7 novembre 2004

Accueil

TUNISNEWS

  5 ème année, N° 1632 du 07.11.2004

 archives : www.tunisnews.net


العصر :حوار مع القيادي في حركة النهضة التونسية علي العريض المفرج عنه مؤخرا

جلال بن بريك الزغلامي: إعلان إضراب جوع وحشي الموقف: … و العفو العام متى؟ الموقف: « التجمع » يوظف الإسلام لأغراض حزبية الموقف:المرصد المستقل للإنتخابات يكشف عن إنحياز الإعلام السافر لمرشحي « التجمع » لطفي حجي: رسالة مفتوحة إلى السيد وزير الثقافة – متى يتم الإفراج عن كتابي حول بورقيبة ؟! عبد القادر بن خميس: في الكاف: أعضاء الشعب صوتوا بدل المواطنين محمد صالح النهدي: الانتخابات ديكور نخفي به سوءات نظمنا الشمولية ماهر حنين: نتائج الانتخابات الشعب منها براء

توفيق المديني: خمسـون عاماً على الثورة الجزائرية: قراءة جديدة لتاريخها – الثورة… غيـر الديموقراطية خالد شوكات:  تواصلا مع الاستاذين الطرابلسي والهوني – لا فرق بين الليبرالية عندكم ومحاكم التفتيش   


Voix Libre: Communiqué 
D.L.M.M.: Appel aux députés Tunisiens pour déposer  une Loi d’Amnistie Générale
Fathi Jerbi: Les apprentis sorciers de la politique Abdo Maalaoui: Hommage à Noura Borsali : Encore un peu d’Espoir ! 


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

Liste provisoire de prisonniers élargis :

  Ibrahim Bzaouia – Gabès Ibrahim Bouricha – Gabès Ibrahim M’barek – Gabès Ahmed Smirani – Bizerte Ahmed Frijat – Gabès Ahmed Krifa – Bizerte Toumi Mansouri – Le Kef Habib Labidi – Mornaguia Tahar Ismaïl – Gabès Belgacem Enneguili – Gabès Taoufik Smida – El Jadida Joumou’a Mezni – Jendouba Hatem Hamrouni – Tunis Habib Babour – Gabès Hassen Ayari – Kasserine Hamadi Mansouri – Kasserine Ridha Ben Hamed –Tunis Zoubaïr Chehoudi – Tunis Zyad Daouletli – Tunis Salem Bouallègue – Sousse Soufiane Asli Soufiane Hammami – Saïdia Choukri Chelaouati – Tunis Chouikri Ayed – Melassine/Tunis Sadki Zehdi – Gabès Salaheddine Bouteraa – Kabbaria/Tunis Adel Boukrouba – Gabès Abderrazak Atiki – Gabès Abdelaziz Belgacemi – Bizerte Abdelfattah Nefzi – Tunis Abdelkarim Saket – Bizerte Abdellatif Oueslati – Jendouba Abdelghani Bennour – Tunis Azzedine Jemayel – Mehdia Ali Soltani – Jendouba Ali Larayedh – Tunis Alaya Ben Belgacem –Bizerte Imed Chihaoui – Tunis Imed Trabelsi – Bizerte Amor Graïdi – Le Kef Amor Atia – Gabès Fakhreddine Ferchichi – Kabbaria/Tunis Lassaad Mejdoub – Lotfi Mlouki Lotfi Rejeb – Bizerte Mohammed Tahar Gmou’a – Bizerte Mohammed Ghamqui Mohammed Ghiloufi Mohammed Bergachi – Bizerte Mohammed Khelfet – Jbel Lahmar/Tunis Mohammed Mejnoun Mohammed Neffati – Medenine Mourad Aroug – Tunis Messaoud Lchiheb – Gabès Mustapha Ben Halima – Tunis Mustapha Farsadou – Tunis Mouezz Zer’ï – Bizerte Meftah Sa’ï – Meftah Chaïrat – Gabès Monji Labidi – Jendouba Monji Layari – Kabbaria/Tunis Monji Bergassi – Gabès Mondher Loussif – Gabès Moncef Abdeddaïm – Gabès Mounir Hakiri – Mellassine/Tunis Najeh Methnani – Gabès Nasser Elmoukh – Gabès Nabil Hamrouni – Tunis Nabil Elouaer – Kabbaria/Tunis Nejib Haouari – Gabès Noureddine Chafouk – Tunis Youssef Elidi – Bizerte Youssef Errebaoui – Sidi Bouzid Yos Binzerti – Megrine   (Source : Site nahdha.net, 6 novembre 2004)   (Traduction ni revue ni corrigée par les auteurs de la liste, LT)


Voix Libre
Association oeuvrant pour les droits de l’Homme Communiqué 

 
Paris le 6 novembre 2004 Le conseil d’administration de l’association « VOIX LIBRE » s’est réuni samedi 06 novembre 2004 et a passé en revue les derniers développements de la situation des prisonniers politiques en Tunisie, notamment l’élargissement de quelques dizaines parmi eux en date de 2 novembre 2004. A cette occasion, le conseil d’administration :  –   Prend acte de cette initiative encourageante et adresse ses félicitations aux prisonniers libérés et à leurs familles, –   Rend hommage à leur courage, à leur patience et à leur  détermination pendant ces longues années de détention, –   Adresse ses remerciements les plus sincères à tous celles et ceux qui ont oeuvré pour lever le voile du silence sur leur tragédie et contribuer ainsi à leur libération, –   Exprime son soutien et sa sympathie aux quelques 520 prisonniers d’opinion encore sous les verrous, qui ont été condamnés en raison des mêmes motifs que leurs codétenus libérés,-   Espère vivement que cet élargissement constitue un premier pas vers une réelle ouverture en Tunisie avec la libération de l’ensemble des prisonniers d’opinion et la promulgation d’une loi d’amnistie générale.
Le conseil d’administration Voix Libre: 12 rue Sadi Carnot – 93170 Bagnolet- France Tel : 33 6 26 37 49 29   Fax : 33 1 43 63 13 52 Email : voixlibre2003@yahoo.fr  

جمعية صوت حر
بيان

باريس 6/11/2004 إجتمع مجلس إدارة جمعية صوت حر اليوم السبت السادس من نوفمبر 2004 وتناول بالدرس التطورات الأخيرة بخصوص المساجين السياسيين في تونس والإفراج عن مجموعة منهم ناهزت الثمانين فردا. وبمناسبة هذه المبادرة المشجعة فإن مجلس إدارة صوت حر: ·       يعبر عن بالغ سعادته بانتهاء مأساة السجن والعزلة عن المسرحين و يتقدم بتهانيه الخالصة لهم ولعائلاتهم كما يشيد بصبر هؤلاء الإخوة لهذه المدة المتطاولة. ·       يبدي تعاطفه الكامل ومساندته التامة للخمسمائة وعشرين سجينا سياسيا الذين لا يزالون يرسفون في الأغلال من أجل ذات التهم التي أوخذ بها إخوتهم المسرحون، و يأمل ألا يتأخر تحريرهم أكثر من ذلك. ·       يتقدم بخالص الشكر لكل من ساهم في التعريف بمظلمة هؤلاء المساجين وفي رفع مؤامرة الصمت ضد قضيتهم مما ساهم في اتنهاء معاناتهم. ·    يأمل أن تكون هذه الخطوة هي الأولى في مسار جدي يسير بتونس نحو الإنفتاح وطي صفحة المساجين السياسيين بلإطلاق سراحهم وسن قانون العفو التشريعي العام. مجلس الإدارة
 

 


العصر تنفرد بإجراء حوار مع القيادي في حركة النهضة التونسية علي العريض المفرج عنه مؤخرا

أجرى الحوار: الطاهر العبيدي 07/11/2004 
بعد مضي 14 سنة من الحبس الانفرادي، علي العريض الناطق الرسمي باسم حركة النهضة التونسية، يفرج عنه منذ 3 أيام ضمن عفو رئاسي شمل حوالي 79 إسلاميا، ولا زالت مئات من المساجين ومنذ عشرات السنين تقبع في السجون التونسية، تنتظر لفتة أخرى للتخلص من فضاعات القضبان، ومنذ اللحظة الأولى لسماعنا نبأ هذا الإفراج، اتصلنا بالمهندس علي العريض ليخصنا بهذا الحديث رغم تعبه وإرهاقه…
◙ ما هي الظروف التي تمّت فيها عملية الإفراج، وهل سبقتها مفاوضات غير علنية بين السلطة وقيادة النهضة في السجن، وهل هذا الإفراج هو نوعا من العفو المشروط، أم إفراج دون قيود، أم نقلة جديدة في توجهات السلطة؟
* بداية أقول أن هذه خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، وآمل أن تفضي إلى تسريح السجناء الباقين والذي عددهم يقارب 500 سجينا إسلاميا أو أكثر، وتنتهي هذه المأساة، حتى تتمكن تونس بكل فعالياتها وطاقاتها وأبنائها، من الخروج من هذه المحنة التي عطلت النمو في جميع اتجاهاته، حيث عاش المجتمع طيلة كل هذه المرحلة أزمة ثقة بين المواطن والدولة، ممّا انعكس سلبا على العديد الميادين التنموية، هذا وأؤكد من موقعي وبكل أمانة، أنه لم تقع أي مفاوضات سواء سرية أو علنية داخل السجن، ولم أسمع أن شيء من هذا القبيل قد حصل.   
◙ ما هي تحديدا معالم الإفراج، في هذا الظرف بالذات، وهل كانت مرتبطة بتجديد الانتخابات، وهل هذا العفو هو نوعا من المصالحة أو التصالح وهل هناك من تنازلات؟
* هذا العفو هو سراح شرطي، وللعلم فإن من شملهم هذا العفو، هم أولئك الذين أشرفت مدّة سجنهم على الانتهاء، ولم يبق لهم سوى بعض الأشهر أو الأسابيع، وأعتقد أن هذا الإفراج جاء بمناسبة تجديد الانتخابات، وتزامنا مع حلول عيد السابع من نوفمبر، وهو التاريخ الشهري الذي تسلمت فيه السلطة الحكم…
◙ حسب علمكم كم عدد المفرج عنهم، وما هو موقعهم التنظيمي، فقد بلغ إلى علمنا أنه باستثنائكم انتم باعتباركم الناطق الرسمي لحركة النهضة، والدكتور زياد الدولاتي أحد القيادات السياسية البارزة، والمهندس التومي المنصوري من القيادات الجهوية، والأستاذ مصطفى بن حليمة أحد القيادات الروحية، البقية من القيادات الوسطى ومن المتعاطفين فهل من توضيح؟
* ما علمته أن الذين أفرج عنهم يفوق الستين من أبناء حركة النهضة، وتقريبا 6 أو 10 سجناء من التنظيمات الأخرى، ولا زالت العديد من القيادات التاريخية بالسجن، من أمثال الدكتور صادق شورو، والشيخ محمد العكروت والشيخ الحبيب اللوز، وحمادي الجبالي، وعبد الحميد الجلاصي، وعلي شنتير …وغيرهم وكلّ ما أرجوه أن لا يتأخر إطلاق سراحهم، وتبقى التفاصيل حول الرقم الدقيق ليست بحوزتي، ذلك لأني غير مطلع بما فيه الكفاية، فلا زلت خارجا من السجن وورائي 14 سنة سجن في زنزانة انفرادية، لهذا فالمعطيات تنقصني، وها هي مجلتكم تلقي علي القبض في اليوم الثاني من خروجي، دون أن أسترجع أنفاسي… ( يقول هذا مازحا معنا)
◙ هل يمكن أن نعتبر عملية الإفراج هذه دليلا على طيّ صفحة الماضي، ونوعا من التصالح السياسي في اتجاه ردم شروخ الماضي، وفتح صفحة أخرى في علاقة السلطة بالإسلاميين، وتعامل الإسلاميين بشكل مغاير مع أصحاب القرار؟
* أنا أعتبر أن هذا الذي يجب أن يكون، ومرة أخرى أوضّح أنه من المفيد للبلاد هو أن لا تبقى وضعية المساجين متأرجحة بهذا الشكل الدرامي، وحين أقول مساجين فلا تقتصر المأساة على من كان داخل السجن، فوراء المساجين هناك عائلاتهم وأبنائهم وأصدقائهم وجيرانهم، ومحيط كامل اكتوى سواء مباشرة أو غير مباشرة بهذه الوضعية، وكذلك المغتربين المهجّرين هم أيضا لهم أسر وأصدقاء وأقارب وأهل، وأهمّ من ذلك تربة البلاد التي لا شك هي وجع يحملونهم في صدورهم، لهذا فإن هذه الوضعية تشكل عائقا في الصعود والاستنهاض بالمجتمع المسالم بطبعه، والذي يتوق للحرية والعدالة الاجتماعية…
◙ لا شكّ أنك أحد الذين عانوا الكثير من السجن الانفرادي والعزلة، حيث قضيت مدة 14 سنة في العزلة الانفرادية، فلو تصف لنا هذه المحنة بإيجاز، لأننا ندرك أن الحديث عن هذه المأساة لا تحتمله مساحة صغيرة؟
* أشكرك على طلب الاختصار، وأنا بدوري لا يمكن لي أن أترجم مأساة سنين عبر بعض ذبذبات الهاتف النقّال، لأن هذه الوضعية الأليمة تعاش أكثر مما تحكى، لأن الزمن في السجن لا يقاس بالزمن العادي، فالساعة   في سجون بهذه الوضعية تحسب أعوام، والسنوات عبارة على قرون، ويبقى السجن بخلاصة سريعة هو تدمير الإنسان وكل أنواع التكسير النفسي والقيمي.
◙ هل ستواصلون العمل السياسي أم هناك محاذير وشروط مسبقة أم ستغيرون المنهج؟
* بالنسبة لحركة النهضة ستستمر في العمل السياسي السلمي والإعلامي، للمساهمة في تنمية تقاليد الحوار الواعي والحر، والتعايش الديمقراطي مع كل الأطياف، لمحاولة المساهمة في بناء الوطن الذي يظلل الجميع…
◙ بعد هذه السنين الطويلة من السجن، وبعد هذه الضريبة الباهظة الثمن التي دفعتها حركتكم، من سجن وتعذيب وتشريد وتجفيف الينابيع، فهل تعتبرون ومن موقعكم وإلى حدّ ما، أنه كانت لكم مسؤولية في هذا الاشتباك بينكم وبين السلطة، الذي أفضى إلى هذه الكارثة؟
* إن الحق فوق الجميع، وإن كنا نستخلص العبر من السابق وفقا للواقع، وكلما تبيّن لنا خلل فسنكون من السبّاقين للمراجعة والنقد الذاتي، كي نتمكن من التجديد، مع ثبوت على المبادئ في إطار الاجتهاد ومراعاة التحولات، والتناغم مع روح العصر ومع متطلبات المرحلة.
◙ حركتكم تلقت ضربات قاسمة، بين السجن وقطع الأرزاق والبطالة والتجويع والتشريد، بمعنى أدق كانت مجزرة، وبالتالي فعملية الترميم تتراءى مهمة ثقيلة، فكيف ستواجهون هذه الهموم مستقبلا، وهل من خطة للململة الجراح، وما هي أولوياتكم و موقفكم من المغتربين؟
* سيدي الفاضل مطلوب مني أولا أن أستعيد ذاتي، فأنا طيلة 14 سنة في زنزانة انفرادية، وبالتالي قد يكون هذا السؤال مبكرا بالنسبة لي أنا على الأقل، فهناك إخوة في الداخل والخارج لهم إطلاع وإلمام بطبيعة التغيرات، ووضوح من حيث المعادلات والمتابعة القريبة، قد يكونون أعرف وأقدر منّي، على معرفة شكل المنهج والإجابة على هذه الاستفهامات…ومع ذلك فالأولوية الملحة هو العمل من أجل سن عفو تشريعي عام وهدفنا هو إطلاق جميع المساجين وعودة جميع المغتربين…
◙ هناك تيار في حركة النهضة داخل وخارج البلاد، يحمّل جزءا من هذه الكارثة إلى قيادات الحركة التي لم تحسن القراءة السياسية في ذاك الوقت، ولم تكن لها رؤيا سياسية استشرافية، فما هو توضيحك على هذا الرأي؟
* من الطبيعي أن تقع الأخطاء في ممارسة أي عمل سياسي، فالعمل السياسي هو اجتهاد بشري وليس نوعا من الوحي المعصوم… 
◙ كلمة أخيرة؟
* أهنئ كل الذين أطلق سراحهم، وأهنئ عائلاتهم وكل الشعب التونسي، كما أحيّي كل الإعلاميين والمنظمات والجمعيات والمحامين والدول والشخصيات، الذين طيلة كل هذه السنين لم يبخلوا في مساندة قضيتنا، والعمل من أجل إطلاق سراحنا، وأقول لهم جميعا شكرا وأن التاريخ سوف لن ينسى لكم هذا الصنيع.
لمحة
* علي العريض من مواليد مدينة مدنين بالجنوب التونسي. تخرّج مهندسا أولا من مدرسة البحرية التجارية بالساحل التونسي. وجه تنظيمي بارز في حركة النهضة التونسية منذ الثمانينات.
 

المصدر : مجلة العصر  بتاريخ 7 / 11 / 2004 www.alasr.ws 


إعلان إضراب جوع وحشي، حافيا وعاريا، مفتوح

1 نوفمبر 2004 على الساعة 04 من سجن مرناق   الكرامة، الحرية أو الموت !!!   

