق سراحه في أواخر جوان الماضي بعد أن قضى عقوبة بأكثر من ثلاث سنوات سجنا بمقتضى “قانون الإرهاب”. و لكن البوليس السياسي أوقفه بعد شهر من إطلاق سراحه و أعاده إلى السجن بنفس التهم السابقة و بناء على نفس الأفعال المنسوبة إليه و التي كان حوكم من أجلها سابقا رغم طابعها الملفق أصلا. و قد مُنعت عائلته من زيارته على مدى ثلاثة اسابيع و هو يقيم في العزلة. منع من السفر (1) لم تتمكن رجاء القوصري من العودة إلى فرنسا يوم الخميس الفارط 21 أوت 2008 بسبب رفض السلطات تمكينها من جواز سفرها الذي كان من المفروض تتسلمه يوم 14 أوت بعد تقديمها مطلبا لتجديده. ولا شك أن رجاء القوصري تدفع بذلك ضريبة مواقفها المناهضة لدكتاتورية السابع من نوفمبر، كما تدفع أيضا ثمن سعي السلطات للانتقام من أخيها المناضل الحقوقي الأستاذ أنور القوصري نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان خصوصا بعد مشاركته في تقديم التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية حول التعذيب في بلادنا. هكذا تتحوّل عطلة مهاجرينا من نعيم إلى جحيم في بلاد السابع من نوفمبر ! منع من السفر (2) للمرة الثانية على التوالي خلال 5 أيام أقدمت اليوم السلطات على منع الصحفية والمناضلة الحقوقية سهام بن سدرين من السفر. فبعد منعها من السفر إلى فيينا وتعنيفها من قبل البوليس السياسي يوم الأربعاء الماضي 20 أوت، منعها اليوم أعوان الديوانة من صعود الطائرة دون تقديم أيّ مبرّر. إن أسرة البديل إذ تعبّر عن تضامنها مع المناضلة سهام بن سدرين، فإنها تندّد بسياسة الهرسلة والتنكيل التي تمارسها السلطة ضدّ المناضلين الحقوقيين والمعارضين بسبب آرائهم. تعزية فقد توفيق و جلال و نجيب و سعيدة و نجاة و الهادي و جمال بن بريك/الزغلامي يوم الخميس 21 أوت والدتهم العزيزة عن سنّ تناهز الـ81 عاما. و قد حضر موكب دفنها العديد من مناضلي الحركة الديمقراطيّة. تعازينا الحارّة لكلّ بنات و أبناء الفقيدة و كافة أقاربها. (المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 24 أوت 2008)


 

 حزب الوحدة الشعبية يعقد مؤتمري الفرعين الجامعيين بأم العرائس والمتلوي  

 
عقد حزب الوحدة الشعبية يوم الخميس مؤتمري فرعيه الجامعيين بأم العرائس والمتلوي . وابرز السيد محمد بوشيحة الأمين العام للحزب بالمناسبة ايجابية المناخ السياسي فى تونس بفضل الإرادة الثابتة للرئيس زين العابدين بن علي لتطوير الحياة السياسية . واستعرض تصورات الحزب بخصوص تفعيل التنمية بالجهات ورفع القدرة التشغيلية لهذه المناطق وتعزيز إسهامها في التنمية الشاملة . وأكد الأمين العام في هذا الصدد رفض حزب الوحدة الشعبية المبدئي توظيف المطالب الاجتماعية لخدمة مشاريع سياسوية فاشلة أو تجاذبات من شانها المس بالسيادة الوطنية . وذكر في ما يتصل بالوضع العربي بمواقف الحزب الرافضة للتدخل الأجنبي والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني والشعب العراقي في الاستقلال والسيادة .  
(المصدر موقع أخبار تونس الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 22 أوت 2008)

الحزب الاجتماعي التحرري يعقد اجتماع مكتبه السياسي

 

 
اجتمع المكتب السياسي للحزب الاجتماعي التحرري يوم الجمعة بتونس برئاسة أمينه العام السيد منذر ثابت . وخصص الاجتماع لبحث قضايا تنظيمية خاصة بالحزب. كما ناقش التطورات على الساحتين الوطنية والدولية . وأكد بالخصوص أهمية السنة السياسية الجديدة باعتبارها سنة تمهيدية للانتخابات العامة لسنة 2009 كما ابرز الأهمية التي تكتسيها الشراكة السياسية لمواجهة تحديات المرحلة الجديدة . وقرر المكتب السياسي دعوة المجلس الوطني للانعقاد يومي 25 و26 أكتوبر المقبل. كما اقر الاحتفال بعشرينية الحزب يومي 10 و11 من نفس الشهر .  
(المصدر: موقع أخبار تونس الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 23 أوت 2008)


تطوير مضامين التربية في سن ما قبل الدراسة: هل يجد المنشور المحجر لتلقين الأغاني المبتذلة داخل رياض الأطفال صداه؟

 

تونس ـ الصباح: تكتسي التربية في سن ما قبل الدراسة اهمية بالغة وتعد عنصرا فاعلا في التأثير على بقية مسيرة الطفل التنموية وتطوير ملكاته وتعتبر مؤسسات الطفولة المبكرة من محاضن ورياض اطفال فضاءات على محدودية عددها راهنا خاصة داخل الجمهورية ذات دور تأطيري وتربوي على غاية من الاهمية خاصة في تشكيل ادوات الصغار في شتى المجالات والتأثير على ميولاتهم وتوجيه حاجياتهم.. ولئن انطلقت الهياكل المعنية بمرحلة ما قبل الدراسة في التطوير التدريجي لمحتوى التربية في هذه المرحلة لتستجيب للمعايير الدولية فانه من المفيد التذكير ونحن على ابواب سنة ما قبل دراسية جديدة يتم الاعداد لانطلاقتها في افضل الظروف وبأوفر اسباب النجاح لبرامجها واهدافها التأطيرية للناشئة لابد اذن من التذكير بالمنشور الصادر عن وزارة الاشراف خلال الربيع الماضي والذي شدد على وجوب انتقاء الاغاني المجانية كلماتها للابتذال والمراعية لخصوصيات الاطفال ولاعمارهم وتجنب الاختبارات الغنائية التي تطغى عليها الميوعة وسوقية الكلمات بعد ان اصبحت مثل هذه الانماط تجد رواجا واسعا داخل رياض الاطفال وتشكل فقرات قارة في تدريبهم على الرقص والغناء وتأثيث برامج احتفالات نهاية السنة والتباهي بقدرة الصغار على التأقلم معها وتقليد اداء اصحابها خاصة منها اللبنانية و«المزودية» بتعلة انها خفيفة ومستساغة من الاطفال وان كان النشاط الحسي والحركي ضروريا في هذه المرحلة والرقص والغناء من مقومات صقل مواهب الطفل فان تهذيب اختيارات الاطار المشرف على التنشيط مطلوب ومفيد وتطوير مناهج الاحاطة والتأخير مستحسن خصوصا وانّ معايير التربية والاحاطة تطورت بدورها في هذا العصر ولا يعقل في عصر التكنولوجيات الحديثة ان يتقن طفل في الرابعة او الخامسة اغاني النانسيات والعجرميات ولا يعرف التعامل مع الحاسوب. علما وان الحاسوب حتي في حال حضوره وتواجده ببعض الرياض فانه ليس مستغلا بالشكل المطلوب كما ان جانبا هاما من الرياض تفتقده. ان تطوير برامج التربية في هذه المرحلة يقتضي مسايرة المعايير الحديثة مع التمسك بهويتنا ومقومات حضارتنا وهي مقومات وجب غرسها في ذهن الطفل ووجد انه منذ سن ما قبل السادسة.. من هذا المنطلق يبدو دور رياض الاطفال مهما لا يقتصر على احتضان الاطفال عند انشغال الاولياء بالعمل خارج البيت بل يتجاوز ذلك الى التربية على اسس سليمة والاحاطة النفسية والبيداغوجية والتنشيط الحسي والحركي في فضاء مكاني مناسب ومستجيب للشروط الواردة بكراس الشروط المنظم للقطاع.   منية اليوسفي   المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 24 أوت 2008

ماذا بقي من قرطاج 2008؟

  على إبراهيم    علي إبراهيم من تونس : أسدل الستار على الدورة الرابعة والأربعين من مهرجان قرطاج الدولي قطب المهرجانات العربية وأحد أبرز الفعاليات الثقافية اليوم. وجدير بنا أن نتوقف عند أبرز المحطات التي شهدتها دورة هذا الصيف للوقوف عند ايجابياتها ونقائصها ونستخلص النتائج منها. في بادئ الأمر لابدّ من الإشارة إلى أن دورة هذا العام كانت دورة ردّ الاعتبار للمهرجان وقيمته وإشعاعه وتاريخه الكبير ويتجلى ذلك من خلال ما تمّ اقتراحه من عروض فنية موسيقية ومسرحية وعروض البالي من تونس والعالم العربي والعروض الدولية التي شهدت أغلبها حضورا جماهيريا قياسيا حتى أن مدرجات مسرح قرطاج لم تكن قادرة على استيعاب كل الجماهير التي رغبت في حضور عدد هام من سهراته الصيفية الكبرى. كما أن أهمية هذه الدورة تبرز أيضا من قيمة الأسماء التي دعيت للمشاركة في المهرجان هذا الصيف حيث تخلت هذه الدورة عن أشباه الفنانين ولم تمنح الفرصة إلاّ للمبدعين الذين أثبتوا عبر الأيام جدارتهم بحيازة مكانة هامة في المشهد الثقافي العربي والدولي، هذا إلى جانب نجاح المنظمين في تجاوز أخطاء الدورات السابقة وتحقيق الراحة المطلوبة للفنان والإعلامي والجمهور على حدّ السواء. مابين الافتتاح والاختتام … مسافة إبداع واستجابة لأفق الانتظار بقدر ما نجح المنظمون في تحقيق انطلاقة قوية للمهرجان من خلال عرض الافتتاح الذي حمل عنوان “لمّة وزهو” وكان بمشاركة مجموعات كبيرة من الشباب والممثلين والموسيقيين والمسرحيين ونقل صورة فسيفسائية جميلة عن مختلف لأنشطة التي يعيش عليها الشباب التونسي في مختلف المحافظات اليوم لم يحقق عرض الاختتام الذي كان بعنوان “يا ليل يا قمر” الذي وقعه الموسيقي التونسي محمد القرفي وشاركت فيه مجموعة من الأصوات المميزة مثل صلاح مصباح ودرصاف الحمداني ونورالدين الباجي وأماني السويسي، لم يحقق النجاح المطلوب باعتباره عرضا نخبويا بعض الشيء ولا يمكن له أن يحقق إنتظارات جمهور المشاهدين الذين حضروا دورة كبرى ضمّت عروضا نجحت في استقطاب جمهور غفير. صليحة نجمة المهرجان … حضور على الرغم من الغياب تمرّ هذه السنة الذكرى الخمسون لوفاة مطربة تونس الأولى الفنانة الكبيرة صليحة التي تمّ تكريمها أكثر من مرّة خلال هذا الصيف على ركح مسر قرطاج الأثري، حيث كانت البداية مع عرض خاص بعنوان “أم الحسن غنّات” (وهو عنوان إحدى أغنياتها الشهيرة) للموسيقي التونسي كمال الفرجاني والذي تمّ بمشاركة جمع هام من المطربات المتميّزات في الساحة الموسيقية التونسية وكانت سهرة ناجحة وفي حجم قيمة الراحلة صليحة، ثم كان التكريم الثاني في حفل الفنانة الكبيرة ماجدة الرومي التي قالت قبل أن تقدم أغنيتين للراحلة صليحة : أودّ أن أعتذر لروح الفنانة الكبيرة صليحة حتى تغفر لي إن لم أوفق في أداء أغنياتها. وكان الحضور الثالث لصليحة في حفل الفنانة التونسية أمينة فاخت التي أكرمت صليحة بأدائها لمجموعة من أغانيها في سهرة حققت نجاحا جماهيريا كبيرا. بهذا تكون الفنانة الراحلة صليحة نجمة مهرجان قرطاج هذا الصيف على الرغم من غيابها عنّا منذ خمسين عاما، رحم الله صليحة ودامت أغنياتها نبراسا للأجيال القادمة من الفنانين. العروض التونسية … الامتياز لصابر الرباعي باستثناء العروض الموسيقية والمسرحية التونسية التي كانت بإمضاء جماعي نود هنا أن نتوقف عند العروض الغنائية للمطربين التونسيين وهم من نجوم الساحة اليوم. فوفق قراءة تأملية في مختلف هذه العروض التي أمنها صابر الراعي ولطيفة ومحمد الجبالي وأمينة فاخت وسعاد محاسن ننتهي إلى عديد الاستنتاجات لعلّ أبرزها عودة الجمهور ليمنح ثقته في الفنان التونسي فيأتي لمساندته وتشجيعه وهي علامة صحية ومؤشر نرجو أن يتدعم في قادم المواعيد الفنية لأن المبدع يبقى دائما في حاجة لجمهوره حتى يرى نفسه من خلاله. كما بات جليّا لنا أن االفنان التونسي أصبح يسعى إلى تحقيق النجاح في قرطاج وقد غيّر في أدوات العمل إذ أصبح يولي اهتماما أكبر للدعاية والحضور الإعلامي وهنا لابدّ من الإٌشارة إلى المساندة القوية التي وجدتها العروض التونسية في قرطاج من قبل مختلف وسائل الإعلام التونسية. ومن خلال استجلاء وجهات نظر الجمهور والموسيقيين وصدى هذه العروض في الصحافة التونسية نجد أن حفل صابر الرباعي هو أفضل العروض التونسية هذا الصيف يليه عرض الفنانة أمينة فاخت ثم عرض الفنان محمد الجبالي ومن بعده عرض الفنانة سعاد محاسن، وفق نسب الجمهور التي حضرت هذه العروض والحالة الفنية التي ميّزت مختلف السهرات، لكن يحسب أيضا للفنان محمد الجبالي سعيه إلى الاختلاف والبحث عن أسلوب ممّيز للصعود على قرطاج. سهرات روتانا … تميّز الساهر ونجوى، نجح فارس وفشلت أنغام  لابدّ من الإشارة أولا إلى التغيير الواضح في العلاقة التي أضحى عليها التعاون بين مهرجان قرطاج وشركة روتانا للصوتيات والمرئيات هذا العام مقارنة بالسنوات الأربع السابقة، حيث أصبح المهرجان هو الذي يختار من يؤثثون سهرات روتانا على مسرح قرطاج وبالتالي يمكن أن نضمن الحد الأدنى من مستوى السهرات احتراما لتاريخ المهرجان ومكانته. كما أن إدارة مهرجان قرطاج كانت السيّد على المسرح فهي من تصرف الأمور وتقرر طبيعة العمل داخل الكواليس وعلى المدرجات، كما أن التعاون مع مختلف وسائل الإعلام كان تعاونا وثيقا وتمكن الإعلاميون من ظروف حسنة للعمل فكانت المواكبة والمتابعة بحجم الخدمات المتوفرة. لكن مازال أمام هذه العلاقة الثنائية الكثير من العمل، ونذكر هنا بالمقترحات التي قدمناها في المؤتمر الصحافي الذي جمع ممثل روتانا ومدير مهرجان قرطاج منذ شهر تقريبا : اقتناء روتانا لبعض التونسية من المهرجان والدعاية لمختلف عروض الدورة الواحدة، في إطار علاقة التكافؤ بين روتانا الإمبراطورية الإعلامية الفنية وقرطاج قطب المهرجانات العربية. ومن خلال متابعتنا لمختلف السهرات نلاحظ التميّز لكاظم الساهر الذي أمضى سهرة كبرى جماهيريا وفنيا وكذلك الفنانة نجوى كرم. أمّا فارس كرم فحقق نجاحا جماهيريا كبيرا يحسب لصالحة في حين فشلت أنغام على الرغم من كونها مدعومة من قبل روتانا في استقطاب جمهور كبير، والجمهور الذي حضر حفلها لم يكن على درجة كبيرة من التفاعل مثلما حصل مع باقي العروض الناجحة. العروض الدولية … تميّز واضح لتشين بول حقق المهرجان هذا العام معادلة ضرورية تتمثل أساسا في العروض الدولية التي تجد إقبالا واسعا كلّ سنة لكن كان التميّز واضحا للفنان العالمي تشين بول القادم من جمايكا الذي أخذ جموع الشباب في رحلة هستيرية استثنائية مع الرقص والغناء، وكان النجاح بدرجة أقل بقليل للنجم شاقي الذي جاء ليقدم هو الآخر موسيقي الريقي والراقا. أما الفرنسي جيرار لينورمان فقدم سهرة راقية حضرها جمهور من نوع خاص يحب السماع بانتباه، وبنسب أقل نجحت الإيطالية دولتشي نيرا وصوت الشعب يوسو ندور والفرنسية آمال بانت. أمّا المجموعات الموسيقية الإفريقية فانها لم تحقق نجاحا كبيرا وهو أمر متوقع لعدم شعبيتها بالشكل الذي هو عليه أصحاب العروض الأخرى. ما بين الطرب والإيقاع كان نجاح قرطاج، وماجدة الرومي تتفوق لعلّ أبرز ما ميّز دورة قرطاج هذا الصيف جمعه في أغلب عروضه بين الإيقاع والطرب والجمهور سيذكر نجاح الفنانة الكبيرة العائدة إلى قرطاج ماجدة الرومي والنجم الكبير هاني شاكر والفنان السوري نور مهنا في شدّ الجمهور طيلة ثلاث ساعات وأكثر، في سهرات طربية إبداعية راقية فنيا وجماهيريا، وتبقى سهرة الثنائي مروان خوري ووائل جسار سهرة الإبداع والتألق والنجاح الكبير حتى أن البعض اعتبرها مثلت الانطلاقة القوية للمهرجان هذا الصيف. وكذلك الفنان إيمان البحر درويش بدرجة أقل. ويبقى حضور مجموعات البالي من العلامات المميّزة لمهرجان قرطاج وخير دليل على ذلك النجاح الكبير الذي حصدته مجموعة إنانا السورية بقيادة وإدارة جهاد مفلح الذي يحقق النجاح تلو الآخر مع كلّ زيارة له إلى تونس، أو أي مكان آخر من العالم. كما أن عرض بالي كياف “بحيرة البجع” كان من أرقى الأعمال الفنية التي شهدتها خشبة قرطاج، ومع كل سنة يزداد جمهور مثل هذه العروض التي تحتاج إلى دعم إعلامي أكبر خاصة وأنها تهذب الذوق وتصقل الفنان والجمهور وتربي فيه الحس الجمالي، كما أنها تناقش وتعرض لموضوعات هامة وقضايا تراثية وأخرى معاصرة برؤى فنية ترقى إلى درجات متقدمة من الإبداع. تميّز واضح للعازف التونسي  لم نكن في حاجة لمهرجان قرطاج حتى نتأكد مكن قيمة العازف التونسي فهذا أمر محسوم ومعلوم منذ زمن بعيد، لكن دورة هذا العام كرّست العازف التونسي نجما حقيقيا لأغلب السهرات التونسية والعربية التي حضر فيها العازف التونسي إلى جانب شقيقه المصري والسوري واللبناني … مع مختلف النجوم الذين حضروا على قرطاج وهي ليست المرّة الأولى التي يحصل فيها هذا الأمر لكن يبدو أن هذه السنة أصبح الأمر اختيارا واعيا ومدروسا ومبرمجا له من قبل وليس ضرورة تحتمها الالتزامات الفنية أو الظروف المالية. فتحية إعجاب لكل العازفين الذين كانوا ضيوفا متميّزين على مختلف العروض العربية في قرطاج هذا الصيف. جمهور غفير ومتابعة إعلامية قوية  شهدت هذه الدورة من مهرجان قرطاج إقبالا جماهيريا غفيرا مقارنة بالدورات القليلة الماضية وهذا يعود إلى قيمة السهرات المقترحة وأهمية المساندة الإعلامية للمهرجان التي حققت له الرواج في أوساط الجماهير، ولو أن هذه السياسة الدعائية لمهرجان تحتاج إلى مراجعة كبرى، إذ لابدّ من اعتماد أدوات أخرى للدعاية والضبط المبكر للبرمجة وإعلانها حتى تتولى مختلف وسائل الإعلام القيام بتسويق البرنامج العام للتظاهرة إضافة إلى أن جمهور كبير يأتي من خارج تونس لحضور عدد كبير من السهرات العربية والغربية ولابدّ له من شيء من الوقت لبرمجة سفرته إلى تونس بالنظر إلى التزامات هؤلاء المهنية والشخصية. وتميّزت مختلف وسائل الإعلام التونسية بمواكبة لصيقة للمهرجان هذا الصيف، لكن باستثناء العروض التي نقلت تلفزيونيا على الهواء مباشرة، فإن إيلاف حققت السبق في نقل مختلف فعاليات المهرجان من مؤتمرات صحافية وسهرات فنيّة حتى أنها أضحت مصدرا لعديد الصحف ومواقع الانترنيت في متابعة سهرات قرطاج.  مقترحات من أجل نجاح أكبر لقرطاج حتى لا نكرر أنفسنا سوف لن نعود إلى مختلف المقترحات التي عرضنا لها في تقاريرنا السابقة من أجل نجاح أكبر لقرطاج، سوف نركز الحديث حول مقترحات إضافية لعلّها تجد صدى لدى إدارة المهرجان التي كسبت الرهان على الجودة والتميّز هذا الصيف. وأولى المقترحات هي الإعلان المبكر على برنامج الدورة وتشريك أكبر عدد ممكن من الإعلاميين والفاعلين الثقافيين في تحديد الملامح العامة للمهرجان. كما أننا ندعو إلى استقدام تجارب فنيّة من بلدان قصية مثلما حصل في دورات سابقة حتى يمتدّ انفتاح الجمهور التونسي على الثقافات الإنسانية الأخرى. وبالإضافة إلى هذا نرجو عدم تكرار استضافة الأصوات الغنائية حتى يزداد حب الجمهور لها عملا بالمثل القائل : زر غبّا تزدد حبّا. وختاما نرجو من إدارة المهرجان العمل على حضور أكبر للمهرجان في وسائل الإعلام التونسية والعربية وأن تعقد شراكة واضحة مع التلفزيون التونسي لنقل كلّ السهرات بشكل مباشر على الهواء تعميما لمتعة السهر وثقافة الرقي والتميّز وأن تكون السهرة مسبوقة بحوارات مباشرة وريبورتاجات ميدانية من مختلف الفعاليات الأخرى. كما نوصي بضرورة العودة إلى الإستضافات الفكرية الكبرى في قرطاج فمنذ سنتين تقريبا كان الشاعر العربي الكبير الراحل محمود درويش ضيف مهرجان قرطاج الدولي في احتفالية فكرية راقية جدّا، فحبذا لو أضحى هذا الأمر تقليدا سنويا في قرطاج، وأعتقد أنه ليس بعزيز على وزارة الثقافة التونسية هذا الأمر وهي التي تأخذنا سنويا في سفر إبداعي منوع بين الموسيقى والمسرح والسينما ونحن على مسافة أقل من شهرين من أكبر وأعرق تظاهرة سينمائية عربية وإفريقية ألا وهي أيام قرطاج السينمائية التي ستنتظم من 25 أكتوبر إلى غرّة نوفمبر 2008.   المصدر: موقع غيلاف الإخباري بتاريخ 24 أوت 2008


