TUNISNEWS
6 ème année, N° 2156 du 17.04.2006
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان : بيـــــان هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات: ارفعوا أياديكم عن الرابطة نقابة الصحفيين التونسيين : بيان اللجنة الدولية للتضامن مع بوخذير: بلاغ إعلامي اللجنة العالمية للدفاع عن البروفسور منصف بن سالم: بيان تضامني مع الصحفي المناضل سليم بوخذير مجموعة من طلبة المعهد العالي للتنشيط الشبابي و الثقافي : بيان إلى الرأي العام يو بي آي: السلطات المصرية ترفض منح تأشيرتي دخول للبيانوني والغنوشي إسلام أون لاين: مئذنة سامراء.. قُـصـفـت بالعراق وصمتت بتونس! مجموعة من قدماء المساجين الإسلاميين: أليس الصبح بقريب فاكر عبد الصمد: إهانة القضاة: هواية جديدة لوزارة العدل سالم الحداد: الاستقلالية … وتحرير الذاكرة النقابية المحجوزة مواطــن: بـــلاغ رقم ألـف جمال العرفاوي: جمعية الصحفيين التونسيين… وفي انتظار التقرير الخامس محمد العروسي الهاني: السيرة النبوية لخير البرية في مولده مولد امة الحياة : تونس تسعى الى استقطاب مزيد من المولعين برياضة الغولف الحياة : «إعمار» تطلق مشروعا سكنياً في تونس الأميرال لانكساد لـ «الشروق»:إيماني بخطإ غزو العراق مازال قائما وليس أمام الأمريكان إلا الانسحاب الشروق: المناضل حسين التريكي: بن يوسف أراد توريطي مع المخابرات المصرية وكلّف عبد العزيز شوشان باغتيالي الحياة: كتاب يتناول بعض ظواهرها …آفاق الرواية التونسية بين التاريخ والرؤية الواقعية الشرق » القطرية: فياض: لن يحدث تحول إلا إذا تبنى الإسلاميون الديمقراطية يزيد بوعنان : الجزائر- الجبهة الاسلامية للانقاذ من المغالبة الي الأفول برهان غليون: في أصل الشلل العربي د. محمد نور الدين: سيزير يجدد «عوارض» العلمانية ويهدد بوضع ضوابط للعبادات الفردية!
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
بعد أن نشرنا في عددنا الصادر يوم 15 أفريل 2006 بيانا صادرا عما يُسمى » لجنة عائلات المساجين السياسيين » اتصل بنا عدد من القراء للتنبيه إلى أن عددا من الأسماء الواردة في القائمة المنشورة رفقة البيان على اعتبار أنهم مساجين « هم أشخاص أفرج عنهم في فيفري 2006 أو في نوفمبر 2005 أو قبل ذلك ».
وبعد التثبت والإستفسار، اتضح لنا فعلا أن السادة الصادق العرفاوي وسعد الحنزولي والحبيب البجاوي قد أفرج عنهم يوم 25 فيفري 2006 وأن السادة مبروك الغضبان ومنور النصري ونصر الدين الخليفي ونور الدين بن عبد الله قد أفرج عنهم يوم 5 نوفمبر 2005 وأن السادة الحبيب ساسيوخالد الصغير هشام اللمطيقد أفرج عنهم في تاريخ آخر.
من جهة أخرى، أكدت الأستاذة سعيدة العكرمي ، الكاتبة العامة للجنة الدولية لمساندة المساجين السياسيين لتونس نيوز أن اللجنة المزعومة « لا علاقة لها بلجنة عائلات المساجين السياسيين المتفرعة عن الجمعية والتي تنسق أعمالها الأخت فوزية السنوسي » وشددت على أن « الجمعية لا تتحمل مسؤولية ما ينشر دون إمضاء ممثلها القانوني ».
وأضافت الأستاذة العكرمي في ردها على أسئلة تونس نيوز: « ومع ان الجمعية لا تدعي احتكار الدفاع عن هذه القضية العادلة ومع اعتزازها بكل جهد يبذل من أي طرف فرد او مجموعة خدمة لها فانها لا تخفي خشيتها من ان يكون بعض ما ينشر على خلاف الحقيقة ومن مصادر مجهولة تحاول إيهام القارئ بالنشاط صلب الجمعية محاولة للمساس بمصداقية الجمعية التي عرفت بجديتها وحرفيتها وحرصها على الحقيقة ».
ومن جهتنا، ونظرا للأخطاء الخطيرة التي وردت في البيان وللشكوك التي تحوم حول هذه « اللجنة » المجهولة الهوية ولأن ما صدر عنها (هذه المرة وفي المرة السابقة يوم 8 أفريل 2006) غير ممضى، فقد قررت هيئة التحرير – إيمانا منها بخطورة أي محاولة للتلاعب بقضية المساجين السياسيين العادلة والمقدسة – سحب النص من موقع « تونس نيوز » والاعتذار للسادة السجناء المفرج عنهم وللسيدات والسادة القراء على هذا الخطأ وللسيدة لويزة طوسكان التي تكرمت بترجمة البيان إلى الفرنسية.
هيئة تحرير « تونس نيوز »
17 أفريل 2006
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان القيروان 16افريل 2006 بيـــــــــــان
بيان ارفعوا أياديكم عن الرابطة
نقابة الصحفيين التونسيين تونس في 16 افريل 2006
11 نهج الحبيب ثامر
تونس
بــيـــــــــــان
علمت نقابة الصحفيين التونسيين أن السلطات التونسية ترفض تمكين الزميلةسهير بلحسن رئيسة تحرير صحيفة 7/7 و صحفية سابقة بوكالة أنباء رويترز ومجلة جون أفريك من جواز سفرها وقد مضت قرابة الأربعة أشهر على تسليمها الطلب إلى المصالح المختصة.
و إذ تستغرب نقابة الصحافيين هذا الإجراء فإنها تخشى أن يكون عقابا للزميلةسهير بلحسن على نشاطها في مجال حقوق الإنسان باعتبارها نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ، و نائبة رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
إن نقابة الصحفيين التونسيين تدين هذا الإجراء وتدعو السلطات التونسية إلى تمكين الزميلة من جواز سفرها باعتباره حقا دستوريا.
كما تدعو النقابة السلطات إلى الكف عن مثل هذه الأساليب الزجرية ضد الصحفيين الناشطين في مجال حقوق الإنسان و المدافعين عن حرية الرأي و التعبير.
عن الهيئة التأسيسية
الرئيس
لطفي حجي
نقابة الصحفيين التونسيين تونس في 16 افريل 2006
11 نهج الحبيب ثامر
تونس
نداء إلى الصحفيينو إلى الرأي العام
تعلم نقابة الصحفيين التونسيين كافة الصحفيين والرأي العام أن صحّة الزميلسليم بوخذير المضرب عن الطعام منذ 13 يوما قد تدهورت بشكل لافت للانتباه، فهو يعاني من أوجاع في القلب وقد خسر 8 كلغ من وزنه إلى حدّ الآن.
وتهيب نقابة الصحفيين بجميع الزملاء إلى الوقوف مع الزميلسليم بوخذير من اجل حقه في الرجوع إلى العمل بجريدة الشروق الذي أطرد منها تعسفيا مطلع الشهر الجاري.
وبناء على ما يقتضيه مبدأ التضامن بين الصحفيين تدعو النقابة المنظمات المهنية إلى مؤازرة الزميل بوخذير في محنته لإنقاذ حياته كما تدعو الأطراف المسؤولة إلى تسهيل إرجاعه إلى سالف عمله.
عن الهيئة التأسيسية
الرئيس
لطفي حجي
وفد من الايفيكس يزور بوخذير
يقوم وفد من الايفيكس يوم الثلاثاء (18 أفريل) بزيارة الى الصحفى سليم بوخذير الذى يواصل اضرابه عن الطعام منذ الخامس من هذا الشهر.
كما تتواصل المساندة لبوخذير من خلال مختلف شخصيات المجتمع المدنى التونسي والمنظمات العربية والدولية يذكر أن طبيب القلب الدكتور الصحبى بن فرج والذى عايد بوخذير مساء الاثنين (17 أفريل) أكد تعرض بوخذير الى مضاعفات وطلب منه القيام بتصوير بالأشعة لتحديد انعكاسات هذا الاضراب عليه.
كما أكدت الزميلة سهام بن سدرين زيارة وفد الايفكس اليه ودعم العديد من المنظمات المهنية له فى حقه فى العمل وتمكينه من كل حقوقه التى يكفلها القانون
عن اللجنة الدولية لمساندة بوخذير
زهير لطيف
بلاغ إعلامي
يواصل الزميل سليم بوخذير اظرابه عن العام والذى بدأه فى الخامس من هذا الشهر رافعا شعار لا تكسروا الأقلام الحرة ورغم حالته الصحية وفقدانه لأكثر من تسع كلغ فقد وصل وزنه الى اقل من 54 كلغ بعد أن كان 62 قبل شروعه فى الاضراب عن الطعام.
وتتابع العديد من المنظمات التونسية والعربية والدولية هذا الاضراب والذى يأتى نتيجة الوضع الذى يعيشه قطاع الاعلام فى تونس وتعسف المؤسسات الاعلامية ومنعها الصحفيين من ممارسة رسالتهم على الوجه الحرفى والمطلوب.
ولم يصدر عن السلطات التونسية أى تعليق عن اضراب بوخذير عن الطعام وان لم يكن هذا بالأمر المستغرب فليست هى المرة الأولى التى تتجاهل فيها السلطات التونسية ووسائل إعلامها أى تحرك للمجتمع المدنى ومناضليه.
واذ تدعو اللجنة الدولية للتضامن مع بوخذير جميع الأقلام الحرة والمذافعين عن حرية الصحافة التحرك من أجل عودة بوخذير الى عمله ومنحه بطاقة الصحافة وتمكينه من جواز سفره والسماح للعديد من الاعلاميين ببمارسة مهنتهم بدون وصاية أو ضغوط مسلطة من السلطة وتحذر اللجنة من تدهور حالة بوخذير والذى يعانى من مرض القلب.
لمساندة بوخذير يرجى المراسلة على العنوان الالكترونى: supportboukhdhir@gmail.com
عن اللجنة
زهير لطيف
اللجنة العالمية للدفاع عن البروفسور
منصف بن سالم
أوربا في 17-04-06
بيان تضامني مع الصحفي المناضل سليم بوخذير
تتابع اللجنة العالمية للدفاع عن البروفسور منصف بنسالم بقلق شديد أخبار تدهور الوضع الصحي للصحفي التونسي سليم بوخذير,واذ تذكراللجنة الرأي العام الوطني والدولي بأن اضراب مراسل العربية نت من تونس يدخل اليوميومه الثالث عشر منذ بداية الشروع فيه, فانها تحمل السلطات التونسية مسؤولية أيتدهور خطير في صحته ولا سيما في ظل ماكشفت الفحوصات الأولية عنه من مشكلات في نبضاتالقلب وأخرى في مستوى المجاري البولية
واذ تحيي اللجنة بالنيابة عن عالم تونس البروفسور بن
سالم الأستاذ سليم بوخذير على صموده البطولي في وجه محاولات الاحتواء والاغراءوالترهيب وصولا الى طرده من العمل من قبل شخصيات نافذة تقف وراء جريدة الشروق,فانهاتتوجه بالنداء الى كل الفعاليات الوطنية والدولية في المجتمع المدني العالمي من أجلالتدخل العاجل والناجع قصد رفع كل القيود والضغوط المادية والنفسية المسلطة على هذاالقلم الحر
ومن جهتها فان اللجنة العالمية للدفاع عن البروفسور
بن سالم تتعهد باستثمار ماحققته من نجاحات وعلاقات مع السياسيين والحقوقيين ورجالالاعلام على مستوى العالم من أجل مؤازرة الأستاذ بوخذير حتى تحقيق مطالبه المشروعةكحقه في السفر والعودة الى سالف عمله كما الكتابة الحرة بعيدا عن كل الضغوطالحكومية التي تستهدف تجويعه وتركيعه في ظل مناخات العتمة الاعلامية التي تعيشهاالبلاد التونسية
عن اللجنة العالمية للدفاع عنالبروفسور المنصف بن سالم
الرئيسة- د.فيولات داغر المنسق–مرسل الكسيبي
السلطات المصرية ترفض منح تأشيرتي دخول للبيانوني والغنوشي
القاهرة ـ يو بي آي: رفضت السلطات المصرية منح تأشيرات دخول لقادة اسلاميين بارزين كانوا ينوون حضور مؤتمر في الاسكندرية لمناقشة تجديد الخطاب الديني الاسلامي.
وقال بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ان السلطات المصرية رفضت اعطاء تأشيرتي دخول لعلي صدر الدين البيانوني زعيم جماعة الاخوان المسلمين في سورية وراشد الغنوشي زعيم حزب النهضة التونسي أحد الجماعات المقربة من جماعة الاخوان المسلمين.
وأضاف حسن ان الحكومة المصرية رفضت منحهم تأشيرات مراعاة لخواطر سورية وتونس اللتين تعتبرهما معارضين بارزين .
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 17 أفريل 2006)
مئذنة سامراء.. قُـصـفـت بالعراق وصمتت بتونس!
تونس- عقبة الحميدي
« إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي، يا من رفعتم في برنامجكم الانتخابي شعار حامي حمى الوطن والدين، ويا من زينتم في شمال العاصمة التونسية مسجدا شامخا سميتموه بمسجد زين العابدين، إليكم أقول: إن هناك رمزا شامخا في جنوب العاصمة التونسية يسمى بمسجد المركب (مجمع للكليات) الجامعي لجامعة المنار (جنوبي العاصمة) مقفل بالضبة والمفتاح.. وتتعرض ساحته لتدنيس لا يرضاه مسلم ».
نداء وجهه عبر إسلام أون لاين.نت الطالب عبد الحميد الصغير، منسق « اللجنة الطلابية للمطالبة بإعادة فتح مسجد المركب الجامعي » في مناشدة عاجلة إلى الرئيس التونسي للتدخل لإعادة فتح مسجد المركب الجامعي، ذي المئذنة التي استوحى تصميمها من مئذنة مسجد سامراء التاريخية الشهيرة التي تعرضت للقصف عام 2004، المغلق منذ عام 2002، و »منع مظاهر التدنيس الحاصلة الآن؛ حيث أصبحت ساحته مقصدا للمنحرفين ومكبا لزجاجات الخمر والكلاب والقطط الضالة »، على حد قوله.
وكانت اللجنة الطلابية -التي تضم في عضويتها الطلاب زياد بن سعيد، وأحمد العويني، وحافظ الجندوبي، وعبد الحميد الصغير- قد قامت بالعديد من التحركات على مدى تلك السنوات لإعادة فتح المسجد، إلا أن تلك المحاولات قوبلت بصد وتجاهل كبيرين من جانب المسئولين.
وقال الطالب عبد الحميد الصغير لـ »إسلام أون لاين.نت » عبر الهاتف الإثنين 17-4-2006: « لم أترك مسئولا في تونس يمكن أن يطرق بابه إلا طرقته، ولكن لا مجيب!! وتحملت في ذلك ما تحملت ».
سبب الإغلاق
وحول سبب إغلاق المسجد قال « الصغير »: « تم إغلاق المسجد في 21 يوليو 2002 وفي ظروف غامضة بالنسبة لنا، وإلى الآن لم تعلن أي جهة عن سبب الإغلاق أو موعد فتحه في المستقبل… تعللوا وقتها بإجراء أشغال تخص المسجد، لكننا علمنا بعدها أن ما أعلن كان مجرد حجج واهية ».
عضو آخر بالرابطة – فضل عدم ذكر اسمه – اعتبر في تصريح لـ « إسلام أون لاين.نت » أن « ذلك جزء من خطة تجفيف المنابع (الإسلامية) ».