 » أناديكم أشد على أياديكم  أبوس الأرض تحت نعالكم وأقول أفديكم… أنا ما هنت في بلدي ولا نكّست أعلامي  وقفت في وجه ظلامي يتيما عاريا حافي فمأساتي التي أحيا نصيبي من مآسيكم » سميح القاسم  

فجرا، تحت أضواء ساطعة، بغرفة طولها عشر أمتار وعرضها خمس أمتار أين يتكدس 81 من أبناء بلدي مع البرد والذباب والجرب و » بو فراش » والحزن والقهر والذل :  زهير 22 سنة إستيقظ مختنقا لأنه مريض بضيق التنفس ولم يجد ما يسكن ألمه، كذلك محمد علي 45 سنة لأنه يحس بآلام نفسية حادة، والحارس الصغير 20 سنة الذي ينتظر أوامر سيده « الكبران » الذي يسامر ثلة ضاحكة حول الممشى. فهم أعين و »صبابي » أعوان وحراس السجن خدامي المدير عبد الطغمة البوليسية الحاكمة… في هذه « اللاحياة » المعبرة بكل سطوع عن النهج والممارسة الإجرامية لحكام البلاد، وبعد تفكير عميق، وبكل حزن ونقمة أعلن إضراب جوع وحشي، عاريا، حافيا وملتحفا  » زاورة » السلطة المتعفنة. أقول أنني حزين لهذا القهر لأنني تواعدت فيما سبق مع نفسي أن لا أعود إلى هذا الشكل النضالي، لما لحقني من أذى صحيّ، بدنيّ ونفسيّ أعاني منه إلى حد اليوم، وذلك جراء خوضه مرتين (الأولى من يوم 3 إلى 16 ماي 2000 عندما وقع سجني تعسفا، والثاني من 3 إلى 23 فيفري على إثر محاولة إغتيالي في وضح النهار من طرف البوليس السياسي بسبب كتابتي إفتتاحية العدد الاول من « قوس الكرامة » بعنوان « بن علي 13 سنة، يكفي !. » وأنا أبدأ إضرابي أقبّل عذرا رأس كل من حبيبتي وزوجتي ورفيقتي طريحة الفراش مرضا  أحلام بالحاج وأمي الحنون الصامدة شويخة (76 سنة ) وابني العزيز يوسف (8 سنوات) وابنتي الغالية مريم (سنة ونصف) وإخوتي الإناث والذكور وصديقاتي وأصدقائي ورفيقاتي ورفاقي في تونس بكل الجهات والقطاعات ومعهم إخوتي الشجاعات والشجعان في الجزائر وكل المغرب الكبير والوطن العربي وفرنسا وسويسرا وفي  كل العالم… وأريد أن أحيّي أخي ورفيقي محمد نجيب المسجون مثلي والذي بالرغم من  سنه وحالتة الصحية مازال صامدا شامخا في يومه 38 من إضراب الجوع المفتوح الذي يخوضه. عذرا يا أهلي ويا شعبي ويا صديقاتي ويا أصدقائي في كل العالم، عذرا على إختياري هذا الشكل النضالي الذي أمقت… فبدم الشهداء وأطفال فلسطين ومقاومي العراق وكولمبيا، بدم الفاضل ساسي  وكمال السبعي وفتحي همان والزغدودي وعمران والدغباجي والحامي وبن غذاهم وبن بو العيد وحسيبة والمهدي (في الذكرى الـ50 لثورتنا جميعا) والخطابي وعرابي ودلال المغربي وآية وغيفارا وهوشيمنه وتروتسكي وروزا وفهد العراق ومكثاريس وسبارتاكوس ولوممبا ومالكم إكس وأبو ذر والأهوازي !  بدم كل هؤلاء الشهداء الذين ملئوا قلبي وروحي لم تترك لنا  هذه السلطة الجبانة، سلطة البوليس الفاسد والشُعب المتعفنة والسماسرة الرأسماليين سوى النضال بقوى أجسامنا إلى حدّ الموت إن لم نحقق حرّيتنا وكرامتنا… لقد اخترت هذه الطريق لانني 1- من أبناء هذا الشعب الذي أُغتُصب  فرجويّا للمرّة السابعة ! من شعب يُغتصب قهرا يوميا. ينظم له إغتصاب مبهرج ومتلفز للمرّة السابعة! الاولى مع إنقلاب 7 نوفمبر 87 والثانية – وبتزكية تقريبا من كل القيادات السياسية والجمعياتية والنقابية ( بما في ذلك الحركة السلفية  » النهضة ») – في مهزلة إنتخابات 89، والثالثة وبمشاركة ( بعض الديمقراطيين) على رأسهم محمد الشرفي في مسخرة إنتخابات 94، والرابعة في مسخرة إنتخابات 99   والخامسة بمأساة استفتاء ماي 2002، وانتهت بالسابعة الأخيرة : اغتصاب، قهر وذل وهمّ يوم 24 أكتوبر 2004 حيث حصل الديكتاتور المومياء على 94٪ وحزبه على المقاعد الكاملة للدوائر، وأعطى شركائه نسب ومقاعد حسب ترتيب ولاءهم. 2- حطّمتُ رقما قياسا في المحاكمات : ففي أقل من شهر ونصف يقع إحالتي على المحكمة في 6 قضايا كلهم حول ملفات مفبركة ووسخة على شاكلتهم وذلك لسبب بسيط وهو أنني انتمي لمجموعة : » قوس الكرامة » المتفاعلة مع مجموعات ثورية أخرى. كان موقفها يتمثل في مقاطعة مهزلة الإنتخابات، وكانت السلطة تخشى – بما عرفنا به من كفاحية وعمليّة – أن ننظّم تلك المقاطعة بشكل علني ونشط. 3- لا يمكن أن أبقى في السجن مكتوف الايدي أنتظر « رحمة » الحاكم القمعي، فقد تركت إبنايا مع أمّهم حبيبتي وهي طريحة الفراش تصارع لحد اليوم مرضا من أخبث وأخطر الأمراض. 4- لأنني إنتظرت أخذا بنصائح  » العقلاء والواقعيين جدّا » يوم المحاكمة، لعلّ القضاء يعبّر عن إستقلاليّته ويطرح القضايا المفتعلة ضدّي وضدّ أخي ولوممبة ويتمّ إطلاق سراحنا، غير أنّ ما حصل كانت الواقعية السافرة لهذا القضاء، إذ أثبت في الجلسة وما حولها هو بإتجاه المتّهمين والدفاع وخاصّة بتمسّكه بتركي أنا وأخي بالسّجن، أثبت لنا و »للواقعيين والعقلاء  » أنّه قضاء أعمى تقوده عصى وخوذة البوليس حاكم البلاد وسيّد كلّ سلطها الفاسدة. لذا، أعلن عن هذا الإضراب ولي قناعة بأنّ الطريق الوحيد الممكنة الآن للحريّّة هو النضال والتضحية، وحتّى إن مُتنا فسنموت أحرارا، مناضلين من أجل قضايا شعبنا، من أجل مبادئنا وأخلاقنا الثورية الشعبية والثورية الاشتراكية. إن ما خطّه أحد المساجين على حائط الزنزانة يزيد من غرامي وثباتي :  » أفضّل أن أعيش حرّا في جهنم على أن أعيش عبدا في الجنّة » فما بالكم وأننا عبيد في جهنم سلطة بن علي وبوليسه وشُعبه وحثالة البرجوازية العميلة. عش عزيزا أو مت وأنت كريم! الجرأة على النضال، الجرأة على النّصر! إلى الأمام وحتما سينتصر شعبنا حرّا وعزيزا!!!   السجين المجاهد من اجل الحياة جلال بن بريك الزغلامي

مدير مجلّة قوس الكرامة

 


أخبار .. حريات

 

 

إطلاق سراح عدد من السجناء الإسلاميين

علمت الموقف وهي تحت الطبع أن السلطات أطلقت سراح عدد من سجناء  » حركة النهضة  » وذلك بالحطّ من عقاب البعض وبالعفو الرئاسي عن البعض الآخر. ومن بين المفرج عنهم القياديان زياد الدولاتي وعلي العريض بالإضافة إلى السجناء عماد الشيحاوي وصدقي الزهدي ومنير الحكيري وشكري بن عياد وآخرون.

وقد عبرت عائلات السجناء عن فرحتهم واستبشارهم بعد خبر إطلاق سراح هذه الدفعة من السجناء السياسيين متمنين إطلاق سراح البقية وغلق الملف نهائيا وإعلان العفو التشريعي العام.

تحوير؟

يتساءل الرأي العام عما إذا كانت الحكومة ستتغير بعد الإنتخابات مثلما هو جار به العرف ومثلما تضبطه الدساتير في عدة بلدان. فمع بداية كل فترة رئاسية جديدة تتخلى الحكومة المنتهية ولايتها ويتم تجديد الثقة فيها أو تسمية حكومة بديلة. لكن السلطة ردت على هذه التساؤلات في جريدة « الحدث » بنفي أي نية لإدخال تعديل واسع على الحكومة مشيرة إلى أن النظام في تونس رئاسي وأن تعيين الوزير الأول وباقي الوزراء لا يرتبط بالمواعيد الإنتخابية!

رقابة

تعرضت جريدة « لوموند » للحجز عدة مرات في الفترة الأخيرة بسبب مقالات واكبت من خلالها الإنتخابات التونسية وكذلك الشأن لجريدة « لوفيغارو » مع أنها كانت تعتبر قريبة من السلطة، لكن المقالات التي نشرتها هذه المرة لم تجامل الحكومة. كما تعرضت عدة صحف عربية في مقدمتها « القدس العربي » للمصادرة بسبب تغطيتها للإنتخابات الأخيرة.

انتخابات

يذكر الناس أن أول انتخابات جرت في عهد أول حكومة استقلالية وطنية جرت يوم 8 نوفمبر 1959 بعد اصدار دستور البلاد في غرة جوان. وقد تحصل الزعيم الحبيب بورقيبة أنذاك على نسبة 91،47 % وقائمة الوحدة القومية على نسبة 91 % بينما حصلت قائمة الحزب الشيوعي التونسي على 9 %.

جريدة « التونسي »

أصدر الزميل عبد الوهاب الهاني يوم الاثنين غرة نوفمبر 2004 جريدة باللغة الفرنسية في باريس موجهة للجالية المغاربية تحمل إسم  » التونسي « . ويهتم هذا المولود الإعلامي الجديد بالمجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للجالية المغاربية وتصدر كل شهر. يذكر أن تاريخ تونس شهد بعث جريدة تحت إسم  » التونسي  » سنة 1933. وقد تحدثت عديد الصحف الفرنسية على هذا المولود الجديد وتوقعت ان يساهم في إثراء المشهد الإعلامي بالمهجر.

تراجع

اتصل بنا الطالب زياد الراجحي صاحب بطاقة تعريف رقم 04480219 وعضو الاتحاد العام لطلبة تونس قائلا أن إدارة كلية العلوم ببنزرت وبعد قبول ترسيمه بالماجستير رياضيات للسنة الدراسية 2004 – 2005 تراجعت بسبب نشاطه النقابي مدعين ان هناك  » خطأ إداري « .

تعزية

توفي الصديق النقابي محي الدين اليوسفي في صفاقس وهو من مواليد سنة 1955 وكان ناشطا بالحركة الطلابية وعضو النقابة الأساسية بسبيطلة والصخيرة وساقية الدائر. وكان المرحوم مناضلا منذ شبابه في الحركة الحقوقية والنقابية والقومية وخلف ثلاثة أطفال.

وأسرة الموقف تتقدم بأحر التعازي إلى أهالي الفقيد وكل النقابيين بجهة صفاقس. وتترحم على الفقيد راجية من الله العلي القدير أن يسكنه فسيح جنانه

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)


طرد عمال بشركة فلاحية في البطان من ولاية منوبة

وصلتنا رسالة من 24 عاملا مطرودين من الشركة الوطنية للابتكار وبيع انواع المشاتل بالمهرين ولاية منوبة وهم يعتصمون بمقر الشركة منذ يوم 8 اكتوبر الماضي و هنا أهم ما جاء فيها:

منذ التحقنا بالشركة سنة 1999 تفانينا في العمل ورغم ان الشركة مرت بظروف كادت تصل إلى الإفلاس، ولكن بفضل عزيمتنا وتضحياتنا وعملنا ليلا ونهارا، نجحت الشركة وتجاوزت كل الصعوبات وأصبحت لها نجاحات محلية وعالمية. وفي السنة الماضية وبعد استقرار أمر الشركة طالبنا كعمال من السيد محمد الطرابلسي أن يمتعنا بحقوقنا المشروعة كبقية العمال، فنحن أحيانا نعمل ليلا نهارا دون أن نتمتع بأجرة الساعات الزائدة ودون الحصول على مردود العطل والأعياد الوطنية. فكان جوابه أن طردنا كلنا من العمل وبدون أي تعويضات ضاربا عرض الحائط بقوانين البلاد وبسنوات الشقاء التي بفضلها تطورت الشركة.

لقد اصبحنا من يومها عاطلين وأغلبنا له اطفال فكثفنا اتصالاتنا بالمسؤولين المحليين وعلى رأسهم السيد المعتمد الذي رفض مقابلتنا بسبب علاقته بالمسؤول الذي يحاول تشويه مطالبنا. والغريب أنه منذ طردنا شهدت الشركة تراجعا خطيرا بسبب عدم خبرة العمال الجدد. إننا مهددون وأبنائنا بالجوع  بعد تضحية السنوات الماضية ومنذ قرار الطرد في غرة سبتمبر الماضي واعتصامنا يوم 8 أكتوبر وحالتنا تزداد سوءا ولا أفق لحل لقضيتنا بسبب عدم ٍرأفة المسؤولين فماذا نفعل ومن يقف إلى جانبنا ؟

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)

 

… و العفو العام متى؟

رشيد خشانة

 

شكل إطلاق عدد من المساجين الإسلاميين المعتقلين منذ مطلع التسعينات، بمن فيهم قياديون في حركة « النهضة »،  خطوة ترمي للتهدئة بعد الصدمة التي أحدثتها في الداخل كما في الخارج نتائج الإنتخابات التشريعية والرئاسية وإن كان التونسيون ينتظرونها. غير أن هذه الخطوة الجزئية لا تغني عن سن العفو التشريعي العام الذي يعد الحل الجذري لملف مساجين الرأي وهو ملف ظل يتعفن عاما بعد آخر وأدى إلى وفاة عدد من هؤلاء السجناء فيما بقي عدد آخر قيد السجن الإنفرادي المدمر طيلة أكثر من اثني عشر عاما.

وليس من قبيل الصدف أن جميع القوى الديمقراطية سواء أكانت منظمات إنسانية وحقوقية أم أحزابا سياسية اتفقت على اعتبار العفو التشريعي العام هو المدخل الصحيح لرد الإعتبار لآلاف التونسيين الذين تعرضوا للإضطهاد والضيم طيلة العشرية السوداء التي مرت بها بلادنا. فالعفو العام هو وحده الذي يمكن أن يضمن إخلاء سبيل باقي السجناء وعودة المنفيين من الخارج واستعادة الجميع لحقوقهم السياسية والمدنية وجبر الأضرار…وفي كلمتين إنهاء المظلمة.

وعليه لا يحسبن أحد أننا سنتخلى عن المطالبة بالعفو التشريعي العام ولا أن الجمعيات والأحزاب الديمقراطية  ستتنازل  عن هذا المطلب الذي رفعته عاليا لقناعتها بأن الإستجابة له تخدم تونس وتتقدم بها خطوة إلى الأمام.

ومازلنا عاقدين العزم على الدعوة إلى أن تصبح بلادنا خالية من أي سجين رأي أو أي سجين سياسي لأن ذلك هو السبيل لتنقية المناخ السياسي وإنهاء الإحتقان تمهيدا لوضع ركائز تجربة تعددية حقيقية يمكن أن تؤسس لمنعطف ديمقراطي طالما انتظرته تونس وضحت في سبيله قوافل من أبنائها.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)


« التجمع » يوظف الإسلام لأغراض حزبية

 

سمعنا وقرأنا كثيرا من المواقف الرسمية الداعية لإبعاد المساجد عن السياسة وضرورة الإمتناع عن توظيف الدين في العمل الحزبي من أي طرف كان. لكن الذين يعطون هذه الدروس لسواهم لا يعتبرون أنفسهم معنيين بها ولا ملزمين بتطبيقها، بل هم أول من يخالفها ويلجأ إلى التوظيف السياسي المباشر للإسلام.

وهذا ما فعله الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي وعدد من أعضاء ديوانه السياسي عندما أشرفوا في بعض المساجد على سهرات أقيمت بمناسبة ذكرى غزوة بدر. ولم تجد صحيفتا « التجمع » غضاضة في أن تنقلا في عدد يوم  الأحد الماضي  خبر حضور الأمين للحزب تلك المناسبة في جامع احمد ليس بصفته مواطنا عاديا، وإلا فالخبر يفقد مدلوله السياسي، وإنما بصفته الحزبية.

والأغرب من ذلك أن الخبر أشار إلى أن المسؤول الحزبي أشرف على هذه المناسبة الدينية « بحضور الإطارات الجهوية والمحلية يتقدمهم السيدان عباس محسن رئيس بلدية تونس شيخ المدينة وعلي الشعلالي الكاتب العام للجنة التنسيق بالوردية ».

وهذا عين التوظيف السياسي للإسلام واستغلال  أماكن العبادة للدعاية الحزبية وهي بيوت أذن الله  أن ترفع  ويذكر فيها  اسمه لا اسم أي حزب من الأحزاب.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)

 


المرصد المستقل للإنتخابات يكشف عن إنحياز الإعلام السافر لمرشحي « التجمع »

 

كشف تقرير المرصد المستقل للأداء الإعلامي أثناء الحملة الإنتخابية عن انحياز شامل لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة لمرشحي الحزب الحاكم للإنتخابات الرئاسية والتشريعية. وتشكل المرصد من خبراء دوليين وتونسيين في الإعلام تحت إشراف كل من رابطة حقوق الإنسان وجمعية النساء الديمقراطيات والمجلس الوطني للحريات وبدعم من مؤسسة « إنترناشيونال ميديا سيبورت » الدانماركية التي لديها خبرة طويلة في رصد الإنتخابات.

وواكب فريق المحللين الحملة الإنتخابية من 15 إلى 22 أكتوبر الماضي باستخدام المعايير والمناهج الدولية في هذا المجال ولجؤوا إلى التحليل الكمي والكيفي للخطاب الإعلامي سعيا لرصد الأداء الإعلامي من زاوية الإستقلالية والموضوعية والتوازن مثلما جاء في التقرير. واعتمد الرصد على ما بثته قناة تونس 7 وقناة 21 والإذاعة من برامج أثناء الحملة وكذلك مضامين سبعة صحف يومية. كما قام أعضاء  الفريق باستجواب مرشحين وصحفيين أثناء الحملة وحاولوا الحصول على مقابلات من وزير الداخلية والكاتب العام للحكومة والمدير العام للإعلام لكن لم يستجب لطلباتهم.

ومن أهم الإستنتاجات التي توصل لها الفريق طبقا للتقرير الذي وزع على الصحافة ما يلي:

·        وجود عدم توازن بين تغطية الإنتخابات الرئاسية والتشريعية على صعيدي المساحة والوقت المخصصين لكل منهما. وأظهر التقرير تركيزا على مرشح « التجمع » للإنتخابات الرئاسية وعلى حزبه إذ استأثرا ب77 % من الوقت المخصص للإنتخابات في الإذاعة والتلفزة و92 % من المساحة في الصحف اليومية. وأشار التقرير إلى وجود تركيز على الإيجابيات ودور الرئيس المنتهية ولايته في قيادة تونس. كما أشار إلى أن الوزراء كانوا مجندين في الحملة وحصلوا على تغطيات إعلامية لنشاطهم على أنه يندرج ضمن العمل الحكومي رغم أنه جزء من حملة الحزب الحاكم.

* استخدمت الحكومة أشكالا مختلفة من الدعاية غير المباشرة بالإعلان دوما عن قرارات وإجراءات ترمي لتحسين حياة التونسيين.

* لاحظ التقرير اتجاها قويا للشخصنة أثناء الحملة أساسه الخلط بين مرشح « التجمع » ومصلحة تونس وهو ما تجلي في التماهي بينه وبين الرموز الوطنية مثل العلم وشعار الجمهورية خلال مختلف مراحل  الحملة.

* أعطت التغطية الإعلامية لسير الخملة أفضلية وامتيازا لأحد المرشحين تجلتا في المقالات المنشورة التي تحدثت عن  » النجاحات » في ميدان الإقتصاد والتربية والبيئة وتحسين وضع المرأة. وأشار التقرير إلى أن الإعلام كان يستغل تغطية نشاط رئيس الدولة بصفته رئيسا لتمرير الدعاية الإنتخابية ودعوة المواطنين للتصويت له.

