24 août 2003

Accueil

TUNISNEWS

  4 ème année, N° 1191 du 24.08.2003

 archives : www.tunisnews.net


 

الطاهر القلعي: نـــداء – شقيقي يفقد عقله نتيجة تعرضه للتعنيف من طرف البوليس التونسي
الجمعية التونسية للمحامين الشبان: حرمان محام من زيارة منوبه و تعنيفه الجمعية التونسية للمحامين الشبان: مضايقة زميل
الشرق الأوسط : أحزاب المعارضة التونسية تفشل في تكوين جبهة وطنية مع الحزب الحاكم
أبو محمد: هل المصالحة واقعية ؟
الهادي بريك : يا معشر التونسيين تا هبوا فان رحيل الظلم قريب
علي أحـمد: لو أنك تعود يا ابنَ مريـم
الشرق الأوسط: العربي المساري: إذاعة «سوا» الأميركية لا تخضع للقانون المغربي
آمال موسى : الغرق في كثبان الصحراء الغربية!
صالح بشير : كأنما العراق خرج من ربقة الاستبداد الصدّامي كي… ينتحر عبد اللطيف الفراتي : المصير
جهاد الخازن:  لعنة بايبس الشيخ أحمد الأزرق: بحثا عن الحلقة المفقودة


Tahar Tounsi: Pacte avec Sion(Satan) Débats Tunisiens sur le forum de TUNeZINE: Vous avez dit LA gauche ??


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

المجلس الوطني للحريات بتونس

في إطار الحملة الوطنية من أجل العفو التشريعي العام ، أصدر المجلس الوطني للحريات بتونس في موفى شهر جوان  2003، قائمة تضم 580 آسما لسجناء الرأي الذين لا زالوا قيد الإعتقال في السجون التونسية، تنشرها « تونس نيوز » لقرائها على عدة مرات.

من هم سجناء الرأي؟ (431 – 440)

 

ملاحظات عن الحالة الاجتماعية أو الصحية …

السجن

الاعتقال

العقوبة

مقر سكن العائلة

الميلاد

الاسم

الترقيم

عزلة
الكاف
1991
مؤبد
مطماطة
1953
محمد العكروت 

 431

 
 
1995
 
 
 
محمد العلوي

 432

مقاول
9 أفريل
1991
21 سنة
صفاقس 
1964
محمد العيادي 

433

 
 
1991
مؤبد
منزل جميل 
 
محمد القاسمي

 434

ممرض
 
1992
12 سنة
منزل بورقيبة
1964
محمد القبلاوي

 435

2 جامعة  أستاذ
9 أفريل
1991
مؤبد
حي الإنطلاقة تونس
1955
محمد القلوي 

436

 
 
1991
15 سنة
 
1957
محمد الماجري

 437

 
 
1991
21 سنة
 
 
محمد المجنون

 438

مريض بالقلب و له كسرين في الظهر و يعاني من sciatique panalytique
9 أفريل
1994
25 سنة
صفاقس 74213071 عايشة
1953
محمد المسدي 

439

 
 
 
16 سنة
 
 
محمد المنصوري 

440


 
 

نـــــــــداء شقيقي يفقد عقله نتيجة تعرضه للتعنيف من طرف البوليس التونسي

الأحد 24 أوت 2003
 
إني الممضي أسفله الطاهر القلعي, عضو في حركة النهضة بتونس, أتوجه بهذا النداء لتنوير الرأي العام الداخلي و الخارجي, حيث أن شقيقي النفطي القلعي, أصيل قرية توجان, و الذي يبلغ من العمر عشرين عاما, يعيش وضعا صحيا صعبا, وصل إلى فقدان عقله جراء تعرضه للتعنيف من طرف البوليس التونسي على رأسه و ظهره و يده. و قد صرح أخي بذلك في فترات الصحو القليلة التي كان يعود فيها إلى وعيه, حيث فوجئت الأسرة على إثر مكالمة هاتفية مساء يوم الاثنين 18 أوت 2003 من طرف مدير الشرطة ولاية مدنين بأن أخي النفطي موجود في قرية بئر الأحمر و يعاني من توتر عصبي.   و لقد عرض على أخصائي الأمراض العقلية الذي أكد تعرضه إلى الضرب على الرأس, مع العلم أن شقيقي كان عرضة منذ مدة إلى التهديد و الملاحقة, وصلت إلى حد رفته لمدة ثلاثة أيام من المعهد الثانوي بمارث نتيجة إصراره على أداء الصلاة.   إن الحالة التي وصل إليها شقيقي تدعو كل ذي ضمير حي و كل المنظمات المحلية و الدولية للتحرك و معاينة الوضعية و التنديد بهذه الممارسات اللاإنسانية. كما أطالب بفتح تحقيق في الموضوع.   الطاهر القلعي عضو حركة النهضة سويسرا
 

(المصدر: قائمة المراسلة تونس 2003 يوم 24 أوت 2003)

 الجمعية التونسية للمحامين الشبان  تونس في 23 أوت ‏2003   بــيــان 

حرمان محام من زيارة منوبه و تعنيفه

 

  تعلم لجنة القضايا العادلة أن أعوان سجن حربوب قد تولوا بتاريخ 22 أوت ‏2003 منع  الأستاذ عبد الوهاب معطر  المحامي من زيارة منوبه السجين السياسي السابق السيد عبد الله الزواري  اذ تركوه ينتطر لمدة ساعة و نصف ليعلموه على اثرها أنه عليه المغادرة لان التعليمات قد صدرت بعدم تمكينه من الزيارة مما جعله يحتج على هذا الاعتداء على حق الدفاع و على صلاحيات السلطة القضائية المختصة لوحدها بتمكين المحامين من زيارة الموقوفين و يعبر عن خشيته من أن يكون منوبه قد تعرض لسوء و يتمسك بحقه في الزيارة  فكان مصيره التعنيف و تمزيق ثيابه و القاءه بالقوة خارج السجن . و تتابع اللجنة بانشغال امعان السلطة في خرق حقوق الدفاع و الاعتداء على المحامين و صلاحيات القضاء ..                                                                                                     عن الهيئة المديرة                                                  منسق  لجنة القضايا العادلة                                                    الأستاذ محمد عبو  


   الجمعية التونسية للمحامين الشبان
 الحمد لله وحده ،  تونس  في  22 أوت ‏2003‏ 

الموضوع :مضايقة زميل

 

تعلم لجنة القضايا العادلة أن الأستاذ شوقي الطيب المحامي  رئيس المنظمة العربية للمحامين الشبان  قد تعرض لبعض المضايقات على إثر مداخلته في قناة الجزيرة و إبداء رأيه في حبر قبول السيد  رئيس الدولة الحالي الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2004 حيث وقع حرمان الزميل من المكالمات الدولية بما عطل نشاطه المهني و الجمعيات ..                                                                                                 عن الهيئة المديرة                                                  منسق  لجنة القضايا العادلة                                                    الأستاذ محمد عبو 

 
 

أحزاب المعارضة التونسية تفشل في تكوين جبهة وطنية مع الحزب الحاكم

تونس: محمد علي القليبي فشلت احزاب المعارضة الرئيسية في تونس امس في محاولتها الجديدة الهادفة الى تشكيل جبهة وطنية بين عدد من احزاب المعارضة وحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم. وقد جاءت هذه البادرة من قبل الامين العام لكل من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، وذلك في اطار الاستعدادات للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة والتي سوف تجرى عام 2004 وكذلك الانتخابات البلدية لعام 2005. ويعود فشل تشكيل هذه الجبهة الى سببين، أولهما عدم تجاوب حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم مع هذه المحاولة، وثانيهما رفض حزب الوحدة الشعبية تشكيل هذه الجبهة التي يعتبرها انها مبادرة في غير محلها من حيث التوقيت والمضمون والابعاد. وحسب مصادر في حزب الوحدة الشعبية فان الجبهة الوطنية مع الحزب الحاكم تفترض خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة بمرشح واحد، وهو أمر لا تستفيد منه الاحزاب في تطوير الحياة السياسية وضمان المنافسة الانتخابية التي وردت في الاصلاحات الدستورية للقانون الانتخابي في تونس. ويفتح رفض حزب الوحدة الشعبية الباب امام انفراط عقد التحالف الذي كان قائما بينه وبين حركة الديمقراطيين الاشتراكيين والاتحاد الديمقراطي الوحدوي والمعروف بمجموعة «الترويكا»، وذلك بعد اعلان احد قياديين حزب الوحدة الشعبية ان التنسيق بين مجموعة الترويكا قد توقف بسبب موضوع الجبهة الوطنية، وعلى نفس الصعيد لم ترحب بقية احزاب المعارضة بفكرة تشكيل جبهة وطنية لخوض الانتخابات القادمة.   (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 24 أوت 2003)

 

FLASH INFOS
 

Institut national de neurologie de La Rabta : Nouveau service de neuropédiatrie

Le suivi des programmes d’extension et de rénovation de l’Institut national de neurologie (INN) et de l’hôpital La Rabta a fait l’objet, hier, d’une visite d’inspection effectuée par M. Habib M’barek, ministre de la Santé publique. Le ministre a pris connaissance, à cette occasion, de la marche du travail dans les services de neurologie et de neurochirurgie, ainsi que dans l’unité de traitement des accidents vasculaires cérébraux (Strock Unit).

Le ministre a visité également le site sur lequel sera édifié le nouveau service de consultations de l’Institut qui vient de s’enrichir, par ailleurs, d’un service de neuropédiatrie réalisé grâce à une enveloppe globale de 1 million de dinars.

 

(Source : le portail www.bab-el-web.com, d’après La Presse du 24 août 2003)

 

Naufrage du cargo «Amira 1» : Développements de l’affaire

Selon certaines sources, le 4 septembre est la date la plus vraisemblable pour la rencontre des familles des victimes du naufrage de « Amira 1  » avec les responsables du ministère des Technologies de la Communication et du Transport pour essayer de trouver une solution à l’amiable au problème des indemnités.

La responsabilité de la résolution repose en premier lieu sur les épaules d’une Commission spéciale qui a été nommée par le Chef de l’Etat. Bien sûr, la Tunisie fera tout ce qui est en son pouvoir pour que chacun rentre dans son droit mais ce sinistre restera à jamais gravé dans les mémoires comme le second naufrage total dans l’histoire de la marine marchande tunisienne depuis 1956, le premier s’étant produit en 1975 quand le navire marchand «Kuriat» connut le même sort.

 

(Source : le portail www.bab-el-web.com, d’après Le Quotidien du 24 août 2003)

 

Les scouts fêtent leurs 70 ans

Le mouvement scout tunisien célèbre cette année ses 70 ans d’existence. Les manifestations débuteront par la tenue du 18ème congrès de cette organisation les 29, 30 et 31 août prochain au campus de La Manouba. Plus de 600 participants tunisiens sont attendus à ce congrès auquel assisteront des invités de marque du mouvement scout international et arabe.

 

(Source : le portail www.bab-el-web.com, d’après La Presse du 24 août 2003)

 

Kasserine : Plantation de pommes de terre d’arrière-saison

Suite aux résultats encourageants réalisés en matière de production de pommes de terre, la région de Kasserine a procédé à l’extension des superficies consacrées à ce produit, de 20 hectares, en moyenne, à 130 ha. A ce titre, la saison de plantation de pommes de terre d’arrière-saison vient de démarrer dans cette région.

Des séances d’information avaient auparavant été organisées au profit des agriculteurs non habitués à cette activité agricole, sachant que le rendement obtenu au cours de la saison écoulée et qui a varié entre 30 et 40 tonnes à l’ha contre 10 tonnes par ha, auparavant, a encouragé les agriculteurs de la région à entamer une expérience nouvelle.

 

(Source : le portail www.bab-el-web.com, d’après Le Temps du 24 août 2003)

 

Air Liquide Tunisie augmente son capital

La société Air Liquide Tunisie a décidé d’augmenter son capital social d’un montant de 1.470.000 D pour le porter de 11.760.125 D à 13.230.125 D par incorporation de réserves et la création de 58.000 actions nouvelles gratuites de nominal 25 D chacune. Les actions gratuites seront attribuées aux détenteurs des 470.405 actions composant le capital social actuel ainsi qu’aux cessionnaires de droits d’attribution en bourse à raison d’une action nouvelle pour huit autres anciennes, et ce, à partir du 2 septembre 2003.

 

(Source : le portail www.bab-el-web.com, d’après Le Quotidien du 24 août 2003)

 

Le chiffre du jour : 15.301

Le nombre des curistes qui ont visité les centres tunisiens de Thalassothérapie, en 2002, a été de l’ordre de 15.301 répartis comme suit : les Français 49%, les Tunisiens 24%, les Allemands 3% et les Russes 15%.

 

(Source : le portail www.bab-el-web.com, d’après Le Quotidien du 24 août 2003)

 

Menzel Bourguiba : Nouvelle zone industrielle

Les autorités régionales, à Bizerte, poursuivent la réalisation de toutes les composantes du projet d’aménagement de la nouvelle zone industrielle de Menzel Bourguiba, située à proximité de l’espace des activités économiques et devant être fin prête au cours de l’année prochaine. Les travaux programmés dans le cadre de ce projet, entamé depuis le début de l’année par l’Agence foncière industrielle (AFI), consistent en le lotissement de la zone, qui s’étend sur une superficie de 28 ha, en 51 lots industriels reliés aux réseaux d’assainissement, de l’électricité, de l’eau et du téléphone ainsi qu’en l’aménagement de routes et de trottoirs, ce qui ne manquera pas d’attirer les promoteurs.

Le coût total du projet est estimé à 3 millions de dinars sans tenir compte du coût du terrain et des contributions régionales et locales. L’entrée en exploitation de cette zone qui offrira 35.000 emplois directs et indirects aura lieu dans les meilleurs délais, eu égard au nombre important de demandes d’installation sur cette zone auprès des autorités régionales et locales.

 

(Source : le portail www.bab-el-web.com, d’après La Presse du 24 août 2003)

 

Parution : J’aime la lecture de Wahid Hentati

A l’occasion de l’année nationale du livre, l’association du Salon du livre pour enfants de Sfax a publié un ouvrage mettant en relief le rapport entre le jeune lecteur et le livre.

Cet ouvrage de photos, qui ont servi de support pour les affiches et les dépliants et couvertures des catalogues des sessions précédentes, est un ouvrage de 94 pages traduit à l’anglais par Wafa Mezghani et au français par Ridha Sellami.

 «J’aime la lecture, I love reading, est un ouvrage fait entre amis, des photographes, amis et complices, amateurs et professionnels qui ont filmé et photographié les enfants au fil des sessions pour immortaliser l’instant et les graver à jamais dans les mémoires.

 

(Source : le portail www.bab-el-web.com, d’après La Presse du 24 août 2003)


 

هل المصالحة واقعية ؟

بقلم: أبو محمد   عندما قرأت أول الأمر نص المبادرة التي اقترحها الدكتور خالد الطراولي بدرت إلى ذهني في الحقيقة مثاليتها التي جعلتها في كفالة النظام التونسي، أكثر من كونها في يد الاسلاميين. لكن المتعمق لبنودها بأكثر إنصاف تظهر تمايلها بين الواقعية والمثالية.

