7 novembre 2002

Ben Ali pour une conférence internationale sur la lutte anti-terroriste

AFP, le 07.11.2002 à 14h32 TUNIS, 7 nov (AFP) – Le président tunisien Zine El Abidine Ben Ali a préconisé la tenue d’une conférence internationale sur la lutte contre le terrorisme, dans un discours prononcé jeudi à Tunis à l’occasion du quinzième anniversaire de son arrivée au pouvoir. Cette conférence aurait à « élaborer un code de conduite international qui engagerait tous les Etats et aiderait à l’instauration d’un dialogue responsable (en) délimitant les dénominateurs communs pour la lutte contre le terrorisme », a-t-il déclaré. Evoquant la politique extérieure tunisienne, le président tunisien a rappelé « l’attachement de son pays à l’édification du Maghreb », souhaitant que les dirigeants des pays de la région « transcendent les difficultés conjoncturelles (…) pour parvenir à la complémentarité et à l’unité ». Favorable à un règlement du problème irakien « par les voies pacifiques », M. Ben Ali a réaffirmé le soutien de son pays au peuple palestinien. Sur le plan intérieur, le président Ben Ali a passé en revue les actions réalisées depuis sa prise de pouvoir le 7 novembre 1987, après qu’il eut écarté le président Habib Bourguiba pour sénilité. Il a annoncé une série de mesures portant notamment sur la réforme du code électoral, la vie des partis, l’information, l’éducation, la famille, les infrastructures économiques pour poursuivre « la construction de la République tunisienne de demain ». Le quinzième anniversaire du « changement » (nom donné à l’arrivée au pouvoir de M. Ben Ali) est marqué jeudi par l’organisation de festivités dans le tout le pays, et coïncide cette année avec le début de la période du Ramadan. AFP

بقلم: سميرة الصدفي

وضعت (الشركة التونسية للسكة الحديد) (قطاع عام) خطة لكهربة القطارات على خط الضواحي الجـــنوبية التي تعتبر المنطقة الاعلى كثافة في محيط العاصمة تونس. وحصلت الشركة اخيراً على قرض ياباني قيمته 13.17 بليون ين (112.10 مليون دولار) لتنفيذ المشروع وسيستخدم لشراء 15 قطاراً يتألف كل واحد منها من خمس عربات وتصل طـــاقة القطار الواحد الى الــف مسافر. وقدرت الكلفة الاجمالية للمشروع بـ180 مليون دينار (130 مليون دولار) بينها 160 مليون دينار (112 مليون دولار) ستخصص للكهربة والباقي لمشاريع تكميلية. وقالت الشركة انها تعتزم انشاء محطة لتوزيع الكهرباء على خطوط السكة الحديد تتزود من شبكة (الشركة الوطنية للكهرباء) (قطاع عام). ويبلغ طول المسافة بين العاصمة تونس ومحلة برج السدرية في اقصى الضاحية الجنوبية 25 كيلومتراً.

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 7/11/2002 )

AFP, le 07.11.2002 à 09h15  ADDIS ABEBA, 7 nov (AFP) – La Convention sur la prévention et la  lutte contre le terrorisme, adoptée en juillet 1999 par le 35e  sommet de l’Organisation de l’Unité Africaine (OUA), entrera  officiellement en vigueur le 6 décembre, a annoncé jeudi la  Commission de l’Union africaine (UA) à son siège à Addis Abeba.           « Le Ghana est devenu mercredi (6 novembre) le 15ème Etat membre  à déposer l’instrument de ratification et la Convention précise  qu’elle entrera en vigueur trente jours après le dépôt du 15ème  instrument », affirme un communiqué de l’UA transmis à l’AFP.           Le dépôt de l’instrument de ratification au siège de la  Commission de l’UA à Addis Abeba donne une valeur juridique aux  engagements pris par les Etats membres.           Le représentant permanent du Ghana auprès de la Commission de  l’UA, John Evonlah Aggrey, a accompli cet acte solennel mercredi au  nom de son gouvernement.           Les quinze Etats membres sur 53 ayant déposé à ce jour  l’instrument de ratification de cette convention sont l’Algérie,  l’Angola, le Cap-Vert, les Comores, l’Egypte, l’Erythrée, le Ghana,  le Kenya, le Lesotho, la Libye, le Mali, le Rwanda, la République  arabe sahraouie démocratique (RASD), le Sénégal, la Tunisie.            Cette convention interdit aux Etats membres de fournir « tout  soutien aux terroristes, y compris sous la forme de délivrance de  visas ». Ils doivent prendre toutes les mesures légales pour lutter  contre le terrorisme, et sont tenus d’adapter leurs législations aux  termes de la convention.           L’ambassadeur Saïd Djinnit, commissaire en charge des Affaires  politiques au sein de l’UA, a loué le Ghana pour avoir tenu son  engagement pris en septembre dernier à Alger.           Accra avait annoncé la ratification de la Convention sur la  terrorisme ainsi que le dépôt de l’instrument lors de la rencontre  intergouvernementale des membres de l’Union africaine (UA, qui a  succédé à l’OUA en juillet 2002) pour mettre au point un plan  d’action de lutte contre le terrorisme en Afrique.           Cinq pays, la Tanzanie, l’Ouganda, l’Ethiopie, le Burkina Faso  et le Niger ont indiqué que le processus de ratification était au  stade ultime.           L’UA, qui a multiplié les appels à la ratification de la cette  Convention, a récemment rappelé que « sans paix, ni sécurité, il n’y  aura jamais de développement ».           Cette organisation, qui avait condamné sans équivoque les  attaques terroristes perpétrées contre les Etats-Unis le 11  septembre 2001, s’était toutefois prononcée en novembre dernier en  faveur d’un combat général contre le terrorisme, mais sous l’égide  des Nations unies.   AFP