وأوضح قائلا: « المقصود هو مقاومة ما سمي بالظاهرة الإسلامية بشكلين: أمني عن طريق الاعتقالات، وأخلاقي عن طريق تمييع الشباب، وهذا هو ما قصدوه، ولكن الله غالب على أمره ».
أبواب الوزراء
وعن التحركات التي قامت بها اللجنة قال « الصغير »: « لم نترك بابا إلا طرقناه، لكن الأبواب لا تزال مغلقة، ونحن لم نيأس وأملنا أن يستجيب لندائنا السيد رئيس الجمهورية ».
وأضاف: « قدمنا مراسلات إلى جميع الدوائر المختصة بداية من وزارة التعليم العالي التي كان جوابها عن طريق رئيس الجامعة السيدة زينب مملوك التي قالت لي بالحرف: وزارة التعليم العالي لا دخل لها بموضوع مسجد المركب الجامعي ».
ومضي « الصغير » يقول: « عندها التجأنا إلى وزارة الشئون الدينية وطلبت مقابلة السيد الوزير عدة مرات لكن جوبهتُ بالمنع والصد واعتدي عليّ لفظيا، وعنفت أشد تعنيف، فطلبت منهم أن يقبلوا مني المراسلة لتسجل بمكتب الضبط، فكان الجزاء طردي شر طردة ».
ولم ييأس « الصغير وقرر الاتصال بمفتي الديار التونسية الشيخ كمال جعيط، غير أنه فوجئ « بالبرود الذي استقبلني به الشيخ المفتي ليعلمني بعد ذلك بقوله: والله الصومعة (المئذنة) لم تكتمل بعد. لم يأخذ هو الآخر مني حتى الأوراق، وعندها كتبنا مراسلة إلى رئيس الدولة، وما لا نزال ننتظر الرد عليها ».
الاحتجاجات السلمية للفت الأنظار إلى « المأساة » التي يعيشها المسجد كانت الملاذ الأخير لـ 35 ألف طالب وطالبة بالمركب الجامعي لا يوجد لهم مسجد واحد. وقال « الصغير »: « نادينا لتنظيم اعتصام أمام المسجد بتاريخ 14 إبريل 2006 لنفاجأ بالشرطة تعتقلني في ذلك اليوم، ويحاصر المسجد من كل جهة بأعداد كبيرة من البوليس السياسي »، ويضيف ساخرا: « فكان أن قام البوليس السياسي بالاعتصام بدلا منا ».
وتابع: « ثم مررنا عريضة وقع حتى الآن عليها 800 طالب وطالبة كلهم يطالبون بسرعة إعادة فتح المسجد وضرورة احترام المقدسات ».
مئذنة سامراء
فوق الهضاب المطلة على العاصمة التونسية، وبين أهم الكليات العلمية والقانونية شيد مسجد المركب الجامعي ذو المئذنة الحلزونية التي استوحاها مصممها الدكتور مختار العتيري، مؤسس ومدير المدرسة الوطنية للمهندسين سابقا والوزير التونسي السابق، من زيارة له إلى سامراء بالعراق؛ حيث شاهد مئذنتها الشهيرة.
وكان القناصة الأمريكيون يتخذون من قمة مئذنة سامراء موقعا لهم؛ وهو ما أدى إلى استهداف المئذنة البالغ ارتفاعها 52 مترًا والتي أقيمت قبل ما يزيد عن ألف عام؛ حيث أصيبت بقذيفة مورتر ونيران أسلحة صغيرة في أكتوبر 2004؛ وهو ما أحدث بها فتحة.
وقال كاتب عام للطلبة (أمين اتحاد الطلاب) لإحدى الكليات التونسية، فضل عدم ذكر اسمه: « لقد كان للسيد العتيري فضل كبير في تأسيس المسجد، وقد كان مدعوما من الهيئة النقابية للطلاب تخطيطا وتنفيذا ».
وأضاف: « لقد بدأ بناؤه في أواسط السبعينيات، ثم ما لبث أن أصبح في الثمانينيات منارة للعلم والإيمان يؤمه آلاف المصلين من طلاب كليات الحقوق والعلوم الاقتصادية والطبيعة والبيولوجيا المجاورة، غير أن يدا امتدت إليه في الظلام لتغلقه وتمنع أن يذكر فيه اسم الله فيه ».
(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 16 أفريل 2006)
وصلة الموضوع: http://www.islamonline.net/Arabic/news/2006-04/17/article02.shtml
أليس الصبح بقريب
إهانة القضاة: هواية جديدة لوزارة العدل
الاستقلالية … وتحرير الذاكرة النقابية المحجوزة
بـــلاغ رقم ألـف
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
تونس في 14/04/2006
الموافق ليوم 15 ربيع الانور 1427 هجري
السيرة النبوية لخير البرية في مولده مولد امة
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكرعلينا ما دعا لله داعي
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحبا يا خير داع
العاشق لرسول الله محمد العروسي الهاني
تونس
الحياة : تونس تسعى الى استقطاب مزيد من المولعين برياضة الغولف
تونس – سميرة الصدفي
مع اشتداد المنافسة على استقطاب السياح الغربيين سعى التونسيون الى تنويع المعروض السياحي المحلي بتجاوز الصورة التقليدية المرتبطة بالتركيز على البحر والشمس والرمال واستكشفوا مجالات جديدة في مقدمها ملاعب الغولف انطلاقاً من كون هذه الرياضة تستقطب ستين مليون سائح في العالم من ضمنهم ستة ملايين أوروبي.
ويُعتبر ممارسو رياضة الغولف من أكثر السياح إنفاقاً كونهم يمثلون فئات ميسورة ما يشكل مصدراً مهماً لتحسين الإيرادات السياحية، خصوصاً أن المُقبلين على سياحة البحر هم عادة من الذين يوضعون في خانة «السياحة الشعبة» المؤلفة أساساً من عمال وموظفين أوروبيين يأتون في إطار رحلات جماعية.
وأتاح المناخ التونسي إقامة عدد كبير من ملاعب الغولف في مناطق مختلفة من البلد، لكن يمكن القول إن هذه اللعبة قديمة وأن الاهتمام الذي تحظى به حالياً هو إحياء لرياضة تعود إلى سنة 1927 تاريخ إنشاء أول ملعب غولف في ضاحية سكرة شمال العاصمة تونس والذي ما زال يستقطب اللاعبين التونسيين والأجانب إلى اليوم.
وتوجد في تونس حالياً ثمانية ملاعب غولف موزعة بين الشمال والوسط والجنوب أقيمت في محيط مناطق سياحية رئيسية مثل طبرقة وتونس والحمامات وسوسة والمنستير وجربة، ويجري إنشاء ملعبين جديدين الأول في ضاحية قمرت شمال العاصمة تونس والثاني في محيط واحة توزر القريبة من الصحراء، وهناك ملاعب أخرى مبرمجة في إطار المحطات السياحية المنوي إقامتها في السنوات المقبلة.
لكن على رغم الاهتمام الذي أولاه التونسيون لهذا الصنف من السياحة، فإن تونس لا تستقبل أكثر من 50 ألف سائح في السنة، وهم يُقبلون عادة في الفترة من أيلول (سبتمبر) إلى نيسان (ابريل). ويأتي غالبية زبائن ملاعب الغولف من ألمانيا فيما يأتي الفرنسيون في الرتبة الثانية والبريطانيون في الثالثة يليهم النمسويون. وشجعت شدة إقبال الألمان على هذه الرياضة على إقامة ملعب ثان للغولف في منتجع الحمامات في التسعينات على رغم وجود ملعب أول. غير أن هذه الأعداد تُعتبر ضئيلة قياساً للذين يذهبون إلى البرتغال وإسبانيا وسويسرا. كذلك تستقبل تونس لاعبين من أميركا وكندا واليابان وكوريا لكن بأعداد ضئيلة.
وتجري في أوروبا منافسات سنوية بين لاعبي الغولف فيما تستضيف تونس الدورة المفتوحة التي تُقام سنوياً في ملعب «القنطاوي» القريب من منتجع سوسة والتي يشارك فيها لاعبون دوليون بارزون. كذلك استضاف ملعب «القنطاوي» أخيراً الجولة الختامية من دوري «بيروني» الإيطالي الذي يجري على مراحل في ملاعب إيطالية ثم تُقام جولة الحسم في تونس. وهذا رابع عام يُبصر إقامة الجولة الختامية من الدوري في تونس ما ساعد على استقطاب أعداد كبيرة من اللاعبين والمولعين برياضة الغولف وفي مقدمهم صناعيون إيطاليون.
وكثيراً ما يتفق لاعبون مفتونون بهذه اللعبة على القيام بزيارات خاصة لتونس لإجراء دورة مباريات يُنهونها بتتويج المتفوقين بينهم. ولوحظ في السنوات الأخيرة أن مكاتب سفريات تونسية تعمل في أوروبا، خصوصاً في إيطاليا أقبلت على تنظيم رحلات جماعية للمولعين برياضة الغولف إلى منتجعات مختلفة في تونس.
وهناك رحلات أسبوعية خاصة بلاعبي الغولف تُنظم من ألمانيا إلى منتجع طبرقة الواقع بين جبال مطلة على البحر. وعادة ما يستفيد الرياضيون من إقامتهم في تونس لزيارة مواقع سياحية ومناطق أثرية ما يتيح لهم الجمع بين هوايتهم والاستمتاع بجولات يتعرفون من خلالها على تاريخ البلد وميزاته الطبيعية.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 17 أفريل 2006)
«إعمار» تطلق مشروعا سكنياً في تونس
دبي – الحياة
كشفت «إعمار» العقارية تفاصيل خطتها الاستثمارية في تونس التي تهدف إلى تطوير مشروع «مارينا القصور» على الساحل الشرقي، وذلك بتكلفة إجمالية تصل إلى 6.7 بليون درهم إمارتي (2.54 بليون دينار تونسي، 1.88 بليون دولار). ويتميز المشروع السكني الجديد، الذي يحتضن قرية سياحية في وسطه، بموقعه على مساحة 442 هكتاراً في أحد أجمل المواقع الطبيعية في ولاية سوسة باتجاه النهاية الجنوبية لخليج الحمامات.
جاء إعلان «إعمار» في حفل خاص أقيم أول من أمس في تونس العاصمة، حيث عرض رئيس مجلس إدارة إعمار العقارية محمد العبار تفاصيل المشروع الجديد على الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وأكد العبار أن الهدف من المشروع «هو إقامة موقع سياحي على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط يتميز بكونه يوفر الراحة والاستجمام والخصوصية بالقرب من أهم المواقع الأثرية والثقافية في تونس الخضراء».
ويأتي مشروع «مارينا القصور» موافقاً لتوجهات الحكومة التونسية نحو تطوير قطاع السياحة وتنميته من خلال التركيز على السياحة الفندقية والسكنية، مما يتيح المجال أمام السياح من ذوي الدخل العالي إمكانية شراء منازلهم في مواقع جذابة من الناحية السياحية. ويذكر أن تونس قد استقطبت أكثر من 6.4 مليون سائح في العام 2005 وتسعى إلى تطوير عوائدها من القطاع السياحي كي تصل إلى 2 بليون دولار في العام 2006.
ويتألف مشروع «مارينا القصور» من أكثر 4 آلاف وحدة سكنية متنوعة تشمل الفلل والمنازل والشقق المطلة على البحيرات والشاطئ والمرسى وجانب الميناء، بالإضافة إلى 6 مبان للشقق الفندقية الفاخرة التي تقع بين الشاطئ والمرسى. كما يضم المشروع العديد من المرافق المتنوعة بينها المنشآت الترفيهية الواقعة على المرسى، ونادٍياً لليخوت، ونوادٍي شاطئية ورياضية، وملعباً للجولف مكوناً من 18 حفرة، ومنتجعاً صحياً.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 16 أفريل 2006)
الأميرال لانكساد لـ «الشروق»:
إيماني بخطإ غزو العراق مازال قائما وليس أمام الأمريكان إلا الانسحاب
* حوار: راضية الزيادي
* تونس ـ الشروق :
في لقاء مع «الشروق» تحدّث الاميرال جاك لانكساد عن تونس وعن الأوضاع في العراق وايران وفلسطين، ويرأس الأميرال لانكساد، المؤسسة المتوسطية للدراسات الاستراتيجية، وقد مثّل بلاده، سفيرا لها في تونس لعدّة سنوات، كما قاد القوات البحرية الفرنسية خلال حرب الخليج الاولى. حضر اللقاء أيضا، المدير العام لهذه المؤسسة، العميد بحري بنوا لومازن دوشارمون (Vice-amiral)، وأدلى برأيه( لـ «الشروق» في الاشكالات التي طرحت اثناء اللقاء.
* هل لكم ان تشرحوا لنا اطار الزيارة التي تقومون بها الى تونس؟
ـ المؤسسة المتوسطية للدراسات الاستراتيجية التي تهتم بالمتوسط، من زوايا مختلفة، وبصفة خاصة من الزاوية الاستراتيجية السياسية ومن منظور هدف أساسي وهو الاستقرار والأمن في المنطقة، ومن ضمن انشطتها، هو التكوين، ولمدة 16سنة تنظم المؤسسة دورات متوسطية للدراسات العليا المتوسطية توجّه الى اطارات المستقبل، في المؤسسات، في الجيش في الجماعات المحلية، وهم اشخاص ما بين 30 و40 سنة من العمر، ويباشرون هذه الدورة لمدّة سنة وبمعدل ثلاثة أيام في الشهر، من أجل التفكير في المشاكل المتوسطية عموما. تتضمن هذه الدورات جولات ميدانية، في المنطقة المتوسطية. وقد زرنا تونس في السنة الماضية، ونزورها هذه السنة ايضا، فتونس هي بلد من جنوب المتوسط، ثم ان زيارتها تمكّن من التفكير في العلاقة بين ضفّتي المتوسط. وينبغي الاعتراف بأن تونس، هي مثال ملحوظ جدا في هذه العلاقة.
يواكب المشاركون جملة من محاضرات اضافة الى الزيارات الميدانية، وبذلك يكون بامكان المشاركين الوقوف على الاشكالات التي تطرح في سياق التنمية المتبادلة بين الضفتين.
* عملتم في تونس لمدّة سنوات، وتعرفون البلد واليوم تعودون اليها في سياق آخر، فكيف تجدونها؟
ـ تونس تتابع طريقها، وهي في حقيقة الأمر حالة خاصة ضمن دول جنوب المتوسط، وذلك بالنظر الى مسيرة التنمية التي بدأتها منذ الاستقلال، والتي تجعل من تونس اليوم، البلد الاكثر استعدادا للدخول في المجمع المعولم الذي يتم خلقه في العالم. هناك بطبيعة الحال المكتسبات التي تحققت بعد الاستقلال على يد الزعيم بورقيبة والمتعلقة بوضعية المرأة، وبالتعليم، وبالتنظيم العائلي، وهي تجعل من تونس بلدا، نجح في مراقبة نموّه الديمغرافي السريع، وبالتالي فإن ذلك شكّل عاملا أساسيا في التنمية، وذلك نتيجة لوضع المرأة من ناحية، ولمنظومة التعليم من ناحية اخرى، حيث تستمر هذه المنظومة حاليا بطريقة ملحوظة جدا، من خلال العدد الهام من الجامعات المنتشرة في كل مكان والانشطة…
تونس إذن قامت بمسيرة طويلة، وهي على هذا الطريق تحقق نسب نمو اقتصادية هامة جدا، واذا كانت معلوماتي دقيقة، فإن المؤشرات الاقتصادية، للاشهر الاولى من هذه السنة، تبدو ايجابية، حتى وان لم تكن المؤشرات السياحية جيّدة في بداية السنة ولكن الارقام تشير الى أن السنة ستكون جيّدة على جميع المستويات، وبالتالي، فإن نسق النمو سيكون جيّدا، وإذا استمر هذا النسق متجاوزا النسق الديمغرافي، فإن النتيجة ستكون جيّدة جدا…. تونس، إذن في كل هذه المجموعة المتوسطية، وبدون موارد طبيعية تذكر، تواصل تحقيقها لتقدم هام… ولكن ذلك لا ينبغي ان ينسي التونسيين ان بلادهم يعيش في عالم يتحرّك بسرعة ويحقق التقدم التكنولوجي السريع، وانهم يواجهون، باعتبارهم جزءا من العالم العربي الاسلامي، التحديات التي يواجهها هذا العالم، وخاصة الأزمة التي تمس الشباب والناجمة عن القضية الفلسطينية خاصة، والتي يشعرون معها بانعدام الآمال والآفاق، وتنعكس بالتالي على مستوى هذه الفئة… كما ان هذا العالم العربي الاسلامي يعيش مرحلة انتقالية، وبالتالي فإنه لا ينبغي ان يعكس حالة عدم الاستقرار والتهديد من الحركات الاسلامية. تونس عرفت كيف تتعامل مع هذا التطرف في السابق، ولكن ذلك لا يعني ان تونس بعيدة جدا عن الضغط الذي يشكله هؤلاء في كل العالم.
