Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
7 ème année, N° 2494 du 21.03.2007
الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان: بيان مساندة الــشـــبــاب الـعــربي الــــبــعــثي: بيان الحياة: بن علي يطالب بحماية الشباب التونسي من التطرف القدس العربي: بوتفليقة يدعو بن علي لضم جهود بلديهما في مكافحة الارهاب وات : انخفاض حاد في درجات الحرارة وثلوج في المرتفعات الغربية للبلاد الهادي بريك: هيئة 18 أكتوبر تهدد نفسها بالتفجير بوراوي الزغيدي: في بيانات 8 مارس أو حرب المرادفات… عادل القادري: في منتدى التقدم : المساواة في الإرث من التحسيس إلى التشريع فدوى الرحموني : المساواة بين الرجل و المرأة في فلسفة “النوع الاجتماعي”: مــــا وراء الخطـــــاب عامر العريض: تصحيح لما ورد من معطيات مغلوطة في مقال بلحسين مواطــن: حـــوار الطرشـــان افتتاحية “الموقف”: مفاجأة… غير سارة أحمد نجيب الشابي: اسـتـقـلال بـلا حــريّــة لطفي حجي: الحكومة و تجديد الخطاب الديني أحمد فرحات حمّودي: ما أسباب عودة “الرافل”؟ مصباح شنيب: الولاء و المحسوبية ينخران مؤسساتنا التربوية أحمد بوعزي: الشرطة لا توقف جنون السيارات المارقة محمد العروسي الهاني: مزايا ونعم الاستقلال برزت في الذكرى الخمسين للإستقلال الوطني 20 مارس 1956 الصباح: الديون البنكيّة المشكوك في استرجاعها في تونس حسب أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي:المزيــــــــد من العمـــــــــل الصباح:الشبــاب.. الشبــاب زهير الخويلدي: في بيان كيفية افتراق الأمة السياسي والأكاديمي التونسي المقيم في باريس د· أحمد القديدي لـ ”الجزائر نيوز”:لا شيء محسوم في نتائج الرئاسيات الفرنسية القدس العربي: السياسة وسلطة اللغة لعبد السلام المسدي: الاستغلال السياسي للغة في عصر الميديا الذي يكرس خطابا ملفقا موجها للدهماء! القدس العربي: حزب يساري مغربي يحمّل سياسات الحكومة مسؤولية تفجير الدار البيضاء رويترز: الإخوان المسلمون يقاطعون الاستفتاء على التعديلات الدستورية الكرامة لحقوق الإنسان: “إرفعوا أصواتكم مع جمعية “الكرامة” وباقي المنظمات لدعم من تمثل الإجراءات الخاصة أداة حماية حاسمة لهم”
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
بدأت قناة “العربية” يوم 20 مارس 2007 في بث الجزء الأول من سلسلة أشرطة وثائقية أعدها محمد الحناشي وأخرجها ماهر عبد الرحمان عن الحبيب بورقيبة، أول رئيس للجمهورية التونسية:
الحلقة الأولى من ثلاثية “زمن بورقيبة”: زمن الجهاد
للمشاهدة اضغط على الوصلة التالية (من موقع الحزب الديمقراطي التقدمي):
الاتحاد العام التونسي للشغل
الاتحاد الجهوي بالقيروان
بيان مساندة
إن أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان المجتمعون اليوم 21 مارس 2007 ، وبعد تدارسهم للأوضاع الصحية للأستاذ رشيد الشملي يعبرون عن :
– مساندتهم للأستاذ في إضرابه عن الطعام احتجاجا على المضايقات التي يتعرض لها في عمله وعرقلة نشاطه الأكاديمي والعلمي ومنع أطباء وصيادلة أتوا من مختلف أنحاء البلاد لإعداد مؤتمر طبي للتداوي بالإعشاب.
– إدانتهم للطريقة الفجة التي تعاملت بها إدارة الكلية ووزارة التعليم العالي مع الأستاذ الباحث.
– تحميلهم السلطة مسؤولية السياسية تبعات ما قد يحصل للأستاذ الشملي من تعقيدات صحية ..
– دعوتهم كل النقابيين للوقوف إلى جانب المناضل رشيد الشملي.
الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان
الناصر العجيلي
في ما يلي التقرير الطبي الصادر عن اللجنة الطبية التي تتابع الحالة الصحية للأستاذ رشيد الشملي ، المضرب عن الطعام دفاعا عن الحريات الأكاديمية:
تقرير طبي
بعد 21 يوما من الإضراب عن الطعام ، نلاحظ نقصا كبيرا في وزن الأستاذ رشيد الشملي ، يقدر ب 18 كيلوغرام – من 101 كغ إلى 83 كغ – إضافة إلى ظهور علامات الوهن ولضعف وتسارع دقات القلب وعلامات اضطراب الجهاز الهضمي ..
وتعتبر اللجنة الطبية إن حالة الأستاذ رشيد الشملي غير مستقرة وان تواصل الإضراب عن الطعام يهدد بصورة جدية حالته الصحية.
عن اللجنة الطبية
الدكتور عبد المجيد المسلمي والدكتورة حميدة الدريدي
هذا ورغم تواصل الإضراب لأكثر من 20 يوما ورغم التجاوزات الخطيرة التي أشار إليها الأستاذ رشيد الشملي في رسائله العديدة وتحركاته وتقاريره فان السلطة لم تتخذ أي قرار ولم تفتح تحقيق في هذه التجاوزات.
عن لجنة مساندة الأستاذ رشيد الشملي
مسعود الرمضاني
الــشــــبـــاب الــعــــربي الــــــبـــــعــثي ذات رسالة خالدة أمة عربية واحدة وحــدة حـــرية اشــتراكــية
تأتي احتفالات السلطة هذا العام “بعيدي الاستقلال و الشباب” على غير العادة إذ كثر حديث سياسييها و وسائل إعلامها الصفراء على” المراهنة علي الشباب الذي هو دعامة الاستقلال ” و على”ضرورة بث الروح الوطنية فيه لحماية الوطن من مخاطر الأصولية و التطرف” خاصة بعد صيحة الفزع التي أطلقها مثقفوها اثر ما حدث في سليمان في ديسمبر و جانفي الماضيين و ما نتج عنه من إيقافات ومحاكمات تعسفية وفق قانون الإرهاب سيء الذكر الذي أقره نوابها في 10.12.2003, دون أن ينسى النظام شعاراته المعتادة مثل نجاحه في توفير كل الفرص لإطلاق إبداعات الجيل الجديد و التأكيد على أن تشغيل أصحاب الشهادات العليا أولوية الأولويات .. يا شباب تونس المهمش والمقصى أيها الوطنيون التونسيون إن الشباب التونسي يعيش حالة احتقان حقيقية و أزمة متعددة الأوجه تمس هويته و ثقافته و وضعه المادي و هو ضحية سياسات لا وطنية و لا شعبية و لا ديمقراطية جعلته يتحول إما إلى منسحب من الحياة العامة و مغترب عن ثقافته العربية أو الى منخرط في مشروع ديني متطرف بغية الخلاص و الوصول إلى الجنة المفقودة في تونس التي يقودها نظام فشل في تحقيق الحد الأدنى من مطالب ملحة للشباب التونسي فالسياسية التعليمية المتبعة في جميع المستويات ساهمت إلى حد كبير في نشر الجهل و تدني المستوى المعرفي للتلاميذ و الطلبة وتمدد الفقر الثقافي التي مثل الأرضية المثالية لنشر الأفكار الماضوية التي تطورت بفعل انسداد الآفاق و القمع و المواقف الخيانية من القضايا المصيرية للقطر و الأمة إلى عنف يائس لن يساهم إلا في إدامة الاستبداد . جماهيرنا الشبابية المفقرة أيها المناضلون في تونس الجريحة إن الوضع المادي للشباب يزداد سوءا يوما بعد يوم فظروف الطلبة المعيشية مثلا وصلت إلى الحضيض نتيجة إلى قلة عدد المتحصلين منهم على منحة دراسية و تراجع عدد السنوات المقضات في المبيت إلى سنة واحدة و ترافق ذلك مع ارتفاع تكاليف الدراسة إذ يضطر الطالب إلى شراء كل مستلزمات الدراسة نظرا لغياب المعدات الكافية في المعاهد العليا و الكليات التي تعاني أصلا من فقر في البنية الأساسية و القاعات إذ يضطر طلبة كلية الاقتصاد بتونس مثلا الى مواصلة دراستهم لهذا العام موزعين على كل من كلية العلوم و مدرسة المهندسين نظرا لان مبنى كليتهم مهدد بالسقوط. كل هذه المعانات التي يتكبدها الطالب لتحصيل شهادة علمية تؤهله ليكون عاطلا عن العمل في مواجهة مناظرات يسيطر فيها منطق الرشوة و المحسوبية أو فريسة لإحدى شركات المناولة و الشركات الأجنبية التي استطاعت بفضل النهج التفريطي للسلطة السيطرة على معظم الشركات الوطنية التي أحدثت في القرن الماضي بديون لازالت تدفع فوائدها اليوم. إن استمرار الوضع المادي السيئ للشباب التونسي على ما هو عليه دفع بالعديد الى الانتحار كما فعل أحدهم أمام قصر قرطاج أخيرا أو التفكير في الهجرة التي غالبا ما كانت سرية وكان ثمنها الموت في الزوارق أو العيش في مهانة ضمن شبكات الجريمة و الدعارة في فرنسا و ايطاليا يا شباب تونس المضطهد أيها المناضلون من أجل الحرية ان ممارسة الاستبداد في تونس الجريحة و خنق كل نفس وطني و ديمقراطي و تقدمي و حصار كل إبداع خارج عن بوتقة السلطة الرجعية الجاثمة على تونس ,ساهم الى حد كبير في توليد الكارثة التي نعيشها اليوم اذ أن النظام الحالي و طيل 51 سنة من وجوده لم يتعامل مع المنظمات الشبابية المستقلة سواء أكانت نقابية أو ثقافية أو سياسية بالقمع و الاحتواء و التهميش والمحاكمات و لازال إلى اليوم فالمنظمة النقابية الطلابية سلمت إلى فئة من الانتهازيين لم يترددوا في تمرير مشاريعها كلها وأعضاء اتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل و غيره ملاحقون و يقضون يومهم في مناطق الشرطة للتحقيق وتعرض بعضهم للمحاكمة بتهمة إحداث الهرج .. إن النظام و هو يحارب الإرهاب و التطرف الذي هو علته و سببه الرئيسي لم يجد خيارا أفضل من محاكمات لا إنسانية فاقدة لكل شرعية دستورية ومن حملة تجنيد تعسفية في صفوف العاطلين في المقاهي لإخلاء المدن من” الحثالة”وهو بذلك يعوض نهضة ثقافية ضرورية في صفوف التلاميذ و الطلبة و الشباب العاطل و المستغل لتحقيق مشروع حداثي حقيقي مستند إلى ثقافة عربية غير مغتربة و غير متخلفة في آن. إننا و رغم فداحة الأضرار التي أصابت شبابنا خاصة في العشرين سنة الأخيرة لازلنا نراهن عليه في التصدي لكل محاولات استهدافه في وعيه و حياته و مستقبله المعيشي و لازلنا نعول عليه في خوض المعارك ضد أعدائه و أعداء الوطن و العروبة عبر نضال لا يلين يكون السلاح فيه قوة العقل و قوة الثقافة معتمدين في ذلك على اندفاعاتنا التي لا تعرف لها حدود غير الثورة ضد الفساد و الظلم و الاستبداد عاشت نضالات الشباب التونسي من أجل الحرية و الكرامة الشباب العربي البعثي تونس في 21.01.2007
بن علي يطالب بحماية الشباب التونسي من التطرف
تونس – الحياة حض الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على تجديد الخطاب المُوجه إلى الشباب بهدف تحصينه من «تيارات التطرف والتعصب». وقال في خطاب ألقاه أمس لمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لاستقلال البلاد: «مثلما نحرص على تحصين شخصية النشء من مخاطر الاستلاب والتغريب، فإننا نحرص في الوقت ذاته على تحصينها من تيارات التطرف». وشدد على ضرورة انتهاج سياسات تقوم على «ضرورة الإصغاء الدائم إلى الشباب والانتباه إلى آرائه وتصوراته والتفاعل مع تطلعاته وآماله، لاسيما في إطار الاستشارات الشبابية… لا بد من أن يكون الخطاب الموجه إلى الشباب خطاباً متفاعلاً مع مقتضيات التطور والتحولات الاجتماعية، مستجيبا لتطلعاته، مواكبا لطموحاته». ورأى أن «تشغيل الشباب، خصوصاً حاملي الشهادات العليا، سيظل أولوية دائمة تدفعنا إلى البحث عن مزيد من الوسائل والسبل لتكثيف فرص التشغيل والمبادرة الخاصة، بما يدعم النتائج التي تحققت بفضل الآليات والبرامج المُعدة لهذه الغاية». وأضاف أن هذه «المسؤولية تتقاسمها الدولة مع القطاع الخاص على حد سواء». ودعا إلى «بناء شخصية متوازنة معتدلة ومتفتحة» للشباب التونسي. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
بوتفليقة يدعو بن علي لضم جهود بلديهما في مكافحة الارهاب
الجزائر ـ يو بي أي: دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الي التعاون وضم جهود البلدين في مكافحة الإرهاب بعد العمليات التي طالت البلدين في الشهور الثلاثة الأخيرة. وقال بوتفليقة في رسالة تهنئة بعث بها الي الرئيس التونسي بمناسبة عيد الإستقلال الذي يحتفل به في 20 اذار/مارس من كل سنة أؤكد لكم ما يحدوني من إرادة قوية وعزم راسخ علي تمتين وشائج الأخوة والتعاون المثمر بين بلدينا.. بما يدفع عنهما الأخطار الخارجية والداخلية علي السواء”. وأضاف بوتفليقة وقد أظهرت الأحداث الجارية في بعض بلدان منطقتنا مدي تأثيرها علي كل شعوبنا ومدي ما تطرحه من تهديدات وتحديات في مجالات التنمية الحيوية يعجز كل شعب علي التصدي لها منفردا فما بالكم إذا اتسمت بعض هذه الأحداث بالعنف والإرهاب وطالت شعبين شقيقين شريكي عنان في السراء والضراء كما دلت عليه العمليات الإرهابية التي تقع من حين إلي حين في الجزائر أو في تونس”. وشدد بوتفليقة علي أن هذه الأحداث مترابطة هدفها واحد وهو إثارة الفتنة وضرب حسن الجوار وزعزعة الإستقرار وإلحاق الضرر بالشعبين دون تمييز الأمر الذي يوجب علينا ليس مواجهتها فحسب بل العمل علي قطع دابرها والقضاء علي بذرتها في تربتها أيا يكون المكان الذي تغرس فيه”. واكد بوتفليقة أن إلحاق الهزيمة بالإرهاب يمهد الطريق لاستقرار مكين وتطوير أكيد وتنمية شاملة طالما تطلع اليها شعبانا وانتظرا أن تأتي أكلها ليواكبا مسيرة عصرهما .. وكانت سلسلة تفجيرات هزت بعض المناطق الجزائرية خلفت قتلي وجرحي في صفوف قوات الأمن والجيش والمدنيين والأجانب. وقد تبني تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (الجماعة السلفية سابقا) هذه العمليات وتوعد الحكومة ومن وصفهم بالصليبيين واليهود والمرتدين بالقتل اينما كانوا. كما عرفت تونس أوائل العام الجاري أعنف اشتباك بين الحكومة وعناصر مسلحة لها انتماءات سلفية إرهابية بحسب قول الحكومة. وقال وزير الداخلية التونسي رفيق بلحاج قاسم أن جماعة مسلحة اشتبكت مع قوات الأمن التونسي مرتين، الأولي في 23 كانون الأول/ديسمبر والثانية يوم 30 كانون الثاني/يناير الماضيين، مشيرا الي أن المجموعة تتكون من 21 مسلحا بينهم ستة تسللوا من الجزائر للانضمام إلي المجموعة. وكشف أن المجموعة خططت لضرب سفارات وقنصليات ودبلوماسيين وتم العثور بحوزتها علي كمية من المتفجرات والقنابل. وقال أن الإشتباكين أسفرا عن مقتل 12 من عناصر المجموعة واعتقال الـ15 الآخرين، فيما قتل رجل أمن وأصيب اثنان. وأكد وزير الداخلية الجزائرية نور الدين يزيد زرهوني أن التنسيق الامني مع تونس أثبت علاقة الجماعة السلفية الجزائرية بالعمليتين. وقال زرهوني أن بلاده لطالما ساورتها شكوك بشأن علاقة الجماعة السلفية بمسلحين تونسيين .. وسبق أن ألقت الأجهزة الأمنية الجزائرية القبض قبل أربعة أشهر علي تونسيين اثنين بمنطقة الجبابرة ببلدية مفتاح (40كلم) جنوبي العاصمة الجزائرية، اعترفا أثناء التحقيق بأنهما دخلا من ليبيا للالتحاق بالجماعة السلفية التي تحولت الي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي . وتناولت تقارير أمنية عامي 2005 و2006، انضمام العديد من الجهاديين التونسيين الي معاقل التنظيم المتشدد، بعضهم تعرض للإعتقال وتم تسليمه الي السلطات التونسية. (المصدر: جريدة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
أخبار قصيرة من الموقف
تصحَر سكاني تعاني جزيرة قرقنة من التصحَر السكاني بعدما كانت إحدى المناطق الساحلية المزدهرة في تونس. وطبقا لآخر التقديرات (في غياب إحصاءات دقيقة) لا يتجاوز عدد سكان الأرخبيل حاليا 13 ألف ساكن. ومعلوم أن النُخب القرقنية هاجرت إلى مناطق مختلفة وخاصة العاصمة بسبب انسداد الآفاق في موطنها وصعوبة الحياة هناك في ظل العزلة. فهلا فكرت الحكومة في خطة لإنقاذ هذا الأرخبيل الجميل وإدماجه في مسار التنمية للإستفادة من ميزاته الطبيعية والبشرية الخصبة؟ فساد قال المدير العام لمنظمة العمل العربية إبراهيم قويدر بمناسبة مغادرته لمنصبه بعد ثماني سنوات من العمل، إن البطالة والفساد موضوعين خطرين في العالم العربي وأكد أنه وجد مشكلة البطالة تفاقمت نتيجة الفساد المستشري. وكشف أن العالم العربي يفقد من الأموال ضعفي ما نحتاجه لحل مشكلة البطالة، مضيفا “باتت هناك قناعة بان الدول لن تستطيع، باستثناء الدول القليلة السكان، حل مشكلة البطالة وحدها. وما زال العرب غير مقتنعين بوجوب تكامل عربي لحل المشكلة، وهم أيضاً غير جادين في هذا الإطار. وما زالت القرارات المُنظمة لعلاج المشكلة حبرًا على ورق، فاقترحنا على الدول العربية أولوية لإعطاء فرصة عمل للعامل الوطني، ثم العربي، ثم الأجنبي لكن للأسف صمت الآذان، فالمنطقة هي الأسوأ في مجال البطالة في العالم قياساً بعدد السكان، وإذا لم نصل إلى حلول ناجحة لها حتى عام 2020 سيتضرر الاقتصاد العربي جداً ولابد من قناعة بالتكامل العربي، فالبطالة لا تحل في كل دولة على حدة”.
أستاذ جامعي يواصل الإضراب عن الطعام
يواصل السيد رشيد الشملي الأستاذ الجامعي بكلية الصيدلة بالمنستير و المختص بالنباتات الطبية إضرابه عن الطعام الذي بدأه منذ يوم 1 مارس 2007 بمقر عمله بكلية الصيدلة احتجاجا على العراقيل المتواصله التي يجدها من لدن عميد الكلية للقيام بنشاطه الجامعي و الأكاديمي. و كان عميد الكلية استدعى يوم 25 فيفري أعوان الأمن لمنع اجتماع تمهيدي بالكلية دعا إليه الأستاذ الشملي بعض المختصين في إطار الأشغال التحضيرية لمؤتمر علمي حول النباتات الطبية. و في اتصال هاتفي مع “الموقف” صرح الأستاذ رشيد الشملي بأنه يتعرض منذ فترة لعرقلة و محاصرة منهجية لنشاطه الأكاديمي و بصورة خاصة للتكوين المستمر الذي يؤمنه للصيادلة و الأطباء المتخرجين enseignement post-universtaire و عرقلة مشروع حديقة النباتات الطبية jardin botanique الذي يسعى لبعثه و عرقلة نشاط وحدة البحث التي يديرها بالكلية. و قد راسل الجهات المختصة في هذه المسائل و لم يجد حلولا للعراقيل و المضايقات التي يتعرض لها مما دفعه إلى الدخول في إضراب عن الطعام. و أكد الأستاذ الشملي انه لا يزال فاتحا يديه للحوار من أجل رفع العراقيل التي تواجهه في نشاطه الجامعي و الأكاديمي. وعبرت فروع رابطة حقوق الإنسان بجندوبة والمنستير والقيروان عن مساندتها اللامشروطة للسيد الشملي في دفاعه عن البحث العلمي و الحريات الأكاديمية داعية جميع مكونات المجتمع المدني إلى مساندته. وعبرت النقابة الأساسية للتعليم العالي والبحث العلمي بالمدرسة الوطنية للمهندسين بتونس عن تضامنها المطلق مع السيد الشملي واعتبرت أن مطالبه هي مطالب كل الجامعيين التي ما انفك نقابيو القطاع يناضلون من أجلها (تطبيق القوانين، احترام الحريات الأكاديمية وصلاحيات المجالس المنتخبة،…)، مُحملة وزارة الإشراف مسؤولية تدهور صحته. كما أكدت الفيدرالية التونسية للمواطنة في ضفتى المتوسط بفرنسا (ftcr )عن تنديدها بما يتعرض له السيد الشملي معتبرة أن ممارسات السلطة ضد الباحثين والعلماء و الأكاديميين تعيق التقدم و النمو اللذين تنشدهما البلاد.
تجمع للأساتذة الجامعيين
تجمع عدد من الأساتذة الجامعيين يوم الأربعاء 28 فيفري أمام مقر جامعة سوسة تضامنا مع زميلهم في جامعة المنار. و قد استقبل رئيس الجامعة وفدا نقابيا في حين رفض دخول البقية إلى بهو الجامعة مما أثار استياء الجامعيين و احتجاجهم
دكتوراه حول القروض العمومية
قدم الأستاذ عمر بوبكري بنجاح و امتياز يوم السبت 3 مارس الجاري بكلية الحقوق بسوسة أطروحة دكتوراه دولة في القانون العام حول القروض العمومية للدولة. وترأس اللجنة الأستاذ حسين الديماسي بعضوية الأساتذة نجيب بلعيد ورضا جنيح ولطفي مشيشي و أحمد السويسي الذي هو في نفس الوقت المشرف على البحث. وتناولت الأطروحة التي استغرقت ما يقارب 5 سنوات من البحث تطور الإقتراض الحكومي في تمويل نفقات ميزانية الدولة منذ الإستقلال إلى اليوم. و ستكون هذه الدراسة إضافة قيمة للمكتبة القانونية في تونس سيستفيد منها حتما عديد الطلبة و الباحثين و المهتمين. أحر التهاني للصديق الدكتور عمر بوبكري بهذا النجاح الباهر.
أحكام ضد الشبان المعتقلين
أفادت عائلة يوسف مزوز “الموقف” أن المحكمة الابتدائية بتونس أصدرت حكما ضد ابنها يوسف مزوز بالسجن النافذ عاما و نصف. كما صدر حكم مماثل على الشاب ياسر الغالي و هما يقطنان مدينة سوسة و تم اعتقالهما على إثر أحداث العنف بين قوات الأمن و مجموعة مسلحة أو ما يعرف بأحداث سليمان. و أكدت العائلة أن ابنها بريء من التهم الموجه إليه و أنه كان يواصل دراسته و حياته اليومية بصورة عادية و عبرت عن عزمها على استئناف الحكم الصادر ضده و مواصلة المطالبة بإخلاء سبيله. إفـلاس تسبب إفلاس وكالة “نيوتور” الكندية في خسائر لرجال أعمال تونسيين في القطاع الفندقي خاصة في مناطق الحمامات وسوسة والمهدية. وكان إفلاس شركة نرويجية خلال عام 2005 في ظروف مشابهة تسبب ايضا في خسائر كبيرة لعدد من أصحاب النزل خصوصا في الحمامات. ألا يمكن أن تبرهن وزارة السياحة على يقظة أكبر لتوجيه المؤسسات السياحية التونسية عند التعامل مع الوكالات الأجنبية؟
فرانس 24 بالعربية
تبدأ قناة «فرانس 24» الفضائية الفرنسية بث برامجها باللغة العربية في 2 أفريل المقبل عبر قمري «عربسات» و «نايل سات» لتصبح القناة الدولية الوحيدة التي تبث باللغات الثلاث. و يضم القسم العربي في القناة التي بدأت البث في 6 ديسمبر الماضي، باللغتين الفرنسية والانكليزية نحو 20 شخصاً. وبينما ينهمك العاملون فيه استعداداً لبدء البث، يقوم رئيس مجلس إدارة القناة آلان دوبوزياك بجولة على كل من الجزائر والدار البيضاء ودبي والقاهرة من 25 الى 29 مارس الجاري، مع الملاحظة أن الجولة لا تشمل بلادنا لأن موقف الحكومة المتوتر مع جميع الفضائيات تقريبا، يجعل هذه الأخيرة تتفادى التفكير في أي علاقات تعاون مع تونس . وبلغ عدد زوار موقع القناة على الانترنت، بعد حوالي ثلاثة اشهر على اطلاقها نحو خمسة ملايين شخص حسب دوبوزياك، في حين ان عدد مشاهديها يتراوح بين ثمانية وعشرة ملايين، وقد تكون احتلت هذه المرتبة المتقدمة بين القنوات الدولية بسبب رغبة المشاهدين في الاطلاع على وجهة نظر غير الانغلوساكسونية. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
سوسة: واقع الجباية في تونس
سعيا من الإتحاد العام التونسي للشغل لتكوين الإطارات النقابية على قاعدة علمية نظمت مدرسة فرحات حشاد للتكوين النقابي التابعة للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة ندوة تكوينية حول موضوع “الجباية: دوافعها تطورها و آفاقها” يومي 2 و 3 مارس حاضر فيها الأساتذة حسين الديماسي و فتحي السلاوتي و سمير بالطيب بحضور أعضاء من المكتب التنفيذي الوطني. وبين المحاضرون بالأرقام مدى العبء الجبائي الذي يتحمله الأجراء مقابل التهرب الجبائي للعديد من أرباب العمل و الذي يصل نسبا هامة حسب بيانات صندوق النقد الدولي و وزارة المالية بالرغم من الامتيازات و الحوافز و القوانين التي يتم سنها كل سنة لفائدتهم. وتابع أشغال هذه الندوة عدد كبير من الإطارات النقابية التي أبدت حماسا و اهتماما بهذا الموضوع نظرا لتأثيره المباشر على الوضع الإجتماعي. واختتم الأمين العام السيد عبد السلام جراد هذه الندوة فأثنى على المبادرة داعيا إلى تعميمها على كافة الاتحادات الجهوية من أجل تركيز التكوين النقابي على أسس متينة و الإعداد للمفاوضات الاجتماعية بطرق علمية و اقتراح البدائل بالاعتماد على معطيات واضحة و دقيقة. علي عبد اللطيف – إطار نقابي سوسة (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
متى ستعمل البنوك التونسية بنظام الترقيم؟
تضاعفت الأموال الذاتية للبنوك بأكثر من عشرة مرات في ظرف عقد من الزمن و ذلك بفضل تطبيق المواصفات العالمية ومعالجة الوضع المتردي الذي وصلت إليه الديون المتخلدة لدى المتداينين و التي تعذر استخلاصها. و تلجأ بعض البنوك التونسية إلى تجميل ميزانيتها في حصيلة أخر السنة بوسائل شتى بما في ذلك تمكين بعض الحرفاء من قروض لتسديد قروض سابقة عجزوا عن تسديدها قصد إيهام السلط بأنهم ليسوا في حالة إفلاس و هو ما يقلل من مصداقية البنوك و لا يعطي صورة واضحة عن الديون التي ليس هناك أمل في استرجاعها. و يقتضي هذا الوضع حسب العديد من المختصين مراقبة جدية و شفافة لحسابات البنوك و بصورة خاصة اللجوء إلى عملية الترقيم rating التي تمكن من تقويم الأداء حسب سلم يرتبها من الأحسن إلى الرديء. و من الأجدى أن تبادر البنوك التونسية بإخضاع نفسها لعملية الترقيم التي تقوم بها مؤسسات مختصة بعضها ممثل في تونس قبل أن تلزمها المؤسسات المالية العالمية بالقيام بذلك تحت الضغط .. توفيق فخري (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
انخفاض حاد في درجات الحرارة وثلوج في المرتفعات الغربية للبلاد
تونس 20 مارس2007 ( وات )- سجلت مرتفعات الشمال الغربي والوسط الغربي اليوم الثلاثاء تساقط كميات من الثلوج بلغت 5 صم بجهة عين دراهم من ولاية جندوبة. وسجلت جهات عمدون وتيبار من ولاية باجة تساقط كميات من الثلج تفاوتت من منطقة الى اخرى . كما انخفضت درجات الحرارة بصفة ملحوظة في مناطق مختلفة من ولاية الكاف متسببة في تساقط الثلوج على المرتفعات وخصوصا في منطقة ساقية سيدى يوسف لاول مرة منذ بداية السنة .. وتتوقع مصالح الرصد الجوى تواصل سقوط الثلج بالجهات الغربية غدا الاربعاء وانخفاض درجات الحرارة في مختلف انحاء البلاد لتتراوح الدرجات الدنيا من صفر الى 3 درجات بالمناطق الغربية ومن 5 الى 8 درجات ببقية المناطق فيما تتراوح الدرجات القصوى بين 8 و14 درجة بالشمال والوسط و لا تتجاوز 17 درجة جنوبا . وستكون الرياح قوية تتراوح سرعتها بين 40 و60 كلم في الساعة وتصل الى 80 كلم محليا وتكون مثيرة للرمال في الجنوب متسببة في انخفاض الرؤية . (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء بتاريخ 20 مارس 2007)
حملات جهوية للنظافة بادرت العديد من البلديات خلال الايام الاخيرة باطلاق حملات للنظافة في مناطقها البلدية وذلك في الطرقات والساحات العمومية. وتمثلت الحملة بالخصوص بازالة بعض الأوحال الناتجة عن الامطار الاخيرة وكذلك ازالة الاعشاب الربيعية المتواجدة على جوانب الطرقات. وفي انتظار الانتهاء من هذه الحملة ينتظر انطلاق حملات نظافة واسعة سوف تشمل غدران المياه الآسنة ومجاري المياه وذلك للتصدي مبكرا للناموس الذي يظهر مع بداية ارتفاع الحرارة. برامج خاصة في النقل مع بداية تقديم الوقت الاداري علمنا ان ادارات نقل تونس والسكك الحديدية والنقل بين المدن تنكب هذه الايام على اعداد روزنامة جديدة لوسائل النقل وذلك تماشيا مع انطلاق التوقيت الجديد الذي سيتم تقديمه بساعة. ويشار في هذا الصدد انه قد وقعت خلال اعداد هذه الروزنامات مراعاة ساعات الذروة وذلك تفاديا لبعض الاخلالات التي وقعت في هذا المجال خلال السنة الفارطة. ممرات الراجلين والتعهد لئن كان يجري في كل سنة تعهد وصيانة ممرات الراجلين لابرازها فان الملاحظ في عديد الجهات ان هذه العلامات قد تآكلت بفعل حركة المرور والامطار. فهل تتولى المصالح المختصة الاهتمام بهذه العلامات لتسهيل مهمة كل الاطراف المتعاملة مع الطريق؟ دخول شهر ربيع الأول جاء في بلاغ صادر عن مفتي الجمهورية التونسية أن يوم الثلاثاء 20 مارس 2007 هو أول يوم من شهر ربيع الأول 1428. مدينة العلوم بتونس تفتح أبوابها مجانا بمناسبة عيد الشباب، تعلم مدينة العلوم جمهورها أن الدخول إلى فضاءاتها العلمية اليوم الأربعاء 21 مارس 2007 يكون بالمجان وذلك ابتداء من الساعة العاشرة صباحا إلى السادسة مساء. اجتماع دوري يجتمع المكتب التنفيذي الموسع للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري غدا الخميس 22 مارس للنظر في سير المواسم الفلاحية واستعراض حصيلة أشغال المؤتمرات الجهوية إلى جانب الاهتمام بمواضيع تهم التكوين والإحاطة بالفلاحين وتباحث سبل تجسيم الخارطة الفلاحية وتركيز مجامع التنمية الفلاحية. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
هيئة 18 أكتوبر تهدد نفسها بالتفجير
1ــ نشأت هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات في تونس قبل زهاء عام ونصف بعد مخاض عسير دفعت فيه حركة المعارضة التونسية بكل تضاريسها السياسية وألوانها الفكرية ثمنا باهظا ليس أدناه الحكم عليها بالتشتت والعجز على مدى عقدين كاملين تقريبا إنحاز فيه بعضها إلى عصابة الفساد الحاكمة تحت القهر وإختار بعضها الآخر مساندة السلطة في حربها ضد الحركة الإسلامية بينما عضت البقية بالنواجذ على قيم الحرية والعدل صابرة صامدة.
