14 janvier 2005

Accueil

TUNISNEWS

  5 ème année, N° 1700 du 14.01.2005

 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع بنزرت : نعي السجين السياسي لطفي العيد ودي هيومن رايتس ووتش: أوضاع حقوق الإنسان في تونس –  التقرير السنوي محمد صالح النهدي: تغييب المؤسسات وراء توظيف السلطة للشعور الديني محمد العروسي الهاني: إصلاحات جذرية من أجل مستقبل تونس زهير اليحياوي: تونس – صفاقس – جرجيس (الجزء الثاني) الهادي بريك: مائة مصباح من مشكاة النبوة +  الحلقة الرابعة والاربعون فاضل السالك : رسالة الشهيد العيدودي
صلاح الدين الجورشي: هل ينتقل المجتمع المدني من الاحتجاج إلى المبادرة ؟ د. ابو خولة : دروس هامة للإصلاح الاقتصادي الشامل بالدول العربية ادرار نفوسه: ليبيا سلطة شعبية الشعب خارجها توفيق المديني: وجه الرأسمالية الجديد -أوروبا انطلقت لكنها لازالت بعيدة عن منافسيها – أوروبا الموحدة بين الآمال والتحديات


AFP: Sommet euro-méditerranéen pour l’intégration et une zone de libre-échange National Post: Tunisia convicts Canadian terror suspect: Six-year sentence Confluences Méditerrané: Régimes politiques et droits humains au Maghreb

Omar Khayyâm: Abdallah Zouari, un lourd fardeau pour l’Etat


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت 75 شارع فرحات حشاد 7001 بنزرت ــ الهاتف 435.440 72
 بنزرت في 14  جانفي  2005   نعي

 

ينعي فرع  بنزرت  للرابطة  التونسية  للدفاع عن  حقوق الانسان وفاة السجين السياسي لطفي العيد ودي بعد مصارعة مرضه المؤلم ، ويرجو من الله أن يتغمده برحمته  ويرزق أهله  وذويه جميل الصبر والسلوان.

والمعروف أن لطفي العيد ودي من مواليد شهر أفريل 1966 بمدينة حفوز وكان طالبا بكلية الحقوق بسوسة وبعدها حوكم بسبب نشاطه النقابي باعتباره عضو بالمكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للطلبة  ﺒـ  17 سنة  سجن. وقد علمنا أن  المرحوم  لطفي قد انقطع له عرق بالدماغ  حيث فقد وعيه طيلة الاسبوع ورغم هذه الحال لم تسعفه إدارة السجن  في الإبان إذ  اتهمته  (بالتمويه) و(التبهنيس)  وبعد مماطلة  نقل الي المستشفي حيث اكتشف الاطبباء أن الداء في أخر طور من مراحله وقرروا نقله عاجلا الي مصحة أخرة  مجهزة بألات  ومعدات يمكن  ان تخفف من ألام لطفي العيدودي الذي يكابد الموت، غير أن إدارة السجون والإصلاح رفضت  نصائح الاطباء مما جعل مستشفي الرابطة يقوم    بعمليتين   للمريض وبما أمكن  لديه من معدات  ليست في مستوي المرض.

ويود  فرع  بنزرت ان يذكر أن لطفي العيدودي قد قضي بالسجن  إثنتي عشرة   سنة، وقد اطلقت السلطة سراحه منذ أشهر قليلة بعد أن تأكدت أن حالته حتما ميؤس منها. وهكذا بعد مغادرته السجن قضي العيدودي المدة بين المستشفي والمنزل الي ان  قضي نحبه.

ويعيد فرع بنزرت التذكير أن حالة لطفي العيدودي، وهي عينة مما يقع وراء جدران الصمت،  تعبيرا صادقا عن معاناة المساجين السياسيين الذين يعانون من الاهمال الطبي وسوء المعاملة المسترسلة التي أدت الي إصابة الكثير منهم  بأمراض خطيرة  مزمنة تهددهم بالموت البطيء .  

 إن حالة لطفي العيدودي ليست هي الأولي من نوعها  و ما  يشابهها وليست الثانية أو الثالثة  فقد سبقه غيره من المساجين السياسيين والحق العام بنفس الداء وفي عدم اكتراث إدارة السجون والإصلاح .

– وإذ يندد فرع بنزرت بممارسات  السلطة القمعية وغير القانونية تجاه المساجين السياسيين فإنه يجدد دعوته الي إطلاق سراحهم في القريب العاجل بمقتضي عفو تشريعي عام  والي ضمان الرعاية الصحية الضرورية لهم بعد إطلاق سراحهم وأن لا تعمد الي تجويعهم مثل ما تتصرف الوقت الحاضر تجاه قدماء المساجين السياسيين.

  

وفي نفس هذا  السياق تود هيئة فرع بنزرت الترحم علي روح فقيد الحركة الديمقراطية الرفيق المناضل أحمد العثماني الذي وافاه الاجل  المحتوم إثر حادث مرور بالمغرب أين كان يحضر أشغال ندوة حقوقية.

وكان العثماني ، الذي تحي عدد من هيئات المجتمع المدني أربعينيته  غدا 15 جانفي الجاري ، رمزا للنضال من أجل  حقوق الإنسان ، حوكم في أواخر الستينات ومعه زوجته في قضايا سياسية، و مورست ضده أبشع أشكال التعذيب أثناء أعتقاله ولم يمنعه ذلك من تسخير بقية حياته للنضال من أجل حقوق الانسان وبالخصوص الاصلاحات السجنية التي خصص لها الجزء الاكبر من وقته في السنوات الاخيرة من حياته إذ كان يقينه  راسخا أن الحاكم العربي متخلفا عن الركب المدني ، لذا كان  احمد العثماني رمزا من رواد النضال الحضاري الذي كلفه في اول حكم ضده  ﺒــ  12 سنة  سجن نافذة.

–  يأسف فرع الرابطة ببنزرت تعمد تجاهل  الاعلام الرسمي لهذه الشخصيات  الوطنية التي ضحت من أجل حياة كريمة  للمواطن التونسي وللإنسان عامة.

رحم الله الفقيدين – العثماني  والعيد ودي -ــ ورزق أهلهما وذويهما وكافة الحركة الديمقراطية  جميل الصبر والسلوان

    

عن الهيئة

رئيس الفرع

علي  بن  ســالم

 


 