وحدة مغاربية بقرار أوروبي أو أميركي

بقلم: رشيد خشانة

ليس سراً ان كل مسؤول اميركي يزور شمال افريقيا إلا ويبذل جهداً كبيراً لإقناع المسؤولين في المنطقة بضرورة كسر الحواجز والحدود بينها وإقامة إتحاد جمركي ومناطق حرة لاستقطاب الإستثمارات الخارجية وتنشيط المبادلات بينها أولا ومع التجمعات الأخرى ثانياً. كذلك ليس سراً أن الإتحاد الأوروبي يمارس ضغوطا مماثلة على بلدان المنطقة ويعبر لها عن ضجره من صراعاتها الصغيرة ويجرب إقناعها بأن مصالحها تقتضي التعالي على أسباب التفكك والتنابذ. مع ذلك لا شيء يبدو في الأفق على صعيد حلحلة الخلافات فجميع المؤشرات يدل على مزيد من البرود في العلاقات الاقليمية, فيما يغرق الإتحاد المغاربي أكثر فأكثر في الغيبوبة. وشكل دخول إسبانيا على خط الصراع الجزائري – المغربي عنصراً جديداً ضاعف من توتير الأجواء وأبعد إحتمال التقارب والمصالحة بين الرباط والجزائر. ما العمل إزاء وضع تحولت في ظله اميركا وأوروبا إلى طلاب وحدة فيما تشكل الحكومات الوطنية عائقا في وجه اجتراح تجمع إقليمي? رأى كثر أن القطاع الخاص هو المخلص من هذا المأزق كونه صاحب المصلحة الأولى في قيام سوق إقليمية وكونه متحرراً من القيود التي تقتضيها التزامات الدول. وهناك آخرون راهنوا على المجتمع المدني بوصفه القادر على إختراق الحدود ومد الجسور بين البلدان المغاربية في نوع من التحدي للحكومات والتجاوز لضوابطها وخطوطها الحمر. لكن ثبت أن القطاع الخاص مضطر للخضوع لحقائق السياسة والتحرك بين تضاريس المشهد (الوطني), فهناك ألف آصرة وآصرة تربط القطاع الذي يفترض أنه (حر) بالمؤسسات الرسمية, وهو لا يستطيع إستطرادا أن يتحرك ضد إرادتها أو على عكس الخيارات الكبرى التي وضعتها ومن ضمنها اعتبار الجار (عدوا) والإمتناع من نسج علاقات معه. أما المجتمع المدني اليافع في البلدان المغاربية فلا تسمح إمكاناته وميزان القوى بينه وبين الدولة بأن يتجاوز الحدود المرسومة سلفا للمشهد, وأظهرت المحاولات الخفرة التي قامت بها نقابات وأحزاب وجمعيات متحمسة للمشروع المغاربي أن هناك حواجز ترتطم بها في نهاية المطاف فتعلن اخفاقها في تحقيق الهدف أو لا تعلنه. وعليه فإن مصير المشروع المغاربي ما زال مرتبطا بإرادة الحكومات, خصوصاً أنه لا توجد اليوم حركة شعبية تحمل هذا المشروع في قلوبها وترفعه هدفا للإنجاز. ما زالت الفكرة المغاربية قاصرة على النخب السياسية والثقافية وقسم من رجال الأعمال الذين لديهم مصلحة في توسعة السوق. ومن هنا فلا يمكن الحديث عن قوة حقيقية في المنطقة تدفع باتجاه تحريك مسار الإندماج الاقليمي وصولا الى تحقيق الوحدة الجمركية والسوق المشتركة المغاربية اللتين وضعهما مجلس الرئاسة, على الورق, منذ مطلع التسعينات. والثابت في كل الأحوال ان الإتحاد المغاربي بصيغته القديمة, وربما حتى في صيغ أخرى, لم يعد الجواب المناسب على مشاكل المنطقة وأمراضها المزمنة. ولعله بات أحد مصادر المشاكل هو أيضاً. وهذا يعني أن المغرب العربي محتاج لإطار جديد خصوصاً لذهنية مغايرة للسائد تتجاوز عقدة الخوف من الجار والعراك المستمر معه. لكن من سيقود المنطقة إلى هذه المرحلة الجديدة? الأرجح ان الإندماج الإقليمي في شمال أفريقيا لن ينبع من قوة داخلية مثلما كانت الحال في مراكش العام 1989, وإنما سيكون بقرار يملى من فوق ويصاغ في بروكسيل أو واشنطن… أو في كلتيهما معا!

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 7/11/2002 )

اصلاح التعليم في العالمين العربي والاسلامي: كلمة حق أُريد بها باطل

بقلم: صلاح الدين الجورشي (*)

كثر الحديث منذ الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001 عن ضرورة اصلاح التعليم الديني في العالم الاسلامي. انطلقت هذه الدعوة من داخل احد مطابخ السياسة الاميركية , لتصبح مطلباً ثابتاً من مطالب ادارة الرئيس بوش في اتصالاتها باجهزة الحكم في المنطقة, بدءاً بأفغانستان وباكستان مروراً بالمملكة العربية السعودية ومصر وصولاً الى العراق واندونيسيا.

لقد اكد زالماي خليل زاد مساعد مستشارة الرئيس الاميركي لشؤون الأمن القومي حول الشرق الاوسط وجنوب آسيا, في ندوة نظمها معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى, ان الولايات المتحدة ستعمد الى تغيير مناهج التعليم والثقافة في العراق بعد الاطاحة بالرئيس العراقي. واضاف: (سيكون هناك بالتأكيد اصلاح تعليمي وسيكون هناك تركيز على التعليم), وذلك في سياق جهود الولايات المتحدة الرامية الى ادخال اصلاحات على مناهج التعليم في الدول العربية لتعزيز حربها على ما تسميه الارهاب.

في الاثناء التقط بعض المثقفين المحليين هنا وهناك هذه الدعوة ليضفوا عليها الوجاهة الفكرية, ظانين انها الحلقة المفقودة في مسلسل البحث عن مخرج من المأزق السياسي والثقافي الراهن الذي يتخبط فيه العالم العربي والاسلامي, وان بإمكانهم تحويلها الى سلاح في المعركة التي يعتقدون بانها ستكون حاسمة هذه المرة مع حركات التطرف الديني. فهل اصابوا كبد الحقيقة ام هو حق اريــــد به باطـــل?

اخطر العاهات التي يمكن ان تصيب المثقفين والسياسيين والحركات الراغبة في الاصلاح والتغيير هو وقوعها في التبسيط واختزال الظواهر والتشخيص الخاطئ لحالات التأزم والانحراف. وتعتبر ظاهرة ما يسمى بحركات (الاسلام السياسي) من الامثلة التي غالباً ما تم اخضاعها لمخابر ايديولوجية وقراءات سياسية لم تزدها الا غموضاً وتعقيداً. فلقد كان الماركسيون في يوم من الايام يرون فيها اداة تعبير طبقي, واعتقدوا انها صنيعة الرأسمالية والامبريالية او انها من بقايا الاقطاع تستعمل لضرب الحركات التقدمية.

وقال آخرون انه افراز للجهل والامية وهناك من ذهب به الظن الى الزعم بكونها مجرد انعكاس او رد فعل موقت ومضاد للتغيير السريع في القيم واهتزاز المنظومة الاخلاقية التقليدية. لكن جاءت الدراسات الاجتماعية لتكشف ان انصار هذه الحركات وكوادرها ينتمون لكل الفئات او الطبقات الاجتماعية, كما لا يخلو منهم أي مجتمع من أفقر بلد اسلامي ممثلاً في بنغلاديش الى اثرى مجتمعات الخليج وان معظمهم تخرجوا من الجامعات الحديثة ولا يعانون بالضرورة من عاهات سلوكية, او اهتزازات نفسية. اما القول بأن الاستخبارات الاميركية او البريطانية هي التي ابتدعتهم ومولتهم خدمة لمصالحها فهو قول مردود لا تسعفه الوقائع التاريخية, ولا يجاريه المنطق, وتنسفه كلياً ما آلت اليه علاقة هذه الحركات سواء بأنظمتها المحلية او بالقوى الدولية. فهل حقاً هم افراز لبرامج التعليم والمناهج المطبقة في العالم الاسلامي? هل برامج التعليم هي التي انتجت الحركات الاسلامية؟

ربما لا يعلم الكثيرون ان معظم هذه الحركات ـ ربما باستثناء الجماعات السلفية ـ تنتقد برامج التعليم المعتمدة في بلدانها, وتعمل جاهدة على (اسلمتها) سواء بالضغط الشعبي والسياسي او من خلال المشاركة في الحكومات بهدف السيطرة على وزارات التعليم والتربية وغالباً ما يجد انصار هذه الحركات من الشباب والطلبة الذين يتم استقطابهم صعوبات عدة في التعامل مع مقررات مادة التربية الاسلامية واساتذتها, نظراً الى عدم انسجامها مع الثقافة الدينية والحركية التي يستندون عليها في تكوينهم الحزبي.