2 ــ نجحت حركة 18 أكتوبر في إختراق الحاجز لأول مرة تحت قهر عصابة الفساد الحاكمة وفي ظل أوضاع إقليمية وعربية ودولية منخرمة بالكلية تقريبا لصالح قوى الإستبداد والظلم بما إستجمعت من شروط منها تحديدا :
ــ تثبيت الإرادة الذاتية في تحويل شرط الإجتماع إلى واقع حي ملموس لمواجهة الخطر المحدق.
ــ حسن تقويم للمرحلة السابقة بما مؤداه أن مشكلة تونس الأولى هي مشكلة وأد الحريات بكل أصنافها الخاصة والعامة من لدن إنقلابيي العهد الجديد 7 نوفمبر وأن المعركة مع الإسلاميين لئن نجحت عصابة الفساد الحاكمة في البداية في تسويقها عربيا ودوليا على أساس أنها معركة مع الإرهاب والتطرف هي جزء لا يتجزأ من الحرب ضد الحريات.
ــ إمكانية تجميد الخلافات الفكرية والثقافية بين مكونات المعارضة إلى حين تتأهل البلاد إلى مرحلة تحرر تصبح فيها إدارة تلك الخلافات على قاعدة تكافؤ الفرص بعيدا عن زئير السلطة.
3 ــ وبناءا على ذلك نجحت تلك الهيئة في إلتقاط المطالب الأكثر إلحاحية دون سواها عكوفا عليها بالإجتماع والحوار والتعاون وتحريك الدفاعات داخليا وخارجيا وهي :
ــ إطلاق سراح المساجين السياسيين ضمن عفو تشريعي عام حقا يضمنه الدستور.
ــ إطلاق الحريات الإعلامية.
ــ إطلاق الحريات السياسية ومنها حق التنظم.
الخلاصة الأولى :
نخلص مما سبق إلى أمرين مقدمين : أولهما أن عنوان المرحلة الأكبر بل الأوحد تقريبا هو الإجتماع رغم الإختلاف على الكفاح من أجل إستعادة الحريات السليبة مدخلا عاما صحيحا لحسن تناول التحديات الأخرى الكبيرة والخطيرة التي تهدد البلاد وثانيهما هو أن ذلك العنوان الأكبر ( الحريات ) لا أمل في إقراره بدون مشاركة الطرف الأكثر تضررا و بذلا فيه في العقود الأخيرة أي الطرف الإسلامي عامة وحركة النهضة خاصة ومساجينها بصفة أخص.
4 ــ ووجهت حركة 18 أكتوبر بعائقين كبيرين : أولهما طبيعي تمثل في إنزعاج شديد لدى عصابة الفساد الحاكمة سرعان ما تحول إلى محاولة إستئصال عنيفة باءت بالفشل رغم النجاح في تحجيم الدور وثانيهما هو إتخاذ مواقف سلبية من الهيئة من عدد من رموز المعارضة فكريا أو سياسيا سواء بعيد تبلور الحركة إلى هيئة للحقوق والحريات من مثل القاضي مختار اليحياوي أو منذ البداية من مثل الدكتور المنصف المرزوقي ولا ينسحب الحديث هنا عن المعارضة ” الديكورية ” التي رضيت منذ إندلاع حريق وأد الحريات وإلغاء الديمقراطية قبل زهاء عقدين بالذل والهوان والدون ثم سرعان ما تحولت إلى قوة إستئصال تعمل بالوكالة لحساب عصابة الفساد من مثل محمد حرمل وأذناب أخرى في هذا الحزب أو ذاك.
5 ــ جاءت مناسبة اليوم العالمي للمرأة ( 8 مارس ) فكان البيان الخاص بها بإسم الهيئة مثار جدل ربما يعصف بما جمعته من رصيد كبير معتبر ويبدد ما تغلبت عليه من صعوبات داخل المعارضة نفسها فضلا عما بينها وبين عصابة الفساد الحاكمة.
6 ــ ليست المشكلة في البيان بتلك المناسبة لا جملة ولا تفصيلا بشيء من التجاوز والنسبية ولكن المشكلة في تقحم الهيئة لمناطق إختلاف ثقافي وتمايز فكري بين مكوناتها بما يهدد بتفجيرها كما تفجرت من قبلها قبل عقود تجارب في العمل السياسي والحقوقي المشترك أنجزت كثيرا لمصلحة البلاد قبل أن تدب إليها جرثومة تصعيد الخلافات الفكرية على حساب الخلافات مع عصابة الفساد الحاكمة.
7 ــ من المفترض أن تكون الهيئة على أتم الوعي عمليا بأمرين : إزدواجية تكوينها الثقافي بما يحصر دائرة التعاون والإنسجام ضمن قضايا الحريات والحقوق سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا وطنيا وقوميا وهي الدائرة الأوسع والأخطر لمن يرصد آفاق المستقبل القريب وكذلك تقديم أولوية المشترك على المختلف لحسن إدارة المعركة ضد حريق الحريات في البلاد.
8 ــ لقد كانت إدارة حوارات ثقافية ومطارحات فكرية مثمرة في تاريخ تونس الحديث بمناسبة غضبة أحمد المستيري وحسيب بن عمار ومن معهما ضد مؤتمر الحزب الحاكم عام 1975 الذي زكى بورقيبة مدى الحياة رئيسا للبلاد وهو الحدث الذي كان له ما بعده من حراك حقوقي وسياسي وفكري لأول مرة فنشأت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وإنتعشت صفوف الإتحاد العام التونسي للشغل مع خروج المرحوم بن عاشور من الحزب وظهور تيار ليبرالي أنشأ أكثر المنابر التونسية ديمقراطية ” جريدة الرأي ” مما إضطر بورقيبة إلى الإعلان عن عدم ممانعته في نشوء أحزاب وتنظيمات سياسية فنشأت حركة الديمقراطيين الإشتراكيين وأعلنت حركة الإتجاه الإسلامي عن نفسها وظهرت أحزاب أخرى جديدة كثيرة متنوعة الألوان.
في ذلك المناخ الأدنى إلى حد أدنى من الحريات ضمن سقوف ظالمة معلومة كان الحوار الثقافي بين تلك المشارب الفكرية مثمرا لولا قتله ووأده من قبل إنقلابيي 7 نوفمبر. أما اليوم فإن المطلوب هو دون ذلك بكثير بسبب تحول البلاد إلى سجن حقيقي : المطلوب هو عدم قطف نتائج الحوار ـ في حال حصوله ـ بإستعجال من هذا الطرف أو ذاك من مكونات هيئة 18 أكتوبر المأمول منها حسن قراءة الأوضاع وحسن التعامل معها. المطلوب هو حفظ الحوارات بنتائجها ضمن أطرها الثقافية والفكرية دون إستخدامها طعما ولا إرهابا في أتون معركة سياسية بالأساس.
9 ــ يمكن لتلك الحوارات داخل الهيئة وخارجها بين مختلف مكونات المجتمع التونسي ونخبته ومعارضته أن تجد لها كراسات ومدونات وبيانات ثقافية وفكرية تعتلج فيها على قدر المساواة و تكافؤ الفرص من ناحية و قاعدة الصراحة والوضوح والوفاء للمنطلقات الفكرية والثقافية عند كل محاور من ناحية أخرى بما لا يعرض الهيئة داخليا ولا إمتداداتها خارجيا إلى زلزلة أو تفجير أو زهد وعزوف وبما يجعل السلطة الباغية تفلح في تصريم حبال التعاون بين ثلة قليلة من المعارضة ثبتت طويلا وصمدت طويلا.
10 ــ إذا عز ذلك لسبب أو لآخر سيما فيما يخص شرط الوضوح بأكبر قدر ممكن وكاف أو عز ذلك أن يتحمله بيان بإسم الهيئة فإن الأنسب بالهيئة مزدوجة التكوين ذات مهمة حقوقية شبه سياسية عنوانها الحرية لكل الناس أن تجيد فن الصياغات الثقافية والفكرية العائمة أو الغامضة أو ما يعبر عنه بظني الدلالة يحمل وجوها للتأويل وليس ذلك كما يظن بعض السذج مراوغة في غير محلها ولكنها فن القدرة على تأجيل القضايا الخلافية إذا تعذر لسبب من داخل الهيئة أو خارجها تجاوزها.
11 ــ لم يكن مناسبا أن تتعرض الهيئة في بيانها بمناسبة العيد العالمي للمرأة ( 8 مارس) إلى قضايا الشريعة الإسلامية من مثل الإرث وتعدد الزوجات وذلك للإعتبارات التالية :
ـــ حصول تباين قديم معروف بين التيار الإسلامي والتيار العلماني في تونس وخارجها في قضية الشريعة الإسلامية جملة وتفصيلا وذلك على معنى أن الخلافات تحل أو يعاش بها ضمن الحوارات أو تستوعبها بيانات ثقافية و فكرية وليس ضمن بيان حقوقي شبه سياسي من لدن هيئة مزدوجة التكوين بوعي وليس صدفة خدمة لرسالة أشمل وأكبر وأعمق وأخطر.
ـــ مراعاة كل طرف في الهيئة وخارجها لخصوصيات الطرف الآخر وتلك هي روح الحرية التي هي بدورها روح الديمقراطية الكفيلة بنقل التعايش البشري المزدوج من حقل القوة والعنف إلى حقل الحوار والقبول بالإختلاف ضمن سقوف معلومة تفرضها السنن الكونية والنواميس الإجتماعية ذاتها قبل أن تأتي بها شرائع السماء أو تكتشفها عقول الناس.
ـــ مصادمة الرأي العام الأوسع في تونس بسبب الإنتماء الإسلامي الشعبي العام الذي لم يفصل يوما بين العقيدة والشريعة والخلق ونظام المعاملات في شتى المجالات وهي مصادمة لها ما يحركها في دائرة الإسلاميين أنفسهم ممن يعارض العمل المشترك مع المعارضين من غير الصف الإسلامي ـ وربما يكون أولئك في حالة تمدد وتوسع لأسباب داخلية وخارجية معروفة ـ
وهي كذلك مصادمة لن تجني منها الهيئة ولا من يدعمها من نخب وأحزاب سوى العزلة.
ـــ تفجير الخلافات الثقافية في الهيئة مدخل متاح لعصابة الفساد الحاكمة لتفجير الحد الأدنى من الإجتماع فيها على الحد الأدنى من المطالب فإذا كان إخلاص مكونات الهيئة لرسالتها رغم الإختلاف الداخلي بينها كبيرا فإن سياسة مساجد الضرار قائمة تحيي بها قوى إستئصالية كثيرة دأبت على التشكل لمعارضة الهيئة قبل زهاء عام.
ـــ تناول مسألة المساواة في الإرث بين الجنسين مثلا لا يكون ضمن بيان حقوقي شبه سياسي لهيئة وطنية وفاقية إجماعية ذات رسالة أكبر وأشمل بسبب أن تلك المسألة تكتسي بعدين كثيرا ما يغيبان عن الناس : أولهما البعد الجزئي وثانيهما البعد العملي. المقصود بالبعد الجزئي هو أن مسألة الإرث جزء من جزء من جزء ضمن النظام الإسلامي فهي جزء صغير جدا من النظام المالي من ناحية ومن النظام العائلي من ناحية أخرى وكلاهما جزء صغير من النظام التشريعي العام إجتماعيا وإقتصاديا وذلك يعني أن فقه الجزء لا يتم دون فقه كلياته. أما المقصود بالبعد العملي فهو أن أهل الذكر في هذا العلم ( وهو أساس مادة الرياضيات في التاريخ الإسلامي ) يؤكدون من خلال التجارب العملية بأن توزيع التركة وفق المعايير المرسومة في القرآن الكريم ذاته في أصولها الكبرى التي تتيح النظر في فروعها الصغرى لا يعكس الإنطباع السائد لدى الناس بأن المرأة يهضم جانب حقها بسبب أنوثتها وذلك بالرغم من تؤطر القضية بأسرها ضمن الحاكم الكلي الأكبر الثابت : ” للذكر مثل حظ الأنثيين “. ولا ينفسح المجال هنا للتفصيل في ذلك.
ـــ تناول قيمة المساواة مطلقا وبصفة خاصة في موضوع الإرث لا يكون بالشكل الإنطباعي وبما تلقيه تلك الكلمة من ظلال محبوبة يستند بعضها إلى حق محقوق وبعضها الآخر إلى غوايات فرضتها تغلب حضارة على أخرى. معنى ذلك أن الأوفق بنا البحث عن مسالك العدل بين الناس في كل مستوى وذلك بسبب ثبات خاصية الإختلاف بين الناس أثرا عن سنة الزوجية وما يستتبعها من قوانين أخرى ثابتة من مثل التفاضل والتدافع. المساواة في الواقع البشري حلم جميل ولكنها في الحقيقة الخلقية والكونية ثابت مثبت وذلك بسبب أن الله سبحانه وحده هو الذي قضى بالمساواة بين خلقه الإنساني مصدرا ورسالة ومصيرا أما في الواقع البشري فإن المطلوب هو إقامة العدل حد القسط حبة بحبة. بين الرجل والمرأة مثلا يكون البحث عن مسالك العدل أوفق من البحث عن مسالك المساواة بسبب إختلاف جزئي في تفاصيل الرسالة برغم الإتفاق بينهما مساواة في المصدر والرسالة والمصير وما ند عن ذلك تحكمة قيمة العدل وهو على كل حال قليل جدا حتى من زاوية كمية ولا أثر له من الزاوية الكيفية. المساواة التامة في كل جزئية وصغيرة بين الرجل والمرأة مناف لداعيات الفطرة أس الدين وهي أشبه بالمساواة بين كل مشتركين مختلفين في الآن ذاته من مثل ظروف الزمان والمكان. العدل وحده هو الكفيل بتحقيق المساواة والوفاء لداعيات الفطرة والإنسجام مع شبكة السنن والأسباب كونيا وإجتماعيا.
ـــ لو قلبنا الأمر تاريخيا لألفينا بأن الحضارة الإسلامية التي لم يتردد عقلاء الحضارة الغربية المعاصرة في نسبة الفضل إليها .. سارت على ذلك المنهج القائم على الكدح من أجل تحقيق أقصى درجات العدل بين الناس المشتركين في الأصل والرسالة والمخلتفين في بعض المعطيات الجزئية الصغيرة وحققت في ذلك نتائج باهرة هي محمدتها اليوم في عيون مئات مئينة من عقلاء الغرب. لم تحتج تلك الحضارة لألغاء ثابت من ثوابت الإسلام حتى تتقدم على درب التحضر والتمدن والرقي روحيا وماديا سواءا بسواء.
ـــ إذا كان بعض مكونات الهيئة يرفضون الإسلام كلية أو جزئيا بحسب ما أقره الفهم الجماعي العام للناس على مدى أربعة عشر قرنا كاملة أغلبها إدارة ناجحة للتحديات الداخلية والخارجية فإنه من المقرر عقلا أنه ليس لهم الحق في التناول الجزئي لبعض تفاصيل تلك الشريعة على سبيل الإنتقاء.
ـــ لا ينقص ذلك من حقهم في إختيار أي منهج يحقق ما تصبو إليه البشرية جمعاء من حقوق وحريات حتى لو كان ذلك المنهج قائما على إعادة تفكيك وتركيب للمنظومة الإسلامية بما يناسبها أو لا يناسبها ـ من وجهة نظرهم ـ من رؤى أخرى شرقية أو غربية قديمة أو جديدة.
ـــ سبب ذلك هو : ما تطرق إليه البيان حول الإرث وتعدد الزوجات ثابت من الثوابت وقطعي من القطعيات الدينية الشرعية عند الأغلبية القاطبة من المسلمين في تونس وخارجها حتى غدا معلوما من الدين بالضرورة لا يجري عليه الإجتهاد البشري من حيث الأصل دون الفروع القابلة دوما للإجتهاد فيه وفي غيره. ومعنى ذلك هو : التطرق إلى ذلك يسيء إلى الحس الإسلامي العام بسب ذلك الإعتقاد الديني الذي يبنى عند الإنسان على مجموعة معطيات روحية وحسية لا يحسم الحوار حولها بمعايير الصحة والخطإ ولا بمعايير الكثرة والقلة ولكن بمعايير الإلتزام بالإعتراف المتبادل.
ـــ الإدعاء بأن ذلك أدعى إلى تثبيت حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية لا تحسمه البيانات ولقد بينت التجربة الآن بعد عقود في تونس مثلا بأن الحوارات نفسها في تلك الحقول ليست كفيلة سوى بنقل التعايش من خطاب الإقصاء والتنافي قولا وعملا إلى خطاب الإعتراف والإحترام ثم إلى خطاب التعاون على المتفق عليه من مثل المعركة الأم في تونس : معركة الحريات. لقد ترسخ في ذهن أغلب الإسلاميين الوسطيين اليوم ـ والحركة التونسية في مقدمة التيار الوسطي ـ بأن الإسلام بمكوناته العقدية والخلقية والتعبدية والتشريعية سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وحضاريا كفيل بتحقيق مقاصد الخير والحرية والعدل والقوة والجماعة والكرامة والتعاون بين الناس من خلال كل ما ثبت فيه من جزئيات وتفاصيل ومجملات ومفصلات وعموميات ومرسلات ثبوتا قطعيا بالقرآن الكريم أو السنة الصحيحة أي أنه كفيل بحسن الفقه وحسن التنزيل بتحقيق مقاصد حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية وكل معاني الجمال والكمال والجلال وذلك على قاعدة التشبث بقطعياته ( قضية الإرث واحدة منها ) من جهة والإنفتاح على معطيات العصر بما فيها من خير وجمال ورحمة من جهة أخرى وأنزل لذلك الميزان إلى جانب الكتاب مبوؤا له منازل الشورى ( صنو الديمقراطية منهجا لا فلسفة قيمية مع ضمان حق الإختلاف والتمايز) ومنازل الحديد ( صنو القوة المادية والعسكرية للنفع المدني وحفظ الإستقلال) ومنازل التوحيد والعلم. أما تجريد الإسلام عن قطعياته الثابتة بدعوى ملاءمته لمطالب العصر في الحقوق والحريات فهو إنهزام نفسي يستر عوراته بمثل ذلك وشهادة عليه بأنه بحاجة إلى إكمال بعد الشهادة على نفسه بأنه كامل مكتمل في كل ما فصل أو أجمل ولكن يسري الإجتهاد فيه بوجه ما. الوافد مقبول مالم يجر على الأصل والفرع مؤهل للإجتهاد فيه ما لم يخر به عليه سقفه وفي كل الأحوال فإن الحكمة ( الميزان ) هي : حسن إدارة إشكالية النهضة الحديثة المنشودة وطنيا ومحليا أي : الأصالة والمعاصرة وكل تضحية بأحدهما تضحية بكليهما.
ـــ كذلك كان مفهوم الناس لتعدد الزوجات خاطئا عند بعضهم و محل مزايدة عند بعضهم الآخر.
تعدد الزوجات من حيث أصله التشريعي ثابت من الثوابت الشرعية يسكن منطقة المباح الجائز فلا هو واجب ولا مندوب ولا مكروه ولا حرام. وهو مقيد شأنه في ذلك شأن كل مباح جائز. أصل تلك الفلسفة هي : الإنسان لم يخلق نفسه ولا خلقته الطبيعة ولا أي شيء آخر فإذا كان ذلك كذلك ـ وهو كذلك ـ فهو مملوك لخالقه مصنوع بحسب معايير مادية ومعنوية لم يخترها هو ولم يستشر فيها ولم يتضجر يوما إنسان من عدم ملاءمة خلقه وصنعته لإدارة حياته فوق الأرض بل حتى الموت الذي يخشاه كل حي غدا يستقبل بالرضى العام لا الرضى الخاص بسبب أنه مكروه لا مناص منه يستوي في ذلك الملحد مع المؤمن. معنى ذلك هو : الإنسان الذي لم يملك نفسه يوما ولن يملكها يوما برغم سعة دائرة الحرية فيها بما لم يتح لمخلوق آخر سواه مجبر على قبول نظام معين ( تعدد الزوجات في صور الحال ) قبولا إجتماعيا عاما تاريخيا وحقيقة وإمكانا عقليا دون أن يسري ذلك على ضرورة قبوله قبولا خاصا في حالته الشخصية. ليس له أن يقدر أن ذلك محل كرامة بالإنسان والمرأة أم محل دونية وهوان بسبب عدم إحاطته بشبكة واسعة من القوانين السننية والسببية المسيرة للكون ولإجتماع الناس وتفاعل الخلق بإذن من الخلاق العظيم وحده سبحانه. له الحق في إختيار ذلك النظام فيما يليه هو بما أن الأمر مباح ولكنه مقيد بالعدل وبشروط أخرى يضيق عنها المجال هنا ولكن إستهجان ذلك فضلا عن إدعاء دعاوي باطلة فيه أمر لا يتقحمه سوى أولو الطيش ممن فقدوا إستقلال شخصياتهم أمام الحضارة المتغلبة.
ـــ إن الهيئة تضع نفسها في تناقض صحيح صريح مع نفسها حين تشتبك مع أساسات ثابتة في الشريعة الإسلامية مع طروء الإجتهاد عليها في تفاصيلها دون نكران بما يحقق سعادة الإنسان وذلك على قاعدة أن لكل واحد منا في تونس وخارجها حق التمسك بتفاصيل دينه فيما لا يسيء مادة ومعنى للآخرين سواءا كانوا من الدين نفسه أو من غيره أو ممن يتحملون تأويلات مقبولة أو غير مقبولة داخل الدين نفسه. معنى ذلك هو : تناول قضية الإرث والتعدد من لدن الهيئة مصادرة لحق من يرى في ذلك مطلق العدل والحق والحرية والكرامة للإنسان وللمرأة ـ وهم الأغلبية في تونس وخارجها قطعا ـ وبذلك تكون الهيئة مفتئتة على حقوق الناس وحرياتهم في الوقت الذي تتطلع فيه إلى الدفاع عنها.
ـــ إذا كانت الهيئة تتوفر على أوقات طيبة سانحة لبلورة مشروع ثقافي حضاري شامل يجمع كلمة التونسيين ويحول صراع الهوية بينهم ـ رغم أنه صراع نخبوي ميكروسكوبي ـ إلى عمل بناء قويم تحميه سقوف عتيدة وتحمله أرصدة قوية .. فإنه يجدر بها تناول المشروع المجتمعي الجديد لتونس بدءا من أساساته العليا وكلياته العظمى وأركانه الكبرى جنيا لمصالح الإجتماع ودرءا لمفاسد التفرق أما الرغبة عن ذلك أو التشاغل عنه والإستعاضة بنقرات جزئية متفرقة من هناك وهناك من مثل الإرث والتعدد فهو من عمل الشيطان الحريص على الفرقة من ناحية وعدم وعي كاف ـ أو بوعي بائس ـ بأن المشاريع المجتمعية الحضارية الكبرى تبنى من أركانها وأوتادها لا من جزئياتها وفروعها التي لا يصلح معها سوى الإختلاف والتنوع والتعدد وهي القيم التي بدونها لم يعد لكرامة الإنسان من معنى. كرامة الإنسان لها مستويان أعفينا من المستوى الأول وهو مستوى المساواة الفطرية الجبلية الغريزية في الأصل والرسالة والمآل أما مستوى إبتلائنا فهو مستوى المختلف فيه هل نديره وفق قاعدة الكرامة بالإحترام والإعتراف المتبادلين أم يزدري بعضنا بعضا بإسم كرامة الإنسان. يكفينا من مشروعنا المجتمعي إسلاميين وعلمانيين أن يكون مشتركا في الأركان الكبرى أي الهوية القومية العامة لأمة العرب والمسلمين : العروبة والإسلام ولكل واحد منا بعد ذلك حق التعامل مع تلك الهوية القومية الجامعة بما تيسر له وتسنى إجتهادا وعملا في كنف الإجتماع والتعاون وصون الإستقلال بكل معانيه الجغرافية والمعنوية.
ـــ يخطئ بعض الناس حين يظنون جهلا ـ أو تشويشا ـ بأن مثل تلك الجزئيات والتفاصيل التي لم يؤخذ بها مطلقا ( إطلاقا أفقيا ) تاريخيا فضلا عن الحاضر والمستقبل هي التي تلون المشروع المجتمعي الإسلامي أو تصبغه بنكهتها وتدل عليه بريحها وطعمها. تلك جزئيات رغم أنها ثابتة ثباتا شرعيا صحيحا صريحا لا يلجها الإجتهاد فإنها لا تدل على روح المشروع ومقصده ولا تصنع ريحه وطعمه ولونه بسبب أنها ضمن الحياة الخاصة للناس من جهة وبسبب أنها ضمن كليات كبرى ترعاها أن تحيد عن خدمة مقصد العدل فيها والتوسط والكرامة والجماعة والقوة. فبالنسبة للحياة الخاصة للناس ليس لنا أن نصفها بالرجعية أو بالتقدمية أو نطالب بإلغائها كلما كانت خاصة بهم غير مفروضة علينا ولا تتدخل لتشكل حياتنا على غير المنوال الذي نريده لأنفسنا ونختاره أما بالنسبة لعدم دلالتها على هوية المشروع في شموله وعمومه وحقيقته فلأنها محكومة بما هو أعلى منها من كليات حاكمة ولأن غير الملتزم بها لا يضيره وجودها ولا يسعد بغيابها لأنها ليست من القضايا العامة التي يكتوي بنارها أو يستمتع بنورها كل فرد بل لا يمكن له ملاحظتها سوى بعد عناء وبحث ومعايشة. إذا كان كل ذلك كذلك ـ وهو كذلك ـ فلم الدخول إلى البيوت من أبوابها ولم تقحم الصغائر كلما كانت كليات الإسلام العامة تضمن أسمى وأرقى حقوق الإنسان وحرياته وكراماته وسعادته فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض؟
إنه الشغب والإفتئات سواءا وعى بذلك الأعضاء المحترمون للهيئة أم غفلوا.
خلاصة عامة مركزة :
1 ـــ الهيئة مكسب وطني للشعب التونسي بأسره عامة وللمعارضة السياسية والفكرية خاصة.
2 ـــ تظل الهيئة مكسبا بسبب إزدواجها التكويني كلما وعت بمقتضيات ذلك الإزدواج وراعت أسباب إختلاف مكوناته وكذلك كلما حصرت رسالتها في الحرية لكل الناس والأفكار والأحزاب
دون أدنى تمييز أو إقصاء لا بسبب ديني ولا بسبب فكري. 3 ـــ لتصبر الهيئة على تلك الرسالة حتى يخرج المساجين من السجن ويلتقي الناس على حد أدنى من تكافؤ فرص القول والعمل إعلاميا وسياسيا وحقوقيا وشخصيا وعندها يصبح تفجير مكوناتها ثقافيا وفكريا مفهوما حتى لو لم يكن مقبولا.
4 ـــ الإختلاف الثقافي بين الإسلاميين وبين العلمانيين في تونس وخارجها ضربة لازب على الناس قاطبة لأنه من روح السنن الكونية والنواميس الإجتماعية القاهرة أي أنه من صنع الله سبحانه وليس من صنع البشر ومعنى ذلك هو : بذل الصبر على حسن إدارته ولمن شاء منا أن يتأسى في ذلك بالتاريخ الإسلامي الذي رعى ضروبا من التعدد الدياني والعقدي والأصولي والفقهي والأدبي والفني والإجتماعي والحضاري والثقافي والسياسي لا قبل لأحد بعده به أو أن يتأسى بأروبا التي أنتجت الديمقراطية حلا وسطا بين دكتاتورية الدين الكنسي الغاشم وبين دكتاتورية الإقطاع السياسي والإقتصادي الظالم وفي التجربتين ما يكفل حسن الإدارة من لدنا بل بهما معا لنا نحن معاشر أهل هذا العصر.
