2 janvier 2005

البداية

 

TUNISNEWS

  5 ème année, N° 1688 du 02.01.2005

 archives : www.tunisnews.net


كلمة: أضواء على الأنباء أم زياد: لماذا لا يحدث هذا إلاّ عند الآخرين ؟ كلمة تحاور عبد الله الزواري: محنتنا مثلما يمكن أن تؤدي إلى التطرّف تؤدّي إلى الاعتدال سليم الزواوي: وحدة المغرب العربي: بين تردد الانظمة وانتظارات الشعوب نواة: الشعب التونسي :  » إذا النخبة يوما أخلصت لي الولاء فلا بد أن أستجيب النداء  » الهادي بريك: مائة مصباح من مشكاة النبوة – الحلقة الثالثة والثلاثــون في استفتاء للجزيرة نت : الغالبية تشكك في رغبة الحكومات العربية في الإصلاح د. حسن أبو طالب: الإصلاح العربي – يبقى الحال على ما هو عليه! دور النفط في إنعاش الاقتصادالإقتصاد الروسي  – توفيق المديني: وجه الرأسمالية الجديد – الإمبراطورية الأمريكية والحرب من أجل النفط


Sihem Bensedrine: Calvaire d’un journaliste  – choisir entre la liberté et le pain

Kalima: « Forum de l’avenir » Dilemmes… et participation prudente Media Monitors Networks: Press Freedom in Tunisia a Casualty of « War on Terror »


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
 
صدر العدد 31 من مجلة « كلمة تونس » الإلكترونية
 

أضواء على الأنباء

 

 إضاءة أمّ زياد

 

سفارة المعارضة تشريك أم « تشليك » ؟

في أعراسنا مشهد يتكرر ولا يكاد يتغيّر فما أن ينتهي العرس وتسكت أصوات الطيل والزمر حتى تبدأ حركة أخرى من نوع آخر فيشرع أهل العرس في توزيع الأجور على أفراد الجوقة و »الحنانة » وعلى الراقصة التي تصر على قبض أجرها قبل أن يجف عرقها وقبل أن تخلع عنها بدلة الرقص.

على المنوال المذكور نسجت جوقة المعارضة المشاركة في العرس الانتخابي الأخير فقبضت وقبل ان يجف عرقها مقابل تسخينها العرس أجرها المعلوم منذ عام 1994 المتمثل في مقاعد برلمانية.

وجديد العرس الانتخابي الأخير هو ترفيع صاحب العرس في قيمة « كاشي » الراقصات الرئيسيّات أو بالأحرى الرئاسيّات. ففي انتظار مقاعد الغرفة الثانية وقعت تسمية اسمين « معارضين » في منصب السفارة ينتميان إلى الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وإلى « حدش » اسماعيل بولحية، وهما الحزبان الذين خاضا حملة انتخابية رئاسية لفائدة صانع التغيير ومانح السفارات.

بعض المغلقين على هذا الحدث من المتفائلين بمستقبلهم السياسي (الشخصي) رأوا في هذه التسمية خطوة إضافية على درب التعددية الفعلية وتشريكا للمعارضين في السلطة التنفيذية. وهذا يستقيم بالفعل لو كنّا أمام مشهد سياسي تعدّدي حقيقي فيه سلطة شرعية تعترف بمعارضيها وتحترم خصوصياتهم وتستعين بهم للاستفادة من هذه الخصوصيات وفيه معارضة حقيقية تحترم نفسها وتحترم إرادة قواعدها. أمَا ونحن إزاء سلطة لاشرعية لها، تهمّش المعارضة المستقلّة وتستخدم معارضة منبطحة فاقدة للاستقلالية وللكرامة وغير محترمة لإرادة قواعدها، فإنّ هذه التسميات لاتعدو أن تكون رشوة إضافية من رشاوي السلطة لصنائعها طلبا للمزيد من انبطاحها و »تشليكها » حتى نقضي على ما تبقى في أحزاب الديكور من إرادات قليلة للاستقلالية مراهنة في ذلك على تقوية الأطماع في المناصب التي كانت لاتحتد إلاّ مرة كل خمس سنوات أي في فترة الانتخابات موسم حصاد المقاعد البرلمانية. ومن هنا فصاعدا، فكلّ الزمن ستراه أطماع المعارضة ومواسم للظفر بسفارة أو كتابة دولة أو غيرها من المناصب…

 

 « الأمين » العام

في يوم 24 أكتوبر 2004 وأثناء عملية الاقتراع رفع أحد المرشحين للانتخابات التشريعية إلى الأمين العام لحزبه « المعارض » شكوى مفادها أن المترشح تعرض للتعنيف من قبل مسؤول أمني كبير بمدينة الشبيكة لأنّه (المترشح) احتج على التجاوزات التي تقع في أحد مكاتب الاقتراع بهذه المدينة والمتمثلة في الضغط على الناخبين حتى لايأخذوا من الأوراق إلاّ الورقة الحمراء وفي منعهم من دخول الخلوة. وكان مما قاله هذا المسؤول الأمني للمترشح « نحن هنا ما عندناش خلوة ولا ز… »

الأمين العام عبّر لعضو حزبه عن مشاعر التعاطف والمواساة ولكنّه أبى رفع الأمر في حينه إلى من يهمّه الأمر ورفض أن يسجّل على هذا الاعتداء البذيء أي احتجاج رسمي. ولمّا أبدى المترشح استياءه على هذا التخاذل وهدد بأن يتولّى بنفسه رفع شكواه إلى الجهات الإدارية والإعلامية استعطفه أمينه العام قائلا : » إنك إن فعلت ستفسد على فلان

)رئيس قائمة الحزب المذكور لدائرة القيروان) وتقضي على حظوظه الجدّية في الفوز » .  حظوظ فلان هذه لم تكن جدية بالقدر الذي يوصله إلى قصر باردو وهذا على خلاف مع حظوظ الأمين العام التي كانت أمورها في « العنبر ». وهذا الأمين العام لم يكن أمينا في نهاية الأمر إلاّ على التدليس وعلى سلامة العصابة التجمعية البوليسية من الفضح على الأقلّ… ولم يعنه سوى مصالحه الخاصة ضاربا عرض الحائط بمصلحة حزبه ومصلحة البلاد وبكرامة الرجال والذين اختاروه ممثلا لهم وأمّنوه على على آمالهم ومصداقيتهم…

 

 في برلماننا جدل

في الأيام الأخيرة تناقلت صحف « الغلبة » أخبار الحيوية والجدل الساخن الذي طبع الجلسات العامّة تحت قبّة قصر باردو.

المشهد الذي قدمته لنا صحف الغلبة هذه مشهد يوحي بأنّه صار لنا برلمان تعددي يناقش ويجادل ويقارع الحجة بالحجة والرأي بالرأي الآخر… قارئ هذا النشر الرديء الذي تنشره الصحف عندما يكون ساذجا وخصمه على « قدّو » يتخيّل أن برلماننا صار يضاهي مجلس العموم البريطاني أو البرلمان الهندي…

صحيح أن حدة النقاش ارتفعت في بعض جلسات « نواب الشعب » وأنّ وطيس الجدل حمي إلى حد الصراخ والتلاسن الجارح ومن ذلك أنّ أحد نواب التجمع حمل على بعض نواب المعارضة التجمعية واستشهد لهم بقول المتنبي  » إن أنت أكرمت الكريم ملكته  » وذلك في معرض المنّ على المعارضين بأنّ التجمع هو الذي أدخلهم إلى البرلمان. وقد تلطف سعادة النائب بعدم ذكر المصراع الثاني من بيت المتنبي…

 

 النقاش حادّ والجدل قائم إذن. ولكن عَلامَ ؟

لم يختصم النواب على تزييف الانتخابات ولا على لجم حريات التعبير والتنظم ولا على أي من القضايا الجوهرية (ماعدا مسألة أكرمت الكريم هذه التي كانت ردّا على نائب ذكر العفو التشريعي العام) بل إنّ أغلب خصومة نواب التجمع مع نواب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي تحديدا كانت من أجل تعدّي نواب الوحدوي على ملكية التجمعيين الخاصة وحقهم وحدهم في مدح الرئيس المعجزة والتنويه بخصاله الفريدة. والمضحك المبكي في الأمر هو علم أولئك وهؤلاء بأنّهم يختصمون على ما لا وجود له. أي على وجودهم ككيانات سياسية فاعلة وخاصة عدم وعي التجمعيين بأنّهم يحمون برجا خاليا، فتونس المسكينة ليست فيها سياسة ولا أحزاب حاكمة وأخرى معارضة تختصم تحت قبّة البرلمان بل كل ما يفعل فيها اليوم ويحكم ويشكم إنّما مثلث « برمودا » الخطير المكوّن من بن علي وليلاه وضياه… فعلام العراك يا نوّاب ؟؟

 

 برهان بسيس

صار نجما ساطعا في سماء فضائيات « الرأي والرأي الآخر ». مرغوب فيه محبوب وقربه مطلوب وبكلّ حول وقوّة مخطوب… بلا أدنى تدخل من أية جهة كانت بما في ذلك وكالة الاتصال الخارجي بتونس والمستشار الرئاسي للإعلام سموّ  » الأستاذ رقابة ». الرجل مطلوب لذاته تتعارك عليه الفضائيات وتتسابق في استضافته لما وهبه الله من ملكات الفصاحة والبلاغة… والسفسطة. ولاعيب في ذلك فهي من الفلسفة. ساحر البيان قوي البرهان (ولاعجب) كلماته تنبت الماء من الصخر وتقلب الأبيض أسودا والعكس صحيح أيضا. يؤالف بين الفأر والقط ويجتمع في كقّه الثلج والنار فيتعايشان وبينهما برزخ لايبغيان. إنه مضارع للمطلق تستوي فيه الأضداد وتتآلف المختلفات والأنداد. فلله درّه وقدّس من أودع فيه سرّه وأنطق بالإعجاز درَّه. من آياته أن النظام التونسي نظام يحلو العيش بقربه ولايصح نقده وشجبه لأنّه ببساطة ليس في الإمكان أفضل مما كان. ومن ثم فمعارضو بن علي عند السيد برهان هم مجرد شواذ لم يستوعبوا التاريخ ولاالجغرافيا ليدركوا أن قدر العرب والتونسيين أن تحكمهم « المافيا ».

 كما « بيجماليون » صنع السيد برهان تمثاله البنعلي ونفخ فيه من بيانه روحا « تخطف شوية » من شارل ديغول على الأقل في إجراء الاستفتاءات وإن كان استفتاء ديغول أخرجه من الحكم قبل الأوان واستفتاء بن علي أبقاه في الحكم بعد الأوان.

هذا الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس حيّرهم أيضا فتساءلوا هل هو رجل « القضيّة » أم رجل « القضية » كما يحلو لأخي عبد الرؤوف العيادي أن يقول. وهل هو ينطق بقناعاته وما قرّ في ضميره أم ينطق ليبني مستقبله السياسي أو الإعلامي. وهذا في الحقيقة لايمنع ذاك، فعصا موسى كان صاحبها يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه وله فيها مآرب أخرى.

قد لايكون خطاب برهان بسيس بعيدا عن الحقيقة والواقع لأنّه ينطق فعلا بما يخالج جلّ التونسيين اليائسين من كل إصلاح والصابرين على سلطة بن علي صبر العليل على علته حتى يأتي القرج من حيث لايدرون. ولكن ما يزيد به بسيس على التونسيين اليائسين هو تزيين العلّة وامتداحها وحثو الغبار على وجوه من يحاولون التصدّي لها وهي الحاجة التي في نفس يعقوب ويقال إنّها ويفة مربحة في قناة فضائية يساهم النظام في تمويلها

.

الرجل على كل حال لايعدم من ذكاء وفطنة فهو إلى جانب تأمينه مستقبله القريب

أي في عهد بن علي، حاذق بتأمين مستقبله البعيد في حال رحيل وليّ النعمة. وذاك ما تراه في كلامه الموجّه (ذي الوجهين) الذي يذكّر إلى حد بعيد بمدح المتنبي لكافور الإخشيدي الذي كان بعضه يبطن معاني هجائية. وإذا جاء يوم الخلاص لن يعدم بسيس حججا على أنّ ما قاله اليوم في النظام التونسي كان يبطن معاني نقدية… والبركة في مكر اللغة والمعوّل على قصر ذاكرة التونسيين. وقد علّمت التجارب أمثاله أنّ من يريد أن يوفّق بين الذئب والنعجة وهو آكل وهي مأكولة، فهو يبوء حتما بلعنة الإثنين أو بلعنة قفاف آخر يستكثر عليه البروز في مجالهما ويرى نفسه أولى منه بضرب البندير ( وأنت تقرأ هذا في « الشروق » ص10 ليوم الجمعة 31 ديسمبر 2004 )

 

 المستقلّة عادت

بعد

صمت طويل بل متقطع عن الشأن التونسي عادت قناة « المستقلة » لتخوض في هذا الشأن… ولكن من الباب الآخر فأجلست على نفس الكراسي التي كان يجلس عليها منصف المرزوقي وسهام بن سدرين ومصطفى بن جعفر وغيرهم ضيوفا جددا مثل برهان بسيس وسمير عبد الله ( هذا المخلوق لاأستطيع فهم شيء من كلامه من كثر ما « يهز وينفض » ربّما لأنه مشغول بصفقاته التي أعلن الدكتور الحامدي عن إحداها على الهواء مباشرة في المدة الأخيرة)

التغيير مباح بل هو سنّة الحياة. ولكنّ انقلاب المستقلة المفتقر إلى حسن التخلص أمر

« يدوّخ«  حقا.

لاحظوا

أني لم أكتب شيئا يذكر في نقد الدكتور الهاشمي منذ ألقى علينا خطبة الوداع وسمّانا واحدا واحدا وواحدة واحدة ليذكّرنا بفضائله علينا إذ مكّننا من التعبير الحر في فترة عزّ فيها التعبير سواء أكان حرا أم مقيدا. ولست أدري إلى الآن لماذا أكفيت « المستقلة » شر قلمي الصفيق. لعلّ وراء هذا الصمت شيئا غير قليل من الاعتراف بفضل القناة وإسهامها في تحريك الوعي التونسي المنكمش وفي تعريف الشعب بما كان يجهله من قضايا السجن السياسي والقمع البوليسي للمواطنين والنشطاء. ولعل وراءه أيضا بعض الأمل في أن تعود « المستقلة » يوما إلى خدمة تونس… فهل أنا حمقاء أم هو الخوف ؟؟

 

 أبو بكر الصغير

أبو بكر الصغير مدير مجلة الملاحظ التي لاتلاحظ أبدا ما يجب أن يلاحظ وبطل تونس في التزييف الإعلامي والحائز على قصب السبق في جميع سباقات الدفاع عن الرقابة ومحاولة تبييض وجه الدكتاتورية. فاز مؤخرا بجائزة دولية قيّمة سلّمه إياها رئيس الجمهورية الإيطالية شخصيا وهو يبقى رئيسا رغم أن وظيفته شرفية. وقد كان أفضل وأليق بالجائزة والمجازى لو كان « المفيوزو » برلسكوني هو الذي سلّم الجائزة لصاحب الملاحظ. ولا أجد تعليقا على هذا النبأ ولهذا سأترك الكلمة لأستاذي ومعلّمي بديع الزمان الهمذاني إذ يقول :

هذا الزمان مشوم    كما تراه غشوم

الحمق فيه ملـيح    والعقل عيب ولوم

والمال طيف ولكن    حول اللئام يحوم

 

 بادر يبادر مبادرة

– المبادرة الديمقراطية شدّت إليها في الانتخابات الأخيرة جزءا من نخبة البلاد اليسارية وعبأتهم وأخرجتهم من الصالونات المغلقة إلى قاعات الاجتماعات الانتخابية. هذا جيد.