 وقد سعى مؤسس حركة (الاخوان المسلمون) الشيخ حسن البنا خلال السنوات الاولى من دعوته الى اقناع الازهريين بالثورة على اوضاعهم التعليمية, وقال لهم ذات يوم ان تفعلوا ذلك من اجل الاسلام فافعلوه من اجل مصلحتكم, لكن نداءاته لم تجد الصدى المأمول, ومن يستعرض اسماء الكوادر البارزة التي اعتمد عليها في بناء حركته فسيلاحظ ان عدد الازهريين كان نادراً جداً وقد لجأت حركات عديدة الى تأسيس مدارسها الخاصة لتضمن بذلك تكوين أئمة ووعاظ وموجهين يلتزمون بمراجعهـــــا العقائديـــة والفكريـــة والسياسيـــة.

من جهة اخرى, وبالرجوع الى غالبية قياديي هذه الحركات وكوادرها الاساسية والفاعلة, بمن في ذلك الذين غالوا في تطرفهم ولجأوا الى العنف والارهاب, نجدهم لم يتخرجوا او يتربّوا في جامعات او مؤسسات دينية تقليدية, بل منهم عدد واسع جداً هم خريجو المعاهد والكليات العلمية والفنية واحياناً العسكرية.

ان الاسلاميين المنخرطين في تنظيمات وجماعات, او المستقلين يتلقون تكوينهم الايديولوجي بدرجة اساسية داخل الاجهزة المنظمة وعلى ايدي (شيوخ الحركة) او يتعاطون بشكل مباشر سواء مع الكتب الاساسية المعروفة لدى الجميع, او مع من يتلقون الافكار والفتاوى والمواقف من آلاف الائمة والدعاة المنتشرين في كل مكان, والذين مكنتهم الفضائيات من فرصة تاريخية للتأثير على الملايين من المشاهدين.

وهذا يعني انه حتى في صورة تأميم مؤسسات التعليم, واستبدال برامجها باخرى جاهزة يقع اعدادها من قبل المخابر لاميركية, فان ذلك لن يجفف المنابع الفكرية لهذه الحركات التي ستواصل الاعتماد على آلياتها الذاتية في التكوين والتجنيد. ويكفي للتدليل على ذلك استحضار التجربة التركية, والقاء نظرة على عديد التيارات الاسلامية التي يعجّ بها الغرب, فهل ان برامج التعليم في بريطانيا هي التي افرزت حزب التحرير الاسلامي المعترف به في هذا البلد رغم اعتقاد مؤسسة الشيخ تقي الدين النبهاني بأن بريطانيا هي سبب خراب العالم? دعوة مشروعة في سياق ملغوم

لا تكمن خطورة هذه الدعوة في سطحيتها وعدم اجابتها على الاشكاليات الحقيقية المطروحة ولكن ايضاً في تداعياتها السلبية والخطيرة على اكثر من صعيد ويمكن الاكتفاء في هذا السياق بثلاثة جوانب رئيسية:

* استبطانها لمنطق استعماري اخذ يتصاعد ويتجلى في شكل استفزازي من خلال تصريحات بعض المسؤولين الاميركيين الجاهلين بطبيعة المنطقة, وغير واعين بخطورة ما يرددونه, هؤلاء يعتقدون بأنهم اصحاب حضارة متفوقة, وان رسالتها المقدسة تملي عليهم واجب تحرير الآخرين من الاستبداد والجهل والتعصب الديني, سواء عن طريق الضغط السياسي او اللجوء الى الحرب ان لزم الامر لقد اكدت السيدة كوندوليزا رايس ان (القيم الليبرالية الاميركية يجب الا تقف عند حدود الاسلام, وان الولايات المتحدة تريد ان تقوم بدور المحرر غير دمقرطة العالم الاسلامي). هذا في الوقت الذي تعج فيه الولايات المتحدة بعشرات او المئات من الملل والنحل التي تؤمن بأشد المعتقدات الدينية غرابة وتطرفاً. بل ان ادارة الرئيس بوش نفسها تخضع منذ اكثر من سنة للتيار المسيحي البروتستانتي ذي الاصول العقائدية الصهيونية, الذي يؤمن اتباعه بأن عودة المسيح المنقذ مرتبطة بسيطرة اسرائيل كلياً على بيت المقدس, لهذا يضغطون في اتجاه ان تصبح القدس عاصمة الدولة العبرية, وبعدها سيتولى المسيح نفسه قتل اليهود والقضاء عليهم كلياً.

* القول بأن برامج التعليم لا تقف وراء حركات الاسلام السياسي او التطرف الديني لا يعني ان بنية التعليم في العالمين العربي والاسلامي سليمة ولا تستوجب المراجعة الجذرية. لا بد من الاقرار بان انظمة التعليم في بلداننا ـ خصوصاً في ما يتعلق بمقررات المواد الدينية ـ تعاني من اخلالات فظيعة وانها تبلغ في بعض الدول درجة المأساة الحقيقية سواء من حيث المحتويات التي لا يربطها باللحظة التاريخية رابط فكري او علمي او من حيث المناهج التي ما تزال تستند على الحشو والتلقين القاتل لاي خيال او روح بحثية نقدية. إن الدعوات الى اصلاح التعليم في المجتمعات العربية والاسلامية يعود تاريخها الى اكثر من قرن ونصف القرن, حيث كانت من اهم مرتكزات الفكر النهضوي في مصر وتونس والشام وغيرها من البلدان. وتكفي الاشارة في هذا السياق الى الشيخ محمد عبده الذي انتهى به المطاف الى الاختلاف مع صديقه جمال الدين الافغاني والتخلي عن النضال السياسي ليتفرغ بقية عمره الى اصلاح الازهر اعتقاداً منه بان تغيير العقول هو المدخل الاساسي لارسال نهضة حقيقية. فرفض الدعوة الاميركية الحالية لا يعني التخلي عن هذا المنهج الاصلاحي, لانهما يشكلان رؤيتين مختلفتين في المضمون والاهداف.

* معضلة ما يسمى بالتطرف الديني تكمن في عوامل عدة متداخلة وشديدة التعقيد يصعب التعرض لها بتفصيل في هذا المقال, لكن من اهمها الازمة التي دخلها الفكر الاسلامي منذ قرون, ولم تتواصل الجهود الاصلاحية التي بدأت منذ القرن اوائل القرن التاسع عشر.

ان تجديد الثقافة الاسلامية من حيث اولوياتها ومناهجها وادوات تحليلها وقراءتها للنصوص المرجعية هو المدخل الاساسي لجعل افراد المسلم مدركاً لطبيعة المرحلة التاريخية, فاصلاح التعليم لا ينتج الثقافة وانما يساعد على ترويجها وتثبيت قيمها. ان المطلوب هو ثورة ثقافية ومعرفة عميقة ولن يحصل ذلك الا وفق شروط من اهمها توفير الحريات الاساسية, والشروع في مناقشات مفتوحة بين جميع الاطراف. وهذا كله مسؤولية النخب المحلية وليست مسؤولية القوى الاجنبية وفي مقدمها الولايات المتحدة التي بالاضافة الى ان بيتها من زجاج فإن سياساتها تسهم في تحويل اكثر الناس اعتدالاً الى اكثر الناس تطرفاً. (*) كاتب وصحافي من تونس.

