TUNISNEWS
7 ème année, N° 2221 du 21.06.2006
المجلس الوطني للحريات بتونس: نشاط دولي للمجلس الوطني للحريات إسلام أون: اعتقال (الشيخ ضو مسكين) الكاتب العام لمجلس الأئمة بفرنسا إسلام أون: أئمة فرنسا يدينون “تلفيق” الاتهامات للشيخ ضو مسكين الحسين بن عمر: “أموت جوعا في وطني و لا أحرق، لا لهضم حقي الطبيعي في النجاح و العمل” مختار العيدودي: حركة الأيدي والعقول النظيفة الحوار نت تحاور السيد عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة محرّر صفحة 18 أكتوبر: إلى المُهَجّرين في اليوم العالمي للاجئين (20 جوان) حبيب الرباعي: إذا لم نعتبر بمن سبقنا فسنكون عبرة لمن يأتي بعدنا (الجزء الثاني): (إلى المشتغلين بالسياسة) لطفي الهمامي: الحجاج حقائق: الأمهات العازبات بين مطرقة الفقر والجهل وسندان المجتمع الرافض حقائق: سماحة مفتي الجمهوريّة كمال الدين جعيّط – الموقف منهنّ رهين الإكراه والطوعية… رويترز: الحكومات العربية تلزم الصمت بشأن جوانتانامو رويترز: وزيرة: سوريا تضع اللمسات النهائية على قانون لتعدد الاحزاب رويترز: حقوقيون مغاربة يطالبون بالتحقيق في مقتل مئات في مظاهرة عام 1981 رويترز: مؤتمر للجامعة العربية يدعو لتنشيط العمل المغاربي القدس العربي: تركيا تتجه لاستبعاد النصوص الإسلامية التي تجيز استخدام العنف ضد النساء إسلام أون لاين: “بن لاخضر” فاتحة أبواب تونس لعلوم الذرة اف ب: الصحافة التونسية تجدد انتقادها للمدرب لومير اف ب: التونسي الجمالي مدافع بوردو الفرنسي مغترب مثقل بالخبرة محمد كريشان: الكرة والسياسة في المونديال أبوبكر الصغير: سُـجُـودُ الـشّـكـر صلاح الدين الجورشي: الإسلام والديمقراطية والمركزية العربية نور الدين الفريضي: حيرة غربية بين متطلبات الواقع وضرورات المصالح
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
نشاط دولي للمجلس الوطني للحريات
اعتقال (الشيخ ضو مسكين) الكاتب العام لمجلس الأئمة بفرنسا
باريس– هادي يحمد
اعتقلت السلطات الفرنسية الشيخ “ضو مسكين” الكاتب العام لمجلس الأئمة بفرنسا ومدير مدرسة النجاح بشمال باريس بتهمة “غسيل أموال” فيما يتصل “بجماعة إرهابية”.
وعلمت شبكة “إسلام أون لاين.نت” من مصادر بوزارة الداخلية الفرنسية “أن الشيخ ضو مسكين اعتقل مع نجله الليلة الماضية (ليلة الإثنين 19-6-2006)، وسيبقى عدة أيام رهن الاعتقال، للتحقيق معه في مصادر تمويل مدرسة النجاح التي يملكها، وكذلك في ملكية مزرعة في شمال فرنسا اتخذها كمخيم صيفي لتلاميذ المدرسة التي يديرها”.
وأضافت نفس المصادر أن “الأمر يتعلق ربما بغسيل أمول قادمة من دول خليجية، وجاءت بطرق غير مشروعة، كما أن الأمر يتعلق بغسيل أموال في إطار علاقة بمنظمة داعمة للإرهاب”.
من جهته قال زهير بريك رئيس المجلس الفرنسي للأئمة في تصريحات لـ”إسلام أون لاين.نت”: “إننا نجري اتصالات مع وزارة الداخلية لمعرفة الأسباب التي أدت إلى اعتقال الكاتب العام للمجلس، وعلى ضوء نتائج هذه الاتصالات سنحدد موقفنا، خاصة أن الشيخ ضو مسكين شخصية معروفة للرأي العام المسلم بفرنسا وللسلطات الفرنسية، ولوزير الداخلية نيكولا ساركوزي شخصيا، وهو يحظى بتقدير كبير، واعتقاله يثير أكثر من علامة استفهام”.
ولم يتسنَّ الحصول على الفور على تعليق من أيٍّ من المنظمات الإسلامية الفرنسية الأخرى بخصوص القضية.
وأسس الشيخ ضو مسكين مدرسة النجاح عام 2001، وهي المدرسة الأولى في فرنسا التي تخص الأقلية المسلمة، وكان مسكين قد قال في تصريحات سابقة لـ”إسلام أون لاين.نت”: إن “تمويل المدرسة يأتي في غالبه من التبرعات التي يقدمها أولياء أمور التلاميذ وعموم الجالية المسلمة”.
عرقلة “النجاح”
وذكر مصدر مسئول بمدرسة النجاح -رفض الكشف عن اسمه- أن “اعتقال الشيخ يأتي قبيل حولي 15 يومًا من الاعتماد الرسمي للتمويل الحكومي الذي ستتحصل عليه المدرسة”، ورأت المصادر أن “اعتقاله يأتي لعرقلة تمتع مدرستنا بهذا التمويل”.
وطبقا للقانون الفرنسي تصبح المدارس الخاصة مؤهلة للحصول على دعم حكومي بمجرد أن تكمل خمس سنوات من العمل المتواصل، وهو شرط لا يمكن بدونه أن تتمتع المدارس بهذا التمويل.
ومن جهته قال عبد الحفيظ الخميري أستاذ اللغة العربية في مدرسة النجاح: إن “اعتقال الشيخ ضو مسكين يجب أن ينظر إليه في الإطار العام وهو نهاية السنة الدراسية، كما أن التوقيت الذي اختير لاعتقاله وهو توقيت العطل الصيفية، لمنع الأقلية المسلمة التي يقضي أغلبها عطل نهاية العام من التحرك من أجل إطلاق سراحه”.
وأضاف الخميري لـ”إسلام أون لاين.نت”: “هذا فضلا عن موقف الشيخ المنتقد لمشروع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهو موقف لم يرحب به وزير الداخلية نيكولا ساركوزي كثيرا”.
والتقى وزير الداخلية مرتين بالشيخ مسكين لاستشارته في العديد من المسائل التي تتعلق بالأقلية المسلمة، كما حضر ساركوزي مؤتمر مجلس الأئمة الذي عقد في عام 2004، وألقى خلال المؤتمر كلمة أثنى فيها على دور المجلس كـ”هيكل معتدل”.
وتشدد السلطات الفرنسية الإجراءات الأمنية، وتقوم بترحيل الأئمة الذين تتهمهم بـ”الترويج لأفكار إرهابية” أو بالاشتراك في قضايا تمويل الإرهاب.
ويبلغ عدد المسلمين في فرنسا نحو 6 ملايين نسمة من بين إجمالي عدد السكان البالغ 62 مليونا، بما يجعل الإسلام ثاني ديانة في فرنسا، ويجعل المجتمع المسلم أكبر أقلية في أوربا.
(المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 20 جوان 2006)
اعتقال الأمين العام للأئمة المسلمين في فرنسا
باريس ـ يو بي آي: أوقفت أجهزة الأمن الفرنسية الامين العام لمجلس أئمة فرنسا داحو مسكين و16 من المقربين منه لاشتباهها بتمويله الارهاب .
وأكدت الشرطة توقيف مسكين وعدد من أفراد عائلته في منطقة السين ماريتيم ضمن المجموعة التي أوقفت في مركز الشرطة القضائية في نانتير القريبة من باريس.
وتبين أن ابن الامام مسكين واسمه مالك مسكين يدير فرع الأئمة في منطقة بريز نورماندي.
وكان القضاء الفرنسي فتح تحقيقا بقضية تمويل الارهاب قبل عام للتأكد من عمليات تبييض أموال لخدمة الاسلاميين.
والجدير بالذكر أن مسكين، وهو من أصل تونسي، أسس أول مدرسة مسلمة خاصة في فرنسا في العام 2001 ومركزها أوبرفيليي القريبة من العاصمة الفرنسية.
ومن المعروف أن مسكين هو أحد كبار دعاة الحوار بين المسلمين والمسيحيين واليهود، وكان قدم مشورة لوزراء الداخلية المكلفين في فرنسا بأمور الأديان خصوصاً في أثناء السجال حول الحجاب، وكان يدافع دائما عن القيم الجمهورية .
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 21 جوان 2006)
أئمة فرنسا يدينون “تلفيق” الاتهامات للشيخ ضو مسكين
باريس – هادي يحمد
طالب المجلس الفرنسي للأئمة بإطلاق سراح كاتبه العام الشيخ ضو مسكين، معتبرا أن الاتهامات الموجهة له “ملفقة ومهينة لمسلمي فرنسا باعتبارها تمس رمزا من رموزهم”.
وبعد ساعات من هذه المطالبة مدد قاضي التحقيق اعتقال الشيخ مسكين لمدة 48 ساعة أخرى على ذمة التحقيق.
وشدد المجلس في بيان أصدره الثلاثاء 20-6-2006 على أن لدية ثقة تامة في براءة الشيخ ضو مسكين، قائلا: “نحن نعرفه بشكل جيد منذ عشرين عاما لكي نؤكد الطبيعة الملفقة للاتهامات الموجهة إليه”.
ودعا المجلس الفرنسي للأئمة السلطات إلى “التعامل مع الشيخ ضو مسكين باحترام”، كما دعا في الوقت ذاته الأقلية المسلمة إلى “الهدوء أمام هذا الامتحان”.
واعتقلت السلطات الفرنسية الشيخ مسكين مع نجله ليلة الإثنين 19-6-2006 بتهمة “غسيل أموال” فيما يتصل بـ”جماعة إرهابية”.
“بعيد عن أي شبهات”
وأثارت عملية الاعتقال ردود فعل واسعة في أوساط الأقلية المسلمة استنكرت هذا الإجراء من جانب السلطات.
ففي تصريحات لـ”إسلام أون لاين.نت” الأربعاء 21-6-2006، قال زهير بريك رئيس المجلس الفرنسي للأئمة: “إن الخصال الوسطية التي يتمتع بها الشيخ ضو مسكين، ودوره الإيجابي داخل الأقلية المسلمة وفي الحوار بين الأديان يجعله بعيدا عن أية شبهات، وبالتالي نحن في المجلس نستغرب الإيقاف وملابساته”.
وطالب بريك بالكشف عن الأسباب الحقيقة لاعتقال الشيخ مسكين، خاصة أن محاميه وعائلته لم يتوصلا إلى تفاصيل الاتهامات الموجهة إليه.
اتحاد الجمعيات المسلمة بالمنطقة 93 أصدر بدوره بيانا أعرب فيه عن صدمته من حملة الاعتقالات التي طالت عدة شخصيات مسلمة في منطقة “سانت ديني” بشمال باريس، وفي مقدمتهم الشيخ مسكين، وهو أيضاً مالك ومدير مدرسة النجاح الخاصة.
ولفت الاتحاد إلى أن الاعتقالات شملت أيضا “شهاب حرار” رئيس جمعية مسلمي مدينة “ابرفيلى” ونائبه “كيلاني كميلا”، إضافة إلى مدير مدرسة الأطفال التابعة للجمعية.
مدرسة النجاح
ولم يستبعد بيان الاتحاد وجود رابط بين “اعتقال الشيخ ضو مسكين وتعطيل الاعتماد الرسمي لمدرسة النجاح عن طريق تمويلها من قبل الدولة بعد خمس سنوات من عملها”.
ووفقا للقانون الفرنسي يحق للمدارس الخاصة الحصول على دعم حكومي بمجرد إكمالها خمسة أعوام من العمل المتواصل.
وربط البيان أيضاً بين هذه الاعتقالات وأجواء الاسلاموفوبيا (الخوف المرضي من الإسلام) التي انتشرت في البلاد، معتبرا أن الأمر “لن يؤدي إلا إلى تقوية أصوات اليمين المتطرف في فرنسا”.
ومن جهته قال التهامي إبريز رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا، الذي كان الشيخ مسكين أحد مؤسسيه: إن الاتحاد أجرى اتصالات مع وزارة الداخلية لمعرفة أسباب اعتقال الشيخ مسكين، لكن دون التوصل لنتيجة إلى الآن.
وقال إبريز: “من الواضح أن الأمر بيد القضاء، ولا يمكن أن تتدخل فيه السلطة التنفيذية”.
وإلى الآن لم يصدر أي رد فعل رسمي من جانب المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهي الجهة التمثيلية الرسمية لمسلمي البلاد.
وسبق للشيخ مسكين انتقاد تأسيس هذا المجلس عام 2003، معتبراً أن تمثيل مسلمي فرنسا يجب أن يكون من قبل الأئمة فقط.
تمديد الحبس
وفي سياق القضية مدد قاضي التحقيق الليلة الماضية اعتقال الشيخ ضو مسكين لمدة 48 ساعة أخرى.
وسيبقى الشيخ رهن الاعتقال للتحقيق معه في مصادر تمويل مدرسة النجاح، وكذلك في ملكية مزرعة بشمال فرنسا اتخذها كمخيم صيفي لتلاميذ المدرسة.
ونفلت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية الأربعاء عن مصادر من المحققين الفرنسيين قولها: إن اعتقال الشيخ ضو مسكين جاء بناء على ملاحظة مفادها أن “أموالاً أضيفت إلى رصيده البنكي ورصيد ابنه قادمة من منظمات خيرية خليجية، وأن المحققين غير متأكدين من أن الأمر يتعلق بمنظمات ذات طبيعة إرهابية”.
وأضافت المصادر أن “عملاء غير شرعيين ذوي صلة بالجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية ترددوا – بحسب المحققين- على المركز الذي أقامه الشيخ مسكين بشمال فرنسا كمخيم صيفي”، غير أنه لم يتم تأكيد هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
دور مؤثر
وكان الشيخ ضو مسكين قد حل بفرنسا في أوائل ثمانينيات القرن الماضي قادما من تونس، وساهم في تأسيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا.
وفي عام 2001 أسس الشيخ مدرسة النجاح التي تختص بتعليم اللغة العربية والعلوم الإسلامية.
كما ساهم الشيخ مسكين في تأسيس المجلس الفرنسي للأئمة، الذي يضم حوالي 400 إمام، ونصب كاتبا عاما له.
ويعرف عن الشيخ ضو مسكين تأثيره في الأقلية المسلمة إلى الحد الذي دفع بوزير الداخلية نيكولا ساركوزي إلى استقباله مرتين للتشاور معه فيما يتعلق بملفات الأقلية المسلمة.
(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 21 جوان 2006)
بسم الله الرحمــــان الرحيـــــم حرر بتونس في 21/06/2006 مناشدة: “أموت جوعا في وطني و لا أحرق، لا لهضم حقي الطبيعي في النجاح و العمل”
حركة الأيدي والعقول النظيفة
مختار العيدودي – تونس
مفهوم الحركة و طبيعتها
*هي حركة فكرية نخبوية وشعبية موجودة بالمجتمع التونسي نادى إلى تكوينها والالتفاف حولها وتدعيمها الأخ حسين المحمدي منذ شهر ديسمبر 2005 وهي حركة مندرجة في مسار تفاعلي مع حركة 18 أكتوبر وحركة النقابيين الأحرار التي تضم العديد من التونسيين والتونسيات الموزعين على مختلف قطاعات المجتمع المدني .
*حركة الأيدي والعقول النظيفة موجودة صلب الأحزاب السياسية القانونية والمحظورة وتنشط داخل النقابات والهيئات والجمعيات الحقوقية وغير الحقوقية كما أنها حركة تنبض بالشارع التونسي بمقاهية ونواديه وهي ترصد الأحداث وترد الفعل بشكل تلقائي يدل على نضج المواطن التونسي وإحساسه العميق بضرورة الانخراط في عمل مدني سلمي يكفل حدا أدنى من العيش السليم .
*هي حركة الحقوقيين و المدافعين على حقوق الإنسان والمتمسكين بحرية الإعلام والمطالبين بالحرية للجميع وعلى رأسهم المساجين السياسيين والمبعدين عن الوطن .
*هي حركة تدعم كل مسارات الحرية والتتحرر من خلال العمل المركز على القواسم المشتركة ونقاط التقاطع بصرف النظر عن المرجعية والخلفية والايدولوجيا والنمط الفكري والثقافي .
*هي حركة تتجاوز التحرر السياسي نحو التحرر الاقتصادي والتحرر الاجتماعي و التحرر الثقافي والتحرر المعرفي…. بشكل يضمن لها الديمومة داخل المجتمع المدني الساعي دوما إلى التقدم والرقي وبلوغ الأفضل .
*وهي حركة تنطلق بالمواطن وتسير بالمواطن وتهدف إلى المواطن من خلال جدلية تأثر وتأثير متواصلة بين مختلف مكونات المجتمع المدني .
*هي حركة إنسانية وأخلاقية تقوم على قيم ومبادئ ومثل عليا تجمع بين مختلف شرائح المجتمع المدني وتواجه نمطا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا متخلفا وجامدا جمع بين الفساد والركود والتستر على ذهنية حكم رجعية .
*هي حركة دون مقر ودون هاتف ودون فاكس ودون عنوان الكتروني ودون مراسلين ودون لجان غيرقابلة للحصار أو للتدجين أو للترهيب لأنها حركة فكرية تعيش في وجدان كل مواطن يعشق ا لحرية والكرامة و يتمنى لوطنه الارتقاء إلى مصاف الدول المتحضرة والمتقدمة .
*هي حركة غير سياسية تخاطب الأيدي و العقول النظيفة فالأيدي الشريفة تأبى على نفسها تنفيذ تعليمات صادرة عن عقول غير نظيفة و عليه فالأيدي مطالبة بعدم احترام العقل الذي يأمرها بالتدليس والتزوير وخيانة الأمانة والاستيلاء على الأموال العمومية وقبول الرشوة وتسليمها ……أما العقول النظيفة فهى مطالبة بموا جهة العقول التي تؤمن بالشر والبطش والعنف والإرهاب والإقصاء والتهميش وتكون المواجهة بأسلوب حضاري يعتمد النقاش والحوار والإقناع بعيدا عن التشنج والتسرع والتعصب والتطرف لان التأسيس لبناء مجتمع مدني نظيف يتطلب جهدا متواصلا ونفسا نضاليا طويلا وتراكمات عديدة ستفرز حتما في يوم قريب ميلاد شعب يقدس المواطنة ويضحى بذاته من اجل وطن راقي ومتطور ومزدهر .
اهداف حركة الايدي والعقول النظيفة
1- الاهداف السياسية
– تكريس التداول على الحكم بأسلوب اختياري وتنافسي وحضاري في إطار عملية ديمقراطية شفافة وحرة تعتمد الانتخاب المباشر والسري والنزيه .
