TUNISNEWS
9ème année, N°3566 du 26 . 02 . 2010
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادق شورو
وللصحافي توفيق بن بريك
ولضحايا قانون الإرهاب
السبيل اولاين:من أجل إطلاق سراح وسام التستوري
مدونة « صحفي تونسي » في نسختها الرابعة والأربعين : وتستمر المطاولة… تحيا تونس
كلمة:سجين بقفصة، 54 يوما من الإضراب المتواصل عن الطعام
جمعيــة النهوض بالطالب الشــابي من أجل ثقافة وطنية و ملتزمة:بيان مساندة
كلمة:اعتصام امام مقر الرابطة بالمنستير
مراد رقية:حصار المثقفين والباحثين بين الوزارة الأولى ووزارة الداخلية والتنمية المحلية
نزار بن حسن:إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة السّـابعة (الوضع الثّقافي والاقتصادي بالشّـابة)
الوطن: »حزب » خالد الحداد وشركاؤه
طلبة تونس:أخبار الجامعة
الطاهر العبيدي : » نصيبي من الحقيقة » فأين نصيب الهاشمي من الأسئلة؟؟؟
الوطن:مبادرات الإتحاد الديمقراطي الوحدوي بين مصادر القوّة وعوائق التنفيذ: نحو مقاربة حزبية أخرى(الجزء الثاني)
الوطن:الأفكار السياسية بتونس بين منطق الحوزة الفكرية وضرورات المستقبل
الوطن:في الدّورة 37 للنّدوة المولديّة بالقيروان:دور علماء تونس في مقاومة البدع والطّائفيّة
كلمة:تراجع حاد في الاستثمارات في مناطق شرق البلاد
الصباح:الخطوط التونسية تشرع في ممارسة نشاطها بمطار النفيضة زين العابدين بن علي
هند الهاروني:مولد نبوي شريف و كل عام و أنتم بخير
منتدى الجاحظ:أوروبا وظاهرة الخوف من الإسلام
الدكتور كمال عمران: « لا حوار إلا إن تعادلت الموازين وتكافأت القوى »
هيثم مناع:الإسلاموفوبيا والعلمانية الديمقراطية
ابراهيم بلكيلاني :قراءة متأنية في أحداث صور الاستهزاء و السخرية بمقام النبوة
د.أحمد القديدي*:أين العرب من توابع الزلزال الإقتصادي العالمي ؟
العرب:القذافي يدعو للجهاد ضد سويسرا
عزمي بشارة قراءة في احتمالات الحرب: في ثلاث ملاحظات
(Pourafficher lescaractèresarabes suivre ladémarchesuivan : Affichage /Codage /ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
من أجل إطلاق سراح وسام التستوري
مدونة « صحفي تونسي » في نسختها الرابعة والأربعين : وتستمر المطاولة… تحيا تونس
تحت أنظاركم النسخة الرابعة والأربعون من مدونة « صحفي تونسي »، بعد أن قام الرقيب الالكتروني بحجب نسخها الثلاث والأربعين السابقات. وآخرها التدوينة المعنونة «نفى محاصرة خميس الشماري: الناطق الرسمي الجميل لا يكذب، لكنه يجمّل واقع دولتنا البائس المفضوح!!؟» التي تعرضت للحجب مرتين . وقبلها تم حجب التدوينة «دعا إلى إطلاق سراح توفيق بن بريك – الإتحاد الدولي للصحفيين يطالب بعقد مؤتمر موحّـد لنقابة الصحفيين التونسيين، ويؤكد عدم اعترافه بمؤتمر 15 أوت» التي قمت بنشرها إثر حجب النسخة الثالثة والأربعين من المدونة. وبذلك تكون الحلقة قد اكتملت. هذا وقد انتبهت إثر حجب النسخة الثالثة والأربعين أني أغفلت ثلاثة أرقام في عملية الارتقاء والتحرير، هي 4 و26 و30. مما حدا بي إلى إعطاء هذه الأرقام فرصتها في الحجب. لنعود بالتالي إلى سابق المسار التصاعدي وأفتتح معكم النسخة الرابعة والأربعين التي بين أيديكم، عنوانا للتحدي وعدم التفريط في حقوقنا الدستورية كمواطنين. وفاء منا لدماء الشهداء ولتضحيات المناضلين الوطنيين الأبرار الذين ضحوا بكل غال ونفيس من أجل بناء تونس الحرية والكرامة، ودفاعا عن حلم كل التونسيين في غد أفضل يتحررون فيه من رواسب الاستبداد فلا عاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من جندها نموت ونحيا على عهدها حياة الكرام وموت العظام نحن شمس تُــكابر، وهم يعاندون الشمس.. يعاندون الشمس.. يعاندون الشمس تحيا تونس تحيا الجمهورية زياد الهاني
سجين بقفصة، 54 يوما من الإضراب المتواصل عن الطعام
على اثر استدعاء الطالب نزار بن حسن للمثول أمام قاضي ناحية الشابة يوم الثلاثاء 23/02/2010 على أساس تهم كيدية تتمثل في الإعتداء على الأخلاق الحميدة والثلب , فان جمعية النهوض بالطالب الشابي : تعبر عن مساندتها وتضامنها المطلق وغير المشروط مع ابن الجمعية ضد هذه الإدعاءات الباطلة . تحيط الرأي العام علما بأن المحاكمة جاءت على خلفية مشاركته مع مجموعة من أعضاء وأصدقاء الجمعية في اعتصام أمام مقر بلدية الشابة يوم 27 جوان 2009 احتجاجا على حجب المنحة السنوية وللمطالبة بالحق في التمويل العمومي على غرار سائر الجمعيات تؤكد أن الطالب نزار بن حسن التزم الإنضباط وتصرف بمسؤولية عالية خلال الإعتصام ولم يصدر منه أي فعل أو قول من شأنه المس بالأخلاق الحميدة أو التعرض للأشخاص . تعبر عن تمسكها بحقها في المطالبة بحقوقها بكل الوسائل المشروعة وتجندها للدفاع عن جميع أبنائها ضد كل المضايقات تدعو كافة منخرطيها وأصدقائها للمشاركة في اليوم التضامني مع الطالب نزار بن حسن الذي ينتظم بمقر الجمعية يوم الثلاثاء 16 مارس 2010 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا . عن الهيئة المديرة رئيس الجمعية
اعتصام امام مقر الرابطة بالمنستير
حصار المثقفين والباحثين بين الوزارة الأولى ووزارة الداخلية والتنمية المحلية
مراد رقية
بالرغم من احداث عيد وطني للأرشيف أصبح يحتفل به دوريا وسنويا يوم26 فيفري من كل سنة ادارية،وبرغم السيرفي طريق اللامركزية الادارية والجامعية-البحثية أشواطا متتالية فان المثقفين والباحثين التونسيين الجامعيين وغير الجامعيين في داخل البلد أصبحوا يعانون ويكابدون من محاصرة ومن حرمان حقيقيين في أداء مهمتهم الوطنية السامية في ارساء ودعم ركائز التنمية الثقافية والفكرية التي أمنهم عليها المجتمع التونسي منذ الاستقلال؟؟؟ أما الوزارة الأولى التي تشرف على الأرشيف الوطني التونسي فان نصيبها في هذا الحصار وهو نصيب الأسد فقد تمثل في الاذن والتخطيط منذ مدة لنقل الأرشيفات الجهوية والمحلية خاصة منها أرشيف المحاكم ،المحاكم الابتدائية ومحاكم النواحي،وكذلك الأرشيفات الادارية ومنها أرشيف ادارات الملكية العقارية وأملاك الدولة الى المركز الجديد المحدث بمدينة الزهراء،ومن الممكن أيضا أرشيف ضاحية سكرة مما يحرم المثقفين والباحثين والطلبة المتابعين لدراساتهم العليا،وخاصة مؤطريهم من الجامعيين ومن غير المؤطرين الراغبين في الاستعداد للارتقاء المهني من استغلال المخزون الأرشيفي الوثائقي بدون التنقل الى العاصمة،أو الزهراء،أو سكرة بما يستدعيه ذلك من ضياع للوقت،ومن تحمّل تكاليف مادية جسيمة ومتكررة هو في غنى عنها ولا طاقة له بهامع التقلص الرهيب المخزي لمداخيل الجامعي التونسي؟؟؟ وقد دأبت البلاد التونسية ومنذ سنوات عديدة ماضية عبر المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية بنسخ الأرشيف الفرنسي وبوضعه على ذمة الباحثين التونسيين دون تحميلهم عناء التنقل لأرشيف وزارة الدفاع،أوو زارة الخارجية الفرنسيتين؟؟؟فكيف يمكن تصور اطراد وازدهار البحث العلمي في الجامعات الداخلية وكلياتها في غياب الخزائن الأرشيفية الجهوية والمحلية السند الأساسي للمذكرات وللأطروحات المنجزة من قبل الباحثين والطلبة لشهادات التخرج والماستير والدكتوراه؟؟؟وكنت قد أصدرت مقالا بمجلة الحياة الثقافية رجوت وطالبت فيه السلط المسؤولة على النطاقين الوطني والجهوي خاصة منها الوزارة الأولى بالسعي الى احداث مراكز أرشيف اقليمية وجهوية حفاظا على الذاكرة،وكذلك ان أمكن فروعا لمركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية،فهل نحن بصدد دعم اللامركزية،أم الرجوع وبقوة الى المركزية؟؟؟ أما نصيب وزارة الداخلية والتنمية المحلية فيتمثل في اخضاع ادارة الشؤون السياسية مرتادي أرشيفات خلية تصفية الأحباس ذات القيمة التاريخية لا السياسية وقبل الوصول اليها وهو أمر مستبعد الى تراخيص تحتاج الى مطالب مدعمة تنظر فيها « الخلية رقم8″ وما أدراك ما الخلية رقم8 التي تسعى في غالب الأحيان الى عدم الموافقة والمصادقة عليها دون تقديم المبررات؟؟؟ وقد كان مصير مطلب تقدمت به الى السيد والي سوسة هو الرفض دون تحديد الأسباب،وقد ذكر لي المسؤول الذي يقوم مقام الكاتب العام الذي لم يعيّن بعد ب »أنهم منشغلون الآن،ولاوقت لهم للنظر في هذا المطلب »؟؟؟ولعل السبب أنني مواطن تونسي درجت ومنذ مدة على نشر عديد المقالات عبر الشبكة العنكبوتية فتحولت الى »مواطن غير صالح »،والى »باحث غير مأمون الجانب »برغم أن الوثائق التي طلبت الحصول عليها هي ملك عام،وليس من حق أي مصلحة حكومية التحفظ عليها خصوصا وأنها وزارة التنمية المحلية،وكما يعلم الجميع البحث العلمي رافد من روافد التنمية والتغيير وصولا الى تركيز مجتمع المعرفة؟؟؟ ان وضع الباحثين الجامعيين وغير الجامعيين أصبح وضعا صعبا من جهة عبر نقل المخزون الأرشيفي من المناطق الداخلية صاحبة الحق والأسبقية أي الامتياز في استغلالها مما يؤدي الى تصحّر المجال الفكري والثقافي والعلمي لهذه المناطق،ومن جهة أخرى عبر اخضاع مطالب الباحثين الى رأي »الخلية رقم8″ فاذا تكرّمت ووافقت كان بها،واذا لم توافق وتتكرّم يضطر الباحث وببساطة شديدة الى الغاء مشروعه والتجاوز عنه لأن المصلحة العامة أسمى وأكثرأولوية من المصلحة الخاصة؟؟؟ الرجاء من الوزارة الأولى عبر أرشيفها الوطني،ومن وزارة الداخلية عبر الخلية رقم8 وعبرماورد في الاطار الذهبي المثبت في كل المرافق الادارية العمومية وشبه العمومية »ادارة تخدم المواطن » اجابتنا الأجوبة المقنعة المناسبة،وايجاد الحلول اللائقة الض رورية للحيلولة دون الغاء البحث العلمي والنشاط الفكري والابداع الثقافي داخل البلاد برغم وجود المؤسسات الجاتمعية العديدة التي تحولت خاصة في مجال الانسانيات والاجتماعيات الى معاهد ثانوية كبرى ينعدم فيها النشاط البحثي والعلمي،كل عام والأرشيفات التونسية بخير في حضور الباحثين لا في غيابهم وتهميشهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة السّـابعة (الوضع الثّقافي والاقتصادي بالشّـابة)
يندرج هذا النّص ضمن مجموعة من النّصوص كنتم قد طالعتم بعضها وتواصلون التمتّع بها في الأيام المقبلة لتنقل لكم تفاصيل مثيرة، عايشتها أو علمتها من مصادر موثوق بها، تتعلّق بالشّـابة وبعض ممارسات مسئوليها وبعض نكت هذا الزّمان. يتناول هذا النّص دراسة بسيطة للوضع الاقتصادي والثّقافي بمدينة الشّـابة، قطاعين كان من الضّروريّ الإلمام بهما عوض الإهمال والتّجاهل الّذي بدر ولازال من السّلط المحليّة والجهويّة. شكرا لقد تراجع المستوى الثّقافي بمدينة الشّـابة كثيرا مقارنة بالسّنوات السابقة، فقد أصبحت المدينة مفتقرة للعدد الهام من المهرجانات الّتي كانت بالسّابق، عدى مهرجان المدينة الّذي تمّ الاحتفال به هذه السّنة وكانت برمجته ثريّة بعض الشّيء. فلم نعد نسمع عن المهرجان الدّولي للفن التّشكيلي الّذي تواصل لدورتين فقط، ومهرجان ربيع الطّفل الّذي صار مؤرقا لأطفال المدينة لغياب الإبداع والفن و الاستنباط. و المهرجان الصّيفي « قبّودية » الّذي صار المواطنون عارفين لبرمجته مسبقا من كثرة تكرار العروض على مثيلة حفل حمدان الصّعيدي و عدم تقديم عروض مميّزة. المؤسّسات الثّقافيّة في حدّ ذاتها شهدت تراجعا نسبيّـا في عدد الوافدين عليها من الشّباب، و يرجع ذلك الى طبيعة الشّـاب بصفة أولى و طبيعة المؤسّسة كذلك، فمثلا اندثر نادي السّينما بالمدينة بعدما كان يحييه السّيد الهادي بالعائبة على حدّ علمي في السّنوات السّـابقة بدار الثّقافة، و تمّت خوصصة عديد الأنشطة كالرّياضات الدّفاعيّة الّتي لم تعد من اختصاص دور الثّقافة بل أصبحت تدرّب بالمال في قاعات الرّياضة الخاصة، حتّى الموسيقى تمّت خوصصتها، لتصبح الثّقافة و التّكوين الجيّد للشّـاب و الطّفل في مدينتنا رهين التمكّن المادي و ارتفاع نسبة المقدرة الشّرائيّة لدى العائلة. إنّ ما تعانيه جمعية النّهوض بالطالب الشابي لهو ضرب كامل للحياة الثّقافيّة بالمدينة، فلا يمكن لأيّ منّـا أن ينكر الإرث الثّقافي لهذه المؤسّسة الّتي مكنّت منه أجيالا سابقة بأسرها، إنّ هذه الجمعيّة محرومة من حقّها في المال العام، بل تعمل السلطات حتّى على تقويض رصيدها البشري. قلّة هم شبابنا في المدينة الذين لهم دراية بالإرث التّـاريخي للمدينة فعلى سبيل المثال يُِقال أنّ « برج خديجة بنته خديجة »؟؟، ثمّ لا أحد يعلم بالرّباط البيزنطي للمدينة. تعاني الآثار في المدينة إهمالا كاملا على غرار الفسيفساء الملقاة على السّاحل الشّمالي للمدينة مترامية على الشّـاطئ دون أيّ مبالات من السّلط المحليّة أو الجهويّة لقيمتها أو الخطر المحدق بها، و الى هذه اللّحظة لازالت تتعرّض الى عوامل التّعرية لتهترئ يوما بعد يوم و لا منقذ لها. و ليست هذه الأخيرة هي الوحيدة، بل غيرها كثير تمّ تدميرها على شواطئنا و بعثرت و اختلطت مكوّناتها ببقايا الردّم(بقايا مواد البناء) ، و برج خديجة الذي لا نعرف مآله إلى حدّ الآن بعد أن تمّ ترميمه من دون تعيين شخص مكلّف بتنظيفه و رعايته، فيكاد الدّاخل إلى هذا المعلم يخال نفسه في إحدى القمامات من شدّة تعاسة الرّوائح الّتي فيه، و عديد المعالم الأخرى الّتي بقيت إلى يومنا هذا دون أيّ رعاية. من الآثار، بناء بقي لسنوات عديدة شامخا على شاطئ سيدي عبد الله بالشّـابة، مقابل تماما لضريح الولي الصّـالح سيدي عبد الله المرّاكشي، و قد كثر الحديث حول هذا البناء و مكانته التاريخيّة و لا مجيب، لم يحتمل هذا البناء عوامل التّعرية و العوامل الطّبيعيّة و الإهمال المقنع، فتهاوى لتنثر الأمواج فتاته في كلّ مكان، و صار الماضي من الماضي. و لا ننسى ما كان يعرف بالمسلك الصحّي بالشابة، المترامي على مقربة من برج خديجة و ميناء الصّيد البحري.. حيث أصبحت هذه المنطقة الّتي تعجّ بالآثار و تحوي في باطنها ثروة محليّة و وطنيّة على ملك أحدهم بعد أن كانت ملكا للدّولة دون الرّجوع إلى الحفريّـات أو بيان قيمة الأرض التاريخيّة. و معالم عديدة تناثرت بغابة « الدوّيرة » و « السّبخة » و « البرج » و غابة الزّيتون على غرار منطقة « الصبايا » و « الحقاف » و غيرها تبقى مهملة، لا يعلم عنها الأجيال شيئا. أمّـا الجانب الاقتصادي، فقد بقيت المدينة رهينة لعدد من البرجوازيّين يتحكّمون بالمدينة مثلما يشاءون، ولعلّ طرد العملة من مصنع النّسيج بالفراحتة خير دليل على ذلك، و هنا وجب التّنويه للملحة النّضاليّة الّتي قام بها العملة اثر خوضهم لإضراب تواصل قرابة الشّهر وانتهى بإرجاعهم إلى سالف شغلهم، و لا ننسى عمليّـات الطّرد التعسّفي في المصانع الأخرى ثمّ إنّ أغلب المشتغلين بهذه المصانع لا يحض بما يصحّ تسميته بالأجر المحترم، فمثلا عمّـال النّجارة في الشّـابة لا يتقاضون أكثر من مائة و خمسين دينارا لا تكفي حتّى مصاريف الغذاء و التّداوي من مخلّفات هذه المهنة. كما أنّ غلاء مصاريف التّجهيز البحري و إثقال كاهل البحّـارة بالضرائب و ارتفاع ثمن البنزين صار معرقلا لفلاحة الصّيد البحري الّتي تعتبر ركيزة أساسيّة لاقتصاد المدينة. و لم تعد غابة الزّيتون بالمدينة كفيلة لسدّ رمق المواطنين و ذلك لعدم استقرار أسعار الزّيت ولارتفاع مصاريف اليد العاملة الّتي تكون في أغلبها من النّـازحين من مدن الوسط الغربي والّذي كان من الأجدى أن يتمّ تشبيثهم بأراضيهم ليقوموا بتعميرها و النّهوض بالاقتصاد الوطني. وتعرّضنا في هذه الرّسالة إلى الجانبين الثّقافي والاقتصادي في انتظار طرح كلّ الجوانب بالمدينة الّتي لا تخلو من اخلالات ونواقص. نزار بن حسن
« حزب » خالد الحداد وشركاؤه