5 ـــ الهيئة بإفتئاتها على المساحات التي ليست من إختصاصاتها لا علميا ولا فكريا ولا سياسيا ولا شعبيا إنما تعمل على تفجير نفسها من الداخل بدون وعي منها فإذا كانت إمتداداتها من هنا أو هناك تجرها إلى ذلك فإن الأمر مهدد إلى التقهقر إلى المربع الأول قبل ظهورها.
6 ـــ إذا كان أجيز بوجه ما للميثاق الوطني في بداية إنقلاب 7 نوفمبر أن يتضمن بحضور من يمثل الإسلاميين ( الأستاذ نور الدين البحيري ) ما يسيء إلى هوية الشعب لإعتبارات معلومة حتى لو إختلفنا في تقويم أثرها فإن الساحة التونسية اليوم مليئة بالألغام الكاسحة التي تهدد الوحدة التونسية بمقومات هويتها العربية الإسلامية المعروفة بسبب ما تشهده البلاد من صحوة إسلامية أشد تنوعا وأشد توسعا بما لم يكن من قبل مشهودا بحال من الأحوال.
إن ذلك المعطى وحده كفيل بجعل الهيئة تتريث قبل محاولة حسم الخلافات الثقافية في كنف بيان حقوقي شبه سياسي فما بالك لو جمعنا إلى ذلك قوى إستئصالية ” معارضة ” أخرى كثيرة تستخدمها عصابة الفساد الحاكمة مسجد ضرار وربما ليس أحدثها الإتحاد الضرار.
7 ـــ إن تفجير الهيئة بسبب الإختلافات الثقافية لن يجعل من إبتعد عنها يفكر في الرجوع إليها ولن يجعل من إتخذ منها موقفا سلبيا أو قريبا من ذلك يقترب منها كما أن ذلك لن يجعل من وراء مكوناتها فكريا وسياسيا يواصل دعمها.
8 ـــ إذا ما تحولت تلك الخلافات الفكرية لتحدث شرخا في هذا الحزب أو تصدعا لدى ذلك التيار من مكونات الهيئة فإن الخاسر الأول قبل الهيئة والخاسر الثاني بعدها ليس هي سوى حركة المعارضة الوطنية الديمقراطية الجادة سواءا كانت إسلامية أو علمانية أما الرابح الأول والأخير فهو معروف معلوم.
9 ـــ لعل المخلصين أينما كانوا هنا أو هناك يطمحون إلى جبر الهيئة لعثرتها بإفتئاتها على ما ليس من مشمولاتها في حالتها هذه ( إزدواج وتعاون على رسالة الحرية في ظرف عصيب) وذلك من خلال إستقامتها على مطالبها الثلاثة التي رفعها مؤسسوها الأوائل غير آبهين بتصفية الحسابات الحزبية في ساعة عسرة ولا بتصفية خلافات ثقافية بوسائل غير ثقافية.
10 ــ ولعل المخلصين أينما كانوا هنا أو هناك يثبتون على مواقعهم في الدعم والتعزير والمساندة نابذين وساوس الإنحراف الشيطانية بترك هذا المقعد شاغرا أو ذاك مطية لحديث الإفك فالإعتصام من الناس على حد أدنى من الحق والكرامة والخير والقوة خير من التفرق على حد أقصى من كل ذلك يتربع عليه كل واحد منهم.
والله تعالى أعلم.
الهادي بريك ــ ألمانيا
في بيانات 8 مارس أو حرب المرادفات…
في ذكرى الاحتفال بالعيد العالمي للمرأة كان المشهد السياسي في تونس ساحة كشف المستور من خلال البيانات المطولة التي صاغها في الغالب رجال حول وضع المرأة..وخطاب الرجل حول المرأة مشبوه دوما لانه يخفي المنطق الذكوري الذي يطبع مجتمعنا الفكري والسياسي..وتبدو جميع البيانات الصادرة يوم 8 مارس وكأنها لعنة واجبة لا بد منها..فالسلطة لا بد لها من الافتخار بما حققه حزبها الحاكم منذ زمن بورقيبة في هذا الميدان..وكان خطابها احتفاليا بالألوان تعددت فيه الانجازات البطوليةوالمكاسب الخارقة التي تمكنت منها المرأة في عهد الاستقلال بشوطيه…واختفت من البيانات الرسمية كل مشاكل النساء من الوجود من عنف ممنهج وتعد صارخ على الحقوق المهنيةوالاجتماعية
وتخلف التمدرس في صفوف الإناث الناشئة وقوانين جائرة بحق النساء في شتى ميادين الحياة..ولم يكن موضوع المساواةالكاملة في الإرث ولا رفع التحفظات على بعض فصول الاتفاقيات الدولية من اهتمام السلطةولا جمعيةالام ولا كل أحزاب المقاولات..فالجو العام احتفالي ولا فائدة في تنغيصه بملفات شائكة…
إما في الجهة المقابلة للسلطة اوما يسمى ساحة المجتمع المدني فالمسائل طرحت بشكل مغاير طبعا..
ففي ركن من أركان العاصمة تلاقت الجمعيات لتصرخ عاليا بان حقوق المرأة موضوع الساعة وان المساواة كاملة او لا تكون..وكان مطلب المساواة في الارث والغاء القوانين المكبلة لهذه المساواة في صدارة البيان الذي أصدرته جمعيةالنساء الديمقراطيات والرابطة وفرع العفو الدولي وجمعية النساء للبحث والتنمية. كما كان موضوع التحفظات على الاتفاقيات الدولية مطلبا أساسيا نادت به الجمعيات في بيانها.
هذه اللغة المستعملة في بيان 8 مارس للجمعيات وفي الندوة الصحفية التي عقدتها هي الحد الادنى الديمقراطي في قضية المرأة..وهو الطرح السليم في هذه المرحلةوالذي كان من المفروض ان تلتقي حوله كل الحساسيات الديمقراطية التي تؤمن قولا وفعلا ان حرية المراة مدخل رئيسي لحرية المجتمع وان بناء مجتمع ديمقراطي يستوجب اولا ورئيسيا إلغاء عبوديةالمراة ودونيتها في قانون الإرث حتى تكتمل أنوثتها وتصبح قادرةان تكون الى جانب الرجل في معركتهما من اجل الحريات السياسية والديمقراطية وحقوق التنظيم والتعبير والرأي..
غير ان ما وقع في ركن أخر من العاصمة وفي نفس اليوم تقريبا لم يكن في مستوى انتظارات الذين انتظروا..فبيان 8 مارس لهيئة 18 أكتوبر والذي قدمه بعض كتبته ميثاقا جديدا له أهمية مجلة الأحوال الشخصية لم يشبع شغفنا في معرفة نتائج العملية القيصرية التاريخية لتأهيل حركة النهضة السلفية وإدماجها مربع العمل الديمقراطي…فالبيان واضح وجلي وكان يمكن ان يصدر عن حركة النهضة وحدها دون الحاجة لإطراف أخرى…فعملية التأهيل المزعوم شابهت إلى حد كبير مخطط التأهيل الشامل الذي دمر أسماعنا به الإعلام الرسمي بعد مخطط الري قطرة قطرة والري التكميلي والتنمية الريفية والتنمية المندمجة وتشغيل الشباب….فخطاب حركة النهضة حول الأحوال الشخصية والأسرة وحقوق النساء متماسك في بيان 8 مارس..واعتراضات النهضةواحترازاتها ماثلة أمامنا بالألوان وبالخط الغليظ وتمكنت النهضة من إضافة حرية جديدة لقائمة الحريات العامة لم تخترق أدبياتنا البعيدة والقريبة وهي حرية اللباس وفي قضية الحال نفهم جميعا حرية الحجاب ولا نظن الجماعة يقصدون حرية القفطان المغربي او الدجين الفرنسي او الكوفية الفلسطينية…
.ولست ادري إذا كانت المسائل الخلافية الرئيسية قد وقع تأجيلها للأبد أم لأجل مسمى……….
وهل سينتهي الحوار بقبول النهضة للمساواة في الإرث وإلغاء الحكم الشرعي من قانون الميراث أم بقبول الطرف العلماني بشروط النهضة وترك المرأة في مقصورة الرجل…وكما قال احد قياديي النهضة في الخارج المسمى الحبيب المكني ما معناه انه لا فائدة إطلاقا في حوار حول شرعية نص ثابت لا يسمح بالتأويل ولا بالتنازل..فلماذا الانتظار…وعلى أي أساس سنتحاور في قضية المرأة والميراث…. هل على أساس نظم الحداثة والثقافات المتقدمة والعصر ام على أساس ثوابت الحضارة العربية الإسلامية..وما هى هذه الثوابت ان لم تكن دونية المرأة وإنصافها يعني توريثها نصف الرجل..هل هناك حل وسط بين النصف والكل.
لعل عبقرية ما في مجمع 18 أكتوبر سيجد لنا مخرجا مشرفا من نوع توريث المرأة السلفية النصف وتوريث المرأة التقدمية ضعفها..وبذلك يزول الإشكال ولا يقع صديقي احمد نجيب الشابي في حرج
صاحب الضيافة ..
بوراوي الزغيدي
في منتدى التقدم :
المساواة في الإرث من التحسيس إلى التشريع
نظم منتدى يوم 16 مارس 2007 بمقر جريدة الوحدة لقاء فكريا حول موضوع : المساواة في الإرث من التحسيس إلى التشريع. واستضاف لهذا اللقاء، الذي شارك فيه عدد من ممثلي وممثلات المجتمع المدني، الأستاذة سناء بن عاشور عن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات .
وقد رحبت السيدة عربية بن عمار (عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية) بالمشاركين والمشاركات في هذا الفضاء الحواري المفتوح لمختلف مكونات المجتمع المدني التونسي ولا سيما منها التقدمية والمستنيرة التي تجمع بينها رؤية عقلانية حداثية، وأكدت في كلمتها أنه لا أحد ينكر مكاسب المرأة التونسية، ولكن الاعتزاز بمجلة الأحول الشخصية و التمسك بها لا ينفيان السعي المستديم نحو مزيد تطويرها من أجل اكتمال المنظومة التشريعية المتعلقة بحقوق المرأة التي هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، بما يضمن المساواة التامة والفعلية بين الجنسين في العلاقات الأسرية والاجتماعية والسياسية، و من أجل تجسيم مفهوم المواطنة الكاملة في بلادنا. واعتبرت أنه حان الوقت بعد أكثر من 50 سنة على صدور مجلة الأحوال الشخصية والتحاق بعض الدول العربية بنا (مثل المغرب) وتفوقها علينا في بعض المحاور ( مثل السلطة العائلية) ، أن نعطي دفعة جديدة ونقلة نوعية لهذه المجلة لأن من لا يتقدم يتراجع. وعبرت السيدة عربية بن عمارعن دعم حزب الوحدة الشعبية للحملة الوطنية من أجل تحقيق مساواة دون تحفظات، وموقفه الواضح المؤيد للمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، مؤكدة أن المساواة التامة ليست شعارا فضفاضا أومصطلحا ضبابيا يختبئ خلفه بعض من لا يؤمن بها دون تحديد أي مضمون ملموس لها. كما أنها ليست موضوعا قابلا للتعطيل أو التأجيل الدائم، بدعوى أنها ما زالت موضوعا خلافيا، وأكدت أن الحوار الوطني سيتواصل، رغم حساسية الموضوع بالنسبة إلى بعض الأطراف المحافظة كما لا يخلو لدى البعض الآخر من حسابات سياسية ضيقة، وأعربت عن تقدير الحزب للمجهودات المتنوعة التي تقوم بها الجمعيات والمنظمات المعنية وحملاتها التثقيفية والتحسيسية والتوعوية الهادفة، آملة أن تسهم الأطراف السياسية بدورها في تعزيز هذه الأنشطة باتجاه الوصول إلى مرحلة التشريع واتخاذ القرار بعد مرحلة التحسيس.
وقد حرصت السيدة خديجة الشريف رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات على توضيح أن الجمعية لم تشترك في تنظيم هذا اللقاء الذي جاء بمبادرة من المنتدى. إثر ذلك قدمت الأستاذة سناء بن عاشور (منسقة اللجنة الوطنية لخمسينية مجلة الأحوال الشخصية) محاضرة عرضت خلالها البراهين الخمسة عشر دفاعا عن المساواة في الإرث بين النساء والرجال التي تضمنها كتاب قامت بإعداده جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات. وهو نتاج عمل جماعي وتعددي توج سلسلة ندوات ونقاشات في إطار الحملة التحسيسية التي بعثت إثر العريضة الوطنية لسنة 1999، ملاحظة أن رد الفعل على المطالبة بفتح الحوار حول الموضوع كان سلبيا جدا في البداية واتسم بالتعتيم والصمت المطبق ، أما اليوم فيوجد قبول أفضل وتفهم أوسع لمسألة متعددة الأبعاد وعلى غاية من الأهمية عكس ما يظنه البعض. وتمحورت هذه البراهين على ثلاثة محاور: براهين اجتماعية واقتصادية و براهين قانونية وبراهين ثقافية.
البرهان الأول استند إلى تحولات الأسرة التونسية والفارق بين الواقع الجديد للأسرة الزوجية وبين الأنموذج التشريعي للإرث القائم على العائلة الأبوية التقليدية الموسعة التي كانت تنبني على نظام التراتب حسب الجنس والسن. البرهان الثاني تمثل في المشاركة الاقتصادية للنساء ، حيث أصبحت النساء اللائي اقتحمن عالم العمل والوظيفة يساهمن بصفة فعالة في تنمية المجتمع و تغطية تكاليف الحياة الأسرية بما فيها اقتناء المسكن وتعهده. البرهان الثالث يقول إن اللامساواة في الإرث عائق اجتماعي وعامل مؤثر في تدني الوضع الاجتماعي والاقتصادي للنساء مع بروز ظاهرة ( تأنيث الفقر). البرهان الرابع ركز على سلطة المنوال التقليدي والثغرات المدخلة على النظام الذكوري للملكية العقارية.
البرهان الخامس مستمد من الممارسات الفردية التجديدية في اقتسام الإرث بالتساوي حيث يثبت الواقع أن المجتمع قادر في عديد الحالات على تجاوز القوانين والقواعد التمييزية من خلال هبات بالتساوي لفائدة الأبناء والبنات وكذلك الوصية لفائدة الزوجة أو البنات أو بنات الأخ والأخت… والتصرف في الإرث بواسطة البيع بين الإخوة والأخوات. فلا يمكن للمشرع العصري تجاهل هذا التجديد في العلاقات الاجتماعية. البرهان السادس وهو أول البراهين القانونية يؤكد أن التمييز في الإرث ينافي المبادئ الدستورية للمساواة بين المواطنين وضمان حقوق الإنسان والحريات الأساسية ولا سيما حرية المعتقد.
البرهان السابع يقوم على أن اللامساواة في الإرث تنافي المقاييس الإنسانية المعترف بها في المعاهدات المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية. ولا سيما منها العهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية. والاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة. البرهان الثامن يذكّر أن اللامساواة في الإرث تنافي الروح التحررية للمشرّع التونسي، بالنظر إلى روح التجديد والتطور الذي يميز مجلة الأحوال الشخصية التي ألغت تعدد الزوجات وقانون الجبر وواجب الطاعة وأقرت الطلاق القضائي واعترفت بالتبني والملكية المشتركة بين الزوجين… البرهان التاسع يكشف التناقض بين اللامساواة في الإرث والتطورات الأخيرة لفقه القضاء العدلي. حيث يلاحظ في بعض الأحكام المستندة إلى الدستور والمواثيق الدولية بروز نزعة جديدة في مواجهة التيار التقليدي المحافظ ..
البرهان العاشر يستند إلى وقائع عديدة تثبت أن اللامساواة في الإرث تعكّر صفو العلاقات الاجتماعية والعائلية. البرهان الحادي عشر وهو أول البراهين الثقافية يعود إلى تاريخ توريث الأملاك في المجتمعات الإسلامية ونشأة نظام التوريث حيث أن إقصاء النساء من الإرث كان متصلا بالنظام القبلي للمجتمع العربي وغيره من المجتمعات في العصور القديمة. فالتراث يتحكم فيه درجة المشاركة في الحروب والغزوات والغنائم. إلى جانب قاعدة القوامة ومسؤولية الإنفاق الموكولة إلى الرجل. ولا شيء في وقتنا الحاضر يبرر تواصل نظام التفرقة والتمييز. البرهان الثاني عشر و البرهان الثالث عشر يفضحان التحايل القانوني (الحيل الفقهية) لحرمان النساء من الملكية العقارية بواسطة نظام الأحباس والأوقاف ، ولم تصدم عبر تاريخنا تلك الحيل الضمير الإسلامي (من مختلف المذاهب). البرهان الرابع عشر يسلط الضوء على حركة الإصلاح الإسلامية والمواقف النقدية للطاهر الحداد والتشدد الثقافي تجاه النساء. البرهان الخامس عشر يثبت استبعاد النساء من الإرث والممارسات التمييزية ضدهن. حيث تبين البحوث الاجتماعية استمرار تلك الممارسات بأشكال متنوعة كالمحاباة العائلية برغبة من الأبوين أو بمظهر الحوز داخل العائلة إلى جانب عمليات الاحتيال كالتوكيل العام دون موافقة الشخص المعني بالأمر أو تدليس وثائق رسمية ورفض تقسيم الإرث… وهي تثبت أن مسألة الإرث تصدر عن مواقف أبعد ما تكون عن الدين. ولكل ذلك وجب العمل على إبطال الامتيازات وإلغاء قانون الإرث المعمول به حاليا وإقرار المساواة في الإرث بين الجنسين. وقد أبرز النقاش الذي أثارته هذه المحاضرة القيّمة آراء داعمة للبراهين المذكورة بل ومضيفة إليها.
حيث أشار الأستاذ الحبيب مرسيط رئيس فرع تونس لمنظمة العفو الدولية إلى المساواة الطبيعية بين الجنسين ضمن ما أسماه بالبرهان البيولوجي حيث أثبت العلم الحديث أن للرجل والمرأة نفس الميراث البيولوجي بمزاياه ونقائصه ( من الذكاء الفطري إلى الأمراض الوراثية) فكلاهما يحملان نفس الموروث الجيني البشري. و اعتبر أن التمييز بين الرجل والمرأة في هذا المجال ينهل من نفس مصادر النظريات العرقية التمييزية (بين البيض والسود مثلا)،ونبّه إلى ضرورة التعامل بجدية مع مرحلة (الردة) الخطيرة التي تمر بها منطقتنا العربية الإسلامية في الفترة الأخيرة، داعيا إلى النظر خارج هذه المائدة المستديرة التي تضم عينة من النخبة التقدمية المستنيرة. وهذا ما أيده السيد خميس الخياطي صاحب كتاب (تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية) الذي كشف خطورة بعض وسائل الإعلام في إبقائنا خارج التاريخ، معطيا مثالا على ذلك قناة عربية ذات خطاب ديني مغرق في التخلف يصل إلى حد الزعم أنها تأخذ مشاهدها إلى الجنة ويزعم بعض شيوخها أن خروج المرأة إلى العمل هو من علامات الساعة، فحدث ولا حرج بالنسبة إلى المساواة في الإرث، التي قد تصل بصاحبها حد التكفير والخروج عن الملة.
الأستاذ صالح الزغيدي (عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) اعتبر أنه ليس من مشمولات المجتمع المدني المعارضة السياسية التي هي من دور الأحزاب ، واستغرب عدم قبول البعض للبراهين العديدة لإثبات مبدأ المساواة في الإرث، ولاحظ أنه ولئن تطورت العقليات في السنوات الأخيرة فإن هناك جيوب مقاومة محافظة ورجعية. مؤكدا أن المعركة ليست حول مجلة الأحوال الشخصية فتلك مسألة محسومة (منذ الميثاق الوطني) ، ولكنها بين الداعين إلى إبقاء المجلة على ما هي عليه وبين الداعين إلى تطويرها، مذكرا المتشككين في الموقف المحافظ للحكومة حول المسألة بأن وزيرة تونسية تساءلت السنة الفارطة عن جدوى النقاش حولها. و رأى أن المساواة في الإرث ليست مسألة ايديولوجية أو قضية مستوردة و مستنسخة بل إن خطورتها وأهميتها وأبعادها قد تفوق تنظيم اجتماع سياسي أو إصدار جريدة …. و سيحقق الانتقال بها من التحسيس إلى التشريع قفزة هامة جدا في منظومتنا القانونية والثقافية والاجتماعية.
الأستاذة بشرى بالحاح حميدة (الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات) نقلت في تدخلها شهادات عن الواقع المليء بالمآسي الحقيقية لبعض النساء والتناقضات التي قد تفاجئنا في مستوى المواقف، حيث أن أشخاصا من مستوى اجتماعي وتعليمي عال ( وبعضهم ينتمي إلى أحزاب تقدمية) لا يتقبلون المساواة في الإرث في حين أن رجالا آخرين من مستوى ثقافي متواضع وانتماء سياسي يبدو أقل تقدمية لهم مواقف إيجابية. واعتبرت أن مجلة الأحوال الشخصية أصبحت من جهة رافعة دعاية سياسية للجهات الرسمية وفي المقابل محل نقمة وانتقاد لدى البعض بدعوى أنها جاءت من فوق ومبررا لتفسير توترات بعض الرجال وتعنيفهم لزوجاتهم، مع طغيان الاعتبارات المادية الصرفة على العديد من العلاقات (الشرعية وغير الشرعية) بين الجنسين، مع تعدد الحيل والمناورات ، بل إن عددا من حالات الطلاق كانت ناجمة عن الاكتشاف المتأخر للالتزامات المترتبة عن الاشتراك في الملكية.
ولكن النقاش في المنتدى لم يكن في اتجاه واحد فقد اعتبر السيد صابر بن مصباح (رئيس اللجنة الطلابية لحزب الوحدة الشعبية) أن المساواة في الإرث مسألة فرعية وهي في الأصل مطلب برجوازي يهم قلة قليلة ممن يملكون ولا تهم الشرائح الواسعة من الفئات الشعبية ولا سيما في المناطق الريفية، وهي ليست في مستوى أهمية بعض المواضيع الأخرى الملحة كالبطالة وتدني القدرة الشرائية التي تهم الجنسين على حد سواء. بينما دعت السيدة سميرة الشواشي ( عضو مجلس النواب) إلى تطوير التفاعل بين الجمعيات والأحزاب ولا سيما منها البرلمانية للانتقال من التحسيس إلى التشريع للمساواة في الإرث. أما السيدة خولة صدام فقد اعتبرت أن للمسألة بعدا ثقافيا أعمق من بعدها القانوني، وهو ما يتطلب قراءة جديدة للنص الديني. السيد العياشي بالسايحية ( عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية) نوّه بمداخلة الأستاذة سناء بن عاشور و بقوة البراهين المعروضة معددا الممارسات المتجاوزة للتشريع، واعتبر أن المشكلة غالبا ما تطرح حين تصبح القضية في المحكمة وتقع الاستعانة بالخبراء، وذكر بأن القوانين عادة ما تأتي استجابة لحاجات الناس، معتبرا أن الدستور التونسي لم يتجاوز الخلفية الدينية، مؤكدا على أهمية الحوار وتواصله. السيدة ريم سعيدان (عضو المجلس المركزي لحزب الوحدة الشعبية) انطلقت من موقف شخصي حول الموضوع لإبراز أهمية العامل التحسيسي والتوعوي للشباب الذي يمكن أن يتذكر ما عايشته الأمهات والجدات من حيف في مجال الإرث، داعية إلى الوقوف في وجه الشيزوفرينيا ( مرض الفصام) التي يقودها التفكير الذكوري في تشريعاتنا وواقعنا.
وتطرقت السيدة وسيلة العياري ( رئيسة لجنة المرأة في حزب الوحدة الشعبية) في تدخلها (بصفتها مستشارة بلدية وضابط حالة مدنية) إلى العزوف المسجل عن الاشتراك في الملكية عند عقد القران. داعية إلى الانكباب الجدي على تطوير تشريعاتنا الحالية. من جهتها أشارت الأستاذة فاطمة بن قويدر (محامية) إلى مساهمة الزوجة في تراكم الثروة ، متسائلة حول إمكانية الاستفادة (كما هو الحال بالمغرب الأقصى) من بعض الأعراف البربرية لفائدة مطالبة المرأة بنصيبها في الثروة . أما السيد عبد الحميد بن مصباح ( عضو مجلس النواب) فقد لفت الانتباه إلى ضروة تفادي خطية الخطاب الواحد مع اعتبار حقيقة اصطدامنا بفكر مخالف ومخاتل، حيث أصبحت بعض القوى الدينية اليوم تتكلم عن مجلة الأحوال الشخصية باعتبارها مكسبا وهذا يطرح على الخطاب اليساري أو التقدمي تحديات متجددة في مواجهة ردّة خجولة مغلفة بلباس حداثي ظاهره مريح وفي باطنه تقيّة. ودعا إلى ضرورة عدم احتكار المرأة للقضايا النسائية. وتساءل عن التوازن بين النص القانوني والوضع الاجتماعي. وعن إمكانية الحديث عن وحدة وضع المرأة التونسية. فربما كانت المرأة الحضرية في انتظار التشريع بينما لا تزال المرأة الريفية في حاجة إلى التحسيس. كما أن المساواة في الإرث ببعض المناطق قد تخلق مشاكل أكثر مما تحلها إذا لم يقع ترسيخ ثقافة المساواة. ولاحظ أن الخطاب الرسمي أصبح يرفع شعار الشراكة وكأن مسألة المساواة قد تمت. مؤكدا أن حل إشكالية المساواة في الإرث سيفتح إشكاليات أخرى مع السؤال حول هوية الدولة ( الفصول 1 و 5 و8 والديباجة من الدستور) وهو ما يتطلب ثورة في القانون الدستوري للتخلص من شوائب الماضي ويؤكد أننا في حاجة إلى دولة علمانية. السيد حسين الهمامي (عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية) لاحظ أن بعض النساء يسهمن كذلك في تأبيد الوضع وتراجعه، مشددا على أهمية دور الإعلام الذي يمسّ المجتمع ككل ..