* حظيت الإنتخابات التشريعية باهتمام أقل من قبل الصحافة التونسية وفي حالات كثيرة ركز مرشحو الديمقراطيين الإشتراكيين والمستقلون على الدعوة للتصويت لمرشح « التجمع » في الرئاسية بدل عرض برامجهم الإنتخابية. كذلك ركز مرشحو « التجمع » على الدعاية لمرشح حزبهم للرئاسة على التواصل مع الناخبين بشأن بياناتهم الإنتخابية للتشريعية.

* استأثر « التجمع » في جميع وسائل الإعلام إن كانت مسموعة أم مرئية أم مقروءة بحصة الأسد من حيث التغطية إذ حاز على 70 % من الوقت في الإذاعة والتلفزة فيما منحته الصحف اليومية 74 % من المساحة في تغطيتها للإنتخابات.

* لوحظ أيضا تمييز بين المرشحين في أوقات البث واللجوء إلى استخدام « شهادات » أدلت بها « شخصيات دولية » ! للتعبير عن دعم مرشح « التجمع ».

هذا أهم ما جاء في التقرير الذي كنا نتمنى أن تتوفر الإمكانيات وخاصة على صعيد حرية التعبير للقيام بمثله خارج الفترات الإنتخابية لنقف على حقيقة الإنحياز الإعلامي الشامل الذي يعتم على ما يتفاعل داخل مجتمعنا ويوظف وسائل الإعلام العمومية والخاصة بالكامل للطرف الحاكم مما كرس الرأي الواحد وألغى التعددية ومنع بروز رأي عام على غرار ما هو موجود في المجتمعات الديمقراطية. وإذا كانت هذه حال تونس أثناء الحملة الإنتخابية التي تشكل مجرد قوس يفتح ويقفل سريعا كل خمس سنوات فإن اللوحة أكثر قتامة على مدى السنوات الخمس المتعاقبة، وهذا لا يخدم مصلحة الوطن ولا يستجيب لما يتطلع إليه المواطن.

ر. خ

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)


رسالة مفتوحة إلى السيد وزير الثقافة

متى يتم الإفراج عن كتابي حول بورقيبة ؟!

انتظرت سبعة أشهر كاملة لأكتب هذه الرسالة، وذلك بعد أن عيل صبري. ولم أجد جوابا مقنعا من أي مسؤول.. فقررت أن أتوجّه إليكم عبر الإعلام. وفي صحيفة  » الموقف  » لأنها الوحيدة التي بإمكانها نشر رسالة مماثلة.

القصّة بسيطة وما كانت لتحتاج لمثل هذه الرسالة لو أن المصالح المعنية بالرقابة قامت بدورها الطبيعي، وفي الوقت المناسب. بدأت القصّة بتأليفي كتاب عن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بعنوان  » بورقيبة والإسلام الزعامة والإمامة  » ونشرته لي دار الجنوب للنشر في موفى شهر مارس الماضي..حرصت صحبة دار النشر أن يعرض الكتاب في معرض الكتاب الاخير حتى نبرز جزءا من التاريخ التونسي، ومن خصائص الثقافة التونسية في مسائل يعدّ الكتاب التونسي الأقدر على التأليف فيها، إذا ما توفرت له الفرصة، من نظيره المشرقي أو الغربي. إلا أن أملنا في عرض الكتاب في المعرض تبخذر لأن لجنة الإيداع القانوني، كما تسمّى، لم تمنحنا الترخيص على الرغم من أنّها في أيام المعرض تسند الترخيص السريع لمعظم الكتب الوافدة عبر دور النشر المشاركة في المعرض. طمأننا أنفسنا،  وقلنا لننتظر أكثر لعلّ زحمة المعرض تمنع اللجنة من النظر في كافة الكتب المعروضة عليها.. أو لعلذها عملا بالقيم العربية الأصيلة تبجّل الضيوف على أبناء الدار.

انتظرنا أكثر.. طال الانتظار.. وجواب وزارة الثقافة واحد  » هو لم تجتمع اللجنة .. ستجتمع يوم السبت..  » وكان هذا الجواب يتكرر في الأسابيع الأولى.. ثم بعدها بخل أعضاء اللجنة حتى بهذا الجواب.. واكتفوا بجواب آخر وهو الهاتف الذي يرنّ دون أن ترفع السماعة.

و أنا في فترة الانتظار.. جمعتني الصدفة في مناسبة وطنية بمدير ديوانكم السيّد علي زعيّم حدثته عن الكتاب.. وقد مضى حينها شهر على صدوره.. وطلبت منه بإعتباره مسؤول أن يتدخّل.. قال لي حينها أن شهر ليس مدّة طويلة.. لكنه أبدى من دماثة الأخلاق وسعة الصدر الشيء الكثير ووعدني أن يتدخّل…

مرت سبعة أشهر.. ولا جواب يبرر هذا الحجز، أو المنع، أو هذه الإطالة حتى نتحلى بحسن النيّة.. ونتلقى من هنا وهناك بعض الاجوبة غير الرسمية التي تتناقلها الألسن ذات اليمين وذات الشمال.. أن الكتاب خرج من وزارة الثقافة إلى وزارة الشؤون الدينية.. وأن مسؤولا في الوزارة كلّف بقراءته لا يريده ان يصدر…

لا أريد أن أصدّق تلك الاخبار السيارة.. ولا أريد أن أصدّق إلى حدّ الآن أن الكتاب ممنوع، لأنني أرتكز في موقفي على الاعتبارات التالية:

أولا:  إن قرار المنع، إن حصل، يجب ألا يكون فرديّا، أو انطباعيا يأتي من شخص أو أكثر قد يتعاملون بطريقة كيدية مع الأثر الذي بين أيديهم أو مع مؤلفه.. وذلك ليس من مصلحة الدولة.. لأن مصلحتها لا بدّ أن تعلوا على المواقف الذاتية.

ثانيا:  أن الموضوع الذي اخترته ليس من الممنوعات.. فلا ضرر أن يكتب الإنسان اليوم عن بورقيبة. أو ان يكتب عن الإسلام في وقت نحتاج فيه إلى جهود بحثية ترفع الغطاء عن جزء من تاريخنا وتنير الإسلام في وقت أصبحت تتقاذفه التيارات المتنازعة والملل المتناحرة.

ثالثا:  أنه، مع تمسكي بحقي في حريّة التعبير، فقد مارست، مع الأسف الشديد الرقابة الذاتية.. وتلك آفة أخرى تنخر مجال التعبير.. تسلحت بتلك الآفة وحذفت بعض الاستشهادات، والأسماء التي قد تعيق صدور الكتاب.

رابعا:  أن حدود  »  الجرأة  » التي اتسمت بها الأفكار الواردة في الكتاب سبق أن عبرت عن مثلها أو عن أجرأ منها في مجلة  » حقائق  » حيث كنت أعمل رئيسا لتحرير القسم العربي، خاصّة من خلال تغطيتي للندوات التي تتعلّق بتاريخ تونس، ولحواراتي مع المفكرين التونسيين والأجانب.

سيدي الوزير

لكل تلك الاعتبارات أقول أنّه من حق مختلف الأجيال التونسية أن تطّلع على معالم من تاريخها، من وجهات نظر مختلفة.. وأنه ليس من حق بعض الموظفين الصغار.. الذين لا علاقة لهم بالثقافة والفكر، وإن كانوا بارعين في مجالات أخرى. وليس من حقّهم منع الأجيال المذكورة من الاطلاع على تاريخهم.

لذلك ألتمس منكم الإفراج عن الكتاب حتى لا تحرم تلك الأجيال، خاصة وان في الكتاب قصصا تذكر لأوّل مرة عن علاقة بورقيبة بالإسلام.  

لطفي حجي

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)


 

الديمقراطي التقدمي يندد بالاعتداء على السيدة عزيزة العياري

أصدر الحزب الديمقراطي التقدمي بيانا هذا نصه:

تعرضت السيدة عزيزة العياري زوجة المناضل منجي سالم عضو المكتب السياسي لحزب الديمقراطي التقدمي ورئيس فرع قابس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى اعتداء بالعنف الشديد بمدينة قابس إلى اعتداء بالعنف الشديد حيث قام أحد العناصر المشبوهة بمهاجمتها وترويع ابنتها الصغرى التي كانت بصحبتها يوم 18 أكتوبر 2004 في غمرة الحملة  » الانتخابية  » مما نجم عنه أضرار نفسية وبدنية خطيرة.

يأتي هذا الاعتداء السافر في الوقت الذي يتضخّم فيه الخطاب الرسمي حول  » حقوق الإنسان  » وحماية حقوق المرأة والطفل  » وبعد سلسلة من المضايقات الإدارية والأمنية التي تعرّض لها الأخ منجي سالم وبعد فشل المحاولات الوضعية للتعريض بينه وبين زوجته.

  إن هذا الإعتداء يمثّل خرقا فادحا لقوانين البلاد ولمعاهدة حماية نشطاء حقوق الإنسان التي صادقت عليها تونس ويشكل جريمة سياسية مشخّصة وتهدف إلى الضغط على المناضل منجي سالم المعروف بإشعاعه الجهوي والوطني والنيل من معنوياته.

إن المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي إذ يدين بشدّة أسلوب العنف في العلاقات السياسية والعامة، يدعو وزير العدل إلى فتح تحقيق فوري في الموضوع ويوجه الإتهام الصريح إلى السلطة التنفيذية. ويحمله مسؤولية تفاقم هذه الظاهرة الخطيرة كما يتوجه بنداء ملح إلى الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وكافة فروعها وإلى المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل وكافة الاتحادات الجهوية والمحلية وإلى الهيئات القيادية للأحزاب والمنظمات والجمعيات الديمقراطية المستقلة إلى اتخاذ مواقف علنية لإدانة هذا الإعتداء الجبان والمطالبة بتعقب مقترفيه وإحالتهم على العدالة.

عن المكتب السياسي

منجي اللوز

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)

 


في الكاف: أعضاء الشعب صوتوا بدل المواطنين

عبد القادر بن خميس

انطلقت الحملة الانتخابية للتجمع في جهة الكاف منذ أوائل سبتمبر 2004، ولم تظهر للعيان أية بوادر انتخابية تعددية حتى ابان الفترة القانونية المقررة للحملة الانتخابية 10 أكتوبر. ففي مدينة الكاف اجتاحت اللافتات الدعائية لمرشحي التجمع ( الرئاسية والتشريعية ) جميع الشوارع والانهج وواجهات المؤسسات العمومية: معاهد ومدارس ومستشفيات وإدارات فلاحية وشركات حكومية. ولم ينج من هذا الفيض قصر بلدية الكاف الشامخ والذي نشرت لافتة عملاقة على كامل حائط شرفته تمجّد الانجازات الرائدة.

فالجهة ترزخ تحت كلكل الحزب الواحد الأحد، وفي يوم 24 أكتوبر 2004 جندت منذ الصباح الباكر سيارات  » التاكسي  » وأخذت مواقعها قرب العديد من مكاتب الإقتراع و امام مدرسة حي حشاد، وسط المدينة، أرسى طابور من  » التاكسيات  » استعداد لجلب الناخبين والناخبات من ديارهم عنوة.  أما في المكاتب الريفية فالنقل الريفي الخاص وضع هو الآخر في حالة تأهب، ولعب أعضاء الشعب الدستورية دورا بارزا في جلب الناخبين من مزارعهم، ففي تعاضدية النجاة سابقا ( 8 كلم غربي مدينة الكاف ) والتي هي الآن بأيدي خواص. بادر أحد الناخبين بأخذ جميع الأوراق لكنّه صدّ على عقبه وأرغم على حمل الورقة الحمراء لوحدها وعندما همّ بالدخول إلى الخلوة انتشل بقوة من قبل أعضاء الشعبة وأجبر على وضع الظرف مباشرة في الصندوق.

أما الناخبات فلا وجود لهنّ، حيث وقع تغييبهن وقام مقامهن  » بالجملة  » بعض الرجال! وفي مكتب كبوش ( 20 كلم شرقي مدينة الكاف ) جيء بالناخبين الفلاحين على متن حافلة نقل ريفي، وعند الوصول قام اعضاء الشعبة بالعملية الانتخابية مكانهم حتى أن احد الفلاحين قال  » علاش شقيتمونا هاكم عملتو كل شيء وحدكم … يعطيكم الصحّة « .

في مثل هذه الاجواء الانتخابية الباهتة والتي هيمن عليها الحزب الحاكم المتفرّد بسيطرته المطلقة وبسط نفوذه اللامحدود على منطقة تئنّ تحت وطاة الخصاصة والحرمان، وهي تعيش على الغعانات الموسمية والصدقات المناسباتية، لم يعد للديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان مجال لتلج هذه الجهة المتقهقرة ومدينتها العريقة  » الكاف الصامتة  » والتي اعتراها البؤس وأتعبها التزييف والتهميش.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)

 


الانتخابات ديكور نخفي به سوءات نظمنا الشمولية

محمد صالح النهدي

استطاعت الدول المتقدمة الفاعلة في أحداث العالم المعاصر أن تحقق تطورها وتنجز ثوراتها الاجتماعية والاقتصادية والعلمية مما جعلها تشهد تحولات هامة في مختلف الميادين وذلك بفضل الأسس المتينة التي قامت عليها نظمها، وهي نظم عملت باستمرار على اتساع نطاق الحرية في عملية التنمية والتطور لأنها تعتقد أن افتقاد الحريات يقلص من فعاليات الإنسان ويشل قدراته ويفقده حوافز البذل والعطاء. لهذا حرصت على إزالة كل العراقيل والقيود التي ينتج عنها افتقاد الحريات مثل الاستفراد بالسلطة وغياب المؤسسات أو تهميشها ومصادرة الرأي المخالف وغياب القنوات الشرعية للعمل الديمقراطي.  

وجسمت هذا الحرص في خلق واقع ملموس يقوم على التفريق بين السلطات والتداول السلمي على السلطة وحرية الإعلام والتفكير وتكوين الأحزاب والجمعيات واستقلالية القضاء وممارسة الناس لحرياتهم في المشاركة في الشأن العام في إطار تحكمه القوانين. وأفرز هذا الواقع ثقافة تشبّع بها الحاكم والمحكوم على حدّ سواء تفرض على الأول أن يستمدّ شرعيته من صندوق الاقتراع، ويجعل الثاني هدفا تسعى كل مؤسسات المجتمع لضمان مناعته والارتقاء به ماديا ومعنويا والرجوع إليه في كل القضايا المصيرية. وبهذا استطاعت تلك النظم أن تحسم أمرها وتصدق في مسعاها وتضع مجتمعاتها على الطريق الصحيح الذي قادها إلى إنتاج الحضارة المعاصرة وتحقيق أمجاد عظيمة للإنسان.

أما نحن فلا زلنا نحلم بهذه المنزلة التي وصلت إليها تلك المجتمعات، ولا ندري كم من دهر سيمر علينا حتى ندركها إن استمر حالنا على هذا الوضع المتردي.  فقد استوردنا الاشكال التنظيمية الغربية كالدستور والبرلمان والانتخاب والاحزاب لتستعمل ديكورا نخفي به سوءات نظمنا الشمولية القمعية التي توهم الناس بدمقرطة نمط حياتهم، فرغم تواجد الاحزاب وإجراء الانتخابات وسن القوانين وتنقيحها وتأسيس البرلمانات وآلاف الجمعيات، مازال الحاكم يستمد شرعيته من الدعاء في المساجد بدل صندوق الإقتراع والاختيار الحرّ.

ومازال الناس يعانون من البطالة والفساد والفقر، والفكر السياسي يقول لنا أن الديمقراطية لا تجتمع مع هذه الأمراض، فكلما زاد مقدار الخوف والفقر والبطالة تراجعت الديمقراطية وتلاشت. وما فائدة أن يكفل الدستور مجموعة من الحقوق والحريات السياسية والمدنية إذا كان المواطن يخاف من الانتماء لحزب معارض أو جمعية مستقلة أو يخاف من التظاهر ويخشى العواقب الامنية والمعيشية إذا حدثته نفسه بممارسة هذه الحقوق والحريات ؟ إن الغاية من القوانين هي ضمان كرامة الغنسان وصيانة حقوقه وتنظيم التعامل بين مكونات مجتمعه وخلق شروط أفضل لممارسة إنسانية في أحسن الظروف.. فهل يتمتع مواطننا بهذه الخصال خاصة وهو يسمع خطابا أحاديا يتغنى بالمكاسب ويشيد بالديمقراطية في الوقت الذي تهمّش فيه السلطة قوى المعارضة وتقصيها من المشاركة في القضايا المصيرية وتسيطر على وسائل الإعلام وأجهزة الدولة وتقصي الخصوم السياسيين وتماس كل ذلك بالقانون..

ويبدو أننا نقدم تجربة رائدة جديدة للعالم تخالف ما تعارف عليه المفكرون، فنبدع القوانين للتضييق على الناس وخنق حرياتهم والتحكم في أفكارهم وتيئيسهم من فكرة التداول على السلطة. فبالقانون نمنع الناس من ممارسة حقهم في التنظّم. وبالقانون نحرم الناس من ممارسة مواطنتهم في الترشّح والاختيار. وبالقانون نؤيد الحاكم على عرشه سواء بالجملة أو بالتقسيط، وبالقانون نستنسخ كائنا بشريا طيعا لينا متسامحا في حقه في الحياة الكريمة يتمتع بقابلية غريبة على فقدان حرياته الأساسية، كائنا مهتزّ الشخصية يكاد يتجرّد من المعاني الجميلة، لا ولاء له إلا لمن يخاف منه أو يطمع فيه. وهذا بدون شكّ ينعكس على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، فسكن الخمول النفوس وضعفت الهمم وغاب الضمير والقيم السامية، وأصبح الشعور الوطني عملة نادرة ولم يعد الناس قادرين على استخدام الفرص المتاحة لهم.

إن الديمقراطية الحقيقية هي التي تبدأ من الإنسان وتوفر له الحرية أولا ليستطيع إنجاز التنمية، فالإنسان الحر القادر المنتج هو رهان الديمقراطية ووسيلتها لخلق الحضارة وماعدا ذلك فهو لغو وغش وخداع سيحاسبنا عليه التاريخ في يوم قريب.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)


نتائج الانتخابات الشعب منها براء

ماهر حنين

 

من اكثر التعاليق التي استفزتني بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخيرة بشقيها التشريعي والرئاسي والتي كانت في الأصل متوقعة، هو ان الشعب التونسي  » يستحق إلي هو فيه  » وان الناس  » مضروبين بعصا الذلّ  » لم تعد تعنيهم إلا همومهم اليومية ومشاغلهم المنهكة بعيدا عن السياسة والسياسيين تجنبا للأذى أو يأسا من التغيير واستسلاما لحكم أمر واقع صار كجلمود صخر حطّه السيل من على.