تكريس الحد الزمني الأقصى بدورتين لكل دورة فترة زمنية لا تتجاوز خمس سنوات يمنع بعدها المنتخب من تجديد ترشحه لذات المنصب السياسي أو لمنصب سياسي آخر .
توفير ضمانات المنافسة النزيهة من خلال مساواة جميع الأحزاب السياسية في التوجه إلى الناخب وفي الحصول على الدعم المالي وفي الانفراد بمساحة اعلامية و اشهارية .
اعتماد المرجعية الشعبية عند إعادة تشكيل الحياة السياسية بحل الأحزاب الموجودة كلها وتعليق العمل بقا نون الأحزاب ثم التوجه إلى المواطن الحر ليفرز توجهه السياسي الشعبي وفي هذا الإطار لابد من التنويه بالاتي :
* تكوين حزب سياسي يتطلب ما لا يقل عن مائة ألف منخرط .
* تكوين حزب سياسي يعتمد أي مرجعية شعبية يراها متاحة بما في ذلك الأحزاب ذات المرجعية الدينية سواء توحدت أو اختلفت ا وكثرت فالحرية مضمونة لمختلف الأيديولوجيات والأنماط الثقافية سواء كانت دينية أو علمانية .
* توفير كل الفضاءات المتاحة لعملية تشريك المواطن في الحياة السياسية دون ضغط أو ترهيب أو شراء للذمم أو ابتزاز للأصوات بشكل يضمن الحد الأقصى من حماية إرادة الناخب وخياره مهما كان .
* إعادة النظر في فصول الدستور التونسي المتعلقة بالنظام الرئاسي في السلطة التنفيذية وما يتبعه من فصول بالقانون الانتخابي وذلك في إطار التوجه إلى تنقيح النظام المعمول به من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني أين تكون الحكومة مكونه من الحزب السياسي الفائز بالانتخابات التشريعية وبالتالي تسهل مراقبة عمل هذه الحكومة من بقية نواب الشعب سواء كانوا من الحزب الفائز أو من الأحزاب المعارضة أو من المستقلين. وفي صورة تشكيل الحكومة من حزبين فائزين أو أكثر فان إشكال الرقابة تتدعم أكثر بوجه يضمن مصداقية العمل داخل الحكومة أو داخل مجلس النواب .
*اعتماد الشفافية في محاسبة رجال السياسة من خلال إلزامهم بإمضاء تصريح على الشرف يتضمن ممتلكاتهم ودخلهم- الشخصية والعائلية – عند المباشرة وإجراء الجرد عند انتهاء المباشرة وذلك من طرف لجنة وطنية مستقلة لا تمارس العمل السياسي تكون منتخبة من عدة قطاعات ( القضاء والمحاماة ورجال الإعلام ….)
* توسيع صلاحيات الحكومة ورئيسها من مجرد أشخاص موظفين إلي واضعي برامج وخطط وطنية مسطرة وواضحة مع الالتزام بتطبيقها وفق برنامج زمني محدد تحت رقابة مجلس النواب بمختلف الأعضاء فالصلاحيات يؤدي إلى تحمل المسؤوليات وفي المقابل يقع الحد من صلاحيات رئيس الدولة إلى اقل حد ممكن إن لم يكون منصبه شرفيا مثلما هو معمول به بالعديد من الدول الديمقراطية المتقدمة والمتحضرة .
* بعث الروح في الدور التشريعي لمجلس النواب من خلال استلهام الاقترحات من الناخبين مباشرة حسب الحاجة والمشاغل والأولويات ووضعها على بساط النقاش داخل المجلس في اجل 30 يوما من تاريخ ورودها إلى كتابة المجلس وذلك لتكريس حكم الشعب ووضع المواطن لقوا نين الدولة مثلما يراها مفيدة للوطن و للمواطنة بشكل عام .
* إعادة الهيبة للسلطة القضائية من خلال العديد من الإجراءات العملية المكرسة لاستقلال هذه السلطة ودورها في ردع الجميع دون فرق مع اعتماد المساواة بين الجميع أمام القانون ولعل ابرز اقتراح يهم هذه المرحلة يتمثل في اعتماد مجلس أعلى للقضاء منتخب من عموم القضاة ويترأسه قاضي من أعلى رتبة وبالتالي لا يبقى أي سلطان على القاضي إلا تطبيق القانون على الجميع بما فيهم رئيس الدولة وذلك في صورة تورط احدهم في أي جريمة متعلقة بالحق العام كما أن القانون يطبق على سائر شرائح المجتمع مهما كانت درجاتهم ومناصبهم وحالتهم الاجتماعية وبتحقيق هذا الهدف يكون العدل أساسا للعمران الفعلي. وفي المقابل من المتجه تحسين ظروف عمل القضاة وتوفير الدخل العالي لهم والمنزل و السيارة وكل الامتيازات الممكنة حتى يتمكنوا من أداء دورهم الوطني دون ضغوط و ابتزاز أو ترهيب أو احتواء أو تجنيد .
2) الاهداف الاقتصادية
-تهدف الحركة إلى حماية المال العام أو ما تبقى منه وتعمل على تحميل الفريق الحاكم المسؤولية الكاملة عن هدر المال العام وإتلافه في مشاريع منعدمة المردودية الهدف منها تحقيق الربح لبعض الفئات أو الأشخاص .
-إن حماية المال العام وبعث لجان تحقيق وطنية حول قنوات استجلابه وقنوات صرفه ومدى انتفاع الوطن به يعتبر من أولويات الحركة التي تعمل على التصدي إلى كل أشكال الاستيلاء على الأموال العمومية مهما كان الأشخاص القائمين بهذه الجرائم في حق المواطن التونسي . والأمانة تقتضي من كل مواطن شريف ونزيه الكشف عن هؤلاء الأعداء الحقيقيين للوطن بهدف استرجاع المال العام وإرجاعه إلى الدورة الاقتصادية الوطنية لينتفع به الجميع .
-وتعمل الحركة على محابهة كل جرائم الحق العام التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالاستيلاءات على الأموال العمومية ومن ذلك السرقة والرشوة والتحيل والتدليس بخصوص الصفقات العمومية سواء كان تدليسا ماديا أو تدليسامعنويا باعتماد المحاباة والمجاملة لبعض الأشخاص على حساب المصلحة الوطنية العليا .
-إن اوكد أهداف الحركة اقتصاديا هواعادة الاعتبار إلى قطاع الفلاحة والصيد البحري من خلال ترشيده وتأهيله وضخ الاستثمارات به وحث اليد العاملة على الرجوع إليه لأنه يبقى الملاذ الأخير والوحيد بالنسبة إلى الدولة في هذا الظرف الحرج الذي تم فيه خصخصة أكثر من 90 بالمائة من القطاع العام وبالتالي فان إيجاد إيرادات مستقبلية لا يمكن توفيره عمليا إلا من خلال اعتبار الفلاحة والصيد البحري من أولى الأولويات بالاهتمام والاعتناء ثم بدرجة ثانية يتجه النهوض بالصناعات الخفيفية الغذائية والمخصصة للتصدير فهى قطاعات حيوية تضمن إيرادات مهمة عند توفر الجدوى والمردودية والموازنة بين السعر وقيمة المنتوج ثم أخيرا وبدرجة ثالثة تأتى التجارة الخارجية والتصدير وقطاع الخدمات التي ان توفرت لها ممهدات النجاح فإنها ستكون عونا على توفير إيرادات هامة للدولة كما أنها تقلص بصفة كبرى في الالتجاء إلى القروض المتوسطة والطويلة المدى التي تثقل الكاهل عند ارجاعها وتفاقم في حجم المديونية الخارجية وما يتبعه من تأثيرات سلبية على الخيارات الخارجية عند ممارسة السيادة .
-إن ما يجب التقليص فيه خلال الفترة الحالية هو حجم الاستثمارات في القطاع السياحي لأنه قطاع مشبع ومتقلب كما أن له انعكاسات سلبية على الاستحقاقات العقارية للمواطن التونسي في وطنه .
إن الهدف الأسمى للحركة يتمثل ضمان أوفر الحظوظ للحصول على نسبة نمو اقتصادية مرتفعة يحصل معها الرقي لكامل أفراد المجتمع .
*إن غلاء المعيشة وارتفاع السعار وارتفاع نسبة البطالة بصفة عامة والبطالة لدى حاملي الشهادات الجامعية بصفة خاصة وكثرة حالات الطرد من المؤسسات الخاصة وماينجر عنه من مشاكل اجتماعية وعائلية كبرى يجعل الحركة تدق ناقوس الخطر لان السلم الاجتماعي أوشك على الانهيار و الانفلات وهذا يدعو إلى تدخل سريع وعاجل بإحداث وتفعيل الصناديق الاجتماعية التي تضمن العيش الكريم للمواطن .
*وتهدف الحركة إلى البحث في الحلول الممكنة لإعادة الدور الاجتماعي الى مكانته الرئيسية في اهتمامات الدولة فلا مجال لاستقالة الدولة فيما يتعلق بتوفير أسباب العيش الكريم لكل فئات المجتمع وطبقاته وخاصة الفئات دوي الحاجيات الخصوصية من عاطلين عن العمل بسبب البطالة وعدم توفير مواطن الشغل والعاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا والأرامل والأيتام والمطلقات والعجز والقاصرين عن الحركة العضوية والفاقدين للسند والمصابين بأمراض ذهنية ونفسية ……..
*وتهدف الحركة إلى البحث في الوسائل الكفيلة للارتفاع بالدخل الخام لكل مواطن تونس إلى ما لا يقل عن 15 ألف دينار سنويا مع المنزل الخاص والسيارة الخاصة لان الإنسان كائن مقدس يستحق أن توفر لكل مقومات الراحة ليتمكن من الإنتاج العملي والإنتاج الفكري المعرفي الذين بها تعم الفائدة على الوطن وبفقدانهما تخسر تونس العديد من الطاقات البشرية التي قد تكون مهددة بالموت غرقا عند الإبحار خلسة للبحث عن مقومات العيش الكريم في بلد آخر .
4) الاهداف الفكرية والمعرفية والثقافية والاعلامية
* إن فكر الإنسان وتفكيره وإنتاجه الفكري تعتبر من المحركات الأساسية لتقدم أي مجموعة بشرية وعليه فان توفير الضمانات الكافية لحرية التفكير ومن ثمة حرية التعبير وإبداء الرأي يعتبر من أهم أهداف الحركة لأنها بالأساس حركة فكرية وفي المقابل يجب التوقف عن مجابهة أي إنتاج فكري بالإقصاء أو التهميش أو الزجر لان ذلك يولد الحقد والكراهية والبغضاء والعنف والإرهاب والتطرف بل من المتوجب احترام أي رأي مهما كانت مرجعيته ومناقشته وتحليله بعمق واستخراج المفيد منه وعدم العمل بالسيئ منه لان كل نتاج فكري هو بالضرورة نتاج نسبي يحتمل الصواب والخطأ إذ انه لا احد يملك الحقيقة المطلقة الخالدة والصالحة لكل زمان ومكان .
* إن اكتساب آخر ما توصل إليه البشر من أسباب المعرفة في مختلف مجالاتها يعتبر من اوكد أهداف الحركة لأنه لا يمكن للمجموعة البشرية إن تتطور دون تفتح على التجارب المعرفية للآخرين وإعمال الرأي فيها لتبين الغث من السمين وذلك للا لتحاق بمصاف الأمم المتقدمة معرفيا .
*وتتمثل أهداف الحركة من الناحية الثقافية في التأسيس لوجود نمط ثقافي ايجابي في مفهومه المطلق وتتجلى الايجابية الثقافية في التحرر من القوالب الجاهزة واستبعاد تقديس بعض الأشكال الثقافية فالتحرر الثقافي يتطلب تطوير الروح النقدية لدى المواطن بخصوص كامل الأنماط الثقافية .كما أن تطوير الروح النقدية لدى المواطن تؤدي إلى اكتسابه سلوك سياسي رشيد ونقدي يمر من خلاله من المواطن السلبي المشاهد والمفعول به إلى المواطن الايجابي و المشارك والمواطن الفاعل والمتفاعل .
* وأخيرا و في ما يتعلق بأهداف حركة الأيدي والعقول النظيفة في الميدان الإعلامي فان الهدف السامي والمنشود هو البحث عن الآليات العملية الكفيلة بجعل الإعلام السلطة الرابعة صلب المجتمع المدني لتونس الغد وحين الحديث عن سلطة يعني ذلك حتما التطرق إلى قطاع مسئول على كشف الحقائق وكشف الأكاذيب على حد السواء وهذا يتطلب نضالا كبيرا من رجال الإعلام في سبيل الحصول على هامش الحرية المناسب للقيام بالدور التقدمي لوسائل الإعلام كما انه يقتضي تأهيلا شاملا للإعلاميين في ميدان البحث عن المعلومة ونشر المعلومة دون السقوط في ما يهدد مصداقية العمل الإعلامي الشفاف والحر والنزيه و المستقل.
هذه المقترحات تضعها حركة الأيدي والعقول النظيفة قيد الدارسة والبحث والتحليل قصد الإضافة والإثراء من طرف كل محب للحرية وللتحرر والراغب في بناء مجتمع مدني راق بتونس الحبيبة .
مختار العيدودي – تونس
21 جوان2006
الحوار نت تحاور السيد عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة
إلى المُهَجّرين في اليوم العالمي للاجئين (20 جوان)
محرّر صفحة 18 أكتوبر
الوطن ملاذ الجسد والروح، وواحة الأصالة والمَنَعَة والعزّة.. لأنّ كرامة الإنسان مقترنة بوطنه وكرامته، فمَنذا الذي يفاضلُ وطنه بأي وطنٍ في هذه الدنيا ؟!..
لقد استدار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب على راحلته.. استدار إلى وطنه مكة المكرّمة قبيل هجرته إلى المدينة المنوّرة.. ناظراً إلى أفقها البعيد، مودّعاً أغلى وطنٍ وأحبَّه إلى نفسه، قائلاً بمرارة المهاجر المتألم الحزين : [والله إنكِ لخير أرضِ الله، وأحبُّ أرضِ الله إلى الله، ولولا أني أُخرِجتُ منكِ ما خرجت].. (رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان) .
لا يعرف مرارة الغربة إلا مَن فَقَدَ الوطن، ولا يَذوق سياط الحزن إلا مَن اضطرّ لهجرة وطن، ولا يُقَدِّر حلاوة الوطن إلا مَن ذاق علقمَ الهجرة والتنقّل والترحال بين الأوطان، ولسان حاله يقول في كل محطة : إني أبحث عن وطني، بأمنه وأمانه وجَمَاله وروعة ذكرياته !..
مَنذا الذي يغادر وطنَه من أبنائه الأبرار الحقيقيين ؟!.. لولا أنّ الوطن صَيّره المتجبّرون دمعةً حزينة، وأنّةَ ثكلى، وشلاّلَ دمٍ مهراق، ولُقمةً مغمَّسةً بالدم والذل، وأرضاً تَميد بأهلها، وسَوْطاً مسلطاً على الرقاب، وقَبواً مظلماً، وكرامةً مُضَيَّعة، وزوّارَ ليلٍ بَهيم ؟!..
مَنذا الذي هجر الوطن الحبيب.. لا يتحرّق شوقاً إليه، ولا يتلوّى ألماً عليه، ولا يسكن إلى عبرات الحنين، لكل نسمةٍ عليلةٍ كانت تلامس في رحاب الوطن وجنتيه ؟!.. مَنذا الذي لا تَحْمَرّ مقلتاه عذاباً لفراق الوطن الغالي العزيز، ولا يذوب قلبه كمداً عليه، ولا يتوق إلى ريحان ترابه العذب المعفَّر بلظى ذكراه ؟!..
لقد مرَّ عام الحزن على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هجرته، فكان حزنه مضاعفاً، بفقد العَمّ الذي نصرَ وعاضد ومنع.. وقبل ذلك، بِفَقْدِ الزوجة والشريكة المؤمنة الطاهرة، وتوأم الروح التي كانت الملجأ الإنسانيّ والسكن النفسيّ، ومَعْلَمَ الثبات على الحق، وأُنْسَ الحياة الضارية، ووطن السرّاء والضرّاء.. ومَنْ مِنَ الذين ذاقوا مرارة الهجرة والتهجير من أوطانهم، لم يحتفظ في صدره بصواعق الحزن، التي حين تنفجر.. تُفجّر كلَّ رصيد الأحزان المتراكمة في الصدور.. على الأوطان والخِلاّن ؟!..
حين نفقد الوطن، ويتعذّر علينا أن نُقيمَ داخله، فإننا نبنيه في نفوسنا، ونُسكِنه في أعماقنا، ليصيرَ جَناحَيْنِ لروحنا، فيبقى في داخلنا وطن، نُحِسّ به ونستشعر عُلُوَّه ومكانته، ونندفع لتحرير الوطن الذي هجرناه، بالوطن الذي بات يسكننا.. فمَن تعذّر عليه أن يسكن في وطن، عليه أن يُسكِنَه بين ضلوعه، ليتذكّر في كل وقتٍ وحين، بأنّ الإنسان لا قيمة له من غير وطن، فمَن يستردّ وطنه في أعماقه، لا بد أن يستردّه جغرافياً وموقعاً مكانياً !..
نحن المهاجرين أو المهَجَّرين، نتوق إلى وطنٍ آمنٍ عزيز، ولسانُ الحال يردّد بين جنبات النفوس العليلة بفقد الأوطان : [اللهم إليك أشكو ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي، وهواني على الناس.. يا أرحم الراحمين، أنتَ ربُّ المستضعَفين وأنتَ ربي.. لكَ العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوّة إلا بك] !.. فتلك كلمات قالها قبلنا سيّد خَلْقِ الله محمد صلى الله عليه وسلم.. لكنه مع كل ما اعتراه من ظلمٍ وأذىً وألمٍ وحزن.. فقد رفض أن يُطبقَ على قومه الأخشبان، انتقاماً أو حقداً أو انتصاراً للنفس.. بل قابل الإساءة البالغة والأذى الشديد، بروح المؤمن الطاهر، وقلب الرجل الكبير، وصدر صاحب الرسالة الواسع :
[بل أرجو أن يُخرِجَ اللهُ من أصلابهم مَن يعبد اللهَ وحدَهُ ولا يُشرِك به شيئاً] (متفق عليه) .