جمهورية قرطاج.. أهم منابع الديمقراطية فى العالم القديم قبل روما

الهادى ثابت*: نشرت مجلة “لو نوفال ابسرفاتور” ملفا حول نشأة الديمقراطية فى العالم القديم، وتحدثت بإطناب عن أثينا، واستثنت قرطاج. سأحاول فى هذا المقال أن ألخّص عددا هاما من الكتابات التى تحدثت عن تجربة الحكم فى قرطاج منذ أن أخذ المؤرخون فى الغرب، قدامى ومعاصرين، يهتمون بتاريخ هذه الحضارة الشرقية التى رست على الشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط، وهيمنت لزمن طويل، ما يقارب السبعة قرون، على ضفافه الغربية، الإسبانية خاصة، وجزره مثل صقلية، وسردينيا، والباليار… بل انتقلت سفن تلك الحضارة إلى الأطلنطى فرست على شواطئه واتصلت بسكان إفريقيا السمراء حتى بلاد الكامرون الحالية. وبعض المؤرخين يقولون إن تلك السفن شقت طريقها فى أوروبا الغربية وأرست فى بعض جزرها ومنها الجزر البريطانية، وهذا ليس موضوعنا. لقد ظلّت نشأة قرطاج وتأسيسها تتأرجح بين الأسطورة والتاريخ زمنا طويلا، وذلك لأنّ الرومان أرادوا أن تكون نشأة روما قبل ميلاد قرطاج، فالتجؤوا إلى إتلاف كل ما من شأنه أن يبين تاريخ قرطاج كما كتبه القرطاجيون أنفسهم. والغريب أنه لم يُعثر على أى وثيقة تاريخية، كتبها أهلها، عن هذه الحضارة التى علّمت الناس فى البلدان التى اتصلت بشعوبها الكتابة على الورق، ومسك دفاتر التجارة والمحاسبة، وإدارة شؤون الجيش والحكم. يقول التاريخ الفينيقى المكتوب الذى وجد فى دفاتر الحكام فى المدن اللبنانية مثل صور وصيدا، وبيروت إنه فى بداية القرن التاسع قبل الميلاد حكم مدينة صور ملك يدعى بيجماليون، وكان هذا الملك غليظ فى معاملة شعبه، وكانت مملكته مهددة من قبل الآشوريين، ففرض حكما قاسيا على الطبقات الغنية فى مملكته، وقتل عمّه ذاكربعل وهو زوج أخته عليسة والتى أوصاه أبوه، متان، بجعلها مستشارته فى الحكم، لكنه رفض. فى تلك الأجواء المفعمة بالعنف الداخلي، بسيطرة الملك بيجماليون، وأطماع الآشوريين القادمين من العراق، قررت عليسة وثلة من أعيان صور الهرب من ذلك الجحيم الذى لم يعد يطاق بالنسبة إلى تلك الطبقة الراقية من التجار والمثقفين. وباختصار شديد، وصلت عليسة والفارين معها إلى شواطئ شمال إفريقيا البربرية، والتى للتذكير كان فينيقيون من صور قد استوطنوا بها وبنوا هناك مدينة “عتيقا” منذ سنة 1101 قبل الميلاد. “هذه المدينة المتواجدة على بعد 15 كم من مدينة تونس الحالية، رُدم جزء كبير منها عندما ابتعد عنها وادى مجردة، وغادر شواطئها البحر، حيث انزاح إلى الأعماق ما يقارب 15 كم”. شيدت عليسة مدينة قرطاج “قرط حدشت” أى المدينة الجديدة خلافا لعتيقة، أو تبركا بها. وعليسة التى عايشت جبروت أخيها، حرصت على أن تكون مدينتها تساس بطريقة لا تسمح لشخص ما الانفراد بالحكم، هذا ما قاله المؤرخ الإغريقى هيرودوت الذى روى قصتها بكل التفاصيل. وبما أن سكان هذه المدينة الجديدة لم تكن تجمعهم صلة القبيلة أو العائلة الكبيرة، وكانوا متنوعى النشاط: الكاهن، والقاضي، والتاجر، والمغامر، والبحار… فلم يكن صعب تنظيم حكم يستجيب إلى رغبة الجميع أى الحكم الجمهورى الذى تسوسه المؤسسات. فكانت أول تجربة إنسانية تجعل الحكم بين أيدى المؤسسات الجمهورية. يقول بعض المؤرخين أنّ المدن الفينيقية الراسية على ضفاف المتوسط كانت تسوسها مؤسسة يقع اختيارها من قبل متساكنى تلك المدينة. إذن فالتجربة لم تكن جديدة، لكن مدينة قرطاج أخذت تتوسع بسرعة رهيبة. فى البداية اختلط العنصر البربرى المحلى مع العنصر الفينيقى المهاجر. فاللغة الفينيقية قريبة من اللغة البربرية، لهما نفس الجذور، والعنصر البربرى فى شكله العام لا يبعد كثيرا عن العنصر الفينيقي. ثم كان توسع المدينة بحاجة إلى وجود بشرى ناشط. نشأ إذن من البداية على ما أعتقد عنصر جديد فينيقى بربري، جعل مدينة قرطاج تتوسع بسرعة وتتهيأ لتكون أقوى وأكبر المدن فى الجزء الغربى من المتوسط. وأعتقد أنّه لو لا العنصر البربرى الذى امتزج بالعنصر الفينيقى لما رأت قرطاج ذلك النمو السريع، ولما تحولت مدينة قرطاج إلى دولة قرطاج. فمدينة عتيقة ظلت مدينة منغلقة على نفسها لا يؤمها سوى العناصر الفينيقية، ولم تتطور إلى دولة، ولم تلعب أى دور هام فى محيطها المحلى ولا الإقليمي. كانت هذه البداية، وكانت موفقة، ففى أقل من قرنين احتلت قرطاج التى أصبحت دولة بفعل تحالف المدن البربرية المنتشرة حولها شرقا وغربا، مكانة مرموقة فى كامل الجزء الغربى للمتوسط. دولة قرطاج كما جاء على لسان جل المؤرخين تتكون من مدينة قرطاج “التى عظمت وأصبح سكانها فى القرن الثالث قبل الميلاد يفوق 700000 نسمة” والمدن البونية “هذه التسمية نرصدها لسكان دولة قرطاج ونعتبرها تعبيرا عن العنصر الفينيقى البربرى الذى ميز سكان دولة قرطاج والتى كان يقطنها فى القرن الثالث قبل الميلاد أكثر من 4 ملايين نسمة. ودولة قرطاج، ومساحتها أقلّ بقليل من مساحة الجمهورية التونسية الحالية، لها حكم يسوسه مجلس الشيوخ المتكون من أعضاء منتخبين من بين أعيان مدينة قرطاج وممثلين للمدن الأخرى التى تشمل دولة قرطاج. وينتخب مجلس الشيوخ رئيسا “يدعى لدى القرطاجيين صبط” يوكل إليه إدارة شؤون هذه الفيدرالية من المدن. وحددت مدة حكم الأصباط بسنتين قابلة للتجديد من قبل مجلس الشيوخ الفيدرالي. وقد أوكل مجلس الشيوخ الحكم لصبتين فى بعض الفترات التى كانت فيها البلاد تمر بأزمة. أما انتخابات مجلس الشيوخ القرطاجى فهى تقع على فترات متباعدة، ويشارك فيها ممثلون عن الحرفيين “كانت بقرطاج صناعات مزدهرة تشمل صناعة السفن، واستخراج الحديد، إذ كانت قرطاج تنتج أحسن فولاذ فى العالم فى تلك الفترة، وقد اكتشف علماء الآثار الألمان فى الآونة الأخيرة بقايا لآلات صنع الفولاذ فى باطن أرض قرطاج، وحللوا المواد العالقة بها، وكان استغرابهم كبيرا عندما وجدوا أنّ القرطاجيين يستعملون الجير لصقل الحديد وانتاج فلاذ جيد. وقد استعمل الجير فى صناعة الفولاذ فى العصر الحديث فى بداية القرن التاسع عشر”، والتجار، والكهنة، وأعيان المدينة. وتقع عادة حسب بعض المؤرخين فى أجواء احتفالية خارج المدينة حيث تقام الموائد، ويتنقل بينها المرشحون للتعريف بأنفسهم وببرامجهم. وتسفر عن انتخاب مجلس له صلاحيات سن القوانين وانتخاب رئيس السلطة التنفيذية، والقائد الأعلى للجيش، ورئيس المحاسبين. وهذه المعلومات ليست من الخيال بل استقيتها من المؤرخ الإغريقى بوليبس الذى عمل تحت إمرة الرومان وقد زار قرطاج، وحضر عندما أجهز عليها الجيش الروماني، ووصف الوحشية التى عُمل بها سكان المدينة التى اضطر الجيش الرومانى لإحراقها بسكانها نظرا للمقاومة الشرسة التى أظهرها سكانها. “يقول بعض المؤرخين من الغرب أنّ الذين فنوا فى تلك المحرقة فاق 300000 نسمة” ولمجلس الشيوخ مجلس آخر يراقبه وهو مجلس الحكماء، “ويدعى مجلس المائة” ويتكون هذا المجلس من كبار القضاة، وله صلاحية مراجعة القوانين، وأعضاء هذا المجلس يحكمون مدى الحياة. يقول بعض المؤرخين أنّ الحاكم الحقيقى لقرطاج هو هذا المجلس الذى يمثل الأرستقراطية القرطاجية، وهو ما دعا بعضهم بالتأكيد على صورية المؤسسات الديمقراطية القرطاجية. لكن المؤرخين الذين يدافعون عن هذه الطرح لم يقدموا أدلّ مقنعة على ما يدعون.   اعتمدوا على المؤرخ بوليبس، لكن هذا الأخير أورد هذه المعلومات للتدليل على تفوق المؤسسة الديمقراطية الرومانية. وعندما نعرف نظرة بوليبس، وانحيازه لأسياده الرومان لا يمكن اعتبار أحكامه نزيهة. لكن هذا المجلس، مجلس الحكماء وبقية المؤسسات الديمقراطية القرطاجية وصلت فى العصر الذى كتب فيه بوليب إلى الشيخوخة وتحجرت، وهو ما جعل حنبعل، الذى حكم الدولة القرطاجية كصبط مدة وجيزة، يدخل فى صدام مع هذا المجلس. وقد التجأ حنبعل إلى مجلس آخر له صلاحية فرض القوانين وهو مجلس الشعب. إذن دولة قرطاج أو جمهورية قرطاج تعددت مجالسها، وهى ظاهرة صحية للديمقراطية. ورغم ذلك فمنظرو الديمقراطية فى عصرنا لا يعتبرون دولة قرطاج من الديمقراطيات، ويرجعون بداية الديمقراطية مع أثينا. بينما الفيلسوف اليونانى أرسطو “القرن الرابع قبل الميلاد” يقول إنّ أفضل الجمهوريات هى جمهورية قرطاج لأنّها تمتاز بمجالسها الثلاث: مجلس الشيوخ ومجلس الحكماء ومجلس الشعب. ” كانت تقام فى قرطاج مآدب شعبية، لانتخاب القضاة المائة وأربعة، كما هو الحال لقضاة سبارتة، لكن بسبارتة يُختارون من بين أناس لا قيمة لهم بينما فى قرطاج يكونون من الأرستقراطيين. كما يقع، أثناء تلك المآدب، اختيار الحكام ومجلس الشيوخ. ولم يكن الحكام يتوارثون الحكم، ولا يقع تسميتهم اعتباطيا، لكنهم من المنتخبين وينتخبون حسب قدراتهم. أما الشعب، فليس له الحكم المباشر، إنه الحاكم الأعلى على كل الخلافات التى تقع بين مجلس الشيوخ والأصباط”. ويضيف أرسطو: “كل المحاكمات فى قرطاج تقع أمام قضاة منتخبين، ويظلون هم نفسهم، مدى الحياة، وكانوا مائة وأربعة قاض”. ولأنّ الديمقراطية القرطاجية كانت فعالة، فإنها لم تتحول لا إلى إمبراطورية كما هو الشأن مع الديمقراطية الرومانية، ولا إلى حكم تيوقراطى كما هو الشأن مع الديمقراطية اليونانية حالما أخذ الحكم اسكندر المقدوني، أو إلى ملوكية مع مملكات اليونان. ظلت قرطاج جمهورية طيلة حياتها، ما يقارب السبع قرون، ولم ينقلب عليها العسكر، ولا الكهنة، ولا الإقطاع. ظلت طيلة حياتها تنتخب مجالسها ورؤساءها وقادة جيشها، بل تحاسبهم عند الفشل وتحكم عليهم بالإعدام عند تخاذلهم أو محاولتهم الانقلاب على الحكم. كل هذه البراهين، رغم كل ما فعله الرومان ليعتموا على هذه التجربة، تدلّ أنّ التجربة القرطاجية كانت ناجحة فى إرساء دعائم حكم ديمقراطي. والحكم الديمقراطى حسب المنظريين هو الحكم الذى ينتخب فيه الحاكم، وتسوسه المؤسسات المنتخبة. بقى أن نشير إلى نسبية الأزمنة التاريخية. فبعضهم يسمى الحكم فى دولة قرطاج أوليجارشى أى حكم الأغنياء. ربما يكون هذا صحيحا. لكن هل كان الحكم فى تلك العصور وعبر التجارب الديمقراطية الأخرى خارجا عن سيطرة الأغنياء؟ فالمتطلع لجمهورية أفلاطون الخيالية التى هى بعيدة كل البعد عن الواقع التاريخى يرى كيف كان يعامل أفلاطون الفقراء والرعاع وغير الشرفاء فى جمهوريته. ربما لو تفحصنا بدقة التجربة الديمقراطية القرطاجية لرأينا أنها كانت تعانى من عيوب الديمقراطية نفسها. فالديمقراطية التى تبنتها أوروبا الغربية وأمريكا فى هذا العصر، إن لم تكن إيلوجرشية، فهى برجوازية، أى ديمقراطية طبقية تخدم مصالح طبقة الأغنياء. فاعتراض منظرى الديمقراطية فى الغرب على تسمية التجربة القرطاجية الرائدة بالأوليجرشي، أعتبره نوع من التضليل، والتحقير. فالمواطنة القرطاجية حقيقة لا يمكن الطعن فيها، ودليل على ذلك ما ذكره المؤرخون الغربيون القدامى من أنّ السلطة العسكرية القرطاجية كانت ترصد أكبر جائزة للعاملين فى جيشها من غير القرطاجيين بلقب مواطن قرطاجي. وقد وعد حنبعل المتطوعين من الأوروبيين والبربر فى جيشه الذى حارب به روما طيلة 15 سنة بالمواطنة القرطاجية. والمواطنة تعنى بالأساس التمتع بالحقوق السياسية والاقتصادية وبواجبات المواطن. عند قراءة ما يكتب عن قرطاج لدى المؤرخين القدامى فى الغرب يلاحظ القارئ المحايد مدى الحقد الذى يكنه هؤلاء المؤرخون، فتراهم يتناقضون فى سرد الأحداث وفى إعلان الأحكام، واختيار النعوت. فنعت الديمقراطية القرطاجية بالأوليجرشى يدخل فى تلك الستراتيجيا الهدامة. صحيح أن الأغنياء من التجار ومالكى الأرض والأرستقراطية القرطاجية تصارعت على الحكم فى قرطاج، لكن ذلك كان مصير كل الديمقراطيات التى حكمت العالم القديم. صحيح أنّ الأغنياء فى قرطاج كانوا يتمعشون من المحكم، ويتحاشون دفع الضرائب، ويتحايلون على الحكم بوسائل غير شرعية، لكن نرى إلى اليوم كيف تسير أمور الديمقراطية فى أعظم دولة ديمقراطية فى العالم، والمثال الواضح هو ما فعلته عائلة بوش الرئيس الحالى للولايات المتحدة “كان جدّ بوش الحالى يبيع السلاح للطغمة العسكرية الألمانية بينما كان ابنه قريبا من نيران المعارك”، وما تفعله اللوبيات المختلفة لانتخاب رئيس الولايات المتحدة والتحكم فى قرارات الحكم لا يمت لأخلاقيات الديمقراطية. وكل من يطلّع على ما كتب عن تاريخ قرطاج، ولا يحمل أحكاما مسبقة، ولا ينطلق من تصور مريض لتصنيف البشر بين جنس راق وآخر لا يقدر أن يصنع التاريخ، ولا يكون فريسة لما شحن به من معارف مسمومة فى المدارس الاستعمارية، لا يمكن إلا أن يقر أنّ التجربة الديمقراطية التى عاشتها قرطاج طيلة وجودها كانت من أرقى التجارب التى مر بها الحكم فى العالم القديم، لأنها خلقت التوازن بين طبقات الشعب، ومكنت كل متساكنى دولة قرطاج من أن يعبروا عن وجودهم من خلال العمل والإنتاج وروح المبادرة. وقد قام بعض الرحالة إلى قرطاج خلال القرن الثالث قبل الميلاد بوصف سكان ومدينة قرطاج، وكانوا كلهم، أعداء ومحايدين، مبهورين بالتنوع الجنسى الذى كانت تشهده المدينة، وبالنشاط الحثيث لسكانها، وبرغد العيش الذى تتمتع به جل طبقات الشعب، بما فى ذلك العبيد الذين كان القانون صارما فى تحديد العلاقة التى تجمعهم بمالكيهم، فليس للمالك الحق فى قتل، أو تعنيف، أو إهانة، أو تجويع عبده. بينما كان العبد فى روما يصنع به سيده ما يشاء. للديمقراطية عيوبها، وهى ظاهرة للعيان. التنافس على الحكم يخلق تصرفات لا تقبلها أخلاقيات الديمقراطية، لكنها تدخل فى قوانين اللعبة. الطبقة التى حكمت قرطاج كانت ككل الطبقات الحاكمة جشعة. وتصرفاتها فى بعض الأزمات كانت مشينة، واستحواذها على الخيرات أدى إلى أزمات كبيرة، لكنها لم تقض على الحكم الجمهوري. ففى أواخر القرن الثالث قبل الميلاد تفشت لدى تلك الطبقة ممارسات ضارة بالديمقراطية مثل الارتشاء، والتمنع عن دفع الضرائب، والتعامل المشين مع العدو، والصراعات الهامشية بين العائلات الكبرى، والنعرات العنصرية بين المواطن القرطاجى والوافدين من الفينيقيين والبربر. وقد أدت هذه التصرفات إلى فقدان الحس الوطني، وبالتالى إلى ضعف روح المواطنة. وانجر عنها فى آخر المطاف تفتت الدولة، وضياع الرؤية الشاملة لدولة يهيمن اقتصادها على جزء كبير من المتوسط، وفقدان استراتيجيا الدفاع والحماية من العدو المتربص. يقول كارل ماركس أنّ الديمقراطية البرجوازية تحمل داخلها الفيروس الذى يقضى عليها. وديمقراطية قرطاج القديمة كانت ضحية ذلك الفيروس الذى تفشى فى الجسد الاجتماعى فلم يقدر أحد عن إيقافه، فأكل الجسد بكامله، وسقطت قرطاج ضحية ديمقراطيتها. حتى محاولة حنبعل الخارجية التى عطلت الهجوم الرومانى الكاسح طيلة 15 سنة لم تفلح فى إنهاض الهمم، ولملمة ما كان ممكنا لملمته. فحالما عاد حنبعل إلى قرطاج، هاله الوضع، فاندفع يحث الناس على حماية الديمقراطية، وترشح لرئاسة السلطة، ونجح، لكن قوى الرجعية كانت أقوى مما كان يتصور. حاصرته، وتعاونت مع العدو الراسى على شواطئ مدينة عتيقة، والتجأت إلى الدسائس والمؤامرات حتى اضطرته إلى الفرار بجلده إلى الشرق الذى كان يعانى هو كذلك الانقسام والتفتت، والرضوخ لحكم الأجنبي. هذا التاريخ الذى لم يكتبه غير أعداء قرطاج لا بدّ أن تعاد كتابته برؤية علمية محايدة، من خلال البحث العلمى الجاد. لقد بدأت العقول تتغير، هناك أبحاث فى هذا الميدان قام بها مؤرخون من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغيرها أثبتت أنّ تاريخ قرطاج قد وقع التلاعب به، وأن هذه الحضارة كانت حقا راقية. لقد تكلمت الآثار المدفونة تحت الأرض، وقالت كلاما لا بدّ من التمعن فى معانيه. وللأسف الشديد أنّ المؤرخين العرب، ما عدا الأستاذ حسين فنطر الذى خصص جزءا من حياته لدراسة هذه الحضارة. ويكفيه فخرا ما أخرجه من تحت التراب مدينة كركوان، تحفة أثرية تشهد على الرقى الاجتماعى والمعمارى الذى كان يتمتع به سكان تلك المدينة، لم يعتنوا بتاتا بهذا التاريخ، والبحوث القليلة فى هذا الميدان، والقادمة من الشرق، لا ترتقى إلى مستوى البحث. آن الأوان أن نعلن للعالم أنّ الديمقراطية لم تنطلق من أثينا ولا من سبرتا ولا من روما، بل من قرطاج، وظلت قرطاج ديمقراطية طيلة وجودها.   * كاتب من تونس .   المصادر:   L’ENEIDE Virgile Texte latin. Traduction rythmée de Marc Chouet. Introduction de Jean Starobinski. 2007Edition:Slatkine, Genève, Suisse Il faut reconstruire Carthage – Méditerranée plurielle et langues anciennes Patrick Voisin 2007 L’Harmattan La véritable histoire de Carthage et de Hannibal Jean Malye 2007 Belles Lettres ِCARTHAGE : Serge Lancel : Carthage Fayard 1992   (المصدر: جريدة العرب (يومية – بريطانيا) بتاريخ 24 أوت 2008)  