بقلم : عبد السلام بوعائشة في إطار النهوض بالتعددية السياسية وتطوير المشهد الإعلامي الوطني والمساهمة في توسيع حضور أحزاب المعارضة على الساحة يعمل السيد خالد الحداد الصحفي بجريدة الشروق منذ فترة ليست بالقصيرة وخصوصا بعد انتخابات أكتوبر الرئاسية والتشريعية على تكوين « حزب » جديد بالبلاد برنامجه الوحيد هو النهش في المعارضة الوطنية وأساسا حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وقيادته ورموزه المناضلة متكئا في ذلك على رحابة صدر الصحيفة وعلى ما توفره له كسور العملية السياسية من بضاعة سياسية فاسدة داخل الساحة وفي هياكل الأحزاب و من عناصر الضعف والوهن الساقط يستجمعها السيد الحداد ويطرقها و يسعى لتلميعها بقلمه المسكون بوهم الدعوة والدعاية الصحفية المستقلة خدمة لنفسه وخدمة لمن يرتجي فراغا سياسيا يملؤه. « حزب » السيد خالد الحداد ولأول مرة في حياة الصحافة الوطنية المعاصرة قاد صحيفة » الشروق »التي نحترمها ونقدر كل العاملين فيها لترد في صفحة كاملة على قيادة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وتعلن أنها ليست تستهدف الحزب و لا تسعى للتدخل في شؤونه الداخلية وتحرص على احترام المهنية الصحفية في التعامل معه ومع غيره من الأحزاب غير أن ل »حزب »السيد الحداد رأي آخر في الموضوع حيث ما عاد يفوت على نفسه فرصة للنفخ في رماد الموتى والتصيد والنبش في بقايا العفن السياسي بحثا عن اختلاق الفتن وإذا خانته العزائم و الحقائق- وهي تخونه لا محالة- يلجا إلى من لفظته أخلاق المناضلين وقيم الحزب ومبادئه ليوسع دائرة منخرطيه ويبتني لهياكله صرحا جديدا يلمع به صورته الفاسدة و يعمق دائرة الفراغ السياسي الذي أصبح مطلبا للكثيرين في بلادنا . « حزب » السيد خالد الحداد ومنذ فترة طويلة يسعى بكل الوسائل لإقناع الرأي العام بان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يخضع لاستبداد القيادة ممثلة في أمينه العام ولتغول فئة قليلة من المتنفذين تطرد من تشاء وتقرب من تشاء و تعطي ما تشاء لمن يشاء ويرفض هذا الحداد وشركاؤه أن يقبل و يقتنع بان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي نجح منذ زمن في التقدم نحو ديمقراطية الهياكل والمؤسسات و ارتأى لنفسه العمل بقاعدة الاحتكام إلى البرامج واللوائح الداخلية المنظمة لنشاطه ويعمل جاهدا على تجاوز عقلية الإقطاع السياسي و مرجعيات الزعامة المؤسسة ومنطق الاحتكام إلى الأخلاق الشوارعية التي يريد البعض تسييدها في ساحة العمل السياسي الوطني نظرا لكون هذه الأخلاق الشوارعية هي السبب الأساس في التخلف الذي لم تستطع أحزاب المعارضة القطع معه. أريد من السيد خالد الحداد و »حزبه » البائس أن يعلم أن الاستثمار في كسور الاتحاد الديمقراطي الوحدوي و النفخ في رماد الموت السياسي والنهش في أخلاق المناضلين الصادقين والتشكيك في قرارات الهياكل الحزبية لن يزيد الحزب إلا تماسكا وتقدما نحو أهدافه جنبا إلى جنب مع كل القوى الوطنية التي تريد خيرا لتونس وشعبها ومستقبل أجيالها وان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يربأ بالصحافة الوطنية حقا أن تكون معول خراب وهدم وتآمر على منارات المشهد السياسي الوطني مهما كانت الأسباب والمبررات لان الصحافة هي رسالة وطنية قبل أن تكون مهنة للارتزاق و أن الصحفي الحق هو من ينشر الحقائق كاملة غير منقوصة ويقدم الرأي والرأي الآخر دون تحيز فج أو تحامل مغرض أو ولاء أعمى يحسب عليه موقفا ويضعه تحت طائلة الاستهداف السياسي وهو ما يفعله السيد الحداد أصالة عن نفسه ونيابة عن حزبه الجديد. بعد كل هذا نحن في الاتحاد الديمقراطي الوحدوي لا تعوزنا الوسيلة السياسية ولا الإعلامية للرد على هذا الاستهداف ولكن نريد أن نسجل أن الأخبار والتحاليل التي يعرضها السيد خالد الحداد وحزبه البائس تتجاوز الصحافة إلى السياسة وتضع الحداد ذاته ضمن دائرة الاصطفاف العدائي للحزب وقيادته ونهجه السياسي والأخطر أنها تعمل على إرباك تقدم الحزب نحو الانتخابات البلدية القادمة بما تختلقه من أوهام وتنكره من حقائق . ثم إننا نريد أن نتساءل عن المستفيدين من هذا التحامل على الحزب ونهجه والحرص على التشكيك في قرارات هياكله وقيادته وبالمقابل الإصرار على افتعال الأزمة داخله رغما عن الحقيقة لا لشيئ إلا لوجود بعض المتفلتين الذين لا يعيشون إلا من الأزمات ولا يريدون للحزب مؤسسات غير ذواتهم و تعييهم حيلة الديمقراطية الحزبية للوصول إلى أهدافهم الشخصية فيلجؤون إلى حزب السيد خالد الحداد يعرضون صورهم مرفوقة بالدس والكذب والتطاول على حزبهم وقيادتهم وعلى كل المناضلين الشرفاء . والسيد الحداد يعلم علم اليقين أحجام هؤلاء ويسعى عن عمد للنفخ في صورهم ومكانتهم متخفيا في عباءة الصحافة و هي من ذلك براء. أخيرا نود من السيد خالد الحداد في تناوله لتجربة وأخبار الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن يجرب مرة واحدة الابتعاد عن نهج احمد منصور- صحفي قناة الجزيرة- في تناوله لتجربة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر و أن يستكشف طريق الموضوعية في العمل الصحفي بعيدا عن الأحقاد الدفينة و النبش في قبور الموتى إحياء للعظام وهي رميم. وإلى أن يفعل سنظل نحن في الحزب أوفياء لبرنامجنا وهياكلنا مناضلين من اجل حرية الوطن والمواطن وحرية جميع الأحزاب في أن تتطور وتحاسب منخرطيها وحرية الصحافة في نقل الخبر والتحليل والمساهمة في النهوض بالمشهد الوطني عامة والإعلامي خاصة بعيدا عن وكلاء السياسة و صناع الفتن . تعقيب على ما نشره خالد الحداد في صحيفة « الشروق » بتاريخ 23 فيفري 2010 تعقيبا على المقال الذي نشرته صحيفة الشروق في عددها ليوم الثلاثاء 23 فيفري تحت عنوان « عن الديمقراطي الوحدوي » تقوم صحيفة الوطن بنشر تعقيب قيادة الحزب عن هذا المقال الذي أمضاه المحرر خالد الحداد. » في الوقت الذي كنا ننتظر فيه من صحيفة الشروق نشر المراسلة التي بعث بها عضو المكتب السياسي للحزب الأخ عبد الكريم عمر إلى السيد عبد الحميد الرياحي رئيس تحرير أول بصحيفة الشروق يشرح فيها موقف الحزب من بلاغ صادر عن جامعة بنزرت للاتحاد الديمقراطي الوحدوي لم تصلنا نسخة منه فوجئنا بعد يوم بالصحيفة وهي تنشر مقالا يتضمن تشويها للحقيقة واستهانة بردود الحزب وتشويها لتصريحات مسؤول الإعلام المكلف. وسعيا لإنارة الرأي العام الوطني ننشر نص المقال كما عرضته جريدة الشروق مرفوقا بنص المراسلة التي مددناهم بها بتاريخ 22 فيفري ردا على استفسارهم حول البلاغ المذكور مع الإشارة إلى أن هذا البلاغ وصل في وقت متأخر إلى إدارة الحزب وسوف يعرض على نظر هياكله. كما تجدر الإشارة إلى أن السيد خالد الحداد اثبت منذ فترة عداءه للحزب وهياكله محاولا تنصيب نفسه طرفا في أي خلاف فيفتعل الحقائق وينبش في المصادر غير الرسمية متجاهلا أخلاقيات العمل الصحفي وفي المرة الوحيدة التي رجع فيها لمصادر الحزب تجاهل الحقائق الرسمية التي نمده بها و حرص على افتعال حقائق بديلة تتماشى و تحيزه ضد هياكل الحزب وقرارات مؤسساته . وفي ما يلي نص المراسلة التي امتنعت صحيفة الشروق عن نشرها وتجاوزت ما تضمنته من رد ونسبت للمكلف بالاعلام ما لم يصدر فيها من مضامين. » الأخ المحترم عبد الحميد الرياحي رئيس تحرير أول بجريدة الشروق تحية واحتراما أعلمت من قبل الصحفي بجريدتكم الغراء خالد الحداد « أنه اتصل من أعضاء جامعة بنزرت للاتحاد الديمقراطي الوحدوي ببلاغ صادر عنهم يعبرون فيه عن رفضهم لقرار لجنة النظام وأنهم سوف يدخلون الانتخابات البلدية بلون آخر غير لون الحزب ». ولقد أبلغته بالتوضيح التالي: 1- أن لجنة النظام هي مؤسسة من مؤسسات الحزب منتخبة من المجلس الوطني ولا رقابة عليها إلا منه وهي مستقلة في كل قراراتها، ومن المفروض ان تعلم المكتب السياسي القادم بقرارها. وللعلم فلقد اتخذت هذه اللجنة منذ المؤتمر الأخير للحزب في 2006 إلى الآن أي في بحر 4 سنوات كاملة قرارين فقط أحدهما إنذار وهذا القرار الأخير. 2- في ما يتصل بما قيل عن بلاغ صادر عن جامعة بنزرت فالحزب لم يتصل بعد بأي شيء يؤكد ذلك. ولقد كان على الإخوة في جامعة بنزرت إذا ثبت ذلك أن يعلموا هياكلهم لأن أي خلاف داخل الحزب لا يجد الطريق إلى تجاوزه إلا عبر الهياكل والمؤسسات الحزبية وليس خارجها. وإن حصل ذلك فإن المؤسسات والهياكل الرسمية للحزب موكول إليها طبقا لأحكام النظام الداخلي تجاوز مختلف الإشكاليات. عبد الكريم عمر عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 126 بتاريخ 26 فيفري 2010)
الجامعـــة الزيتونيـــة تئن ّ تحت وطأة الإهمال : تعرف جامعة الزيتونة منذ قرابة العقدين عملية تحطيم و تقزيم فظيعة تبرز خاصة من خلال تقليصها – عمليا – إلى معهد وحيد هو المعهد العالي لأصول الدين كما أن عدد الطلبة الذين يتم توجيههم سنويا إليها ضعيف جدا ولا يتجاوز 250 طالبا من ضمن أكثر من سبعين ألف طالب جديد و قد أصبحت في مؤخرة الجامعات الإسلامية المنتشرة في طول البلاد الإسلامية و عرضها و لم تعد تثير رغبة طلاب العلم للإلتحاق بها مثلما كان الشأن في سالف العهود حين امتدّ تأثيرها إلى كافة أرجاء العالم الإسلامي و كانت تونس تكنّى حينذاك بـــ » بلد الزيتونة » و لا يبدو في الأفق أي تحسن لوضعها المزري الذي يثير الإشمئزاز و الحنق …. المعهد العالي للفنّ المسرحي بتونس : معركة حامية الوطيس بين طلبة من المعهد و أطراف خارجية شهد المعهد العالي للفن المسرحي حوالي الساعة الثانية من زوال يوم الثلاثاء 23 فيفري 2010 اندلاع معركة بالحجارة و العصيّ بين مجموعات من طلبة المعهد و أطراف أخرى من خارجه نتجت عنها أضرار بدنية للعديد من الطلبة و قد أدخلت تلك الأحداث الفزع لدى الجميع و تم بسببها إيقاف الدروس خلال الفترة المسائية …. الطالــــب زيــــاد بومخلاء محروم من جواز السفر : بعد انقضاء أكثر من ثمانية أشهر على تقديمه مطلب لــ مركز » الأمن الجامعي » بكلية العلوم بتونس – أين يدرس – للحصول على جواز سفر لا زال الطالب زيــــاد بومخـــلاء يواجه بالتجاهل و التسويف بل أكثر من ذلك عندما طالب يوم الخميس 18 فيفري 2010 أعوان المركز المذكور بتمكينه من وصل يثبت تقديمه للمطلب للإستظهار به في قضاء بعض شؤونه هدّده أحد أعوان البوليس بتوقيفه فورا إن لم يغادر المكان … هكذا تداس حقوق المواطنين التي كفلها دستور البلاد …. فالحصول على جواز السفر لا يجب أن يكون منّة أو مزيّة و ليس هناك من مبرر لحرمان أي كان منه …. القيــــــروان : مدير مبيت جامعي يتهجّم على الطلبة …. وقّع 22 طالب على عريضة و جّهوها يوم الإربعاء 17 فيفري 2010 إلى المدير العام لديوان الخدمات الجامعية بالوسط للإحتجاج على تجاوزات مدير المبيت الجامعي كشاط حي الصحابي 2 بالقيروان المدعوّ محمد شاكــر الشــارد و إخلاله بواجباته كغيابه المتواصل أثناء فترات العمل و عدم حرصه على توفير الخدمات الضرورية للمقيمين بالمبيت و استعماله العنف اللفظي و المادي ضد الطلبة المقيمين و تهديدهم بالطرد و إلقاء أدباشهم على قارعة الطريق و استعمال ألفاظ سوقية مهينة تجاههم و يدرس الطلبة الموقعون على العريضة بالمعهد العالي للرياضيات التطبيقية و الإعلامية بالقيروان و قد عبروا عن استيائهم من المناخ العام السائد بالمبيت و الذي لا يشجع على الدراسة و قد يؤثر تبعا لذلك على نتائجهم في امتحانات آخر السنة …. المكتب التنفيذي الجديد للنقابة العامة للتعليم الثانوي : البيـــان رقم واحــــد …. في بيان ممضى من قبل الكاتب العام سامي الطاهري و صدر يوم الثلاثاء 23 فيفري 2010 طالب المكتب التنفيذي للنقابة العامة للتعليم الثانوي من جملة ما طالب به بـــ » التخفيض في سنّ التقاعد اعتبارا لمشقّة المهنة و بتحسين المقدرة الشرائية عبر زيادات خصوصية تراعي ارتفاع الأسعار و تفاقم المصاريف التي تتطلبها المهنة و حجم المسؤولية التربوية و التعليمية المنوطة بعهدة المربّي و المتمثلة كذلك في مراجعة الترقيات المهنية عبر التخفيض في شروطها و الزيادة في نسبتها …. و في المشاركة في نحت سياسة تعليمية وطنية تشمل التصورات و الأهداف و البرامج و المناهج و آليات التسيير و التمويل و مراجعة الوضعية المتردية التي آلت إليها المدارس الإعدادية التقنية » … في ذكرى مرور 40 سنة على المظاهرات المندّدة بزيارة روجرز : عاشت العاصمة التونسية خلال شهر مارس 1970 مظاهرات طلابية عنيفة احتجاجا على زيارة وزير الخارجية الأمريكي – آنذاك – وليام روجرز إلى تونس و القادم إليها لتسويق مشروع الإستسلام و فرضه على الأنظمة العربية و تم خلال تلك المظاهرات تهشيم المركز الثقافي الأمريكي الذي كان موجودا في تقاطع شارع فرنسا و نهج جمال عبد الناصر و كانت خلفية التحركات الطلابية غضب ورفض الطلبة لـــ » مشروع روجرز » القاضي بتشجيع الدول العربية و » إسرائيل » على وقف إطلاق النار و البدء في مباحثات سلام تحت إشراف الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غونار يارنغ بهدف تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 الداعي إلى إنسحاب » إسرائيل » من الأراضي التي احتلتها في 5 جوان 1967 و اعتبر الطلبة أن جوهر » مشروع روجرز » و هدفه النهائي تصفية القضية الفلسطينية و إخماد روح المقاومة و الإعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب ….. و قد تم – على إثر تلك المظاهرات و التحركات المكثفة – إعتقال عدد كبير من الطلبة كما تم حلّ المكتب الفيدرالي للإتحاد العام لطلبة تونس …. العميد حسّونــــة بن عيّــــاد في ذمّة اللّه : انتقل إلى جوار ربّه يوم الثلاثاء 23 فيفري 2010 البروفيسور حسّونـــة بن عيّـــاد الذي ساهم في تأسيس كلية الطب بتونس و كان عميدا لها طيلة عقد من الزمان أي من سنة 1976 إلى سنة 1985 و قد نجح الدكتور بن عياد سنة 1963 في القيام بأول عملية لتصفية الدم جرّاء العجز الكلوي و كان أول من استعمل الكلية الإصطناعية في إفريقيا و الوطن العربي سنة 1986 كما كان ممّن ساهموا في أول عملية لزرع الكلى بتونس سنة 1986 …. و قد كانت للفقيد مسيرة متميّزة في تدريس الطبّ و إثراء البحوث العلمية و قد تولّى سنة 1962 – عند عودته إلى تونس – رئاسة قسم الطب الباطني بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة و ساهم الفقيد في تكوين أجيال عديدة من الأطباء و الأطباء الإستشفائيين …. و للفقيد منشورات عديدة في اختصاص الطب الباطني و ارتفاع الضغط و داء المفاصل ( الروماتيزم ) و أمراض الكلى و الغدد الصمّاء و شارك في عشرات المؤتمرات المختصة داخل البلاد و خارجها …. صفاقـــــس : انتحار طالبة بإلقاء نفسها من الطابق الرابع …. شهد مبيت » الياسمين » بطريق المطار بصفاقس في حدود الساعة الثالثة إلا الربع ظهيرة يوم الثلاثاء 23 فيفري 2010 حادثا مؤلما تمثل في إقدام طالبة على الإنتحار بإلقاء نفسها من شرفة المطبخ الجماعي الموجود بالطابق الرابع لمبيت الياسمين للطالبات …. وتدرس الطالبة – وهي أصيلة مدينة الرقاب من ولاية سيدي بوزيد – بالسنة الأولى عربية بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بصفاقس و تقول زميلاتها اللاتي صدمن بالحادثة بأنها لم تكن تعاني في الظاهر من أي مشاكل نفسية أو مادية وهي مجتهدة في دراستها و تستعدّ للزواج خلال الصائفة القادمة و بالتحديد في شهر جويلية و بعد ساعات قليلة من حصول المأساة تكشّفت أسبابها الحقيقية حيث تلقت الطالبة المذكورة مكالمة هاتفية من خطيبها يعلمها فيها بفسخ خطوبته منها فنزل الخبر عليها كالصاعقة و لم تستطع تحمّله فقذفت هاتفها الجوال أرضا ثم ألقت بنفسها من الطابق الرابع فلقيت حتفها على عين المكان نتيجة النزيف الدموي الحادّ و الكسور في الجمجمة ….. مكثـــــر : تلميذ مخمور يثير الهرج في المعهد و يعتدي على القيّمين …. قضت المحكمة الإبتدائية بسليانة خلال الأسبوع الفارط بسجن تلميذ يدرس بمعهد خاص بمدينة مكثر ثلاثة أشهر و ذلك بتهمة » الإعتداء بالعنف الشديد على طاقم المعهد من القيمين » … و يوم الواقعة قام التلميذ – الذي كان في حالة هيجان – بتوجيه صفعة قوية لناظرة المعهد أمام أنظار الجميع و على إثر فعلته الشنعاء فرّ خارج المعهد و لكن تم لاحقا إلقاء القبض عليه و عرضه على القضاء …. و في الختـــــام : » إن خطورة الفساد لا تتوقف عند أشكال الرشوة و السرقة و أدوار النهّابين الكبار و الصغار و العوالق التي تعيش على امتصاص اقتصاديات الدول الفقيرة و سرقة عوائدها ، بل إن الخطورة الحقيقية للفساد تكمن في خراب القيم و هدم الأخلاق و المثل ، و تحويل مبادئ العلم و المنافسة و الإبداع إلى صفقات و خداع و ابتزاز و إلى أشكال مختلفة من الإحتيال و النهب و النفاق . و تحوّل الفساد إلى نهج في الحياة ، يلازم الأنظمة الفاسدة ، و يعيش في ثنايا البيروقراطية و المحسوبية و الإنتهازية و يؤسّس لتنمية شكلية فوقية تحسب تفاصيلها لأغراض تحقيق المنافع لهذه الفئة أو الجماعة أو تلك . و يهدف ذلك ، ليس إلى تأسيس منهج الفساد فحسب ، بل و إلى ضمان استمراره أيضا . فالفاسد يحمي الفاسد ، و الفساد يفرّخ الفساد ، و تلغى في مسار ذلك مؤسسات الرقابة و المتابعة و التدقيق ، و يكمّم الإعلام ، و تعزل وسائل الرقابة الشعبية و المنظمات و الأحزاب و البرلمانات عن ممارسة دورها في التصدّي و المقاومة ، حتى أضحى الفساد جزءا من لحمة الدولة و مؤسساتها . و استند الفساد إلى فلسفة تبرّره ، و قوّة تحميه و أدوات تنمّيه و تعظّم موارده . »