إنها صورةٌ حيّة مُشرِّفة، من صور أخلاق نبيّنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم، تنضح بالرحمة والتسامح والسموّ ومكارم الأخلاق.. نُهديها إلى أولئكَ المتجرِّدين من كل هذه القِيَم الإنسانية النبيلة، الذين لا يحرّكهم إلا الحقد والكيد واللؤم، ونذالة النفس البشرية المتجرّدة من كل معنىً إنسانيٍّ كريم.. حقداً دفيناً على أبناء جلدتهم، وعلى شركائهم في الوطن، وعلى ثلّة من خيرة شباب تونس نذروا أنفسهم لتحرير تلكم النفوس الجاهلة السفيهة التي تنفث أحقادها الدفينة الشيطانية اليوم من الاستبداد و الظلم و القهر، وللارتقاء بها إلى أكرم الدرجات الإنسانية الحقيقية.. وشتّان ما بين مَن امتلكَ روح الحضارة قلباً نابضاً بمعنى الحياة، وبين مَن امتلك جسدها الجامد كجمود قلبه وعقله.. فالأول إلى خلودٍ ورسوخ، بأصله الثابت وفَرعه الذي يعانق السماء.. والثاني إلى زوالٍ واجتثاثٍ أكيدٍ مَالَهُ من قَرار !..
أوّاهُ يا وطن الأحرار.. الذي هجرناهُ حين اضطررنا.. فهاجرنا، لكنه باقٍ كياناً حياً يسكن في أعماقنا بين ضلوعنا، ولن يُفَارقَنا، إلا مع افتراق أرواحنا عن أجسادنا !..
اقتباس من مقال للكاتب: الدكتور محمد بسام يوسف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده إذا لم نعتبر بمن سبقنا فسنكون عبرة لمن يأتي بعدنا (الجزء الثاني)
(إلى المشتغلين بالسياسة)
الحجاج
(للعراق وحده يقاتلهم)
حجاج
اركب على الغبراء
كصبح يشتهى فيك ورد القمر
فما عدت ابن الزبير
لكي تحاصرني
و لكن بي الشوق للمنجنيقات التي ترمي
الحجر
و العبيد الذين ركعوا بين
جرابيك
حزنهم و الخريف
ما اندثر
و لا الخيانات التي صلت قداسة
تنتصر
حجاج
أقم ملكك على سفائن التقوى
لتكف الحياة
و يجف سعف المطر
و أما الذين مشوا لنصر الطغاة
فعجل بحرقي
و صلب المدائن
و فضح اللغات
ليحيا الصباح/
يموت القدر
حجاج
القحط-الموت-
الجسد الطري ينفتح
ترتجف المفاصل
أجنحة الكون
و الليل مرآة
كيف لك أن تسكن طين الخلد؟
حجاج
الوطن حاوية زرقاء
يُلقى الموت المعلب
و الدود القاضم
و سيدها الثعلب
و اللحم الهارب من جسد فاطمة
و مريم
و العقرب القاتلة
هذي شرف قبيلة الموتى
و أنا لا أحب غير العاهرة
فلا الله يعيد لنا الأرواح و لا السلطان
فيا أيها التراب الساكن على فخذي
خذ نصفي
و اضرب لنا ملكا
يطغى به عبدي
حجاج
ألا فاعلم
بأنها لم تعد حبي
و لا السلطان حاكمي
و لا النمل الطالع من النهر
و كم هي الخيانات التي لم تعد تكفي
و لقد رسمت على باب المدينة
رأسا
و جدائل الشعر شمعا
على كتفي
و أضفت أيتها الحاشية كفى
جرحا على وجهي
و أدرت خاطري عن السيدة
حمالة الحطب
حجاج
يا أبهى من القبح الناعم
في الريح و القصب
احتاج إلى الشمس
أرفعها و ترفعني
و أحتاج إلى ذئب يحاصر كل القطيع
و الهواء النقي يلتوي أفعى
و المقابر مدارس المسرح
سأقف على الطفح
و أقف على حلقي
و ألقي.
و يقطع اللسان
فأمد- يدي
– و ألقي
و تقطع يدي
فأمد عيناي
و ألقي
و ينزف الخيل
مرارا ينزف الخيل
فيخر الليل
و النجمات مرارا
تطرد ليلة عرسها
و جرحها يلقي.
حجاج
أنا طفل أتعلم
و العربات أنام في حضنها
و لما تجف الذكريات
أصمت
فأسمعها تتكلم
أرأيت إنك لم تتعلم
و تضيق بكل الأمنيات
و يتسع التألم
الناس
أيها الناس
انتصبوا كالجدار
و اسألوه : من أنت ؟
و الغابة شجر الغضب المسجون
تطوق باب الانتصار
الخيانة
أيها الناس
أبهى اشتهاءات الفم السكران
و الفرح الملاحق في الفجر
الخيانة أيها الناس
ماذا تريد ؟
حجاج ماذا تريد ؟
الخيانة الحجاج
الحجاج الخيانة
أرأيت
مازلت تسكن وجه التاريخ المقتول
مازلت تسكن ريح المسلول
الناس
أيها الناس
و العمياء يصيب كل العيون الجميلة
و يوزع قارورة العدوى
مدرستي جداول حبلى
حجاج
أنا طفل أتعلم
و العربات أنام في حضنها
و لما تجف الذكريات
أصمت
فأسمعها تتكلم
و أنت ما زلت سيد الأوسمة
كم بلغت الأوسمة البلاطية من درجه ؟
من يصعد الدرجة ؟
دفعت أجنحتي
فلم أبلغ مراتب الكتبة
و الشعراء الذين اصطفوا خلف الباب
مجدوا
فصعدوا الدرجة
“نشيدك” أيها الهارب ما بلغ الباب السادس
كان بيتا خجولا
إلى “البيت ” من يدخله
و ” عياش” يرفض هزائم من أنجبه
و “تنبقت ” يا تنبقت مزيفة حناجرهم
و القيروان المرتقبة.
– نشيدك “نشيد الايام الستة”للشاعر التونسي اولاد احمد
– بيت الشعر
– عياش . المنصف المزغني
– تنبقت. المنصف الوهايبي
باريس / افريل 2006
لطفي الهمامي (تونسي)
حقائق مسكوت عنها:
الأمهات العازبات بين مطرقة الفقر والجهل وسندان المجتمع الرافض
يمشين متعثرات الخطى حاملات رضّعا تثقلهم معاناة أمّهاتهم وانكساراتهن، وعلى كاهل كلّ منهنّ حاضر مواليد قذفت بهم علاقات عابرة إلى مستقبل يبدو مجهولا مثل صفة آبائهم.. تحاول الأمّهات العازبات تحسّس طريقهنّ في مواجهة مجتمع ينبذهن علنا وقد لا يغفر لهن «الخطيئة الأولى».. بين الإحساس بمرارة رفضهن من قبل العائلة والمجتمع من جهة، وتصرفهن إزاء الوليد وتركه لولاية المؤسسات الاجتماعية أو التمسك به من جهة أخرى، ترتسم صور هذا الصراع. فمن يكنّ الآنسات؟.. وفي كلمة كيف ترى الأمّهات العازبات المستقبل الذي ينتظرهنّ؟
الإحصائيّات الرّسميّة لم تُسعفنا برقم دقيق يحدّد عدد الأمّهات العازبات في تونس، لكونها -أي الإحصائيّات- تقتصر غالبا على فئة منهنّ تنتمي إلى مستوى اجتماعيّ وماديّ معيّن ممّن يلتجئن إلى المستشفيات ومراكز الصحّة العموميّة التماسا لحلّ لتلك «الورطة».. ومن ثمّة، قد لا يتم ضمن تلك الإحصائيّات والتّقارير الرسميّة احتساب غيرهن من الفتيات اللائي يقصدن المصحّات والعيادات الخاصّة، فالنّسب الموجودة حاليّا على محدوديّتها تقدّم لنا لمحة عن هؤلاء الأمّهات.. وفي هذا الإطار، فإن عدد الأطفال المولودين خارج إطار الزواج بين سنة 1999 و2002 قد بلغ 1068 حالة أي بنسبة 0.64 % من مجموع الولادات في السنة.
للتعرّف على هؤلاء الأمهات العازبات عن قرب، ارتأينا الحديث مع عيّنة منهن، وقد تعرّضنا معهنّ إلى صعوبة اقتناص حقيقة أوضاعهن. ودائما ما تكون الشهادات الأولى سطحية أو مجانبة للحقيقة، إذ غالبا ما يحاولن إظهار أنفسهنّ في موضع الضّحيةّ، لكن محاولات تشكيل الحقيقة المزعومة نادرا ما تصمد أمام مرارة استعادة أذهانهنّ لأحداث مررن بها.. وبعد بكاء وتّحسّر على ماض ولّى قد تكتشف «الرواية» الأصليّة من حكاياتهنّ… فعلى حدّ تعبير إحداهن «أروي لك قصّتي بأصدق ما يكون لأنّك لا تعرفينني، فلا أخجل منك ولا أهتم لتقييمك، كما سيذهب سريّ معك بمجرّد افتراقنا حتى وإن نشرت قصّتي فلن يتعرّف إليّ أحد» هو منطق يبدو الأقرب إلى الواقع…
أغلبهنّ أتين من الريف…
ناجية تبدو رمزا للفتاة الرّيفيّة بكل مقاييس البساطة والعفويّة والطيبة، ربّما إلى حدّ السذاجة، تلقائية كانت إلى حدّ الثرثرة، تخالها وأنت تستمع إليها فتاة ناضجة وهي في العقد الثاني من العمر تجربتها المريرة أكسبتها – كما تقول- خبرة ودرسا في الحياة خلقا منها فتاة صلبة قادرة على مواجهة تقلبات الحياة. فهي لا تتوانى في أن تُسري بمُسْتَمعِها إلى متاهات المكتوب والقضاء والقدر.. شكلها وأسلوبها في الحديث يخرجانها من إطاري الزمان والمكان. تحدثنا بكل مرارة قائلة: «ذهبت إلى العاصمة وكلّي أمل في تحسين ظروف عيشنا، كنت أتصوّر أنّي سأتحمّل بدلا عن والدي المعوق مسؤولية عائلتي وتعليم إخوتي الستّة. لم أتوقّع هذا المصير». تستنجد ناجية بالحكمة وتواصل حديثها قائلة «ومن منّا في هذه الدنيا يتوقّع مصيره. الله وحده يعلم الغيب». لم أكن أتصوّر أنّي سأتحمّل يوما مسؤوليّة طفلٍ صغير. هذه الأمور لم تكن مطلقا هدف سفري إلى العاصمة… المرّة الأولى لا أريد تذكّرها». لم نتماسك أمام كلمة «المرة الأولى» وعلّقنا على كلامها بكل عفويّة واستغراب: «يعني الحكاية بها سلسلة من المرّات؟» فواصلت الفتاة حديثها غير آبهة بالتعليق، لسنا ندري إن كان ذلك لانغماسها في التذكّر الذي جعلها لا تسمع إلا صوت الألم، أم تراه كان صمتا متعمّدا أو خجولا…«كان صاحب الفعلة ابن العائلة التي اشتغل عندها. طلب مني يوما في غياب أسرته أن أنظّف له غرفته وهناك نزع منّي غصبا ما تتباهى به الفتيات مثلي.. بكيت كثيرا ولكني لم أدر وقتها لماذا صمتّ. ربّما كان ذلك خوفا منه لأنه كثيرا ما كان يضربني ويهددني بأن يفضحني عند أهلي أو يطردني من العمل متهما إياي بالسّرقة… كانت مسؤولياتي تجاه عائلتي أكبر من مصابي في شرفي، فكان لي أن رضخت لأمره».
على ما تحمله هذه الشهادة من تناقض في الكلام إلا أن هذا التناقض قد يكون مبرّرا بصغر سنّ الفتاة ومحدودية تعليمها ومأساتها التي قد تفقد المرء توازنه. فتاة بهذه المواصفات لا تعدّ الوحيدة التي صارت أُما عزباء، فقد أبرزت الإحصائيات الرسمية أن 45% من الأمهات اللائي تم تعدادهن لا يتجاوز مستواهن التعليمي المرحلة الابتدائية، كما يمثل سنّ ما بين 21 و25 سنة الأغلبية بنسبة تتجاوز 47% منهن. الدكتور رشاد بن حميدة مستشار منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونسيف» أكّد في دراسة حديثة بعنوان «السند للأمهات العازبات وحماية أطفالهن في تونس» نفس الملاحظة، حيث اعتبر أن فئة الأمهات العازبات في تونس تبقى فئة شابة تفتقد إلى التجربة والخبرة في الحياة والنضج الاجتماعي. كما أنها تنحدر في الغالب من المناطق الريفية حيث الفقر المادي وغياب التوعية ممّا يجبر البنت على مغادرة موطنها في اتجاه المدن الكبرى بحثا عن فرص العمل، وغالبا ما لا تسعفهن إمكانياتهن بأفضل من العمل كمعينات منزليّات، ولذلك قد يكنّ «فريسة» سهلة وأكثر عرضة من غيرهن للوقوع في ما لا ينتظرنه، في حين «يشتغل» بعضهن في البغاء المعلن أو السرّي.
إن عامل النزوح إلى العاصمة يوّلد عدة مشاكل لدى الفتيات. فمثلا سلوى فتاة في التاسعة عشرة من عمرها، تنحدر بدورها من قرية ، غير أنها تسكن مع عائلتها في ضاحية من ضواحي تونس العاصمة حيث تشتغل في مصنع للنسيج، تستقبلك رغم كل المآسي التي تحتضنها بالابتسامة والدعابة.. إذ هي فتاة ضحوك تقرأ على وجهها بسهولة حبها للمغامرة وميلها للتظاهر بأنها بنت العاصمة، مصيبتها أن أحلامها فاقت إمكاناتها… «كان حلمي أن أغادر هذا البيت الوضيع لأعيش في منزل تكون لي فيه غرفة مستقلة لأنام في هدوء دون «شخير» جدي وجدتي، أو أن يكون لي مجرد سرير لا يقاسمني فيه أحد، كنت أحلم أن أصحو ذات صباح على صوت يختلف عن صراخ أبي وزوجته يتخاصمان كالمعتاد بسبب مصاريف البيت، ثمّ ينتهي الشجار بأن يسلبني أبي برضاي أو غصبا عني ما بحوزتي من مال.. أو كذلك الصراخ الدائم لإخوتي الخمسة بسبب اللباس والأكل. ولهذه الأسباب كنت أسهر دائما خارج المنزل ولم يكن أي فرد من عائلتي يهتم لخروجي وبقائي خارج المنزل حتى إن امتدّ غيابي إلى أسبوع، لا أحد منهم كان يراقب تصرفاتي، فالمهم عندهم كان بكم أساهم في مصاريف البيت؟ وكثيرا ما كانت عائلتي تبدي احترامها تجاهي لأني كنت في أغلب الأوقات أدفع فواتير الماء والكهرباء لأريح نفسي من إزعاجهم. وفي المقابل كانت لي علاقات مع الكثير من الرجال وكان الستر دائما إلى جانبي، غير أن تلك المرّة كانت بمثابة الضربة القاضية بالنسبة إليّ. تعرّفت عليه وعرفت معه البذخ على أصوله لكن الثمن كان باهظا، حاولت أن أستغفله بأن أحدث حملا لأجبره على الزواج لكنه كان أذكى. إذ بمجرد علمه بالأمر سافر ولا أعلم عنه شيئا إلى اليوم».
الفقر والظاهرة…
توصلت عدة تحقيقات ميدانية أجريت خلال سنتي 1994 و1995 حول عدّة عينات من الأمهات العازبات إلى تحديد الظروف المادية التي تعيشها هذه الفئة في أسرهن، إذ أنّ حوالي 66 % من عائلات هؤلاء الأمهات لا يتجاوز معدل دخلها الشهري 150 دينارا. كما تعيش أغلبهن في مساكن ضيقة جدا غالبا ما تضم عددا كبيرا من الأطفال والأقارب. وفي خلاصة لهذا الصنف من الأمهات العازبات أشار المختص رشاد بن حميدة إلى أن الفقر الاجتماعي والاقتصادي في محيط الأمهات العازبات وظروف عيشهن السيئة عوامل وراء تعميق الهوة بينهن وبين مجتمعهن. إذ أن وسطهن الاجتماعي يفتقر- حسب دراسته للموضوع- إلى البناء السليم والأمان داخل الأسرة.. ويعتبر غير ملائم للاستقرار العائلي وتنمية شخصيّة الأطفال. أما بالنسبة إلى الفتيات المراهقات بصفة خاصة فإن هذه الظروف السيئة تجعلهن يشعرن بالانبتات عن عالمهن. ويحاولن ايجاد طريقة للاتصال بالعالم الخارجي.. هكذا كان الوضع الاجتماعي لسلوى، فظروفها السيئة أرغمتها على العيش في ظلّ زوجة أب تسعى للتقليل من عدد أفراد العائلة وسلب المال القليل للبعض منهم وتركهم دون أدنى رقابة أبوية. فالبنت في هذه العائلات الفقيرة والمتعددة الأبناء تضطرّ للخروج إلى العمل في سنّ مبكّرة وكثيرا ما تكون المعيلة الأساسية للبيت، وعندها ترفع شعار «دعه يعمل دعه يمرّ». وأشارت المختصة سمية بن حمودة في بحث عن «التصرّف الاجتماعي بشأن المجتمع والأم العزباء» إلى أن العلاقة الأسرية المتصدّعة لعدة فتيات أمهات هي السبب في اندفاعهن للبحث عما تفتقر إليه الأسرة من ترابط وحميمية عبر ربط علاقات خارج إطار الأسرة، معتبرة أنّ فترة «المراهقة هي المرحلة العمرية التي يكون فيها أفرادها أكثر حساسية وأقل قدرة على المقاومة وتجاوز المشكلات التي تعترضها، بالإضافة إلى ما يطرأ في هذه المرحلة من تغيرات نفسية وجسدية سريعة التأثر بالظروف الاجتماعية» السائدة في الأوساط التي تعيش فيها أولئك الفتيات.