تونس اتخذت عدة اجراءات ايجابية منها توسيع المجال التشريعي من خلال اضافة غرفة نيابية جديدة (مجلس المستشارين) وغيرها من الاجراءات التي تسير بالبلاد، بتدرّج، نحو الاهداف المرسومة.
كانت لدي خشية السنة الماضية، بشأن المواد الآسيوية وخاصة النسيج ولكن يبدو أن الامور قد سارت بصفة جيدة، واعتقد أن النسيج التونسي سوف يكون قادرا، ولعدة سنوات قادمة، على منافسة النسيج الآسيوي.. وقد لاحظت أن تونس تؤهل اقتصادها بشكل ذكي جدا، وقد زرت عدة مؤسسات خلال هذه الجولة، من المؤسسات التي أعادت توجيه نشاطها وجهات أخرى أكثر مردودية (مصنع لمقود السيارة أو مصنع للكابلات التي تستعمل في صناعة الطائرات) كما انها تشغل بذكاء الشراكة الصناعية التي تربطها مع الدول الأوروبية، في عدة مجالات..
* المدير العام للمؤسسة:
من ضمن أعضاء الوفود، هناك ممثلون لمؤسسات اقتصادية فرنسية كبرى، وقد لاحظوا، الأرضية الجيدة الموجودة في تونس للتعاون المتوسطي، وتساءلوا لماذا لا يتم العمل في بعض المراكز هنا في تونس، على تنمية البرمجيات والتطبيقات الاعلامية، وقد زرنا القطب التكنولوجي في بنزرت، ولاحظنا أن هناك فرصا عظيمة ينبغي استغلالها، فلماذا لم يحدث ذلك من قبل، وهناك عوامل عديدة تجعلنا نقبل ذلك. زرنا أيضا ميناء بنزرت، والمؤسسة، هي جزء من قطب بحثي حول المسائل الامنية والاستراتيجية في الموانئ المتوسطية، وقد تم التساؤل لماذا لا يتم التعاون من هذا المنظور في المسائل المتعلقة بالبيئة البحرية أو بالتنقيب عن النفط في البحر أو في غيرها من الانشطة المشتركة.. وقد اهتم المشاركون في الدورات بهذه المجالات.
* الأميرال: عندما نعمل مع تونس، فإننا لا نعمل في اطار نقدي.من قبل النقابات أو المؤسسات المعنية، في فرنسا، ولكننا نعمل في اطار مريح، يكاد يكون اطارا تكامليا أو ربما نوعا من «التهيئة للتراب الأورو متوسطي»، وأعتقد أن أمام الدول الأوروبية تحديا كبيرا وهو، تقليص الفجوة التنمية بين الضفتين الشمالية والجنوبية للمتوسط. والفرق هو في حدود واحد من عشرة، وهو أمر يفرز مشاكل هامة، منها الضغط الحالي للهجرة من الجنوب.
* هذا التكامل، الذي تشيرون اليه هو الذي رسمته مسيرة برشلونة، ولكن ألا تعتقدون أن مسيرة برشلونة، تعرف بعض التردد والبطء الآن، كما تعرف تركيزا على المسائل الامنية، ومنها مسائل الهجرة؟
ـ نعم أنت محقة، وكما يعلم الجميع فإن مسيرة برشلونة تباطأت بسبب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ولكن باستثناء ذلك، هناك عوامل أخرى لم تساعد هذه المسيرة، فدول الجنوب عجزت حتى الآن عن أن تقدم جبهة موحدة ازاء الشمال، (تعطل اتحاد المغرب العربي) مما انعكس غيابا للسوق الموحدة في الجنوب.. أما من ناحية الدول الأوروبية، فكان هناك تراجع هام، حيث أن هؤلاء قد كرّسوا اهتمامهم لتوسيع الاتحاد نحو الشرق، وبعد الانطلاقة التي كانت جيدة في 95، بدأت المسيرة تشهد تراجعا، الى ما نحن عليه الآن من ركود، وهو أمر يؤسف له.
والأكيد أن المسائل الأمنية موجودة، ونحن في أوروبا، لنا جاليات من دول جنوب المتوسط، وتطورات الظاهرة الاسلامية خلقت مخاوف هامة بالنظر الى ما حدث منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001.. ولكن أعتقد أنه لا ينبغي المبالغة في هذه المخاوف، وقد فوجئت، منذ تفجيرات لندن ومدريد، وكذلك خلال الاحداث الاخيرة التي عرفتها فرنسا، بأنه لم يكن هناك توتر بين الفرنسيين الأصليين، والفرنسيين من أصل مغاربي إو افريقي، وربما كان هناك بعض الصدام مع الجالية اليهودية، وذلك بسبب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ولكن الفرنسيين يتعاملون بطريقة ايجابية أكثر فأكثر مع الجاليات ذات الثقافة الاسلامية.. ولكني أعتقد أن ذلك ليس المشكل الأساسي، الاشكال الأساسي هو سياسي، ويتأتى من أننا كأوروبيين، لا نقوم بالتأكيد على التحدي الذي يواجه الأوروبيين، وهو التحدي التنموي بين الضفتين.. فأوروبا لا يمكن أن تكون قلعة، تقيم الأسوار التي تمنع القادمين من الجنوب من الوصول اليها، والاشكال، أن أوروبا لم تفكر في الامكانيات المالية والسياسية التي تمكنها من مواجهة هذا التحدي، وقد بدأت تشعر بذلك الآن.. أوروبا اليوم، تعيش على مستواها الداخلي، أزمة حقيقية، وخاصة بعد فشل الاستفتاء على الدستور الأوروبي في فرنسا وهولندا، وأعتقد أنها ستعيش لسنوات عديدة مصاعب عديدة. المؤسسات الأوروبية تواصل عملها، ولكن مشروع الدستور كان يهدف الى السماح لأوروبا بأن تتصرف في وحدتها ولكننا عجزنا حتى الآن عن اجراء هذا التطور المؤسساتي الهام، وخاصة على المستوى السياسي، بما ينعكس سلبا بطبيعة الحال، على تطورات أوروبا للسبل التي تمكنّها من مواجهة التحديات الآنية من الجنوب.
* المدير العام للمؤسسة:
اعتقد ان من واجب رجل السياسة ان يركّز في مفاوضاته وفي عمله، وهنا أتحدث عن العلاقة بين ضفتي المتوسط، على المسائل الأمنية… أما إذا تعلق الأمر بالاقتصاد، فأعتقد انه من الصعب ان يحسم رجل السياسة الأمر، لأن الأمر هو شأن رجل الاقتصاد وصاحب المبادرة الاقتصادية، اما رجل السياسة، فإن دوره هو تحفيز التوجه لدى صاحب المبادرة ومساعدته على ايجاد الاطار المؤسساتي المناسب لذلك. وبالتالي، فإن المسائل الاقتصادية، لابد أن تطرح على أصحاب الشأن، وهؤلاء هم المعنيون خاصة باقامة الشراكات فيما بينهم، فالحكومات لا يمكن أن تلعب الدور الذي ينبعي أن تلعبه المؤسسة الاقتصادية، ولذلك فإن ما نستمع إليه الآن في الشراكة الأورومتوسطية، هو صوت السياسيين وليس صوت أصحاب المؤسسات.
* وماذا تقترحون، من أجل تفاهم أكثر من المؤسسات ورجال الاقتصاد؟
ـ أعتقد ان المسألة ثقافية أكثر، وانه ينبغي أن نعمل على تعريف مؤسساتنا واطاراتنا بهذا الاطار الجيد الذي توفره الشراكة الأورومتوسطية، وما يمكن أن يوفره ذلك.
* المدير العام للمؤسسة:
لقد كانت لي حوارات هامة، خلال هذه الجولة التي قمنا بها، وقد فوجئت بالأفكار التي استمعت إليها. لقد وجدت لدى المشاركين، شعورا بالمفاجأة، إزاء نوعية الاستقبال الذي توفر لنا في تونس، فقد قال بعضهم انه لم يكن يتخيل أبدا ان يجد بلدا، من جنوب المتوسط، بهذا المستوى من التقدم الاقتصادي، واعتقد انه من المهم جدا توفير هذه النظرة الجديدة عن جنوب المتوسط.
* الأميرال لانكساد:
ينبغي الملاحظة، ان توس تمثل استثناء في الجنوب، وذلك للأسباب التي طرحناها في البداية، والمهم في تونس، انه بامكاننا ان نتجه إلى تحقيق نجاحات حقيقية وهامة، وربما لم تكن منتظرة، وخاصة على مستوى نقل الأنشطة خارج أوروبا إلى دول المغرب العربي بدل الدول الآسيوية، وهو نقل للأنشطة بما يفترضه ذلك كما هو الأمر لو تم النقل إلى آسيا، ولكنه في نفس الوقت جزء من التنمية المتبادلة التي تنص عليها الشراكة الأورومتوسطية.
* المدير العام للمؤسسة:
أذكر ان من ضمن ما استمعنا إليه خلال زيارتنا هذه أن مدير مؤسسة مالية هامة، قد قال لي، ان بين تونس وفرنسا، كل الاتفاقات الممكنة قد أبرمت، على مستوى مركزي، اي انه على المستوى المؤسساتي، كل شيء موجود لتسيير هذا التعاون، وبالتالي اعتقد ان المبادرة الآن ينبغي ان تأتي من رجال المبادرة الاقتصادية للعمل على مستوى اقليمي، فالعمل مثلا بين تونس، ومنطقة الساحل اللازوردي، يمتلك كل مقومات العمل الاقتصادي الناجح، واعتقد انه ينبغي التركيز على مفهوم Co-régionalisation خاصة اذا كان بامكاننا ان نعمل معا وان نستثمر أبعادا مشتركة بيننا.
* اليوم هو الذكرى الثالثة لاحتلال العراق أنتم تعرفون القضية جيدا، فكيف ترون الأمر اليوم بعد كل ما حدث؟
ـ لازلت أعتقد ان الولايات المتحدة الأمريكية قد ارتكبت خطأ بتدخلها في العراق، اضافة إلى ان هذا التدخل لم يتم كما ينبغي ان يتم عليه، فقد حدثت عملية عسكرية سريعة، وحققت هدف اصحابها، بسبب قوة وتفوق الآلة العسكرية الأمريكية، ولكن بعد ذلك حدثت أخطاء عديدة، وقد اعترفت بذلك وزيرة الخارجية كوندليزا رايس نفسها، اليوم نحن أمام وضعية مأساوية حيث بدأت الحرب الأهلية، فعليا، بين الطوائف العراقية اضافة إلى ان انهاء أهم القواعد الأساسية للمتطرفين في أفغانستان، جعل المتطرفين ينتقلون للعمل في العراق.
* ربما ليس الأمر هكذا تماما في أفغانستان، إذ لم يتم القضاء على هذه القواعد كما تدعي الولايات المتحدة الأمريكية؟
ـ في أغلبها، نعم… بطبيعة الحال الوضع في أفغانستان معقد جدا، والأمر لم يستقر تماما هناك، حيث ينتظر ان تظل القوات الدولية هناك طويلا. ولكن في أفغانستان، هناك مسار لارساء حكم جديد والوضع تم أفضل مما هو عليه الوضع في العراق، فهناك جهد دولي مشترك، وهناك الأمم المتحدة وبالتالي فإنه يمكن التمسك بالأمل في امكانية تحقيق تقدم، ولكن يظل هناك عمل كبير ينبغي القيام به، فقد كنت في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أيام، وكان لي لقاءات وحوارات مع مسؤولين في البنتاغون، ومن بينهم المسؤول عن افغانستان الذي قال لي ان بقاءنا هنا قد يمتد حتى سنة أخرى اي ان القوات الدولية ستبقى هناك على الاقل سنة، اي ان هناك مسيرة طويلة.
* وهل تعتقدون ان الامر سيكون مماثلا بالنسبة للعراق؟
ـ لا، الامر يختلف تماما في العراق. في العراق كان الفشل كاملا. فالامم المتحدة لم تكن جزءا مما حدث ثم بعد ذلك عندما تم حل الجيش العراقي وكذلك حزب البعث، تم دفع البلاد الى عدم الاستقرار والفوضى بشكل كامل واليوم نرى ان لا العراقيين ولا الامريكيين قادرون على ايجاد استقرار وان الوضع يتجه نحو مزيد من الخطورة ليس فقط على مستوى الشعب العراقي، بل في المنطقة المحيطة به، الاردن، السعودية، تركيا وسوريا… اعتقد اذن ان الامر خطير جدا وان الامركيين سيبحثون في مغادرة العراق ولكن لن يفعلوا ذلك دون ان يكون لديهم الشعور بأنهم قد انتصروا وحققوا أشياء هامة هناك وحتى من خلال وجود حكومة عراقية متماسكة ولو ظاهريا. ولكني اعتقد عموما ان الوضع في العراق خطير جدا.
* الصحافة الامريكية بدأت تجري مقارنا بين ما جرى في فيتنام وبين ما يجري حاليا في العراق فهل ترون وجها للشبه بين الحالتين؟
ـ لا، اعتقد ان المقارنة ليست موفقة. الامريكيون (بعد خروجنا نحن الفرونسيون) حاولوا الدفاع عن شبه الجزير ة الفيتنامية في مواجهة نظام شيوعي وقد فشلوا في ذلك…
* كنتم أذكى منهم عندما فهمتم انه ينبغي عليكم مغادرة المكان!
ـ نعم وغادرنا، ولكنهم غادروا في ظروف سيئة جدا بل مأساوية. ولكن الوضع في العراق يختلف تماما عما كان عليه في فيتنام، ولا يمكن أن يحصل نفس الشيء للأمريكيين في العراق، لأن عدد القوات الأمريكية هناك كبير جدا. والمشكل ان الأمريكيين عاجزون عن ايجاد استقرار في العراق، والسؤال بالنسبة لهم هو كيف يمكن مغادرة العراق، دون أن يمس ذلك من صورتهم أمام العالم. وهناك أيضا اشكال آخر، هو ان دخولهم العراق، ارتبط أيضا بمشروعهم للشرق الأوسط الكبير، وهم يتفطنون اليوم، ان المشروع يتطلب وقتا طويلا، وحذرا كثيرا لأن هذه الديمقراطية إذا كانت تعني المرور إلى أنظمة اسلامية، فإن الأمر يفترض التفكير مرتين.. الأمريكيون كانوا يعتقدون انه بمجرد نشر الديمقراطية فإن كل المشاكل ستحل، ولكن اليوم أصبحوا أكثر حذرا.. لأن الديمقراطية ليست عملية آلية، أو كما يعتقد الكثيرون، انها صوت وناخب، الديمقراطية هي مسيرة طويلة، تتم حسب نسق وظروف كل شعب.. نحن أيضا لدينا مشاكل وتساؤلات حول هذه الاشكالية، فبعدما شهدته الشوارع الفرنسية، يتسائل البعض، هل من المعقول أن تصنع القوانين في الشارع؟ وفي الشرق الأوسط، إذا تبينا ان الديمقراطية هي صوت وناخب، فإننا سنكون في مواجهة حكومات اسلامية، لذلك ينبغي الحذر.. كنت في الولايات المتحدة كما قلت لك، قبل أيام، وقد وجدت انهم في حيرة من أمرهم، فهم يعتقدون ان مثل تلك الأفكار النبيلة التي يطرحونها بشأن الشرق الأوسط (الأمر يتعلق بمصالحهم أيضا) لا تجد القبول المنتظر من المنطقة! وقد قلنا لهم في أوربا ان الأمر ليس بهذه البساطة!