 نبذة عن أوضاع حقوق الإنسان في تونس مثلما وردت في نص التقرير السنوي لمنظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية لعام 2005   (صدر في نيويورك يوم 13 جانفي 2005 ويغطي أكثر من 60 بلداً) تــونـــس  
استمر الوضع في تونس في عام 2004 على ما هو عليه من حيث الضيق بالمعارضة وعدم قبولها. ويهيمن « حزب التجمع الدستوري الديمقراطي » الحاكم على الحياة السياسية، وتواصل الحكومة استغلال خطر الإرهاب والتطرف الديني كذريعة لقمع المعارضة السلمية. وتفرض السلطات قيوداً مشددة تعوق ممارسة الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها. وكثيراً ما يتعرض من ينتقدون الحكومة للمضايقة أو السجن بتهم ملفقة بعد محاكمات جائرة.   وبعد الإفراج المشروط عن زهاء 80 سجيناً سياسياً في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، ظل قرابة 400 آخرين وراء القضبان وكلهم تقريباً من المشتبه في أنهم من الإسلاميين. واستمر ورود أنباء موثوق بها تفيد باستخدام التعذيب وسوء المعاملة للحصول على إفادات من الأشخاص المشتبه بهم في الحجز. كما يتعرض السجناء المحكوم عليهم لسوء المعاملة بصورة متعمدة. وخلال عام 2004، احتُجز ما يقرب من 40 سجيناً سياسياً رهن الحبس الانفرادي بصورة تعسفية ولفترات مطولة، وقد قضى بعضهم معظم فترات العقد الأخير في عزلة. وأُعيد انتخاب الرئيس زين العابدين بن علي لولاية رابعة مدتها خمسة أعوام في 24 أكتوبر/تشرين الأول، حيث فاز بنسبة 94.5 في المائة من الأصوات، بعد أن تم تعديل الدستور في أبريل/نيسان 2002 لحذف البند السابق الذي كان يقصر تولي الرئاسة على ثلاث فترات. وأتاح التعديل نفسه حصانة دائمة لرئيس الدولة من المحاسبة على أية أعمال ذات صلة بمهامه الرسمية. وأيد اثنان من منافسي بن علي الثلاثة في الانتخابات رئيس الدولة.   ومنعت السلطات المرشح المعارض الوحيد الحقيقي محمد حلواني من طبع وتوزيع برنامجه الانتخابي. وسمحت السلطات لأنصار حلواني بالقيام بمسيرة احتجاج في العاصمة تونس في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2004، وهي أول حشد علني للمعارضة في الحقبة المعاصرة. وحصل حلواني على أقل من واحد في المائة من الأصوات حسب النتائج الرسمية. وقاطعت عدة أحزاب أخرى الانتخابات معتبرةً إياها غير نزيهة. وحصل الحزب الحاكم على جميع مقاعد الدوائر في البرلمان وعددها 152 مقعداً مما يضمن بقاء البرلمان أداةً طيعةً في أيدي الحكومة. وخُصص 37 مقعداً إضافياً لأعضاء أحزاب أخرى. المدافعون عن حقوق الإنسان تعمل أبرز منظمتين لحقوق الإنسان في تونس في ظل أوضاع قانونية مستعصية. فما زالت « الرابطة التونسية لحقوق الإنسان » التي أُسست في عام 1977 خاضعةً لحكم قضائي يبطل نتائج الانتخابات الداخلية التي أُجريت عام 2000 وأسفرت عن انتخاب لجنة تنفيذية تجاهر بانتقاد انتهاكات حقوق الإنسان. أما « المجلس الوطني للحريات في تونس » الذي مضى على إنشائه ست سنوات، فقد رفضت الحكومة الطلب الذي تقدم به للحصول على الاعتراف القانوني. وتقدمت منظمات أخرى معنية بحقوق الإنسان أُنشئت في فترات لاحقة بطلبات للحصول على التصريح القانوني إلا إنها لم تحصل عليه حتى الآن، ومن بينها « الجمعية الدولية للتضامن مع السجناء السياسيين » و »مركز استقلال القضاة والمحامين » و »جمعية مكافحة التعذيب في تونس ». ويتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان، شأنهم شأن المعارضين عموماً، للمراقبة المكثفة من جانب الشرطة، والمنع من السفر بين الحين والآخر، والفصل من العمل، وتعطيل خدمة الهاتف، ومضايقة الشرطة للأزواج أو الزوجات وأفراد الأسرة. وتعرض بعض المحامين والنشطاء المعنيين بحقوق الإنسان للاعتداء في الشارع على أيدي أفراد من أجهزة الأمن يرتدون الثياب المدنية ويرتكبون مثل هذه الأفعال وهم بمأمن تام من العقاب. ففي 5 يناير/كانون الثاني 2004، تعرضت سهام بن سدرين، وهي من مؤسسي « المجلس الوطني للحريات في تونس » ورئيسة تحرير مجلة « كلمة » المعارضة، للاعتداء واللكم على أيدي مجهولين أمام منزلها في وسط تونس. وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول، أفاد السجين السياسي السابق حمة الهمامي، الذي دعا حزبه لمقاطعة انتخابات 24 أكتوبر/تشرين الأول الرئاسية، بأنه تعرض للاعتداء في بن عروس على أيدي رجال يرتدون الثياب المدنية لكموه وحطموا نظارته. وتعرضت ممتلكات تخص بعض دعاة حقوق الإنسان والمعارضين للتخريب، كما تعرضت منازلهم ومكاتبهم وسياراتهم للاقتحام في حوادث مريبة. النظام القضائي يفتقر القضاء التونسي للاستقلال؛ وكثيراً ما يتجاهل القضاة ادعاءات التعذيب والمخالفات الإجرائية ويقبل الاعترافات المنتزعة بالإكراه كدليل وحيد أو أساسي لإدانة المتهمين. ففي 6 أبريل/نيسان 2004، على سبيل المثال، قضت محكمة في العاصمة تونس بسجن ستة رجال من زرزيس في جنوب البلاد لمدة 19 عاماً بتهمة تدبير هجمات إرهابية. وادعى المتهمون أنهم تعرضوا للتعذيب كي يدلي كل منهم باعترافات وبإفادات تدين الآخرين، وأن الشرطة زورت السجلات فيما يخص مكان وموعد القبض عليهم. ورفض القاضي التحقيق في هذه الادعاءات على الرغم من أن تلك « الاعترافات » كانت تمثل الدليل الأساسي في ملف القضية. وفي 6 يوليو/تموز، خفضت محكمة الاستئناف مدة العقوبة إلى 13 عاماً. وتستخدم الحكومة المحاكم في إدانة وسجن من ينتقدون سياساتها بصورة سلمية. ففي 22 سبتمبر/أيلول 2004 ، سُجن جلال زغلامي، رئيس تحرير مجلة « قوس الكرامة » اليسارية التي تصدر دون ترخيص، وشقيقه نجيب بعد اضطرابات في مقهى في تونس افتعلها أفراد من الشرطة على حد قول الشقيقين. وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني، حُكم عليهما بالسجن مدة فعلية قدرها ثمانية أشهر بتهمة الإضرار بممتلكات. واستكمل السجين السياسي السابق عبد الله زواري قضاء عقوبة السجن تسعة أشهر التي حُكم عليه بها في أغسطس/آب 2003، بعد محاكمة متعجلة ذات دوافع سياسية. وكان زواري قد ساعد باحثاً بمنظمة هيومن رايتس ووتش على مقابلة أسر في جنوب تونس في وقت سابق من ذلك الشهر. وأُلقي القبض على بعض التونسيين المقيمين خارج البلاد أثناء زيارتهم لتونس وسُجنوا لقيامهم بأنشطة سياسية لا تُعد جرائم في البلدان التي وقعت فيها. فقد قُبض على سالم زردة عند عودته إلى تونس في عام 2002، وكانت محكمة تونسية قد أدانته في عام 1992 غيابياً بجرائم سياسية تخلو من استخدام العنف. وفي 29 يونيو/حزيران 2004، قضت محكمة عسكرية في تونس بسجنه سبع سنوات. وتوحي الأدلة التي قُدمت في المحاكمة بأنه لم يُحاكم سوى لضلوعه في أنشطة سلمية مع أعضاء في « حزب النهضة » أثناء وجوده في الخارج. وتُعد سياسة إيداع بعض السجناء السياسيين رهن الحبس الانفرادي الصارم لفترات مطولة التي تتبعها تونس من بين البنود الأشد قسوة الباقية من النظام العقابي القاسي الذي كان معمولاً به في التسعينيات. ولا تقدم السلطات عموماً تفسيراً رسمياً للسجناء لسبب عزلهم، أو مدة ذلك العزل، أو السبل التي يمكنهم من خلالها استئناف ذلك القرار. وتمثل سياسة العزل على النحو الذي تُمارس به انتهاكاً للقانون التونسي فضلاً عن المعايير الدولية للعقوبات، وقد تُعد في بعض الحالات من قبيل التعذيب. ولا تسمح الحكومة لمراقبين مستقلين بمعاينة السجون منذ عام 1991. وفي 20 أبريل/نيسان 2004، ألمح وزير العدل وحقوق الإنسان بشير تكاري في بيان إلى أن تونس قد تقبل قيام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة السجون، لكن بحلول أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2004 لم يكن قد تم الإعلان عن أي اتفاق مع اللجنة بهذا الصدد. حرية الإعلام ما زالت الصحافة التونسية تخضع إلى حد بعيد لسيطرة السلطات. ولا تقدم أي من وسائل الإعلام المطبوعة والمذاعة تغطية نقدية لسياسات الحكومة، باستثناء بضع مجلات مستقلة محدودة التوزيع تتعرض بين الحين والآخر لمصادرة أعدادها أو لمشاكل مع دور الطباعة. وخلال حملة الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2004، خصصت كل وسائل الإعلام الرئيسية أوقات ومساحات كبيرة بشكل جائر لتقديم تغطية تتسم إلى حد بعيد بالتحيز لبن علي ومرشحي الحزب الحاكم، بينما لم تخصص سوى القليل من الوقت والمساحة لمرشحي الأحزاب الأخرى. وتدعو تصريحات الحكومة للنهوض بالاتصالات الإلكترونية على أنها وسيلة للتحديث، ومع ذلك تمنع الوصول إلى بعض المواقع السياسية أو المعنية بحقوق الإنسان. ففي عام 2002، ألقت السلطات القبض على زهير يحياوي الذي كان يحرر مجلة إلكترونية على الإنترنت تسخر من حكم الرئيس بن علي. وأُفرج عنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2003، بعد أن قضى معظم عقوبة السنتين التي حُكم عليه بها بتهم ملفقة. ونظراً لما دأبت عليه تونس من قمع لحرية الإعلام وما تفرضه من قيود على الاتصال بشبكة الإنترنت بوجه خاص، فقد انتقدت منظمات حقوق الإنسان اختيار تونس لاستضافة القمة العالمية لمجتمع المعلومات في نوفمبر/تشرين الثاني 2005.
إجراءات مكافحة الإرهاب في أعقاب الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر/أيلول 2001، زعمت السلطات التونسية أنها تتقدم الصفوف منذ أمد طويل في مكافحة الإرهاب والتطرف، مشيرةً إلى الحملة التي تقوم بها منذ فترة طويلة لقمع حركة « النهضة » الإسلامية التي كانت يوماً تغض الطرف عن نشاطها. ومنذ عام 1991، لم يقع في تونس أي هجوم إرهابي يسقط فيه قتلى سوى حادث تفجير الشاحنة الملغومة الذي وقع في أبريل/نيسان 2002 واستهدف معبداً يهودياً في جزيرة جربة. وكان المفجر الانتحاري تونسياً، وأعلن تنظيم « القاعدة » مسؤوليته عن الهجوم. وفي ديسمبر/كانون الأول 2003، اعتمدت تونس قانوناً لمكافحة الإرهاب يتضمن تعريفاً واسعاً للإرهاب يمكن أن يُستغل في محاكمة الأشخاص لمجرد ممارستهم حقهم في المعارضة سلمياً. وينص القانون على عقوبات قاسية ويسمح بإحالة المشتبه بهم من المدنيين إلى المحاكم العسكرية. الأطراف الدولية الرئيسية تراقب الولايات المتحدة بنشاط أوضاع حقوق الإنسان في تونس، لكن إشادة واشنطن المستمرة بدور الرئيس بن علي في مكافحة الإرهاب حدَّت بعض الشيء من أثر انتقادها لتلك الأوضاع. ومع ذلك فقد تحدث وزير الخارجية الأمريكي كولن باول علناً، بعد لقائه مع الرئيس بن علي في ديسمبر/كانون الأول 2003، عن الحاجة إلى « مزيد من التعددية السياسية والانفتاح وقدر من الانفتاح فيما يتعلق بقدرة الصحفيين على القيام بعملهم. » وعندما زار الرئيس بن علي واشنطن في فبراير/شباط 2004، أعرب الرئيس جورج بوش علناً عن رغبته في أن يرى في تونس « صحافة حرة تتمتع بالحيوية وكذلك عملية سياسية منفتحة. » غير أن تعبير الإدارة الأمريكية علناً عن خيبة أملها لغياب المنافسة الحقيقية في انتخابات 24 أكتوبر/تشرين الأول كان مخففاً للغاية. واستمر سريان اتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي على الرغم من تدني مستوى سجلها في مجال حقوق الإنسان. وقد عبر مسؤولون في الاتحاد الأوروبي عن قلقهم بشأن أوضاع حقوق الإنسان في تونس، إلا أنهم لم يشيروا حتى الآن إلى أن الانتهاكات من شأنها أن تؤثر سلبياً على الاتفاق. وما زال الرئيس الفرنسي جاك شيراك أقوى مؤيد في أوروبا للرئيس بن علي. وقد تفادى خلال زيارته لتونس في ديسمبر/كانون الأول 2003 بواعث القلق بخصوص الحقوق السياسية والمدنية من خلال إعلانه أن الحقوق « الأولى » هي الغذاء والرعاية الطبية والإسكان والتعليم، وإشادته بإنجازات تونس في هذه المجالات. وبعث الرئيس شيراك برسالة تهنئة إلى نظيره التونسي فور فوزه في انتخابات 24 أكتوبر/تشرين الأول، التي افتقرت إلى النزاهة بشكل واضح.   (المصدر: موقع منظمة هيومان رايتس ووتش بتاريخ 13 جانفي 2005) وصلة التقرير : http://hrw.org/arabic/mena/wr2005/tunisia.htm

 

وجه معتمدو الشؤون الدينية في ولايات الجمهورية مؤخرا الرسالة التالية

 إلى أئمة الجمعة الراجعين إليهم بالنظر…!

 

 

الجمهورية التونسية

وزارة الداخلية والتنمية المحلية

* *  * *

 

ولاية  ……………..

معتمدية   ………..

عــــــدد

 

 

من معتمد  ………………….

إلى السيد : ………………………                                   الإمام الخطيب بجامع :  ……………….

 

 

الموضوع : حول خطبة الجمعة

 

 

وبعد، تبعا لمنشور وزير الشؤون الدينية المؤرخ في 3 جانفي 2005 والمتعلق بخطبة الجمعة ليوم 14 جانفي 2005 وتكريسا للوصل المحكم بين الخطاب الديني ومشاغل المجموعة الوطنية واستعدادا لعيد الأضحى المبارك .

 

المرغوب منكم تخصيص خطبة الجمعة ليوم 14 جانفي 2005 لتعميق الوعي لدى المواطنين بالفرق بين الفرض والسنة عند الحديث عن الأضحية مع بيان كراهيتها بالنسبة إلى المحتاج إلى ثمنها في عامه وتوضيح أهمية ترشيد الاستهلاك في الإسلام  وبيان ما في نصوص الدين الحنيف من  نهي عن الإسراف والتبذير بما يبصر بإمكان الاشتراك في ثواب الأضحية ترشيدا للتصرف في موارد الأسرة وخدمة لاقتصاد بلادنا مع إبراز أهمية قيمة التضامن في هذه المناسبة الدينية المباركة .

 

والسلام

 

المعتمد

 


 
في بئر الحفي

حجز 3,2 أطنان من القهوة المهربة

أحبط اعوان مركز حرس المرور ببئر الحفي في ساعة مبكرة من فجر احد الايام القليلة الماضية عملية تهريب كمية كبيرة من القهوة المجهولة المصدر بلغ وزنها حوالي ثلاثة اطنان و200 كلغ. وقد حرروا محضرا في الغرض وحجزوا البضاعة ووسيلة النقل واحالوا الموضوع الى فرع الديوانة التونسية. وكانت وحدة امنية متنقلة تحولت مساء احد الايام الفارطة الى احدى النقاط السوداء في مجال تهريب البضائع المجهولة المصدر والواقعة بأحواز مدينة بئر الحفي لمراقبة سيلان المرور والقيام ببعض الاجراءات التحسيسية لفائدة السواق وحراسة منطقة نفوذها من التجاوزات. ولئن مرت الفترة الاولى دون ان يسجل اعوان الدورية اية تجاوزات خطيرة فانهم لمحوا في حدود الساعة الواحدة والنصف من فجر اليوم الموالي شاحنة قادمة باتجاههم وتسير بسرعة غير عادية فاسترابوا من امرها. لذلك اشاروا الى سائقها بالتوقف ولئن اذعن الاخير للاشارة الامنية وتوقف على حافة الطريق فانه كان في حالة نفسية غير عادية ولاح على ملامحه القلق والاضطراب وهو ما ضاعف في شكوك الاعوان الذين بتفقدهم للبضاعة المشحونة في الصندوق الخلفي للشاحنة تبينوا انها فاقت الحمولة المسموح بها. ثم استفسروا صاحبها عن نوعها ومصدرها فاعترف مباشرة بالحقيقة. اذ ذكر انه اقتنى 40 كيسا من القهوة يزن الكيس الواحد 80 كلغ من منطقة حدودية قصد ترويجها لاحقا في الاسواق الموازية. فتم حجز وسيلة النقل والبضاعة التي قدرت قيمتها المادية بعشرات الالاف من الدنانير وتسليمها الى فرع الديوانة التونسية.   صابر المكشر   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 14 جانفي 2005)


Les journalistes arabes solidaires avec Florence

Un collectif de journalistes arabes, dont le plus grand nombre est originaire de Tunisie, vient de signer un manifeste de solidarité avec notre consoeur du quotidien français Libération, Florence Aubenas, disparue le 5 janvier à Bagdad, en compagnie de son traducteur irakien Hussein Hanoun. Grand reporter au quotidien français Libération, Florence Aubenas a parcouru le monde entier pour rendre compte de l’évènement, là où il se produit et au péril de sa vie. Les signataires de l’appel déclarent se constituer en Comité pour la libération de Florence Aubenas et déclarent que leur manifeste reste ouvert à d’autres signataires.   (Source: Réalités N° 994 du 13 janvier 2005)   Remarque de TUNISNEWS :

C’est bien regrettable.

La rédaction de « Réalités » ne peut pas (ou ne veut pas ??) citer les noms des journalistEs- citoyennes et citoyens tunisien(NE)s promoteurs de cette louable initiative. Nous le faisons pour nos lecteurs. Il s’agit en fait (selon le communiqué du 9 janvier 2005) de Mesdames et Messieurs : Kamel Labidi (Freelance), M’hamed Krichen (Al Jazeera- Qatar), Neziha Rjiba (Kalima), Slim Bagga (L’audace), Sihem Bensedrine (Kalima), Larbi Chouikha (freelance), Noureddine Aouididi (Quds Press), Taoufik Ben Brik (Courrier International), Lotfi Hajji  (Al Jazeera), Hédi Yahmed (Freelance), Bassam Bounenni (Al Arabya), Nadra Boukesra, Tahar Labidi, Zouheir Jied).    