عندما يلتقي الجهل والعلم…
ونحن ندرس شخصية هذه الفئة الاجتماعية ينبغي ألا ننسى عاملا مهما من شأنه أن يعمّق هذه الظاهرة أو يخفف من حدّتها وهو عامل التعليم. إن أغلب الدراسات والتقارير والإحصائيات تجعل الأمهات العازبات الأميات أو ذوات المستوى التعليمي المتدني مستهدفات بالدرجة الأولى وأكثر عرضة من غيرهنّ للتلاعب بالمشاعر. فعدم فهم الفتاة لـتركيبة جسدها وعمله يمثل سببا هاما في حدوث الحمل، فهي لبساطتها ومحدودية رؤاها لعواقب الممارسة الجنسية لا تسعفها ثقافتها المحدودة بأن تلتجئ إلى أساليب منع الحمل لتتجنبه. ومع ذلك ليس غريبا أن ترصد الإحصائيات والتقارير الرسمية نسبة من الأمهات العازبات من بين المتعلمات وخاصة من ذوات المؤهلات الجامعية. هذه الفئة لا تعتبر قاصرا ولا تخضع عادة إلى حدّ من الرقابة المستمرة.. فالبنت في مثل هذه السن والمستوى الثقافي قد تكون محصنة أكثر من غيرها أمام صعوبات الحياة وزلاتها. ذلك أن التعليم هيّأ لها بفضل البرامج الدراسية ووسائل الإعلام آليات توعوية تجنّبها من الوقوع في مثل تلك الوضعيات. في هذا المضمار، أشار الدكتور نزار البحري الأخصّائي في طب النساء والتوليد إلى أنّ معظم الفتيات الجامعيات اللائي يتردّدن على عيادته على وعي بأمور الصحة الإنجابية فلا يخجلن من الاستفسار أو إلقاء الأسئلة على الأستاذ أو الإنترنت أو الطبيب أو الصديقات. ذلك أن موضوع الجنس يناقش في الأوساط الجامعية بلا حرج. وقد أشارت السيدة نبيهة قدانة مديرة «الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري» في ندوة أقيمت عن الأمّهات العازبات إلى أنّ الدولة قد فتحت الحوار في المدارس لاستيعاب بعض المسائل المتعلقة بالجنس وتقديم مزيد من التوعية وتجاوز المفاهيم المغلوطة بهذا الشأن. والإشكال القائم أن بعض الفتيات ينزعن إلى تقليد بعضهن البعض في الممارسات الجنسية بما قد يؤدي بهنّ إلى الوقوع في الحمل.
نادية طالبة جامعيّة في الثالثة والعشرين من عمرها مثلت إحدى تلك الفتيات. تحدثت بمنطق يثير العديد من التساؤلات عن بعض القضايا التي قد تعيشها بعض الجامعيات. تحاول أن تسايرها فتندهش إلى حدّ الذهول… رغم بساطتها شكلا إلا أن حديثها يبرهن على عكس ما يبديه مظهرها.. «أعرف أنني غريبة الأطوار قليلا» هكذا تخبرك نادية بابتسامة تختلط فيها اللامبالاة بمرارة عبثا تحاول أن تخفيها. في حين تجعلك تنسى أنك تتحدث إلى فتاة تعيش مشكلا… «نورمال مثلي مثل أي بنت هنا» تقصد في الجامعة، «تعرفت إلى صابر زميلي في الجامعة واتفقنا على الزواج. وبسبب عجزي عن دفع معلوم الكراء وجدتني مضطرة على غرار الكثير من الطالبات الى الى أن أتقاسم مع زميلي شقته بصفته خطيبي وهو ليس غريبا عني، الفترة التي قضيتها معه عشنا فيها عيشة الأزواج لأننا فعلا كنا نشعر بذلك، نخرج إلى السوق معا ونتقاسم شؤون البيت فكان من البديهي أن نتقاسم أشياء أخرى»… تبرّر نادية تجربتها تلك، متظاهرة بالثقة في النفس رغم علامات التوتّر البادية على ملامحها، «لا اعتبر نفسي حالة شاذة أو ما أقوم به بدعة ذلك أنّ أغلب صديقاتي يخضن نفس التجربة.. ولم يحصل لهن أي شيء، كما أنهن ناجحات في دراستهن. ذلك أن الاستقرار العاطفي يخفّف من حدّة المشاكل وصعوبات الدراسة… لكن خطئي الوحيد هو أنّني لم أتخذ احتياطاتي جيدا، ولولا ذلك لكنت أعيش مثلهن مرتاحة البال».
في الإجهاض والتمويه…
بعد التفطن للحمل مباشرة، تطلق الفتيات أمام الطبيبة صرخة «نحيهولي» كما تحدثت د.هالة الشلي، فالفتاة تعتبر الإجهاض المنقذ من الورطة. في حين تعتبر السيدة نبيهة قدانة أن كل إجهاض هو فشل شخصيّ وسياسي وعبرت عن استيائها من أن يبدأ عدد من شباب تونس حياتهم بفشل من هذا القبيل. لكن رغم مشروعية الإجهاض قانونا ومجانيته، فإنّ بعض الفتيات غالبا ما يتفطن بشكل متأخر الى الحمل، فيستحيل الإجهاض حسب النصوص القانونية وحسب القوانين الطبية أيضا. ومن ثمّة، يتزايد الخوف من ردّة فعل العائلة ويتم التفكير في سبل الخلاص من «المصيبة» على حد تعبيرهن.. فالحمل يقلب الموازين النفسية للفتيات وخاصة منهنّ اللائي يمارسن الجنس بإرادتهن، إذ تتغير نظرتهن إلى العلاقة ونتائجها لتصبح مصدر ألم وخوف من التجربة والمجهول بعد أن كانت في وقت غير بعيد مصدر سعادة وعلاقة حب لاسيّما في حالة تنكر الطرف الثاني وتهرّبه من الاشتراك في تحمّل المسؤولية.
حدّثتنا أنس وهي في العشرين من عمرها وعاطلة عن العمل عن تجربتها بالخجل والمرارة المعتادين في هذا المضمار، قائلة: «لن أنسى طول حياتي ذلك اليوم المشؤوم الذي تمنيت فيه الموت عندما علمت بحملي. عشت مأساة يومية. كنت أتحاشى نظرات أمي، وكنت كلما نادتني يتملّكني الرعب متخيّلة أنها اكتشفت سري. كل شهر كنت أتظاهر بآلام الدورة لأبعد الشك عنها، كما كنت دائما ارتدي «دجينز» ضيقا لأخفي حملي. وكثيرا ما كنت ألازم غرفتي ولا أتحدث مع أحد، كان خوف أمّي علي يؤلمني. وكنت أتعلّل بضجري من البطالة. كذبي كثيرا ما يشعرني أنّي لا أستحق عناية هذه الأم»..
الفتاة الحامل -كما ذكرت الدكتورة ألفة شعباني قي أطروحتها عن الموضوع- بالإضافة إلى إحساسها بوخز الضمير والفشل العاطفي خاصة إذا ما تملص الحبيب من المسؤولية والخوف من المجهول، قد تؤدي بها هذه الأحاسيس إلى درجة الشعور بنبذ الآخرين لها ونفورهم منها إلى درجة يخلق عند الفتاة اضطرابا وإحباطا أو تمني الموت، كما ورد في شهادة أنس. إنّ فترة حمل الفتاة العزباء مزعجة ومحرجة، تماما مثلما حدث لمريم العذراء التي اضطرت رغم طهارتها أن تتخذ مكانا قصيّا (بعيدا) وتمنّت الموت على أن تخرج لأهلها وهي حامل (ليتني مُت قبل هذا) في هذا الصدد رأى المحامي ساسي بن حليمة أن السيدة مريم لو لم يكن ابنها نبيّا لنالت عذابا كبيرا من أهلها لأنها أتت أمرا غريبا ومنكرا في منظور قومها.
الخيار الصّعب…
أساليب مداراة الفتاة حملها تتّخذ أشكالا مختلفة، وقد يكون مشكل المعينات أخف قليلا من غيرهن ذلك أن المعينة عادة ما تكون بعيدة عن أهلها فيكون الخوف من اكتشاف أمرها أقل. فناجية مثلا تعرّضت لاغتصاب من طرف ابن العائلة التي تشتغل عندها واستطاعت أن تواصل حملها إلى الولادة دون أن يتفطن إليها أحد من عائلتها لأنها لم تتعوّد زيارتهم إلا في المناسبات. أما أنس فهي تعيش مع أسرتها ومشكلتها تراها أكثر حدّة، حيث قالت: «في الشهر السابع، أخبرت والدتي بحصولي على عمل خارج منطقتي يستوجب اكتراء منزل مع صديقتي فوافقت المسكينة. وقبل ولادتي بأسبوع تدهورت حالتي الصحية فاضطررت لإخبارها. فكانت الكارثة خاصة بعد اكتشافي أن الشخص الذي أوقعني في الحمل كان متزوّجا. ولدت طفلا جميلا أرضعته ثلاث مرات، ورغم كل المشاكل أحببته لكن أمي لم تكن تريد هذا الطفل المسكين».. كان المشهد محزنا يومها خاصة عندما طلبت الأخصائية الاجتماعية من الأم أن تقبل بالمولود الجديد، فكان ردّها جارحا لابنتها أنس: «مستحيل أن أقبل ابنها -هكذا صرخت الأم- ألا يكفي أني سأدخلها بيتي مرة أخرى رغم نجاستها، هل تريد هذه الفاجرة أن تجعلني علكة يلوكها الصغير قبل الكبير؟! ماذا أقول للناس»؟ كيف سيكون موقفي أمام عائلتي واخوتي؟ الله أمرنا بالستر وهي تريد أن تفضحني. تريد تلويث سمعتي وسمعة أخواتها البنات، ما ذنبهن أن يتحملن نتيجة طيشها؟».. كان صراخ الأم يملأ مكتب الأخصائية، وهي تواصل قائلة : «لا أريد كلاما أكثر في الموضوع، أشعر أني سأصاب بالشلل، عليك الآن وبسرعة أن تختاري بيني وبين ابن الحرام».
كما تحدثنا في الشأن مع الدكتور مالك كفيف مدير جمعية أمل للطفل والأم الذي قال «إن العائلة التونسية دائما ما تكون مستعدة «للتغطية» على البنت لكن بشرط أساسي هو ضرورة التخلي عن المولود. وتكون دائما المساومة بين قبول العائلة برجوع ابنتها مقابل تخليها عن المولود. وقد توفر لها عائلتها مكانا تقضي فيه فترة الحمل كأن تذهب إلى إحدى القريبات أو تكتري منزلا. وفي أحيان أخرى يكون معرفة أبي المولود الشرط الوحيد لرجوعها للمنزل حتى إن لم تتزوجه».
قد تقبل العائلة على مضض العلاقة غير الشرعية بين البنت والرجل غير أنها ترفض قطعيا أن تكون هناك آثار لهذه العلاقة، فهي بالضرورة ترفض أن تبقي ابنتهم على المولود الذي يعتبر دليلا على جريمة اجتماعية وأخلاقية. لذلك تجبر أغلب الأمهات العازبات على التخلي عن أطفالهن مجاراة للعائلة ووسيلة لطلب الصفح والقبول من جديد بين أحضانها. هذا حال أنس التي أشارت إلى الأخصائية برأسها دون أن ترفع عينيها المليئتين بالدموع، مخبرة إياها أنها ستتخلى عن المولود في سبيل نيل رضا الامهات. يبدو أنّ أغلب الأمهات العازبات اللائي تخلين عن أبنائهنّ يشعرن بذنب تجاههم.. «الله غالب» هذه الجملة كثيرا ما سمعناها من هؤلاء أمها. ولسنا ندري إن كنّ يعبّرن بذلك عن استسلام ويأس وألم وندم أم عن لامبالاة وتملّص من المسؤولية لدى بعضهنّ..
ورغم كلام الأم همست لنا الأخصائية أنها ستُرجئ المحاولة معها إلى يوم آخر، مشيرة إلى منح المستشفى فرصا لعدة فتيات لاسترجاع المولود باستغلال الرضاعة كوسيلة لتحريك شعور الأمومة. تلك هي حال الأمهات العازبات: مرارة فخوف وألم يتواصل معهن من أول لحظة حملهن إلى لحظة تخليهنّ غصبا عن المولود كحل للخروج من المأزق بأقل الخسائر. ويلاحظ أن عدد الرضّع الذين تخلّت عنهم أمهاتهم قد بلغ زهاء 700 رضيع سنة 1999 غير أن هذا العدد في تزايد اليوم حسب بعض المصادر الرسمية.
«لن أتخلّى عن ابني»…
وكما أن بعضهن تخلين عن أطفالهن لسبب من الأسباب، فإن هناك من قرّرت أن تربي ابنتها رغم كل الصعوبات وضربت بكلام الناس عرض الحائط في سبيل البقاء مع ابنتها. تعترف زينب بخطئها غير أنها بكل رصانة مريرة وشجن قالت لنا: «الدنيا علمتني أنّه لما تقع في مشكل لا يقف إلى جانبك أيّ كان. لن أتنازل عن ابنتي التي ربما في يوم ما تقف إلى جانبي مثلما سأقف إلى جانبها الآن وهي لا تزال طفلة. لن أتخلى عنها من أجل أهلي أو كلام الناس، ذلك أنني لا أجد الحنان والاهتمام من إخوتي، إذ أنّ كل واحد منهم مهتمّ بمصلحته ولا يتذكرني إلا عندما يكون محتاجا لمال يقترضه مني، لذلك أريد أن آخذ ابنتي بين أحضاني وأشملها بحناني ولن أحرمها من أي شيء وأتمنى أن أربيها أحسن تربية وأجعلها تحتل مكانة محترمة في المجتمع. إنني لا أريد لابنتي أن تعيش مثلما عشت وأن تُهمّش مثلما هُمّشتُ. أما كلام الناس فلا أعيره آهتماما حتى لا يؤدي بي إلى الجنون وأنا لا أريد لنفسي ذلك، ومشواري مازال طويلا مع ابنتي وينبغي أن أكون صامدة فلا أحد لها في هذه الدنيا غيري».
تحاول هذه الأم من خلال ابنتها أن تعوّض الحنان العائلي والعطف الأبوي الذي حرمت منه. روت كيف نزلت إلى معترك الحياة ولم تبلغ سنّ العاشرة، اشتغلت منذ ذلك السنّ معينة منزليّة إذ كان هم والدها العاطل عن العمل بإرادته أن يجلب له أبناؤه المال. ولذلك هي لا تخشاه وإنما تخشى على أمها من الصدمة في صورة علمها بقصّتها. في غياب السند والحل لوضعيتهنّ ووضعية الابن تلتجئ بعض الأمهات العازبات إلى جمعية أمل للأم والطفل في محاولة لإيجاد حل أو يتجهن إلى بعض الهياكل الحكومية المختصة. وفي حديث مع الأنسة سامية بن مسعود المختصة في هذا المجال بجمعية أمل أوضحت لنا أن الشرط الأساسي لإدماج الطفل والأم في دار أمل هو رغبة الأم العزباء في ذلك عن وعي تام ودون ضغوطات، كما ينبغي عليها أن تتعلم كيف تعتمد على ذاتها وتنجح في ذلك كي تتمكّن من إعالة نفسها وابنها في غياب الأسرة والأب.
حسب العديد من الشهادات نلاحظ أن الأمهات العازبات بعد التجربة يصبح همهن الوحيد ضمان حقوق المولود وخاصة إثبات نسبه، وقد لا يعرن اهتماما للنفقة على الأقل في بداية الولادة، ذلك أن تملص الطرف الثاني من المسؤولية يدفع بالأم العزباء إلى رفض المساعدة المالية ورفض مجرد رؤيته. في هذا الصدد تقول زينب: ««لا أريد لابنتي أن تشعر يوما ما بالذل أو المهانة ولا أريدها أن تتعرض لسخرية أصحابها فتتعقد، لذلك سأسعى إلى الحصول لها على لقب وسوف أخبرها منذ البداية بحقيقة علاقتي بوالدها، لا أريدها أن تعلم الحقيقة من غيري فتجرح أو تكرهني». على مستوى الحقوق التي يضمنها القانون للأم العزباء، يرى المحامي ساسي بن حليمة «أن وضعية هذه الأم هي وضعية مأساوية من جميع النواحي. فهي لا مأسوية بأي حق لأنها غير متزوّجة ولا يمكن لها أن تطالب بنفقة أو تركة أو قضية إلحاق نسب مولودها بوالده البيولوجي، فتراهنّ في غياب المعرفة القانونية يلتجئن إلى من يتولى عنهن الأمر.. وغالبا ما تتولى جمعية أمل هذه المهمة»،.
هذا الموضوع رغم أنه من المواضيع المسكوت عنها فانّ العديد من الأبحاث والدراسات الأكاديمية اهتمّت به في السنوات الأخيرة لتشخيص الظاهرة وتحديد ملامحها والسعي قدر الإمكان إلى إيجاد حلول ملائمة لها تعتمد الجرأة في الطرح وتنظر إلى مصلحة الأمهات العازبات والفتاة التونسية بشكل عام. وبقطع النظر عن المواقف المتضاربة حول ظاهرة الأمهات العازبات، فإنها تبقى حالات إنسانية لا ينبغي النظر إليها بعين الشفقة بقدر ما ينبغي الإحاطة بها على مختلف الأصعدة وخاصة بتعزيز عمل الجمعيات غير الحكومية في هذا المجال والذي -على جديته- يبقى محدودا نظرا إلى محدودية الإمكانيات والوسائل.
ألفة جامي
(المصدر: مجلة “حقائق”، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)
سماحة مفتي الجمهوريّة كمال الدين جعيّط :
الموقف منهنّ رهين الإكراه والطوعية…
** ما موقف الإسلام من الأمهات العازبات ؟
إن ظاهرة الأمهات العازبات ظاهرة مخالفة للشريعة الإسلامية، فالمرأة التي تنجب خارج إطار الزواج دليل لا جدال فيه على زنا، والزّنا في الإسلام يعدّ من أكبر الكبائر استنادا إلى قوله تعالى في سورة الإسراء آية 23 ”ولا تقربوا الزّنا، إنه كان فاحشة وساء سبيلا”. كما تعتبر هذه الظاهرة، كذلك، ظاهرة مخالفة للطبيعة إذا ما ربطناها بالطفل المولود، فلا بدّ لكل طفل أن يعيش في ظل أسرة متكونة من أب وأم كما جرت الطبيعة. غير أن الطفل في هذه الحالة يعيش مع أمه فقط، وهذا مخالف للطبيعة. ويعتبر الابن غير الشرعي ابن أمّه، لذلك هما يتوارثان في حين أنه لا يرث من أبيه، فالرجل إذا ما زنى فلا يترتب على ذلك آثار النسب.
** ما هو رأي الشريعة في موقف المجتمع التونسي الرافض للأم العز باء؟
ينبغي في حالة الأم العزباء التمييز بين أمرين هامّين : هل تمّ التعدي عليها عن طريق الإكراه أم عن طريق الرضا، إذ هناك فرق شاسع بين الإلزام والتهديد من جهة، وبين الاختيار الواعي والشهوة من جهة أخرى. فالمرأة إذا ما أكرهت على ذلك فلا ذنب لها في ما حصل استنادا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم ”رُفِع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه”. أمّا إذا كان الأمر باختيارها- وكثيرا ما يكون كذلك- فهناك عقاب صريح في هذه الحالة ورد في القرآن لا بد منه وهو الجلد ”والزّانية والزّاني، فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة، ولا تأخذكم بهم رأفة في دين الله، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين”. إذن، فالحكم على الأم العز باء يختلف باختلاف الطوعية والإكراه. أمّا بالنسبة إلى الرجل الذي يعتدي على المرأة، فينبغي الحكم عليه بالنفي والتغريب عن أهله وبلده مدة سنة كاملة. كما أن هذا الحكم وارد تطبيقه على المرأة الزانية إذا ما تكرر منها فعل الزّنا، فلا بد في هذه الحالة من إقصائها وإبعادها عن المجتمع حفاظا على كيان المجتمع الإسلامي، فبقدر ما تكون الأسر طاهرة يكون المجتمع كذلك. فالأسر في المجتمعات هي الأصل، لذلك ينبغي أن تُبنى على أسس متينة ليكون المجتمع بدوره متينا.