* كيف ترون انه على الادارة الأمريكية، ان تعالج تواجدها واحتلالها للعراق؟
ـ الأمريكيون ليس أمامهم اليوم، إلا الانسحاب بصفة تدريجية، واعتقد انه عليهم ان ينسحبوا أولا خارج المدن العراقية، وانه عليهم الابقاء على جزء هام من ترسانتهم، لمنع أي مواجهة بين الشيعة والسنّة. واعتقد انه ليس بامكان الأمريكيين الانسحاب هكذا، فقد أشعلوا النار في هذا البلد، ولا يمكن أن ينسحبوا دون اطفائها. ولكن في نفس الوقت عليهم أن يسلموا السلطة إلى العراقيين تدريجيا، حتى وان كانوا غير متفقين فيما بينهم كما اعتقد انه عليهم أن يكسروا الرابط بين الاسلاميين والمقاومة السنية، وذلك باقناعهم بأن هذه الروابط غير مفيدة على المدى الطويل. واعتقد انه على العراقيين ان يتسلموا مصيرهم بأيديهم، مع مخاطر الانقسام الذي قد يعرفه هذا البلد.
* المدير العام للمؤسسة:
ينبغي ان نقف لدى ظاهرة، وهي ان كل العمليات تقريبا هي من عمل انتحاريين، وهذا امر ينبغي ان يدفع للتفكير، فهؤلاء الذين يضحون بأنفسهم، هل سيستمرّون في القيام بذلك، اعتقد انه علينا ان نبحث في الأسباب التي تدفع هؤلاء للقيام بذلك ومعالجتها، ومن ثمة فان النتيجة ستكون مفاجأة للجميع، عندما يرى هؤلاء انه ليس هناك من سبب يدفعهم الى التضحية بأنفسهم.
* الأميرال لانكساد:
فعلا، أقول ان ما حدث في العراق، اي ان الاحتلال قد غذّى المقاومة الاسلامية، وبالتالي فان هؤلاء يجدون سببا… وعندما يكون الناس في وضع توتر أٍقصى، وانهم يفقدون الأمل في المستقبل، كما يحدث بالنسبة للشباب الفلسطيني أيضا، فاننا لا بد وان نقف على مثل هذه المواقف، التي تجد فيها نظريات التطرف ميدانا مناسبا والتي تشكل مظهرا من مظاهر أزمة العالم العربي الاسلامي… لكن اعود فأقول انه ينبغي العودة الى الجذور التي تمكّن هذه النظريات المتطرفة من النمو، هناك عمل في المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية.
* الا تعتقدون انه في فلسطين وفي العراق، هناك شرعية ما تبرّر أعمال المقاومة، وان ما نراه ليس سوى تعبير عن مظالم ينبغي معالجتها؟
ـ لنأخذ أولا القضية الفلسطينية، فالسياسة التي كان يتبعها شارون، هي سياسة كارثية انتزعت أي أمل من الفلسطينيين، وقد أدّت مباشرة الى انتصار حماس، ومسؤولية شارون وحكومته كبيرة جدا في ما يحدث الآن، اليوم، السؤال الذي يطرح هو كيف يمكن التصرف ازاء هذه المعطيات الحالية؟ هل ينبغي عزل الشعب الفلسطيني وقطع المساعدات عنه؟ ان الامر غير اخلاقي تماما ولذلك ينبغي البحث في حل للوضع الحالي؟ هل تتغير «حماس»؟ العالم العربي واوروبا يتساءلان ولكن الولايات المتحدة لا ترى ذلك، هل يمكن ان تقبل «حماس» بمبدإ الدولتين.
* ولكن ليست «حماس» من يرفض مبدأ الدولتين، حماس جاءت الى الاحداث الآن، واسرائيل هل التي كانت ترفض اي تنازل منذ الرئيس الراحل ياسر عرفات، ووصولا الى أبي مازن وبالتالي السؤال هو هل تتغير اسرائيل أخيرا وتقبل مبدأ الدولتين؟
ـ اعتقد انه في الوقت الذي بدأ الاسرائيليون فيه يتغيرون، تأتي «حماس» لتقول انه لن يكون هناك الا دولة فلسطينية واحدة، واعتقد ان التوتر سيزداد اذا بقينا على هذه المواقف، واعتقد ان الاسرائىليين بعد شارون بدؤوا يفهمون انه عليهم ان يتنازلوا.
* مع ما يفرضونه من أمر واقع، ومع الجدار الذي يبنونه، لا أعتقد ان هناك تقدما في الموقف الاسرائيلي؟!
ـ الجدار سيسقط في يوم من الأيام، وأعتقد ان على كل طرف ان يقدم تنازلات، وان تتم العودة الى المفاوضات والا فاننا نتجه نحو المأساة، الاوروبيون لا يساندون الموقف الامريكي من «حماس» ويرون انه ينبغي الحوار مع «حماس».
* المدير العام للمؤسسة:
كما اعتقد انه على أوروبا ان تستعمل سلطتها الاقتصادية، وكلنا يذكر انه خلال فترة كلود شايسون، عندما كان مفوضا اوروبيا، فانه ضغط على اسرائيل، وقال انه لا ينبغي ان تواصل اسرائيل فرض املاءاتها على العالم، عند ذلك بدأ الكل يفكّر في ما ينبغي القيام به.
* اما اليوم فللأسف ان كل الضغوط توجه ضد حكومة «حماس» التي تبدأ حكمها بخزينة فارغة، بعد ان قطع عنها الجميع المساعدات، ثم أنه لا ينبغي ان ننسى ان الرئيس عرفات، عندما أبدى استعداده للقبول بحل عارضه فيه الكثير من العرب والفلسطينيين، لم يدعمه اي طرف دولي بالضغط على اسرائيل، الى أن انتهى كما نعلم جميعا؟
ـ نعم، للاسف هذا صحيح، ولكن فرنسا لم تتخل عن الرئيس عرفات وعن الفلسطينيين، ولكني اقول ان للحكومة الاسرائيلية وسائل ضغط عديدة في العالم، والامر يرتبط بتاريخ الشعب اليهودي، ولكني اعتقد ان اوروبا الآن مصممة على دعم حلّ يحفظ حق الفلسطينيين الوطني، ولكني اعتقد انه على «حماس» ان تطور موقفها.
* في فلسطين والعراق، ما هو الدور الذي يمكن ان تلعبه فرنسا، وهل تعتقدون ان فرنسا التي عاشت وتعيش مشاكل داخلية عديدة، لها القدرة والرغبة في لعب هذا الدور المنتظر منها دوليا؟
ـ ليس لدينا الاحساس، في فرنسا، بأن استقرار مجتمعنا مهدد، لدينا مشاكل مثل كل الدول مثل اشكالات الضواحي، ولكن ليس لنا خشية حول استقرارنا الاجتماعي أو الامني او السياسي… وعلى العكس فان تلك الاحداث دفعتنا للعمل من أجل فك العزلة عن أي منطقة من مناطقنا تفترض مزيدا من الاهتمام والعناية…
ومشكلة فرنسا هي انها في وضعية سياسية غامضة حيث نقترب من الانتخابات الرئاسية، ولكن ذلك لا يمنع ان فرنسا تظل ناشطة على مستوى سياستها الخارجية، بجهود الرئيس شيراك، والوزير الأول ووزير الخارجية، بالتشاور مع شركائهم الأوروبيين… والآن هناك نقاشات واسعة مع الامركيين بعد استعادة قنوات الحوار ونحاول من خلال ذلك التأثير في الموقف الامريكي، وكما تعرفون فان الموقف الاوروبي وقائي جدا، وتشارك فيه فرنسا وبريطانيا كذلك… ولكن الموقف في العراق، هو خاصة بين ايدي الامريكيين والعراقيين، ولا يمكن التدخل لأخذ دور هذا الطرف أو ذاك، اما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية فاعتقد ان فرنسا تسعى للعب دورها، عبر اوروبا وتلك هي قوة الموقف الفرنسي.
* كيف تحللون الموقف بشأن الملف النووي الايراني، سواء الايراني نفسه او الأمريكي وذلك انطلاقا من خبرتكم كعسكري؟
ـ اعتقد ان الرغبة الايرانية للعب دور اقليمي لا ترتبط بالنظام الايراني الحالي، انها موقف الشاه، الذي عمل من أجل الحصول على الغواصات النووية، الشعب الايراني، اذن لديه وعي وطني بأن عليه ان يلعب دور القوة الاقليمية ذات الدور الاقليمي الفاعل، ومن هنا فان السلطات الايرانية، بصرف النظر، عن طبيعتها، تعتقد انها في حاجة للحصول على السلاح النووي، فهناك اسرائيل وهناك الهند وباكستان… وكلها دول نووية، اضافة الى الاعتقاد السائد بأنه لو كان للعراق سلاح نووي لما تمّ غزوه واحتلاله وبالتالي، فان السلاح النووي ضروري بالنسبة لهم، المجموعة الدولية ترفض الامر، لأن ذلك يضر بنظام منع الانتشار النووي، واذا تم التنازل اليوم امام الايرانيين فان ذلك يفتح الباب أمام دول أخرى تسعى للحصول على النووي. وفي نفس الوقت، فان معاهدة الانتشار النووي، خلقت نوعا من «الظلم» بين الدول المالكة للنووي والقادرة على صنع الوقود النووي، وبقية الدول الاخرى التي تظل محرومة من امكانية الحصول على ذلك في المسائل المدنية، وذلك هو الموقف الايراني. ولذلك اقترح الروس صنع الوقود النووي، تحت اشراف دولي والوكالة الدولية للطاقة النووية، ولكن ذلك، اعتقد انه لا يحل مشكلة الايرانيين الذين يريدون الحصول على السلاح النووي… هناك تصريحات غير مقبولة من المسؤولين، ولكن لا أحد يعرف مركز قوة النظام الايراني، وعموما فاننا اصبحنا اليوم في وضع نخشى فيه من التطورات القادمة، هناك اجماع دولي على منع الانتشار النووي، وهناك تصميم ايراني على نفس الموقف، واخشى ان نصل الى موقف اللاعودة، والخطر فاذا ما تسارعت الاحداث، سنسير باتجاه، انذار يوجه لايران، وعندئذ سيكون الجميع امام خيارين، العقوبات، ويفكّر الامريكيون بأنه ينبغي ان تكون العقوبات مصحوبة بحصار بحري على ايران لمنعها من تصدير نفطها.
* وهل بالامكان فرض الحصار البحري، او اعلان حرب جديدة على ايران؟
ـ بامكانهم القيام بذلك بصفة احادية الجانب، فلا تعوزهم الامكانيات، والمشكل الوحيد، هو ما الذي يمكن ان يقوم به الايرانيون ضد الامريكيين في العراق؟
عموما فان التوتر يتصاعد، واذا ما رفض الايرانيون، اعتقد ان المجموعة الدولية ستنقسم على نفسها أولا، ثم ستكون العقوبات…
* المدير العام للمؤسسة:
قد نصل الى وضعية، لا يمكن العودة فيها اذا لم يتراجع طرف ما، واعتقد اننا في وضعية تفرض على أصحاب الشأن ان يبادروا فيها الى الحوار وخاصة، الذين قد يتضررون من أي ضربة قد توجه لايران، وخاصة دول الخليج العربية التي ينبغي ان تبادر الى اقناع ايران بضرورة التفاهم وايجاد حل، على هذه الدول ان تعمل من أجل شرح المخاطر المطروحة امام ايران في صورة حصول ضربات. الاوروبيون ايضا يقومون بذلك وعليهم المثابرة حول هذا الموقف، اذ انه على الجميع ان يقتنع بأنه لا يمكن ان ندمر كل شيء في لحظة تعنّت.
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 أفريل 2006)
المناضل حسين التريكي:
بن يوسف أراد توريطي مع المخابرات المصرية وكلّف عبد العزيز شوشان باغتيالي
* تغطية محمد اليزيدي
* تونس «الشروق»:
كشف المناضل الكبير حسين التريكي عن تفاصيل دقيقة ومثيرة ربما تنشر لاول مرة عن خفايا وخلفيات الصراع والخلاف بين بورقيبة وصالح بن يوسف والذي رجحت فيه الكفّة في الاخير لفائدة بورقيبة وانتهى بمقتل بن يوسف في المهجر في ظروف غامضة مازالت تثير الكثير من الجدل الى اليوم. كما تطرّق التريكي الذي نزل امس ضيفا على مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات الى الحديث عن العلاقة التي كانت تربط بورقيبة بالدكتور الحبيب ثامر.. وتضمنت شهادته ايضا تفاصيل اخرى عن لقاءات جمعته شخصيا مع بورقيبة وجمال عبد الناصر وعن خلافه الشخصي مع صالح بن يوسف الذي كان من المحسوبين على جماعته.
وتغطّي شهادة المناضل حسين التريكي تحديدا الفترة من اكتوبر 1955 الى 20 مارس 1956 وهي الفترة التي شهدت إمضاء اتفاقيات الاستقلال الداخلي وانتهت بحصول تونس على الاستقلال التام وتميّزت باحتدام الصراع البورقيبي ـ اليوسفي.
وذكر ان هناك محاولات كثيرة لتطويع تاريخ تونس خلال هذه الفترة لمصلحة بورقيبة وتنزيهه من الاخطاء وفي المقابل تحميل المسؤولية لصالح بن يوسف في كل ما حصل.
وأشار من جهة أخرى ـ الى ان النقلة الاولى في الحركة الوطنية كانت بعد مؤتمر المغرب العربي وما قام به مكتب المغرب العربي بالقاهرة من تهيئة للارضية وجمع الشعوب المغاربية واطلاق «الانتفاضة» الكبرى التي سيأتي من خلالها الاستقلال لتونس ولكافة اقطار المغرب العربي.
وأشار ايضا الى انه وعندما بدأت المفاوضات التونسية الفرنسية بشأن اتفاقيات الاستقلال الداخلي تتعثّر ظهر خلاف كبير بين اتجاهين في الحزب الحرّ الدستوري التونسي الجديد، الاول هو اتجاه الديوان السياسي بزعامة بورقيبة والثاني اتجاه صالح بن يوسف وخلال المفاوضات كان بن يوسف مقيما بسويسرا وكان حريصا على متابعة مستجدات هذه المفاوضات ويعارضها سواء عبر الاتصالات الهاتفية او عن طريق اتباعه.
وعندما كُلّف بتقديم شكوى تونس لمجلس الأمن ثم انتقل الى القاهرة فتأثر بمصر الجديدة (مصر جمال عبد الناصر) التي لم يكن بورقيبة يعرفها في حين كان لبورقيبة نوع من التأثر الشخصي والافكار السلبية عن مصر لأنه بعدما كابد مشاق السفر عبر الصحراء ووصل الى القاهرة لم يجد هناك ما كان ينتظره من حفاوة تليقان به كزعيم للحركة الوطنية في تونس، ولا يخفى على احد انه كان هناك آنذاك ستار كبير بين المشرق والمغرب العربي، وذلك لاحظناه عند وصولنا الى القاهرة وجدنا جهلا تاما بكفاحنا من اجل الاستقلال الا ان صالح بن يوسف وجد في مصر مدّا عروبيا ودفاعا عن مصالح الأمة العربية.