– المبادرة الديمقراطية وزّعت البيانات الممنوعة ومارست حقها بدل أن تطالب به… هذا جيد جدا.

– المبادرة الديمقراطية أخرجت مظاهرة وحاولت استغلال الفضاء العام. هذا أيضا جيد برغم مايشاع من أن المظاهرة تقدمها أنصار مقاطعة الانتخابات وأبوا التفرق وصمدوا مثل أصحاب الشأن أو أكثر منهم.

– المبادرة الديمقراطية روّجت خطابا انتخابيا معارضا متباينا مع السلطة القائمة تباينا معقولا. وهذا جيد آخر

– المبادرة الديمقراطية خرجت عن المألوف وخلقت الحدث السياسي غير المسبوق. هذا صحيح. ولكن بالنسبة إلة ما كانت عليه حركة التجديد… فقط، لاغير

 

الإبداع في الرداءة

أثناء الاعتداء الذي قامت به السلطة البوليسية على أعضاء المجلس الوطني للحريات يوم 11 ديسمبر 2004 لوحظ بعض أعوان البوليس وهم يصوّرون « بطولات » زملائهم بالكامرا لكي يخلّدوا صورها ولكي يراها رؤساؤهم فيطبطبون على ظهورهم كما يطبطب الصياد على ظهر كلبه الحاذق لمطاردة الطرائد.

نرجو

لهذه الصور البقاء في الأرشيف حتى تثري ألبوم الرداءة الفريدة من نوعها التي تميّز ممارسات النظام التونسي.

 

كُثر الهم يضحّك

توجد إلى جانب العمارة التي تؤوي مقر المجلس الوطني للحريات عمارة أخرى توأم لها تشبهها في كل شيء حتى في الباب ولونه. يوم 11 ديسمبر 2004 ولمّا اشتدّ الضرب واختلط الحابل بالنابل قصد الأخ عبد القادر بن خميس عضو هيأة الاتصال باب العمارة الثانية ليحتمي في بهوها المظلم من ضربات البوليس ووقع الأمطار المتساقطة. ففوجئ بأنّ المكان يعجّ بعناصر البوليس المحتمين مثله من تساقط الأمطار. فما كان منه إلاّ أن أطلق ساقيه للريح. وقد انتبه إلى أنه استجار من الرمضاء بالنار.

 

 سادتي المجاهيل سيداتي المجهولات

قراء وقارئات وكتاب وكاتبات اختاروا عدم توقيع ما يكتبون بأسمائهم الحقيقية وأن يتكلموا في المبني للمجهول، عابوا على أم زياد أنها تعيب عليهم ذلك. ليكن واضحا عند هؤلاء الإخوة والأخوات أني لاأعيب عليهم أن يتكلموا في المجهول

وإن كنت أفضل أن نكشف جميعا للدكتاتورية عن وجوهنا حتى تعرف أننا لم نعد نخافها فيغيّر الخوف موضعه. ولكن ما عبته عليهم هو أن يتكلموا في المجهول ليشتموا المعلوم ويموه بعيوب شخصية لاتفيد قضيّتنا في شيء بل تخدم البوليس، ولم أقل إنهم عملاء للنظام ولاللبوليس.

لهؤلاء الإخوة والأخوات أن يبقوا على أقنعتهم وأن ينتقدوا أم زياد تحت أسماء مستعارة نقدا سياسيا ليقولوا إنّ كتاباتي غبية وإني لاأفهم من السياسة شيئا وإني « كويتية » كما قال الآخر ذات يوم. ولكن إذا حادوا عن القصد وخرجوا عن الموضوع ليقولوا إنّي أتعيش من الكتابة في

« كلمة » وأدرّس أولادي في الخارج بمال غير نضيف المصدر كما فعل أحدهم في أحد « الفورومات » فإنّي أقول لا… وأخرج أظافري وهذا ليس تهديدا بل هو دفاع عن النفس. ومن لايحسن الدفاع عن شرفه لايحسن الدفاع عن قضيّته… سلام.

 

(المصدر: مجلة « كلمة تونس » الإلكترونية، العدد 31)  


 

لماذا لا يحدث هذا إلاّ عند الآخرين ؟

 

بقلم أم زياد

 

 

أوكرانيا من رأسها إلى أخمص قدميها ترابط في الشارع تحت الثلوج ولسعات البرد القطبية. وتحاصر القصر الرئاسي بـ »كييف  » أياما وأسابيع إلى أن تركّع سلطة التدليس وتحملها قسرا على الاعتراف الضمني بأنّها زيّفت إرادة الشعب وعلى إعادة الانتخابات على أسس صحيحة يفوز فيها المعارض ويهزم المزيف بنسب معقولة لاأثر فيها للشطط والتشفي والانتقام… وهذا هو المتوقع إعلانه رسميا بعد فحص الجهات المختصة لتحفظات الطرف المهزوم.

لقد تابعت الأنظار التونسية مثل الأنظار العربية مشهد الزحف البرتقالي الأوكراني على الهواء مباشرة كما تتابع أبقار الحقل القطار السريع وهو يطوي الأرض طيا كما كنّا نكتب في الإنشاء ونحن صغار.

الأعجوبة الأوكرانية أسالت حبرا كثيرا من ضمنه الحبر التونسي، والحبر التونسي حبران :

– حبر مأجور قدّر خطورة التوقيت الأوكراني وقربه من توقيت الانتخابات التونسية المزيفة وجزع من إمكانية المقارنة الفاجعة فأعلن أن وراء الزحف البرتقالي في أوكرانيا أيدي أمريكية تؤمّن له حتى المعطيات اللوجيستية البسيطة من الخيام والحساء والقهوة، منتهيا إلى أن الشعوب المسحوقة لايمكن أن تنتفض من تلقاء أنفسها فتقلب الطاولة في وجه ساحقيها. وهذا تحليل حشوه مكر وسوء نيّة يستغل تعملق أمريكا وشهيتها للهيمنة على العالم ليحرك النعرة « العروبية » ضد الإمبريالية المنسوب إليها بالحق والباطل وخاصة بالباطل كل حراك ضد الحكام العرب ونزوع إلى التحرر من ثقل سلطهم الفاسدة.

– حبر وطني وصادق ولكنه تائه بين الأسباب والمسببات رقب أصحابه الزحف البرتقالي في أوكرانيا بحسرة مشوبة بالحسد. وتساءلوا مقهورين : لماذا لايحدث هذا عندنا. ثم ذهبوا في ألوان من الإجابات ترددت بين جلد السلطة وجلد الشعب وجلد الذات أي النحبة السياسية. فلم تفلح بالجلد الأول إلا في طرق باب مفتوح وفي إعادة خطاب نردده كلنا منذ سنين حتى عفناه وعافنا. وعافنا بسببه السامعون.

ولم تفلح بالجلد الثاني إلا في إثارة حفيظة « محبّي » الشعب

والمراهنين على ثورته الكامنة التي تنتظر يومها لتتجمع مثل أمواج « تسوناي » فتنقض على الدكتاتورية وتجرفها جرفا.

ولم

تفلح بالجلد الثالث إلاّ في إغضاب الإخوة الأعداء الذين بذلوا ما « في وسعهم » ولكن « الظروف الموضوعية » و »توازن القوى » لم تتوفر بعد لإنجاح مساعيهم ومن ثم صار لومهم على عدم تحقيق المستقبل ظلما وتجنيا.

الغريب

والمؤسف أن الجميع على حق والجميع مخطئون في هذه المقاربات وأننا جميعا واقعون في متاهات الأسباب وأسباب الأسباب وجدلية البيضات والدجاجات. ولكنّي أغامر بدخول هذه المتاهات مع الداخلين وهذا حقي :

لماذا زوّرت أجهزة بن

العلي الانتخابات ولم يخرج الشعب التونسي إلى الشارع مثل الشعب الأوكراني بل بقي في المنازل يأكل الأطايب الرمضانية ويتفرج على قناة تونس 7 وحفلة « الربوخ » التي نشطها لطفي البحري. وحتى من لاأطايب له يأكلها ولاتلفزة له يتفرج عليها لم يخرج إلى الشارع ؟

حروج

الشعوب إلى الشارع له ثلاثة شروط : أن يكون هناك شارع وأن يكون هناك شعب وأن يكون هناك دليل يقود الشعب إلى الشارع.

1- الشارع في تونس لاوجود له إلاّ في خرائطك وزارة الأشغال العامة وشرطة المرور. وهنا مربط الفرس

: الشرطة. لقد سد نظام بن علي الشارع التونسي بالشرطة. ولايذهبنّ بنا الظن إلى كون الشرطة هي فقط ذلك الجهاز النظامي المعروف بالبوليس الوفير العدد وذلك الجهاز الموازي المعروف بالشُّعَب ولجان الأحياء. إن الشرطة التونسية أوسع من ذلك بكثير. فالحكومة والإدارة والقضاء ومجلس النواب والمنظمات المهنية والفلاحية والصناعية إلخ.. كلها تعمل لحساب النظام الخاص وهي تجعل الإنسان التونسي مخصي الإرادة مشلول العزيمة كسيحا لايقدر على الخروج إلى الشارع إلاّ لتدبير شؤون معاشه والعمل لملء جيوب مصاصي دمه وللتسكع والتسلي من استطاع إلى ذلك سبيلا.

ليس

لنا فضاء عام بل فضاؤنا العام كله مغلق وتحت عين السلطة البوليسية ويدها. وشارع كهذا لايقدر على الخروج إليه إلا شعب حقيقي يتكوّن من مواطنين تجمعهم قضيّة وتقودهم قيادة وجميعهم مستعدّون للمواجهة والتضحية.

 

2 – الشعب : هو ذاك الذي يريد الحياة فيستجيب له القدر. وشعبنا التونسي على غرار توائمه الأخرى العربية لايريد الحياة بالمفهوم الذي يعنيه الشابي. وليس من الصدفة في شيء أن تحتكر الأرض العربية آخر « ديناصورات » الاستبداد في هذا العالم الجديد. شعبنا كما وصفه الشابي منذ أكثر من نصف قرن « طفل لاعب بالتراب والليل مغسي » :

– طفل لنقص الوعي أو بالأحرى رفض الوعي. يخاف الغيلان الحقيقية ويبتدع خياله غيلانا وهمية مثل الأطفال. قاصر يخاف المسؤولية ويحتاج إلى وكيل ويبحث دائما عن بطل أو أب يستظلّ بظلّه ويقبل ضربه وتأديبه. مثل الأطفال يلعب ولا يقرأ. لايحرجه عرض جهله بل يضحكه (أنظروا برنامج آخر قرار في التلفزة التونسية). ومثل الأطفال يهاب صورة السلطة ويقدسها ومثلهم يكذب وينافق ويمرّ بلا مقدمات ولاحسن تخلص من الحالة إلى نقيضها. مثل الأطفال يبهره البريق ولايرى وراءه الزيف ويذعن لصورة القوّة حتى ولو كانت إطارا فارغا. مثل الأطفال يخلط بين « النفخة » والكرامة فيقوى على من دونه ويصول ويذعن للمستقوي إذعانا.

– لاعب بالتراب، بحطام الدنيا، يعبد الدينار ويطلبه ولوبتحمّل الأذى والمهانة وبالتخلي عن القيم الأصيلة وبإيذاء غيره والتعدي عليه. لاي>مح إلى مافزق التراب من متاع البشر الآخر من حرية وإرادة وعدل. ولايخرج عن هذه الأحكام حتى علية القوم الذين تراهم مثل الديكة يصيحون وسيقانهم غائصة في المزابل.

هذا هو شعبنا فيما يخص القضيّة التي نحن بصددها

قضيّة التحرر شعب دوّخ الشابي وجعله يفرّ من جموده إلى حياة الغاب واستقطر من قلم المسعدي هذه العبارة الرهيبة : ارحمهم ولاتؤمن بهم.

وهذا

بلا ريب من الجغرافيا (انظر تجانس المنطقة العربية في هذا الوضع). ومن التاريخ اقرأ كتاب منذر صفر La conquete de la Tunisie وأيضا لثقافة الطاعة والخضوع التي لم تجد معلّمين يقوّمون اعوجاجها وينبّهون الشعوب إلى أنهم يعيشون في ليل بهيم وعليها الخروج منه إلى نور الحياة.

3 – القيادات أو الدليل : في الشعوب كل الشعوب قوى كامنة كمون النار في الحجر لاتنقدح إلا إذا وجدت من يقدحها وفيها إلى الحريو والكرامة نزوع فطري طبيعي لايولد إلاّ على يد « قابلة » حاذقة بفنّ التوليد. وقديما قال

« رجل في رأسه عقل » يدعى ابن المقفع : إنّ رعية لم تنصلح قط من تلقاء أنفسها » ثم عيّن من يصلحها ولم يقل إنه السلطان بل قال إنهم العقلاء أي من نسمّيهم اليوم بالنخب الفكرية والسياسية وغيرها.

المشكلة بالنسبة إلى شعبنا التونسي (وعامة الشعوب العربية) ليست في قلة البرامج المقترحة وقلّة الأفكار القائدة بل في كثرتها وتضاربها وفي تهميشها للفكرة المحورية فكرة إرادة الحياة والحرية والكرامة والعدل. وليست في قلة القيادات بل في كثرتها وتضخمها وتصلّبها وإلغاء أكثرها لفكرة التوجه إلى الشعب واستنباط القنوات الموصلة إلى ذلك.

وبعبارة وجيزة :

حتى لو توفرت في تونس أغلب عناصر الإطار الموضوعي الذي توفر في أوكرانيا أو غيرها من البلدان التي انتفظت شعوبها فكنست الاستبداد كنسا فإنّ العملية ستفشل بل لن تكون أصلا…

لماذا ؟

لأنه لو وجد فينا « يوشنكا » تونسي فإن « اليوشنكات » الأخرى التي ترى نفسها أحق منه بالقيادة ستنقضّ عليه كأسماك « البيرينا

 «  فتلتهمه قبل أن يصل إلى ساحة الصراع مع رأس الاستبداد وزبانية التزييف.