في الحقيقة الذي جعلني أكتب هذه الأسطر هو دعوة مرشد الاخوان قبل الأمس بالتصالح بين الأنظمة والحركات الاسلامية من جهة, وخاصة القرار الذي اتخذه البارحة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي الممثل في البرلمان وهو ثالث القوى السياسية هناك, حيث أنه قرر اعتماد الترشح لثلث الأعضاء فقط 30% في الانتخابات التشريعية القادمة وهو في هذا يلتقي مع ماقترحه الدكتور الطراولي في مطلبه بأن تغيب الحركة الاسلامية عن الانتخابات الرئاسية وأن لا تمثل أكثر من ثلث الأعضاء في الهيئات البلدية والنيابية, وهذا سبق يشرفنا كتونسيين. وهذا حسب ظني منطق سليم يرفض الاكتساح ويقبل بتقاسم الحكم وتسيير البلاد مع أحزاب أخرى, وهذه منهجية وسطية تقبل العمل مع الاخرين وتعترف في نفس الوقت بحجمها وقبولها بتعلم أساليب التسيير والحكم. فهي واقعية ولا شك ولكن مثاليتها أيضا تلوح في انها تبقى مربوطة بالقرار السياسي الداخلي وخاصة الخارجي. فالورقة الاسلامية تبدو الان متروكة ويقع محاربتها بشدة خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر بالرغم من أن البيت الأبيض قد قبل بحكومة إسلامية طيعة في تركيا, لكن المعطيات الجيوستراتيجية تبدو مختلفة بين تركيا ومنطقة المغرب العربي عامة وتونس خاصة. لذلك فإن هذه المبادرات تبقى مرهونة بتاشيرة الخارج ورضاه أكثر من الداخل والكل يعلم مدى استقلالية القرار العربي في كثير من الأحوال والأوضاع.

كذلك فإن النظام التونسي وهو يعيش فترة ما بعد بن علي لا نراه في حاجة إلى لعب هذه المصالحة وقد أثبت النظام والحزب قوته على مدى السنوات الماضية وهذه مثالية المبادرة, لكن في المقابل وما يقال من وجود تيارات وجناحات وخصومات وتسابق (وتكسير عضام) داخل النظام يجعل إمكانية أن يلعب أحد هذه الأطراف الورقة الاسلامية مستقبلا ولو بغير ما طرحته مبادرة الدكتور الطراولي جائزا حتى تضمن هذه المجموعة أو تلك شريحة انتخابية كبيرة ومستندا سياسيا لا بأس به.
يبقى كذلك طرف مهم يمكن أن لا تعجبه هذا المبادرة وأمثالها وهي المعارضة بكل أصنافها, فاليسار الاستصالي لا يمكن أن يقبل بتقارب بين النظام والاسلاميين لأنه يعلم أنها ستكون على حسابه نظريا وعمليا ففي الجانب النظري تختلف ما يطرحه وتختلف مرجعيته وصورة المجتمع الذي يريده مع ما يريده الاسلاميون في برنامجهم. وعمليا فإن تسللهم منذ عهد وزارة الشرفي في مناطق حساسة في الحكم سوف يتقلص ولا شك. كما أن الأحزاب المعترف بها لا أرى أنها سوف ترضى بهذا التقارب فقد رضيت من قبل بالقليل والوجود الصوري الذي يمكن أن تخسره تماما, أما حزب المؤتمر فإنا نظنه الخاسر الأكبر فقد يخسر حليفا كبيرا و نحن نعلم أن مجموعة المرزوقي تراهن على جماهرية حركة النهضة وتاريخها. هذا كله يدفعني إلى القول بمثالية المبادرة في هذا الجانب, فالمعارضة بكل أصنافها لن تقبل بها إلا في صورة واحدة وهو ان تتقاسم جزء من الكعكة وهذا يدفعني في المقابل إلى الحديث عن واقعية المبادرة من جهة أخرى أيضا عبر هذه الزاوية, فالمبادرة لو توسعت وأدخلت المعارضة وأعطتها دورا أكثر وضوحا لربحتها إلى صفها, وبالرغم من أن الدكتور الطراولي قد تحدث عن سقوط القطبية بين النظام وحركة النهضة في حال تطبيق هذه المبادرة إلا أن هذا يبقى مرهونا بنسب الأدوار لكل طرف.
هذا حسب ظني صعوبة تنزيل هذه المبادرة التي تبقى محاولة طيبة وصادقة تحترم إلا أن تمايلها بين المثالية والواقعية وانتصار شق على الآخر مثالية أم واقعية يبقى مرهونا بقرار سياسي داخلي جريء وشجاع وهو شيء ممكن لا محالة إذا صدقت العزائم إلى طي صفحة الماضي وفتح صفحة من التعامل المدني الصحيح, وهو مرهون أيضا بتأشيرة خارجية وهو ما يرتبط بالحالة الاسلامية في الساحة الدولية حيث لغة المصالح غالبة.


 

Pacte avec Sion(Satan)

 

 

Cher Docteur Traouli

 

Si un peuple désire rester sans histoire, il fait le devoir d’évacuer son passé, il sera ainsi sans avenir.

 

La réconciliation doit être l’aboutissement d’un processus interactionnel et transactionnel. 

 

La réconciliation suppose des intentions favorables, elle ne peut pas se faire avec ceux qui ne font pas ce qu’ils disent et qui disent accompli ce qui ne l’est pas et non fait ce qui est coutume.

 

Un accord entre les sionistes et les palestiniens ne verra jamais le jour.

 

La réconciliation entre les sionistes locaux d’une part et Marzouki « le poseur de bombes », Hamma « le terroriste » et Ghannouchi « le traître » d’autre part sera désastreuse.

 

Rappelez vous que le pacte national ainsi que l’énoncé du essabeeeee ont été considérés comme papiers hygiéniques avant même leur naissance !

 

Si vous insister Docteur, il faudra qu’ au préalable, soit faite la Justice et soient instaurées toutes les Libertés, ainsi naîtra le minimum requis pour consulter le peuple qui doit être considéré comme le premier et non le dernier à se prononcer.

 

Que dieu soit avec vous.

 

Tahar Tounsi.

 

 

DEBATS TUNISIENS..

 

Vous avez dit LA gauche ??

 

Par : Khaled Ben M’barek

 

Suite à l’échange entre le juge Yahyaoui et certains internautes désireux d’obtenir davantage de précisions sur les positions actuelles des gauches tunisiennes, il faut préciser effectivement qu’il s’agit de nombreuses gauches et non d’une gauche qui serait un bloc monolithique.

Opérer les distinctions nécessaires est donc primordial pour éviter de lancer des jugements hâtifs et injustes.

Il faut dire que certains faits concomitants, voire quasi-simultanés survenus au cours des derniers mois ne sont pas pour favoriser le discernement. On classera dans cette catégorie les textes sur le code du statut personnel – en fait, un prétexte – lancés par l’ATFD, puis suivi par d’autres ONG, dont, fort curieusement, la section tunisienne d’Amnesty International, qui se retrouve, de fait, partie dans une polémique idéologique interne et embrouillée dans un échange qui risque de lui mettre à dos une partie de l’opinion, alors que ladite polémique est statutairement très problématique pour l’Organisation.

Il ne s’agit nullement de remettre en cause le droit de chacun, individuellement et collectivement, à la liberté d’_expression. Mais le la remise au goût du jour des thématiques préférées du pouvoir à l’orée des élections de 2004, soit le fait d’accomplir le boulot à sa place, de rouler pour lui objectivement, est une position politique qui rejaillit sur la gauche tout entière, entache son combat et risque d’amener l’opinion à l’identifier au pouvoir. Lecteur Assidu avait parfaitement reconnu le danger qu’il y avait dans le fait d' »en appeler au pouvoir » à propos du port du voile.

Maintenant, il faut savoir que des personnes proclamées de gauche à un moment ou à un autre de leur vie, se sont mises au service de la tortiocratie, au niveau administratif et théorique, comme au niveau de l’exécution des basses oeuvres.

Notre ami Negm souhaitait certainement davantage de précisions quant à l’identité des personnes incriminées.

Les amis qui fréquentaient l’université au début des années 80 se rappellent certainement de Sofiane Ben Farhat, dit Elfaar (plutôt le rat que la souris). Idem pour Mohamed ElHedfi, Ali Ben Ali ou Ridha, dit Lénine ou encore l’arriviste-né Samir Laâbidi, premier secrétaire général de l’UGET nouvelle formule, rétablie en 1988.

 

Avec Bouga et d’autres, ce sont ces gens qui tenaient le haut du pavé sur le campus de Tunis en ces années-là. Or, l’on me confirme de Tunis, de source éminemment bien informée, que toutes ces personnes ont allégrement gravi les échelons de la Dakhilia, voire du RCD. A titre d’exemple, Ridha Lénine est chef de Choôba à Zaghouan. Samir Laâbidi, qui plaisantait dans le grand amphi de la fac de droit, avec l’emmuré vivant Ajmi Lourimi, est membre du « conseil économique et social »… C’est un notable !

Qui aurait pu en faire le cauchemar en 1988 ? Qui ose s’étonner de ce qui arrive à l’UGET aujourd’hui, redevenue un petit rouage de plus dans le dispositif des satellites du RCD ?? Supposer que toutes ces personnes agissent individuellement serait irréaliste et trompeur.

 

Mais accuser la gauche dans son ensemble serait non moins irresponsable. Rien que pour notre compatriote Abderraouf Ayadi, membre du Conseil de l’Ordre des avocats, ce serait une profonde injustice…

Pour les autres, les militants qui ont une histoire, les hommes et les femmes qui ont longtemps souffert sous la tortiocratie, la prudence est plus que jamais de mise. Comme tous les courants politiques, la gauche a connu des grandeurs et des vicissitudes, mais une frange patriotique a le plus souvent veillé à sauvegarder l’honneur du courant, malgré les trahisons, les reniements, les défections et les infiltrations.

Il faut espérer qu’il en sera de même dans la période cruciale qui s’annonce. Qui vivra verra Khaled

 

(Source : Forum Tunezine, le 24 août 2003 à 13h59)

 

Quelques précisions

 

Par : Negm

 

Salut Si Khaled Je remarque bien votre objectivité, toutefois acceptez ces quelques remarques :

« Sofiane Ben Farhat, dit Elfaar (plutôt le rat que la souris). Idem pour Mohamed ElHedfi, Ali Ben Ali ou Ridha, dit Lénine ou encore l’arriviste-né Samir Laâbidi, premier secrétaire général de l’UGET nouvelle formule, rétablie en 1988.

 

Avec Bouga et d’autres, ce sont ces gens qui tenaient le haut du pavé sur le campus de Tunis en ces années-là. Or, l’on me confirme de Tunis, de source éminemment bien informée, que toutes ces personnes ont allégrement gravi les échelons de la Dakhilia, voire du RCD.

 

A titre d’exemple, Ridha Lénine est chef de Choôba à Zaghouan. Samir Laâbidi, qui plaisantait dans le grand amphi de la fac de droit, avec l’emmuré vivant Ajmi Lourimi, est membre du « conseil économique et social »… C’est un notable ! »

** La source bien informée s’avère mal informée , en effet : Mohamed El Hadfi est membre du conseil de l’ordre des Avocats en Tunisie ce qui ne signifie en aucun cas qu’il a gravi les échelons de la Dakhilia ** Mehrez Bouga est juge ** Ali Ben Ali et Ridha dit Lénine : aucune idée ** Quant à Samir Laâbidi lors de son parcours à l’université il était indépendant c-à-d il n’appartenait à aucun parti ou organisation

 

Toutefois le changement de camp n’est pas propre à des personnes ayant appartenu à la gauche, on en trouve de toutes les couleurs, la défection est caractéristique de l’action politique.

Pour l’essentiel, les précisions que j’ai demandé concernent des partis organisés classés à l’extrême gauche , là il faut parler en toute clarté.

 

(Source : Forum Tunezine, le 24 août 2003 à 15h05)

 

Re: Raisons de plus..

 
Ya Negm hayya n’tebboû maâ baâdhna : Mohamed ElHedfi était un leader de la gauche estudiantine. Il est aujourd’hui membre de l’exécutif des avocats avec des positions proches de celles du pouvoir, à l’instar de l’autre membre RCD de cette instance qui est Nôman Ben Ameur. Mehrez Bouga était étudiant à l’époque et avait été arrêté pour une courte période vers 1983. Je l’avais revu juste à son retour près de la pierre de Socrate; il est aujourd’hui non seulement magistrat, mais substitut du procureur général près la cour d’appel de Tunis. Tu remarqueras que ces postes-là ne courent pas les rues. Le juge Yahyaoui, même s’il n’a pas avancé des noms, ce qui est fort compréhensible au demeurant, en sait quelque chose, lui qui était à un poste peu sensible. Mais une grande question se pose ici : sachant que la fac de droit, puis les facs de droit étaient des fiefs de la gauche, où sont passés tous les magistrats formés à cette époque et qui sont aux commandes depuis peu, notamment au cours des années de plomb. Il y en a une, une certaine Amel Jouini, qui avait passé son service militaire avec moi. Aux dernières nouvelles, elle était assesseur au tribunal militaire permanent (sic!) de Tunis. Je ne sais si elle était de gauche ou pas, mais ce qui est sur, c’est que cette cuvée-là de magistrats ne peut être exemptée d’une très lourde responsabilité dans la déchéance qu’a connue la magistrature tunisienne plus que jamais depuis 1987 Quant à Samir Laâbidi, il fallait le voir lors des dossiers télévisés destinés à rivaliser avec AlMustakillah, du temps de sa splendeur. Il fallait voir ce nouvel appartchik rivaliser de zèle avec le pitre lybien dénommé Ahmad El Houni. Il est bon de rappeler que cet individu, dévoré d’ambition et sans grande envergure autre que celle que lui ont conféré les services d’Etat, était un leader de la gauche au nom de laquelle il était invité à Moscou pour les rencontres mondiales de la jeunesse progressiste. Tu reconnaîtras que d’être bombardé membre du machin économique et social, c’est plus que surprenant pour un « indépendant » de ce type. On signalera enfin que le sieur en question, devenu ami avec ZABA, ne cachait pas son appui au régime… Il faut une contrepartie à toute chose. Par ailleurs, des informations font état de la présence dans des rouages élevés de la police d’anciens gauchistes ou militants de gauche. On dit même que ce sont eux qui soufflent (très fort) à l’oreille de ZABA pour qu’il reprenne la chasse au foulard dans la rue et l’administration, même s’ils sont conscients que les éventuelles victimes ne sont pas des « politiques »… Cela n’est pas facile, mais on fait du mieux pour obtenir davantage de NOMS. Pour les partis organisés, il est très difficile de mettre en cause tout le groupe; on sait que Mohamed Kilani, le N°2 du PCOT avait emmené une partie du parti vers une connivence avec le pouvoir en opposition avec Hamma Hammami quant à la position à l’égard des islamistes, entre autres points de friction entre les deux hommes.. Mais rien de tout cela ne devra jamais nous amener à incriminer la gauche militante, la VRAIE… Affaire à suivre, en même temps que celle des islamistes repentis, retournés, enflicaillés ou infiltrés, devenus pour certains des thuriféraires à peine déguisés de ZABA, des rabatteurs à son profit. Avis à ceux qui ont des informations. Pour ce qui me concerne, à chaque fois que j’ai des éléments plausibles, et après ample vérification, je lance le nom des coupables à la cantonade. C’est une partie de notre devoir envers notre pays. Khaled
 
(Source : Forum Tunezine, le 24 août 2003 à 17:31)
 

Re: Raisons de plus..