– عوامل الفساد و آثاره في الثقافة و الإعلام –
صبــــــاح ياسيـــــن
البقاء للّه : والدة الزميلة أحلام المساحلي في ذمة اللّه
اللّـه أكبــر بسم اللّه الرحمان الرحيم : « وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ». صدق اللّه العظيم
غيّـب الموت مساء الخميس 25 فيفري 2010 المرحومة الحاجة حبيبة أرملة المرحوم الحاج بشير المساحلي والدة زميلتنا أحلام المساحلي الصحفية بجريدة الحرية ويشيع جثمانها إثر صلاة عصر الجمعة 26 فيفري 2010 حيث يتم دفنها بمقبرة الجلازكما فجعت الزميلة أحلام المساحلي في صباح اليوم التالي بوفاة خالتها وزوج خالتها في حادث مؤسف. لتعزية الزميلة أحلام يمكنكم الاتصال بها على هاتفها رقم : 23301986 أو 98527330 شمل اللّـه أم زميلتنا وقريبيها برحمته الواسعة وأسكنهم فراديس جنانه، ورزق أهلهم وذويهم جميل الصبر والسلوان إنّـا للّه وإنّـا إليه راجعون. ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العظيم
(المصدر: موقع زياد الهاني الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 26 فيفري 2010)
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
بسم الله الرحمان الرحيم قال الله تعالى : » الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ » الآية 156 من سورة البقرة
إنتقل إلى جوار ربه تعالى السيد محمد لحلافي والد الأخت رشيدة لحلافي زوجة الأخ جمال الدين الفرحاوي نسأل الله أن يتقبله بالعفو والمغفرة للتعزيه الإتصال بالأخت على00441582459020 farhaoui jamel eddine ahmed
» نصيبي من الحقيقة » فأين نصيب الهاشمي من الأسئلة؟؟؟
الطاهر العبيدي لأني كالعديد أو كالبعض من التونسيين المهتمين بكل ما يتعلق ببلدهم ماضيا أو حاضرا أو مستقبلا، فقد تابعت » اعترافات » الوزير الأول السابق » السيد « محمد مزالي » استنادا إلى كتابه « نصيبي من الحقيقة »، من خلال الحلقات المتتالية التي بثتها قناة المستقلة اللندنية. حيث تطرّق إلى تجربته في السياسة والحكم. وللإشارة فقد قرأت هذا الكتاب في نسخته الفرنسية أوّلا حين وقع تقديمها في مركز الصحافة الأجنبية بباريس، حيث أهداني يومها الكاتب مشكورا نسخة اطلعت عليها بانتباه، كما قرأت النسخة العربية، وحين تمّ الإعلان في قناة المستقلة عن استضافة السيد محمد مزالي حرصت رغم المشاغل على متابعة الحلقات، ولئن كان « الهاشمي الحامدي » مدير القناة كعادته يترك المجال فسيحا لضيوفه للتعبير دون مقاطعة، على عكس ما يفعل البعض الذين لا يتركون لمستجوبيهم أحيانا بداية التطرّق للموضوع، فيصبح الصحفي أو مقدّم البرنامج السائل والمجيب في نفس الوقت، إلا أني هنا لاحظت أن » الهاشمي الحامدي » كان غائبا تماما عن طرح الأسئلة الجريئة، واكتفى بمجاملة الضيف دون الغوص في بعض الأسئلة المشاكسة، التي تقتفي آثار نصف الحقيقة الغائبة. فظهر الوزير الأول السابق ضحية المؤامرات الكيدية المتهاطلة عليه من كل جانب، وبدا زاهدا في السياسة والحكم. وفي الطرف المقابل كان » الهاشمي » حذرا في طرح أي سؤال ولو كان بسيط الإحراج على ضيفه، مكتفيا ببعض التعليقات التي تساير مزاج الوزير السابق. رغم أن الهاشمي عايش تلك الفترة بكل تضاريسها وتشعباتها، غير أنه أغمض عينيه عن العديد من االتفاصيل، من خلال عدم محاولة نفض الغبار عن الزوايا الخلفية لتلك المرحلة، ممّا جعل الحقيقة ذات نصيب أحادي الجانب، كما أن الهاشمي في كل مرة يفرّ من الموضوع ليستشهد بالسياسة البريطانية، في حين أن المقارنات هنا لا تستقيم باعتبار الفارق السياسي والمؤسساتي بين النمطين، إلى جانب أن الهاشمي لم يفتح المجال لبعض الأسئلة من خارج الأستوديو، لتشريك من يرغب في طرح ما تغاضى عنه » الهاشمي » مجاملة، أو محاباة، أو مجاراة أو موالاة للضيف أو لبعض الأطراف. ولكي اختصر المسافات استأذنك أستاذ » الهاشمي » واستسمحك سيدي » الوزير الأول السابق » في طرح بعض الأسئلة أو أن شئت بعض الاستيضاحات: 1 / ذكرت سيدي » الوزير الأول السابق » في أحدى الحلقات أنك لم تكن على علم بحصص التعذيب التي تقام في وزارة الداخلية، فدعني أقول لك سيدي الوزير الأول السابق أن الإجراءات المتبعة من طرف المحامين المتولين الدفاع عن المعارضين السياسيين، فأول إجراء يقومون به هو إرسال » فاكس » لوزير الداخلية وآخر لوزير العدل وثالث للوزير الأول، لإعلامهم بان موكلهم في وزارة الداخلية، وينبهون من ممارسة التعذيب ضد منوبيهم ؟ ثانيا / سيدي الوزير الأول السابق لعلك أنت من تتحمل تشقيق الاتحاد العام التونسي للشغل، حيث كنت أول من ابتكر مصطلح » الشرفاء « . ولو عدنا لتلك الفترة لسمعنا مئات الخطب الحماسية بصوتك التي أسست لهذا » المسعى « ، الذي أحدث شرخا مزمنا في الاتحاد العام التونسي للشغل، وحطم هذه المنظمة التي كانت رصيدا وطنيا يعتزّ به؟ ثالثا / سيدي الوزير الأول السابق لا أظنك تنسى أو تتناسى أن زيارتك للمدن للقرى للأرياف، كانت لكي تكون ذات » نجاعة » حسب مفهومك تتم بشكل استعراضي، يساق فيها المواطنون في الشاحنات كالأغنام وتتعطل المدارس والمعاهد والإدارات والمصالح، من أجل تزفيت أرصفة الطرقات بالجيوش المجيشة من المطبلين والمزمّرين والمصفقين والراقصين والمهرّجين، للتحوّل الشوارع إلى أسواق للممارسة أنواع » النفاق المكشوف « . رابعا / يا سيدي الكريم الكل سمع خطابك المتشنج في التلفزيون التونسي يوم 5 جانفي 19984 إبان ثورة الخبز، حيث وصفت المتظاهرين بالشرذمة والرعاع، وطالبت بالضرب على أيديهم بقوّة، وظللت تهدّد وتتوعّد، وكنت متفاعلا مع كلامك، ومتناغما مع قولك، وليس كما صرّحت فرض أو أملي عليك بالإكراه أن تتخذ هذا الموقف. خامسا / سيدي الوزير الأول لم تعطينا نصيبك من منشور 108 الذي التصق بك، حتى بات يعرف إلى الآن بمنشور مزالي. سادسا / سيدي الوزير الأول تفاقمت في عهدك البطالة، فاقترحت مشروع » صرا ورتان » بالشمال الغربي، وقد وعدت بأن هذا الانجاز سيشغل 000 20 عامل، وبقي هذا المشروع حبيس دعاية التلفزة والإذاعة مدة 5 سنوات، حيث لم يظهر منه سوى تجهيز مبنى خشبي، تحت عنوان إدارة المشروع في » دير الكاف » ثم اندثر في صمت… سابعا / سيدي » الوزير الأول السابق » في عهدك ابتكر مصطلح » عيون لا تنام « ، وهم » قطيع من الوشاة « ، الذين يحبسون الأنفاس، حتى صار الجار يخاف جاره.. وبرزت » ثقافة » الرسائل الكيدية والوشايات باسم » الوطنية » لخنق مفاهيم الحرية… هذه سيدي » الوزير الأول السابق » بعض الشذرات أطرحها في الهواء الطلق، لعلها تجد إجابات في مكتبة التاريخ، ليكون للأجيال القادمة بعضا من النصيب المخفي من الحقيقة المتوارية… دون نسيان أن مجلة الفكر التي أسستها سيدي » الوزير الأول السابق » هي فضاء يستحق التقدير والاهتمام…
مبادرات الإتحاد الديمقراطي الوحدوي بين مصادر القوّة وعوائق التنفيذ: نحو مقاربة حزبية أخرى (الجزء الثاني)
بقلم: عبد الفتاح كحولي بعد أن أجرى الكاتب تقييما لمقاربة الحزب في إعلان مبادرتيه ( مبادرة مؤسسة الحوار الوطني ومبادرة مطالبة فرنسا بالإعتذار والتعويض) هاهو في الجزء الثاني يعرّج عن التدبير العملي لإطلاق المبادرتين وممكناته وعوائقه ثم التأكيد على تطوير مقاربة الحزب في الدّخول إلى مرحلة الإطلاق المشترك للمبادرات . 1 – السياق الدولي: لقد عرفت الإنسانية على امتداد العقد الأخير من القرن الماضي وهذا العقد الأول من الألفية الثالثة اندفاعا هائلا نحو نزعة حروبية متوحّشة استخدمت فيها أشدّ الأسلحة فتكا ولعلّ ما حصل في البوسنة والعراق ولبنان وغزة وغيرها من مناطق العالم يُعدّ التعبير الأكثر وحشيّة عن هذه النزعة. كما عرفت الإنسانية خلال نفس الفترة اندفاعا هائلا لقوى السّوق نجم عنه تفاقم ظواهر البطالة والتشرّد والجوع والمرض. لقد صارت الإنسانية أمام منعطف خطير يهدّد قيمها بل حتى وجودها نفسه ولكن في المقابل نشأت حركات « اعتراضية » متعاظمة ضدّ المحرقة ومختلف اشكال إهانة الكرامة الإنسانية . ولا شك أن هذه الوقائع تؤشر لبروز نزعة إنسانية جديدة تقف في وجه الحرب والهيمنة والنّهب والجوع والفقر وتبديد الثروة الطبيعية وممّا لا شك فيه أيضا أن المطالبة بالإعتذار والتعويض قد يشكّل مدخلا من مداخل تحرّر شعوب الأرض من المخلفات النفسية للإستعمار وإحدى حلقات هذه النزعة الإنسانية الجديدة المدافعة عن القيم وعن شرف الإنسان وحقه في وجود أجمل . إن المبادرتين المذكورتين أعلاه تعبّر عن إعلاء واضح لكلّ ما هو قيمي وأخلاقي وعن ترجمة واضحة لثوابت الحزب وتقدير كامل لما هو مشترك وتعبير عن الأبعاد الوطنية والعربية والإنسانية فالمسوغات السياسية والأخلاقية والإنسانية هي مكمن قوة المبادرتين بما يوفر عنصر « الحاجة الملحة » لإطلاقها. 2 – التدبير العملي لإطلاق المبادرتين وممكناته وعوائقه: لم تحقق المبادرة الأولى بوصفها مبادرة يتم تحريكها داخل المجال الوطني درجة من التفعيل يذكر فرغم سعي الحزب إلى التعريف بها في مختلف المنابر العامّة فإنها لم تلق الإهتمام اللازم من أغلب الفاعلين السياسيين إن لم نقل كلهم. في مقابل ذلك حققت المبادرة الثانية مكاسب مهمّة لأن مجال تحريكها يمكن أن يتجاوز المجال الوطني إلى غيره رغم كونها مبادرة وطنية قبل كل شيء هدفها الأول اعتذار فرنسا للشعب التونسي. فقد لقيت تجاوبا كبيرا من المشاركين في مؤتمر الأحزاب العربية (نوفمبر 2009 ) بلغ درجة تبنيها في بيانه الختامي كما لقيت تجاوبا في أقطار عديدة أهمّها المغرب (مشاركة الأخ الأمين العام في ندوة تناول هذا الموضوع). إن نجاح المبادرة الثانية – وإن نسبيا – على المستوى العربي قابلته عوائق عديدة في تفعيل المبادرتين وطنيا فالأحزاب السياسية لم تحرّك ساكنا ولم تبرز مواقف إيجابية إزاءهما خاصة وأن تفعيل مثل هذه المبادرات يتطلب عملا جماعيا بين كل القوى أو أغلبها فآليات التفعيل لا يمكن أن تكون حزبية بل مشتركة ولعلّ عدم اهتمام الأحزاب بمثل هذه المبادرات يعود إلى الأسباب التالية: – لم يرتق السلوك السياسي في تونس إلى حالة من النضج تسمح لمكونات المجال السياسي بالتفاعل إيجابيا مع أي مبادرة حتى إذا كانت متصلة بجوامع مشتركة بين كل الأطراف وبتحقيق مصلحة عامّة فلا تزال ثقافة التنافس طاغية على ثقافة التفاعل والعمل المشترك. -لا تزال الثقافة السياسية حبيسة الآراء المسبقة والنزعة الإتهامية وزعم العلم بالكواليس فالكثير من النصوص التي نشرت حول المبادرة الثانية لم تكلّف نفسها عناء البحث في إيجابياتها وعن المشترك فيها بل مالت إلى الإدانة من منطلق إدّعاء المعرفة بخلفياتها. إنها ثقافة البحث عن الخلفيات والنّبش في « السرائر » والتناول المرضي لوقائع السياسة بشكل يعطّل ثقافة إيجابية تدعم العمل المشترك. -صعوبة القفز على الطابع الحصري (exclusif) للمبادرة بوصفها صادرة عن جهة محدّدة والتفكير فيها من منطلق الخشية من تحوّل الإنجاز المشترك إلى رصيد الجهة المطلقة للمبادرة دون سواها . إن هذه المعوّقات تثير إشكالية التفعيل وحدود الممكن وتستوجب تطوير مقاربة الحزب في إطلاق المبادرات فهل يكفي لإطلاقها البحث عن مسوّغاتها السياسية والأخلاقية والوطنية أم أن البحث في عوائق تفعيلها صار ضرورة لتوفير شروط نجاحها. IV – في ضرورة تطوير المقاربة: لا شك أن حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي يحقّ له أن يكتب في سجلّه إدراكه للمبادرات التي يجب إطلاقها من أجل معالجة أوضاع معيّنة ولكن بين الواجب والممكن مسافة . فقد نجح الحزب في تغيير طريقة تفكيره ومزيد تعميق صلاته بالواقع كما نجح في إثبات مصداقيته أمام الرأي العام ولكن التقييم الموضوعي الذي رصد مكامن القوة في المبادرتين وعوائق التفعيل يمكن أن يفتح مسارات جديدة ويفتح أفاقا أخرى في تدبير كيفية إطلاق المبادرات. فأمام العوائق التي كشف عنها رصْدُنا لأهمّ سمات المجال السياسي صار من اللازم تغيير كيفية إطلاق المبادرات وتحويل الإطلاق ذاته كفعل مبادأة من إطاره الحصري الذي يخصّ حزبا محدّدا إلى إطار مشترك حتى نتجاوز مفاعيل الثقافة السياسية السائدة ونمكن المبادرات من أقصى عوامل النجاح. إن تحويل المبادرات من فعل حزبي ضيّق إلى فعل مشترك يتطلب التمهيد لإطلاق تلك المبادرة الجماعية بتعميم النقاش في موضوعها بين أحزاب عديدة من أجل إنضاج الفكرة كمقدّمة لإطلاقها جماعياّ. إن الثقافة التي اكتسبها حزبنا والتي تؤكد على أسبقية العام والمشترك على الحزبي في سلم الأولويات كفيلة بتعبئة مناضلينا حول أي عمل مشترك ولن يمسّ موقع حزبنا في الساحة السياسية انخراطه في منطق الإطلاق المشترك للمبادرات. إن جوهر هذه المقاربة هو التحوّل إلى مرحلة الإطلاق المشترك للمبادرات بعد أن أبان التقيين عن عوائق في التفعيل لا تتصل بأوضاع حزبنا بل بالسّمات التي لا تزال تطبع المجال السياسي عامّة خاصّة وأننا ندرك ان التفعيل ليس عملا حزبيا بقدر ما هو عمل مشترك يستوجب تفاعل بقيّة الأطراف. إننا نعرض هذه الورقة ليكون محتواها مدار نقاش بين مناضلي الحزب وقيادته فقدرُنا أن نظلّ دوما متواضعين في عالم تطبعه ثقافة النسبية وسمة التغير وأن نمارس التقييم المستمر لأعمالنا تقودنا رؤية تؤسس للجدوى والفعالية في العمل السياسي. وإننا إذ نعرض هذا التقييم على الرأي العام قبل عرضه على هياكل الحزب فلنؤكد أن حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي مفتوح على الرأي العام وأنه يسعى إلى التضييق المتواصل لدائرة « الكواليس » لأن تضييق دائرة « الكواليس » بإمكانه أن يطوّر المشهد السياسي كما يمكن أن يوفّر مادّة أكثر حيويّة لصحافتنا. (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 126 بتاريخ 26 فيفري 2010)
الأفكار السياسية بتونس بين منطق الحوزة الفكرية وضرورات المستقبل