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 7/11/2002 )

Robert Fisk:    After the Taliban’s chums enter the Pakistan parliament, the Islamists are back in Turkey. Who said that fundamentalism is dead? No, the victory of Turkey’s Justice and Development Party (AKP) is not a specifically anti-American vote – corruption and economic collapse produced its 350 seats in the 540-seat Turkish parliament. But opposition to corruption and economic collapse lay behind the Pakistani vote, too. Indeed, it is the foundation for almost every Islamist opposition vote in the Middle East, the desire to destroy the cancer which infects almost every pro-American regime in the region. President George Bush, riding the Iraqi war cry in his mid-term election campaign yesterday, will not have spent more than a few seconds – if that – reflecting on the meaning of Turkey’s election results. For this is a country that not only opposes his Iraqi adventure but has made it very clear that, in the event of hostilities, the Turkish army will move into Kurdish northern Iraq to prevent the declaration of a Kurdish state. So much for « safe havens ». Even now, the Turkish army could push the courts into banning the AKP on the grounds that the party leader, Recep Erdogan – who was characteristically forbidden to participate in these elections – is a closet Islamic militant. This claim is partly based on Mr Erdogan’s public recitation of an old poem which compared minarets to bayonets, mosques to helmets and Muslim believers to soldiers. In 1999, this earned Mr Erdogan a brief trip to prison for « incitement to religious hatred ». But Islamists know how to re-invent themselves. The AKP – officially at least – supports Turkey’s military alliance with the United States, not least because it needs Washington’s pressure on Brussels to allow Turkey to join the European Union. Asked if the army might simply remove the AKP from office, the patriotic Mr Erdogan cheekily responded: « What do you mean? They are my army, how would I not work with them? » But you don’t have to look far to see other reasons for this strange if temporary religious-secular alliance. The Turkish lira has lost half its value in 12 months, the economy had declined by 10 per cent in the same year and two million people have been added to the total of unemployed. Nothing could have been more symbolic of the decline of the old nationalist parties than the decaying, shrunken figure of the Prime Minister, Bulent Ecevit, staggering towards the voting box in Sunday’s elections. If the army wants a new EU Turkey, free of pointless disputes about headscarves in parliament and alcohol in municipal restaurants (the « secular » Mr Erdogan banned the latter during his previous incarnation as mayor of Istanbul), it also wants to wash the blood of 30,000 Turkish Kurds off its hands, the death toll in its ferocious war against the Kurdish insurrection in the south-east of the country in the 1990s. Having been spared President Bush’s moral outrage for such an atrocity, it also needs to clean up its record after 2,000 « disappearances » of intellectuals, journalists and Kurdish politicians during the same « cleansing » operations. In an odd way, living alongside the revamped AKP – the Christian Democrats of Islam, as the party rather unconvincingly suggests it is – helps the army shrug off its dirty war against the Kurds. But Turkey does not fit easily into Middle East patterns. Secularism really means « Kemalism », a form of nationalist modernisation which would prefer to treat Islam as a kind of folk culture in Turkish society rather than part of the religious fabric of the country. « Kemalism » is derived from Mustapha Kemal Ataturk, the hero of Gallipoli who became founder of the post-Ottoman Turkish state. But Kemalist Turkey never really confronted the issue of secularism. To its shame, Turkey has never admitted its genocide against the Armenians in which 1.5 million of its Christian Ottoman citizens were massacred in the First World War. Even in the Second World War, it contrived to levy massive taxes against its non-Muslim population, especially Jews. (Its Israeli ally now forgets all this, joining Turkey in its denial of the Armenian genocide.) For the present, Mr Erdogan’s appeal to party supporters – « that absolutely no one take actions that would upset public order, endanger security or upset anyone » – will keep the army at bay, as well as the Americans, whose $31bn (£20bn) reform programme is as important to Mr Erdogan as it was to Mr Ecevit. But any US war against Iraq could fracture these alliances and promises. Muslim Turkey will not tolerate the breakup of Iraq, and it will sympathise with the thousands of Iraqi Muslims likely to die in Washington’s invasion. President-General Pervez Musharraf’s participation in Mr Bush’s « war on terrorism » has already been hobbled by the Islamists’ victory in Pakistan – in a poll originally billed by the White House as « an important road map » on the return to Pakistani democracy. Now Turkey has produced another « wrong » result as it practises the democracy so touted by the Americans. This adds another dangerous equation to President Bush’s forthcoming adventure in Iraq – and yet another reason why the Americans, despite their public demand for democracy in the Middle East, will secretly hope that the contagion of democracy doesn’t spread any further in the region.   (Source: the independent, le 05 November 2002) 

AFP, le 07.11.2002 à 10h09                ANKARA, 7 nov (AFP) – Murat Mercan, un vice-président du parti  issu de la mouvance islamiste vainqueur des élections législatives  en Turquie, a déclaré jeudi que le prochain gouvernement turc  souhaiterait poursuivre, voire développer, les relations d’intérêt  stratégique avec Israël.           « La politique étrangère de la Turquie sera maintenue et dans ce  contexte nous voulons développer nos liens avec les pays de la  région, dont Israël », a-t-il dit à l’AFP.           Il n’y aura que des « nuances » dans les priorités du prochain  gouvernement, formé par le parti de la Justice et du Développement  (AK), en matière de politique étrangère, a assuré M. Mercan. « Tant  qu’il n’y aura pas de puissant facteur extérieur, l’orientation de  la Turquie ne changera pas », a-t-il affirmé.           « Nos relations avec l’Irak, la Syrie et Israël ne peuvent que se  renforcer et aller plus loin », a estimé M. Mercan, qui pourrait  entrer dans le prochain gouvernement.           La Turquie, pays musulman mais Etat laïc, est le principal allié  régional d’Israël depuis 1996, date de la signature d’un accord de  coopération militaire qui a soulevé la colère de la plupart des pays  arabes et de l’Iran.           Depuis, les deux pays organisent régulièrement des manoeuvres  militaires conjointes et ont noué d’importants liens économiques.           Les deux pays sont en train de finaliser un accord portant sur  la vente de 50 milliards de m3 d’eau à Israël.           Depuis le début de l’année, la Turquie a confié deux importants  projets de modernisation de chars et d’hélicoptères à Israël pour un  montant de quelque 800 millions de dollars, ce qui avait provoqué la  colère des islamistes en Turquie qui ont protesté contre les mesures  répressives prises par l’Etat hébreu contre les Palestiniens.   AFP