وفي ردها على بعض الأسئلة والتدخلات أوضحت الأستاذة سناء بن عاشور أن الجمعيات النسائية لا تزعم أنها صوت المرأة الحصري ولم تطرح ذلك على نفسها أما المشكلة التي تحرص على تفاديها فهي الانكفاء على الذات و اللقاء والتحاور المستمرين لنفس الوجوه مع بعضها البعض ،و أشارت إلى أزمة الثقة وعدم المشروعية التي يعاني منها القانون التونسي لدى أوساط واسعة بالنظر إلى الممارسة والوضع السياسي العام، مما يصل بالبعض إلى الإحساس بالمهانة، مشددة على أولوية المسألة الديمقراطية ومبدأ المواطنة وقبول النقد والرأي الآخر والتصارح. وأكدت على أهمية دور القوانين ـ إلى جانب طابعها الإجرائي والتقني ـ في مخاطبة الأذهان والعقليات والمساهمة في بنائها والارتقاء بها باعتبار أن القاعدة القانونية تضبط المعايير والمرجعيات ولا حاجة هنا إلى توظيف عرف تقليدي كنوع من الحيل الشخصية، وإذا كان يمكن للقانون أن يسبق الواقع فإنه لا يجوز للقانون أن يبقى متأخرا عن الواقع، وإذا كان للتشريع التونسي مكاسبه فإن له أيضا ثغرات ينبغي الإسراع بتجاوزها ولعل أكبر تلك الثغرات هي اللامساواة في الإرث، مذكرة بأن القانون الذي يبقى خيارا مجتمعيا هو أولا في خدمة الضعفاء وحمايتهم مؤكدة أن قضية المساواة في الإرث ليست مسألة ثانوية وإن كانت تبدو كذلك فهي تمسّ كل المجالات من الثقافة والدين إلى المجتمع والقانون والاقتصاد والأسرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المقدس يبقى فوق التاريخ والمجتمع داخل التاريخ. والمهم في الأخير هو أن تكون لنا بعد الاقتناع بوجاهة قضية المساواة في الإرث بين الجنسين القدرة على الإقناع . وهذا ما تسعى إليه الجمعيات الحقوقية المعنية من خلال الحملات التحسيسية الميدانية التي قامت بها كالندوة التي انتظمت بكلية الطب وكذلك بكلية العلوم القانونية وقد بيّن سبر آراء للطلبة تطور العقلية التونسية ولا سيما لدى الأجيال الجديدة باتجاه المساواة في الإرث. عادل القادري( جريدة الوحدة) http://adelkadri.maktoobblog.com/
المساواة بين الرجل و المرأة في فلسفة “النوع الاجتماعي”
مــــا وراء الخطـــــاب
فدوى الرحموني يظهر الخطاب الدولي الحقوقي و التنموي – مؤخرا- اهتماما متزايدا بقضايا المرأة (تحريرها – حقوقها – تمكينها…)، و تعمل منظمات الأمم المتحدة و المنظمات المستقلة من خلال المؤتمرات المتعددة، و بالتعاون مع الجمعيات المدنية في العالم العربي على الضغط على الحكومات العربية وإلزامها بالمصادقة على اتفاقية “القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (المعروفة بالسيداو)، كخطوة أساسية لتحسين أوضاع المرأة العربية و تمكينها عبر إصلاح التشريعات و القوانين الوطنية لصالح تمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية و الاقتصادية أساسا. و يستند هذا الخطاب إلى حجة ربط التنمية المستدامة بمدى تطوير أوضاع المرأة وتحقيق المساواة التامة مع الرجل حيث جاء في نص عن منظمة الأسكوا ( مكتب الأمم المتحدة لغرب آسيا) “إذا نظرنا إلى وضع المرأة الاجتماعي في علاقتها أساسا بدورها زوجة وأمّا كما هو الحال في العالم العربي- فإن هذا قد ينعكس على سلوكها الإيجابي الذي سيكون متعارضا مع مقتضيات التنمية المستدامة” من هنا جاءت المقاربة التنموية المسماة “النوع الاجتماعي (الجندر) و التنمية” لتنظر إلى التنمية على أنها عنصر من عناصر تقويم دور المرأة في الحياة العامة. فما هي فلسفة “النوع الاجتماعي”؟ و كيف تنظر إلى المساواة بين الرجل و المرأة ؟ ما خلفيات هذه الفلسفة و ما مدى خطورتها ؟ تنطلق فلسفة النوع الاجتماعي من هذا التعريف البسيط “نولد ذكرا أو أنثى ثم يعلموننا كيف نصير ونتصرف كامرأة أو كرجل : الأول جنس و الثاني نوع اجتماعي” يعتبر هذا التعريف أن خصائص الذكورة و الأنوثة تتشكل في الإنسان عبر مقتضبات البيئة وظروف التنشئة الاجتماعية و العوامل الثقافية، فهي بذلك ليست خصائص بيولوجية طبيعية بل ثقافية مصدرها الدّين و العادات و الأخلاق و القانون ….إلخ. و بالتالي فإن القضاء على كل مظاهر التمييز بين الجنسين يقتضي تغيير كل المصادر الثقافية حتى تصبح مساهمة في إرساء علاقات مساواة تامة بين الجنسين. إن خطورة هذه الفلسفة تكمن في مستويين في نظرنا : – مرجعيتها و جذورها المرتبطة بالحركة الأنثوية الراديكالية : Le féminisme – اعتمادها كمرجع نظري في الاتفاقيات الدولية بشأن المرأة. I- مرجعية “النوع الاجتماعي” : إن المصطلحات التي يدور عليها هذا الخطاب (نوع – مساواة – نمطية – تمييز – تمكين…) تنغرس عميقا في خطاب الحركات الأنثوية المتطرفة و الراديكالية التي سادت الغرب في نهاية 60نات القرن الماضي، و التي تأثرت بها بعض الوجوه النسائية المعروفة في العالم العربي (نوال السعداوي). هذا “الفيمينزم” – كتيار فكري – يختلف تمام الاختلاف عن الحركات النسوية الداعية إلى تحرير المرأة من الغبن التاريخي و الاجتماعي و إعطائها حقوقها الإنسانية والمدنية التي تسهم بها في تقدم المجتمع و نمائه و تتلخص أهم مبادئه في النقاط التالية : الانحياز المطلق للمرأة دون النظر إلى السياق الاجتماعي و المصلحة الإنسانية العامة والتأكيد على فردية المرأة المجردة من كل روابطها العائلية و الاجتماعية و إبرازها كنّد–خصم للرجل و من هنا المناداة بعداء الجنسين و إعلان الحرب ضدّ الرجال. النزعة الفردية التي تقر بحق المرأة رفض الإنجاب و الرضاع و الأمومة و عدم تربية الأبناء ورعايتهم بل حق المرأة في الإجهاض إستنادا إلى حق تملك الجسد. إلغاء دور الأب داخل الأسرة و رفض السلطة الأبوية بما يعنيه من هجوم على مؤسسة الأسرة و نظامها و أصل تكوينها و اعتبارها مؤسسة قمع و قهر للمرأة. التشكيك في كل مصادر المعرفة الإنسانية (الدين – الأخلاق – العرف- القانون …) واعتبارها رجالية منحازة و استهداف القيم الثقافية و اعتبارها متخلفة تحتاج تغييرات جوهرية. التشكيك في مؤسسة الأسرة ووظيفتها الاجتماعية و الإنسانية و اعتبارها سببا وراء تهميش دور المرأة إقصائها، و الدعوة إلى بناء الأسرة اللانمطية (المتكونة من الشواذ) كوسيلة لتخليص المرأة من سلطة الرجل و مسؤولية الأطفال. اعتبارا تربية الأطفال من مهام الدولة لا من مهام الأم من هنا المطالبات بالمطاعم الجماعية ودور الحضانة … إلخ. إن هذه الشعارات أو المبادئ التي رفعتها الحركة الأنثوية و التي تستند إليها فلسفة النوع الاجتماعي، ترفض رفضا كليا و قطعيا لأي فرق بين الذكر و الأنثى و أي توزيع للأدوار داخل الأسرة على أساس الخصوصية البيولوجية و الجنسية و لا ترى إمكانية لتحسين دور المرأة في المجتمع و مساهمتها في التنمية إلا بتحقيق التماثل أو المساواة التامة بين الرجل و المرأة عبر فرض فكرة الجنس الواحد أو حق الإنسان في تغيير هويته الجنسية و الاعتراف قانونيا بالشذوذ الجنسي و فتح الباب أمام زواج المثليين و تكوين الأسر غير النمطية بكل ما تعنيه هذه الظواهر الثقافية الغربية من تشويه لتوازناتنا الاجتماعية و الأسرية و الإنسانية. إن فلسفة الجندر – لا تقف عند حدّ تغيير هوية المرأة بل تمتد إلى تغيير هوية المجتمع كله عبر تحويلها إلى فوانين و اتفاقات دولية ملزمة. II- آثار و تبعات فلسفة النوع الاجتماعي : يتراءى خطر هذه الفلسفة في كونها لا تمس بالتغيير أوضاع المرأة فقط بل أوضاع المجتمع كله لما تحدثه من اختراق لمؤسسة الأسرة و علاقات الزوجين و علاقات الآباء بالأبناء و من ثمة تغيير بنى المجتمع ككل : ثقافيا و إنسانيا و هي جاءت نتيجة لعمل طويل ابتسم بطول النفس و الصبر المجهود الحثيث للتغلغل في المنظمات الدولية و الجمعيات الأهلية العربية التي تبنت هذه المقاربة باعتبارها مقاربة تنموية ينبغي اعتمادها في الدول العربية و الضغط على الحكومات من اجل الالتزام بها في إطار الخطاب الحقوقي و التنموي. ولقد تكرست هذه الفلسفة في اتفاقية “السيداو” اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة فشكلت المرجعية الفكرية و النظرية لها. هذه الاتفاقية – على ما فيها من ايجابيات لا نستطيع إنكارها من قبيل منح المرأة كامل حقوق المواطنة و المشاركة في الحياة السياسية و تطوير مساهمتها في الأنشطة الاقتصادية – تحمل أيضا مساوئ جمة لعل أهمها انتهاك السيادة القانونية للدول و إلغاء الدساتير الوطنية باعتبار الاتفاقية ناسخة لغيرها من التشريعات والقوانين في مختلف مجالات الحياة والنشاط الإنسانيين من ذلك مثلا قوانين الأحوال الشخصية و قوانين الأسرة المرتبطة أشد الارتباط بالخصوصيات الثقافية. إننا نضع مسألة المساواة بين الرجل و المرأة في صدارة مطالب الحركة النسائية لكنها تظل المساواة في الحقوق و الواجبات الاجتماعية و السياسية و المدنية بمعزل عن فلسفة التماثل الكلي و ما يمكن أن تترتب عنه من تغييرات ثقافية جوهرية في بنية المجتمع و علاقاته الإنسانية فالاعتراف بحقيقة وجود فوارق و اختلافات فيزيولوجية أو نفسية بين الرجل و المرأة لا يعني بحد ذاته تفضيلا لجنس على آخر بل يعني تمايز لا تميز بعضهما عن بعض من هنا خطورة بعض بنود اتفاقية السيدار الخاصة بتعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية (اعتبار الأمومة وظيفة اجتماعية غير لصيقة بالأم يمكن لأي كان أن يقوم بها من هنا الدعوة “لنظام إجازة الآباء” لرعاية المواليد خاصة مع تطور تكنولوجيا الإنجاب و التناسل الاصطناعي) حينئذ نحذر من خطورة التعاطي المريح مع هذه الفلسفة التي يرى فيها إلا أحد أوجه النموذج الثقافي الذي تسعى العولمة إلى تركيزه في المجتمعات الشرقية بعد أن نجحت إلى حد كبير في فرض نموذجها السياسي و الإقتصادي دونما مراعاة للخصوصيات الثقافية و الحضارية للشعوب و الأمم. نحذر و ندعو جمعيات و منظمات المجتمع المدني (التونسي و العربي) التي سارعت إلى تبني هذه الفلسفة و إلى مزيد تعميق النظر فيها و لم لا البحث الجادّ عن صيغ و مقاربات تنموية أكثر التصاقا و تعبيرا عن هوية المجتمع و خصوصيته، مقاربات تكون قادرة على الارتقاء فعلا و عبر آليات ناجعة بدور المرأة الإنساني دون الانسلاخ و الإنبتات و التشويه و دون الاستهلاك الفكري الرديء لثقافة العولمة و منجاتها. نشكر لكم تعاطفكم وايمانكم بسخف هذه الوضعية البائسة. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
بسم الله الرحمان الرحيم
تصحيح لما ورد من معطيات مغلوطة في مقال بلحسين
الى السادة والسيدات القائمين على المنبر الاعلامي تونس نيوز تحية طيبة مباركة على ما تبذلونه من جهود زادكم الله توفيقا.
هذا وقد نشرتم في عددكم ليوم 17 مارس 2007 مقالا للسيد الطاهر بلحسين تعليقا على البيان المشترك بين القوى والشخصيات المشاركة في 18 أكتوبر يشكك في جدية العلاقة بين الاطراف الموقعة على وثيقة حقوق المرأة وبين حركة النهضة كما يشكك في مصداقية تمثيل مندوبي حركة النهضة لحركتهم ليس مسندا تشكيكاته في ما يبدو الا بأمرين أولهما رواية موضوعة منحولة نسبها الى رئيس حركة النهضة وللإيهام بالدقة وضعها بين قوسين متحدثا عن مكتسبات حقوق المرأة “وهي مكتسبات يعلن الاسلاميون الموقعون تمسكهم بها بينما يعتبر زعيم حركة النهضة انها “أسقطت … على حساب شخصيتنا الحضارية””
ولم يكلف السيد بلحسين نفسه عناء إثبات المصدر الذي استقى منه هذه الرواية الموضوعة.. كعادته.
وهو نفس الاسلوب الذي لجأت اليه السيدة خديجة الشريف في ما صدر عنها بجريدة الموقف حيث زعمت ان رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي يرأس لجنة الدفاع عن تعدد الزوجات واذ لا توجد لجنة بهذه التسمية مطلقا وفي أي بلد كان فلماذا تستعمل السيدة خديجة هذا الاسلوب.
اما المستند الثاني للتشكيك في جدية النهضة وتمثيلها فيبدو من النص متمثلا في عقيدة راسخة لدى السيد بلحسين وهو يعجب ممن لا يزال جاهلا بها او منكرا وخلاصتها ان العداوة مستحكمة بين حرية وحقوق النساء وبين العقائد الدينية وما قام عليها من حضارات.. “وكأني بالموقعين يتجاهلون أن الحضارة العربية الاسلامية مثلها مثل جميع الحضارات المعتمدة على الدين لم تخلق في كامل تاريخها ولن تخلق أي تقدم في مجال”
بما يكون معه بديهيا ان شروط التحرر النسوي ـ ولم لا الرجالي أيضا ـ مشروط بالانخلاع جملة عن الدين او على الاقل بتهميشه باقصى الممكن من مجال الدولة والمجتمع. قطعا السيد بلحسين حر فيما يعتقد ولكن ليس له ان ينسب لغيره الا ما هو ثابت بينما تكررت منه فيما يكتب وفي حواراته نسبة نقول الى رئيس حركة النهضة هي بالتأكيد موضوعات بلا أصل.
كما نه حر في ان ينسب الى الاسلام او العقائد الاخرى ما يشاء في مسألة علاقتها بالحريات ومنها حرية النساء حتى ولو وصل الامر الى اعتقاد التناقض المطلق بين الحرية والايمان على نحو ما كان يصرح سارتر ” إما ان اكون حرا او ان اكون مؤمنا” ولكن وقائع التاريخ ـ وكذلك الحاضرـ تقدم أدلة ضافية على ان مشاريع التحرر الوطني من الاستعمار والاصلاح الاجتماعي ومن ذلك الاصلاح الديني الشاجب للمظالم التي حاقت بحقوق النساء والمناضل من اجل حقوق متساوية كان روادها الاولون في مصر وتونس ـ مثلا ـ هم من شيوخ أو من خريجي المعاهد الدينية مثل الافغاني وعبده وسعد زغلول والثعالبي والحداد ومن بعدهم جاء جيل خريجي المدارس الحديثة حتى كانت اول مدرسة لتعليم البنات في تونس ” مدرسة البنت المسلمة” قد أسسها شيخ معمم هو الشيخ سيدي محمد الصالح النيفر رحمه الله تعالى كما أنشأت الحركة الاصلاحية في جامع الزيتونة فرعا لتعليم البنات تخرجت منه أولى رائدات الحركة النسوية في تونس مثل الشيخة بشيرة بن مراد رحمها الله تعالى. اليس اولى بمن يريد نقد حركة النهضة مناقشة مواقفها وتصريحات قيادتها كما صدرت. عامر العريض – باريس
حـــوار الطرشـــان (*)
دخل الجميع القاعة، البعض اصطف على اليمين والبعض اصطف على اليسار… قال الأولون تحية طيبة… باسم الشعب نفتتح اللقاء. قال الآخرون السلام عليكم… باسم الله نبدأ الكلام. قال الأولون أيها الرفاق… قال الآخرون أيها الإخوان… قال الأولون نجتمع أيها السادة والسيدات في هذه الليلة الحمراء، في هذه القاعة التي تشبه المنجل في تصميمها، لنؤكد على المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة… ولذلك نريد الحوار… قال الآخرون نجتمع أيها السادة والسيدات في هذه الليلة الخضراء في هذه القاعة التي تذكرنا بالهلال، لنؤكد غلى المساواة بين الرجل والمرأة ولذلك نريد الحوار… قال الأولون إن المرأة أساس البنيان، والمساواة أساس العدل والعمران. قال الآخرون إن المرأة أختنا وأمنا وزوجتنا وابنتنا ولا سبيل أن نظلم أولي القربى ببهتان. قال الأولون يبدو أننا متفقون فعلينا بنشر البيان. قال الآخرون نعم ولا جدوى من الحوار والجدال فالكل سيّان. قال الأولون بسم الشعب نبدأ… قال الآخرون بل بسم الله نفتتح… وتعالى الصياح الكل ينادي على ليلاه وليلى منهم براء، وخرجت من الصف امرأة، قالت على حياء اكتبوها باسم الله باسم الشعب باسم المرأة باسم الإنسان! نظر البعض إلى البعض نظرة استغراب واشمئزاز… قال الأولون من أين خرجت هذه المرأة وكيف تتعدى سلم المناضلات وصفوف الثوريات ولكلّ منازل ومستويات! قال الآخرون من أين أطلت هذه المرأة والرجال قوامون على النساء ولكل درجات! قال الجميع باسم الله نبدأ باسم الشعب نبدأ ولا مساواة لا مساواة لا مساواة…
(*) حول بعض لقــاءات أطراف من العلمانيين وأطراف من الإسلاميين في وطننا العربي الفسيح بقلم : مواطــن المصدر: ركن خواطــر موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
افتتاحية “الموقف”
مفاجأة… غير سارة
أحدثت نتائج الإنتخابات الموريتانية صدمة لدى باقي الحكومات المغاربية التي لم تُصدَق أن المجلس العسكري الإنتقالي جاد في تسليم السلطة للمدنيين. وأظهر اقتراع الأحد الماضي درجة الشفافية والنزاهة اللتين طبعتا الإنتخابات الرئاسية بشهادة جميع المراقبين، العرب منهم والأجانب، إن كانوا رسميين أم مندوبين لمنظمات غير حكومية. اعتقد كثيرون أن المجلس العسكري الإنتقالي سيكون انتقاليا بالقدر الذي كانت عليه مجالس قيادة الثورة ولجان الإنقاذ التي وضعت تاريخنا المعاصر تحت خوذاتها. وكان الحق معهم فالذين جاؤوا لتخليص مجتمعاتهم من الحكم المطلق أقاموا أنظمة أكثر انغلاقا وعسفا من اسلافهم، عدا “المجنون” عبد الرحمان سوار الذهب. وعندما أعلن العقيد ولد فال أنه لن يترشح ثم لما تعهد باحترام نتائج الإقتراع مهما كان الفائز، اعتقد بعضهم أن الأمر هزل في هزل وأن الإنقلابيين لن يوفوا بوعدهم بمغادرة الحكم… فكانت المُفاجأة التي يصعب “هضمها”. ويمكن القول إن موريتانيا التي عانت منذ الإطاحة بالرئيس الراحل مختار ولد دادة من عبث العسكريين وتكلس المؤسسات التي أفرغت من مضامينها حققت قفزة نحو الديمقراطية عجزت عنها دول أخرى أعرق منها في النمو، وهي خطوة تستحق منا ومن كل العرب التهنئة والأمل بمزيد من التقدم و… الريادة. ضاق الموريتانيون ذرعا بالوعود الكاذبة، فكان صوتهم قويا في الضغط على الفريق الذي قلب ولد طايع (من دون إراقة دماء) كي يُعيد البلاد إلى سكة الشرعية. وهُنا، والحق يُقال، كان للعقيد ولد فال وأقرانه موقف شهم تسامى على الطموحات الفردية وغلَب المصلحة الوطنية على ما سواها. لذا تُعتبر التجربة الموريتانية أول زهرة بدأ برعُمها يتفتح في طرف مغربنا العربي مُكرسة أول تجربة ديمقراطية من نوعها. وعلى رغم أن هذا البلد يُعدَ أقل نموا وأفقر موارد من سائر البلدان المغاربية الأخرى استطاع أن يتخطى تلك العقبات ويطوي المراحل سريعا في اتجاه تحقيق التحديث السياسي، وهي تجربة سيكون لها بلا شك نتائجها الإقليمية واستتباعاتها على المسارات السياسية في باقي بلداننا المغاربية. وأهم ما يجب التقاطه منها هو المقدمات التي أفضت للإنتخابات الحرة والتي انطلقت من إرساء دستور ديمقراطي تم تبنيه في استفتاء شعبي بنسبة قاربت 50 بالمائة في جوان من العام الماضي، وعلى أساسه أجريت انتخابات تشريعية وبلدية تعددية وحرة في نوفمبر من دون مشاكل، تلتها انتخابات مجلس الشيوخ في مسيرة توجتها الإنتخابات الرئاسية التي ترشحت لها 19 شخصية فيما التزم المجلس العسكري بالحياد. ونال المجلس رضا الشعب وتقدير المجتمع الدولي لوفائه لنهج الحريات وإعادته السلطة للمدنيين. لكن اللافت أن موريتانيا الديمقراطية أصبحت تنتمي أكثر للمجال الإفريقي حيث الإنتخابات النزيهة في السينغال ومالي والتشاد وحيث الحريات الإعلامية في دول جنوب الصحراء، فيما “ابتعدت” عن المجال المغاربي حيث مازالت المجتمعات ترزح تحت نير الإستبداد والتضييق على الحريات السياسية والإعلامية. والناظر إلى المشهد الإقليمي اليوم تصدمه الألوان الداكنة في جزيرة المغرب العربي المعزولة عن العالم الديمقراطي المُنتشر في إفريقيا جنوب الصحراء وشمال المتوسط وأمريكا اللاتينية وآسيا، أي في سائر أصقاع الدنيا. رشيد خشانة (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
اسـتـقـلال بـلا حــريّــة
أحمد نجيب الشابي جاء الاستقلال في 20 مارس 1956 ليعني نهاية عهد الحماية الذي فرض على البلاد مدة ثلاثة أرباع قرن وعودة السيادة إلى أهلها. لكن ولئن عادت مقومات السيادة إلى أياد تونسية من تمثيل في المحافل الدولية وقوات دفاع وأمن داخلي وإدارة وقضاء فهل أصبح التونسيون أسيادا في بلدهم؟ وإن لم يكن الأمر كذلك فما هو تأثيره على استقرار البلاد وعلى ما تحقق من مكاسب خلال العقود الخمس الماضية؟ وهل بإمكان التونسيين أن يرفعوا مستقبلا تحديات التنمية والمنافسة الدولية إن ظل استقلالهم واقفا على قدم واحدة دون ارتكازه على الحرية؟ ذكرى الاستقلال تتيح لنا فرصة التأمل بكل موضوعية في هذا المسار بالوقوف، في ذات الآن، على الإنجازات وعلى مواطن الضعف والخلل. يمر هذا الأسبوع واحد وخمسون عاما على استقلال البلاد. وإذا كانت الثورة تعني التغيير الجذري للأوضاع الفاسدة فقد كان الاستقلال ثورة بكل ما للكلمة من معنى. وإذا جاز تقسيم مرحلة الاستقلال إلى أربع أو خمس حقبات فيمكن القول بأن الحقبة الأولى التي امتدت من 1956 إلى سنة1961/1962 عرفت مكاسب أسست لحياتنا المعاصرة: تونسة الإدارة وإصلاح القضاء وتوحيده وبناء الجيش وجلاء القوات الأجنبية عن كامل التراب الوطني ونشر التعليم على نطاق واسع وتحديثه ومد شبكة للصحة الأساسية في كل المناطق ومقاومة الأكواخ وتحسين المسكن والتصدي للفقر والبطالة من خلال حضائر الشغل وليس أقل هذه المكاسب إصدار مجلة الأحوال الشخصية وما رمزت إليه من تغيير وتحديث للعلاقات الأسرية وتحرير للمرأة . وقد تمت كل هذه الإنجازات في ظروف داخلية وإقليمية ودولية مشوبة بالتوتر سواء من حيث مضاعفات انشقاق الحركة الوطنية عشية الاستقلال أو حرب الجزائر أو العلاقة مع الدولة الحامية التي لم تتأقلم مع الأوضاع الجديدة وضلت تحاول تعطيل حركيتها ومحاصرة نتائجها. ولما اتسمت هذه الحقبة الأولى بهجرة أصحاب رؤوس الأموال من الأجانب وبتدني مستوى تراكم الرأس المال الوطني وضعف المبادرة الخاصة فقد اتسمت الحقبة الثانية الممتدة من عام 1962 إلى سنة 1969 بما عرف بتجربة التعاضد والتي رمز إليها السيد أحمد بن صالح. والمتأمل في تلك الحقبة يندهش حقا للمجهود الذي بذل أثناءها. كان الاستقلال يعني بالنسبة للتونسي الحق في الشغل وفي الصحة وفي تعليم أبنائه وتحسين مسكنه ودخله. وقد راهن السيد بن صالح على الدولة وعلى التخطيط وعلى إصلاح الهياكل الاقتصادية والاجتماعية سبيلا لرفع كل هذه التحديات. بدأ بالتجارة الخارجية (إنشاء الدواوين العمومية) ثم انتقل إلى تجارة التفصيل (التعاضديات) فالزراعة (الوحدات الإنتاجية فالتعاضديات) ومن بعدها تصنيع المواد التي تنتجها البلاد. الهدف كان كسب رهاني التشغيل والرفع من مستوى المعيشة والتخلص من مظاهر التفاوت بين الجهات، أما الوسيلة فالنهوض بالادخار الوطني وجلب القروض والإعانات الخارجية التي مثلت أكثر من نصف الاستثمارات في الستينات. ضخت الأموال في تعبيد الطرقات وبناء المطارات والمواني والسدود وفي تشجير البلاد ومقاومة التصحر وبعث أقطاب صناعية في الجهات (صفاقس، قابس، سوسة، القصرين، باجة، بنزرت الخ..) لكن النتائج جاءت مخيبة للآمال وما أن شارفت العشرية على الانتهاء حتى وقع التخلي عن هذه السياسة بعد أن اتهم القائم عليها بالخيانة العظمى وأودع السجن لعشر سنوات. أما الحقبة الثالثة فقد رمز إليها الوزير الراحل الهادي نويرة وقامت على التحررية الاقتصادية واتسمت هذه الفترة بالاعتماد على الاستثمار الخاص والرهان على التصدير وعلى جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة (قانون 1972) وتطوير السياحة وبالتعويل على هجرة اليد العاملة إلى أوربا وليبيا ودول الخليج مكملا لسياسة التشغيل. وقد عرف الاقتصاد خلال هذه العشرية انتعاشة فعلية بعد أن انهار الإنتاج أثناء فترة التعاضد وساعد على هذه الانتعاشة تحسن الظروف المناخية وارتفاع المحصول الزراعي وارتفاع أسعار المواد الأولية في أعقاب الصدمة البترولية لعام 1973 وارتفاع مداخيل السياحة وعائدات اليد العاملة المهاجرة. وانتهت هذه الحقبة بأزمة سياسية، عقب حادثة قفصة التي تسببت للمرحوم الهادي نويرة في نوبة دماغية أودت بحياته وخلفه في الوزارة الأولى السيد محمد مزالي الذي ركز الجهد على إصلاح الأوضاع السياسية (المصالحة مع اتحاد الشغل وتدشين عهد التعددية السياسية والإعلامية) أما في المجال الاقتصادي فقد سار على نفس النهج التحرري الذي انتهجه سلفه، لكن في ظروف دولية غير ملائمة اتسمت خاصة بانهيار أسعار البترول وارتفاع مديونية بلدان العالم الثالث مما انعكس سلبا على مؤشرات الاقتصاد الكلي للبلاد وولد أزمات اجتماعية بلغت ذروتها في انتفاضة الخبر لشهر جانفي 1984 وأوجبت سنة 1986 إتباع “برنامج الإصلاح الهيكلي” الذي دشنه خلفه السيد رشيد صفر على رأس الوزارة الأولى قبل أن يحدث تغيير 7 نوفمبر 1987. ومهما كانت المآخذ السياسية ونقاط الضعف والخلل في السياسة الاقتصادية التي يمكن أن تسجل على الحقبة التي دشنها تغيير 7 نوفمبر 1987 فإن الموضوعية والواقعية تقتضيان الإقرار بأن هذه الحقبة الخامسة من مرحلة الاستقلال اتسمت باستمرار الجهد في الحقلين الاقتصادي والاجتماعي فلا يمكن لا أحد اليوم أن ينكر نجاح الحكومة الحالية في انجاز برنامج الإصلاح الهيكلي الذي انتهى إلى تحسن في المؤشرات الكلية للاقتصاد من جهة نسق النمو و تنويع صادرات البلاد أما في المستوى الاجتماعي فيحسب لهذه الفترة تعميم المدرسة الأساسية والرفع في مستوى الدخل الفردي وتراجع مؤشرات الفقر. هذا هو الجانب السار من منجزات حقبة الاستقلال يسجله المرء بإنصاف وارتياح لأنها مكاسب حققتها تونس لفائدة أبنائها وهي منطلق كل جهد مستقبلي ومرتكز كل عمل إصلاحي قادم. لكن من المفارقات أن مثل هذا الإقرار يصدم القارئ وثير لديه التحفظ والشك وفي هذه المفارقة بالذات مكمن الداء وموقع الفشل في تجربة الاستقلال، ذلك أن الرأي العام الواسع والشباب منه على وجه الخصوص لم ينخرط في أي من هذه السياسات التي سنت قسرا على اختلافها وشعر المواطن إزاءها بالغربة والإقصاء. على أهميته العظمى بالنسبة للوطن، لم يكن يوم 20 مارس يوما سعيدا بالنسبة للتونسيين لأنه جاء في أجواء من الانشقاق والعنف خلفته اتفاقيات الاستقلال الداخلي لسنة 1955 التي لم تكن محل إجماع أو تشاور بل فرضت فرضا في أجواء من عدم الرضا والشعور بالخيبة والخوف على المستقبل. ولم يكن انجاز الاستقلال سنة واحدة بعد تلك الاتفاقيات فرصة لرأب الصدع وتوحيد الصف بل كان منطلقا لمزيد من الاعتداد بالنفس والانفراد بالرأي، فجاءت كل الإصلاحات للحقبة الأولى من الاستقلال فوقية مسقطة معتمدة على قوة الدولة واعتداد النخبة الحاكمة بنفسها مستفزة للمواطن في شعوره بالانتماء إلى بلده فضلا عن استفزازه في مشاعره الدينية والقومية. كان المواطن مادة هذه الإصلاحات لا صانعها وتخللت هذه الحقبة ممارسات واسعة للتعذيب الوحشي واختطافات ومحاكمات جائرة أشاعت الخوف والرعب وأخمدت كل صوت حر ووأدت كل رأي مخالف. حتى أن معركة بنزرت التي حشدت جموع الشعب وأثارت عواطفه الجياشة خيضت بقرار فردي وغلق ملفها بنفس القرار مما أثار موجة من النقد والتململ واجهه الحكم باغتيال الزعيم صالح بن يوسف ثم استغل محاولة الانقلاب لسنة 1962 ليمنع الأحزاب ويصادر الصحافة ويفرض نظام الحزب الواحد. وعلى الرغم من حسن النوايا وعظمة الطموح فقد كانت فترة الستينات مناسبة لمزيد تشديد القبضة الحديدية بدمج أجهزة الحزب الحاكم بأجهزة الدولة (مؤتمر بنزرت لعام 1964) وإلغاء كل دور مستقل لمنظمات المجتمع المدني من نقابات عمالية وطلابية ومنظمات أعراف وهيئات مهنية و ثقافية مختلفة فلم يكن الانخراط الطوعي للإنسان رهان المشروع وإنما كان الرهان على “إصلاح الهياكل” لانبعاث “إنسان جديد” ففشلت التجربة واستنفرت ضدها المعنيين من المنتجين صغارا وكبارا في الزراعة والتجارة على حد سواء وعمت النقمة والتذمر جميع الأوساط والجهات حتى انتفض أهل الساحل في مدينتي المكنين والوردنين وكانت نهاية التجربة نهاية مأسوية مدوية آلت برمزها وملهمها إلى قفص الاتهام و غياهب السجون تماما كما عومل خصومها من الطلاب والمثقفين والسياسيين. ولم يختلف الأمر في الحقبة الثالثة عن سابقتيها إذ اقترنت التحررية الاقتصادية بالانقلاب على رموز التحررية السياسية (مؤتمر المنستير الأول عام 1971 والثاني عام 1974) واستبعاد هم من مراكز القرار والتأثير فاستفحلت الأزمة خاصة بعد أن أصبح رئيس الجمهورية، صاحب الأمر والنهي، عاجزا عن إدارة شؤون الدولة إثر إصابته بداء “الهيجان والاكتئاب المزدوج” (syndrome maniaco-dépressif) واستفحلت صراعات الأجنحة داخل الحكم وانتفض الطلاب (5 فيفري 1972) والعمال (26 جانفي 1978) وضعفت الدولة وأضحت كالرجل المريض تثير الأطماع الخارجية ويتهددها التفكك وعدم الاستقرار (حادثة قفصة لعام 1980). ولم يكن التحرر السياسي الذي خبرته لمدة وجيزة حكومة السيد محمد مزالي ليعمر ويستقر بل سرعان ما عادت الاعتقالات والمحاكمات وتدجين النقابات وقمع القوى السياسية وإسكات الصحافة الحرة أسلوبا لمعالجة قضايا البلاد وأزماتها مما انتهى إلى حالة متقدمة من تعفن الأوضاع ومن تفكك الدولة باتت تهدد الاستقرار والسلم الأهلية ما أوجب إقالة رئيس الدولة في نوفمبر 1987 والإعلان عن عهد جديد شعاره إشراك المواطنين في تقرير شؤونهم. ولم تعمر التحررية السياسية التي فتح بها العهد الجديد حكمه هي الأخرى لأكثر من عامين، لتعود في أعقابها الاعتقالات الجماعية والمحاكمات الجائرة وممارسة التعذيب على نطاق واسع وغلق جميع فضاءات المشاركة أسلوبا للحكم وليعود الخوف والرعب يسكن قلوب المواطنين ويثبط عزائمهم. خمسون سنة من “التنمية المستبدة” تطرح السؤال: هل كان القمع ثمنا ضروريا لما تحقق من مكاسب؟ تمكن الاستبداد من النخب ليشلها ويقصيها ولكنه أتى على رموز الحكم أنفسهم فعرف أغلبهم نهاية مأساوية ( بن صالح، نويرة، مزالي وحتى بورقيبة نفسه..) والذي لم يكن مصيره السجن والمنفى (بلخوجة، قيقة الخ..) كان نصيبه الإبعاد والتهميش. هل كان كل ذلك ضروريا أو مفيدا؟ لا المقارنة مع الآخرين ولا التحديات نفسها التي لا تزال تواجهنا (التشغيل والرفع من مستوى الدخل) تحكم لصالح هذا النمط من التنمية. خمسون سنة من الاستقلال ومن العناء تثبت إذن لكل من أحب تونس وأبناءها بأن فرحة الحياة لن تسكن قلوبهم وأن دوام المناعة والاستقرار لن يكتب لبلدهم ما لم يقم الاستقلال على قدمه الثانية ويشرك المواطن طوعا وبملء حريته في حركية الإصلاح والتطوير التي يتوقف على استكمالها مستقبل الأجيال وسعادتها. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