بن يوسف كان يلحّ على الاستقلال التام وليس على الاصلاحات كما تقول فرنسا وخطابه بجامع الزيتونة بتاريخ 5 اكتوبر 1955 يبيّن ذلك.
* توجه جديد
وعاد المتحدث الى مؤتمر المغرب العربي ليقول ان هذا المؤتمر نتج عنه توجه فكري جديد كان يتزعمه الدكتور الحبيب ثامر الذي كان يعارض القيادة الذاتية وسيطرة بورقيبة على الحزب ويريد ان تكون القيادة جماعية ويبدو ذلك جليا من خلال مشادة كلامية مع بورقيبة حين بادره الدكتور ثامر بالقول: «انت على رأسنا وعينينا يا سي الحبيب لكن لابدّ ان نتشارك في اتخاذ القرار».
ويُستنتج من ذلك ان بداية الخلاف داخل الحزب الدستوري لم تكن حول الاستقلال في مرحلة اولى ولكن حول طريقة تسيير الحزب.
والديوان السياسي للحزب ارسل في الاثناء وفدا يقوده الدكتور سليمان بن سليمان للتوفيق بين بورقيبة والحبيب ثامر.
ثم تحدّث السيد حسين التريكي عن بن يوسف مجددا فقال انه كان يرفض الاتفاقيات التونسية والفرنسية حتى بعد ان قدمت فرنسا بعض التنازلات بعد اندلاع الثورة الجزائرية وقال انه يتجنب لفظ «اليوسفية».
وأضاف قائلا: كنت اعتقد ان اتفاقيات الاستقلال الداخلي كرّست الاستعمار الفرنسي وتضمنت اعترافا بعدم الرجوع الى المفاوضات قبل سنة 1975 .
* مساعدة عبد الناصر
وهكذا كانت الاتفاقيات ايضا في تقدير صالح بن يوسف والجماعة التي تسانده خطوة الى الوراء وليست خطوة الى الأمام كما كان يقول ذلك بورقيبة.
وفي أواخر سنة 1952 كُلّفت من طرف صالح بن يوسف الذي كان يرأس المعارضة آنذاك بالذهاب الى القاهرة اين التقيت عبد الناصر وطلبنا منه مدّنا بالاسلحة لتسليح الجيش التونسي (الفلاّقة) للدخول في المعركة الكبرى الى جانب الاخوان الجزائريين لتحرير المغرب العربي. وفي القاهرة قال لي عبد الناصر سنعطيكم السلاح ولكن لا نريده ان يُشهر في وجه عربي.
ويمضي المتحدث قائلا حول المساندة الشعبية لصالح بن يوسف التي كانت كبيرة ولا تقل عن 85 من الشعب حيث كانت الشعب الدستورية تنسلخ عن الديوان السياسي وتنضمّ الى الأمانة العامة للحزب التي يرأسها صالح بن يوسف. وعندما رأي بورقيبة ان شعبيته بدأت تتراجع طالب فرنسا بالاستقلال فأعلمته السلط الفرنسية ان حبر اتفاقيات الاستقلال الداخلي لم يجف بعد.
وبعد الاستقلال تغيّر المشهد السياسي التونسي باعتبار ان اليوسفيين الذين كانوا يعارضون اتفاقيات الاستقلال الداخلي ويطالبون بالاستقلال التام قد سُحب البساط من تحت ارجلهم وعاد بورقيبة الى اشعاعه وشعبيته من جديد وفي ذلك الوقت اقترحت على صالح بن يوسف تنظيم ندوة صحفية موجهة الى الصحافة العالمية ليقول ان الاستقلال حققه الشعب التونسي بتأييده للامانة العامة وان الاستقلال يجب ان يكون تاما بما يعني الجلاء عن بنزرت واستقلال الجزائر فردّ بن يوسف قائلا له أجُننت، بل نقول ان بورقيبة خان فاعترضت على هذا القول واقترحت قول: بورقيبة اخطأ، فضحك بن يوسف وقال لي غلبتك «الهستيرية» (اي الانتماء الى نفس الجهة التي ينتمي اليها بورقيبة).
وفي تلك الفترة اعلمني بن يوسف انه تلقى برقية من جمال عبد الناصر يطلب مني الرجوع الى القاهرة واتضح فيما بعد ان بن يوسف ارسل برقية لفتحي الذيب مسؤول المخابرات المصرية يعلمه فيها ان حسين التريكي خان المعارضة ويجب ان يُسجن حين وصوله الى القاهرة ولحسن حظّي عرض مسؤول المخابرات المصرية البرقية على احمد بن بلّة الذي انصفني كما علمت ان بن يوسف كلّف عبد العزيز شوشان باغتيالي في ليبيا. وبذلك كان بن يوسف بناء ومنقذا في البداية ثم اصبح مهدّما. واجبر الصراع البورقيبي اليوسفي بورقيبة على فتح ابواب الحزب على مصراعيها وهكذا تحوّل الحزب الى مكتب تشغيل يفتحه بورقيبة امام كل ما يسانده وينشقّ عن بن يوسف.
وأبرز قائلا: أنا لم اكن لا بورقيبيا ولا يوسفيا بل كنت تونسيا وطنيا أؤمن بأن الاشخاص زائلون وان الوطن باق واذكر انه عندما كان فرحات حشاد في الولايات المتحدة بدعوى من «السيزل» دافع عن القضية التونسية الا ان ذلك لم يرق لبورقيبة لانه كان يعتبر نفسه هو تونس ولا احد غيره يمثلها او يتحدث باسمها.
* اغتيال بن يوسف
وحول احتمالات اغتيال بورقيبة لبن يوسف افاد انه عندما التقى بورقيبة بعدما عفا عنه من حكم الاعدام قال له بالحرف الواحد: «المسدّس الذي حاول صالح بن يوسف ان يغتالني به أُغتيل به» وهي نفس العبارة التي قالها في اجتماع بمعهد الصحافة.
وبخصوص مواقف الحبيب ثامر ببورقيبة بين ان الدكتور ثامر قال خلال اجتماع لمكتب المغرب العربي: «لابدّ ان نحمي بورقيبة من الشعب والشعب من بورقيبة واصفا بورقيبة بالحصان الجامح الذي يجرّ وراءه عربة تحمل 4 ملايين انسان و»لازم نحطّ له لجاما حتى لا يقطع رقبته ويقطع رقبة 4 ملايين معه».
وتابع السيد حسين التريكي قوله في السياق نفسه: لم نكن ضدّ بورقيبة وزعامته ولكننا كنا ضدّ طريقته في الكفاح التونسي فبورقيبة كان يرى نفسه هو المعبّر الوحيد عن هذا الكفاح فقد كان يقول: انا زيّ النخلة تقطع عراجينها ويبقى الجذع في اشارة الى استعداده لإزالة كل من يعارضه.
————————————————–
من هو المناضل الكبير حسين التريكي؟
– المناضل الكبير وأحد أعمدة الحركة الوطنية السيد حسين التريكي أمدّ اللّه في أنفاسه ومتّعه بالصحة، تجاوز سنه التسعين اليوم، مقيم بالأرجنتين وهو تونسي من الرعيل الأول تتلمذ في صفوف الحزب الحر الدستوري الذي كان يتزعمه الأستاذ الحبيب بورقيبة.. وعمل تحت قيادة المرحوم الدكتور الحبيب ثامر الذي أشرف وقاد حركة النضال السرّي للحزب التي تشكّلت على إثر حوادث 9 أفريل 1938 الدامية، والتي اعتقل على إثرها قادة الحزب وعلى رأسهم الحبيب بورقيبة وأعضاده المقربين وعلى إثر اعتقال د. الحبيب ثامر ورفيقه الطيب سليم، والرشيد إدريس، آلت إليه قيادة الحركة السرية واعتقل وحكم عليه بالسجن والنفي.
ـ أطلق سراحه مع الدكتور الحبيب ثامر ومئات المساجين الوطنيين في أول ديسمبر 1942 نتيجة للضغط الذي مارسه الملك المرحوم المنصف باي وضغوط السلطات العسكرية الألمانية التي نزلت في تونس في أواخر 1941، كما انضمّ إلى المجموعة «الثامرية» التي انتقلت الى أوروبا (الحبيب ثامر، يوسف الرويسي، الهادي السعدي، الطيب سليم، الحبيب بوقطفة، رشيد إدريس وحسين التريكي) لمواصلة النضال والتي ضمّت جهودها إلى النضال العربي الذي كان يقوده سماحة مفتي فلسطين المرحوم الحاج أمين الحسيني. ثم هاجر الى اسبانيا على اثر هزيمة ألمانيا في فرنسا، ثم هاجر الى مصر في جوان 1946 مع المجموعة الثامرية».. وشارك الدكتور ثامر في الاعداد ثم عقد مؤتمر المغرب العربي في القاهرة 22 ـ 02 ـ 1947.
– شارك في تأسيس مكتب المغرب العربي في القاهرة، وانتخب أمينا لصندوقه ورئيسا للجنة المالية للدورتين 48/47 و49/48، وقد حكمت عليه محكمة عسكرية فرنسية غيابيا بالاعدام، ضمن «المجموعة الثامرية» سنة 1947.
شارك الدكتور الحبيب ثامر في معارضته للنهج القيادي الفردي الذي كان يرى الزعيم الحبيب بورقيبة أنه من حقه أن يفرضه على الحزب، وقد أخذ الديوان السياسي برأي الدكتور الحبيب ثامر وعقد مؤتمر «دار سليم» لتكريس القيادة الجماعية.
– حكمت عليه «محكمة شعبية» التي نصبها بورقيبة سنة 1957 لمحاكمة قادة المعارضة التي قادها المرحوم الأستاذ صالح بن يوسف الأمين العام للحزب الدستوري والتي لعبت دورا حاسما في تحطيم الاتفاقيات التونسية ـ الفرنسية، التي كان الفرنسيون يهدفون من ورائها الى عزل الثورة الجزائرية من عمقها الترابي والبشري عن أشقائها التونسيين، بجلبهم نحو تعاون تونسي فرنسي تنتفع به شرائح من الشعب التونسي، كفيلة بأن تلهيه عما يجري في الجزائر. وبذلك يكون حسين التريكي التونسي الوحيد الذي نال حكمين بالاعدام: الأول من محكمة عسكرية فرنسية والثاني من محكمة بورقيبة. وقد رجع الى تونس في 1962 حيث رفع عنه حكم الإعدام على اثر استقلال الجزائر (جوان 1962) وعيّن مستشارا في وزارة الخارجية التونسية ثم جمّد نشاطه.
– فرّ من تونس هاربا الى ليبيا مشيا على الأقدام (نوفمبر 1957) وقد عين نائبا لمدير مكتب الجامعة العربية في بوينس ايرس 1958 ثم مدير مكتب الجامعة العربية في بيونس ايرس 1961 ـ 1964.
– كما كلفته لجنة تحرير المغرب العربي بتمثيل الطلبة الجامعيين في المؤتمر الذي عقدته «المنظمة العالمية للطلبة الجامعيين» أسسها الجنرال بيرون زعيم الأرجنتين (جوان 1955) حيث مثل طلبة تونس والجزائر ومراكش، ودافع عن الحركات التحريرية لأقطار المغرب العربي.. وتمكن من ربط أواصر الصداقة والزمالة النضالية ضد الامبريالية.. وهي التي وظفها في ما بعد للدفاع عن الثورة الجزائرية المباركة حين شارك في الوفد الذي شكّلته لجنة التحرير برئاسة المرحوم فرحات عباس (1956 ـ 1957).
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 أفريل 2006)
كتاب يتناول بعض ظواهرها …
آفاق الرواية التونسية بين التاريخ والرؤية الواقعية
تونس – ماجد السامرائي
السؤال الذي يثيره معظم نقاد الرواية ودارسيها من العرب، ويثيره الناقد والباحث التونسي محمد القاضي في كتابه الجديد: «في حوارية الرواية» (دار سحر – تونس 2005) غالباً ما يأتي سؤالاً عن الكيفية التي استطاعت فيها «الرواية، وهي جنس حديث، ان تكتسح الاداب القومية على اختلافها، وان تقتحم منظومات الاجناس الادبية على تنوعها، وأن تحلّ في اللغات كلها فتصبح في حيز زمني قصير اكثر الاجناس حظوة لدى القراء، وأكثرها استقطاباً لاهتمام النقاد؟»… مجيباً عن السؤال من خلال قراءة نقدية لأعمال احد عشر روائياً تونسياً ينتمون الى اكثر من جيل في الرواية العربية في تونس هم، بحسب رأيه، من «ابرز من تصدى للرواية وسعى للاضافة، وفتح لنا كوى نستطيع من خلالها ان نطل على هذا الجنس العصيّ المتفلت وأن نقف على جوانب من ابداعيته»، موزعاً قراءته النقدية فيه بين «التحديد الاجناسي، ومصادر الابداع الروائي، وآليات اشتغال النص الروائي، والبلاغ الذي ينشده». وللكتاب، في هذا كله، خاصتان أساسيتان:
– الاولى: كونه يعرفنا بالرواية (او بطرف منها) في بلد يشهد الفن الروائي تطوراً ملحوظاً، وتستأثر الرواية فيه، موضوعاً، بهموم وانشغالات انسانية وفنية تجسد/ او تعبر عن طبيعة ثنائية البعد والاهتمام: اجتماعية، في ما يخص عمليات التغير والتحول في واقع بلد مثل تونس.. وفنية، في ما تسعى فيه من تكريس ما للحداثة من وجوه الابداع متمثلة في اعمال ادبية هي، في تمثيلاتها، اقرب الى الاصالة روحاً وجوهراً منها الى أي منحىً آخر.
– والثانية، انه يجمع في ما كتب بين الممارسة النقدية وأسلوب البحث الاكاديمي، فهو في الوقت الذي يستقصي فيه المكونات، والفواعل، ويحاكم الآراء او يحتكم اليها في ما يسعى الى تثبيته من رؤية للأعمال موضوع القراءة، يأخذ العمل بعين الناقد وعقله، مقيماً قراءته على التحليل، والاستبطان الدلالي، والحكم الفني.
وتكون البداية لفصول الكتاب، كما هو البداية التجديدية في الأدب التونسي الكاتب الكبير محمود المسعدي، في محاولة لتجنيس كتاباته. فهذا الاديب «الاشكالي ادباً»، يختار له من بين ما كتب كتابه «حدّث ابو هريرة… قال»، فيجده – كما يجده احد دارسيه – ينسج فيه «على منوال جنس ادبي قديم هو «الخبر» وهو وحدة سردية مستقلة». الا انه يجد ان «تصرف الكاتب في الزمان، وحتى في المكان، هو الذي يكسب هذا الأثر حداثة ما كانت الاحاديث والاخبار التي تقوم على اشكالها لتعرف شيئاً منها»… بل سنجده يذهب في ما هو ابعد من هذا، اذ يرى ما يراه الناقد توفيق بكار من أن المسعدي اعتمد في عمله هذا «احدث أساليب البناء القصصي» حين «كسر خط الزمان وتصرف فيه طرداً وعكساً بما لا تنكره آخر تقنيات الرواية الجديدة». فالمسعدي الذي يرى ان «الادب الباقي الذي لا يختلف من حضارة الى حضارة ومن ادب الى ادب هو ادب التجربة الوجودية» يدفع الناقد، في قراءته هذه له، الى القول إن كتابة المسعدي «كتابة تريد ان تكون لا تاريخية»، ولذلك فهي تخرق الأجناس، «لأن الأجناس، على وجه التدقيق، ظاهرة تاريخية»، ومعنى هذا – بحسب الناقد – «انها كتابة تريد النفاذ الى جوهر الانسان الذي لا يتغير بتغير الزمان والمكان».