في منتدى الذاكرة الوطنية: حسن ببّو يتحدث عن أحداث الوردانين (جانفي 1969) وآثارها على حركة التعاضد «كان بالإمكان تفادي اضطرابات الوردانين والساحل لو عمل المسؤولون على إقناع المواطنين بجدوى التعاضد»

 

تونس ـ الصباح: نظمت مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها الدكتور عبد الجليل التميمي أمس منتدى الذاكرة الوطنية وتحدث على منبره مدير الأمن الوطني السابق السيد حسن ببو وتطرق في شهادته التاريخية إلى أحداث الوردانين التي جدت في شهر جانفي 1969 وآثارها على حركة التعاضد.. وقال المؤرخ التميمي أن ببو يعد المهندس الحقيقي لتونسة الديوانة بعد الاستقلال، عندما منح هذا القطاع أحقيته كأول مؤسسة وطنية لعبت دورا جوهريا في بناء الدولة الوطنية. وبعد الديوانة تم تعيينه مديرا للأمن الوطني وذلك بتاريخ 06 ديسمبر 1968 ولهذا الغرض كانت له معرفة بأدق التفاصيل حول طبيعة تأرجحات الرأي العام التونسي وعلى الأخص من ذلك مواقف المواطنين تجاه حركة التعاضد التي وصلت خلال سنة 1969 إلى مرحلة حاسمة جدا، نتيجة التدخل المخرب لعدد من القوى الداخلية والخارجية لإفشال مشروع التعاضد. وقد أدى ذلك التدخل إلى ازدياد قوة التململ الشعبي وعدم قبول الفلاحين الناقمين تسليم أراضيهم ومزارعهم أو مواشيهم لتندمج في أية حركة تعاضدية. وكان أبرز بدايات هذا التململ والغليان والنقمة، ما حصل في الوردانين في أواخر شهر جانفي 1969، عندما اصطدم الشعب بقوى الأمن وانفلت على إثرها الوضع الأمني وتم اعتقال المئات من الناس وتوالت التقارير الأمنية التي عكست ذلك وكان السيد حسن ببو بحكم منصبه كمدير للأمن الوطني على إطلاع على الحقائق المتصلة بهذا الوضع الدقيق. وكانت تداعيات أحداث الوردانين على حد قول المؤرخ دقيقة جدا وأدت بالتالي إلى بداية التفكير في مدى جدوى التعاضد، كما برزت شعارات “لا رجوع ولا تراجع في حركة التعاضد” التي أطلقها بعض المسؤولين الكبار في الدولة. وهناك أطراف أخرى استغلت هذه الوضعية الدقيقة لتعميق رفض المواطنين للتعاضد جملة وتفصيلا وحتمية إقناع الرئيس بورقيبة بإعلان وقف التجربة التعاضدية حالا وهذا ما تم بالفعل. وعليه شكلت أحداث الوردانين مرحلة حاسمة جدا في وقفة التأمل لإفشال مشروع التعاضد ككل.    شهادة حسن ببو  قال حسن ببو في شهادته التاريخية إنه بعد خروجه من الديوانة دخل سلك الأمن وكلف بتكوين مجموعة من الإطارات الأمنية وبعد ذلك غادر الأمن في أوت 1968 وفي يوم 5 ديسمبر من نفس السنة ولما كان في بيت صديقه الحبيب شيخ روحه اتصل به الباهي الأدغم ودعاه لزيارته في صباح الغد لأمر أكيد.. وهو ما كان وعلم ببو هناك أنه سيتم سجن الطاهر بالخوجة وسيتم تعيينه هو على رأس إدارة الأمن الوطني فعبر ببو عن عدم رغبته في ذلك المنصب ولكنه علم أن الرئيس بورقيبة أصر على تعيينه.. فقام ببو بمساع كبيرة لكي يتم إعفاؤه من هذا المنصب ولما استحال ذلك قرر زيارة الرئيس بورقيبة ورافقه في الزيارة السيد الباهي الأدغم ولما كانا في الطريق حاول الأدغم إقناعه بالمنصب وقال له إن بورقيبة يعول عليه كثيرا وإنه مازال في بداية الطريق ولا يجدر به رفض قرار الزعيم.. وقال “لما زرت الرئيس وجدت بقربه السيد أحمد بن صالح فانصرف وتجاذبت مع بورقيبة أطراف الحديث واقتنعت في النهاية بالمنصب واستجبت لرغبته”.. وبين أنه بمجرد التحاقه بالأمن أرجع بعض رجال الأمن الذين أقالهم بالخوجة وبدعوة من رئيس البلاد آنذاك عمل على تشبيب هيكل الأمن وفكر في إجراء تحوير يشمل بعض مفتشي الشرطة وحينما بلغته الموافقة قام ببرنامج لتكوين بعض الإطارات ليكونوا على استعداد للمسؤوليات الجديدة. وفي ما يتعلق بتجربة التعاضد وأحداث الوردانين بين أن بورقيبة ألقى يوم 24 جانفي 1969 خطابا في القبة وقال فيه إن التعاضد يشمل كل المجالات باستثناء النساء.. وفي اليوم الموالي بدأت تظهر بوادر الرفض والتململ في الوردانين وخلال زيارة إلى أحد مقاهي الوردانين أجراها عبد الله فرحات وعمر شاشية وعبد الله بشير وغيرهم شاهدوا غليان الناس الذين عبروا عن رفضهم للتعاضد.. وبعد ذلك خرجت جماهير غفيرة إلى الشارع للتعبير عن رفضها للتعاضد وشوهد جمع كبير من النساء يندبن في ساحة المدينة.. واتصل ببو بالباهي الأدغم وأخبره أن الوردانين تعيش غليانا كبيرا وحذره من أن رجال الوردانين أشداء وفيهم كثير من زعماء الحركة الوطنية واقترح عليه الإسراع بمعالجة المسالة.. وأضاف: ” أقيم موكب في بيت آل فرحات ولما حاول الرافضون لعمليات التعاضد إفساده وقاموا بأعمال عنف وتعمدوا ضرب رجال الأمن بالحجارة وحينما كثر عدد الجرحى تقرر استعمال جميع الوسائل لإيقافهم ومات من المتظاهرين أحد المواطنين وجرح الكثير كما جرح العديد من أعوان الأمن بسبب إصاباتهم بالحجارة خاصة وأن المتظاهرين اختفوا في الغابة ومنها كانوا يلقون الحجارة.. وبعد ذلك تم البحث عن الأشخاص الذين حرضوا على هذه المظاهرة لإحالتهم على العدالة”.. ومن بين الذين حرضوا على العصيان تحدث ببو عن شقيقة محمد فرحات وعبد الله فرحات فهي التي دعت النساء للخروج إلى الشارع للندب.. وإضافة إلى ذلك كانت هناك شخصيات تبدي تأييدها للتعاضد لكن في الحقيقة كانت تحرض على العصيان. ولما وقع التفطن إلى أمر شقيقة فرحات تمت دعوة ببو إلى التحري في المسألة ففعل ذلك فثبتت عليها تهمة التحريض على العصيان.. وفي اليوم الموالي تحول المتظاهرون إلى القلعة الكبيرة واجتمع الكثير من الناس وتجمهروا أمام مركز الأمن وحطموا نوافذه بالحجارة.. كما حصلت الكثير من المشادات الأخرى في عديد المناطق من شمال البلاد إلى جنوبها وجدت أحداث عنف وعمليات تخريب على غرار قطع أسلاك الهاتف أو قطع السكة..   تقرير عن أحداث الوردانين بعد أحداث الوردانين وتحديدا يوم 22 فيفري 1969 قدم ببو تقريرا لوزير الداخلية أورد له فيه تفاصيل ضافية عن الوضعية وعن أسبابها وقال له في هذا التقرير إن مالكي الأرض يعتقدون أن الكثير من المشاكل الهامة ستترتب عن عملية التعاضد وتتعلق هواجس المواطنين خاصة بمشاكل السكن ونظام الشغل والضمانات الممنوحة لأصحاب الأرض ومصير الأرامل والعجّز بعد ضم أراضيهم إلى الوحدات التعاضدية وأساليب التصرف المزمع اتباعها ومآل القروض والديون والمكاسب المنجرة عن كسب المواشي ومدى تعميم التعاضد في المستقبل فضلا عن تضارب تصريحات المسؤولين بشأن عمليات التعاضد.. وقال ببو في التقرير: “كان بالإمكان تفادي الإضرابات لو عمل المسؤولون على حسن إقناع المواطنين بجدوى التجمعات الفلاحية”.. كما قال إن البلاد كانت تعيش في ذلك التاريخ مرحلة لم تعشها قط منذ الاستقلال بسبب الشك وفقدان الثقة وانتشار البطالة وارتفاع الأسعار وضعف الطاقة الشرائية ويرى المواطن أن ذلك راجع لإصرار الدولة على المضي قدما في التجربة.. وقال إن الحالة تبعث على عدم الارتياح ويجب إتباع حلول ناجعة ومقنعة للناس ولاحظ أن الانتقادات الموجهة للتجربة والمسؤولين وبعد أن كانت في كنف السرية أصبحت علانية وحتى على مسمع من أعوان الأمن.. وبين ببو أنه لما تمت دعوة كبار الفلاحين إلى الانخراط في تجربة التعاضد قاموا بجمع محاصيلهم وباعوها كما باعوا معداتهم الفلاحية ولم يتركوا حتى البذور.. ولما استفحل الأمر وأصبح الحديث عن هذه الأمور علانية علم الرئيس بورقيبة بالأمر وبدأ يفكر في تغيير المسار وتم ذلك يوم 8 سبتمبر 1969. وقبل ذلك بيوم أي يوم 7 سبتمبر حدث أن تجاذب بعض متساكني الحمامات أطراف الحديث فيما بينهم وقالوا إنهم يريدون أن يتخلصوا من بن صالح فعلم هذا الأخير بالأمر وقال إن هناك من يفكر في قتله فتمت دعوة ببو إلى الاتصال ببن صالح لمعرفة ماذا حدث فلما زاره ببو وجده في حالة يرثى لها فعلم أن الأمور تعكرت جدا.. وبعد ذلك بدأ بن صالح يفقد شيئا فشيئا دوره وبدأ الحديث عن محاكمته.. وبعد فترة وفي شهر أفريل تم القبض على أحمد بن صالح وعلى عمر شاشية ومنجي الفقيه والهادي البكوش والبشير ناجي وإبراهيم حيدر والطاهر قاسم والهادي بن عياد وغيرهم وجمدت أرصدتهم.. ومن المفاجآت التي لم تكن في حسبانه تحدث ببو عن حادثة 17 أفريل وهي علمه بتورطه هو في القضية رغم أنه لم يكن له أي ضلع فيها.. وفي اليوم الموالي تمت إحالته على حاكم التحقيق.. وكانت برفقته زوجته فدعاها إلى عدم الاتصال بأي أحد لطلب المساعدة لأنه عمل بإخلاص ولا يخشى أي شيء.. وبعد أن انصرفت زوجته اقتيد ببو إلى السجن وتحديدا إلى زنزانة صغيرة وأمضى هناك 8 أيام لا يرى إلا بصيصا من النور.. ولا يعلم مما يحدث في العالم الخارجي أي شيء.. وفي اليوم التاسع اقتادوه في سيارة الأمن إلى المحكمة وهناك وجد حمادي الشريف وكان هذا الأخير من أصدقائه ولكنه تظاهر بأنه لا يعرفه وكذلك فعل حمادي الشريف.. وقال له حاكم التحقيق “إنك متهم بالخيانة العظمى.. فما هو رأيك.؟” فأجابه ببو “لقد عملت باخلاص كبير وقمت بتقريرين حول التعاضد واعتقد أنك لو تطلع عليهما قد لا توجه إلي هذه التهمة”.. وبين أن حمادي الشريف عمل على الحصول على التقارير سالفة الذكر وحاول إقناع الهادي نويرة بأن ببو بريء من التهم الملصقة به وذهب نويرة للباهي الأدغم وقال له إن حسن ببو مظلوم.. وبعد التشاور تم الاتفاق على إطلاق سراح ببو من السجن.. وحينما عاد حمادي الشريف لمكتبه أبلغ زوجة ببو أن زوجها سيخرج من السجن في الغد.. لكن ذلك لم يحدث وتواصل التحقيق معه ووجهت له تهما أخرى لكن الوقائع كانت تفندها..   وتحدث حسن ببو بكثير من الإطناب عن المعاناة التي عاشها في السجن وعن آثار ذلك على نفسيته خاصة وأنه يثق تمام الثقة في أنه كان مخلصا لبلده.. وقال ان هذه المعاناة استمرت سنوات بعد خروجه من السجن إذ وقع تجميد راتبه مدة ست سنوات..    سعيدة بوهلال   المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 24 أوت 2008