أحمد فرحات حمّودي كعادتي كل صباح خلال أيام راحتي، اتجهت في اليوم المذكور صوب المقهى. الساعة التاسعة صباحا يعج المقهى برواده حتى أنك مطالب بالانتظار لتفوز بكرسي أو أن تكون متنفذا لدى صاحب المقهى، حينها لا تنتظر بل تجد الكرسي ينتظرك. هو هكذا بلدي، بلد المتنفذين. كانت صدمتي شديدة واستغرابي أشد حين دلفت إلى المقهى ووجدت جل الكراسي في انتظاري، تساءلت: هل فُتح باب ترشحات لمناظرة جديدة؟ واستدركت: الفصل ليس فصل مناظرات تهم المئات (قبل أسابيع أُعلن عن نتائج الكاباس)، هل أٌحدث مصنع جديد قادر على تشغيل المئات؟ ربما، هزتني فرحة وأنا أتصور المصنع الذي سيشغل المئات، المئات من الأجور، ستدور الحركة الاقتصادية في مدينتي بشكل كبير، ستٌفتح عديد المطاعم التي ستشغل عديد العاطلين، وستٌفتح عديد المتاجر التي بدورها ستٌشغل عديد العاطلين الآخرين و…وستنقرض البطالة في مدينتي، بل سنظطر إلى استيراد اليد العاملة من المناطق والمدن المجاورة. “ماذا أعطيك؟” سألني نادل المقهى الذي شارف عمره على الخمسين والذي عُرف بمرحه الدائم، والكآبة بادية على وجهه. “ألم تسمع؟” قلت في غفلة مني. “بلى” قالها واثقا “لقد داهموا المقهى ثلاث مرات”. سألت في قلق شديد “من؟”. أجاب “رجال الأمن”. وعدت أسأل “ولماذا؟” . حينها ابتسم ابتسامة عالم قرر أن يكشف أحد أسرار الكون وقال ” إذن أنت لم تعلم إنه “الرافل” يا صديقي، لقد قاموا بحملات عديدة، أخذوا أعدادا من الشباب والبقية مٌتحصنون في بيوتهم لا يخرجون”. حينها فقط استفقت من حلمي الجميل …. بلى الأمر لم يكن مصنعا جديدا. وحاولت أن أفهم. ي عنى بـ”الرافل” حملات التمشيط التي تقوم بها قوى الأمن بحثا عن الفارين من أداء واجب الخدمة العسكرية وكان آخر عهد لنا بالرافل يعود إلى منتصف تسعينات القرن الماضي. وبلغنا أنه تم اصدار قانون يمنع بموجبه الرافل في تلك الفترة نظرا لما يحدثه من فوضى ومظاهر غير حضارية من فرار وملاحقات في الشوارع والمحلات علاوة على ركود الحركة الاقتصادية. وقلنا أنه ربما وبما أننا تقدمنا أشواطا في المعلوماتية يمكن بسهولة حصر الذين هم مطالبون بتأدية هذا الواجب الوطني و استدعاؤهم وإذا امتنعوا تُستٌصدر في حقهم أحكام ويتم إيقافهم. وكان هذا معمولا به منذ منتصف تسعينات القرن الماضي فلماذا عاد الرافل؟ وهل هو قانوني؟ حاولنا استفسار القائمين على العملية من رجال الأمن فقالوا إنها “التعليمات”، فهل تٌلغي “التعليمات” القانون في بلد القانون والمؤسسات؟ ومن يٌصدر هذه التعليمات؟ نحن مع أداء واجب الخدمة العسكرية بل نحن مع اجباريتها على الجميع دون أدنى استثناء ولكننا نٌعارض بشدة الطريقة التي يتم بها ما عٌرف اصطلاحا “بالرافل” لأنها تتنافى مع أبسط حقوق الانسان من ملاحقات ومداهمات ورصّ للبشر في سيارات الأمن التي لم تٌعدّ أصلا لهذا الغرض. إن “رافلا” بهذا الشكل من شأنه أن يضرّ بصورة البلاد أمام السّياح الذين لاحظنا دهشتم واستغرابهم وهم يشاهدون احدى عمليات المداهمة لاحد المقاهي. والسّؤال المطروح أيضا ما القصد من هذا “الرافل”؟ هل هو ارهاب الشعب أم هو تعطيل الدورة الاقتصادية؟ أم هي رغبة حقيقية في أداء الخدمة العسكرية؟ وإذا كان الاحتمالان الأول والثاني يٌعتبران مٌجانبين للحقيقة، والغاية منهما تضليل الرأي العام من قبل فئة مناوئة أزعجتها المعجزة الاقتصادية التونسية، فإن الاحتمال الأخير يطرح تساؤلا آخر: كيف يكون ذلك رغبة حقيقية وواعية والحال أن ذلك سيُضخم دفوعات وزارة الدفاع في ظل سعينا المحموم للضغط على النفقات العامّة؟ هو فعلا بلد المعجزات، بلد العجائب والغرائب… بلدي. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
محاضرة حول الشباب وآفاق التشغيل
بدعوة من الشباب الديمقراطي التقدمي بمدينة قفصة ألقى الدكتور أحمد بوعزي عضو المكتب السياسي محاضرة حول “منظومة (إمد) وآفاق التشغيل” يوم الأحد 11 مارس الجاري بمقر الديمقراطي التقدمي بمدينة قفصة حضرها عدد كبير من شباب المدينة من طلبة وأُجراء ومعطلين. ووضّح في المحاضرة تفاصيل البرنامج الأوروبي المعروف باسم (مسار بولونيا) والمعروف بالفرنسية بمنظومة (LMD) وفسّر مزاياه إن طُبّق باحترام المقاييس الأوروبية. وبيّن ما لم تتبعه وزارة التعليم العالي في تطبيقه في تونس مما يهدد مستوى الشهادات. كما تحدّث عن آفاق التشغيل وبيّن أن التشغيل مرتبط أساسا بالسياسة الاقتصادية وبالتمويل المحلّي والخارجي اللذين يرتبطان بدورهما بسياسة الانفتاح وبالمناخ الديمقراطي. وأعطى المثال التالي: لو اتّبعت الحكومة سياسة التحرير في ميدان الإعلام بالترخيص للإذاعات والمحطّات التلفزية المحلية لاستطاعت استيعاب آلاف العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات الجامعية في ميدان الخدمات الإعلامية والإشهار والتقنيات الرقمية. ثم تطرّق إلى مناظرة الكاباس وذكّر بضرورة الشفافية والاستحقاقية التي تستوجب إعلام المتبارين بالأعداد التي حصلوا عليها وبرتبهم في المناظرة. وأضاف أن سياسة التعتيم التي تتبعها وزارة التربية تساعد على ترسيخ الاتهامات التي يُوجّها لها المتبارون في المناظرة لدى الرأي العام. وبعد المحاضرة دار نقاش ثري بين الحضور حول سياسة الحكومة في هذا الميدان وانتهت الجلسة بتوجيه بيان مساندة للجامعي رشيد الشملي الذي يخوض إضرابا عن الطعام منذ 1 مارس على إثر منعه من المشاركة في ندوة علمية مقررة بكلية الصيدلة بالمنستير وأكّد الحاضرون على ضرورة صون حق النشاط العلمي والحريات الأكاديمية من دون قيد أو شرط، بعيدا عن التصنيف السياسي والأمني. وندّدوا بهذه الممارسة اللاقانونية ودعوا إلى التدخل العاجل من أجل رفع هذه المظلمة في حقه. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
الحكومة و تجديد الخطاب الديني
مقدمات لا بد منها-I
لطفي حجي دفعت المواجهات المسلحة التي شهدتها البلاد في نهاية السنة الماضية و مطلع السنة الجارية التجمعيين إلى الإقرار بطريقة غير مباشرة بعجزهم عن تاطير الشباب و عن تجديد الخطاب الديني و ما يفسر ذلك هو كثرة الدعوات في هذين المسألتين خلال منابر الحوار التي أقامها الحزب الحاكم منذ وقوع الأحداث. و كان لافتا ضمن تلك المنابر الدعوى التي وجهها عضو الديوان السياسي عبد العزيز بن ضياء خلا منبر حوار نظمته لجنة تنسيق التجمع الدستوري الديمقراطي بالمرسى في الرابع من الشهر الجاري الذي شدد أمام الإطارات التجمعية على ضرورة الاهتمام بالشباب و بتطوير الخطاب الديني .و قد ركز في هذين المسألتين على مداخل أساسية من أهمها: 1 – جسامة المسؤولية الموكولة لكل من الأسرة والمدرسة ومكونات المجتمع المدني في الإحاطة بالشباب وتحصينه من خلال التربية والحوار والتوعية والتثقيف إزاء مخاطر التطرف والإرهاب اللذان أكد أنهما لا يمتان إلى الدين الحنيف بأية صلة . 2 – الدور الخطير الذي أصبحت تلعبه بعض القنوات التلفزية في التأثير على قناعات وأفكار وسلوكيات الشباب عبر ما تبثه من خطابات مغلوطة وأفكار هدامة. 3 – ضرورة تطوير الخطاب الديني وإثراء مضمونه من خلال مواصلة تأهيل رجال الدين والأئمة الخطباء حتى يكونوا ملمين بأنجع تقنيات الخطابة والتبليغ والإقناع موضحا أن أفضل طريقة لدحض الإشاعة والتصدي لها هو القدرة على إثبات عكسها. المسكوت عنه في الخطاب الرسمي و إذا أردنا تفكيك خطاب بن ضياء في منطوقه و في المسكوت عنه وجدناه مليئا بالدلالات لعل أهمها: إن الحكومة/الحزب عجزت عن حماية الشباب مما تسميه التطرف و الإرهاب. إن الحكومة / الحزب تفتقر إلى خطاب إعلامي ديني قادر على شد الشباب التونسي مما جعله يهجر إلى فضائيات دينية أخرى تختلط فيها القراءات للنص الديني. إن الحكومة/ الحزب عجزت عن تطوير الخطاب الديني خلال عشرين سنة من حكمها – إن أئمة الحكومة / الحزب غير ملمين بتقنيات الخطابة و الإقناع و هو ما دفع الشباب إلى هجرتهم و البحث عن أئمتهم الخاصين بهم خاصة و أن ثورة الفضائيات و الانترنيت تساعدهم على ذلك على الرغم من تفنن الحكومة في أساليب المراقبة و المنع و تعقب المبحرين على الشبكة و محاكمة عدد منهم. و كعادته منذ عشرين سنة يسكت الخطاب الرسمي عن الإفصاح عن من ستوكل له الدولة القيام بتلك الأدوار هل لها و حدها أم ستستعين في هذا المجال بخبراء يعتقد أن لهم من الكفاءة العلمية و النزاهة الأخلاقية ما يمكنهم من ذلك ؟ و في أي أفق نظري و سياسي ستقوم بالمهام الجديدة ؟ هل في نفس الأفق القديم مثلما يبدو من الخطاب الرسمي ؟ ليست هناك مؤشرات تبرز أن الحكومة على استعداد لتغيير خطابها الديني والاستماع إلى الأصوات المغايرة سواء كانوا من السياسيين أو من المفكرين المختصين و حتى بعض المفكرين ممن يتوفرون على زاد معرفي وعمق فكري سرعان ما تم توظيف بعضهم في الأسابيع الماضية في ندوات ظاهرها فكري و حقيقتها سياسيوية تعبوية تهدف الحكومة من ورائها إلى كسب الأشخاص و كأنها في حملة انتخابية، و تنسى أن الأمر يهم مستقبل مجتمع بأسره و مصير أجيال تحتاج إلى أرضية فكرية و ثقافية تمكنهم من آليات عقلانية في التعامل مع الواقع و مع النص الديني و مع الفكر الوافد. الحزب الحاكم و المعارك الدينية خاض الحزب الحاكم خلال العشرين سنة الماضية عدة معارك باسم الدين بدأت بالأساس منذ مواجهته مع حركة النهضة في تسعينات القرن الماضي حيث سعى إضافة إلى المواجهة الأمنية إلى إبراز انه متدين و محافظ على الدين أكثر من خصومه الإسلاميين و لم تقتصر معارك النظام الدينية على مواجهة خصم سياسي بل تجاوزتها إلى بعض الرموز الدينية من ذلك ما اصطلح على تسميته بمعركة الحجاب “الأزلية” و معركة المساجد و معركة مظاهر التدين عامة، و في كل تلك المعارك عجز النظام على إنتاج خطاب ديني مقنع يستمد قوة إقناعه من قراءة النص الديني ذاته بل حتى من استنجد بهم من شيوخ و أساتذة مختصين في الشريعة كان واضحا أن أداءهم اكتفى بشرح الخطاب السياسي الرسمي مع عجز بين عن توظيف النص الديني و إقناع الجمهور بالموقف الرسمي لذلك عادة ما يعوض الإقناع بالتدخل الأمني الزجري بما هو استعراض لقوة السلطة. و ما لا يريد أن يقره الحزب الحاكم و حكومته هو أن عجزهم عن كسب تلك المعارك التي خاضوها باسم الدين هو الذي قاد الشباب إلى تبني الفكر السلفي الغريب عن الثقافة الدينية التونسية، فكانت هجرة الشباب نحو هذا الفكر في احد أبعادها نقمة على السلطة التي أغلقت جميع منابر الحوار العمومية أمام مناقشة المسائل الدينية فلا التلفزة و لا منابر الشباب فتحت نقاشات في العمق حول تلك المسائل و لا هي استدركت و فتحت نقاشات مماثلة حول الظواهر الدينية الجديدة التي بدأت تستقطب الشباب مطلع الألفية الراهنة و بدأت تجلياتها تبرز في المظهر و في طريقة التفكير و تناول القضايا. رفضت السلطة كالعادة مناقشة تلك الظاهرة و كأن الأمر عندها لا يعني الشباب التونسي و كأن الدين في منظور القائمين على تلك البرامج لم يعد يعني الشباب الذي لا بد أن يهتم بمسائل أخرى قد تكون في عرفهم الرياضة و الموسيقى و الدراسة و غيرها من القضايا المشابهة في البرمجة الشبابية . و قد غفلوا واضعو تلك السياسات أن تغييب ذلك الجانب أو على الأقل تفسيره بالطريقة العقلانية التي يحتاجها الشباب هو الذي دفعهم إلى البحث عنه في منابر أخرى وجدوها في الفضائيات و بطبيعة الحال سيختلط في تلك الفضائيات الغث بالسمين و تتداخل فيها الهزائم السياسية المتتالية التي يشهدها العرب بالتفسير الديني الراديكالي و تجد هوى في صفوف الشباب الذي لم يجد التأطير الكافي في بلاده. الاستنتاج الذي لا بد منه إذا كان عدد من الشباب اختار ذلك المنحى السلفي، و إذا انتشرت في المجتمع تفسيرات دينية تقليدية لم تكن سائدة من قبل فان الحزب الحاكم المحتكر لكل جوانب الحياة الفكرية و السياسية بالبلاد هو من يلام و ليس الفضائيات، و تعمد الحزب الحاكم إلى لعن تلك الفضائيات هو هروب من تحمل المسؤولية الأساسية و محاولة منه لاتخاذ تلك الفضائيات شماعة يعلق عليها أخطاءه. و عليه فان الاستنتاج الذي نخلص اليه يقوم على العناصر التالية : ان الحزب الحاكم يحتاج لتشريح أزمة التصارع حول الدين التي يعيشها مجتمعنا إلى الاعتراف أولا بعجزه عن معالجة هذه الظاهرة من خلال أساليب العلاج الخاطئة التي اعتمدها و لم تدرك الفوارق بين ما هو امني و بين ما هو انساني متأصل في الذات البشرية من جهة، و بين الرؤية السياسية للحزب الحاكم و بين ما هو ملك لجميع التونسيين من جهة اخرى. ان المسالة بما هي ملك مشاع بين التونسيين لا تعالج ضمن منابر تجمعيه يطغى عليها دائما السعي لتوظيف الدين لإغراض سياسية و هي التهمة التي يوجهها التجمع لبعض خصومه السياسيين لكنه أول من يسقط فيها. إن التجمع يحتاج – مع انه لا يريد مثل ما أثبتت تجربة السنوات الماضية-إلى البحث عن التوازن المفقود في سياسته بين الأمني و السياسية و الديني لأنه عندما يتدخل البعدان لامني و السياسي في الحقل الديني و يصبحان هما الأساس يمكن للتجمعيين أن يتحدثوا حينها عما شاءوا إلا أن يتحدثوا عن خطاب ديني أو تطوير للخطاب الديني. و ذلك مجال تفسير آخر…
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
الولاء و المحسوبية ينخران مؤسساتنا التربوية
مصباح شنيب حسن التّسبير في المؤسسة التربويّة أمر حيوي به يرتقي أداؤها و عليه ينعقد بلوغ أهدافها. وبلادنا التي أنفقت بسخاء على التّعليم لم تجن من النّتائج ما يوازي التضحيات الجسام … بل إنّ المشهد التربوي – اليوم- يسوده الإضطراب و يغلب عليه التّخبّط في الخيارات و التذبذب في التوجهات ، ولا ريب أن انتهاء أمر التّعليم إلى ما هو عليه عائد إلى جملة من التمشيّات غير الموفّقة و التي يتعيّن مراجعتها قبل استفحال الدّاء و استعصاء العلاج .. إنّ الراصد للمسيرة التربويّة يلاحظ دونما عناء أن جوانب منها لا تٌباشر من أفق العلم و المعرفة وإنما ٌيلجأ فيها إلى أساليب تمتّ بسبب متين إلى الولاء و المحسوبية و غير ذلك من العلل التي سمّمت على الدوام حياتنا العامّة و وسمت بالنّقص مقاربتنا لظواهر تتّصل بمستقبلنا القريب والبعيد . و من مظاهر الوهن في المنظومة التربوية انعدام مؤسسة علميّة ٌتعنى بتخريج المديرين و تأهيلهم للنّهوض بمهامهم وفق تمشّ واضح و مسلك مرسوم ونجم عن ذلك لجوء الإدارة إلى طرق في الإنتداب أقرب إلى العشوائية منها إلى المنهج الموضوعي الدقيق ، إذ غالبا ما يتمّ هذا الإختيار على أسس غير تربويّة ويستند الى اعتبارات تتوافق ومنطق الإحتكار السياسي الذي بات سلّما فريدا للإرتقاء المهني ، إذ من غير المٌتخيّل أصلا أن يوكّل أمر إدارة إعدادية أو ثانويّة الى مدير غير تجمّعي أو مربّ عٌرف لدى الدوائر الأمنية بتبنّيه لآراء تخالف تلك التي يراها حزب السلطة. و يعرف القاصي و الدّاني أن ذلك الإختبار الذي يخضع له المترشّح لخطة مدير أو ناظر من قبل مسؤولي الإدارة الجهوية للتعليم إنما هو تغطية مضحكة على العنصرين الأساسيين في الإنتداب وهما الولاء السياسي و نصاعة الصورة لدى المؤسسة الأمنية، التي تعتبر بدورها الخروج عن توجهات الحزب الحاكم تطرّفا و خطرا يتعيّن استبعادهما .. و قاد هذا المسلك في الإختيار إلى مشاكل عديدة و ترتّب عنه خلل في التسيير مأتاه عدم كفاءة المديرين و كثيرا ما وجدت الوزارة نفسها مضطرة إلى إقصاء بعضهم و التّضحية بولائهم لاستحالة الإستمرار في مهامّهم دون أنّ يقودها ذلك إلى مراجعة طريقتها في الإنتداب . وأتى هذا الخيار الى المعاهد بمديرين لم يكونوا من المشهود لهم بالكفاءة و التميّز في اختصاصهم فضلا عن أن بعضا منهم يعاني أصلا من أزمة علائقيّة في صلته بزملائه و لا يملك الحد الأدنى من فن القيادة و موهبة التسيير . و كثيرا ما شهدت المؤسسات التربوية – جراء ضعف التسيير- تجاذبات حادّة بين نقابات التعليم و رؤساء الإدارة وسجّلت بعض الإضرابات الإحتجاجية على خلفية تعنّت المديرين و عدم إلمامهم بالقوانين المنظّمة للمهنة . و منهم من توهّم أنّ النفوذ المخوّل له يسمح له بتجاوز كل الحدود و الدوس على القوانين فيتصرّف في المؤسسة العمومية كما لو كان في مزرعته الشّخصية و قد بلغ التّهور بواحد منهم أن أقسم على الأستاذات و الأساتذة بالحرام ثلاثا بأنه سيلحق بهم كل شرور الدنيا لو عثر يوما على قشرة ” تباع الشمس ” في قاعة من قاعات الدرس يرمي بها تلميذ في غفلة من الأستاذ . و آخر اعشوشب خياله فحرر تكليفا مديريا كلف بمقتضاه عاملا بأن يتجسّس على الأساتذة ووعده خيرا بتحسين وضعه المادي و لم ينس ختم هذا التكليف بخاتم المؤسسة و تزيينه بتوقيعه … و الى غير ذلك من التّصرفات التي لا طائل منها إلاّ إشباع الرغبة في ممارسة نفوذ مغلوط لا يؤسّس لأي قيمة تربويّة و إنّما يباعد بين أفراد العائلة الواحدة في المؤسسة .. إنّ التّصرّف في شأن مديري المعاهد تعيينا و إقالة كثيرا ما ترتّبت عنه مشاكل إنسانية حقيقية فبعضهم ممّن يستغني عن خدماته يجد نفسه بصورة مفاجئة مجرّدا من كل الألقاب و عاريا من كل النّفوذ و يعود الى محفظته – رغم إرادته – منكسر النفس مهيض النجاح و قد ٌأصيب البعض جرّاء ذلك بلوثة نفسيه و آل أمر الآخرين الى الإنطواء و هجر المجالس و هان حالهم على الأمراض فوجدت إلى أجسادهم و نفوسهم سبيلا … و هذا وضع لا يسر أحدا و لا يتقدّم بالتربية خطوة الى الأمام و الوزارة مدعوة الى تداركه إذا كانت معنية بتنمية المواد البشرية و يكون ذلك في رأينا بـ: تحييد المهام التربوية بما هي شأن استراتيجي عام عن التوجهات السياسية الضيقة و إلغاء الإعتبارات الولائية و الأمنية في اختيار المسؤولين و الإقتصار على توافر عنصري الكفاءة و القدرة على التسيير . سن قانون يكفل تنظيم الخطط الإدارية و هيكلتها و فق تصوّر تربوي واضح يقطع مع ما استقرّ من سلوكيات إدارية تُسند الوظائف بموجبها للأقربين و المتزلفين .. مأسسة العمل الإداري حتى نوفّر للمؤسسات التربوية إطارا كفءا له تكوين إداري وبيداغوجي و يكون ذلك بالإسراع بفتح مناظرات تكون مدخلا لتلقي هذا التكوين الضروري والمفقود اليوم فقدانا شبه تام .. ضرورة أن يراعى في تكوين المديرين تدريبهم على آليات التّسيير و فن القيادة و سبل التعامل مع الأطفال و المراهقين لأنّ إدارة معهد تتلاقى فيه فئات مختلفة من تلامذة و اساتذة و قيمين وإداريين و عملة … الخ تتطلّب الإلمام بأكثر من علم . معالجة ظاهرة ” الدروس الخصوصية ” التي تختطف أفضل الأساتذة و تجعلهم يزهدون في الإدارة و يفضلون جمع المال على حساب خدمة المجموعة الوطنيّة التي أنفقت بسخاء على تكوينهم و إعدادهم للحياة المهنية .. إن اتخاد خطوات من هذا القبيل هي أكثر من متأكدة إذا أردنا أن نوفّر للمؤسسة التربوية الشروط الموضوعية التي تؤمن لها العمل في أجواء سليمة و طبيعية. أمّا الإصرار على إبقائها على حالها الراهن فلن يفضي إلاّ الى مزيد من الفوضى و التفسخ و الإنحلال . و لقد سبقتنا إلى حسن الإدارة و إحكام التنظيم دول هي الآن في أوج رقيّها المادّي و المعرفي والإستئناس بتجاربها ممكن ، و لكن ذلك لن يجدي نفعا إذا ظللنا مصرّين على قواعد في الإنتداب و سبل في المكافأة نباشرها بروح متكلّسة و ذهنية مستبّدة .. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
صورة وخبر: فلتان مروري – الشرطة لا توقف جنون السيارات المارقة
أحمد بوعزي إذا كانت بغداد تشتكي من الفلتان الأمني الذي يحصد أرواح المواطنين يوميا فإن تونس العاصمة تشتكي من الفلتان المروري الذي يحصد بدوره أرواحا ولكن من حسن حظنا أقل. المتسببون في هذا الفلتان المروري هم سواق مارقون، هناك منهم من يقود سيارته على اليسار ويغلق مسار المرور لمدة طويلة، وإذا “زدت معه” في الحديث شتمك. وهناك من لا يحترم الأضواء ويمر أمام شرطة المرور وكأن الأضواء جعلت لغير السواق. وهناك من يصعد بسيارته رباعية الدفع على الرصيف من اليمين ولما يصل إلى التقاطع يرجع إلى المعبّد ويدور إلى الشمال. وهناك من يبدل رقم سيارته لأن اللغة العربية أحقر من أن “تنجّسها” ويضع لوحة لا يمكن لأي منا أن يتعرف عليها بسهولة بل ويتعمّد إضافة حرف بلاد أجنبية ليزيد في التمويه. ولست أدري كيف يجد هؤلاء السواق حِرَفيين يصنعون لهم مثل هذه الأرقام غير القانونية، وهم يمرّون يوميا أمام أعوان المرور المتواجدين في العاصمة. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
الشرطة لا توقف جنون السيارات المارقة
أحمد بوعزي في يوم الأحد 4 مارس على الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال كادت إحدى السيارات المارقة تصدم سيارتي عندما قرر سائقها أن “يحرق” الضوء الأحمر ويقطع عليّ الطريق بكل وقاحة بينما كنت أتقدم بسيارتي في الضوء الأخضر. ضغطت على المكبح لأتفاداه وعلى منبّه السيارة لمدة طويلة للتعبير عن غضبي وللفْت انتباه عوني مرور كانا غير بعيدين عن التقاطع في الطريق الذي ذهبت إليه السيارة المارقة. حاولت أن أقرأ لوحة السيارة لكن الرقم كان غير قانوني يشمل عديد الأرقام ولا يشتمل على حروف. الأمر الوحيد الذي بقي في ذهني هو نوع السيارة، فقد كانت سوداء تشبه السيارات التي نراها في الأفلام … باختصار كانت لا تحترم شيئا ممّا يفرضه القانون على الذين يستعملون سياراتهم في الطريق العام في تونس سواء في شفافية البلور أو في كتابة اللوحة المنجمية أو في احترام الأضواء… أوقفت سيارتي لأشاهد ماذا سيفعل أعوان شرطة المرور لأنهم شاهدوا العملية بأسرها، ولأن السائق المارق كان مارّا أمامهم بكل هدوء… لم يفعلوا شيئا. سرت قليلا بسيارتي ولكني شعرت بالغثيان والقهر والتحدّي فرجعت إلى التقاطع لأسأل الشرطة عن سبب عدم تدخلهم لردع هذا التصرف الأرعن الذي يبعث على التشنج والكراهية بين الناس، وعن السبب الذي جعلهم لا يقومون بأي حركة من أجل أن يُحترم القانون. وجدت شرطيا واحدا في المكان فحييته وسألته عن السبب الذي جعله لا يوقف ذلك السائق الذي لم يكن يحترم أدنى فصل من فصول قانون الطرقات في البلاد. بعد أن سألني عن هويتي ومهنتي أجابني بكل احترام وتربية بأن هناك في تونس من هم أعلى من القانون، ولما أبديت التعجب من كلامه قال لي بأن السائق هو “فلان الفلاني” (لطمأنة القارئ ليس عضوا في الحكومة) وأنه لا يحترم أدنى القوانين، وأنه لو أراد أي شرطي إيقاف سيارته لتفاداه وواصل سيره بازدراء واحتقار وأنه – أي الشرطي – لا يريد أن “يتبهذل”. شكرته على صراحته وواصلت سيري بعد أن عرفت لماذا نعيش فلتانا مروريا، ولكني بقيت أفكر فيما كنت سأفعله لو كان عمري دون الثلاثين. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 397 بتاريخ 16 مارس 2007)
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا
تونس في: 19/03/2007
الرسالة 212
على موقع الأنترنت تونس نيوز
الحلقة الثالثة
مزايا ونعم الاستقلال برزت في الذكرى الخمسين للإستقلال الوطني 20 مارس 1956
واليوم تمر 51 سنة على يوم عيد الاستقلال المجيد
إن للتاريخ مزايا جمة وللزعماء العظام دور هام في تأليف القلوب وجمع الصفوف وان في الشعوب الواعية والناضجة عبروا دروس للأجيال الناشئة وان استقلال الأوطان وتحرير الشعوب من الاستعمار يبقى العلامة البارزة والمنارة المشرقة على مر العصور إذا عرفت الشعوب كيف تحافظ عليه وتدعمه وتصونه من النكسات والخلافات والأنانية المفرطة. وان شعبنا الأبي التونسي الذي خاض المعارك الطويلة ضد الاستعمار الفرنسي المحتل بقيادة أعرق حزب وبزعامة رجل فذ نذر حياته وسخر مواهبه وطاقته لخدمة قضايا شعبه الأبي والوفي وتجاوب الشعب مع القائد الفذ الزعيم الحبيب بورقيبة وصنعه الملحمة الوطنية الرائعية وقد اطنبت في شرح الملحمة التاريخية التي دامت حوالي 22 سنة من 1934 تاريخ انعقاد مؤتمر 2 مارس 1934 لمدينة قصر هلال إلى يوم 20 مارس 1956 20 سنة و18 يوم بيوم. وتوجت الملحمة بالنصر والاستقلال التام بفضل الله تعالى الذي وهب لهذا الشعب العربي المسلم قيادة حكيمة متبصرة وصادقة ونظيفة نذرت حياتنا لتونس والوطن فوق كل اعتبار. وكان الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة يردد الشعار عش لغيرك وكان شعار القائد الأوحد المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة الوطن فوق كل اعتبار مهما كانت التضحيات الجسام والكر والفر والسجون والمنافي والإبعاد والأحكام القاصية بالإعدام والموت والاستشهاد وكل ذلك حصل فعلا وبالتأكيد في الطليعة وفي الصفوف الأمامية المجاهد الأكبر وفي كل محنة هو الأول الذي يدخل ويساق إلى السجن هو الأول وتلك هي عبقرية القادة وحكمة الزعامة ونظرة الزعيم للوصول إلى النصر المبين وملحة تونس تبقى شاهدة على العصر مدى الدهر في أروع صورة وأحسن حلة رغم دعاية المغرضين واساءتهم المستمرة وكما أسلفت في المقالات السابقة الإثنا عشر خلال شهر مارس 2006 على موقع الإنترنت تونس نيوز من 2 مارس 2006 المقال الأول حول ذكرى إنبعاث الحزب الدستوري الجديد على يد الزعيم الحبيب بورقيبة ورفاقه الأربعة الماطري وصفر وقيقة ومحمد بورقيبة والمقالات المتوالية 5-7-8-9-10-18-19-22-23-27-28 مارس 2006 حول عيد الاستقلال وكل التعاليق والردود والتوضيحات التي أطنبت في شرحها للتاريخ يسعدني وأنا أودع شهر مارس 2007 للمساحة الفاعلة على الإنترنت بـ 213 مقالا بصفة تطوعية ربما غيري من وجوه اليوم ومن اليسار يتسابقون على تلميع الصورة والمشاركة في الحوار والبعث التلفزي والكتابة في الصحف من أجل حفنة من المال والسفر إلى الخارج في الطائرات والنزول في أضخم النزل ذات النجوم الخمس والأكل في أضخم المطاعم وربما شراء الهدايا عند العودة إلى أرض الوطن وكل شيء مجانا مع الربح أما صاحبكم الذي تأثر بحياة بورقيبة وعشقه عشقا عظيما وحبا جما كبيرا لا مثيل له حتى خصص جزء من دقته وحياته لذكر خصاله وتضحياته فهو يفوق حوالي 55 دينارا من خبزة أولاده ومعاشه من أجل الكلمة الحرة والمشاركة في التعبير الصادق وإبراز الحقائق وشتان بين البورقيبي الأصيل وبين سماسرة السياسة وعبدة الدينار أو المولعين بالقذف والشتم وهم أما من السيار المتطرف أو اليمين المتطرف أو ابعث المعادي الاعتدال سواء من هنا وهناك ويبقى المناضل الوطني شامخا مرفوع الرأس لا يخشى لومة لائم. كلمة تنويه وتقدير للتاريخ إن إحياء خمسينية الإستقلال 20 مارس 2006 رغم التعتيم الإعلامي وعدم فسح المجال بصورة جلية كما أسلفت في المقالات السابقة وخاصة في مقال يوم 19 مارس 2006 فإن الرئيس بن علي سجل 3 نقاط هامة وتاريخة واذكرها بكل أمانة وصدق ووفاء وإعجاب حتى أكون أمينا وصادقا في حمل الأمانة التاريخي بصدق ووفاء لكل عمل هام يهم تاريخنا الوطني المعاصر
1. تحول يوم الاحد 19/03/2006 الى المنستير وزيارة ضريح المرحوم الزعيم الحبيب بورقيبة وتلاء فاتحة الكتاب على روحه الطاهرة الزكية وتأمل وتدبر وفكر وتأثر وهو أمام الضريح وتذكر قوة شخصية صاحب الضريح وقوة حجته وشهامة وصبره وتذكر جولاته وصولاته وخطبه ووضعها في النفوس قال الله تعالى: “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام“ صدق الله العظيم.
