26 janvier 2002

Accueil

 

 

 

 
TUNISNEWS

Nr 618 du 26/01/2002

Pour consulter les archives de notre liste prière de cliquer ici : http://site.voila.fr/archivtn 

 
  • LES TITRES DE CE JOUR:
  • Procès Hamma Hammami et ses camarades : J – 7

  • Ben Ali reçoit le secrétaire général de l’UGTT

  • Le canard enchaîné: Le fils Pasqua prolonge ses vacances en Tunisie

  • Courrier International: Pêcheurs tunisiens et café sicilien


  • قدس برس: تونس: أزمة حادة في المواد الغذائية وتضارب بين الوزارات في تفسيرها

    الشرق الأوسط: وزير الخارجية التونسي يتحدث عن ظلم يقع على بلاده ويؤكد أهمية تلازم الديمقراطية والاستقرار

    محيط: حزب تونسي معارض يدعو عرفات لتعزيز وحدة الصف الفلسطيني

    الحياة: تونس تندمج في 2008 في المجال الاوروبي – المتوسطي

    رويترز:  تونس تشتري 150 ألف طن من القمح الصلب

    صلاح الدين الجورشي: الحركة الإسلامية مستقبلها رهين التغييرات الجذرية

  •  
     اختفاء الحليب من الأسواق وارتفاع متواصل للأسعار

    تونس: أزمة حادة في المواد الغذائية وتضارب بين الوزارات في تفسيرها

    29 – تونس/ « 

    إكسبرس نيوز » محلي/ تونس/ سكان/ معيشة « تقرير خاص« 

    الخميس 24 كانون ثاني (يناير) 2002 (30 : 11 ت غ)

    تونس – خدمة قدس برس

    (محمد فوراتي)

    عاشت السوق التونسية منذ شهر رمضان الماضي اضطرابا كبيرا في توزيع وبيع بعض المواد الغذائية الضرورية, إذ شهدت بعض المنتجات ارتفاعا ملحوظا في أسعارها, كما شهدت بعض المنتجات الأخرى غيابا كليا عن السوق, مما أدخل حالة من القلق والاضطراب على حياة المواطن التونسي.

    وإذا كانت حالة الجفاف, التي تعيشها البلاد منذ ثلاثة أعوام تعد أحد الأسباب الهامة, التي أدخلت الاضطراب على المنتجات الفلاحية خاصة, فإن آثار نكبة أيلول (سبتمبر) الماضي, وسوء التصرف الذي ثبت في بعض الشركات والمؤسسات التونسية قد زاد الطين بلة.

    فزيادة على الأسعار المرتفعة في كل المواد المتوفرة بالسوق, فإن المواطن التونسي يشتكي اليوم أساسا من ارتفاع أسعار الخضر والمواد الغذائية بصفة عامة. فبعد الأزمة التي عاشتها البلاد خلال شهر رمضان الماضي أساسا, بارتفاع سعر زيت الزيتون إلى حدود أربعة دنانير تونسية للتر الواحد (حوالي ثلاثة دولارات), وهو رقم مضاعف بالنسبة للأسعار العادية لزيت الزيتون, المادة الأساسية في الاستهلاك المنزلي، خاصة أن تونس من الدول الكبرى في إنتاج زيت الزيتون في حوض المتوسط, وبعد الأزمة التي شهدها قطاع التمور, بسبب الجفاف, وبسبب بعض الآفات الغريبة, التي صاحبت هذا الموسم, فإن ارتفاع أسعار بعض المواد, بدت سمة يومية, وخصوصا البطاطا واللحوم والبيض وغيرها من المواد الأساسية.

    وقد تميزت الأسابيع الأخيرة بدخول مادّة الحليب إلى قائمة المواد المفقودة, أو التي يعاني التونسيون من صعوبات شديدة في الحصول عليها, فقد أكدت مصادر عديدة لوكالة « 

    قدس برس » أن البلاد تعاني الآن من نقص بـ100 ألف لتر يوميا, رغم أن المصانع التونسية تنتج يوميا حوالي 700 ألف لتر, يتم تصريفها كاملة في السوق الداخلي.

    ومعلوم أن استهلاك الحليب الطازج والمعلب دخل في تقاليد العائلة التونسية منذ أمد بعيد, ولم يعد بإمكان أي عائلة تونسية الاستغناء عنه. وقد عاشت الكثير من العائلات في أغلب الأحياء بالعاصمة تونس الأسبوع الماضي من دون حليب, إذ اختفى هذا المنتج الحيوي, وخاصة بالنسبة للأطفال نهائيا من السوق.

    بدء الأزمة من الجنوب

    وبرزت هذه الظاهرة المؤسفة بعيد عيد الفطر في مدينة صفاقس, (265 كلم جنوب العاصمة), وهي ثاني أكبر المدن التونسية, بعد العاصمة تونس, وتمثلت في صعوبة اقتناء علب الحليب من المغازات والمتجار. ويرجع بعض المتابعين أسباب ذلك إلى كون مصانع تعليب الحليب باتت تشترط اقتناء التجار كميات كبيرة من « الياغورت », ليتسنى لهم أخذ نصيبهم من الحليب المعلب.

    وبرواج هذه الأخبار تكالب العديد من التونسيين على اقتناء كميات أكثر من حاجياتهم من الحليب, مما أدّى إلى نقص واضح في العرض, وزاد استفحال الأمر نفاد المخزون الاحتياطي, الذي وقع توفيره في شهر رمضان الماضي (3 ملايين لتر), وكذلك تراجع مردودية الأبقار بنسبة 3 في المائة تقريبا بسبب البرد والجفاف, بحسب بعض الإحصائيات المنشورة.

    وهكذا غرقت السوق المحلية التونسية منذ ما يزيد عن الأسبوع في اضطراب واضح في ما يخص تزويد الحليب المعلب المعدّ للاستهلاك المحلي, إذ نضب تماما من المحلات والفضاءات التجارية, خاصّة في العاصمة, وأصبح الحصول على علبة حليب للعائلة وللأطفال خصوصا ضربة حظّ. وتأتي هذه التطورات غير المتوقعة, بعد أن كانت وزارة الفلاحة التونسية تتحدث عن تحقيق فائض من الحليب في هذا الموسم.

    تضارب في التفسيرات بين الوزارات

    وتضاربت تفسيرات ظاهرة ندرة الحليب بين وزارة التجارة, ووزارة الفلاحة, ومنظمة الدفاع عن المستهلك, والمصنعين للحليب, بشكل ملفت, مما وضع الأرقام الرسمية, التي تتحدث عن نجاح تونس في تحقيق الاكتفاء الذاتي, والوصول إلى تحقيق فائض في مادة الحليب موضع استفهام. فوزارة التجارة تقول إن النقص الحاصل في إنتاج الحليب بشكل كبير هذا العام, تمّ أساسا بسبب نقص كميات الأمطار, ودرجات الحرارة المتقلبة, ونقص الأعلاف, وارتفاع أسعارها.

    وقال مصدر في الوزارة لجريدة /الشروق/ اليومية المستقلة, إن الأزمة لن تتواصل طويلا, وستعود الأمور إلى نصابها بعد أسابيع أو أيام. أما مصادر منظمة الدفاع عن المستهلك, فتقول إن الأزمة موجودة فعلا, ونقص الحليب واقع لا مفر من التسليم به.

    وأرجعت الأسباب إلى الظروف الطبيعية أولا, ثم لعدم اتخاذ الاحتياطات والإجراءات اللازمة لتجنب مثل هذه الأزمات, إذ كان على المصالح المكلفة بالإنتاج والتوزيع, بحسب منظمة الدفاع عن المستهلك, أخذ الاحتياطات الكافية لتعديل السوق. وتضيف المنظمة أن ممارسات البيع المشروط, والتلاعب بمسالك التوزيع, وإخفاء كميات كبيرة من الحليب, قد غذت الأزمة حتى استفحلت بشكل خطير.

    أما وزارة الفلاحة فلها رأي مخالف لما ورد في كلام مصادر وزارة التجارة ومنظمة الدفاع عن المستهلك, وهي تؤكد وجود فائض في كميات الحليب التونسي, إذ أكدت الإحصاءات الصادرة عن وزارة الفلاحة أن إنتاج الحليب قد حقق عام 2000 فائضا عن الحاجة, بلغ 26.5 مليون لتر, تمّ تصدير 12 مليون لتر منها, وتوفّر بالمخازن احتياطي بحوالي 14.5 مليون لتر, يضاف إلى مخزون عام 2001 بحوالي مليوني لتر, في شكل حليب سائل, وفائض إضافي بحوالي 38 مليون لتر في شكل حليب مجفف, بعد دخول مصنع تجفيف الحليب بالمرناقية (35 كلم جنوب العاصمة) طور الإنتاج, في نهاية عام 2000, لكنه أوقف نشاطه منذ كانون أول (ديسمبر) المنقضي, بسبب ظرف الخاص.

    تضارب التصريحات والمواطن حائر

    وهكذا تضاربت الأقوال بين المؤسسات الرسمية في تفسير الظاهرة, ولكن المواطن يبقى في حيرة من أمره, خاصة عندما لا يجد مادّة أساسية لغذائه في السوق. فقد أكّد مهندس بأحد مصانع الحليب لجريدة /الشروق/ اليومية, استفحال الأزمة, خاصة بعد وقف توريد البقر من الخارج منذ حوالي عام. وشرح رأيه قائلا إن الأبقار الحلوب, التي تجاوزت مدّة إنتاجها للحليب, وأحيلت إلى الذبح, تركت فراغا في القطيع, فيما كانت تعوض بالأبقار صغيرة السن التي كانت تستورد في السابق.

    وقال إن حجم الحليب الوافد على المصنع, الذي يعمل فيه, لتجفيفه وتعليبه وتصنيع المشتقات منه, تراجع بنسبة 60 في المائة خلال الأشهر القليلة الماضية. واعتبر المهندس أن ما يواجهه المنتجون الصغار للحليب يدعو إلى لفتة جادة, فالمراعي تقلصت بشكل واضح, والأعلاف لم تعد كافية, فضلا عن شطط أسعارها.

    وبين مبررات وزارة الفلاحة ووزارة التجارة ومنظمة الدفاع عن المستهلك والمصنّعين, تبقى أسئلة المواطن حائرة, لا تجد جوابا مقنعا, كما تبقى أزمة الحليب تثير علامة استفهام تحتاج إلى إجابة.

     

    Message posté par sur la liste Maghreb Des Droits de l’Homme par Marguerite:

    Procès Hamma Hammami et ses camarades : J – 7

    Après bientôt quatre ans de clandestinité, Hamma Hammami, porte-parole du Parti Communiste des Ouvriers de Tunisie (PCOT) et directeur du journal interdit “El Badil”, et ses camarades Abdeljabar Madouri, Samir Taamallah, ainsi que Ammar Amroussia (condamné pour appartenance à la même organisation dans le cadre d’un autre procès) ont décidé de sortir de leur clandestinité. Lundi 14 janvier, leurs avocats ont fait opposition au jugement rendu par défaut, le 14 juillet 1999, condamnant les trois premiers à neuf ans et trois mois de prison, avec exécution immédiate. Le tribunal de Première instance de Tunis a fixé la date du procès au samedi 2 février 2002.
    Depuis cette date, la présence policière autour du tribunal de Tunis, de la Ligue tunisienne pour la défense des droits de l’Homme (LTDH) et de beaucoup d’autres lieux a atteint des proportions jamais encore égalées. Le domicile de Salah Hamzaoui qui préside le comité de soutien à Hamma Hammami est encerclé par la police et personne n’a le droit d’y pénétrer. D’importantes forces de police ont systématiquement empêché le bon déroulement des premières manifestations, quand elles ne les ont pas interdites.

    Face aux pressions et aux menaces qui pèsent sur Hamma Hammami et sur ses camarades, une large mobilisation se fait en Tunisie pour exiger qu’ils recouvrent leurs droits et qu’ils ne soient ni arrêtés ni incarcérés ni torturés. A l’étranger aussi un comité de soutien international à Hamma Hammami et à ses camarades s’est constitué, une pétition adressée au Président Ben Ali a réuni un très grand nombre de signatures de militant(e)s des droits humains réunis à Dublin il y a 8 jours, les initiatives des différentes ONG et les émissions dans les media se multiplient.

    Nous vous appelons tous à manifester votre solidarité en signant l’appel lancé par maître Radhia Nasraoui, l’épouse de Hamma Hammami, en ligne sur le site de Reporters sans frontières http://www.rsf.org/petition/parrain/appel_hammami.html et sur le site www.maghreb-ddh.org. Vous trouverez également sur ce dernier toutes les informations concernant cette campagne, avec en particulier une série de textes écrits par lui, en prison ou en clandestinité.

    Nous diffuserons, chaque jour jusqu’au procès, un de ces textes sur la liste, afin que vous compreniez tous pourquoi il faut défendre Hamma Hammami et ses camarades, Abdeljabar Madouri, Samir Taamallah et Ammar Amroussia.

    Voici aujourd’hui la première partie d’un texte qui a été envoyé à RSF et à nous-mêmes dans lequel il raconte sa première arrestation en 1972, il y a trente ans déjà.

     Une nouvelle vie a commencé

    « Ma première arrestation remonte au mois de février 1972. J’étais étudiant à la Faculté des Lettres et Sciences humaines de Tunis et je militais au sein de l’Union Générale des étudiants de Tunisie (UGET). Mon arrestation s’inscrivait dans le cadre de la répression du mouvement étudiant qui luttait pour l’autonomie de son syndicat face à un pouvoir qui domestiquait toutes les organisations de masse et leur imposait des directions qui lui étaient totalement inféodées. Les étudiants qui voulaient mettre fin à ce diktat ont organisé un congrès extraordinaire au sein du campus universitaire pour chasser une direction qui a été imposée à l’UGET quelques mois auparavant et élire une autre, démocratique et représentative. Les autorités ont réagi en arrêtant un grand nombre de militants, surtout ceux qui ont pris part à la préparation et à l’organisation du congrès, les accusant de « complot contre la sécurité de l’Etat ».

    Ce fût dans ce cadre là que, le soir du 9 février 1972, trois policiers en civils ont assailli, armes à la main, le studio d’un ami, où je m’étais réfugié après la fermeture de l’université sur décision du gouvernement et le début des arrestations massives au sein du mouvement étudiant et lycéen ainsi qu’au sein des milieux de la gauche tunisienne accusée d’être derrière les événements qui ont secoué l’université. Les agents de la DST n’ont ni décliné leur identité, ni présenté un mandat d’arrêt et de perquisition délivré par les autorités judiciaires. Après avoir « fouillé » le studio, ils m’ont directement conduit, menottes aux mains, au siège de la police politique se trouvant au cœur  du ministère de l’Intérieur. En cours de route, j’ai eu droit à des gifles, des coups de poing et des crachats sur la figure, des insultes et des menaces de mort. J’étais traité « d’ingrat envers Bourguiba » qui m’avait offert, selon leurs dires, l’occasion de m’instruire et de « devenir un homme », sinon j’aurais pu être encore à la campagne, errant avec mon bâton derrière un troupeau de brebis ou de chèvres.

    Dès notre arrivée au ministère de l’Intérieur, les trois agents qui m’avaient arrêté m’ont confié à un autre groupe d’agents qui m’ont enfermé dans une cellule où il n’y avait rien : ni lit, ni eau, ni toilettes. J’ai passé la nuit assis sur le sol. Des agents venaient m’inspecter et par la même occasion me couvrir d’injures, me donner des coups de poing, des coups de pied et me promettre « un séjour mémorable ». Le lendemain matin, les interrogatoires ont débuté. Les policiers, Hassen Abid, Moncef ben Gbila, Mohsen ben Abdelssalem, Mohamed Rezgui et Mohamed ben Henda, voulaient me faire avouer que j’avais participé à un « complot communiste, baâhtiste, sioniste ». Et c’était à moi de leur donner les « détails » de ce fameux complot. Ayant trouvé dans ma chambre à la cité universitaire les écrits de Che Guevara et la composition du cocktail molotov écrite sur un papier, il n’y avait pas de doute pour eux que je représentais « le chef de l’aile militaire des comploteurs ».