 

(المصدر: مجلة « كلمة تونس » الإلكترونية، العدد 31)  

 

كلمة تحاور عبد الله الزواري

 

« محنتنا مثلما يمكن أن تؤدي إلى التطرّف تؤدّي إلى الاعتدال« 

« لا وجود لوثيقة رسمية تنصّ على أنّ حركة النهضة تريد الوصول إلى إقامة دولة دينية« 

« الحد الأدنى هو الحقوق المضمونة في كافة العهود والمواثيق الدولية والتي يجب أن تتوفر لكل مواطن »

 

التقيت بعبد الله الزواري في ضواحي مدينة جرجيس الجنوبية حيث يعيش المنفى الداخلي بعد عقوبة سجنية فاقت الـ12 سنة. منفى مضاعف بإجراء الفصل الاعتباطي عن الأسرة المقيمة بالعاصمة. قساوة الظروف واشتداد المحاصرة الأمنية المستمرة المضروبة عليه لم تمح علامات الانشراح الطبيعي التي تبرز على وجهه. بعض الدقائق تكفي لإشعارك بأنّه هزم الحصار الأمني وانغمس بسهولة عجيبة في أعماق محيطه الاجتماعي.

من الحديث مع عبد ألله الزواري نستخلص لا فحسب أنّ إرادته تدعّمت خلال سنوات السجن بل أنّها تعزّزت بفضل الانفتاح وحيوية التفاعل الفكري. ما من شكّ وأنّ حضوره سيدخل تنشيطا على الساحة الإسلامية التي شهدت فتورا عميقا يرجع إلى بداية الحملة القمعية التي تعرّضت لها في بداية التسعينات من القرن الماضي. حوار بدون مجاملة و رد صريح و دقيق.

 

كلمة :

سجنت في بداية 1991 وخرجت في 2002 ثمّ عدت إلى السجن على فترتين وأطلق سراحك من جديد وإنشاء الله نهائيا قبل الانتخابات بقليل. هل رصدت تحولات على الساحة التونسية حصلت خلال الفترة الفاصلة بين سنتي 1991 و2004 ؟

عبد الله الزواري : لقد شهد مجتمعنا نموّا خاصة في البنية التحتية في الجسور والطرقات ولكن هذه أشياء من الطبيعي أن تنمو والشيء الطبيعي لايستدعي ثناء ولاشكرا. لكنّه في نفس الوقت شهد تدهورا وتأخرا في الجانب الاجتماعي و السياسي. ففي التسعينات كان الشباب يولي اهتماما للجانب السياسي والساحة السياسية وانتمى الشباب إلى الحركات السياسية المختلفة ولاأقول إلى حركة النهضة فقط بل مختلف الأحزاب السياسية التي كانت متواجدة سنة 1990 وما قبلها. وكان هناك نوع من الامتداد الشعبي، يبرز ذلك في أنّ الأحزاب السياسية وقتها كانت تصدر مجلاّتها وجرائدها الناطقة باسمها رغم الإيقافات ورغم الغرامات المالية التي تسلط عليها وكانت تصدر دون إعانات رسمية ودون منح

.

في

الوقت الحاضر بعد 12 سنة يبدو أنّ الهم السياسي واهتمام الشعب بالشأن السياسي تقلّص. وحركة النهضة هي من أبرز المتضررين من هذه الوضعية. ثمة ثقافة أخرى وإعلام آخر وتكوّن لعقلية جديدة صنعها الحزب الحاكم بالمال والإمكانيات لثني الشباب عن الهم السياسي وتنفيره منه بالترهيب والترغيب وخاصة التخويف المبالغ فيه وإنّ عملية إحصاء بسيطة ستبين أن عدد الإضرابات التي وقعت منذ التغيير إلى الوقت الحاضر قد لاتساوي عدد الإضرابات التي كانت تشنّ في عام واحد قبل ذلك. هناك توجّه نحو الهمّ الذاتي والاعتناء بالمصلحة الشخصية دون الاهتمام بمصلحة البلاد وسمعتها وكل شأن عام.

 

كلمة :

تشير هنا بالتدقيق إلى بعض المظاهر التي ترجع إلى ظاهرة أعمق هي تفشّي النمط الاستبدادي في بلادنا الذي يبدو في وضعية انتعاش. هل هذه المعاينة تعني إخفاق جميع البدائل – ومن بينها البديل القومي والبديل اليساري والبديل الإسلامي والبديل اللبرالي – التي حاولت أن تطرح نفسها بديلا عن الاستبداد الدستوري الحاكم منذ الاستقلال ؟ فجميع هذه البدائل لم تستطع فرض نفسها داخل المجتمع ولم تقدر على تشكيل رادع للنمط الاستبدادي الحاكم. هل تستدعي هذه المعاينة إدخال بعض التصحيح في تناولك لموضوع مقاومة الاستبداد؟

عبد الله الزواري : صحيح أن جميع البدائل المعارضة أخفقت في التصدي لاستبداد الحزب الحاكم. وهذا جليّ للعيان. ومن أسباب هذا الإخفاق أنّ المعارضة في وقت من الأوقات لم تستطع أن توجد القاسم المشترك بينها لمقاومة الحزب الحاكم. وبعض الأحزاب بدأت تبحث عن أيسر السبل لتوفّر لنفسها موطئ قدم. فكانت سياسة الوفاق مضرّة بالبلاد قبل الإضرار بالمعارضة. وقد نتج عنها تكريس الاستبداد وزاد انتشار الخضوع والخوف والرهبة وزاد الاستبداد تكشيرا عن أنيابه وتكريسا لمقولاته. وفشلت المعارضة في التصدّي له ولايزال ذلك متواصلا إذا لم تتدارك المعارضة الأمر وما لم تعلم أنّ ما يجمعها للتصدي للحزب الحاكم أكثر من الذي يفرّقها، وأبرزها المطالبة بحقوقنا التي لايعتبرها الحزب الحاكم حقوقا بل يعتبرها منّة… ومالم تصل المعارضة إلى قناعة بأنّ حقوقنا لابد أن تتوفر لكل الناس. فأحزاب المعارضة واتحاد الشغل وغيرها من المنظمات الحقوقية وإن ضيّق عليها الخناق في الوقت الحاضر ومورست ضدها أمور كثيرة وهذا لم يحدث اليوم فقط فيوم ضربت حركة النهضة كان ذلك مقدمة لضرب كل صوت حر يعتبر نشازا خارجا عن الصف. ولم تقدّر المعارضة مع الأسف في وقت من الأوقات معنى ضر

ب حركة النهضة ومعنى غياب حركة النهضة.

في الوقت الحاضر نتجرع آلام ذلك، استطاع النظام الحاكم أن يمرر مقولاته واستطاع أن تمر سنوات طويلة دون مفاوضات اجتماعية جدية ودون وجود منافس جدّي في الانتخابات رغم كونها صورية لالشيء إلاّ لكون المعارضة سلّمت في وقت من الأوقات في حزب من الأحزاب كان ما يوحّدها معه أكثر ممّا يجمعها بالنظام

 

« داخل كلّ كتلة هناك عديد المدارس وعديد الآراء والاتجاهات« 

 

 كلمة : ما تشير إليه أنت هنا عيّنة لايمكن لأحد نفيها لأنّ أغلب المعارضين والمعارضين العلمانيين كانوا سلبيين في قضية قمع النهضة

عبد الله (مقاطعا) لاننسى أنّ بعض الأطراف وبعض الأفراد لم يكونوا مؤيّدين للنظام

 

كلمة :

الدافع الأساسي في موقف العلمانيين هذا جاء من كونهم يعتقدون أنّ حركة النهضة بالمشروع المجتمعي الذي كانت تتبنّاه وهو نمط الدولة الإسلامية كان يشكّل استبدادا أخطر وتخشاه أكثر من الاستبداد الدستوري. وكانت هذه الأطراف ترى أنّ القواسم المشتركة مع الإسلاميين محدودة وظرفية لأقصى درجة وغير مبنية على قواعد تعامل وعلى خيارات واضحة تدفع نحو تراجع الاستبداد عن المجتمع. هل سجّلت الآن في 2004 تغييرا من هذه الناحية وهل أنّ الأطراف المختلفة أنتجت شيئا يميّزنا عن وضعية 1989 ؟

عبد الله : هناك كلمة جميلة لإدوارد سعيد تقول « من الخطأ في الوقت الحاضر اعتبار الغرب كتلة واحدة أو اعتبار المسلمين كتلة واحدة أو اعتبار أمريكا كتلة واحدة » فداخل كل كتلة هناك عديد المدارس وعديد الآراء

والاتجاهات. نحن في الحركة الإسلامية على الأقلّ في أدبياتنا وفي بياناتنا لاأذكر بيانا ينصّ أو وثيقة رسمية تنصّ على أنّ الحركة الإسلامية حركة النهضة تريد الوصول إلى إقامة دولة دينية، بهذه العبارة. ثمة شعارات نجدها عند اليسار وعند القوميين وهي شعارات مثل تعميم الديمقراطية ومن ناحية اقتصادية إعطاء كل ذي حاجة حاجته وهي شعارات فضفاضة كبيرة ولكننا لانجد ولاأذكر أبدا أن نجد في أي بيان أو أي وثيقة رسمية هذه الكلمة، الدولة الدينية أو الحكومة الدينية أو الدولة الإسلامية. وبالنسبة إلى المعارضة يمكن أن تكون سمحت لنفسها أن تحاكم الآراء. فالحركة الإسلامية كان فيها عبد الفتاح مورو وبن عيسى الدمني وراشد الغنوشي وصالح كركر يمكن أن نقول كانت آراؤهم متباينة. تحاكمنا أحزاب المعارضة على النوايا، ماقد نفعله. وإذا سمحت لنفسها بمحاكمة خصمها الطرف الآخر على نواياه فلتسمح لي أيضا كي أحاكمها مثلها. قبالنسبة إلى القوميين ماذا صنعتم في ليبيا وفي مصر. وبالنسبة إلى البعثيين، ماذا فعلتم بسوريا والعراق. وماذا فعل اليساريون في دول أخرى… بقينا نتآكل ونتناحر ونوجّه أصابع الاتهام الواحد إلى الآخر لكن نسينا الخصم الأساسي الذي سجن اليوسفيين والقوميين واليسار واضطهد جميع الأطراف ولايزال. نعم يوجد بين الإسلاميين متطرفين كما يوجد عند جميع الأطراف. لكنّ هذا التطرف يمكن معالجته بفتح آفاق الحوار والحديث والنقاش وليس الاضطهاد والسجن والتعذيب من سيقضي على التطرف لأنّ العنف يستدعي العنف.

لاتوجد

في نصوصنا دولة دينية أو دولة إسلامية، ثمّة شعارات في البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الإسلامي يمكن لأطراف أخرى أن تدعو إليها. ولو كنّا جادّين في التصدّي للحزب الحاكم فلنتعاون مع بعضنا على الأقلّ في الحدود الدنيا التي نتفق فيها ونوفرها لجميع الأطراف

 

 « تعرضنا لهذه المحنة بقدر ما زادنا إصرارا على التمسك بالحقوق بقدر ما سيجعل الإنسان يشعر بأن غيره يجب أن يتمتع بتلك الحقوق« 

 

كلمة :

كلما تعرض حزب سياسي لمحنة ادث داخله فرز، فيقع رجوع إلى الذات وتأملات ومن الصعب أن تخرج هذه التيارات بانسجام. في بعض الأحيان تحصل قطيعة عميقة، وهذا حدث مع اليسار. فقد وقعت تباينات مع المرجعيات الفكرية التقليدية لليسار، مع العقيدة ووقعت تطوّرات في نقاط واضحة وبيّنة. إلاّ أنّنا لانرى مثيلا لذلك حدث عند الإسلاميين. كما أنّ الشغور الذي تركته حركة النهضة بعد قمعها ترك الساحة واسعة كي يرتع فيها الاستبداد. علما أنّ ثقل الحركة الإسلامية في تونس لايمكن لأحد نفيه سوى اعتباره يدفع في نطاق إيجابي أو سلبي وهذا ينطبق اليوم على تشييد المؤسسات الديمقراطية... هل يمكن أن نتحدث عن تحوّلات بالنسبة إلى الإسلاميين وعن دخولهم مرحلة ما بعد حركة النهضة ؟

عبد الله الزاواري : الظروف التي توفرت لليسار وسمحت بنقاش ومراجعات وتفكير وجدال بين الأفراد لم تتوفر في الوقت الحاضر لسجناء حركة النهضة. فبعد 14 سنة بعض القيادات تعيش في عزلة فكيف يمكن له أن يقيم مراجعات أو يتحدث أو يناقش ويبحث ماهي الأخطاء ولماذا… أصبحت المطالب أن يتناول قرص دواء أو أن يقضي وقته مرتاحا أو أن يذهب للزيارة. كانت الكتب متوفرة لسجناء اليسار وفي الوقت الحاضر لاتجد كتابا واحد لدى السجين الإسلامي. توفرت لليسار ظروف المراجعات للقطع مع العقيدة وغير ذلك… ولكننا في السجن نجد أنفسنا مجبرين على خوض نضالات من أجل أشياء بسيطة جدا. يظل الواحد حبيس النقد الذاتي بينه وبين نفسه في الليالي الكئيبة في الزنازين الانفرادية. وفرق بين المراجعة الفردية والمراجعة الجماعية. ولقد وفرّ النظام من حيث يدري أو

لا يدري سببا للسجناء كي يزدادوا حقدا عليه ونقمة على سياساته.<o:p</o:p

أمّا داخل البلاد فأنت تعرف وضعية الناس. كل في ركن قصيّ يمضي على المراقبة كل يوم أو كل أسبوع. أمّا في المهاجر فلا أظن أنّهم يصلون إلى شيء لأنّ الناس متفرقون في جميع أنحاء العالم ذُكر لي أنّهم يتوزعون على 62 دولة. محنتنا مثلما يمكن أن تؤدي إلى التطرف تؤدّي إلى الاعتدال. وما أشعر به هو أنّ تعرضنا لهذه المحنة بقدر ما زادنا إصرارا على التمسك بالحقوق بقدر ما سيجعل الإنسان يشعر بأن غيره يجب أن يتمتع بتلك الحقوق. ومن غير المعقول أن التونسي يحرم من أبسط الأشياء التي يتمتع بها الإنسان في كينيا وفي زمبابوي وفي مالي وفي دول ما تحت الصحراء. وهنا بدع ومقاربات في بلادنا خرجنا بها إلى العالم وهي فضائح تدلّ على عجز النظام عن مواجهة معارضيه

 

كلمة : لقد كان هناك في بعض الحالات عداء كبيرا بين أتباع النهضة وبعض الأطراف العلمانية. الآن وقع بعض التغيّر، وهناك التقاء حول مطالب دنيا ومبادئ مجرّدة مثل العفو العام والحق في النشاط… وهذا تطوّر. ألا تعتقد أن هذا مجرّد اعتراف شكلي بالآخر من الطرفين لايزال محاطا بتحفظات قويّة ؟

عبد الله : على كل بعد هذه السنوات أصبحت العلاقة أفضل بكثير مع عديد أطراف المعارضة خاصة المعارضة غير القانونية أو الأوساط الحقوقية. وتجربة التنسيق مع المعارضة بدأت من 1981 وحصلت كثير من الانتكاسات وللتاريخ الذين كانوا يمثلون حركة النهضة كانت تصريحاتهم دائما لفائدة الجلوس مع أي طرف كان. بينما الوحدة الشعبية 1 كانت ترفض الجلوس مع الوحدة الشعبية 2 وبعد ذلك حزب العمال الشيوعي رفض الجلوس معنا. وفي الوقت الحاضر وصلنا درحة من الاعتراف الضمني لكن ذلك هو سقف يجب الترفيع فيه. ولم يوجد أي بيان من حركة النهضة يرفض حرية التعبير لأي طرف مهما كان تفكيره أو توجهه. لكن إلى هذا الحد هناك نقص. واقتراح ميثاق شرف بين المعارضة وجيه لأنّني أعتقد أنّ قدرتنا على التصدي للحزب الحاكم هي قدرتنا على التضامن وأن نكون يدا على الخصم الذي اضطهدنا ومرر سياساته بتفريقنا. وبدون ذلك ستبقى سنوات الاستبداد طويلة أمامنا

.