Le témoignage de Mzali

L’ancien Premier ministre tunisien Mohamed Mzali a publié dernièrement, à Paris, un ouvrage sous le titre “ Un Premier ministre de Bourguiba témoigne ”. Une sorte d’autobiographie ou livre de Mémoires dans lequel l’ancien Premier ministre ” raconte sa version des faits et de l’histoire après 18 ans d’exil. Au menu : la Tunisie et l’Afrique du Nord face à l’émergence de l’islamisme, face aux turbulences arabes, face aux visées de Kadhafi, face à l’ancienne puissance coloniale et face au problème d’Israël, notamment. Mzali témoigne, selon son éditeur, de ce qu’il a vu, de ce qu’il a fait. Des révélations qui éclaireront d’un jour nouveau les péripéties d’une période de l’histoire récente de la Tunisie, parfois « travestie «, et d’une région cruciale du monde. Le livre, paru chez Picollec, coûte 35 euros et n’est pas encore disponible dans nos librairies.   (Source: Réalités N° 994 du 13 janvier 2005)  

Deux banques iraniennes à Tunis

Deux banques iraniennes s’installeront bientôt en Tunisie, c’est-ce qu’a annoncé dernièrement, à Téhéran, M. Mohammad Mojarrad, sous-gouverneur de la Banque Centrale iranienne, dans une déclation au Conseil économique de coopération Afrique-Iran. Cette installation entre dans une politique de coopération de l’Iran avec plusieurs pays en Afrique. Le continent noir ne compte jusqu’à présent que onze banques et on vise à augmenter considérablement ce nombre avec la coopération de banques européennes qui ont déjà des relations ou des filiales en Afrique.   (Source: Réalités N° 994 du 13 janvier 2005)   Erreur médicale? Un citoyen de la région de Gabès, atteint d’une leucémie, a récemment succombé suite à une intervention chirurgicale subie à la tête au début du mois de décembre un hôpital de Tunis. La famille de la victime compte bien poursuivre en justice son médecin traitant et l’hôpital, car elle estime inadmissible de demander à un patient ayant subi un implant dans la tête de sortir deux jours seulement après une opération qui serait, selon elle, d’une extrême gravité. Affaire à suivre.   (Source: Réalités N° 994 du 13 janvier 2005)  

Visite officielle du Premier ministre français

M. Jean-Pierre Raffarin, Premier ministre français, effectuera une visite officielle en Tunisie les 30 et 31 janvier 2005. Il sera accompagné par six ministres dont quatre appartiennent à des ministères économiques, ainsi que par une forte délégation de chefs d’entreprise de haut niveau. Un Forum économique sera organisé lundi 31 janvier 2005 sur la thématique suivante “ Tunisie – France : pour un partenariat stratégique et durable ”. Les deux Premiers ministres tunisien et français présideront ce Forum au cours duquel ils prononceront chacun un discours. Ce Forum comportera trois tables rondes de 50 minutes chacune, portant sur des thèmes distincts.   (Source: Réalités N° 994 du 13 janvier 2005)   Contrefaçon Suite à une enquête sur les produits de contrefaçon portant la griffe du crocodile vert et commercialisés sur le marché tunisien, le groupe Lacoste a décidé d’engager des poursuites judiciaires devant les tribunaux contre dix contrefacteurs tunisiens. Cette démarche ouvre la voie à un grand débat d’opinion publique sur le phénomène de contrefaçon, qui touche parfois à des domaines très délicats comme les pièces de rechange pour les voitures, les produits cosmétiques et les détergents. Les réseaux de fabrication et de distribution de contrefaçons se sont beaucoup étendus ces dernières années. A l’Asie du Sud-Est (Chine en tête), le Bassin méditerranéen (Maroc, Tunisie, Turquie) et l’Europe du Sud (Italie, Espagne, Portugal) s’ajoutent désormais l’Europe centrale et orientale, le Royaume-Uni, la Belgique et les Etats-Unis.   (Source: Réalités N° 994 du 13 janvier 2005)  

Investissement direct étranger

Qu’il s’agisse du Programme MEDA ou de la BEI, la Tunisie reçoit de 14 à 16 % du total des fonds disponibles alors qu’elle représente 4 % de la population des pays concernés par les programmes d’aides européens. En matière d’investissement direct étranger (IDE), le constat change. La Tunisie et les pays arabes d’une manière générale drainent une part très faible des IDE, qui vont dans les pays en développement : seulement 2% durant la période récente. La Tunisie se taille une part de 17% des flux des capitaux étrangers à destination des pays arabes.

(Source: Réalités N° 994 du 13 janvier 2005)

Assabah (Tunisie), 13-1-2005, La Une   Clien d’oeil   Les Américains auraient déterminé l’emplacement de Ben Laden grâce à un gazouillement, apparemment entendu lors du dernier enregistrement. Il serait quelque part entre le Pakistan et l’Afghanistan, dans un endroit où un type bien terminé d’oiseaux gazouille allégrement.   Grâce à cet indice, les Américains cherchent, en ce moment, dans les grottes et les vallées. Mais quelque chose me dit, qu’à l’heure de leur arrivée, l’oiseau se sera déjà envolé !   Mohamed Guelbi   Traduction de l’arabe: Taïeb Moalla


Centre d’Accueil de la Presse Étrangère Maison de Radio France – 116, avenue du Président Kennedy –  75220 Paris cedex 16 Tél +33 1 56 40 15 15 – Fax +33 1 56 40 50 19 – www.capefrance.com INVITATION PRESSE « Un Premier ministre de Bourguiba témoigne » (Editions Jean Picollec) Présentation du livre de :

Monsieur Mohamed Mzali,

Ancien Premier ministre de Bourguiba

L’auteur a occupé, pendant 30 ans, les postes de Ministre de la Défense nationale, Ministre de la Santé publique, ou encore Ministre de l’Education nationale et enfin celui de Premier ministre de 1980 à 1986 . Il a suivi des études de philosophie à la Sorbonne et occupé le poste de vice-président du Comité international olympique. A travers ses mémoires, il retrace son parcours, celui d’un patriote et d’un militant qui a dédié sa vie au peuple tunisien et à un idéal humaniste auquel il continue de croire. Après avoir participé aux luttes pour l’indépendance nationale, cet ancien Premier ministre de Bourguiba – le père de la Nation – a œuvré pour l’édification d’un Etat moderne et l’avènement d’une démocratie pacifiée. L’auteur raconte, après 18 ans d’exil, la Tunisie, et l’Afrique du Nord, face à l’émergence de l’islamisme, face aux turbulences arabes, face aux visée de Kadhafi, face à l’ancienne puissance coloniale et face au problème d’Israël Il témoigne de ce qu’il a vu, de ce qu’il a fait, et livre ici «  sa part de vérité »    
AU CAPE, MERCREDI 19 JANVIER 2005 A 15H00 Merci de confirmer votre présence Contact Editions Picollec:  Elizabeth Cazeaux,                          Attachée de presse                 Tél: 01 45 89 73 04 ou jean-picollec@noos.fr Contact CAPE:  Marie-Christine de Lavergne,                          Attachée de presse                 Fax: 01 56 40 50 28            mailto:marie-christine.delavergne@capefrance.com

Sommet euro-méditerranéen pour l’intégration et une zone de libre-échange

par Hassen ZENATI                        AFP, le 14.01.2005 à 08h10                       LE CAIRE, 14 jan (AFP) – Les douze pays de la rive sud et  orientale de la Méditerranée ont appelé lors de leur premier sommet  à un approfondissement de l’intégration économique  euro-méditerranéenne, en se plaçant dans la perspective de la  création d’une zone de libre-échange à l’horizon 2010.                       Le marché euro-méditerranéen représentera alors « un énorme  potentiel d’échanges économiques » dans une zone de quelque 40 pays  et de 800 millions de consommateurs, a souligné Patrick Devedjian,  ministre français délégué à l’Industrie, à l’ouverture des travaux à  Marseille (France).                       Le montant des investissements dans les douze pays du pourtour  méditerranéen (Algérie, Maroc, Tunisie, Libye, Israël, Jordanie,  Egypte, Liban, Turquie, Autorité palestinienne et les deux pays de  l’UE, Chypre et Malte) est conforme aux attentes, avec une injection  de capital de 20 milliards d’euros, selon Anima, le réseau  euro-méditerranéen d’Agences de promotion des investissements.                       L’Egypte espère capter au minimum 5 milliards d’euros  d’investissements par an, a déclaré le ministre égyptien des  Investissements Mahmoud Mohieddine, tandis que le ministre marocain  des Finances et de la privatisation Fathallah Oualalou a demandé  « une politique plus volontariste en matière de soutien aux  investissements », passant par l’accès au marché européen des  produits agricoles et textiles notamment.                       Le Qatar, petit pays du Golfe, qui ambitionne de devenir le  premier exportateur de gaz au monde, après avoir décidé l’ouverture  de sa bourse aux opérateurs étrangers, a annoncé des investissements  de 108 milliards USD sur cinq ans et la création d’un centre des  Finances et des Affaires.                       Cinquante milliards de dollars de ce montant seront consacrés à  des projets d’infrastructure et le reste (58 mds USD) sera investi  dans des projets pétroliers et gaziers.                       Le ministre de l’Energie et de l’Industrie, Abdallah ben Hamad  al-Attiya, a annoncé des investissements de 75 mds USD d’ici à 2012  pour de grands projets dans le secteur des hydrocarbures.                       Le Qatar, qui détient les troisièmes réserves mondiales de gaz  naturel, est en train de développer sa jeune industrie de  liquéfaction de gaz naturel (GNL), dont il veut devenir le premier  exportateur mondial.                       Par ailleurs, l’élection de Mahmoud Abbas à la tête de  l’Autorité palestinienne, devrait bénéficier à l’économie  palestinienne, mais le redressement économique reste tributaire d’un  allègement des restrictions imposées par l’armée israélienne,  estiment des hommes d’Affaires.                       Selon la Banque mondiale, les bouclages imposés par l’armée  israélienne en Cisjordanie et dans la bande de Gaza sont à l’origine  de la grave crise économique frappant les territoires palestiniens,  où le taux de chômage est estimé à près de 40% alors que près de la  moitié de la population vit sous le seuil de la pauvreté.                       Dans un récent rapport présenté au Parlement, le gouvernement  palestinien a chiffré à plus de 475 millions de dollars les dégâts  subis par les infrastructures palestiniennes depuis le début de  l’Intifada en septembre 2000.                       A Jérusalem, Stanley Fischer, vice-président de la CitiBank,  pressenti pour le poste de gouverneur de la Banque d’Israël,  pourrait attendre plusieurs mois que la commission des nominations  de fonctionnaires décide s’il n’y a pas de conflit d’intérêts entre  ses fonctions à la CitiBank et le poste qui lui a été offert.                       M. Fischer, 61 ans, ancien du Fonds monétaire international  (FMI), avait conseillé le Trésor israélien au milieu des années  1980, permettant à Israël de sortir d’une très grave crise  économique liée à un phénomène d’hyper-inflation.                       Enfin, le dollar s’est brutalement affaissé devant la livre  égyptienne, entraînant dans sa chute le marché noir de la devise,  mais les experts divergent sur les raisons de ce soudain recul et  s’attendent à une reprise du billet vert.   

L’accord de libre-échange avec Washington inquiète les pharmaciens

 

AFP, le 12 janvier 2005 L’industrie marocaine du médicament est menacée par l’accord de libre-échange conclu entre Rabat et Washington en 2004, a affirmé mercredi le président de l’Ordre des pharmaciens du Maroc. « L’ALE avec les Etats-Unis va causer la perte de cette industrie, fleuron de notre économie », a affirmé Mohamed Rhaouti, président du Conseil de l’Ordre des pharmaciens du Maroc dans un entretien au quotidien Aujourd’hui Le Maroc. L’industrie pharmaceutique marocaine emploie 30.000 personnes dont 20% de cadres, assure 80% des besoins du pays et exporte près de 10% de sa production, a-t-il indiqué. « Les citoyens seront les premiers lésés car l’accès au médicaments génériques, nettement moins chers, sera retardé », a assuré M. Rhaouti en affirmant que le médicament américain sera « vendu cher ». Les Marocains ne consomment chaque année que 450 millions de dollars de médicaments, à raison de 170 dirhams (17 dollars) par personne en moyenne. « C’est dérisoire, et si en plus, on hausse les prix, la majorité n’auront jamais accès aux médicaments, prévient-t-il. L’Association marocaine de lutte contre le sida (ALCS) s’était de son côté inquiétée de l’accord de libre-échange qui pourrait constituer « une entrave majeure » à l’accès aux médicaments dans le royaume, dénonçant « l’arrogance des multinationales et leur mépris des malades des pays du Sud ». L’accord de libre-échange entre le Maroc et les Etats-Unis, conclu en 2004, devrait être entériné par le parlement le 18 janvier. Il porte sur les droits de propriété intellectuelle, les produits industriels, agricoles, les services, les douanes, l’emploi, l’environnement et les télécommunications. Un autre conflit oppose les pharmaciens marocains au gouvernement à propos d’un projet de « code du médicament et de la pharmacie » qui touche notamment les conditions d’ouverture de nouvelles pharmacies et la réglementation du métier.     