 

Ya si Khaled 1- Med Elhadfi n’est pas membre du RCD, et si ses positions sont proches de celles du RCD il fallait les citer pour ne pas rester dans l’ambiguité 2- Concernant Mehrez Bouga et les magistrats d’une façon générale, la magistrature n’est pas indépendante et on a jamais eu de positions courageuse de la part des magistrats lors de l’exercice de leurs fonctions et je dis bien lors de l’exercice de leurs fonctions que se soit en affaires politiques, pénales ou civiles et ceci indépendemment de leur passé politique 3- Samir Laäbidi j’ai dit qu’il était indépendant , dans le sens que sa défection n’incrimine personne que lui même 4- Med Kilani et ses amis ne font plus partie du PCOT depuis 1994 5- ZABA ne manque pas d’expérience en matiére de répression des libertés individuelles (dont le port du voile) et collectives (dont la liberté d’organisation politique) pour qu’il est besoin des services d’anciens gauchistes ou militants de gauche, je trouve ces informations de nature démagogique favorisant toujours la théorie du complot 6- Le mieux à mon avis c’est d’ouvrir un débat sain loin des allégations diffamatoires, à l’occasion du communiqué de la LTDH, AI, et FD, il fallait discuter le fond du sujet , or ce qui se passe n’a rien à voir avec un débat on assiste à une campagne de dénigrement bien focalisé sur la gauche et plus particulérement sur le PCOT, et tout cela à partir du moment de son refus de participer à la rencontre d’Aix en provence, ces méthodes ne sont que bénéfiques à ZABA, Finalement si certains le croient ya sidi dacourdou, elboulissiya gacuhe, les magistrats gauche, les oNG gauche , gache partout gauche surtout ????, klam hadha ????, ya nas 3ib ça ne fait avancer en rien Amicalement
 
Negm
 
(Source : Forum Tunezine, le 24 août 2003 à 18:37)

 

بسم الله الرحمان الرحيم  

يا معشر التونسيين تاهبوا فان رحيل الظلم قريب

بقلم: الهادي بريك
لكم اجدني مشتاقا وهيابا في الان ذاته الى مخاطبة اهل تونس : مشتاقا يكابد صبابة الحرمان كمفطوم يحن الى حلمة ثدي امه كيف لا وقد اخرجت من اهلي ومالي بغير حق الا ان اقول ربي الله في المسجد وفي السياسة سواء بسواء وقديما قيل بحق لا يعرف الصبابة الا من يعانيها حتى اني والذي نفسي بيده عشرا ثم عشرا لا املك لدموعي شيئا وهي تهطل وبالة لو استغرقت في ذكر بلدي واهلي واطلال طفولتي وعباب شبابي وردحا من بلاء كهولتي فليس ادمى على الناس من فصلهم عن اوطانهم ولا اقسى على الرجال من سلخهم من ارضهم ولكن رضينا بقدر الله فلا شك انه سبحانه ساقنا لحكمة وها نحن لا نمل من الدعاء ان يردنا الى مهادنا ونجادنا ردا جميلا وندعوه قبل ذلك ان يرد المغتربين في ارضهم نزلاء افخم الفنادق المتخصصة في امتهان كرامة الا نسان وتلفيق الخزعبلات المضحكة … وهيابا لا ني اخاطب شعبا تعددت مفاخره وتجملت مناقبه فمن طرد الاستعمار المباشر الى مقاومة البورقيبية التي كدست امرين لا يتلاءمان: العلمانية والجور ثم انك تلفى شعبي يناهض خطة تجفيف منابع التدين من جهة ويلملم جراحاته الثخينة لفرض الحرية والعدالة من جهة اخرى وانا اجزم لو ان خطة تجفيف المنابع سيئة الذكر حلت لا قدر الله بشعب اخر لما تخلص منها بهذه السرعة القياسية … ان شعبي باختصار جدير بان يلقن المجاهدين درسا في الجهاد السلمي المملوء صبرا واملا وقمين بان يلقن الطغاة عبرة اخرى في المقاومة السلبية التي لا تنتج ضجيجا ولا صخبا كما هو العادة ولكن تتوسل الى شطان السلام وربوع المعروف باقل ما يمكن من الخسائر والضحايا … فاذا ما استبد بي الشوق والهيبة فانهما يلزماني بالتواصل مع اهلي وخلا ني واقراني ورفاق دربي وسائر ابناء شعبي الابي الكريم   ان الصحوة المباركة التي تزف الينا اخبارها ليل نهار من تونس لمعجزة حقا وذلك من وجهين اولا لان الحملة الشرسة الضارية ضد كل مظهر من مظاهر التدين الفردي الشخصي في اواخر عقد الثمانينات من القرن المنصرم لم تجد لها شبيها غير ما وقع زمن الهجمة القرشية على الدين الجديد او ما وقع للناس واكثرهم مسلمون على يد اللينينية والستالينية في بداية القرن العشرين ولا احسب اني جانبت الصواب حبة خردل غير ان الذين لم يعايشوا التطبيق الاعمى لهذه الخطة الدنيئة السافلة دناءة اهلها وسفالة سدنتها ليس بامكانهم ادراك ذلك بالقدر المطلوب وحق لهم ذلك لانه ليس من راى كمن سمع . وثانيا لان الشعب الحر الكريم في تونس تايد بفضل الله تعالى فانهى دابرها في زمن قياسي أي عشرية واحدة و نيف ولا شك ان اكبر دليل على فشل الخطة سيئة الذكر عمارة المساجد من لدن الشباب خاصة وعودة النساء الى تقمص الزي الاسلامي واقبال الناس عامة باقدار كبيرة وتتوسع يوما بعد يوم على الاسلام عبادة وخلقا وفكرا ومعاملة قدر المستطاع وهو ما يذكرني بتخبط ادعياء علم الاجتماع من مثل الاجتماعي التونسي المعروف الدكتور الهرماسي  الذي لم يتردد عام 69 ميلادية في القول امام علية القوم بالجامعة يومها بان التحديث بلغ شاوا لم يعد معه للاسلام امل في عود فصدق نفسه وصدقه الناس ثم لما راى بعينه عودة الصحوة في بداية الثمانينات عاد ليقول في دراسة شهيرة ان الاسلام عاد بقوة وراح يرصد توجهات الصحوة وما يتعلق بها ولو سئل اليوم لعاد الى ما قاله عام القحط السياسي والجفاف الروحي فكيف يتصدى لاهم العلوم المتعلقة بالانسان كعلم الاجتماع من  لا يعرف عن السنن والاسباب والاقدار في مجال الكون والنفس والحضارة والثقافة غير رسم حروفها  لا بل هل ضرب القران صفحا  عن ذكر ذلك كله اصوله على الاقل بل حتى متى يغط العلمانيون كهنة الفساد السياسي وسدنة الحيف الاقتصادي في سباتهم العميق فيتوهمون ويوهمون بسحر الاعلام المبرقع وازيز المحركات المنخورة ان الاسلام دين لا علاقة له بالدنيا وان الانسان يمكن ان يستغني عن الله وان الذي خلق ليس له حق الامر ام يظن هؤلاء ان الداعي الى الاسلام اليوم داعيا الى الغاء العقل فهل درسوا الاسلام في اصوله العقدية والتشريعية وهل عرفوا مقاصده ام ان خطا فلان ونكوص علان يحملونه على الاسلام فهل من اوبة يااهل بلدي الى العقلانية والرشد ام هل من فيئة الى الحوار الذي هو في ديننا فريضة تماما كالصلاة والصيام والزكاة والحج .   واليوم وبعد عشرية ونيف من فرض سياسة تجفيف المنابع بقوة الحديد والنار هل رايتم الشعب التونسي اطرد الله من حياته ام الغى سنة محمد عليه السلام ام اصبحت شعائر الاسلام في غربة ام ان الحنق على حركة سياسية خصيمة لكم في الميدان السياسي جركم الى اقتراف ما اقترفت ايديكم الاثمة فلو اقتصرت اجراءاتكم الامنية مهما بلغت شدتها وطارت قسوتها على الا نتقام من تلك الحركة السياسية لكان الامر معدودا ضمن اطار من اطر المعارك السياسية ولكانت المعركة في وجه منها حقوقية ولكنكم استكبرتم في الارض وتلبس لسان حالكم بما قاله فرعون قديما : لا اريكم الا ما ارى … فكانت العاقبة وخيمة عليكم فاليوم لا تذكر تونس في أي فضائية عربية الا بالعلمانية العربية المستبدة وفي ذلك كتب غير قليلة من مفكرين عرب مرموقين فهل تظنون انكم جففتم منابع التدين حقا والان اليس امامكم فسحة من الامل والزمن ربما للتكفير رغم ان هذا الاثم لا يعادلة شرك ولا كفر ولا سحر وعدوان على كرامة انسان لانه فاق كل ذلك بل لانه صدق الشيوعيين الذين اصبحوا فيما بعد علمانيين ثم ديمقراطيين ثم معارضين كذلك في ان بلد الزيتونة وعقبة وابي زمعة وابن خلدون وبن عاشور وحشاد والشابي يمكن ان تجفف منابع التدين فيه ويالها من فرية بل يا له من حمق وعته وجنون . ورغم ذلك فان التكفير عن الذنب لن يزال مفتوحا بابه على مصراعيه والمطلوب منكم ان صدقتم انفسكم وضمنتم لها حدا ادنى من حسن الذكر بعد موتكم معروف : ضمان حرية التدين الفردي والسلوك الشخصي وحرية العبادة التي هي مكفولة من شرائع السماء والارض حتى للمجوس وعبدة النار والاوثان والابل والبقر لو وجدوا في تونس فما بالكم لاهل دينكم وعبادتكم وخلقكم .   الان وبعد ان ملات الصحوة الوهاد  وهي بحول الله في امتداد وتوسع وقد سقط في ايديكم ايما سقوط فهل من درس نجنيه جميعا نحن التونسيين . ادع ذلك لكل واحد منكم تدبرا  في نفسه حين يخلو اليها في صفاء ولكن اذكر بواحد منها فحسب وهو ان الله لا يغلب ابدا مهما بدا لك انه امهلك او رضي عنك وان الجزاء من جنس العمل دائما وتفصيل ذلك يسير جدا فهو سبحانه لا يغلب بل سريع العقاب كلما كانت الخطط تستهدف المعلوم بالضرورة من دينه وشعائره ورموزه واوليائه فمن اراد منكم ان يظلم فيما يستقبل من ايامه فعليه بتجنب ما هو معروف للناس جميعا أي ليظلم في مجال السياسة وليس في مجال الدين وهو تعبير ممجوج عند المسلم ولكن لتقريب الفهم لعقول اعمتها اللائكية .   الحديث اليوم عند التونسيين جميعا تقريبا في داخل البلاد وخارجها هو عن داء السرطان عافاكم الله جميعا الذي الم بمن تعرفون وتسلل الخبر الى اوسع نطاق حتى تناولته الصحافة  الدولية ومنها الفرنسية بل حتى ترتب عنه صراع شديد على الخلافة البلهاء وانما اسوق ذلك لتذكير الناس اجمعين بان الجزاء من جنس العمل فمن بنى مشروعه على كنس كلمة الله من الارض فلا تحسبن ان الله غافل عما يعمل ولو امهله قرونا طويلة فهل يرضى ملك من ملوك الدنيا بالاستهانة من كلمة واحدة من كلماته مهما كانت جوفاء فما بالكم بملك الملوك الا فلا نامت اعين الجبناء كما قال سيدنا خالد رضي الله عنه ولا شك ان كل تونسي يعرف تقريبا مثلا واحدا على  الاقل ممن تجرا على الله سبحانه من اعوان الحكم فلقي مصيره المحتوف على اسوا حال واذكر بواحد فقط وهو مسؤول امني كبير في سنوات 87 وما بعدها في صفاقس ومدنين بال على مصحف للقران الكريم امام مجموعة من السجناء مظهرا لهم تحديه لربهم ورسولهم وكتابهم ودينهم وانه عقلاني حتى النخاع فامهله الله شهورا معدودة ثم فاجاه مرض السرطان عافاكم الله جميعا في عضوه التناسلي فمات شر ميتة وما ينتظره عند ربه يوم يرد اليه اشد نكاية ولا شك .   الان وقد بدا جدار خطة التجفيف سيئة الطالع ينهد شيئا فشيئا وفي المقابل يعاد الاعتبار للدين يوما بعد يوم فانه ان لنا ان نتشاور ونتناصح لخير ديننا وبلادنا وناشئتنا وعليه فاني ادعو نفسي واياكم جميعا الى ما يلي :   {}  العض بالنواجذ على ثوابتنا العليا وهي : الدين وكرامة الانسان وسيادة البلاد التي لا تتحقق الا بالاخوة والوحدة {}وسيلتنا الى ذلك : العلم والعمل والصبر والتواصي بالحق والمعروف والتشاور وخفض الجناح {}اليوم حق لكم جميعا ان تمتلؤوا املا فارض الزيتونة عاد درها الى معدنه وارض المقاومة المسلحة ايام الاستعمار والجهاد السلمي ايام الاستقلال الثاني كما قال المرزوقي احبطت خطط السير بتونس في اتون التخلف الحضاري و كل دواعي التجانس والاخوة والوحدة ملتفة بنا من عروبة واسلام وتسامح {} مشاكلنا معروفة لنا جميعا :الكبت السياسي الذي الجم الافواه وارهب الناس والاستئثار بالثروة من لدن حفنة من المتسولين  والمتسلقين {} الحلول جاهزة نظريا الى حد كبير والاجتماع على العمل يهون من امرها : الجهاد السلمي بكل الونه واشكاله والصبرعلى تكاليفه الباهظة والتعاون على راب صدع مشقوق وخرق مخدود في كنف المصلحة الوطنية العليا للبلاد . {} نحن جميعا محل ابتلاء كبير : والابتلاء ضربة لازب علينا جميعا فالاولى الوعي به والسؤال هو لماذا ابتلينا وخاصة بهذا الحجم والجواب من شقين . اولا لاننا فرطنا في الماضي في الفريضة التي هي كالملح للطعام تماما وهي فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أي الدعوة الى الخير وانتاج مشاريع الاصلاح وتحويلها الى واقع وكل تفريط في اداء تلك الفريضة يشفعه ولا شك حتما محتوما لا محاباة فيه ولا مهادنة عقاب وثانيا لان الابتلاء يزيدنا اصطفاء وتمييزا واختيارا ورفعة فكما يبتلى الطالب لترفع درجته تبتلى الشعوب والامم لتتبصر تقصيرها فتتلافاه فهو رحمة وليس نقمة .   {} لو فصلت ما سبق من حديثي في برنامج عملي يومي ياتي منه كل واحد منا ما يستطيع من موقعه المناسب لقلت ما يلي :   >< الحرص على اقام الصلاة وخاصة في المساجد >< تزيين البيوت والاسر نساء واطفالا ببرنامج يومي فيه الاذان والصلاة والتلاوة والذكر والعلم والادب النبوي >< احداث املاءات قرانية بالبيوت والمساجد حسب الامكان فيها الحفظ وقواعد التلاوة وشي مهما يكن يسيرا من الفهم الاولي المبسط >< حبذا لو توصلنا  الى انشاء الكتاتيب القرانية على الطريقة العصرية  ولن تعدم من اهل خير ينفقون عليها ومن حفاظ يرعونها … >< متابعة نتائج التلاميذ والطلبة ذكورا واناثا على نحو يكونون فيه من المتفوقين ومن اصحاب الشهادات العليا في شتى التخصصات >< مزاولة الدعوة الى الصلاة في المسجد عبر الطريق المباشر والشريط المسموع والمنشور المكتوب وتعمير المساجد  وليكن ذلك باليسر لا بالعسر وبالتبشير لا بالتنفير وبغرس العقيدة والامل في النفوس لا بالجدل الفارغ وزرع الياس وبالتربية لا بالعقاب والخذلان  الى اخر متطلبات الدعوة الناجحة المعاصرة >< ملازمة الكتاب والقلم عبر أي طريق كان على نحو يزداد الانسان فيه كل يوم علما ووعيا وفهما وفقها لدينه وواقعه بحسب ما تيسر له >< صلة الرحم ولو ادبرت بل ولو كانت في اقصى اليسار او اقصى اليمين فالرحم رحم  لا تقطع ابدا واجر وصلها عند الله لا يعلمه سواه سبحانه >< بناء العلاقة السمحة الطيبة مع الجار والصاحب بالجنب والزميل وكل الناس بافشاء السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز ونصرة المظلوم واجابة الداعي وتشميت العاطس وابرار المقسم  وخفض الجناح >< انشاء صندوق منزلي للصدقة يضع فيه الانسان كل يوم ما تيسر له فاذا تجمع فيه مال جاد به على اصحاب الحاجة من عائلة سجين او مريض او مقعد على الا يمر على الانسان شهر الا وقد تصدق فيه من ماله بشئ سرا او علنا >< تعهد المحتاجين الذي لا يسالون الناس الحافا ببعض الرساميل الصغيرة لمن من عليهم الله بشئ من ذلك عن طريق القرض الحسن او المشاركة تيسيرا لكرب المكروبين وحاجة الملهوفين فان الفقر كفر يجب ان يقاتل كعدو لدود واننا لمسؤولون جميعا  على كل نفس تبتلعها مياه المتوسط ام هل ننتظر من العائلات الفاسدة المتصارعة على فتات الخلافة المحتضرة شفقة بهؤلاء . >< تبادل التهادي لتنشئة التحابب وخاصة في المناسبات >< ثلاث مناسبات لا بد ان يشتد فيها تكافلنا المادي وهي الحقيبة المدرسية بمناسبة افتتاح السنة ورمضان وعيد الفطر جزء منه  وعيد الاضحى بل ان الاولى بكل جار جاره وبكل رحم رحمه وبكل صديق صديقه فليس منا من كسا ابناءه وتناسى ابناء جاره وليس منا قطعا من جمع على مائدته في رمضان ما لذ وطاب وجاره الى جانبه يطوي جوعا وهو يعلم فاذا كان لا يعلم فالمصيبة اعظم وليس منا حتما من ضحى بكبش اقرن الين وصديقه او رحمه او جاره لا يجد ديكا >< الاهتمام بشان المسلمين اينما كانوا وشان الانسان المظلوم اينما كان وهو اهتمام يختلف من شخص الى اخر وحده الادنى كف الاذى عن قافلة الدعوة الى الخير فهو صدقة منك اليه وحده الادنى كذلك هو الامساك عن قول الباطل لمن عجز عن قول الحق فلا بد لكل واحد منا من اهتمام معين بالشان العام لبلادنا كبر او صغر اما ترك السياسة للسياسيين فطريق جربناه طويلا فلم نجن منه نحن ولم تجن منه البلاد غير ما تعلمون : ظلم فاحش وحيف قاهر وحياء مقبوروصلف متهور . ><تجرئة الناس على الحكام والمسؤولين ليس اعتباطا او نكاية وشماتة ولكن طلبا للحقوق فكم من جرئ مكن من عشر حقه لان منظمات حقوقية دولية اعارت قضيته اهتماما وكم من مظلوم سكت عن حقه فسكت عنه وزادوه في اللؤم جرعة وهذا مجرب ولي عليه والله امثلة  كثيرة >< الصبر على الناس الذين يؤخرون عملية التوعية الذاتية باولوية العناية بالشان العام للبلاد فليس من حل سحري حقيقة تطاطئ كل العقبات امامه هاماتها ذليلة كالصبر المملوء املا لا الياس القانط المسمى صبرا زورا . ><تشجيع المقاطعة الاقتصادية للبضاعة الامريكية والصهيونية والانقليزية وهي مقاطعة تجلب لنا الصحة النفسية وهي نوع من انواع المقاومة السلبية دون التهوين من شانها المالي في المجتمعات الاستهلاكية ><عدم التفريط في قضية المراة على انها قضية حقيقية وهي قضية تحرر اساسا ونحن اولى الناس بالدفاع عن حقوق المراة في العدل والقسط والمشاركة والعلم والشورى وكل ما يتعلق بالانسان من حيث انه كائن مكرم مبجل موقر محترم الا ترون ان مشكلة المراة حيال منشور منع الزي المسمى طائفيا هي مشكلة حرية شخصية وقس على ذلك سائر حقوقها فسلحوا المراة بالعلم والمسؤولية ثم انظروا كيف ان جهادها يفوق جهادكم الف مرة وهذا مجرب ميدانيا ومعروف نفسيا واجتماعيا ولكم في الاستاذه هند شلبي التي رفضت مصافحة بورقيبه امام الملا يوم كان في عز جبروته ابلغ مثال والمقصود هنا ليس المصافحة كفعل ولكن رباطة الجاش من امراة مثقفة مسؤولة ><الحرص على الحلال وتجنب الحرام والسحت مهما ضاقت الدروب فان المسالة لا تعدو ان تكون ابتلاء ليس الا  ومن صبر في هذه الايام العجاف فهو اقدر على الصبر على ايام اخرى نستقبلها ان شاء الله وفيها اليسر والخير والبركة والرغد ><التعاون على تزويج البالغين والعزاب عامة من الرجال والنساء فهو ضرب من ضروب الجهاد الماجور وليس اروع من التعاون حتى من لدن الفقراء على ذلك >< الخلاف سنة فما ينبغي ان يفسد مناخات الود فينا والتنوع مطلوب فلا تبرم منه ولا ضجر ولو لم يكن موجودا بالفطرة والسنة لكان لزاما علينا ايجاده لا ن الحياة لا تسير دون حركة وهذه بحاجة ولا شك الى تنافس وتفاضل وتدافع وهو كذلك ضرب من ضروب الابتلاء فلا بد فينا وحوالينا من مساحات اشتراك حتى نتالف ومن مساحات اختلاف حتى نتنافس وذلك هو مراد الله >< حتى يكون خلافنا اسلاميا وتنوعنا وطنيا لا بد له من قاعدة ارضية متينة صلبة يرتكز عليها وليس تلك سوى ثوابتنا المذكورة اعلاه وهي الهوية العربية الاسلامية وكرامة الانسان وسيادة البلاد بالاخوة والوحدة والشورى والحرية والعدل والقوة   {} ثمة فئات لا بد من صلاحها  لصلاح الناس كافة وهي فئات التوجيه من اعلاميين وخطباء واهل تعليم فاما ان تكونوا من هؤلاء لتصلحوا واما ان توجدوا نوعا من الضغط على هؤلاء حتى ينصلح امرهم ولو حياء او حسابا وللراي العام كما هو معلوم وزنه فلا تهونوا منه {} اولوياتنا جميعا كتونسيين في هذه المرحلة ثلاث لا بد لنا من فقهها والتعاون عليها بروح الدين او بروح المصلحة او بكليهما وهي : الجهاد السلمي لتحرير البلاد من الظلم والحيف واعادة الاعتبار لكرامة الانسان ذكرا وانثى وهي ثانيا التوحد والاخوة والتعاون على الخير والبر والمعروف والاحسان في كل مناحي الحياة والى الناس جميعا  وهي ثالثا العودة الى المساجد وتعميرها بالصلاة والقران والذكر  والعلم  وكل عامل في احدى هذه الحقول بصدق واخلاص وعلى قدر استطاعته فهو مجاهد في سبيل الله  ولا شك وهو وطني غيور .   تلك هي بعض من كلمتي الى شعبي الكبير في مصافحة اولية جامعة ربما يليها تفصيل وحوار ومشورة وتبادل لوجهات النصيحة والنظر ولا شك اني مفعم املا وممتلئ شوقا و لاشك ان ما نستقبل من ايامنا افضل مما نستدبر ان شاء الله وان شعبا اعزل الا من الايمان انتصر ولو بالنقاط بدل الضربة القاضية على اعتى مخطط واشنع مؤامرة تعمل على سلخه من جلده لشعب جدير بالحياة والله وجدير بالمستقبل الامن وبالعيش الكريم في كنف الحرية والعدل .   الهادي بريك ( المانيا )