إن خطورة هذا التعليق لا تقف عند كونها تعتدي على أحاسيس وكرامة شعب برمته. بل تتعدى ذلك لتكشف حالة اليأس التي أصابت النخب والناشطين السياسيين والحقوقيين والمناضلين النقابيين بعد أن اصطدموا بمعيقات التحامهم الفعلي مع هموم الناس وعجزوا عن شلّ اهتمام أوسع القطاعات الاجتماعية ومدّ الجسور مع الجماهير الشعبية حتى تكون قوة التغيير الديمقراطي.

إن هذا الإحساس بالانكسار هو الذي يجعل النخب تنزع أحيانا إلى اختزال مأزقها، والذي هو في الجوهر، مازق فكرها وممارستها السياسية، في عزوف الناس واستقالتهم. وإنكفاءهم على عالمهم الخاص. المادي بشقائه والروحي بعزائه.

 لن نضيف جديدا في هذا المقام إن نحن ذكرنا بحالة الحصار الشامل الذي تخضع له المعارضة إعلاميا وأمنيا وماديا. والتي تحول دون ربط جسور تواصل فعلية ودائمة بين المناضل السياسي ومحيطه الاجتماعي والشعبي.

لكن من الضروري العودة بالذاكرة إلى سنوات قليلة خلت حين أظهرت الجماهير الشعبية زخما في عطائها بلا حساب، تجاوز توقعات النخب وبطء فهمها للواقع، فالهبات الجماهيرية، التي قدم فيها شعبنا شهداء من اجل الحرية والكرامة وحيوية الحركتين الشبابية والنقابية وكذلك انتخابات 1981 ثم 1989 بينت أن إرادة الشعب تريد تغييرا سياسيا حقيقيا يضع حدا لحكم الحزب الواحد والرجل الواحد.

خلال تلك السنوات كان المربي ومنشط نادي السينما أو القصّة والطالب الجامعي والعامل وأم الشهيد أو السجين، كان الجميع متعالين على آلامهم الخاصّة مشتركين في رعاية حلم جميل يرونه على مرمى حجر.

أما اليوم فكيف لنا أن نطلب من شعب أن يدخل في الحركة الديمقراطية أفواجا أفواجا وهو يرى عشرات المثقفين انحطت بهم الأوضاع حتى تركوا علمهم وفكرهم وصاروا للسلطان متذللين ولحكمه مادحين فلا فقر في بلادنا ولا سجناء سياسيين ولا فساد ولا ظلم. بل أن هذا الحاكم وحده هو ضامن الحاضر والمستقبل.

كيف لنا أن ندعو العامل والأجير إلى أن يتحمل مسؤوليته الوطنية في الدفاع عن حقوقه وحقوق زملائه وان يتجنّد للدفاع عن المال والملك العموميين من شجع  أصحاب القوة والنفوذ ؟ وهو يعاين استشراء الانتهازية في العمل النقابي وتعدد مظاهر التدليس والتزوير فضلا عما يقرأه ويسمعه عن العديد من القيادات النقابية الغارقة في الفساد والمتواطئة مع الحكم الجائر.

هل يحق لنا أن نطلب انخراط العمال المطرودين من العمل والبطالة والمهمشين في جهد التغيير الديمقراطي في حين تتردد أوساط عديدة من المعارضة وفي الحقلين النقابي الحقوقي في تبني قضاياهم ورفعها إلى مستوى الاولوية.

ما وجاهة دعوتنا المتكررة للناس أن يتحركوا بإتجاه الحقل السياسي ؟  ونحن نعلم أن التداين أنهك العائلات وأن نفقات الصحة والتعليم والحياة صارت تنتزع من اللحم الحيّ.

إن الهوة السحيقة التي تفصل المعارضة الديمقراطية والمجتمع لا يمكن ردمها إن نحن اكتفينا بالمطالبة ألف مرّة، بالبيانات وآليات عملنا المحدودة، بتحرير الإعلام وإحترام الحريات وبإنتخابات حرة ونزيهة.. وغيرها من المطالب السياسية بل لابدّ من ربط هذه المطالب بشكل دائم ومبدئي بمطالب المجتمع وعموم الشعب في الشغل والعلاج والتعليم والعيش الكريم ومن الضرورة بمكان أن يترافق ذلك مع أخلاقية نضالية علية أساسها نكران الذات خدمة للمصلحة العامة.

وحين تدرك الجماهير الشعبية أنها هي غاية وهدف كل تغيير ديمقراطي. وان إصلاح النظام السياسي يقدّم لها بديلا ديمقراطيا اجتماعيا يضمن لها حقوقها ويجميها من إعادة إنتاج الفساد والمحسوبية والحكم الفردي حينها تقدّم الجماهير من التضحيات والعطاء ما يفوق تردد وتذبذب العديد من المثقفين.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)

 


مطب تاريخي جديد

بالإعلان عن نتائج الانتخابات تكون البلاد قد خلعت جبتها أخيرا ونامت من جديد مرتدّة إلى الماضي ومستسلمة لقدرها بعد أيام من العجب العجاب اتخذ فيها الهرج والتهريج شكل الحرية والمبالغات والزيف شكل البداهة والقمع والإستيلاب شكل الأمن والأمان.

إنها أيام أشبه بالفنتازيا الذهنية صمت فيها الأحياء وصاح فيها الأموات وهم يرفعون في وجوهنا المغتربة شعارات جوفاء أشبه بالأسلحة الرديئة. فهل كنا بحاجة حقا إلى مناسبة كهذه حتى نبرهن لأنفسنا أننا شعب متحضّر غير معزول عن حركة التاريخ؟  وهل تلقى حقا أربعة ملايين ناخب ونيف بطاقات الانتخاب أم أنها منحت للناشطين منهم فحسب ؟ وهل مارس على سبيل المثال أهالي السجناء السياسيين السابقين والقابعين منهم إلى حدّ الآن خلف الجدران حقهم الانتخابي أم منع عنهم هذا الحقّ ؟  وهل اندفع التونسيون حقا منذ الصباح الباكر إلى صناديق الإقتراع على حدّ قول أحد المراقبين وهم الذين بالكاد يتحركون قبل العاشرة في صباحات الآحاد من شهر رمضان أم ان المسألة برمّتها قد حسمت في هذا الوقت بالذات؟

إنها أسئلة مشروعة وسط أجواء مسرحية تلاحقك فصولها أينما يممت وجهك دون أن تكون لديك الفرصة لممارسة ترف الصراخ والاحتجاج حيث يصبح مجرد الاتصال بحزب معارض حقيقي أو الإعلان عن رأي أشبه بالمغامرة التي لا تعرف عواقبها ومحاولة للإطاحة بالمسيرة الموفقة التي يخوضها التغيير.

إنها الغربة على الغربة في وطن تراجعت فيه النخبة النيّرة أمام الغوغاء والمثقف أمام شبه المثقف والصادق أمام المزايد والرأي الحرّ أمام سياسة قمعية تنتهج مبدأ الولاء قبل الكفاءة وكل هذه المفارقات لو استمرت على هذا النحو ستفضي بالبلاد إلى كارثة حقيقية.

فهل يدرك مهندسو هذه المسرحية وهم يفنّدون أدوارهم للسيطرة على الناس والبلاد وما يسرح بين الخضراء والغبراء  » أنهم ما كسبوا إلا قشور اللغة وما حملوا إلا فضاضة الإدعاء أما الشعب الشعب ولئن بدت أغلبيته الساحقة مستسلمة ومستلبة فهي لن تأوي في لحظات الذروة سوى لصدقها الداخلي.

إننا لم نكن بصدد مارسة حقّ انتخابي واع ومسؤول تخوضه مختلف الاحزاب على قدم المساواة في كنف حياد تام للإدارة بل كنا في بعض فصول هذه المسرحية نشاهد مباراة وديّة في التزلّف بين أعضاء الإدارة المتحزّبة ذاتها لأجل المحافظة على الوظيفة أو المنصب ولم لا الطموح إلى ما هو أرقى… إنه لا شيء أخطر من أن يتّخذ مبدأ التصويت صفة الصفقة وأن يكون الولاء شرط الوظيفة والصمت باب السكينة الاوحد وتتحول العلاقة بالوطن إلى مجرّد مصلحة متبادلة.

بعض هؤلاء المزايدين لم تكفهم إراقة ماء الوجه بل صاروا يتكلمون بإسم المؤسسة أو الاتحادات التي ينتمون إليها أو يشرفون عليها ومن أبرز هؤلاء رئيس اتحاد الكتاب الذي باع حريته منذ زمن وانتهى كشاعر والذي أبى وهو يقدّم فروض الولاء إلا أن يضع كل المثقفين في قفته ويهديهم للسابع من نوفمبر..

فإذا كان من حق أمثاله أن يحلموا برئاسة مدى الحياة للاتحاد وهو على عتبة الثمانين من عمره فليس من حقّه ان يعبّد الطريق إلى هذه الرئاسة البائسة بدم المثقفين وينتحل صفتهم جميعا لأن الثقافة الحقّة لا يمكن أن تقيم أبدا في مدار السلطة ولأن هناك من بين المثقفين من هو حرّ من قيود اللحظة الراهنة والمنفعة الضيّقة وهو ولئن بدا الآن يدور في فلك صمت شفيف فهو أقوى من السقوط في هذا المطبّ التاريخي الذي لن يغفره الزمن.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 285 بتاريخ 5 نوفمبر 2004)

 


 

Droits & Libertés des Maghrébins et au Maghreb

 

Association d’Aide, d’Assistance, de Soutien et de Défense des Droits de l’Homme

 

B.P. N° 28 – 93161 Noisy-le-Grand Cedex- France

 

E-Mail: DLMMAbdess@hotmail.com

 

Communiqué

 

Appel aux députés Tunisiens pour déposer  une Loi d’Amnistie Générale

 

Se taire sur l’arbitraire dont les Islamistes de Tunisie sont soumis, est une  complicité avec la dictature.

 

Préservons les valeurs de l’Islam traditionnel du pays comme partie intégrante

 

Un système d’étouffement des libertés en Tunisie, muselant toute voie discordante.

 

Noisy-le-Grand, le 7 Novembre 2004

 

DLMM ne peut que se féliciter de l’élargissement de quelques dizaines de prisonniers politiques, qui pourront désormais vivre en liberté après une privation de 15 à 17 longues années dans des conditions pénibles. A l’occasion, nous présentons nos chaleureuses félicitations aux anciens détenus libérés, à leurs familles, et au peuple tunisien. Les familles des détenus élargis et leurs proches ne peuvent que se réjouir, sur le plan humain. déplore les conditions dans lesquelles ces libérations ont été effectuées, dont aucune liste officielle n’a été rendue publique

 

Cette mesure constitue un soulagement pour les bénéficiaires  qui ont vécu de terribles épreuves au cours des quinze années écoulées, certains d’entre eux ayant été dans un isolement cellulaire total durant cette période.

 

Néanmoins, ce geste n’a de sens que s’il est suivi par d’autres, que nous espérons qu’il touche le reste des prisonniers le plus tôt possible. Cet appel réclamé par beaucoup de monde dans notre pays et ailleurs, ceci contribuera certes à assainir le climat politique et social dans le pays et aide au dénouement de beaucoup  problèmes que vit notre pays. Voire tourner une page nouvelle avec la nouvelle période législative.

 

DLMM appelle les nouveaux députés fraîchement élus à prendre l’initiative de présenter un projet de loi d’Amnistie Générale, que le peuple Tunisien le leur reconnaîtra comme un acte positif au service du pays, ils auront servi  à quelque chose, mais nous avons franchement un doute sur le courage, des représentants de l’opposition et du peuple confondu, sauf s’il craignent les foudres de ce lui qui les a nommé, pardon, nous voulons dire élu.

 

Le 1° Nov.2004, Le président Algérien prend l’initiative de proposer au peuple Algérien de soumettre à referendum un projet de Loi d’Amnistie générale à tous les Islamistes même ceux qui ont porté des armes, Le président tunisien Zine El Abidine Ben Ali a accordé le lendemain une grâce à « un certain nombre de détenus » à l’occasion du 17° anniversaire de son accession au pouvoir le 7 novembre 1987. Selon le régime, ces prisonniers ne sont pas considérés comme des prisonniers d’opinion. Aucun de leurs droits ne leur est reconnu. Ils sont soumis à tous les arbitraires, mêlés aux détenus de droits communs purgeant de longues peines, ils subissent les pires affronts, la violence physique, l’humiliation de tout genre, dégradante et permanente.

 

Le nombre des Islamistes ayant bénéficié de cette mesure est limitée à 80 prisonniers d’opinion, dont Ali Laaridh l’ex-porte parole du Mouvement Interdit et Zied Doulatni, ce qui ne représente même pas 15% du nombre total des prisonniers qui sont estimés à 600, dont la plupart sont des membres du mouvement islamiste interdit « Ennahda ». Les autorités leur dénient la qualité de « prisonniers politiques » ou « d’opinion », faisant valoir qu’ils ont été condamnés pour des délits relevant du droit commun.

 

M. Ali LAARIDH a d’ailleurs été convoqué ainsi que M. DOULATLI aux districts de la police de leurs lieux d’habitation. Un terme doit être donc mis à ces pratiques qui constituent autant de dénis des droits les plus élémentaires. Cette mesure, de grâce présidentielle, dans le cadre des procédures de mise en liberté conditionnelle dont la portée, en terme de restriction effective, est limitée et aléatoire. Il semble par ailleurs que, parmi les détenus élargis, certains n’avaient plus à purger que quelques mois de condamnations de plus de 10 ans de prison ferme auxquelles ils avaient été condamnés.

 

Le ministère tunisien des Affaires étrangères a affirmé que les détenus graciés par le Président Ben Ali sont des prisonniers « de droit commun », niant totalement l’existence de détenus politiques en Tunisie. « Il n’existe pas de détenus politiques dans les prisons tunisiennes. Toutes les personnes détenues le sont pour des crimes et des délits de droit commun sanctionnés par la loi », a affirmé le ministère réagissant à une déclaration du département d’Etat américain([1]).

 

Les Etats-Unis ont salué jeudi la libération de dizaines de détenus islamistes en Tunisie et demandé l’élargissement de tous les prisonniers politiques et de ceux qui sont détenus pour des actions non violentes. »Nous nous félicitons (des libérations) et encourageons le gouvernement tunisien à amnistier tous les prisonniers politiques inculpés ou détenus pour des activités non-violentes et sans lien avec le terrorisme », avait indiqué le département d’Etat dans un communiqué.

 

Un groupe de détenus islamistes, parmi lesquels deux membres du bureau politique du parti Ennahdha (interdit) ont été libérés par le président Zine El Abidine Ben Ali, à l’occasion du 17° anniversaire de son arrivée au pouvoir. ([2])

 

L’Association internationale de soutien aux prisonniers politiques avait dénombré 32 prisonniers libérés selon des indications recueillies auprès de leurs familles et à la sortie des centres de police à Tunis, Sfax et Gabès (sud), ont indiqué deux de ses dirigeants à l’AFP.

 

Son décompte fait état de 71 personnes graciées dans la mouvance islamiste d’Ennahdha et d’autres groupuscules, ces libérations n’ayant pas été l’objet d’annonce officielle spécifique à Tunis.

 

Dans sa mise au point, le ministère des Affaires étrangères affirme que les détenus graciés « avaient été jugées en application de la loi ordinaire par des tribunaux ordinaires et ont été reconnus coupables de délits de droit commun ayant trait à leurs activités ». « Ces personnes ont été condamnés à l’issue de procès publics et équitables » et « bénéficié de tous leurs droits à la défense », selon le ministère.

 

Les autorités avaient annoncé une grâce présidentielle au profit d’un « certain nombre » de détenus sans précisions de chiffres ni de qualité, ce geste bénéficiant habituellement aux prisonniers de droit commun à l’occasion des Fêtes nationales.

 

L’élargissement de prisonniers islamistes a été salué à Tunis par le Parti démocratique progressiste (PDP, opposition légale), qui a souhaité une amnistie générale. »Cette mesure restera tronquée tant qu’il n’y aura pas d’amnistie générale en faveur de tous les prisonniers politiques et de tous ceux qui ont été poursuivis pour leurs idées », a-t-il estimé dans un communiqué à l’AFP

 

Nous rappelons que tous les anciens détenus ayant bénéficié de décisions de libération conditionnelle ont été astreints à des mesures de contrôle administratif et policier contraignant (visites régulières aux postes de police, pressions familiales, interdits professionnels, tracasseries  de tous ordres etc.…) qui ont fait que la Tunisie est devenue pour ces anciens détenus et leurs familles une grande prison « aux barreaux invisibles ». Cela a notamment concerné entre 1996 et 2004, plusieurs centaines d’anciens détenus islamistes et leurs familles.

 

Cette mesure positive intervient une semaine après la réélection à la présidence de M. Ben Ali avec 94,48% des suffrages pour un quatrième mandat de cinq ans.

 

Pour Omar S’habou,([3]) « L’élargissement avant terme de 80 prisonniers islamistes dont des cadres dirigeants est un acte politique. Et comme tel, il a des signifiances. Pour les saisir, raisonnons à contrario.

 

« Rien n’eut pu obliger le Président Ben Ali de faire ce geste. Il aurait pu ne pas le prendre sans que rien n’eut déstabilisé en quoi que ce soit les assises de son pouvoir. Comme on dit dans cette savoureuse langue populaire tunisienne « le vent est avec lui! » (Irrih ma’ah) Ainsi que Chirac, Berlusconi, le FMI, le Conseil de l’Europe et…l’opposition tunisienne, par défaut et pour les raisons que l’on connaît.

 

« S’il est d’ailleurs un seul consensus national incontestable, il concerne bien le diagnostic quant aux maux de l’opposition. Mais c’est là une autre histoire… Si Ben Ali a quand même décidé de vendre une partie d’un de ses fonds de commerce (l’élargissement de 80 islamistes) sans que rien ne l’y oblige, c’est qu’il entend conférer à son geste une signifiance. J’aime bien ce mot de signifiance. Il a une connotation spirituelle ou poétique qui ne jure pas nécessairement avec la chose politique » Pour en comprendre la signifiance essayons d’en déceler la ou les motivations.

 

« Une motivation métaphysique? A mesure qu’on avance dans l’age, c’est connu, on devient plus clément, mieux « commisérencieux ». On intègre de plus en plus les dimensions spirituelles dans son équation personnelle. Dieu revient subrepticement…

 

« Motivation humanitaire? Ces « criminels » d’islamistes ont tout de même assez souffert… Comme nous tous, ils ont des enfants…. Ziad Doulatli a quand même envoyé une lette de réconciliation…

 

« Motivation politique? Oui, sans doute. Et elle obéirait quant à elle à des considérations moins angéliques. Le Président Ben Ali aurait tout simplement estimé que le temps est venu de lâcher du lest, que « le chari-vari » entretenu par l’opposition tunisienne, les institutions internationales des droits de l’homme, ainsi que certaines chancelleries occidentales dont les félicitations contrites à sa réélection ne pouvaient lui échapper, gagnerait à être calmé un peu par un acte lourd – l’élargissement de dirigeant islamistes en ce temps précis en est un – lequel acte, s’il n’a pas vocation à mettre en péril les fondamentaux politiques du régime, insufflerait une dose de détente bienvenue. » ([4])

 

La question de l’amnistie générale dont le pouvoir ne veut toujours pas entendre parler, divise l’opposition. Tout en affichant leurs divergences idéologiques avec le mouvement islamiste, certains partis d’opposition en ont fait cependant un de leurs chevaux de bataille lors de la récente campagne électorale. Pour eux, il s’agit d’appréhender la question uniquement sous l’angle des droits de l’Homme. En revanche, d’autres se sont déclarés hostiles à une telle doléance, plaidant pour l’examen du dossier au cas par cas.