Tunisia convicts Canadian terror suspect: Six-year sentence:

Human rights group asks retired judge to investigate

 

A Canadian who allegedly served as a Montreal-based recruiter for the Osama bin Laden terrorist network has been sentenced to six years imprisonment by a Tunisian military court.   Abderraouf Hannachi’s sentence was confirmed last week when the court dismissed his appeal and upheld his conviction for belongin to a foreign terrorist organization.   But an Ottawa human rights group said Hannachi has claimed he is innocent and was tortured while in detention. The group has asked a retired Quebec judge to investigate.   The 41-year-old Tunisian-born Canadian, who performed the call to prayer at the Assuna mosque in Montreal, was implicated in terrorism in 2001 by Ahmed Ressam, who tried to bomb Los Angeles International Airport.   Ressam testified in U.S. court proceedings that Hannachi had helped him travel to Pakistan to meet Abu Zubaydah, a senior al-Qaeda operative who arranged for recruits to train at bin Laden’s camps in Afghanistan.   The 9/11 Commission also identified Hannachi as Ressam’s recruiter and called him an alumnus of Khaldun, the training camp where many al-Qaeda operatives studied terror techniques under bin Laden’s guidance.   Hannachi left Canada shortly after the attacks of Sept. 11, 2001. A friend, Samir Ezzine, testified that Hannachi returned to Tunisia because he was « being constantly harassed by CSIS [Canadian Security Intelligence Service] agents. »   Canadian officials were informed in January, 2004, that Hannachi was being held in Tunis. They were told he had been arrested the previous August. A Canadian embassy official later attended his court proceedings.   A Department of Foreign Affairs spokesman confirmed that Hannachi was being detained in Tunisia but would provide no other information, citing privacy laws.   « The only thing I can confirm is that we are aware of the case of Mr. Hannachi, » said Andrew Hannan, a foreign affairs spokesman. « But other than that I can’t disclose any other details. »   Canadian consular officials have asked to meet Hannachi in prison On three occasions but have been turned down each time by Tunisian authorities. No details about the case have been officially released by the government of Tunisia, but the Ottawa-based Association for Human Rights in Maghreb said it was informed of the conviction by Hannachi’s lawyer.   At the request of Hannachi’s brother, who lives in Montreal, the group has asked retired judge Gaston Labreche to examine the case. The organization says the lack of an open trial and torture allegations put his guilt in doubt.   « He was arrested, according to a lawyer he was tortured, mistreated and he lives in difficult conditions in prison, » said Jamel Jani, a spokesman for the group. He said Hannachi has professed his innocence in letters to prison authorities.   Mr. Jani finds the case against Hannachi unconvincing, particularly given what he described as Tunisia’s poor human rights record. He said Tunisia is holding 500 political prisoners in inhuman conditions.   During the New York terrorism trial of Algerian Mokhtar Haouari of Montreal, Ressam was asked to explain how he got from Montreal to bin Laden’s training camps.   « Who arranged that trip to Afghanistan for you? » the prosecutor asked.   « My friend Abderraouf Hannachi, » he replied.   « Who is Mr. Hannachi? »   « He is a friend who was in Afghanistan. »   Most recently, Hannachi’s name has surfaced in deportation proceedings against Adil Charkaoui of Montreal, a Moroccan who CSIS has named as a member of the bin Laden network. CSIS alleges that Mr. Charkaoui and Hannachi were associates.   Tunisian terrorists have been involved in several major al-Qaeda attacks, including the March 11 commuter train bombings in Madrid that killed 190 and the April 11, 2002, bombing of a Jewish synagogue on the Tunisian resort island of Djerba.   U.S. authorities are currently trying to find Abderraouf Jdey, a Tunisian-Canadian from Montreal whom the 9/11 Commission in the U.S. Said trained with the World Trade Center hijackers but was dropped from the mission in the summer of 2001.   (Source: le journal canadien “National Post”, le 11 janvier 2005 , Page:A5)

La revue française « Confluences Méditerrané” a consacré son 51éme numéro (Octobre 2004) aux regimes politiques et droits humains au Maghreb. Hier nous avons repris l’article de M. Sadri Khiari publié dans ce numéro, aujourd’hui nous rappelons l’introduction du dossier et les résumés des articles concernant la Tunisie.  

Régimes politiques et droits humains au Maghreb

Dossier préparé par Lahouarri Addi   Introduction Laouhari Addi (*) La torture a toujours fait partie des plus efficaces pratiques du pouvoir. Officielle ou secrète, elle n’est jamais loin, dès qu’un régime vise l’orthodoxie et la conformité. Elle est inscrite dès le départ dans la logique du pouvoir. Car le pouvoir repose sur l’obéissance et la docilité, donc sur des attitudes qui ne sont jamais durablement garanties. L’obédience peut être dénoncée, l’allégeance récusée à tout moment. Jamais le maître ne peut être tout à fait sûr de ses serviteurs. Or la torture le met à l’abri de la rébellion. Elle ressortit à la politique de la dissuasion interne. Car elle n’entretient pas seulement la peur de la mort, qui contraint à obéir; elle suscite une angoisse beaucoup plus terrible; celle des affres d’une agonie sans fin. La torture prouve la toute puissance du régime. Elle montre aux sujets qu’on peut tout leur faire, même ce qu’il y a de pire. Wolfang Sofsky, Traité de la violence, Gallimard, 1998 Les régimes politiques du Maghreb sont confrontés à l’usure du pouvoir et au déclin de la légitimité historique qui leur a servi de fondement depuis les indépendances. Investis dans les années 1960 de la triple mission de construire l’Etat, de développer l’économie et de moderniser la société, ils avaient fait taire toute opposition pour que l’administration puisse réaliser ces tâches d’édification nationale. Cinq décennies après la fin de l’ère coloniale, le bilan en terme de développement économique et social paraît maigre et le pouvoir exécutif fonctionne toujours sans contrepoids institutionnel. Il ne rend compte ni au Parlement – réduit à une chambre d’enregistrement issu d’élections truquées – ni à la justice dont l’autonomie est virtuelle. L’Etat se réduit alors à une administration dépassée par l’énormité de la tâche et à des services de police chargés de réprimer la contestation. Allant de la dispersion violente de manifestations à la détention arbitraire accompagnée de torture et parfois de disparitions, la répression est le plus souvent menée en dehors du cadre de la loi et marquée par des violations répétées de droits de l’Homme. Ce dossier est consacré à l’analyse des Etats du Maghreb sous l’angle des droits de l’Homme qui nécessitent une mise à niveau non seulement par rapport à l’ordre juridique international mais aussi par rapport aux textes de lois de l’ordre interne trop souvent bafoués par les polices politiques, comme si au Maghreb le droit n’était pas effectif quand il s’agit de protéger les libertés publiques et individuelles. Déjà défaillant sur le plan de la protection sociale, l’Etat se met à menacer la sécurité de certains de ses citoyens qui cherchent à affirmer leur autonomie et à critiquer l’usage de l’autorité publique. Journalistes, militants de partis, membres d’associations diverses… sont souvent harcelés, arrêtés, menacés, torturés… lorsque le régime estime que la ligne rouge établie a été franchie. Dans les trois pays, les changements annoncés par la destitution de Bourguiba en 1987 en Tunisie, par les émeutes d’octobre 1988 en Algérie et par l’avènement de Mohamed VI en 1999 au Maroc n’ont pas opéré la rupture avec les anciens régimes. Il y a eu çà et là réaménagement du discours pour cacher la reproduction du système, mais nulle part la transition démocratique n’a été enclenchée et menée à son terme. Les articles de ce dossier tentent de restituer les dynamiques et les blocages à l’œuvre dans les trois régimes en privilégiant la question des droits de l’Homme. Il y aurait beaucoup d’autres aspects à soulever, notamment l’économie, la culture, la pauvreté, la situation de la femme, la place de la religion, le système éducatif, etc. Nous avons préféré nous limiter à la question cruciale et éminemment politique des droits de l’Homme pour évaluer la construction de l’Etat. Si le droit est une codification normative des rapports sociaux, nous dirons alors qu’au Maghreb il est refoulé par la force et la brutalité des appareils d’Etat. Il est vrai que l’Etat est l’organe détenteur du monopole de la violence, mais il n’est pas moins vrai qu’aucun acte de violence de l’Etat ne saurait se produire en dehors de la légalité. Or, comme l’atteste la pratique généralisée de la torture, des fonctionnaires de l’Etat utilisent la violence en dehors de la légalité et des lois en vigueur dans l’impunité la plus totale et avec le consentement des plus hauts dirigeants du régime. Ce dossier «Régimes politiques et droits de l’Homme au Maghreb» montre que l’Etat est encore en phase initiale de construction après 50 années d’indépendance, et que cette phase initiale ne sera jamais dépassée si au centre du champ politique ne sont pas affirmées la valeur de la vie humaine et la dignité de la personne. Car ces deux catégories sont les finalités qui donnent du sens à toute action collective et à tout objectif proposé par les élites politiques à la collectivité. La construction de l’Etat, le développement économique et social et toutes les tâches qui demandent efforts et sacrifices ne valent la peine d’être entrepris que s’ils s’opèrent dans le respect de la vie humaine et de la dignité de la personne. Autrement, la vie sociale se déroulera sans repères et n’aura aucun sens, marquée par la force, la brutalité et l’arbitraire d’institutions supposées humaniser les rapports entre les gouvernants et les gouvernés. (*) Lahouari Addi est professeur des Universités. Il enseigne à l’Institut d’Etudes Politiques de Lyon.  

Mondialisation et démocratie. Le contre-exemple tunisien

(N°51, Octobre 2004, 12 pages) Sadri Khiari   Le 2 décembre 2003, au terme d’une conversation avec Zine el-Abidine Ben Ali, au palais présidentiel qui surplombe les collines de Carthage, Colin Powel déclare : «La Tunisie a déjà fait tant de choses que son peuple en attend encore davantage en ce qui concerne les réformes politiques et une plus grande ouverture de la société (…). J’ai encouragé les dirigeants tunisiens à poursuivre ce processus de réformes politiques et de changements économiques». Cette intervention s’inscrirait dans le droit fil de l’exigence démocratique des Etats-Unis, la politique américaine n’ayant d’autres fins que d’harmoniser mondialisation libérale et démocratie mondiale : Démocratie et libéralisation économique devraient donc marcher d’un même pas. Or, cette affinité postulée est loin d’aller de soi. En Tunisie, le moins qu’on puisse dire est que l’hypothèse ne se vérifie pas. Les progrès de l’insertion de la Tunisie dans le marché mondial et la «globalité» semblent, au contraire, aller de pair avec un renforcement des mécanismes coercitifs et des procédures d’expropriation politique de la population, y compris des classes les plus aisées qui sont les principales bénéficiaires de la nouvelle politique.

La LTDH ou la gestion des paradoxes

(N°51, Octobre 2004, 24 pages) Souhayr Belhassen   Droits de l’Homme, libertés publiques : rarement concepts plus anciens ont connu une actualité comparable à celle qui est la leur aujourd’hui. Ce phénomène a des origines diverses et multiples. Cependant les motivations semblent être partout les mêmes : redonner à l’homme sa dimension humaine, revaloriser l’identité de chacun dans une communauté humaine de plus en plus vaste, réaffirmer le droit à la différence de chaque citoyen dans des sociétés de plus en plus unidimensionnelles, restituer à l’homme des droits que l’hypertrophie de ses obligations de citoyen n’a cessé de réduire, rééquilibrer le rapport des forces existant entre gouvernants et gouvernés. Ce mouvement constitue une des aspirations profondes de notre époque. La Tunisie n’y a pas échappé. Mais pourquoi est-ce la Tunisie, qui, avant tout autre pays du monde arabe et de l’Afrique va institutionnaliser le 7 mai 1977 une Ligue Tunisienne pour la défense des droits de l’Homme ? Pourquoi est-ce justement en Tunisie où «les pouvoirs sont libres» ? Et «là où les pouvoirs sont libres», écrit Robert Badinter à l’époque de la création de la LTDH, «ni les groupes, ni les hommes ne peuvent le devenir». Comment dans ce cas expliquer le double paradoxe non seulement de la création d’une Ligue pour la défense des droits de l’Homme mais d’une ligue qui perdure depuis 27 ans dans un contexte de précarité des libertés publiques et individuelles où les lois sont plus soucieuses de protéger les gouvernants contre l’exercice des libertés que les gouvernés contre les abus de pouvoir ? Comment dans ce cas expliquer le double paradoxe de la création et de la longévité d’une Ligue des droits de l’Homme appelée de par son esprit et son mandat à s’opposer au régime en place et par voie de conséquence a être bloquée dans son développement par ce même régime, alors que celui-ci met en avant le choix de la modernité et du réformisme, projet dans lequel une Ligue de défense des Droits Humains apportait naturellement à la fois un «plus» et une illustration ?  