    Pendant cinq jours, du 9 au 14 février 1972, j’ai été quotidiennement torturé pendant de longues heures. Alors que j’étais totalement déshabillé, Mohamed Rezgui, Mohamed ben Henda et un troisième agent qui a participé à mon arrestation m’enchaînaient les deux mains au niveau du poignet avec une corde, me passaient les deux genoux entre les deux bras puis passaient un gros bâton sous le creux de mes genoux et sur mes bras au niveau des coudes et me plaçaient entre deux tables. C’était la position du « poulet rôti ». L’un des trois tortionnaires se plaçait derrière ma tête et prenait le bout de la corde qui enchaînait mes deux mains et me faisait balancer entre les deux tables pendant quelques minutes pour provoquer des vertiges. Puis Mohamed Rezgui me tabassait sur les plantes des pieds, les fesses, le dos, bref, sur tout le corps en utilisant un bâton, un tuyau ou un nerf de bœuf. Le tabassage était généralement accompagné de crachats sur la figure, de coups sur la tête, d’arrachements de cheveux, de versement d’eau dans la bouche et dans les narines, d’insultes, de menaces de viol et de mort. Alors que j’étais dans cet état, Moncef ben Gbila, qui dirigeait l’interrogatoire, me posait des questions ou plutôt voulait me forcer à reconnaître que j’avais comploté contre la sécurité de l’Etat en connivence avec des « forces étrangères » ! De temps en temps, on me détachait et on me forçait à marcher. On me tabassait sur le dos avec un tuyau ou une cravache pour me faire bouger. En même temps, l’un des tortionnaires versait de l’eau froide sur mes pieds. On disait que cela remettait les pieds en état de sentir la douleur des coups qu’on leur assénait.

    Ce genre de torture se répétait quotidiennement en raison de trois ou quatre séances par jour. Chaque séance durait entre une heure et demie et deux heures. Hassen Abid venait inspecter pour voir l’évolution de l’interrogatoire et donner l’ordre de continuer ou d’arrêter la torture. Parfois, il prenait lui-même part à la torture. Il me donnait des coups de poing sur la figure, me tirait violemment par les cheveux ou il prenait carrément un bâton ou un tuyau et me tabassait sur les plantes des pieds avec une violence inouïe. « Pas de pitié avec les canailles » répétait-il à chaque fois qu’il passait. Après chaque séance de torture, on me ramenait dans ma cellule en me forçant à marcher ou en me transportant entre les deux bras, car parfois même en me tabassant, je n’arrivais pas à bouger de ma place. Je restais à terre. Dans ma cellule, on me forçait souvent à rester debout les mains en l’air en levant une jambe. Parfois, on me forçait aussi à m’asseoir sur les genoux, les mains en l’air. Je dois reconnaître que dès les premières séances de torture, je ne pouvais plus marcher sur mes pieds, me tenir debout ou même dormir à cause des douleurs que je sentais partout. En plus, j’ai subi un grand choc. C’était la première fois que je tombais entre les mains de la police en général et de la police politique en particulier. Je n’ai jamais pensé que les choses se passaient avec une telle sauvagerie. Outre les douleurs physiques que provoquaient la torture, c’est la dignité de la victime qui était visée en premier lieu. Sa destruction morale prime même sur sa destruction physique.

    Au cours des interrogatoires que j’ai subis, mes tortionnaires ne voulaient m’entendre parler ni du mouvement étudiant, ni de l’UGET, ni des libertés syndicales, ni de la démocratie. Ils voulaient que je reconnaisse avoir participé à « un complot contre l’Etat ». La seule fois où ils m’avaient laissé parler du Congrès extraordinaire et de l’aspiration des étudiants à une vie démocratique, c’était au cours du premier jour et c’était aussi pour me tourner en ridicule. A mon discours naïf sur la démocratie, ils ont répondu qu’ils étaient « très convaincus » par ce discours car eux-mêmes sont « très attachés » aux principes démocratiques et surtout au principe de la « liberté de choix » car il est absurde d’imposer à quelqu’un quelque chose qu’il n’a pas choisi librement. Et pour me donner la preuve de leur « conviction démocratique », l’un d’eux s’est éclipsé pendant une minute puis est revenu avec un grand sac. Il vida son contenu sur une table : des bâtons, des tuyaux, des nerfs de bœuf, des matraques, des fils et tas d’autres « trucs » échouèrent sur la table. L’agent me dit : « Voilà, on te donne, monsieur le démocrate, la liberté de choisir le truc avec lequel on va te baiser, Ici aussi, nous sommes des démocrates ». Ses collègues éclatèrent de rire. Stupéfait, je n’ai pu répondre. Il me dit de nouveau : « Apparemment, tu as l’embarras du choix, on va te les faire goûter tous, par esprit de justice, comme ça tu ne nous en voudras pas ». Deux ou trois agents se jetèrent sur moi, me déshabillèrent et me mirent en position du « poulet rôti ». J’ai tout de suite compris ou plutôt réalisé le seul domaine où une dictature fasciste peut accorder à ses « sujets » la liberté de choisir. « Choisis le truc avec lequel on va te baiser » : cette phrase résonne jusqu’à maintenant dans ma tête. Souvent en me rappelant, j’éclate de rire : je n’arrive pas à distinguer le côté « comédie » du côté « drame » de cette scène. Moi-même, lorsque le tortionnaire m’avait adressé ces paroles, j’étais déchiré entre « éclater de rire » et « éclater en sanglots ».

    Devant mon refus de reconnaître ce que mes tortionnaires voulaient m’imposer, j’ai été transféré, le 14 février 1972 au soir, dans une ferme secrète située dans la localité de Nâasan, à douze kilomètres de Tunis (sur la route du centre d’eau thermique de Jebel Oust). Cette ferme servait de centre de torture et de détention au secret pour la police politique tunisienne. On m’a attaché les deux mains derrière le dos par une corde et on m’a mis la tête dans un sac qui sert habituellement à mettre du blé pour que je ne puisse rien voir. Avant de me pousser à l’intérieur du fourgon cellulaire qui allait me transporter, Hedi Kacem, l’un des tortionnaires les plus redoutés de l’époque, me dit : « Monte fils de putain. Ta mère ne te reverra plus ». J’ai sérieusement pensé qu’ils allaient se débarrasser de moi. Le cauchemar que je vivais depuis mon arrestation ne pouvait que renforcer un tel sentiment. Pour moi, ils étaient capables de tout. La route a duré plus d’une demi-heure. C’était la nuit et en plus ma tête était couverte, je ne distinguais rien. A un moment, le fourgon cellulaire s’arrêta. La porte de derrière s’ouvrit et deux agents me prirent par les bras, me descendirent et me transférèrent dans une petite voiture. Après quelques minutes, nous arrivâmes à la ferme. Le sac ne m’a été enlevé qu’une fois conduit dans un des sous-sols de cette ferme. Je me trouvais devant un nombre impressionnant de policiers en civil. Parmi eux, il y avait le chef de la DST, Youssef Allouche, un homme assez âgé, et un haut responsable du ministère de l’Intérieur, un dénommé « Mokrani ». Ce dernier me résuma le but de mon transfert dans ce lieu secret : « Tu ne quitteras ce lieu qu’après avoir tout avoué, sinon tu seras enterré ici même. Personne ne nous demandera de comptes. C’est nous qui décidons de ta vie et de ta mort ». Il ajouta : « Maintenant que des voitures de la police ont été attaquées par des cocktails molotov, il ne reste plus de doute que tu es le responsable de la branche militaire du complot ». Evidemment, c’était du bluff parce qu’il n’y a eu aucun usage de cocktails molotov ou d’aucune autre forme de violence. Mais pour justifier la campagne d’arrestations massives, la violence policière et la fermeture de l’université et de plusieurs lycées, le pouvoir a crié au complot fomenté par des « communistes, bâahtistes et sionistes ». La police politique devait alors inventer le complot et fabriquer les dossiers nécessaires.

    Dès la sortie des hauts responsables de la DST et du ministère de l’Intérieur, on me déshabilla et on me conduisit à une salle au rez-de-chaussée où deux tables étaient déjà installées. Mes tortionnaires m’ont fait subir les mêmes supplices que j’ai subis au ministère de l’Intérieur, surtout la méthode du « poulet rôti », mais avec plus de cruauté. Les séances de torture duraient plus longtemps. J’étais torturé de jour comme de nuit. Cependant, je n’avais rien à leur avouer. Je refusais catégoriquement de reconnaître des choses qui n’ont jamais eu lieu. Pour moi, c’était une honte. Non seulement je me reprocherais des choses que je n’ai jamais faîtes, mais je souillerais aussi le mouvement étudiant qui luttait pour des revendications légitimes. Ainsi, j’étais contraint de résister à la torture, ce qui irritait mes tortionnaires et les rendait plus cruels. Outre la torture physique, ils me privaient de nourriture et d’eau. Au lieu de me donner à boire, ils me versaient de l’eau sur le visage. Chaque fois qu’ils me trouvaient allongé par terre entre deux séances de torture, ils me forçaient à rester debout presque nu en plein hiver. Chaque fois que Hassen Abid passait pour inspecter les lieux, il prenait part à la torture. En plus, il ordonnait à ses sbires d’être plus sauvages et plus cruels avec moi.

    Le 19 février au matin, trois agents sont venus me chercher dans ma cellule. Au lieu de m’emmener à la salle de torture, ils se sont dirigés vers un coin de cette ferme et m’ont fait entrer dans une petite cour non goudronnée. Il y avait, nous attendant, un tortionnaire de renom, Hedi Kacem, devant une petite fosse ressemblant à une tombe fraîchement creusée. Il donna l’ordre aux agents de m’enchaîner les deux mains derrière le dos avec une corde. Puis il chargea devant mes yeux son révolver et me demanda de réciter la Chahada avanrt de quitter la vie d’ici-bas et rejoindre la vie de l’au-delà où j’aurai, selon ses dires, le châtiment de Dieu après avoir reçu le châtiment de Hedi Kacem. Ce dernier ordonna à ses sbires de me bander les yeux et il me colla le canon de son révolver sur la tête et fit semblant de tirer. Puis il ôta son révolver en disant aux agents qui me tenaient par les bras : « Vous savez qu’il ne mérite même pas la mortŠ. Peut-être que lui-même espère mourir pour échapper à nos supplices. Nous torturons mais nous ne tuons pas. Nous perpétuons la douleur, mais nous ne lui donnons pas la chance de mourir, de se soulager ». Et il me prit par les cheveux, m’assomma d’un coup de poing en pleine figure et me poussa dans la fosse qu’ils avaient creusée pour simuler la scène d’exécution. Je suis tombé sur la figure, les mains liées derrière le dos et les yeux bandés. Il poussa avec ses pieds la terre et cria : « Enterrez ce fils de putain vifŠ Enterrez-le », et il s’en alla. Les trois agents me soulevèrent et m’emmenèrent à ma cellule où ils me jetèrent par terre les mains enchaînées.

    J’ai passé toute la journée dans cet état. J’essayais de comprendre ce qui m’arrivait. Parfois, je trouvais la situation absurde. Je me demandais si le fait d’avoir participé à un mouvement qui revendiquait l’autonomie de son syndicat, ce qui était pour moi quelque chose des plus légitimes et des plus logiques, méritait tout cela. Mais en même temps, je commençais à saisir toute l’importance d’une telle revendication dans un pays comme le nôtre et toute la peur qu’elle provoquait chez le pouvoir, car elle menaçait tout un édifice bâti sur le mensonge et la duperie. En effet, le mouvement étudiant, revendiquant l’autonomie, provoqua une grande fissure au sein du système du parti unique basé sur le slogan fallacieux de l' »unité nationale » et ouvrit la voie à d’autres secteurs, surtout les travailleurs pour faire de même. C’est ce qui expliquait pour moi toute la cruauté avec laquelle nous étions, nous les militants du mouvements étudiant, traités. Depuis mon arrivée à cette ferme de Nâasan, je ne cessais d’entendre les cris des suppliciés. Je n’avais même pas la possibilité de fermer mes oreilles. C’était pire que la torture physique elle-même. Chaque cri me perçait la tête, se propageait dans mon corps comme des ondes électriques. A chaque cri, mon corps et surtout mes plantes de pied frissonnaient comme si c’était moi-même qui recevait les coups. Inconsciemment, je faisais les mêmes gestes que je faisais sous la torture. Je me tordais les pieds et les jambes pour éviter les coups. J’avais même envie de crier moi aussi parce que cela m’aidait à oublier les cris des autres. J’ai découvert qu’en matière de torture, être un acteur actif, c’est-à-dire vivre physiquement la torture, est moins pénible que de l’entendre ou de la voir. L’attente, les angoisses et les traumatismes qu’elle crée sont incommensurables.

    Vers la fin de l’après-midi, l’agent qui me surveillait, Hassen Saidane, me demanda de me lever et de le suivre. Il me conduisit à un bureau où nous avons retrouvé Moncef ben Gbila et Mohsen ben Abdessalam, le secrétaire de police. Ils se sont finalement résignés à enregistrer dans le procès verbal les faits qui avaient trait à mes activités syndicales au sein de l’UGET et à ma participation à l’organisation du Congrès extraordinaire de ce syndicat. Quant aux textes militaires de Che Guevara, ils ont noté que je les ai achetés « non pour appliquer ce qu’il y avait dedans, mais juste pour les lire ». Enfin, ils ont aussi noté que la fameuse composition du cocktail molotov n’était qu’une simple note de lecture que j’ai tirée d’un récit autobiographique d’un révolutionnaire latino-américain. Le soir, on m’a de nouveau mis les menottes et un sac noir sur la tête. J’ai été conduit au pavillon cellulaire (pavillon E) de la prison civile de Tunis. J’étais incarcéré seul dans la cellule numéro 14. Il n’y avait ni eau, ni toilettes, ni lit mais tout simplement un broc en métal plein d’eau (environ un litre), une « kasria » très sale pour faire mes besoins, un paillasson par terre et une couverture grise, sale et puante.

    J’ai passé un mois totalement seul dans la cellule 14. Je ne recevais ni visite de ma famille, ni visite d’avocats, ni couffins, ni vêtements pour me changer. Le gardien m’avait dit que j’étais là « pour le compte de la police ». Je dois signaler que j’ai été transféré directement à la prison sans passer par un juge. Je passais tout le temps enfermé dans ma cellule. Je ne la quittais que pour quelques minutes, le matin et l’après-midi. Je remplissais le broc d’eau et je versais le contenu de la kasria dans les toilettes situées au fond du couloir puis j’allais dans la cour pour passer le temps de la promenade qui m’était réservée. A peine cinq ou six minutes. Le gardien s’installait près de l’entrée pour me surveiller. Le premier jour, je lui ai demandé l’heure. Il m’a répondu sèchement : « C’est interdit ». J’ai essayé de faire quelques mouvements sur place, il m’a assommé : « C’est interdit. Marche et c’est tout ». J’ai trouvé devant moi une chaussette bourrée de papiers et transformé en ballon, j’ai shooté dedans, il a crié : « Ne fais pas ça, c’est interdit ! ». Je lui ai répliqué que je ne faisais rien d’interdit. Il m’a tout bonnement répondu : « Ici, tout moyen de distraction est interdit », et il m’a ordonné de regagner ma cellule. Dans le couloir, j’ai croisé un détenu qui faisait la corvée, je l’ai salué avec ma naïveté paysanne. Il ne m’a même pas regardé. Le gardien m’assomma un coup sur la nuque, avec sa grande main, en me rappelant qu' »il est interdit de parler à quiconque ». Evidemment, dans ma cellule, je n’avais ni stylo, ni papiers à écrire, ni livres, ni radio, ni journaux. Tout était interdit. Le matin, on ne servait pas de petit déjeuner. Les deux plats servis dans des gamelles à midi et le soir étaient immangeables. Tout le temps, j’avais faim et froid. Le soir, je ne pouvais pas dormir à cause de la faim et du froid. Pendant le mois que j’ai passé en prison, j’ai reçu à deux reprises la visite du tortionnaire en chef, Hassen Abid. Il venait pour m’interroger à propos de lettres personnelles. L’une de ces lettres m’a été écrite par une amie qui étudiait à la même faculté que moi. Dans cette lettre, elle plaisantait en me disant qu’elle écrivait sur « une feuille rouge, la couleur de ton parti » (elle faisait allusion à mes idées de gauche). Or, le père de cette étudiante n’était autre que le directeur de la Sûreté nationale. Elle ne m’en avait jamais parlé car elle était tout le temps en désaccord avec lui. Elle prenait part aux assemblées générales et aux différentes manifestations estudiantines. Hassen Abid croyait trouver un trésor en mettant les mains sur cette lettre. Il voulait savoir si je connaissais le père et s’il était au courant de mes activités « subversives ». En plus, cette lettre était pour lui « la preuve irréfutable » que j’appartenais à un parti clandestin, un parti rouge. Evidemment, j’ai nié toutes ces allégations. Une seule fois j’ai été ramené aux locaux de la DST pour une confrontation avec un militant de l’UGET qui a avoué que nous étions « tous les deux chargés du contact avec le mouvement lycéen pour élargir la contestation ». Cette fois-ci, je n’ai pas été torturé. J’ai passé juste deux ou trois heures dans les locaux du ministère de l’Intérieur et reconduit à la prison.