2. أشرف الرئيس على احتفالات عيد الاستقلال بعد مرر 50 سنة كاملة 18552 يوما بيوم كلها انتصارات واعتقد ان عدد الانجازات والمكاسب فاقت 18555 عنوان بفضل الاستقلال وقد استعرض الرئيس بن علي انجازات الماضي والحاضر ونوه بنضال الزعيم المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة بالفم المليان وهذا من أخلاق الأوفياء قال الله تعالى: “وأما بنعمت ربك فحدث“ صدق الله العظيم.
3. بادر الرئيس بن علي في إطار الإحتفالات بخمسينية الاستقلال دعوة المسؤولين الحاليين والقدامى من أعضاء الحكومة والحزب في عهد حكومة الاستقلال بزعامة ورئاسة المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله باعتبار الاستقلال أمانة شارك في تجسيمها فريقا كاملا من المناضلين القدامى وجاء تكريم الرئيس في الوقت المناسب تدل على الأصالة والإعتراف بالجميل لكل من ضحى من أجل الإستقلال من المناضلين والمقاومين والمسؤولين في مختلف المستويات القاعدية المحلية والجهوية والوطنية وما حضور السادة محمد الصياح ومحمد الناصر ومحمد كريم ومحمد غنيمة وادريس قيقة ومحمد فرج الشاذلي وعبد المجيد شاكر ومحمد شاكر والباجي قائد سبسي ومحمد بن عمارة ومصطفى الفيلالي وغيرهم إلا تأكيدا على تواصل النضال ودعم ملحمة الإستقلال الوطني وترابط الأجيال.
وهذه النقاط الثلاثة تحسب في ميزان الرئيس زين العابدين بن علي وقد ناديت منذ 09 أعوام مضت بدعم وطنيا للمناضلين و بحرص من الرئيس بن علي إلا أن في مستويات أخرى ما زالت دون النطلوب سواء على الصعيد المركزي ما زالت تتغلب الحسابات الشخصية في درجة الخوف وقد أشرت في مقالي يوم 19/03/2006 أن هناك مسؤولين في درجة عليا تجاهلوا الزعيم الراحل بما فيهم الأستاذ عبد الرحيم الزواري وزير النقل كان لبورقيبة الفضل في تعيينه واليا وهو شاب صغير بقابس ونابل وغيره كثيرا وقد تنكروا للزعيم الراحل قال الله تعالى: “
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا“ صدق الله العظيم.
وفي مجال آخر أشكر من الأعماق جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم بورقيبة بباريس على دعوتها الكريمة لحضور الإحتفالات والحوارات التي ستقام على هامش الذكرى الخمسين للإستقلال بباريس وحلفات الحوار لإبراز مكاسب الإستقلال الوطني وشكر الكل الذين ساعدوا الجمعية على دعم نشاطها وخاصة بلدية باريس وعلى رأسها السيد ديلانوي رئيس بلدية باريس الكبرى والشخصيات الفردية الوفية والمعجبة بالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله. وان يوم 30 مارس 2006 هو يوم بارز في باريس فشكر الكل الذين تطوعو لإبراز هذه الذكرى الخالدة المجيدة والله مع العاملين ذكرت كل هذه المقالات العام المنصرم 2006 من باب الوفاء وفي هذا المقال اقترح مستقبلا مزيد الإقتداء بأعمال ومبادرات الرئيس بن علي في خصوص تكريم المناضلين والمسؤولين القدامى وأن تكون حفلات التكريم سنوية وبصفة رسمية وأقول هذا بفخر المناضل الدستوري بعيدا عن براهين للربح المادي والبروز أو نكران من صنف آخر اتخذ من الشتم والهجوم مبدأ وطريقا بينما الحقيقة هي الإعتدال والرصانة وقول الحق دون مدحا مفرطاو و نفاقا أو شتما وإتهامات لمبرر وغير مبرر ومدرسة النفاق والرياء والربح المادي وقلت سابقا الإنسان يقلب الفيستة مرتين في اليوم ولله الهادي إلى سواء السبيل. وأجدد ما قلته في مقالا في السنة الماضية بمناسبة خمسينية الإستقلال الوطني إن إحياء الذكرى المجيدة هي أمانة أخلاقية ورسالة متجددة وعمل وطني دائم وبنفس طويل المدى وبحماس وجرأة وشجاعة ويجب أن تكون على المستوى الوطني وعلى الصعيدين الجهوي والمحلي وأن يحضى كل المناضلين الأحرار بالتكريم والعناية والإهتمام والرعاية ومزيد فتح الإعلام أمام الجميع لأن الإعلام ملك الشعب ومنبر هام ينبغي أن يشارك فيه كل أفراد الشعب بكل شرائحه وطاقاته ومواهبه وخاصة أصحاب الأقلام والمواهب والشجاعة والجرأة وليس حكرا على أشخاص أو مجموعة دون أخرى ولا بد من التذكير بها عسى أن يفهم سادتنا في الإذاعة والتلفزة في الإعلام المرئيس بالخصوص هذا الدور والحق للجميع وأن يعطوا الفرصة لغيرهم بصفة حضارية بأسلوب راقي وحضاري وأن تبادر إدارة التلفزة بفتح مجالات الحوار على غرار تطور الإعلام في الغرب وفي قناة الجزيرة وفي عدة قنوات أصبح الحوار شاملا وحرا وعادلا ومفتوحا للجميع وما إقرار حصة ساعة كاملة أسبوعيا كل يوم خميس في قناة الجزيرة للإعلامي القدير الكبير محمد حسنين هيكل إلا تأكيدا على حرية الإعلام العربي لذكر مناقب الزعماء والعملاقة الكبار في حجم عبد الناصر وبورقيبة رحمهما الله قال الله تعالى: “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان“ صدق الله العظيم.
فهل لمصر رجل مخلص مثل هيكل و تونس أعتقد أن لها رجال مثل المصمودي و الصياح و قايد السبسي و المستيري و الفيلالي لهم دورهم و شهاداتهم التاريخية و قد قالوا كلمتهم في قناة العربية. قال الله تعالى إن ينصركم الله فلا غالب لكم صدق الله العظيم.
محمد العروسي الهاني
جائزة سيادة رئيس الجمهورية للشباب “جائزة علي البلهوان” بعنوان سنة 2006
في ما يلي قائمة الفائزين بجائزة سيادة رئيس الجمهورية للشباب “جائزة علي البلهوان” بعنوان سنة 2006 ” : – ” جائزة افضل عمل تطوعي وتضامني وقيمتها 4 الاف دينار : اسندت مناصفة بين المكتب الجهوى للعمل التطوعي ببن عروس لتنظيمه حضيرة عمل دولية ساهمت في صيانة وتنظيف دار الشباب المغاربية برادس الى جانب تهيئة منتزه ترفيهي للعائلات بالغابة المحاذية لها والقيام بحملة تحسيسية للسلامة المرورية ببطاح رادس وتنشيط شاطى الزهراء والمكتب الجهوى للعمل التطوعي بسوسة لتنظيمه الملتقى الدولي للعمل التطوعي وابتكاره انشطة تعتمد وسائل الاتصال الحديثة للمساهمة في نشر الثقافة الرقمية واعداده قرص ليزرى حول مقاومة التلوث الناجم عن النفايات. – جائزة افضل انتاج ثقافي وقيمتها 3 الاف دينار اسندت مناصفة بين دار الشباب باريانة لانجازها اوبيرات مسرحية تدعو الى التمسك بالهوية التونسية والحفاظ على التراث والطالبة سلمى اليانقي (كلية الحقوق بصفاقس) لانتاجها رواية بعنوان “سراب وضباب” مستوحاة من الواقع التونسي وتطرح عديد المسائل الجوهرية الداعية لنبذ العنف والتطرف وتعزيز دور المراة في بناء المجتمع. – جائزة افضل عمل تقني وقيمتها 3 الاف دينار اسندت الى الشاب سليم طبقة (من جمعية الشبان والعلم بالمنستير) لابتكاره كاتب الي ذاتي مبرمج يستعمل في تدريب التلاميذ على برمجة الدارات الذكية وذلك مناصفة مع الطالب شكرى الحرباوى من المعهد الاعلى لاصول الدين لانجازه برمجية لعبة ترفيهية رغم عدم تخصصه الدراسي. – جائزة افضل بحث علمي وقيمتها 3 الاف دينار اسندت الى اللجنة البيداغوجية الفرعية بحمام الاغزاز بنابل لاصدارها نشرية علمية بعنوان ” السبيل العلمي ” تعني بكيفية استثمار البحوث العلمية في التنشيط التربوى وتعمقها في مجال الابتكارات العلمية الموجهة للشباب. – جائزة افضل اختراع شبابي وقيمتها 3 الاف دينار اسندت الى الشاب رشاد المصمودى من دار الشباب السلطنية بصفاقس عن اختراعه للفوانيس المقتصدة المبرمجة للتحكم في انارة الشوارع والانهج وهو توجه يندرج في السياسة العامة للدولة. – جائزة ابرز دراسة تربوية وقيمتها الفي دينار اسندت الى دار الشباب ببئر الحفي بولاية سيدى بوزيد لانجازها ملف تحليلي يتضمن مقاربة بين الالعاب الحديثة المستوردة وتاثيرها السلبي على الاطفال والالعاب الشعبية ذات فوائد وقيمة تربوية. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
الديون البنكيّة المشكوك في استرجاعها في تونس حسب أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي:
المزيــــــــد من العمـــــــــل
تونس-الصباح: يصرّ خبراء صندوق النقد الدولي الذي يهتمّ بالإصلاحات الإقتصادية في الدول على دقّ ناقوس الخطر بالنسبة للديون المشكوك في استرجاعها لدى الجهاز البنكي في تونس في كل تقرير يعدّه حول الإقتصاد التونسي منها تقريره الأخير والذي عنونه في نسخته الاولى بالإنقليزيّة «تحيين تقييم مدى استقرار النظام المالي في تونس»، كما تناول أيضا المؤسّسات الأخرى المساهمة في تمويل الإقتصاد التونسي وهي السّوق الماليّة من سوق أسهم وسندات وشركات التّأمين والشّركات ذات رأسمال تنمية «سيكار»…من خلال الإطلاع على أدائها في العام الماضي. البنوك ومعضلة ديونها المصنّفة حسب درجات خطورتها(أربع درجات مخاطر عدم التسديد في الآجال المتّفق عليها)، احتكرت اهتمام خبراء صندوق النّقد الدولي والذي يتبيّن من خلال المساحة التي استأثر بها هذا القطاع في التقرير ليعتبرون انّ «الإجراءات التي تمّ اتّخاذها مؤخّرا لدعم نجاعة تسيير مخاطر القروض البنكيّة وتحسين المجال التشريعي وتقوية شفافيّة الموازنات الماليّة بالإضافة الى وضع هدف تغطية 70 بالمائة من الديون السيّئة، تعدّ خطوات هامّة تؤكّد التّوجّه الصحيح لكن في المقابل يجب ضبط استراتيجيّة أكثر تركيزا للتّقليص من مستوى الدّيون المشكوك في استرجاعها». وتقدّر هذه الدّيون التي توصف بـ«السّيئة» نحو 21 بالمائة من إجمالي القروض التي باعتها البنوك في تونس الى حرفائها من المؤسّسات. ويعتبر بعض الملاحظين الماليين هذا المستوى العالي من الديون، وبالرّغم من منحاه التقهقري في السّنوات الأخيرة، ضريبة السياسة التّنمويّة المكثّفة التي انتهجتها تونس منذ سبعينات القرن الماضي والتي كانت السّبب الرئيس، في البداية على الأقلّ، في إفراز مثل هذه الدّيون قبل أن تتطوّر الأمور لاحقا الى «سوء تسيير» عند دراسة مطالب القروض. وقد تناهز هذه الديون قيمة الـ5 مليارات دينار وهو ما يعادل 13 بالمائة تقريبا من ناتج تونس المحلّي الذي يحوم حول 37 مليار دينار. وتشير أحدث الأرقام أن متوسّط تغطية هذه الدّيون عبر المرصودات يناهز 45 بالمائة حاليا مقابل هدف بـ70 بالمائة بنهاية2009 .. كما يحثّ البنك المركزي التونسي بنوك السّاحة على التقليص في معدّل الديون الخطيرة الى 10 بالمائة بحلول التّاريخ المذكور. وقد لجأت بنوك في تونس إلى الإمتناع عن توزيع حصص الأرباح السّنوية لتدعّم هذه المرابيح المرصودات التي تكوّن لتغطية هذه الدّيون. إلا انّ خبراء صندوق النّقد الدولي يشكّون في امكانية تحقيق هذا الهدف بحلول2009 بالنسبة للبنوك العموميّة في صورة عدم تدخّل الحكومة لدعم أموال هذه البنوك الذاتيّة. مع التوصية في ذات الوقت باهمّية شطب جزء من الديون بالنسبة للقطاع بشقّيه العام والخاص بالتوازي مع مجهودات تغطية الدّيون. ويلاحظ أنّ منحى تراجع هذه الدّيون تأكّد منذ 2005 بنزولها الى 20.9 بالمائة من إجمالي القروض بعد التّأرجح بين 19 بالمائة و24 بالمائة في الفترة 2001 و2003 والتي شهد فيها الاقتصاد التونسي المستوى الأدنى لنموّه (1.7 بالمائة عام 2002 بسبب ظروف خارجيّة ومناخيّة)، حسب محرّرو التقرير. وحسب الوثيقة الصادرة عن صندوق النّقد الدولي فقد ساهم القطاع السّياحي بـ25 بالمائة في منحى ارتفاع الديون الخطيرة في الفترة 2003-2001 بالإضافة الى الحصّة المتصاعدة لقطاعي الصّناعة والخدمات في محفظة الديون المشكوك في استرجاعها، علما وأنّ قطاع الصّناعة يستأثر ب35 بالمائة من مجموع هذه الدّيون. وينتظر ان يساهم قرار المشرّع التونسي منذ سنة 2005 بإعفاء البنوك من احتساب المرصودات ضمن الأرباح الخاضعة للأداء، أن يساهم في التّخفيض وبصفة جذرية من عبء هذه الديون التي تبقى نقطة الإقتصاد التونسي السّوداء حسب بعض الملاحظين الإقتصاديين. ويرى فريق صندوق النّقد الدّولي المكلّف بمّهمّة تقييم الجهاز المالي ضمن برنامج تقييم القطاع المالي (FSAP) أنّ «البنوك غير القادرة على هذه الأهداف مطالبة بالقيام بعمليّة إعادة رأسملة». ويعتبرون في هذا الصّدد أهمّية دعم تسيير البنوك العموميّة الثلاثة وهي بنك الإسكان والبنك الوطني الفلاحي والشّركة التونسيّة للبنك، علما وأنّ هذا الأخير يتكبّد العبء الأكبر من هذه الدّيون منذ اندماجه مع بنكي تنمية عام2000 .. ومن ضمن البنوك 13 التي تكوّن النسيج البنكي في تونس، وبدون اعتبار بنوك التنمية التي بدأت تتحوّل الى بنوك شاملة من2005 ، يوجد في تونس 10 بنوك خاصّة وثلاثة بنوك ذات أغلبيّة في المساهمة العموميّة برؤوس أموالها. ويمثّل مجموع أصول هذه الأخيرة نحو 45 بالمائة من إجمالي أصول البنوك بالساّحة التونسيّة. وحسب التقرير فإنّ متوسط مؤشّر الديون المشكوك في استرجاعها يتواجد بصفة أكبر لدى البنوك العموميّة (22.1 بالمائة) من البنوك الخاصّة (20 بالمائة). إلا ان هذه البيانات لاتمنع وجود تفاوت كبير بين البنوك في حدّ ذاتها لتتراوح بين 7 بالمائة وبين 24 بالمائة في القطاع الخاص وبين 10 بالمائة و32 بالمائة بالقطاع العام للبنوك. على مستوى الإصلاحات، يوصي أيضا خبراء هذه الهيئة الدّوليّة بأهمّية اللّجوء الى خبراء مختصّين في الديون وإعادة إصلاح المؤسّسات بالإضافة الى عدم الإعتماد كلّيا على الضّمانات العقارية عند إسدائها القروض مع ضرورة ان تكون ناجعة اكثر على مستوى آجال الإجراءات الخاصّة بالتسجيلات العقّاريّة. جغرافيّا، تأتي تونس ضمن الدول العربيّة الأولى التي تتكبّد بنوكها أعلى نسبة من هذه الديون مع مصر والجزائر وسوريا وتتقدّمهم اليمن فيما تأتي كل من لبنان والأردن في درجة أقلّ حدّة من هذه الدّول وتتمـتّع باقي الدول العربيّة وهي الدّول النّفطيّة بالنّسبة الدّنيا لهذا الصّنف من القروض. ويناهز معدّل هذه الدّيون بالدّول الصاعدة 8 بالمائة، حسب محلّل مالي. انطلاقا من هذه القراءة السريعة للتقرير يمكن القول ان هناك المزيد من العمل لتحقيق الأهداف الى نهاية 2009. عائشة بن محمود (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
الشبــاب… الشبــاب
توقف خطاب رئيس الدولة زين العابدين بن علي أمس بمناسبة إحياء ذكرى الاستقلال عن فرنسا والاحتفالات بعيد الشباب عند عدد من الملفات السياسية والتنموية.. منها بالخصوص ملف الشباب.. لان تونس رغم عمق التغييرات الديمغرافية التي تشهدها منذ سنوات لا تزال بلدا يتميز بكون الشباب يشكلون الغالبية الساحقة فيه.. ومهما تراجعت نسب الاطفال والشباب بسبب تأخر معدلات سن الزواج وتراجع معدل الولادات فالهيكلة الديمغرافية العامة لا تزال هي نفسها تقريبا.. وقد توقف خطاب الرئيس بن علي بالخصوص عند التحدي الكبير الذي يواجه الجميع اليوم وهو «تحصين شخصية ناشئتنا ضد مخاطر الاستيلاب والتغريب، (.. .) وفي ذات الوقت «الحرص» على تأمينها ضد تيارات التطرف والتعصب والارهاب». وكان خطاب رئيس الدولة مناسبة «للتذكير بأن محور هذه السياسات (الشبابية) لدينا هو بناء الشخصية المتوازنة المعتدلة والمتفتحة، الشخصية المتمسكة بالهوية الوطنية، الراسخة في الولاء لتونس، والقادرة على المنافسة والمغالبة في جميع المجالات». وحتى تنجح سياسة الرهان على الشباب دعا خطاب رئيس الدولة إلى «أن يكون الخطاب الموجه إلى الشباب خطابا متجددا متفاعلا مع مقتضيات التطور والتحولات الاجتماعية، مستجيبا لتطلعاته مواكبا لطموحاته ولتساؤلاته».. ومن بين ابرز المحطات في خطاب رئيس الدولة التوقف عند ملف بطالة الشباب وخاصة حاملي الشهائد فأورد أن «موضوع تشغيل الشباب وحاملي الشهادات العليا بالخصوص سيظل أولوية دائمة لدينا تدفعنا إلى البحث عن المزيد من الوسائل والسبل لتكثيف فرص التشغيل والمبادرة الخاصة، بما يدعم النتائج التي تحققت بفضل الآليات والبرامج الموضوعة لهذه الغاية». ودعا الخطاب الرئاسي «جميع الاطراف وخصوصا الاقتصادية منها إلى مزيد إيلاء موضوع تشغيل الشباب المكانة الاولى في اهتماماتها باعتباره مسألة وطنية بالاساس نتقاسم جميعا مسؤوليتها، وهي مسؤولية تتحملها الدولة والمجتمع مثلما يضطلع بها القطاع العام والقطاع الخاص على حد سواء». ولا شك أن كل مصالح الدولة ومؤسسات المجتمع المدني مطالبة بالمضي قولا وفعلا في تجسيم ما ورد في خطاب رئيس الدولة أمس من حيث تسوية مشاكل التشغيل التي تعترض مئات الالاف من الشباب التونسي بينهم عشرات الالاف من حاملي الشهادات.. كما على وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة ومختلف البلديات والجمعيات الرياضية والثقافية والمنظمات النسائية والانسانية أن تستثمر أكثر في قطاع الشباب لتحقيق التوازن المطلوب في شخصيته.. بعيدا عن كل مظاهر التغريب والانحلال من جهة وسلوكيات التعصب والتطرف من جهة ثانية.. لان تحقيق مثل هذا التوازن الذي تعرض له رئيس الدولة في خطابه يعني قطع خطوة مهمة في اتجاه مكافحة التسكع والانحراف والارهاب.. وفي اتجاه تنمية حقيقية ودائمة للموارد البشرية.. كمال بن يونس (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
مهرجان الأخطبوط يبث الحياة في جزيرة قرقنة التونسية
تونس – سميرة الصدفي عندما ينتقد المحللون تمدد نفوذ دولة كبرى، يشبهونها بالأخطبوط. لكن الأخطبوط طبق شهي يسيل لعاب كثيرين في البلدان المتوسطية. أهل جزيرة قرقنة في وسط تونس، وهي ثاني أكبر جزيرة بعد جربة، اختاروا أن يجتذبوا الزوار الى جزيرتهم بإقامة مهرجان لصيد الأخطبوط ومباريات في طبخ أشهى الأطباق المعتمدة عليه. واعترف مدير المهرجان الدكتور هادي بن اسماعيل لـ «الحياة» بأن الهدف الرئيس من إطلاق المهرجان منذ ثمانية أعوام كان تحريك السياحة في الأرخبيل. وغادر غالبية السكان هذا الأرخبيل الى المدن الساحلية بسبب ضعف البنية الأساسية وبعد المسافة عن اليابسة التي يستغرق الوصول اليها ساعة بواسطة العبارات الرابطة بين قرقنة ومدينة صفاقس ثاني المدن التونسية. ويشتمل المهرجان الذي يستمر من 21 الى 24 من الشهر الجاري، على عروض فولكلورية وزيارات لمواقع تاريخية في الجزيرة التي كانت ساحة للصراع بين قرطاج وروما في عهد الفينيقيين ثم بين الأساطيل العربية والبيزنطية وأخيراً بين الإسبان والأتراك اعتباراً من القرن الخامس عشر الميلادي. ومن أهم المعالم الباقية في الجزيرة قلعتا «برج الحصار» و «برج مليتة» ومتحف العباسية. لكن الأخطبوط سيكون في قلب المهرجان من خلال مباريات في الطبخ يشارك فيها طباخون متخصصون وسيدات من الجزيرة والمناطق المجاورة وتعطى في نهايتها جوائز للمتوجات والمتوجين. كذلك تشتمل الدورة التاسعة على سهرات موسيقية يحييها فنانون وفنانات متحدرون من الجزيرة في مقدمهم المطربة علياء بلعيد التي نالت المرتبة الأولى في مهرجان الموسيقى العربية في القاهرة، وندوات سيكون محورها الواقع البيئي في الجزر التونسية وإمكانات تطوير السياحة البيئية في البلد باستثمار ميزات الجزر المنتشرة على طول السواحل والتي تقدر بـ 1300 كيلومتر. ويقام على هامش المهرجان معرض للصور ستُمنح خلاله جوائز لأفضل الصور التي تعكس جمال أرخبيل قرقنة.
(المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
السياسة وسلطة اللغة لعبد السلام المسدي:
الاستغلال السياسي للغة في عصر الميديا الذي يكرس خطابا ملفقا موجها للدهماء!