 

La chose publique n’a plus aucun intérêt.

 

Le gouvernement tunisien a ratifié  plusieurs traités internationaux pour la défense des droits de l’Homme ainsi que la création  de plusieurs commissions et comité des droits de l’Homme et des Libertés ainsi que plusieurs unités des droits de l’homme auprès de plusieurs ministères est une bonne chose, mais le respect de ces droits est une autre.

 

L’intimidation, et le harcèlement des opposants est le pain quotidien des opposants au régime, leur seul crime est de penser autrement que les directives du Parti éternel au pouvoir qui croit « celui qui n’est pas avec lui, est contre lui ». Donc, il n’y a pas moyen d’être neutre.

 

Tout jeune qui fréquente les Mosquées est suspect, donc opposant potentiel. Ainsi que toute fille qui préfère se couvrir la tête d’un foulard est suspecte d’être terroriste, donc a droit à un régime spécial. Sous prétexte de la lutte contre le terrorisme, après les tristes événements du 11 Septembre, une occasion pour réprimer dans l’indifférence internationale les défenseurs des Droits de l’Homme et des Libertés démocratiques.

 

La liberté de la presse a été le premier pas dans le processus de la démocratisation en Algérie à l’inverse de la presse tunisienne qui brille par sa langue de bois et ses formules stéréotypées.

 

 Le Monde en date du 19 février 2001 saisi des déclarations du  Ministre Mouaoui et que tous les sites Internet de l’opposition tunisienne ont reproduit l’interview, même et l’ont accompagné d’un commentaire malveillant sur l’impossibilité pour Monsieur Mouaoui de mettre en oeuvre ce qu’il promet, qui est une preuve supplémentaire du double langage et la contradiction entre les pratiques avec les discours seraient les fondements mêmes du régime. Ils ont également précisé que même s’il est vrai que depuis le changement béni du 7 novembre 1987, aucune autorisation de publication indépendante, d’association, de parti ou même de club n’a été accordée, le pays s’oriente vers une ouverture réelle et une information pluraliste. La preuve en est que les articles publiés par les quotidiens et hebdomadaires tunisiens ne sont pas tous écrits par la même personne, mais par plusieurs personnes.

 

Le journaliste Mr Hamadi JEBALI, directeur de l’hebdomadaire d’opposition Al Fajr (L’Aube), organe du mouvement interdit Ennahdha (Renaissance) emprisonné dans des conditions difficiles, transféré d’une prison à une autre,  arrêté le 31 janvier 1991, condamné le 28 août 1992 à seize ans de prison, pour «agression dans l’intention de changer la nature de l’Etat » et «appartenance à une organisation illégale » alors qu’il lui a été déjà infligé un an de détention le 31 janvier 1991 pour un article paru le 27 octobre 1990 sur «l’inconstitutionnalité des Tribunaux Militaires dans une société démocratique ».  Mr Hamadi JEBALI a pu bénéficié d’une remise de peine de 2 ans, en 2002.

 

La Tunisie a été au début des années 90 confrontée au Parti islamiste En-Nahda ayant été interdit et ses dirigeants emprisonnés, tandis que d’autres se sont exilés, principalement dans les grandes capitales européennes. Le régime du président Ben Ali fait l’objet de fréquentes critiques de la part d’ONG étrangères, de militants et membres de l’opposition tunisienne, les responsables tunisiens faisant au contraire état d’avancées à rythme approprié.

 

LISTE DE 21 PRISONNIERS D’ OPINION EN ISOLEMENT COMPLET *

 

Nom & prénom Lieu de détention Domicile familial

 Date d’isolation

 Condamnation

Dr Sadok Chourou

 Prison 9 Avril  de Tunis

 Ben Arous

 1992

 Perpétuité

 

Mohamed El Géloui

 Prison 9 Avril  de Tunis

 Tunis

 1992

 Perpétuité

 

Hedi El Ghali

 Prison 9 Avril  de Tunis

 Mahdia

 1992

 Perpétuité

 

Ridha Boukadi

 Prison 9 Avril  de Tunis

 Tunis

 1997

 Perpétuité

 

Abderrazak Mezgerrichou

 Prison 9 Avril  de Tunis

 Tunis

 1987

 Perpétuité

 

Chedli Mahfoudh

 Prison 9 Avril  de Tunis

 Tunis

 1992

 28 ans 3 mois

 

Jalal Mabrouk

 Prison civil de Sfax

 Gabès

 1992

 21 ans 6 mois

 

Karim El Harouni

 Prison El Houareb

 La Marsa

 1992

 Perpétuité

 

Halim Kacem

 Prison El Houareb

 Hammam-lif

 1992

 Perpétuité

 

Abdelhamid Jlasi

 Prison El Houareb

 Kélibia

 1992

 Perpétuité

 

Mounir Gaith

 Prison civile de Jandouba

 Kairouan

 2002

 8 ans

 

Habib Ellouz

 Prison Borj Erroumi

 Sfax

 1992

 Perpétuité

 

Hamadi Jbali

 Prison Nadhour  (Bizerte)

 Sousse

 1992

 17 ans 6 mois

 

Idriss Nouioui

 Prison Nadhour  (Bizerte)

 Jandouba

 1992

 17 ans 6 mois

 

Ali Zouaghi

 Prison Borj Erroumi

 Tunis

 1992

 21 ans 6 mois

 

Noureddine El Arbaoui

 Prison civile de Mahdia

 Kasserine

 1992

 Perpétuité

 

Abdelhamid Abdelkarim

 Prison civile de Mahdia

 Tunis

 1992

 21 ans

 

Gsouma Gsouma

 Prison civile de Mahdia

 Mahdia

 1992

 21 ans

 

Mohamed Salah Gsouma

 Prison civile de Monastir

 Mahdia

 1992

 74 ans

 

Bouraoui Makhlouf

 Prison civile de Monastir

 Sousse

 1992

 Perpétuité

 

Mohammed El Akrout

 Prison civile du Kef 

 Gabès

 1992

 Perpétuité

 

 

*  Cette liste n’est pas complète et ne comprend que les condamnés dont l’AISPP a vérifié leurs situations Une liste nominative de plus de 500 prisonniers politiques actualisés est disponible

 

Comment mettre en place un régime démocratique dans lequel chacun acceptera totalement les règles du jeu ? Ceci concerne non seulement la façon d’accéder au pouvoir, mais la façon d’en user et de gouverner. Si un choix est opéré par une majorité, un gouvernement démocratique (au sens des droits de l’homme) se doit de protéger ses minorités, et de ne pas les brimer, ni jeter l’opprobre sur elles.

 

La démocratie n’est pas une dictature de la majorité prolétaire, ou capitaliste mais de citoyens égaux devant la Loi, émanant d’un Parlement élu démocratiquement, dans la transparence la plus totale en présence d’observateurs neutres. C’est le droit de chaque citoyen, dans le respect des lois de la République, dans le respect des conventions internationales signées au nom de la Tunisie qui engagent l’Etat de Tunisie, depuis son indépendance à ce jour.

 

On peut penser à toute sorte de jugements moraux et de lois portant atteinte à la liberté fondamentale de disposer de soi-même et son droit à choisir sa tenue vestimentaire, ou de participer à la vie active de son pays. On pourrait citer certains mouvements inspirés de petits livres rouges ou du « Capital ».

 

S’il existe deux types d’opposition, reconnue et non reconnue, l’impression de débandade de l’opposition, d’absence d’idées, de projets, de démarches militantes est persistante. Bien sur, ici ou là, on peut assister à des gesticulations médiatiques qui apparaissent comme des SOS mis dans des bouteilles lancées dans une mer déchaînée malheureusement indispensables pour sauver les meubles ou attirer l’attention sur la situation de nos camarades martyrisés. Pourtant, l’opposition n’est pas contagieuse. La mayonnaise de la mobilisation ne prend pas. Il est temps de se demander pourquoi et d’en tirer rapidement les conséquences. Mes réflexions sont basées simplement sur l’observation.

 

D’abord, l’opposition, toutes tendances confondues, ne se parle qu’à elle-même.. Avec un discours passéiste, et des  moyens de communication obsolètes et même les mots utilisés des années 50 plutôt qu’à une ligne politique d’avenir.

 

La FIDH et son organisation affiliée en Tunisie, la Ligue tunisienne des droits de l’Homme (LTDH) appellent les autorités tunisiennes à libérer toutes les personnes emprisonnées uniquement pour avoir exercé de manière non violente leur liberté d’_expression, d’association ou de réunion.

 

La Fédération internationale des ligues des droits de l’Homme (FIDH) a appris la libération hier de plusieurs détenus d’opinion en Tunisie membres du mouvement En-Nahdha (mouvement islamiste non reconnu).

 

La FIDH accueille avec soulagement la libération de plusieurs personnes condamnées à des peines entre 15 et 17 ans de prison, dont Ali Laraidh et Ziad Doutatli. La FIDH demande aux autorités tunisiennes de publier la liste complète des personnes libérées.

 

Par ailleurs, la FIDH rappelle qu’environ 500 prisonniers politiques sont aujourd’hui encore détenus dans les prisons tunisiennes. Les prisonniers tunisiens et notamment ces prisonniers d’opinion sont encore victimes de traitements inhumains et dégradants et sont souvent privés des soins vitaux que requiert leur état de santé. Plusieurs dizaines d’entre eux sont maintenues en isolement total, dont certains depuis 14 ans.

 

DLMM qui continue à œuvrer pour l’assainissement du climat politique et milite pour l’instauration d’une vie publique pluraliste et démocratique afin de garantir à chaque citoyen de jouir de ses droits et des libertés énoncées dans la déclaration universelle et garantie par la constitution, cette demande pour combien de temps une partie de la population qui a participé aux élections en 1989 et qui représentent 20% du corps électoral soit ignorée et exclue de la participation de la vie publique de leur pays.

 

Pour faire entendre nos voix de citoyens aspirant à un monde plus juste et fraternel sans exclusion entre toutes les familles politique d’un même  peuple, qui ont assez d’être trompés et manipulés. Partant du principe que les Droits de l’Homme sont universelles et indivisibles qui est la Défense et le soutien de la personne humaine en faisant abstraction de ses idées politiques ou idéologiques et à plus forte raison lorsqu’il refuse la violence comme moyen de changement politique de la société.

 

Pour la Tunisie, où les islamistes payent la lourde dote en nombre de prisonniers(600)dont 80 viennent d’être libérés après15 lourdes années de privation de liberté et d’exilés(50.000), pourront s’engager pour une période transitoire de réflexion et de préparation de l’avenir de leur mouvement en Tunisie peuvent s »engager à ne pas se présenter à plus du tiers de siéges d’aucune institution législative ou Municipales durant cinq à dix ans. Une sorte de « Houdna », durant laquelle les islamistes se contenteront des activités à caractère économique et social. Je demande aux uns et aux autres de développer des propositions dans ce sens.

 

Nous réaffirmons notre attachement à la concertation, au dialogue et à la négociation comme seul et unique moyen pour mettre un terme à ce climat de démission collective pour la chose publique et qui ne peut servir la démocratisation du pays où la question sécuritaire a pris le pas sur la concertation et la liberté de penser selon les règles démocratiques, la matraque qui a pris le pas sur l’urne et où les journalistes sont priés de changer de profession et les partis d’(opposition) se sont contentés d’applaudir les bienfaits du système en place.

 

DLMM rappelle son attachement au Droit de circulation pour tout citoyen dont son président est frappé par la confiscation de son passeport par les autorités tunisiennes depuis le 19 Mai 1990, et la lutte contre les préjugés politiques ou idéologiques, et par l’acceptation de l’autre avec ses différences et lui donner sa place dans la société, dans le respect des valeurs identitaires et républicaines.

 

DLMM appelle et continue à appeler à une amnistie générale([5])  qui se concrétisera par, la libération de tous les prisonniers d’opinion, à commencer par Dr Sadok Chourou, Hamadi Jebali, Mohamed Akrout, Habib Ellouze, Karim Harouni, et j’oubli bien d’autres, car la liste est bien longue, la reconnaissance de toutes les organisations populaires et syndicales et estudiantines, l’abolition des privilèges du parti au pouvoir en faisant du chef de l’Etat, le Président de tous les Tunisiens, l’ouverture d’une enquête publique sur la mort dans des conditions mystérieuses et responsabiliser les tortionnaires et leurs commanditaires, et engager des réparations des préjudices causés aux victimes de la torture, le retour des exilés dans la dignité

 

Rassembler tous ceux et celles qui refusent la violence comme moyen de changement de la société autour d’un projet de réconciliation Pour Une Tunisie Libre Juste Démocratique et Indépendante .

 

Noisy-Le-Grand, le 7 Novembre 2004

 

Le Président de D.L.M.M.

 

BOUCHADEKH  Abdessalem 

——————————————————————————–

 

[1] – Selon une dépêche de l’agence AFP du 5 –11-2004

 

[2] – Selon une dépêche de l’agence AFP du 5 –11-2004

 

[3] – Selon archives : www.tunisnews.net 5° année, N° 1630 du 05.11.2004

 

[4] – Selon archives : www.tunisnews.net 5° année, N° 1630 du 05.11.2004

 

[5] – Voir communiqué du 10-12-1998

 


Les apprentis sorciers de la politique

Par Fathi Jerbi
 
Depuis la libération conditionnelle de quelques 70 détenus politiques islamistes que de propos irrationnels ont été exprimés, que d’analyses subliminales ont été déversées sur le net tantôt pour nous expliquer sa portée politique, tantôt pour nous expliquer sa portée religieuse. Les uns comme les autres tenants de ces propos, de ces analyses (à ne pas les confondre avec les communiqués ) auraient pu préalablement faire un effort intellectuel d’analyse objective de  cet acte de libération conditionnelle. Ils auraient pu avant de le qualifier et de lui faire porter des significations politiques, religieuses ou autres, définir sa génèse (la privation de liberté d’un être), le pourquoi de cette privation, le qui à l’origine de cette privation …ensemble de questions qu’un intellectuel et de surcroit acteur dans l’activisme passé, présent, voire future politique de la Tunisie, devrait se les poser avant de sublimer. . En effet, le devoir de la rationalité, de l’objectivité ainsi que de la responsabilité politique des actes et des propos, impose à nous tous un effort heureustique quoique pénible et coûteux mais nécessaire pour définir l’acte de libération conditionnelle d’un quelconque prisonnier d’opinion et surtout de contribuer  à ce que ce aucun délit d’opinion ne soit sanctionné dans notre pays. Ainsi comment peut-on qualifier et transformer un acte dont sa génèse (origine) est reconnue temporellement et sprituellement criminelle, en un acte à signification politique et religieuse. Faire ce type d’exercice, c’est faire preuve d’insuffisance intellectuelle, voire de complicité passive, dans le crime et l’injustice . Comment peut-on louer, remercier, voire se reconcilier avec son bourreau, le faire c’est aussi faire preuve d’angélisme nocif, d’amateurisme politique. C’est à cause de cet amateurisme politique qui cache mal des incompétences, des aveux d’impuissance derrière des notions ridicules de « rapports de force » de démarche conviviale, participative et consensuelle », certains opposants ne semblent toujours rien comprendre au jeu politique tunisien. Apparemment, 17 ans d’échecs politiques n’ont toujours pas suffi à certains membres de l’opposition pour une remise en cause capable de lui faire changer de cap. L’expérience tunisienne a démontré que la dictature ne cède jamais dans un contexte de convivialité. Il est donc inutile d’attendre de lui qu’il se décide à réformer le système politique tunisien en vue de l’établissement d’une démocratie réelle et un état de droit. Force est donc de reconnaître que, lorsqu’elle se sent réconfortée, la dictature n’a jamais su répondre que par la brimade physique ou la corruption. Elle est donc restée non-repentante et totalement incorrigible. Si ces dernières années l’opposition et une frange de la société civile ont su capitaliser certains acquis, celà n’a été dû qu’à une pression politique radicale et à un genre de nihilisme dont fait allusion un certain Omar S’habou.

 


Hommage à Noura Borsali : Encore un peu d’Espoir !

 

 

Abdo Maalaoui

Montréal, Canada

maalaoui@yahoo.com

 

 Février 1987, fraîchement de retour du Canada, après un exil forcé de 10 ans, j’ai vécu la fin de la règne de Bourguiba où la «marmite politique» était prête de sauter. Je confirme, qu’à l’époque la «Machine Étatique» était complètement paralysée. Politiquement des clans s’opposaient, les coteaux volés très bas pour la succession de Bourguiba. N’importe quel groupe moindrement structuré était capable de prendre le Pouvoir.  Mais le Pouvoir de quoi ??? En 1986-1987, la Tunisie était  techniquement en  faillite économique et financière. Aucun ne pouvait s’aventurer de prendre le risque de prendre les commandes d’un «bateau amiral complètement en cale sèche», où les moteurs, radar et sonar complètement bousillés.

 

 

Durant les  années 1989 – 1990, nous étions des milliers du  milieu progressiste qui recherchaient une alternative démocratique pour briser la bipolarisation artificielle comme le disait Mme BORSALI, nous faisais partie de ce mouvement «150 signataires», à tort nous avions pensé que les  150 signataires n’étaient que des petits bourgeois et opportunistes.  Je faisais partie  de ce mouvement de rêveurs, je confirme ce que Mme Noura BORSALI a très peint le tableau historique de ces années.

 

J’ai eu la chance de vivre et participer  au quotidien pour soutenir  l’appel de Ben Ali un certain beau samedi du 7 novembre 1987. Cet appel et cri de cœur lancés à toutes les forces vives de la nation pour rebâtir un pays en ruine et de redonner au peuple tunisien sa «maudite»dignité. Aucun militant ne pouvait aller à l’encontre de son fameux appel et aucun de nous (de gauche ou de droite) était prêt de mettre en doute l’honnêteté de Mr. Hédi Baccouche, le «maître penseur» du changement que profondément et historiquement nous respectons.  

 

À l’époque, j’ai  parlé en personne à Ben Ali, j’étais  accompagné de Chedly Zouieten (beau-frère de Bouguiba Jr). Nous avons constaté que la peur de Ben Ali à l’époque n’était pas les islamistes, ni la gauche, ni les syndicalistes, ni le peuple lui-même mais il n’avait pas confiance à ce qu’il appelait lui-même les « clous oxydés – traduction de l’arabe mot à mot-), il avait peur des notables ripoux du PSD (actuel RCD).

 

 Aucun opposant à l’époque pouvait refuser de se battre pour cette nouvelle démocratie et la sortie de la misère de notre peuple et de sa  pauvreté. J’étais un naïf industriel progressiste de retour frais du Canada après 15 ans d’exil, j’ai mit  à disposition  les moyens matériels et financiers que je pouvais pour permettre à des journalistes d’avoir les moyens d’enquêter et de traquer médiatiquement parlant les ennemis de cette nouvelle démocratie. Les voitures de mon entreprise étaient souvent utilisées pour permettre à des journalistes de « Réalité » et autres médias d’enquêter à Sousse, à Monastir, à Sfax et ailleurs parce que j’ai compris que le nouveau pouvoir n’est pas politique mais avant tout médiatique. Le reste Madame Borsali l’a honnêtement bien relaté.