 

« أنا لا أقبل ولا أعين ولا أزكي سياسة تسير وفق ماعانيناه وما سلّط علينا« 

 

كلمة :

في تونس ثمة تقاليد عريقة تطورت في الكفاح ضد المستعمر هي تقاليد علمانية. وثمة فصائل علمانية قوية عندها مراجعها وعندها خطابها. هل هذه الأطراف لها ما تخشاه على حقوقها وحرية تصرفها لو انتظمت انتخابات عادلة وحرة مع فرضية تفوّق التيار الإسلامي ؟

عبد الله : أعتقد من خلال المعطيات المتوفرة لديّ من خلال الأشخاص الذين أعرفهم وأعرف أفكارهم في تاريخ الحركة الإسلامية في تونس وما صدر عنها أنّه لاخشية على أي طرف سوى علماني أو غيره. بل أعتبر أن للتونسيين حقوقا لايضمنها الدستور فقط بل تضمنها قراءة معينة للإسلام. وإنّ تواصل الاضطهاد المسلط على الإسلاميين من شأنه أن يلزم الطرفين واستمرار هذا التعسف من شأنه أن يوجد متطرفين لكن لاأعتقد في يوم من الأيام أن المتطرفين سيكونون أغلبية. وتاريخيا توجد عدة قراءات. وفي الوقت الحاضر لايوجد عندنا داخل حركة النهضة شخص نستطيع أن نقول إنّه متطرف وعندما يصل سدة الحكم سيفعل كذا وكذا. وأنا لا أقبل ولا أعين ولا أزكي سياسة تسير وفق ماعانيناه وما سلّط علينا. وإنّ الحرمان من حرية التعبير ومن حرية التنظم وهي حقوق مقدسة لكل تونسي بل لكل إنسان هذه الحقوق لايمكن ربطها بالعلمانية ونفيها عن الإسلاميين. وفي الوقت الحاضر الأحزاب المعارضة المعترف بها رغم كونها علمانية فهي المكرسة لهذه السلطة. يعني أنّه يوجد علمانيون يزكّون الاستبداد مثلما يوجد كذلك إسلاميون

.

 

« نتمنّى أن يتوفر لنا جوّ من الحريات… وذلك ما من شأنه أن يحدث فينا النقلة سواء داخل الحركة الإسلامية أو داخل حركات المعارضة بكافة أطيافها« 

 

كلمة :

في فترة التسعينات وبداية القرن 21 على الساحة الإقليمية وقعت تحوّلات لأنّ هناك إخفاق كبير في التجربة السودانية وجرائم شنيعة اقترفتها الجماعات الإسلامية المسلحة في الجزائر – ثبت فيما بعد أنّ قسطا منها كان بتدبير من قيادات الجيش – السودان لقيت شجبا قويا من عدة أطراف حتى بعض الإسلاميين. التجربة الإيرانية عرفت مرحلة مابعد الثورة والآن الدولة الإسلامية في إيران تعرف تراجعا واحتجاجا على النمط الاستبدادي وبرزت تيارات إصلاحية. وأخيرا النجاح الحالي للتجربة التركية الذي هو نمط جديد. هل هذه التحولات لقيت صدى وتفاعلا من قبل الإسلاميين في تونس ؟

عبد الله : كان الإسلاميون في تونس يطلعون على هذه التجارب وكان هناك بعض الأفراد المتأثرين بالتجربة الإيرانية وبعضهم بالتجربة السودانية والبعض الآخر له علاقات حميمة وقوية بتجربة جبهة الانقاذ الجزائرية. لكن ما يمكن أن نتفق عليه مبدئيا هو أن هذه التجارب وخاصة الإيرانية والتركية

لها داخل المجتمعين قوانينها..

أعتقد أنّ الهامش المتوفر من الحريات في إيران وبدرجة أوسع في تركيا لايمكن مقارنته بـ« هويمش » الحريات في تونس. بالمقارنة بسيطة بين قانون المطبوعات في تونس وقانون المطبوعات الإيراني وبعدد الإصلاحيين في البرلمان الإيراني. إذا أغلقت جريدة بقرار من السلطة القضائية يمكن فتح أخرى

.

الإسلاميون

في تركيا من حزب السلامة إلى الرفاه إلى العدالة إذا حُلّ حزب يوجد آخر. ثمة إطار من الحرية لا المعارضة الإسلامية ولا اللائكية في تونس تتمتع به. والحريات الموجودة في إيران وبدرجة أكبر في تركيا تسمح بإنتاج تفكير جديد وتصوّر جديد لإقامة مجتمع جديد. برز ذلك بشكل جليّ في تركيا العلمانية التي يسود فيها هذا النظام منذ 70 سنة ولم يتمتع حزب بالأغلبية المطلقة التي نالها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة. أمّا عن التجربة السودانية فإننا لم نكن نعرف البشير. لكن حسن الترابي ومفكرين آخرين هناك من تأثر بهم. والتأثر يكون بكل تجربة إنسانية ناجحة. لكن في الوقت الحاضر عندما ينظر الإسلاميون إلى التجربة التركية هناك نوع من الانبهار بها. كيف عرفت التكيف مع مجتمع معقّد ومع المؤسسة العسكرية ومجتمع تسير فيه الدولة بسياسة علمانية وجد معها الإسلاميون وتمكنوا من إيجاد مجال للنشاط والعمل ويتكيّفوا مع الظروف… نحن في تونس لا الإسلاميون ولا أطراف المعارضة الجدية يتمتعون بهامش الحرية المتوفر في تركيا. فالاستبداد التونسي فاق نظيره التركي أو الإيراني.

نتمنّى

أن يتوفر لنا جوّ من الحريات نسعى لتحقيقه وذلك ما من شأنه أن يحدث فينا التطورات والنقلة سواء داخل الحركة الإسلامية أو داخل حركات المعارضة بكافة أطيافها.

 

الحد الأدنى]لإقامة ائتلاف معاد للاستبداد[ هو الحقوق المضمونة في كافة العهود والمواثيق الدولية

 

كلمة :

هل هناك قاسم مشترك غير ظرفي لإقامة ائتلاف معاد للاستبداد في تونس. وأيّ دور للإسلاميين في هذه المسألة ؟

عبد الله الزواري : أنا أعتبر أن الحد الأدنى هو الحقوق المضمونة في كافة العهود والمواثيق الدولية والتي يجب أن تتوفر لكل مواطن ومن واجبنا كإسلاميين أن نسعى إلى تحقيقها والعمل من أجل ذلك مع أي طرف آخر مستعد لتحقيقها وحمايتها والتصدّي لكلّ من يعتدي عليها. وهذا ليس تكتيكا أو ظرفيا بل حق مقدس حتى في الشرائع السماوية

.

 

كلمة :

هل يمكن أن نتصوّر تخلّصا من الاستبداد يتماشى مع ضمان نوع من الاستقرار للتونسي في نمط عيشه وفي حاجياته اليومية وفي حقوقه الدنيا ؟ التجربة التركية مثلا تعلّمنا أن حكومة رجب طيب أردوغان استطاعت أن توفّق بين الإصلاح والاستقرار بضمان شيء من الاستمرارية داخل الدولة… كيف نستطيع تفعيل الصراع ضد الاستبداد مع كسب بعض الأطراف التي توجد داخل الدولة الآن والتي يوظفها النمط الاستبدادي ؟ كيف نحدث شرخا داخل هذه الأطراف ونكسب بعضا منها للرهان المذكور ؟

عبد الله الزواري : هناك مثل يقول إنّ انتصارا كبيرا يأتي بانتصار أكبر منه وأنّ إخفاقا كبيرا من شأنه أن يأتي بإخفاق أكبر منه. وشعبنا يسمع بأصوات المعارضة وبوجود أحزاب المعارضة. ولكنّه لايكتفي بذلك. يريد أن يرى هذه المعارضة تحقق شيئا ما أمامه حتى إذا أيّدها وسار في معارضة التعسف حقق مكاسب. في الوقت الحاضر يرى الشعب التونسي المعارضة عاجزة عن تحقيق أشياء بسيطة. فكم من شخص أطرد من عمله بسبب انتمائه إلى حزب معارض أو سحب منه جواز سفره… هناك معارك بسيطة لاسبيل للمعارضة عن التغافل عنها. ولكن هل يمكن التصدّي للعسف دون حصول اضطراب ودون أن يشعر التونسي أنّه مهدّد في بعض المكاسب ؟ صحيح هناك نوع من الاستقرار… ولكن لعلمك أنّ الشعب التونسي رغم الخمسين سنة الأخيرة نسبة الأمّية فيه أكبر من نسبة الأمية في الشعب الفلسطيني الذي يعيش في المخيمات والمنافي والحرب وهو أقل الشعوب أمية. الشعب الجزائري أكثر الشعوب قراءة للجرائد رغم حياته المضطربة. فالاضطراب اليومي موجود ولكن مع ذلك الشعب الفلسطيني بكوادره وكفاءاته يتفوق بكثير على الشعب التونسي. صحيح أنّ الإنسان لايحبذ الاضطراب ولكنّه ليس بالضرورة مؤدّيا إلى فقدان مستوى العيش الذي يتمتع به التونسي في الوقت الحاضر

.

يجد الإنسان نفسه أحيانا بين خيارات صعبة إمّا التصدّي للاستبداد والعسف ويقع اضطراب وإمّا تكريس الاستبداد للمحافظة على مستوى العيش. أنا في هذه الموازنة أختار إيقاف الاستبداد. ماهي مكاسب الشعب التونسي الآن ؟ 80 بالمائة مرهونين للمحلات الإلكترومنزلية والسيارات الشعبية. كلهم موقوفون مع تأجيل التنفيذ. أنا أقول وبصراحة فلينتهي التعسف. ويومئذ ستوجد الحكومة العادلة التي تراعي مصالح شعبها

.

وإذا فكرنا في المحافظة على الهدوء والجلوس على الربوة مقابل استمرار الهدوء أقول : أبشر بعقود طويلة من الهدوء ومواصلة الاستبداد. أيّ نظام في العالم العربي سمح لنفسه بالتخلي عن الحكم عبر انتخابات نزيهة ؟ لا يمكن عقلا لنظام دولة عربية أن يتخلى عن السلطة لأنّه متورط في النهب والسرقات والظلم، وكلّ حكومة منتخبة ستعرّضه للخطر. وإذا وقعت انتخابات نزيهة ويصعد طرف آخر غيره سيقوم النظام الحاكم بإثارة الاضطرابات وخلق فرق الموت والميليشيات لا المعارضة. إن انتهاء الاستبداد وإيقافه عند حده يكون حلاّ أمثل للشعب التونسي عوض مزايا وهميّة

.

 

« قدرة المعارضة في هذه المعركة هي أن توجد لنفسها أهدافا متدرجة من البسيط نحو المعقد« 

 

كلمة :

هل تعتقد أنه من الممكن كسب لمشروع إزالة الاستبداد بعض جهات يتم حاليا توظيفها من طرف النظام بحكم انتمائها إلى الدولة ولكنّها في يقينها لاتشاطره سياساته وخياراته ؟ هل يمكن تفعيل التناقضات داخل الجهاز بمحاصرة الدوائر الاستبدادية وكسب الناس الذين لديهم دوافع وطنية نبيلة وهاجس خدمة الصالح العام ؟

عبد الله الزواري : قدرة المعارضة في هذه المعركة هي أن توجد لنفسها أهدافا متدرجة من البسيط نحو المعقد. فالسلطة تسلّط علينا مظالم كثيرة، علينا أن نبدأ بأصغر مظلمة ونضع فيها كامل قوتنا لرفعها ليرى شعبنا ماقدمت المعارضة له ولو كان بسيطا. فالشعب يمكن أن يساند تحركا بسيطا لايكلّفه كثيرا… علينا تدريبه ليدخل غدا تحركا أرقى ثم في مرة لاحقة قد يخرج معك ليسهر في البرد احتجاجا على تزييف 1أو 2 بالمائة من الانتخابات… نحن محتاجون إلى ثقافة جديدة وإلى خوض معارك بسيطة تتدرج شيئا فشيئا حتى تصل إلى إيقاف الاستبداد عند حدّه. ونحن لسنا بحاجة إل

ى تضييع مكاسبنا نريد تغييرا ديمقراطيا مع المحافظة عليها. لكن إذا وجدنا أنفسنا في معادلة إمّا وإمّا… أقول تصفية الاستبداد وإيقافه ورفع يد الحزب الحاكم عن الشعب تلك هي الأولوية. وتجارب المعارضة في جميع أنحاء العالم على ذمتنا نطبّق منها مايقدر عليه شعبنا

 

اجرى الحوار عمر المستيري

 

(المصدر: مجلة « كلمة تونس » الإلكترونية، العدد 31)  

 


Mohamed FOURATI

élu journaliste de l’année 2004 par l’équipe de Kalima

Mohamed Fourati est un journaliste tunisien diplômé de l’IPSI qui s’est distingué par son indépendance et son souci constant du respect de la déontologie. Il est le correspondant de Qods Press et collabore à de nombreux journaux en Tunisie. Tout le monde apprécie sa pondération, sa simplicité et sa constance. Ces qualités se conjuguent à une audace dans le traitement de l’information. Fourati est connu dans la sphère médiatique tunisienne pour son acharnement à défendre l’éthique journalistique et la dignité du journaliste. Sa participation active à la création du nouveau syndicat des journalistes est l’une des manifestations de son engagement – qui lui a valu de nombreuses persécutions policières et judiciaires – dans le combat de la société civile autonome pour la liberté d’_expression.