القاهرة ـ القدس العربي ـ من محمود قرني يقدم الدكتور عبدالسلام المسدي أستاذ اللسانيات بالجامعة التونسية كتابا جديدا صدر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية تحت عنوان السياسة وسلطة اللغة ، ينطلق الكتاب من مناقشة تلك السلطة الميتافيزيقية للغة علي إطلاقها، في مقابل استخداماتها المفيدة والوظيفية في الحقل السياسي ويشير في المقدمة إلي أن هذه الوجهة تتبلور بشكل كبير عبر استعراض خصائص اللغة من ناحية وخصائص السياسة من ناحية أخري، حيث يري أن الأخيرة هي السلطة الحاضرة، أما الأولي فهي السلطة الغائبة، ويري المسدي أنه رغم التناقض تبدو اللغة هي الأداة الأساسية للسياسة، لكنه يرصد تطور تلك الفكرة عبر الانتقالات الواسعة الحادثة عبر التاريخ البشري، لا سيما في تعاظم هذا الدور بعد أن حل بنا عصر المعلومات الذي أتاح المعلومة علي أوسع نطاق إنساني ممكن، أما مراحل تطور دور اللغة في السياسة فلا يفصله المؤلف عن نشأة الطباعة ثم الصحافة، والإذاعة، والتليفزيون والانترنت. وفي فصله الأول السياسة تحت أضواء اللغة يشير المسدي إلي تلك اللغة التي يصاغ بها الحدث السياسي دون أن ينتبه الناس لذلك ويعتقدون أن جميع الصياغات اللغوية تؤدي إلي النتيجة ذاتها. ويقول المسدي إن ذلك ناتج عن أنه ليس مألوفا لدينا أن نبحث في الآليات المحركة للغة في مجال السياسة لأننا لم نتشبع بعد بنواميس استراتيجيات الخطاب عامة وبقوانين استراتيجيات الخطاب السياسي تخصيصا ، ويستعرض المسدي العديد من الأحداث المهمة واللافتة في الحقل السياسي علي المستويين العربي والعالمي لاستعراض الطاقات الهائلة في المراوغة السياسية عبر أداة اللغة. في الفصل الثاني من الكتاب يتناول المسدي السياسة بين الصورة واللون ويبدأها من تصريح بلاغي لجاك سترو وزير الخارجية في حكومة توني بلير يقول فيه تعليقا علي انفجار الوضع في مدينة الفلوجة إن غطاء القدر قد تطاير ويعلق المسدي علي تلك الصورة بالقول: انه في مجال الخطابة السياسية كان القانون الناظم هو التناسب الطردي بين مساحة الخطاب وقوة التأثير، فكلما اتسع مجال الكلام قويت خطوط الإبلاغ بغية الاقناع أو بغية الاستهواء فكان الشحن الدلالي قرين الإفاضة في المدي مع التركيز في الكثافة ، وبهذا المعني يتساءل المسدي قائلا: من أين تأتي سلطة اللغة، ومن أين تأتي دلالتها اليقينية، ويجيب علي الفور إنها متأتية من هذا الائتلاف الجديد بين القول السياسي والصورة الشعرية. أما في فصله الخامس الذي جاء تحت عنوان السياسة ودرجات الطيف اللغوي فيشير المؤلف الي التداخل الواسع بين اللغة والسياسة ويعلل ذلك بالقول: إن اللفظ عند استخدامك إياه يتحول إلي دال يحيل علي مدلول إلي موقف، ومن ورائه اختيار كامل مرتسم علي شاشة الأحداث، وقد يكون في استعمال الكلمة أو العبارة ما يتجاوز حدود الواقعة التي تروح الإفصاح عنها ويصبح حاملا لأعباء التاريخ مختزلا صراعاته الطويلة في اختيار كلمة واحدة من بين كلمات عديدة أخري كان يمكن أن تأتي بدلها، ويوضح المسدي ذلك عبر الوقائع عندما يقول: مع أواخر كانون الاول (ديسمبر) 2004 كانت عمان علي موعد لتحتضن اللقاء الذي يخص الدول التي يجاورها العراق وإذ بإيران تعلن في 27/12/2004 أنها تقاطع كل لقاء يتم فيه استخدام عبارة الخليج العربي بدل الخليج الفارسي، ويعلق المسدي علي ذلك بالقول: مما لا شك فيه أن جمهور العباد من مختلف الثقافات قد مر الخبر علي مسامعهم مرورا لاهيا وربما مر علي مسامع الإنسان العربي كما مر علي مسامع الآخرين، وقد لا نستثني إلا من كان بصيرا بخبايا التاريخ أو من حملهم الوعي السياسي علي التفرغ للقضايا الإقليمية، حيث الشرق الأدني والأوسط دون الأقصي. ويضيف المسدي: إن الخليج لفظة ترد ضمن المصطلحات الجغرافية ودلالاتها حسية تصف مشهدا يتشكل في الطبيعة بين الماء واليابسة، وهي بمعناها الأساسي ليست مؤهلة في الأصل لأي تضمين سياسي، وعند الجغرافيين يتحدد مكان الخليج باسم البلدة التي تكون في مركزه كخليج العقبة في مصر أو خليج قابس في تونس، أو باسم البلاد كلها كخليج المكسيك، لذلك يأتي اللفظ – حسب المسدي – مضافا والمكان مضافا إليه، ويتداول الناس في لغتهم العامة ما أقره الجغرافيون دون مشاحة، علي أن التسمية الجغرافية عند إطلاق الاسم علي المكان – كثيرا ما تكون حاملة لبصمات التاريخ، وهنا – يضيف المسدي – تلوح أهمية كل من الإسم ومسماه تتقلص أمام أهمية الذي أطلق الاسم الي شاهد علي مشروعية تاريخية انتهت إلي مشروعية سياسية تم الإجماع عليها وإقرارها لأن تلك الأسماء الثلاثة عائدة إلي أشخاص بذواتهم، وهم الذين ينسب إليهم المكان، وهو ما يراه المسدي ينطبق انطباقا أو علي انصهار المصطلحات الثلاثة – الجزيرة العربية ونجد والحجاز – في الاسم الواحد المملكة العربية السعودية إذ هو اسم أسرة الرجل الذي عمل علي توحيد الأمكنة في كيان سياسي واحد، ثم أطلق اسم أسرته علي البلاد. ويرصد المسدي بعض تحولات أسماء المكان حسب دلالاتها وتاريخها فيقول: قد يلتئم القرآن بين اللغة والمكان والزمان، ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، خطط الخديوي إسماعيل لتجديد مدينة القاهرة، فبادر باستحداث منطقة علي الطراز الأوروبي سميت الإسماعيلية نسبة إليه، ثم أصبح المكان بفضائه الدائري واتساع مساحاته – ميدانا تعبر فيه الجماهير عن غضبها منادية بالعدل والحرية، فسمي منذئذ ميدان التحرير، ويضيف المسدي أنه تولدت من تلك العبارة صيغ متعددة من أبرزها: ميدان الغضب، ونسي الناس تاريخ المكان وتاريخ أسماء المكان، فجسر قصر النيل كان يسمي هو الآخر جسر الخديوي إسماعيل، لكن الاسم زال وبقي الجسر وبقيت علي حافتيه الأسود الأربعة المنتصبة اثنين اثنين تلك التي أهداها النحات الفرنسي إلي الخديوي إسماعيل، ويختتم المسدي القول في هذا الفصل: ميدان الغضب هي التسمية الطارئة علي ميدان التحرير، تأتي علي فصيح اللغة، ولكن الثقافة الجماهيرية بما فيها الصحافة الشائعة تطلق علي المكان عبارة أخري هي كعكة الغضب كذا جري الأمر في أحداث القاهرة عام 1977. وفي فصل بعنوان أسماء الحروب ومقاصد السياسة يبدأ المسدي من الفلسفة ونظرتها الكلية في محاولة لضبط مفهوم الحضارة. ويقول المسدي: من الفلاسفة من ذهبوا إلي أن تاريخ الانسانية هو تاريخ زعمائها، وآخرون ذهبوا إلي أنه تاريخ شعوبها، وفيها من قال هو تاريخ صراعاتها، وتعددت تأويلات صور الصراع: هي الحروب عند البعض، وهي الكبت الذي تسلطه الجماعة علي الفرد عند البعض الآخر، وهي كذلك الدفاع المستميت ضد عوامل الظلم ومصادر الحرمان كما ارتأي آخرون، كلها وجهات نظر تتدابر أو تتكاتف فيغتني بها التأمل النازع صوب الإدراك، ويضيف المسدي: وسط كل هذه النوازع تنبري غريزة حب البقاء كحافز أكبر يرافقها قانون البقاء للأصلح، في غير مناقضة لما يذهب إليه هؤلاء الفلاسفة، وعلي غير نشاز في الرؤي ولا في مرامي القصد، ويضيف: لنا أن نستشف مجلياً رقيقا، ربما وقع إهمال شأنه بينما هو يوفر لنا ملامح دالة، تعيننا علي قراءة سفر التاريخ، انه مجلي اللغة وقد لا تتضح بيسر أهميته بين المجالي الأخري من فعل السياسة وصناعة الحدث وانتاج منظومة التاريخ، وهنا يوضح المسدي وظيفة اللغة قائلا: انها في الفهم السائد تحدثنا عن تلك المجالي، فهي الكائن الحاضر بغيره، فإذا غاب ما تحدثنا اللغة عنه غابت هي معه. ويتساءل المسدي: ولكن ماذا لو اعتبرنا اللغة كائنا حاضرا بنفسه، نستنطقه لقراءة المجالي من وقائع وشروح وتأولات؟ ويستطرد المسدي بعد ذلك أمام قراءة وقائعية لفكرته المجردة عندما يقول: حرب المئة عام لا يمكن أن تكون قد اكتسبت اسمها في التاريخ إلا بعد أن وقعت واستمرت ثم انتهت، وكل حروب العرب في الجاهلية تذعن للقانون الطبيعي نفسه في فعل التسمية، ويضيف أن العرب كانوا يسمون وقائعهم وصراعاتهم بأسماء معينة، ثم قال المؤرخون عن تلك الأحداث جميعها إنها أيام العرب ، وهو ما يراه فعلا من أفعال التسمية ويقول: يكفي أن نذكر حرب داحس والغبراء وكيف اندلعت بين قبيلة عبس وقبيلة ذبيان، فتسمت باسمي الفرسين اللتين نشب حول سباقهما الخلاف واستمرت الحرب أربعين عاما. بقي القول أن الكتاب الجديد لعبدالسلام المسدي السياسة وسلطة اللغة يقع في 370 صفحة من القطع الكبير، والمؤلف هو أستاذ اللسانيات في الجامعة التونسية وعضو المجامع العلمية للغة العربية في كل من تونس ودمشق وطرابلس وبغداد، وعمل قبل ذلك وزيرا للتعليم العالي في تونس وسفيرا لبلده لدي جامعة الدول العربية. والكتاب صدر عن الدار المصرية اللبنانية. (المصدر: صحيفة القدس العربي العربي (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
في بيان كيفية افتراق الأمة (1)
زهير الخويلدي
ما يبرر الاهتمام بأسباب حدوث الانشقاق والخروج عن الجماعة في حضارة اقرأ في الزمن الأول هو ما نلاحظه اليوم من عودة المكبوت وبروز التمذهب والطائفية في فترة تنامت فيها أفكار العولمة والكونية والأممية وشهدت بروز تكتلات متنوعة وأحلاف غريبة وتفجر فيها الصراع من جديد حول الرموز الدينية ونشبت حروب مدمرة حول امتلاك المقدس وتوظيفه وبرزت الفرق على السطح،زيادة على ذلك تحول هذا الافتراق إلى شقاق وخلاف وعائق يمنع من تحقيق الوحدة المنشودة ويعطل كل الجهود التي تسعي إلى الاندماج والانصهار والتكاتف من أجل المحافظة على الوجود ومقاومة الضعف والقصور والتصدي للغزو الخارجي والقهر الداخلي،فماهو سبب هذا الاختلاف؟ وهل هو رحمة أم نقمة؟
هل قدر علينا أن نظل مختلفين منقسمين على أنفسنا؟ كيف تشكلت المذاهب والفرق في حضارة اقرأ؟ وكيف نشبت الفرقة بين المكونات الثقافية والعرقية واللغوية للأمة؟
وإذا استرجعنا نحن هذه الانقسامات وهذه المذاهب ألا نغتاب تراثنا الحي على مقصلة حداثتنا الموؤودة؟ ألا نحكم ماضينا في حاضرنا ومستقبلنا؟ أليس من الأجدر أن نقوي في أنفسنا ثقافة الصمود والثبات ونعزز فلسفة المقاومة غير العنيفة والتنوير الأصيل؟ ألا ينبغي أن نتخلى عن منطق الفرقة الناجية والعرق النقي وننخرط في تجربة بناء هوية سردية عربية إسلامية ذات أفق كوني؟ هل من سبيل إلى رأب الصدع وبيان المعنى الجامع للفرق والرافع لمنطق الملل والنحل؟ ألا يمكن أن تكون هرمينوطيقا الدين هي البوصلة المفقودة لبناء العروة الوثقى وحل العقد الموروثة والمكبوتات الدفينة؟
ما نراهن عليه عندما نضع هذه الإشكاليات قيد الدرس هو توحيد راية الفكر من أجل توحيد راية الأمة وتحقيق الاندماج والمصالحة مع الداخل من أجل حسن الإقامة في العالم وتحقيق الوجود مع الآخر.
I/ كيفية افتراق الأمة:
أن ينقسم أهل العالم بحسب الأقاليم والأقطار والأمم فذلك أمر بديهي للاختلاف الحاصل في الطبائع والأنفس التي تدل عليها الألوان والألسن وأن يتجزأ سكان المعمورة إلى أوطان ودول بحسب الآراء والمذاهب وتباين الشرائع فإنه بدوره شيء طبيعي لتشعب الطرق في تقرير خواص الأشياء وطبائع الأحكام ولتعدد أهل الديانات وأهل الأهواء ولكن أن يفترق أهل الوطن الواحد وتختلف الجماعة التي حملت لواء الوحي إلى عدد غير معلوم من الطوائف والفرق بحسب المزاج والخلافات الشخصية والصراع من أجل الزعامة والسلطة فإن ذلك يتطلب تدقيق وفهم لأنه أمر غير مقبول وغير مستساغ والأدهى والأمر أن كل فرقة ترى أنها تمتلك حقيقة القرآن وهي الفائزة يوم القيامة وأن جميع الفرق الأخرى ضالة ومكانها هو النار،بيد أن تحول أمة البنيان المرصوص إلى أمة الأهواء والآراء تحكيما لمنطق الفرقة الناجية هو عين الجهل وموطن الداء ويخالف قوانين الطبيعة ويضرب بعبر التاريخ عرض الحائط ويفيد أن من القراء من أظهر وفاقا وأضمر نفاقا،فكيف دب الشقاق ونشب الصراع واندلعت الفتنة الكبرى؟ ماهي أول الشبهات التي وقعت في الملة؟ من مصدرها ومن الذي أظهرها؟
ما نلاحظه عندما ننقب أحداث التاريخ أن الخلاف في حضارة اقرأ ليس مصدره خارجي مهما تعاظم هذا الخارج في تاريخ هذه الحضارة ومن هذا المنطلق لابد أن نرمي إلى الوراء فرضية الاسرائليات وتأثير عبد الله ابن سبأ ودور المنافقين في نشأة المذاهب ونسعى إلى البحث بالجدية عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى التقاتل بين المسلمين الأوائل لأن هذا القتال دار بين المبشرين بالجنة وكان كل فريق يرى أن الآخر هو الفرقة الباغية.
أ- الخلاف حول معنى النبوة:
حامت شبهات حول نبوة محمد وعروبة القرآن وظهرت اعتراضات ضد شخصيته ووقع مجادلته منذ أول دعوته واتهم بالتنجيم والسحر وتقول الشعر وقد ذكرت لنا كتب السيرة والقرآن أنه وقع إغرائه وعرضت عليه السلطة والمال والجاه على أن يترك النبوة فأبى ورفض وأنه لم يتخلص من وثنيته إلا في فترة متأخرة ولعل قصة الغرانيق خير دليل على ذلك. ومن بين من اعترض عليه وعانده هو ذي الخويصرة التميمي عندما خاطبه:”اعدل يا محمد فإنك لم تعتدل” فأجابه صلعم:”إن لم أعدل فمن يعدل” وقد رد الرجل مجددا:”هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى”.ورغم أن الواقعة في ظاهرها خلاف سياسي حول مسألة العدل إلا أنها في باطنها تشكيك في عصمة النبي وألوهية رسالته.وقد تكرر خلاف المسلمين للنبي زمن مرضه عندما لم يمتثلوا لأوامره في أحد ولم يخرجوا لقتال جيش أسامة المرتد وتخلفوا عن إقامة مراسم الشرع وآثروا إبصار مآل حاله. وعن عمر ابن الخطاب أنه قال:” إن رسول الله قد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله وكثر اللغط والجلبة والأصوات المبهمة فقال النبي:”قومي عني لا ينبغي عندي التنازع”.
وقد تمحور الخلاف حول ثلاث فترات مهمة من حياته وهي قبل البعث وأثناء هبوط الوحي وبعد وفاته. فماهي العوامل التي توفرت وجعلت منه النبي المصطفى؟ على من تتلمذ ومن الذي رباه وبمن تأثر؟ هل هو بحيرا أم راهب الإسكندرية أم ورقة ابن نوفل أم عمرو ابن هشام أم افرائيم مثلما يذهب إلى ذلك هشام جعيط مؤخرا في كتابه “تاريخية الدعوة المحمدية”؟ ما دور جده عبد المطلب وعمه أبي طالب وابنه عمه علي وزوجته خديجة في حياته ؟ ما حقيقة علاقته بأبي بكر الصديق وعمر ابن الخطاب وعثمان ابن عفان فهو قد أجلهم وقربهم أكثر من بقية رفاقه؟ ماهو السبب الموضوعي الذي جعل منه نبيا؟ هل هو صلح الفضول الذي دعم زعامة قريش وحسم الخلاف حول الحجر الأسود وبوأ قبيلته مكانة مرموقة من بين كل القبائل الأخرى أم حلف الإيلاف ورحلاته التجارية من اليمن جنوبا إلى الشام شمالا هي التي منحته نوعا من المهارة في الكلام والثقافة والحنكة التي تميزه عن بقية الرجال؟فمن هو محمد؟ ما اسمه هل كان قثم والله هو الذي أطلق عليه تسمية محمد في الفترة المدنية أم أنه هو الذي سمى نفسه بذلك اقتداء بافرائيم الذي يتحدث عن المحمدان بوصفه القائد العظيم؟هل هو رجل دين مسير من قبل جبرائيل والملائكة أم هو رسول الحرية ومجرد إنسان ابن امرأة تأكل القديد وتمشي في الأسواق مخيرا في أقواله وأفعاله؟ أهو معصوم ووحي يوحى ولا ينطق عن الهوى أم أنه يشاورهم في أمورهم ويطلب من الناس رأيهم ويرجح أحيانا ما يذهبون إليه؟ كيف يتلقى الوحي؟هل في المنام أم في اليقظة؟هل يتهيأ له أنه يلاقي جبرائيل أم أنه يلاقيه حقيقة ويأخذ عنه الوحي تلاوة واستماعا ويعاوده على أصحابه بعد حفظه على ظهر قلب؟ كيف كان يقرأ القرآن بسبع أحرف؟ وما الفرق بين القرآن الملفوظ والقرآن المكتوب؟ ما حقيقة زمن النبوة؟ هل في الأربعين أما عندما بلغ أوجه وبالتالي قبل ذلك؟ ثم ماذا عن الإسراء والمعراج التي فرضت فيها الصلوات؟ هل أسري به إلى بيت المقدس أم إلى السموات العليا؟ هل عن طريق الروح أم جسدا وروحا؟ وهل كان الرسول مجرد زعيم طائفة دينية جديدة على غرار النصارى واليهود والصابئة أم أنه رجل دولة وحاكم سياسي ومؤسس لحضارة جيدة يخاطب من خلالها العالمين ؟ هل أتى ليتمم مكارم الأخلاق وليكون آخر الأنبياء وخاتم أحفاد إبراهيم الخليل أم أنه محطم الأصنام ومزلزل الأوثان أحدث ثورة عارمة في التاريخ نقلت العرب والبشرية من الجاهلية المظلمة إلى أنوار المدنية؟ هل هو أمي لا يجيد القراءة والكتابة أم متعلم ويتقن العديد من اللهجات واللغات وله دراية بعلوم وثقافة عصره؟
ومثلما اختلف الناس حول حياته اختلفوا حول مماته:هل توفي حقا أم رفع إلى السماء؟ كيف نقبل قولة عمر ابن الخطاب:”من قال إن محمد قد مات قتلته بسيفي هذا وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى ابن مريم عليه السلام”؟ ولماذا خالفه أبو بكر بقوله:”من كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد اله محمد فاله محمد حي لم يمت ولن يموت”؟ ولماذا اختلف المسلمون المهاجرون والأنصار في موضع دفنه؟ هل يدفن بمكة التي ولد فيها وبعث منها نبيا ورسولا أم في المدينة التي نال فيها الحظوة والمجد؟
وقد استقر الرأي على المدينة واختلفوا حول الميراث ويقال أن النبي لم يكن يملك سوى فدك وهي بستان تسلمه من اليهود وقد حسم الأمر بالرجوع إلى قوله صلعم:”نحن معاشر الأنبياء لا نورث ،ما تركناه صدقة” وقوله:”العلماء ورثة الأنبياء” والمقصود هو أن ما يرثه المسلمون من النبي علمه وسيرته وفعله الحسن وليس ماله أو ملكه لأن الملك والمال لله وحده.
ب- الخلاف حول الأصول والأحكام:
يجب أن نتوقف عند ظاهرة الردة ومانعي وجوب الزكاة ومدعي النبوة مثل طليحة ومسيلمة وسجاح والأسود بن زيد وأن نمعن النظر فيها ونبتعد عن قراءتها قراءة عقائدية ونتوقف عن النظر إليها على أنها مجرد خروج عن الصراط المستقيم بل ندرسها دراسة سوسيولوجية ونتفهم مغازيها ودلالاتها في تلك الحقبة التاريخية فهي قبل كل شيء صراع من أجل الاستحواذ على سلطة المقدس بين الفاعلين الاجتماعيين آنذاك وتعبير عن لاتحدد المقدس الجديد والتباسه وغموضه وهي دعوة إلى توضيحه وفصل الخطاب حوله حتى يتم فهم الدين الجديد وهضمه واستيعابه ومن ثم الإيمان به والعمل على تطبيقه ونشره.
لقد اشتغل المسلمون بقتال الفرس والروم وهم في أثناء ذلك كله على كلمة واحدة في أبواب العدل والتوحيد وفي سائر أصول ولم يختلفوا إلا في الفروع من نوع الكلالة وميراث الجد والعول والرد وهو الفائدة أو الخسارة في المقدار ومسائل تعصيب الأخوات وجر الولاء والحرام ورغم ترددهم وتناقضهم في هذه المسائل إلا أن اختلافهم لم يورث فيه تضليلا ولا تفسيقا. بيد أنه في زمن المتأخرين من الصحابة بدأ الخلاف بين المسلمين يتخذ طابعا جديدا ويصعد من التجربة التاريخية والواقع المعاش إلى المستوى النظري والبعد التأملي ليصبح اختلافا حول العقائد ويمش الجدال جوهر الدين وينشغل الناس بقضايا القدرية والجبرية والأصول الخمسة والكسب ومحنة خلق القرآن والحدود الفاصلة بين الكفر والإيمان وانتقل السجال إلى ساحة تفسير الآيات وحدود تأويلها.
في هذا السياق السياسي المتوتر المشحون بالقلاقل حدث صراع كلامي فلسفي حول القضاء والقدر والاستطاعة والكسب والتسيير والتخيير وحول حكم مرتكب الكبيرة وظهر من قال بالمنزلة بين المنزلتين بخصوص الفاسق الذي هو بين الكفر والإيمان وأنكر البعض نسبة الخير والشر إلى القدر وحملوه إلى عمل الإنسان وظهرت مفاهيم التبري والتولي واستعان بعض العلماء بمناهج الفلاسفة والمناطقة وخاضوا في الذات والصفات واختلفوا في العلاقة بينهما هل الصفات هي عين الذات أن زائدة عنها؟ وان كانت زائدة هل هي أفعال أم أحوال؟فهل الله هو الذي يحدد الآجال والأرزاق أم أن الأمر متروك للحرية الإنسانية وسنن الكون؟ وكيف يكون الباري تعالى عالم بعلم وعلمه ذاته وكذلك قادر بقدرة وقدرته ذاته؟ هل هو قادر على تعذيب الطفل؟ ألا يعتبر ظالما إن فعل ذلك وهو القائل ما ربك بظلام للعبيد؟ وكيف يكون الله عالما بالأشياء قبل وقوعها؟. ثم ظهرت بعد ذلك نظريات التولد والطبائع والأحوال وشيئية المعدوم وإبطال المعجزات بالنسبة للقرآن بما في ذلك الفصاحة والبلاغة وقالوا بخلق القرآن وخبط القوم خبطا عشواء عندما قالوا بالتناسخ وأفرطوا في الاعتصام بالعقل وأنكروا النبوة وقالوا بالقدماء الخمسة ومالوا إلى السيمياء والتنجيم والدهرية والسفسطة ..
ج- الخلاف حول الإمامة والحكم:
الشبهة الثالثة التي ولدت الضغائن وسببت الشقاق أتت من مجال سياسة الدنيا وحراسة شؤون الدين وقد طرحت العديد من المشاكل وجملة من الأسئلة الشائكة منها:هل الخلافة هي خلافة الله في الأرض أم خلافة رسول الله في حكمه؟ هل الخلافة جماعية أم فردية ؟ هل تعتني بشؤون الدين أم بسياسة الدنيا؟ومن أجدر للخلافة؟ هل هو من الصحابة أجمعين أم من آل البيت؟ هل هو من المهاجرين أم من الأنصار؟ هل هو من قبيلة قريش أم من القبائل الأخرى؟ هل هو من بني هاشم أم من بني أمية؟
كما اختلف المسلمون في أمر الشورى والبيعة وشروط الإمامة،فهل الشورى هي شورى الأعيان أم شورى جميع الناس؟ وهل البيعة خاصة أم عامة؟ وهل الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار أم بالتعيين وبالنص؟ وطرحت مجموعة من الأسئلة المحيرة على كل مؤرخ مثل لماذا ثار الصحابة على الخلفاء وقتل عمر وعثمان وعلي؟ كيف اندلعت الفتنة الكبرى وما حقيقة معركة الجمل التي تقاتل فيها حفظة الوحي تحت قيادة زوجة الرسول السيدة عائشة بنت أبي بكر في مواجهة علي ابن عمه وزج ابنته السيدة فاطمة؟ ما قصة التحكيم وقتال علي ومعاوية؟ وما شأن الحسين ويزيد وعبد الله ابن الزبير والحجاج الذي رمى البيت الحرام بالمنجنيق؟ كيف تحولت الخلافة إلى ملك عضوض اغتصبها معاوية عنوة وحكم وفق أهوائه وورثها بعده؟ ولماذا هرب القرامطة بالحجر الأسود؟
إن أعظم خلاف بين المسلمين بعد الرسول محمد هو ذاك الذي نشب في سقيفة بني ساعدة والتي لم يحضرها علي ابن أبي طالب كما تذكر الروايات عندما قال الأنصار:”منا أمير ومنكم أمير” وأذعنت البيعة لسعد بن عبادة ولما ذكرهم المهاجرون بحديث الرسول:”الأئمة من قريش” دلوا عن مطلبهم وبايعوا أبا بكر الصديق. وقد استمر الخلاف عندما عين أبو بكر عمر ابن الخطاب خليفة من بعده فاحتج أحد الصحابة قائلا:”قد وليت علينا فظا غليظا” فأجابه أبو بكر:”قد وليت عليهم خيرهم لهم”. وحتى عندما ترك عمر الفاروق الأمر شورى بين المسلمين حول اختيار خليفته وحدد لهم ستة من الصحابة واتجهت الأنظار إلى عثمان ابن عفان فان الأمر لم يستقر له طويلا وثار الناس عليه لرده الحكم بن أمية بعد أن طرده الرسول وإيوائه عبد الله بن سعد بن أبي سرح وقد كان رضيعه وتوليته إياه مصر وأعمالها بعد أن أهدر النبي دمه ثم نفيه أبا ذر إلى الربذة أين لقي حتفه رغم ما عرف به من نصرة للحق وتزهد في الدنيا وتوليته عبد الله ابن عامر البصرة حتى عاث فيها فسادا وتقريبه منه لبني أمية وخاصة مروان بن الحكم ومعاوية ابن أبي سفيان وتسليمهم الحكم والغنائم. وحتى عندما دالت الأمور إلى علي فإنهم اختلفوا عليه عندما خرج طلحة والزبير وعائشة ونصبا القتال معه في معركة الجمل التي تلتها حرب صفين حين ثار بني أمية ثأرا لدم عثمان والذي انتهى بالتحكيم الذي شارك فيه أبو موسى الأشعري عن علي وعمرو ابن العاص عن معاوية وقد خالفته الخوارج وابتدأت الفرق والملل والنحل في التكون والانتشار في سائر الأمصار والأصقاع.