Appel de militants démocrates et progressistes anciens détenus politiques

(N°51, Octobre 2004, 4 pages)   Nous publions ci-dessous une pétition signée par des anciens prisonniers politiques tunisiens.  Ses initiateurs dénoncent la détérioration des libertés en Tunisie et revendiquent le droit à la citoyenneté.  

Extraits du rapport 2004 sur la Tunisie

(N°51, Octobre 2004, 4 pages) Amnesty International Le Rapport annuel d’Amnesty International détaille la situation des droits humains dans 155 pays et territoires pour l’année 2003. Il donne une vue d’ensemble de l’évolution de cette situation par région et présente les thèmes prioritaires de l’action d’Amnesty International (violence contre les femmes, droits sociaux, économiques et culturels, justice, protection des réfugiés et des migrants). Nous publions ici des extraits de ce rapport concernant les trois pays du Maghreb.   (Site de la revue: http://www.ifrance.com/Confluences/)


 

Abdallah Zouari, un lourd fardeau pour l’Etat

  Omar Khayyâm     En feuilletant le brouillon du volumineux rapport de la Cour des Comptes, je suis tombé sur un chapitre intéressant.Le chapitre s’intitule :  » Abdallah Zouari, un fardeau pour le budget de l’Etat ». Nos experts-comptables publics ont été horrifiés par les dépenses engagées par l’Etat tunisien pour protéger un citoyen qui n’avait jamais reçu de menaces de la part de qui que ce soit. En outre Abdallah Zouari n’a jamais demandé à l’Etat de le protéger. Combien coûte la sécurité personnelle de ce citoyen qui a certes des adversaires politiques mais aucun ennemi ? D’après les calculs détaillés au millime près, Abdallah Zouari coûte à l’Etat tunisien 26 711 dinars  870 miilimes dinars par an ! Les vérificateurs des dépenses de la Nation ont eu recours aux méthodes de la comptabilité analytique pour affiner leurs calculs des coûts: frais de personnel calculés en fonction des émoluments annuels des policiers en charge de Zouari, corrigés par le temps de travail consacré à d’autres tâches, amortissement linéaire du Toyota utilisé par ces mêmes agents, coût du carburant pondéré en fonction des fluctuations du marché mondial des produits pétroliers raffinés, dépenses indirectes (soins médicaux, médicaments etc.) des trois agents chargés de veiller à la sécurité de ce journaliste au chômage, allocations sociales et familiales rattachées aux fonctions, etc. A la fin du chapitre, la Cour des Comptes recommande à l’Etat de « délocaliser » l’entreprise sécuritaire autour de Monsieur Zouari. Il suggère son transfert au Tchad où les coûts de main-d’œuvre sécuritaire défient toute concurrence. La suggestion est très séduisante du point de vue économique, mais qu’en pense un journaliste comme Zouhair Yahyaoui qui au lieu de faire le voyage Tunis-Sfax-Zarzis devrait faire le voyage Tunis-Sfax-Remada-Ghédamès-Ndjamena?
(Source: Le forum de TUNezine le14-01-2005 16:33)
 


 

تغييب المؤسسات وراء توظيف السلطة للشعور الديني

 

محمد صالح النهدي

إن الحكومات الديمقراطية التي تخشى المراقبة والمحاسبة والنقد تراها لا تتخذ قرارا في أي قضية من القضايا إلا بعد تكوين اللجان المختصة والقيام بالدراسات اللازمة والعودة إلى المستشارين ثم عرضها على الجهات المعنية لتنظر في مدى ملاءمتها للمصلحة ذات الصلة. أما إذا أقدمت على موقف وتسرعت في اتخاذ قرار لم ينل حظه من البحث والدرس والتمحيص ولم تنطلق فيه من المصلحة الوطنية، فإن الرأي العام بمؤسساته وجمعياته وأحزابه وقواه الحية يشن عليها حملة شعواء يمكن أن تصل إلى حدّ دفعها للإستقالة. أما الحكومات التي تعودت على الإطراء والمديح والمساندة وعدم المساءلة وكأنها تقود قطيعا من الأغنام، فإنها لا تكلف نفسها عناء التفكير والتثبت والاجتهاد ولا تتنازل من عليائها لإشراك من يهمه الأمر، ولا تجد صعوبة في عدم اصدار قرار أو اتخاذ موقف في أي مسألة من المسائل المصيرية مادامت مطمئنة إلى غياب ردّ الفعل وإسكات من يفترض فيه الدفاع عن مصالح المجتمع. وهذ ما يجعل سياسة تلك الحكومات تفتقد المصداقية وتتصف بالارتجال وتخضع لمزاج صانع القرار وتخلو من الفاعلية وتغلب عليها النظرة القصيرة العاجزة عن استيعاب شروط النجاح، ولا تستطيع أن تنال احترام الخارج وتقديره لذلك تضطر للتنازل له والعمل بشروطه. وفي أغلب الأحيان تدرك تلك الحكومات أوجه النقص في مكسبا لا يأتيه الباطل وإجبار الناس على تصديقه والتسليم به. ودفعت كثير من الشعوب نتيجة لهذه الممارسات والمغالطات ضريبة غالية عادت عليها بأشد الأضرار. وكلنا يتذكر ما حصل عندنا في الستينات  من القرن الماضي من تبني سياسة تقوم على التعاضد وهيمنة الدولة على القطاعات الحيوية وما صاحب ذلك من تجاوزات وأخطاء كان يمكن أن يقول فيها القانون قوله الفصل لو كان هناك قضاء مستقل ومؤسسات فاعلة منتخبة، ولكن مع الأسف قوبلت تلك التجربة بالتمجيد والتهليل والمباركة والتبشير بالإشتراكية، وفجأة حل محله التشنيع والتهجم والتجريح والنقد عندما تملصت الحكومة من هذا الاختيار وغيرت موقفها وتنصلت من مسؤولية فشلها وقدمت أحد أعضائها كبش فداء ثم تنقلب 180 درجة وتتحول إلى سياسة رأسمالية أدت إلى حوادث 26 جانفي ثم أحداث قفصة وانتفاضة الخبز. بل وصل الأمر بهذه السلطة في غياب أجهزة تراقبها وصحافة تحاسبها وأحزاب تعارضها وبرلمان يسائلها، إلى أن تتعامل مع الواقع السياسي بمواقف ارتجالية متسرعة غير مسؤولة، فبعد أن لاحظت في السبعينات بروز قوى اليسار في الجامعة والنقابات، وعوض أن ترى في ذلك ظاهرة صحية يمكن توظيفها للصالح العام، تصرفت معها بعقلية قاصرة لا يهمها إلا البقاء في السلطة بأي ثمن، فعمدت إلى تشجيع التيارات الدينية وفتحت لها الأبواب وأغمضت عينيها على نشاطها وأفسحت لها المجال لتضرب بها التيارات اليسارية، وبذلك حولت الجامعة إلى ساحة للصراع وسمحت لفئة  فيها بمهمات أمنية وممارسة نوع من السلطة ضدّ الرأي الآخر، وأصبحت بذلك مصدرا من مصادر التوتر الذي أعاق الفكر الديمقراطي وغذى الاستبداد. وهذا سلوك خطر لا يتصور صدوره عن سلطة وطنية من واجبها وحدها توفير الأمن والاستقرار لكل المواطنين.. ويقدم لنا هذا السلوك نموذجا لتصرفات المؤسسة الحاكمة بأمرها التي لا تخشى حسابا ولا عقابا ولا تتورع عن انتهاج سياسات يمكن أن تضاعف معاناة الناس ولا يهمها رضاهم بقدر ما يهمها الاستمرار في السلطة. وكان يمكن للتغيير الذي حدث في هرم السلطة أواخر الثمانينات أن يستفيد من الاخطاء السابقة ويتوخى أساليب ديمقراطية تعبر عن المصلحة العامة وتحترم إرادة المجموع وتهدف إلى الاصلاح الشامل الذي يقوم على التعددية الفعلية والهياكل الفاعلة الممثلة والصحافة الحرة والقضاء المستقل حتى تتلافى الارتجال في المواقف السياسية ونضمن المشاركة في القرار ليتحمل الجميع المسؤولية، إلا أن إدارته للأوضاع كانت أقرب إلى الوفاء والاستمرارية للأداء السياسي الذي كان سائدا. ويكفي أن نـأخذ مثالا لنبرهن به على أننا مازلنا بعيدين عما نطمح إليه من سياسة رشيدة عقلانية ترصد الأوضاع وتحلل مكوناتها وتقترح لها الحلول الدائمة بعيدا عن الظرفيّة. فمثلا واجهت السلطة  في بداية التسعينات دعاة الدولة الدينية الذين سبق لنا أن عرفنا ظروف نشأتهم وتواجدهم، ورأت فيهم خصما يمكن أن يهدد وجودها وكان هذا هو الهاجس الرئيسي الذي دفعها للتخلص منهم بطريقة قاسية أريد بها استئصال هذا التوجّه. والحقيقة أن مواجهة هذه الظاهرة بالحلول الامنية التي قد تحقق بعض النتائج على المدى القصير ولكن النتائج تكون خطرة على المدى البعيد لأنه من الواضح أن القضية لها أبعاد فكرية لا ينبغي التعامل معها إلا بالفكر. ويكون الحل عندئذ، إذا وضعنا المصلحة الوطنية في الاعتبار، هو الإصلاح السياسي والاجتماعي والتوزيع العادل للثروة والقضاء المستقل وتوسيع دائرة المشاركة في الحكم وحرية الإعلام. 

 

  (المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 294 بتاريخ 10 جانفي 2005)


 

إصلاحات جذرية من أجل مستقبل تونس

 

محمد العروسي الهاني

 

إن الإصلاح من الداخل أهم وأنبل وأعظم من الإصلاح الخارجي الذي يكون مفروضا لأسباب مصلحية لا تستجيب لتطلعات شعوب المنطقة.  ومن هذا المنطلق يسعدني كمناضل دستوري قديم وكمواطن تونسي أن أتقدم بالمقترحات التالية بمناسبة حلول السنة الإدارية الجديدة التي تصادف مرور 50 عاما على إعلان الاستقلال الداخلي يوم 3 جوان 1955. ونريد أن يكون عام 2005 سنة الإصلاح السياسي والاقتصادي بصفة فعلية وإرادة داخلية جماعية تساندها كل القوى السياسية بصدق ووضوح، غايتنا دعم المسار الديمقراطي بالطرق السلمية والروح الوطنية العالية وبالحوار والإعلام الحرّ النزيه الصادق الذي لا وصاية عليه ولا رقابة.

ففي البداية أشير إلى انه لا بد من تطوير الحياة السياسية لدعم المسار الديمقراطي السليم والتمسك به كخيار استراتيجي اعتبارا للنضج الذي أصبح عليه الشعب التونسي بفضل التعليم والثقافة. وثانيا لا بد من دعم وتوسيع الحوار الهادف والمسؤول مع كل العائلات الفكرية والسياسية بصفة عملية وفعلية ودائمة، وتطوير المجلة الانتخابية وتوسيع مجالات المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة وبأكثر شفافية.  كما أنه من الضروري تجسيم الشعار المميز والرنان، شعار التسامح والتضامن الفعلي بين كل شرائح المجتمع دون استثناء أو إقصاء.  ولا بد هنا من إعادة الاعتبار الفعلي للأعياد الوطنية مثل عيد الثورة المجيد في 18 جانفي 1952 وعيد النصر في غرة جوان 1955. وكذلك إعادة الاعتبار للزعيم الحبيب بورقيبة بتعليق صورته في قصر الجمهورية كمؤسس للجمهورية التونسية وفي مقر مجلس النواب وفي كل المطارات بإعتباره أوّل رئيس للجمهورية.

ومن النقاط الهامة التي لا بد من الانتباه إليها تطوير المشهد الإعلامي بصفة فعلية خاصة وأنه أصبح مطلبا ملحا من كل فئات المجتمع، وذلك بفسح المجال للرأي الآخر وجعل الحوار مبدأ ثابتا في الإذاعة والتلفزة بمشاركة كل الأحزاب والعائلات الفكرية التونسية دون استثناء.  كما أنه حان الوقت لإعطاء مسألة العفو التشريعي العام وإنهاء مأساة السجناء السياسيين البعد اللازم والضروري لغلق هذا الملف وتصفية المناخ الداخلي المبني على التسامح والوطنية دون الخوض في حوار وجدل عقيم حوله. ودائما في الإطار السياسي والفكري الرصين أقترح فتح حوار حول كل القضايا التي تهم سيادة البلاد وكرامة هذا الشعب، وتطوير العقليات لتحديد مفهوم المواطنة وتجديد أسلوب المعاملة الحسنة وحسن الظنّ بالمواطن الذي يرغب في طرح القضايا الهامة دون أن نمس بصورته أو سمعته أو نيته واتجاهه الفكري أو السياسي أو نرميه بنعوت أخرى. وهذا يتطلب حسب رأيي تطوير الحوار الحزبي والنقابي والإعلامي بشكل مكثف كما كان عليه في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات حتى داخل منابر الحوار الحزبية، بحرية كاملة أمام أعضاء الحكومة والحزب، دون أن يعرّض المناضل لمساءلة أو لوم من الأطر العليا. كما أنه من الضروري في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ بلادنا الاستجابة لطلب بعث أحزاب جديدة ذات بعد تاريخي وشرعية شعبية وطنية، والاستجابة كذلك لبعث قنوات إعلامية حرة تهدف إلى مزيد دعم الإعلام الحرّ والتنافس الشريف على أساس حرية الفكر والتمشي الحضاري للإعلام التعددي على غرار ما يجري في العالم دون تحديد المساحة الإعلامية أو شروط التعجيز.