تركيا: حزب التنمية والعدالة يتعهد بالغاء قرار منع الحجاب

انقرة ـ اف ب: اعلن زعيم حزب التنمية والعدالة التركي رجب طيب اردوغان امس الاربعاء في مقابلة مع شبكة التلفزيون التركية ان تي في ان حزبه الذي فاز في الانتخابات التشريعية الاخيرة في تركيا، سيقترح الغاء قرار منع ارتداء الحجاب. وكان بدأ العمل بقرار منع ارتداء الحجاب في العام 1997 عندما اطاح الجيش حامي التقاليد العلمانية التي وضعها اتاتورك، حكم رئيس الوزراء الاسلامي نجم الدين اربكان. ومع ذلك، فقد تعهد اردوغان الذي ترتدي زوجته الحجاب، بعدم ترك المسألة موضع استغلال من قبل المتدينين المتطرفين. وقال سوف نحل المشاكل بالتفاهم الاجتماعي. لا نريد توترات (…) ان لعب الورقة الدينية يجب ان ينتهي في هذاالبلد . ويحرم علي النساء اللواتي يرفضن رفع الحجاب من تولي وظائف ادارية ولا يمكنهن الانتساب الي الجامعات. وقد انتقد الاسلاميون الاصوليون هذه الاجراءات وكذلك انتقدها الليبراليون ومجموعات الدفاع عن الحقوق المدنية. واضاف اردوغان في هذا البلد الذي الغي عقوبة الاعدام سيكون من المؤسف ان نكون عاجزين عن الغاء قرار يقيد حق التعليم وهي مسألة تتعلق بالايمان . واعلن الجيش التركي ان نتائج الانتخابات التي فاز بها حزب العدالة والتنمية الاسلامي تعكس ارادة الشعب وانه يحترم هذه الارادة. وقال رئيس هيئة الاركان في الجيش التركي الجنرال حلمي اوزكوك الذي يزور واشنطن في حديث الي الصحافة التركية ان النتائج تعكس ارادة الشعب وانا احترمها . الي ذلك قام رئيس بلدية قرية جبلية صغيرة في شمال ايطاتليا بتنكيس علم الاتحاد الاوروبي احتجاجا علي فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية. وقال بييترو كوفيريو رئيس البلدية اليميني لقرية بريمانا قرب ليتشو علي ضفة بحيرة كومو انه فعل ذلك بسبب خوفه من أن تركيا اسلامية قد تنضم الي الاتحاد الذي يضم 51 دولة. وقال كوفيريو وهو عضو في حزب رابطة الشمال اوروبا المسيحية وايطاليا الكاثولوكية تعيشان في خطر دائم بعد الانتخابات الديمقراطية في تركيا .. مع أن الناس يمكنهم انتخاب من يشاؤون .

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 7 نوفمبر 2002)

تركيا: أردوغان يخفف معارضته لحظر الحجاب رغم أن ابنتيه اضطرتا للدراسة في أميركا بسببه

أنقرة ـ لندن: «الشرق الأوسط»

خفف رجب طيب اردوغان، زعيم حزب العدالة والتنمية الاسلامي الذي فاز في الانتخابات التشريعية التركية الاحد الماضي، امس من معارضته للحظر المفروض على ارتداء الحجاب في المؤسسات العامة والمدارس والجامعات التركية، مشيرا الى ان حزبه لا يعتزم الدخول في مواجهة حول هذه المسألة، رغم ان ابنتيه اضطرتا الى الدراسة في جامعات اميركا بسبب الحظر.

وكان العمل على رفع هذا الحظر احد العوامل الرئيسية وراء نجاح الحملة الانتخابية للحزب الذي فاز بأغلبية كبيرة من مقاعد البرلمان التركي الجديد، الا ان اردوغان خفف من موقفه في مقابلة مع وكالة «اسوشييتد برس» امس. وقال اردوغان «هذه مسألة يجب ان نحلها في اطار اجماع عام». ورفض زعيم الحزب الاسلامي تحديد موعد لمثل هذا النقاش، قائلا «لا يصح تحديد تاريخ». واضاف اردوغان انه قد يطالب برفع الحظر على ارتداء الحجاب في الجامعات فقط، وقال «القضية في المدارس مختلفة.. القضية في المكاتب مختلفة».

ويعتبر العسكر العلمانيون، الذين ازاحوا الحكومة الاسلامية السابقة عن الحكم، الحجاب من رموز ما يصفونه بـ«الاسلام الراديكالي». واردوغان نفسه محظور عليه الآن شغل اي منصب منتخب اثر ادانته بالتحريض على الكراهية الدينية، الا ان حزبه قد يطالب بالغاء الحظر على ارتداء الحجاب. ومنذ فوز حزبه، يسعى اردوغان لتطمين مواطنيه الى انه ملتزم بالسعي لضم تركيا الى الاتحاد الاوروبي واحترام اساليبهم الحياتية وضمان حرية المعتقدات.

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 7 نوفمبر 2002)

الازمة التركية:

تداخل حلقات السياسة والاقتصاد والعلاقة بالمنظومة الاوروبية

بقلم: د. بشير موسي نافع (*)