 

لو أنك تعود يا ابنَ مريـم

بقلم:   علي أحـمد    لو أنك تعود يا ابنَ مريـم على الأرض لـتلقي نظرة حانية على شعبك وأتباعك !!…         لو أنك تعود ، لـترى كم اتسعت طريق الـجلـجلة ، وكم تعددت السياط على عدد أنواع العذابات !!…         أنت يا من أتيت تبشر بالمـحبة والـخيـر لـجميع البشر … لقد كَـبُرَ الأخطبوط الذي صلبك  وأصبـح بألف ذراع وذراع ….         يـجلدنا فـي اليوم الواحد ألف جلدة وجلدة ، ونـخر له خانعين شاكرين ….         يدقُّ المساميـر فـي أمعاء أطفالـنا الـخاوية ، ويَصُمُّ آذانـنا عن صرخاتـهم الـجائعة ، وعن أنينهم المدويّ ، ويشلُّ أيادينا ، فلا تـمتدّد إلاّ لـتصافـحه وتـثنـي عليه ….         يا ابنَ مريم         أمرتـنا بالمـحبة وبالعفو ، وقلت لـنا : أفديكم ، أموت من أجلكم ، أعدكم بالـجـنّة لو سرتـم على دربـي ..         وسرنا على دربك …. مارسـنا المـحبة ، ذلّت كرامتـنا ….  اعـتـنقـنا العفو مبدأً ، ضاعت أرضـنا ….  نـناجيك صبـحاً ومساءً ، يزداد هوانـنا على الأرض ؟!… فهل كُـتبَ علينا أن نـحيا فـي العبودية ؟!.. أن نذبـح كالـخراف سواءً استسلمنا أو قاومنا ؟!… أن تُزجَ رقابنا كالدجاج لو مهما فعلنا ؟!.. رغم إنـحـناءاتـنا وذلّـنا ، يـهرق الأخطبوط دمنا ، ويستمتع بعذابنا !!..         لقد هاج وماج الأخطبوط وأحكم سيطرتـه على الأرض والبشر ، وكلما نبتت له ذراع يشيّد بـيتاً كبـيـراً باسـمك ؟!…         فـي بـيتك الكبـيـر ، نلـتقي بـجلادك ، نـخفف عـنه حـمله ، نأخذ منه السياط الـتـي جلدك بـها ، والـتـي بـها يـجلدنا ، نضعـها جانباً ، نرحب به ، نـحاوره ، نسترضيه ، ونسأله ماذا يـمكـنـنا أن نقدم له بعد أكـثر من رقابنا ؟!…         علّه يشبع ، علّه يرضـى !…         لكـنه لا يشبع ولا يرضى ، فكلما أعطيناه ، كلما ازدادت شهيّته على الأخذ ….         آما آن لـنا أن نـهزمه باخـتيارنا  لقدرنا ؟!… أن نـموت بكرامة، على الأقل ، لـنقدم لأطفالـنا ، رجال الغد ، بعضاً من الـتاريـخ الممزوج بالعنفوان ؟!…         يا ابنَ مريم         فـي بـيتك الكبـيـر تشع أنوار تلألأ الذهب والأثواب المـخملية المزركشة ، وأنوار الـثريات المرصعة بالأحـجار الكريـمة ….         فـي بـيتك الكبـير تشع الأنوار بألف لون ولون ، إلاّ نورك أنت !!..          فهو مـحجوب ؟!…         لقد حجبه الأخطبوط الذي كبـر وأصبح على حجم الضوء …  فهل ستعود ؟. أم نـنـتظر بزوغ فـجر جديد ؟!..                                                                                             علي أحـمد  

 

 

العربي المساري: إذاعة «سوا» الأميركية لا تخضع للقانون المغربي

الرباط: «الشرق الأوسط» قال محمد العربي المساري وزير الإعلام المغربي السابق امس إن إذاعة «سوا» الأميركية لا تخضع للقانون المغربي برغم بدئها أول من أمس بث برامجها على موجة «إف إم» بالمغرب. وأوضح المساري أن إذاعة «سوا» بدأت تبث برامجها قبل أن يصدر قانون تحرير المجال السمعي البصري، «كما أن المجلس الأعلى للإعلام الذي سيكون هو المانح للترخيصات لم يتشكل، وما تزال وزارة الإعلام تمارس احتكار الأمواج» على حد قول المساري الذي كان يرد على ما صرح به مسؤول في الحكومة المغربية. واعتبر المساري الترخيص لإذاعة «سوا» بأنه لا يتعلق بتطبيق قانون تحرير المجال السمعي البصري، «بل بمنح تسهيلات لتحسين ظروف الاستماع في الفضاء المغربي لفائدة الإذاعة الأميركية». وكان مسؤول حكومي مغربي اعتبر أن قرار الترخيص لإذاعة «سوا» أول تجسيد لخطة تحرير المجال السمعي البصري في المغرب. وقال المساري إن «سوا» ليست محطة مغربية أميركية كما هو الشأن بالنسبة لإذاعة «ميدي آن» التي وصفها بأنها صفقة ثقافية سياسية مغربية فرنسية. وشدد المساري على أن تقديم تسهيلات لتحسين ظروف الاستماع لإذاعة «سوا» هو «قرار سيادي مغربي يدخل في إطار الانفتاح على الولايات المتحدة الأميركية التي يجري التحضير لشراكة اقتصادية معها»، في إشارة إلى المفاوضات التي تباشرها الرباط وواشنطن لإقامة منطقة للتبادل الحر. واعتبر المساري أن الترخيص لـ«سوا» سيكون مفيدا من الناحية السياسية للعلاقات بين المغرب وأميركا.   (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 24 أوت 2003)

الغرق في كثبان الصحراء الغربية!