** ما هو موقف الدين الإسلامي من الطفل المولود خارج إطار الزواج؟
لا يعترف الإسلام بأبناء الزّنا، فهم بالتالي لا يتمتعون بحقوق الأبناء الشرعيين. فلا ينسب الابن غير الشرعي لأبيه إلا بعقد زواج، ولا توارث بينهما. يتّخذ الإسلام هذا الموقف، حفاظا على الأنساب وخوفا من إضاعة نسب النسل بحيث لا يعرف للنسل مرجع يأوي إليه.
** كيف ينبغي أن نعامل الطفل الطبيعي دينيا واجتماعيا؟
دينيا، ينبغي معاملة أبناء الزنا معاملة إنسانية بالعطف عليهم واحترام كرامتهم وإنسانيتهم، ذلك أنه لا ذنب لهم في تلك العلاقة غير الشرعية التي أوجدتهم. فكما يقول المعري : ”هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد”. واجتماعيا، لا بدّ من المحافظة عليهم والعناية بهم وتعليمهم، إذ كل شيء في مكانه.
ألفة جامي
1000 حالة سنويّا تولّد 1000 مشكل
بدأت ظاهرة الأمّهات العازبات تلقى اهتماما من قبل الدراسات الاجتماعيّة والنفسيّة والأكاديميّة والجمعيّات وتخرج من المسكوت عنه، ولعلّ الدراسة التي أصدرها الدكتور رشاد بن حميدة، مستشار منظّمة الأمم المتّحدة (سنة 2005) تضع هذه الظاهرة على المحكّ. التقينا به فقدّم لنا زبدة ما توصّل إليه حول الظاهرة معتمدا في دراسته الميدانيّة على جمعيّة ”أمل للعائلة والطفل أنموذجا للبحث”. يرى الدكتور رشاد بن حميدة أنّ هذه الظاهرة ”تبدو عدديّا غير هامّة باعتبار أنّ الحالات المسجّلة تعدّ حوالي 1000 حالة، إلاّ أنّ هذا العدد لا يعدو أن يكون أرقاما معلنا عنها، والأكيد أنّ هناك حالات غير معلن عنها”. وإنّ الرقم المعلن عنه (1000) رغم قلّته إلاّ أنّه يتولّد عنه مشاكل عديدة تخصّ الأمّ والعائلة والأطفال فاقدي السند، مما يؤكّد خطورة الظاهرة على الأصعدة الذاتيّة والنفسيّة والاجتماعيّة. ذلك أنّ 1000 حالة كلّ سنة قد تولّد ألف مشكل وألف عائلة وطفل يكونون معرّضين للتشرّد.
والملاحظ أنّ هذه الفئة تجد عناية ترجمت على مستوى قوانين، ولعلّ آخرها قانون 2003 الذي منح الطفل هويّة ولقبا عائليّا عن طريق الاعتراف الأبوي به خاصّة. كما تلقى الأم العزباء بدورها عناية من عدّة جمعيّات ومنظّمات موزّعة تقريبا على جلّ الجهات التونسيّة، فمثلا نذكر جمعيّة صوت الطفل بنابل، تلك التي قامت بتجربة كاملة تتمثّل في الاهتمام بالرضّع والأمّهات العازبات وتعليمهنّ حرفة، في حين تأتي جمعيّة ”بيتي” بقفصة ضمن آخر الجمعيّات التي تمّ إحداثها على غرار جمعيّة ”أمل” بتونس من ناحية الاهتمام بتعهّد الطفل والأم. وهي تقدّم للأم العزباء الرعاية والضمانات والحماية كي لا تفرّط في ابنها. وتتمثّل خصوصيّة هذه الجمعيّة في تقديمها للأمّ العزباء الإيواء المؤقّت والتكوين المهني والمساعدة النفسيّة وتتابع الحالات كذلك بعد خروجها من دار الرعاية، كلّ هذه الخدمات الهدف الأساسي منها إعادة إدماج هذه الفئات عائليّا واجتماعيّا واقتصاديّا وتمكينها من الاستقلال المادي والنفسي والاجتماعي. وهذا ما تتميّز به الجمعيّة من مجهودات أعطت ثمارها من حيث العدد، ذلك أنّها سجّلت حوالي 90% من الحالات من حيث قبول الأم تعهّد ابنها ومساعدتها على إيجاد مورد رزق والوصول إلى نوع من الاستقلال المادي.
إلاّ أنّه، رغم هذه النجاحات، فإنّ الجمعيّة تتعرّض إلى صعوبات في متابعة الحالات وتقييم النجاح على مدى متوسّط وبعيد، تعرف من خلاله مآل الأم والطفل، وهل أنّ النجاح يتواصل أم لا، هذه الصعوبات تتعرّض إليها الجمعيّة نظرا لمحدوديّة إمكاناتها التي لا تسعفها إلاّ بالمتابعة على مدى قصير.
الفة جامي
(المصدر: مجلة “حقائق”، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)
سفيان الزريبي (أخصّائي في علم النفس) :
عاطفة الأمومة تطغى على كل العواطف والمجتمع التقليدي يرفض التعدّد…
** كيف يرى علم النفس ظاهرة الأمّ العزباء ؟
هي ظاهرة غريبة ليس ذلك من الناحية الأخلاقية أو الاجتماعية وإنما من الناحية الإنسانية، ذلك أن نهاية كل علاقة وتواصل بين امرأة ورجل تكون عادة مولودا، وبما أن المرأة تكون بمفردها غير قادرة على حضانة ابنها وحمايته من كل استغلال، فمن الضروري أن يعيش الطفل في إطار نواة اجتماعية متكونة من امرأة ورجل حيث تكون الحظوظ أوفر للطفل ليعيش وينمو في مجتمعه. وعلى عكس ما قد يظنّ الجميع، تكثر نسبة الأمّهات العازبات في المناطق الريفيّة حيث الفتيات محرومات من الحريّة ووسائل الدفاع عن أنفسهنّ.
** كيف هي عادة علاقة الأم العزباء بجنينها أوّلا ومولودها ثانيا؟
ما يجب معرفته هو أنه بمجرد أن يتكون الجنين في بطن أمه تكون هناك علاقة ارتباط بين الأم والجنين، ذلك أن هذه العلاقة علاقة غريزية من المحبة والحنان والعطف الفياض، وهي -أيضا- علاقة أقوى من الأم ومن العقل. ونفهم بالتالي من تصرّف هذه الأم العز باء أن هناك شجاعة كبيرة جدا عند البعض من هذه الفئة حين تتقبل وضعها رغم أن مجتمعنا والعائلة التونسية التقليدية ليسا من النوع الذي يقبل هذه الظاهرة بسهولة. فالفتيات سيواجهن عائلاتهن والمجتمع والحي والأصدقاء بعلاقة غير شرعية ومولود يقبلن تربيته. هنا نلاحظ مدى قوة علاقة الأمومة التي تطغى على كل العلاقات الاجتماعية الأخرى. إلا أنه في بعض الحالات، نرى الأم تسلّم ابنها لمراكز الطفولة وتتخلى عن أمومتها، في حين بعضهن يفتشن عن شخص قريب منهن لتربية المولود ليكنّ على مقربة منه. وفي كل الحالات تبقى عاطفة الأمومة عاطفة قوية جدا.
وهنا نتساءل من جديد : لماذا تصل بعض الأمهات إلى حد قتل المولود، في حين يفضّل بعضهن الإجهاض من بداية الشهور الأولى من الحمل، وتواصل الأخريات الحمل إلى الولادة ويقبلن تربيته ومواجهة العائلة والمجتمع به؟ هنا يبقى السؤال محيرا، ذلك أن وراء كل تمش من هذا النوع أو ذاك تاريخا شخصيا. فمثلا هناك فتيات مثقفات جدا غير متزوجات يقبلن حملهن وطفلهن الطبيعي ليملأ عليهن حياتهن مهما كان أبوه. فهذه الفئة تطغى عليها غريزة الأمومة وتجعلهن يواجهن المجتمع بالحقيقة المرّة. في حين منهن من تشعر بكل هذا، وفي هذه النقطة بالذات ينبغي أن نشير إلى أننا لا نستطيع أن نجزم بوجود قاعدة علمية يمكن لنا أن نفسر بها كل هذه الوضعيات.
** ماهي المشاكل النفسيّة التي تتعرّض إليها الأمّ العزباء؟
كتتعرض الأم العز باء أثناء حملها إلى مشكلين : الأول يتمثل في وقع الصدمة عليها من جراء حملها غير المنتظر وغير المرغوب فيه . في حين الثاني يتمثل في تفكيرها الدائم في إخفاء حملها. هذه المشاكل تجعلها تعيش فترة من الخوف والخجل من أعين الآخر وملاحظته، وهنا يمكن لنا أن نسجل حالات كثير من الاكتئاب النفساني يصاحب الحمل مع الانطواء على النفس وتقليل من الخروج والعمل. وفي أحيانا أخرى تُهمل هذه النساء المتابعة الصحيّة لحملهن. في حين بعد الولادة يتعرضن أكثر من غيرهن للاكتئاب ولمشاكل نفسية كثيرة، إذ يصل الحال بالعديد منهنّ إلى ملازمة المستشفيات العقلية ويدخلن في حالات هيجان وهستيريا وحالات اكتئاب حادّ وقنوط سوداوي قد يؤدّي بهنّ إلى قتل المولود.
الفة جامي
(المصدر: مجلة “حقائق”، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)
الحكومات العربية تلزم الصمت بشأن جوانتانامو
بيروت (رويترز) – يبدو الزعماء العرب صامتين بشكل غريب بشأن جوانتانامو حتى بعد ان أثارت وفاة ثلاثة من العرب في المعتقل الامريكي الغضب في شتى انحاء العالم.
ويقول منتقدون إن بعضهم يخشى مضايقة الولايات المتحدة وان آخرين سعداء بحبس مثيري المتاعب المحتملين وكلهم يعرفون ان معاملتهم للسجناء لا تصمد لاي تدقيق أو تمحيص.
وربما يطالب الاتحاد الاوروبي الرئيس الامريكي جورج بوش في القمة الاوروبية الامريكية يوم الاربعاء باغلاق المعسكر لكن لم تأت اي دعوات مماثلة من الحكومات العربية التي يمثل مواطنوها اغلبية المعتقلين المحتجزين هناك دون محاكمة او اتصال بمحامين ويبلغ عددهم 460 سجينا.
وقال سعد جبار وهو محام دولي جزائري مقيم في لندن “إنهم صامتون لانهم هم أنفسهم لا يحترمون حقوق الانسان. ولديهم معتقلات مماثلة لجوانتانامو.”
واضاف ان الدول العربية “الاستبدادية” لا يمكنها أن تهاجم الاساليب التي تتبعها هي نفسها في الاحتجاز دون محاكمة. وتابع “إنها تعامل الاشخاص الذين يعتبرون خطرا على الامن القومي بنفس الطريقة.”
وصرح بوش أخيرا بانه يود اغلاق معتقل جوانتانامو قائلا إنه اعطى البعض ذريعة لاتهام الولايات المتحدة بعدم الالتزام بالمعايير التي تحددها للاخرين.
لكن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قالت انه ليس من السهل التفاوض على اعادة من وصفتهم “باشخاص بالغي الخطورة” الى بلدانهم مع الحصول على وعد منها بالا يتعرضوا لاضطهاد وألا يطلق سراحهم.
ولم يكن لدى والد سجين يمني قال الامريكيون إنه انتحر في جونتانامو مع اثنين من السعوديين هذا الشهر سوى السخرية من المسؤولين العرب.
وقال على عبدالله السلمي لرويترز في صنعاء “الزعماء العرب تخلوا عن مواطنيهم ويخشون الولايات المتحدة. ولهذا لا يجرؤون على الدعوة لاغلاق جوانتانامو.”
وقامت دول عربية حليفة لواشنطن مثل السعودية والكويت والبحرين بمساع هادئة لاستعادة سجنائها إلا أن ذلك كان في كثير من الحالات لتقديمهم إلى العدالة محليا وليس لاطلاق سراحهم.
وفي مايو ايار عاد 15 سعوديا من جوانتانامو. وكلهم الآن في السجن ريثما تقرر السلطات السعودية ما ان كانت ستحاكمهم.
وقال مسؤول سعودي طلب عدم الكشف عن أسمه “نحن نفضل العمل في تكتم من خلال قنواتنا الخاصة.” واضاف أن هذا أفضل من مواجهة واشنطن “بتصريحات مثيرة” بشأن 103 سعوديين لا يزالون يرزحون في ذلك المعتقل.
والسعودية في وضع دقيق فقد كان 15 من خاطفي الطائرات يوم 11 سبتمبر ايلول 2001 سعوديين. وكثيرا ما تنتقد جماعات حقوق الانسان المملكة بشأن مزاعم التعذيب وفرض عقوبات اسلامية قاسية.
وقال مصلح القحطاني نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الانسان بالسعودية التي تحظى بمباركة رسمية أن من الصحيح أن سجل الدول العربية في مجال حقوق الانسان معيب “لكن اليست الولايات المتحدة المسماة بالمدافعة عن حقوق الانسان تفعل ما هو اسوأ..”
وتنفي واشنطن اتهامات سجناء سابقين ومحامين وجماعات لحقوق الانسان بخصوص حدوث تعذيب في جوانتانامو حيث وقعت 41 محاولة انتحار قام بها 23 سجينا قبل وفاة الثلاثة هذا الشهر.
وتقول المتحدثة باسم منظمة العفو الدولية نيكول شويري ان المساعي الدبلوماسية التي تتم في تكتم لاستعادة سجناء جوانتانامو لها عيوبها.
واضافت “الافراج عن السجناء ينبغي الا يتوقف على وجود علاقات طيبة بين بعض الحكومات والولايات المتحدة.”
وتابعت “كل المحتجزين ينبغي ان يتمتعوا بحد ادنى من الضمانات. وهناك التزام على الولايات المتحدة بالا تعيدهم الى دول قد يتعرضون فيها للتعذيب ومن بينها دول عربية.”
وقالت شويري ان جوانتانامو قد يكون “قمة جبل الجليد” مشيرة الى شبكة من مراكز الاحتجاز السرية يعتقد ان الولايات المتحدة تديرها في شتى انحاء العالم وتضم اشخاصا يشتبه في انتمائهم الى القاعدة.
واردفت “الامر المثير للقلق هو تواطؤ حكومات عربية وغيرها في الحرب الامريكية على الارهاب.”
وقال هشام قاسم رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان ان مشاعر العداء للولايات المتحدة التي أججها معتقل جوانتانامو كانت مفيدة لبعض الحكومات العربية التي شعرت بانها مهددة بسبب ضغوط ادارة بوش من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان.
وقال خالد العنسي وهو محام يمني وداعية لحقوق الانسان ان بعض الدول العربية تعتقد ان اساءة المعاملة في السجون الامريكية توفر لها الشرعية لقمع شعوبها.
واضاف “حولوا بلادهم إلى سجون لخدمة الادارة الامريكية.”
ولم تطالب مصر علنا باعادة بضعة مصريين من جوانتانامو افرج عن احدهم.
وقال حسام الحملاوي وهو صحفي مصري وباحث لمنظمة هيومن رايتس ووتش ان القاهرة لم تشعر بضغوط محلية او بان ثمة حوافز فيما يتعلق بالمعلومات كي تسعى لاعادة رجال يحتمل ان يكون قد سمح لشرطتها باستجوابهم.
من اليستر ليون
(شارك في التغطية محمد صدام في صنعاء وجوناثان رايت في القاهرة وسهيل كرم في الرياض وتوم فايفر في الرباط وسول هدسون في واشنطن)
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 20 جوان 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
وزيرة: سوريا تضع اللمسات النهائية على قانون لتعدد الاحزاب
واشنطن (رويترز) – قال مسؤولان سوريان يوم الثلاثاء ان سوريا تضع اللمسات النهائية على قانون لتعدد الاحزاب وانها ملتزمة بالانفتاح السياسي على الرغم من اعتقال عدد من المعارضين مؤخرا.
وتواجه سوريا منذ فترة طويلة دعوات دولية للتحول للديمقراطية في نظام لا يسمح سوى بعشرة احزاب متحالفة تحت رعاية حزب البعث الحاكم.
وبدأ الرئيس السوري بشار الاسد حكمه في عام 2000 بتعهدات باقامة نظام سياسي اكثر انفتاحا وقدم تعهدات عديدة بالاصلاح غير انه احتفظ باحتكار حزب البعث للسلطة القائم منذ 43 عاما.
وقالت بثينة شعبان وزيرة شؤون المغتربين التي تزور واشنطن للصحفيين في مقابلة “اننا على وشك وضع اللمسات النهائية على قانون للاحزاب السياسية سيوضع على الانترنت من أجل النقاش الشعبي.”
وعندما سئلت متى قد تصبح سوريا نظاما متعدد الاحزاب تماما قالت “اتصور ان يكون لدينا ذلك في المستقبل القريب جدا” ولكنها رفضت أن تحدد اطارا زمنيا اكثر تحديدا.
وقالت بثينة شعبان ان وجود المزيد من الاحزاب لا يعني أن حزب البعث سيتخلي عن دوره القيادي. واضافت أن أي احزاب جديدة يتعين عليها أن “تحافظ على الوحدة الوطنية للبلاد” ولم تفصح عن القيود التي قد تطبق ولكنها قالت إن دولا أخرى حظرت الاحزاب التي تنطلق من أسس دينية أو عرقية من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية.
وقال عماد مصطفي سفير سوريا في واشنطن الذي شارك أيضا في المقابلة إن اعتقال نحو عشرة معارضين في الشهر الماضي يجب الا ينظر إليه على أنه تغيير في هذه السياسة.
وقال “لا زلنا نريد الانفتاح السياسي. ولم نتراجع عن ذلك. مورست ضغوط هائلة على سوريا في العام الماضي. واي دولة تتعرض لمثل تلك الضغوط يمكن أن تصبح متوترة بعض الشيء وفجأة يصبح الامن هو الاولوية الكبرى.”
وقال ان من بين الضغوط التي واجهتها سوريا قيام 500 مثقف من بينهم المعارضون الذين سجنوا مؤخرا بنشر ما يسمى باعلان دمشق-بيروت في الشهر الماضي الذي يدعو سوريا إلى تبادل البعثات الدبلوماسية مع لبنان وترسيم الحدود.