L’équipe de Kalima entend lui rendre hommage par cette distinction.

Félicitations Mohamed

(Source : l’e-mag tunisien « Kalima Tunisie », N° 31 )


 

BREVES

 

Camps de rétention en Libye

La Libye n’a pas attendu les Italiens pour créer ses camps de rétention pour les étrangers en instance d’émigration clandestine. Il semble qu’il en existe une trentaine sur son territoire d’une capacité variant entre 100 et 300 réfugiés. Certains se trouvant en plein Sahara ne disposent même pas des conditions d’hygiène rudimentaire.

A la fin du mois de décembre, Amnesty International a lancé une alerte s’inquiétant du fait que la Libye projetait  d’expulser des douzaines de réfugiés identifiés par le haut commissaire des Nations Unies en Libye (UNHCR). AI craint que « ces réfugiés, qui incluent des ressortissants éthiopiens, érythréens,  somaliens et libériens, puissent être de force expulsés vers leur pays d’origine dans les prochains jours. Les réfugiés, y compris des enfants et des enfants en bas âge, sont actuellement détenus au centre de déportation du département d’immigration à Tripoli… Des centaines de ressortissants étrangers qui sont récemment arrivés en Italie ont été expulsés de Crotone dans le sud de l’Italie vers la Libye le 20 décembre. » une opération similaire à celle observée sur l’île italienne de Lampedusa en octobre 2004, quand des centaines de ressortissants africains et moyen-orientaux nouvellement arrivés ont été rapidement refoulés en Libye sans mesures de protection appropriées, s’inquiète l’ONG internationale.

 

 Accord de l’UE sur le projet de la LTDH sur l’accès à la justice.

L’Union européenne vient d’accorder à la LTDH 724.000 euros pour son projet d’accès à la justice. Il reste à savoir si les autorités tunisiennes vont autoriser le transfert de cette subvention au compte de la Ligue ou le bloquer comme elle a bloqué la 2e tranche de la subvention pour la restructuration. Notons par ailleurs que l’UE a accordé 22 millions d’euros à l’Etat tunisien  pour le projet modernisation de la justice dans le cadre du programme MEDA.

 

 Bouhjila privé de visite et de promenade

Encore une fois la direction de la prison sanctionne Abdellatif Bouhjila, un prisonnier qui a tendance à exiger ses droits, délit considéré comme le plus grave dans les prisons tunisiennes. Depuis son incarcération le 11 septembre 1998, il a cumulé 440 jours de grèves de la faim, dont l’une de 75 jours pour réclamer son droit aux soins médicaux ; mais le record qu’il avait atteint, c’est la grève de 97 jours qu’il a effectué au début de sa détention en vue de réclamer son jugement qu’il attendait depuis 2 ans. Privé de la visite familiale et de l’Aria (promenade quotidienne) durant deux semaines d’affilée, il vient d’entamer une grève de la faim depuis le 25 décembre 2004. Il y a sérieusement à craindre pour sa santé fragilisée par de nombreuses grèves et des opérations chirurgicales.

 

 Double faute

Lorsque les membres de la LTDH – syndicalistes par ailleurs pour nombre d’entre eux – avaient été refoulés de leur local par la police le 28 novembre 2004 lors de la conférence sur les élections, ils se sont retrouvés naturellement dans un café qui jouxte le siège de l’union régionale de l’UGTT. La police, commet alors une deuxième erreur politique et empêche le secrétaire général de l’UR de Kairouan, Abassi,  d’entrer dans son bureau. Le lendemain, la police encercle le local de l’UGTT et en interdit l’accès à tous les syndicalistes. Cette double faute a provoqué la colère des syndicalistes  et une énergique réaction de la direction; De nombreuses motions condamnant cet acte illégal ont été envoyées à la direction de la centrale émanant de nombreuses fédérations ; le bureau exécutif de l’UGTT a quant à lui dépêché deux membres de sa direction pour obtenir la levée du siège policier de l’UR et dénoncé dans un communiqué rendu public le 29 novembre cette « flagrante atteinte à la liberté d’association et de réunion » , une réaction appréciée des membres de la Ligue de Kairouan qui avait jugé « molle et tardive » la réaction officielle du CD de la Ligue, dans une lettre adressée au comité directeur.

 

(Source : l’e-mag tunisien « Kalima Tunisie », N° 31 )

 


Après la tentative de suicide de Omar Chalendi, sa mère, Térésa Chopin parle:

On lui a tout pris… la  jeunesse et l’espoir, 

 

Omar Chelendi, 23 ans est l’un des internautes condamnés dans l’affaire de Zarzis. A la nouvelle du verdict de la cour de Cassation qui a rejeté le pourvoi et confirmé ainsi sa peine d’emprisonnement de 13 ans en décembre, il a fait une tentative de suicide. Sa mère, Térésa Chopin, de nationalité française et vivant à Paris, divorcée de son père, rencontre les pires difficultés pour lui rendre visite. Au pays de la « libération de la femme » ses droits de mère sont déniés par l’administration carcérale qui refuse de lui accorder un permis de visite distinct de celui du père. Elle se rend en Tunisie en début janvier, elle ne sait pas si elle verra son fils.

 

 Kalima : madame Chopin, votre fils vient de faire une tentative de suicide, pour quelles raisons et comment cela s’est passé?

Térésa Chopin : La raison de sa tentative de suicide est le verdict de la cour de cassation: 13 ans en prison dans des conditions sans qualificatif. Quand on a 22 ans et que  l’on est innocent, l’espoir d’avoir une vie normale vous abandonne et vous donne envie d’en finir, de s’échapper de ses murs qui vous étouffent, d’en finir avec la violence et l’injustice, il avait la vie,  la  jeunesse et l’espoir,  on lui a tout pris. Pourquoi continuer à vivre ? J’ai été informée par son père, de sa tentative de suicide et je n’ai pas d’autres informations, aucun ministère ni personne ne m’ont informée du « quand » ni du « comment » il attenté à sa vie. 

 

 Kalima : Quelles sont ses conditions de détention et dans quel état de santé se trouve-t-il actuellement?

Térésa Chopin : Les conditions de détention sont inhumaines, ils sont 97 prisonniers dans moins de 100 mètres carrés à même le sol, avec tous les problèmes que cela comporte : la gale, les maladies de peau…Dans un courrier daté du mois de juillet, il a demandé à son père de lui apporter un bidon vide pour mettre de l’eau, car ils sont constamment privés d’eau pour boire et se laver. Il est battu par ses codétenus et par les gardes, et tout cela avec la bénédiction des autorités supérieures. Il se trouve dans un état de santé très dégradé physiquement et moralement, malgré tous mes courriers aux autorités -juge des peines, directeur de la prison- aucune assistance médicale ne lui a été accordée.

 

 Kalima : On a entendu dire que vous avez rencontrez des difficultés pour lui rendre visite, quelles sont-elles?

 Térésa Chopin : Mes difficultés à lui rendre visite sont multiples ; un seul permis de visite par famille est accordé par l’administration pénitentiaire. Malgré une visite au procureur que j’ai effectué en juillet, je ne dispose toujours pas de document séparé m’autorisant à le voir. Cela signifie que je suis dépendante du père de mes enfants, qui, lui, habite à 600 km de Tunis et moi en France. Les autres raisons sont que je suis étrangère et considérée comme telle en Tunisie  à chaque fois que je vais voir mon fils en prison. Je dois faire face à de multiples contrôles d’identité, justifier que mon fils est bien mon fils avec sont extrait de naissance  et cela à chaque fois ; le moindre petit fonctionnaire de la prison vérifie mon identité, et après multiples discussions, c’est au bon vouloir de ces messieurs, si je reçois une autorisation ou pas.

 

Entretien conduit par Sihem Bensedrine

 

(Source : l’e-mag tunisien « Kalima Tunisie », N° 31 )

 


Press Freedom in Tunisia a Casualty of « War on Terror »

by Iqbal Jassat
(Saturday 01 January 2005)

« In common with Algeria and the dominant African giant Egypt, Tunisia has displayed a remarkable tenacity to forge ahead without any significant policy of political reform. In ensuring that its security from so-called ‘terrorist threats’ is provided by the West, the regime of Zeyn al-Abideen Bin Ali has thwarted efforts by human-rights activists keen to secure fundamental freedoms. »  

Located on the North coast of Africa with a topography which endows it with an abundance of fertile land while its coastal plains are lush with grazing and orchards, Tunisia, a former French colony, is noted for a subdued presence in its region.

So subdued in fact, that its political leadership regards it as a positive contribution to what many would view as a ‘volatile’ part of the African continent. Some observers go as far as pointing out Tunisia’s neighbours – Algeria & Libya, to underscore its relative calm.

Common to all ‘benevolent’ dictators is the logic of power which enforces submission to all forms of tyranny, thus providing a false sense of calm and serenity. Tunisia is no exception. Beneath its image of a progressive country lies the reality of an obedient client-state of America.

In common with Algeria and the dominant African giant Egypt, Tunisia has displayed a remarkable tenacity to forge ahead without any significant policy of political reform. In ensuring that its security from so-called ‘terrorist threats’ is provided by the West, the regime of Zeyn al-Abideen Bin Ali has thwarted efforts by human-rights activists keen to secure fundamental freedoms.

Harsh repressive measures to keep its population in check is characteristic of the Bin Ali government. So is nepotism and corruption. Yet Tunisia is favoured as a ‘model democracy’ by America and is viewed as ‘friendly’ by Israel. The bluff game with which Bin Ali has been playing has yielded support from western allies for his non existent ‘defence of democracy’.

According to a report by Neil MacFarquhar of the New York Times, activists in Tunis believe the suppression of free speech has placed Tunisia in the league of the most « repressive of Arab governments ». Citing the Internet as one example, not only are many Web sites blocked, but e-mail is heavily monitored.

He points out that the ability to offer Web services is confined to a small privileged circle. Bin Ali’s daughter Cyrine was awarded the first Internet license and though there are now about 12 providers, her company, Planet Tunisie, still dominates. In addition, Web cafes are shut down if they are deemed too lax about monitoring every site visited by patrons. Harsh jail sentences are meted out to young men convicted of creating or even visiting banned sites.

The irony is that the United Nations has chosen Tunis for the next international conference on information technology in November 2005. The dust has hardly settled since the sensational trial last year of eight youth sentenced to nearly 20 years in prison in what has been called the Zarzis case. They were charged for trying to « learn how to make explosives via the Internet », while defense lawyers say they had a healthy youthful curiosity and were visiting sites about the Palestinian cause and al-Qaeda.

Terrorism charges were laid against them on the basis of visiting certain sites on the Internet. Despite the fact that no documented evidence were in the case files to support the charges, Tunisia’s own version of « War on terror » won by incarcerating curious youth as « terrorists »!

No wonder then that Radhia Nasraoui, one of Tunisia’s most prominent human rights lawyers had this to say about the Zarzis case: « They received such severe sentences as a means of telling the Americans that ‘Bin Ali is the only one who can help defend you against terrorists – he is the one who resists change. If you throw me out, the terrorists will take over Tunis.' »

In a bizarre twist in Bin Ali’s notorious alliance with America’s global campaign to root out « terrorism », Zohair Yahyaoui, unemployed for almost a decade after graduating with a degree in management, decided to start a Web magazine called Tunezine. MacFarquhar reports that its sarcastic political commentaries soon irritated the government.

During the 2002 referendum organised by Bin Ali to amend the Constitution to remove limits on presidential terms, Yahyaoui also organised a referendum, asking visitors to his Web site to choose whether Tunisia is a republic, a monarchy, a prison , a zoo or none of the above.

« The government voted soon afterward by jailing Yahyaoui for nearly 18 months » according to MacFarquhar.

Like all the other Arab regimes tied to America’s imperial interests, Tunisia will never be truly free unless its population is allowed to freely choose a socio-political programme without any bond to the US/Israeli axis. The severe curbs on media freedoms is an expression of tyranny which the Bin Ali regime has in common with his counterparts in Algeria and Egypt.

Does anyone know when al-Manar will be beaming to this mediterranean region?

(Source: Media Monitors Networks le 01 janvier 2005)

http://world.mediamonitors.net/content/view/full/12254/


Saudi fund for development supports financing Saudi exports for Tunisia

Saudi Arabia-Tunisia, Economics, 12/31/2004 Tunisian official sources said today that the Saudi fund for development allocated a line of credit at a cost of three million dollars as a first payment at the disposal of the Saudi- Tunisian financing bank to finance imports operations from Saudi Arabia. The sources added that this agreement aims at strengthening trade exchange between Tunisia and Saudi Arabia. This agreement authorizes buying commodities or services from Saudi Arabia for importers from Tunisia. The Tunisian- Saudi financing bank was established at the participation of the Tunisian public sector at a rate 20% and the Saudi Dallet al-Baraka group by Sheikh saleh Abdullah Kamel at a rate of 80%. Worthy mentioning that the value of industrial investments in Tunisia during the 11 first months of the current year reached 635 million Dinars, estimated at $ 529 million. The strategy of the Tunisian government is based on supporting sectors attracting for foreign investment in addition to supporting traditional industries like textiles and food industries and to attract new investors and to support exports. The government’s plan by the end of 2004 aims at achieving investments at a rate of one billion Tunisian Dinars, estimated at $ 833 million.