بقلم: آمال موسى (*) إلى حدود فترة قريبة جدّا، كان المغاربة يتندرون بأي أخبار تعلن عن انعقاد قمة مغاربية. وهو تندر يعكس مدى يأس النخب المغاربية وكذلك الشعوب من المضي قدما وبجدية في مشروع تجسيد الاتحاد المغاربي، لا سيما وأن آخر قمة عقدت، كانت في تونس سنة 1994.   إلا أن هذا اليأس، بدأ ينقشع شيئا فشيئا، عندما تجمعت في الآونة الأخيرة جملة من المعطيات، جعلت الإيمان بتفعيل آليات الاتحاد المغاربي، ومعالجة الهموم المغاربية المشتركة، أمرا له ما يبرره وله ما يشرعه، وخاصة ما يحث عليه أكثر من أي وقت مضي. ففي نفس الوقت الذي اشتد فيه الاهتمام في تونس بقمة 5/5 التي ستعقد يومي 5 و6 ديسمبر القادمين في تونس، حيث التقى منذ قرابة أربعة أيام رئيس الدولة التونسية زين العابدين بن علي بالأمين العام للاتحاد المغاربي التونسي الحبيب بولعراس.   في نفس هذا الوقت، يطفو فوق سطح العلاقات المغربية ـ الجزائرية، توتر جديد قديم، يصر على ترك مشروع الاتحاد المغاربي يدور في حلقة مفرغة ويعيش التعثر المتواصل بسبب قضية الصحراء الغربية. فكلما هدأت العلاقات الجزائرية ـ المغربية، استبشر المهتمون بمشروع الاتحاد المغاربي وظنّوا أن بارقة الأمل التمعت وآفاق العمل المغاربي التنموي قد فتحت على مصراعيها، بينما ما أن تأتي الأخبار بتوتر العلاقات حتى يقفل ملف الاتحاد المغاربي ويعود إلى سابق تجمده.   فهل يعني هذا المد والجزر، بأن الآمال المعلقة على الاتحاد المغاربي، ليست أكثر من أوهام غير معلقة، أم أن الواقع يخفي حقيقة غياب قناعة مغاربية متساوية ومشتركة بأهمية القطب المغاربي لشعوب المغرب العربي الكبير، في سياق دولي لا يتعامل إلا مع التكتلات والقوى الكبرى؟ إذا تصفحنا ملف العراقيل التي حكمت على الاتحاد المغاربي بالتجمد، سنجد أن قضية الصحراء الغربية تتصدر القائمة، إضافة إلى قضية لوكربي وعملية تبادل السفراء بين موريتانيا وإسرائيل. ولقد تم تجاوز مشكلتي موريتانيا وليبيا، وبقيت مشكلة الصحراء الغربية على حال تعقدها وكبحها لجماح أي تقدم في بناء الاتحاد المغاربي. والمتأمل في كيفية تعاطي النخب السياسية المغاربية مع مشروع الاتحاد المغاربي، سيرى أنه تعاطي مقلوب وعكسي بمعنى أن الخلفية السائدة تعتبر أن إزالة العراقيل شرط بناء الاتحاد المغاربي، في حين أن التعاطي المنطقي يفترض أن يشكل الاتحاد المغاربي، فضاءا لتذليل العراقيل ولمعالجة التوترات والمشاكل ولإقامة حوار حول المتفق عليه والمختلف حوله.   وبسبب اعتماد التعاطي المقلوب، فإنه قد سادت تبعا لذلك عقلية اللاجدوى في الوعي المغاربي الرسمي والشعبي، وهي عقلية تبرر اللا جدواها من تعقد قضية الصحراء الغربية وانعكاساتها المستمرة، الشيء الذي يوحي باستحالة الظفر بحل يرضي كافة الأطراف، أي أن فتيل التوتر سيبقى قائم الاشتعال ولكن بطرق مختلفة. والمشكلة المطروحة الآن تتمثل في أن القمة المزمع عقدها في ديسمبر القادم بتونس والتي ستتخللها زيارة دولة للرئيس الفرنسي جاك شراك يعلق – أي القمة – عليها المستقبل الاقتصادي والسياسي والأمني لبلدان المغرب العربي مع كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومالطا، مصالح حيوية تندرج في إطار الحوار الأورومتوسطي. إلا أنه في مقابل هذه الرهانات يعاودنا شبح التوتر المغربي ـ الجزائري إضافة إلى التوتر المغربي ـ الإسباني وأيضا مطالبة فرنسا ليبيا بتعويضات على إثر التسوية المالية لقضية لوكيربي مؤخّرا. وكما هو معلوم إسبانيا وفرنسا من الدول التي ستركز بلدان الاتحاد المغاربي حوارها معهما. يبدو أن قدر الاتحاد المغاربي أن ينتقل من تجميد إلى آخر ولو أن الأمين السابق للاتحاد السيد محمد عمامو كان يرفض صفة التجميد، ويقول إن هياكل الاتحاد بصدد العمل على مستوى الدراسات والتخطيط، وإن المشاريع جاهزة ولا تحتاج سوى إلى مصادقة المجلس الرئاسي.   ومثل هذا التشخيص يكشف بأن التراجعات التي شهدها مشروع الاتحاد المغاربي، والتي من بينها توقف عقد القمم لمدة تسع سنوات، قد تسببت فيه القيادات المغاربية التي يظهر أنها لا تتمتع جميعا بنفس القدرة على تغليب العقل وعلى ترجيح كفة المصالح المغاربية المشتركة وهو واقع مؤسف لأن الظروف الدولية الراهنة تدعم ضرورة الاتحاد والحاجة الاستراتيجية والحيوية إليه. فالبحث عن سند فاعل في بلدان مثل فرنسا وإسبانيا سيفتح آفاقا تمكن من لعب أدوارا مهمة في المجالات التجارية وأيضا الأمنية والسياسية. فمن الواضح أنه إذا استمرت قضية الصحراء الغربية على حالها، سيستحيل إقامة أي رهانات حتى ولو كانت المنطقة في أشد الحاجة إلى الاتحاد للحد من مشاكل الفقر والبطالة وتنمية الاقتصاديات المغاربية. لقد تمكنت قضية الصحراء الغربية أساسا من تجميد الاتحاد المغاربي ومن تحويله إلى موضوع للتندر والاستخفاف بجديته بشكل لم تنفع معه الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية المشتركة للمغرب العربي الكبير، دون أن ننسى الأخطار والتهديدات المشتركة. فهذه القضية ـ قضية الصحراء الغربية ـ التي تمثل أم قضايا المغرب العربي قد جعلت إلى حد الآن من هذا المغرب العربي القادر على أن يكون كبيرا، مغربا صغيرا تتجاذبه قوى مختلفة وتسيطر عليه علاقات جوار تقوم في أغلبها على تقليد الخيارات السلبية والتسابق حولها! إن نظرة مسؤولية على بانوراما المشاكل المستبدة في البلدان المغاربية، ستقودنا إلى حقيقة أن المشاكل هي واحدة والمصير واحد وأن أي توتر يحصل بين جارين له انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على البلدان الخمسة للمغرب العربي. لذلك فإن الظروف الراهنة تستدعي إيجاد حل لقضية الصحراء الغربية وتجاوز هذه السحابة السوداء التي تحجب شمسا مشرقة يمكن أن تحضن آلاف الشباب المغاربي الذي أكلت زهور أعماره الهجرة السرية والموت بشكل رخيص في أعماق بحار إسبانيا وإيطاليا. لقد آن وقت للاحتكام إلى عقول تعرف كيف تمارس السياسة وكيف تستميت وتتنازل من أجل مصالح حقيقية تعوضنا بصور مضاعفة تلك التنازلات المتوهمة والتي يصورها المزاج أكثر من العقل السياسي الذكي والرصين والعملي. وتجدر الإشارة إلى أن الطرح التونسي لتجاوز توترات المجلس الرئاسي المغاربي والإعاقات السياسية يمكن أن يكون مجديا على المدى القصير إذ ينص هذا الطرح على إقامة لقاءات دورية للتكنوقراط والهياكل الأخرى للاتحاد وذلك حتى لا يعيق التوتر السياسي التعاملات الاقتصادية والتجارية بين البلدان. وهو طرح يمكننا من تجاوز حالات الجمود، ومن معالجة الإعاقات السياسية بعدم الانخراط في إعاقة شاملة. أعتقد أن الطرح الأكثر تحصينا لمستقبل الشعوب المغاربية هو إيمان نخبها، بأن هياكل الاتحاد المغاربي هي ورشات للعمل وللتنمية ولحل الخلافات أي أن يصبح حدوث توتر ما أو تعقد قضية ما، سببين مباشرين للمطالبة بعقد قمة مغاربية للاجتماع، لا لإلغائها ولتجميد الاتحاد المغاربي. لذلك فإن استبدال التعاطي المقلوب بالتعاطي المنطقي هو الطريق الصحيحة، وفي غياب ذلك يبقى لا معني لأي قيمة ولا جدوى من أي حوار ستعقبه توترات تجعل ما اتفق حوله حبرا على ورق من كثبان الصحراء الغربية.   (*) كاتبة وشاعرة تونسية   (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 24 أوت 2003)

 
 

 

كأنما العراق خرج من ربقة الاستبداد الصدّامي كي… ينتحر

بقلم: صالح بشير (*)         إذا كان ديكتاتور العراق السابق قد أخفق في كل توقعاته وحساباته، إلا أنه صدق في إحدى نبوءاته، أكثرها كارثية وقيامية بطبيعة الحال، عندما أنذر بأنه لن يترك البلد إلا خرابا ويبابا.   لقد وفى الدكتاتور السابق بما أنذر به، وها أن العراق الراهن، ما بعد الاحتلال أو ما بعد التحرير، يباب. وها أن قوات التحالف تجد بالغ الصعوبة في السيطرة على بلد وقع بين أيديها دون كبير مشقة، ثمرة ناضجة، بلغت من نضجها لاستدراج الاحتلال درجة التعفن. لقد أقر وزير الخارجي البريطاني جاك سترو، في ما اعتبره البعض اعترافا نادار، بأن واشنطن ولندن أخفقتا، قبل الإقدام على مغامرتهما العسكرية في بلاد الرافدين، في « التكهن بالفراغ الأمني » (الناجم عن سقوط النظام البائد). غير أن هذا التشخيص المتأخر، وإن أنبأ عن شيء من « عودة للوعي » لا تزال محتمشة، إلا أنه لا ينفك قاصرا بأشواط عن الإحاطة بحقيقة الوضع في العراق.   فما تواجهه قوات الاحتلال في ذلك البلد أكثر من مجرد « فراغ أمني »، بل هو انهيار كامل. هو أكثر من اضمحلال دولة، في كامل أشكال حضورها، لأنها كانت قد ابتُسرت منذ أمد بعيد في ذراعها (العسكرية والبوليسية والميليشياوية) الضاربة حتى إذا ما بُترت تلك الذراع زالت الدولة من الوجود، بل هو اندثار لكيان برمته، ولمقومات العيش معا وقنواته وأطره. كل مصاعب قوات التحالف نابعة من حالة العدمية الكيانية تلك، وهذه أكثر من مشكلة أمنية أو سياسية، أقله بالمعنى المباشر أو المعتاد.   قوات التحالف تبدي كل هذا القدر من العجز، إن في تدبير شؤون الحياة اليومية للعراقيين، وإن في إحلال القدر الأدنى، والقابل للحياة، من الأمن، بالرغم من عديدها ومن إمكانات القوة العظمى العالمية الوحيدة، لأنها تتحرك وتحاول أن تفعل داخل ذلك السديم الكياني (المستجدّ؟)، حيث يتعذر عليها العثور على وسائط الفعل، أو اجتراحها. بل ان ما اجترحته منها، شأن مجلس الحكم الانتقالي، لم يبد حتى الآن كبير جدوى، بصرف النظر عن صواب خطوة الإقدام على إنشاء مثل ذلك المجلس من عدمه.   كأنما العراق خرج من ربقة الاستبداد الصدّامي كي ينتحر، على ما تدل « مقاومته » للإحتلال في العديد من أوجهها.   صحيح أن بين أفعال المقاومة تلك ما يستهدف قوات التحالف، يضرب جنودها ويدمر معداتها، وذلك أمر مشروع في حد ذاته ومن حيث المبدأ، ومهما كانت التساؤلات أو التحفظات عن القائمين بتلك الأعمال، أكانوا من فلول النظام السابق أم من أهل التطرف ممن تنادوا إلى ذلك البلد من أصقاع العالم العربي أو الإسلامي، إذ لا يجب أن يوجد، بحال من الأحوال ودائما من حيث المبدأ، احتلال بلا تكلفة، خصوصا إذا ما كان على شاكلة ذلك الأميركي للعراق، مريبا من حيث دوافعه ومراميه، مضادا للشرائع العالمية ولإرادة الأمم، اكتنفه كذب وتلاعب بالحقائق معلومان. لكن المقاومة تلك كثيرا ما تبدو، من وجه آخر، مضادة للعراق ولمصالحه العليا، وذلك ما يعود بنا من جديد إلى تلك السديمية الكيانية.   فالمقاومة تلك تضرب المنشآت العامة، تخرب شبكات الماء والكهرباء، تفجر أنابيب النفط، أي تستهدف ثروات العراق وقوام عيش أهله. وهي في ذلك تلوح صادرة عن اعتبار مفاده أن تمكين العراقيين من الشروط الدنيا للحياة العادية أو الطبيعية، هو بمثابة التطبيع للاحتلال أو للحالة الاحتلالية. وهي نظرة غريبة، تقوم على تجنيد الكارثة، من خلال السعي إليها واستدارجها وإحلالها، عنصرا حاسما من عناصر تلك « المقاومة »، بل محور استراتيجيتها: العراق لا يجب أن يكون للأميركان حتى لو كان ثمن ذلك ألاّ يكون لنفسه ولأبنائه، بل أن هذا يبدو شرطا لذاك.   صحيح أن ليس في ذلك إلا ما هو مقيم راسخ في النضالية العربية، حيث « السياسة »، أو ما يقوم مقامها عندنا، كانيبالية، آكلة للحوم البشر، لا تعبأ بهؤلاء إلا بوصفهم وقودا لمعارك « المصير » و »الكرامة » و »الأمة » وما إلى ذلك مما لا يقاس ولا يُقدر ولا يوزن بالمعايير النسبية، معايير الربح والخسارة، وبقطع النظر عن مآلها حتى في شأن ما خيضت من أجله، طالما أن المعارك تلك لم تحقق « مصيرا » ولا صانت « كرامة » (بل أورثت هزائم مشينة يُفترض في من يتشدق بالكرامة على ما نفعل ألا يعيش بعدها)، ولا بعثت أمة. لكن يبقى مع ذلك أن النزعة الانتحارية التي تتسم بها المقاومة العراقية (المقصود هنا نحر الكيان لا انتحار القائمين بالعمليات العسكرية، « إرهابية » كانت أم « استشهادية ») استثنائية في فداحتها، لا تدانيها في مسلكها ذاك سوى « الجهادية » الفلسطينية وإصرارها على وأد كل بارقة أمل ديبلوماسية تلوح في أفق يبدو معتما من حيث موازين القوة. فـ »المقاومة العراقية »، أو تلك الجارية على أرض العراق، وسعت دائرة العداء، حتى بات هذا الأخير يشمل الذات، في المقام الأول ربما.   من أبلغ الأدلة على ذلك، موجة التفجيرات الأخيرة، التي انتقلت من طور مواجهة قوات الاحتلال، إلى طور المواجهة الشاملة أو طور سياسة الأرض المحروقة، والتي لا توفر شيئا، لا المرافق الاقتصادية، شأن تفجير أنبوب النفط بين كركوك وميناء جيهان التركي، ولا المرافق العامة، ولا ما تبقى من قنوات التواصل بين العراق والعالم الخارجي، ومن أسباب وأواصر تأهيله بين الأمم، من تفجير السفارة الأردنية في بغداد، إلى تفجير مكتب بعثة الأمم المتحدة في العاصمة العراقية، ومقتل مبعوث أمينها العام في ذلك البلد، سيرجيو دي ميلو.   كل من اكتسب ذرة من عقل، اعتبر هذه العملية الأخيرة ذورة اللامعقول، إذ هي استهدفت منظمة تبقى، على كل علاتها وكل مواطن قصورها الكثيرة والمعلومة، بعض آخر الأدوات المتاحة للتصدي للانفراد الأميركي بمقدرات العالم، ناهيك عن مقدرات العراق، وبدا لهم ذلك العمل عبثيا غير مفهوم. لكن أصحاب ذرة العقل أولئك يقعون على كوكب غير ذلك الذي تتحرك عليه النضالية العربية، بل أن الكثيرين منهم يزدادون اقترابا من العقل كلما ابتعدوا عن تلك النضالية، وكلما أعملوا فيها نقدا، ضمنيا أو جهيرا.   العراق ينتحر، من خلال « مقاومته » هذه، في وجوده الداخلي كما في وجوده الدولي، وهو بذلك يدعم الاحتلال من حيث يتوهم مقاتلته… ولكن هل تراه فعل شيئا غير ذلك، هو وسائر بلاد المشرق أو أغلبها، طوال الخمسين سنة المنصرمة، من الحروب التي خيضت في اللحظات الخطأ، ومن الرفض الذي جاء حيث كان يتعين القبول، ومن القبول الذي كان حيث كان يجب الرفض، ومن العجز عن الانخراط في العالم إن من موقع القوة وإن من موقع الضعف؟   هذا الذي يجري في العراق ليس جديدا، إنها النضالية العربية وقد بلغت الذروة، انتحارا وتدميرا ذاتيا، مشرعا على أحد احتمالين: استدامة الاحتلال أو الفوضى على السوية الأفغانية أو الصومالية.   (*) كاتب وصحافي تونسي مقيم بإيطاليا   (المصدر: ملحق تيارات بصحيفة الحياة الصادرة يوم 24 أوت 2003)