من هنا نتج عن واقعة التحكيم ظهور شيعة علي التي قالت:”لا إمامة إلا في الأخوين الحسن والحسين” وقد اختلفوا في إجراء الإمامة في أولاد الحسن أو أولاد الحسين وقد قالوا بالوصية التي تثبت بنص وبغيبة الإمام وإمكانية رجعته إلى أن قالت الزيدية نسبة إلى زيد :أن كل فاطمي خرج وهو عالم زاهد شجاع سخي كان إماما واجب الإتباع “. أما الخوارج فإنهم رأوا أن الدين طاعة رجل وأن الإمامة تصلح في جميع أصناف العرب وفي الموالي والعجم،في حين يرى الشيعة بالتقية والعصمة ويعتقدون أن الإمامة تنعقد بمن يعقدها لمن يصلح لها إذا كان العاقد من أهل البيت ومن أهل الاجتهاد والعدالة ولا تصلح الإمامة إلا لواحد في جميع أرض الإسلام لأن النبي صلعم نص على إمامة واحد بعينه،ولكن الخلاف ظل قائما حول الإمامة إن كانت تثبت بالاتفاق والاختيار أم بالنص والتعيين وحول شروط الإمام ،فمنهم من اشترط العلم والعدالة والسياسة ومنهم من ركز على سلامة الحواس والأعضاء والنسب القرشي زيادة على ذلك،كما ظل إشكال العلاقة بين الإمامة والخلافة قائما،فالأصم وهو من المعتزلة رفض مع الخوارج فكرة الخلافة وقال بعدم وجوب نصب الإمام لأن الواجب عنده هو تنفيذ أحكام الله فإذا تواطأت الأمة على العدل لم تحتج إلى إمام أصلا،أما أهل السنة فأنهم أجازوا وجود أكثر من إمام في زمان واحد وفي بلدان مختلفة إذا ما وجد حاجز بينها مثل العدو أو البحر وقالوا بالإمام الأكبر وفهموا الاستخلاف على أنه في حق الغائب أما الحاضر فلا وقالوا بطاعة الأئمة ورأوا أنه لا يقوم بأمر الأمة إلا من غلب عليها. فهل الخلافة ناتجة عن قضاء بحكم العقل أم هي وازع بسطوة الملك وقهر أهل الشوكة؟
لقد عرف ابن خلدون الخلافة بأنها حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها وبعبارة أخرى هي خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به لكن لم يبين هذا الفيلسوف المؤرخ شروط من يقوم مقام الأنبياء بعد وفاتهم ومن يستنبط لهم مقاصد الشرع حتى يحققون صلاح آخرتهم ثم ألا يتحول الدين إلى سلطة استبدادية عندما تكون مهمة الخليفة أو الإمام هي حمل الناس كافة على الأحكام الشرعية في أحوال دنياهم وآخرتهم؟ وألا تصادر هذه السلطة التيوقراطية الحقوق والحريات التي أعطاهم الله اياها ونص عيها الشرع نفسه؟ لماذا النساء مثلا لم يكن لهن من أمر الإمامة أو الخلافة شيء وكان الرجال قوامين عليهن؟
فإذا كان التعدد المذهبي وكثرة الملل والنحل ناتجا عن سوء فهم لظاهرة النبوة ومتولد من الاختلاف حول أصول وأحكام الإسلام ومرده النزاع السياسي على الحكم منذ وفاة الرسول إلى الآن،فما السبيل الذي ينبغي أن نتبعه من أجل رأب الصدع وتجاوز الاختلافات؟ هل نعود إلى منطق التوحيد القسري ونسقط في الشمولية من جديد أم نبقي على التعددية ونترك الباب مفتوحا للصراع بين التأويلات؟
يتبع(2) في سبل رأب الصدع
* كاتب فلسفي
السياسي والأكاديمي التونسي المقيم في باريس د· أحمد القديدي لـ ”الجزائر نيوز”:
لا شيء محسوم في نتائج الرئاسيات الفرنسية
ملايين العرب والمسلمين يعيشون في فرنسا، يشكلون ثقلا انتخابيا ولكنهم لا يستفيدون من هذا الوزن
تستعد فرنسا لخوض معركة الانتخابات الرئاسية 2007، التي ستجرى على دورتين في شهري أفريل وماي المقبلين، لدخول قصر الإليزي وخلافة الرئيس الثاني والعشرون لفرنسا جاك شيراك الذي أعلن أنه لن يترشح لفترة ولاية ثالثة بعد مسيرة استغرقت أكثـر من 40 سنة على الساحة السياسية، وبعد توليه رئاسة الجمهورية الفرنسية لفترتين رئاسيتين (2002 – 1995) و(2007 – 2002)· ”الجزائر نيوز” التقت السياسي والبرلماني السابق والأكاديمي التونسي المقيم منذ عقود في العاصمة الفرنسية باريس، د· أحمد القديدي، وحاورته حول أبرز وجوه سباق الرئاسة الفرنسية، وما تتميز به هذه الانتخابات، وحظوظ بقاء اليمين في الحكم رغم انقساماته، وهل ستدخل فرنسا ولأول مرة في تاريخها نادي البلدان التي تتزعمها امرأة مع المرشحة الاشتراكية ”سيغولان روايال”، ومن هو ”الرجل الثالث” بين ثنائية اليمين واليسار، وكيف تناول المرشحون الملفات التي تهمّ الجاليات المغاربية والعربية، وهل يمكن لأصوات هذه الجاليات التي تشكل حوالي مليوني ناخب أن تمثل رقما صعبا وقوة انتخابية ذات وزن في تحديد رئيس فرنسا المقبل· حاوره من باريس: محمد مصدق يوسفي ** في سباق الرئاسة الفرنسية تحتدم المنافسة بين نيكولا ساركوزي، رئيس حزب الأغلبية اليميني الحاكم ووزير الداخلية والمرشحة الاشتراكية سيغولان روايال، هل هناك مرشحين آخرين يمكن أن يدخلوا المواجهة بجدية؟ عرس الديمقراطية في فرنسا حامي الوطيس منذ عام ولكنه يدخل اليوم مرحلة الحملات الرئاسية وعمليات جلب الأصوات وإغراء المواطنين بالوعود والبرامج· وقد برز منذ بداية السباق الرئاسي مرشحان إثنان هما اللذان حصلا على مبايعة حزبيهما الكبيرين لهما كمرشحين رسميين باسميهما وهما نيكولا ساركوزي عن حزب اليمين الحاكم والسيدة سيغولان روايال عن الحزب الاشتراكي المعارض· ** تتميز الانتخابات الرئاسية في فرنسا بظاهرة ”الرجل الثالث” كما حدث في 2002 حيث صعد جان ماري لوبان رئيس الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف)، من هو ”الرجل الثالث” في انتخابات ,2007 هل سيكون لوبان أو فرانسوا بايرو رئيس حزب ”اتحاد الديمقراطية الفرنسية”؟ كاد السباق أن يقتصر عليهما، نيكولا ساركوزي عن حزب اليمين الحاكم والسيدة سيغولان روايال عن الحزب الاشتراكي المعارض، بفضل أهمية الحزبين الأبرز وبفضل استقطاب هذين المرشحين لوسائل الإعلام، إلا أن دخول لاعبين آخرين على الخط جعل المنافسة تأخذ منعرجا جديدا، فقد حصلت ما يشبه المعجزة لمرشح حزب الوسط وزير التربية السابق السيد فرانسوا بايرو الذي عرف بدهاء منقطع النظير كيف ينتقل من وضع المرشح الثانوي بنسبة 9% من نوايا الاقتراع في شهر فيفري الماضي إلى مرشح رئيسي بنسبة 24% من النوايا في شهر مارس الحالي، وذلك خلال شهر واحد· ولا يتردد المراقبون اليوم عن الحديث عن ظاهرة سياسية وسوسيولوجية لافتة من وراء هذا المنعرج الخطير الذي حشر فيه السيد بايرو الحملة الرئاسية بحيث استطاع أن يجرها لملعب ثلاثي الأضلاع، بعد أن انحصرت المباراة بين إثنين· ويفسر المحللون هذه الظاهرة بكثرة أعداد الفرنسيين غير المقتنعين بالثنائية الحزبية الطاغية على الحياة السياسية الفرنسية منذ نصف قرن· ففرنسا تداول على الحكم فيها منذ 1958 أي منذ الجنرال ديغول والجمهورية الخامسة حزبان لا ثالث لهما هما اليمين الجمهوري واليسار الاشتراكي، حتى لو جاء إلى سدة الرئاسة وسطي مثل الرئيس جيسكار دستان عام ,1974 فقد وجد نفسه مضطرا إلى التحالف مع اليمين والحكم بائتلاف حكومي معه· ** يقول البعض إن ساركوزي وروايال لا يكاد يتميز برنامج أي منهما من حيث التوجه برغم أن الأول من اليمين الجديد والثانية من الحزب الاشتراكي، ويشبهون روايال بتوني بلير، وساركوزي بالتوجه الأمريكي، ماهي أبرز ملامح برنامج بايرو الذي انتقل من مرشح ثانوي إلى رئيسي حسب استطلاعات الرأي؟ ظاهرة بايرو اليوم تعتبر فريدة من نوعها، لأن الرجل يرفض اليمين واليسار معا وبنفس الحدة بل ويتهم وسائل الاتصال والإعلام الكبرى بالعمل على تكريس التوأمين يمين- يسار بالرغم عن أنوف الفرنسيين، وقد ألقى خطبا عديدة للتنديد بانحياز قوى المال والأعمال لفرض الثنائي ساركوزي وسيغولان على الرأي العام كحتمية لا بد منها، مطالبا وسائل الإعلام بالحياد· مع العلم بأن وسائل الإعلام الرئيسية في فرنسا أصبحت منذ سنوات قليلة بأيدي أصحاب رؤوس الأموال وكبار الصناعيين أمثال صانع الطائرات سارج داسو والمقاول العملاق بويج ورجل الأعمال أرنو لاغاردير، وهؤلاء وحدهم يملكون 75% من الصحف اليومية الوطنية والقنوات الفضائية ذات التأثير، وبالتالي أصبحوا هم صنّاع الرأي العام وقادة الرأي الشعبي والموجه الحقيقي والخفي لأصوات الناخبين حتى لو اعتقد الناخبون بأنهم أحرار في اختيارهم· وهنا مربط الفرس في الصعود المدوخ والمفاجئ للسيد فرانسوا بايرو الذي أعطى الانطباع للجمهور العادي بأنه المزارع العادي القادم من إقليم (بيريني أتلنتيك) الفقير وهو أقرب للمواطن الفرنسي المتوسط لأنه يملك مزرعة فيها خيول ويعيش في الريف الفرنسي نفس حياة الأغلبية الشعبية، وهو لم ينس في حملته الانتخابية كما نسي ساركوزي وكما نسيت سيغولان روايال بأن فرنسا بلاد زراعية· ** برأيك هل لدى سيغولان روايال حظوظ في الفوز بالرئاسيات، وهل ستدخل فرنسا ولأول مرة في تاريخها، العام المقبل نادي البلدان التي تتزعمها امرأة؟ الظاهرة الثانية اللافتة والطارئة على الحياة السياسية الفرنسية هي بالطبع بلوغ امرأة هذه الدرجة العالية في السباق الرئاسي، وهو أمر يحدث لأول مرة، لأن النساء بالفعل كثيرات في المباريات الرئاسية منذ 1974 وفي رئاسيات 2007 كذلك، لكن الجديد هو وصول المرشحة الاشتراكية السيدة سيغولان روايال إلى التصفيات النهائية إذا استعملنا لغة الرياضيين، فهي امرأة عصرية تعيش قضايا مجتمعها، واختارت عدم الزواج القانوني والإداري مع رفيق حياتها السكرتير الأول للحزب الاشتراكي السيد فرانسوا هولند، أي أنهما زوجان بدون زواج، وهو اختيار حر في فرنسا يمكن تشبيهه بالزواج العرفي في الشريعة الإسلامية، لأنه هنا في الغرب يحمل قانون الأحوال الشخصية معناه الحقيقي أي أن هذه الأحوال تظل شخصية ولا تتحوّل إلى تدخل مستمر للسلطات العامة، مع العلم أن الأمير ألبار حاكم إمارة موناكو متزوج على العرف الجاري بسيدتين ولهما منه ولد وبنت· الأمر مع السيدة روايال يمر عاديا في فرنسا باسم الحرية الشخصية المقدسة هنا، بعكس المجتمع الأمريكي الذي يتأثر بالحالة المدنية لزعمائه وزعيماته· ** لكن هل حظوظ المرشحة الاشتراكية سيغولان روايال لازالت كما أظهرتها استطلاعات الرأي قبل أسابيع، بأنها منافس قوي لساركوزي؟ حظوظ المرشحة بدأت تتضاءل منذ راكمت الهفوات المتنوعة على الملأ، فاحتفظ لها جزء من الرأي العام بصورة المتلعثمة المترددة، في حين يطالب المواطن الناخب قادته بالثقة في النفس والتمكن من الملفات، فالسيدة روايال لا تعرف مثلا كم تملك فرنسا من غواصة نووية ولا تعرف مصدر كلمة شجاعة حيث أخطأت فوق سور الصين العظيم من الناحية اللغوية ثم أنها على الصعيد الدبلوماسي لم تدرك في إسرائيل بأن من حق إيران أن تمتلك النووي المدني لأن طهران موقعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية· ** بالمقابل ما حقيقة الاتهامات لساركوزي بالارتباط باللوبي الصهيوني الفرنسي المؤيد لإسرائيل والعلاقة مع المحافظين في أمريكا، ولماذا يعتبر البعض ”ساركو” كما يطلق عليه، خطر داهم على استقلال السياسة الخارجية الفرنسية، وأنه إذا وصل للرئاسة سيكون ”كانيش caniche” لجورج بوش، أو ”بوش الصغير” كما وصفته سكرتيرة الحزب الشيوعي؟ ساركوزي يزايد على كل منافسيه بموالاة مواقف المحافظين الجدد في واشنطن ودعم السياسة الإسرائيلية، وهو ما جلب له لوم وتقريع الرئيس شيراك الذي يصر على استقلال القرار الفرنسي في الأزمات الشرق أوسطية، وتراجع ساركوزي عن هذا الشطط الجالب لأصوات العنصريين اليمينيين· ** هل تتوقع أن باستطاعة اليمين الفرنسي رغم انقساماته البقاء في الحكم بعد الانتخابات المقبلة؟ الموعد الأول للانتخابات هو 22 أفريل للدورة الأولى يليه موعد 7 ماي للدورة الثانية والحاسمة، وإلى اليوم فإن لا شيء محسوم وتظل كل الاحتمالات واردة وممكنة وهي روح الديمقراطية، وسبق أن سئل ونستون تشرشل عن الفرق بين الانتخابات النزيهة والانتخابات المزيفة فقال: الفرق بسيط جدا ففي الانتخابات النزيهة لا نعرف مسبقا من الفائز ! ** هل يمكن لأصوات الجاليات العربية والمسلمة التي تشكل حوالي مليوني ناخب أن تمثل رقما صعبا وقوة انتخابية ذات وزن في تحديد رئيس فرنسا المقبل؟ أربعة ملايين نسمة من العرب والمسلمين يعيشون في فرنسا، من بينهم مليونان من المواطنين الحاملين للجنسية الفرنسية أصبحوا يشكلون ثقلا انتخابيا في غاية الأهمية، ويمكن لأصواتهم أن تدفع للفوز أو للهزيمة أي مرشح· ولكن هل العرب والمسلمون يستفيدون حقا من هذا الوزن؟ وهل استطاعوا أن يحققوا قوة سياسية ترعى مصالحهم وتحمي حقوقهم ضمن النظام الديمقراطي الفرنسي الذي يتيح التعبير الحر عن الرأي وإنشاء الجمعيات وإطلاق وسائل الإعلام والتكتل في منظمات؟ الجواب هو ليس بعد! إذا ما قارنا حال العرب والمسلمين في المجتمع الفرنسي بحال الطوائف الأخرى التي عرفت كيف تفعّل قوتها وتلاحمها تفعيلا ذكيا يغتنم هذه المناسبات الانتخابية لفرض الذات· ولكن هذا الإقرار بالضعف لا ينفي أن حال الجاليات العربية والمسلمة أفضل مما كان عليه من قبل بفضل جهود شخصية ونجاحات فردية حققها شباب ونساء من أصول مغاربية لتسلق المصعد الاجتماعي في هذه البلاد وبلوغ أرقى المناصب القيادية· ** لكن كيف يتعاطى المرشحون للرئاسيات مع المهاجرين من أصل مغاربي أو عربي مسلم؟ المرشحان الأبرز عن اليمين واليسار السيد نيكولا ساركوزي والسيدة سيغولان روايال عينا في الحملة الرئاسية سيدتين من أصل مغاربي هما رشيدة داتي لساركوزي ونجاة بلقاسم لروايال· كما أن الحكومة الفرنسية الراهنة تضم وزيرين عربيين من أصول الهجرة المغاربية هما السيدان عزوز بقاق وحملاوي مكاشرة· وإلى جانب هذا الامتياز السياسي نجد تفوقات في مجالات الإدارة والمال والأعمال والبحث العلمي والطب والتدريس الجامعي ونسجل أيضا حضورا قويا في وسائل الإعلام إلى درجة الظهور المستمر على شاشات الفضائيات وفي كل البرامج الإخبارية والسياسية والثقافية، حيث أصبحت أسماء مريم ورشيد وكمال ومصطفى ومنيرة من الأسماء الإعلامية اللامعة في باريس ولا تثير أي نوع من ردة الفعل العنصرية التي عرفناها في الثمانينيات حين كانت أسماء الشباب العربي لا تذكر إلا في أخبار الانحراف والإجرام للمزيد من التنكيل العنصري· ومع اندماج الجالية العربية المسلمة في كل هياكل المجتمع الفرنسي بفضل النجاح في الدراسة والتميز في العمل تحولت مواقف الناس العاديين الفرنسيين من الخوف غير المبرر من العربي المسلم إلى نوع من الاطمئنان، في مجتمع فرنسي أصبح متنوع الأعراق والجذور والأديان، وذلك في الواقع بفعل الاستقامة التي طبعت سلوك أولياء الأمور وتفانيهم في تربية أولادهم والشعور بأن النجاح قضية حياة أو موت بالنسبة لهؤلاء الآباء والأمهات الذين هاجروا من بلدانهم الأصلية في السبعينيات وظنوا بأنهم سيعودون إلى بلادهم بعد كسب نصيب من المال، فإذا بهم يجدون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من هذا المجتمع الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف وكبر عيالهم وترعرعوا ودرسوا ونالوا الجنسية بمجرد ولادتهم على الأرض الفرنسية كما ينص دستور هذه البلاد، فانقطع أمل العودة للأوطان الأم وتقلصت الجسور الرابطة بينهم وبين أهلهم الباقين في الوطن تدريجيا وأصبحت تلك البلاد الأصلية بعيدة مع مرور الزمن وربما بلاد إجازة قصيرة لاكتشاف العمّ والخالة والجلوس إلى الجد والجدة دون فهم شباب الجيلين الثاني والثالث من العرب المهاجرين للكثير مما يقوله هؤلاء الأهل باللغة العربية· فللهجرة ثمن غالٍ لابد من تسديده على هذا النطاق· ** بالتحديد كيف تناول المرشحون الملفات التي تهمّ الجاليات المغاربية والعربية وفي مقدمتها: قضايا الهجرة والاندماج والتعليم والهوية ومكافحة التمييز العنصري والبطالة··· إلخ؟ كما ذكرت لك هذا هو واقع الملايين من الجالية العربية المسلمة في هذه اللحظة التي يختار فيها الشعب الفرنسي من يحكمه للسنوات الخمسة القادمة· لو تجاوزنا الشعارات الفضفاضة التي لا تغني ولا تسمن من جوع ويرفعها المرشحون فقط لجلب الأصوات، لأدركنا بأن اليمين واليسار والوسط لا يختلفون في الوعود بمكافحة العنصرية وفتح مجالات الدراسة والعمل لأبناء جاليتنا، ولكن السياسة الخارجية التي يضمنها كل مرشح في مشروعه الرئاسي هي التي تكشف حقيقة الاحترام الذي يكنه هذا أو ذاك أو تلك من الطامحين للرئاسة· ** فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ما هي مواقف أبرز المرشحين إزاء القضايا الخاصة بالدول العربية الوضع في فلسطين والعراق، وأيضا العلاقات مع دول المغرب العربي؟ – من المعروف أن الدبلوماسية الفرنسية منذ ولاية الجنرال ديغول عام 1958 تميزت بالاستقلالية عن التوجهات الأمريكية، بل وكانت للرئيس المغادر جاك شيراك مواقف مشرفة حين زار القدس ونهر الجنود الإسرائيليين أمام كاميرات التلفزيون يوم 22 أكتوبر ,1996 ثم كانت له عام 2003 مواقف معتدلة وأكثر عقلانية من الحرب الغربية على العراق وكذلك فيما يتعلق بالملف الفلسطيني· لكن المرشح اليميني ساركوزي اعتمد بصورة لافتة على اللوبي اليهودي بإعلان مواقف غير متوازنة في زيارته لواشنطن وغير متلائمة مع مواقف الحكومة التي ينتمي إليها كوزير للداخلية، ثم تراجع عن هذه المواقف تحت ضغط الرئيس شيراك الذي اشترط لمساندته أن يعود للاستراتيجية الدولية الفرنسية· كما أن المرشحة الاشتراكية أثناء زيارتها لإسرائيل بالغت في التقرب من اللوبي اليهودي وهو قوي في وسائل الإعلام والمصارف· أما الزعيم الوسطي فرانسوا بايرو فهو الأكثـر اعتدالا وعدلا إلى اليوم ولم يشأ اللعب على هذا السجل الحساس مما جلب له تعاطف الجالية العربية· وهكذا فنحن إزاء ظاهرة العولمة وسرعة انتقال الأخبار وتأثير القنوات الفضائية العربية حين نقيم توجهات الرأي العام العربي المسلم في فرنسا تحديدا وفي الغرب عموما، لأن الشاب العربي حتى وهو يعيش في المدن الأوروبية فهو يتفاعل مع قضايا العراق وفلسطين ولبنان ويقيم من خلالها أداء المرشحين للرئاسة· كنا نأمل أن يقع تنسيق المواقف لدى جالياتنا لنضغط بوزننا على اتجاه الانتخابات، لكن يبدو أن علة الانقسام علة عربية متمكنة حتى خارج الحدود· (المصدر: موقع “الجزائر نيوز” بتاريخ 21 مارس 2007) الرابط: http://www.djazairnews.info/hiwar.htm
حزب يساري مغربي يحمّل سياسات الحكومة مسؤولية تفجير الدار البيضاء
الرباط ـ القدس العربي ـ من محمود معروف: حمل حزب يساري مغربي سياسات الدولة المغربية مسؤولية ما تعرفه البلاد من نشاط ارهابي كان اخره تفجير ناد للانترنت في احد الاحياء الفقيرة بالدار البيضاء. وادانت اللجنة الوطنية لحزب النهج الديمقراطي الماركسي الراديكالي التفجير الارهابي الذي عرفته مدينة الدار البيضاء الذي وصفته بـ العمل الارهابي والاجرامي الذي ألحق أضرارا متفاوتة الخطورة بعدد من الأبرياء .. واكد الحزب الذي يتبني سياسة معارضة متشددة أن أسلوب الارهاب والتفجيرات يقدم خدمة مجانية للامبريالية وأعداء الديمقراطية ببلادنا .. وقال في بلاغ ارسل لـ القدس العربي أن الارهاب الأصولي يجد جذوره العميقة في غياب الديمقراطية وسيادة نظام الاستبداد والحكم الفردي الشيء الذي يستوجب تغيير الدستور كمدخل لأي تغيير ديمقراطي حقيقي . بالاضافة الي الارتماء في أحضان الامبريالية والاذعان لاملاءاتها المذلة والتطبيع مع العدو الصهيوني المتغطرس والتسليم بواقع الاحتلال في العراق وفلسطين وأفغانستان .. واقتصاديا واجتماعيا اعاد الحزب ظاهرة الارهاب بالمغرب الي مواصلة السياسات الليبرالية المتوحشة وفشل سياسة محاربة الفقر وتفاهة و ديماغوجية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مما أدي الي مفاقمة مظاهر الفقر والحرمان والبؤس الاجتماعي وتعميق الفوارق الطبقية والاصرار علي مواصلة سياسة تعليمية وثقافية واعلامية، اقصائية تنشر الخنوع و تشجع الفكر الغيبي والخرافي والرجعي وتحارب الفكر النقدي والتحرري .. وجدد الحزب ادانته لمحاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني والتي تقوم بها بعض الأوساط نذكر منها عمدة مدينة مراكش ورجال الأعمال في آسفي ورفضه المطلق لاقامة قواعد عسكرية أمريكية علي أرضنا وتحذيرها من خطورة مشاركة بلادنا في أي حلف عسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية تحت ذريعة محاربة الارهاب. من جهة اخري دعا حزب النهج الديمقراطي الي ضرورة الاسراع بالتفاوض المباشر بين الدولة المغربية وجبهة البوليزاريو، علي أساس الشرعية الدولية المبنية علي مبدأ تقرير المصير لايجاد حل يجنب المنطقة ويلات الحرب و يفتح الآفاق لوحدة شعوب البلدان المغاربية . وكان حزب النهج الديمقراطي قد وجه في وقت سابق من العام الحالي مذكرة لكل من الدولة المغربية وجبهة البوليزاريو يدعوهما فيه الي مفاوضات مباشرة لوضع حد للنزاع وذلك في سياق الموقف الذي كانت تتبناه حركة الي الامام الحركة الام للتنظيمات الماركسية الراديكالية المغربية قبل انشقاقها الي عدة جماعات وتيارات. وانفردت حركة الي الامام والان حزب النهج الديمقراطي من بين الاحزاب السياسية المغربية في الدعوة الي حق تقرير المصير للصحراويين وهو ما عرض قادتها ومن ابرزهم الناشط ابراهام السرفاتي للاعتقال والنفي. الا ان تولي الملك محمد السادس العرش في 1999 دفع نحو انفراج في التعاطي مع هذه الحركة وقادتها وسمح بعودة ابراهام السرفاتي للبلاد بعد نفي دام عدة سنوات وخصص للسرفاتي استقبالا شاركت به شخصيات رسمية ومقربة من الملك المغربي. كما سمح لتيارات الحركة بالنشاط السياسي رغم ان حزب النهج ما زال يرفض المشاركة في العملية الانتخابية واكد الحزب في تموز/ يوليو الماضي موقفه الداعي لمقاطعة الانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها في ايلول/سبتمبر القادم. ومن المقرر ان ينظم حزب النهج الديمقراطي يومي 30 و31 اذار/مارس الجاري ندوة دولية ضد الامبريالية والتي تتزامن مع يوم الأرض الفلسطيني بمشاركة عدد من المفكرين الماركسيين ورموز المقاومة في العالم العربي والبلدان المغاربية وأمريكا اللاتينية. (المصدر: جريدة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
قناة الخليجية تتحول من الغناء الي الدين
الرياض ـ يو بي آي: يعتزم القائمون علي قناة “الخليجية” الغنائية تحويلها الي قناة ذات طابع ديني. وأوضح مصدر مطلع أن العمل يجري لإطلاق القناة بثوبها الجديد خلال أيام قليلة ، مشيرا الي انه تم شراء وإنتاج عدد من البرامج الدينية التي ستبث علي القناة الجديدة .. ولم يكشف القائمون علي أمر القناة تفاصيل أكثر، لكن موقعا الكترونيا لفت الي أنهم أكدوا أن التحول لن يستغرق غير عدة أسابيع. (المصدر: صحيفة القدس العربي العربي (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2007)
الإخوان المسلمون يقاطعون الاستفتاء على التعديلات الدستورية
مصر (رويترز) – أعلن الإخوان المسلمون وهم أكبر قوة معارضة في مصر يوم الأربعاء أنهم سيقاطعون الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي يقولون إنها تهدف لمنع أعضائها من الترشيح للانتخابات العامة. وسوف يجرى الاستفتاء على تعديل 34 مادة في الدستور يوم الاثنين. وقال عصام العريان وهو قيادي بارز في الجماعة ردا على سؤال من رويترز عما إذا كان الإخوان سيقاطعون الاستفتاء “هذا صحيح”. وأضاف “الاستفتاءات كلها مزورة وهذه التعديلات لم يتم فيها أي احترام للقوى السياسية والقوى الوطنية وأحزاب المعارضة. هي تعتبر إملاءات من طرف واحد.” ويصف المسؤولون التعديلات بأنها إصلاحات بينما تراها المعارضة محاولة لتشديد قبضة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم على السلطة. وأقر مجلس الشعب التعديلات يوم الاثنين لكنها لن تسري إلا بموافقة أغلبية الناخبين في استفتاء عام. وتتضمن التعديلات إضافة نص إلى الدستور يمهد على ما يبدو لمنح أجهزة الأمن سلطات كاسحة في مجال احتجاز الأشخاص وتفتيش المساكن والتنصت على الاتصالات الهاتفية في إطار قانون سيصدر لاحقا لمكافحة الإرهاب ويحل محل حالة الطواريء السارية منذ اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981 برصاص إسلاميين متشددين. ومن المحتمل أن تصيب التعديلات جماعة الإخوان وهي أقدم جماعات المعارضة بضرر شديد لنصها على حظر النشاط السياسي على أساس ديني كما يبدو أنها تقضي على أمل الجماعة القديم في أن تصبح حزبا سياسيا معترفا به. ويقول معارضون وحقوقيون إن التعديلات ستحد من الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات العامة وبالتالي ستقلل من فرص الإخوان الذين يرشحون أنفسهم كمستقلين في شغل أعداد كبيرة من مقاعد المجالس التشريعية في وقت تحدث فيه عادة مخالفات كبيرة في الإدلاء بالأصوات وفرز النتائج.
عريضة جمع تواقيع:
“إرفعوا أصواتكم مع جمعية “الكرامة” وباقي المنظمات لدعم من تمثل الإجراءات الخاصة أداة حماية حاسمة لهم”.
إن الآليات التي اكتسبت في أروقة الأمم المتحدة بتضحيات مناضلي حقوق الإنسان منذ عشرات السنين، تريد نسخها اليوم بعض النظم الدكتاتورية بتحريض من الدول أكثر خرقا للحقوق الأساسية لشعوبها و في مقدمتهم كل من الجزائر والصين قصد التراجع عن هذا المكسب العظيم لحماية الشعوب و بالتالي إن أقرت فسوف تكون ضربة قوية لشل قدرة الإجراءات الخاصة على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها على نحو فعال. فالرجاء إمضاء و توزيع الاستمارة المرفقة أدناه على كل من تعرفون من جمعيات و أفراد ومؤسسات: يتميز المقررون والممثلون الخاصون، والخبراء المستقلون، ومجموعات العمل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة – والمعروفون سوية باسم “الإجراءات الخاصة” – بأنهم الأدوات الأكثر إبداعاً ومرونة وتجاوباً بين تلك التي أوجدتها الأمم المتحدة لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. “الإجراءات الخاصة تعطي صوتاً لضـحايا الانتهاكـات الذين لا صوت لهم”، كوفي أنان، 19 يونيو/حزيران 2006 يناقش مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حالياً إدخال تغييرات على الإجراءات الخاصة من خلال مراجعة يقوم بها وينبغي أن تُستكمل بحلول يونيو/حزيران 2007. وعلى الرغم من الحاجة الواضحة إلى أن يقوم مجلس حقوق الإنسان بتقوية الإجراءات الخاصة، فإن عدة دول تقترح، عوضاً عن ذلك، القيام بتغييرات من شأنها إذا ما أُقِرت أن تشل قدرة الإجراءات الخاصة على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها على نحو فعال. إرفعوا أصواتكم لدعم من تمثل الإجراءات الخاصة أداة حماية حاسمة لهم. فباستطاعتكم أن تسهموا في التغيير.
The United Nations Human Rights Council’s special rapporteurs and representatives, independent experts and working groups – collectively known as the “Special Procedures” – are among the most innovative, flexible and responsive tools created by the UN to promote and protect human rights. “The Special Procedures give a voice to the voiceless victims of abuses.” -Kofi Annan, 19 June 2006 The UN Human Rights Council is currently discussing changes to the Special Procedures through a review, which must be completed by June 2007. Despite the clear need for the Human Rights Council to strengthen the Special Procedures, several states are instead proposing changes that would cripple the ability of Special Procedures to promote and protect human rights effectively. Give a voice to those for whom the Special Procedures are a critical protection tool. You can make a différence .
L’appellation collective «procédures spéciales» désigne les représentants, les rapporteurs spéciaux, les experts indépendants et les groupes de travail du Conseil des droits de l’homme de l’ONU. Ces procédures font partie des outils les plus innovants, les plus souples et les plus réactifs que l’ONU ait mis en place pour promouvoir et protéger les droits humains. «[Les procédures spéciales] donnent une voix aux victimes qui n’en n’ont pas.» Kofi Annan, 19 juin 2006 Le Conseil des droits de l’homme de l’ONU réexamine actuellement les procédures spéciales en vue de les modifier. Il doit terminer ce réexamen d’ici juin 2007. Bien que ces procédures aient clairement besoin d’être renforcées, plusieurs États ont fait des propositions tendant au contraire à affaiblir leur capacité à promouvoir et protéger efficacement les droits humains. Donnez une voix à ceux pour qui les procédures spéciales sont un instrument de protection indispensable. Vous pouvez faire changer les choses.
(المصدر: موقع جمعية “الكرامة لحقوق الإنسان” (مقرها جنيف) بتاريخ 20 مارس 2007) الرابط: http://www.alkarama.org/ws/
Home – Accueil – الرئيسية