وجاء الاعلان بعد تصويت لمجلس الامن يدعو سوريا الى تحسين العلاقات الدبلوماسية مع لبنان.
وتوترت العلاقات بين الدولتين منذ مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في العام الماضي.
ووجه تقرير غير نهائي للامم المتحدة حول ملابسات اغتياله الاتهام الى مسؤولين بالمخابرات السورية. وتم تمديد هذا التحقيق مؤخرا لمدة عام.
ونفت سوريا مرارا ضلوعها في قتله ولكنها سحبت قواتها من جارتها الصغيرة في ظل ضغوط دولية بعد الحادث.
وتزور بثينة شعبان واشنطن لحضور اجتماع للجنة مناهضة التمييز الامريكية العربية. وقالت انها لم تعقد اجتماعات مع اي مسؤولين امريكيين اثناء اقامتها.
واتسمت العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا بالبرود الشديد خلال السنوات الاخيرة حيث تتهم واشنطن دمشق برعاية الارهاب وتأجيج الاعمال المسلحة في العراق. وتنفي سوريا هذه الاتهامات.
من كارولين دريس
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 20 جوان 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
حقوقيون مغاربة يطالبون بالتحقيق في مقتل مئات في مظاهرة عام 1981
الرباط (رويترز) – طالب حقوقيون مغاربة يوم الثلاثاء بفتح تحقيق نزيه في مظاهرات ذهب ضحيتها المئات من المغاربة قبل نحو 25 سنة ودعوا الى تحديد المسؤولين وتقديمهم الى العدالة.
وقال محمد الصبار رئيس المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والانصاف “نطالب بفتح تحقيق نزيه في ضحايا احداث 20 يونيو 1981 خاصة بعد اكتشاف المقبرة الجماعية بالدار البيضاء اواخر العام الماضي والطريقة شبه السرية التي تمت بها عملية الحفر.”
وكانت السلطات قد فتحت مقبرة جماعية في ثكنة تابعة للاسعاف في الدار البيضاء في ديسمبر كانون الاول الماضي حيث دفن ضحايا الاضطرابات الاجتماعية التي هزت الدار البيضاء في 20 يونيو 1981 بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية.
ويقول حقوقيون ان السلطات اطلقت الرصاص بعشوائية مما ادى الى سقوط الف قتيل على الاقل.
وانهت هيئة رسمية كلفت بطي ملف ماضي انتهاكات حقوق الانسان في المغرب اشغالها اواخر العام الماضي بتوصيات اهمها جبر الضرر وعدم تكرار ما جرى في الماضي لكنها اعلنت منذ تأسيسها انها غير مكلفة بتحديد المسؤولين عن هذه الانتهاكات او تقديمهم الى العدالة.
وقال الصبار “عملية نقل رفات ضحايا المقبرة الجماعية تمت ليلا وبطريقة شبه سرية.”
واضاف في ندوة صحفية “تم دفن الرفات التي تم العثور عليها دون الرجوع الى رأي عائلات الضحايا كما تنص على ذلك القوانين..و لم يتم الاستعانة بالخبرات الاجنبية لتحديد هوية الجثث.”
وكانت السلطات قد اعلنت في وقت سابق انها حفرت في الثكنة لاعادة دفن الجثث بطريقة اسلامية شرعية نافية ان تكون الثكنة مقبرة جماعية كما يقول حقوقيون وشهود عيان.
وقال اعضاء المنتدى انهم سيقومون بكل المبادرات لمعرفة جواب رسمي واضح عن المتورطين بشكل مباشر او غير مباشر في المقبرة الجماعية لعام 1981.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 20 جوان 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
مؤتمر للجامعة العربية يدعو لتنشيط العمل المغاربي
حي الخضراء/تونس/ (رويترز) – دعا سياسيون وباحثون الى تفعيل اتحاد المغرب العربي الذي لم يعقد زعماؤه سوى قمة واحدة منذ 12 عاما لتجاوز ركوده ومواجهة التحديات العالمية الراهنة في ظل التكتلات الاقليمية في العالم.
واكد المشاركون في المؤتمر السنوي الخامس (المغرب العربي في مفترق الشراكات) الذي ينظمه مركز جامعة الدول العربية بتونس يومي الاربعاء والخميس ان تحديات عدة تؤكد على ضرورة ان يكون العمل المغاربي المشترك اكثر فاعلية وجدوى.
وتجمدت انشطة اتحاد المغرب العربي الذي يضم الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا بسبب خلافات بين الدول الاعضاء خصوصا الخلافات بين الجزائر والمغرب حول النزاع على الصحراء الغربية الدائر بين المغرب وجبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر.
وقال نائب الامين العام لجامعة الدول العربية نور الدين حشاد “الوحدة المغاربية لها داعيان الاول هو داعي الهوية الذي تحقق اما الثاني فهو داعي المصلحة الذي لم يتحقق بعد ويتطلب وعيا اضافيا بالاهداف المشتركة وتحديدا واضحا للاستحقاقات المطلوبة بموضوعية”.
واقترح حشاد تشكيل ما سماه (لجنة حكماء) يعهد اليها بتقديم مقترحات عملية للمساهمة في تنشيط عمل الاتحاد المغاربي دون ان يعطي تفسيرات اضافية عن هذه المبادرة.
لكنه عبر رغم كل العراقيل عن تفاؤله بان “يقام في يوم ما فضاء مغاربي ينعم فيه ابناؤه بحرية التنقل والاقامة والعمل وكل ظروف العيش الكريم”.
ولم يعقد القادة المغاربة سوى قمة واحدة منذ نحو 12 عاما في تونس. وتأجلت القمة العام الماضي عشية انعقادها في ليبيا اثر انسحاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بسبب تصريحات جزائرية مؤيدة لجبهة البوليساريو التي تتنازع مع المغرب على الصحراء الغربية.
ومن جهته قال حاتم بن سالم كاتب الدولة في وزارة الخارجية التونسية انه يأمل في “ان يعطي الانطلاق الفعلي للمصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية في عام 2007 الدفع المنشود لوتيرة الاندماج الاقتصادي بين دول المنطقة ولتدفق الاستثمارات وتعزيز التعاون التجاري بين دول الاتحاد”.
واكد حرص بلاده على عقد القمة المغاربية في اقرب وقت.
اما الموريتاني محمد بن الامين الكتاب وهو رئيس جامعة نواكشوط ودبلوماسي سابق فقال ان الاتحاد يواجه عدة تحديات من بينها التحديات الاقتصادية المتمثلة في التعقيدات الادارية والحواجز الجمركية التي تعرقل التكامل الاقتصادي بين اعضاء الاتحاد.
واعتبر ان “انتشار نسب مرتفعة من الامية وبروز تيارات منغلقة ومتحجرة اساءت للاسلام وللخصوصيات الحضارية والثقافية المغاربية عوامل يجب ان تعجل بوحدة وتكتل حقيقي وفعلي بين دول الاتحاد”.
لكن الامين الكتاب دعا الى دعم التعددية السياسية واحترام حقوق الانسان واشراك القوى الوطنية في عملية صنع القرار لضمان استقرار الفضاء المغاربي واعطاء المصداقية لمؤسساته مما يقوى تماسك جبهته الداخلية ويضمن له احترام وتقدير شركائه في العالم.
وطالب بتدارك النقائص والثغرات الموجودة وابرزها المعاملات الاقتصادية المتواضعة بين دول الاتحاد.
واوضح ان المعطيات تكشف ان صادرات البلدان المغاربية للاتحاد الاوروبي بلغت عام 2000 على سبيل المثال 68 مثلا حجم الصادرات فيما بينها.
ويشارك في اعمال المؤتمر عدد من الخبراء والمهتمين ومراكز البحوث والهيئات العلمية من بلدان مغاربية ومتوسطية بهدف دفع التعاون بين بلدان المغرب العربي من جهة واقامة شراكة فاعلة مع تكتلات اخرى من جهة ثانية.
من طارق عمارة
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 21 جوان 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
تعتبر وصف النساء بانهن ناقصات عقل ودين ضربا من الهرطقة
تركيا تتجه لاستبعاد النصوص الإسلامية التي تجيز استخدام العنف ضد النساء
انقرة ـ اف ب: بدأ علماء دين اتراك دراسة شاملة للنصوص الدينية لاستبعاد اي احاديث منسوبة للنبي محمد صلي الله عليه وسلم، تجيز استخدام العنف ضد النساء، حسبما صرح مسؤول بارز امس الثلاثاء.
واكد محمد غورميز نائب رئيس مديرية الشؤون الدينية ان العديد من الاحاديث المنسوبة للنبي محمد بما فيها تلك التي تتضمن تمييزا ضد المرأة ادخلت علي السيرة النبوية علي مر القرون. وصرح غورميز في مقابلة مع تلفزيون ان تي في انه لا يمكن ان ينسب اي حديث يهين النساء او يوصي او يبرر باستخدام العنف ضدهن للنبي .
واضاف ان وصف النساء بانهن ناقصات عقل ودين وانهن مصدر الشر هو ضرب من الهرطقة وليست له علاقة بالاسلام او القرآن . وطلبت مديرية الشؤون الدينية من 35 خبيرا بتحضير هذه الدراسة، وقال غورميز انه يتوقع ان ينشر النص الجديد في خمسة مجلدات بنهاية 2007.
ومديرية الشؤون الدينية هي جهاز حكومي يتولي الشؤون الدينية في تركيا العلمانية التي تدين الغالبية العظمي من سكانها بالاسلام. ويعتبر الدعاة والعاملون في المديرية موظفين حكوميين. وتتعرض تركيا التي تسعي للانضمام الي الاتحاد الاوروبي لضغوط لمكافحة العنف ضد النساء وضمان العدالة بين الجنسين في كل مجالات الحياة.
وشجع كمال اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة النساء علي المشاركة في الحياة العامة ومنحهن حق التصويت عام 1934 اي قبل سنوات من حصول النساء علي ذلك الحق في العديد من الدول الاوروبية.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 21 جوان 2006)
“بن لاخضر” فاتحة أبواب تونس لعلوم الذرة
أحمد بلح (*) “عندما هبط رائد الفضاء الأمريكي “نيل آرمسترونج” على سطح القمر عام 1969، صارت الصور التي أرسلها على كافة شاشات التليفزيون بالعالم، لكن العالم احتاج إلى 20 سنة أخرى منذ هذا التاريخ لالتقاط أول صورة للذرة! وما زال هذا العالم هو الأصعب على الاستكشاف، برغم كونه المجال الأكثر دعماً لمسيرة التنمية، وفي الوقت الذي توقف فيه إرسال مركبات مأهولة للقمر، بلغت سرعة البحث في تطبيقات العلوم الذرية أقصى مداها”. بهذه الكلمات عبرت “زهرة بن لاخضر” عالمة الفيزياء التونسية الحائزة على جائزة اليونسكو “نساء العلم في العالم” عن مدى قناعتها بمجالات البحث العلمي التي خاضت غمارها عبر أكثر من ربع قرن، لتمثل مسيرة حياتها مسيرة امرأة عربية عنيدة ومثابرة مع العلم. أنامل صغيرة ومشوار طويل منذ أيام الطفولة المبكرة، واجهت زهرة معارك وعقبات على كافة الأصعدة الاجتماعية والثقافية والسياسية أيضاً، وربما هذا ما عاد عليها بالفائدة، وجعلها تستقوي على كل هذه العقبات. تقول زهرة عن نفسها: “عندما كنت صغيرة كان كل من حولي يقول إن دراسة العلوم ينبغي أن تقتصر على صنف الرجال، فالأمر يحتاج لبذل الجهد الكبير والمثابرة ومتطلبات أخرى يصعب على النساء الإيفاء بها. كانوا يعتقدون في ذلك انطلاقاً من إيمانهم بوجود فروق أساسية في القدرات العقلية بين الرجال والنساء، فكان الدور المفترض للنساء داخل المجتمع هو العناية بالأسرة، وإيفاء احتياجاتها داخل المنزل”. لم تكن “بن لاخضر” تتقبل هذه الأفكار، فقد كنت تحب دراسة الرياضيات وكل العلوم، وبصفة خاصة الفيزياء التي أصبحت فيما بعد وسيلتها كي تثبت قدرتها على تحقيق النجاح والتفوق في مجال العلوم تماماً كما يفعل الرجال. وفي رحلتها مع سنوات التعلم الأولى، واظبت زهرة على الذهاب إلى المدرسة الابتدائية عام 1950 بمدن “المهدية” و”الجميل”، حيث كان أعلى مستوى تعليمي متاح للفتيات هو الحصول على شهادة إتمام التعليم الأساسي. وقد انتظم معها كما تذكر قرابة 25 فتاة في السنة الأولى بالمدرسة، سلكت 6 منهن فقط كل السبل الممكنة للاستمرار في الدراسة واستكمال تعليمهن. وتعقب فتقول “لكن حتى لو نجحن ما كن ليستطعن الاستمرار حتى المدرسة الثانوية، إذ إن الأمر كان يتطلب منا السفر مسافة 25 كيلومترا كل يوم للوصول إلى مدينة (سوسة) أقرب المدن التونسية الكبرى لنا، وهي رحلة طويلة وشاقة في ظل عدم توافر أتوبيسات أو أية وسائل أخرى ملائمة للانتقال”. لقد كانت غالبية الفتيات في هذا الزمن يذهبن فقط إلى المدرسة الابتدائية لسنوات معدودة ثم غالباً ما يتزوجن في سن الـ 15 عاماً. لقد كان الزواج محور الاهتمام الأساسي في حياة البنات، وهذا ما كان يتوقعه المجتمع منهن. القوة دائماً مع العلم كان المجتمع التونسي آنذاك بعيداً عن ممارسة العلم الحديث ذكوراً وإناثاً سواء، فلم يكن يوجد بين التونسيين مهندس أو طبيب، حيث إن البلاد خاضعة للاحتلال الفرنسي؛ لذا اقتصرت هذه التخصصات على الفرنسيين. وكان أحد أهم دوافع “بن لاخضر” وراء النجاح في مجال العلم هو الأهمية التي كان والداها يضعانها على العلم ودوره في حياتهم. كان لأبيها قول مأثور: “القوة دائماً مع العلم ومع الأفراد الذين يجيدون الرياضيات”. إلا أنه كان يعول على أولاده الذكور فقط مسئولية القيام بدور في هذه المساحة، وكان يرغب في أن يتخصصوا بمجال الهندسة. وتعلق بن لاخضر على موقف والدها فتقول: “إن الصبيان يمتلكون القوة والفرصة أيضا بحكم تكوينهم الطبيعي، ولكني كنت أستطيع أن أرى أيضا أن الفتيات ينبغي عليهن أن يكتسبن لهم موقعاً في عالم الرجال”. وفي عام 1956، حصلت تونس على استقلالها عن فرنسا، وتغيرت الكثير من الأمور، منها أن نالت النساء حقوقهن، وأصبحن على السواء مع الرجال تحت سقف القانون، كما أصبح التعليم من القضايا الأساسية في السياسات الحكومية. في هذه الآونة، انتقلت عائلة بن لاخضر إلى عاصمة البلاد، وهناك نجحت في أن تلتحق بالمدرسة الثانوية ومن بعدها الجامعة. تقول بن لاخضر: “في نهاية شهر يونيو من كل عام، كان يأتي إلى الجامعة أستاذ من فرنسا ليشرف على الامتحانات الخاصة بنا. وقد قررت الحكومة تخصيص منحة دراسية في فرنسا لأفضل الطلاب في العلوم الهندسية وأخرى في العلوم الأساسية. وفى عام 1976، تم اختياري للالتحاق بدبلومة عليا في مجال علم الطيف الذري بباريس”. وتعلق بن لاخضر على هذه الفترة بقولها: “جاءتنى أنا وزوجي، وهو فيزيائي أيضا الفرصة للعمل في فرنسا، لكنا اخترنا العودة إلى بلدنا بالرغم من الحقيقة المعروفة لكلينا من افتقار تونس آنذاك للمناخ العلمي. وتضيف “بالفعل العمل هنا شاق جدًّا، لكننا لم نندم يوماً ما على قرارنا بشأن العودة لأرض الوطن”. بين المجهر والتليسكوب لم تلتفت بن لاخضر إلى عروض العمل في أوربا حيث الإمكانات المادية والبحثية متوافرة، وقررت العودة إلى تونس حيث الجذور ما زالت تتشبث بالأرض التي نبتت بها. وتسلمت وظيفتها بالجامعة فور عودتها للبلاد تحمل شهادة الدكتوراة من جامعة باريس عام 1978، لتبقى هناك منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. في المنطقة الفاصلة ما بين علمي الفيزياء والكيمياء، تقدم الفيزياء الذرية خلافاً لما هو شائع عنها مجالاً علميًّا هامًّا يحمل العديد من الفرص التنموية الواعدة، خاصة للبلدان النامية. ومنذ البداية، حرصت بن لاخضر على إنتاج أبحاث تطبيقية تلبي حاجة بلادها، لذا سعت إلى تأسيس نظام علمي يسهم في تعزيز مسيرة علوم الضوء وتطبيقاتها في تونس، بل وكل إفريقيا. وقد تمخض عن هذا النظام تطبيقات قيمة في مختلف المجالات الحياتية ابتداءً من العلوم البيئية إلى علوم البيوتكنولوجي. وتعد أبحاثها نقاط بداية هامة لتطبيقات كثيرة متوقعة في عدد كبير من المجالات العلمية كالفيزياء الفلكية والزراعة والطب والتطبيقات الصيدلية والصناعات الكيميائية. ففي أثناء عملها، تمكنت بن لاخضر من تطوير نظريات وطرق عملية متقدمة في علم الإسبكتروسكوبي (علم الطيف الذري) لدراسة تأثير الملوثات مثل الميثان والمعادن على جودة الهواء والماء، حيث تدور أبحاثها النظرية على الخواص الطيفية للمادة، متضمنة تطبيقات مراقبة التلوث البيئي. وعندما كانت زهرة طالبة في باريس، ارتبطت بعلاقة ودودة مع العلامة المخبري ألفريد كاستلر، الذي استعرض للمرة الأولى ظاهرة انبعاث الضوء من أسطح المعادن، الظاهرة التي تنبأ بها آينشتين، والتى ساعدت فيما بعد على إنتاج الليزر. وتعد ظاهرة تكبير ضوء الليزر وتتبع مساره في الفضاء الواقع بين النجوم واحدة من أهم الموضوعات البحثية التي حظيت باهتمام بالغ من قبل العالمة زهرة بن لاخضر، ونظراً لأنه لا توجد وسائل تقنية للمشاهدات الفلكية في تونس، كانت تعتمد في ذلك على المعامل الأوربية التي تربطها بالقائمين عليها علاقات طيبة، لتعود النتائج مرة أخرى إلى تونس، حيث يتم تحليلها واستخلاص حقائق فلكية جديدة منها. وقد نجحت بن لاخضر في إعداد كتالوج فلكي متميز يمكن استخدامه في الاستدلال على تركيب النجوم في الفضاء من خلال تحليل خصائص الضوء الذى نستقبله منها. فالضوء المرسل بواسطة الذرات والجزيئات يكون معبرا عن التركيب الذري أو الجزيئي المقابل للجرم الصادر عنه، ويعد كتالوج بن لاخضر بمثابة “بصمة ضوئية” للعناصر الكيميائية الداخلة في تركيب الجرم السماوي. حياة حافلة بالإنجازات منذ 30 عاماً تقريباً، تمارس بن لاخضر عملها كأستاذة للفيزياء بجامعة المنار التونسية، وهى الآن تترأس قسم فيزياء “تجارب وتطبيقات علوم الطيف الذري”، وتتولى مهمة العمل كمدير مختبر أبحاث الضوء، بالإضافة إلى كونها عضو مؤسس ورئيس “جمعية علوم الضوء التونسية”. وقد وضعت العديد من الأوراق البحثية التي نشرت في مجلات علمية شهيرة، كما أسهمت في تأليف العديد من الكتب الجامعية. في عام 1994، اختيرت البروفيسور بن لاخضر كعضو في أكاديمية العلوم الإسلامية. وفى عام 2001، حصلت على زمالة مركز “عبد السلام” الدولي للفيزياء النظرية (ICTP). وفي مطلع 2005، حازت بن لاخضر جائزة اليونسكو للنساء في العلوم، بوصفها ممثلة لأبرز عالمات القارة الإفريقية في الفيزياء. القائد.. القدوة تبدي بن لاخضر إعجابها الشديد بالبروفيسور الباكستاني “محمد عبد السلام” الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء. ويعود الفضل إلى د.عبد السلام في إنشاء المركز الدولي للفيزياء النظرية في تريستا بإيطاليا، حيث يمكن لباحثي الفيزياء من دول العالم النامي الدراسة جنباً إلى جنب مع أحد العلماء في جو علمي محفز. وتسير بن لاخضر على نهج عبد السلام ملتزمة بمبدئها بأن “الإنسان ينبغي أن يعيش في المكان الذي يكون فيه أكثر إفادة للآخرين، وعليه أن يحرص على ذلك في كل مرحلة من مراحل حياته العملية”. وعندما سئلت بن لاخضر عن أحلامها العلمية، أجابت: “أملي بناء مركز عالمي لعلوم فيزياء الكم والبصريات بإفريقيا تكون تونس مقرًّا له على غرار مركز تريستا بإيطاليا”. تحرص بن لاخضر على فتح الطرق أمام الفتيات لكي يسلكن نفس الطريق الذي سلكته. وهذا ما استشعرته شخصيا في لقائي بهذه العالمة الكبيرة في مراكش بالمغرب نهاية عام 2005، أثناء انعقاد الاجتماع السنوي للمجموعة الاستشارية الزراعية التابعة للبنك الدولى CJAR، حيث تم تكريمها على جهودها في خدمة العلم بتونس وإفريقيا، وهو اللقاء الذي أتاح لي أن ألمس مدى حبها للعلم وإيمانها بأنها صاحبة رسالة ترغب في تذليل كل العقبات كي تحققها. (*) كاتب علمي متخصص (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 21 جوان 2006)
الصحافة التونسية تجدد انتقادها للمدرب لومير
تونس ـ اف ب: جددت الصحافة التونسية امس الثلاثاء انتقادها لمدرب منتخب تونس لكرة القدم، الفرنسي روجيه لومير غداة الهزيمة امام اسبانيا 1/3 الاثنين في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثامنة ضمن مونديال 2006 الذي تستضيفه المانيا حتي 9 تموز/يوليو.