 

المصير
بقلم: عبد اللطيف الفراتي (*)   يخطىء من يظن من العرب أن ما يجري في العراق ليس له تأثير على أقصى منطقة في العالم العربي، ويخطئ من يظن أن احتجاز رهائن جنوب الجزائر لا يحسب على كل فرد من أفراد العرب، ويخطئ من يظن أن سقوط20 شخصا في القدس في نفس اليوم الذي يقتل فيه ممثل الأمم المتحدة في العراق هو و23 شخصا آخرين من المدنيين العاملين في الحقل الإنساني سيمر دون أن يترك بصمات غائرة، كما يخطئ من يظن أن اجتماع مجلس الأمن للتصويت على لائحة رفع العقوبات عن ليبيا بعد اعترافها بالمسؤولية في قتل270 من ركاب الطائرة التي سقطت فوق لوكربي وبدء دفع التعويضات لأهالي الضحايا لا يترك أثرا لدى الرأي العام الدولي.   إن العالم بصدد محاسبتنا بصورة جماعية على أعمال يأتيها البعض منا، وفي غالب الأحيان لا يد لنا فيها وقد يكون الذين قاموا بها ـ مثلما هو الشأن في فلسطين ـ مضطرين لها مدفوعين نحوها بحكم ما تأتيه إسرائيل يوميا من جرائم فظيعة ينسى العالم على أن يحاسبها عليها، وتنسى واشنطن أن تعلق عليها خوفا من إغضاب الابن المدلل شارون وطغمته’ وهذه المحاسبة من قبل العالم أردنا أم أبينا، وافقنا أو لم نوافق ،ناتجة عن اعتبار العالم العربي هو الوعاء الذي يحتضننا جميعاوالذي ننسب إليه وبالتالي تنسب أعمال البعض منا إلينا جميعا بوصفها من مسؤوليتنا فندفع كل على حدة ثمن ذلك غاليا عن حق أو باطل.   قد يحسب الواحد منا أن قتل24 من موظفي الأمم المتحدة بين أجانب وعراقيين بمن فيهم ممثل الأمين العام هو كسب للمقاومة العراقية في اتجاه طرد الاحتلال، غير أن الصورة الواضحة اليوم أن الذين ارتكبوا هذه المجزرة لا يهمهم لا احتلال ولا هم يحزنون إنما فقط يواصلون عمليات التقتيل الأعمى التي بدأوها في العراق منذ عشرات السنين وأتوا بها على الأخضر واليابس وقتلوا عشرات إن لم يكن مئات ألوف البشر.   وقد يحسب الواحد منا أن موت 20من الإسرائيليين المدنيين ـ حتى ولو كانوا متطرفين في حافلة ركاب من بينهم أطفال رضع هو كسب للقضية الفلسطينية أو فيه رد فعل على كل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم فعلية وحقيقية بينما النتيجة معاكسة على الأقل لسببين: أولهما إنساني فالإرهاب الأعمى لم يحل ولن يحل مشكلة في العالم إضافة إلى انعدام الأخلاقية فيه. وثانيهما أن مثل هذه الأعمال تؤلب علينا العالم ولا تكسب لنا أنصارا في زمن لم يعد أحد يستفرد بأحد أو ينكل به في غياب العالم.   وللواقع فإن اسرائيل هي التي ترتكب ما ترتكب من جرائم للدفع لحلول اليأس التي تزيد من إحكام إغلاق الآفاق أمام احتمالات الحل ولو كان منقوصا فيندفع البعض منا على طريق رد الفعل الذي يزيد من تعميق المشاكل فيما ليس أمام الفلسطينيين من حل آخر اليوم والزمن لا يخدم القضية على الأقل في الزمن المنظور.   وبدل كسب الأنصار للقضية العادلة ستمر أيام وأسابيع والعالم يجتر نظرية «وحشية الفلسطينيين والعرب» تجاه «اليهود المساكين المظلومين والمهددين» فيما الواجب هو تغيير هذه النظرة لكسب شيء من التعاطف الدولي بعد سنوات طويلة من الفرص الضائعة.   أما هؤلاء الأوروبيون الواقع إطلاق سراحهم في نفس اليوم تقريبا مع الحدثين الآخرين بعد 5 أشهر في الأسر من قبل مجموعة إرهابية جزائرية فإنهم يقومون دليلا إضافيا لدى أعداد متزايدة بأن العرب كل العرب لا يؤمن جانبهم وأنهم لا يرعون للضيف ذمة والأكثر من ذلك أنهم يضعون الجميع في نفس الكيس وعلى نفس المستوى من المسؤولية.   وفي حالة رابعة فإن انعقاد مجلس الأمن للنظر في رفع العقوبات عن ليبيا بعد الإعتراف الرسمي الليبي بالمسؤولية عن حادثة طائرة لوكربي واستعداد الحكومة الليبية لدفع تعويضات ثقيلة لأقارب الضحايا ليس من شأنه أن يزيد في رفع رأس العرب هو الآخر.   ومهما قالت ليبيا من أن هذه المسؤولية لا تعني شيئا وإنها مسؤولية مدنية باعتبار الحكومات مسؤولة عن أفعال مواطنيها، أو أن هذه الخطوة جاءت لرفع عقوبات طال أمدها وتضرر منها الشعب الليبي كثيرا فإن الرأي العام الدولي سيسجل فقط الاعتراف الليبي بالمسؤولية دون أن يبحث في التفاصيل.   وهكذا نجد أنفسنا كعرب وقد تمرغت رؤوسنا في التراب ومهما كان الاتجاه الذي استدرنا إليه فإننا سنجد سمعتنا في الحضيض للأسف والأبواب مغلقة في وجوهنا في عصر تحول فيه العالم إلى قرية متفاعلة أطرافها.   وقد يحاول بعضنا الالتفاف على عروبته أو التفصي منها ولكن لا من فائدة فالنظرة إلينا ليست في يد الواحد منا بل هي نظرة موجهة إلينا باختيارنا أو بدون اختيارنا نتحملها لطبيعة منبتنا وأصلنا سواء كنا عربا فعلا أو أكرادا أو بربراً نتيجة انتمائنا لهذه الدولة أو تلك من الدول العربية.   وهذه النظرة سيئة نتيجة ما يطرأ على حياتنا من أحداث، ورغم ما حاق بنا من ظلم فللمرء أن يتساءل إن كان ذلك يقوم مبررا أو ذريعة لكل ما يبدر من البعض منا مما تستهجنه الأخلاق الدولية والأعراف المتبعة حاضرا وما لا تقبله الديانات السماوية وخاصة الدين الإسلامي نفسه الذي يتحرك في إطاره وبصفة خاطئة البعض منا.   ولعلنا اليوم لا ندرك في أغلبيتنا أن ما جرى ويجري هو بمثابة الشرخ الغائر الذي أصاب السمعة العربية، وأن الجهد الذي ينبغي بذله بعد انتهاء الأعمال المتكررة لما يوصف غربيا بأنه إرهاب لكبير ومتواصل في الزمن حتى يستعيد العرب ما كانوا يتمتعون به من سمعة ومكانة دولية.   ومهما كان الظلم الذي تعرضوا له خلال سنوات طويلة فإن لا شيء يبرر إسقاط الطائرات أو التعرض بالأذى للمدنيين فكل واحد منا معرض لما تعرض له العاملون في مقر الأمم المتحدة في بغداد أو ركاب طائرة آمنين ليس لهم يد ولا ساق فيما يجري في منطقة الشرق الأوسط التي ينبغي أن تعود واحة سلام ولكن بعد أن يثق العالم والعالم المؤثر في سكانها. وبعد أن تتوقف الأعمال التي تؤلب العالم علينا فنخسر أو تزداد خسارتنا من حيث أردنا أن نربح.   (*) صحافي من تونس   (المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 24 أوت 2003)

 

لعنة بايبس
بقلم: جهاد الخازن       قبل أيام سألت هل يمكن ان يوجد من هو أسوأ من آرييل شارون وأحقر؟ وعلى رغم ما يبدو في السؤال من استحالة، فقد رشحت دانيال بايبس، اليهودي الأميركي العنصري المعادي للسلام وللعرب والمسلمين.   ما كنت لأتحدث عن رجل احتقر كل ما يمثل لولا ان الرئيس جورج بوش ضمّه لعضوية مجلس معهد السلام الأميركي، وهو قرار مستهجن مستنكر، لأن بايبس يعارض السلام في الشرق الأوسط، ويقف الى يمين مجرم الحرب شارون، ان كان هذا ممكناً.   وأعود الى بايبس اليوم بعد ان قرأت له مقالاً حقيراً آخر يكشف دخائل نفسه المريضة، ويفضح أفكاره على طريقة: من فمك أدينك يا اسرائيل.   تحت العنوان « لعنة اللاجئين » كتب دانيال بايبس يقول ان هناك أحجية هي لماذا يختلف اللاجئون الفلسطينيون عن 135 مليون لاجئ آخر من القرن العشرين. ويرد على نفسه فيقول انه بالنسبة الى كل اللاجئين الآخرين يهبط ألم التهجير وخسارة الوطن والفقر بمرور الوقت، سواء كانوا من كوريا الجنوبية أو فيتنام أو باكستان أو اسرائيل أو تركيا أو ألمانيا أو أميركا، فاللاجئون ينصهرون في البلد حيث يقيمون، ولا يعودون لاجئين.   ولكن اللاجئين الفلسطينيين ليسوا كذلك، كما يرى بايبس، فهم يظلون لاجئين جيلاً بعد جيل ما يزيد الألم وعدم الرضا. اذا كان لي ان أترجم كلام بايبس، فهو يريد ان يذوب اللاجئون الفلسطينيون في مجتمعات البلدان حيث يقيمون لتحل مشكلة « حق العودة »، ولا يعود هناك فلسطيني يطالب ببيته ووطنه.   ويقول بايبس: « ان هناك أسباباً عدة للتناقض بين وضع اللاجئ الفلسطيني وغيره، لكن العنصر الانساني هو الهيكل البيروقراطي للأمم المتحدة ». ونقول ان السبب الأول والأخير هو جريمة قيام اسرائيل على أراضي الآخرين، وتهجير أصحاب الأرض والحق كفارة عن جرائم النازيين بحق اليهود.   ويكمل الكاتب شارحاً ان في الأمم المتحدة هيئتين لرعاية اللاجئين هما اللجنة الدولية العليا للاجئين ووكالة الغوث الدولية للاجئين الفلسطينيين (أونروا). واللجنة تصف اللاجئ بأنه « انسان له سبب حقيقي للخوف من الاضطهاد وهو موجود خارج وطنه »، ما يعني ان المتحدرين من لاجئ ليسوا لاجئين، فالكوبي الذي يفر من نظام كاسترو لاجئ، الا ان ابناءه في فلوريدا ليسوا لاجئين، وكذلك الأفغان والايرانيون وغيرهم. أما اونروا التي أُسست سنة 1949 للاجئين الفلسطينيين وحدهم فهي تعنى « بالناس الذين عاشوا في فلسطين بين حزيران (يونيو) 1946 وأيار (مايو) 1948 » وفقدوا بيوتهم وسبل عيشهم بسبب النزاع العربي – الاسرائيلي، وتعتبر المتحدرين من هؤلاء اللاجئين الأصليين لاجئين أيضاً حتى لو كان أحد الأبوين فقط يحمل صفة لاجئ.   مرّة أخرى بايبس يكتب عن أمنياته وأوهام شارون، فهو يريد ان يُغيِّب اللاجئين الفلسطينيين لحل مشكلة اسرائيل، أو جريمتها المستمرّة.   ويقول بايبس ان عدد اللاجئين الفلسطينيين سنة 1948 كان 726 ألفاً، ولكن تقديرات أكاديمية أو مطلعة تعتبر هذا العدد مبالغاً فيه، وأن الرقم الحقيقي هو بين 420 ألفاً و539 ألفاً. من قال لبايبس هذا؟ هل هو أحد الصهيونيين القتلة من مؤسسي اسرائيل مثل بن غوريون؟ نستطيع ان نقول ان عدد اللاجئين سنة 1948 كان مليوناً أو اثنين، الا اننا يجب ان نتجنب دائماً الردّ على كذبهم بكذب مقابل لانتفاء الحاجة.   ويقول بايبس انه بحسب تعريف اللجنة فعدد اللاجئين الفلسطينيين الآن هو في حدود 200 ألف لا يزالون أحياء، ولكن بحسب تعريف أونروا فعدد اللاجئين هو 25،4 مليون نسمة.   بايبس يتهم أونروا بالحكم على هؤلاء اللاجئين بالتشريد والعدمية، ويقول ان الدول العربية زادت الوضع سوءاً بحشر اللاجئين في مخيمات، فهناك 400 ألف منهم في لبنان ليست لهم حقوق الدرس في مدارس حكومية والعمل والتملّك. مرّة أخرى أترجم كلام هذا الصهيوني المتطرف، فهو يريد ان يذوب اللاجئون الفلسطينيون في البلدان العربية التي استضافتهم ليحل مشكلة اسرائيل، أو جريمتها. والدول العربية يمكن ان تتهم بأشياء كثيرة الا انها في الموضوع الفلسطيني تعاملت معه كما يجب، ومنعت ضياع القضية باستيعاب اللاجئين حتى ينسى الأبناء والأحفاد وطنهم.   غير ان بايبس يريد ان يقوم جيل من غير اللاجئين وأن يصبح هؤلاء مواطنين حيث هم وأن يبنوا مستقبلهم، وأفضل شيء لتحقيق ذلك في رأيه هو إغلاق أونروا وترك لجنة اللاجئين الدولية ترعى 200 ألف لاجئ.   وقد ترجمت كلام هذا المتطرف مع انني أدرك ان القارئ لا يحتاج الى ترجمة، فالموضوع هو حق العودة، وبما انه مثبت في قرارات الأمم المتحدة، فأعوان اسرائيل يحاولون ان يتحايلوا على القرارات الدولية لدفن جريمة القرن العشرين الحقيقية، فالهولوكوست كان جريمة، ثم ردّ مرتكبوها عليها بجريمة مماثلة، فكفّروا عن ذنوبهم في ترك اليهود يذبحون بتشريد شعب من أرضه وإحلال الناجين من النازية محلهم.   بايبس يحتفظ بأشد السم في كلماته للنهاية، فهو يحرض الولايات المتحدة على العمل ضد أونروا التي تقدم واشنطن 40 في المئة من موازنتها البالغة 306 ملايين دولار. ويزيد ان النائب الجمهوري كريس سميث طلب من مكتب المحاسبة العامة التحقيق في التمويل الأميركي لأونروا، وأن النائب الديموقراطي توم لانتوس طلب اغلاق أونروا وتحويل 200 ألف لاجئ فقط الى لجنة اللاجئين الدولية، ثم يدعو حكومات غربية اخرى الى مشاركة الولايات المتحدة في حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بحجب الأموال عن أونروا عندما يحين موعد تمديد عملها في حزيران (يونيو) 2005.   بايبس يستطيع ان يحلم كما يريد، الا ان اللاجئين باقون وسيظلون يطالبون بالعودة الى بلادهم. وأمثال كريس سميث وتوم لانتوس من الاعتذاريين لاسرائيل هم الذين يعرّضون كل يوم مصالح الولايات المتحدة للخطر حول العالم بدعم دولة نازية مجرمة. ولو دفعت الولايات المتحدة أضعاف ما تدفع لـ أونروا (وما تدفع يمثل نسبة حصتها من الموازنة) فإنها لن تعوّض الفلسطينيين عن قتل ابنائهم بالسلاح الأميركي في ايدي الاسرائيليين، فالجريمة كان يمكن ان توقف منذ زمن بعيد لولا أمثال بايبس وسميث ولانتوس. وهذا الأخير هنغاري يمثل اسرائيل في الكونغرس أكثر مما يمثل البلاد التي احتضنته، والمطلوب هو ان توقف الولايات المتحدة كل مساعداتها لدولة الجريمة اسرائيل.   كنت أقرأ كلام بايبس وأقرأ تقريراً للشرطة الاسرائيلية عن وجود 13 عصابة منظمة من الاتحاد السوفياتي السابق تنشط في اسرائيل ونشاطها يشمل غسل أموال والرقيق الأبيض والدعارة والتزوير والنصب والاحتيال. ولعل الحل الأسهل لمشكلة اللاجئين ليس إنكار وجودهم، وإنما اعادة المهاجرين الروس الى روسيا، وبعضهم ليس يهودياً، والبولنديين الى بولندا، والهنغاريين الى هنغاريا، وهكذا، لتخلو مساحة كافية لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين، على رغم لعنة بايبس وأمثاله.   (المصدر: ركن  » عيون وآذان  » بصحيفة الحياة الصادرة يوم 24 أوت 2003)