ثم يقف مع البشير خرّيف في روايتين من رواياته: الاولى تاريخية، والثانية ما يعبر عنه بفكرة «انتماء الشيء الى اصله»… أما التاريخية، فهي «برق الليل» التي تتصل بتاريخ تونس في القرن السادس عشر. ومع ان الناقد يأخذ هنا بالرأي الذي يذهب الى أن الروائي في الرواية التاريخية يبدع «كوناً خيالياً – روائياً يتكون في آن واحد من عناصر متخيلة وعناصر واقعية»، فإنه يتساءل عن الكيفية التي تحققت فيها «علاقة الرواية بالتاريخ في هذا النص؟» ليجد، من خلال قراءته لها، انها رواية «جامعة بين المتخيل والتاريخي»، وأن «كاتبها لا يتردد في اسناد ادوار تاريخية الى شخصيات متخيلة»، مع ان «هذا المتخيل يضمحل احياناً حين تنهض العلاقة بين الروائي والتاريخي على النفي المتبادل»، ليقوم الخطاب هنا – كما يستخلص ذلك من قراءته له – «على مراوحة بين القطبين: فالروائي يبسط نفوذه ويغيب التاريخي، والتاريخ بدوره يحد من غلواء الرواية وينفرد بالمساحة النصية»… وخلاصة هذا الموقف هي ان البشير خريف سار، في روايته هذه، مسار «مجافاة التاريخ والانحياز الى الفن على حساب المرجع، مما جعل التاريخ ثانوياً من جهة، وغيّرَ مجراه، من جهة اخرى، استجابة لمقتضيات الخطاب الروائي وظروف العصر».
غير ان للتاريخ الذي تستأثر به غير رواية من الروايات التي يتناولها الكتاب بالنقد والتحليل وجهاً آخر في ما يدعوه «حداثة الماضي»، ليجده متمثلاً في رواية محمد الحبيب براهم: «انا وهي والارض»، فيرى من خلال هذا العمل «ان السردية في معناها الاول تعبير عن التحول»، وان هذا التحول لا يتأتى «الا في سياق زمني». واذا كان «نسيج الاحداث في هذه الرواية يحوم حول مجموعة من المصائر المتقابلة» التي جمعت بينها مدينة متعينة تاريخياً وجغرافياً في طور حاسم من اطوار التاريخ، فإن هذا ما يجعل شخصيات الرواية تتحرك في مستويين: مستوى ظاهر، ومستوى آخر «يسري في احناء هذه الشخصيات وما تضطلع به من اعمال»، جامعاً في هذا العمل بين «ماضي الخبر وحداثة الخطاب» بما يكشف عما يرى فيه الناقد اختياراً فكرياً وجمالياً يتركز في ثلاثة اسئلة يجدها تمثل بؤراً رئيسة في الرواية، هي: الزمان والمكان والكيان.
وفي فصل آخر من الكتاب يقرأ رواية حسن نصر «دار الباشا» واضعاً قراءته تحت عنوان دال: «هذه (دار الباشا) فأين مفاتيحها؟»، مؤكداً ان العالم الذي يأخذنا اليه ينوء تحت وطأة الذكريات». واذا كانت الرواية قد جاءت قائمة على حركات اربع، فإن العناصر فيها، هي الاخرى، اربعة، وكذلك الاستقصاءات والاخلاط والفصول… ليجد ان الكاتب فيها قد تعمد «تكسير الزمن، فلم يخرج لنا رواية «كلاسيكية»، وانما جعل البنية الزمنية لولبية، فيها مراوحة بين الحاضر والماضي بأنواعه». والسؤال الذي يثيره هنا – والذي يجده سؤالاً قائماً – هو: «لماذا نخرج من الحاضر الى الماضي، ومنه الى الحاضر في مراوحة لا تني؟»، ليذهب في «ان ما يستنتج من ذلك ان الحاضر لا يفهم الا بالماضي»، وان كان «ذلك الماضي نفسه لا يفهم الا بالحاضر» (المراوحة) «عند حدود الزمن المتكسر، بل تأتي في السرد من خلال الضمائر المضطلعة بالرواية»، وإن كان يرى ان الرواية هي «رواية شخصية تبحث عن معنى حياتها».
واذا كانت هذه القراءات النقدية قد تميزت بروحها المنهجي، فإن «المنهج» الذي اتبعه في القراءة يتضح اكثر، وعلى نحو اكبر، كلما مضينا مع فصول الكتاب… لنجده في قراءة رواية ابراهيم درغوثي: «شبابيك منتصف الليل» يتوجه في هذه القراءة ضمن بعدين منفصلين يجدهما في الرواية، وهما: «حداثة التماسات» و «تماس الحداثات»، مؤسساً قراءته على «هاجسين اساسيين: اولهما كيفية اشتغال النص بعامة والنص الروائي بخاصة وقدرته على توليد الدلالة من اللغة بإنشاء نظام يتخذ موقعاً ضمن جملة من الأنساق المحيطة به (…) وأما الهاجس الثاني فمداره على منظومة القيم الفكرية والاجتماعية والسياسية التي تعيش في خضمها».
ويستقصي الناقد موضوع العلاقة بين «الرواية والهوية» من خلال رواية الحبيب السالمي «حفر دافئة». ومع ان تأكيده كون الهوية تمثل «مشغلاً اساسياً من مشاغل الفكر الفلسفي والبحث النفساني والدرس الاجتماعي»، «في حين ان الرواية ابداع»، الا انه يجد بينهما «اتحاداً في الصفة، اذ ان كلاً منهما ظاهرة تاريخية متحركة» بما «ينشئ بينهما علاقة احتوائية متبادلة. فالهوية تحوي الرواية بما هي مظهر من مظاهر التعبير الجمالي، والرواية تحوي الهوية من حيث هي خلفية ورصيد يؤمنان للرواية انتماءها الى مجال اجتماعي وحضاري معين»…
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 16 أفريل 2006)
المتحدثون في جلسة السلطة والمعارضة انتقدوا الالتفاف حول الإصلاح …
فياض: لن يحدث تحول إلا إذا تبنى الإسلاميون الديمقراطية
الغطريفي: التعديلات الديمقراطية في الأنظمة العربية شكلية
مالك طه :
اتفقت كلمة المتحدثين في جلسة السلطة والمعارضة في الدول العربية على ضرورة تحقيق وتمكين الديمقراطية في المنطقة العربية.
وانتقد المتحدثون في الجلسة التي غاب عنها ممثلو السلطة الحكومات العربية واتهموها بالالتفاف حول الاصلاح السياسي عبر إنشاء احزاب ديكورية.
وقال السيد ناجي الغطريفي امين عام حزب الغد ان عدم حضور ممثلي السلطة يدل على عدم وجود تصور حقيقي لديهم حول عملية الاصلاح.
وأوضح الغطريفي انه حصلت مأسسة لانظمة الحكم الديكتاتورية في مصر والعالم العربي، ولكن مع التطور وغياب الزعامات الكاريزمية والعولمة التي فرضت احكامها وقيودها اقتصادياً واصبحت الانظمة تشعر انها فاقدة القدرة على خلق واقع فيه عدالة واستقامة.
وأكد ان الانظمة العربية الديكتاتورية اصابها عجز كامل عن القيام بدورها في إدارة الدولة وتوفير الخدمات الاساسية لشعوبها.
وقال: ازاء هذه الوضع وجدت الانظمة نفسها مرغمة على ادخال تعديلات ديمقراطية في الظاهر دون الحقيقة وبذلك يكون التطوير السياسي شكليا فقط.
وأضاف: إن الاحزاب في ظل الانظمة الديكتاتورية اصبحت غير قادرة حتى على الاحتفاظ بوحدتها والنظام القائم في مصر وراء ضعف وانقسام الاحزاب، وتساءل الغطريفي هل يعقل ان تكون للاحزاب قاعدة جماهيرية في ظل قانون الطوارئ الذي يسري منذ خمسة وعشرين عاما في مصر؟
وقال السيد علي فياض مدير معهد الابحاث والتوثيق في لبنان ان مجتمعاتنا بحاجة الى أمن واستقرار، واشار الى ان المجتمع كي يكون فاعلا يجب ألا يكون مجتمعا مقموعا ومقهورا.
وتساءل كيف يمكن ايجاد مجتمع راضٍ عن سلطته دون ان يكون مجتمعا ديمقراطيا.
وقال فياض ان من يمسك بعصا الشارع العربي هم الاسلاميون، واشار الى انهم ليسوا دعاة ديمقراطية نقية وانما تعايشوا مع الديمقراطية مثلما هو في فلسطين ولبنان والعراق ولكنها لم تتنزل الى مشروع استراتيجي.
وأكد فياض انه لن يكون هناك تحول ديمقراطي حقيقي في العالم العربي إلا اذا تبنى الاسلاميون الديمقراطية.
ووصف فياض الديمقراطيين في العالم العربي بانهم اقلية نخبوية واشار الى ان القوى الديمقراطية لم تحول الديمقراطية الى مشروع شعبوي كاسح.
وتحدث السيد أحمد الشابي محام «تونس» عن اساس العلاقة بين المعارضة والسلطة وقال ان السلطة في العالم العربي تستمد شرعيتها من عديد المصادر منها القوة والشرعية الثورية والتاريخية والدينية.
وأوضح انه في مثل هذه الشرعيات التي لا تحتكم للشعوب قامت النظم العربية وعلى اساس الحكم الفردي، ثم قام نظام الحزب الواحد الذي يحتكر كل الفضاءات ويقوم على مبدأ الزباينية فتجعل المواطن رهينا للحاكم حتى في قوته اليومي.
واضاف ان القضاء بدوره في ظل النظم الشمولية اصبح يفتقد الاستقلالية وصار هو الاطار الذي يجر اليه الآلاف في مثل هذه الاجواء التي لا تقوم على الشرعية الديمقراطية.
وتحدث الشابي عن الحركات الاسلامية واشار الى انها تؤسس مشروعها على النص الديني، حيث ان هناك اخفاقا للمشروع اليساري واخفاقا ايضا للمشروع القومي، كما ان الحركة الليبرالية لم تكن قوية في العالم العربي.
وأوضح ان الحركة الاسلامية حركة متعددة الابعاد فهناك البعد السياسي والاجتماعي والثقافي والتربوي، وقال ان الحركة الاسلامية استفادت الى حد كبير من ضعف منافسيها، وقال ان الحركات الاسلامية كانت تعاني من ازمة في التعامل مع الديمقراطية لكنها بدأت في التعامل معها تحت ضغط التطورات.
واكد الشابي ان التطلع الى الديمقراطية في العالم العربي هو الاقوى عنه في اي منطقة اخرى في العالم.
وقال ان الولايات المتحدة الامريكية ومنذ بدء الحرب على العراق ادركت ان العلاقة الجيدة مع الانظمة الشمولية لم تعد تبرر غض الطرف عما يحدث من اخطاء.
من جهته اوضح السيد جميل مطر مدير المركز العربي لابحاث التنمية والمستقبل في مصر ان العملية الاصلاحية لم تبدأ في الدول العربية فما حدث عمليات شكلية متواضعة، وذكر ان الديمقراطية تنتكس في العالم ولا تشهد تمددا كما يقال.
وتحدث السيد حاتم عبدالقادر عضو حركة فتح وقال: نحن في حركة فتح اجرينا انتخابات ديمقراطية شفافة لان المعارضة يجب ان يكون لها دور بغض النظر عمن سيأتي للسلطة.
واضاف: من مصلحة السلطة ان تكون قوة المعارضة قادرة على الشراكة الاجتماعية، واشار الى أن المجتمع لا ينحصر في السلطة والمعارضة فقط إذ هناك منظمات المجتمع المدني.
(المصدر: صحيفة « الشرق » القطرية الصادرة يوم 13 أفريل 2006)
الجزائر: الجبهة الاسلامية للانقاذ من المغالبة الي الأفول
يزيد بوعنان (*)
لقد كان مسار الجبهة الاسلامية للانقاذ مليئا بالأحداث المتسارعة والغريبة، فمنذ انشائها في شهر اذار (مارس) من سنة 1989 مستفيدة بذلك من جو الحريات الذي أشاعه الرئيس السابق الشاذلي بن جديد والأسهم السياسية لهذا الحزب في صعود وهبوط، فمن المطالبة والمغالبة الي المواجهة المسلحة مع النظام الذي وقف حجر عثرة أمام تحقيق الرغبات الملحة لهذا الحزب وأنصاره ـ الذين كانوا يعدون بالملايين ـ في الوصول الي الحكم عن طريق انتخابات تشريعية أقر الجميع بأنها كانت حرة ونزيهة، ولكن مسار الأحداث اتخذ الوجهة التي لم ينتظرها أحد حتي وصلنا الي ما نحن عليه الآن، والسؤال المطروح: ما مستقبل جبهة الانقاذ في ظل التوجهات السياسية الراهنة؟ وهل بامكانه أن يسترجع بريقه السياسي بعد حالة الوهن والترهل والانشقاق الذي أصاب مختلف الفصائل والتيارات المنضوية تحت هذا الحزب؟
هل أخطأ الفيس باتباعه سياسة المغالبة؟
لم تكد جبهة الانقاذ تكمل هيكلتها التنظيمية سنة 1989 بعد أن استفادت من جو التفتح الديمقراطي الذي أشاعه الرئيس الشاذلي بن جديد بعيد التصويت علي تعديل الدستور في شباط (فبراير) 1989 والذي سمح بانشاء أحزاب ومنظمات ـ اثر اللقاء التاريخي بين زعماء الحركة الاسلامية والذي ضم: احمد سحنون، محفوظ نحناح، علي بلحاج، وغيرهم مع الرئيس الجزائري ـ حتي بدأت جبهة الانقاذ تستعد لدخول حلبة التنافس السياسي، بدءا بالمجالس البلدية في حزيران (يونيو) 1990 والتي فازت فيها بنسبة 55% من المقاعد وانتهاء بالانتخابات البرلمانية الملغاة في كانون الاول (ديسمبر) 1991 والتي حصلت فيها علي 189 مقعداً من أصل 216، ولكن هذا المسار الحافل بالانتصارات السياسية رغم قصر مدته كان حافلا أيضا بأحداث متسارعة وتصريحات نارية ملتهبة من قبل زعماء الحزب وعلي رأسهم عباسي مدني وعلي بلحاج حيث كانت هذه التصريحات متناغمة مع التوجه العام للحزب المبني علي سياسة المطالبة والمغالبة. منذ الأيام الأولي لتأسيس الجبهة الاسلامية للانقاذ اتضح جليا بأن سياسة المطالبة والمغالبة هي التي فرضت نفسها علي التوجه العام للحزب، فبعد سلسلة اللقاءات والحوارات التي كانت تدار في (رابطة الدعوة الاسلامية) بقيادة المرحوم احمد سحنون، اتضح أن هناك تيارات عديدة ومختلفة داخل التيار الاسلامي أبرزها: السيد علي بلحاج الذي دعا الي انشاء جبهة اسلامية موحدة، أما عباسي مدني فقد اقترح اسما آخر هو (الجبهة الاسلامية للانقاذ) معللا هذه التسمية بأن الجبهة تعني المجابهة والاتساع لآراء مختلفة ومتعددة، ورفض محمد السعيد تشكيل الجبهة في البداية قبل أن يلتحق بها مع كوادره التي كانت تؤطر العمل داخل تيار البناء الحضاري (الجزأرة)، كما رفض محفوظ نحناح فكرة تأسيس حزب من الأساس ولكنه عاد ليؤسس (حركة المجتمع الاسلامي)، ونفس الشيء بالنسبة للسيد: عبد الله جاب الله الذي أنشأ (حركة النهضة الاسلامية).