اتابع الشأن التركي باهتمام كبير منذ اكثر من عقدين، وذلك بعد ان تولدت لدي قناعة بأن تركيا تمثل انموذجا للأزمة في العالم الاسلامي، ازمة الدولة وأزمة المجتمع علي السواء. يحمل الانموذج التركي بالطبع خصوصيات لا تنطبق علي بلدان العالم الاسلامي الاخري، ولكن بروز تركيا العثمانية في القرن التاسع عشر باعتبارها ساحة مشروع التحديث الرئيسية، ثم مرورها بالتجربة الاكثر راديكالية للتحديث والاوروبة خلال الحقبة الاتاتوركية في القرن العشرين، يجعلها مركز اختزال للتدافع الهائل الذي شهده العرب والمسلمون منذ اكثر من قرن ونصف القرن حول قضايا الانحطاط والضعف والنهضة والتجديد. الحالة التركية هي في الحقيقة حالة صارخة لهذا التدافع وللانقسام الذي نجم عنه حالة بالغة الكثافة لازمة تتعدد ألوانها ومسمياتها رغم اشتراكها في الجوهر. ما اعطي تركيا هذا الموقع بامتياز كان بالتأكيد الخيارات الحادة والاستقطابية التي شكلت تاريخها وتحولاتها وانفجاراتها الداخلية المتلاحقة منذ نهاية الحرب الاولي. ينشر هذا المقال بعد ايام قليلة علي عقد الانتخابات التركية العامة التي يتوقع لها ان تعطي حزب العدالة والتنمية المحافظ (اسلامي الجذور؟) ثلث عدد مقاعد البرلمان التركي الجديد، وتؤهله ربما لقيادة الحكومة القادمة. عندما تولي رئيس الوزراء الحالي بولنت أجاويد السلطة قبل اربعة اعوام علي رأس حكومة ائتلافية علمانية التوجه، ظن كثيرون داخل تركيا وخارجها ان البلاد قد خرجت اخيرا من ازمة عدم الاستقرار التي نجمت عن المعارضة العسكرية الحاسمة لحكومة الاسلامي نجم الدين اربكان واجباره علي الاستقالة في صيف 1997. خلال السنة الوحيدة التي تولي فيها اربكان السلطة، بالشراكة مع تانسو تشيلر زعيمة حزب الطريق القويم اليميني، وبالرغم من التنازلات الواسعة التي قدمها لارضاء جنرالات الجيش ونفوذهم الهائل في مجلس الامن القومي، فقد ظل الجيش التركي علي شكوكه تجاه الزعيم الاسلامي وعلي تصميمه الاطاحة به. تكفلت السلطة القضائية التركية فيما بعد (وهي التي تعتبر نفسها خادما للدولة لا رقيبا عليها) بحل حزب الرفاه ذي التوجهات الاسلامية المعتدلة وحرمان اربكان من ممارسة العمل السياسي. وقد فشل حزب الفضيلة الذي ولد من بقايا حزب الرفاه، فشل في احراز اي نجاحات ملموسة في الانتخابات العامة الماضية، اولا لان الناخب التركي اراد ان يجنب البلاد من صدام جديد بين الاسلاميين والجيش، وثانيا، لان حزب الفضيلة لم يكن قد وطد قدميه بعد في الساحة السياسية الانتخابية، وثالثا، وهذا هو الاهم، لان الحزب ولد وسط حالة من التشرذم والانقسام في صفوف الاسلاميين الاتراك الذين شكلوا حزب الرفاه. كانت حالة الاستقرار التي جاءت بها حكومة أجاويد قصيرة الاجل بلا شك. فمن ناحية، عاش الاقتصاد التركي منذ تولي رجل الدولة العجوز للسلطة حالة من التدهور المستمر، بعد ان شهد انتعاشا ملموسا خلال حكم اربكان القصير. وقد تفاقمت الازمة الاقتصادية التركية الي الحد الذي انكمش فيه اقتصاد البلاد بنسبة عشرة بالمئة خلال العام الماضي. ومن ناحية ثانية عادت الطبقة التركية العلمانية الحاكمة الي عاداتها المتأصلة من فساد وتشرذم وصراع عبثي علي السلطة، مما ادي في النهاية الي تشرذم حزب أجاويد ذاته. يضاف الي ذلك فشل أجاويد، رغم الاسترضاءات الكبري التي قدمها للاوروبيين، في فتح الطريق امام التحاق بلاده بالوحدة الاوروبية، وهو الهدف الذي جعل منه أجاويد اولوية برنامج حكومته، ليس فقط من اجل تحسين الاوضاع التركية الاقتصادية بل ايضا، وقبل كل شيء، من اجل حسم سؤال الهوية الذي أرق الاتراك منذ انهيار الدولة العثمانية. اليوم تنتهي ولاية أجاويد وقد خابت الآمال في اعادة بناء الاستقرار الذي طالما طارده الاتراك كحلم بعيد المنال، وتعود تركيا الي مرحلة الازمة من جديد. احد جوانب هذه الازمة هو النجاح المتوقع لحزب العدالة والتنمية. اسس هذا الحزب قبل اقل من عامين علي يد مجموعة شابة (شابة نسبيا بالطبع) من اتباع اربكان السابقين وكوادر حزبي الرفاه والفضيلة. يقف في مقدمة تلك المجموعة رجب طيب اردوغان الذي كان ترأس بلدية اسطمبول في منتصف التسعينات، محرزا شعبية هائلة بفضل النجاحات التي حققها في ادارة شؤون العاصمة الامبراطورية السابقة ومركز التجارة والثقافة في تركيا الجمهورية. كان الدافع وراء تأسيس حزب العدالة والتنمية هو البحث عن السلطة بمعناها السياسي الانتخابي، فقد توصل اردوغان وزملاؤه الي قناعة راسخة بأن الجيش التركي والمؤسسة العلمانية للدولة لن تسمح بوصول حزب اسلامي للحكم مهما كانت عواقب ذلك وبغض النظر عن حجم الدعم الشعبي لمثل هذا الحزب. وفي ظل سيطرة اربكان المعنوية (وربما الفعلية) علي حزب الفضيلة فقد اتجه اردوغان الي تأسيس حزب جديد يتخلي تماما عن البرنامج الاسلامي، حزب ذو توجهات علمانية معتدلة ويتسم بطابع محافظ فيما يتعلق بمسائل الاقتصاد والاجتماع. وهكذا، وبالرغم من جذوره الاسلامية، تجنب حزب العدالة والتنمية طرح اية تساؤلات حول الاساس العلماني للجمهورية، اقر استمرار عضوية تركيا في حلف شمال الاطلسي، اعلن تأييده القاطع للسعي الي الانضمام للوحدة الاوروبية. ولا يختلف العدالة والتنمية كثيرا عن بقية احزاب اليمين التركي في توكيده النسبي علي حرية الاعتقاد الديني في البلاد. بل ان حرية الاعتقاد وضرورة توفير الحماية القانونية لها، هي احد الشروط التي يتحتم علي تركيا الالتزام بها قبل ان تبدأ مؤسسة الوحدة الاوروبية في البحث الجاد