    Le 18 mars 1972, des agents de la DST sont venus me chercher. Ils m’ont emmené devant le juge d’instruction, Othman Oueslati. Il m’a demandé mon identité, la date et le lieu de ma naissance, ma profession et mon adresse et il a dicté quelques phrases à son greffier signifiant que le dossier a été classé et que j’étais, par conséquent, remis en liberté. Il ne m’a interrogé sur aucun crime. Il ne m’a même pas posé une seule des questions posées à la police politique et pour lesquelles j’avais été sauvagement torturé, au point que j’ai senti à plusieurs reprises que j’étais foutu et que je n’allais plus quitter la prison. Tout paraissait absurde. Je n’arrivais pas à réaliser ce qui se passait, surtout que je n’avais aucune expérience politique et que personne dans le mouvement étudiant ne m’a parlé de son expérience avec la police politique ou en prison. En ce moment absurde, il m’est apparu qu’il n’y a pas plus facile que de jouer avec le destin d’un être humain. La facilité avec laquelle j’étais accusé de complot était la même avec laquelle j’avais été enlevé.

    Avant d’être libéré, les agents de la DST m’ont transporté au ministère de l’Intérieur. Là, j’ai trouvé certains de mes camarades du mouvement étudiant. On se croyait tous sortis de l’enfer. Chacun a raconté ce qui lui était arrivé. Ce qu’on a le plus retenu, ce sont les anecdotes. Dans cette ambiance chaleureuse, on a très vite oublié nos douleurs et les séquelles de la torture qu’on portait encore sur nos corps. En fin d’après-midi, la porte de la geôle s’est ouverte et nous étions libérés. En sortant, j’ai su que le pouvoir avait été contraint, sous la pression à l’intérieur et à l’extérieur du pays, de libérer tous les détenus et de classer l’affaire. Seuls des militants appartenant à des organisations marxistes et nationalistes arabes clandestines ont été gardés. Leur libération a été ajournée de quelques semaines.

    Au mois d’avril 1972, l’université a rouvert ses portes. Bourguiba a cédé à la pression de l’opinion publique. Ainsi, la vie estudiantine a repris son cours normal. Le mouvement de février 1972 est resté l’un des moments les plus forts de l’histoire du mouvement de la jeunesse tunisienne. Il a scellé la rupture entre cette jeunesse et le régime de Bourguiba. Chaque année, les étudiants le fêtent. Ce mouvement a eu sur ma vie, à moi, de très grandes répercussions. En effet, ma vie n’a pas repris son cours normal après ma libération. De fait, j’ai commencé une nouvelle vie. Mes « deux vies », celle d’avant mon arrestation, et celle d’après, ont été séparées. Profondément séparées. C’était la police politique ou plutôt la dictature de Bourguiba qui a tissé volontairement, ou involontairement, cette séparation. Sur le plan physique, je ne suis plus le même. Maintenant, je porte des traces immuables sur mon corps. Juste avant mon arrestation, j’ai commencé à m’entraîner avec l’équipe nationale d’athlétisme. Quelques mois auparavant, j’avais pulvérisé avec mes trois coéquipiers le record universitaire et scolaire des 4 x 100 mètres. Je pratiquais aussi mon sport préféré dans l’un des clubs les plus prestigieux de la capitale. Maintenant, c’est-à-dire après mon arrestation et ma libération, je ne peux plus reprendre ma vie sportive. Un coup que j’ai reçu sur la nuque – assigné par le parapluie de Fredy Gsouma, un commissaire de la DST – m’a provoqué une certaine faiblesse au niveau de toute la partie gauche de mon corps avec des douleurs chroniques. Ma jambe gauche ne peut plus me servir d’appui comme avant, ni en saut en longueur, ni en course de vitesse. Sur le plan mental, les rêves du fils de paysan pauvre qui voulait réussir dans sa vie professionnelle, sortir sa famille de la misère, la rehausser dans le village et la rendre fière du fils pour lequel elle a tout sacrifié pour qu’il aille avec son frère aîné à l’école, ces rêves ont été enterrés au ministère de l’Intérieur, à la ferme secrète de Nâasan et à la cellule 14 du pavillon E. En effet, ma vie a pris un autre sens, au sens concret et au sens figuré. La consacrer à combattre l’injustice et l’arbitraire qui ne sont plus pour moi des notions abstraites, mais des réalités concrètes dont mon corps, mon psychisme et ma conscience portent les stigmates. Si je dois acquérir plus de savoir et de connaissances, ce ne sera pas seulement pour obtenir encore de bons résultats scolaires mais aussi et surtout pour comprendre profondément la société dans laquelle je vis, les causes de l’injustice et de l’arbitraire qui caractérisent le système politique, les intérêts qu’ils servent, les moyens pour lui faire face, etc. Je devais en outre chercher les gens, hommes et femmes, qui portent les mêmes aspirations que moi pour joindre mes efforts aux leurs afin de changer la situation. Je n’avais plus peur d’être de nouveau arrêté, torturé ou emprisonné. Lors de mon séjour à la police politique, j’ai manifesté, surtout au début, certains signes de peur devant mes tortionnaires. Cela n’a servi à rien. Au contraire, ma peur les encourageait à aller plus loin avec l’espoir de m’extorquer des aveux. Je ne leur faisais pas pitié mais au contraire, les manifestations de peur et de souffrances provoquaient leurs moqueries et les rendaient plus arrogants. Bref, la leçon que j’ai tirée est que la peur et la dignité ne vont pas de pair. Dans cette vie, celui qui a peur ne peut aspirer à rien par contre celui qui n’a pas peur peut faire ce qu’il veut. La peur ne peut nous épargner ni la souffrance, ni la mort. Cependant, elle peut nous empêcher de jouir de notre vie et de lui donner, en tant qu’être humain, le sens qu’on veut. Ainsi, la peur, je l’ai laissée derrière moi. Quant à mes parents, ils ne doivent plus tirer leur fierté de ma bonne scolarité ou de l’aide matérielle que je devrais leur procurer après l’obtention de mon diplôme, mais du fait que l’enfant à qui ils ont donné la vie, qu’ils ont envoyé à l’école et instruit, a consacré sa vie à la défense de sa dignité et de la dignité de tous les gens faibles et pauvres, de tous les semblables à ses parents et aux habitants de son village. C’est une vie pleine de difficultés et de souffrance mais y a-t-il une dignité qui ne se fonde sur la douleur comme disait l’un des personnages du célèbre roman d’André Malraux, « La condition humaine » ? Et comme si c’était pour m’aider à me séparer définitivement de ma vie précédente, la police politique m’a confisqué tout mon passé : les quelques photos d’enfance, mes bulletins de note au lycée, mes meilleurs dissertations de littérature arabe et de philosophie, les poèmes que j’ai écrits depuis l’âge de 13 ans et qui étaient rassemblés dans des cahiers, les contes et quelques lettres d’amour que j’ai conservées de la fille que j’ai aimée au lycée, mon certificat de baccalauréat, ma carte d’étudiant, mon passeport, bref tout ce que j’ai pu rassembler et garder depuis mon enfance et que je mettais dans une petite valise dans ma chambre à la cité universitaire. Lorsque je suis revenu à la DST, après ma libération, pour avoir revendiquer mes affaires, j’ai failli être à nouveau tabassé : « On ne rend rien ici. Estime-toi heureux que tu es encore vivant, fils de pute », m’a dit Hassen Abid en présence d’autres agents. Finalement, en quittant la DST, le 18 mars 1972, je n’avais rien sur moi qui atteste qui j’étais et ce que j’étais. Au fond, mon ancienne identité, je m’en suis séparée. Je suis sorti avec une nouvelle dont j’étais fier. Mes tortionnaires m’ont aidé, sans le vouloir, à prendre le chemin de la dignité, à ouvrir les yeux sur les problèmes de la Tunisie et à donner un sens à ma vie. Depuis, je n’ai ni regretté le choix que j’ai fait, ni abandonné le chemin que j’ai pris. Au contraire, chaque jour qui passe ne fait que renforcer ma conviction de la justesse de mon choix. »

    Hamma Hammami (janvier 2002)

     

    وزير الخارجية التونسي يتحدث عن ظلم يقع على بلاده ويؤكد أهمية تلازم الديمقراطية والاستقرار

    باريس: ميشال أبو نجم
    دافع وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى عن السياسة الداخلية التي تنتهجها بلاده، وقال في تصريحات صحافية في باريس ان هناك ظلماً يلحق بتونس من تلك التصريحات والاحكام التي تطلقها جهات بعينها حول حقوق الانسان وحرية الصحافة. وتساءل بن يحيى «هل حكمنا على احد بالموت او بالاشغال الشاقة؟ هل زاد شهداء اليمين او اليسار». وأضاف ان هناك 30 حالة على الاكثر، وهي الحالات التي تستخدم لـ«تلطيخ» صورة تونس. وبرأيه فان الديمقراطية «يجب ان تسير جنباً الى جنب مع الاستقرار» لتحاشي ما يحدث في دول مجاورة.
    وعن امكانية ترشيح الرئيس زين العابدين بن علي لولاية جديدة وتعديل الدستور لذلك، اعتبر بن يحيى ان «دولا عديدة عدلت دساتيرها» لهذا الغرض، وان هناك مطلباً شعبياً والحاحاً حتى يترشح بن علي مجدداً. الا ان الرئيس التونسي «لم يقل كلمته» في هذا الخصوص.
    واعرب بن يحيى، عن اعتقاده بان القمة العربية التي ستعقد في بيروت اواخر مارس (اذار) المقبل «ستوفر دعماً مطلقاً للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وللسلطة الفلسطينية».
    وقال بن يحيى، في اطار لقاءين مع عدد من الصحافيين امس في باريس ان حضور عرفات القمة «لا غنى عنه».
    ودافع الوزير التونسي عن عرفات الذي وصفه بانه «رهن الاقامة الجبرية» في رام الله، معتبراً ان على اسرائيل الاعتراف بانه «مفتاح السلام» وان القضاء عليه سياسياً «سيكون كارثة على الجميع»، اذ انه الوحيد الذي يمثل الشعب الفلسطيني وبامكانه «ان يخدم قضية السلام».
    وكان بن يحيى قد تشاور مع نظيره الفرنسي هوبير فيدرين في شؤون العراق والوضع في الاراضي الفلسطينية، والتصعيد العسكري الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة والخلاصة التي عبر عنها بن يحيى ان «الولايات المتحدة الاميركية ومعها الاتحاد الاوروبي، لا يمكنها السماح باستمرار التصعيد وبامتداد المواجهة لانها ستؤول الى كارثة تهدد كل مصالحها في المنطقة».
    وعكس بن يحيى بعض الامل حين اكد ان «ثمة متسعاً من الوقت لاخراج عرفات من اقامته الجبرية» وان هناك «اموراً جديدة ستحصل» عن طريق الضغوط الاميركية الاوروبية. ورأى الوزير التونسي ان على الاتحاد الاوروبي «واجباً اخلاقياً» من الضروري ان يضطلع به وان يسمع صوته. ورأى بن يحيى ان العرب، رغم كل ما يحصل، «لم يتخلوا عن السلام كخيار استراتيجي».
    وفي ما يخص الاتحاد المغاربي اعلن الوزير التونسي، ان الامور اخذت بالتحرك بعد الاجتماع الاخير الذي حصل في الجزائر، املاً بانعقاد القمة القادمة في الجزائر في شهر يونيو (حزيران) القادم. ودعا بن يحيى الى تعميق التكامل الثنائي بين دول الاتحاد المغاربي، التي لم تصدق الا على 5 اتفاقيات مشتركة من اصل 34.
    وكشف بن يحيى ان اجتماع وزراء خارجية ما يسمى (5+5) وهي دول اتحاد المغرب العربي الخمس والدول الخمس الاوروبية المتوسطية المقابلة لها سيعقد في طرابلس، فيما ستعقد قمة هذه المجموعة في تونس

    قبل نهاية العام الجاري، وهي القمة المؤجلة منذ عام 1992

    المصدر: صحيفة الشرق الأوسط ليوم 26 جانفي 2002.

     
    FLASH INFOS

    L’affaire des gardiens de prison devant le tribunal

    La cour d’appel de Tunis vient d’examiner l’affaire du détenu qui prétend avoir été torturé pendant son emprisonnement par quatre gardiens. Le tribunal avait condamné en première instance les quatre gardiens à quatre ans d’emprisonnement et à 300 dinars d’amende. L’affaire a été mise en délibéré.

    (Source : Le quotidien du 26 janvier 2002, d’après babelweb.com.tn)

    UGTT : Thème du congrès de Jerba

    Le congrès extraordinaire de l’UGTT qui se tiendra les 7, 8 et 9 février à Jerba est placé sous le thème : »Unité, indépendance et militantisme ».

    (Source : Le Temps du 26 janvier 2002, d’après babelweb.com.tn)

    Familles tunisiennes : Les statistiques

    Selon les dernières statistiques se rapportant à la famille, 88% des familles tunisiennes possèdent un poste de télévision, 38% sont équipées de parabole, et une famille sur cinq possède une voiture.

    (Source : Assabah du 26 janvier 2002, d’après le portail Babelweb)

     
    Nouveaux articles sur le site Tunisie2004 :
     

    Tunisie2004.net : société démocratique virtuelle, Tunisie2004 :  société démocratique réelle

    Nouveau sur le site

    Bonus – Malus : Numéro 2
    L’enseignement sacrifié
    Lecture de l’ancien Sondage
    Tunisie : le « sport d’Etat » contre le sport
    Liens : Sites sportifs tunisiens
    Nouveau sondage

     

     

    Malgré tout le temps et l’argent que l’ATI & Co. sont en train de dépenser (dilapider !), RIEN, absolument rien ne pourra arrêter l’accès à l’internet « utile et libre » en TUNISIE !!!

    L’un de nos nombreux abonnés à l’intérieur du pays nous a fait parvenir la lettre suivante :

    Je suis l’abonné X à  votre trés sérieux et trés bon journal Tunisnews C. A, et je recevais les numéros de Tunisnews dans mon EMAIL xxx@yahoo.com, mais depuis un certain temps il devient quasiment impossibled’ouvrir le courrier sur yahoo.com.
    On a beau utilisé des proxy, à chaque fois ils trouvent le moyen de nous empêcher d’accéder à un Email autre que ceux que nous avons avec l’ATI avec une terminaison tn et sur lequel ils ont un contrôle absolu.
    Donc, je voudrais bien, si celà ne vous dérange pas continuer à recevoir et lire votre trés bon courrier sur mon nouveau
    compte Email xYxy@—-
    Et merci beaucoup.
     
    Réponse :
    Cher monsieur, votre demande a été déjà exécutée et puis il y a maintenant un site permanent ou vous pouvez consulter les archives de nos mails quotidiens. Adresse du site : http://site.voila.fr/archivtn
    Merci pour votre précieuse confiance.