تجربة التعاضد بين وقفة التجنّي وصحوة الحقيقة

  بقلم: بلقاسم القلالي(*)   عاشت تونس خلال ستينات القرن الماضي تجربة اقتصادية، سياسية واجتماعية رائعة في أهدافها كبيرة في حجم طموحاتها سامية ونبيلة في غاياتها وأهدافها، إنها تجربة التعاضد التي كانت فريدة من نوعها وفي خصوصياتها الظرفية والتاريخية على مستوى ما سمي زمنها بالعالم الثالث وعلى مستوى البلاد المستقلة منه حديثا بصفة خاصة.  ولأمانة التاريخ الذي لا ينكر حقائقه الا جاحد لقد حققت هذه التجربة لتونس من الإنجازات الاقتصادية والحضارية وفي حيز زمني وجيز ودقيق ما عجزت عن تجسيمه إيديولوجيات ملأت الدنيا ضجيجا بصخبها وشعاراتها، هذه التجربة الرائدة رغم ما حققته إيجابا لم تكتب لها الاستمرارية وحال دون تقدمها تآمر مبيت أجهض على تواصلها بأباطيل التجنّي التي حبك لفها فيما سمي بوقفة التأمّل. وسأحاول الإتيان على أبرز هذه العوامل بعد طرق مراحل التجربة في مجرى أحداثها وإطارها التاريخي.   لقد كان الكون يعيش حينها بعولمتين لا بعولمة واحدة كيومنا هذا، وجهين لسياستين تتصارعان بالمال والعتاد على افتكاك مواقع التأثير والنفوذ:   – رأس المال والإقطاع بقيادة أمريكا ودعم بعض الدول الغنية.   – الشيوعية الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفياتي ودعم بعض الدول الفقيرة والنامية.   مأتى التجربة ومثلها: البلاد الاسكندنافية التي كانت ولا تزال تنعم بقدر من الرقي الحضاري والازدهار الاقتصادي ورخاء اجتماعي ومناخ سياسي تحسد عليه زمنها ويومنا هذا.   منظر التجربة ورائدها الزعيم النقابي أحمد بن صالح – متعه الله بالصحة والعافية – وكان عائدا من بروكسيل بعد ممارسته طوال سنوات لمهام نقابية في إطار الكنفدرالية العالمية للنقابات الحرة، هاته المهام التي أداها على وجه شرف تونس والمنظمة العتيدة التي أؤفدته لها الاتحاد العام التونسي للشغل، أتاحت له فرص الاطلاع على مسيرة دول نامية لا تفوق إمكانياتها ما تملكه تونس بكثير وعلى ما حققه هذا التمشي لشعوبها من كرامة ورخاء.   وانطلق أحمد بن صالح مقتنعا بجدوى التجربة ونجاعتها متحمسا بوازع وطني صادق ونزيه ينظّر لها من خلالها لوائح المؤتمر السادس للمنظمة الشغيلة – هذا المؤتمر الذي كان بحق مؤتمر فتوة المنظمة وصلابة عودها للعطاء – ومن خلال مؤتمري الحزب بصفاقس 55 وبنزرت 64 وتوفق في هذا الأخير إلى إقناع قادة الحزب وإطاراته العليا والقاعدية وعلى رأسهم رئيس الحزب والدولة لدرجة تغيير اسم الحزب اعتمادا للتمشي الاشتراكي من الحزب الحر الدستوري التونسي إلى الحزب الاشتراكي الدستوري. واكتسب اختيار أحمد بن صالح الاشتراكي بهذا المؤتمر شرعية سياسية وطنية لا نقاش في إلزامها للحزب الذي كان هو الدولة بمفهومها القانوني والسياسي.   وأقلعت التجربة التعاضدية بأجنحة العزائم الصادقة والعقول النيرة تجمع السواعد في وحدات انتاج فلاحية وخلايا تجارية وصناعية متضامنة كلهم فيها عون إنتاج لا يطمح لغير العيش الكريم بشركاء لا أجراء كما قيل بعدها في بلاد شقيقة.   ولا مجال في مقال صحفي لسرد تفاصيل خطاها، الأكيد والثابت أنها انطلقت بقناعة تامة بجدواها على المستوى الرسمي على الأقل، وإن كان هناك تردد في الرأي العام الشعبي فقد كان مرده لقصور في الفهم والتعمق وهلل لها رئيس الدولة وأعضاده في أرجاء البلاد بمناسبة وغير مناسبة مما يجعل مسؤولية نتائجها تقع على عاتقهم جميعا.   وبعيدا عن الكاريكاتور المهزلي الذي أهدر المال العام حبرا وإذاعة وشاشة لنسجه حول التعاضد وردا على وقفة التجني التي شطح بها أصحاب المآرب الخاصة الذين لم يعرفوا من قداسة الوطن غير خيرات تنهب وأمجاد سلطة تستغل وتستثمر أحاول تعداد ثمرات التجربة وما ظل منها قائما ومكث في الأرض ينفع الناس بعد أن ذهب الزبد جفاء.   1 – الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي: نعم كان من رحم التجربة التعاضدية ومن صنع منظرها هذه المؤسسة التي ستظل مفخرة حضارية لتونس من العمل الاجتماعي نسجت على منوالها دول سبقتنا في الاستقلال وفاقتنا موارد وأموالا.   2 – السدود: ما تم بناؤه منها وتشييده في تلك العشرية ما يزال قائما أساسيا في النهضة الزراعية التي ننعم بخيراتها اليوم.   3 – التعليـم: انتشرت في تلك العشرية خلايا التربية وعمت القرى والمداشر في السهول والجبال: مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية ومراكز التكوين بكثافة لم تعرفها البلاد وكانت حلما.   4 – الصحة: أصبح العلاج متاحا بالقدر اللازم لسكان الأرياف والبوادي ما كان منها قريبا وما كان نائيا بعد أن كان حكرا على أهل المدن وأطرافها وما أصعب نقل المريض ليصل إليها.   5 – التنظيم العائلي: لا تزال مراكزه من زمنها إلى يومنا هذا ملاذا للأم والطفل أينما كانت سكناهم.   العوامل التي حالت دون استمرارية التجربة وأجهضتها قبل وصولها لغاياتها:   I  – عوامل داخلية:   – تحالف الشرائح الاجتماعية والسياسية التي لمست في تقدم التجربة خطرا محدقا بامتيازات نهبتها من خيرات البلاد في فجر الاستقلال بدعوى وتعلة مجازاة المناضلين الذين حرروا البلاد وتمكنوا من الثراء الفاحش على حساب الكادحين من عامة المواطنين متضامنة مع بقايا بورجوازية قديمة مزيفة ولدت من رحم القوى الاستعمارية ولا ترضى بمكان لها متواضع مع أبناء الشعب.   – تنافس الفاعلين في المسرح السياسي الذي كان أحادي الممثل والمتفرج – وتحالفهم لإزاحة منظر التجربة وقائدها هذا الزعيم النقابي سليل جيل النضال الصادق الملتزم بالنزاهة والصدق والإخلاص – حبيب الكادحين الذي احتل بإشعاعه الموقع الثاني في الدولة بلا منازع وتعملق عليهم جميعا وحال دون تقدم أي منهم نحو مواقع الخلافة التي كانت مطمعا للكثير منهم أولئك وهؤلاء أفرزوا قوى مالية ووظيفية في مواقع المسؤوليات والنيابة ووصلوا إلى بداية التحكم في اقتصاد البلاد وكان لهم وزنهم، وكم من ثري إلى درجة الفحش لم يرث من أبيه غير اسمه ولم تعرف دروب العمل كد يمينه ولا عرق جبينه وإنّما ادعى في التحرير والنضال فضلا واقترب من الرئيس فنهل من حليب البقرة ما أراد واشتهى، وكم من متحمل للمسؤولية السياسية والإدارية في أعلى درجاتها ولم ينل من العلم غير ما قل وجف.   II – عوامل خارجية:   القوى الرأسمالية التي لم تواكب التجربة بعين الرضى ورأت في اعتمادها تحالفا ضمنيا مع المعسكر الشيوعي من دولة مستقلة حديثا ولها موقع جغرافي مؤثر حققت نموا مطردا لم يكن هذا قليلا على أمريكا.   فرنسا الدولة التي حافظت على حضور بارز بعد الاستقلال والتي كانت تحت ضغط المنافسة الأمريكية على مواقع النفوذ والاستغلال ويغذي حقدها في ذلك مأخذان:   – الأول من صلب التجربة تأميم أملاك المعمرين الفرنسيين ضياعا وعقارات ودمجها مباشرة في صلب النموذج التعاضدي.   – الثاني يكاد يكون مأخذا شخصيا على منظر التجربة التي أصبحت وسائل إعلامها تسميه وزير كل شيء. لم تنس فرنسا سهما أصابها به أحمد بن صالح أيام محنتها في ثورة التحرير الجزائرية عندما وفق بجهاد مرير – وتمكن من ضم الاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى عضوية الجامعة العالمية للنقابات الحرة واستصداره اللائحة التاريخية التي أقرت وكرست حق الجزائريين في تقرير مصيرهم وكانت كبرياءها أشلاء في أرض المستعمرات.   والخلاصة أن عهد التعاضد كان عهد نخوة الاستقلال السياسي وكان بداية تأسيس متين لاستقلال اقتصادي؛ صحيح لقد كانت نفوسنا تنقبض في الصباح الباكر – وقدر الكادحين الابكار – من حلاقة الذقن بشفرة سنبلة الوطنية التي أطردت «جيلات» الفرنسية ولكن هذه النفوس كانت تنشرح ونحن نجلس لمائدة الطعام وعليها – وفي كل البيوت – سمك أو لحم ضأن أو بقر بثمن كنا نقدر عليه جميعا.   واليوم، وتونس تنعم بأمن شامل واستقرار إيجابي في ظل حكمها الرشيد ورخاء سياسي يذكر فيشكر خاصة إذا ما قورن بأمثالها وتمتاز على جلها بطاقات بشرية خلاقة نحسد عليها، ماذا لو التفتنا إلى تركة عهد التعاضد  – وأكرم به من تركة – لحصرها وتأملها بلا تجنّي وفي صحوة موضوعية صادقة لنأخذ منها ما كان بالتجربة الصحيحة نافعا للبلاد وشعبها: بأملاك الدولة – وهي في الأصل أملاك المجموعة الوطنية بالتساوي تصلح اليوم لتحويلها إلى وحدات انتاج وخلايا عمل تسند بكراس شروط ميسر ماديا لشباب تخرج من الجامعة بمؤهلات عليا ولم نقدر على أن نوفر له مواطن شغل ولا مصادر عيش أرى في هذا آفاقا واعدة والله والوطن من وراء القصد.   (*) مربي     (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 24 أوت 2008 )