لا شك أن الخطابات والتصريحات التي كانت تصدر عن بعض زعماء الفيس واطاراته قد أثارت الرعب في نفوس الكثير من رموز النظام الذين عملوا كل ما في وسعهم للحيلولة دون أن يصل هذا الحزب الي السلطة، وقد تجلت سياسة المطالبة والمغالبة التي تبناها حزب جبهة الانقاذ في الكثير من الخطابات والمذكرات التي قدمت الي الجهات الرسمية، ففي المذكرة التي وجهها الحزب الي رئيس الجمهورية في: 7 اذار (مارس) من سنة 1989 والتي تضمنت البرنامج السياسي لجبهة الانقاذ ومما جاء فيها :
ـ ضرورة التزام رئيس الجمهورية بتطبيق الشرعية الاسلامية ـ استقلال القضاء بغرض الحسبة ـ تحديد مجالات الاصلاح وفق جدول زمني ـ حل البرلمان واجراء انتخابات تشريعية مسبقة ـ اعادة النظر في سياسة الأمن، ـ الغاء الاحتكار الرسمي لوسائل الاعلام ـ وقف عنف الدولة ضد المطالب الشعبية، وغيرها من المطالب والنقاط التي توضح بأن جبهة الانقاذ قد سلكت طريقا مطلبيا، ولكن هذا المسلك كان فيه نوع من المخاطرة وعدم الاحتساب الدقيق للنتائج، وعدم الاكتراث بالمؤامرات التي كانت تحاك ضد الجزائر ناهيك عن المشروع الاسلامي والحركة الاسلامية، ويعود كل ذلك الي كون أن هذا الحزب لم تكن له الكوادر التي بامكانها استشراف المستقبل.
وحتي وان كانت هناك بعض الاطارات الكفاءة فانه لم يعتد برأيها، والا لما ذهب الحزب الي ما ذهب اليه من راديكالية في مواجهة نظام متجذر ومتحكم في كل شيء، وأول مظاهر هذه المواجهة الخاسرة هي المظاهرات والاضراب السياسي العام الذي دعا اليه الحزب في حزيران (يونيو) 1990، حيث شلت جميع القطاعات في المدن والقري والمداشر لمدة أكثر من أسبوع، حيث كانت المسيرات تزداد حدة مطالبة بذهاب الرئيس والحكومة ،وازدادت معها استعراضات للقوة من قبل جماعات تكون آنذاك قد خرجت من السيطرة الكلية للقيادة السياسية للحزب، وكانت هذه الجماعات مستعدة للمواجهة حيث بدأت أول فصائل الجماعات المسلحة في التشكل، وحتي وان كان بعض رموز النظام يرون مثلا بأن قادة الانقاذ كانت لهم اليد الطولي في تشكيل الجماعات المسلحة حيث يقول اللواء المتقاعد خالد نزار في مذكراته: (لقد تجسد العنف في استعراضات القوة من قبل ميليشيات يرتدي أفرادها الزي الأفغاني في المسيرات، وكانت كل هذه الميليشيات تحت امرة علي بلحاج الذي كان مقره مسجد بلكور والذي أطلق عليه مسجد كابول)، اذا كان هذا هو الرأي الغالب عند رموز النظام وحلفائهم ممن قادوا الانقلاب علي نظام الشاذلي فان بعض زعماء الفيس لهم رأي مناقض حيث صرح السيد مصطفي كرطالي لصحيفة الحياة اللندنية الصادرة في 8 شباط (فبراير) 2000 قائلا : (الجبهة لم تكن تحضر أبدا للعمل المسلح ففي سنة 1990 ومع بداية مؤشرات التوتر في علاقة جبهة الانقاذ بالسلطة قال أحد الحضور في لقاء مع عباسي مدني : ماذا لو نحضر جناحا مسلحا للجبهة ؟ فرد عليه عباسي مدني قائلا : لو قام أناس بهذا العمل في الجبهة فكأنهم ضربوني بخنجر)، ولكن هذا لا يمنع من القول بأن داخل الجبهة كانت هناك تيارات تؤمن وتمجد العمل المسلح، وحتي وان كانت قيادة الحزب قبل اعلان حالة الحصار واعتقال بعض الزعماء ضد أي عمل مسلح حيث كانت في الكثير من المرات تتدخل لتهدئة الأوضاع، ولكن وبعد حالة الحصار وتوقيف المسار الانتخابي وحملة الاعتقالات التي طالت العديد من أنصار الفيس ومتعاطفيه فان هذه القيادة التزمت الصمت ازاء العمل المسلح وحتي ازاء بعض العمليات العسكرية التي استهدفت المواطنين بل وأصبح للحزب جناح مسلح علي الأقل يتمثل في (الجيش الاسلامي للانقاذ).
حدود المسؤولية بين الفيس والسلطة:
يجمع الكثير من المحللين والمتتبعين للشأن الجزائري في الداخل والخارج علي أن المسؤولية لا يمكن القاؤها علي طرف دون آخر، بل أن الطرفين المتصارعين يتحملان كل من موقعه النتائج والمآلات التي سارت اليها الأحداث، واذا كان تبيان من المسؤول عن المجازر وحمامات الدم التي كانت تتطاير يبدو في الوقت الراهن علي الأقل أمرا غير ذي جدوي، خاصة وأن البلاد تحاول جبر الكسور ولململة الجراح، الا أن الحديث عن الأخطاء يبدو ملحا من أجل تجاوزها وعدم الوقوع فيها مستقبلا، وبعيدا عن الآراء المتضاربة والمتناقضة التي صدرت عن هذا الطرف أو ذاك فان الأزمة الدامية التي عاشتها البلاد تكون قد تفاقمت واستفحلت بفعل عدة عوامل نذكر منها:
1 ـ عدم تفطن الفاعلين في السلطة والمعارضة لما قد ينجر عن الصدام والمواجهة بين الطرفين، ولجوء البعض منهم الي التصرفات الانتقامية التي أضرت بالبلاد وكادت تدخلها في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، فتوقيف المسار الانتخابي يعتبر خطأ تاريخياً غير مسبوق قابله خطأ آخر من قبل بعض أجنحة الفيس يتمثل بالتورط في أعمال العنف التي استهدفت مؤسسات الدولة وبعض الفئات الشعبية الفقيرة في مختلف المناطق من الجزائر العميقة.
2 ـ الأكيد أن الجزائر كانت ضحية لمؤامرات محبوكة لم يتفطن لها الجميع ونتيجة لهذه المؤامرات فان الجزائريين كانوا وسائل في أيدي المتحكمين فيها من داخل البلاد وخارجها.
3 ـ لقد عجزت السلطة وجبهة الانقاذ معا في فرض رؤية واضحة ونتيجة لهذا العجز لجأ الطرفان الي المواجهة والمقارعة، حتي وصلت المجازر ورائحة حمامات الدم الي حدودها القصوي، وبعد أكثر من سبع سنوات من المواجهة والاصطراع والعنف الدموي وصلنا الي أكثر من 100 ألف قتيل ومليون ضحية بين مشرد ومعاق ومفقود وخسارة مادية قدرت بـ 30 مليار دولار، فهل بقي بعد هذا أن لا يعترف الكل بأخطائه ويحاول تصحيحها بعيدا عن التعنت والنرجسية والتهميش والاقصاء.
وحتي نعرف مسؤولية كل طرف في الأحداث نكتفي بشهادة اثنين من الفاعلين في مسار الأحداث وهما اللواء المتقاعد خالد نزار وزير دفاع سابق، وكذا مدني مزراق زعيم ما كان يسمي بالجيش الاسلامي للانقاذ.
يقول خالد نزار في مذكراته وهو يبرر موقفه وتحمله مسؤولية توقيف المسار الانتخابي رغم ما انجر عن ذلك من نتائج وخيمة: (لقد قررنا عدم التوجه الي الدور الثاني من التشريعيات منذ الأيام الأولي التي أعقبت الدور الأول من هذه الانتخابات، وكانت الفكرة هي اقناع الرئيس بخطورة الوضع وتقديم الاستقالة، فالبرلمان كان قد أكمل عهدته، وشغور السلطة كان نافذا ولم يكن أمام الجيش أي اختيار آخر غير التكفل بمصير البلاد بعد أن تأكد الرئيس أنه لم تبق أمامه سوي الاستقالة)، بهذه الصراحة يقول رأس الانقلابيين علي نظام الشاذلي ولكنه يتكتم علي أمور أخري تبدو خطيرة حينما يقول في موضع آخر: (التزاما بواجب التحفظ فقد فضلت عدم التطرق علنا الي أحداث كبيرة عاشتها بلادنا خلال تلك الزوبعة التي مرت بها)، فما طبيعة هذه الأحداث وما هي الأسرار التي تكتنفها ؟ نترك خالد نزار لنتوقف عند الشهادة التي أدلي بها مدني مزراق من خلال خطاب ألقي علي أتباعه سنة 1994 ونشر بجريدة اليوم الجزائرية في عدد 11 كانون الاول (ديسمبر) 2000 ومما جاء فيه باختصار:
1 ـ الجهاد بدأ في شباط (فبراير) 1992 ولماذا فيفري ففي ذلك الوقت كانت القيادة السياسية تجري حوارا لايجاد مخرج سياسي للأزمة
2 ـ تكلم عن عباسي مدني وكأنه وريثه الشرعي
3 ـ يشرح مصطلح المطالبة والمغالبة قائلا: المطالبة تعني أن نطالب النظام بتحقيق وتنفيذ أهدافنا المشروعة، والمغالبة تعني اذا وقفوا في طريقنا ومنعونا من اقامة الدولة الاسلامية نجاهدهم كما كنتم تسمعون من شيوخ الجبهة مثل عباسي مدني وغيرهم
4 ـ الجبهة الاسلامية كانت تهييء الشعب لمثل هذا الموقف، نحن ندخل الانتخابات ونسعي لتحقيق أهدافنا واذا وقفوا في وجهنا نجاهدهم والحمد لله فان عباسي مدني كان أعلن قبل اعتقاله قائلا: من حقنا اعلان الجهاد، وكان علي بلحاج يقول: نظفوا أسلحتكم.
هذا بعض ما جاء في الخطاب المذكور لمدني مزراق. من هنا يتضح أن المسؤولية مشتركة بين الجميع وأن الزج بالبلاد الي المآلات الخطيرة هو نتيجة لتعنت كل الأطراف دون أن يحتسبوا العواقب الوخيمة التي انجرت عن هذا التعنت.
نجم الفيس لماذا أفل؟
لن نجانب الحقيقة اذا قلنا بأن الفيس ليس مجرد حزب ولكن هو ظاهرة اجتماعية حاملة للكثير من الأحلام الدينية والاجتماعية التي كانت تسكن بال الأغلبية من متتبعيه وأنصاره ولكن هذه الظاهرة ـ كما ذكر لنا أحد الاطارات الذين تربوا في أحضان الحرة الاسلامية رفض ذكر اسمه ـ كانت دون تأطير سياسي في المستوي، والذين تولوا المسؤولية في مختلف المواقع لم يكونوا في مستوي الحدث، وأسباب أفول الفيس ـ كما أضاف ذات المتحدث ـ كانت موجودة في طريقة انشائه والتي تمت لأغراض مجهولة ومشبوهة، ولا يستبعد أن تكون هناك أياد خارجية قد أثرت علي السلطة في الجزائر لتسير الأمور وفق ما سارت عليه، واذا سلمنا بأن الفيس هو ظاهرة اجتماعية فانه يمكن تشبيهها بالهزة الأرضية التي تحرك الأشياء وقد تدمرها ولكن سرعان ما تزول مثل باقي الظواهر الطبيعية التي تتسم بالظرفية والمحدودية، وعندما طرحنا سؤالا علي أحد الكوادر الذي كانت تربطه علاقة حميمية مع مختلف رموز الحركة الاسلامية لا سيما تيار الجزأرة المعروف بمتانة بنائه الفكري، لماذا لم يستطع هذا التيار ترشيد العمل السياسي داخل حزب جبهة الانقاذ وعقلنته أجاب قائلا: (جماعة البناء الحضاري دخلوا الحزب متأخرين أي بعد الانتخابات البلدية حيث أن كل شيء كان قد انتهي، ورغم معارضة بعض اطارات هذا التيار لهذا الدخول الا أنه تم ولم يستطيعوا التأثير ويذكر أن هناك تيارات أخري داخل الفيس أصابها الذعر عندما انضم تيار البناء الحضاري الي الحزب وعارضته بشدة مما صعب فيما بعد خلق تجانس بين التيارات ووصل الأمر الي غاية التناحر والتقاتل).
وخلاصة القول أن ظاهرة الفيس وما اتخذته من مسارات دراماتيكية مؤلمة تحتاج الي دراسات وكتب، واذا كانت هذه الظاهرة بامكانها أن تكون ظاهرة للاسلام الحقيقي فانها ستعود لا محالة، ولكن ليس بنفس الثوب ولا بنفس الوجوه، أما اذا كانت كظاهرة اجتماعية لأشخاص فليس من الممكن عودتها لأن هؤلاء الأشخاص لم يعودوا يحتملون بعضهم، وآراءهم ومواقفهم مشتتة حيث فعل بهم الزمن كما فعل الماء بالركام المتروك.
ونختم هذا المقال بمقولة للمتحدث السابق: (لو كان لجبهة الانقاذ عقل مدبر لفجر القنبلة التي زرعت في قلب الجزائر قبل أوانها أو بعد أوانها أو أنه لفككها دون أضرار)، أما وقد تفجرت كما خطط لها زارعوها فنسأل الله اللطف والصون حتي لا نسقط في مطبات أخري.
(*) كاتب من الجزائر
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 أفريل 2006)
في أصل الشلل العربي
برهان غليون (*)
تعيش المنطقة العربية وأخص منها المشرق العربي، بعد أن فقدت السيطرة على مصيرها، حربا حقيقية تهدف إلى إخضاعها وتطويعها لقبول أجندة السيطرة الأميركية الإسرائيلية.
كما أنها تتحول إلى مسرح رئيسي لحروب إقليمية وعالمية جديدة، يقدم النزاع الإيراني الأطلسي والحرب ضد الإرهاب كجزء من إستراتيجية مقاومة الصعود التاريخي للكتلة الآسيوية، أمثلة راهنة عليها.
وهذه المنطقة تعيش في موازاة هذه الحرب حربها أو حروبها الخاصة المرتبطة بإعادة بناء موازين السلطة والثروة في مجتمعات تعرضت خلال أكثر من نصف قرن إلى اجتثاث عميق لجذور وعيها الوطني والإنساني، على يد أنظمة قهر ظلامية متوحشة فاقدة لأي شعور بالمسؤولية الوطنية أو الإنسانية.
وفي مناخ الحرب المتعددة الأشكال هذه يتنافس بديلان فكريان وسياسيان معا على اكتساب ولاء الجمهور العريض الضائع وتعبئته وتنظيمه.
البديل السياسي تمثله أحزاب المعارضة الديمقراطية الصغيرة، أو تلك التي تحولت وتتحول بالضرورة نحو الديمقراطية، بوصفها القاعدة الفكرية والقانونية التي لا غنى عنها لإعادة بناء السياسة ذاتها وممارستها معا.
والبديل التعبوي الإسلامي القومي أو الاثنان معا تعبر عنه مجموعة واسعة من الحركات والتيارات والمواقف والتشكيلات الدينية والقومية أو الدينية القومية أو شبه الدينية التي تعكس فقدان الأمل في إعادة بناء الدولة السياسية الحديثة، وتراهن على إحياء الروابط التقليدية القائمة على تعبئة العصبية الجمعية الدينية أو الثقافية أو كليهما.
ويعتمد كل متنافس منهما على ترسانة من المفاهيم والشعارات والقيم، والمطالب التي يأمل أن تمكنه من الفوز بعقول الناس وقلوبهم لتطبيق أجندة يعتقد أنها هي القادرة على تحقيق أهداف المجتمعات العربية أو الإسلامية أو العربية الإسلامية.