 

بحثا عن الحلقة المفقودة

بقلم: الشيخ الشهيد أحمد الأزرق رحمه الله (*)

 

في سنة 1947 جمعتني مشاعر موحدة بثلة من الشباب نذكر منهم على سبيل المثال الإخوة محمد الجميلي والبشير التوزري والأخ عبد الرحيم من الجريد أيضا والشاذلي البوزيري والهادي بوهلال وكان يشرف علينا ويوجهنا أستاذ جليل القدر صادق الغيرة يشحذ عزيمتنا ويدفعنا إلى الثورة على الظلم والجور وعلى الخذلان والجمود مما أدى بنا إلى تأسيس نواة للعمل الإسلامي ووضعنا لذلك مخططا سنلخصه فيما يلي ونورد بعض فقراته وأقمنا هيكلا وكنا نجتمع دوريا لتسيير العمل وتنظيمه بدعوة الناس إلى الرجوع للحق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وفي هذه الإجتماعات الدورية كنا نتدرب على إلقاء المواعظ من جهة ونقرر رفع بعض الشكايات أو الإحتجاجات على الأعمال المشينة المخالفة لتعاليم الإسلام ومما أذكره أننا ألّفنا وفدا لمقابلة شيخ المدينة الشاذلي حيدر إذاك احتجاجا على انتهاك حرمة مقبرة المسلمين بالزلاج بعد أن اكتشفنا وكرا من أوكار الدعارة وشرب المخدرات بل وزراعتها هناك وكتبنا إلى جانب ذلك عريضة إلى الصحافة ما زلت أحتفظ بمسودة منها وجهت إلى جريدة الأسبوع وهذا نصها :

حضرة الفاضل المحترم سيدي نور الدين بن محمود صاحب جريدة « الأسبوع » الغراء سلاما واحتراما،،،

سيدي المفضال ،

أن ما عرفتم به من وطنية وإخلاص وما عرفت به جريدتكم من خدمات جليلة لصالح هذه الأمة هو الذي دفعني لأن أكتب إليكم هذه السطور وذلك أن هناك شرذمة من الأنذال المفسدين الذين لا عمل لهم إلا السكر و »تكييف التكروري » لم يكتفوا بأعمالهم الدنيئة فانتهكوا حرمة مقبرة الزلاج وجعلوها مسرحا لتمثيل أدوارهم المخزية ولم يكتفوا بكل ذلك فجاؤوا إلى مقبرة المقدس المبرور سيدنا ومولانا محمد المنصف باشا باي تغمده الله برحمته وأسكنه فراديس جنانه وزرعوا قربها أشجار التكروري السامة ثم جاؤوا إلى مقهى السبت الكائنة في نفس ذلك المكان وجعلوها محلا لإقامتهم

كل هذا وإدارة مراقبة الزلاج في غفلة أو متغافلة وإدارة الأمن كذلك ومشيخة المدينة أيضا.

هذا وإني لأرجو من حميتكم وإخلاصكم لهذا الوطن أن تنشروا كلمة في جريدتكم تثيرون الرأي العام عن أعمال هؤلاء الأنذال وتطالبوا بكل إلحاح من الحكومة عقاب هؤلاء الناس بأقصى العقوبات حتى يكونوا عبرة لغيرهم.

وقد قمت مع ثلة من الأصدقاء بتقليع ما وصلت إليه أيدينا من ذلك النبات الموبوء وذهبنا به إلى مشيخة المدينة وأبلغنا الأمر فاكتفوا بأن صرفونا بقولهم : لقد أبلغتم والباقي من عملنا والسلام .                   

وطني يغار على سمعة بلاده

والتحقت بنا نخبة أخرى من خيرة شباب ذلك العهد نذكر منهم الشيخ البصيري النفطي والسيد توفيق بوعلي والأخ بلهوشات والبشير المنتصر وعثمان الحويمدي وجبريل بن جبريل وصالح المكي ومحمد المحمودي والمنجي جعفر والعربي البنا وحميدة المطوي ورشيد النيفر ومحي الدين عمار وغيرهم.

وتوسع العمل بحيث خرجنا من العاصمة إلى ضواحيها ندعو الناس إلى الرجوع إلى جادة الصواب والإقلاع والتوبة … نلقي الدروس في المساجد إثر صلاة الجمعة .. لقد كان على كل داعية أن يتعهد بزيارة ثلاثة مساجد على الأقل كل يوم جمعة يقع اختيارها متقاربة الموقع ومتفاوتة الأوقات لإقامة الصلاة بل وكنا أحيانا نلقي المواعظ في الأسواق وأمام التجمعات وبالمقاهي ..

وعاد الشيخ محي الدين القليبي من الشرق سنة 1948وتم الإتصال به نظرا لما علمنا عنه من أنه غير اتجاهه السياسي وأنه عاد يحمل معه دعوة الإخوان المسلمين .. وكان عهدا وموثقا .. وتعززت الحركة وأصبحنا نتجول في داخل البلاد يؤيدنا ويمهد لدعوتنا بعض الرجال الذين لهم ثقة بالشيخ محي الدين وتوسع العمل وتأسست الفروع والشعب وسميت حركتنا « البعث الإسلامي بالمغرب الإسلامي » وكان أمينها العام محي الدين القليبي وكاتبها العام من بين الشباب ثم تسعة أعضاء آخرين وقع اختيارهم بالإنتخاب والشورى في اجتماع  عقدناه بدار المرحوم بالمرسى.

وأول فرع تأسس بمدينة صفاقس ويشرف عليه الإخوة الحاج أحمد الزغيدي وعبد القادر سيالة وسالم عياد وأحمد العيادي وعلي مزيد والحاج عبد السلام الشعبوني ثم بمساكن وأذكر منهم بعض الإخوة محمد بن خليفة ومحمد الهويمل وطالب هو محمد الخذيري وغيرهم وبسوق الإربعاء الإخوة بلقاسم الخذيري وبلقاسم النغموشي والطاهر العيادي وفي منزل تميم المختار بن بوبكر وبقصور الساف صالح بن علي وفي جرجيس محمد خنيشل والجيلاني مسلم وفي المرازيق علي بن الأشعر وإبراهيم الفقي سالم والمبروك الجليطي وبقابس الطيب البشراوي وبالمكنين محمد بن ضياء وصالح الرصاص ومحمد الزغيبي وفي مدنين أحمد الفقي سالم وفي جربة محمد الباروني وعثمان بونوح والهادي بوشداخ وبوعيش مأمون وقاسم الرايس وفي المحرس محمد بيبي ومحمد بن صالح بن الحاج وأحمد بن التهامي وفي بن قردان البشير المنتصر والناصر غرغار وحسين المزطوري ومسعود المزطوري وفي طوزة محمد قاسم دلدول وفي بنزرت المختار غريبو والمنوبي بن حسين بن الربيع والهاشمي مسلم وعبد الحميد الزموري وفي باجة محمد الشواشي ويونس مبروك والأخضر بن الحاج ساسي والأمين الزمال وبماطر الهاشمي السطايفي عبد الحميد البجاوي ومحمد الفطناسي .. وفي عديد المدن والقرى والمداشر والقائمات ماتزال محفوظة تشهد ولا فائدة في تعدادها. إنما أردنا ذكر نبذة منها ليطلع عليها شبابنا فيعلم أن صلته وثيقة بماضيه وأن من سبقوه أدوا بعض الأمانة بما سمحت لهم به ظروفهم وجهودهم ..

واعترافا بالفضل لذويه نذكر أنه هناك من سبقونا من الشيوخ الأجلة والعلماء الأفاضل بتأسيس الحركات والمنظمات الإسلامية كمنظمة الشبان المسلمين وعلى رأسها الشيخ الجليل الأستاذ محمد الصالح النيفر أمد الله في حياته ونفع به المسلمين، وهناك آخرون قاموا بأعمال فردية جليلة يضيق المجال بذكرهم وإنما ركزنا حديثنا عن حركة البعث باعتبارها النواة الأولى للعمل الإسلامي الشامل -دين ودولة ومصحف وسيف وعبادة وجهاد- وإنما كذلك امتداد للدعوة إلى توحيد الأمة الإسلامية وقيام الدولة المسلمة وتطبيق شرع الله في أرضه وهذا ما نفهمه من بعض ما سنورده من فقرات القانون الأساسي الذي تم وضعه في ذلك العهد وهذه مقتطفات منه بعد الديباجة :

1- لا أمل في تحقيق أمنية الأمة إلا بتربية شبابها تربية حقة، ولا تربية حقيقية إلا بتنشئة الشباب تنشئة دينية عمادها التعصب .. للدين ولجميع أهدافه ومبادئه وأخلاقه وهو ما نعتقد أنه لا نجاح لنا بدونه بحال، ذلك أن الوطنية الغير الدينية دافعها الإعتزاز بالمميزات الخاصة التي لا تتجاوز الشكل والعصبية إلى الأجداد وهي غير قمئة دائما بأن تدفع بمعتنقيها إلى التضحية ما دامت لا تعدو الفخر بالماضي . أما الوطنية الدينية فغايتها إسعاد في الدنيا بما نحييه من المميزات ونجاة في الآخرة وفوز بالنعيم فيها لأنها تلبي ما دعا إليه الشارع الحكيم وحظ عليه ووعد صاحبه بالسعادة في الدارين ،،، ولن يكون في حساب المسلمين وطني حقا إلا من كان واقفا عند المنهيات آتيا بجميع الواجبات آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر متجردا مخلصا عمله لله وحده ،،

2- لا تغيير للحالة التي نحن عليها إلا بأعمال تقوم بها كتل متراصة ذات سواعد .. وقلوب لا تعرف للخوف معنى ولن يكون كذلك إلا إذا كانت عامرة بالإيمان الحق ،، ومن عمر قلبه بالإيمان كانت الموت والحياة في عينيه سواء وأكثر من تعورف – في جميع الأمم وفي كل العصور – بالإضطلاع بهذه المهنة هم الشباب الذين إذا عمرت قلوبهم بالإيمان ملأ جميع زواياها فلا يترك بقعة لمحبة ما سوى الله ،، ومن هنا وجب أن يكون اعتمادنا بعد الله على الشباب .

3- لن يضطلع بهذه الأمانة العظمى أمانة حظوظ الأمم إلا من تجسم فيهم الإخلاص الديني بالمعنى المتقدم أعني الوطنية الدينية البحتة ومن هناك يكون لا معنى عندنا للإعتزاز بكثرة الأفراد المتطوعين للقيام بهذه الأمانة بل من الواجب الديني والإخلاص له ألا يضطلع بها إلا من خبرنا سريرته أولا وعرفنا غايته ثانيا وتعرفنا على مقدار حماسه وغيرته على دينه ثالثا فاستخلصنا من كل ذلك أنه جندي من جنود محمد صلى الله عليه وسلم بالمعنى الكامل في حياته الخاصة والعامة .

ولذلك وجب أن تكون لمنظمتنا ثلاثة أفواج شباب متمرن، شباب عامل، شباب محمدي،

ثم يتناول النظام طريقة قبول الأعضاء وكيف يتدرجون هذه الرتب الثلاث وكيف يعرجون إلى فهم مبادئ الإسلام ثم المهمة التي عليهم القيام بها في نطاق المنظمة وكيف ينضبط أفراد كل فوج حتى يصلون في الدرجة الثانية إلى فهم معنى التكتل فيحملون بالتدرج على تكوين المنظمات الإقتصادية التي تجلب السعادة للأعضاء وتكون مدخرا فياضا تقتحم به المجموعة غاياتها ويدربون على معنى الحكمة… إلى أن يصلوا إلى الدرجة الأخيرة التي من بين أفرادها المسؤولون الإداريون وعمداء الفوجين الآخرين ممن تتوفر فيهم شروط الألمعية والذكاء والقدرة التامة على الدعاية وتمثيل مبادئ المنظمة خير تمثيل ومنهم كذلك الوعاظ العامون وهؤلاء هم وجه المنظمة ومهمتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع الأحوال وفي كل الأزمنة والأماكن في جميع الأوساط والمجتمعات فيغشون لذلك الجوامع والمقاهي ودور الملاهي والأسواق في القرى والمداشر والشوارع ولذلك يشترط في هؤلاء الوعاظ أن يكونوا من ألين الإخوة عريكة حاضري الحجة متسلحون لكل ميدان من ميادين القول مع استحضار نصوص الكتاب والسنة ،    

لماذا فشلنا؟!

أهم عوامل الفشل هو خلاف دب بين الأمين العام والكاتب العام للمنظمة انتهت بفرقة بينهما وتلاشى التجمع وكان ذلك بسبب عوامل عديدة أهمها المكائد التي كانت تنتصب خاصة للتفريق بين أهم العنصرين الأساسيين  للجماعة وقد نجحوا.

على أن هذه الحادثة رغم سلبياتها وتأثيرها السيء على المنظمة بحيث توقفت أو كادت عن كل نشاط داخل االبلاد، إلا أنه نتج عن الفراق هجرة الأول وفرار الثاني لاكتشاف عمل  جدي كان ينظم في الخفاء يهيؤ للثورة ضد الإستعمار فانطلق الأمين العام يتجول في أنحاء المغرب الإسلامي ويؤسس الفروع للمنظمة التي فشلت في تونس فيهيء لها المولى عز وجل المناخ لتشق طريقها في الجزائر فكان الأخ الشهيد عمر عنيبة المسؤول عن منظمة البعث هناك أول شهداء الثورة الجزائرية ..

ثم انتقل إلى المغرب ثم إلى ليبيا حيث يسر المولى جل وعلا لحركة البعث أن تنشط فتأسست لها المراكز في كل من طرابلس وبنغازي ودرنة والمرج وطبرق وكان من بين الإخوة المشرفون الأستاذ محمد القرقني وعبد الرزاق شقلوف وعبد الحميد بن حليم والصالحي بن محمود وأحمد بدير وسعد الدين الثلثي ومحمد بريون وغيرهم كثير وقد كان هؤلاء الإخوة هم المحرك لأغلب الإنتفاضات والعمل ضد السلط الإستعمارية البريطانية التي كانت نشيطة لبسط نفوذها على الدولة الفتية ووجهت لعدد منهم تهما مختلفة اضطرت البعض منهم إلى الهجرة أو الفرار بدينهم كرا وفرا كما تقتضيه مصلحة العمل للدعوة في تلكم الأوساط والظروف العصيبة التي كانت تمر بنا إثر كل حرب عالمية ونحن نتحسس طريقنا بين التيارات المختلفة التي كانت تهز العالم الإسلامي خاصة بعد أن تلاشت شخصيته وضاعت وتميعت قيمه وتبعثرت ..