وحدة المغرب العربي: بين تردد الانظمة وانتظارات الشعوب

لا ينبغي ان نكف عن الحديث عن ضرورة توحيد الكيان المغاربي بمناسبة وبدون مناسبة حتى يتحقق واقعا ناجزا تستفيد منه شعوب المنطقة أسوة بسواها من شعوب العالم في أوروبا وأمريكا الجنوبية وحتى في جنوب شرق آسيا. ولكن مع ذلك لا يكفي التأكيد البياني على مشروعية الإسراع باستكمال مقومات التوحيد المغاربي وانما من المطلوب ايضا الاستمرار في تشخيص العوائق الذاتية والموضوعية الحائلة دون تحقيق الوحدة المنشود وذلك يقصد العمل على محاصرة هذه العوائق والحد من تأثيراتها السلبية العاملة باستمرار على تعطيل كل المبادرات الصادقة في هذا المجال. إن قادة المغرب العربي يتحملون مسؤولية تاريخية في التقدم بالمسار الوحدوي بعدما أعلنوا في أكثر من مناسبة عن نواياهم الحسنة وعن حدة وعيهم بمطلب الاتحاد المغاربي كضرورة لا تقبل التأجيل والتلكأ تحت أي ذريعة خصوصا وأننا نعاصر عالما يتجه بسرعة ونجاعة نحو التقارب الاقليمي والتكتل الدولي بل والتوحد القاري الذي لن يسمح في المستقبل غير البعيد للأقطار الصغيرة بأن يكون لها حظ من التنمية الفعلية والمنافسة الاقتصادية والتطور الحضاري وسط عالم تشابكت فيه المصالح وأكدت فيه الحاجة للاعتماد المتبادل على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال، في السياق المعاكس لهذه الأماني المشروعة قد لا تبدو السياسات الفعلية التي مازالت تنتهجها بعض الانظمة المغاربية في علاقتها بالكيان المغاربي. قد لا تبدو في مستوى ما هو مطروح من تحديات عاجلة وفرص لا تتحمل المزيد من الانتظار والترقب قبل أن عين قواتها، وبلغة أوضح، إن تردد الجماهيرية في ترؤس المغرب العربي في هذه الدورة كما أن الحرب الباردة بين الجزائر والمغرب على خلفية الصراع المكتوم حينا والمعلن حينا آخر على الصحراء الغربية إن هذه الاشكاليات وسواها من القضايا العالقة التي يتحجج بها قادة هذه الأقطار إنما تمثل عوائق ظرفية قابلة للحل لو صحت الإرادة السياسية من أجل تسويتها أو تجاوزها من دون أن تلقى بظلالها على مسار التوحيد المغاربي، فهذا الطموح الأكبر الذي يداعب ملايين المغاربة يبقى أكبر من أن تعرقله تذمر مزاجي لهذا الزعيم أو خلاف حدودي بين قطرين شقيقين. لاشك أن الطموح المغاربي لا ينبغي أن يرتهن تحقيقه لإرادة الأنظمة كما لا ينبغي أن يكون أمرا مفروضا عليها سواء من الخارج أو بفعل الضغط الشعبي الداخلي، وإنما المطلوب على هذا الصعيد أن تعمل الأطراف الديمقراطية الموزعة بين الأقطار المغاربية على تغذية الوجدان الشعبي بضرورة التحرك السلمي ضد كل محاولات العرقلة الخارجية منها والفوقية لاستكمال البناء المغاربي الموحد إذ من الإنصاف الإعتراف بأن جماهيرنا المغاربية صاحبة المصلحة الحقيقية من هذا الانجاز التاريخي لم تبرز منها أي إشارة فعلية على توهج وعيها بمطلب الوحدة المغاربية، فهي لم تبرح موقع الفرجة السلبية والإنتظار الحالم والتزكية الفاترة لكل مبادرة ذات مصداقية تصدر عن هذا الزعيم أو ذاك، وأكثر من ذلك فإن المجتمع المدني المغاربي بكل فعالياته الحزبية والجمعوية الخارجة عن فلك الأنظمة، لم يرق إلى مستوى المسؤولية التاريخية ليتحمل بوعي وإصرار وفعالية دوره المنوط به من أجل تفعيل المسار الوحدوي ودعمه بالتعبئة المستمرة والتوعية الموصولة والاسناد النقدي لمبادرات الأنظمة والاحتجاج السلمي في مواجهة كل مؤشرات التلكؤ والمماطلة تحت مفاعيل شتى بعضها موصول برهانات قوى دولية تتنافس على خيرات المنطقة وبعضها مستند إلى خلافات بينية تضخمها حزازات شخصية ورواسب تاريخية انتفت أسبابها منذ عقود. سليم الزواوي

(المصدر: صحيفة الوحدة العدد 438 بتاريخ 31 ديسمبر 2004)

 


 الشعب التونسي :  » إذا النخبة يوما أخلصت لي الولاء فلا بد أن أستجيب النداء « 

أجرى الحوار:

الــبــرنــي و الــعــتــرة

user posted image

 

بمناسبة رأس السنة الميلادية يسعد إدارة تحرير جريدة  » الكسل » أن تعطي الكلمة لأول مرة منذ إستقلال تونس إلى الشعب التونسي. إجلالا و تقديرا لهذا الضيف الفذ، قررت الإدارة في سابقة هي الأولى من نوعها أن تتخلى لمدة يوم كامل بساعاته الأربعة و العشرين و بدقائقه الألف و أربع مائة و الإربعين عن استعمال اللغة الوطنية الفرنسية التي رافقت تشكيل الشخصية الوطنية. تلك اللغة التي لولاها لما عرفنا معاني الحرية و العدالة وسامي المشاعر الإنسانية. و عملا بمقتضيات الديمقراطية الموجهة يمينا و شمالا بحسب حالة طقس العلاقات الدولية السمحاء و رياح الليبرالية الجديدة الوديعة سنقيم حدا لحرية التعبير الهمجية التي فطم عليها الشعب لنوفر له هامشا محدودا من الحرية تتناسب و قدراته العقلية ، حيث تبين من خلال الدراسات المختصة التي تمدنا بها بين الحين و الآخر مراكز البحوث و الدراسات المعنية أكثر منا بماضينا و حاضرنا و مستقبلنا و التي وكٌلت لها مهمة البحث عن حل لأزماتنا يكون أنسبا من الأنتحار، أن شعبنا التونسي كبقية الشعوب العربية لم يصل بعد إلى ذالك النضج الذي يخوله من ممارسة الحرية و باقي مكونات المواطنة كما شهدناها تتحرك في محيطها الطبيعي ،ذالك المعين الغربي الناصع. سيدي الشعب أهلا و سهلا بكم على صفحات جريدة الكسل التي كما تعلمون كرست كل جهودها طيلة العقود المنصرمة لخدمة مصلحتكم العليا. نستهل حديثنا بالسؤال عن انطباعاتكم حول السنة المنصرمة 2004 و عن الحالة التي ستستقبلون عليها سنة 2005. – يا سيدي يا بن سيدي يا مرحوم الوالدين بارك الله فيك على المجال اللي عطيتوهولي. و قبل ما نتوكل عل المولى حبيت نعرف انجم نتكلم باللغة الدارجة و إلا لا، خلي الواحد يفهم راسو من ساقيه ؟ – إيه نعم، ما لا كيفاش. الليلة عيد وطني و كان ما تتكلمش اليوم بالدارجة وقتاش باش تتكلم. إتفضل عبر على مقصودك برك. – و الله آش باش نقلك واش باش نحكيلك. مثل بقية شعوب العالم المتحضرنسقبل السنة المباركة 2005 بكل تفائل و نودع سنة 2004 بكل تشائم. و المعادلة الصعبة التي تميز هذه الشخصية المنفصمة و التي لن تجدها إلا في الشارع العربي هي التشائل. و لله في خلقه شؤون. المهم اللي آنا كشعب تونسي رضعوني حب السنة الميلادية أكثر مالهجرية و كيما الناس الكل تعرف طيٌحت الجبة و لبست السروال، نحيت السفساري ضربتلها ميني جيب على كيف كيفك إي وقتلي حبيت انتوب لربي و نستر ما ستر الله و نغطي راسي بلقشة قماش قامت الدنيا و ما زالت ما قعدتش. حتى من منظمة العفو الدولية هي و هاك اللي ما يتسماوش ماك النساء دراشنوٌ عملو بيان … و … – يزي يزي … الله الله. يزينا مالسياسة يا خويا. تي ماو السياسة ليها أهلها و السوق ليه إماليه. عندنا الدولة، و عندنا المعارضة …و بصراحة بالله قلي : أنت تفهم في السياسة ؟ – كيفاش بابا لعزيز… نفهم في السياسة ؟ أنا الشعب الذي تدور حوله فنون السياسة. بل قل  » أنا منها محل القطب من الرحى » كيما قال سيدنا علي . أي صلي عـنٌبي لا توٌ تاقف الشعرة… – أمان أمان. تي هاو اللي نصبو رواحهم ناطقين رسميين باسمك و اللي سماو رواحهم معارضة ديمقراطية و مقاومة، إلكهم داخلين فيك فركه و عود حطب. – إيه يا سيدي سمعت و قريت. ما نيشي راقد على وذنيا. ردوني ……جبان…ما نيش راجل .. . شعب باش حانبه…جيعان… ما نخمم كان في كرشي. حتى إنتفاضة الخبز يا رسول الله اللي وقفت فيها البلاد على بعبوصها و بورقيبة عند حدو ردوها مسخرة و دليل على أني شعب خبزيزست. تتذكر هاك الشاعر الفلسطيني المشهور هاك الدرويش شقال :  » سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى أنا لا أكرهُ الناسَ ولا أسطو على أحدٍ ولكنّي.. إذا ما جعتُ آكلُ لحمَ مغتصبي حذارِ.. حذارِ.. من جوعي ومن غضبي!!  » – تتذكر الحيصة اللي صارت. صفقولو الكل. بطبيبهم و بمحاميهم و خاصة هاك جماعة اليسار عاملين فيها جيفارا ما ماتش وربي و الشعب ماتو. قتلوني و عيني حية . المهم وين تمشي تسمع سجِّل أنا عربي… سجِّل أنا… سجِّل. تي قريب يعملولو قبة هاك الدرويش. أما وقتلي برهنت عليها بالفعل موش بالشعر أُو وريت للعالم أجمع أني كشعب تونسي إذا ما جُعتُ آكلُ لحمَ مغتصبي و أني شعب ندافع على الفقارة و الجواعة قبل ما تطلع هاك الغناية متاع 26-26 تكأكأوا علي تكأكؤئهم على ذي جنٌة، كيما يقول جدي العربي الله يرحمو. – تيماو  » الشعراء يتبعهم الغاوون » . – صدق الله العظيم. – و صدق الله أيضا عندما قال : « وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله, إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون » و بما أن الشعب هو أكثر من في الأرض فعاقبة اتباعه الضلال و العياذ بالله. لهذا وجب اتباع الخاصة أو النخبة حسب الإصطلاح المعاصرو ترك رعاع العامة و هذا ما ذهب إليه جمهور العلماء. و الله أعلم. – شنو ؟ باش تخرجني يد فارغة و الأخرى شيء ما فيها . يا خي سيادتك صحافي و إلا مفتي الديار التونسية ؟ و شبيك شعلت في فتيلة بلا زيت ؟ – أنا ما جبت شيء من عندي. على ما يبدو ثمة إجماع حول أنك كشعب تونسي ما تحبش الحياة. و الأكثر من هذا الكل هناك من ادعى أنك غير موجود أصلا و إن وجدت فإنك لا تتعدى الغبار من الأفراد. ما رأيك في ما قيل و ما يقال عن خمولك وجبنك واستسلامك وجهلك وأنانيتك ؟ كيف تثبت وجودك أمام هذا التيارالجارف الذي يدعو إلى الإلحاد بك مقابل الإيمان بالنخبة ؟ – قبل كل شيء نحب نذكر بالقاعدة المنطقية اللي تقول أن الوجود لا يحتاج إلى دليل و لا إلى تعريف ،على خاطر الوجود يا سي الصحافي مفهوم بديهي، بديهي . هذا من جيهة. شد عندك. من جيهة أخرى الجماعة اللي نبشت قبر المرحوم بو القاسم الشابي و شهدوه ضدي قال شنو : الشعب التونسي لا يريد الحياة و هاوالبيت الشعري دليل قاطع على هذا الإدعاء الباطل و على شهادة الزور هاذي الي صحح عليها اللي يسوى و اللي ما يسواش الجماعة هاذي لا نعرفها و لا تعرفني. نكرة تحدثت عن ظن. و قبل ما نسكر ها القوس خلي نذكر ها الحارة من مرتزقة السياسة و من قراصنة عقوق الإنسان اللي شمتو فيا الصغير و الكبير و اللي يدبي على الحصير أن الشعب التونسي ولد الفلاقة ، خاض النضال و سيل دمه في الشهادة. جاب المنافي و طلعت روحه في الزنزانة. شاف التعذيب و ما شافش شمس الجبٌانة. دفنوه بليل و منعولو شهادة وفاته. هذاك الشعب اللي شمتت فيه الطحانة. و بال على قدرو البيوعة و خساس الرجالة.
 
(المصدر: موقع نواة )  

مائة مصباح من مشكاة النبوة

الحلقة الثالثة والثلاثــون

أخرج البخاري عن إبن عمر عليهما الرضوان أنه عليه السلام قال في شأن النذر  » لايأتي بخير إنما يستخرج به من البخيل « .

ــــــــــــــــــ

من شواهده  » يوفون بالنذر  » و » أو نذرتم من نذر  » .

موضوعه : تخليص الايمان يتطلب الترغيب عن النذر من جهة وتوفير البديل الاسلامي كذلك: لو قلت بأن الاسلام هو دين الايمان فحسب لما جانبت صوابا أبدا وذلك على معنى أن أول ما جاء الاسلام يحاربه ليس هو سوى إنحراف العقول وفساد القلوب بإعتبار أن القلوب والعقول هي غرفة القيادة في الانسان والانسان هو غرفة القيادة في الحياة فتفسد الحياة أو تصلح بصلاح الانسان أو فساده وهذا يفسد ويصلح بصلاح أو بفساد عقله وقلبه وماسوى ذلك خدم وجند لا يعرف سوى الطاعة والاتباع . وكذلك على معنى أن الايمان في الاسلام ليس جزء ولا قطعة ولا مكونا من كل بل هو كل شئ بمعنى أنه الروح الحية التي تنفخ الحياة في الانسان عقلا وقلبا ونفسا والناس يخطؤون سواء كانوا معلمين أو متعلمين حين يقدمون الايمان على أساس أنه جزء من الاسلام أو عنصر من عناصره وعادة ما يفعل ذلك المعلمون بغرض دراسي منهجي كما يفكك المعلم معادلة رياضية ما لتيسير فهمها من قبل تلاميذه ثم يعيد تركيبها وكلما إرتقى العمر والتجربة والعلم بالتلميذ يصبح أعرف بحقيقة تلك المعادلات وأثرها في الحياة وهذا مجرب عند كل من ينخل ما كان قد تعلمه في سنوات الصبا الاولى في بعض المواد أما خطأ المتعلمين فهو عندما يتوقفون طول حياتهم عند ذلك التفكيك دون إعادة تركيب وخاصة حين لا يبذلون جهدا إضافيا في إتجاه رصد العلاقة بين سائر تلك المكونات وهو ما يبث فينا المنهج الجزئي للفهم وهو أخطر منهج يمكن أن يأتي على عقولنا فتتذرر الموجودات فيها ثم في الحياة ويؤول بنا المطاف إلى من آمن فلم يكسب في إيمانه خيرا والعياذ بالله . الاسلام إذن هو الايمان علىمعنى أن الايمان ليس جزء منه كالعبادة والمعاملة والخلق بل هو تلك الروح السارية الحية في العبادة وفي الخلق وفي المعاملة تحيل الانسان من كائن إلى كائن تماما كما تحول عمر من كائن وحشي يقدم على وأد فلذة كبده بيده تحت الارض حية لا تأخذه رأفة بدموعها ولا بتوسلاتها لمجرد أنها أنثى إلى كائن جمع بين قوة النفس وقوة العقل وقوة البدن وبين الصلاح وبين الاصلاح وبين الامامة وبين سائر الفضائل التي يمكن أن تتحلى بها نفس وليس ذلك لانه فهم الاسلام على أنه أجزاء مبعثرة فيها الايمان وفيها العبادة وما إلى ذلك ولكن لانه فهم الاسلام على أنه حياة يحكمها الايمان أينما حلت وكيفما كانت ويخطئ الناس عندما يستشهدون على أن الايمان أمر مستقل بذاته شأنه شأن العبادات وسائر الاجزاء بأركانه الخمسة أو الستة متناسين أن ركن الشئ ليس كل شئ فيه فهل ترضى لنفسك أن تعيش في بناية ليس فيها سوى الاركان فالايمان مبنيا على أركانه فحسب لا يكسب لصاحبه خيرا ينفع به نفسه والناس ولكن بسقفه وزينته ومحاسنه ومكارمه يتحول إلى روح حية تعمر العقل والقلب والحياة وزاد الطين بلة أن حركة علم الكلام في القرون التالية للخلافة الراشدة وهو يجابه الغزوات الفكرية من كل صوب وحدب جمد على ضرب واحد من ضروب الدفاع عن الملة وهو الضرب التجريدي الفلسفي ولو وجدنا لذلك مبررا تبعا للظروف الفكرية ا لسائدة يومها فإن الانكى حقا هو أن الانحطاط داهم المسلمين وهم على تلك الحال من الدفاع بأدوات غريبة عن الادوات القرآنية فجمدت الحياة قرونا طويلة ولما حلت النهضة الحديثة أفاق المسلمون ومتاحفهم العلمية مملوءة بذلك التراث فأستبعد مصطلح الايمان الذي ظل القرآن يستخدمه وكذلك السنة النبوية وحل محله مصطلح العقيدة بديلا أوحد وهكذا ظن الناس أن العقيدة التي هي في الاصل الايمان جزء من الاسلام شأنها شأن العبادة والخلق والمعاملة فنشأت إرجائية مقيتة ثم تتالت عوامل الهدم . والملاحظ أن القرآن وكذلك السنة لم يستخدما ولو مرة واحدة تعريفا تجريديا للايمان بل ظلا يذكران الايمان كقيمة عقلية ومثال قلبي معلقا دوما وأبدا بآثاره العملية وذلك دون أدنى إستثناء ولو مرة واحدة وحتى أركان الايمان لم يطل في ذكرها كثيرا وخاصة في متنها الخماسي أو السداسي بل ظل يؤكد على التوحيد والنبوة والبعث وذلك من خلال الكون والقصة والمثل وليس تقريرا تجريديا .