وتحت عنوان حلم جميل دام 70 دقيقة ثم افقنا علي السراب وكأننا ازاء توزيع جديد لمعزوفة قديمة ، كتبت صحيفة الصباح اليومية نفس السيناريو يتكرر في كل مرة وكاننا ازاء توزيع جديد لمعزوفة قديمة كم سئمناها وضجرنا منها ولكننا لم نجد لها اي علاج بل قل ان المدرب روجيه لومار ظل عاجزا عن ايجاد الحلول الكفيلة بالقضاء عليها (…) ففي كل مرة نمني النفس بالانتصار وحتي بالانجاز البطولي ثم ينهار منتخبنا بصورة مذهلة في نهاية اللقاء فيحول حلمنا الجميل الي سراب .
واضافت الان لم يبق لنا سوي الفوز علي المنتخب الاوكراني يوم الجمعة المقبل . وكانت الصحف التونسية انتقدت لومير بعد التعادل مع السعودية 2/2 في الجولة الاولي. واعتبرت صحيفة الشروق تحت عنوان تلك هي ضريبة المبالغة في الدفاع ان المنتخب التونسي لعب بطريقة دفاعية بحتة والمدرب لم يصب في التغييرات التي قام بها وخاصة بالنسبة للاعب (انيس) العياري الذي كان بطلا بدون منازع. مشكلتنا اننا اذ باستثناء الهدف الاول الذي سجلناه واصلنا لعب الدفاع ضد هجوم وكما يقول المثل ما كل مرة تسلم الجرة . واضافت صحيح اننا صمدنا 70 دقيقة وان ابناءنا لعبوا بروح قتالية لكن دون جدوي اذ لم يحاول لومير ادخال تغيير علي طريقة لعبه وهو علي عكس المدرب الاسباني الذي اخفي ورقاته الرابحة واستغلها في الوقت المناسب .
وعنونت صحيفة الصريح : حسابات لومير سقطت في الماء ، وكتبت هكذا مرة اخري تسقط حسابات لومير في الماء وينجح مدرب اسبانيا في الايقاع (…) هنا تبرز قيمة مدرب يقرأ اللعب ويحسن التدخل وتعديل الاوتار ومدرب يتفلسف ويأتي اشياء كانه يصر بها علي هزم نفسه بنفسه، اضافة الي هذا، تأكد مرة اخري ان اختيار لومير للاعبين الـ 23 لم يكن في محله . واعتبر المدرب المنصف بلحسين ان البداية كانت موفقة الا ان الخط الخلفي لمنتخبنا ارتكب عديد الاخطاء الدفاعية ومكن المنافس من عدد كبير من الكرات الثابتة ومن مجال واسع للتسديد وهو ما وضعنا في الكثير من الاحيان في مواقف حرجة . واضاف كان من لافضل ان نتمركز في الدفاع بعيدا عن مناطقنا حتي لا تتكاثر اخطاؤنا قريبا من مرمانا الا اننا لم نفعل وحدث ما كنا نخشاه ومنينا بهزيمة اعتقد بان طريقة لعبنا كانت السبب الرئيسي في حدوثها. غياب المساندة في خط الوسط ولم نفلح في تجميد اللعب مما جعل الجزيري في عزلة .
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 21 جوان 2006)
التونسي الجمالي مدافع بوردو الفرنسي مغترب مثقل بالخبرة
شتوتغارت (المانيا) ـ اف ب: عبرت تونس مرات عدة وقبل سنوات عن رغبتها في ان يوافق مدافع بوردو الفرنسي دافيد الجمالي في الدفاع علي الوان منتخب بلادها وفي كل مرة كان الاخير يرفض الدعوة لاسباب شخصية قبل ان يقبلها في آذار/مارس الماضي.
وكأي لاعب يحمل الجنسية الفرنسية كان طموح الجمالي الدفاع عن الوان المنتخب الفرنسي ولكن بعد وعود وطول انتظار وعدم وجود مكان له في المنتخب المثلث الالوان بسبب تألق ليليان تورام وويلي سانيول في مركز الظهير الايمن.
واقتنع الجمالي، الذي كان يمني النفس بدعوة الي تشكيلة فرنسا بعد اعتزال تورام، بان صبره لن يفيده البتة لان مدافع يوفنتوس الايطالي عاد عن قراره ليساند رفاقه في التصفيات لمؤهلة الي مونديال 2006 كما ان المدرب ريمون دومينيك لم يفكر ولو لمرة في استدعاء الجمالي الشهير بتلقيه البطاقات الصفراء بسبب لعبه العنيف. ووجد الجمالي، الذي كان يتحجج احيانا بوفائه لفريقه بوردو علي اللعب مع تونس، نفسه مضطرا لقبول دعوة المدرب الفرنسي روجيه لومير بعدما اقنعه الاخير بذلك. وألح لومير كثيرا علي الجمالي خصوصا بعد الاصابات المتلاحقة التي تعرض لها حاتم الطرابلسي ونجح في مسعاه فخاض الجمالي مباراته الدولية الاولي ضد صربيا وديا في الاول من آذار/مارس الماضي.
واوضح الجمالي عقب استدعائه للمنتخب أنا سعيد باللعب مع تونس، لست نادما علي تأخري في قبول دعوة الاتحاد التونسي، كانت لدي التزامات وحان الوقت الان للعب مع المنتخب .
ولد الجمالي في 13 كانون الاول/ديسمبر 1974 في تولوز، وتأخر في بدء مسيرته الكروية وانتظر مرور نصف سنة علي ربيعه السادس عشر لينضم الي فريق كان وامضي 6 اعوام في مركز تكوين اللاعبين. خاض مباراته الاولي في الدوري الفرنسي ضد باستيا عام 1995 بيد انه لا يعتبرها كذلك لانها كانت الاخيرة في الموسم ولم يكن لدي الفريقين اي رهان للمنافسة. ويعتبر الجمالي مباراته الاولي تلك التي خاضها ضد موناكو في بداية موسم 95 ـ 96.
لعب 56 مباراة مع كان حتي موسم 96 / 97 لينتقل الي بوردو بعدما اكتشفه مدربه رولان كوربيس الذي سبق وان ضم 4 لاعبين من كان وهم زين الدين زيدان ويوهان ميكو وبيتر لوكسين ولامبورد.
ولم يتأخر الجمالي في فرض نفسه في تشكيلة بوردو وبلغ معه في عام 1998 نهائي كأس رابطة الاندية الفرنسية المحترفة قبل ان يساهم في احراز لقب بطل الدوري عام 1998 وكأس الرابطة عام 2002.
ولعب الجمالي حتي الان 260 مباراة في الدوري الفرنسي وسجل 5 اهداف.
ويملك الجمالي بنية جسدية هائلة (1.86 م و76 كلغ) بالاضافة الي مؤهلات فنية عالية تميزه عن باقي المدافعين خصوصا في الجهة اليمني كما انها تساعده علي اللعب في جميع المراكز في خط الدفاع وهو ما دفع المدرب لومير الي اشراكه كمدافع ايسر ضد السعودية في الجولة الاولي لكنه لم يتألق كما كان منتظرا منه وكان جهته مصدر الهدف الاول للمنتخب السعودي حيث مرر محمد نور الكرة العرضية التي أدرك منها ياسر القحطاني التعادل (1/1).
بيد ان لومير دافع عن الجمالي بقوله قدم الجمالي مباراة جيدة وليس هو وحده سبب التعادل مع السعودية 2/2 بل جميع اللاعبين . وتابع انه مدافع رائع يعتبر مكسبا للكرة التونسية في الوقت الحالي.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 جوان 2006)
الكرة والسياسة في المونديال
محمد كريشان
حسنا فعلت غانا حين اعتذرت عما قام به بكل رعونة لاعب منتخبها جون بنتسيل وزميله خلال المباراة مع تشيكيا في كأس العالم في ألمانيا حين رفعا العلم الإسرائيلي فرحا بعد تسجيل الهدف. لقد كانت تلك حركة حمقاء بكل المقاييس ليس فقط لأنه يفترض في مثل هذه المناسبة العالمية أن يرفع اللاعب علم بلاده فخرا واعتزازا بل لأن رفع علم إسرائيل إهانة لكل من تحتل هذه الدولة العنصرية أرضه وتقتل شعبه وهو ما كانت تفعله تحديدا والعالم مشغول بكأس العالم حين ارتكبت مجزرة شاطئ غزة.
وكشأن الدول التي تبحث، أو يبحث لها عن تفسيرات أو تبريرات، حين تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ويرفرف علمها علي أحد أبنية عواصمها ذكرت بعض المصادر أن اللاعب الغاني فعل ما فعل كي يتم تجديد عقده مع فريق هابوعيل الإسرائيلي فيما ذكرت أخري أنه فعلها لأن ناديه عدل عن قرار سابق بالاستغناء عن خدماته. ومهما يكن فإن الإعلام الإسرائيلي انقض علي هذه اللقطة لتتصدر نشراته والصفحات الأول لجرائده وتجعل معاريف مثلا تكتب نحن علي الخارطة بعدما قال وزير الرياضة الإسرائيلي ثمة إسرائيلي في المونديال الذي لم يفلحوا في الوصول إليه إلا مرة واحدة عام 1970ما دعاهم لمتابعة هذه التظاهرة الكروية بعقلية دينية متعصبة، لا تستنكر إلا عند غيرهم، حين يركز المعلقون الإسرائيليون علي ضرورة تشجيع المنتخب الأرجنتيني لأن مدربه وقائده يهوديان مما سيتيح المجال إن فازوا بكأس العالم لأول يهودي أن يرفع هذا الكأس في التاريخ!
ما يثير الانتباه أن المعلقين الرياضيين العرب ورغم انغماسهم في حمي المباريات لم يتركوا ما فعله اللاعب الغيني يمر هكذا دون تعليقات هي للسياسة أقرب، فمن الصعب أن تعلق بمفردات رياضية علي حركة هي سياسية دعائية حتي النخاع، فمعلق الأهرام المصرية مثلا قال إن حركة اللاعب الغاني هي من النوع السياسي التي تعاقب عليه الفيفا التي لا تقبل أن يتم التعبير عن أي انتماء سياسي أو ديني في ملاعب كرة القدم خاصة أن حركة اللاعب الغاني تعني أن يرد عليه أي لاعب عربي أو حتي أجنبي آخر برفع علم فلسطين لتتحول مباريات المونديال إلي مناظرات سياسية حول قضية الشرق الأوسط، فيما وصف معلق الخليج الإماراتية بنتسيل بـ اللاعب العميل الذي تساءل كم قبض مقابل هذه اللقطة المصطنعة التي تصدرت للحظات شاشات التلفزيون في العالم كله، والأمر كله لا يخلو من ترتيب مسبق ودعاية مقصودة حسب الأخبار القاهرية التي اعتبرت أن أصدقاء اللاعب الغاني من الإسرائيليين طبعا وربما من العاملين في المخابرات الإسرائيلية ذهبوا إلي ألمانيا ولديهم هدف واحد، ليس بالطبع تشجيع غانا ولا تأييد بنتسيل ولكن لهدفهم الأول وهو حمل علم إسرائيل في المدرجات وإعطائه لهذا اللاعب الغبي والجاهل ليلوح به إلي الكاميرات بعد الفوز وتحقق لهم ما أرادوا وفقدت غانا تعاطفنا جميعا .
لنتخيل للحظة أن تظاهرة ضخمة ككأس العالم هذا تتحول ساحة لتنابز سياسي أو ديني أو عرقي ، كيف يمكن التنكيد مثلا علي المنتخب الأمريكي بغزو العراق وممارسات سجني أبو غريب وغوانتنامو، وكيف يمكن التنديد ببرنامج إيران النووي أو التهليل له في مباريات المنتخب الإيراني، وكيف يمكن لبعضهم أن يعير السعوديين بأسامة بن لادن والإرهاب والفرنسيين بإصرارهم علي عدم الاعتذار عن ماضيهم الاستعماري الفظيع في الجزائر وكيف يمكن أن تذكر الأسبان بقضية الباسك و..هكذا.