البعثيون التونسيون في صفحات الذاكرة الوطنية

بقلم: محمد ضيف الله(*)   تحت إشراف د.عبد الجليل التميمي صدر في الايام الاخيرة من شهر جويلية الماضي، الجزء الثاني من الكتاب المعنون: سيمنارات الذاكرة الوطنية وتاريخ الزمن الحاضر (420 ص). وكما يدل على ذلك العنوان فهذا الكتاب يضم عددا من نصوص اللقاءات التي نظمتها مؤسسة التميمي في إطار المشروع الذي تشتغل عليه منذ سنوات  والذي يستهدف جمع الشهادات الشفوية حول تاريخنا القريب سواء لما يهم الحركة الوطنية أو الدولة الوطنية بعد ذلك. ونتبين من خلال التقديم الذي حرره الاستاذ التميمي أن 77 نصا من تلك اللقاءات قد نشرت حتى اليوم، وهو ما يشكل رصيدا هاما لدراسة فترة مازالت أرشيفاتها غير متاحة. كما تجدر الاشارة إلى أن أهمية تلك اللقاءات تكمن في فتحها أمام شخصيات وتيارات وتوجهات مختلفة، بما يساهم “في دمقرطة مصادر البحث التاريخي” حسب تعبير الاستاذ التميمي.    يضم هذا الكتاب 12 نصا وقع تبويبها ضمن ثلاثة محاور. أولها سياسي حيث اندرجت ضمنه شهادات السادة: عبد الحميد بن مصطفى القيادي السابق في الحزب الشيوعي التونسي، والطاهر قاسم أحد الفاعلين في الستينات والمتحمسين للتجربة التعاضدية، والحبيب نويرة شقيق الوزير الاول السابق الهادي نويرة والذي عمل سفيرا في عدد من البلدان العربية. أما المحور الثاني فهو فني وثقافي، وتندرج ضمنه خمسة حصص لمناقشة الشريط الوثائقي الذي بثته قناة العربية في السنة الفارطة والمعنون “زمن بورقيبة”، وقد شارك في هذا الحوار سياسيون ومثقفون وباحثون من مشارب مختلفة. كما تندرج ضمن هذا المحور أيضا شهادة كل من الموسيقار الكبير صالح المهدي والسيد الحبيب بوغرارة المغرم بجمع التراث الموسيقي التونسي. أما المحور الاخير والذي يشكل  ـ حسب رأينا- الجزء الاهم من هذا الكتاب فقد خصص للبعثيين في تونس، ويمتد على حوالي 150 صفحة، وهو يضم نصوص أربعة لقاءات مع قيادات بعثية تونسية تنتمي إلى أجيال مختلفة من الستينات إلى أواخر الثمانينات. وقد كشفت هذه اللقاءات على جوانب معتمة من تاريخ حزب أو حركة البعث في تونس، بما يفيد في التعرف على اشتغال مثل هذه التنظيمات السرية، سواء ما يهم رؤاها وتحركاتها وتعاملها مع الاخرين في السلطة أو في المعارضة بمختلف توجهاتها.    ضم اللقاء الاول كلا من السيدين علي شلفوح وبلقاسم الشابي وهما من الذين نشطوا خاصة في الستينات، وخصص اللقاء الثاني للسيد مسعود الشابي الذي وصل إلى عضوية القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، تماما مثل السيد محمد الصالح الهرماسي بالنسبة لحزب البعث في سوريا والذي خصص له اللقاء الثالث. أما اللقاء الرابع فقد اشترك فيه كل من السيدين عفيف البوني وخير الدين الصوابني وهما من الفاعلين في الحركة البعثية في الثمانينات.    من خلال هذه اللقاءات يتبين أن الفكرة البعثية نفذت إلى تونس منذ ما قبل الاستقلال، مع عدد من الطلبة التونسيين الذين درسوا بالمشرق العربي وخاصة في العراق، وتخرجوا من جامعاته ومن أبرزهم الاديب أبو القاسم محمد كرو الذي أصدر في الخمسينات سلسلة “كتاب البعث” التي تحيل كما هو واضح إلى الفكرة البعثية. أما جيل الستينات فقد شقته الخلافات التي شقت حزب البعث في المشرق، وانتهى به المطاف في أواخر تلك العشرية إلى محكمة أمن الدولة. والحقيقة أن أغلب تلك الشهادات تطفح بالتشكي من المضايقات التي تعرض لها البعثيون في عهد بورقيبة، إلا أن الحقيقة أن المحاكمة التي جرت في فيفري 1969 كانت الاولى والاخيرة للبعثيين التونسيين وقد شملت ما مجموعه 31 متهما من بينهم 13 من آل الشابي، وهي بكل المقاييس دون المحاكمات السياسية التي جرت لتيارات أخرى مزامنة لها مثل مجموعة برسبكيتيف أو لاحقة مثل العامل التونسي أو نقابيي 26 جانفي أو الاسلاميين… وتجدر الاشارة إلى أن من أبرز الوجوه البعثية التي حوكمت آنذاك والتي ستبرز فيما بعد نجد السادة أحمد نجيب الشابي والمنصف الشابي ومسعود الشابي وغيرهم.    كما ترددت في هذه اللقاءات مسألة عمر السحيمي الذي كان مندسا في الحزب الاشتراكي الدستوري وينتمي إلى التنظيم البعثي، وقد تم الكشف عنه غداة أحداث مارس 1968 وحوكم غيابيا، إلا أنه اغتيل في بيروت سنة 1971، وتلتقي الشهادات حول اتهام أحد الاطراف البعثية في الضلوع في ذلك. وفي غضون شهادته أشار السيد عفيف البوني إلى ما سماه “بالوفاة الفجئية والغامضة للاستاذ الصادق الهيشري” القيادي البعثي سنة 1984 (ص 346).    كما احتوى الكتاب شهادة السيد مسعود الشابي، الذي يعتبر من أبرز القيادات البعثية التونسية، سواء لما يمتاز به من فكر استراتيجي أو للمكانة التي حظي بها ضمن قيادة حزب البعث في العراق حتى سنة 1973، وربما أهم ما قاله بهذا الصدد إن انتماءه إلى ذلك الحزب لم يضف له شيئا جديدا “خاصة وأن انتمائي إلى العائلة الشابية جعل الايمان بالعروبية أمرا موروثا” (ص 284)، وقد تحدث عن تقدير صدام حسين له ولافكاره “التي كثيرا ما يأخذها بعين الاعتبار” (ص 296). وعلى أية حال فقد ركز في شهادته ليس على نشاطه بالمشرق وإنما على النشاط الاعلامي والثقافي للبعثيين في العاصمة الفرنسية باريس في الفترة بين 1973 و1987. وقد أمكن له شخصيا بعث إذاعة وإصدار جريدة سميت “طريق الحرية”. وقد شعر بالحرج الشديد عندما وجه له سؤال حول تمويل تلك الانشطة، مكتفيا بالقول “فنضالنا لم يكن من أجل المال، لاننا لا نحب الاموال من منطلق الاقتناع بأنها تفسد الضمائر” (ص 297).    أما شهادة السيد محمد الصالح الهرماسي، فقد ألقت الاضواء على جوانب أخرى من تجربته في حزب البعث منذ انتمائه إليه وهو طالب بالجامعة اللبنانية، ووصولا إلى دخوله القيادة القومية لحزب البعث السوري سنة 1980. وقد ركز السيد الهرماسي على نشاطه السري في المعاهد الثانوية التونسية ومن بينها معهد طريق العين بمدينة صفاقس، وما كان له هناك من تأثير كبير على عدد هام من تلاميذه ممن سيبرزون فيما بعد على الساحة الوطنية ومن بينهم سمير المزغني وغيره.    إلا أن أكثر الشهادات جاذبية وأدقها هي تلك التي التقى فيها كل من السيدين عفيف البوني وخير الدين الصوابني القياديين في “حركة البعث”، وهي حزب قد تأسس في تونس سنة 1988 غير أنه لم يعمر طويلا، حيث كان الاعلان عنه مثار خلاف في صفوف البعثيين أنفسهم بين من اختار العمل العلني ومن يتمسك بالسرية، وهكذا لم يقدر له أن يستمر طويلا بعد وفاة مؤسسه فوزي السنوسي. ومن الطريف أن شهادة البوني والصوابني، عكست حوارا بينهما تحول إلى سجال في بعض المفاصل وحول بعض التفاصيل، وهو ما يعطي لهذه الشهادة نكهة خاصة. وتكتسي شهادة السيد الصوابني خاصة أهمية كبيرة لما تميزت به من تفاصيل وتدقيقات لا شك أنها مفيدة للباحث في شؤون التنظيمات السرية، وكيفية اشتغالها.    وفي المحصلة فقد اتصف النشاط البعثي في تونس منذ الستينات بالنخبوية والسرية، ورغم -أو بسبب- ذلك، فقد تمكن بعض البعثيين من فرض وجوههم -دون توجهاتهم- على الساحة الثقافية والادبية والنقابية وحتى السياسية، وهو مبحث من الاهمية بحيث أنه يستحق التقصي والدراسة المعمقة. وهذه الفكرة هي أهم ما توحي به هذه الشهادات التي جمعت بين دفتي هذا الكتاب الهام.   ــــــــــــــــ   (*) مؤرخ وجامعي   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 24 أوت 2008)  

السبيل أونلاين نت   بسم الله الرحمان الرحيـــم  

المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح – الحلقة الثامنة عتاب من الله لرسوله لإرساء الميزان الرباني في التقويم

   