لماذا أقر الاسلام النذر ولم يشرعه وماهو بديله في الجاهلية وفي الاسلام : كان النذر في الجاهلية ممارسة دائبة من المشركين لالهتهم وكان النذر عبادة مألوفة عندهم فلا يتحرك الجاهلي حركة حتى يستأذن إلهه وينذر له خيرا إن وفقه وهو أمر كفيل بقتل العقل قتلا ولو قتل من الانسان عقله فقد قتلت إرادته ثم حياته ثم جماعته وحل الخراب محل العمار فكانت رسالة الاسلام متجهة إلى إنقاذ أولئك الغرقى فدعاهم إلى التوحيد محرر العقول ومعمر القلوب وباعث الارادات ومكرم الانسان ودعاهم إلى التوكل بدل النذر والمضاء والحسم والعزم وشحذ الارادة بدل أمرين أولهما تعليق الفلاح على الالهة الكاذبة وثانيهما التواكل والكسل والايمان الكاذب بالقضاء والقدر وإعدام حرية الانسان وإرادته بدعوى الايمان بالقضاء والقدر ووصل حد إعتبار الانسان قدرا مقدورا وسنة مسنونة وسببا مسببا علق عليه مشيئة الكفر والايمان والفلاح والطلاح والتعمير والتخريب وسائر ما يؤهله للقيام برسالته تحت لواء الحرية البشرية وتحرر الارادة الانسانية . فبديل الاسلام إذن عن النذر للالهة وتعليق الفلاح على رضاها وعلى موت الارادة وقتل الحرية وموت الانسان هو عقيدة التوحيد والتوكل والحرية والارادة والكرامة وقوة النفس وشمائل العزم والحزم والمضاء والثقة والامل واليقين وعقيدة القضاء والقدر بمضمونها الصحيح لا المشوه وأغلبه اليوم مشوه عند أغلب المسلمين وهو ما يفسر هزائمنا في فلسطين والعراق وساحات أخرى كالعلم مثلا. ولما كان منهج الاسلام حيال الامور التي كانت تشكل عقدة حياة الانسان في الجاهلية هو منهج ثلاثي يقوم على الاخبار وعلى الانشاء وعلى الاقرار ولما كان مناسبا وفق سنة التشريع في التدرج وتجفيف منابع السوء شيئا فشيئا إنتهاج منهج الاقرار حيال عادة النذر فإنه أقر النذر فلم يأمر به ولو مرة  واحدة ولم يثن على إنشائه ولو مرة واحدة ولكنه مدح الموفين به فحسب ولم  يكن حتى ذلك سوى في مواضع لا تزيد عن الثلاثة في القرآن أما السنة فإنها كانت صحيحة صريحة في النهي عنه وهو نهي ربما لا يرتقي إلى درجة التحريم فضلا عن الكراهة لا تنزيها ولا تحريما وهو نهي معلل كما هو وارد هنا بإعتبار أنه لا يأتي بخير وإنما يستخرجه من البخيل وهو إيماء فيه ما فيه من الكراهة والترغيب عنه وذلك لمراعاة حال الناس في الايمان تفاوتا فمن كان في بداية إيمانه أو منحدرا من بيئة عملتها النذر لا يحسن سوى إقرار نذره الحلال طبعا دون الحرام دون تشجيعه على ذلك والحث على وفائه حال إنشائه لان الوفاء بالنذر الحلال يعلم النفس المسؤولية والالتزام لا الميوعة وإعتبره في المقابل يمينا لابد من تكفيره أو الوفاء به أما من حسن إسلامه وتأهل لمقام الامامة فإنه لا يحسن به النذر إنما التوكل وحسن فقه الايمان بعقيدة القضاء والقدر والثقة واليقين الامل في الله سبحانه ثم في كرامته وإرادته وحريته وموقعه .

النذر ليس صنو الايمان العتيد : الايمان والنذر لا يتناقضان ولكن لا يتجانسان كثيرا لان الناذر من المسلمين لله مثلا شيئا لو أحرز كذا وهو النذر المعلق وهو الاكثر ليس مملوء ثقة ويقينا وأملا في ربه سبحانه فكأنه يدعم ذلك النقص بمال ينفقه جزاء ما بسط الله عليه من نعمة أو أخر من ضر وبدلا عن النذر يجدر بالمؤمن الممتلئ  وتوكلا ومضاء ورضى بقسمة ربه سبحانه شكر الله سبحانه بعد كل توفيق بإتيان الخير سواء إنفاقا أو ما إلى ذلك من سائر صور الشكر وخاصة العملي المتعدي نفعه للناس المحتاجين إليه ولا يجدر بالدعاة النكير على كثير من المسلمين اليوم الذين أصبح النذر في حياتهم رقما مرقوما والاوفق الارشاد إلى أن بديل الاسلام عن النذر حتى الاسلامي منه الشكر بسائر صوره حتى لا يكتب المؤمن من البخلاء عند الله سبحانه ويكفيك أنه عليه السلام لم ينذر قط وهو أشد الناس فقها وعلما ورسوخا وعبادة وهكذا نجد أن الاسلام حريص على الايمان بمعناه الشامل الباعث للحياة في سائر أركان العقل والقلب والنفس والحياة والجماعة فلا يرضى أن يخدش بإعتباره رأسمال الانسان بأدنى شئ حتى لو كان حلالا وليس الحلال في درجة واحدة من الحلية ذلك أن الايمان لو خدش خدشا صغيرا جدا فإنه لفرط حساسيته لا يسمح لشرايين العقل والقلب والنفس والحياة إستمداد الروح منه فيمرض الانسان .

الخلاصة : إيمانك رأسمالك لا تدع النذر ينال منه وبديلا عنه عليك بالتوكل والقوة النفسية واليقين والثقة والامل والرجاء والمضاء وتحرير الارادة ثم بشكر ولي النعمة سبحانه ويكفيك أنه لا يأتي بخير وأن صاحبه ليس بعيدا عن البخل ولكن توخ الحكمة في النهي عنه وتبيان محاسن بديله ومكاره فعله .   

الهادي بريك / ألمانيا


في استفتاء للجزيرة نت

الغالبية تشكك في رغبة الحكومات العربية في الإصلاح

أعربت غالبية ساحقة بلغت نسبتها 89.8% عن عدم ثقتها في سعي الحكومات العربية للإصلاح الداخلي وذلك في استفتاء للجزيرة نت استمر أربعة أيام من 28 إلى 31 ديسمبر/ كانون الأول 2004. وقد تبنت النسبة المتبقية (10.2%) من إجمالي عدد المشاركين في التصويت البالغ 28853 ألف مشارك رأيا مخالفا. وجاء الاستفتاء لاستطلاع آراء المواطن العربي بعد أن عجت المنطقة العربية في الشهور الأخيرة بالمؤتمرات والندوات الداعية للإصلاح الداخلي بدءا بتلك التي تضمنها مؤتمر القمة العربية في تونس وما تلاها من مؤتمرات لإصلاح المناهج التعليمية والنظم الاقتصادية والسياسية وانتهاء بمنتدى المستقبل في المغرب الذي حضره وزير الخارجية الأميركي المستقيل كولن باول. غير أن معظم هذه الدعوات التصقت بها شبهة التدخل الخارجي وخاصة من قبل الولايات المتحدة التي كانت قد دعت العالم العربي للإصلاح في مطلع عام 2003 ثم تلت ذلك دعوات أميركية أخرى كانت واشنطن تهدف من ورائها إلى القضاء على ما تسميه الإرهاب. وقد ربطت الأنظمة العربية عملية الإصلاح المطلوبة منها بحل القضية الفلسطينية، فعللت تأخرها في العملية الإصلاحية وإطلاق الحريات ورفع حالة الطوارئ المفروضة في بعض البلدان العربية بإحلال السلام في المنطقة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ بتاريخ 1 جانفي 2005)  

الإصلاح العربي: يبقى الحال على ما هو عليه!

لم يرفض الحكام صراحة الإصلاح إلا أنهم « تمترسوا » وراء مقولة إنهم قد بدءوا فعلاً الإصلاح والتطوير منذ فترة طويلة
 