حول التحاق تركيا بالوحدة الاوروبية، ولكن لا الجيش ولا المؤسسة العلمانية المدنية تريد ان تري حزب العدالة والتنمية في السلطة، فجذور قادة الحزب هي جذور اسلامية وهذا بحد ذاته، ورغم كل التوكيد علي التوجهات الجديدة، يكفي لاثارة الشكوك حولهم. في عرف جنرالات الجيش، من كان اسلاميا يوما يبقي اسلاميا دائما، والاسلاميون خطر ينبغي علي الجمهورية التركية تجنبه بكل الطرق والوسائل، القانوني منها وغير القانوني. في 8991 قدم اردوغان للمحاكمة بتهمة التحريض الديني، وذلك بسبب اشارات شعرية رمزية استخدمها في خطاب سابق له، وقد امضي بعد ادانته فترة قصيرة في السجن خلال العام التالي. اصبحت تلك المحاكمة المبرر الذي استخدمته السلطات التركية لمنعه من الاشتراك في الانتخابات الاخيرة، وتسعي النيابة التركية العامة الان لاسقاطه من رئاسة حزبه. بل ان الناخبين الاتراك فوجئوا عشية الانتخابات بأن السلطات القضائية ستقرر خلال اسبوعين ما ان كان العدالة والتنمية حزبا غير شرعي وتقرر حله، مما يعني ضياع ملايين الاصوات التي قد تقترع لصالح مرشحيه. هذا بالرغم من توكيد اردوغان مؤخرا علي انه لن يسعي لتولي منصب رئاسة الوزراء ان نجح حزبه في الحصول علي عدد المقاعد التي تؤهله لتشكيله الحكومة او قيادة حكومة ائتلافية، وان احد نوابه في رئاسة الحزب سيقوم بهذه المهمة. يصعب تحديد مجمل الاسباب التي ادت الي صعود حزب العدالة والتنمية الي اعلي الخارطة السياسية التركية خلال اقل من عام ونصف العام علي تأسيسه. ولكن احدا لا يستطيع تجاهل عاملين اساسيين وراء هذا الصعود: الاول، ان الشعب التركي لم يعد علي استعداد لاعطاء الطبقة العلمانية التقليدية فرصة اخري بعد ثلاثة ارباع القرن من العنف والانقسام الداخلي والتوتر والتأزم الاقتصادي المستمر. الثاني، انه بالرغم من التوجه العلماني المحافظ الذي يسم برنامج حزب العدالة والتنمية فان الناخب التركي يأمل ان يحقق صعود الحزب الي الحكم اعادة التوازن الي اشكالية الهوية والثقافة التي نخرت طويلا عظم الجمهورية واقامت تلك الهوة العميقة بين الدولة والمجتمع. السؤال الآن هو ما الذي تخبئه المؤسسة التركية العسكرية حارسة الميراث العلماني الاتاتوركي كحزب العدالة والتنمية وللحكومة التي يتوقع له قيادتها. اما الجانب الاخر للازمة التركية فينبع من تهاوي الامال باقتراب الانفراج في علاقة تركيا بالوحدة الاوروبية. لقد باتت النخبة العلمانية التركية (بل وكثير من الاسلاميين) منذ عقدين علي الاقل علي قناعة راسخة بأن في انضمام تركيا للكتلة الاوروبية حلا نهائيا لمشكلة الاقتصاد ولاشكال الهوية علي السواء. ولكن ما فاجأ الاتراك ان سعيهم للهروب من ميراثهم الاسلامي قد قابله توكيد اوروبي علي هذا الميراث. لم تقل اوروبا بوضوح قاطع ان مشكلة انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي هي مشكلة دينية (رغم ان التلميحات في هذا الاتجاه متعددة)، وغطت رفضها المساعي التركية وتأجيل النظر فيها بانتقادات لسجل حقوق الانسان، حقوق الاقليات، قوانين العقوبات، وبالطبع دور المؤسسة العسكرية في الحكم. وقد حاول أجاويد خلال العامين الماضيين الاستجابة للانتقادات الاوروبية بأن نجح في تحرير سلسلة قوانين عبر البرلمان الغت عقوبة الاعدام واجرت تعديلات ملموسة فيما يتعلق بقضايا حقوق الانسان والحقوق الثقافية للأقلية الكردية. ولكن دور الجيش في صناعة القرار وادارة شؤون الدولة يمثل، كما يعرف الجميع، البقرة الاكثر قداسة في كيان الجمهورية التركية، وهو علي اية حال الحاجز الرئيسي امام ازدياد نفوذ الاسلام السياسي والثقافي في البلاد. فهل ترغب اوروبا فعلا في اطلاق حرية الاسلام السياسي في البلد الذي يمثل ثاني اكبر قوة عسكرية في حلف الناتو بعد الولايات المتحدة، اما ان اوروبا تريد المحافظة علي تركيا علمانية متأوربة بدون ان تفتح لها ابواب الوحدة الاوروبية. فوجيء أجاويد بعد مجموعة الاصلاحات والتشريعات التي ادخلها ان اجتماع القمة الاوروبية الاخير في كوبنهاغن قد اقر مشروع توسع الوحدة الاوروبية بضم عشر دول اخري مع نهاية 2004، بما في ذلك هنغاريا، ودول البلطيق السوفييتية السابقة. كما اعطت قمة كوبنهاغن الضوء الاخضر لبدء التفاوض حول انضمام مجموعة دول اخري مثل رومانيا وبلغاريا (التي تعيش اوضاعا اقتصادية لا تقل سوءا عن الوضع التركي) وقبرص خلال عدة اعوام قليلة بعد ذلك. ولكن القمة الاوروبية اصابت المعسكر الاوروبي في انقرة بخيبة امل كبيرة عندما رفضت الاعلان عن بدء التفاوض حول انضمام تركيا. ما يضاعف من خيبة الامل هذه ان مصادر الوحدة الاوروبية في بروكسل تؤكد ان مثل هذا الاعلان غير متوقع في لقاء القمة الاوروبية القادم المقرر عقده في كانون الاول (ديسمبر). بل ان التقرير الاوروبي الاخير حول الاوضاع التركية يعيد من جديد التوكيد علي الانتقادات التقليدية للقوانين والسياسات الداخلية ولدور المؤسسة العسكرية في الحكم. بهذا تعود تركيا الي حالة الفصام العثماني التقليدي في علاقاتها بالعملاق الاوروبي الذي يزداد توسعا في الجوار التركي. وبين ازمة السياسة وازمة العلاقة مع المنظومة الاوروبية تزداد الحالة التركية تفاقما. وليس ثمة من حل في الافق، ليس لاستحالة التوصل الي حل ما او لأن العقل التركي الجمعي عاجز عن تلمس الطريق، بل لان القوي التركية النافذة ترفض وضع القضايا الجوهرية والاساسية محل البحث. (*) كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 7 نوفمبر 2002)