لا بد من وقفة صارمة مع ما أقدم عليه اللاعب الغاني ومعاقبته عليه رغم اعتذار بلاده حتي لا نفتح الباب أمام سابقة لا أحد يدري إلي أين يمكن أن تؤول.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 جوان 2006)
الإسلام والديمقراطية والمركزية العربية
صلاح الدين الجورشي (*) بعد ثلاثة أيام من المتابعة والاستماع، أخذ الأستاذ الهندي الكلمة، وخاطب المشاركين العرب في المؤتمر بقوله ” مشاكلكم وأولوياتكم مختلفة عن مشاكلنا وأولوياتنــا”. وأضـاف ” بدا لي واضحا أنكم غير مرتاحين في علاقاتكم بالمؤسسات السياسية القائمة في العام العربي، وأعتقد بأنكم في حاجة إلى مفكرين يساعدونكم على تحليل ما يجري، فأنا من الهند وليست لدينا مشكلة علاقة بين الإسلام والديمقراطية، لأن الهند بلد ديمقراطي”. ثم واصل هذا الأستاذ الجامعي المسلم حديثه بقوله: ” كما أني لاحظت أنكم تعودون كثيرا إلى الماضي بحثا عن حلول للمشاكل التي تواجهكم في الحاضر. وهذا في رأيي يطرح إشكالا يتعلق بالمنهج”. حدث ذلك، في إحدى الجلسات الختامية للمؤتمر الدولي الذي نظمه “مركز القدس للدراسات السياسية” في عمان قبل اسبوعين. وكان عنوان هذا المؤتمر” نحو خطاب إسلامي ديمقراطي مدني”. ليست هذه المرة الأولى التي يحظر فيها مسلمون من خارج المنطقة العربية ورشات أو ندوات مع زملاء لهم عرب، ويتبين أن اشتراكهم في الانتماء إلى لإسلام لا يعني بالضرورة توحدهم في المرجعية، أو اتفاقهم في الهموم والأولويات. فالإسلام الهندي يختلف في جوانب عديدة منه عن الإسلام العربي أو الإفريقي أو الأوروبي. لا يعني هذا أن لكل منهم إلهه ونبيه وقرآنه، ولكن الدين عندما يتحول إلى تدين يختلط بالخصوصيات اختلاطا كبيرا، فيتأثر بالثقافات المحلية وطبيعة الأوضاع والنظم السياسية، والأعراف السائدة، ولغة الخطاب، ودرجة الانفتاح على المحيط الإقليمي والدولي. من الأمثلة على ذلك إشكالية العلاقة بين الإسلام والديمقراطية. فهذه المسألة بقدر ما تبدو ملحة ومسيطرة على الذهنية العربية، فإنها تكاد تكون منتفية في عموم الخطاب الإسلامي غير العربي، خاصة في الدول التي قطعت أشواطا مهمة في ترسيخ أنظمة ديمقراطية مثل الهند أو أندونيسيا وماليزيا وتركيا والسينيغال وغيرها. وحتى لو طرحت الاشكالية، فإنها تدرج ضمن سياقات مختلفة. فالمسلم الذي ولد وتربى في ظل نظام ديمقراطي، لا نراه منشغلا بالبحث عن كيفية تأسيس خطاب إسلامي ديمقراطي، لأنه لو فعل ذلك لأصبح شبيها بالذي يحاول أن يفتح بابا مفتوحا. أما لماذا تكتسب هذه القضية أهمية قصوى داخل الدائرة العربية، فيعود ذلك إلى أن الموجة الرابعة من انتشار الديمقراطية، قد اكتسحت كما يقول سعد الدين إبراهيم جميع دول العالم، لكنها تكسرت عند ارتطامها بصخور الشواطئ العربية. ففي هذه المنطقة بالذات لا يزال الاستبداد صامدا أمام المتغيرات، رافضا التكيف الفعلي مع الحد الأدنى من الحقوق والحريات، مستعملا كل الوسائل والحيل حتى يضفي الشرعية والديمومة على وجوده وأنظمته. هذا الاستبداد تضافرت عوامل عديدة في إكسابه القدرة على الاستمرارية. منها عوامل موروثة اختلط فيها الثقافي بالبنيوي، وبعضها مستحدث أفرزته تجارب الأحزاب الشيوعية والفاشية، مما جعل الدولة العربية في الغالب عصرية في شكلها، ماضوية في روحها وعنفها وثقافتها وشخصنة مؤسساتها. قبل سنتين عقدت في باريس ورشة عن علاقة “حقوق الإنسان بتجديد الخطاب الديني” بادر بها مركز القاهرة لحقوق الإنسان “بالتعاون مع الفيدرالية العالمية لحقوق الإنسان، وحضرها حوالي 25 مثقفا عربيا، وصدرت أعمالها في كتاب. كانت خطوة مهمة، رأيت فيها اجتهادا صائبا ولبنة من لبنات بناء خطاب عربي حقوقي يحاول التصالح مع ثقافة الأمة، ويعمل على تجاوز الخطاب الذي يضع الدين مقابل حقوق الإنسان. وتواصلا مع هذا الاتجاه، اقترحت على مركز القاهرة تخصيص ندوة تكون بمثابة النافدة التي تسمح بالتعرف على ما يجري من تحولات فكرية أو سياسية لها صلة بالإصلاح الديني في الدول والفضاءات الإسلامية غير العربية. وهو ما تم فعلا من 18 إلى 20 أبريل 2006 في ورشة عقدت بمدينة الإسكندرية، نظمها المركز بالتعاون مع المعهد السويدي وشبكة الإسلام الليبرالي بأندونيسيا، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمفوضية الأوروبية، تميزت بتنوع المشاركين وجدية النقاش. وورد في ورقة الدعوة سؤال طرحه أصحاب المبادرة على المدعويين ونصه: “كيف يستفيد العرب من تجارب العالم الإسلامي غير الـعرب في مجــال تجديد الخطاب الدينـي؟”. وبدا السؤال للبعض غريبا، إذ جرت العادة بأن يكون العرب هم الذين يصدرون تجاربهم وخطابهم الديني إلى الآخرين. كما أنهم لم يتعودوا على سماع بقية المسلمين وهم ينتقدون ما أنتجته بعض هده التجارب العربية من مفاهيم وأفكار كان لها أسوء الأثر على عديد الحركات والبلدان. يبدو العالم العربي وكأنه قد استنفد محاولات الخروج من مأزقه الثقافي والسياسي، حيث لا يزال يعتبر المنطقة الأخيرة في العالم التي لم تنجز مرحلة التحول الديمقراطي، ولم تتجاوز حالة التمزق والتذبذب بين عدد من الثنائيات التي صاحبت الفكر العربي منذ القرن الثامن عشر إلى اليوم. في مقابل ذلك، يلاحظ أن بلادا إسلامية كثيرة نجحت في الانتقال إلى عصر الديمقراطية رغم الصعوبات والتعثرات والعراقيل المتنوعة. فهل كان للثقافة الإسلامية دور في تحقيق ذلك الانتقال وتوفير أرضية صالحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟. وبالتالي هل يمكن أن تساعد تجارب المجتمعات الإسلامية الأخرى، أو إبداعات أبناء الجاليات الإسلامية في البلاد الغربية الفكر العربي في نقد بنيته، وتجاوز عوائقه الذاتية ؟. لكي يتحقق ذلك يجب أن يدرك العرب بأنهم فقدوا مركزيتهم القديمة، وأنهم لم يعودوا مصدرا لتوجيه الآخرين بحجة أن بلادهم كانت مهبط الوحي، وأن لغتهم هي لغة القرآن. لقد حصل تداول الأيام منذ قرون خلت، ولم ينجح العرب طيلة هذه الفترة في استرداد المبادرة السياسية أو الثقافية والعلمية. لهذا عليهم أن يبحثوا عن الحكمة في بقية البلاد الإسلامية وفي غيرها من البلدان. إنها فرصة ليطلعوا على قراءات للإسلام بلغات غير عربية، ومن منطلقات ومجتمعات تختلف في تجاربها وأولوياتها ورموزها التراثية عما هو سائد لديهم. يعقب السيد راشد الغنوشي على مثل هذا الرأي بقوله في الورقة التي وجهها للمؤتمر ” أما النجاح الديمقراطي النسبي في عالم الإسلام غير العربي فتفسيره ليس عائدا إلى توفر قدر من فكر التجديد هناك لم يستوعبه العرب جهلا أو استعلاء منبعثا من نوع مركزية عربية سائدة، فذلك تفسير عجول”. وهو يعتقد بأن العرب “لا يزالون في نظر عموم شعوب الأمة وبمقياس موضوعي يمثلون البوتقة الأساسية للتجديد واستيعاب قيم الحداثة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والأقليات”. بل ذهب إلى حد القول بأن عرب اليوم “كما سلبت منهم ثرواتهم المادية” يراد لهم أن يجردوا من قوتهم المعنوية وفي طليعته الدور القيادي في أمة الإسلام”. قانون التداول الحضاري مختلف عن هذا التصور. فالقرآن في سورة “محمد” يربط الدور القيادي للأمم والشعوب بمدى أخذها بأسباب القوة والتقدم، ولهذا توجه بالخطاب إلى الصحابة، ومن ورائهم العرب قائلا: “وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم”. فالمجتمعات الإسلامية غير العربية التي أخذت بأسباب التحول الديمقراطي فكرا وممارسة أصبح أكثر تفوقا من العرب الذين لا يزالون يراوحون في مكانهم. أكثر من ذلك، فقد عبرت نخب تلك المجتمعات عن قلقها من تنامي نزعات التطرف والغلو والعنف لدى بعض أوساطها، بتأثير من بعض المجموعات العربية الحاملة لمثل هذه الفيروسات. وأنقل في هذا السياق حادثة ذكرها لي الأستاذ الصديق فهمي هويدي. فعندما انتفض العالم ضد قرار حركة طالبان هدم تماثيل بوذا، توجه وفد إسلامي إلى كابول ضم عددا من العلماء والمثقفين، كان هويدي من ضمنهم. وفي أثناء محاولة إقناع قادة الحركة بتعديل سياستهم تجاه عدد من المسائل، التفت أحدهم وقال ما معناه: لم نأت بهذه الآراء من عندنا، لقد تلقيناها عندما كنا ندرس في الأزهر والمؤسسات الإسلامية بالسعودية وغيرها، ولهذا رأينا أن من الواجب الشرعي بعد ما مسكنا السلطة أن نطبق ما تعلمناه منكم- يقصد العرب- فكأنه أراد أن يختزل الأمر في لافتة كتب عليها “تلك بضاعتكم ردت إليكم”. (*) كاتب وباحث تونسي (المصدر: صحيفة “الغد” الأردنية بتاريخ 9 جوان 2006)
حيرة غربية بين متطلبات الواقع وضرورات المصالح
نور الدين الفريضي – بروكسل
قبل أكثر من عام، وفي زخم الصّـلح بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، برزت بعض القناعة المشتركة بين الجانبين في أهمية الإصلاحات السياسية في المنطقة العربية والبلدان الإسلامية. أما اليوم، وفي ضوء مستجدات النتائج الإنتخابية واستطلاعات الرأي في المنطقة وتطورات الأمور فيها، فقد تراجعت هذه القناعة المشتركة إلى حد كبير.
في خطاب ألقاه في بروكسل يوم 21 فبراير 2005 تحدث الرئيس الأمريكي عن “اتفاق أمريكا وأوروبا حول العمل معا من أجل إقامة السلام العادل والديمقراطية” في منطقة الشرق الأوسط الكبير
.
ومن الواضح أن هذا الموقف استند إلى تحليل مشترك، أمريكي – أوروبي للأسباب الموضوعية التي تهزّ الاستقرار السياسي وحده من أكثر المناطق حيوية بالنسبة لمصالح البلدان الغربية، وهي عوامل انعدام السلام العادل لأزمة النزاع العربي الإسرائيلي وتأخر الإصلاحات السياسية في غالبية بلدان المنطقة والهوة الواسعة القائمة (والمتنامية) بين فئة محدودة غنية جدا، وغالبية واسعة تعاني كافة أشكال الحرمان الاقتصادي، خاصة في البلدان غير النفطية
.
ودلت متابعة النقاشات في الكثير من الأوساط الأكاديمية والسياسية والإعلامية على مدى الأعوام الأخيرة، في أوروبا والولايات المتحدة، وبشكل خاص منذ وقف المسار الانتخابي في الجزائر في يناير 1992، وتفجيرات نيويورك وواشنطن عام 2001 والحرب التي تلتها على الشبكات الإسلامية، واحتلال العراق عام 2003، على أن مراجعة نظرية لأوضاع المنطقة انتهت إلى وجود أنظمة استبدادية في أكثر من بلد مجاور للقارة الأوروبية غير مستعدة لاستيعاب مبادئ التداول على السلطة وتنظيم انتخابات نزيهة والالتزام بنتائجها
.
قبول مبدئي.. ولكن
وتستخدم الأنظمة الاستبدادية في الجنوب مبرّرات الأمن ومكافحة الإرهاب لاستبعاد خصومها السياسيين من اللبراليين والإسلاميين، وقد عوّلت في ذلك على صمت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، التي فضّـلت في مرحلة أولى إبلاغ دعواتها الإصلاحية إلى الأنظمة المعنية عبر القنوات الدبلوماسية ومخاطبة الأكاديميين. وكانت كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية اختارت جامعة الإسكندرية لإعلان مساندة الولايات المتحدة رغبات الإصلاح في مصر
.
ولم يتردد منسق السياسة الخارجية خافيير سولانا عن التساؤل أمام اجتماع وزراء خارجية دول الإتحاد في شهر أبريل 2005 في لوكسمبورغ “إن كان الوقت قد حان بالنسبة للاتحاد لإجراء حوار مع الذين يرفضون العنف وسيلة للوصول إلى الحكم”. وعني كلام سولانا قناعة بأهمية الحوار مع “المعتدلين” في صفوف الإسلاميين حول مسارات الإصلاح السياسي والعلاقات مع الغرب
.
وكان سولانا استقبل في مكتبه في بروكسل قيادات الحزب الإسلامي في العرق (من طائفة السنّـة) في نطاق الاتصالات التي أجراها حول مشروع الدستور في العراق. كما أوكل سولانا إلى مبعوثيه في أراضي السلطة الفلسطينية إجراء حوار مع “حماس” خلال مباحثات الهدنة مع إسرائيل
.
ويستجيب موقف سولانا ومسؤولين في الاتحاد إلى رغبات الحركات الإسلامية من أجل ربطها علاقات مباشرة مع البلدان الغربية، وحتى لا تظل هذه العلاقة حكْـرا على السلطات الحاكمة والنخب العلمانية. وتمنى ممثل عن حركة “النهضة” المحظورة في تونس، استعدادا للحوار مع الاتحاد الأوروبي، وقال في ندوة نظمت في شهر يونيو 2005 في مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل حول عقد الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي وشارك في الندوة ممثلون عن الحزب الحاكم والمعارضة وأكاديميون من تونس بأنهم (أي الإسلاميين) “مستعدون للاستماع إلى رأي الأوروبيين
“.
وأكّـد المسؤولون الأوروبيون في أكثر من مناسبة على قبولهم المبدئي، نتائج الانتخابات، ولو فاز الإسلاميون بالغالبية فيها، وهو ما لم يتأكد عمليا خلال الانتخابات العامة في كل من مصر وأراضي السلطة الفلسطينية
.
تراجع القناعة الأوروبية الأمريكية
كان المراقبون أجمعوا حول اتساع حجم التجاوزات التي ارتكبتها السلطات المصرية للحيلولة دون فوز “الإخوان المسلمين” في انتخابات الخريف الماضي، ونسبت بعض التقارير إلى قوات الأمن المصرية لجوءها في بعض الحالات إلى إطلاق النار في الهواء من أجل ردع الناخبين عن التوجه إلى صناديق الاقتراع، بعد أن تأكدت لديها مؤشرات احتمال اكتساح الإخوان المسلمين مقاعد مجلس العشب المصري. وواكبت العملية الانتخابية المصرية اعتقالات مكثفة في صفوف الإسلاميين ونشطاء المعارضة الليبرالية، ولا تزال السلطات المصرية ترفض التسليم باستقلال القضاء في الإشراف على العملية الانتخابية
.
ورغم استمرار الحملة الأمنية، فإن ردود فعل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كانت مُـقتضبة ومعدُومة التأثير في القرارات الأخرى التي أقدمت عليها السلطات المصرية، مثل تأجيلها الانتخابات البلدية من دون مبررات كافية، سوى القناعة بأن الإسلاميين قد يكتسحون المجالس البلدية على غرار فوز “الجبهة الإسلامية للانقاذ” الجزائرية بالغالبية في الانتخابات المحلية قبل عام ونصف من انقلاب مطلع 1992
.
وسيكون فوز حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، المفاجأة الغير سارّة، والدليل على تراجع البلدان الغربية عن الخيار الديمقراطي وانعدام استعدادها القبول بنتائج الانتخابات في نهاية شهر يناير 2006، والتعاون مع حكومة منتخبة وفق شهادة مئات المراقبين الأوروبيين والأمريكيين
.
ويبدو أن أيا من الأطراف الدبلوماسية والاستخباراتية، بمن فيها الإسرائيلية، لم تتوقع أهمية فوز “حماس”، ولم تتهيأ للردّ عليها سوى بوسائل العقوبات والحصار الفوري. فذعرت إسرائيل وساندتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بإعلان مقاطعة الحكومة الجديدة، ووَقف المعونات فور تولّـيها مقاليد الحكم في منتصف شهر مارس الماضي
.
وحرمت الأطراف الثلاثة وبعض أعوان “فتح” المهزومة، حكومة حماس مهلة التفكير والمراجعة، وانفردت روسيا بالخروج عن الإجماع الغربي، واتفقت أطراف اللجنة الرباعية حول الشروط المُـسبقة (الاعتراف بإسرائيل والاتفاقات المبرمة ووَقف العنف)، لاستئناف المعونات الدولية، ورفضت في الوقت نفسه كافة مؤشرات الانفتاح التي أطلقتها الحركة، مثل مطالبتها إسرائيل بالاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني
.
وفي الأثناء، ازداد الوضع الاقتصادي تدهورا جرّاء إغلاق المعابر والعقوبات الجماعية التي تفرضها إسرائيل. وتنتظر الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الحكومات الأوروبية، أن يدفع الحصار والتجويع الفلسطينيين إلى الثورة على الحكومة الفلسطينية وإسقاطها
.
معاقبة الخيار الإسلامي الديمقراطي
غير أن حقيقية الوضع الإنساني والاقتصادي المتدهور، جعلت بعض الأوساط السياسية تُـعيد النظر في جدوى السياسة العقابية التي دفعت حكومة “حماس” إلى الالتفات نحو البلدان العربية والإسلامية. ورأت فيرونيك دي كيزير، النائبة في البرلمان الأوروبي، والتي ترأست لجنة مراقبة الانتخابات الفلسطينية، أن السياسة العقابية “أفضل وسيلة تضع الحكومة الفلسطينية بين أيدي إيران والمملكة العربية السعودية
“.
وتتفق غالبية النواب من اليسار في البرلمان الأوروبي حول اعتبار وقف المعونات “عقابا على الخيار الديمقراطي، الذي سيدفع الفلسطينيين إلى موقع التشدد”. كما يلاحظ الأوروبيون نقمة الشارع الفلسطيني والعربي إزاء افتقاد السياسة الغربية الانسجام والمصداقية
.
وقال مسؤول دولي لسويس انفو، إن إفشال حكومة “حماس” لا يضمن استبعادها من الفوز في انتخابات أخرى، هذا في حال قبلت المشاركة”. ويرى دبلوماسي كبير في بروكسل خيارين أمام “حماس”، في حال سقطت حكومتها “مقاطعة الانتخابات المقبلة أو عدم الاعتراف بنتائجها”. وفي الحالتين، فإن الوضع الفلسطيني يدخل مأزقا جديدا لا يقل خطرا عن المأزق الراهن
.
وبعد أن اقتنعت الدبلوماسية الأوروبية بالعواقب الخطيرة التي تنجم عن تجويع الشعب الفلسطيني، عملت على مدى ستة أسابيع من أجل وضع آلية مؤقتة تضمن تقديم المعونات للمستشفيات فقط، بعد أن رفضت إسرائيل والولايات المتحدة عرض الدول المانحة، منها العربية، لسداد رواتب الموظفين
.
وتشدد إسرائيل والولايات المتحدة، ومعهما بريطانيا وهولندا على إحكام العقوبات “حتى لا تفاد حماس مباشرة أو بصفة غير مباشرة من المعونات الدولية
“.
ويعقب مصدر دبلوماسي كبير بأن “قضية الشعب الفلسطيني تحوّلت إلى قضية معوزين، وأن تقديم العون إلى قطاع الصحة فقط، قد يؤدّي إلى تقسيم قطاعات الشعب الفلسطيني، ويزيد التوتر الداخلي في صفوفه
“.
ويبدو الدبلوماسي مقتنعا بأن القناعة الأوروبية قد تراجعت، وأن الأمر يتعلق برفض أوروبا والولايات المتحدة “حكومة إسلامية سنّـية مُـنتخبة في المنطقة”، وهو ما يفسّـر الصمت الغربي على قمع الإخوان المسلمين في مصر، ومحاولات إسقاط حكومة “حماس”، وتخفيف الضغط على سورية لأن “الإخوان” هناك يشكّـلون البديل الوحيد المتوفر
.
ومن المؤكد أن البلدان الغربية تخشى – وإن بدرجات متفاوتة – من طلوع حكومات إسلامية سنّـية مثل القوة الشيعية في إيران والعراق، قد تطالب بمراجعة المعادلات الإقليمية في منطقة تمتلك ثلثي احتياطيات النفط في العالم
.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 21 جوان 2006)