 

Nous étions des milliers et des milliers d’ex-militants fières de ce que nous faisons avec les moyens de bord, nous avons commis des tonnes d’erreurs, nous n’avions aucune expérience sur les notions de POUVOIR POLITIQUE que nous avons toujours crucifié, ni sur le comment gérer un État ? ni comment s’auto organiser pour mener ce nouveau bateau vers la démocratie et aussi vers la croissance économique du pays surtout que le peuple patauge dans une misère culturelle, morale et financière aiguë.

 

 Nous étions en jubilation, nous étions fière d’être respecter, de savoir que ce que nous disions était entendu. Au fond… nous avions la sentiment d’une fraternité retrouvée.

 

 La trahison était dû à notre stupidité, pendant que nous discutions, ils y avaient des malins anciens «nababs» s’organisaient pour reprendre de nouveau en douceur le pouvoir que nous pensions qu’ils ont perdu. Ben Ali n’avait pas le choix, les caisses de l’État étaient complètement vides et il avait besoin de ces «nababs et ripoux» pour réparer et de redémarrer le «  le vieux bateau» afin de permettra au moins  à la Tunisie de «pêcher» pour pouvoir nourrir des millions de bouches affamées.

 

 Ils ont utilisé le nom de Ben Ali pour neutraliser  indirectement les islamistes parce qu’ils ont été les mieux organisé. Ils ont profité aussi de la haine de certain journalistes  de gauche avaient vis à vis nos frères islamistes pour les discréditer. Nous avons laissé ces «clous oxydés» les humiliés et par la suite les condamnés et même torturés avec des procès montés de toutes pièces.

 

 

 

Oui à l’époque,  la gauche tunisienne, les syndicalistes et tous les démocrates  n’avaient rien fait pour protester et s’opposer à cette répression dans le sang. Pourtant,  nous contrôlions les médias, malgré tout le Système à l’époque nous avait manipulé contre eux. Hors de tout doute, par notre silence,  nous sommes devenus des  complices.

 

 Parmi les leaders de ce pogrome médiatique était Moncef Gouja. Il travaillait  chez  « Réalités » et par la suite il était fraîchement nommé au «Renouveau» qui cherchait du «sang neuf». Il a travaillé dans ma société  à temps partiel comme responsable de communication à la pige, j’ai financé une partie de ses activités. Il était «psychatriquement »  l’ennemi juré des islamistes, je ne comprenais pas sa haine innée pourtant il a eu ses diplômes en études islamiques. À part sa haine maladive, il était un grand stratège qui a utilisé son intelligence pour s’approcher du Système et consolider sa position. Vous savez par la suite ce qu’il est devenu !!!

 

En 1990, j’ai compris que nous avons perdu la bataille,  j’ai senti que la « Machine politique de la RCD» est retournée pour nous écraser. J’ai compris que la démocratie n’était qu’une simple ivresse dans nos têtes de militants socio-affectifs à la recherche d’un RÊVE ENVOLÉ.

 

J’ai compris que je n’avais rien à faire dans ce beau pays, je ne pouvais pas supporter un nouveau déchirement et de voir la Tunisie entrain de se faire arnaquer. J’ai quitté pour retour à nouveau au Canada comme une femme battue, divorcée et renvoyée à son Douar.

 

Je remercie Mme Noura Borsali de nous avons peint un beau tableau d’une belle histoire vécue. J’espère que son écrit permettra à la jeunesse tunisienne de mieux comprendre les raisons du  comportement amer et lâche ainsi que de la «taisance»   de ce vieux militants «baby boomers». Nous sommes devenus comme une femme qui a trouvée son mari nu avec une maîtresse longtemps camouflée.  Nous avons un arrière goût des gens trahis pourtant naïvement nous avons cru à l’espoir que Ben Ali nous a promis le matin de ce beau samedi 7 novembre 1987.

 

Illusions … Quand je regarde la Tunisie à partir du Canada, ces minables, ces arrivistes et ces opportunistes  qui gèrent, qui  gouvernent la Tunisie, ils n’ont même pas le courage d’affirmer leur effort personnel, ils sont devenus des «faux» porteurs de valise de Ben Ali par ce qu’il a su les acheter par des petits avantages marginaux, ils ont perdu leur dignité, ils sont devenus des coqs devant les faibles et les écrasés de la vie. Ils essayent de maquiller leur misérable vie par un matérialisme débradé. Ce qui comptent pour eux.   c’est de sauvegarder la fausse haute image qu’ils volaient projeter. Ils ont réussi de pourrir notre société. 

 

En public, ils prononcent des discours bien appris pour prouver à leurs maîtres qu’ils sont des fidèles apôtres de Ben Ali. Dans le privé, ils nous racontent toute la saleté d’un Système dépassé et congrainé

 

 C’est vrai :  à Ben Ali, au moins nous avons honnêtement cru, milité et naïvement soutenu.. Nous avons vécu une belle magie, une belle camaraderie et une belle solidarité, digne de ce que nos ancêtres nous ont légués.

 

 Ce n’est pas la RCD qui a soutenu Saddam, c’est plutôt la gauche et les opposants tunisiens, ma femme en fine sociologue m’a toujours décrit comme quelqu’un qui a toujours soutenu «les causes perdues». Nous avons soutenu Saddam, Arafat, El Asad, Ghadafi, Boumediene, Boutaflika et consorts,  pas pour ce qu’ils sont – ça on le sait-  mais pour «mettre au pas» des régimes royaux arabes corrompus issus de cette maudite Île d’Arabie.. 

 

 Nous sommes de nouveau prêts de recommencer pour se battre contre le mépris, l’injustice, l’inégalité et la corruption effrénée . Nous sommes toujours actifs pour accoucher de cette  nouvelle démocratie en Tunisie ! On a un nouveau rendez-vous historique qui est 2009, d’ici la on va continuer de rêver, d’imaginer, de créer, de discuter, d’échanger, de réfléchir, de revivre, de planifier, de s’organiser, de convaincre nos fausses peurs,  de recruter, de conscientiser, de tisser une nouvelle solidarité pour ne plus se faire avoir et de pouvoir changer démocratiquement  le POUVOIR.

 

Illusions : Peut-être !!! Chère Madame Borsali, au moins nous avons vécu nos rêves ensevelies dans notre subconscient torturé parce que nous adorons la Tunisie. Peux-t-on recommencer ???   

 


 

تواصلا مع الاستاذين الطرابلسي والهوني

لا فرق بين الليبرالية عندكم ومحاكم التفتيش

خالد شوكات (*)  

تفاجئت بعد عودتي من سفرة دامت أياما، انقطعت خلالها عن التواصل مع الانترنت، بوجود ردين غاية العنف اللفظي والتجريح الشخصي، على مقال كنت علقت فيه على بيان الليبراليين العرب الأخير، الداعي إلى إنشاء محكمة دولية خاصة بالإرهاب الإسلامي، ويهمني بعد الاعتذار لقراء إيلاف الغراء عن التأخير، وضع النقاط التوضيحية التالية على مائدة الأستاذين إحسان الطرابلسي ومحمد عبد المطلب الهوني، راجيا منهما – ومن غيرهما- التركيز في المرات القادمة على ما يمكن أن يتقدم بالنقاش الموضوعي الهادئ والرزين إلى الأمام، لا إغراقه في خضم التفتيش في النوايا والتنقيب عن صلات شخصية مفتعلة على طريقة أجهزة الاستخبارات العربية البائسة.

ولتكن بداية مع رد الاستاذ الطرابلسي، وإليه أقول ما يلي:

1- إن كنت « غنوشيا » مثلما زعمت، فما الذي يدفعي إلى التخفي والتستر. حركة النهضة الإسلامية في تونس، حركة سياسية كبيرة تضم عشرات الآلاف من الأعضاء، وتعد حسب كافة العارفين بالشأن التونسي، القوة السياسية الثانية في البلاد بعد الحزب الحاكم، والانتماء إليها يقوي ولا يضعف، كما أنني شخصيا مقيم في بلد ديمقراطي حر يكفل لي حق الانتماء لأي تنظيم سياسي أو فكري أريد..دعك استاذ حسان من دور شارلوك هولمز، واترك عنك الولع بالقيل والقال، وركز على الرد على الأفكار، ولا تقع فريسة نظرية المؤامرة، التي يفترض أن الفكر الليبرالي العربي جاء لمحاربتها، والاستعاضة عنها بالتأمل العقلاني الحر في الآراء والأفكار.

2- لم أكن أحسب أن الليبراليين العرب، قد تحولوا إلى تنظيم سياسي حديدي، يملك الاستاذ الطرابلسي ومن يرضى عنهم، تحديد المنتمين إليه حقا والمنتمين إليه زيفا. كنت أحسب – وهذا ما سبق لي أن وضحته في مقال نشرته إيلاف من قبل تحت عنوان « الليبراليون العرب أو الليبرالية كما أفهمها »- أنني أحد المساهمين من خلال الجهد الفكري والسياسي الذي أبذله، في بناء وتطوير التيار الليبرالي العربي، وما كنت أظن أنه وقع تحت وصاية فئة أو جماعة تبين الخبيث من الطيب والمزيف من الحقيقي، خصوصا وأن أحد رواد هذا التيار، وهو الدكتور شاكر النابلسي، قد وضح في أكثر من مناسبة، هذه الفكرة، من خلال تأكيده على أن الليبراليين العرب ليسوا تنظيما ولا حزبا، إنما هم تيار مفتوح يضم أطيافا عدة.

3- إن انتماءاتي الفكرية أوالسياسية القادمة، لا يمكن أن تكون فضيحة أعمل على سترها، أو عارا اجتهد لإخفائه، وهب يا استاذ حسان أنني كنت إسلاميا أو « إسلامويا » كما تقول، فهذا الأمر – إن صح- يحسب لي لا علي، ذلك أنني امتلكت القدرة والشجاعة الكافيتين لمراجعة أفكاري وتصحيح الخاطئ منها وتطويرها..كذلك كان عدد كبير من رموز الليبرالية العربية اليوم، شيوعيون سابقون وقوميون سابقون وليبراليون سابقون (ذلك أن الليبرالية الجديدة مختلفة في عدة نقاط عن الليبرالية القديمة).

4- لما قرأت بيان الدكتور النابلسي وصحبه، لم أكن أظن أنه مصيدة لأمثالي من الليبراليين المزيفين. كنت أظن أنه ورقة عمل مطروحة للنقاش، وأنه من حق الجميع أن يقبلها أو يرفضها، وأن يوقع عليها أو يتحفظ على ذلك، وأن يبدي ملاحظات بصددها، أو يظهر تأييدا مطلقا لها..ما كنت أعتقد أن في الأمر امتحانا لتبين الغث من السمين والمخلص من الآثم، على شاكلة ما كان الاكليروس الكاثوليك يفعلون في مواجهة جماعات الهرطقة، وعلى نحو ما تمارس بعض الجماعات الإيديولوجية المتطرفة، إسلامية وغير إسلامية، في تمحيص حقيقة الولاء عند أتباعها.

5- إن خلافي مع حركة النهضة، وخصوصا مع رئيسها الشيخ راشد الغنوشي، معروف لكل من يتابع السجال السياسي والفكري الدائر في الساحة التونسية..ولقد ضمنت نقدي للحركة الإسلامية التونسية وزعيمها، في أحد كتبي الذي صدر في السنوات الأخيرة بعنوان « الخيار الوحيد..نحو تونس ديمقراطية »، غير أنني أفرق تماما – ومن منطلق خلفيتي الليبرالية المكتسبة- بين الخلاف الفكري والسياسي، وبين الحقد الأعمى الذي يجعل الغاية تبرر الوسيلة، والذي يفقد المخاصم كل قدرة على التحليل الموضوعي، ويدفعه إلى الشعاراتية العمياء، والفجر في الخصومة.

6- أنا لا أعلم يا أستاذ حسان أن الصحيفة التي أشرت إليها تلميحا، صحيفة ممولة من قبل بن لادن، وليس لدي القدرة على معرفة ذلك للأسف، ولعل السلطات البريطانية نفسها التي رخصت لهذه الصحيفة لا تملك القدرة على ذلك أيضا..ولو كان مجرد نشر مقالات في صحيفة لا تروق توجهاتها لبعضنا، تقود إلى حبل المشنقة، لاقتيد نصف الكتاب والمثقفين العرب إلى المقاصل ظلما وعدوانا..وأما مسارعتك إلى اتهام قناة « العفو » الفضائية بأنها ستكون ممولة من قبل الشيخ الغنوشي أو غيره، دون دليل يطمئن أو حجة بينة، غير ولعك بالظن والريبة، فلا أظنه يليق برجل يزعم أنه يدافع عن سلطة القانون وقيم الحرية والعدالة والديمقراطية.

7- وأخيرا فإنني أؤكد مرة أخرى، على حقي في الاعتقاد بأن الأسلوب الأمثل لمعالجة الظاهرة الإرهابية والحد من تأثير فتاوى العنف والإرهاب، هو إشاعة مبادئ الحرية والمدنية في المجتمعات العربية والإسلامية، وإقامة أنظمة ديمقراطية تتيح المجال في العمل السياسي السلمي والقانوني، أمام كافة التيارات الفكرية والايديولوجية العربية، بما في ذلك التيار الإسلامي المعتدل.. واعتقادي هذا مستمد من ايماني بأن عنف الآلة الأمنية سيظل قاصرا، وأن حروبا مقدسة بإسم الليبرالية ضد أعدائها، لن يزيد الواقع العربي إلا تأزيما، وسيقوي من حظوظ الكراهية على حساب التسامح، ومن حظوظ العنف والعنف المضاد على حساب التواصل والتعايش بين مختلف الحساسيات والتيارات.

أما بالنسبة للأستاذ الهوني، فإنني أجمل ردي على تساؤلاته وانتقاداته في النقاط التالية:

1- لقد اتهمتني بعدم قراءة البيان جيدا، وأنا أقدر أنك لم تفهم ملاحظاتي عليه جيدا، فالتحريض على الإرهاب يدخل ضمن جريمة الإرهاب المادي. أنا رجل قانون في المقام الأول، وأعلم جيدا أن سائر المنظومات القانونية، بما في ذلك المنظومة القانونية الدولية، تعتبر التحريض على القتل جريمة يعاقب عليها التشريع الجنائي، تماما كما القتل المادي، ولهذا فإن المحكمة الجنائية الدولية التي يوجد مقرها في لاهاي، مختصة تماما بالنظر في قضايا التحريض على الإرهاب، تماما مثلما هي مختصة في قضايا الإرهاب المادي ذاتها.

2- اللبس الذي تحدثت عنه في فهم البيان لا وجود له، فلقد قصدت تماما ما قلت، بناء على رأيي أن الجماعات المتورطة في ممارسة الإرهاب، والتي تحركها آراء فقهية شاذة وفتاوى، ما كنت لتستقطب أتباعها أو تنجح في تجنيد مقاتليها، لولا توفر ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية ملائمة، جوهرها غبن وظلم وقهر ويأس وغمامة سوداء تخيم على رؤوس آلاف العاطلين عن العمل والفقراء والمعدمين والمهمشين على كافة الأصعدة.

3- وأنا أتخيل تماما تحقق الديمقراطية في مجتمع توجد فيه مؤسسات للفتوى، وهناك آلاف الآراء والمراجع والدراسات والمقالات التي كتبت، لتؤكد على امكانية ذلك. مؤسسة الفتوى ليست واحدة، بل هي في واقع الأمر مؤسسات، وكثير منها يقر حكم الشعب ويدعو له، وواجبنا أن ندعم التوجه السلمي والديمقراطي داخل الفكر والفقه الإسلامي، لا الزعم باستحالة ذلك، وبأنه لا مجال إلا لمنطق الحرب والإفناء والإقصاء..أنا من الذين يؤمنون بأنه لا يمكن تحييد الدين من المعادلة العربية الإسلامية، ولهذا من الأفضل بدل إضاعة الجهد والوقت في السير في الطرق الخاطئة، التعاون مع الاتجاهات الدينية المعتدلة لتوفير مناخ ملائم لسلطة الشعب وإقامة النظام الديمقراطي.

4- إن سؤالك عما إذا كان الحكام العرب سيكفون عن الجور إذا لم يصدر البيان، لا يتفق مع حقيقة ما يتوقعه الموقعون على هذا البيان من نتائج ايجابية وفعالة. إن البيان وإن لم يكن وسيلة فتاكة فاعلة في حينها، إلا أنه لا يمكن التقليل من شأنه كوسيلة سياسية وفكرية هامة، فإذا كان المنتظر من هذا البيان أن يفعل فعله لصالح الأفكار التي آمن بها الموقعون عليه، وخصوصا الأهداف المعلنة له، فلا شك أنه من حق المحلل القارئ أن يضع له نتائج أخرى من نفس الأهمية والفاعلية في الاتجاه المعاكس. البيان إذا وسيلة مهمة، ولا يمكننا التعامل معه بهذه الخفة التي بدت واضحة في سؤالك.

5- القول نفسه أيضا، يجري على الصلة المشار إليها للبيان مع السياسة الأمريكية، فالسياسة الأمريكية في المنطقة العربية الإسلامية لا يمكن أن لا تضع في حسبانها آراء نخب هذه المنطقة، وخصوصا ترتيب هذه النخب للأولويات المستحقة على منطقتهم. ثم من قال أن موقعي البيان، ينتظرون الديمقراطية السحرية المنزلة، فما كان من قول لم يدع إلى أكثر من مقاربة أمريكية أكثر شمولا وفعالية للظاهرة الإرهابية، أحسب أن على الليبراليين العرب أن يبذلوا ما في وسعهم لإقناع الإدارة الأمريكية بأهمية تبنيها. وإنني في ختام هذه النقطة، أود التأكيد على أنني لست من الذي يخجلون من العمل على تسخير كافة القدرات الممكنة لمحاربة الاستبداد والمستبدين، بما في ذلك شرح قضية الديمقراطية العربية للمجتمع الدولي وقواه النافذة وطلب المساعدة. أطلب المساعدة جائز في الشر، غير ذلك في الخير.

6- إن إشارة إلى خصومة لي مع النظام التونسي لم تكن برأيي موفقة، إذ لست أملك خصومة شخصية مع أي نظام عربي، بما في ذلك النظام التونسي، إنما الرأي عندي أن التقييم يجب أن يستند إلى عناصر موضوعية، كلها تؤكد أنه لا أمل لشعوب المنطقة مع وجود أنظمة تعمل على هذه الشاكلة. وأما حديثك عن الأستاذ العفيف الأخضر ومواطنته في جمهورية الفكر وعدم دعوته إلى قتل أحد أو مصادرة رأيه، فتجافيه أدلة كثيرة، ومواقف عديدة، بدا في الأستاذ الأخضر مؤيدا مطلقا لإهانة الإسلاميين ومصادرة حقهم في التعبير والعمل السياسي السلمي وتحريض الأنظمة على سجنهم وتشريدهم وتعذيبهم، بحجة أنهم ملة واحدة وطائفة واحدة ونوع واحد، كلهم عنيفون وإرهابيون وقتلة ومجرمون، ولا يمكن أن يكون بينهم ديمقراطي أو معتدل، ولك أن ترجع إلى المقالات التي كتبها هذا المفكر، وستجد أنها لا تقل في حقدها ومقتها وعنفها اللفظي والأدبي، عن مقالات بعض الإسلاميين المتشددين وآرئهم حيال العلمانيين والليبراليين.