بقلم الأستاذ : محمد علي في البدء نحن لا ندّعي علما واسعا أو جهبذة في المعرفة بقوانين السياسة ولا ننصّب أنفسنا حكما على المعنيين بالسياسية والفكر في تونس وكذلك نحن لا نستهدف أحدا يمثل هذه المداخل الممكنة والملاحظات في المسألة السياسية. بل هاجسنا فعلا هو مقاربة أولية ممكنة نكون محلّ حوار نسهم من خلالها في فتح المجال أمام تطوير الأفكار السياسية ووضع مقدمات لمسالك جديدة ربّما نحو آليات أكثر تقدّما للتفكير والفعل السياسيين ولعلّنا في ذلك تكون قد أفدنا من التجربة في السياسي والحزبي، تجربة سياسي متواضعة وبسيطة تنبّه إلى بعض الأسباب التي تحول دون حراك سياسي أكثر نماء يمكّننا من وضع طريق مستقبلية افضل للحياة السياسية والفكرية بتونس وهنا نرصد عائقين أساسيين لا بدّ أن ننتبه إليهما حتى يتحقق هذا الهدف. 1 – عائق ذاتي متعلق بالأحزاب السياسية: لا نستطيع أن نتحدث عن عوائق لنموّ الأفكار السياسية دون الحديث عن حال الأحزاب السياسية » وأثرها في ذلك. فبالإضافة إلى ما أشرنا إليه في مقال سابق « لم لا تتطور الأحزاب السياسية في العدد 125 من جريدة الوطن من مشكلات النشأة والبناء الهيكلي ومشكلة التأسيس فإن أداء هذه الأحزاب ظلّ إلى الآن غير مستقرّ رغم محاولات الضبط والبرمجة. هذه الأحزاب تجتهد في مجملها على خلق جاذبية سياسية من ناحية البرامج ومن ناحية الآداء والمقاربات في المسائل ذات الأولوية كالإجتماعية والإقتصادية لكنها ظلت تحت تأثير الأمزجة والميولات الفردية أحيانا وكذلك إحراجات المتطلبات الدولية في فترات الأزمات أو التجاذبات بين المعسكرات التقليدية والحديثة ( الإتحاد الأوروبي مثلا…) ومتطلبات الظرفيات السياسية بتونس التي كانت تتطلب من الأحزاب مقارنات نقدية دقيقة تمكّن من الإستجابة للحدّ المعقول الذي يقبله جمهور المهتمّين بالشأن السياسي العام بعيدا عن المزايدة بالملفات السياسية وبعيدا عن سياسة التردّد والضبابية في الموقف حيال هذه الملفات، مثال ذلك ملف الرابطة وملف المنظمة الطلابية والملفات الحقوقية الإجتماعية الأخرى. فحال ذلك دون أن تصبح هذه الأحزاب مراكز جذب سياسي يشجع على الإنخراط في العمل السياسي ويسهم في تطوير الأفكار والمقاربات وتصبح أيضا قاعدة حوار جدّي يوسّع جبهة التّسيّس ويضيّق دائرة اللا تسيّس هذه الثغرة التي يمكن أن يستغلها كل من كان يعادي التفكير المدني وتبعدنا عن دائرة الخطابات التي تؤسس لمنطق المزايدة وتضخّم الذوات السياسية والتي حوّلت الأفكار السياسية في بعض الأحيان إلى مجرّد توصيفات انفعالية وانطباعية عامّة وعائمة في حزمة من الجمل الجاهزة التي تكون في مجملها قواعد تفكير أومقاربات موضوعية نتجاوز بها ضعف الحياة السياسية وأداء السياسيين وهو أمر متّفق فيه بين كلّ الأطياف الحزبية أو السياسية. نضيف على ذلك ظاهرة لافتة ومخيفة ظاهرة التعصّب الحزبي والتي عطّلت في كثير من الأحيان الإستماع إلى وجهات نظر مغايرة ولغير المنتمين حزبيّا ممّا يُصطلح عليه « بالوثوقية الحزبية » هذه الأنا الحزبية المتضخّمة تضع سدّا أمام رؤية الآخر أومحاورته في غالب الأحيان وقد أدّى هذا التعصّب الحزبي إلى صناعة ردّة فعل رافضة للتحزّب من المؤهلين للإنخراط في الحراك السياسي الحزبي والمساهمة في تطوير آدائها (الأحزاب) وتطوير الأفكار السياسية بتفعيل ندوات الحوار والمنتديات والمبادرات والصحف الحزبية . 2 – عائق يتعلّق بالمؤهّلين لخوض غمار الحياة السياسية والحزبية: العناصر في هذه المعضلة كثيرة ومتشعّبة ربّما فيها عديد التقاطعات المحلية والدولية، لكننا سنكتفي بمداخل ممكنة بالنسبة إليها وأخصّها الصراع التاريخي الذي عرفته الجامعة التونسية بين مختلف الأفكار السياسية والإيديولوجية أساسا تحت عنوان أزمة « المنهج » وآليات التفسير ونظريات التغيير. ذلك الصراع الذي عرفته سنوات الذروة في أكبر ساحة للمقارعة الفكرية سعت خلاله مختلف الإيديولوجيات إلى احتواء العقل الطّالبي واستقطابه بنوع من الإحتراب الذي تخلّى في بعض الأحيان عن الآلية الديمقراطية الحضارية تحولت بها هذه النظريات من مقاربات أولية في حاجة إلى تطوير وتحيين يستجيب للتغييرات التي يعرفها المجتمع الإنساني ويتمثل تطوّر الفكر السياسي العالمي وخاصّة الفكر الديمقراطي التعدّدي اللازم لبناء مجتمعات مدنية عصرية حديثة ثمّ تحوّلت هذه الأفكار مع الصراع المتواصل وعقلية احتواء المتعاطفين إلى مرجعيات فكرية مغلقة حول ذاتها رافضة غالبا للآخر إلا بمنطق ضرورة مواصلة الوجود فأصبحت بذلك في مجملها أمام مقدّسات وحرمات لا يحتمل أصحابها النقاش فيها ومثلت أجوبة نهائية وجاهزة عن كلّ أسئلة الحياة والوجود ، أفكار مغلقة لم تسهم كثيرا في تغيير ملامح الواقع رغم صدقها بل نجحت في خلق نوع من الإطمئنان الذاتي والرّضا عن النفس وغلبت بذلك نزعة الإنطواء حول الإيديولوجيات مدافعة بكل حدة عن المقولات متردّدون في الخوض في الفعل السياسي. هذا الإحتماء بالإيديولوجيا أنشأ نوعا من التفكير « التكفيري » مع اعتبارنا لدور الإيديولوجيا فلسنا من دعاة نهاية الإيديولوجيا بل نحن من دعاة تطوير الأنساق الفكرية وآلياتها وحداثتها لإنتاج مقاربات فكرية ديمقراطية غيرمنغلقة تنمّي حياة الإنسان. هذه الإيديولوجيات تحوّلت إلى نوع من التنظيمات على آلية الشيخ والمريدين ،تحوّلت إلى « حوزة فكرية » وصلت إلى حدّ تكفير الآخر واعتباره مرتدّا حين لم يلتزم بالعناوين أو الجمل التقليدية وحين كانت الدعوة ضرورية إلى وضع الأسئلة والإنفتاح على التعدّد والمحاورة التي نتخلّص فيها من المسلّمات الإيمانية ثم تعطّل بذلك تحوّل هؤلاء المؤهّلين أو جمع منهم غير قليل إلى الإنخراط في العمل الحزبي وصناعة ورشات فكرية مفتوحة تتطوّر من خلالها الأفكار والمقاربات بل على العكس خلقت كما قلنا مقاييس فكرية انضباطية تقديسية شدّت المريدين عن الفعل الديمقراطي التعدّدي وارتكنوا إلى حوزات تحتفل باطمئنان شعارات مقدّسة بعناوين التقدمية الملتفتة إلى قداسة النشأة والتأصيل التقليدي والإنكفاء في عوالم الذات الإيديولوجية تنقيبا وبحثا عن أجوبة لأسئلة مستحدثة وفي علاقته بعالم متغيّر يتطلّب أساسا عقلا ديمقراطيا متعدّدا. ربّما يتراءى للبعض أن ما قيل فيه نوع من التحامل المبالغ أو المستفزّ لكن نؤكّد مرة أخرى أن الغاية الفعلية هي المساهمة بقدر الفهم طبعا فنحن لا ندّعي علما في فتح الحدود بين الأفكار والمقاربات وفك الخطوط المغلقة حتى نتخطى ما يمكن أن نصطلح عليه بالسلفية الفكرية فللأسف نرى أن السلفية ليست فقط الفهم المطلق للنصّ الديني الملتفّ حول الذات بل السلفية أيضا حين تتحوّل الأفكار السياسية إلى حوزات ومرجعيات مقدّسة لا تقبل الآخر ولا تحتمل منطق المراجعة وإعادة قراءة الذات الفكرية في علاقة بالتعدّد الضروري تحت عنوان » الحقائق النهائية » والمقاربات الأحادية التي تنتج في سيرورتها سوى فكرة استبدادية مضافة ودكتاتورية محتلة تتحيّن الفرصة من أجل التحول إلى سلطة جديدة مهيمنة وكلّما ابتعدنا عن نسبية الفكرة منعنا أنفسنا عن الإستماع إلى الآخر وحوّلناها إلى درجة مركّزة من الإنضباطية الإيديولوجية قد ترضي ذواتنا ولكنّها لا تصنع التاريخ ولا تجيب عن أسئلة المستقبل أسئلة الحياة المدنية المتغيرة والمعقّدة. نقول هذا من أجل وضع الأفكار التقليدية على محكّ العقل والنّقد واتّخاذ أدوار إيجابية فاعلة وميدانية تساعد على تطوير الأفكار والأحزاب لتصبح ساحة السياسة بتونس ساحة للمنافسة الفكرية المفتوحة على التعدّد البعيدة عن التمترس. (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 126 بتاريخ 26 فيفري 2010)
في الدّورة 37 للنّدوة المولديّة بالقيروان: دور علماء تونس في مقاومة البدع والطّائفيّة
بقلم: رضا السويسي انعقدت بمدينة القيروان على امتداد يومي الاثنين والثّلاثاء 8/9 ربيع الأول 1431 هجريّة ـ 22/23 فيفري 2010 ميلاديّة النّدوة المولديّة السّنويّة تحت سامي إشراف رئيس الجمهوريّة. وقد افتتح هذه النّدوة الّتي انعقدت بمقرّ الولاية وزير الشّؤون الدّينيّة الّذي ألقى بالمناسبة كلمة مطوّلة بينما اشتملت الأنشطة العلميّة للنّدوة على ثلاث جلسات علميّة تخلّلتها سبع مداخلات: ـ البدع في مجال ممارسة الشّعائر الدّينيّة ودور علماء تونس في التّصدّي لها، للأستاذ البشير البوزيدي. ـ قراءة سوسيولوجيّة في ظاهرة التّمذهب الطّائفي، للأستاذ علي الهمّامي. ـ الإمام سحنون ومقومة البدع والطّائفيّة، للأستاذ محمد الحبيب العلاّني. ـ البدع في مدوّنة الشّيخ محمد الطاهر بن عاشور ومعاصريه، للأستاذ جمال الدّين دراويل. ـ دور حركة الإفتاء في مقاومة البدع والطّائفيّة، للأستاذ محمد جمال. ـ الفرق الصّوفيّة بين الايجابيّة والسّلبيّة، للأستاذ محمد العزيز السّاحلي. ـ دور الإعلام في التّصدّي للبدع، للأستاذ البشير نقرة. وخلال كلمته، تولّى وزير الشّؤون الدّينيّة عرض محاولة قراءة عقليّة واجتماعيّة للدّين مُعتبرا أنّ للدّين أو » المنهج القويم » دور فاعل في التّنمية بمفهومها الشّامل فضلا عن الدّور الّذي يلعبه الفهم الصّحيح للدّين في مقاومة البدع وإبعاد المجتمع عن خطر الانبتات ودفعه إلى مزيد التّجذّر ومجابهة « ما يُمكن أن يطرأ ويستهدف خصوصيّتنا الوطنية ويخدش انتماءنا الثّقافي والحضاري ». وقد أكّد الوزير على العلاقة العضويّة بين « الفهم الصّحيح للدّين » والعلم فذكر أنّه « بالاستقراء والتّتبّع يستنتج البحث أنّ الإسلام عقيدة وشرعا ( نظرا وتطبيقا) لا يمكن أن يقود إلاّ إلى العلم الصّحيح حتّى أنّ بعضهم قال: حقائق الأشياء ثابتة والعلم بها مُتحقّق خلافا للسّفسطائيّة وأسباب العلم للخلق ثلاثة: الخبر الصّادق والحواس والعقل »، وانتقد في هذا الإطار بعض « الظواهر المرضيّة » القائمة في وسائل الإعلام والّتي تلقى رواجا لدى عامّة النّاس مثل « حظّك اليوم وإعلانات التّداوي بالشعوذة والإيهام بالعلاج بالقرآن. كما أشار الوزير في كلمته إلى » التّأويل المغرض للنّصوص تأسيسا للطّائفيّة وإرادة إدخال البلبلة والفتنة في المجتمع وتكييفا لها حسب الميولات المرذولة والهوى، وانتصارا لمذهب دخيل لا يتناسب والموروث الثّقافي والحضاري أي هو بعيد كلّ البعد عن السّند الأصيل الذي توارثته الأجيال ليكون محلّ فخرها واعتزازها ورموزا لوحدتها المجتمعيّة ». وخلال كلمته اعتمد الوزير على العديد من المقتطفات من خطب رئيس الدّولة المركّزة على عناصر « الوسطيّة » و »الاعتدال » و »التّسامح » معتبرا أنّ هذه المفاهيم المستمدة من فهم متفتّح للدين هي مفاتيح سلامة المجتمع وتقدّمه بعيدا عن الصراعات الدّاخليّة. هذه المفاهيم كانت حاضرة أيضا بقوّة في مجموع التدخلات الّتي قدّمها الأستاذ أبو القاسم العليوي رئيس ديوان وزير الشّؤون الدّينيّة أثناء رئاسته للجلسة العلميّة الأولى فضلا عن حضورها الكثيف خلال مختلف المداخلات تصريحا وتلميحا ممّا حوّلها إلى ما يُشبه الهدف المعرفي والسّلوكي للنّدوة. وقد وردت مداخلات النّدوة على قدر كبير من التّنوّع من حيث المحاور والأبواب المعرفيّة الّتي تطرّقت إليها إذ اشتملت على أبعاد فقهيّة وتشريعيّة وأخرى كلاميّة ـ نسبة إلى علم الكلام ـ إلى جانب ما بدت عليه بعض المداخلات من انغماس في روح العصر وفي المشاغل المباشرة للمجتمع مثل مداخلة « قراءة سوسيولوجيّة في ظاهرة التّمذهب الطّائفي » ومداخلة « دور الإعلام في التّصدّي للبدع ». أمّا النّقاش فقد غلب عليه طابع التّساؤل والاستفسار حول بعض المفاهيم والمواقف كما وردت بعض الاقتراحات بتشكيل لجنة علميّة وطنيّة دورها رصد حالات البدع الّتي مازالت سائدة في بعض المناطق ووضع خطط للتّصدّي لها. على أنّ تعامل بعض المتدخّلين مع المفاهيم والقضايا الفكريّة المطروحة قد بدا في بعض الأحيان متسرّعا ـ معرفيّا ـ ومحكوما بمواقف مُسبقة يغلب عليها البُعد والهاجس السّياسي الظّرفيّين أكثر منه التّناول العلمي القادر على الدّمج المنهجي بين القراءة التّاريخيّة والقراءة الاجتماعيّة والنّفسيّة والقراءة الدّينيّة العقلانيّة حيث تمّ التّعرّض إلى ظاهرة التمذهب على أنّها ظاهرة تقوقع طائفي وبالتّالي فهي ظاهرة سلبيّة هدّامة للمجتمع دون محاولة قراءة السّياق التّاريخي الّذي ظهرت فيه مختلف تيّارات ومذاهب الفكر العربي الإسلامي سواء منها الّتي بقيت في حدود الأبعاد الكلاميّة والفكريّة والفلسفيّة أو الّتي دخلت معترك الحياة السّياسيّة منذ أحداث الفتنة الكبرى وما عقبها من فتن وصراعات كما غاب الحديث عن دور الفرق والمذاهب في إثراء المشهد الفكري والثّقافي العربي الإسلامي حيث كان الاختلاف الفكري والسّياسي وراء أكبر عمليّة إثراء للفكر العربي الإسلامي وتوسيع دائرة الاجتهاد فيه بالتّفسير والتّأويل والإفتاء وتعضيد الدّين بالحجج العقليّة وهو ما عرف بعلم التّوحيد أو علم الكلام انتهاء إلى ظهور الفلسفة الإسلامية كما أنّ الفهم التّاريخي لظاهرة المذاهب الإسلامية يقتضي العودة إلى الظّروف السّياسيّة التي ظهرت فيها هذه المذاهب وما فرضته عليها عمليّات القمع الّتي تعرّضت لها في العهدين الأموي والعبّاسي من ابتكار طرق عديدة للعمل والتّخفّي وما ولّدته في معتنقيها من رغبة في الثّأر والانتقام تحوّلت مع الزّمن إلى حالة من التّعصّب الممنهج والمتجذّر توارثه أصحاب هذه المذاهب وزادوا عليه … فالغلوّ المذهبي في التراث الإسلامي كان وليد عدّة مؤثّرات لعلّ الاستبداد السّياسي كان أبرزها. أمّا التّعامل مع التّمذهب كواقع سياسي اليوم فيجب النّظر إليه في أبعاده التّاريخيّة ، هذا صحيح، لكن أيضا يجب وضعه في صلب صراع الاستراتيجيّات الدّوليّة والإقليمية من أجل التّفكيك والهيمنة وفرض النّفوذ، إذ في هذا المستوى تبرز خطورة التّعصّب المذهبي الّذي يعمي أصحابه عن المسالك السّليمة فيصبحون أدوات لتنفيذ استراتيجيّات هدّامة وافدة من الخارج في إطار توازنات إقليمية ودوليّة وهو ما تشهده العديد من الأقطار العربيّة لعلّ العراق أبرز نماذجها لكنّه ليس المستهدف الوحيد. إنّ هذه النّدوة الّتي كانت، بذكر منظّميها، الأولى الّتي تتناول هذا الموضوع الحسّاس الّذي أصبح يكتسب أهمّية متصاعدة خاصّة أمام تحوّل الصّراعات المذهبيّة والطّائفيّة إلى سلاح استراتيجيّ في يد العديد من القوى الإقليمية والدّوليّة لتحقيق أهدافها في التّمدّد والهيمنة. فمشروع بريجنسكي مستشار كارتر لإحكام السيطرة على المنطقة العربيّة قام منذ نهاية السّبعينات على مبدإ خلق صراع دائم بين ما أسماه الإسلام السّنّي والإسلام الشّيعي وهو ما بقيت تعاني منه الأمّة العربيّة إلى يومنا هذا لتضاف إليه فتن الأقلّيات الدينية والعرقيّة فمن فتنة العراق إلى أزمة الأقباط في مصر إلى محاولة افتعال قضيّة بربريّة في المغرب العربي إلى سعي لإحياء المذهب الشّيعي في تونس والمغرب العربي وهو ما كان موضوعا لملف أنجزته » الوطن » في أحد أعدادها السّابقة. إنّ مثل هذه الصّراعات والفتن المثارة في المجتمع إنّما هي قائمة في أساسها على حالة من التّعصّب والرّغبة في استئصال الآخر في إطار نزوع بغيض إلى التّكفيريّة البعيدة عن كلّ فهم سليم وعقلانيّ للدّين في قيمه ومقاصده وكذلك عن كلّ إدراك سليم لقوانين تطوّر المجتمعات فتكون نتيجتها جرّ المجتمع إلى الخلف والعودة به من أهدافه الكبرى الّتي يروم الوصول إليها إلى حالة دفاعيّة قد تنتهي بالسعي للحفاظ على الوضع القائم خوفا من مزيد التّراجع… وهذا هو اليوم حال العرب الّذين كانوا منذ سنوات يسعون إلى بناء الدّولة القوميّة بديلا عن التّجزئة القطريّة وهاهم اليوم يدافعون عن الدّولة القطريّة في مواجهة التّقسيم الطّائفي.
(المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 126 بتاريخ 26 فيفري 2010)
تراجع حاد في الاستثمارات في مناطق شرق البلاد
توضيحات الوزارة تزيد من حيرة الأولياء
قال السيد وزير التربية والتكوين في الندوة الصحفية التي عقدها يوم 4 فيفري 2010 إن تلاميذ الإعداديات النموذجية سيتمكنون هذا العام من فرصة استثنائية للارتقاء إلى المعاهد الثانوية للنخبة على أساس معدل 15 من20 دون المرور بمناظرة النوفيام كما ورد بمنشور 2007انصافا لمن اختار هذا المسلك على أساس هذا الإجراء التفاضلي..غير أنّ هذا التسامح سيكون الأخير ليصبح الجميع سواسية أمام المناظرة ولكل من تتوفر فيه شروط الالتحاق بالنموذجيات الثانوية حق في الانتماء إليها دون مفاضلة بين تلميذ وآخر إلا بالاستحقاق. كما أكد السيد الوزير أن مبدأ الإنصاف المعتمد في هذه الحال وإن يعتبر استثنائيا فإنه لن يكون على حساب تلاميذ التعليم العام الذين وفرت لهم الوزارة فرصة الالتحاق بالنموذجيات الثانوية دون المس من حظوظهم تكريسا لمبدإ العدالة وذلك بتوسيع طاقة استيعابها بأكثر من 50 بالمائة من طاقتها الحالية التي سترتفع من ألفي مقعد سنة 2009 إلى2415هذا العام ليرتفع العدد خلال الموسم الدراسي القادم إلى3400 مقعد نصفها مخصص لتلاميذ الإعداديات العادية. وشدد الوزير على وجوب احترام قاعدة دخول المؤسسات التعليمية للنخبة على أساس المناظرة وليس على أساس المعدلات السنوية ملمحا إلى أن المنشور المخل بالقاعدة لا يجوز أن يلغي أو ينسف قرارات الأمر الرئاسي الصادر سنة 1999 الضابط لشروط الارتقاء للنموذجيات عبر مناظرة ختم التعليم الأساسي مفسرا تمريره بأنه صار في « غفلة » ( انظر الصباح 5 فيفري2010)». الأولياء في حيرة وأثار توجه وزارة التربية والتكوين الرامي إلى سحب اجتياز مناظرة ختم التعليم الأساسي على تلاميذ التاسعة أساسي بالاعداديات النموذجية على غرار بقية المترشحين ضجة في صفوف جانب من أولياء النخبة التلمذية وبلغ الصحافة الوطنية في الغرض أصداء عن الاستياء والتململ السائدين في صفوفهم ولهجة الانتقاد الحاد لمشروع المنشور المنتظر صدوره قريبا والداعي إلى تكافؤ الفرص بين مختلف المتناظرين والمحافظة على حظوظ الجميع في الارتقاء. وتأتي ردة الفعل هذه على خلفية إقدام وزارة التربية والتكوين بعد انطلاق السنة الدراسية على إعلان عزمها إلغاء المنشور الصادر سنة 2007 والذي يسمح بالارتقاء الى المعهد الثانوي النموذجي لكل تلميذ بمؤسسة نموذجية تحصل على معدل سنوي يناهز 15 من 20 دون المرور عبر هذه المحطة التقييمية، فيما يفترض اجتياز من يقل معدله عن السقف المحدد للمناظرة للارتقاء الى ثانوية نموذجية. ويرى الأولياء في هذا التراجع إرباكا لأبنائهم ومراوغة للمقومات التي انبنت عليها اختياراتهم لمواصلة الدراسة الإعدادية في مدرسة نموذجية على أساس المرور آليا الى مدرسة النخبة الموالية .واعتبر البعض منهم أن قرار الوزارة يشكل عملا ذا آثار سلبية على معنويات التلاميذ، مما ولد الخشية لديهم من وقع تداعياته على تركيزهم ومردودهم أيام المناظرة، معولين على تفهم الوزارة للأوضاع المتوترة التي أفرزتها الأخبار المتواترة حول هذا التوجه والتي لم تكتس صبغة رسمية قانونية بعد طالما لم يصدر منشور عن وزير التربية والتكوين, غير أن المذكرة التي وصلت الاعداديات النموذجية الأسبوع الماضي أججت هذه الاحتجاجات على اعتبار أنها تدعو تلاميذ الاعداديات النموذجية إلى تعمير مطالب الترشح لاجتياز المناظرة على غرار تلاميذ الاعداديات العادية. في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن مطلب الترشح تم توزيعه على مختلف تلاميذ التاسعة بكافة المدارس.. إن هذه المستجدات وخاصة منها ما يتعلق بتصريحات السيد الوزير تستدعي بعض الملاحظات الجوهرية. أية غفلة هذه؟ إن » الغفلة « المصرح بها من قبل السيد الوزير والصادرة عن جهة مسؤولة تكيّف في الواقع بالخطأ إذا أردنا أن نسمي الأشياء بأسمائها، لأن الجهة المسؤولة عنه هي الوزارة كمؤسسة لا كشخص وهي بهذه الصفة تعتبر الطرف الأكثر علما ومعرفة والماما بكلية المسالة التربوية ومنها جانبها القانوني ،إنها بالضرورة مسؤولة عما يترتب عن سلوكها من آثار لكونها أعلى طرف مخول في قطاع التربية ولكونها تملك من إمكانات الدولة الهائلة التي لا تتوفر لأي طرف آخر حتى تكون على أعلى مستوى من العلم والخبرة وحتى تتخذ القرارات الصائبة بحيث يكون هامش الخطأ لديها ضئيلا جدا قدر المستطاع. فإذا ما وقعت في خطأ يتعلق بالواجب المحمول عليها في الحرص على مطابقة المناشير للقانون- وهو أمربسيط – فإن هذا الخطأ يكون بلا شك بناء على ما أوردنا من قبيل الخطأ الفادح. وإنه في مثل هذه الحالة لا اقل من أن تتحمل الجهة المخطئة تبعات خطئها بعدم التراجع عما أنشأه الخطأ من حقوق مكتسبة للأطراف المعنية أو على الأقل بالعدل بين هذه الأطراف حين تصور الحلول الممكنة لتسوية الوضعية الناشئة عن الخطأ .وانه وبالرجوع إلى تصريحات السيد الوزير المعروضة أعلاه نتبين انه سيقع سحب العمل بمنشور 2007على تلاميذ النموذجيات الذين سيجرون المناظرة هذه السنة دون سواهم وذلك إنصافا لهم على حد قوله. إن القول بالإنصاف لا يكون جائزا منطقيا إلا عملا بمبدأ انه لا ينصف إلا صاحب الحق. ودون الخوض في المبرر القانوني الذي تسوقه الوزارة لتعليل التراجع عن منشور2007 نظرا لمخالفته للأمر الصادر سنة 1999- وهي مسألة فيها نظر- فان ما يمكن أن يستشف من موقفها أنها ربما تستند إلى القاعدة القائلة بإمكانية التراجع عن الوضعيات الناشئة عن مخالفة القانون استثناء من مبدأ الحقوق المكتسبة . إن هذا الحل الذي ذهبت إليه الوزارة بسحب مقتضيات المنشور 2007 على تلاميذ التاسعة هذه السنة دون غيرهم فيه بلا شك خرق لمبدأ المساواة وهي من جملة الحدود المقيدة للسلطة التقديرية للإدارة نظرا لتكريسها بالفصل السادس من الدستور الذي ينص على أن كل المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون. و يمثل هذا المبدأ القاعدة التي تمنع كل تمييز تحكمي ينشئ دون سبب معقول امتيازا أو محاباة.كما يستوجب مبدأ المساواة التصرف من قبل الإدارة بطريقة موحدة تجاه المواطنين عند وجودهم في نفس الأوضاع.ولا شك أن الإقرار بمبدأ المساواة في مواجهة الإدارة يؤدي في حالتنا هذه إلى سحب منشور سنة 2007 على كل التلاميذ الذين يشملهم والذين التحقوا بالاعداديات النموذجية سنوات 2007 و 2008 و 2009 أو عدم سحبه عليهم جميعا . هذا من جهة ومن جهة أخرى وبصرف النظر عن نقاشنا هذا فإننا نتساءل عن مدى صحة انطباق الأمر الصادر سنة 1999 والذي يعني المناظرة المفتوحة أمام تلاميذ التاسعة في ذلك الوقت على وضعية لم تكن ناشئة أصلا وقتها أي لاحقة في الزمن ونعني مناظرة الدخول إلى الاعداديات النموذجية والتي شرع العمل بها منذ 2007. مع العلم أن هذا النزاع القائم الآن بين الأولياء والوزارة يمكن أن يؤدي نظريا إلى نزاع إداري إذا ما تشبث احد الأولياء بحق ابنه في ألا يكون ضحية » الغفلة « التي يتحدث عنها الوزير والتي هي من جنس الأخطاء الفادحة لا من نوع المغفلات التي تسوّى بالبحث لها عن أنصاف حلول تتحول هي ذاتها إلى ممارسة غير قانونية تحاول إصلاح الخطأ بخطأ آخر . ولذلك فإننا نرى أن الوزارة مطالبة قبل إصدار أي منشور جديد أن تنظر إلى المسالة من جميع جوانبها حتى لا تنصف طرفا وتظلم طرفا آخر وهي التي تبحث حسب ما فهمنا عن الإنصاف. عبد السلام الككلي الموقف العدد بتايخ 26 فيفري2010
الخطوط التونسية تشرع في ممارسة نشاطها بمطار النفيضة زين العابدين بن علي
تونس ـ وات – تشرع مجموعة الخطوط التونسية في ممارسة نشاطها بمكاتبها الجديدة بمطار النفيضة زين العابدين بن علي وذلك بمقتضى اتفاقية شراكة ابرمتها أمس الخميس مع شركة تاف تونس. وقد تولى التوقيع على الاتفاقية السيدان نبيل الشتاوي الرئيس المدير العام للخطوط التونسية وهالوك بيلغي المدير العام لتاف تونس. وابرز السيد نبيل الشتاوي بالمناسبة اهمية مطار النفيضة كمكسب جديد سيساهم في تعزيز صناعة النقل الجوي بتونس معبرا عن اعجابه بهذا الانجاز المعماري الرائع. وافاد ان الخطوط التونسية برمجت 300 رحلة للموسم الصيفي 2010 وان عدد السفرات يمكن ان يبلغ في فترات الذروة 20 سفرة اسبوعيا ويبقى هذا العدد قابل للترفيع وفق طلبات وكالات الاسفار. واعرب السيد هالوك بلغي الرئيس المدير العام لشركة تاف تونس من ناحيته عن ارتياح المسؤولين بالشركة للتعامل مع مجموعة الخطوط التونسية. واكد ان شروع الخطوط التونسية الفنية في اشغال التعهد والصيانة بمطار النفيضة يشجع الشركات الاجنبية على الاقبال على استعمال هذا الميناء الجوي في رحلاتهم المنتظمة وغير المنتظمة. (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 26 فيفري 2010)
مولد نبوي شريف كل عام و أنتم بخير
هند الهاروني-تونس تونس في الجمعة12 ربيع الأول 1431- 26 فيفيري 2010
في هذه المناسبة العزيزة جدا على عقولنا و قلوبنا و أرواحنا ، ذكرى المولد النبوي الشريف نصلي على شفيعنا و خاتم الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و نسلم تسليما كثيرا : اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على ابراهيم و على آل ابراهيم، اللهم بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على ابراهيم و على آل ابراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. إنه نبينا و حبيبنا محمد بن عبد الله الصادق الأمين جمع المسلمين على كلمة الحق : « أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله » و على قدر صدقنا و أمانتنا و تمسكنا بكلمة الحق يكون حالنا و حال أمتنا و الله أسأل أن يهدينا سبله حتى نبلغ درجة رضاه عنا في الدنيا و الآخرة – اللهم ارحم شهداءنا و موتانا و ارحمنا و ارحم والدينا و ارحم المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات-اللهم آمين يا رب العالمين فإنك أنت الرحمان الرحيم. عن المصطفى محمد صلى الله عليه و سلم ذكر باعثه رحمة للعالمين في كتابه العزيز القرآن الكريم هذه الآيات الطيبات : قال الله تعالى : » وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) « . صدق الله مولانا العظيم – سورة آل عمران و قال جل في علاه: »مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) ». صدق الله مولانا العظيم- سورة الأحزاب كما قال الله سبحانه و تعالى : »وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴿02﴾ ». صدق الله مولانا العظيم- سورة محمد و يقول الله جل جلاله : « مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴿29﴾ ». صدق الله مولانا العظيم- سورة الفتح إخوتنا الكرام كل عام و أنتم جميعا بألف خير و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين إلى يوم الدين.
أوروبا وظاهرة الخوف من الإسلام
الأستاذ كمال ضيف الدّكتور مصدّق الجليدي متابعة فوزي الشعباني
أحدث الاستفتاء على منع المنارات الإسلاميّة شرخا في الديمقراطيّة السويسريّة لأنّه جعل من سويسرا البلد الأوروبي الوحيد الذي يمنع حقّا لمجموعة دينيّة يُمنح لغيرها! في سياق حركة المدّ والجزر والهزّات القائمة بين « داري الإسلام والغرب » والتي تتخذ تمظهرات عدّة ومختلفة تسوناميّة أحيانا وقشريّة أخرى برز في السنوات الأخيرة ما اصطلح عليه بـ « الإسلاموفوبيا » Islamophobia/Islamophobie أو « الخوف من الإسلام ». وهي ظاهرة ليست بالجديدة لذا تحدّث غربيون عن « الإسلاموفوبيا الجديدة »*. ويبدو أنّ هذه الظاهرة غير الجديدة والمتجدّدة أضحت تشكّل « متخيّلا » ما وأُلعوبة إعلاميّة** تُثار كفزّاعة كلّما أُريد تشكيل عُصبويّة ما في مواجهة آخر (المسلم…) أصبح بفعل المواطنيّة بعض الأنا الغربي. وفي ضوء هذا تندرج مسألة منع بناء المآذن بسويسرا وما أثارته من اختلاف في المواقف ما يشي بأنّ سوء الفهم نظريّا والتّفاهم عمليّا مردّهما إرادة في تحويل الإخلاف إلى خلاف. وتفكيكا للمسألة بعيدا عن ضغوطها استقبل منتدى الجاحظ يوم 23 جانفي 2010 الأستاذ كمال الضّيف محرّر القسم العربي بوكالة « سويس أنفو »، وصديقنا الدّكتور مصدّق الجليدي ليدلي كلّ بدلوه في المبحث المثار. الأستاذ صلاح الدّين الجورشي تساءل في مفتتح اللّقاء: ما الذي يجعل لمحليّ، ممثّل في الاستفتاء السويسري، تداعيات أوروبيّة وإسلاميّة من شأنها تجديد الصّدام بين الرّأيين العامين الإسلامي والغربي؟ سؤال حاول المتدخّلان كلّ من زاوية نظره ومواطنيته الإجابة عنه. الأستاذ كمال ضيف التونسي-السويسري وبعين الصّحفي المراقب والمواطن المعايش للحدث انتحى مدخلا دستوريّا في التعاطي مع المسألة وبغرض توضيح المجريات. فالنّظام السّياسي السّويسري يقوم على دستور أسّس للكنفيدراليّة السويسريّة وذلك بعد حروب طويلة بين البروتستانت والكاثوليك. وقد منح الدّستور لكلّ « مجموعة سويسريّة » الحقّ في رفض قانون ما و/أو استبداله بآخر وإن صادق عليه البرلمان بشرط عرضه على الاستفتاء الشّعبي.، بعد تقديم طلب كتابي مضمّن 100 ألف إمضاء راغب في التعديل أو الإلغاء أو السّنّ. وأوّل مبادرة شعبيّة صادق عليها السويسريون في القرن19 تمثّلت في الاستفتاء على مشروع قانون يمنع اليهود من الذّبح على طريقتهم الشّرعيّة (كاشير Cachir)، وقد تمّ إقراره فعلا. ومنذ البدء إلى اليوم شهدت سويسرا ما يربو عن 1700 مبادرة شعبيّة دعي لها الشّعب للاستفتاء ولم تحض بالموافقة سوى 10 مبادرات. هذا ويمكن معارضة مبادرة مصادق عليها بأخرى فتُسقط بذات الآليّة. ومن ثمّة فالسويسريون يدعون خارج المنظومة الانتخابية للتّصويت على مبادرات من هذا النّوع 4 مرّات في السّنة. وعن مسألة المآذن ومنعها أفاض الأستاذ ضيف في عرض أطوارها وملابساتها. وخلاصتها أنّ مجموعة من الجالية إسلاميّة من أصول تركيّة تقدّمت بطلب بناء صومعة وأجيز رسميّا غير أنّ مجموعة يمينيّة، قوامها « حزب الشّعب » مؤيّدا بـ »اليمين الشّعبوي » تقدّمت بمبادرة اعتراض وجمعت لأجله 113000 إمضاء تأييد مكّنها من الحقّ في إجراء استفتاء في الغرض. واللافت أنّ أغلب المنظّمات المسيحيّة واليهوديّة والسياسيّة والجمعياتيّة وحتى الحكومة الفيدراليّة عارضت خطوة الاستفتاء على منع ذاك البناء. لكن، وعلى الرّغم من ذاك التحالف الواسع، تمكّن المبادرون من تحقيق غرضهم بوقف قرار البناء بل ومنع المسلمين مستقبلا من التّمتّع بحقّ هو لباقي المجموعات الدّينيّة مضمون. ويعوز الضيف ذاك إلى أنّ « اليمين بارع جدّا في اقتناص الفرص ». فقد أطلق حملة انتخابيّة انفق عليها الكثير كرّسها في سياق إستراتيجية « صناعة الخوف » تجسّدت رمزيا في مُلصق دعائي صوّر علم سويسرا كأرضيّة مغروسة فيها مآذن على شكل صواريخ بمحاذاة منقّبة مكفهرّة! ما يعني أنّ الحملة وظّفت فزّاعة « الإرهاب » و »دونيّة المرأة » في موضوع حقوقي بغرض حرمان الحالية من حقّ بجريرة عمل مجموعات لا تمثّلها خارج التراب السويسري. لا يبرّئ الأستاذ المحاضر طائفة من الجاليّة من سلوكيات غير حضاريّة إذ أنّ الأخيرة المتكوّنة من 400 ألف نسمة نسبة الأتراك والبلقانيين منها ما بين 75 و80 % ولأنّ الذين عاشوا في ظلّ أنظمة شيوعيّة وانفرطت عانوا من البطالة فكثر فيهم الإجرام فكان أن وظّف اليمين هذين العاملين لصالحة، خاصّة وقد تكثّفت الهجرة البلقانيّة إذ هرب من أتون الفقر وجحيم الحرب ما يناهز الـ200 ألف منذ 1990. فضلا عن ذالك أحكم اليمين ببراعة توظيف الأزمة الليبيّة-السويسريّة بإثارة قضيّة « الرّهينتين » وعدّت محاولة منع البناء عقابا للمسلمين بجريرة النّظام الليبي! ومع صعود اليمين وتراجع الخطاب