أما في المجال الاقتصادي فإني أقترح وبصوت عال يعبر عن رأي كثير من شرائح المجتمع الحدّ من الخوصصة في القطاعات الهامة ومزيد التحري في استعمال أموال الخوصصة وجعلها تصرف في أبواب التشغيل للأجيال والشبان حاملي الشهادات العليا. كما أنه من الضروري مراجعة المجلة الجبائية لمزيد تحقيق العدالة الاجتماعية بين كل الشرائح، فكما يخصم بصورة آلية من العامل والموظف والمتقاعد لنسبة تتراوح من 5 إلى 20 % من الأجور بصفة آلية دون تأجيل يجب أيضا بكل شفافية القيام بالواجب الوطني من الأطراف الأخرى ذات الدخل الواسع مع مزيد المرونة حتى نقضي على ظاهرة التهرّب والتدخّل والتقاعس. وفي نفس المجال الاقتصادي أشير إلى ضرورة فتح ملف الأراضي الدولية بصفة فعلية وبشفافية، وإعادة توزيع الأراضي على الشبان حاملي الشهائد العليا بصفة عادلة حتى يتسنى لكل مواطن أخذ نصيبه،  وبعث مشاريع ذات جدوى تركز بمناطق الظل والمناطق النائية لبعث مواطن الشغل والرزق للشباب كي نحد من النزوح. وعلى المستوى الإقليمي لا بد من التفكير في بعث السوق المغاربية لضمان ترويج المنتوج الفلاحي والصناعي في سوق قوامها 80 مليون نسمة، وتوحيد العملة المغاربية لبناء اقتصاد مغاربي قوي بنظرة مستقبلية، وحماية الإنتاج الوطني بضرورة اتخاذ إجراءات حازمة في خصوص معالجة قضية التجارة الموازية التي لعبت دورا سلبيا في السنوات الاخيرة وأدخلت ارتباكا على الصناعة المحلية.

أما على المستوى الاجتماعي فإني أقترح بعث صندوق اجتماعي للعاطلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا والمتوسطة، ونسبة 50 % من بعثه تكون من مردود أموال المشاريع التي تم التفويت فيها، وإعطاء الأولوية للعناية بضعاف الحال لتحسين الطاقة الشرائية بضرورة إقرار الترفيع في الأجر الأدنى المضمون ب 300 دينار أي بمعدل عشرة دنانير يوميا لضمان لقمة العيش. ولا بد في هذا الإطار من مراجعة المنحة العائلية للأطفال الثلاث ومنحة الزوجة غير العاملة التي جمّدت منذ عام 1990. و في مجال الأموال لا بد من المطالبة باسترجاع القروض الهامة والكبيرة التي استفاد منها عدد هام وهي من أموال الشعب وتصنف في البنوك والدراسات العالمية بالأموال المشكوك في استرجاعها، وذلك قبل المطالبة باسترجاع مبالغ متواضعة لا تتجاوز الألف دينار من صندوق التضامن الوطني. و فيما يخص المناضلين وقدماء المقاومين غيرهم ممن ناضلوا بالغالي والنفيس لابد من دعمهم والترفيع في المنحة المسندة لهم لأنها أصبحت لا تفي بالحاجة. كما أنه من المفيد مراجعة تكاليف العلاج بالمصحات الخاصة والسعي للضغط على تكاليف العلاج حتى تتماشى مع دخل العائلات واقرار قانون يخوّل للصناديق الاجتماعية تحمل مقدار من التغطية في المصحّات الخاصة وعند ضرورة العلاج بها. وهو نفس الأمر بالنسبة لتكاليف التعليم العالي الخاص الذي أصبح يفوق الأجر الأدنى مرتين أي 400 دينار شهريا، وكذلك التسجيل في المرحلة الثالثة الذي بلغ 200 دينار.

أما في الجانب التربوي والثقافي فمن المفيد أن أقترح إجمالا توحيد مناهج التعليم بين أقطار المغرب العربي ودعم اللغة العربية إلى جانب التفتح على اللغات الحية الأخرى، ودعم التربية الدينية والوطنية، وضرورة العناية بتدريس الحضارة الإسلامية والتسلح بقيم الإسلام السمحة والأخلاق الفاضلة، والمحافظة على التراث والإرث الثقافي العربي للتسلح ضدّ الغزو الثقافي الوافد من الخارج.  و في الجانب الإعلامي المتصل بثقافة وقيم المجتمع أطالب بضرورة دعم المسلسلات الهادفة والبناءة وحذف كلّ مظاهر الانحلال الأخلاقي والتهوّر والأفلام الخليعة الفاضحة التي شوهت صورة المرأة التونسية العربية المسلمة وجعلتها بضاعة في السوق.  كما لا بد من التفكير في إنتاج حصص تلفزية وإذاعية لدعم الجانب الروحي والأخلاقي، وتجسيم مبدأ الدولة العربية الإسلامية الذي ورد في الدستور، ومحاربة كل مظاهر الفساد والانحطاط الأخلاقي والكلام البذيء الذي غزا شوارعنا، والقيام بحملة واسعة النطاق في كل المجالات بمشاركة الأحزاب والجمعيات لوضع حدّ للسلوك الانحرافي والسرقة والنهب والنشل في الشوارع ووسائل النقل والقضاء على الجرائم الجديدة التي أصبحنا نسمع عنها كلّ يوم من قطع طرق وبراكاجات وخطف الذهب من رقاب النساء والفتيات وخلع البيوت وغيرها.

هذه بعض المقترحات والخواطر التي ستزيد في مزيد إشعاع تونس التي نريدها بعد مرور خمسين عاما على الاستقلال، ونرجو من كل العقلاء الصادقين المحبين لتونس وللإصلاح المنشود واحترام القانون والديمقراطية أن يفهموا فحوى هذه الرسالة ويقدروها حق قدرها وهي رسالة للتاريخ، والله ولي التوفيق.

 

  (المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 294 بتاريخ 10 جانفي 2005)


 

تونس – صفاقس – جرجيس (الجزء الثاني)

 

سيارتا شرطة تقومان بالواجب، السيارة الواقفة وسط المعبد (TOYOTA) مكلفة بحراسة عبد الله وملاحقته.
بعد كل المجهود والعناء الذي تبذله لساعات طويلة أمام حاسوب لا يشكو من خلل أو عطل وأنت مرهق من أتعاب السفر وحكايات معاناة أهالي المنطقة من صلف النظام البوليسي وجوره تخرج بانطباع شديد المرارة : جرجيس محرومة من الانترنت ومن جل سبل العيش الكريم. كلامي لم يقنع لا الأستاذ عبد الوهاب معطر ولا الصحفي عبد الله الزواري وتركتهما لوحدهما يحاولان النفاذ للشبكة العنكبوتية وخلدت سريعا لنوم عميق.
لم تفل سنوات السجن والحرمان الطويلة من إرادة عبد الله الزواري في شيء وهاهو يحدثك عن الإعلامية وخفايا الحاسوب وكأنه لم يغب عن ساحة المعرفة ليوم واحد، كل شيء على ما يرام داخل حاسوبه الشخصي : حائط ناري ومضاد للفيروسات وبرمجيات من أحدث طراز… رغبة كبيرة في التمكن من هذه التقنيات المستحدثة وسرعة في التلقي يشهد له بها كل من جالسه ولكن لا وجود لأثر ما يسمى بالانترنت.
استيقظ بعد سويعات معدودة وقبل وصولي لبيت الراحة، الموجودة خارج البيت لانعدام قنوات الصرف الصحي بالمنطقة، ألمح أعوان شرطة عبد الله الزواري متسمرين في أماكنهم وكأنهم بغير حاجة لراحة أو نوم… أتأكد من عدم وجود كاميرات و ميكروفونات بالمرحاض ثم أقضي حاجتي وأعود حيث جماعة الانترنت.
بمجرد قيامي بشيء من الضجيج تكون الجماعة قد استيقظت بعد أقل من ساعتين من النعاس، الأمر لا يدهشني فكلاهما سجين سابق تكفي خطوات نملة لإيقاظه من سباته وحرمانه من حلاوة النوم، مباشرة بعد صباح الخير أسأل عبد الله إن كان قد نجح في النفاذ للانترنت فيجيبني ببشاشته المعهودة : « لقد جربت أربعة اشتراكات لأربعة مزودي خدمات مختلفين ولم أنجح إلا مرة واحدة في البقاء مرتبطا بالشبكة العالمية لثوان معدودة ».  
 
لم تجدي كل محاولاتنا نفعا للنفاذ لشبكة الانترنت بجرجيس
شعرت بنوع من الغبطة لأن تشخيصي الأولي كان في محله وبنوع من المرارة القاسية وأنا الآن متأكد من أن رداءة خدمة الانترنت بالمنطقة مرتبطة أساسا باستعمال أشخاص مثل عبد الله الزواري وشباب جرجيس وغيرهم من المناضلين لها، فالانترنت الذي أريد لها أن تكون نعمة صارت نقمة على كل أهالي الولاية… للمرة الألف تجول عبارة العقوبة الجماعية بمخيلتي.
عبد الوهاب معطر لا يزال غير مقتنع بالحقيقة المرّة ويصر أنه بإمكاننا إعادة الكرة مرات أخرى حتى يحالفنا النجاح ولكني اقترح على الجمع أن نغادر حاسي الجربي نحو جرجيس لنتأكد من رداءة الخدمة باستعمال خطوط هاتف أخرى. نجمع زادنا من التجهيزات الالكترونية… وأعوان الشرطة أيضا ونتجه صوب المنطقة الحضرية حيث يُجمع كل محدثينا أن استعمال الانترنت أمر شبه مستحيل في هذا البر باستثناء المراكز العمومية للانترنت والتي تخضع لمراقبة دائمة من طرف البوليس، بل أن أحدهم ممن حاول النفاذ البارحة للشبكة من بيته أصر أن الأمر كان أشبه بالمستحيل.
إصرار الأستاذ عبد الوهاب على التأكد بصفة نهائية من وقوع جرجيس تحت طائلة العقوبة الجماعية دفعنا حتى للحديث مع رواد مراكز الإنترنت العمومية وأصحابها وجعلنا نستخلص أن النظام الدكتاتوري لا يمكن أن يقبل أن يحدث شيء في جرجيس دون أن يكون على علم مسبق به ولو كانت رسالة الكترونية لصديق بمناسبة العام الجديد وحتى أصحاب « البوبلينات » نفذ صبرهم من هرسلة الشرطة لحرفائهم واعتداءاتها اليومية على حرمة مراسلاتهم الشخصية دون أدنى ضوابط قانونية أو حتى أخلاقية.
عبد الله الزواري يتألم في صمت مدوي ويهدد مرة أخرى بأنه سيقوم بإضراب مفتوح عن الطعام مباشرة بعد العيد وجميعنا أصبح عاجزا عن ثنيه عما يزعم القيام به بعد أن قاسمه بعض معاناته القاسية جدا لفترة وجيزة … في الجزء القادم ننشر وثائق عديدة لعبد الله الزواري ومراسلات تخصه لجميع المسؤولين عن عذاباته عساهم ينتبهوا لخطورة تعدياتهم الخطيرة على شخصه وعلى عائلته بأكملها…
زهير اليحياوي 12-01-2005 (المصدر: موقع تونيزين بتاريخ 12 جانفي 2005)  


مائة مصباح من مشكاة النبوة    الحلقة الرابعة والاربعون

أخرج البخاري عن المغيرة بن شعبة أنه عليه السلام قال  » لايزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون » وفي رواية معاوية  » لايزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لايضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك « . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موضوعه : الصحوة الاسلامية قدر الامة وملح قصعتها ومحرار الخير فيها وجند الرباط ضد الغزاة

: ثمة بضعة ثوابت في حياتنا الاسلامية ما ينبغي الغفلة عنها يوما لا تمثلا عقليا ولا تشربا نفسيا ولا تحريكا للارادة وهي  محل تواص دائم مستمر لا ينضب بيننا جميعا لانصلح بغيرها ولا بغير التواصي بها وهي بعد توحيده سبحانه وبعد تكريم الانسان بأمره سبحانه : أن الامة واحدة في قواطعها العظمى فكرا وممارسة متنوعة في ما دون ذلك وأن الامة لا تموت أبدا طال ما طال بها المرض وإدلهمت ما إدلهمت في وجهها الخطوب لانها إرادته سبحانه التي يعدل بها سننه وأسبابه وأقداره في الارض وإرادة الله سبحانه لا تموت وأن الامة هي خير الامم وهي خيرية مشروطة من ناحية بالقيام الجماعي على ثوابت ثلاث وهي الايمان والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي خيرية إنسانية عالمية عامة لا تفوح منها رائحة القومية النتنة لانها خيرية أمة لاتقصر الهداية على نفسها بل تجعل من المسرح البشري والكوني بأسره حقل عمل لها وتلك هي إحدى أكبر عوامل الدفاعات الذاتية الحية التي تكفل للامة حياتها حتى حال المرض الوبيل وخيريتها حتى حال الانحطاط وعالميتها حتى حال الاحتلال والاذلال . تلك هي إذن ثلاثة ثوابت عظمى متعلقة بالامة لابد من العض عليها بنواجذ النواجذ وهي : وحدة الامة وحياتها الدائمة وخيريتها الانسانية العالمية . وهي ثوابت يقينية مطلقة محكومة بثابتين كبيرين وهما : التوحيد له سبحانه والتكريم لعبده في الارض وما من مخلوق إلا وهو له عبد .