7- وبالنسبة لزعمك أنني أقلب الحقائق حين نعت البيان بأنه يضع الاسلاميين جميعا في بوتقة واحدة، فاعتقد أنه زعم خاطئ، إذ لما يوضع القرضاوي والترابي والغنوشي وهم رموز الاعتدال داخل الحركة الإسلامية، مع الظواهري وبن لادن وغيرهم، وهم من رموز التشدد والتطرف والإرهاب، في كفة واحدة وقفص واحد كما كتبت أنت، فمن بقي من الإسلاميين يا ترى؟ هؤلاء يا أستاذ الهوني ليسوا مجرد أشخاص، بل حركات وجماعات، وعندما تقول القرضاوي، فإنك لا تشير إلى شيخ جاوز السبعين يقيم في الدوحة، بل إلى أحزاب وجماعات تتبنى آراء هذا الرجل وتستمد توجهاتها من أفكاره وتعده أبا روحيا لها. ومثلما أشرت شخصيا إلى مرجع الفتوى التي قال من خلالها الشيخ القرضاوي أن حكم الشورى في الإسلام هو الحكم الديمقراطي، فقد كان الحري بك أن تذكر مرجع الفتوى التي نسبتها للشيخ، والتي يدعو فيها إلى قتل العلمانيين، الذين هم نصف العرب مثلما وصفت، ولست متؤكدا شخصيا من أنهم كذلك.

وختاما فلكم كنت أود أن لا تهمز في قناة الصحبة، فصحبتي جارية ليست لبعض الإسلاميين فقط، إنما لكثير من الليبراليين والشيوعيين والقوميين، وأرى أن في قلبي وعقلي متسع لكل يد ممدودة بالسلم، داعية للتعايش بين بني البشر، في بلدي وفي بلاد العالم جمعاء، وأحسب أن الإسلاميين كغيرهم، منهم من يصوب مسدسا ومنهم من يمنح زهرة، ولعلنا بسياسة اليد الممدودة نجعل عبق الزهور أقوى من طلقات المسدسات وأفتك.

 

(*) كاتب تونسي، مدير مركز دعم الديمقراطية في العالم العربي – لاهاي

 

(المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 7 نوفمبر 2004)

وصلة الموضوع: http://www.elaph.com/ElaphWriter/2004/11/20387.htm


        

خمســـون عـاماً على الثـورة الجزائـريـــة: قراءة جديدة لتاريخها

الثــــــورة… غيـــر الـديمــوقــــراطيـــة

توفيق المديني (*)

  تحتفل الجزائر بالذكرى الخمسين (او اليوبيل الذهبي) لانطلاقة ثورتها الوطنية التحررية. وكان يجب انتظار جيلين من الذاكرة الجمعية، حتى يتم هضم الماضي المؤلم. وبعد خمسين عاماً من انطلاقة الثورة الجزائرية في 1 نوفمبر 1954، هل حان الوقت اخيراً لوضع حد نهائي لهذه الفجوة في الذاكرة التي دامت طويلاً؟

لقد كانت جبهة التحرير الوطني أداة تحرير مقابل مجتمع كولونيالي مستبد، وبنية قمعية، في آن واحد. إنها مقاومة للدولة الكولونيالية. بيد أن جبهة التحرير الوطني لم تكن تمثل الجزائر كلها، ومؤسسوها كانوا وجهاء صغاراً ريفيين يعتبرون أن لهم دعوة ربانية وحدهم لتمثيل الجزائر الوطنية والجماعية. والذي يدرس تاريخ الثورة الجزائرية، يرى بوضوح أن الجزائر لم تكن فرنسية، باستثناء مدينة وهران في الغرب الجزائري، التي يغلب عليها الطابع الاوروبي. والجزائر لم تكن مجتمعاً انصهر فيه العنصر الاوروبي مع العنصر العربي او البربري . بل إنها تأسست في مواجهة المجتمع الكولونيالي الذي يضطهدها. بكل تأكيد، كان يوجد داخل جبهة التحرير الوطني حلم ببناء جزائر تعددية تستوعب الفرنسيين المتعاطفين او الذين ساندوا الثورة الجزائرية بالضد من مواقف دولتهم الكولونيالية.

لكن جبهة التحرير الوطني هي في أعماقها حركة تحرر وطني عربية مسلمة. وكانت هذه المقاومة للدولة الكولونيالية مجتمعاً عسكرياً ايضاً. وقد وجدت مثيلات لها في بلدان العالم الثالث، بدءاً من مصر الناصرية. فقد حكم الجزائر من قبل الجيش الكولونيالي الفرنسي لمدة طويلة، والذي استوعب في صفوفه عدداً من الضباط الصغار، اصبحوا قادة للجيش وللبلاد لاحقاً.

لقد أصبحت جبهة التحرير الوطني، والثورة الجزائرية موضوعاً للتاريخ. فهي تعبير عن الوطنية الجزائرية، وهي بكل تأكيد مقاومة ضد الدولة الكولونيالية جسدت الانتصار التاريخي على الظلم الكولونيالي، بعد معارك داخلية طاحنة.

1- الثورة التي حملت في صيرورتها بذور فنائها

الصيرورة في العلوم الانسانية عند العرب تكاد تكون معدومة، باعتبارها وافدة برانية ودخيلة غازية. والمتأمل في الثورة الجزائرية، وأدواتها، ورجالها، يلمس بوضوح ان جبهة التحرير الوطني، الاداة الطليعية لهذه الثورة، ألغت الصيرورة من فلسفتها السياسية، وغيّبت حرية الانسان وحقوقه، وألغت الجدال في الثورة، وأهملت مقولة الثورة الديموقراطية، وتمسكت بنقطة واحدة هي الاستقلال، وبنظرة احادية ايضاً.

اذا كانت هنالك ثورة شعبية جذرية وظافرة ضد النظام الكولونيالي القديم في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة، فإنها بكل تأكيد تلك التي حصلت في فيتنام والجزائر، وبينما اتجهت الثورة الفيتنامية ذات المضمون الوطني الديموقراطي نحو بناء الاشتراكية بصرف النظر عن الاخفاقات التي تعرضت لها، عرفت الثورة الجزائرية بعد انتصارها سلسلة من الانقطاعات، واختلافات حادة ومحددة حول مسألة بناء الدولة ومؤسساتها، وتنظيم المجتمع، وطرائق بناء الاشتراكية فيه، التي تفصلها فوارق جوهرية عن الاشتراكية العلمية. وعلاوة على ذلك لاقى الموت بلا مجد تحقيق الديموقراطية والاشتراكية، اذا ما نظرنا الى ذلك من زاوية السياسة الراديكالية التي تطمح الى بناء دولة الحق والقانون، والمجتمع المدني الحديث، وهذا لا يحجب عنا رؤية ما تحقق من انجازات تقدمية خلال المرحلة السابقة.

قبل اندلاع الثورة في تشرين الثاني 1954، كانت الحركة الوطنية الجزائرية تعاني من انقسامات عميقة بسبب موقف اللجوء الى العنف المسلح ضد المستعمر الفرنسي، حيث ان حركة انتصار الحريات الديموقراطية بزعامة مصالي الحاج، و حزب الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري بزعامة فرحات عباس، والحزب الشيوعي الجزائري الذي كان مرتبطاً ايديولوجياً وسياسياً بالحزب الشيوعي الفرنسي، الذي أخطأ تاريخياً في تقدير الموقف الوطني السليم من قضية الاستقلال للشعب الجزائري قبل الانتصار المسبق للبروليتاريا الفرنسية، هذه الاحزاب جميعها التي اكتسبت خبراتها السياسية في اطار النظام السياسي الاستعماري الفرنسي، كانت ضد الصراع المسلح، وعملت على تحقيق الاستقلال بطريقة برلمانية. وتفرد الحزب الشيوعي الجزائري بموقفه من هذه المرحلة الجديدة في تاريخ عرب الجزائر بالدعوة الى البحث عن حل ديموقراطي يحترم مصالح جميع سكان الجزائر دون ما تمييز في العرق او الدين، ويأخذ في الاعتبار مصالح فرنسا .

على نقيض القيادات السياسية الليبرالية والراديكالية التي قادت الحركة الوطنية الجزائرية طوال الفترة بين 1946-1954، كان الثوريون الذين ينحدرون من اصول اجتماعية فقيرة، اي من فئات البورجوازية الصغيرة الفلاحية والمدنية المضطهدة، قد أنشأوا في آذار من العام 1954 ما عرف آنذاك بـ اللجنة الثورية للوحدة والعمل ، التي بدأت بتشكيل مجموعات ومغاور للانصار، والتحضير لانتفاضة مسلحة. وتحولت اللجنة الثورية للوحدة والعمل منذ أن انفصلت عن العملية السياسية الشرعية، في مقتبل تفجيرها الكفاح المسلح الى ما يعرف بـ جبهة التحرير الوطني الجزائرية كما تحولت مفارز الانصار الى جيش التحرير الوطني الجزائري.

إن الثورة الجزائرية على الرغم من الطابع الوطني التحرري الذي تصدر اولى الاولويات في برنامجها السياسي، لم تكن تحمل في طياتها مشروعاً ايديولوجياً وسياسياً لتحقيق الثورة الديموقراطية العميقة، ويرجع هذا بشكل رئيس الى طبيعة القوى السياسية القائدة لهذه الثورة جبهة التحرير الوطني من حيث تشكلها السياسي والتنظيمي وبرنامجها، وقصور وعيها السياسي والايديولوجي، وتركيبتها الطبقية التي يغلب عليها طابع البورجوازية الصغيرة الفلاحية، وبنيتها التنظيمية غير الديموقراطية، التي لا تسمح بحرية النقاش والحوار الداخلي، بالاضافة الى سيطرة الجناح العسكري من البورجوازية الصغيرة على السلطة.

ويقول المؤرخ الجزائري محمد حربي عن كيفية نجاح جبهة التحرير الوطني في انتزاع شرعية التمثيل السياسي، وفرض صورة المقاومة والممثل الوحيد للجزائر، ما يأتي: يجب التسليم بأنه كانت هناك رغبة بوحدة حركة المقاومة سواء في مصر او في فرنسا، وهما بلدان كانت شعبية جبهة التحرير الوطني فيهما هي الاقوى، وذلك لاسباب مختلفة جداً. ففي مصر ألغت الناصرية الاحزاب السياسية، بيروقراطياً، بهدف فرض وجودها، وكانت فكرة التعددية بالذات تثير الشبهة لدى القادة المصريين، أما في فرنسا فلقد بقي اليسار موسوماً بقوة بأسطورة مقاومة فرنسية موحدة وبرفض مجموعات التحرير الوطني كنقيض للحركة الوطنية الجزائرية، أي أداة عصرية، علمانية وبعيدة عن العروبة والاسلام. وهذه الصورة الصغيرة طورها مثقفون جزائريون يتكلمون على أنفسهم أكثر مما يتكلمون على مجتمعهم او حتى على المشاعر العميقة للغالبية الساحقة من قادة جبهة التحرير .

هل استطاعت جبهة التحرير الوطني الجزائرية أن تحقق قطيعة جذرية منهجية ومعرفية، وسياسية وايديولوجية، مع المنهج والايديولوجيا السائدين داخل احزاب الحركة الوطنية، وأن تشكل اطاراً استراتيجياً ممثلاً لمشروع الكفاح المسلح، وداعماً لخصائص ولادة المجتمع الجزائري في فضاء الثورة ؟

مع انتشار حرب التحرير الوطنية داخل الجزائر بدأت جبهة التحرير الوطني تستقطب جماهير وقيادات من الحركة الوطنية الجزائرية التي أسسها مصالي الحاج، ومن الراديكاليين والليبراليين الذين ضموا قواهم الى الثوريين، ومن الشيوعيين الذين انضموا الى الجبهة كأفراد. وكان هذا الرفد للجبهة بالكوادر والقيادات السياسية يزيدها خبرات ومهارات تنظيمية جديدة وييسر لها كسب اعتراف دولي. ومع ذلك لم يحصل الاندماج بمفهومه السياسي والتنظيمي. فقد ظلت العلاقات بين القيادات التقليدية القديمة والقيادات الجديدة داخل اطار جبهة التحرير الوطني معقدة ومبلبلة، ويشوبها الحذر. وكانت تنمو تعارضات سياسية وايديولوجية بين قادة جبهة التحرير الوطني الذين يريدون فرض تاريخهم الحديث الذي يعطيهم الشرعية السياسية والجماهيرية، والقوة والتفوق باعتبارهم مقاتلي اول نوفمبر ومؤسسين لهوية قومية عصرية للجزائر لانتشالها من غموض تاريخي، والقيادات التقليدية التي تعتمد على شرعيتها السياسية النضالية الماضية.

في سيرورة تراكم التناقضات الداخلية، كان لا بد من مؤتمر لمعالجة الاوضاع الداخلية المتفاقمة لـ جبهة التحرير الوطني لكي تثبت قدرتها على قيادة الثورة، ولمغتابيها أن … الثورة الجزائرية ليست تمرداً ذا طابع فوضوي، محدوداً ومحلياً، من دون تنسيق، ولا قيادة سياسية، ومحكوماً عليه بالفشل .

وليس ثمة ما يؤكد ان المؤتمر التأسيسي لـ جبهة التحرير الوطني الجزائرية الذي عقد على طرف واد الصمام في منطقة القبائل ما بين 20 22 آب 1956 في ظروف قاسية، قد بلور برنامجاً سياسياً واضح المعالم حول طبيعة الثورة الديموقراطية وقضية بناء الاشتراكية. وكل ما يوجد في الخطوط السياسية العامة التي أقرها المؤتمر، هو انتظام البرنامج السياسي حول فكرتين اساسيتين: استقلال الامة، ووحدة الشعب (دون تمييز بين الطبقات)، وأن الثورة الجزائرية تناضل من اجل بعث دولة جزائرية على شكل جمهورية اشتراكية وديموقراطية، وليست اعادة لنظام ملكي او ديني عفا عليهما الزمن.

غير أن ما تميز به هذا المؤتمر هو وضعه اللبنات الاولى لمؤسسات الثورة الجزائرية، وبخاصة منها المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي يضم 34 عضواً، نصفهم اصيلون ونصفهم احتياطيون، وقيادة من خمسة اعضاء، هي لجنة التنسيق والتنفيذ، التي تمثل السلطة التنفيذية، وتملك سلطة الاشراف على كل أجهزة الثورة . ويعكس تأليف المجلس الوطني للثورة الجزائرية بكيفية خاصة توازن القوى السياسية المختلفة داخل جبهة التحرير الوطني ، وطابعها المفتوح، من حيث أنها ضمت سبعة عشر من الاعضاء السابقين في اللجنة الثورية للوحدة والعمل ، وخمسة من المركزيين واثنين من الاندماجيين وفردين معروفين بروابطهما مع العلماء. ومع ذلك فإن الانقسام بين زعماء الداخل والخارج يتضح في أنه من بين أكبر خمس عشرة شخصية، ثمانٍ من الخارج وسبع من الداخل.

ومن المهمات المركزية للمجلس الوطني للثورة الجزائرية حل قضية الصراع المستمر بين القادة في الداخل واولئك في الخارج. انه الصراع الدائم الذي تتعرض له كل ثورة، بسبب ظروف القمع والاعتقال والهجرة الى المنافي الخ…

أما الجهاز الثاني للثورة: لجنة التنسيق والتنفيذ، فقد أختير اعضاؤه من بين الاعضاء الداخليين، وكان دوره في اتخاذ القرارات بين انعقاد دورات المجلس الوطني للثورة. لقد عكس مؤتمر الصمام التباينات والتفاوتات في الانتماءات الطبقية والايديولوجية لكل من السياسيين والعسكريين، وأثّر ذلك كله على مستقبل الصراع داخل جبهة التحرير الوطني ، وعلى صعيد السلطة السياسية. وعلى الرغم من ان وحدة الثوريين وتماسكهم في خضم حرب الاستقلال قد اضعفا الانقسامات والنزاعات الشديدة بين قادة الداخل والخارج إلا ان هذه الانقسامات ظلت بلا حل، واصبحت اكثر حدة مع عدم اجابة المؤتمر بوضوح على المسألة الاساسية التي كانت مطروحة آنذاك، الا وهي تأكيد اولوية العمل السياسي على العمل العسكري.

بقدر ما عكست السنوات الاولى في ربيع 1954 وربيع 1957 سنوات البطولة في عمر الثورة، وطابع التحالف بين العسكريين والسياسيين، واستخدام اساليب النضال السياسية والعسكرية في آن واحد مثل ادارة معركة الجزائر واضراب الايام الثمانية بقدر ما اثبتت حرب الاستقلال الطويلة الأمد في سياق سيرورتها المعقدة هيمنة التشكيل العسكري المميز لجيش التحرير الوطني اي الاولوية المسلحة التي وجدت قبل اي تنظيم سياسي على جبهة التحرير الوطني ، اذ ان الاخيرة لا وجود خاصاً لها، خارج اطار جيش التحرير الوطني . وحتى الدور الذي كان منوطاً بالمفوضين السياسيين لم يتجاوز حدود السهر على التطابق بين الاهداف السياسية والعمل العسكري ، اذ سرعان ما سيظهر المستقبل ان وظيفة المفوضين السياسيين قد امتهنت قيمتها لمصلحة وظيفة المسؤولين العسكريين…

باختصار فان الجبهة جيش التحرير الوطني، كتعبير عن ثورة شعبوية قطعت مع حركة وطنية متأزمة، لم تتوصل الى تجاوز مكامن ضعفها الاصلية. فخلف التمييز بين سياسيين و عسكريين كان يختفي في الواقع الصراع بين خطين متخاصمين. الأول ويجسده عبان، كان يجد سنده في المدن، واذا كان بورجوازياً بيروقراطياً بشكل كامن، فقد كان يعقوبياً، داعياً الى المركزة. أما الثاني، ويمثله قادة جيش التحرير، فكان عامياً ويستند الى الطبقات الريفية، كان يهتم قليلاً جداً بالمسائل الايديولوجية، وكان اصحابه يناضلون من أجل مصالح ثورية ويجعلون من استقلال منظماتهم رهان المستقبل.