كان الاعتراض الرئيسي عما نشرته ولا زلت أنه كان علنيا، في موضوعات الأصل فيها – حسب رأي إخواني المعترضين – أنها خاصة بحركة النهضة وأبنائها. وكان ردي دائما أن حركة النهضة تَحمّلت أمانة إحياء المشروع الإسلامي ، وهذه قضية عامة وليست خاصة ولا حزبية ، وتحويلها إلى قضية حزبية أو خاصة بفئة ، هو انحراف خطير على المشروع الإسلامي ، يتحول به من كونه هو غاية وجود الحركة ، وكون الحركة وسيلة لخدمته ، إلى كونه وسيلة لخدمة الحركة . وهذا ما انزلقت إليه حركة النهضة ، الأمر الذي أصبح يقتضي التوبة والتصحيح كما بينته في الحلقة الثامنة من حلقات “حتى لا يشوش على واجبي الشرعي” .   إنه لم يعد لنا مناص بعد كل التطورات والمنزلقات الحاصلة إلا الرجوع إلى هذا الأصل (العمل في العلن ومع الجمهور المسلم التونسي). ورغم أن هذا هو في أصله بديهي ، ومن طبيعة الدعوة ورسالة الله إلى عباده ، فإن ما اعتراه من تلبيس خطير جعل الاعتراض على ما كتبته على الملأ شديدا من العديد من إخواننا، الأمر الذي أصبح يفرض بيان هذه البديهية وتأصيلها من خلال قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم . وهذا هو هدف هذه السلسلة من الحلقات تحت عنوان “المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح”.    وقد تقدمت الحلقة الأولى التمهيدية من هذه السلسلة في ركائز هذا المنهج ، والحلقة الثانية منها في  قراءة وتقويم القرآن لغزوة بدر، والحلقة الثالثة في قراءة وتقويم القرآن لابتلاء غزوة أحد ، ذات الدلالات الكبيرة على ما حدث وما مر بنا ، والحلقة الرابعة في قراءة وتقويم القرآن لحادثة الإفك ، والحلقة الخامسة في قراءة وتقويم القرآن لابتلاء وغزوة الأحزاب ، والحلقة السادسة في تقويم القرآن  لتطلع نساء النبي إلى متاع الدنيا وتخييرهن، والحلقة السابعة في تكليف النبي صلى الله عليه وسلم بإبطال عادة العرب بتحريم مطلقة الابن بالتبني عمليا بتطبيقه على نفسه . هذا وألفت الانتباه إلى أن التقويم الذي قدمتُه ولازلتُ لا يتعلق بالأفراد ولكن بحركة النهضة ككيان جماعي يُعرف من خلال خططه وبرامجه وسياساته ومواقفه وأعماله وبياناته وتصريحاته..   ونحن الآن بصدد الحلقة الثامنة التي ستتناول عتاب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في حادثة ابن أم مكتوم كما سجلته سورة عبس . وسيكون ذلك في الفقرات التالية:   الحدث كما سجله القرآن :   قال تعالى : {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)  أَن جَاءهُ الْأَعْمَى (2)  وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)  أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى (4)  أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5)  فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى (6)  وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)  وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى (8)  وَهُوَ يَخْشَى (9)  فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)  كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)  فَمَن شَاء ذَكَرَهُ (12)  فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13)  مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (14)  بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)  كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)} (سورة عبس)   هذا المقطع من الآيات هو توجيه نزل بشأن حادث ابن أم مكتوم، وهو توجيه عظيم جدا ، أعظم بكثير مما يبدو لأول وهلة رغم أنه يرد  تعقيبا على حادث فردي .   والحقيقة التي تضمنها هذا التوجيه ليست هي مجرد: كيف يعامل فرد من الناس ؟ أو كيف يعامل صنف من الناس؟ كما هو المعنى القريب للحادث وللتعقيب . إنما هي أبعد من هذا جدا , وأعظم من هذا جدا . إنها:كيف يزن الناس كل أمور الحياة ؟ ومن أين يستمدون القيم التي يزنون بها ويقدرون ؟   الحقيقة التي استهدف هذا التوجيه إقرارها هي:أن يستمد الناس في الأرض قيمهم وموازينهم من اعتبارات سماوية إلهية بحتة , آتية لهم من السماء , غير مقيدة بملابسات أرضهم , ولا بمواضعات حياتهم , ولا نابعة من تصوراتهم المقيدة بهذه المواضعات وتلك الملابسات .   ندرك عظمة هذا الأمر وعسره حين ندرك ضخامة الواقع البشري , وثقله على المشاعر , وضغطه على النفوس , وصعوبة التخلي عن الملابسات والضغوط الناشئة من الحياة الواقعية للناس , المنبثقة من أحوال معاشهم , وارتباطات حياتهم , وموروثات بيئتهم , ورواسب تاريخهم , وسائر الظروف الأخرى التي تشدهم إلى الأرض شدا, وتزيد من ضغط موازينها وقيمها وتصوراتها على النفوس .   كذلك ندرك عظمة هذا الأمر وعسره حين ندرك أن نفس محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قد احتاجت – كي تبلغه – إلى هذا التوجيه من ربه ; بل إلى هذا العتاب الشديد , الذي يبلغ حد التعجيب من تصرفه !   ميزان التقويم : (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)   إن الميزان الذي أنزله الله للناس مع الرسل , ليقوّموا به القيم كلها , هو: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). . هذه هي القيمة الوحيدة التي يرجح بها وزن الناس أو يشيل ! وهي قيمة سماوية بحتة , لا علاقة لها بمواضعات الأرض وملابساتها إطلاقا . .   ولكن الناس يعيشون في الأرض , ويرتبطون فيما بينهم بارتباطات شتى ; كلها ذات وزن وذات ثقل وذات جاذبية في حياتهم . وهم يتعاملون بقيم أخرى . . فيها النسب , وفيها القوة , وفيها المال . وفيها ما ينشأ عن توزيع هذه القيم من ارتباطات عملية . . اقتصادية وغير اقتصادية . . تتفاوت فيها أوضاع الناس بعضهم بالنسبة لبعض . فيصبح بعضهم أرجح من بعض في موازين الأرض . .   ثم يجيء الإسلام ليقول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). . فيضرب صفحا عن كل تلك القيم الثقيلة الوزن في حياة الناس , العنيفة الضغط على مشاعرهم , الشديدة الجاذبية إلى الأرض . ويبدل من هذا كله تلك القيمة الجديدة المستمدة مباشرة من السماء , المعترف بها وحدها في ميزان السماء !   جاء حادث ابن أم مكتوم لتقرير هذا الميزان :   ثم يجيء هذا الحادث لتقرير هذه القيمة في مناسبة واقعية محددة . وليقرر معها المبدأ الأساسي: وهو أن الميزان ميزان السماء , والقيمة قيمة السماء . وأن على الأمة المسلمة أن تدع كل ما تعارف عليه الناس , وكل ما ينبثق من علاقات الأرض من قيم وتصورات وموازين واعتبارات , لتستمد القيم من السماء وحدها وتزنها بميزان السماء وحده !   ويجيء الرجل الأعمى الفقير . . ابن أم مكتوم . . إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشغول بأمر النفر من سادة قريش . عتبة وشيبة ابني ربيعة , وأبي جهل عمرو بن هشام , وأمية بن خلف , والوليد بن المغيرة , ومعهم العباس بن عبد المطلب . . والرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الإسلام ; ويرجو بإسلامهم خيرا للإسلام في عسرته وشدته التي كان فيها بمكة ; وهؤلاء النفر يقفون في طريقه بمالهم وجاههم وقوتهم ; ويصدون الناس عنه , ويكيدون له كيدا شديدا حتى ليجمدوه في مكة تجميدا ظاهرا . بينما يقف الآخرون خارج مكة , لا يقبلون على الدعوة التي يقف لها أقرب الناس إلى صاحبها , وأشدهم عصبية له , في بيئة جاهلية قبلية , تجعل لموقف القبيلة كل قيمة وكل اعتبار .   يجيء هذا الرجل الأعمى الفقير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشغول بأمر هؤلاء النفر . لا لنفسه ولا لمصلحته , ولكن للإسلام ولمصلحة الإسلام . فلو أسلم هؤلاء لانزاحت العقبات العنيفة والأشواك الحادة من طريق الدعوة في مكة ; ولانساح بعد ذلك الإسلام فيما حولها , بعد إسلام هؤلاء الصناديد الكبار . .   يجيء هذا الرجل , فيقول لرسول اللهصلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله . . ويكرر هذا وهو يعلم تشاغل الرسول صلى الله عليه وسلم بما هو فيه من الأمر . فيكره الرسول قطعه لكلامه واهتمامه . وتظهر الكراهية في وجهه – الذي لا يراه الرجل – فيعبس ويعرض . يعرض عن الرجل المفرد الفقير الذي يعطله عن الأمر الخطير . الأمر الذي يرجو من ورائه لدعوته ولدينه الشيء الكثير ; والذي تدفعه إليه رغبته في نصرة دينه , وإخلاصه لأمر دعوته , وحبه لمصلحة الإسلام , وحرصه على انتشاره !   نزول العتاب الرباني   وهنا تتدخل السماء . تتدخل لتقول كلمة الفصل في هذا الأمر ; ولتضع معالم الطريق كله , ولتقرر الميزان الذي توزن فيه القيم – بغض النظر عن جميع الملابسات والاعتبارات . بما في ذلك اعتبار مصلحة الدعوة كما يراها البشر . بل كما يراها سيد البشرصلى الله عليه وسلم .   وهنا يجيء العتاب من الله العلي الأعلى لنبيه الكريم , صاحب الخلق العظيم , في أسلوب عنيف شديد . وللمرة الوحيدة في القرآن كله يقال للرسول الحبيب القريب:(كلا !)وهي كلمة ردع وزجر في الخطاب ! ذلك أنه الأمر العظيم الذي يقوم عليه هذا الدين !   والأسلوب الذي تولى به القرآن هذا العتاب الإلهي أسلوب فريد , لا تمكن ترجمته في لغة الكتابة البشرية . فلغة الكتابة لها قيود وأوضاع وتقاليد , تغض من حرارة هذه الموحيات في صورتها الحية المباشرة . وينفرد الأسلوب القرآني بالقدرة على عرضها في هذه الصورة في لمسات سريعة . وفي عبارات متقطعة . وفي تعبيرات كأنها انفعالات , ونبرات وسمات ولمحات حية !   (عبس وتولى . أن جاءه الأعمى). . بصيغة الحكاية عن أحد آخر غائب غير المخاطب ! وفي هذا الأسلوب إيحاء بأن الأمر موضوع الحديث من الكراهة عند الله بحيث لا يحب – سبحانه – أن يواجه به نبيه وحبيبه . عطفا عليه , ورحمة به , وإكراما له عن المواجهة بهذا الأمر الكريه !   ثم تعلو وترتفع نبرة العتاب:   ثم تعلو نبرة العتاب وتشتد لهجته ; وينتقل إلى التعجيب من ذلك الفعل محل العتاب:   (أما من استغنى , فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى ؟! وأما من جاءك يسعى وهو يخشى , فأنت عنه تلهى؟!) .    أما من أظهر الاستغناء عنك وعن دينك وعما عندك من الهدى والخير والنور والطهارة . . أما هذا فأنت تتصدى له وتحفل بأمره , وتجهد لهدايته , وتتعرض له وهو عنك معرض ! (وما عليك ألا يزكى ؟). . وما يضيرك أن يظل في رجسه ودنسه ؟ وأنت لا تسأل عن ذنبه . وأنت لا تنصر به . وأنت لا تقوم بأمره . .(وأما من جاءك يسعى) طائعا مختارا ,(وهو يخشى) ويتوقى (فأنت عنه تلهى !). . ويسمى الانشغال عن الرجل المؤمن الراغب في الخير التقي تلهيا . . وهو وصف شديد . .   ثم ترتفع نبرة العتاب حتى لتبلغ حد الردع والزجر: (كلا !). . لا يكن ذلك أبدا . . وهو خطاب يسترعي النظر في هذا المقام .   كرامة الدعوة وعظمتها ورفعتها واستغناءها عن كل أحد :   ثم يبين حقيقة هذه الدعوة وكرامتها وعظمتها ورفعتها , واستغناءها عن كل أحد . وعن كل سند وعنايتها فقط بمن يريدها لذاتها , كائنا ما كان وضعه ووزنه في موازين الدنيا: (إنها تذكرة . فمن شاء ذكره . في صحف مكرمة . مرفوعة مطهرة . بأيدي سفرة . كرام بررة .). . فهي كريمة في كل اعتبار . كريمة في صحفها , المرفوعة المطهرة الموكل بها السفراء من الملأ الأعلى ينقلونها إلى المختارين في الأرض ليبلغوها . وهم كذلك كرام بررة، فهي كريمة طاهرة في كل ما يتعلق بها , وما يمسها من قريب أو من بعيد . وهي عزيزة لا يتصدى بها للمعرضين الذين يظهرون الاستغناء عنها ; فهي فقط لمن يعرف كرامتها ويطلب التطهر بها . .   هذا هو الميزان . ميزان الله . الميزان الذي توزن به القيم والاعتبارات , ويقدر به الناس والأوضاع . . وهذه هي الكلمة . كلمة الله . الكلمة التي ينتهي إليها كل قول , وكل حكم , وكل فصل .   وأين هذا ؟ ومتى ؟ في مكة , والدعوة مطاردة , والمسلمون قلة . والتصدي للكبراء لا ينبعث من مصلحة ذاتية ; والانشغال عن الأعمى الفقير لا ينبعث من اعتبار شخصي . إنما هي الدعوة أولا وأخيرا . ولكن الدعوة إنما هي هذا الميزان , وإنما هي هذه القيم , وقد جاءت لتقرر هذا الميزان وهذه القيم في حياة البشر . فهي لا تعز ولا تقوى ولا تنصر إلا بإقرار هذا الميزان وهذه القيم . .   الأكرم عند الله هو الذي يستحق الرعاية والاهتمام والاحتفال ولو تجرد من كل القيم الأخرى :   ثم إن الأمر – كما تقدم – أعظم وأشمل من هذا الحادث المفرد , ومن موضوعه المباشر . إنما هو أن يتلقى الناس الموازين والقيم من السماء لا من الأرض , ومن الاعتبارات السماوية لا من الاعتبارات الأرضية . . (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). . والأكرم عند الله هو الذي يستحق الرعاية والاهتمام والاحتفال , ولو تجرد من كل المقومات والاعتبارات الأخرى , التي يتعارف عليها الناس تحت ضغط واقعهم الأرضي ومواضعاتهم الأرضية . النسب والقوة والمال . . وسائر القيم الأخرى , لا وزن لها حين تتعرى عن الإيمان والتقوى . والحالة الوحيدة التي يصح لها فيها وزن واعتبار هي حالة ما إذا أنفقت لحساب الإيمان والتقوى .   هذه هي الحقيقة الكبيرة التي استهدف التوجيه الإلهي إقرارها في هذه المناسبة , على طريقة القرآن في اتخاذ الحادث المفرد والمناسبة المحدودة , وسيلة لإقرار الحقيقة المطلقة والمنهج المطرد .   إعلان هذا العتاب على الملأ هو من أمر الإسلام العظيم :   ولقد انفعلت نفس الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا التوجيه , ولذلك العتاب . انفعلت بقوة وحرارة , واندفعت إلى إقرار هذه الحقيقة في حياته كلها , وفي حياة الجماعة المسلمة . بوصفها هي حقيقة الإسلام الأولى .   وكانت الحركة الأولى له صلى الله عليه وسلم هي إعلان ما نزل له من التوجيه والعتاب في الحادث . وهذا الإعلان أمر عظيم رائع حقا . أمر لا يقوى عليه إلا رسول , من أي جانب نظرنا إليه في حينه .   نعم لا يقوى إلا رسول على أن يعلن للناس أنه عوتب هذا العتاب الشديد , بهذه الصورة الفريدة في خطإ أتاه ! وكان يكفي لأي عظيم – غير الرسول – أن يعرف هذا الخطأ وأن يتلافاه في المستقبل . ولكنها النبوة . أمر آخر . وآفاق أخرى !   لا يقوى إلا رسول على أن يقذف بهذا الأمر هكذا في وجوه كبراء قريش في مثل تلك الظروف التي كانت فيها الدعوة , مع أمثال هؤلاء المستعزين بنسبهم وجاههم ومالهم وقوتهم , في بيئة لا مكان فيها لغير هذه الاعتبارات , إلى حد أن يقال فيها عن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم: (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم !). . وهذا نسبه فيهم , لمجرد أنه هو شخصيا لم تكن له رياسة فيهم قبل الرسالة !   ثم إنه لا يكون مثل هذا الأمر في مثل هذه البيئة إلا من وحي السماء . فما يمكن أن ينبثق هذا من الأرض . . ومن هذه الأرض بذاتها في ذلك الزمان !!   وهي قوة السماء التي دفعت مثل هذا الأمر في طريقه ; فإذا هو ينفذ من خلال نفس النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيئة من حوله ; فيتقرر فيها بعمق وقوة واندفاع , يطرد به أزمانا طويلة في حياة الأمة المسلمة .   إنه ميلاد لميزان جديد في البشرية :   لقد كان ميلادا جديدا للبشرية كميلاد الإنسان في طبيعته . وأعظم منه خطرا في قيمته . . أن ينطلق الإنسان حقيقة – شعورا وواقعا – من كل القيم المتعارف عليها في الأرض , إلى قيم أخرى تتنزل له من السماء منفصلة منعزلة عن كل ما في الأرض من قيم وموازين وتصورات واعتبارات وملابسات عملية , وارتباطات واقعية ذات ضغط وثقل , ووشائج متلبسة باللحم والدم والأعصاب والمشاعر . ثم أن تصبح القيم الجديدة مفهومة من الجميع , مسلما بها من الجميع . وأن يستحيل الأمر العظيم الذي احتاجت نفس محمد صلى الله عليه وسلم كي تبلغه إلى التنبيه والتوجيه , أن يستحيل هذا الأمر العظيم بديهية الضمير المسلم , وشريعة المجتمع المسلم , وحقيقة الحياة الأولى في المجتمع الإسلامي لآماد طويلة في حياة المسلمين .   ومنذ ذلك الميلاد سادت القيم التي صاحبت ذلك الحادث الكوني العظيم . . ولكن المسألة لم تكن هينة ولا يسيرة في البيئة العربية , ولا في المسلمين أنفسهم . . غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد استطاع – بإرادة الله , وبتصرفاته هو وتوجيهاته المنبعثة من حرارة انفعاله بالتوجيه القرآني الثابت – أن يزرع هذه الحقيقة في الضمائر وفي الحياة ; وأن يحرسها ويرعاها , حتى تتأصل جذورها , وتمتد فروعها , وتظلل حياة الجماعة المسلمة قرونا طويلة . . على الرغم من جميع عوامل الانتكاس الأخرى . .   كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا الحادث يهش لابن أم مكتوم ويرعاه ; ويقول له كلما لقيه:” أهلا بمن عاتبني فيه ربي ” وقد استخلفه مرتين بعد الهجرة على المدينة . .   ولكي يحطم موازين البيئة وقيمها المنبثقة من اعتبار الأرض ومواضعاتها , زوّج بنت خالته زينب بنت جحش الأسدية , لمولاه زيد بن حارثة . ومسألة الزواج والمصاهرة مسألة حساسة شديدة الحساسية . وفي البيئة العربية بصفة خاصة .   وقبل ذلك حينما آخى بين المسلمين في أول الهجرة , جعل عمه حمزة ومولاه زيدا أخوين . وجعل خالد بن رويحة الخثعمي وبلال بن رباح أخوين !   وبعث زيدا أميرا في غزوة مؤتة , وجعله الأمير الأول , يليه جعفر بن أبي طالب , ثم عبد الله بن رواحة الأنصاري , على ثلاثة آلاف من المهاجرين والأنصار , فيهم خالد بن الوليد .   وكان آخر عمل من أعماله صلى الله عليه وسلم أن أمر أسامة بن زيد على جيش لغزو الروم , يضم كثرة من المهاجرين والأنصار , فيهم أبو بكر وعمر وزيراه , وصاحباه , والخليفتان بعده بإجماع المسلمين . وفيهم سعد بن أبي وقاص قريبه صلى الله عليه وسلم ومن أسبق قريش إلى الإسلام .   وقد تململ بعض الناس من إمارة أسامة وهو حدث , فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل . وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة , وإن كان لمن أحب الناس إلي . وإن هذا لمن أحب الناس إلي .   ولما لغطت ألسنة بشأن سلمان الفارسي , وتحدثوا عن الفارسية والعربية , بحكم إيحاءات القومية الضيقة , ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربته الحاسمة في هذا الأمر فقال:” سلمان منا أهل البيت ” فتجاوز به – بقيم السماء وميزانها – كل آفاق النسب الذي يستعزون به , وكل حدود القومية الضيقة التي يتحمسون لها . . وجعله من أهل البيت رأسا !   ولما وقع بين أبي ذر الغفاري وبلال بن رباح – رضي الله عنهما – ما أفلت معه لسان أبي ذر بكلمة “يا بن السوداء” . . غضب لها رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ; وألقاها في وجه أبي ذر عنيفة مخيفة: (يا أبا ذر طف الصاع ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل) .   ووصلت الكلمة النبوية بحرارتها إلى قلب أبي ذر ; فانفعل لها أشد الانفعال , ووضع جبهته على الأرض يقسم ألا يرفعها حتى يطأها بلال . تكفيرا عن قولته الكبيرة !   بذلك التوجيه الإلهي وبهذا الهدي النبوي كان الميلاد للبشرية على هذا النحو الفريد . ونشأ المجتمع الرباني الذي يتلقى قيمه وموازينه من السماء , طليقا من قيود الأرض , بينما هو يعيش على الأرض . . وهذا من معجزة الإسلام .   استمرار هذا الميزان الرباني مع الخلفاء الراشدين:   وكان من تدبير الله لهذا الأمر أن يليه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبه الأول أبو بكر , وصاحبه الثاني عمر . . أقرب اثنين لإدراك طبيعة هذا الأمر , وأشد اثنين انطباعا بهدي رسول الله , وأعمق اثنين حبا لرسول الله, وحرصا على تتبع مواضع حبه ومواقع خطاه .   حفظ أبو بكر – رضي الله عنه – عن صاحبه صلى الله عليه وسلم ما أراده في أمر أسامة . فكان أول عمل له بعد توليه الخلافة هو إنفاذه بعث أسامة , على رأس الجيش الذي أعده رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار يودعه بنفسه إلى ظاهر المدينة . أسامة راكب وأبو بكر الخليفة راجل . فيستحيي أسامة الفتى الحدث أن يركب والخليفة الشيخ يمشي . فيقول:” يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن ” . . فيقسم الخليفة:” والله لا تنزل . ووالله لا أركب . وما عليّ أن أغبّر قدميّ في سبيل الله ساعة ؟ ” . .   ثم يرى أبو بكر أنه في حاجة إلى عمر، وقد حمّل عبء الخلافة الثقيل، ولكن عمر إنما هو جنديّ في جيش أسامة، وأسامة هو الأمير ، فلا بد من استئذانه فيه . فإذا الخليفة يقول:” إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل ” . . يالله ! إن رأيت أن تعينني فافعل . . إنها آفاق عوال , لا يرقى إليها الناس إلا بإرادة الله , على يدي رسول من عند الله !   ويقف بباب عمر سهيل بن عمرو بن الحارث بن هشام , وأبو سفيان بن حرب , وجماعة من كبراء قريش من الطلقاء ! فيأذن قبلهم لصهيب وبلال ، لأنهما كانا من السابقين إلى الإسلام ومن أهل بدر ، فغضب أبو سفيان , ويقول بانفعال الجاهلية:”لم أر كاليوم قط ، يأذن لهؤلاء العبيد ويتركنا على بابه ! ” . . فيقول له صاحبه – وقد استقرت في حسه حقيقة الإسلام:”أيها القوم ، إني والله أرى الذي في وجوهكم . إن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم ، دعيَ القوم إلى الإسلام ودعيتم ، فأسرعوا وأبطأتم ، فكيف بكم إذا دعوا يوم القيامة وترِكتم ؟ ” .   ويرسل عمر عمارا ليحاسب خالد بن الوليد – القائد المظفر صاحب النسب العريق – فيقيده بردائه . . وخالد لا يرى في هذاكله بأسا ، فإنما هو عمار صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم السابق إلى الإسلام الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال !   وعمر هو الذي يقول عن أبي بكر – رضي الله عنهما – هو سيدنا وأعتق سيدنا ، يعني بلالا ، الذي كان مملوكا لأمية بن خلف ، وكان يعذبه عذابا شديدا ، حتى اشتراه منه أبو بكر وأعتقه .   وعمر هو الذي قال:” لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته” يقول هذا , وهو لم يستخلف عثمان ولا عليا , ولا طلحة ولا الزبير . . إنما جعل الشورى في الستة بعده ولم يستخلف أحدا بذاته !   واستقرت هذه الحقيقة في المجتمع الإسلامي , وظلت مستقرة بعد ذلك آمادا طويلة على الرغم من عوامل الانتكاس الكثيرة . “وقد كان عبد الله بن عباس يُذكر ويُذكر معه مولاه عكرمة . وكان عبد الله ابن عمر يذكر ويذكر معه مولاه نافع . وأنس بن مالك ومعه مولاه ابن سيرين . وأبو هريرة ومعه مولاه عبد الرحمن بن هرمز . وفي البصرة كان الحسن البصري . وفي مكة كان مجاهد بن جبر , وعطاء بن رباح , وطاووس بن كيسان هم الفقهاء . وفي مصر تولى الفتيا يزيد بن أبي حبيب في أيام عمر بن عبد العزيز وهو مولى أسود من دنقلة ” . .   وظل ميزان السماء يرجُح بأهل التقوى ولو تجردوا من قيم الأرض كلها . . وفي اعتبار أنفسهم وفي اعتبار الناس من حولهم . ولم يرفع هذا الميزان من الأرض إلا قريبا جدا بعد أن طغت المادية طغيانا شاملا في أنحاء الأرض جميعا . وأصبح الرجل يُقوّم برصيده من المال والثروة . (في ظلال القرآن بتصرف)   بقلم محمد شمام    العنوان البريدي : mohacham@gawab.com الهاتف النقال : 0046736309986   وإلى الحلقة القادمة إن شاء الله

محامو الرئيس التشادي السابق يطالبون بمحاكمة القذافي وديبي

 

اعتبر المحامون المدافعون عن رئيس تشاد السابق حسين حبري في السنغال أول أمس الجمعة، انه سيكون من غير المنصف محاكمته “وحده” والتغاضي عن الرئيس التشادي الحالي ادريس ديبي والزعيم الليبي معمر القذافي. وقال المحامي السنغالي الحاج ضيوف في مؤتمر صحافي بدكار “لماذا لا يحاكم كذلك ادريس ديبي؟ ومعمر القذافي؟”. وقال المحامي الفرنسي فرانسوا سير إن الدفاع سيسأل الاتحاد الافريقي لماذا أعطى السنغال “تفويضا بمحاكمة رجل واحد” هو حبري، وأضاف أن “محاكمة حبري وحده لن تؤدي إلى محاكمة عادلة، هذه الحرب دارت بين التشاديين أنفسهم (..) ثم تطورت إلى نزاع مسلح دولي بين تشاد برئاسة حبري وبلد أجنبي هو ليبيا بزعامة القذافي”. وكتب المحاميان في بيان “نعتبر من نافل القول إن حسين حبري وحده يجب أن يحاكم، سنرفع المسألة إلى الاتحاد الإفريقي”. وقال سير “لم يحدث في أي مكان في العالم أن فوضت منظمة دولية دولة بمحاكمة فرد، من المستغرب عدم تشكيل محكمة لتشاد كما حدث مع رواندا ويوغسلافيا”، وهاجم رئيس السنغال عبدالله واد مؤكدا انه الذي طلب من الاتحاد الإفريقي عام 2006 إعادة محاكمة حبري في السنغال”. واتهم الحاج ضيوف القذافي بحياكة مؤامرة ضد حبري، مؤكدا أن “ليبيا ترغب في محاكمة حبري لأنها هزمت وأهينت في تشاد”.    (أ.ف.ب) المصدرwww.alkhaleej.ae بتاريخ 24 اوت 2008

“مايوه المحجبات” يكسو شواطئ الجزائر
عبد الرحمن أبو رومي   مايوه المحجبات الجزائر – “مايوه المحجبات متوفر لدينا”.. بهذه اللافتة التي وضعها على مدخل متجره بوسط الجزائر العاصمة يلفت “رضا” بائع الملابس الرياضية أنظار الزبائن إلى توفر هذا الزي الذي نفد في متاجر أخرى بعد أن حققت مبيعاته أرقاما قياسية، على حد قوله. ووصل الإقبال على الزي الشرعي للمحجبات على البحر، أو ما يُطلق عليه “مايوه المحجبات”، إلى درجة فاقت كل التوقعات بعد شهر واحد من ظهوره في الأسواق، حيث تعدت أرقام مبيعاته أرقام مبيعات المايوهات العادية، بحسب عدد من الباعة. والزي المبتكر المستورد من تركيا وسوريا مصنوع من مادة لا تلتصق بالأجساد، وفي نفس الوقت فضفاض، بحيث يؤمن مرونة الحركة ولا يبرز مفاتن المرأة، ويتكون من قميص بأكمام طويلة وسروال وقبعة ملتصقة بالقميص. وعادة ما يباع بالمحلات المتخصصة في بيع الملابس الرياضية، التي أكد أصحابها أن الطلب على هذا الزي يتزايد بشكل يخالف كل التوقعات، على اعتبار أن أي منتج جديد يحتاج إلى كثير من الوقت للتعريف به. وفي هذا السياق قال البائع هشام خالد لـ”إسلام أون لاين” إن الكمية التي جلبها من أحد تجار الجملة المتخصصين في بيع الملابس الرياضية نفدت، الأمر الذي دفعه إلى طلب كمية أخرى ستأتيه بعد ثلاثة أيام. وعن دوافع إقبال النساء على (مايوه المحجبات) يقول هشام: “الأمر واضح جدا، فالكثير من النسوة يرفضن التعري على الشواطئ، ويفضلن قصد هذه الأماكن في مظهر محتشم”. “بحر النساء” أما محمد (بائع) فلا يرى أن مجرد ارتداء زي شرعي على الشاطئ يقي النساء شر التصرفات المسيئة المعروفة على الشواطئ، “فالنقطة الأساسية في الموضوع تكمن في الاختلاط مع الرجال، وهو ما يحرم الكثير من النساء من ارتياد الشواطئ”. والحل الأمثل في رأي محمد هو “إقامة شواطئ خاصة بالنساء لوقايتهن من شر السلوكيات والتعليقات المسيئة لهن”. ويبدو أن الجزائريات رفضن منذ فترة انتظار إعلان جهة ما عن تبني فكرة إقامة شواطئ خاصة بهن واخترن “شاطئ سفيان” الواقع ببلدية الحمامات غرب العاصمة ليكون شاطئهن المفضل، وهو ما بات يعرف بـ”بحر النساء”، حيث تفد إليه النساء من داخل وخارج العاصمة، حتى أصبح محظورا على الرجال. وطرحت صحيفة “النهار الجديد” الجزائرية في عددها الصادر الأحد مسألة إقامة شواطئ خاصة بالنساء على الداعية الجزائري الشيخ شمس الدين بوروبي لمعرفة وجهة نظر الشرع، فأفاد بأن “الشريعة الإسلامية لم تحرم السباحة على النساء، وإنما اشترطت ضوابط على النساء والرجال للالتزام بها، وإذا توفرت هذه الضوابط فلا حرج في أن تسبح المرأة”. وأضاف أن من الضوابط “ألا تكشف نفسها لغير محارمها، وألا تكشف عوراتها أمام النساء، كما يجب أن يكون المكان آمنا”. وفي ضوء تلك الضوابط خصص الكثيرون من الرجال شواطئ خاصة لهم بعيدا عن النساء، أشهرها شاطئ “الفار” الذي يقصده شباب متدين من العاصمة والولايات المجاورة لها. وتشهد الجزائر في السنوات الأخيرة موجة تدين واسعة من مختلف الأعمار، فسرها مختصون في الدراسات الاجتماعية بتأثرهن بالفضائيات الإسلامية.
المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 24 اوت 2008