الحقوقي بكسب الأوّل رهان الاستفتاء بنسبة 57.5 % عدّ كمال ضيف، فيما نراه لافتا، نسبة التصويت لصالح الخيار الثاني بنسبة 42.5 % مهمّة « نسبة ليست بالهيّنة إذ تمثّل عمق الشّعب السويسري الذي يعرف كيف يهضم الأقلّيات ». وعلى العكس أمكن للمبادرين تجميع ما أسماه المحاضر بـ »كوكتال متفجّر » لم يتوقّعه أحد حتى أصحاب المبادرة نفسها جمّع لفيفا من « العلمانيين المعادين للدّين »، و »اليمينيين المعادين للمهاجرين »، و »المعادين للإسلام ». والمعاداة للإسلام في سويسرا غير مبرّرة، بحسب ضيف، إذ « أنّ المسلمين في سويسرا هم أكثر اندماجا وانضباطا مقارنة بنظرائهم بباقي الدّول ». وعبرّ الأستاذ عن قلقه من إنّ الاستفتاء ولئن كان خصوصيّة دستوريّة سويسريّة لكنّ الحالة المدروسة أعطت مثالا لباقي الأوروبيين وإن بتفعيل أساليب مغايرة ومتوقّعة. وإن قال الحقوقيون أنّ الاستفتاء أحدث شرخا في الديمقراطيّة السويسريّة لأنّه جعل من سويسرا البلد الأوروبي الوحيد الذي يمنع حقّا لمجموعة دينيّة يُمنح لغيرها! وثمّن كمال ضيف دور السّلطات السويسريّة الفيدراليّة السياسيّة منها والدبلوماسيّة في الحؤول قبل الاستفتاء دون إجرائه ثمّ الدّعوة للتّصويت ضدّ المنع، ومحاولة الحدّ من تداعياته بعد إقراره. وعلى العكس من ذلك يرى أنّ المسلمين قصّروا في التّعريف بأنفسهم، وبغرض تدارك ما فات نوّعوا في أساليب تقديم صورة عنهم كما في آليّة الإعلانات مدفوعة الأجر التي أُستُغلّت مؤخّرا في شكر من صوّت بالرّفض. الدكتور مصدّق الجليدي نظر للمسألة من زاوية مغايرة متّخذا بحكم الإقامة مسافة أوسع نقلت السّامع من حيّز « الميكرو » و »السنكوني » الذين تحيّزت فيهما المداخلة السّابقة مكانا وزمانا، إلى مجال « الماكرو » و »الدياكروني » الشاسع. ذلك أنّه بحث المسألة في ضوء « الخلفيات التاريخية والأسس الفلسفية للتجاذب بين الغرب والإسلام ». حلّت الإسلاموفوبيا في الغرب محلّ العداء للسامية في نسختها اليهودية، عُبّر عنها في وسائل الإعلام، كما ترجمت قرارات من أهل القرار السّياسي والدّيني. فقد تعدّدت في الفترة الماضية حالات التجاذب بين الغرب والإسلام في أوروبا. فمن الرّسوم الدانماركيّة إلى خطاب البابا في راتسبون وقتل المرأة المصرية المسلمة على يد أحد العنصريين الألمان، مرورا بقضيتي الحجاب فالنقاب بفرنسا، والفيلم المعادي للرسول محمد بهولندا وقبل ذلك مضايقة الجالية الإسلاميّة بأمريكا منذ ما بعد أحداث 11 سبتمبر، لتُتوّج بالاستفتاء السويسري وهو ما يؤشّر على صدور نزعة يمينيّة قد تزرع بذور فتنة تلهب صراعا في منطقة تنمو فيها تيارات سلفية إسلامية متشددة. لا يُبرّئ الدكتور بعض مكونات الجالية الإسلامية في الغرب من دور ما يبرّر ما حدث من ردود فعل الغربيين ضدّهم عبر ما اعتبر استفزازا لمشاعرهم القومية ومناهضتها لقيم الحداثة عبر رغبة في اكتساح الفضاءات العمومية بحضور رمزي لافت في الزّيّ والمعمار وأشكال الاحتفال الديني وغيرها من أشكال الحضور اليومي في حياة المواطنين الغربيين. غير أن المؤكد، بحسب الجليدي، أن ردة الفعل الأوروبية العفوية كانت في عديد الحالات مبالغ فيها جدا، تراوحت بين الازدراء والاهانة الاستفزازيين. وللبحث في أسباب « ردّ الفعل » هذا غير المتناسب طرديّا مع « التحدّي » تساءل الجليدي بغرض الحفر فيما وراء الحدثي: هل يوجد في داخل المنظومة الفكرية الغربية ما يعوق دون تعامل موضوعي مع الإسلام دينا وثقافة؟ ونحى في ذلك قراءة ذات مسلكين قال أنّهما متكاملين: الأوّل تاريخيّ يتقصّى علاقة الغرب بالإسلام والثّاني فلسفيّ يُجلّي رؤية الغرب لذاته وللآخر. رانيا ببصرنا مستشرفا بتفاؤل أفقا كونيا مفقودا في الماضي والحاضر منشودا لغد تعدّدي يُحترم فيه الاختلاف التدافعي غير الإقصائي. يمكن تلخيص مآل تعاطي الغرب مع الإسلام وتعاطيه معه نظريّا وعمليّا فيما أسماه الدكتور مصدّق بالانتقال « من سرديةِ الازدراء والهيمنة إلى سردية صدام الحضارات »، سرديّة تخرج من النّص، لا عنه لتزرع « عقدة الموت والنّفي » عبر تصديرها من الأنا الغربي إلى الآخر. ومع أنّ تيار العداء الموجه حديثا للإسلام ورموزه، لا يمثل موجة عابرة، بل له سوابقه التاريخية وأسسه الفلسفية المنهجية في الثقافة الغربية بحسب تحليله، وبالتالي فهو مرشح للاستمرار والتعاظم. ومع ذلك، يتفاءل لوجود مثقفين ومفكرين في الغرب أمثال كلود جيفري في فرنسا وجون هيك وبول كنيتر ونعام تشومسكي في أمريكا وجورج غلاواي في بريطانيا وغيرهم كثير من مناهضي العولمة والليبيرالية المتوحشة يشاطرونهم الرأي في ضرورة تنسيب الغرب والمسيحية ومستعدون لحوار جدي مع النخبة وقوى المجتمع المدني في العالم الإسلامي، بل وحتى مع المسلمين في الغرب أو مسلمي الغرب. غير أنّ ذلك يبقى قاصرا إن لم يرتقي المسلمون، بقوله، « بمستوى فهمنا لضرورات اللحظة والواقع وغوصا أكبر في ممكنات التأويل والتجديد في دينا وثقافتنا، بحيث لا نخطئ الموعد في الالتقاء بهذا الآخر في مساحة المشترك الإنساني العالمي ». النّقاش: تعرّض النّقاش لقضايا عدّة تتعلّق في مجملها بمدى إيمان الغرب بالديمقراطيّة كقيمة تحفظ للآخر الأقلي حقوقه. وكذا بقدرة المسلم على التعايش والاندماج في غير دياره. ولأنّ ما عاد، في ظلّ الحراك التكويني في السّاحة الغربيّة، من حديث فقط عن « جالية مسلمة » كما هو الحال مع الجيل الأوّل للهجرة بل عن « مواطنين غربيين مسلمين » من مواليد تلك الدّول فإنّ هذا المستجدّ يفرض على الجانبين مراجعة قيميّة للمعتقدات المتبنّاة بما يؤسّس لعد مجتمعي جديد من شأنه استيعاب فسيفساء الأقلّيات. فسيفساء تستوعب بـ »ديمقراطيّة القيم » وتقصر « الديمقراطيّة كآليّة إجرائيّة » عن ذلك بل على العكس تُسهم في إقصاء مكوّنات اجتماعيّة ما عادت طارئة عنه بحكم المواطنيّة المكتسبة. ويرى البعض أنّ « الإسلاموفوبيا » تجد تبريرها في ممارسات المسلمين بالبلدان الغربيّة ومنها استفادتهم من الاندماج الاقتصادي ورفضهم الاندماج الثّقافي، والإسلاميّة (مشاهد « تطبيق الشريعة » في الصومال…) على السّواء. ومع التّسليم بأنّ كلّ بلد/مجتمع يضع قيودا على الأقلّيات، وأنّ القيد الذي سُنّ يتعلّق بعنصر لا يتعلّق بجوهر العبادة، فإنّ السؤال الفارض نفسه: ألا يعتبر ذلك بدوره قيدا على الحريّة، وهي قطب الزاوية في المسألة الديمقراطيّة؟ آخرون يرون أنّ مردّ الخوف من الإسلام وسائل الإعلام التي تنتهج سياسة التّخويف والتهجين عبر تلاعب بآليّتي التّضخيم والتقزيم. فتلك التكتّلات الإعلاميّة تنتهج سياسة إعلانيّة مضادة للإسلام والمسلمين هي التي توجّه الرّأي العام عبر « صناعة الخوف ». لفت انتباه الحضور مداخلة السيّدة منيرة العرفاوي التونسيّة الأصل والمواطنة السويسريّة المتطرّقة لمسألة الاندماج فهي ترى أبناء المهاجرين ليسوا جيلا ثانيا للهجرة وإنّما هم مواطنون سويسريون. وعبّرت عن مفاجأتها باهتمام المسلمين في العالم بمآذن مساجد مسلمي سويسرا بدل الاهتمام بحالهم!. وأكّت أنّ معتقدها وعباداتها ما مُسّت، وهي تحترم رأي الشّعب السويسري في رأيه لأنّه من غير المعقول أن نقبل القيام باستفتاء ثمّ نعترض على نتائجه. وهي ترى أنّ المهمّ من كلّ ما جرى أنّ الجدل أحدث حراكا عرّف بالمسلميين السويسريين من جهة، وبالإسلام للسويسريين من جهة أخرى. الرّدود: الأستاذ كمال ضيف وفيما يخصّ ديمقراطيّة الآليات والاستفتاءات ألمح إلى أنّ كبار أساتذة القانون السويسريين يرون ضرورة عدم طرح الثّوابت المكرّسة في المواثيق الدّوليّة لحقوق الإنسان على الاستفتاء. غير أنّ ثمّة من يعارض هذا بأنّه حريّ ألاّ تُقيّد حريّة الشّعب في طرح ما يراه صالحا، وفي معارضة الحكومة والبرلمان بما أنّ « الشّعب هو السيّد » في النظام البرلماني. والرّأي الأخير « مثالي » بحسب ضيف إذ الإشكال الذي يعترضه مزدوج أوّلا: أنّ سوسيرا وقّعت على مواثيق لها العلويّة على قوانين الدّولة، وثانيا: يعدّ ذلك ضربا في الصّميم لمرجعيّة العقد الاجتماعي ذلك أنّ عدد السويسريين المسلمين، المواطنين لا المهاجرين، يتراوح ما بين 60 و80 %. لا يهوّن كمال ضيف ممّا جرى إذ يعتبره « رجّة » غير أنّها في ظلّ النظام السويسري عاديّة، تتطلّب معالجة من داخله، وعبر آلياته الدّيمقراطيّة الكفيلة بتصحيح الوضع، وها أنّ الخضر والاشتراكيين، والديمقراطيين المسيحيين، وحتّى الرّاديكاليين من اليمين يعملون على ترشيح مسلمين سويسريين على قوائمهم في قادم الإنتخابات. وفيما يتعلّق بالاندماج نبّه الأستاذ المحاضر أنّه وإن كان همّ الجيل الأوّل كمهاجر فردي (عمل، سكن…)، فإنّ ما يسمّى بـ »الجيل الثّاني » بدأ يعبّر عن ذاته كجماعة سويسريّة، غير أنّ الواجب توضيحه، بحسب ضيف، هو أنّ الفيدراليّة السويسريّة قائمة على منح الأقليات حقوقها لا الذّوبان في المجموع. الدّكتور مصدّق الجليدي أشار إلى أنّ ما آتاه بعض المسلمين من أفعال لا يمكن قبولها كانت حالات معزولة وفرديّة عكس الاستفتاء الذي من شأنه رسم سياسة دولة وتحديد استراتجياتها. ونبّه الجليدي من مخاطر « ديمقراطيّة خاضعة للشّعبويّة » في واقع لا يعرف فيه المصوّت عن الإسلام والمسلمين الكثير والدّقيق. ولتعلّق مداخلة الجليدي السّابقة وفي جزء أساسي منها بالأسس الفلسفية للتجاذب بين الغرب والإسلام، فقد واصل في سياق ردوده مقالاته وخاصّة صلة « موت الإله » النيتشويّة بـ »ختم النبوّة » الإقباليّة. وختم المحاضر ردوده بالتنصيص على أنّ الإشكاليات التي يتعرّض إليها المسلمون بالغرب وفي علاقة الأخير بالإسلام لا تحلّ بشكل ديني، وإنّما بآليات على رأسها تكوين لوبي إسلامي في أروبا وأمريكا. وختم النّدوة رئيس المنتدى الأستاذ صلاح الدّين الجورشي مؤكّدا أنّ الحوار الذي أدرنا لا يبتغي عدوانيّة مع الشّعب السويسري، أو تعميق الخلاف مع الغرب، وإنّما الغرض منه الفهم. فثمّة ردود أفعال يجب فهم خلفياتها. كما أضحت دعوات القطع مع الغرب، التي تتجدّد كمطلب مع كلّ إشكال وفضلا عن أنّها مرفوضة، مستحيلة بحكم الكونيّة الصّانعة لحضارة واحدة. وانتهي الجورشي إلى أنّ إدارة الاختلاف والتعدّد صعبة، والأصعب لمّا يتعلّق الأمر بإدارة مجتمع متعدّد الأعراق والأديان والآراء. فكيف ندير التعدّد في الدّول، بما يرعى الاختلاف ويفكّ اشتباك الخلاف ملف معقّد ومؤلم؟! (المصدر: موقع « منتدى الجاحظ » (تونس) بتاريخ 19 فيفري 2010) الرابط: http://www.eljahedh-tunisie.org/ar/voir_archive.asp?reference=51
حوار الحضارات في زمن العولمة الدكتور كمال عمران: « لا حوار إلا إن تعادلت الموازين وتكافأت القوى »
الدكتور كمال عمران الاكاديمي البارز والمفكر والباحث المختص في الدراسات الحضارية ومدير اذاعة الزيتونة للقرآن الكريم، بدا وهو يحاضر صباح امس الاول بفضاء «بيت العرب» بمقر مركز تونس لجامعة الدول العربية حول موضوع «حوار الحضارات في زمن العولمة» وكأنه «شابي الهوى» ـ نسبة الى شاعر تونس الكبير ابي القاسم الشابي ـ. فاذا كان الشابي قد انتهى الى القول منذ اكثر من سبعين عاما في واحد من اشهر ابياته الشعرية بأن «لا عدل الا ان تعادلت القوى..»..فها هو الدكتور كمال عمران ينتهي في محاضرته في «بيت العرب» التي جعلها تحت عنوان «حوار الحضارات في زمن العولمة» الى نتيجة حاسمة مفادها ان «لا حوار حقيقي بين الحضارات في زمن العولمة الا ان تعادلت الموازين وتكافأت القوى». في بداية المحاضرة التي قدم لها السيد الشاذلي النفاتي الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس مركز تونس وحضرها جمع غفير من الدبلوماسيين والاساتذة والمهتمين بسط الدكتور كمال عمران مجموعة افكار مفاتيح قال عنها انها تصلح لان تكون مدخلا للخوض في الاشكاليات ذات الصلة بموضوع حوار الحضارات والعولمة.. عالم قديم.. عالم جديد من بين هذه الافكار التي اوردها تلك التي جاءت في كتاب «من الكون المغلق الى العالم اللامتناهي» للفيلسوف ألكسندر كولي الذي فصل ـ والكلام للدكتور كمال عمران ـ بين «عالم قديم واخر جديد».. العالم القديم قائم في بنيانه المعرفي بطبيعة علاقاته على تصور عمودي اساسه الهيمنة والتفاضلية وبالتالي الاقصاء هيمنة القوي على الضعيف.. من هو اعلى على من هو اسفل.. الدكتور كمال عمران اشار بمنطق الباحث العلمي الى ان الفكر الاسلامي ذاته قد تأثر بهذه النظرية.. باستثناء مفصل وحيد في تاريخه ـ والكلام للدكتو كمال عمران ـ الا وهي فترة فجر الاسلام او الفترة الاسلامية الاولى في عمر الدعوة لان المصطلحات الموظفة حينها كانت انفتاحية من قبيل «امة الاسلام» و«أمة الدعوة» وذلك قبل ان تظهر مصطلحات اقصائية من قبيل «دار الاسلام» و«دار الفكر» او «دار الاسلام» و«دار الحرب».. اما العامل الجديد، فهو عالم الحداثة وقد تساءل الدكتور كمال عمران في سياق حديثه عن الحداثة عن مفهوم هذه الكلمة وعلاقتها بالعولمة وبالحوار مشيرا خاصة الى ان من الباحثين المحدثين من عوضه بمصطلح اخر هو «اعوان الحداثة» او مرتكزاتها وقد قسموها الى اربعة: ٭ الانسان بصفته مركزا للكون ٭ الديمقراطية ٭ العقلانية ٭ والعلمانية بعد ان تساءل المحاضر عما اذا كان لنا نحن العرب «تاريخ» مع الحداثة ومن الاجوبة عن هذا السؤال وقف الاستاذ كمال عمران على حدث دخول بونابرت الى مصر سنة 1798 باعتباره ـ في رأيه ـ لحظة فارقة في تاريخ علاقاتنا كعرب بالحداثة و«بالاخر الغربي».. الدكتور كمال عمران وبعد ان فصل القول في مجموع هذه المفاهيم والمصطلحات والافكار: عالم قديم.. عالم جديد.. حداثة.. انتهى الى الوقوف عند المصطلح الابرز.. مصطلح «حوار» متسائلا عن ماهيته ومدى امكانية تحققه وقيامه بين الحضارات.. وذلك قبل ان يجيب بكثير من القطيعة ان الحوار شرطه التكافؤ في امتلاك شروط المعرفة والانتاج وان اي حوار لا يكون بهذا المعنى لا جدوى منه.. فالحوار لا يكون الا بين الاكفاء.. وليس بين طرف» قوي واخر ضعيف.. والتكافؤ.. والكلام للدكتور كمال عمران ـ يصنع ويكتسب ولا يستجلب او يستجدي خاصة في زمن العولمة التي من مفهوم مرتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد والانتاجية والشركات العملاقة. الدكتور كمال عمران وهو يستطرد في الحديث عن مفهوم العولمة وبعد ان عرج على مواقف بعض المفكرين العرب المعاصرين منها بين قابل ورافض لها وراغب في الاستفادة منها دون ذوبان نوه بموقف الدكتور عبد السلام المسدي المعتدل الذي يعتبر العولمة فرصة لنا كعرب لكي ننهض ونؤثر في العصر من خلال التمكن من الثقافة الرقمية التي تتيح انتاج المعرفة.. فالعولمة فرصة واداة الاخذ بها هو امتلاك ادواتها وقيمها خاصة في المجال الاقتصادي والمعرفي. الدكتور كمال عمران نوه ايضا في هذا الصدد بمواقف الاستاذ محمد الطالبي والاستاذ عبد الوهاب بوحديبه اللذين أبانا في ابحاثهما ومواقفهما من مسألة «حوار الاديان» بوصفه احد فروع الحوار بين الحضارات عن وعي معرفي عميق بضرورة الاعتزاز بالقيم الثقافية والدينية للحضارة العربية الاسلامية لانها اداتنا في الانخراط في حوار حقيقي بين الاديان كجزء لا يتجزأ من حوار الحضارات.. محسن الزغلامي (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 26 فيفري 2010)
الإسلاموفوبيا والعلمانية الديمقراطية