     

    تحقق مع تونسيين متورطين في أعمال «إرهابية»

    تونس تحيل مشروع قانون بمكافحة الإرهاب للبرلمان

    تاريخ النشر:  السبت 26 يناير 2002,  تمام الساعة 05:05 صباحاً  بالتوقيت المحلي لمد ينة الدوحة

     تونس – صالح عطية:

    أحالت الحكومة في غضون الأيام القليلة الماضية، على البرلمان التونسي، مشروع قانون يتعلق بمكافحة الإرهاب.. ويجري تدارس هذا المشروع حالياً، من قبل اللجنة السياسية التابعة للبرلمان، حيث يتوقع تحديد جلسة عامة لمناقشته بحضور ممثلين عن الحكومة. ويشتمل مشروع القانون الذي حصلت «الشرق» على نسخة منه، على إعلان انضمام تونس إلى الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل التي كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد اعتمدتها في 15 ديسمبر 1997، ودعت الدول الأعضاء التي لم تستكمل الانضمام للاتفاقيات الدولية، إلى الانضمام لهذه الاتفاقية الجديدة.

    وكانت وزارة العدل قد أعلنت قبل بضعة أسابيع، وبالتحديد في منتصف شهر ديسمبر المنقضي، انكبابها على إعداد نص مشروع القانون، بهدف تعديل التشريع التونسي المتعلق بمكافحة الإرهاب، تماشياً مع النصوص القانونية الدولية.

    وتعد تونس من أوائل الدول التي انضمت إلى مختلف الاتفاقيات متعددة الأطراف، الرامية إلى القضاء على بعض مظاهر الإرهاب الدولي.

    ويهدف مشروع القانون الجديد، إلى استكمال انخراط الحكومة التونسية في بعض الاتفاقيات الدولية التي تتجه النية إلى الانضمام إليها، ومن بينها، الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب التي اعتمدتها الأمم المتحدة قبل عامين، أي في التاسع من ديسمبر 1999.

    ونصت الاتفاقية المتعلقة بقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل، التي تلقت «الشرق» نسخة منها، على تجريم كل فعل يراد منه، «القيام بصورة غير مشروعة وعمداً بتسليم أو وضع أو إطلاق أو تفجير جهاز متفجر أو غيره من الأجهزة المميتة داخل أو ضد مكان مفتوح للاستخدام العام أو مرفق تابع للدولة أو الحكومة أو شبكة للنقل العام أو مرفق بنية أساسية، وذلك بقصد إزهاق الأرواح أو إحداث إصابات بدنية خطيرة، أو بقصد إحداث دمار هائل لذلك المكان أو المرفق أو الشبكة، حيث يتسبب هذا الدمار أو يرجح أن يتسبب في خسائر اقتصادية فادحة».

    كما تضمن نص الاتفاقية التزام الدول الأطراف «بتصنيف هذه الأفعال ضمن الجنايات في قوانينها الداخلية وتسليط العقاب المناسب عليها، وبعدم اعتبارها جرائم مبررة سياسياً أو بأي مبرر عقائدي كان، أو عرقي أو غيره، إلى جانب اعتبارها أفعالاً وممارسات موجبة للتسليم».

    وتضمنت الاتفاقية الدولية من ناحية أخرى الدعوة الملحة «إلى تعاون الدول الأعضاء في المنتظم الأممي، بشكل يمنع الإعداد لهذه الجرائم داخل أقاليمها، وتبادل المعلومات بهذا الشأن».

    على أن الحكومة التونسية، عبرت – ضمن نص مشروع القانون الذي أحالته إلى البرلمان التونسي – عن عدم التزامها بأحد بنود الاتفاقية الدولية «الفقرة الأولى من المادة 20» التي تدعو الدول الأعضاء في المنظمة الأممية والموقعة على الاتفاقية إلى «إحالة خلافاتها أو نزاعها بشأن تأويل أو تطبيق الاتفاقية، على التحكيم ثم على محكمة العدل الدولية عند الاقتصاد».

    واشترطت الحكومة التونسية في هذا السياق ضرورة «إبداء موافقتها المسبقة» قبل إحالة الخلاف أو النزاع إلى المحكمة الدولية.

    وكانت الاتفاقية ذاتها قد طلبت الدول المعنية، بإبداء رأيها بخصوص هذه الفقرة، والتنصيص عما إذا كانت تلزم نفسها بإحالة خلافاتها إلى المحكمة الدولية أم لا.

    وقال مصدر برلماني في تصريح لـ«الشرق»: إن الاتفاقية «متماشية تماماً مع التشريع التونسي في مجال مكافحة الجريمة الإرهابية ومع المبادىء القانونية التونسية الراسخة في هذا المجال».

    يذكر أن السلطات التونسية، أعلنت في نهاية الشهر المنقضي، عن فتح تحقيق «ضد بعض المشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية في الخارج».. كما ينتظر أن تبت المحكمة العسكرية الدائمة بتونس، يوم الثلاثين من الشهر الجاري، في قضية جماعة من التونسيين متهمين بالقيام بأعمال إرهابية في الخارج والانتماء إلى جماعة أصولية، «أهل الجماعة والسنة»، وهو تنظيم قالت السلطات التونسية إنه «على علاقة بتنظيم القاعدة لأسامة بن لادن».

    وكانت المحكمة العسكرية قد قضت منذ فترة بسجن محمد السعيدان لمدة 20 عاماً في قضية تورط في أعمال إرهابية مثلما أشار إلى ذلك مصدر إعلامي رسمي تونسي قبل بضعة أسابيع.

     

    (المصدر: صحيفة الشرق القطرية ليوم 256 جانفي 2002)

     

    26 janvier 2002 (la date correspond à ce que l’on appelle généralement: l’ironie de l’histoire)

    Le Président Ben Ali reçoit le secrétaire général de l’UGTT
    Le Congrès extraordinaire de l’UGTT se tiendra les 7, 8 et 9 février prochain à Djerba

     

    26/01/2002– Le Président Zine El Abidine Ben Ali a reçu M. Abdessalem Jrad, secrétaire général de l’Union Générale Tunisienne du Travail (UGTT), qui a déclaré avoir transmis au Chef de l’Etat les salutations du Bureau exécutif, de la commission administrative nationale et des délégués du Conseil national de l’Union, ainsi que leur haute estime pour l’intérêt constant qu’il porte à la condition des travailleurs et son souci permanent de renforcer le climat de confiance et de dialogue entre les différentes parties de la production, et de consacrer la dimension sociale et humaniste dans le processus de développement.

    Il a également, transmis au Président de la République les sentiments de considération des travailleurs pour le soutien qu’il leur a exprimé dans le message adressé à l’UGTT à l’occasion de son 56ème anniversaire.

    M. Jrad a indiqué que le Chef de l’Etat a, au cours de l’audience, pris connaissance de la teneur du dernier conseil national de l’Union et de la décision du Conseil appelant à la tenue d’un congrès extraordinaire de l’UGTT. Il a ajouté avoir exprimé au Président de la République les sentiments de confiance et l’optimisme qui animent les syndicalistes et leur satisfaction quant aux conditions réunies pour la tenue du congrès, prévue les 7, 8 et 9 février prochain à Djerba.

    Il a fait savoir qu’il avait adressé, au nom de l’organisation ouvrière, une invitation au Chef de l’Etat a présider l’ouverture de ce congrès. Le Président de la République a accepté l’invitation et approuvé que ce congrès extraordinaire de l’UGTT soit placé sous son haut patronage.

    M. Abdessalem Jrad a, en outre, affirmé au Chef de l’Etat l’attachement de l’UGTT aux principes de dialogue social et de solidarité nationale qui constituent des facteurs de réussite de notre expérience sociale.

    Il lui a également fait part de la détermination des syndicalistes et des travailleurs à redoubler d’efforts en vue de relever les défis engendrés par les mutations mondiales et de contribuer à la réalisation des aspirations de notre peuple à davantage d’essor et de progrès social, ainsi que de l’adhésion des syndicalistes aux réformes fondamentales annoncées par le Chef de l’Etat dans son discours à l’occasion du 14ème anniversaire du Changement.

    M. Jrad a, par ailleurs, informé le Président de la République des préparatifs de l’UGTT en vue des négociations sociales, et ce, dans le cadre d’un dialogue sérieux et responsable avec les autres partenaires sociaux.

    Le secrétaire général de l’UGTT a, d’autre part, indiqué que l’audience a été l’occasion d’évoquer l’activité de l’Union au niveau international et en particulier la réélection de l’UGTT au sein des instances dirigeantes de la Conféderation Internationale des Syndicats Libres (CISL), ce qui reflète la considération du mouvement syndical mondial pour les réalisations accomplies par la Tunisie en matière de promotion des législations du travail et de respect des droits syndicaux.

    Le Chef de l’Etat a réitéré son appréciation du rôle important qu’assume l’UGTT dans la concrétisation des principes de dialogue et de solidarité nationale, et sa considération pour les efforts qu’elle déploie en matière d’encadrement des travailleurs et dans l’impulsion du processus de développement et la défense des acquis de la Tunisie et de son invulnérabilité

    Source: www.tunisie.com

     

    حزب تونسي معارض يدعو عرفات لتعزيز وحدة الصف الفلسطيني

    تونس – محيط : دعا حزب تونسي معارض الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى إطلاق سراح الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وتعزيز وحدة الصف الفلسطيني ، وناشد المجتمع المدني التونسي بمزيد التضامن مع القضية الفلسطينية .
    وأوضح حزب الوحدة الشعبية التونسي (حزب معارض معترف به وممثل في البرلمان) في بيان له نقلتة وكالة انباء يونايتد برس إنترناشونال حمل توقيع أمينه العام محمد بوشيحة أنه يتابع بإنشغال متزايد التطورات الخطيرة للأوضاع في فلسطين المحتلة الناجمة عن الممارسات الهمجية للكيان الصهيوني المعبرة عن العنف العنصري المعادي لأبسط الحقوق المشروعة.

    وإعتبر أن التصعيد المتواصل الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية « لابد أن يقابله تحرك عاجل على كل المستويات ،وبالتالي بات يتعين على كل الحكومات العربية تحمل مسؤولياتها كاملة والعمل على تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني ».

    كما جدد الحزب إستنكاره للإنحياز الأمريكي وصمت المجتمع الدولي ازاء التعنت الاسرائيلى ، ودعا بالمقابل كل الأحزاب والقوى الحية في الوطن العربي إلى تفعيل المساندة للقضية الفلسطينية والضغط على مواقع القرار الغربي من أجل دفع إسرائيل إلى تنفيذ القرارات الدولية .

    من جهة أخرى أكد حزب الوحدة الشعبية التونسي في بيانه أنه في الوقت الذي يجدد فيه مساندته المبدئية واللامشروطة للشعب الفلسطيني فإنه يناشد الرئيس الفلسطيني أن يبادر إلى بإتخاذ مبادرات من شأنها تدعيم وحدة الصف الفلسطيني ، وذلك بالإفراج عن كل نشطاء الإنتفاضة وفي المقدمة منهم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات ، والعمل من أجل جمع القوى الوطنية الفلسطينية حول برنامج سياسي موحد يضع حدا للإبتزاز الأمريكي والصهيوني الهادف إلى تصفية القضية
    الفلسطينية

    (المصدر: موقع محيط الإخباري)

    .

     

    تونس تشتري 150 ألف طن من القمح الصلب

    تونس – رويترز – قال تجار محليون أمس ان مكتب الحبوب الذي تديره الحكومة التونسية اشتري 150 ألف طن من القمح الصلب بسعري 189.75 و191.49 دولار للطن شحن شباط (فبراير) وأيار (مايو).
    وكان المكتب طرح مناقصة يوم الاربعاء لشراء 50 ألف طن علي الاقل وحدد الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش صباح أول من أمس اخر موعد لتقديم العروض

    (المصدر: صحيفة الحياة ليوم 26 جانفي 2002)

     

    تونس تندمج في 2008 في المجال الاوروبي – المتوسطي

    باريس – الحياة – قال وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيي، الموجود حالياً في باريس، ان اللجنة العليا المشتركة التونسية ـ الفرنسية التي يرأسها مع نظيره الفرنسي هوبير فيدرين تركز علي تقويم التقدم في اطار تنفيذ بنود اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي. معرباً عن عزم بلاده علي الاندماج في المجال الاوروبي ـ المتوسطي، ومشيراً الي ان هذا الاندماج سيصبح واقعاً سنة 2008 بعد الانتهاء من تطبيق برنامج الاصلاحات المعتمد حالياً.
    واضــاف ان دول المغرب العربي تعمل بدورها علي تسريع الاندماج مع الاتحاد الاوروبي الذي يشكل مجالاً للتبادل الحر الذي يسمح بالنظر الي المستقبل في ظل اجواء من التعاون والهدوء . واكد ان الاجتماع الوزاري لمجموعة 5+5 التي تضم خمس دول اوروبية وخمس دول من المغرب العربي سيعقد في ليبيا علي مستوي وزاري في نيسان (ابريل) المقبل وان قمة دول المجموعة ستعقد في تونس قبل نهاية السنة.

    (المصدر: صحيفة الحياة اللندنية ليوم 26 جانفي 2002)

     

    Le fils Pasqua prolonge ses vacances en Tunisie

     
    Les juges de l’affaire ELF ont désormais une idée plus précise sur les bénéficiaires d’une opération de préfinancement pétrolier menée en faveur du régime camerounais en 1992. Voilà trois ans, « Le Canard » a déjà raconté qu’une partie des fonds, soit 15 millions de dollars, avait fait un bref séjour dans les îles Vierges (Antilles), avant d’échouer sur les comptes de plusieurs proches de Charles Pasqua.
     
    Parmi eux, Daniel Leandri, le fidèle d’entre les fidèles, André Guelfi (« Dédé la Sardine »), l’intermédiaire flamboyant, et un certain Jean-François Dubost, longtemps associé à Pierre Pasqua, le fils de Charles, au sein de la société Monce Investissements.Or, entendu par la brigade financière début janvier, cet homme d’affaires discret, heureux bénéficiaire de 15 millions de francs dans l’opération Cameroun, a indiqué que ces fonds étaient destinés en réalité à Pierre Pasqua. Ses explications ont paru suffisamment convaincantes aux juges de l’affaire ELF: ils n’ont pas cru bon de le mettre en examen.
     
    Reste à attendre la réaction du fils Pasqua. Lequel vit désormais en Tunisie, où, d’après les déclarations catégoriques de son père à la justice, « il est gérant d’une société qui fait des rapprochements entre les sociétés ».
     
    Voilà une admirable définition du métier d’intermédiaire, et, à ce qu’il semble, Pierre Pasqua prolonge son séjour dans le paradis du vertueux général Ben Ali, président à vie du pays.
     
    N.Be.
     
    Le canard enchaîné du 23 janvier 2002, page 3

     

    Pêcheurs tunisiens et café sicilien

    « Corriere della Sera », Milan

    Mazara del Vallo, grand port de pêche sicilien, compte 7 000 musulmans pour 50 000 habitants. Ambiance.

    Certains sont partis d’ici pour aller en Afghanistan rejoindre les combattants du djihad. Ils ont quitté Mazara, qui est proportionnellement la ville la plus islamique d’Italie, avec ses 7 000 musulmans pour 50 000 habitants, mais aussi la plus pacifique, la plus paisible, la plus laïque. Tout a commencé avec l’arrivée d’un imam itinérant, racontent ces travailleurs tunisiens qui observent avec inquiétude les signes d’une épidémie fondamentaliste. Ce Marocain à la longue barbe voulait reconvertir à l’islam véritable ses frères arabes arrivés en Sicile il y a trente ans pour travailler dans la pêche et qui se sont progressivement éloignés de la pratique religieuse. Il est allé rendre visite à chacun des représentants les plus en vue et les mieux intégrés de la communauté. Ses prêches sont souvent tombés à plat. Mais, depuis, quelque chose a changé à Mazara. Ce premier imam a été suivi de nouveaux “missionnaires”, qui ont fini par convaincre six ou sept “pionniers” de partir pour Kaboul.