ماهو سر عدم موت الامة رغم الضربات القاسية جدا من الداخل ومن الخارج على مدى القرون؟

بعض الناس سيما من الشباب المبتدئ في التدين تذهب به الحرقة على حاضر الاسلام ومستقبل الامة مذاهب بعيدة يفارق التوازن فيها ويجانب الاعتدال وهذا صنف لا خلاف في صفاء طويته وسلامة قلبه وحياة إيمانه غير أن الجهاز الانساني لا يقوده القلب المفعم بالحب فحسب دون عقل مؤهل لحسن التعامل على المحيط والتاريخ وكثيرا ما يحضر القلب ويغيب العقل والله سبحانه قضى في محكم تنزيله أن الانسان لا يصلح بغير حضورهما معا في غرفة القيادة كرباني سفينة تمخر عباب الامواج العاتية . ولو نظر هؤلاء في تاريخ الامة الذي تناوله القرآن بإطناب من خلال القصص الغزوي فضلا عن القصص النبوي العام الذي يهم أمة التوحيد عامة من لدن آدم عليه السلام لالفوا أن الامة تعرضت لمحن وشدائد أكبر مما تتعرض لها اليوم رغم أن كل ذلك ضمن سياقاته المعروفة التي ما ينبغي على كل دارس حصيف منصف إغفالها ولكن الدرس الباقي بعد كل ذلك ليس هو سوى أن الامة التي نجت يوم بدر ويوم أحد ويوم الخندق ويوم الحديبية ويوم بغداد يوم هجوم التتار الذين عاثوا فيها فسادا وهي العاصمة العباسية حتى تغيرت مياه دجلة لفرط ما ألقي فيها من كتب ومجلدات .. لا يستعصي عليها بإذنه سبحانه النجاء من الهجمة الصليبية الصهيونية الراهنة كيف لا والامة إزدادت قوة بعددها وعدتها وصحوتها فعلت حركات ومؤسسات وقيادات وكتائب جهاد ومقاومة وفكرا وثقافة وعلوما ومعارف يساهم اليوم فيها المسلمون في الصف الاول وأحيانا كثيرة في صف القيادة لا بل كيف لا وما إحتل العدو اليوم وطنا إلا وأخرج منه صاغرا يجر أذيال الخيبة من أفغانستان إلى الشيشان إلى كشمير إلى فلسطين والعراق وما بقي محتلا ليس سوى لترتيب إراقة ماء وجه داعر شوهته الظلمات لا بل كيف لا والصحوة المعاصرة صرعت الاستبداد في أكثر من بلاد وتاخمت أبواب السلطة ونالتها فمن أفغانستان إلى إيران إلى السوادان إلى تركيا  وهي تشارك اليوم في أكثر من حكم فمن الكويت إلى لبنان إلى ماليزيا إلى الجزائر والمغرب ومصر وبلدان أخرى كثيرة لا بل كيف لا وهي اليوم أمل الشعوب حقيقة لا رجاء فقل لي بربك في أي موقع من الكرة الارضية لم يقبل الناس على تزكية الصحوة بسائر مشاربها ومبانيها سواء محليا وبلديا أو ولائيا وجهويا أو برلمانيا بنسب عالية لا بل كيف لا ولم يحشر الصوت الشيوعي والمادي والعلماني يوما منذ قرن كامل في أضيق زاوية حتى إنسلخ عن إسمه وجلده في أحيان كثيرة إلا بعد صعود الصحوة والحقيقة أنه لو تماديت في تسجيل إنجازات الصحوة المعاصرة لحبرت مجلدات وأفنيت آبار مداد وما بلغت عشر معشار ذلك ولا يعني ذلك عدم تعلق السلبيات بها بل هي أحيانا قاتلة مؤذية ثقيلة ولكن العبرة بالميزان الختامي عند كل تقويم منصف حصيف وأختم ذلك بالقول بأن سر الاسرار وراء الهجمة الراهنة ليس هو سوى تنامي الصحوة إلى حد تهديدها للتوازنات الدولية القائمة ولم تكن الصحوة وما ينبغي لها أن تكون عامل تهديد لاستقرار قائم على العدل والحرية .

هذه دفاعات الاسلام الحية ضد كل داء عضال فأحفظوها في أنفسكم أما فيه هو فهي محفوطة:

ــ الاسلام إرادة الله سبحانه يقيض له المسلمين يفحفظونه بإذنه فلا جزع عليه أبدا . ــ إنبناء عقيدته رغم غيبيتها على الوضوح واليسر والبرهنة العلمية وملاءمة الفطرة والسنن . ــ إنبناء شريعته بإجمالها وتفاصيلها على العلية والمقصدية والعقلانية واليسر ومصلحة الانسان. ــ إنبناء منهجه العام تفكيرا وتغييرا على الوسطية التي هي مظنة كل صواب وحق . ــ إنبناء دعوته على التبشير والواقعية والعالمية والانسانية وضمان السعادة والدفء المفقودين. ــ إنبناء خلقه على الرحمة الكفيلة بتأليف كل القلوب مهما كانت متنافرة أو قاسية غليظة . ــ قدرته العجيبة على التسلل إلى الناس في وقت عصيب وسريع بحركة أخلاقية بسيطة صغيرة . ــ قدرته العجيبة على الجمع بين كل الثنائيات التي يظنها الناس أضدادا كالدين والدنيا. ــ قدرته العجيبة على صناعة الانسان من سجين لذة إلى شهيد حر يقتل نفسه بيده أملا في الجنة . ــ قدرته العجيبة على تأمين أشد حاجات الناس في الحرية والعدل والامن النفسي والتآخي .

تحرير القول في الظهور والطائفية وإنتفاء الضر بالخذلان والمخالفة وإتيان أمر الله

: الظهور هنا ليس معناه تحقق النصر المادي الكامل على سائر الاعداء ولكن معناه هو ظهور الدين بسائر رموزه ومؤسساته وعباداته أو بماتيسر منها فكرا وسلوكا ظهورا يستعصي على محاولات الاستئصال ولك أن تسأل اليوم هل نمت حركات البذل المالي والتوحد الاسلامي والمقاومة المسلحة لما صعدت أمريكا من حملتها ضدها أم إستجابت ولو مكرهة للمكر فتدنت والجواب أمامك مبسوط ومن حولك مبثوث . وهو ظهور لا يهون لانه صمام الامن الحامي لاخر قلاع الاسلام والصائن لاخر حصونه فلا أمل لعدو فيها يوما وما حصل بعده مكاسب تجنى لرساميل ثابتة غير مبددة . أما الطائفية التي عبر عنها الحديث في روايات أخرى بقوله  » طائفة  » بدل  » أمة  » هنا فمعناها أن تلك الطائفة هي أمة من الامة وأن الامة هي كل من تلك الاجزاء الصغيرة فالعلاقة ما ينبغي لضمان الظهور والخيرية أن تكون عدائية بين أمة أو طائفة صغيرة أو كبيرة تقوم على أمر الله وبين أمها الاصيلة الاصلية الكبرى أي أمة الاسلام وإلا إنتفت معاني ظهور هذه وخيرية تلك فالتبعيض اللغوي هنا يبسط معناه الروحي على العلاقة الحميمية بين الام وسائر طوائفها ومظاهر الصحوة فيها وهي لا تحصى ولا تنجمع في مجمع واحد وعنصر قوتها الاكبر هو تعددها وتنوعها وإختلافها .أما إنتفاء الضرفهو معنى أكد عليه القرآن كثيرا ومعناه أن الضر الكفيل بإستئصال الشأفة محوا للوجود لا وجود له وخاصة من خلال الهجوم الخارجي فهو على فرض وجوده من خلال إتساع الخرق الداخلي وتمزق الصفوف وحتى في هذه الحالة فهو غير موجود إذ إستبدله سبحانه بإستبدال أمة بأمة أما الامة كيانا ودينا ووجودا فلا تنقرض أبدا على أن حصول الاذى وهو دون الضرضربة لازب علىكل جهاد ومقاومة . أما إتيان أمره سبحانه فمعناه إما يوم القيامة وإما أمر نصره ولو جزئيا بجعل الغد خيرا من الامس  .

فالخلاصة هي إذن أن هذا الحديث يثبت بعض ثوابتنا المتعلقة بالامة وهي بعد التوحيد لله والتكريم للانسان وحدتها وحياتها وخيريتها ويبشر بالصحوة بعد كل وهدة ويعلمنا أن الاسلام يحوي في جهازه الداخلي دفاعاته الخاصة به تحول دون إلغائه أبدا وهي دفاعات مطلوب منا التسلح بها في معركتنا المعاصرة لتثبيت الوجود وإعلان التجديد فهو حديث بشارة كفيل بدهس بائسات اليأس وواقعنا المعاصر رغم الجراحات ناطق حي صريح بنبوءات الحديث .

                                                                         الهادي بريك / ألمانيا
 

رسالة الشهيد العيدودي

  إلى أهل الشهيد العيدودي (وخاصة والدته) وكلّ شهداء الحقّ و العدل مع خجلي   فاضل السالك  » عاشق البحر »   حزينة عيناك … يا أمّ لا تبكي … دامعة عيناك … يا أخت عن البكاء كفي … هناك يا أمّ … هنا … يا أمّ حفت بي الملائكة أوقفوني … قلت لا أمشي قالوا وممّا … فأنت فتى زيّن العرش قلت … هناك في محاكم الموت أمروا بقتلي … قالوا ومن يملك الموت قلت … مالك شعبي ضحك الجميع … وقالوا خائن شعبك … قلت … ومن أعلمكم قالوا أنظر … هناك أتراه في ذلك الصفّ ؟؟؟ قلت أجل … وهو مطأطأ الرأس ولكن من همّ … يا خيرة الخلق قالوا … هم مرتبون في الصف ذاك مضي … والآخر … سوف يأتي لم يعد له عن القبر غير خطى وهو لا يدري وهنا … أنظر أترى هذا الجبّ ؟ قلت … هوّ يعجّ بأبشع الخلق قالوا … هم من ملكوا الأمر وخانوا العهد … أباحوا سفك الدماء … ولم يخشوا يوما يزلزل له القلب … لم يخشوا صدى كلمات … تزلزل العرش الأغلال … في النار تصهر وأنت ما رأيك … قلت ليست الوحيد من يملك الأمر هناك أمّ … هدها التعب شقيت قبلي وبعدي … والآن هي تنتحب قالوا دمعها … ماء القطر سينزل حمما … على رؤوس من أباحوا دماء الخلق قلت … وأخت شقت ثيابها على أخ وئد في المهد قالوا … تلك أمشاط نار ستمزق جلود من نسج من جلود البشر معاطف للأمن … قلت و زفرات شيخ … هده الوجع قالوا … أبشع من تلك ستكون صرخات الأشرار ولكن ليس لها أمد … قلت وإخوة … تلاعبت بهم غوائل الدهر قالوا … بل هي أيام الطغاة من تلاعب بها الظلم والقهر … ثمّ أوقفوني … يا أم وجدتني أجري … بلا نصب قالوا الآن … أهتف إلى أمّك كي تكفّ عن النحيب وتترك الحزن أرجوك يا أمّي … كفي فذي أوّل أيامي فكيف إذا أسبلت في القبر …؟ أنا بألف خير … ولله عاقبة الأمر   فرنسا 13/01/2005 الساعة 16 و 10 دقائق  