ضمن هذا السياق فهم جذور الصراع بين العسكريين (جيش التحرير الوطني) والسياسيين حول قيادة الثورة، ومضمون الاستقلال، ولاحقاً حول الهيمنة على السلطة. فبمجرد ان انتقل مركز الثورة من الارياف والجبال الى المدن، اصبح السياسيون خاصة منهم انصار الاستقلال التدريجي يجدون في الفئات الوسطي والبورجوازية التجارية ارضاً اكثر تقبلاً لفكرة التسوية مع الاستعمار الفرنسي، خصوصاً ان البورجوازية بدأت تقدم دعمها لـ جبهة التحرير الوطني سياسياً وتشترك في الثورة عبر مشاركتها المالية والتموينية. وكانت هذه الطبقات تخطط لاستعادة السيطرة على جيش التحرير الوطني ، كي لا يصبح عقبة حقيقية في أية تسوية مقبولة مع فرنسا. وكان السياسيون يسعون الى توظيف المهارات الادارية والتنظيمية والثقيفية للمثقفين الثوريين، الذين كانوا يناضلون في صفوف الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، والاتحاد الفرنسي لجبهة التحرير الوطني كإطار سياسي أوسع، واكثر توحيداً ويضم الجميع لكي يتم اضفاء الشرعية والتمثيل السياسي عليها وتطويق جيش التحرير، بسبب الخوف التاريخي المتبادل بين العسكريين والسياسيين، من اجل زيادة امكانات التسوية في المفاوضات التالية التي رحب بها الوطنيون.

في المقابل كان العسكريون ينحدرون من اصول طبقية واجتماعية فلاحية في الغالب الأعم، وكانوا اصغر سناً من السياسيين الذين كانوا في قيادة الثورة ابان حرب التحرير، والى جانب هذا لم يأتوا الى الثورة من طريق قناة سياسية، وكان مستواهم التعليمي الاكاديمي متواضعاً، وتوجههم الايديولوجي مبسطاً بعض الشيء، بسبب اختلافهم عن السياسيين والثوريين في نوع النشاط السياسي الذي كانوا يقومون به، باعتبار ان معظم القادة العسكريين امضوا معظم اوقاتهم داخل الجزائر كمحاربين في المقاومة، وعلى علاقة عضوية بالفلاحين الذين كانوا يمدون الجيش بالرجال المحاربين. وعلى الرغم من اوجه التشابه بين العسكريين والثوريين الذين قادوا الثورة  المسلحة بنشاط داخل الجزائر على صعيد المنبت الطبقي والاجتماعي المتواضع، واستخدام العنف والقوة باعتبارهما ضروريين لانهاء النظام الاستعماري في الجزائر، وانتمائهم الى الجيل السياسي عينه، الا ان اوجه الاختلاف بين الفئتين تبرز في الثقافة المتقدمة التي يتمتع بها الثوريون، وفي نوعية العمل السياسي الذي كانوا يقومون به، حيث ان مثقفي الثورة برزوا كدعائيين وديبلوماسيين واداريين، ومفكرين، ورجال يمتلكون مهارات تنظيمية رائعة…

لقد وحدت حرب الاستقلال العسكريين والمثقفين من أجل الظفر بالاستقلال الوطني، والتمدن للجزائر، لكن الصراع على السلطة الذي كان كل من العسكريين والى درجة أقل المثقفين يستعدون لخوضه مع بداية استقلال الجزائر، جعل العسكريين يختلفون مع المثقفين، كما يقول وليم كواندت: فبينما كان يشعر الثوريون شعوراً قوياً بأن عليهم وحدهم ان يقودوا الثورة كان يحتاج العسكريون بشكل عام الى طموح قوي الى السلطة، بل على العكس فان شعورهم حول من يصلح للحكم قد انتقل الى الجيش او الى ولايتهم ويبدو ان الولاء الدستوري او الاقليمي قد احتل مكان الطموح الشخصي والاحساس بالفردي بميزة المسؤولية لدى الثوريين .

مع اتساع جبهة التحرير الوطني التي استوعبت كل القوى السياسية الوطنية، التي كانت قائمة قبل الثورة، باستثناء حركة مصالي الحاج، وصعود العسكريين والمثقفين الثوريين الى مراكز نفود بارزة، عجزت هذه الجبهة عن انشاء تنظيم سياسي فعال ومستقر نسبياً، يستوعب التيارات السياسية والايديولوجية الكبيرة المختلفة المتباينة، الأمر الذي قاد الى تعميق الانقسامات والمسافات والخصومات في ما بينها. وككل ثورة، عرفت الثورة الجزائرية منذ ولادتها صراعات حالت دون تركيز السلطة في ايدي قيادة تحظى بالاجماع تقود حرب الاستقلال، وتسيطر على الحياة السياسية الداخلية في جبهة التحرير الوطني ، وتبني عملية سياسية ديموقراطية.

فالعسكريون في جيش التحرير الوطني يريدون ان يوظفوا نفوذهم على الصعيد العسكري والسياسي والاداري لبسط هيمنتهم على الولايات المتحدة الجزائرية، التي تحولت اقطاعات عسكرية تمارس حكمها الاستبدادي ، وقد انتهي بعض القادة منهم الى اكتساب مواقف زعماء اقطاعيين او زعماء عصابات على حد قول بن بيللا، ولاضعاف جبهة التحرير الوطني وتعزيز التجهيز العسكري على حساب تسييس الجماهير والمقاتلين.

والحكومة الموقتة للجمهورية الجزائرية التي تشكلت عقب حل لجنة التنسيق والتنفيذ الثانية في 19 ايلول 1958، بدل ان تعمل كوحدة سياسية لقيادة حرب الاستقلال والمفاوضات مع فرنسا، عملت على تشكيل ثلاث لجان متخصصة، الاولى تتكون من العسكريين (الثلاثي) كريم وبوسوف وبن توبال الذين تسلموا معاً وزارات الحرب والاتصال والمواصلات والداخلية. وتولى فرحات عباس الليبرالي ورئيس الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري رئاسة الحكومة الموقتة. اما اللجنة الثالثة فقد تألفت من الراديكاليين بن خده ومحمد يزيد والامين دباغين والمهري، وكانت مسؤولة عن وزارات الشؤون الاجتماعية والاعلام والشؤون الخارجية وشؤون شمال افريقيا. وهكذا فان الحكومة الموقتة احتوت ثلاثة انشطة ذات فاعليات مختلفة: الأول نشاط العسكريين تحت اشراف الثوريين، والثاني نشاط الليبراليين بقيادة عباس والذين يتميزون بالمرونة السياسية. والثالث نشاط الراديكاليين الذين كانوا رجال تنظيم ومحرضين جيدين في الحركة الوطنية.

ولهذا ، ليس غريباً ان تبرز انقسامات داخل الحكومة الموقتة بسبب تعدد مصادر اتخاذ القرار، ووجود اجماع هزيل بين لجانها المتخصصة. وهذا ما دعا احد اعضاء الحكومة الموقتة، بن خده، الى القول ان لها استراتيجية عسكرية، سياسية، او ديبلوماسية، وقد علل كثير من المحللين عدم تحديد ايديولوجية جبهة التحرير الوطني اثناء الحرب الى طبيعة الانقسامات في القيادة السياسية. ولكن خطر هذا النوع من القرار حول مشكلة السلطة في انه يدعو الى اتخاذ القرارات باعطاء اولوية كبيرة للاجماع غير الموجود تقريباً بما ان الموافقة على الاسس شبه مستحيلة. وهنالك ميل لتجنب مناقشة هذه المواضيع. ويعطي النقد اللاذع للحكومة الموقتة الذي قدمه بن خده، أحد اعضائها، الصورة الآتية للأعمال الداخلية لأول حكومة موقتة. لقد نشأت في المنفى بيروقراطية سياسية وعسكرية تميزت بغياب الحياة الداخلية، فقد جرى تجاهل الديموقراطية الداخلية والنقد الذاتي والعوامل المهمة في اختيار القادة مما فتح المجال للوصولية والمجاملات.

وجاء برنامج طرابلس، عقب انعقاد المجلس الوطني للثورة الجزائرية في ليبيا ما بين 16 كانون الأول 1959 و18 كانون الثاني 1960، وتفاقم الانقسامات داخل جبهة التحرير الوطني ، ليقر وثيقتين مهمتين هما: 1 الدستور الموقت للدولة الجزائرية، 2 النظام الداخلي لـ جبهة التحرير الوطني . ومن الجدير بالذكر ان الدستور الموقت قد جعل ممارسة السلطة التنفيذية من مهمات وصلاحيات الحكومة الموقتة للجمهورية الجزائرية .

ومن المعروف ان برنامج طرابلس قد صاغه في ذلك الوقت محمد حربي وهو ماركسي، ومصطفى الاشرف، وهو استاذ بجامعة السوربون، ومحمد يزيد. ويعكس هذا البرنامج ثلاثة مفاهيم كانت سائدة في معرض الطبيعة الاجتماعية للثورة الجزائرية. وهي مفاهيم مختلطة ومختلفة، تعبر عن الحساسيات الايديولوجية المتباينة في قيادة الثورة، وآرائهم في قراءة الواقع الجزائري، وآفاقه المستقبلية. ويمكن ادراج هذه التفسيرات المتباينة على النحو الآتي:

اولاً: تحليل كل من مصطفى الاشرف ورضا مالك ومحمد يزيد، الذي يؤكد بأن المجتمع الجزائري مستعمر نصف اقطاعي، لذا فان مرحلة الانتقال الى الاستقلال والعصر الحديث، تتطلب بناء دولة حديثة، والقيام باصلاح زراعي وتصنيع، وتحرير المرأة، والقضاء على الآثار الاقطاعية. وليس من شك في ان هذا الطرح ينطلق من المرجعية الايديولوجية الماركسية التي تحدد طبيعة الثورة بأنها ديموقراطية بورجوازية.

وبسبب عجز البورجوازية في البلدان المستعمرة عن القيام بها، وضعف الطبقة العاملة، فقد أحل مالك والاشرف محل الثورة الديموقراطية البورجوازية مصطلح الثورة الديموقراطية الشعبية، التي لا تقع على يد طبقة واحدة بل على دولة تبقي البورجوازية تحت وصايتها، وتجسد قاعدتها الاجتماعية لدى الفلاحين والشغيله بوجه عام، والشبيبة والمثقفين الثوريين .

ثانياً: تحليل بن بيللا المتأثر الى حد كبير بافكار فرانز فانون التي طرحها في كتابه معذبو الارض والذي يرى أن الثورة الجزائرية لا يمكن ان تستقيم الا اذا انساقت في سياق الثورة الاشتراكية حيث تكون القوة القيادية فيها للفلاحين. ويعطي تحليل بن بيللا دوراً استراتيجياً للاسلام، باعتباره يشكل متراساً للفقراء ضد الاغنياء ويعطي طابعاً للاصالة الجزائرية . وينادي بن بيللا بأممية بلدان العالم الثالث ضد البلدان المصنعة حيث تبرجزت الطبقة العاملة في الغرب.

ثالثاً: تحليل محمد حربي الذي يجد ضالته في المرجعية الماركسية حيث يرى ان الجزائر ليس بلداً اقطاعياً، لأن نمط الملكية ودور الدولة، والعلاقة بين المدن والارياف، تختلف كلياً عن نمط الاقطاع الذي كان سائداً في العصر الوسيط في الغرب. وأكد محمد حربي أن البورجوازية الجزائرية عاجزة عن انجاز مهمات الثورة الوطنية، وركز على الترابط العضوي بين مهمات الثورة الوطنية والثورة الاجتماعية، الأمر الذي يتطلب النضال على جبهتين ضد الامبريالية وضد البورجوازية المحلية. اما البورجوازية الصغيرة الاقتصادية فيجب تحييدها… وقد اعتبر ان محرك الثورة لا يمكن ان يكون غير الطبقة العاملة مهما تكن ضعيفة… أضف الى ذلك ان للثورة الاشتراكية طابعاً اممياً. لذا فان تحالفاً استراتيجياً مع الاتحاد السوفياتي والصين امر لا غنى عنه . وفيما تم ادخال الاحالة الى الاسلام طبقا لمطلب بن بيللا الذي كان يطالب باعادة النظر في مسألة علمانية الدولة وعلمانية جبهة التحرير الوطني كان مناقضه الرئيس مصطفى الاشرف يعارض هذا التوجه، بحجتين: اولا: ان الاسلام يحمل في ذاته ثقل القيم الخاصة بحضارة ريفية قديمة ويمكن ان يلعب دمجه في الايديولوجية السياسية دور الكابح لتحديث البلد، وثانيا: سوف تستند القوى المحافظة الى الدين لتأبيد عادات رجعية في ما يخص العائلة ووضع المرأة والعلاقات في المجتمع.

في معرض تحليله التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية، والبنية الطبقية للمجتمع الجزائري، اكد برنامج طرابلس على وجود اربع طبقات: الفلاحين الفقراء بروليتاريا المدن البورجوازية الصغيرة والبورجوازية. غير انه في تحديده لقوى الثورة، تبين بأن الفلاحين والعمال بوجه عام هم الذين كانوا القاعدة النشيطة للحركة، والذين اعطوها طابعها الشعبي الاساسي. مضيفا بأن مهمات الثورة الديموقراطية في الجزائر هائلة. ولا يمكن انجازها بواسطة طبقة اجتماعية هي البورجوازية مهما كانت مستنيرة. ولكن مهما كان شأن القيمة المترتبة على فهم طبيعة الثورة الديموقراطية، الا ان البرنامج لم يحدد مهماتها ولا اهدافها بدقة ما عدا الاشارة الى ضرورة تحقيق الاصلاح الزراعي . وهو في جانب كبير منه يتوافق مع طموحات الجناح العسكري لـ جبهة التحرير الوطني المتكون اساسا من الفلاحين الفقراء. والذي تهيمن عليه ايديولوجية فلاحية بسيطة، نظرا الى المستوى التعليمي والثقافي المتدني لدى غالبية اعضائه. وظلت الايديولوجية المهيمنة على قيادة جبهة التحرير الوطني التي اكد عليها برنامج طرابلس هي معاداة الاستعمار والامبريالية، والتاكيد على سيادة الشعب ورفض الليبرالية الاقتصادية، وضرورة التخطيط دون ذكر الاشتراكية.

ولعل في هذا الغموض وسطحية عموميات المفاهيم الايديولوجية ما يؤكد لنا ان جبهة التحرير الوطني لم تشقها صراعات ايديولوجية بشأن نمط الحزب المطلوب بنائه، اذ جاء النص حول الحزب تسوية بين انصار حزب جماهيري يستبعد من صفوفه تعايش ايديولوجيات مختلفة ، وحزب طليعي يتم تنظيمه على اساس مبادئ المركزية الديموقراطية: انتخاب المسؤولين على مختلف المستويات او اولوية الهيئات العامة على الهيئة الدنيا، خضوع الاقلية للاكثرية.

ومع ذلك، فان برنامج طرابلس، لم يشكل نقلة نوعية لكي تتجاوز الثورة الجزائرية الخلافات الماضية، والصراعات التي تعمقت عند اقتراب الاستقلال بين القيادات السياسية للحكومة الموقتة، وجيش التحرير الوطني، ورئاسة الاركان العامة التي تسيطر على الولايات الداخلية. فعملية الانتقال من الحركة الوطنية الى الاستقلال، عملية صعبة ومعقدة بسبب ما يلازمها من ظاهرة الصراع على السلطة بين الفئات والافراد الذين كافحوا من اجل حرية الجزائر تحت راية جبهة التحرير الوطني . فهناك السياسيون الليبراليون والراديكاليون المنحدرون من اصول مدينية ويتمتعون بثقافة عالية. وهناك المثقفون الذين يتشابهون مع السياسيين من حيث اصلهم الطبقي ويختلفون من حيث الجيل الذي ينتمي اليه كل منهما. وهنالك الثوريون المنحدرون من اصول ريفية ولا يتمتعون بثقافة عالية، ولكنهم يشكلون الاكثرية، واستطاعوا ان يسيطروا على القيادة السياسية خلال الحرب، بل اصبحوا من ابرز القادة الوطنيين المطالبين بحقهم الخاص في تولي مناصب عليا في السلطة في الدولة الجديدة. وهناك اخيرا العسكريون الذين يتشابهون مع الثوريين من حيث الخلفية والوسط الاجتماعي، والذين استطاعوا ان يفرزوا من صفوفهم قيادات فرعية توصلت الى احتلال مراكز قيادية مثل بومدين.

وانطلاقا من تحديد هذه اللوحة التصنيفية السياسية الجزائرية يمكن ان نصل الى استنتاج محدد هو ان السياسيين التقليديين، الذين قادوا الحركة الوطنية، وانتهجوا سياسة تختلف، وتتناقض احيانا مع الاستعمار الفرنسي، وطالبوا بالاستقلال من خلال عمل سياسي مشروع، من دون ان يقاتلوا من اجله، لأن الاستقلال يحقق لهم مصالح ليست متناقضة الى هذا الحد مع الاحتلال، فشلوا في تحقيق المطالب  الوطنية، على الرغم من انهم يمتلكون ثقافة عالية، فرنسية في الاعم الاغلب. وكان الكثير منهم يمارسون مهنا حرة. انه الوضع الذي افسح في المجال لبروز الثوريين والعسكريين الممثلين للفئات الاجتماعية الاكثر انسحاقا في المجتمع الجزائري الكولونيالي والاقل ثقافة، والادنى مستوى اجتماعيا قبل الاستقلال، والذين فجروا الثورة ضد المستعمر الفرنسي من اجل الاستقلال، واستطاعوا ان يحتلوا الحركة الوطنية الجزائرية، وان يستعيدوا سيطرتهم عليها.

في معرض تحليله ظاهرة انتقال الحركة الوطنية الى الاستقلال يستشهد وليم كواندت بدراسات عدة مكثفة تعطي تعليلا عاما لعدم استقرار بنية القيادة السياسية في الحركة الوطنية في البلدان المستعمرة عامة، والجزائرية بصورة خاصة، وانتقالها من القيادات ذات المستوى الثقافي العالي الى القيادات ذات المستويات الادنى. تصف دراسات كثيرة كما وكيفا تغير القيادة السياسية التي رافقت التحول من نظام سياسي الى نظام آخر. لقد قورنت الحركات الوطنية بحكومات ما بعد الاستقلال. والقيادات الثورية بقيادة ما بعد الثورة، وبين الذين يصوغون الايديولوجيات والذين يقودون تحديد شكلين متميزين داخل الاتجاه العام الذي تنتقل خلاله السلطة من محرضين ذوي اوضاع عالية الى اداريين اوضاعهم ادنى، والشكل الاول هو تحول الحركة الوطنية او الحزب الايديولوجي الى نظام استبدادي تتمركز فيه السلطة غالبا بيد قائد مرموق. يؤدي في هذا النموذج ارتقاء قائد حازم الى السلطة الى  تفكك القيادة الوطنية ويفسح في المجال لنشوء قيادات ادنى تنجح في تعزيز السلطة من خلال استخدام الجيش والسلطة .

(*) كاتب تونسي

غداً: كتب جادة أعادت قراءة تاريخ الثورة الفعلي لا الوهمي

(المصدر: صحيفة النهار البيروتية الصادرة يوم 7 نوفمبر 2004)


 

Lire aussi ces articles

28 octobre 2009

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année,N° 3445 du 28.10.2009  archives : www.tunisnews.net   Liberté et Equité: Nouvelles des libertés en

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.