    Franco Mingoia, un retraité qui s’est converti à l’islam sous le nom d’Abdul Rashid et qui gère le local faisant office de mosquée, dit ne pas être au courant. “Le fondamentalisme est inconnu chez nous, jure-t-il. Ben Laden est un frère, mais terroriste. Si je le rencontrais, j’appellerais la police.” Les attentats du 11 septembre ont brisé des équilibres qui semblaient durables. Certes, les Tunisiens qui gravitent autour de la petite mosquée s’empressent de dire que la politique ne les intéresse pas. On nous répète la même chose au cercle Sept-Novembre [jour de l’arrivée au pouvoir du président tunisien Ben Ali, en 1987], où l’adoption des coutumes italiennes se remarque par le fait qu’on n’y prépare pas le café à l’orientale. “Personne ne s’est réjoui quand les tours se sont écroulées. Nous sommes ici pour travailler.”

    “Pour le moment, je ne vois pas de risque de radicalisation dans ce petit monde musulman”, juge pour sa part Don Giuseppe Alcamo, le curé de la magnifique cathédrale, dont le portail est orné d’un Roger II à cheval [roi normand et premier roi de Sicile, de 1130 à 1154], pourchassant avec son épée les derniers musulmans (c’est justement à Mazara qu’ils avaient débarqué pour conquérir de la Sicile, en 827). “Ce sont tous de braves gens. Ils sont musulmans, mais ils n’ont rien à voir avec le fanatisme. Et pourtant…”

    Pourtant, explique le Pr Karim Hannachi, un sociologue qui est sans doute la personnalité la plus connue de la communauté et qui a épousé une Italienne, l’intégration ne s’est jamais faite ici. “C’est comme s’il y avait deux villes qui se côtoient, qui fréquentent les mêmes cafés, qui vont pêcher dans les mêmes bateaux et qui se tolèrent. Mais il n’y a pas de véritable intégration.”

    A Mazara, qui possède la plus grande flotte de pêche du pays, les équipages sont essentiellement constitués de marins tunisiens (payés 750 euros pour une campagne de pêche de vingt-cinq jours). Parfois, ce sont des clandestins embarqués sous des noms d’Italiens inscrits au registre maritime, alors que ceux-ci sont au bistrot en train de jouer aux cartes. Enfin, alors que pendant vingt ans les enfants d’immigrés ont fréquenté des classes tunisiennes et n’apprenaient que l’arabe et le français, sans apprendre un mot d’italien, l’école primaire Santa Caterina vient d’ouvrir trois classes expérimentales où l’enseignement se fait en arabe et en italien. Cette nouveauté n’a qu’en partie réparé la gaffe du directeur du collège Borsellino. Lorsqu’on lui a demandé de rapprocher les enfants tunisiens des enfants italiens, il a réagi en disant que “la promiscuité [était] à déconseiller”, que l’utilisation des mêmes toilettes “[mettait] en péril les normes d’hygiène” et qu’on ne pouvait pas “mélanger des réalités aussi différentes”. Mazara paraît hésiter entre les deux significations possibles de son nom, qui vient peut-être de mazar (rencontre) ou peut-être de madjara (massacre).

    Gian Antonio Stella

    http://www.courrierinternational.com/mag/couv1.htm

     

    الحركة الإسلامية مستقبلها رهين التغييرات الجذرية

    صلاح الدين الجورشي

       ·   من مواليد 1954م

      

    ·   التعليم في معهد الصحافة وعلوم الأخبار ، يشتغل في المجال الصحفي منذ 12 سنة تحمل مسؤولية مدير تحرير ثم رئيس تحرير مجلة (المعرفة) التي كانت تنطلق باسم الجماعة الإسلامية في تونس ، ثم رئيس تحرير مجلة « المغرب العربي » ورئيس تحرير مجلة 15 ـ 21 0

      

    ·   له رسائل تم نشرها على التوالي « تجربة في الإصلاح :مالك نبي  » ـ « الوعي بالذات » (صياغة جماعية وأول نقد ذاتي داخل الساحة الإسلامية) « الحركة الإسلامية في الدوامة « ( مناقشة أفكار سيد قطب) « الانتفاضة : فلسطين المحررة أم فلسطين الإسلامية »0

      

    ·   ويسهم في تنشيط مجموعة تدعى « الإسلاميون التقدميون » وهو عضو بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي (مؤسسة دستورية) ونائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان0

    الحركة الإسلامية مستقبلها رهين التغييرات الجذرية

    لم يعد يشك أحد في أهمية الحضور 0الذي أصبحت تتمتع به الحركات الإسلامية داخل قطار ما يسمى بالعالم الإسلامي ، ويكاد يجمع الباحثون المختصون في شئون محور « نواق شوط ـ جاكرتا) أن كل حديث عن المستقبل السياسي والاجتماعي لهذه الرقعة الجغراسياسية يخلو من الأخذ بعين الاعتبار دور هذه الحركات ، هو حديث غير علمي ولا يعتمد ، لهذا ليس عبثا أن تتولى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في سنة واحدة 1983 التمويل الكامل أو الجزئي ، لأكثر من مائة وعشرين مؤتمر أو مدوة في موضوع واحد هو « الصحوة الإسلامية »0

    ففي ذلك دليل قاطع على تنامي هاجس الخوف من هذه الظاهرة لدى مراكز الاستخبارات والشؤون الإستراتيجية التابعة للدول الكبرى 0 وهو هاجس بدأ منذ اغتيال الشهيد حسن البنا (12 فبراير 1949) وبلغ أقصاه بعد قيام الثورة الإيرانية0

    لكن إذا كانت هذه تقديرات المختصين والخصوم ، فهل الحركات الإسلامية واعية بأدوارها ، وقادرة على تضمين مستقبلها ؟ أي بتعبير آخر ، هل ترشحها أوضاعها الداخلية ، ومرتكزاتها النظرية ، وطبيعة علاقاتها ببعضها وببقية الأطراف الفكرية والسياسية ، إلى استدراك ما فاتها ، لتكون تحديات نوعية ستضاف إلى التحديات الحالية؟

    حركات غير متجانسة

    بماذا تتميز الحركات الإسلامية عن غيرها من التيارات السياسية والأيدلوجية المنتشرة في نفس القضاء الجغرافي؟

    إننا نقصد من خلال الإجابة عن السؤال إبراز هوية الحركات التي سنتحدث عنها ، والكشف عن مواقع القوة في خطابها ، والمبررات والعوامل التي تضافرت حتى تضمن البقاء والاستمرار والنمو إذ غالبا ما يقع التعرض للظاهرة دون ربطها بجذورها الاجتماعية والتاريخية، أو القفز على خطابها الثقافي والأيديولوجي فتتحول نتيجة ذلك إلى موضوع خارج التاريخ، لا نفقه آلياته ونعجز عن تحديد طبيعته ووظيفته0

    ويجب التنبيه في البداية أن الحركات الإسلامية ليست متجانسة كما يتوهم الكثيرون فيسقطون في التعميم المخل ـ إنها 0كيانات تنظيمات تختلف في برامجها ومناهجها ووسائلها وارتباطها ومراجعها العقائدية والفكرية كما تتباين في الحجم والأهمية من قطر آخر ، ومن تجربة إلى أخرى 0 لكن اختلافها لا يمنع من التقائها حول أرضية واحدة على هشاشتها ـ تبقى المبرر المنهجي لتصنيفها في خانة مختلفة نوعيا مثلا عن الأحزاب الشيوعية التي نشأت في نفس المنطقة ، وفي فترات متشابهة أحيانا0

    الخطاب المعبىء

    أول ما يميز هذه الحركات إلحاحها على اعتبار الإسلام « منهج حياة » كفيل بإعادة توجيه الأمة وإعادة الاعتبار إليها إقليميا ودوليا إن الإسلام لدى هذه التنظيمات أيديولوجيات، أو منظمات تجيب على الأسئلة الصادرة عن الأفراد والمجتمعات وتبشر ببدائل عن المنظومات الفكرية والسياسية السائدة والحاكمة والموصفة إسلامية بـ « إسلامية » بل هذا الطموح يتجاوز حدود المنطقة ، ليطعن في « شرعية الحضارة المهيمنة ، ويعلن عن الإسلام كعلاج لمشاكل العالم0

    برز هذا الخطاب في مرحلة أخذت تتقهقر فيها المجتمعات التقليدية بمؤسساتها ومفاهيمه لحساب أنماط جديدة من التفكير والحياة لا تعطي للدين نفس الاعتبار ، بل تعمل في النهاية على حصره في مواقع وأبعاد معزولة وهامشية ، قياسا على التجربة الأوربية 0

    لكن وإن انهارت المجتمعات التقليدية في أكثر من مكان ، وانهزمت في أكثر من معركة ، فإن مقولة « الإسلام ـ الحل  » اكتسبت قدرة استثنائية على التعبئة والتجييش ، وتجاوزت سياسات الحصار ، لتستمر بعد خروج المستعمر وقيام الدول « الوطنية » أو القطرية0

    الصلابة الأخلاقية

    وثاني ما يميز هذه الحركات تركيزها على الجوانب السلوكية والأخلاقية للأفراد والمجتمعات 0 إنها الوريثة أو الامتداد ـ في هذا المجال ـ للمدارس الصوفية التي انهارت في معظم الأقطار خاصة بعد الاختراق العميق لأنماط السوق الرأسمالية فإن الحركات الإسلامية تعمل جاهدة لإخضاع الفرد إلى عمليات إعادة صياغة لذاته ، وذلك عبر نقل المفاهيم والقيم ، ومراقبة السلوك إلى درجة التدخل في جزيئات حياته الخاصة من زواج ولباس وطعام وصداقات وترفيه وتعليم وممارسة جنسية إلخ0

    هذا النشاط الاحتوائي والتعبوي يرمي إلى « عزل  » الفرد عم المحيط « الجاهلي » أو الحد من تأثيرات هذا المحيط على الفرد 0 وبذلك ينشأ التناقص وينمو بين الذات والواقع السائد ، لينتهي في الأخير إلى مواجهة بين مجموعة الأفراد الخاضعين لمنهج محدد في « التربية » وبين المؤسسات والسلطات الساهرة على تثبيت النمط المهيمن 0

    لقد أكسب البعد التربوي التيار الإسلامي صلابة وقوة مقابل بقية التنظيمات الداعية للتغيير ، والتي أسقطت من اهتماماتها تربية أفرادها وفق مواصفات أخلاقية متميزة ، مما جعل أعضاء هذه التنظيمات مهيئين أكثر للانخراط/ الذوبان في نمط المجتمع الاستهلاكي بدل مواجهته ، بل والدفاع عنه بحكم تحولهم إلى جزء منه ، حيث ترتبط مصالحهم ببقائه واستمراره 0 لقد أغفلوا أن « الجماهير » مازالت تؤمن بالقدوة الحسنة ، وبالفعل الطيب ، وبطاعة أوامر الدين واجتناب نواهيه ، و من ثم كان من السهل أن تخرج قياداتها الوطنية من أئمة المساجد ، وفتوات الحارات 0 فالقدوة السحنة هي الرباط بين الجماهير وقيادتها ، وهي في الغالب قدوة حسنة خلقية 0

    إن الإسلام قد يضعف ويختل توازنه ، لكن ومع ذلك يبقى أكثر وفاء لقيم المشروع العام الملتزم به ، نتيجة الضغط النفسي للمنهاج التربوي الذي رافق مسيرته الذاتية0

    التنظيم الدفاعي

    إذا كان التنظيم أو حالة التنظيم قاسما مشتركا بين التيارات الإسلامية وغيرها ، فإن طبيعة التنظيم الذي أنتهجه الإسلاميون عموما تبقى مختلفة وذات خصوصيات يكادون ينفردون بها 0

    فالمعارضات التي نشأت في التاريخ الإسلامي منذ أواسط القرن الأول الهجري اختار معظمها صيغة التنظيم المحكم والمنغلق على نفسه ، وكلما اشتد قمع السلطة واتسع سلطانها زادت التنظيمات المخالفة انغلاقا وسرية 0

    وإذا كان الشيعة قد حافظوا على تقاليدهم التنظيمية كفرقة مستقلة لها هرميتها وهياكلها ، فإن أهل السنة كأغلبية حاكمة نمت ضمنها الجماعات والطرق الصوفية كاشكال متميزة لتأطير الأفراد الباحثين عن حماية « روحية » تعز لها حد عن بطش السلطة ولا عدلها ونفاقها الديني والسياسي 0

    وإذا كانت الأحزاب الليبرالية والاشتراكية والقومية قد تشكلت في مجتمعاتنا في ضوء استعارات تنظيمية لمؤسسة الحزب الحديثة ، فإن الحركات الإسلامية ـ وإن اقتبست بدورها بعض الأشكال الحزبية من الغرب ـ إلا أنه بقيت ملتصقة مفاهيميا بالتراث التنظيمي للفرق الإسلامية الرئيسية ، لأصول العلاقات الصوفية ذات الأبعاد الاجتماعية والتربوية والدينية ، وهو ما أكسب التنظيمات الإسلامية نوعا من الجاذبية والهلامية تفتقدها بقية الأحزاب السياسية مهما عظمت ولقيت الدعم من قبل الدولة القائمة0

    البحث عن الجذر الاجتماعي

    من أهم مرتكزات العمل الإسلامي المسيس والمنظم في واقعنا الراهن ، والمعبر عنه ، بمصطلح الحركات الإسلامية لكننا نبقى سطحيين لو اعتبرنا هذا كافيا لتفسير الظاهرة وتعليل نموها وانتشارها 0 أن الظواهر الثقافية والاجتماعية لا تفسر فقط من حلال تكيك بنيتها الداخلية 0 فهي كيان غير مستقل بذاته ، إنها جزء من كل وهذا الكل هو المجتمعات العربية والإسلامية التي دخلت مرحلة تاريخية جديدة منذ فقدت استقلالها ومسكها بزمام المبادرة الحضارية ، وتحولت إلى مجتمعات تابعة للمركزية الوربية ثم الغربية0

    إن من عيوب الإسلامي أنه لا يسأل نفسه لماذا تستجيب لخطابه بعض الشرائح الاجتماعية أكثر من غيرها (الشباب والفقراء بالخصوص) في الوقت الذي تعرض عنه شرائح أخرى أو ربما تعاديه وتحاربه (مثل المثقفين والمترفين جدا) وإن كانت الشرائح الأخيرة وخاصة ذوي الثروات 0 قد يلتفتون في إحدى المنعرجات ويظهرون له الاستجابة والتأييد0

    إما إذا طرح على نفسه هذا السؤال ، فغالبا ما يصاب بالنشوة ويزداد تمركزا حول ذاته ، ويفسر الأمر تفسيرا غبيا ، كأن الإيمان بالله وقدرته يتنافى مع الاعتقاد بالسببية وخضوع التاريخ لسنن وقوانين تحكم مسيرته ومحطاته وتقلباته0

    القيم التاريخية تقاوم

    إن الغرب في إحدى تعريفاته هو هذا النظام الدولي القائم والذي حول العالم قسرا إلى مركز وأطراف 0 يستهدف النظام الدولي إلى مركزة الثورة والقرار والمعلومات وذلك من خلال توحيد الأسواق ، وإلغاء الحدود والحواجز الاقتصادية في وجه الشركات متعددة الجنسيات ، والحفاظ على التوازنات العسكرية الحالية ، مع تنميط المجتمعات وبنسخ الثقافات والقيم الماقبل صناعية ، أي التي لا تخضع للموازين الغربية0

    وقد نجح الغرب أيما نجاح في اختراق مجتمعات « الأطراف » وخلخل بناها وأسسها التقليدية ، لكنه لم يستطع القضاء على قيمها التاريخية 0 بل على العكس لوحظ وجود مقاومة شديدة لأنماط الهيمنة الغربية في مرحلتي الاستعمار المباشر وغير المباشر0 وتبين كذلك أن الثقافات والفضاءات الدينية القديمة والأصلية هي التي اعتمدت كأرضية شعبية لهذه المقاومة (حصل هذا في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وحتى في أوروبا الشرقية : بولونيا)0