هيثم مناع (*) « الطريق سالكة لتقود العنصرية العالم الغربي للخسارة، ومن ثم الحضارة الإنسانية برمتها. لا يهم ما بإمكان العلماء المحنكين أن يقولوه، فالعرق ليس بداية البشرية بل نهايتها، ليس أصل الشعوب بل مؤشر انحطاطهم، وهو لا يشكل الولادة الطبيعية للإنسان بل موته المناهض للطبيعة ». عندما أطلقت حنا أرندت هذه النبوءة لم يخطر على بال أحد أن أوروبا المتعافية من نزيف النازية والفاشية يمكن أن تكون ضحية الغلو العنصري مهما كان شكله وطبيعة من يستهدف. ولكنها تبدو لنا اليوم نبوءة مخيفة في عالم غير مستقر تقوده قوة عظمى تخلت عن أهم مرتكزات بنائها الليبرالي (الولايات المتحدة الأميركية) وروسيا المجهولة الحاضر والمصير، وكتلة هائلة من البشر تسعى عبر حزب شيوعي لبناء رأسمالية جبارة (الصين) وعالم إسلامي يحمل كل فيروسات الموت وبكتريا صناعة الحياة في آن. من هنا يشعر المرء بحاجة ماسة للتجربة الأوروبية والاعتدال الأوروبي كجزء من حماية السلام والجنس البشري في هذه الحقبة الانتقالية المضطربة. من هنا مسؤولية أوروبا عن نفسها ومسؤولية المسلمين والعرب التاريخية فيها عن عملية تأصيل الحريات الأساسية والحقوق الفردية والجماعية. ذلك باعتبارها الضمانة المشتركة للحفاظ على مكانة هذه القارة، ليس فقط كقوة جيو سياسية، بل أولا وقبل كل شيء كحاملة لقيم التنوير التي حجّمت من فظائع الرأسمالية والاستعمار بمختلف أشكاله. تحوّل الإسلام في أقل من نصف قرن من دين له وجود في أوروبا إلى إحدى الجماعات الاعتقادية الأساسية. ولم يكن هذا المشروع يجول بخاطر أحد: لا رجال الأعمال الذين استقدموا قوة العمل الرخيصة، ولا الحركات الإسلامية التي لم توجه أساسا نشاطها السياسي أو التبشيري للعالم الغربي. لكن في أية ديمقراطية شكلية، تسري قوانين الديالكتيك بشكل أسرع من المجتمعات المحنطة بنظامها الاستبدادي. فلا تلبث أية جماعة كمية أن تتحول إلى قوة نوعية. وهذه القوة في طور التكوّن تشكل دون شك المادة الأكثر خصبا لتقوية الخوف من الإسلام. فهي مطمع لكل الحركات الإسلامية السياسية، ومادة ضغط وضغط مضاد لكل الدول التي ضخت جاليات كبيرة، ومصدر خوف لكل الذين تقاسموا الكعكة السياسية والثقافية والإعلامية من لاعب جديد ليس بالضرورة خاضعا للسيطرة. فالمواطنة تشبه نظام الأرض المشاع، كلما تغيرت التركيبة السكانية احتاج الأمر لإعادة القسمة، ولو أن هذه الإعادة في أزمنتنا المعاصرة لا تتم بالضرورة بشكل عادل، بل وغالبا ما تكون جائرة. هل من الضروري التذكير بأن الاندماج اليهودي في أوروبا قد احتاج لعقود طويلة سبقت قيام دولة إسرائيل؟ وأن الجاليات الآسيوية ما زالت جاليات اقتصادية أكثر منها جاليات مشاركة سياسية ومدنية؟ وأن صورة الإسلام الشمولي هي مصدر خوف لدى المثقفين الأوربيين، بمن فيهم المدافعين عن الحقوق والحريات الأساسية للمهاجرين؟ يعزز ذلك أزمة الجيل الأول من الإسلاميين الذين ناضلوا طيلة عمرهم ضد العلمانية في بلدانهم باعتبارها بضاعة غربية تستهدف الإسلام. وها هم يكتشفون أن النظام العلماني هو الأنسب لأية أقلية دينية في أوروبا، بما في ذلك الأقلية المسلمة. مع ذلك، يتابعون نضالهم السياسي من أجل دولة إسلامية في دار الإسلام، ويشنون هجوما منهجيا ومستمرا، ليس بالضرورة منصفا أو عقلانيا، على العلمانية. من الضروري التذكير بأن الجمهورية، وليس العلمانية، كانت العدو الأول للكنيسة (التي تحالفت تاريخيا مع الإقطاع والملكية ضد الطبقة البرجوازية الجديدة والنظام الاقتصادي الرأسمالي الوليد). هذه الجمهورية التي زرعت، ومنذ الأيام الأولى لولادتها الأوروبية في القرن الثامن عشر، مجموعة مبادئ أهمها الحرية والمساواة والإخاء والتضامن والأمن وسيادة الشعب ومبدأ فصل السلطات. ثم أغنت فكرة فصل الدولة عن الكنائس في القرن التاسع عشر، بانتظار عام 1905 تاريخ صدور أول قانون علماني أساس في فرنسا ينص على فصل الكنائس عن الدولة. وقد كان في صلب نقاشات ذاك العام رفض فكرة أن يُفرض على المجتمع قواعد منبثقة من عقيدة أو دين واحد. في حين تعززت مبادئ الجمهورية مع جان جوريس، وبعده مع الجبهة الشعبية، بمفهوم الجمهورية الاجتماعية. لتشهد نهاية القرن إضافة التنمية البيئية لهذه المبادئ عند قوى اليسار بشكل أساسي. ليست العلمانية قيمة أو عقيدة، بل هي مبدأ، أي اقتراح ينطلق من محاكمة عقلية تحتفظ بالفكرة انطلاقا من النتائج المترتبة عليها. وهي بهذا المعنى غنية ومتنوعة في تعريفها وتطبيقاتها. يرفض المثقفون الديمقراطيون العلمانيون أية فكرة استئصالية لمن يخالفهم الرأي. وهم يعادون الستالينية باعتبارها نظاما شموليا نصّب الإلحاد دينا. كما يناهضون التيارات المحافظة الجديدة لتوظيفها الدين في معركة الإغاثة والعمل الخيري كبديل لحقوق اقتصادية أساسية، وفكرة التضامن البشري القائمة على التكافؤ لا على الشفقة. إنهم يتفقون على ثلاث مواصفات للعلمانية: – الحرية المطلقة للضمير والرأي. – عالمية الحقوق. – مبدأ الفصل بين الكنائس والدولة. لكن ما هي الفضاءات الواجب الفصل فيما بينها، وهل تشكل العلمانية عائقا أمام أي نشاط ديني؟ للإجابة عن هذا السؤال، من الضروري التذكير بنظرية الفضاءات الأربعة التي يدافع عنها تيار واسع من العلمانيين في فرنسا: الفضاء الخاص، الفضاء المدني، السلطة السياسية، وفضاء بناء الحريات. إن كان الفضاء الخاص يغطي ما يعرف بالحريات الشخصية، فإن الفضاء المدني يشكل الحيز الأكبر للنشاط المجتمعي. ولا ضير أن نجد أعلى نسبة مشاركة في الجمعيات الدينية في الدول العلمانية، التي تسمح لكل التعبيرات الدينية بالنشاط وتكفل حرية العبادة والتبشير والشعائر. وثمة إجماع عند العلمانيين على عدم منع أية علامة دينية في الفضاء المدني. أما تعبير السلطة السياسية، فيغطي السلطتين التشريعية والتنفيذية والإدارات. في حين يعني فضاء بناء الحريات كل ما يسمح ببناء المواطنة كالمدرسة والحماية الاجتماعية والصحية والقطاع العام.. من هنا وقف المثقفون العلمانيون ضد العلامات الدينية في المدرسة الابتدائية التي هي المكون بامتياز للمواطنة المشتركة وزراعة الحريات. ومن المأثور أنه عندما دخلت مليشيات حليفة للألمان إحدى المدارس وطلبت الأطفال اليهود منها أجاب الناظر: « ليس لديّ أطفال يهود، عندي تلاميذ ». في حين وقف المثقفون هؤلاء أنفسهم مع حركة حقوق الإنسان ضد صدور قانون يحظر النقاب في الأماكن العامة لعدم وجود أية علاقة بين حظر النقاب والعلمانية. هناك من يتحدث عن لاحقة يجمّل بها العلمانية (المفتوحة، التعددية، الإيجابية، علمانية الاعتراف..)، في حين يرفض أكثر المثقفين الديمقراطيين لاحقة كهذه. في رأيي يمكن الحديث عن العلمانية من وجهة نظر التكون التاريخي. فهي في ألمانيا وبريطانيا تتميز بالحس العملي البراغماتي، بينما في فرنسا يمكن وصفها بالمناضلة، وما تحمله جنوحات الاستئصال التي تولدها حالات الصراع والمواجهة. هذه التيارات العلمانية الفرنسية، التي حرصت على أن تكون في صلب الحركة الحقوقية أو أن تنهل مرجعيتها من مواثيق حقوق الإنسان، قد أخفقت في أكثر من امتحان. خاصة مع تصاعد جماعات ضغط مناهضة للمسلمين في داخلها، سواء كان ذلك من أنصار الحركة الصهيونية أو المحافل الماسونية أو الليبراليين الجدد. لذا لا نستغرب أن نجد معنا، في قضية غوانتانامو والسجون السرية والقوائم السوداء، شيوعيين وخضرا واشتراكيين وتروتسكيين وأنصار بدائل العولمة، وقلما نجد جمهوريا يمينيا. كذلك الأمر في قضايا إغلاق المعابر والحصار والجدار والعدوان على قطاع غزة، حيث تقف نخبة من العلمانيين اليساريين في مقدمة الحملة لرفع المنظمات الفلسطينية عن القوائم السوداء والتعامل الطبيعي مع حركة حماس. لا يمكن الاكتفاء بقراءة الإسلاموفوبيا من وجهة نظر اجتماعية نفسية، نابعة من التوظيف الإعلامي والسياسي والإيديولوجي لعدة أطراف مستفيدة. ومن الضروري متابعة آليات إدارة المواجهة معها والأسلحة الناجعة للقدرة على التأثير في الرأي العام وفرملة الاستعمال الشعبوي الرخيص. لذا يفترض امتلاك الجرأة للنظر إلى التجمعات الإسلامية المنظمة وأساليب عملها ودعوتها. فهناك أطراف إسلامية سياسية تخوض معركة شيطنة الآخر بنفس الوسائل ونفس الخطاب الإسلاموفوبي معكوسا. وهي تضع نفسها في عزلة عن الحركة المدنية والحقوقية المناهضة للإسلاموفوبيا، خوفا على هويتها الخاصة أو دورها كتنظيم سياسي غير أوروبي. والعديد من الأصوات والحركات يتصرف على أساس أن الجاليات المسلمة في أوروبا ليست مربط الفرس وإنما المجتمعات الإسلامية الأم. وبالتالي فهو يضحي بكل الجسور الإيجابية والبناءة التي يخلقها النضال المشترك من أجل الحقوق في أوروبا، في سبيل ما يعتبره « الهدف الأساسي ». ففي أكثر من حلقة نقاشية، لم يمتنع أكثر من سياسي عن القول: « في كل معركة خسائر، وبكل الأحوال الجالية الإسلامية مرفوضة، فلماذا نضيّع الوقت؟ ». ولا شك في أننا ندفع غاليا ثمن ازدواجية الخطاب عند عدد من الإسلاميين الذين يقولون بصوت منخفض « العلمانية هي النظام الأفضل للأقليات المسلمة في أوروبا » ويكررون بصوت عالٍ: « الإسلام هو الحل »، يدافعون عن النقاب باسم حرية الملبس، ولا يقولون كلمة عن حرية الملبس في البلدان الإسلامية. أخيرا وليس آخرا، الهجوم الدائم من عدد من السلفيين على الديمقراطية، وكأنها السبب الرئيس للفسق والفحشاء والجنس المثلي والسفور. برز ذلك في آخر المعارك ضد الإسلاموفوبيا (استفتاء منع المآذن في سويسرا ومشروع قانون النقاب في فرنسا). ووقعت في الفخ كبريات القنوات الفضائية العربية حيث وضعت وجها لوجه يمينيا متطرفا مقابل إسلامي. فإذا بنا أمام مسلم يتوجه للآخر بآيات قرآنية، وعنصري أوروبي يلعب دور الفقيه. في حين أن المعركة كانت على أرض أخرى مختلفة، في خلل نظام الاستفتاء وسهولة خضوعه لدكتاتورية الأكثرية. وضرورة الدخول في مناظرة جدية حول الديمقراطية التوافقية والديمقراطية المباشرة. وأخيرا غياب أي دور للمنظمات والدول الإسلامية في الدعوة لبروتوكول ملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يتناول بشكل محدد مجالات التدخل في قضايا حرية الاعتقاد والواجبات الدينية. نفس الإشكالية نجدها في قضية النقاب، حيث عاد الهجوم الشرس على العلمانية والغرب، بل على إحدى المحطات الفضائية على « منظمات حقوق الإنسان ». يتم ذلك بشكل ديماغوجي غالبا، عوضا عن قراءة خارطة المواقف الحقيقية، وعدم وجود اصطفاف عقلاني، والاختلاف في داخل العائلة السياسية الواحدة. مع ذلك ورغم أن الأمين العام لأكبر اتحاد للعلمانيين الفرنسيين، برنار تيبير، قال بوضوح: « منع النقاب في الشارع ليس علمانيا ولا يجوز منع العلامات الدينية والحجاب في الأماكن العامة »، لم نلحظ أي تغيير في الخطاب. يجدر بالذكر أنه في 21/1/2010 أوضحت اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان في فرنسا، بأغلبية 34 صوتا ضد صوتين فقط، رأيها حول الحجاب الكامل أو النقاب. جاء ذلك في توضيح لوجهة نظر حركة حقوق الإنسان في فرنسا. وقد رفض هذا القرار الممتاز من حيث المبدأ سن أي قانون يمنع النقاب بشكل عام ومطلق. ذلك مع التأكيد على حرية الاعتقاد، ورفض أي شكل من أشكال التمييز، وضرورة التعامل مع كل الظواهر المشابهة وفق حوار مدني ونقاشات عامة خارج أية قوننة أو أساليب قسرية، وضرورة تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في الجهاز التعليمي. بالطبع، لم نسمع أو نقرأ في أية صحيفة عربية أو وسيلة إعلام سمعية بصرية باللغة العربية عن هذا القرار الهام. خاصة أن العديد من المحطات كانت قد أطلقت حكمها مسبقا بنفس الطريقة التي يطلق بها العنصريون الفرنسيون حكمهم المطلق على الإسلام والمسلمين. لا يمكن اعتبار هذا الوضع صحيا، وأنه في خدمة الجالية العربية والمسلمة في أوروبا. كما لا شك في أن خوض معركة جدية ضد الإسلاموفوبيا يتطلب خطابا أكثر عقلانية وأقل دوغمائية، يحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية بشكل مبدئي لا بشكل انتقائي. ويعتمد إستراتيجية إعلامية ومدنية وتشبيكية قادرة على الفعل المجتمعي والتأثير المتوسط والبعيد المدى، وليس فقط الفائدة الحركية المباشرة لهذا التنظيم أو ذاك الداعية. (المصدر: موقع « الجزيرة.نت » (قطر – محجوب في تونس) بتاريخ 26 فيفري 2010)
بسم الله الرحمن الرحيم قراءة متأنية في أحداث صور الاستهزاء و السخرية بمقام النبوة
كتبه ابراهيم بلكيلاني ( النرويج) : صور الاستهزاء و السخرية بالنبيء محمد صلى الله عليه و سلم ، عديدة و قد عايشها عليه أفضل الصلاة و السلام و واجهها بالصبر و المصابرة و الكلمة الحسنة و الدعوة بالحكمة ، و المنافحة بالحجة اليقينية النقلية و العقلية . و لم تخل حقبة زمنية منذ ظهور نور الحق في السلسلة النبوية الطاهرة منذ خلق سيدنا آدم عليه السلام ، من كيد و سخرية و رفض للحق . فقد رفع ابليس عليه اللعنة لواء السخرية و الاستهزاء و الرفض لاستخلاف الانسان في الارض . و عميت بصيرته و حاجج الذات الالهية تعالى الله في قدسيته و تقديره ، و قد دوّن الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم نص الحجج الابليسية ، تُتلى في كتاب لا يأتيه الباطل و لا تحرّفه الألسن . بل يتعدى الاستهزاء و السخرية في التاريخ الانساني ليكون آلية سياسية و أمنية ، استخدمت و لا تزال تستخدم في كل المعارك الفكرية و العقدية و السياسية ، و من جميع الفرق و الملل و المذاهب . بل يستخدم حتى داخل و بين أعضاء و أفراد الفرقة أو الملة الواحدة . و بحجة حرية التعبير توسع استخدام هذه الآلية و يتمترس الفاعل وراء الحجة الموهومة ، أما المنفعل فيُصوُر على أنه مستهدف لحرية التعبير و يُرمى بأوصاف تشكك في ايمانه بالحرية و قبول الرأي الآخر . يسعى هذا المقال إلى النظر في حوادث نشر صور جديدة في النرويج تنال من مقام النبئ محمد صلى الله عليه و سلم ، و قراءتها على ضوء ردود الأفعال و مآلاتها . 1. استهداف مقام النبوة في الأديان : تعتبر النبوة في جميع الأديان مقاما مهما و أسا عظيما . و ما يتميز به الاسلام أنه يؤمن بكل الأنبياء و المرسلين . و الايمان بهم جميعا ركن من أركان الايمان و فيصل بين الإيمان و اللا إيمان . و بما أن المنظومة الليبيرالية هي السائدة في الغرب و هي التي توجه الحياة العملية في جوانبها المختلفة . و هي على نقيض مع مقام النبوة الذي هو جسر من الوحي الالهي للانسان ، لتتقوّم حياة الانسان على تعاليمه . أما الليبيرالية تؤمن بأن الانسان وحده المتصرف في أفعاله و المنظم لقواعد الحياة و العلاقات و الدين في نظرها مسألة شخصية محضة . و نقض حاجة الانسان إلى الوحي ، سيظل من مهام الليبيرالية في صورها المختلفة . و في عرف و منطق الليبيرالية لا غيظ و لاجرم من الاستهزاء و السخرية من مقام النبوة الدينية . و في تقديرنا مما غفل عنه المسلمون في مواجهتهم لأحداث الاستهزاء و السخرية ، أنهم لم يبنو جسور التواصل و الانتقال من مقام الدفاع عن نبئ الاسلام إلى تحشيد الملل و الفرق كلها للدفاع عن مقام النبوة في صورته الكلية . و هذا يتطلب من المسلمين جهودا كبيرة في التعريف بالاسلام و نبيه عليه أفضل الصلاة و السلام . و التجربة في الغرب تؤكد بأنه كلما تقوقع فريق على نفسه و انفصل بقضاياه عن قضايا المجتمع ، إلا و كانت قضاياه عرضة لمزيد من الضعف و التراجع . و كلما أفلح فريق بالتعريف و وصل قضاياه بقضايا المجتمع ، كان أجدى و أحرى بالسداد . 2.