وحده أوردوغان يقرر أن يحكم حزب العدالة والتنمية أو لا يحكم

بقلم: هدى الحسيني

فاز الحزب الاسلامي «العدالة والتنمية»، في تركيا فتوجهت الانظار الى المؤسسة العسكرية. فالحزب الذي تشكل منذ سنة لم يكن ممثلا في البرلمان التركي، فاذا به بعد الانتخابات يحصل على 65 في المائة (363 مقعدا) من اصل 550. ولاول مرة منذ 15 عاما يمكن لحزب واحد في تركيا ان يشكل الحكومة بمفرده. مرة جديدة تستعد تركيا لاحتمال تغيير كبير، بالاساليب الديمقراطية طبعا، في خريطتها السياسية. حدث مثل هذا التغيير الجذري عام 1983 عندما فاز حزب تورغوت اوزال «الوطن الام» باغلبية ساحقة (37 في المائة)، متحديا بذلك الحكم العسكري آنذاك. الخبراء السياسيون الاتراك يعتقدون ان العسكر سيتعاملون بحذر مع حزب العدالة والتنمية، ويقول احدهم، ان العسكر في تركيا يراقبون حزب العدالة والتنمية فيما هم تحت المراقبة من قبل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، كما ان موقفهم حاسم بالنسبة الى الاقتصاد التركي، لذلك قد لا يرغبون بالظهور وكأنهم الطرف الوحيد في تركيا الذي يقمع الانتصار الساحق الذي حققه الحزب الاسلامي. عشرة ملايين ناخب صوتوا لحزب العدالة والتنمية في وقت اختار عشرون مليونا التصويت للاحزاب الاخرى او المقاطعة، والاسئلة الملحة هي: هل يدّعي العسكر انهم يرغبون انقاذ العشرين مليونا الذين لم يصوتوا لحزب حاول رئيسه رجب طيب اوردوغان الخروج من تحت عباءة نجم الدين اربكان. فهو يعرف ان رئاسة اي حزب اسلامي الهوية في تركيا هي بمثابة السير في حقل الغام، لذلك سينتظر الذين لم يصوتوا لحزب العدالة والتنمية ان يثبت اوردوغان ان حزبه ليس خطرا على هيكلية السلطة في تركيا. واوردوغان الذي في صباه كان لاعب كرة قدم، سيمارس مجددا هذه الرياضة انما في حقل الغام. في برنامجه الانتخابي حدد الحزب اصراره على تحسين احترام حقوق الانسان في تركيا عبر ثلاث طرق: ايجاد جو متسامح اكثر في تركيا بحيث لا يتم تشجيع المدعين على ملاحقة المشكوك في انهم اعداء الدولة، ووضع قوانين جديدة تضمن الحرية والحقوق لكل انسان، ليس بسبب الضغوط الخارجية بل لان الانسان التركي يستحق ذلك، ومن ثم تعديل الدستور من اجل خلق حرية سياسية للجميع. رئيس الوزراء الحالي بولند اجاويد، المقرب من رئاسة الاركان العسكرية، حذر من احتمال تغيير الدستور العلماني تحت اي حجة، وكأنه بذلك يلفت نظر مجلس الامن القومي، الاقوى في تركيا، الذي يسيطر عليه الجنرالات العسكريون رغم ان كبار السياسيين يشاركون في جلساته الشهرية. لكن محدثي التركي يكرر ان العسكر سيعتمدون سياسة: انتظر وراقب، لكنهم لن يشعروا بالراحة في العيش مع الحكومة الجديدة. ويضيف: ان قدرة النظام التركي الحالي على هضم حكومة اسلامية، غير مشجعة، ولتسهيل عملية عسر الهضم هذه، فان المؤسسة العسكرية تحتاج الى دواء للتهضيم يمده بها حلفاء تركيا. ويعني بالحلفاء: الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية. ردة فعل اوردوغان بعد النتائج الانتخابية كانت اعلانه بأنه سيتوجه الى اثينا (اليونان) وانه يرغب في تأمين دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي. وكانت اليونان زادت في الفترة الاخيرة من احتجاجاتها على خرق مجالها الجوي فوق بحر ايجه، وقال وزير الدفاع اليوناني بانوس بابانتونيو ان بلاده مستعدة لمواجهة اي احتمال! خافيير سولانا المسؤول عن السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي قال ان اوروبا ستعمل مع الحكومة الجديدة اذا التزمت بالاصلاحات، وكذلك كان رد فعل واشنطن. مع فوز الحزب الاسلامي وصل الى واشنطن رئيس الاركان التركي الجنرال حلمي اوزكوك. الرحلة كانت مقررة سابقا، ومن المؤكد ان المباحثات ستتناول العراق، وتركز واشنطن على نفوذ مجلس الامن القومي التركي الذي لا بد، بعد عودة رئيس الاركان التركي من واشنطن، ان يناقش قضية العراق وموقع تركيا في المعادلة التي تطرح مسألة تغيير النظام في بغداد، التي تنادي بها واشنطن، وسيشارك فيه رئيس الحكومة الجديد. وكان حزب العدالة والتنمية قال انه سيلتزم بالاعتبارات التي تقررها المؤسسة العسكرية التركية، لكن، كما يقول محدثي التركي، ان المؤسسة العسكرية لها تحفظاتها بالنسبة الى الحرب ضد العراق، كما ان 80 في المائة من الشعب التركي لا يريدون حربا على حدودهم الجنوبية، وان نسبة اكبر لا ترغب في ان تشارك تركيا بهذه الحرب، وحزب العدالة والتنمية يمثل حسب نتائج الانتخابات 34% من مجموع الناخبين، بمعنى ان مؤيديه يمثلون شريحة صغيرة من الرافضين للحرب. من هنا، لا يحتاج حزب العدالة والتنمية الى اختلاق اي مشكلة على هذا الصعيد، خصوصا ان واشنطن لا تريد اي توتر ما بين الحكومة المدنية في تركيا والمؤسسة العسكرية، في وقت تستعد فيه لاحتمال الطلب من تركيا استعمال قواعدها الجوية وكذلك اجوائها، لانه من المستبعد ان تطالب بمشاركة القوات التركية او بارسال قوات اميركية كبيرة العدد. لكن، قبل ان تقفز الحكومة الى المسائل الخارجية، وهي لا بد ستواجهها حتما في وقت قريب، فان عليها مواجهة المشاكل الداخلية الحادة، وكما قال احد المعلقين السياسيين الاتراك فان ما يقلق الشعب ليس الاسلام او العراق او قبرص «انهم يريدون ان تنتهي مشاكلهم الاقتصادية، وان يتقلص حجم البطالة، وان تخرج تركيا من دوامة الديون المتراكمة عليها داخليا وخارجيا». وفي اتصال مع احد الصحفيين الاتراك، قال، ان الشعب التركي يدرك ان الحكومة المقبلة ستعبر ممرا ضيقا، وهو في ترقبه لنظام يلبي حاجاته الاقتصادية فانه على استعداد لان يعتبر ان حزب العدالة والتنمية هو بمثابة «الحزب الاسلامي الديمقراطي» تماما كما ان في الغرب، والمانيا بالذات، «الحزب المسيحي الديمقراطي». ويضيف، ان الوضع التركي المقبل صعب، لان المطلوب بشدة من الحكومة الجديدة وفي وقت قصير هو: الاستقرار الاقتصادي، وحل لمسألة قبرص، ومفاوضات مع الاتحاد الاوروبي لتحديد موعد لبدء محادثات دخول تركيا اليه، واحتمال الحرب على العراق. ويضيف، ان لمشكلة العراق بعدا نفطيا. فقاعدة انجيرليك التي قد تلعب دورا اساسيا في الحرب على العراق تقع في منطقة جيهان، التي ينتهي عندها انبوب النفط العراقي ـ التركي. وفي جيهان سينتهي انبوب النفط الممتد من باكو (اذربيجان) ـ تيبليسي (جورجيا)، وقد بدأ العمل فيه اخيرا. ولا ننسى ما قد تضمره روسيا حاليا للقوقاز حيث تلعب جورجيا دورا رئيسيا. ويمكن ايضا لمشكلة الشيشان ان تكبر. ثم ان انبوب الغاز شاه دنيز ـ جيهان الذي يحمل الغاز الروسي الى تركيا، يمر بموازاة انبوب النفط باكو ـ تيبليسي ـ جيهان. ان كل هذا يجعل من تركيا منطقة تقاطع استراتيجية لطرق الطاقة. ويضيف: مع هذه الاهتمامات لا بد ان تركز الحكومة المقبلة على علاقاتها مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. لكن، قبل الوصول الى كل هذه المشاكل، يواجه رئيس حزب العدالة والتنمية مشكلة داخلية اساسية. اذ حسب التقاليد التركية يقوم رئيس الجمهورية (احمد نجدة سيزار) بدعوة رئيس الحزب الفائز بأغلبية المقاعد لتشكيل الحكومة. الوضع اليوم مختلف، وليس من سابقة تشبهه. فاوردوغان مُنع من خوض الانتخابات بسبب احكام صادرة ضده ببث روح التفرقة، وبالتالي لا يمكنه ان يصبح رئيسا للوزراء. لذلك هناك ثلاثة خيارات امامه، اما ان يسمي نائبه عبد الله غول اذا كان يرغب في بقاء حزب العدالة والتنمية في الحياة السياسية التركية، لكن هناك خطراً من ان يفقد اوردوغان بهذا نفوذه على الحزب. وغول سياسي محنك وله خبرة في العلاقات الدولية ومعروف في اميركا واوروبا. واما ان يختار وجدي غونول، المعروف بتجربته كرجل دولة اكثر من ماضيه السياسي، ويرتبط بصداقة قديمة مع الرئيس التركي سيزار، ثم ان زوجته لا تغطي شعر رأسها، كما انه لا يشكل خطرا مباشرا على اوردوغان، انما قد يهدد مجيئه مستقبل الحزب ككل. واما ان يختار عبد القادر اكسو الذي شغل سابقا منصب وزير الداخلية، وانتخب ثلاث مرات نائبا في البرلمان. الآن، اذا كان اوردوغان لا يعبأ بمستقبل الحزب السياسي (اي غول) او قرر تجنب التعقيدات في الحكومة (غونول) فقد يلجأ الى اكسو لانه لا يشكل خطرا سياسيا عليه. لكن اكسو الذي له تأثير ونفوذ في الحزب، بسبب قربه من الجماعات الاسلامية، قد يشعر بأن رئاسة الحكومة الفعلية اقتربت منه، وبالتالي فقد يتفق مع غول وعندها يغيب عن المسرح غونول، ويتولى رئاسة الحكومة غول. لكن اذا قرر اوردوغان اختيار شخص رابع فربما يمهد الطريق لأزمة سياسية كبرى، اذ قد يرفض رئيس الجمهورية تكليف ذلك الشخص. وحسب الدستور يحق لرئيس الجمهورية اختيار اي عضو من البرلمان، فاذا حجب اوردوغان الثقة عن تلك الحكومة عندها قد يلجأ رئيس الجمهورية الى صلاحياته الدستورية. فاذا لم يتم تشكيل الحكومة بعد 45 يوما من الانتخابات، او اذا لم تنل الثقة بعد تشكيلها، عندها يحق لرئيس الجمهورية ان يحل البرلمان ويدعو الى انتخابات جديدة خلال 90 يوما. الآن، يستطيع اوردوغان ان يتجاوز طموحه السياسي. ويفكر بمستقبل الحزب وتركيا، فاذا لم يستطع قد يقسّم الحزب ويفقد فرصة ان يحكم. وقد تكون هذه هي الثمرة التي ينتظرها العسكر.

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 7 نوفمبر 2002)