خلال السبعة أشهر الأولى
الجزائر تسجل فائضا تجاريا بنحو 26 مليار دولار
سجلت الجزائر فائضا تجاريا بقيمة 895ر25 مليار دولار خلال السبعة الأشهر الأولى من السنة الجارية مقابل 728ر17 مليار دولار خلال نفس الفترة من سنة 2007 بزيادة قدرها 07ر46 في المائة حسب أرقام نقلتها واج أمس عن المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك. وبلغت الصادرات في الفترة الممتدة من جانفي إلى جويلية 472ر47 مليار دولار مقابل 187ر33 مليار خلال نفس الفترة من عام 2007 وهو ما يمثل زيادة نسبتها 04ر43 في المائة. أما الواردات فقد ارتفعت خلال السبعة اشهر الأولى إلى 577ر21 مليار دولار مقابل 459ر15 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة الفارطة بزيادة بلغت 57ر39 في المائة. ومثلت نسبة تغطية الصادرات للواردات خلال هذه الفترة 220 في المائة أي أن مداخيل الصادرات الجزائرية بإمكانها أن تغطي ماليا ضعف قيمة الواردات المستوردة من جانفي إلى جويلية. وبالرغم من الارتفاع الملحوظ في قيمة الواردات والتي نمت خلال هذه الفترة بنسبة 57ر39 في المائة إلى أن وتيرة نموها كانت أقل من وتيرة نمو الصادرات التي بلغت 04ر43 في المائة. ولم يطرأ على بنية الصادرات تغييرات كبيرة حيث مثلت صادرات المحروقات 49ر97 في المائة من القيمة الاجمالية لمجموع الصادرات في حين بقيت الصادرات خارج المحروقات هامشية حيث بلغت قيمة 193ر1 مليار دولار ممثلة بذلك 51ر2 في المائة فقط من القيمة الإجمالية لمجموع الصادرات خلال هذه الفترة. وتتمثل المنتوجات المصدرة خارج المحروقات خلال السبعة اشهر الأولى في مواد نصف مصنعة بقيمة 804 مليون دولار مقابل 528 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2007 بزيادة قدرها 27ر52 + في المائة تليها المنتوجات الخام بـ241 مليون دولار مقابل 87 مليون دولار بنسبة نمو وصلت01ر177 + في المائة. كما صدّرت الجزائر من جانفي إلى جويلية 2008 سلعا غذائية بقيمة 81 مليون دولار مقابل 52 مليون دولار بنسبة نمو تصل إلى 77ر55 + في المائة عن فترة العام الماضي و سلع تجهيزات صناعية بقيمة 46 مليون دولار مقابل 27 مليون دولار بارتفاع بلغ 37ر70 في المائة وأخيرا سلعا استهلاكية غير غذائية قدرت قيمتها بـ21 مليون دولار مقابل 18 مليون دولار بزيادة 67ر16 + في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وفي ما يتعلق بالواردات فقد أظهر تصنيفها وفق مجموعات مواد ارتفاعا في الاستيراد خاصة في مجموعة المواد الطاقوية وزيوت التشحيم ومجموعة السلع الغذائية. وتأتي مجموعة سلع التجهيز الصناعية في المقدمة حيث بلغت قيمة استيرادها خلال السبعة أشهر الأولى 168ر8 مليار دولار مقابقوات الجيش تقصف معاقل الإرهابيين في جيجل جوا

ل 394ر5 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2007 بزيادة 43ر51+ في المائة تليها مجموعة المواد نصف المصنعة بقيمة 297ر5 مليار دولار مقابل 236ر4 مليار دولار بارتفاع قدره 05ر25 + في المائة ثم السلع الغذائية بقيمة 507ر4 مليار دولار مقابل 684ر2 مليار دولار بنسبة نمو بلغت 91ر67 + في المائة. كما استوردت الجزائر سلعا استهلاكية خلال هذه الفترة بلغت قيمتها 419ر2 مليار دولار مقابل 187ر2 مليار خلال نفس الفترة من العام الماضي بارتفاع 61ر10 + في المائة ومنتوجات خام بقيمة 792 مليون دولار مقابل 730 مليون دولار بارتفاع 49ر8 + في المائة ومنتوجات طاقوية ومواد تشحيم بقيمة 302 مليون دولار مقابل 146 مليون دولار بارتفاع 85ر106 + في المائة. أما في ما يخص سلع التجهيزات الزراعية فلم تتعد قيمة ما أستورد خلال هذه الفترة 92 مليون دولار مقابل 82 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الفارط مسجلة بذلك نسبة نمو بلغت 2ر12 + في المائة. (المصدر: جريدة المساء (يومية – الجزائر)  بتاريخ 24 اوت 2008)

مقتل‏7‏ ارهابيين واعتقال‏30‏ في مواجهات أمنية بالجزائر
الجزائر ـ أشرف العشري‏:‏
تمكنت قوات الأمن والجيش المشتركةمن قتل‏7‏ إرهابيين في ولايتي تبسه وسكيكدة خلال حملات تمشيط واسعة ضد عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بشرق الجزائر‏.‏ وقالت مصادر أمنية إن قوات الأمن المشتركة قتلت ثلاثة ارهابيين بمنطقة ذراع التابعة لبلدية الماء الأبيض بولاية تبسة ليلة أمس الاول حيث قصفت الطائرات المروحية موقع الارهابيين الذين رفضوا الاستسلام ودخلوا في اشتباكات بالاسلحة النارية مع قوات الأمن‏.‏ وأضافت المصادر الأمنية أن قوات الجيش الوطني قتلت أيضا اربعة إرهابيين بقرية الظهرة في غرب ولاية سكيكدة خلال مواجهات أمنية مع‏15‏ ارهابيا يطلق عليهم اسم الكتيبة الحرة وأميرها أبومحمد مريقلة من قادة القاعدة حيث تحركت ضدهم إحدي فرق الجيش بناء علي معلومات دقيقة فقتلت الاربعة في الحال وتجري عملية ملاحقة واسعة لبقية العناصر الهاربة‏.‏ يأتي هذا في الوقت الذي اعتقلت فيه قوات الأمن اكثر من‏30‏ إرهابيا بسبب تورطهم في تنفيذ اعتداءات ودعم الجماعات الارهابية النشيطة باقليم ولاية تبسة في الشرق الجزائري‏.‏في نفس الوقت بدأت قوات الجيش الوطني عملية قصف جوي متواصل ضد معاقل الجماعات الارهابية الذين تقدر اعدادهم بالعشرات في مناطق جبال ولاية جيجل‏.‏وحسب المصادر الأمنية فان قوات الجيش قد نجحت في اغلاق كافة المنافذ بعد أن قسمت العناصر الارهابية نفسها إلي فوجين بهدف الهروف في مناطق عين قصبة سيدي بومدين‏.‏ وأضافت أن عملية القصف ستتواصل بشكل مكثف حتي تتمكن قوات الجيش من القضاء علي كافة العناصر الارهابية وازالة المعاقل والمراكز الارهابية واستعادة كميات الاسلحة والمتفجرات التي بحوزتهم‏.‏ إلي ذلك تمكنت قوات الأمن في إفشال إعتداء ارهابي كبير لتنظيم القاعدة كان يهدف إلي تدمير أحدي أهم المحطات البترولية الكبري التابعة لشركة سونلغاز بولاية جيجل‏.‏ المصدر الاهرام المصرية (يومية إخبارية )  بتاريخ 24 اوت 2008


الحزب الحاكم يعلن اليوم قرارات مهمة
تمرد 19 نائباً ينذر بتأزيم وضع “إخوان”
الجزائر رابح هوادف: أعلن 19 نائباً عن حركة مجتمع السلم، خروجهم عن زعيم الحزب “أبو جرة سلطاني” وعدم التزامهم بأي من قراراته، سيما في تصويتهم على مختلف المشاريع الحكومية التي ستطرح على غرفتي البرلمان اعتبارا من الدورة الخريفية القادمة، في تطور جديد لمسلسل الصراعات التي تتآكل فرع تنظيم “الإخوان المسلمين” في الجزائر، ما قرأه مراقبون على أنّ فتيل الأزمة الناشبة بين فرقاء “إخوان” الجزائر، تؤشر على دخول “السلم” وهي أحد أضلاع الائتلاف الحاكم ل”نفق مظلم” يهدّد توازنات الحزب وتحالفاته. واتهم 29 نائباً في رسالة لهم سلطاني ب”التفرد في اتخاذ القرارات” و”تكريس التهميش والإقصاء” وتعاطيه مع ناشطي الحركة على أساس “التبعية والولاء”، وهي محاذير قالوا إنّها “زادت من تهديد وحدة الصف” و”التسبب في جملة من الاختلالات”، كما أعاب الغاضبون على سلطاني “جنوح الأخير إلى المماطلة ومحاولته فرض سياسة الأمر الواقع”، وهو ما جعلهم “يتحمّلون مسؤولياتهم التاريخية” على حد ما ورد في الرسالة. ووعد متحدث باسم النواب في تصريح ل”الخليج”، باستمالة جميع نواب “السلم” في البرلمان، في خطوة ستحرج وزير الدولة من دون حقيبة سيما في مدى تجسيد التزاماته مع شريكيه “جبهة التحرير” و”التجمع الديمقراطي”. في المقابل، تجاهل سلطاني تحركات مناوئيه، وقال في كلمته بافتتاح الجامعة الصيفية لأتباعه، بلهجة الواثق انّه سيواصل تنفيذ سائر المشاريع التي زكاها المؤتمر الأخير ل”السلم”. من جهة أخرى، يُرتقب أن يعلن الأمين العام لجبهة التحرير (الحزب الحاكم) عبد العزيز بلخادم، اليوم، عن قرارات هامة تخص استراتجيته في مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية، وتاريخ عقد المؤتمر الاستثنائي للتشكيلة صاحبة أغلبية مقاعد المجالس المنتخبة، كما يرجح متابعون أن يكشف بلخادم بمناسبة افتتاح الجامعة الصيفية لكوادر حزبه، عن استئناف حملة التأييد لترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية ثالثة، بعد صمت استمر لأشهر عديدة. وبالتزامن، أطلق عدد من أنصار الرئيس الجزائري حملتهم لجمع 3 ملايين توقيع، لحمل بوتفليقة على مراجعة الدستور والاستمرار رئيسا للبلاد بعد انتهاء ولايته الحالية ربيع العام المقبل، وقال متحدث باسم تنظيم جديد أطلق على نفسه “لجنة دعم ترشح الرئيس”، إنّه جرى تجنيد كافة القواعد على مستوى المحافظات ال،48 لإنجاح العملية التي لا تحظى بحسب أصداء بدعم أحزاب الائتلاف الحاكم، مثلما لم تأت بناء على رغبة من القصر الرئاسي. (المصدر: صحيفة الخليج ( يومية – الإمارات ) بتاريخ 24 اوت 2008)

تحليل إخباري : عتاب وتريث أردني في تطوير العلاقة مع “حماس”

 

عمان – شاكر الجوهري : تراجعت وتيرة المصالحة بين الأردن وحركة “حماس”، وإن كان القرار الأردني لا يزال قائما لجهة استعادة العلاقة مع حركة المقاومة الإسلامية في إطار استراتيجية أردنية جديدة يجري التحضير لإطلاقها نهاية العام الحالي، بعد أن تكون ظهرت وبانت نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وانتخاب رئيس جديد لوزراء إسرائيل، وكذلك اتضاح معالم وتوجهات الوضع بالنسبة لرئاسة السلطة الفلسطينية، حيث تنتهي ولاية الرئيس عباس في 9 يناير المقبل. مؤشران يدللان على تراجع وتيرة المصالحة بين الأردن و”حماس”: الأول: عدم حدوث زيارة ثالثة لوفد حركة “حماس” لعمان، التي كانت منتظرة خلال الأيام القليلة الماضية. الثاني: تصريحات رسمية أردنية سعت لتقليل أهمية الحوارات التي جرت بين الجانبين، وقد تمثلت في قول ناصر جودة الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية إن الاتصالات هدفت إلى حل بعض الإشكاليات الأمنية، وإنها لم تتجاوز اللقاءات مع مدير المخابرات الفريق محمد الذهبي، وذلك إلى جانب تسريبات أردنية تمت من خلال بعض المقالات الصحفية لكتاب لم يسبق أن عبروا بهذا الوضوح عن توجهات الدولة الأردنية، وإن بشكل غير مباشر. فيما يتعلق بالزيارة الثالثة للوفد الحمساوي برئاسة محمد نزال عضو المكتب السياسي للحركة، فالأرجح أن موعدها قد أجل، ولم تلغ. والهدف من ذلك يبدو أنه يتمثل في: 1- توجيه رسالة عتب، حتى لا نقول امتعاض أردنية، من تسريب بعض تفاصيل ما جرى في الحوار مع الفريق محمد الذهبي مدير المخابرات العامة الأردنية. 2- خفض سقف التوقعات لدى “حماس”، خاصة بشأن إمكانية قيام خالد مشعل رئيس مكتبها السياسي بزيارة رسمية ذات طابع سياسي للأردن، وهو ما يبدو أن نزال قد طرحه على الذهبي. 3- امتصاص بعض الغضب والضغوط الإسرائيلية والأمريكية، وكذلك المصرية.. وسلطة عباس الرافضة لاستعادة العلاقة مع “حماس”. 4- انتظار الأردن لقراءة متأنية لكل ردود الفعل الإقليمية والدولية على الخطوة المنتظرة. 5- ترقب استجابة حركة “حماس” للشروط، أو المطالب الأردنية، وخاصة لجهة توقف حركة المقاومة الإسلامية عن التدخل في شؤون الحركة الإسلامية الأردنية، الذي يعني الأردن من زاويتين رئيستين: أ- ما يمثله هذا التدخل من تحفيز للحركة الإسلامية الأردنية على رفع سقف معارضتها للحكومة الأردنية، في وقت يجري العمل فيه، في إطار ذات الإستراتيجية الهادفة إلى تعزيز الجبهة الداخلية الأردنية، وتعزيز علاقات الأردن الإقليمية، على استعادة علاقات التنسيق، حتى لا نقول التحالف مع هذه الحركة. ب- حقيقة أن جميع المتهمين الذين حوكموا، أو الذين يحاكمون أمام محكمة أمن الدولة الأردنية في قضايا تهريب أسلحة، أو تصوير مواقع أردنية، أو داخل الأردن، بموجب أوامر من قبل قادة “حماس” في الخارج، هم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين الأردنية، أو حزب جبهة العمل الإسلامي المنبثق عنها. أما أسباب التريث الأردني، فيمكن رصدها فيما يلي، من واقع ما نشر تسريبا خلال الأيام القليلة الماضية: 1- تسريب مصادر حمساوية معلومات مما دار، خاصة في اللقاء الأول مع الفريق الذهبي، يتمثل ذلك على وجه الخصوص فيما نشرته أسبوعية “المجد” الأردنية من تفاصيل. 2 – إعلان بعض الناطقين باسم “حماس” بعض التفاصيل غير الدقيقة. لقد دخل على هذا الخط اسماعيل هنية رئيس وزراء سلطة غزة في خطبة الجمعة قبل الماضية، وآخرون من الناطقين باسم الحركة. وتعلق التسريبات المقابلة هنا بالقول “خروج اسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية لإلقاء خطبة الجمعة في غزة والحديث عن ما يجري في عمان هو أمر مؤسف، فليس هكذا تدار العلاقات.. خصوصا العلاقات التي عادت لتوها للتنفس. وعلاقة على المستوى الأمني حاليا، لا تعالج عبر خطبة جمعة، ولا عبر تصريحات احتفالية لا تحوي معلومات بقدر إيصالها لرسائل فردية وجماعية”. 3 -تسريب وإعلان وجود زيارة سياسية سيقوم بها خالد مشعل للأردن. ولأن الأردن لم يتراجع عن قرار استعادة العلاقة مع “حماس”، حرص التسريب المقابل على التوضيح بأن هذه التسريبات تهدف إلى إحراج الأردن، وأن مشعل لن يزور عمان رسميا، وأن الاعتراض على إعلان وجود الزيارة “ليس كرها في خالد مشعل وإنما لاعتبارات عديدة، أقلها مراعاة الخلفيات التي نشبت بين الأردن ومشعل، إذ سيكون صعبا في الوقت الحالي أن يتم دخول مشعل كفاتح سياسي، وهو قد خرج قبل سنوات ضمن ظروف صعبة”. 4 – دخول شخصيات من الحركة الإسلامية الأردنية على خط التصريح حول بعض ما جرى في المحادثات مع الفريق الذهبي، وما سيجرى على صعيد العلاقة بين “حماس” والأردن خلال الأيام المقبلة. تقول التسريبات المقابلة هنا “إن دخول شخصيات إسلامية على خط العلاقة الجديدة بهذه التصريحات هو أمر يعاكس اشتراطا أردنيا حول ضرورة فك الارتباط والترابط المعنوي والسياسي بين الإخوان والحركة الإسلامية الأردنية”. (المصدر: صحيفة “الشرق” (يومية – قطر) الصادرة يوم 24 أوت 2008)