لكن بينما يجعل الطرف الأول من إطلاق عملية التنمية، واستكمال تحديث المجتمعات العربية وإدراجها في العصر، البند الأول في المسيرة الطويلة التي ينبغي أن تمر حتما بتحقيق الديمقراطية وتحرير المجتمعات العربية من نير الاستبداد العقيم والمجمد والمضيع للجهد الوطني، تركز القوى الإسلامية والقومية على مسائل الهوية الخاصة والخصوصية كما تتمسك بشكل قوي بقيم الاستقلال والسيادة الكاملتين كما ولدتا في الكفاح ضد السيطرة الاستعمارية.
وإذا كانت هذه القيم المختلفة التي يعبر عنها كلا التيارين محط إجماع لدى الرأي العام العربي، سواء ما تعلق منها بالقضاء على الاستبداد، وما قاد إليه من تعسف وفساد وانحطاط، أو ما ارتبط منها برفض الاستلاب والتمسك بالهوية الوطنية والدينية والقومية، فإن الخلاف يبرز عندما يتعلق الأمر بالممارسة العملية.
فما يبدو محط إجماع على مستوى الوعي الثقافي العام يصبح في الممارسة مجال انقسام بقدر ما تطرح الممارسة مسألة الأولويات، ويضطر كل طرف من المتنافسين إلى تقديم قيمة على قيمة أخرى.
ومن الواضح أن قطاعات الرأي العام ليست متفقة على المكانة التي تحتلها كل واحدة من هذه القيم، ولا على الأهمية التي تعطيها لهذه القيمة أو تلك.
فالتيارات الحداثية التي ترى في الديمقراطية اليوم مدخلا لا محيد عنه للارتقاء بالمجتمعات العربية إلى مستوى التحديات التاريخية وتأمين شروط الالتحاق بالثورة العلمية والتقنية، أي للبقاء في التاريخ المعاصر، تظهر حساسية أقل تجاه مسائل تتعلق بالهوية والخصوصية والسيادة والاستقلال.
وربما نظرت بطريقة أخرى إلى مضمون هذه المسائل الأخيرة وكيفية تلبيتها، نظرة تأخذ بالاعتبار تحول حقل العلاقات الدولية وتطور وسائل التفاعل والتواصل بين الجماعات البشرية عبر الدول ومن وراء حدودها السياسية.
وبالعكس تنظر الأطراف الإسلامية والقومية، بصرف النظر عن مضمون أفكارها والقومية التي تتعلق بها، عربية أو محلية، إلى مسألة الحفاظ على الاستقلال والسيادة، نظرة خاصة وتطابق بينها وبين الدفاع عن الهوية، حتى عندما يتعلق الأمر بالمظاهر.
وهي تنظر إليها بقدر ما تنظر إلى الهوية من منظور الخصوصية، وتجعل منها أساسا لتمييز الذات عن الآخر لا التميز في دائرة حضارة واحدة.
وتبدو قيم الاستقلال والسيادة هنا مرتبطة ارتباطا عضويا بالحفاظ على علامات التمايز الثقافية والدينية، والابتعاد عن كل ما يمكن أن يشوش على هذا التمايز والتباين أو يضعف إرادة المقاومة الداخلية.
بهذا المعنى يشكل الحفاظ على الهوية والأصالة عند هؤلاء القيمة الأساسية والمعيار الذي ينبغي أن تخضع له قيم الديمقراطية والاندراج في الحضارة العصرية.
فإذا كان الدفاع عن الهوية يستدعي الحد من الحريات أو تأجيل التفاهم مع الدول الصناعية أو الوقوف في وجهها، فلا مانع من الاستبداد ولا من القطيعة مع العالم الخارجي.
وهذا ما يفسر الالتقاء المتزايد بين بقايا القوى القومية العربية الكلاسيكية والقوى الإسلامية الجديدة، بعد أن دفع إخفاق الحركة القومية العربية في بناء وطن عربي قوي وحديث منظري هذه القومية إلى الانكفاء على عنصر الهوية والاستقلال كمرجع وحيد أو رئيسي لها.
في هذا التنافس المستمر منذ عقود على إعادة بناء الوضع العربي والترتيبات الداخلية بين الأجندة الديمقراطية والأجندة القومية الإسلامية، أي بين أجندة سياسية الطابع وبالتالي علمانية وبين أجندة أيديولوجية ثقافية، تظل القوى صاحبة الخيار السياسي هي الأضعف حتى الآن من دون نقاش.
فإلى جانب أن الأجندة السياسية تواجه تحديات كبيرة ومصاعب لا تحصى بسبب التاريخ الطويل من الاستبداد وما نجم عنه من تدهور وعي المواطنين السياسي وما يرافقه من استقالة سياسية وأخلاقية ومن ترسخ التفاهم بين الفئات الحاكمة وقوى الهيمنة الدولية، تغذي الحرب والضغوط المستمرة التي تمارسها الدول الكبرى اليوم على المجتمعات العربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية، في فلسطين والعراق وبقية بلدان المشرق العربي، مشاعر العداء للغرب وسياساته الاستعمارية.
وهذا ما يعزز قيم المقاومة ويضاعف من فرص قوى القومية الإسلامية التي تراهن على تعبئة مشاعر المقاومة، لتعزيز مواقعها.
هذا ما يفسر الصعوبة التي تواجهها قوى الأجندة الديمقراطية في التقدم على الأرض، بالرغم من تنامي الإجماع ضد الاستبداد والإيمان المتزايد بالنماذج الديمقراطية حتى في أوساط الحركات الإسلامية والقومية.
ومع استمرار السياسات الكارثية للتحالف الأطلسي في المنطقة، أي مع استمرار الحرب الكامنة أو المعلنة التي يشنها مباشرة أو بالوكالة على الشعوب العربية المشرقية، وتضاؤل الآمال في المستقبل، يزيد ميل الرأي العام إلى التكور على النفس والانكفاء والانغلاق، وربما أيضا التعايش مع نموذج الحكم الاستبدادي نفسه الذي ينشر نوعا من الأمان الكاذب، بما يخفيه من التناقضات الداخلية وما يقدمه من صورة الوحدة الجامعة التي توحي بالأمان والاطمئنان في وجه العدوان.
فلا يوفر الاستبداد على كل فرد مواجهة مسؤولياته الخاصة في الوصول إلى المأزق الراهن وفي تغييره فحسب بإلقائها على القيادة التي تحتكر كل المسؤوليات، ولكنه يوفر للفرد إمكانية التماهي الآلي مع المجموع وبالتالي الهرب من القلق والمخاوف التي يثيرها التهديد الخارجي والعدوان.
وكما يشكل الاستبداد مظهرا من مظاهر انسداد الآفاق وغياب الفرص التاريخية عند المجتمعات، تشكل الديمقراطية مظهرا من مظاهر تصاعد الآمال وفرص التقدم التاريخي والازدهار، بل هي تعبير عن الجانب السياسي والفكري والنفسي من هذا الازدهار والتقدم الشامل.
ففي كل مرة تغيب الفرص وتتضاءل الآمال تميل الجماعات -في كل مكان وزمان- إلى أن تدفن رأسها في رمال الاستقالة التاريخية والارتهان للطبيعة، وتنمو العصبيات القبلية والطائفية والاستبداد.
وإذا لم تتغير السياسات الغربية المتعلقة بالمنطقة، ولم تنجح النخب العربية في بناء قوى فكرية وسياسية قادرة على تثبيت أقدام المجتمعات وإخراجها من الطريق المسدود الذي تعيش فيه منذ سنوات طويلة، فلن يكون هناك مخرج من الأزمة، وسوف تغرق المنطقة لعقود قادمة في حروب داخلية وخارجية، طائفية وإستراتيجية، من الصعب ضبطها أو التحكم بها أو إنهاؤها.
من هنا تقع مسؤوليات كبيرة في اعتقادي على المثقفين والنخب العربية في سبيل توضيح المفاهيم ورسم طريق الخروج من الأزمة الطاحنة التي تعيشها المجتمعات، تلك النخب المتمسكة بأجندة الحرب القومية الاستقلالية الإسلامية أو العروبية، والأخرى المنادية بالديمقراطية والدخول في عصر الحضارة العلمية والتقنية.
ومن دون الوصول إلى تفاهم حول أجندة العمل للسنوات القادمة سوف تستمر الحرب السياسية الفكرية العربية داخل كل مجتمع وعلى مستوى المجتمعات العربية كافة، موازية للحرب الخارجية العربية الغربية، وبديلا عنها أحيانا، او مكملة لها.
ولن نصل إلى أي نتيجة سوى استكمال دمار المجتمعات واستنزافها ماديا ومعنويا.
هل هناك بالفعل مقاومة أو ممانعة تشكل أساس ثورة قومية إسلامية ممكنة تحفظ الهوية وتصون السيادة والاستقلال، بصرف النظر عن مسائل الديمقراطية والتحديث أو بالانفصال عنهما؟
وهل هناك إمكانية لبناء ديمقراطية ومشروع تحديث عربي وطني أو قومي، مع انعدام حد أدنى من هامش المبادرة والاستقلال والسيادة الإقليمية؟
باختصار كيف يمكن الجمع والتوفيق بين أجندة التحولات الديمقراطية وما تستدعيه من تفاهم مع القوى الدولية الكبرى التي تسيطر على مصادر العلم والتقنية والرأسمال والقوة الإستراتيجية في العالم، وأجندة الحفاظ على الهوية والسيادة والاستقلال مع استمرار التمزق والتشرذم والاقتتال الداخلي وغياب أي فاعلية ذاتية.
في الإجابة عن هذين السؤالين يكمن الحل والخروج من المأزق الجماعي التاريخي الذي نحن فيه.
(*) كاتب سوري
(المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 16 أفريل 2006)
سيزير يجدد «عوارض» العلمانية ويهدد بوضع ضوابط للعبادات الفردية!
د. محمد نور الدين (*)
عادت حكاية ابريق الزيت إلى عادتها القديمة. هذا البلد العظيم الذي اسمه تركيا، والذي يقع على أهم تقاطع جغرافي وحضاري في عالم اليوم، يكاد يغرف في شبر ماء ويتزحلق بسبب نقطة زيت، رماها ماهرون في تسميم حياة مجتمع يتوق للاستقرار والتقدم من دون نتيجة منذ أكثر من ثمانين عاما.
ولكن على من يقرأ رئيس جمهورية تركيا أحمد نجدت سيزير مزاميره هو الذي سيغادر الرئاسة بعد سنة؟ إنها الحكاية نفسها والموضوع نفسه: الحجاب أولا وثانيا وثالثا… والتحذير الدائم من خطر «الرجعية» أي الإسلاميين . ولما لم يكن في تركيا حركات أصولية أو «إرهابية» بالمعنى الذي يطلق على تنظيمات مثل «القاعدة» ومثيلاتها، فإن المقصود هنا حزب العدالة والتنمية الحاكم، ذو الطابع الإسلامي جزئيا.
يتخطى الرئيس التركي كل حدود التصور، ويبيع بكلمة واحدة كل أسلافه من الرؤساء. لم يتجرأ أحد قبل على مسألتين: الأولى اعتباره أن كل «مكان عام»، هو مكان محظور ارتداء الحجاب فيه ولو كان مستشفى أو ملعب كرة قدم. وبذلك يوسع مجالات الحظر، حتى تكاد تلامس الناس في الشارع، أي على غرار النموذج التونسي. والثانية تدخله في الشأن الشخصي الديني وتهديده بأن حدودا وضوابط قد توضع على الحياة الإيمانية والعبادية للفرد بهدف حماية النظام العام!.
يقول سيزير إن قرارات المحاكم العليا، الوطنية وما فوق الوطنية التي اعتبرت أن الحجاب رمز سياسي وانتهاك لمبدأ العلمانية، والتي رأت وجوب تطبيق حظره في المجالات العامة، ملزمة للهيئات القضائية والمقامات الإدارية والأفراد.
وبذلك يجدد سيزير ويؤكد على حظر الحجاب وتوسيع مجالات الحظر، وفي هذا الخصوص، يرى فهمي قورو الكاتب الإسلامي المعتدل والمقرب من قيادات حزب العدالة والتنمية إنه ليس في تركيا قانون يمنع ارتداء الحجاب. بل قرارات صادرة عن المحكمة الدستورية وهيئات أخرى. ومن الغريب أن يكون قرار ما في بلد ما له صفة أعلى من القانون. في وقت شعار البرلمان التركي أن السيادة هي بدون قيد أو شرط للأمة. وإذا كانت الأمة هي التي اختارت ممثليها في البرلمان وهؤلاء أرادوا السماح، وبقانون، بارتداء الحجاب. فكيف يكون ذلك اتهاما بتجاوز القانون. فمع تغير القوانين تتغير القرارات انسجاما مع القوانين وليس بقائها كما لو أنها دستور.
كذلك يقول قورو إن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حول تأييد حظر الحجاب في تركيا يستند إلى قرارات المحكمة الدستورية في تركيا، ويأخذ في الاعتبار «ظروف تركيا» كما يترك، ثالثا، لتركيا الخيار بإلغاء هذا الحظر. أي أن قرارات المحكمة الأوروبية، ليست ملزمة لتركيا إلى الأبد، وتغيير قراراتها يعود إلى الأتراك.
ولا يهمل سيزير العودة إلى موضوعه المفضل الذي يسكنه كهاجس في يقظته ومنامه، أي موضوع الحركة الإسلامية التي يسميها بـ «الرجعية». يقول سيزير إن الرجعية وصلت في تهديدها إلى أبعاد مقلقة للغاية. وأنها تعمل بصورة منهجية على التسلل إلى الدولة والتعليم والقيام بنشاطات لتمزيق القيم التي اعتنقتها غالبية المجتمع مثل القومية والعلمانية وغيرها من أسس الجمهورية، كما أن هناك سعيا لتطويع النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والقانوني للدولة، وفقا لقواعد دينية وتخلق حساسية تفضي إلى تقسيم المجتمع إلى معسكرات.
ومن الواضح أن الرئيس التركي في «تحذيراته» هذه يقصد حزب العدالة والتنمية، وهذا أمر مستغرب. يقول الأكاديمي علي بيرم أوغلو إنه إذا كان من تغيير في الذهنية في تركيا في الآونة الأخيرة، فهي طالت أوساط حزب العدالة والتنمية قبل غيره، الذي جعل الحركة الإسلامية في تركيا مرنة، منخرطة في النظام حتى لامست في جوانب منها علمانية الدولة. وهو حزب يسعى للتوافق على القضايا الخلافية بدلا من فرض تشريعاته في البرلمان وهو قادر على ذلك ولكنه لا يفعل حرصا على الاستقرار والمصالحة والاجتماعية.
ويصف بيرم أوغلو هذه الذهنية لرئيس الجمهورية بأنها «مريضة». لكنه يضعها كذلك في خانة الاستعداد لانتخابات رئاسة الجمهورية التي ستجري في ربيع 2007، حيث يتردد اسم رجب طيب أردوغان بقوة على هذا الصعيد، و«الخطر» من جانب سيزير هو أن ذلك يضع الرئاسة بيد «إسلامي» زوجته، إلى ذلك، محجبة.
سنة تفصل بين تركيا وانتخابات رئاسة الجمهورية. ولكنها ستكون حافلة بالصراعات السياسية والتوترات والأزمات. وتصريحات سيزير مؤشر ومظهر على صعوبة المرحلة المقبلة. ومشكلة التيار الكمالي في تركيا أنه رفع شعار السيادة للأمة، منذ عهد صاحبه مصطفى كمال. لكن ما يفعله اليوم هو تجيير السيادة إلى أفراد أقل ما يقال عنهم أنهم، مرضى، كما وصفتهم الصحف التركية.
(*) أستاذ بالجامعة اللبنانية متخصص في الشؤون التركية
(المصدر: صحيفة « الشرق » القطرية الصادرة يوم 16 أفريل 2006)