ونحمد الله سبحانه وتعالى أن لم ينطفئ المشعل وأن الأيدي المؤمنة ما تزال تتسابق لكي ترفعه عاليا وكلما قطعت منا يمين امتدت السواعد تشده عاليا خفاقا

« ولينصرن الله من ينصره »

ذكرى وتقييم

ونعود إلى الكلام عن حركة البعث الإسلامي للتعرف على أسباب الفشل التي زلزلت أقدامها وأعاقت سيرها والتي أشرنا إلى جزء منها في الحلقة الماضية. فنقدم إليكم جوانب أخرى وصورا عدة لبعض الأخطاء آملين أن تكون منارات على الطريق تهدي السالكين لطريق الدعوة إلى الله وتجنبهم عثرات الماضي .

لقد كان أكثر القائمين على هذه الحركة من الشباب -والشباب الزيتوني خاصة – يحدوهم ويؤجج حماسهم ويفجر طاقاتهم الفتية النقية ويدفعهم إلى الثورة دفعا مدرس جليل القدر صادق الغيرة ألمحت إليه في الحلقة الماضية وأصرح اليوم باسمه تخليدا لذكراه وهو المغفور له الأستاذ الطاهر الغمراسني أجزل الله مثوبته في عليين .. لقد جعل منهم نواة تريد تغيير هذا العالم وقلب أوضاعه .. آمنوا أن دواء الإنسانية من أمراض الجشع والإستبداد والإستغلال فيما بين أيديهم من تعاليم القرآن ومبادئ الإسلام ..

الإرتجال والغرور

ولكن هذه الثورة كان ينقصها التنظيم وينقصها العمق .. فلم تتوفر لها مؤهلات التقييم والتنظير ودراسة الحركات السابقة حتى يتم أحكام الربط بين حلقات العمل ، واتسم العمل داخل المجموعة بالإرتجال فلم نخطط لتحركاتنا ولم نحدد المراحل والأهداف .. وكان يطغى على الكثيرين نوع من الغرور والإعجاب بالنفس وكثيرا ما يغلب على الدعاة الحماس الذي لا يدعمه العقل الرصين ولا تنيره المعرفة الواعية بما يدور في العالم. كان البعض لا يستطيع أن يخفي زهوه وهو يرى طاعة الناس له ويستمع إلى مديحهم وهذه عوامل جد مؤثرة في النتائج وكثيرا ما يتلاشى معها العمل ويتبخر ..

الإعداد الفردي والدس

لقد أهملت هذه النواة الأولى للبعث الإسلامي الجانب النفسي في تكوين الأفراد وإعدادهم بحيث لم نهتم بشحذ عزيمة الإنسان المسلم وتعبئته لنجعل منه ذلك الجندي الذي وهب نفسه وما يملك لله وحده .. يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عن رسول الله كيف كان يربيهم : « كان يفرغنا ويملؤنا » يفرغهم مما رسب في نفوسهم من مخلفات البيئة الفاسدة ويملؤهم بالنور والصفاء والإشراق وحب الخير والبذل والفداء حتى جعل منهم ذلك الجيش المسلم الذي نشر أشرف حضارة وأقام أعدل حكم أظل الإنسانية في تاريخها الطويل ..

كنا نعتمد على أناس قد تهيؤوا تلقائيا بسبب تكوينهم العائلي أوالإجتماعي والثقافي بحيث لم تكن السبل واضحة على نسق واحد وبنسب متحدة لدى الجميع وسلوك طريق الدعوة العامة كثيرا ما يتفرق مفعوله مع الجموع ويتبدد ويضيع ..

وشيء مهم جدا هو أننالم نبدأ بأنفسنا فلم نعلن الثورة على داخلنا فلم يهيء كل منا نفسه ليكون كيانه ووجوده منصهرا في العمل الإسلامي قبل أن يدعو الناس ويذكرهم بالإسلام بل وقبل أن يظهر للناس على مسرح الحياة كمسلم فضلا عن داعية للإسلام .. الشيء الذي جعلنا لا نثبت أمام الهزات والأزمات وتركنا الباب مفتوحا للإنتهازيين فتمكنوا من الدس والكيد كإحداث الخلاف الذي أشرت إليه فيما سبق بين الأمين العام والكاتب العام للحركة .. وتمكن الصائدون من استغلال الحماس المتأجج والشعور اللاهب الذي أيقظه الدعاة في الجمهور فحولوه إلى أرضية كانوا قد أعدوها من قبل ومهدوها لمغنم زهيد وحصاد رخيص ..

استغلال اسم الإسلام

وتحول الحماس الديني لدى الجماهير إلى اتجاه ليس له من الإسلام إلا رسمه واستفادت الحركات السياسية من هذه العاطفة بحيث أن جميع من تصدوا للمقاومة ونادوا بالكفاح ضربوا على هذا الوتر ونادوا في الناس بالإسلام ودعوهم باسمه ووعظوهم بالقرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهج الصحابة رضوان الله تعالى عنهم جميعا.

فما سمع الناس بنغمات التقدم والتقدمية ولا الديمقراطية والإشتراكية إلا مؤخرا بعدما منّ الله علينا بنعمة التحرر جزاء تمسكنا بمبادئ الإسلام .. عندما استجابت الشعوب لنداءات زعمائها يلهبون حماسهم الديني في كل مناسبة ويدعونهم للإلتفاف حولهم لتحقيق العزة والكرامة ..

ولكن تعالوا لنتساءل الآن وبعد أن تحررت الدول العربية وحكمت نفسها: هل بقيت لنا شخصية إسلامية على شكل جماعي وفي المجال الدولي ..؟ هل بقيت لنا مميزات قرآنية في مجال التشريع والإدارة والمعاملات؟ وأين هي مقاييس الإسلام وموازينه في مجتمعاتنا؟ وأين أثره في حياتنا وفي سلوكنا؟ إن المظاهر شيء عظيم حقا بالنسبة لزمن الناس هذا .. هذه الهيئات والمناصب والمشاريع والمعامل والمباني والأعلام والتمدين والتعصير والتعليم بمؤسساته والجامعات والفنون والإعلام بوسائله المتعددة والتبادل التجاري والتقنية والمخططات السكنية في المدن والريف .. كل  هذا شيء مهم ولا نغمطه حقه، ولكن يا ترى على أي أساس ركزناه وعلى أي منهج بنيناه ؟! أخبروني أية دعامة من العقيدة الإسلامية والإيمان المحمدي تثبته وتميزه ..!

إذا لم تكن كل شعاراتنا منبعثة من أعمق أعماقنا ومن أغوار معتقداتنا تعلن للملإ في تصيم وتصرخ في بقاع الدنيا على المدى وتقول: نحن غير أولئك إننا أبناء الحنيفية السمحة .. نظرتنا للحياة تختلف عن نظرة الغرب والشرق وميزاننا غير موازينهم .. وإلا فما هي الأمة إذا لم تكن هذه الأشياء مجتمعة

 

الدعم المالي

المال قوام الأعمال كما يقولون .. ولكن حركة البعث الإسلامي بالمغرب الإسلامي في عهد انبعاثها لم تعتن بهذا الجانب المهم في قيام الدعوات .. لقد كان المشرفون عليها يقتطعون من أقواتهم لينفقوا على الحركة ..  في حين أن نشاط العمل الإسلامي واستمرار الدعوة مرتبط أشد الإرتباط بالتنظيم الإقتصادي ببعث المشاريع الصناعية والتجارية التي تكون درعا للدعوة من كل الهزات والأزمات .. تحفظ كيانها وتركز وجودها وتثبته المؤسسات الإقتصادية والثقافية والإجتماعية في شتى مجالات الحياة

مبالغة بدون جدوى

وأشير إلى ما امتاز به عمل الجماعة من شدة التحفظ وكتمان السر حتى أنهم كانوا يتجهون إلى اعتماد الأحرف الأولى لأسماء الإخوة المنتمين للحركة وخصوصا الأعضاء العاملون الذين بلغوا مرحلة الإنتقاء النهائي .. وهذا في اعتقادي كان أيضا سببا من أسباب الفشل يشير إلى نوع من الجبن والخوف الذي يسيطر على نفوس بعض الشباب المتحمس فضلا عن سواهم … إذ التستر وشدة الحرص وكتمان أمور بدون مبرر وبلا موجب قد يدل على الضعف والخور أو الإزدواج في السبل والغاية -قصدنا ذلك أم لم نقصد- فالمؤمن ليس عنده ما يخفيه عن الناس أو يخافهم عليه إذ الموت والحياة عنده سواء بل وقد يكون الموت أفضل طالما كانت في سبيل الحق وطلبا لرضاء رب العالمين .. طبعا دون تهور ولكن برصانة المسلم الذي يعلن دعوته صريحة وسبيله واضحة .. يقول الحق في عزة الحق.

التوجيه الإسلامي

هذه هي التربية الإسلامية التي فقدنا جانبا كبيرا منها في تقويم سلوك العاملين وجمعهم ليكونوا نموذجا للأسرة المسلمة يعيشون معا في تكافل وترابط ومن هذه المجموعات يتكون المجتمع الإسلامي المتميز الذي يقدم للإنسانية نوعا فريدا من السلوك والتربية القرآنية. لقد بدا المجتمع المسلم بصاحب الرسالة صلوات الله عليه وسلامه يجمع إليه من آمن يلتقي بهم ويؤلف بينهم وما دار الأرقم إلا تهيئة لهذا المجتمع .. وكذلك الهجرة إلى أرض الحبشة كانت دوافعها البحث والإعداد لهذا المجتمع ثم عرض الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل كلها كانت توطئة كذلك وأخيرا هجرة المدينة .. وقيام الدولة وتجسيم فكرة الدولة وتجسيم فكرة الأمة المترابطة المتآزرة المتكافلة وهكذا نستطيع أن نأخذ الدرس من تجربة البعث الإسلامي المضيئة لكي نتبع خطى الرسول عليه الصلاة والسلام في التكوين والإعدادوالتعبئة والتنظيم والسلوك ..

مساهمة متواضعة

وبالرغم مما حف بهذه الحركة من العوامل والأخطاء فقد كانت مساهمة متواضعة قدم فيها عدد من إخواننا القدامى واجبهم في حدود ما تيسر لهم وعملوا مجتهدين في حمل أمانة الكفاح الإسلامي ما استطاعوا ولو كان بجهد المقل كما يقولون.. وضربوا بسهم -ولو كان مفلولا في ميدان الجهاد والله من وراء القصد ورحم الله من قال: إن الخيبة مع السعي النبيل أشرف من الفوز مع السعي الخسيس ..

ويكفي أن تعلموا وهذا من باب ذكر نعم الله علينا الذي هدانا كما هدى إخوانا من قبلنا دفاعا عن راية: لا إلاه إلا الله محمد رسول الله -إن جنود حركة البعث الإسلامي هم أول من دعى للثورة المسلحة بتونس سنة 1950 وقبل أن يتجه إليها أي طرف آخر بل على العكس لقي دعاة البعث الإسلامي المعارضة والعنت في سبيل ذلك وبعض المسؤولين في النطاق القومي الذين ما يزالون على قيد الحياة لا يستطيعون الإنكار أو الرد علينا.

ولكم أن تفتخروا أيضا إذا ما علمتم أن حركة البعث الإسلامي كان جنودها المجاهدون من أول من حمل السلاح في وجه الإستعمار الفرنسي في الجزائر سنة 1954 وأن مندوب حركة البعث الإسلامي هو الذي أعلن عن موعد انطلاق الشرارة للثورة الجزائرية في حديث له بإذاعة صوت العرب في القاهرة خلال شهر أكتوبر 1954 وكان أخي الشهيد المختار غنيبة المسؤول عن فرع البعث الإسلامي بالجزائر من أوائل المجاهدين الذين روت دماؤهم الزكية ساحة الجهاد.. وتخليدا لذكراه نزين هذه الفقرة بشعار البعث الإسلامي بالجزائر الذي تسلمته من يده الطاهرة يوم تعاهدنا على البدل والفداء فتقبل الله منه وأنجزه وعده فهنيئا له مع الشهداء والخالدين .

 ذكرى مغبونة

وإذ نحيي ذكرى شهداء حركة البعث الإسلامي اليوم فإنه لا يسعني إلا أن أسجل ذكرى شهداء « زرمدين » وهما الأخوان محمد وعلي الوحيشي ورفيقاهما بن يونب وبوصويفة هؤلاء الفتية الأربعة الذين أعلنوا الثورة على سلطات الإستعمار الفرنسي في تونس واعتصموا بشعاب بلدة زرمدين بالساحل التونسي …

لقد دامت ثورتهم قرابة السنتين من عام 1946 إلى عام 1948، لقد عجزت قوة الإستعمار على النيل منهم .. كان أهل الساحل يشاهدون الجند الفرنسي بمعداته ينزل إلى تلك الشعاب ليعود منها يجر أذيال الخيبة حيث كان الثوار يفلتون نحو متاهات الشعاب وهولها لينقضوا فيما بعد على مجموعات منهم في شكل من حروب العصابات مما ألجأ سلطات الإستعمار إلى الكيد والدس والغدر مستعينة ببعض الخونة من التونسيين وعلى رأسهم المدعو الطاهر بطيخ الذي كان يشغل مهمة رئيس الجامعة الدستورية بالساحل، هذا الذي باع ضميره وباع وطنيته وباع دينه بثمن بخس ووعود زائفة بحيث تمكن من الإتصال بالثوار وتظاهر بالعطف عليهم وبعد أن اطمأنوا إليه أقنعهم برغبته في تهريبهم إلى الشرق ليساهموا في حرب فلسطين ثم يعودون من هناك مع بقية المتطوعين المغاربة في قوة لتحرير تونس والمغرب العربي .. وانطلت الحيلة وكان الموعد والمكان قد تم ضبطهما سلفا حيث نصب الكمين وهناك في مكان منعزل قرب القطار أودعهم الغادر فريسة لجيش الإستعمار الذي أحاط بهم من كل مكان وحاصرهم بقوة ضخمة وتم القضاء عليهم وكان ذلك خلال شهر جوان من سنة 1948 وتخليدا لذكراهم نزين هذه الفقرة بشعار الأمانة العامة لحركة البعث الإسلامي بالمغرب الإسلامي ولا يفوتني أن أذكر أن هذا الغادر قد لقي جزاءه فمات أشنع ميتة وعلى يد أصحابه ولا إلاه إلا الله والله أكبر وإلى اللقاء والسلام عليكم .

 

(*) الشيخ الشهيد أحمد لزرق من رواد العمل الوطني والإسلامي بتونس تصدى جاهد ضد الاستعمار الفرنسي وتصدى للدكتاتورية البورقيبية في عنفوانها  وقد استغل بورقيبة علاقة قرابة للشيخ بأحد عناصر مجموعة الجهاد الإسلامي التي حوكمت في تونس في أوائل الثمانينيات ليصدر عليه حكما بالإعدام. وبعد أن وعد السلطات السعودية بعدم تنفيذ الحكم ما أدى إلى تسليمها للشيخ قام الطاغية بإعدامه بعد 11 ساعة من نزوله من الطائرة مقيدا. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

نشرت له هذه المقالات بمجلة المعرفة العدد الثالث والخامس من السنة الخامسة، فيفري- ماي .. 197

(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 23 أوت 2003)

 

Accueil

 


Lire aussi ces articles

24 mars 2004

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1404 du 24.03.2004  archives : www.tunisnews.net الحزب الديمقراطي التقدمي: بعد عملية اغتيال الشيخ أحمد

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.