    الدور الخفي للظاهرة

    فالظاهرة الإسلامية هي تعبيره رئيسية من تعبيرات الدفاع الشامل لمجتمعات تعاني من التفكك والاهتزاز مجتمعات فقدت الكثير من إرادتها المستقلة ومن وحدتها الداخلية ، وأصبحت محكومة بتناقضات حادة اجتماعيا ازدياد الفوارق (الطبقية) وسياسيا (بين الدول والمجتمع) وثقافيا ( في مستويات اللغة وطرق التفكير وتعاطي الحياة) وطائفية (زيادة الانقسامات المذهبية والدينية والعرقية وكل انقسامات ما قبل الأمة) إن الظاهرة الإسلامية محاولة راعية في غالب الأحيان لاحتواء كل تلك التناقضات وتجاوزها وردا على الهيمنة الخارجية وفشل الدول القطرية داخليا0

    يخطىء الإسلاميون عندما يعتقدون أن الصدى الذي يلقاه خطابهم مرجعه قوة الخطاب الذي أنتجوه ، وينسون أن الاحتماء بالمسجد هو بحث عن الذات ودفع للخطر وتجديد للحلم وتحدي للأزمة ، فالظاهرة دليل على قوة الإسلام وعمق انغراسه في المجتمع والتاريخ ، وليست دليل على قوة الإسلاميين وانتصارا لكياناتهم 0 إنهم يستفيدون من أوضاع لم يصنعوها ولم يفكروا فيها بشكل علمي وعميق0

    تراجع الأيديولوجيات

    عامل آخر ساهم بقوة في دعم رصيد الإسلاميين دون أن يكون جزء من رأس مالهم ، ونقصد به أزمة الأيديولوجيات المنافسة ، لقد تعرضت كل من الاشتراكية (في قراءتها الماركسية بالخصوص) والقومية ( ناصرية كانت أو بعثية) إلى هزات معرفية وسياسية أفقدتها الكثير من بريقها0

    إن حصيلة خمسين سنة من التجارب الاشتراكية ف مواقع مختلفة من العالم ، بينت قصور النظرية الماركسية ، ورغم التعديلات التي أجريت من هذه الجهة أو تلك وبعض المكاسب الهامة التي تحققت فإن ذلك لم يخفف من قبح النظم السياسية التي شكلتها الأحزاب الماركسية في أوروبا وآسيا وأفريقيا بما في ذلك الوطن العربي والإسلامي0

    وفي نفس السياق تعيش الحركات والأنظمة القومية حالة انحسار شديدة بعد سلسلة من الأخطاء والانتكاسات والصراعات جعلت حتى الحزب الواحد غير قادر على إصلاح ذات البين بين جناحيه وإذا كان تباين المصالح واختلاف التحالفات ، وحصول تداخل بين القومي والطائفي ، هي أسباب مباشرة لهذا الانحسار ، فإن ضعف البناء الأيديولوجي للطرح القومي 0 وتورطه في نزعة تماثلية مع القومية في ثوبها الأوربي ، عوامل أخرى ساهمت أيضا في إرباك الصفوف القومية لم تفقد تماما حضورها السياسي 0

    وهكذا ، ومع حصول هزيمة 67 عاد شعار الإسلاميين المتعلق بفشل « الحلول المستوردة » ليحتوي أزمة الآخرين ، ويسقط اهتمام الشباب بالخصوص ، باعتبارهم الجهة المرشحة أكثر من غيرها ـ بحكم الشعور بالحرمان ـ للاشتغال بقضايا الأيديولوجيا والتغيير0

    ستون سنة من المحاولة

    تلك هي أبرز مقومات خطاب الحركات الإسلامية ، وأهم العوامل التحتية التي تساهم بقوة في انتشار ودعمه 0 وهي عوامل تدل العديد من المؤشرات على استمرارها ، ورما استفحالها خلال العشرية الخيرة من هذا القرن وربما السنوات الأولى من القرن المقبل ، وهذا يعني أن الحركات الإسلامية ستبقى الأوضاع والظروف ترشحها للقيام بدور المجمع للتناقضات والمصدرة في نفس الوقت بتفجيرها ، طيلة الحقبة الزمنية القادمة0

    لكن ليست هذه المرة الأولى التي تتوفر فيها الشروط المواتية للانتعاش وتحقيق الأهداف المعلنة من قبل الحركات الإسلامية 0 لقد بدأت تتوفر هذه الشروط منذ تراجع الخطاب الإصلاحي لرموز النهضة ، وإلغاء الخلافة العثمانية ، وإحاطة الاستعمار برقاب المجتمعات الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى0

    أي أن الحركات الإسلامية لها أكثر من ستين سنة وهي تتصدر الساحة ، وتعد بالتحولات ، وتقوم بتحركات استعراضية هنا وهناك لكن وبالرغم من ضخامة التضحيات التي قدمتها ، والعدد الهائل من الشباب والكتل البشرية التي احتضنتها وربتها وأصلحت الكثير من أخلاقها ، ورغم إلحاحها المستمر على الإسلام مما جعله دائم الحضور رغم الأزمة الشاملة وقوة الحصار الدولي ، إلا أن معظم الأهداف التي نادت بها هذه الحركات ـ خاصة في الرقعة السنية ـ لم تتحقق ، إن لم نقل جميعها ، وهو وضع لا يمكن تفسيره ، إلا إذا اعتبرنا هذه الحركات ـ على حيويتها الظاهرة ـ تعاني من أزمة هيكلية ـ وليست عرضية ـ جعلتها غير قادرة على استثمار تضحياتها ، فهي تقوى بالأزمات وتضعف عندما يخف ضغط الأزمات ، لتعود من جديد مع تجدد حدة الأزمات 0 إنها تحترق من أجل غيرها ، لأنها لا تستمد أساسا القوة من ذاتها0

    الخلل ضمن المنظومة

    ومن المفارقات ، أن عوامل القوة في خطاب الحركات الإسلامية تحتوي في نفس الوقت على عوامل الضعف والانكسار أي أن الخلل المركزي الذي يفسر لنا جانبا مهما من تعثر هذه الحركات ، ودورانها في مواقعها ، رغم العوامل المساعدة ، يكمن داخل المنظومة التي تتبناها ، وليس خارجها ، وهو الأمر الذي لا تزال قيادتها ترفضه بإصرار حتى اليوم0

    إن هذه القيادات ، وإن أنكرت وجود أزمة ، إلا أنها لا تستطيع إنكار وجود تعثر ، وعدم توازي بين التضحيات والمكاسب وعندما تسأل من بعض قواعدها عن هذا الخلل ، لا تتردد في تقديم ، إجابات تستحق الكثير من التوقف والتحليل 0 إن خطاب الحركات الإسلامية كما وفر لنفسه قواعد ارتكاز أيديولوجية ، ابتكر جهازا مفاهيميا لتبرير الأخطاء وتفسيرها ضمن سياق يحمي التوجهات العامة ، ويحافظ على المسار0

    مقومات الخطاب التبريري

    ليس هذا البحث مجال للتعرض بالتفصيل للجهاز التبريري عندي الحركات الإسلامية ، لكن مع ذلك من المفيد أن نشير إلى بعض آلياته الدفاعية حتى يكون حديثنا إلى « الموضوعية » وحتى تمهد لنقد المنظومة كلها0

    يدفع « الجهاز » بقوة كل شك قد يتسرب إلى المنهج ، وذلك بالقول أن الحركة تسير في طريق الأنبياء ، وأن النجاح مرتبط عضويا بمدى الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، ومنهج الدعوة عندها ليس عملا اجتهاديا ، وإنما هو جزء من الوحي 0 وهي الفكرة التي سيجها بعمق الشهيد سيد قطب ، وقطع بذلك كل محاولة للطعن في المنهج العام للحركات الإسلامية ، فما بالك بمضمون الخطاب الذي يعبر عنه بمصطلحات متداخلة لإخفاء الشرعية المتجهة نحو « التقديس » مثل « الرسالة » « الدعوة » « الشرع » « الوحي » « النص » وكلها مفردات تعطل الحس النقدي وتنمي الاستعداد للتلقي والتنفيذ0

    وعندما نقفل أبواب الخطاب والمنهج ، يقع اللجوء إلى « الفرد » و « المجتمع  » « الدولية » و »القدرة » لتفسير النكسات والمحن والاخطاء0

          ·   الفرد : حيث يتسع الحديث عن « التزامه » وانضباطه ، وقوة إيمانه أو ضعفه ، ومدى حبه للدنيا وقيامه بالفرائض والنوافل ، واستعداداته للتضحية ووعيه بتلبيس إبليس0

          ·   المجتمع : حيث تقع المبالغة في وصف انحرافاته وتضخيم أخطائه وجهله بالدين ، وهيمنة القوى المعادية له ، والتنظير لمفاصلته نظرا لمساندته وللجاهلية السياسية والاجتماعية0

          ·   الدولة : هذا الجهاز الذي قاسى منه الإسلاميون الأمرين ، لهذا يحملونه مسؤولية مركزية في تعطيل مشروعهم إنه جهاز الأهواء ، والطابور الخامس لأعداء الإسلاميين العالميين ، ومن خلالها تتسرب وتنفذ مخططات القوى الدولية المعادية : الشيوعية والصليبية اليهودية0

          ·   القدر : هذا المشذب الخطير الذي تعلق عليه مصائب خطيرة ، لقد صنعت الأدبيات الإسلامية الحديثة ، من خلال ما يسمى بفقه الحركة ـ عالما وهميا للعزاء ، يلخص في كلمة « المحنة » فالله هو الذي قدر أن يضطهد الإسلاميون ، حتى يمنحهم، ويجزيهم على قدر صبرهم 00 كأن المحن خارج السنن ولا يحاسب عن صنعها ونتائجها في التصور الإسلامي!

    هكذا وبفضل هذه الآليات وغيرها تحاصر الأزمة كلما احتدت ، ليقع ، إعادة إنتاجها في مرحلة أو منطقة أخرى 0 ومن أصر وتمسك بضرورة التغيير الجذري ، يتم عزله ، وتوجه له الأسلحة الثقيلة : « التخاذل » ، « الخروج على الجماعة » « حب الدنيا والخوف على النفس  » ، « المتساقطون » ، طبعا مع « كشف » بالأشعة الحمراء لسلوكه وارتباطاته ومصالحه إلى آخر تفاصيل حياته الشخصية قصد إعدامه وهو حي وقاية للجسم من تسرب الخلايا المضادة0

    الشعار الفاقد للمضمون

    نعود إلى ما أسميناه بـ « مميزات الحركات الإسلامية » والتي اعتبرناها عناصر القوة في هذه الكيانات ، ونعمل على تفكيكها واحدة تلو الأخرى للكشف عن الفرامل المنسوجة داخل هذه العناصر0

    ونبدأ بشعار « الإسلام منهج حياة وبديل حضاري » وهو الشعار الذي حافظ على الوحدة الداخلية للمشروع الإسلامي من حيث كونه دين تغيير وإنماء مجتمعي وكوني ، لكنه مع الحركات الإسلامية لم يتجاوز مستوى الشعار ودور التعبئة والإستقطاب0

    ما الإسلام ؟ سؤال بسيط ، لكنه محوري بالنسبة لحركات رشحت نفسها للدفاع عن هذا الدين وتجسيده 0 وبالرغم من بساطته ومحوريته ، ستشعر بالإرهاق وأنت تبحث له عن إجابة واضحة وشاملة ضمن الأدبيات الكثيفة للإسلاميين 00 ستجد ما يلي : إنه « خاتم الديانات » ، « الدين الحق  » ، « كلمة الله للناس » ، « والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقضاء والقدر » ، قواعد الإسلام الخمسة ، والترقي في درجات الإحسان  » وتنتهي بها التعريف إلى حيث بدأت « منهج الحياة »00

    لا خلاف في أن الإسلام يشمل كل هذا ، لكن الاكتفاء به والحفاظ على طريقة عرضه ، لن يفيد في عصر يرتكز على المعنى وأوجدت عشرات المناهج ليعطي للامعنى بل معان وعندما تلقى العرب الوحي ، لم يكتفوا بدعوته العامة للتوحيد ، ولم يبقوا مشدودين إلى بنائه اللغوي ، ولم يبقى الرسول صلى الله عليه وسلم يتجول في الطرقات وينتقل بين المجالس ليردد كلمة واحدة « قولوا لا إله إلا الله تفلحوا  » كما تدعي بعض الكتابات 0 لقد تشكلت لدى العرب تدريجيا ، جملة من المفاهيم الجديدة رجت العقائد الخرافية والتقاليد الموروثة ، لكنها بدأت تنسف من خلال ذلك نمطا مجتمعيا سائدا لتطيح بعلاقاته ومصالح فئاته الحاكمة وأخلاقيات الاقتصادية والاجتماعية ، ولينقله من وضع ما قبل الأمة والدولة إلى فضاءات كونية وحضارية لا عهد له بها من قبل 0

    أما اليوم فإن الخطاب الإسلامي في عمومه لم تتضح معالمه حتى لدى أصحابه ، فما بالك عند النخبة والجماهير ، ولهذا نراه لدى الإسلامي وعند غيره لا يخرج عن صورتين0

    ـ إما هيكلة ضبابية مشحونة بالعقيدة والطموح ، ويغمرها الشعار والتضامن والمنزع الأخلاقي ونقد الآخر وتوظيف الأزمة والانغماس في الممارسة بتضخيم فقه الحركة على الفكر والتحليل ، والمراهنة على الحلم والإنتظار0

    ـ وأما هيكلة تاريخية مسكونة بالتراث ، كل حسب فرقته ومذهبه ومراجعته ومصادره ، حيث تتجمع من جديد معلومات عن أصول الدين وأصول الفقه ، لتختلط بالتصوف ورواية التاريخ رواية متقطعة وانتقائية، مع « تجديد » في صيغ التعبير والإخراج0

    وفي كلا الحالتين يبقى السلم مرابطا في مكانه ، يكتوي بأزمة التجارب التنموية الفاشلة ، وينتظر من يحول أحلامه المشروعة إلى حقائق ملموسة فالدين عنده ماض جميل لكنه غير قابل للتكرار ، والواقع لديه نار لم يقدر على إطفائها ، وأمامه غرب جميل لكنه مفترس0

    النتيجة من جنس المشروع

    إن افتقار الحركات الإسلامية إلى الوضوح والصلابة النظرية في مواجهة التحديات المعاصرة ، هو الذي يدفعها إلى نهايات ثلاثة :

      1.   الانغماس في كتب التراث بحثا عن أجوبة لتساؤلات الحاضر ، فتقع بذلك في الانتقائية التاريخية ، وتعيش على حساب المجاد العلمية للسلف ، تدفع نفسها والمهتمين بها وخصومها إلى الانخراط من جديد في صراعات واهتمامات الماضي البعيد والقريب0

      2.   تسطيح الصراع الفكري والأيديولوجي الدائرة بينها وبين بقية الأطراف المختلفين معها جزئيا أو جذريا ليس فقط بسبب ، إعادة طرح كميات ضخمة من إشكاليات الماضي ، ولكن أيضا بالمساهمة في تغذية حرب السباب والإقصاء التي يساهم فيها الجميع 0 مما يكشف الدرجة التي وصلت إليها العلاقات داخل المجتمع الواحد 0 لا إيمان إلا بالذات « الأنا » ولا مكان للمغايرة (أي للأخر)0

      3.   وعندما تضغط الأحداث ، وتجد الحركات الإسلامية نفسها مضطرة للتعريف ببرنامجها الإصلاحي ، تعمد إلى التلويح بتطبيق الشريعة 0 وتخوض معركة حامية الوطيس من أجل إقامة الحدود ومنع المحرمات كالخمر والميسر ، والحيلولة دون أحداث تغييرات في قوانين الأحوال الشخصية والقضاء على الربا بالعمل على إنشاء ما يسمى بالبنوك الإسلامية ، وشن الحملات الإعلامية والمسجدية ضد البرامج التلفزيون وبهذا تعمل الحركات إلى أقصى عطاءاتها الفكرية والسياسية ، أي الإفصاح عن بدائلها المجتمعة ، عندها لا تكون فقط قد كشفت عن محدودية فهمها للإسلام ولتعقيدات الواقع المحلي والدولي الراهن ، ولكنها تحملت مسؤولية تلك الصورة المزرية التي يروجها الخصوم ، والشائعة جدا في أوساط جماهير المسلمين صورة المشروع الإسلامي وقد اختزل في مشاهد متفرقة : قطع أيدي ، تكسير قوارير الخمر ، جلد الزناة ، ملاحقة النساء لإجبارهن على لبس الخمار ، العودة إلى حياة الحريم000 الخ