 
 

اخطر مناطق النزاع الدولي وأكثرها تعقيداً تفتح صفحة جديدة في تاريخ ما بعد الاتحاد السوفياتي…

روسيا تقدمت في جورجيا إلى عمق النفوذ الأميركي واقتربت من أنبوب الغاز الذي يتجاوزها

 

 
تبليسي (جورجيا) – باسل الحاج جاسم     بدأ التوتر في منطقة القوقاز (شمالها وجنوبها) يتصاعد، بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، بسبب الثروات النفطية الضخمة في منطقة بحر قزوين، ومن خلفها منطقة آسيا الوسطى. وزحف الغرب نحو هذه المنطقة عبر جورجيا وأذربيجان، من خلال الاستثمارات النفطية بداية الأمر، والبدء بتنفيذ مشروع خط أنابيب نقل النفط (باكو – تبليسي – جيهان)، قبل عامين، واعتبر ذلك بمثابة صفعة أميركية لروسيا وإيران على حد سواء، كونه أول خط أنابيب ينقل نفط بحر قزوين بعيداً من الأراضي الروسية، كما انه صرف الأنظار عن مرور النفط عبر إيران كذلك. وعززت واشنطن من تعاونها العسكري مع الدولتين القوقازيتين (جورجيا وأذربيجان)، سواء في إطار حلف الناتو، ولا سيما برنامج الشراكة من اجل السلام، أو في شكل منفرد من خلال تقديم المساعدات العسكرية، وإرسال خبراء أميركيين لتدريب الجيشين الجورجي والأذربيجاني. وأرسلت الولايات المتحدة جنودها للمرة الأولى إلى جورجيا نهاية شباط (فبراير) 2002 تحت عنوان تدريب القوات الجورجية لمحاربة الإرهابيين الفارين من أفغانستان، والمقاتلين الشيشان الذين تسللوا إلى جورجيا من وادي بانكيسي على الحدود الروسية، وبذريعة تعقب مقاتلي «القاعدة» الفارين الى جبال القوقاز. وجورجيا عاشت، وتعيش، أزمات متعددة الأبعاد والمصادر مع روسيا، حتى أن الحديث منذ أعوام يدور وبصراحة غير متناهية في وزارة الخارجية الروسية عن أنه من أجل العلاقة مع جورجيا يجب إجراء مفاوضات ليس في تبليسي عاصمة جورجيا، وإنما في واشنطن مع المسؤولين الأميركيين. كما ان إسرائيل أصبحت مورد أسلحة مهماً لجورجيا، ووصلت صفقات الأسلحة بين إسرائيل وجورجيا الى عشرات الملايين من الدولارات في عامي 2003 و2004، وتزود إسرائيل جورجيا طائرات بلا طيار ورشاشات من طراز تافور وعتاداً وإلكترونيات حربية وصواريخ طائرات للتشويش على وسائل الدفاع الجوي. واتضح الدور الإسرائيلي في تقديم أجهزة ومعدّات عسكرية إلكترونية متطورة الى جورجيا في آذار (مارس) الماضي، عندما اسقط الكثير من الطائرات بلا طيار من صنع إسرائيلي في سماء اقليم ابخازيا الانفصالي. وتفيد وسائل الإعلام الإسرائيلية، بإن شركات أمنية إسرائيلية تنشط في جورجيا ويرأس إحداها الجنرال في الاحتياط غال هيرش وهو قائد سابق استقال من الجيش الإسرائيلي إثر اخفاقات الحرب في لبنان خلال صيف 2006. وأشارت الصحف الإسرائيلية أيضاً الى وجود عناصر سابقين من الشين بيت الإسرائيلي في جورجيا وكذلك من مجموعات أمنية خاصة. وفي الأشهر الأخيرة توجهت موسكو اكثر من مرة الى تل أبيب، بطلبات تدعوها للتوقف عن التورط العسكري في جورجيا، وبدأت الطلبات الروسية تأخذ طابعاً جديداً اكثر حدة وتهديداً، حتى وصفها بعض الخبراء بتدهور خطير في العلاقات الروسية – الإسرائيلية. ويؤكد مراقبون ان إسرائيل ترد على روسيا بتسليح الجيش الجورجي، بالصورة نفسها التي تسلح بها روسيا الجيشين الإيراني والسوري، ولكنها تزعم ان الفارق هو ان الأسلحة التي تبيعها لجورجيا هي أسلحة دفاعية فقط، ولكن الخبراء الروس يعلمون جيداً انه كلما استمر القتال في اوسيتيا الجنوبية، وكلما اقتربت روسيا من التورط في شكل اكثر عمقاً في الحرب القوقازية، فإن فرص رد موسكو على التورط العسكري الإسرائيلي في ازدياد مستمر، كما ان فرص تدهور العلاقات بين روسيا وإسرائيل تزداد. ويفسر اهتمام إسرائيل بجورجيا، برغبتها في أن تمر خطوط النفط والغاز الطبيعي من حوض بحر قزوين عبر جورجيا وتركيا (على خلاف رغبة موسكو) والسبب هو الاحتمال الذي تدرسه إسرائيل وتركيا وجورجيا وتركمانستان وأذربيجان، في شأن مد خطوط النفط والغاز الطبيعي من ميناء جيهان جنوب تركيا، الى ميناء عسقلان، حيث مستودعات النفط، لإيصاله في النهاية الى ايلات، ومن ايلات تنقل الحاملات الإسرائيلية النفط والغاز عبر المحيط الهندي الى الشرق الأقصى. وتعلم اسرائيل مدى الرفض الروسي لتلك الخطة وهي حاولت في الآونة الأخيرة إقناع موسكو بالتعاون معها لتنفيذها، ولكن محاولاتها باءت بالفشل. وحظي وصول ميخائيل ساكاشفيلي الى رأس السلطة في جورجيا بدعم الغرب، من خلال أحداث ظهر فيها التدخل الأميركي سافراً، على رغم تخفيه وراء شعار تشجيع الديموقراطية في أول سيناريو لما بات يعرف بالثورات الملونة في فضاء الاتحاد السوفياتي السابق، عبر ثورة عرفت باسم «ثورة الورود» قبل خمسة أعوام، خلفاً لإدوارد شيفاردنادزه آخر وزراء خارجية الاتحاد السوفياتي السابق الذي على رغم تقاربه مع واشنطن، كان يدرك إلى أي مدى يمكن ان يذهب في التعاون مع الغرب، وأن من الصعب تجاهل دور روسيا في القوقاز. ويرى الرئيس المخلوع شيفاردنادزه ان واشنطن لن تتدخل عسكرياً لمساعدة جورجيا ومواجهة موسكو في شكل مباشر، ويقول: «الأميركيون قدموا لنا الأسلحة والأموال والتدريب، فماذا يمكن ان ننتظر منهم اكثر؟»، معتبراً ان الحرب الأخيرة ما كانت لتبدأ لولا دخول جزء من الجيش الجورجي الى اوسيتيا الجنوبية. ولم يثمر توجه جورجيا نحو الغرب الذي بدأه ساكاشفيلي، الأمر الذي تسبب بخيبة أمل لدى الجورجيين كما يسود شعور بانعدام العدالة الاجتماعية، وانتشار الفقر، اذ بلغت نسبة البطالة اكثر من 20 في المئة عام 2007، ويرى بعض الخبراء ان النسبة الفعلية تتجاوز 50 في المئة. ومع تصاعد حدة الأزمات السياسية والاقتصادية الداخلية وتنامي نفوذ المعارضة الجورجية، واستعجال حكومة تبليسي الانضمام الى حلف الناتو، لفرض حصار عسكري غربي على روسيا عبر نشر قواعد عسكرية أميركية في جورجيا، كان لا بد من حسم أزمة الإقليمين الانفصاليين أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وكان الحل استخدام القوة العسكرية. وسلحت واشنطن القوات الجورجية بنحو 400 مدرعة و120 دبابة، وعشرات المقاتلات والمروحيات العسكرية، وأرسلت قرابة الف خبير عسكري وضابط يقيمون في جورجيا ويشرفون على تدريب القوات الجورجية، ويقودون عملياتها العسكرية، كما حصلت جورجيا على طائرات ومعدّات عسكرية من إسرائيل وبلغاريا وتركيا ورومانيا وتشيخيا، وحصلت على المنظومة الصاروخية آس 200 من أوكرانيا. وكانت التصريحات الأميركية حول انضمام جورجيا إلى حلف شمال الأطلسي والحديث الأميركي عن التوسع شرقاً على رغم الاعتراض الروسي بمثابة التمهيد لاشتعال الأزمة في القوقاز، وهناك معلومات تم تداولها في اكثر من دولة أوروبية تشير الى ان جورجيا أطلعت الأميركيين مرتين على عزمها شن هجوم عسكري واسع ضد اوسيتيا الجنوبية لاستعادتها. الحشد العسكري الجورجي بدأ خلال الأشهر القليلة الماضية عندما أرسلت جورجيا قواتها الى منطقة اوسيتيا الجنوبية أبخازيا لإخضاعها، وأرسلت روسيا بدورها قوات إلى جمهورية أبخازيا تحسباً لهذا التدخل العسكري. وبدأت جولة جديدة من التوتر بين روسيا وجورجيا في أول أيار (مايو) الماضي عندما قررت روسيا زيادة قواتها التي تضمن اتفاق وقف إطلاق النار في منطقة النزاع الجورجي – الأبخازي ليبلغ عدد أفراد قوات حفظ السلام هناك 3 آلاف شخص بموجب قرار منظمة الجمهوريات السوفياتية السابقة (رابطة الدول المستقلة) الصادر عام 1994 في شأن دعم عملية السلام في جمهورية جورجيا السوفياتية سابقاً والتي شهدت مواجهات بين القوات الجورجية والمسلحين في إقليم أبخازيا الذي أعلن انفصاله عن جورجيا. وتم تأجيل مناقشة طلب انضمام جورجيا وأوكرانيا الى حلف الناتو في قمة الأطلسي الأخيرة في العاصمة الرومانية بوخارست إثر معارضة الكثير من البلدان الأوروبية، وعلى رغم الإلحاح الأميركي على القبول بهما. والحقيقة ان رفض البلدان الرئيسة في الناتو طلب انضمام جورجيا وأوكرانيا، في الوقت الراهن على الأقل، عكس وجود اختلافات في الرأي بين الولايات المتحدة التي تصر على تسريع وتيرة توسيع الحلف نحو الشرق وبين بلدان كبرى في الناتو مثل المانيا وفرنسا وبريطانيا، وترى البلدان الأوروبية ان مثل هذه الخطوة سيزيد مخاوف موسكو وسيؤدي بالتالي الى عرقلة كل الجهود المبذولة لتهدئة الأجواء. فلدى روسيا قلق حقيقي من طموح جورجيا العسكري والسياسي، بخاصة بعد قرار انضمامها الى حلف الناتو وتدخل الجيش الجورجي الآن لحسم النزاع عسكرياً. ولا بد من القول ان المناوشات المتقطعة بين الانفصاليين الاوسيتيين والقوات الجورجية، وإطلاق النار، كانت جزءاً من الحياة اليومية في منطقة النزاع الاوسيتي الجنوبي، خلال السنوات الأربع الأخيرة، واشتعال مواجهة عسكرية مباشرة كان متوقعاً في اي لحظة. فروسيا لم تعد ضعيفة مثلما كان الحال في السابق، والرئيس الجورجي ساكاشفيلي لم يكن يتوقع رد فعل روسيا بهذه الدرجة من الغضب. والواضح من رد الفعل الروسي القوي تذكر الغرب بما حدث في كوسوفو، فلطالما أعربت روسيا عن غضبها تجاه منح كوسوفو استقلالها عن صربيا، وحذرت من العواقب المترتبة على الاعتراف باستقلالها. وبات من المتوقع ألاّ تتمكن جورجيا من الانضمام الى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو) في المستقبل القريب، وهي دولة ذات نزاع حدودي مع بلد آخر، كما انها ستجبر، وبعد توقيعها على المبادرة الفرنسية، على الرضوخ لأمر واقع جديد يتمثل بوجود اكبر لقوات روسية لحفظ السلام على حدودها مع الإقليمين الانفصاليين. ثم ان عودة اوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الى الحظيرة الجورجية بات من شبه المستحيل، لا سيما بعد مطالبة رئيسي الإقليمين ادوارد كوكويتي وسيرغي باكباش روسيا والمجتمع الدولي بالاعتراف باستقلالهما. وبعد ان كانت تبليسي خنجراً في خاصرة روسيا الجنوبية، أصبحت القوات الروسية الموجودة في المنطقة سيفاً مصلتاً على رأس جورجيا. وتجدر الإشارة الى انه للمرة الأولى منذ تفتت الاتحاد السوفياتي تقوم روسيا بعمل عسكري خارج أراضيها، بعدما سبق وشارك الجنود الروس وقوات حرس الحدود في اثنتين من المهمات ذات الطابع المحلي الإنساني في طاجيكستان خلال الحرب الأهليه (1992-1997) وفي جورجيا (1993). والمؤكد ان حرب اوسيتيا الجنوبية فتحت صفحة جديدة في تاريخ ما بعد الاتحاد السوفياتي. ولا يمكن النظر الى التطورات العسكرية الدرامية الأخيرة في منطقة طالما اشتهرت بالنزاعات الدامية، بمعزل عن الصراع الروسي – الأميركي في المنطقة وسعي واشنطن ومن خلفها حلف الناتو الى تعزيز انتصارها على (روسيا) وريثة الاتحاد السوفياتي، وحصارها في مساحة جغرافية لم تعرفها منذ القرن الثامن عشر. كما ان المواجهات الدامية التي بدأت في أوسيتيا الجنوبية منذ 8 آب (أغسطس) 2008 تشكل رسالة قوية الى كل من يهمه الأمر في الغرب بأن تهديدات روسيا بالرد العسكري على توسع الناتو ونشر المنظومة الصاروخية الأميركية بالقرب من حدودها، لم تكن مجرد كلام، وانما هي حقيقة واقعة. واعتبر رئيس الأكاديمية الروسية للقضايا الجيوسياسية ايفاشوف ان الخطط الأميركية تنفذ بهدف إيجاد بؤر توتر تبدأ من شبه جزيرة البلقان وتمر عبر الشرق الأدنى والأوسط ومن ثم عبر القوقاز لتصل الى أفغانستان وباكستان. ويبقى القول إن من حسن حظ الرئيس الجورجي ساكاشفيلي، ومن سوء حظ موسكو ان المعارضة الجورجية لا تعتبر حليفة لموسكو، ويوحد المعارضة والسلطة في جورجيا العداء لموسكو، وإلا لكان نظام ساكاشفيلي في مهب الريح منذ اليوم الأول لاندلاع الأعمال العسكرية. ابخازيا وأوسيتيا الجنوبية اوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، اللتان تشكلان جوهر النزاع بين روسيا وجورجيا، هما منطقتان انفصاليتان مواليتان لروسيا في جورجيا، وتضمان اقليات قومية على قطيعة مع تبيلسي وتدعمهما موسكو. ويحمل سكان اوسيتيا الجنوبية (70 ألف نسمة) وأبخازيا (200 ألف نسمة) جوازات سفر روسية، وأعلنت الجمهوريتان انفصالهما غداة انهيار الاتحاد السوفياتي، ودافعتا عن الاستقلال في نزاعات مسلحة ضد القوات الجورجية. وبعد اعتراف الغرب بكوسوفو، في شباط الماضي، طلبت الجمهوريتان من روسيا الاعتراف بهما، ومن دون ان تصل الى حد الاعتراف باستقلال الجمهوريتين، أعلنت روسيا في 16 نيسان (إبريل) تعزيز العلاقات التجارية خصوصاً مع هاتين المنطقتين، وأثارت موسكو استياء جورجيا قبل أيام بقرارها تعزيز بعثتها لإحلال السلام في المنطقتين واتهامها تبليسي بالإعداد لعملية عسكرية ضد ابخازيا. فماذا عن هاتين الجمهوريتين ابخازيا: أعلنت هذا المنطقة التي تبلغ مساحتها 8600 كلم مربع، استقلالها من جانب واحد في آب (أغسطس) 1992، وهي كانت جمهورية تتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1930، وبعد حرب استمرت عاماً واحداً، وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى ونزوح نحو 250 ألف جورجي بحسب ما تؤكد تبليسي، انتصرت ابخازيا في خريف 1993 بدعم من موسكو، وقد وقع اتفاق لوقف إطلاق النار في أيار (مايو) 1994، تلاه نشر بعثة مراقبة تابعة للامم المتحدة، وقوة روسية للفصل تضم ثلاثة آلاف جندي بتفويض من رابطة الدول المستقلة، إلا أن وقف إطلاق النار بقي هشاً. اوسيتيا الجنوبية: اندلع النزاع في اوسيتيا الجنوبية التي تبلغ مساحتها 3900 كلم مربع في نهاية 1990 عندما أعلنت نفسها جمهورية سوفياتية، وهزمت القوات الجورجية في 19 كانون الثاني (يناير) 1992، وأعلن الاوسيتيون الجنوبيون في استفتاء عام تأييدهم الاستقلال عن جورجيا وإلحاقهم بأوسيتيا الشمالية التي تشكل جزءاً من روسيا، وبموجب اتفاق لوقف إطلاق النار وقع في حزيران (يونيو) 1992 نشرت قوة فصل ثلاثية تضم جنوداً اوسيتيين وجورجيين وروساً بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية…  (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 أوت 2008)

 

Home – Accueil الرئيسي

Lire aussi ces articles

26 mars 2008

Home – Accueil – TUNISNEWS  8 ème année, N°  2863 du 26.03.2008  archives : www.tunisnews.net   Reuters: Attaque rebelle contre

En savoir plus +

11 janvier 2007

  Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2425 du 11.01.2007  archives : www.tunisnews.net   Luiza Toscane: Quid

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.