استهداف التعايش الديني و العرقي : تشير الأحداث التالية لأية ردة فعل تجاه صور الاستهزاء و السخرية ، على أن استهداف مقام النبوة الشريف ، هو مطية و استفزاز و صيد لثغرات ردات الفعل ، تستهدف النيل و التشكيك في نمط التعايش الديني و العرقي السائد في اوربا و خاصة في الدول الاسكندنافية و في النرويج أساسا . هذا النمط المميز الذي تأمل الجالية المسلمة في النرويج أن تأخذ به بقية الدول الاوروبية . هذا النمط الذي يساوي في الحقوق و الواجبات بين جميع الديانات . و يمنح دعم مالي إلى كل جمعية دينية وفق عدد أعضائها ، بل تمنح مساعدة مالية إلى كل جمعية دينية تتجه إلى امتلاك مقر لها : شراء أو تشييدا و ذلك وفق آلية محددة تأخذ بعين الاعتبار عدد الأعضاء و مساحة المبنى . و كل امتياز للكنيسة ، يحق لأية مؤسسة دينية أخرى مهما كان دينها ، التمتع به . و مما يتميز به قانون الجمعيات الأهلية و الدينية منها بالخصوص ، فإذا تجاوزت المساعدة الحكومية السنوية مبلغ 100 ألف كرون نرويجي ، فيجب على الجمعية أن تقدم سنويا تقريرا أدبيا و ماليا مصدّقا من طرف محاسب مالي معتمد لدى الدوائر الرسمية . إضافة إلى تقديم قائمة سنوية بأسماء الأعضاء و يمنع القانون ازدواجية الانتماء إلى الجمعيات الدينية . و للنرويج نظام محكم ندعو إلى الأخذ به في هذا المجال . و هو ما أضاف على المؤسسات الدينية مسحة بارزة من الشفافية ، و فوّت على أعداء الحرية القدح أو الهمز في الجمعيات الدينية . فقوى اليمين و العنصرية تصور هذا النمط على أنه تهديد للهوية الوطنية ، و لم تلو و لن تلو جهدا إلا و تبذله من أجل إعادة النظر فيه . و للأسف الشديد تتناغم بعض ردات الأفعال مع هذا التوجه ، و تسقط في حبال المكر اليميني . 3. تحرير النظر في العلاقة بين الحرية و المقدس : مشكل نظري ، يتجسد في ردات فعل ، مآلاتها غير مأمونة . فالحرية في التصورات الغربية مفتوحة و ليس لها حدود و هي على نقيض كلي مع المقدس . بل تأسست على هدمه من خلال صراع مرير مع الكنيسة التي تمثل المقدس في الغرب . فالمولود في الغرب يولد في أفق حر ليس له حدود . و العقل و الجسد يسبحان في حرية مفتوحة في الغرب ، تبلغ حد الاشمئزاز الفردي و الجمعي دون أن تكون فرصة للمجتمع للحد منها . و هنا يبدأ التصادم النظري و العملي في العلاقة مع المقدس . و لم تفلح المقاربات الاسلامية إلى اليوم إلى تحرير المقدس من التشوهات الكنسية التي يسقطها الغرب على جميع الأديان بما فيها الاسلام و إن كانت أسسه وتجربته التاريخية تختلف عن التجربة الكنسية . و المواجهات العملية التي برزت من الجالية المسلمة في الغرب ، كان بعضها على صور كنسية ممعنة في تشويه المقدس ، مما أفقد المدافعين عن المقدس فرص تعديل الصورة . و أمعن الفريق الآخر في التشويه و الاستفزاز . فأين هي حدود الحرية ؟ و أين هي الصورة الحقيقية للمقدس ؟ و أين مساحة الحرية في المقدس ؟ و ما هو المقدس في الحرية ؟ هذه مجموعة من الأسئلة الفلسفية ذات الطابع الوجودي ، لا زال الفكر الاسلامي لم يقدم فيها مقاربات ناجحة ، تشبع حاجة الغرب للحرية ! ربما يقول قائل : نحن لسنا معنيون بتقديم إجابة نقنع بها الآخرون . و لكن ما هي الدعوة إن لم تكن اقناعا للآخرين ؟ و ما هي العالمية غير القدرة على اقناع الآخرين في كل زمان و مكان ؟ و ما هي صلوحية المقدس غير صلوحية حججه و مقارباته ؟ . 4. امتحان المواطنة : لا تزال قوى اليمين السياسي في أغلب الدول الاوروبية مشككة في قدرة « المسلمين » على الايفاء بمتطلبات المواطنة . و ترى فيهم خطرا على الحرية و النظام الديمقراطي . و إثر كل حدث و ردات الفعل تجاهه ، تشرع قوى اليمين السياسي في توظيفها بالدفع نحو اصدار قوانين جديدة تحد من سلاسة القوانين و الاتجاه بها نحو التشدد . فمن اشتراط ساعات محددة في تعلم اللغة و الاطلاع على النطام المدني ، إلى اختبار في منظومة القيم و عدم ارتداء النقاب و منع الحجاب في المدارس .. الخ . و سلسلة التشدد تسير بسرعة ، و تزيل أمامها ردات الفعل غير الراشدة من المسلمين ، جميع الحواجز لتنخرط جميع الأطراف السياسية في هذا التوجه . فالمواطنة التي هي مكسب و ثراء و فرص متاحة للتفاعل و التأثير ، لم تحظ بالوعي الكافي من الجالية المسلمة في الغرب . و للأسف الشديد لم تقابل بالوفاء و الالتزام بمتطلباتها في حالات عديدة . فأبرز أهداف الصور الكاريكاتوية هو تعميق الريبة و الشك في وعي المؤسسات المدنية بأن المسلمين ليسوا أوفياء لمتطلبات المواطنة . 5. مأزق الأجيال : تعيش الأجيال الجديدة من المسلمين في الغرب وضعية أقل ما يقال فيها بأنها صعبة . و للأسف الشديد تشير العديد من الاحصائيات إلى أن عدد الشبان المهاجرين و شبان الجالية المسلمة بالخصوص ، هم الأكثر ممارسة لأوجه عديدة من الجرائم و الممنوعات القانونية ، إضافة إلى قلة منهم فقط تواصل دراستها الجامعية . و هناك معاناة حقيقية بين متطلبات الهوية غير المعاشة في البيوت و بين أفراد الجالية و بين الانتماء الوطني و التزاماته. ربما نتفهم الحالة في النرويج باعتبار أن الجيل الأول المؤسس ، لم يكن له الوعي الكافي و المعرفة التي تمكنه من التنبه مبكرا إلى التحديات التي تواجه الأجيال الجديدة . و لكنها نجحت في توريث الهوية بأقدار محددة ، و المأمول أن تلتقطها الأجيال الجديدة و تهذبها وفق التزامات الهوية و متطلبات الانتماء الوطني ، في معادلة تزيل الالتباسات و الاشتباكات بين الحدين . و نحسب أن الجميع بحاجة إلى مزيد من الوقت . و لكن أحداث صور السخرية و الاستهزاء تسعى إلى تعميق الفصل بدل الوصل بين حدي الهوية و الانتماء الوطني . و المطلوب من المؤسسات الاسلامية التي لها بعد النظر ، تعميق الوعي بقيمة الوصل ، و كبح نزوات الفصل التي تديم الصراع ، و في ذلك تكمن مصلحة الأجيال الجديدة من المسلمين في أوطانهم الاوروبية . 6. اشباع الحاجات المرضية : تؤكد المدارس النفسية أن للانسان مجموعة من الحاجات ، تطلب الاشباع . و الهوية تنظم شكل الاشباع و طرقه المشروعة . و لكن في المقابل هناك ما يطلق عليه حاجات مرضية ، نتيجة لاضطرابات نفسية و اضطرابات في الشخصية . و إذا نمعن النظر في أنماط الشخصيات التي كانت وراء رسم أو نشر الصور ، نجدها تعاني من اضطرابات واضحة ، فهي مسكونة بحب مرضي للذات ، و قلقة اجتماعيا ، رافضة للتعارف و تستمتع بالإستهزاء و السخرية و إذاء الآخر . وهي مهوسة بالشك و الخوف من المغاير لها . و عندما ننظر في المقابل لأمثلة عديدة من ردات الفعل و التي تم صيد أخطائها ، نرى أن أفرادها تعيش حالة من الاضطرابات النفسية المشابهة . و بينهما تضيع مكاسب الهويات و ينال من أمن و استقرار المجتمعات . 7. التوظيف الاقتصادي : نحسب أن هذا البعد أصبح جليا في العديد من الحالات السابقة و اللاحقة . فالصحيفة النرويجية التي هي من أبرز صحف الحوادث اليومية و التي نشرت صور السخرية من المعلوم أنها تعيش حالة مالية صعبة ، و إن نفوا بأن العامل المالي ليس هو الذي دفعهم إلى هذا الفعل . و لكنها في خطتها المالية لعام 2010 حددت الاستغناء عن ما يقارب 50 موظفا فيها ! . فالإعلام في كل العالم يتأسس على الإثارة . و الإثارة تدر على وسائل الاعلام أموالا كثيرة ، خاصة لدى الوسائل التي لا تعتمد على نظام الاشتراكات ، بل على البيع اليومي المباشر فقط . و في هذا الإطار يجب أن ننبه إلى أن سياسة اليمين في الغرب هي حشر القوى المدنية و الأهلية في العالم الاسلامي في زاوية خيار المقاطعة . فاليمين السياسي هو المستفيد الأول من انخفاظ التبادل الاقتصادي بين الدول الاوروبية و العالم الاسلامي . فالاقتصاد هو عصب العلاقات الدولية ، هو الذي يمكن لهذا الطرف أن يؤثر في مواقف الطرف الآخر . و الأحداث المتتالية من بداية الأزمة الاقتصادية إلى اليوم تشير إلى أن العديد من الدول الاوروبية ساعية في جذب مزيد من الاستثمار الاسلامي إلى و في أراضيها . و هذا يتطلب مناخا من التسامح و ازدياد مساحات الاحترام المتبادل . و هو نقيض الفكر اليميني الذي يسعى إلى تذكية مناخ التشكيك و الدس و الاستفزاز ، لتقليص فرص التعاون الاقتصادي و استثماره سياسيا و ثقافيا . و نتائج هذه السياسة اليمينية في دول العالم الاسلامي هو مزيد من دعم للاستبداد السياسي و تقليص لمناخ الحريات و استدامة سياسة التخويف التي تتلون في كل مرحلة بلون . 8. التوظيف السياسي : لا شك أن الإثارة في الإعلام ، هو المركب السهل الذي تمتطيه الأحزاب السياسية اليمينية , فعند قرب محطة سياسية ما ، و خاصة الانتخابات البرلمانية أو البلدية ، تجد اليمين السياسي يدفع ب »مدافع الإثارة » للإنطلاق ، لتُدوي في سماء السياسة بأحداث ترفع رصيده في الاستبيانات على أمل أن تكون واقعا في نتائج الانتخابات . فقبيل الانتخابات البرلمانية التي عُقدت في السنة الماضية في النرويج و بعد أن فضحتهم حرب الإبادة التي تعرض لها قطاع غزة بوقوفهم خلف الاعتداء الاسرائيلي ، حاولت قوى اليمين السياسي استثارة بعض المواضيع الاسلامية مثل : الزي الرسمي للشرطة و امكانية دخول المسلمات المحجبات إلى هذا السلك ، إضافة إلى موضوع النقاب و غيرها .. و ها هي و بعد الهزيمة في الانتخابات البرلمانية و في خضم الاستعدادات للإنتخابات البلدية ، تدفع قوى اليمين السياسي بآلية الإثارة الممجوجة من جديد لتستهدف نمط التعايش الديني و العرقي الذي يتبناه الإئتلاف الحاكم اليوم في النرويج لمرحلتين متتاليتين . و أبعد من البعد القطري ، فالكل يتذكر أحداث الصور المسيئة للنبئ محمد صلى الله عليه و سلم في الدانمارك ، و الذي تلته اعتداءات غاشمة من الكيان الغاصب على لبنان ثم غزة . فما الذي يُخطط له بعد هذه الموجة الجديدة من الصور ؟ على العالم أن ينتبه إلى ما أبعد من نشر صور في الصحف . بل هو إشارة إلى قرب إعتداء جديد ، بعد أن تُربك الساحة الاوروبية و تُشحن ضد القضايا الاسلامية . فالصور ما هي إلا قرع لطبول حرب تدفع لتوسيع و إدامة الشرخ بين الغرب و العالم الاسلامي . فهل نعي الدروس ! 9. التوظيف الأمني : من حق كل بلد أن يحافظ على أمنه و استقراره . و من حق أجهزته الأمنية أن تتخذ كل الاجراءات وفق القانون و التزاما بالمواثيق الدولية لحقوق الانسان ما يمكّنها من الحفاظ على أمنه و مستقبل أجياله . فالأجهزة الأمنية معنية بقبول أو حتى صُنع قدر محدد من استفزاز خلايا العنف النائمة و اكتشافها قبل أن تستقيم على عودها . و نحسب أن قبول الأجهزة الأمنية بهذا القدر من الاستفزاز ، ربما يُتفهم دواعيه . و لكن ما الضامن بأن لا تكون هذه الأجهزة تحت تأثير الإثارة و يُظلم أفراد لا يحملون العنف كمنهج في التغيير ، و لكن درجة حساسيتهم الدينية قوية ؟ . و على الأجهزة الأمنية الاوروبية أن تتحرر من عقدة الخوف من صور الالتزام الديني ، و يتم ذلك بتعميق الثقة بين الأجهزة الأمنية في الغرب و المؤسسات الاسلامية و أفرادها ، و على الجالية المسلمة أن تتحرر في المقابل من عقدة » صورة الأجهزة الأمنية المتضخمة » في العالم الاسلامي ، و أن لا تسقط في حبال كيد اليمين السياسي . و للمسألة وجوه عديدة نتمنى أن تعالج دوما بالهدوء . و لا شك أن تراكم التجارب تساعد الجاليات المسلمة على التعامل مع كل المستجدات مهما كانت صعوباتها . و تعميق القيم المشتركة للمجتمعات متعددة الثقاقات ، الذي هو مسار مازال بحاجة إلى جهود كبيرة من جميع المكونات .
أين العرب من توابع الزلزال الإقتصادي العالمي ؟
د.أحمد القديدي* لكل زلزال أرضي كبير توابع على سلم « ريشتر » و كذلك الأمر بالنسبة للزلزال الإقتصادي الرهيب الذي هز العالم بشدة منذ 28 شهرا حين أفلس بنك (ليهمان براذر) الأمريكي من جراء سوء تقديره لقدرة العائلات الأمريكية المقترضة على تسديد ديونها. و انطلق الزلزال المالي العاصف من مركزه الأمريكي ليرجّ الولايات المتحدة ثم الإتحاد الأوروبي ثم العالم بأسره بمنطق مكعبات لعبة الدومينو المعروفة التي تتساقط تباعا واحدة بعد أخرى. فالعولمة حكمت على إقتصادات كل الدول بالتشابك وهي ظاهرة حديثة يطلق عليها علماء الإقتصاد مصطلح ( الإرتباط التفاعلي ) أي أننا في كل دولة لم نعد نتمتع بحرية مطلقة في اتخاذ قراراتنا و سن خياراتنا ضمن الإطار الوطني أو حتى القومي و الإقليمي. وهذا الوضع جعل الرخاء عابرا للقارات و لكن جعل كذلك الأزمة عابرة للقارات و ليس هناك حدود للعدوى بمرض الإيدز أو بأنفلونزا الخنازير مثلا بين الدول و القارات كما لم تعد توجد حدود للأزمات الإقتصادية و للنماذج الثقافية و لحركات المال و البضائع لا فرق في هذه التفاعلات الآنية بين الدول القوية و الدول النامية. العولمة هي مجرى هواء وأحيانا مجرى عواصف هوجاء لا مرد لمفعولها. اليوم بدأ التصدع يصيب بعض الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي فأعلنت حكومة اليونان أنها تعاني عجزا في ميزانها التجاري ينعكس تدريجيا على مخزون الدولة من العملة و على صحة مصارفها. و خرج مئات الآلاف من المواطنين اليونانيين إلى شوارع المدن احتجاجا و رفضا لمخططات التقشف و شد الأحزمة، و تحولت الأزمة اليونانية إلى هاجس أوروبي عام لأن الدول الأعضاء السبعة و العشرين في الإتحاد يرتبطون بعملة واحدة هي اليورو الذي تعملق و تورم على مدى السنوات القليلة من عمره و فرض على أعضاء النادي شروطا و قوانين إتحادية حددت هامش السياسات الوطنية لحساب السياسات الإتحادية و أصبح الجسد الأوروبي يتداعى بالسهر و الحمى حينما تصيب الأمراض عضوا من أعضائه. و كانت قمة أوروبا ليوم الحادي عشر من فبراير/فيفري في بروكسل تتويجا للمسار الوحدوي الأوروبي لكن بالمعنى المأساوي و في الطريق المسدود. فالسيد ساركوزي رئيس فرنسا و السيدة ميركل مستشارة ألمانيا سارعا لنجدة اليونان بضخ مئات الملايين من اليوروات وهما في الواقع ينقذان من الإفلاس البنوك الفرنسية و الألمانية التي قامت بتمويل الشركات اليونانية وحتى مؤسسات الدولة اليونانية. أما رئيس الإتحاد المعين حديثا السيد فون رونبوي فقد دشن ولايته الأولى بأزمة من العيار الثقيل و أعلن عن جملة من الإجراءات الإتحادية للمزيد من فرض الإجراءات المقيدة للقرارت الوطنية وهو ما وصفته أسبوعية (ستراتيجيك ألرت) الأمريكية بإقامة دكتاتورية الإتحاد الأوروبي وقمع الإستقلالات الوطنية ! و يرى عالم الإقتصاد الأمريكي ليندن لاروش في تحليل نشرته مجلته الشهرية (أنتليجنس ريفيو) في عددها الأخير بأن أوروبا ترتكب نفس خطإ الإدارة الأمريكية التي واجهت أزمة 2008 بضخ مبالغ خيالية لإنقاذ ( وال ستريت) و الإحتفاظ بالنظام النقدي الدولي الجائر (بريتن وودس) في غرفة الإنعاش موصولا بأجهزة التنفس الإصطناعي. كما يرى هذا الخبير بأن الأزمة الراهنة تهدد أيضا أسبانيا و إيرلندة و البرتغال و أنها مدعوة للتوسع لتشمل كل منطقة اليورو خلال هذا العام 2010. الخطير في الأمر أن عديد المنظرين الإقتصاديين و السياسيين بدأوا يفكرون في مرحلة ما بعد اليورو. فاليونان أول حلقة في سلسلة إنهيارات مبرمجة من اليوم إلى تخوم 2020 . الذي حصل هو أن حكومة جورج بابندريو تسترت على كذب الحكومة التي سبقتها في أثينا في عملية غش على الصعيد الوطني حيث تم تزوير الأرقام لتقديم كشف مدلس للإتحاد الأوروبي غطى على عجز الميزانية اليونانية فيما يشبه تراجيديا إغريقية للفنان القديم سوفوكل. ثم إنكشف الأمر حين عجزت الدولة عن ضمان قروض مؤسساتها الرسمية و المصرفية و هب « الإخوة » الأوروبيون لنجدة الشقيقة الضالة لا بتحميلها المسؤولية كما يجب أن يقع بل بضخ أموال دافع الضرائب الفرنسي و الألماني في الميزانية اليونانية. و العرب في كل هذا ؟ إن أمتنا ليست بمعزل عن أزمة اليورو الراهنة ( تبلغ مبادلاتنا مع دول نادي اليورو نسبة 31% من تجارتنا الجملية )و لكن الحكمة ومصالحنا العليا تستدعي أن ننسق مواقفنا على الصعيد العربي و لم لا ضمن جامعة الدول العربية التي تملك آلية إقتصادية و خبراء فنحلل تداعيات الأزمة على إقتصاداتنا الوطنية و نتخذ مواقفنا الموحدة لا المنفردة في عالم لا يرحم المشتتين و لا يشفق على المنقسمين. *رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 126 بتاريخ 26 فيفري 2010)
القذافي يدعو للجهاد ضد سويسرا
قراءة في احتمالات الحرب: في ثلاث ملاحظات
Home – Accueil – الرئيسية