    إن ما سبق عرضه يبين الفقر الفكري الذي تعاني منه الحركات الإسلامية ، رغم الامتلاء الظاهري للمكتبة الإسلامية ، إن فكرة هذه الحركات في حاجة إلى نقد عميق يغوص في خلفيات المفاهيم وأدوات التحليل ، إلى مراجعات وإعادة تأسيس يأخذ بعين الاعتبار في الآن نفسه خصوصيات الفكر الإسلامي وتحديات اللحظة الراهنة للزمان والمكان من تراكمات ومكاسب وصراعات وفضاءات0

    حصاد التربية

    ننتقل الآن ، الميزة الثانية للحركات الإسلامية ، والتي مثلت كما رأينا عنصر قوة ، وهي تركيزها على تربية الفرد وإعادة صياغة ذاته 0

    فالحركات الإسلامية هي من التنظيمات القليلة التي تحيط بأعضائها وتحدث فيهم تغييرات جوهرية لي كل جزئية من جزئيات حياتهم الشخصية ، وتدخلهم فعلا إلى « عالم متميز وحالم » لكنها بعد أن تصنع ذلك وتنجح فيه ، تبرز للوجود شخصية فردية قوية في جوانب تحمل ثغرات عميقة في جوانب أخررى من أهمها :

        ·   نظرة « مانوية » للعالم ، لا ترى فيه إلا خيرا وشرا ، وإيمانا وكفرا ، إسلاما وجاهلية ، أنصار وخصوما ، ضلالا وفسادا ، ونتيجة هذه النظرة بقوة إلى تنزيه الذات وتدنيس الآخر (الخصم ـ المجتمع ـ الحاكم / الدولة ـ بقية العالم) فيفقد بذلك الفرد القدرة على التحليل والتفكير ، ويسقط من حسابه التضاريس التي لا يخلو منها كائن أو مجتمع أو وضح أو حتى خصم إن الحقيقة نسبية ، ولا يملكها إلا الله ، وقد وزعها على كل عباده بنسب متفاوتة ليحتاجوا إلى بعضهم ، ويتكاملوا حتى وهم يتصارعون0

        ·   حرص شديد على التميز بترتيب عنه انفصال عن الواقع بتعقيداته ، وابتعاد عن هموم الناس ومشاغلهم وحياتهم اليومية ، وغالبا ما يتساءل الإسلاميون لماذا لا تحرك جماهير المسلمين ساكنا عندما يتعرضون هم إلى التعذيب والتشرد والقتل وينسون عزلتهم عن الناس الذين لا يحتكون بهم إلا في المسجد الذي لا يجمع كل الناس 0 إن الجماهير تبدي التعاطف والالتحاق مع من يسندها في قضاياها اليومية ، ويدافع حقا عن معاشها وحرياتها وحقوقها المسلوبة ، ويمد لها العون بدون من ولا ارتشاء سياسي ، أما من ينعتها بالجاهلية ، ويتسامى عليها ، ويدعو إلى عزلتها ، ويصفها بالعامة والغوغاء فبأي حق بعد ذلك أن يطلب منها العون والسند؟

        ·   طغيان خطاب « أخلاقي  » يتسم بالعاطفة الوعظية ، فالإسلام عموما لا يفرق بين الخلاق « الأخلاقوية » الخلاق قيم وضوابط لا تخلو منها دعوة جدية فما بالك بحركة إسلامية 0 أما الأخلاقوية فهي « منهج » يفسر كل الظواهر بحب المال والتعلق بالدنيا ، ولاستبداد السياسي بفساد خلق الحاكم وميله للسيطرة ، والفساد الاجتماعي بتحرر المرأة ومشاركتها في المجتمع ، والتبعية الاقتصادية والسياسية بهيمنة اليهود على العالم عبر التفسير التآمري للتاريخ 00 حتى شعر الإسلاميين نادرا ما يخلو من المباشرة والحماس الوعظي0

        ·   إن العامل الأخلاقي مساعد في شرح ظاهرة ما وإصلاحها ، لكن هناك عوامل أخرى لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار كالعامل الاقتصادي والخلفيات السياسية وموازين القوى ، والعامل الجغرافي والتاريخي ، إلى غير ذلك من العناصر التي بإسقاطها يختل التحليل العام ويفقد الخطاب عمقه وجديته ، ويتحول إلى وعظ وإرشاد إن الشعوب تمل من الوعظ وتكره الاستماع إلى الوعاظ ـ إلا إذا أجبرت ، بل تشك في صدق كلامهم ونواياهم0

        ·   السعي للتماثل وتطابق الشخصيات ، بتضخيم مبدأ القدوة وتقليص الفردانية ، مما يترتب عنه نفي للمغايرة داخل الكيان الواحد من ذلك على سبيل المثال التخطيط المحكم لتحقيق وحدة التفكير ، إلى درجة تنظيم مطالعات الفرد وعدم السماح له بحرية الاحتكاك بمصادر الفكر المختلفة ، خوفا عليه من التأثر والانحراف ! وتكون النتيجة ضعف المستوى العام لأفراد في المجالات النظرية لأن حرية البحث والمبادرة ، والإطلاع بدون حواجز على المصادر المختلفة هو الإسلوب الأمثل للإبداع والنمو 0

    إن توحيد السلوك والتفكير والأذواق وتنظيم الحياة الفردية والمظهر العام وطرق التخاطب ، سياسة تناقض مع الحياة القائمة على التنوع والتكامل 0 ومن الأشياء التي نادرا ما يقع الانتباه إليها ، ولم تخضع للتحليل العميق من قبل الإسلاميين ، الكيفية التي ربى بها الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه 0 إن عمر يختلف عن أبي بكر ، وعثمان يختلف عن علي ، وبلال مغاير بشكل واضح عن أبي ذر ، ونادرا أن تجد صحابيان احتك مباشرة وعن قرب بالنبي تتطابق شخصيته مع آخر عاش معه نفس الظروف ، وذلك بالرغم من وجود القدوة التي هي النموذج الأعلى 00 كيف أنتجت القدوة الواحدة النماذج المختلفة والمتنوعة ضمن الإطار الفكري والقيمي الواحد ؟ 00 هذا السؤال الذي يجب أن تتمحور حوله منابع التربية عند الإسلاميين 00 فالرسول صلى الله عليه وسلم كان قدوة متعددة البعاد والمستويات 0 وكان فعلا « يفرغ صحابته ثم يملؤهم » كما قال أحدهم ، لكنه لم يكن يفرغهم ويملؤهم بنفس الطريقة إن المتتبع لسيرته يلاحظ أنه يتعامل معهم حالة بحالة يوحد قناعتهم وأهدافهم ، وفي نفس الوقت يحافظ على خصوصياتهم الفردية لهذا عندما يقيمهم كأشخاص يبرز ما يتميز به كل منهم عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أرحم أمتي بأمني أبو بكر (المرونة) وأشدهم في أمر الله عمر (الصلابة السياسية) وأشدهم حياء عثمان (ليونة كبيرة وعدم مواجهة) ، وأقضاهم علي(الحرص على العدل) وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل (بعد ضروري في مجتمع يحتكم للشريعة) وافرضهم زيد بن ثابت وأقرئهم أبي بن كعب ، ولكل قوم أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر ، أشبه عيسى عليه السلام في ورعه ، قال عمر : أفنعرف له ذلك يا رسول الله ؟ نعم ، فاعرفوا له (جرأة في قوله الحق دون أطماع شخصية) 0

    ـ سيادة النظرة التجزيئية للأخلاق ، حيث تتضخم المسائل السلوكية على حساب القيم العامة ، وتغليب الضوابط (قائمة المحرمات) على الدوافع (عالم الحلال الواسع) لهذا تجد الإسلامي أكثر حساسية لمشهد فيه مقدمات للزنا ، من مشاهد أخرى تبرز التفاوت غير المبرر بين الناس والظلم الاجتماعي ، وتراه ميال لغض البصر أكثر من حرصه على فتح العيون واسعة لفهم ما يجري في المجتمع والكون ، كما هو أحرص على التحرك وربما القتال من أن يقضي سنوات في تعميق مبحث أو مراجعة مسالة نظرية0

    التنظيم سيف ذو حدين

    التنظيم هو الميزة الثالثة والخيرة التي تحدثنا عنها في مطلع هذا النص ، وقلنا أنه بالرغم من اشتراك الحركات الإسلامية في فكرة التنظيم مع بقية التيارات السياسية إلا أن التنظيم لديها أبعاد ومضامين مغايرة لأنه يسبح في فضاءات مختلفة0

    والتنظيم إن كان في إحدى وجوهه عاملا رئيسيا من عوامل القوة وقناة مركزية من قنوات إحياء المشاريع التاريخية (خاصة بالنسبة للحركات السنية) إلا أنه من جهة أخرى جر الكثير من الويلات في مستويين : العلاقات الداخلية ، والعلاقة بالأنظمة التي لا تزال تتميز بالتوتر والمواجهة 0

    وأول ما يجب القيام به قبل التعرض بنوع من التوسع إلى المستويين هو التوقف قليل عند الإشارة السابقة المتعلقة بتميز الحركة الإسلامية عن الحزب 0

    ما هي الحركة الإسلامية من الناحية التنظيمية ؟ إنه ليس سؤالا شكليا 0 ولا هو نوع من الحرص على التعقيد إنها مسألة مفاهيمية جد شكليا ولا هو نوع من الحرص على التعقيد إنها مسألة مفاهيمية جد هامة ، ونعتبرها مدخلا لفهم سوسولوجي ـ معرفي لطبيعة هذه الحركات ولمتابعة مضاعفات التنظيم عليها وعلى المجتمع 0 إنها ليست مجرد حركة دينية كالطرق الصوفية مثلا أو التيارات الثقافية والاجتماعية التي تشكل عادة في جمعيات ونوادي لأداء وظائف محددة 0 وهي أيضا ليست حزبا سياسيا عاديا سواء ، إذا قارناها بالأحزاب في الغرب أو بما يسمى أحزاب عندنا 0 وهي أيضا بعيدة عن أن تكون فرقة حسب المواصفات التي لازمت ولادة الفرق في تاريخنا الإسلامي ، لأنها عموما ليست صاحبة مدرسة متميزة في الكلام أو المذهب 0 ولا شبه بينها وبين الطائفة لأنها لا تمثل انقطاعا عن المحيط العام للمجتمع لكن كل هذه الأبعاد نجدها بنسب مختلفة تتقاطع داخل الحركة الإسلامية 0

    إنها أقرب إلى « الجماعة ـ الحزب » أو « الظاهرة ـ التنظيم  » فهي ليست مجرد تشكل سياسي يهدف إلى استلام السلطة ، وإنما قراءة للدين والثقافة والمجتمع قد تجسدت في « نمط » من التربية وأشكال من التنظيم من أجل أهداف ، من شدة ضخامتها تصبح مبهمة لكنها توحي بالقطع مع السائد ، وتدعو إلى ولادة « جديدةـ قديمة » وإلى موقف مستقبل ، كما تعيد للذاكرة معالم المتعرجات الكبرى في التاريخ ، وفكرة الاحتكار الكامل للنفوذ والقوة 0

    لهذا لم يكن عفويا أن يثير حسن البنا هذا الإشكال ، فقد كان واعيا به لما رفض اعتبار « الأخوان المسلمين » حزبا من الأحزاب ، بل لما رفض تعدد الأحزاب أصلا 00 وسيد قطب كان أكثر وضوحا عندما دفع هذه الفكرة إلى أقصاها إلى درجة التوحيد بين التنظيم والمجتمع « فالجماعة » انتقلت من معناها التنظيمي الضيق إلى معنى الأمة أو نواة الأمة (دار الإسلام مقابل دار الحرب ) وذلك عبر استعادته التاريخية لتجربة النبوة0

    أ ـ العلاقات الداخلية : لقد أوكلت مهمة التربية والتكوين ـ في حدود المفاهيم التي تعرضنا لها سابقا ـ إلى التنظيم 0 وهكذا وجد « الجهاز » نفسه يتمتع بصلوحيات واسعة للتصرف في حياة الأفراد ومصيرهم وليحقق ذلك يعمد إلى :

       ·   زرع الولاء الكلي إلى « الجماعة » إلى درجة جعلها فوق العائلة والمجتمع والوطن 0 وعندما تصبح « الجماعة » كيانا بديلا عن المجتمع والوطن ، يحصل خلل فظيع في سلم الأولويات لدى الأفراد ، ويتولد التناقض بين الأبعاد : مصلحة التنظيم المجتمع أو الشعب ، البعد الإسلامي مقابل البعد الوطني0

       ·   تضخيم القيادة وتصغير القاعدة بإضفاء التسامي على « الأمير » وإيلائه مكانة خاصة ، وتمكين من صلوحيات استثنائية تتنافى مع الروح الجماعاتية ، فتصبح بذلك السلطة داخل التنظيم هي الاستمرار الضمني للسلطة التاريخية ، أو إلى حد ما انعكاس غير إداري للأنظمة التي يحاربها الإسلاميون ويذهبون ضحيتها 0 ويتضخم ذلك كلما ضاقت فرص الشورى ، وغابت اللوائح والقوانين الداخلية المحددة للصلوحيات وتباعدت المؤتمرات لأسباب شتى ن وقلت المؤسسات أو جمعت في ايدي عناصر قليلة واشتدت الامية0

       ·   خلق ازدواجية تنظيمية سرية ـ علنية ، أحزمة ونواة جناح مدني وجناح عسكري ، وهي ازدواجية لابد من أن تنعكس آثارها على الفرد وهو يتعامل مع المجتمع حيث يصاب بازدواجية أيضا في خطابه كلما حاول أن يكون ديمقراطيا في سلوكه السياسي ، كأن يجاري الناس في شعارات لا تقرها أصولها النظرية ، أو يؤمن بالتعددية الشاملة ويقر في الآن قتل المرتد؟

    ب ـ العلاقة بالسلطة

    :

    إذا أن الأنظمة ـ عموما ـ لا تهتم كثيرا بالأفكار ، ولا ترى فيها خطرا مباشرا لهذا تراها مستعدة لتبني جوانب من الخطاب لا تكلفها كثيرا ولا تؤثر على مصالحها الحيوية ، إن أهم ما يزعجها في الظاهرة الإسلامية تشكلاتها التنظيمية ، وميلها إلى السرية ، والتوسع التحتي ، وإمكانية لجوئها إلى العنف ، وإلحاحها على مسألة الحكم0

    لهذا لم يخرج موقف الأنظمة من الحركات الإسلامية عن ثلاث تكتيكات

    :

    ـ القمع بشراسة ، سعيا للاستئصال ، وفصلا للقيادات عن القواعد ن وقطعا للخارج عن الداخل ، وتفجيرا لأجهزة التنظيم0

    ـ غض الطرف ، إقرار الهدنة ، والاكتفاء بمراقبة الجسم عن كثب ، مع مناوشات من حين لآخر كعلامة للإشعار بالوجود0

    ـ التحالف والإيهام بتقاسم المشروع والنفوذ ، مع العمل على احتواء الحركة وترويضها عساها تحل تنظيمها ، أو تفقده المناعة0

    فالتنظيم خلق مشاكل خطيرة للحركات الإسلامية 00 وإذا كان من الصعب بل أحيانا من غير المفيد ، إقناعها بالتخلي نهائيا عن التنظيم ، إلا أنها ولا شك في حاجة ملحة جدا لمراجعة وتقويم تجاربها التنظيمية ، ومضطرة كذلك إن أرادت استثمار طاقاتها بشكل أفضل ـ إلى ابتكار فلسفة جديدة للتنظيم تقوم على التعدد وتنمية المواهب والطاقات الفردية ، وتعميق وتأصيل الإسلامي في مجتمعه وغرسه في وطنه وبين الناس0

       ·       تنظيم يميل إلى الجبهات منه إلى النواتات الصلبة والغلقة ، ويقر بالاختلاف ولا ينزعج من الأجنحة التي تربطها قواسم مشتركة وتخوض بينها صراعات ديمقراطية حول البرامج والمواقف والتوجهات العامة على أن يحسم كل خلاف بالتصويت والأخذ برأي الأغلبية مع استمرار فعالية ومشروعية الأقلية0