 
د. حسن أبو طالب – القاهرة انشغل العالم العربي والإسلامي بقضية الإصلاح التي فجّـرتها الولايات المتحدة عند طرحها لما يُـعرف بالشرق الأوسط « الكبير »، والذي تحوّل إلى الشرق الأوسط « الموسع » بعد أن دخل الأوروبيون على خط التغيير في المنطقة. ورغم بعض المبادرات والتحركات المحدودة، تبدو الحصيلة دون المؤمل بكثير.. على مدار ما يقرب من عام، بدت قضية الإصلاح هي الأكثر جذبا للحوار الفكري والسياسي في المجتمعات العربية كلها، والأكثر استقطابا لبيانات ورؤى طرحها مثقفون وسياسيون وحزبيون وبرلمانيون عرب من كل حدب وصوب. كانت دوافع هذه الرؤى واحدة تقريبا، وهي محاولة لطرح تصوّرات محلية بحتة تذكّـر العالم بأن قضية الإصلاح ليست اختراعا أمريكيا، وأن المنطقة تعرف الطريق إلى هذا الإصلاح وتنادي به منذ زمن، وأنها دفعت وما زالت ثمنا غاليا لغياب هذا الإصلاح المنشود. لكن الدخول الأمريكي على الخط، كان أشبه بعملية اختطاف أضرّت بالقضية، وأثارت كمّـاً من التشويش والخلط لم يكن معهودا من قبل، حيث وقف كثيرون في مجال مناوشة المشروع الأمريكي وكأنهم يدافعون عن الجمود الساري في أوصال مجتمعاتهم. وبينما الأمر على هذا النحو من التشويش والارتباك، تبلورت قضية فكرية وسياسية قوامها من يقوم بالإصلاح، الداخل الذي يعرف ماذا يريد وكيف يريد، أم الخارج الآتي عن بُـعد ومعه تصورات مغلوطة ومرتبكة عن المنطقة وقضاياها، وإن أراد تغييرا فيها، فهو التغيير الذي يخدم مصالحه بالدرجة الأولى، وفي الحالة العراقية دليل دامغ. ومع قدر من التفكير والتروي، أخذت الكفة تميل في الحوار العام إلى إدراك أن الإصلاح، الذي هو فعلٌ منظم ومُـبرمج للتغيير السلمي على قاعدة من القانون والدستور، ليس منه مناص، لأن البديل القائم من الجمود السياسي والتكلس الاقتصادي والتخلف الثقافي هو المسؤول عن كل النكسات والهزائم والتخلف الذي يُـعشّـش في البلاد. ومن هنا، جاءت المبادرات المحلية، التي حاولت تأكيد معنيين. أولهما، أن أهل البلاد أولى بإصلاحها، وأن الرؤى الأمريكية أو الأوروبية ليست المناسبة لطموحات الشعوب والمجتمعات العربية. لكن الحصيلة العملية لم تزد عن جملة تصورات نظرية، ممتازة في حدّ ذاتها، صاغها نشطون ومثقفون، بيد أنها لم تتحوّل إلى برنامج للفعل الشعبي المنظم، تتألف حوله المجموعات والقوى السياسية بُـغية تمكينه عمليا، في هذا المجتمع أو ذاك. ورغم الزخم الذي تعيشه مجموعات المثقفين وحزبيين عرب في أكثر من بلد عربي، وسعى بعضها، كما في مصر مثلا، إلى فرض تغييرات سياسية ودستورية في الشهور المقبلة، لم يتحول الأمر بعدُ إلى حركة شعبية جماهيرية عامة تدفع إلى التغيير المنشود، فيما يمكن استثناء لبنان الذي يشهد تفاعلات سياسية مثيرة، وانقساما حادّا بين القوى والأحزاب السياسية، وذلك على خلفية القرار الدولي 1559، الداعي إلى خروج سوريا من لبنان. أفعال رسمية رمزية وبالرغم من كثرة الوثائق الرسمية وغير الرسمية التي صدرت خلال العام من أكثر من بلد عربي، كمصر واليمن ولبنان وتونس وغيرهم، والتي أوضحت معنى الإصلاح ومستوياته، وتلك التي أصدرتها قمة تونس العربية في مايو من العام نفسه، وحملت تعهّـدات من القيادات العربية وإصرارا على الإصلاح والتطوير والتغيير المحسوب، إلا أن الشعوب العربية لم ترى أكثر من كلمات وعهود ووعود براقة. وربما جرت خُـطوات مُـثيرة وواعدة في بعض البلدان، كالحوار الوطني في السعودية والإعلان عن انتخابات بلدية ستجرى في ربيع عام 2005. لكن في المقابل، حدث تراجع كبير في مجال الحقوق المدنية والحريات العامة في سوريا، وظل الأمر سجالا في السودان ومصر وتونس والجزائر وغيرهم. والصحيح أن قضية الإصلاح ليست عملا سحريا يحدث بين عشية وضحاها، وطالما تظل بحاجة إلى تفاعل صحي بين مكونات الدولة والمجتمع، وفترة مناسبة من الزمن لكي تحقق تغييرا ملموسا في مجمل البيئة السياسية المحلية، فإن الخطوات التي أقدمت عليها العديد من الحكومات العربية لم تخرج عن حيّـز الأفعال الرمزية، من قبيل إنشاء مجالس قومية أو بالأخرى لجان حكومية وشبه حكومية لحقوق الإنسان أو لتحسين أوضاع المرأة، وبعض مبادرات جزئية لتحسين مستوى التعليم، ووعود بحوار وطني يشمل القوى السياسية جميعها، ومناظرات لمناقشة بعض القضايا الوطنية الحساسة، ووعود أخرى لتغيير قوانين الانتخاب والممارسة السياسية، وتأكيدات بإفساح المجال أمام القطاع الخاص المحلي للمزيد من المشاركة في خطط التنمية الوطنية. القول برمزية غالبية هذه الأفعال، يستند بالأساس على أنها لم تفسح المجال لأكثر من تنفيس جزئي وهامشي لحالة الاحتقان السياسي التي تسود غالبية البلدان العربية، في الوقت الذي يُـفترض فيه الإقدام على خطوات كبرى، تُعبّـر عن درجة من القطيعة مع حالة الجمود والتكلس السياسي السائدة في تلك البلدان. الأكثر من ذلك، فلم يصدر عن أي بلد عربي ما يُـمكن وصفه بخطة إصلاح شاملة ذات برنامج زمني، إذ تمترس الحكام وراء مقولة إنهم قد بدءوا الإصلاح والتطوير منذ فترة طويلة، وأنهم بالفعل في حال إصلاح، ولم يفسّـر أحد حالة التكلس السياسي السائدة هنا وهناك رغم هذا الإصلاح المزعوم. مقولات لتأخير الإصلاح لم تكن هذه المقولة هي الوحيدة التي سادت الخطاب العربي الرسمي، وهيمنت على الفعل الإصلاحي الغائب. فقد تعدّدت المقولات الرسمية التي طُـرحت لتبرير بقاء الحال على حاله. من ذلك، أن الخصوصية التي يتمتّـع بها أي مجتمع تفرض تصورا إصلاحيا مختلفا ينبع من الداخل ولا يفرض من الخارج. والمقولة صحيحة نظريا وعمليا، إذا تم النظر إليها من زاوية أن لكل بلد عربي مستوى معين من التجربة السياسية والاجتماعية، وما ينفع في البلد « ألف » قد لا ينفع بالضرورة في البلد « باء »، لكن توظيف تلك المقولة جاء في إطار رد الفعل على المقولات الأمريكية والغربية التي نادت بتغيير الأنظمة العربية الجامدة، بل الأكثر من ذلك، فقد بدت الخصوصية المطروحة ليست أكثر من غطاء لبقاء النخبة نفسها والنظام ذاته دون أدنى تغيير يذكر. فحتى أعضاء مجالس حقوق الإنسان التي شكّـلتها بعض الحكومات العربية جاءوا من النخبة الحاكمة نفسها، والأمر نفسه في مجالس المرأة والقطاع الخاص وهكذا. امتدت مقولة الخصوصية هذه إلى اصطناع إشكالية الأولوية في الإصلاح، هل للمجال السياسي أو للتحول الاقتصادي أم للفضاء الثقافي والاجتماعي؟ فيما بدا أن الأمر مقصود منه إرباك النقاش العام، وإدخاله في متاهات عسى ألا يخرج منها. والواضح هنا، أن التفرقة بين هذه المجالات المتداخلة والمتكاملة بطبيعتها، والنظر إلى كل منها على حدة، كان يستهدف الخروج بأولوية الاقتصادي ثم الثقافي، وتأخير ما هو سياسي. ولذلك، فقد بدا مثيرا أن تجتمع غالبية القيادات العربية على إعطاء الأولوية لما سُـمي بالإصلاح الاقتصادي، وتصحيح الاختلالات الاجتماعية، وتحسين مستويات المعيشة كشرط مسبق لأي إصلاح سياسي. وكان التبرير، وما زال قائما، على اعتبار أن من شأن إفساح المجال لتداول سلمي للسلطة وانتخابات حرة في وقت تعيش فيه الغالبية تحت ضغوط اقتصادية كبيرة، أن يأتي بقوى غير ديمقراطية، وهو التعبير المهذب لقوى إسلامية أو سياسية تتمتع بقدر من الجماهيرية، ولكنها لا تحظى بالاعتراف من النخب الحاكمة نفسها، فيما أظهر أن هدف النخب الموجودة هو الاستمرار في الحكم دون التخلي عنه، بحجة قيامها بالإصلاح الاقتصادي. غياب أولويات التغيير السياسي السلمي، كما جرى في غضون عام 2004، من شأنه أن يجعل الحديث عن أولوية الإصلاح الاقتصادي، يليه الإصلاح الثقافي، بمثابة مهرب من التزامات الإصلاح الحقيقية، فلا تغيير حقيقي إن غاب الناس عن المشاركة في صنع القرار وفي اختيار من يحكمونهم بكل حرية وكرامة. (المصدر: موقع سويس انفو بتاريخ 1 جانفي 2005) وصلة إلى الموضوع http://www.swissinfo.org/sar/swissinfo.html?siteSect=105&sid=5394666

وجه الرأسمالية الجديد

توفيق المديني

الفصل الثالث

الإمبراطورية الأمريكية والحرب من أجل النفط

 

8 – دور النفط في إنعاش الاقتصادالإقتصاد الروسي:    بعد خمس سنوات من أزمة 1998 المالية , تعيش روسيا أول مرة في تاريخها  وضعا اقتصادياإقتصاديا جيدا. ففي التقرير الذي نشرته منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديةالإقتصادية يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني2002الثاني الماضي, بلغ معدل النمو للاقتصادللإقتصاد الروسي في عام  2003 هذه السنة 6% مقابل 4,2% في عام 2002. إضافة إلى ذلك تتمتع روسيا الآن بعملة  مستقرة بعد أن سيطرت على التضخم  الذي أصبح في حدود 10-12%¸و بعد أن حققت فائضا ماليا بالحساب الجاري واحتياطاإحتياطا مريحا من العملات الصعبة.   ويعود  الفضل في هذا الانتعاش الاقتصاديالإنتعاش الإقتصادي  إلى التوسع  القوي للصناعات النفطية , والأنشطة المتعلقة بصناعة الآلات, وكذلك  البناء,و النقل,و الاتصالاتالإتصالات, والتجارة بالمفرق. وقد ارتفع الطلب الداخلي بسبب تزايد نمط الاستهلاكالإستهلاك عند الروس وتسارع وتيرة  الاستثمارالإستثمار, وكذلك أيضا بسبب تشكل المخزونات. وبالمقابل إذا  كان فيض الاستثماراتالإستثمارات الأجنبية المباشرة يعتبر مهما في عام 2003 بالقياس إلى السنوات الماضية, فإن رؤوس الأموال هذه تظل غير كافية ومتركزة في قطاع النفط بشكل أساسي. غير أنه من أجل المحافظة على هذا المستوى , يجب على الصناعة النفطية أن تجلب  استثماراتإستثمارات ما بين 8 إلى 10 مليار يورو  سنويا حسب وكالة الطاقة الدولية.   خبراء منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديةالإقتصادية يجمعون علىآفاق النمو في المدى المتوسط تظل إيجابية, إذ إرتفع الدخل الحقيقي للروس بما يقارب 14% بالقياس إلى المدة عينها من سنة 2002, بينما بلغت البطالة رسميا 8,3 % من السكان العاملين  في روسيا مقابل 7,7% في شهر سبتمبر.غير أن النمو الاقتصاديالإقتصادي الروسي يظل هشا, والسبب في ذلك  أن الاقتصادالإقتصاد الروسي يعتمد بالدرجة الرئيسية على الصادرات النفطية, علما أن سعر برميل النفط يبقى عاملا يصعب السيطرة عليه. ومادام النفط الخام العراقي لا يتدفق إلى الأسواق الغربية, ومادامت  منظمة الأوبيك ستوقف الإنتاج, فإن سعر البرميل  النفطي سوف يظل مرتفعا بمعدل 28 دولارا في عام 2003. ولكن من يضمن عدم تدهور أسعار النفط الخام؟   إن الإنتاج  النفطي الروسي(8,6مليون برميل يوميا في آب 2003) ينموبمعدل 10% في السنة,بينما الاستهلاكالإستهلاك الداخلي ما انفك يتقلص. ففي كل سنة , توجد عدة مناطق محرومة من الطاقة طيلة أشهر الشتاء القاسية. وفضلا عن ذلك , فإن الإنتاج النفطي يتطور بسرعة أكبر من القدرة التصديرية للبلاد(3,5 مليون برميل يوميا). وهناك عدة مشاريع مد أنابيب نفط قيد الدراسة. وواحد من هذه المشاريع تعنى بإنجازه الشركة النفطية العملاقة يوكوس , ويستهدف تصدير النفط الخام إلى الصين , المرشحة لأن تصبح ثالث مستورد للنفط في العالم.  غير أن الوزارة الروسية للموارد الطبيعية المتشجعة لإنجاز خط أنابيب نفط نحو اليابان, عارضت ذلك  المشروع لأسباب تتعلق بحماية البيئة. أما الرئيس السابق  لشركة يوكوس الروسية للنفط ميخائيل خودوركوفسكي الذي عارض  إحتكار مد الأنابيب للنفط من قبل شركة ترانسنيفت , فقد أدخل إلى سجن  موسكويوم 25 أكتوبر2003.أكتوبر الماضي.   إن المتعهدين الرئيسيين للاستثمارللإستثمار المباشر هم الشركات البترولية , من بينهابينهن: بريتش بتروليوم, ودوتش شال, اللواتي يرفضن التخلي عن استغلالإستغلال الثروات الباطنية النفطية والغازية السيبيرية. ففي 3 نوفمبر الماضي , أكد دوتش بنك نيته شراء 40% من مجموعة فاينانشال يونايتد , وهو بنك للاستثمارللإستثمار متمركز في موسكو. ومع ذلك  , يظل دور الاستثماراتالإستثمارات الأجنبية في الاقتصادالإقتصاد الروسي محدودا من الناحية الإستراتيجية.ذلك أن الاستثماراتالإستثمارات الأجنبية الضعيفة متمركزة حصرا في قطاع  المواد الأولية. وخلال السنوات الأخيرة , احتلتإحتلت قبرص المرتبة الثانية  من حيث دخول رؤوس الأموال إلى روسيا , بقيمة 7,6 مليار دولار. بيد أن هذه الأموال تمثل في حقيقة الأمر عودة لرؤوس الأموال الروسية التي تم تهريبها في وقت سابق نحو الجزيرة المتوسطية التي تمثل إحدى الفراديس الضريبية في العالم. وقد وضعت رؤوس الأموال المهربة هذه في حسابات أوفشور بقيمة 20 مليار دولار سنويا على مدى عشر سنوات, وتستخدم  هذه الأموال المتهربة من دفع الضرائب الآن كأساس للاستثمارللإستثمار للطبقة الرأسمالية الروسية الجديدة.   والحال هذه يسجل هروب رؤوس الأموال انخفاضاإنخفاضا ملحوظا في ثلاثة الأشهر الأولى من سنة 2003, وهذا إن يؤكد على شيء فهو يؤكد على عودة الثقة, إذ بلغت دخول رؤوس الأموال الصافية 4,6 مليار دولار.  غير أن الاتجاهالإتجاه  تغير  عقب الملاحقات القضائية ضد شركة يوكوس- مع اعتقالإعتقال بلاتون ليبيد يف الذراع اليمنى لميخائيل خودوركوفسكي في شهر يوليو/تموز2003. تموز الماضي. وو قد بلغ خروج رؤوس الأموال الصافية  من روسيا 7,7 مليار دولار في النصف الثاني من السنة , و13,2 مليار دولار لكامل سنة 2003 , حسب قول رئيس البنك المركزي الروسي.   أما المحرك الآخر للنمو, فيتمثل في الاستهلاكالإستهلاك الداخلي الذي يعيش أيامه السعيدة بفضل زيادة  الدخل للفرد الروسي (160 دولارا معدل وسطي ) الذي من المتوقع أن يرتفع بنحو 46% حتى عام 2010حسب دراسة سماسرة نهضة رأس المال. ويظل جنون هذا الاستهلاكالإستهلاك متركزا في بعض المراكز المدنية .المدينية . فالفوارق المناطقية داخل روسيا لازالت كبيرة جدا, والفارق في  مستوى العيش بين  موسكو والمحافظات في الريف هو كبير  إلى درجة أن سكان  العاصمة وضواحيها لا يتكلمون اللغة عينها كما يقول الروس بتهكم.   إن النجاحات الاقتصاديةالإقتصادية الروسية لا يجوز أن تنسينا  أن 12 شركة كبيرة تنتج وحدها 70% من الناتج الإجمالي الوطني , بينما تجد الشركات المتوسطة والصغيرة صعوبات في تطوير نفسها في محيط يتسم بعدم الشفافية وغياب القانون, والقرارات البيروقراطية التعسفية وانتشارإنتشار الفساد. وقد ثبتت البيروقراطية مواقعها بقوة بالقياس إلى المرحلة السوفيتية .السوفياتية . ويمكن القول أنها أصبحت الآن العامل الأقوى على مسرح الأسواق غير الشرعية والفاسدة .فالوظيفة في القطاع العام أصبحت بمنزلة بز نس خاص. وأصبح واجبا على رجال الأعمال استرجاعإسترجاع بالشراء الحقوق الدستورية من  البيروقراطيين.   ويشكل المشروع السياسي « لديكتاتورية القانون » المقلق منذ وصول فلاديمير بوتين إلى الكرملين في عام 2000, والذي رحبت به الحكومات الغربية, إشارة صحيحة تؤكد أن الأمور باتت ممسوكة بشكل أفضل. فبدلا من الرأسمالية المتوحشة  والمرتشية التي اتسمإتسم بها عهد الرئيس السابق يلتسين,  فإن روسيا الرئيس بوتين تندفع نحو النظام والرخاء. ومع ذلك هناك 40 مليون من الروس , أي 25% من عدد السكان الإجمالي,  يستمرون في العيش تحت خط الفقر ( أقل من دولار واحد في اليوم ولكل شخص حسب إحصاءات البنك الدولي).

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

1 janvier 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1321 du 01.01.2004  archives : www.tunisnews.net عبدالحميد العدّاسي : من المفـســـد صالح كركر: معضلة

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.