       ·       تنظيم يكون محكوما بقيادة تقترب من الجماعية وتقل فيه السلطة الفردية وتقاوم فيه البيروقراطية بهوادة وتتصدر فيه الكفاءات بقطع النظر عن السن وتاريخ الانتماء وكثرة التهجد والمدة التي تم قضاءها في السجون0

       ·       تنظيم يبدأ من « الداخل » لينتهي في صلب الحركة العامة للمجتمع ، لا أن يصبح غاية في حد ذاتها تنظيم منفتح ، متفاعل ، ديناميكي يغير تقاليده وبنيته باستمرار حسب متطلبات الواقع الموضوعي للشعب والوطن ، يحصل خلل فظيع في سلم الأولويات لدى الأفراد ، ويتولد التناقض بين الأبعاد مصلحة التنظيم مصلحة المجتمع أو الشعب ، البعد الإسلامي مقابل البعد الوطني0

    البعد الذاتي هو الأصل

    قد تبدو في هذا الحديث قسوة ظاهرة ، هو أمر طبيعي إذ كلما تعاظم شأن حركة تغييرية ، عرضت نفسها اكثر للنقد من داخلها وخارجها فما بالك بحركات تطرح نفسها بديلا عالميا ، وتضع في الرهان ليس فقط مئات الآلاف من أبنائها ، ولكن تطرح في الصراعات القطرية والدولية مستقبل الإسلام ذاته وإذا كانت انتقادات الخصوم للحركات الإسلامية لا تخلو من بعض الأهمية والأثر ، إلا أنها في الأغلب تسقط في الثلب والتشويه وتغييب الحقائق والإيجابيات إما عمدا وإما جهلا ، لكني من الذين يؤمنون بجدوى النقد الذاتي ، أي النقد الذي يولد وينمو ويتأسس من الداخل ، أي من داخل الكيانات 0 فبرغم من الاهتزاز الذي يحدثه ، وردود الفعل التي تتبعه ، والنزعة الحماثية (الحماية عبر الإقصاء) التي تتعامل بها الحركات مع رموزه ، إلا أنه يبقى الطريق الوحيد والميثاق الفعال لإصلاح مسار هذه الحركات التي لم تعد دعوتها ملكا لنفسها وهذا النوع من النقد ، وإن بدت نواتاته تبرز وتتشكل هنا وهناك ، إلا أنه لم يحتل بعد المساحات التي يجب بلوغها ، ولم يخترق المستويات والبنى الأساسية للمشروع الفكري والحركي لهذه الكيانات0

    وإذا كان نقد الخصوم ـ مهما اشتد واتسع ـ لن يحول دون استثمار الحركات الإسلامية وحضورها المستقبلي كما تحدثنا عنه في بداية البحث ، فإن النقد الداخلي إذا صلب عوده وبلغ أبعاده ، وحقق أهدافه ، من شأنه أن يغير وجه هذه الحركات ، أو يخلق من صلبها من يرث الرسالة ولينقلها إلى فضاءات أرحب ، وتحالفات أصلب ، ومشاريع أعمق 0 وبذلك ينتقل مستقبل الحركة الإسلامية من البقاء السلبي ، كإفراز هام من إفرازات الأزمة ن تقوى بقوتها وتضعف بضعفها ، ليصبح بقاء إيجابيا ، وهو بقاء يتحقق بالاستقلال ـ إلى حد ما ـ من الأزمة وتجسد في تحكم الظاهرة الإسلامية في صنع مستقبلها انطلاقا من مبادرتها الذاتية وتنمية رصيدها الشعبي والتغيري ، واكتسابها للوعي التاريخي والوضوح الإستراتيجي0

    من أجل الوضوح الإستراتيجي

    إن كل رؤية مستقبلية للحركات الإسلامية لا تأخذ بعين الاعتبار عوائقها الذاتية لا يمكن أن تكون صائبة في استنتاجاتها وتوقعاتها ، كما أن هذه الحركات ذاتها ، إذا لم تنجح في تحويل نفسها إلى موضوع للبحث والنقد ـ ولو بشكل نسبي ـ فإنها مقدمة على مزيد من الهزات والنزيف ، إن العوائق الذاتية التي تحدثنا عنها وتوقفنا عندها كثيرا ، ولخصناها في أبعاد ثلاثة : الفكر والتربية والتنظيم ، يجب أن تحتل اهتماما مركزيا لدى الإسلاميين ، إذا أرادوا أن يؤهلوا أنفسهم للتحولات الخطيرة التي ستحصل في العالم بعد أقل من عشرين سنة ، وسيكون لها انعكاسات عميقة على المنطقة العربية والإسلامية 0

    لكن وبالإضافة إلى ذلك هناك محاور أخرى ، ومؤسسات لا تقل أهمية ، على الحركات الإسلامية أن تشغل بها ن وتعمل على تحقيقها فجميعها مترابط ومتداخل ، بل نذهب أكثر من ذلك فنقول أن الأولى لا تتم إلا بالثانية ، ولا تتحقق المحاور الدولية إلا في ضوء مراجعة المحاور الذاتية0

    أولى هذه المحاور ، بذل الجهود القصوى لاكتساب الوعي التاريخي والوضوح الإستراتيجي ، إن العالم يتغير بسرعة مذهلة كل شيء فيه يتحول ويتبدل ، المعلومات ، التحالفات ، موازين القوى ، المفاهيم ، المصالح ، القيم ن قواعد اللعب ، المناهج ، ومع ذلك لا تزال تحليلات الإسلاميين لأوضاع أقطارهم وبلدانهم ثابتة أو تكاد 0 وإذا كان اعتقاد جماعة « حزب التحرير الإسلامي ، في مركزية بريطانيا الدولية ـ المثال الأكثر فلكلورية فإن بقية الرؤى السائدة في الأدبيات الإسلامية ـ خاصة في الساحة العربية ـ لا تخلو من الضبابية والنظرة التجريدية والمثالية للسياسة والعالم إن إنشاء مراكز بحث مستقلة تجمع وتتابع التحولات الدولية في أهم المجالات مسالة حيوية لفهم العالم كما هو لا كما نتوهمه

    سياسة اليد الممدودة

    المحور الثاني وطني ـ يتعلق باستراتيجية الحركات الإسلامية داخل مجتمعات هذه الاستراتيجية التي يجب أن تراجع في ضوء مصالح الشعوب وأولويات المرحلة التاريخية لماذا يحافظ الإسلاميون دائما على عزلتهم ، ويعمدون إلى قطع صلاتهم ببقية القوى والفصائل الوطنية الأخرى ، بحجة التعارض العقائدي والتباين الفكري ، فالحركات الإسلامية ترتكب خطأ عندما تضع مخالفيها في خانة واحدة وتعاملهم بنفس الأسلوب والحدية ، وتغفل التباينات الحاصلة بين هذه الأطراف من جهة ، والأهداف المشتركة التي يمكن أن تجمعها ظرفيا ، أو ربما على مدى بعيد ، مع جميعها أو بعضها 0

    التي يمكن أن تجمعها طرفيا ، أو ربما على مدى بعيد ، مع جميعها أو بعضها ، ولا تقصد مجرد تقاطع في حملات انتخابية أو قتال مشترك في معركة جزئية (كما يحصل في لبنان ) وإنما تعني تلاقيا في أهداف ومهام خدمة للبلاد والجماهير العريضة0

      ·   فالحريات الديمقراطية قضية مركزية تستوجب إقامة الجبهات العريضة من أجل تثبيتها وحمايتها وتربية الشعوب على التمسك بها مهما كانت التضحيات0

      ·   ودفع حركة التنمية في اتجاه تقليص الفوارق وتخفيف حدة التبعية للخارج ، والنهوض بالزراعة ، وخلق مؤسسات التضامن الشعبي وكلها قضايا تحتاج إلى إرادة جماعية ومبادرات توحيدية وتخطيط مشترك 0

      ·   إن القضاء على الأمية المتفشية في مجتمعاتنا كالسرطان (هذه المجتمعات التي كانت أولى كلمات كتابه المقدس « اقرأ ») فريضة إسلامية ووطنية كيف يمكن أن تتصدر شعوبنا العالم ونسبة الأمية تصل أحيانا 90% رغم استقلال دولها منذ عشرات السنين0

      ·   تدعيم الهوية الحضارية من لغة ، وقيم عليا ، وتخفيف عقدة الدونية تجاه الغرب ، ومراجعته التعليم حتى ـ يتصالح مع التاريخ الوطني للشعوب محور آخر مهم لمعارك مشتركة بين الإسلاميين وغيرهم خاصة القوميين ، إن هذين التيارين بالتحديد في حاجة لمراجعة تجاوبها الماضية ، وتتبع الملابسات التي حفت بولادة خصومتها 0 على « الإخوان » أن يتخلصوا من عقدة الناصرية ومخلفاتها ، وعلى العروبيين أن يراجعوا العلاقة بين العروبة والإسلام إذ لا فكاك ولا تنازع بين جناحين لطائر واحد 0

    هذه بعض الأمثلة سقناها لدفع التفكير في اتجاه مراجعة العلاقات السياسية داخل المجتمع الواحد بين الإسلاميين وغيرهم وعليهم أن يبادروا بطرح التعاون لإنهاء الحرب الأهلية الصامتة في معظم المواقع والملتهبة في مواقع أخرى ، ولا بد أن تتجاوز هذه المبادرات الإطار السياسي اليومي والظرفي وتكون مبادرات ذات أبعاد حضارية وثقافية واقتصادية مستمرة ودافعة0

    تنمية عالمية الخيارات

    أخيرا المحور الدولي 00 فالحركات الإسلامية بحكم طبيعتها الأيديولوجية ليست مجرد تعبيرات قطرية 0 إنها تحمل النداء التاريخي لتوحيد الأمة 0 وهذا عامل رئيسي من العوامل التي تفسر ظاهرة اهتمام القوى العظمى بالحركات الإسلامية وملاحقتها عن قرب ومتابعة تطوراتها ودرجة نموها0

    لكن وفي مقابل ذلك نجد العلاقات الإسلامية ـ الإسلامية ضعيفة ومشحونة بالتوترات والصراعات وعدم الثقة وقد تبلغ درجات من تبادل الاتهامات والتلاعن مالا يمكن صدوره عن جهات تؤمن برب واحد وتنتسب إلى رسالة خالدة ، وإعادة تشكيل العلاقات الدولية لهذه الحركات تستوجب ما يلي :

    ـ بعث منظمة عالمية مستقلة عن الأنظمة والدول تجمع كل الحركات والتيارات الإسلامية لتداول أوضاعها العامة ، دون الدخول في قضاياها التنظيمية الخاصة ، ومثال ذلك « الرابطة الدولية للأحزاب الاشتراكية » وليكن مقرها في إحدى العواصم الأوربية وتسهل في تمويلها كل الحركات حسب أقساط سنوية ، وتقام لها سكرتارية دائمة تتغير هيئتها المدبرة مرة كل سنتين مثلا تجنبا للاحتكار وتصبح هذه المنظمة إطارا للتشاور وتنسيق المواقف وتذويب الخلافات وكسب التضامن الدولي ، واكتساب مواقع كأعضاء أو مراقبين في المنظمات والهيآت الدولية0

    ـ العمل الجدي على تجاوز الخلافات التاريخية ذات الصبغة المذهبية ، هذه الخلافات التي طالما استغلها الخصوم لكسر حلقات الوحدة بين العواصم الرئيسية للعالم الإسلامي : مصر ، الجزيرة العربية ، تركيا ، إيران ، إن الإشكال اليوم ليس في صحة هذا المذهب أو اعوجاج الآخر ، وإنما بناء تصور إسلامي متكامل جديد يكون قادرا على إنهاء التخلف العام للمسلمين ويجب عن المعضلات الدولية الراهنة التي تهدد البشرية بالحروب والمجاعات وحتى الفناء ، إن معركة النصوص لا بد أن تتطور لتصبح معارك أفكار ومقترحات وحلول وبرامج مشتركة ، ومادام الخلاف قابعا في أواخر القرون الأولى بين شيعة وسنة وخوارج جدد ، أي سجين إشكاليات الماضي البعيد ، فإن الضبابية التاريخية ستتواصل وسيتحمل الإسلاميون مسئولية نقل المنطقة إلى مزيد من التقسيمات الطائفية والنزاعات الهامشية0

    ـ وككل عمل يحتاج لقضية مركزية يجمع حولها الناس ولا يفترقون ولن يجد الإسلاميون قضية افضل تجمع شملهم وتوحد صفوفهم ، وتذوب خلافاتهم مثل فلسطين 0 فهي عورة انحطاط المسلمين وجرحهم النازف وكابوسهم المزعج0

    واليوم يتزامن تنامي حضور الإسلاميين في أقطار مختلفة مع الانتفاضة المباركة التي أوقدها الشعب الفلسطيني بكل فصائله وأبنائه ، وانصهر فيها إسلاميون الضفة والقطاع بكل جدية وعطاء ، مما يوفر فرصة نادرة لإعادة طرح شعار فلسطين القضية المركزية للحركة الإسلامية ، والالتقاء من أجل ضبط خطة عالمية لدعم الانتفاضة ومؤازرة رجالها حتى النصر وسيكتشف الإسلاميون لو فعلوا هذا الأهلية التي تحتلها هذه القضية في توازنات العالم المعاصر ، وكيف أنها المدخل للقضايا الحيوية الأخرى التي تتشكل بمقتضاها السياسة الدولية الراهنة0

    هكذا يتبين التشابك والتكامل بين المسائل الذاتية المتعلقة بفكر الحركات الإسلامية وفلسفة تنظيماتها ومناهج تربيتها ، وبين مهامها الوطنية على المستوى القطري والحضارية على المستوى الدولي 0 ولو أقدمت الحركات على إنجاز خطوات في هذه المسارات لتضاعف وزنها ، ولتغيرت علاقات الأطراف بها جوهريا ، ولأصبح مستقبلها فعلا ضرورة حضارية للأمة0 . (انتهى المقال)

    ملاحظة هامة:

    (نشر هذا المقال في قائمة مراسلة الكترونية تعنى بشؤون التيارات الإسلامية تحمل اسم ميديا جروب

    (

    MEDIAA GROUP) مرفوقا بالنداء التالي من النائب البرلماني الكويتي طارق السعدون:

    ( الأخوة الأعزاء في ميديا

    جروب ..طالعت مقال الحركة الاسلامية رهين التغييرات الجذرية في أحد المواقع الفكرية أرجو من المتخصصين في فكر وتاريخ

    الحركة الرد عليه ..واثارة الحوار في هذه القضاياخاصة ونحن نواجه الكثير من المتغيرات بعد الحادي عشر من سبتمبر

    أخوكم طارق السعدون – الكويت

     
    Liste publiée grâce à l’aide excquise de l’association :
    Freedoms Friends  FrihetsVنnner Fِreningen  Box 62 127 22 Skنrholmen  Sweden
    Tel/:(46) 8- 4648308    

    Fax:(46) 8 464 83 21

       e-mail: fvf@swipnet.se

     



    MSN Photos är det enklaste sättet att dela ut och skriva ut foton.Klicka här To Subscribe send an email to:  TUNISNEWS-subscribe@yahoogroups.com 
    To Unsubscribe send an email to:  TUNISNEWS-unsubscribe@yahoogroups.com 
    URL to this page: http://www.groups.yahoo.com/group/TUNISNEWS

    L’utilisation du service Yahoo! Groupes est soumise à l’acceptation des Conditions d’utilisation et de laCharte sur la vie privée.

    Accueil

    Lire aussi ces articles

    2 septembre 2004

    Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1566 du 02.09.2004  archives : www.tunisnews.net المجلس الوطني للحريات بـتونس: بيـــان مرصد حرية الصحافة

    En savoir plus +

    13 mars 2008

    Home – Accueil – TUNISNEWS  8 ème année, N°  2850 du 13.03.2008  archives : www.tunisnews.net   Tribune de Genève: Al-Qaida

    En savoir plus +

    Langue / لغة

    Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

    حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.