هل ينتقل المجتمع المدني من الاحتجاج إلى المبادرة ؟

 
انتظمت يومي 5 و6 يناير 2005 في العاصمة القطرية، ورشة عمل ضمّـت عددا من مُمثلي منظمات عربية غير حكومية، لبّـوا دعوة وجّـهها إليهم المعهد العربي لحقوق الإنسان (مقره تونس)، الذي يتزايد دوره الإقليمي والدولي بشكل ملحوظ، ومنظمة (فريدم هاوس) الأمريكية غير الحكومية المعروفة بتقريرها السنوي حول أوضاع الحريات في العالم، إلى جانب أربعة مراكز وشبكات عربية، من بينها « اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان » في قطر. وناقش المشاركون في ورشة الدوحة موضوعا لافتا للنظر لم يسبَـق أن عُـولِـج في المنطقة بشكل مباشر وعملي. وقد لخّـص الموضوع عنوان الورشة: « استراتيجيات مساهمة المجتمع المدني في التحول الديمقراطي بالبلدان العربية ». أما السياق الذي يتنزل فيه هذا اللقاء، فيندرج ضمن الاجتماعات الإقليمية الدولية للإعداد لمنبر المجتمع المدني الذي سيَـنعقِـد في العاصمة الشيلية (سنتياغو) بشكل مواز للاجتماع الوزاري الثالث للديمقراطيات الذي سيلتئم في شهر أبريل 2005. تقوية وإرساء الديمقراطية يجدر التذكير بأن « حركة الديمقراطيات » تعتبر مبادرة حديثة العهد أسّـسها تحالف حكومي لدول قرّرت العمل بشكل جماعي على إرساء الديمقراطية في العالم وترسيخها. وكانت ضربة البداية في وارسو، عاصمة بولندا في 27 يونيو 2000، بدعوة من حكومات الشيلي، وجمهورية تشيكيا، والهند، ومالي، والمكسيك، وبولندا، والبرتغال، وجنوب إفريقيا، وكوريا الجنوبية، إلى جانب الولايات المتحدة. وصدر عن ذلك الاجتماع ما سمي بـ « إعلان وارسو من أجل مجتمع من الديمقراطيات »، الذي تضمّـن التزامات واضحة بدعم أسُـس الديمقراطية وحقوق الإنسان مثل « خضوع مؤسسات الحكومة للمحاسبة، من قِـبل مواطني البلد، واتّـخاذها الخطوات الكفيلة بمكافحة الفساد الذي يؤدّي لاختلال الديمقراطية وإضعافها ». أما الاجتماع الثاني، فقد احتضنته مدينة سيول عام 2002. وفي مسار مواز لهذه المبادرة الحكومية، تحرّكت مجموعة من المنظمات غير الحكومية، بهدف « تنظيم وتطوير مشاركة القوى الاجتماعية والسياسية المدنية في مسار تقوية وإرساء الديمقراطية ». وقد تمكّـنت تلك المنظمات في اجتماع سيول من أن تحضُـر 256 شخصية شاركت في فعاليات المنتدى الموازي، قدّمت من 75 دولة. وحتى تكون المحطة القادمة أكثر فعالية وتمثيلية، شكّـلت المنظمات الشيلية غير الحكومية، سكرتارية تنفيذية دولية التي احتضنتها منظمة (بارتيسيبا participa) الشيلية المعروفة، وستتولى هذه السكريتاريا الإعداد للمنتدى المدني القادم. وترمي كل هذه الجهود إلى إرساء حركة مدنية دولية تحجمها أهداف ثلاثة، من بينها « إذكاء الوعي والدفاع عن أهمية إرساء ديمقراطيات حقيقية ومتكاملة، تعتمد آليات فاعلة تحقق لها الديمومة ». إمكانية التحول الديمقراطي المسألة المحورية التي طرحتها ورشة « الدوحة » يمكن اختزالها في سؤال تضمّـنته ورقة العمل الأساسية، التي دارت حول مناقشات اللقاء، وهو: « لو توفّـرت إمكانية إحداث تحول ديمقراطي في بلد من بلدان العالم العربي، فهل يكون المجتمع المدني المحلي قادرا على أن يكون طرفا فاعلا وأساسيا في إنجاح ذلك التحول؟ ». لقد عددت الورقة، التي حصل حولها إجماع، وستعتمد إلى جانب التوصيات كوثيقة ترتكز عليها المشاركة العربية في سنتياغو، الصعوبات الهيكلية التي لا تزال تحُـول دون الإصلاح السياسي في المنطقة العربية، لكنها من جهة أخرى، رفضت الادّعاء بأن العرب ملقّـحون ضد الديمقراطية، بل وأضافت بأن « عملية التحول الديمقراطي قد بدأت فعلا في بعض الدول »، حيث حظيت المغرب باهتمام المشاركين. والجديد التي طرحته هذه الورشة، تأكيدها على أن المجتمع المدني العربي لا يُـعاني فقط من ضعف ناتج عن هيمنة الدولة وضعف مؤسساتها، ولكن أيضا هناك ضعف وصف بـ « التقني » لا يقل أهمية. وتتمثل جوانب هذا الضّـعف في الفقر الذي تُـعاني منه المجتمعات المدنية الحالية في مجال إدارة الحوار مع الحكومات، وخاصة في كيفية التفاوض معها. فالتفاوض يحتاج لتقنيات خاصة، وهو « يكون عادة تتويجا لتطور نوعي في أداء منظمات المجتمع المدني يهيئها لكي تكون طرفا محاورا قويا وذا مصداقية لم يعد بإمكان السلطة أن تتجاهله أو تشطبه ». وهذه المجتمعات التي لا خيار لها، حسبما ورد في الوثيقة الأساسية، سوى التمسك بالنّـضال السّـلمي، ورفض العنف، كأداة للتغيير، وتصعيد الضغط للتأثير على صانعي القرار، كما أنها مدعوة للإقرار بأن « التحول الديمقراطي يجب أن يتم بالتعاون مع الأنظمة، وليس بدونها ». عهد الاستبداد ولى وانتهى أما كيف يُـمكن إقناع الحكومات بأن المشاركة في ذلك هو من مصلحتها، وأن عهد الاستبداد المُـطلق قد ولّـى وانتهى، فذلك إحدى التحديات المطروحة على المنظمات العربية غير الحكومية التي يجب أن تغيّـر الخطاب، وتبحث عن الاستراتيجيات الجديدة للتغلّـب على الصعوبات والعوائق. المهم، حسب الوثيقة، أن يتساءل نشطاء المجتمع المدني: هل يعرفون ماذا يريدون بدقّـة؟ وهل يملِـكون خُـططا مرحلية إلى جانب الأهداف بعيدة المدى؟ وكيف يكسبون الأصدقاء؟ وكيف يعبّـئون الرأي العام دون أن يقطعوا الجسور مع الحكومات؟ مسائل أخرى تناولتها الورشة، مثل تحقيق المساواة بين الجنسين وبين المواطنين، مما يستوجب مراجعة الموقف القديم من ملف الأقليات في العالم العربي. ذلك الموقف، الذي كان يتعمد أصحابه تجاهُـل التعدّد الطائفي، رغم أنه أحد مكوِّنات الخارطة الديمغرافية، والسوسيولوجية، والثقافية للمنطقة العربية. كذلك تطرق النقاش للمسألة الدينية، حيث ورد بالوثيقة أن « الإيمان بالديانات، لا يشكّـل عائقا في حدّ ذاته، لكي يكون المؤمن ديمقراطيا أو مُـناهضا لإرساء نظام سياسي يرتكز على المشاركة الحرة والمساواة بين المواطنين. لكن تأويلا محددا للنصوص الدينية، يمكن أن يُـحدِث انقساما حادّا داخل المجتمع الواحد، ويفتعل أصحابه تناقضا بين قيّـم الدين وقيّـم الحرية والعدالة ». فتصاعُـد الغلو والنزوع نحو العنف والإرهاب تحت شعارات إسلامية، أصبح يشكل عاملا إضافيا من العوامل غير المساعدة على تحقيق التحول الديمقراطي. العدالة الانتقالية وأخيرا، دار نقاش مستفيض حول مفهوم جديد، بدأت تتداوله منظمات المجتمع المدني العربية، وحتى غير العربية، ويخص « العدالة الانتقالية »، أي كيفية القطع مع مرحلة الاستبداد والقمع الشديد، دون الوقوع في عمليات الثأر والانتقام، وما قد يثيره ذلك من مخاوف لدى الهيئات الحاكمة، مما يجعلها أكثر إصرارا على رفض الإصلاح، وعدم قبول مبدأ التحول الديمقراطي السلمي. أما بالنسبة للمبادرات الدولية والعربية المتعلقة بالإصلاح، والتي خُـصّصت لها جلسة حضرها من قدم ودافع عن وثيقة الشرق الأوسط الكبير (ممثل عن ميبي MEPI)، وكذلك الشأن بالنسبة للرؤية الأوروبية، فقد مال المشاركون إلى التحفظ، وانتقدوا صدقية الخلفية السياسية للإدارة الأمريكية، مما جعل الرد الرسمي لرئيس المكتب الإقليمي لمبادرة الشراكة الشرق أوسطية متعاليا نسبيا، وناقدا لما اعتبره ازدواجية الخطاب لدى منظمات المجتمع المدني العربي، حيث قال: « إذا تحركنا لدعم الجهود الديمقراطية، اتَّـهمَـنا البعض بالتدخل، وإذا سكتنا، لامنا آخرون عن عدم مُمارسة الضغوط على الحكومات ». لكن الفكرة التي لقيت أكثر رواجا في صفوف المشاركين، هو حسن استثمار هذه المبادرات والضغوط الدولية لتحقيق بعض المكاسب. فقد اعتبر محسن مرزوق، ممثل فريدم هاوس في المنطقة العربية، أن الضغط الخارجي يمثل « فرصة قد تكون إيجابية جدا، إذا أُحسِـن استغلالها، وكان نشطاء المجتمع المدني يملِـكون استراتيجية واضحة ». لقد كان لمشاركة عدد من النشطاء المعروفين في العالم العربي بمساهماتهم المكثفة، وأحيانا النوعية، الأثر الإيجابي في الارتقاء بمستوى النقاش، مثل الناشط الحقوقي خميس الشماري من تونس، الذي بدا متحفّـظا من قضية المبادرات الأجنبية، خاصة الأمريكية منها، وإن بقي رافضا أسلوب الكرسي الشاغر، ووزير حقوق الإنسان السابق في المغرب، محمد أوجار، وعبد الحسين شعبان من العراق. والملاحظ أن الوعي بالإشكاليات بدأ ينمو شيئا فشيئا داخل أوساط المجتمعات المدينة العربية، لكن هل ستتمكّـن من تجاوز أمراضها الذاتية وتجاوز عوائقها الهيكلية؟ سؤال سيبقى مطروحا، حتى تثبت الممارسة ما يخالف ذلك. صلاح الدين الجورشي – الدوحة
 
(المصدر: موقع سويس انفو نقلا عن وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 13 جانفي 2005)

 

 
 

تحية إلى « فتيان شيكاغو »  في ذكرى صعودهم:

دروس هامة للإصلاح الاقتصادي الشامل بالدول العربية

 

د. ابو خولة (*)

 

يبدا مع بداية السنة الجديدة العقد الرابع لصعود ماسمي بـ  » فتيان شيكاغو  » وهو الفريق الاقتصادي المتكامل وذي رؤية الواضحة الذي استلم الحقائب الاقتصادية في الحكومة الشيلية اوساط السبعينات من القرن الماضي, مما مكن الشيلى من تطبيق احد اكبر برامج الإصلاح الاقتصادي طموحا وشمولية بالدول النامية خلال النصف الثاني من القرن العشرين .و  لقد حول هذا البرنامج البلد من حالة فوضى اقتصادية عارمة ، نتيجة إفلاس التجربة الاشتراكية التي قادها سالفادور آلاندي ، والتي أوصلت البلد إلى الهاوية في ظل تضخم للأسعار وصلت نسبته 750 % سنة 1975 .

 

فما هي مدرسة شيكاغو لاقتصاديات التنمية ؟ ومن هم  » فتيان شيكاغو « ؟ وماذا فعلوا لتصبح الشيلى على ما هي عليه الآن ؟ وماذا يمكن للدول العربية ان تتعلم من تجربة الإصلاح الشيلية الشاملة التي قادها  » فتيان شيكاغو  » ؟

 

مدرسة شيكاغو لاقتصاديات التنمية :

 

تأسست نظرية الحرية الاقتصادية على يد مؤسس علم الاقتصاد الحديث المفكر السكوتلندي  « ادم سميث » بصدور كتابه     » ثروة الأمم  » عام 1796 ، الذي طور فيه نظرية  » اليد الخفية   » . مفاد هذه النظرية أن اقتصادا حرا بدون أية قيود من سلطة مركزية, يقوم على أساس الربح الشخصي ، وتقوم فيه مبادلات السوق على مبدأ الطوعية ووفقا للمصلحة المتبادلة ، يحقق أفضل النتائج على مستوى المجموعة الوطنية . وعلى هذا الأساس ، فان أي تدخل من طرف الحكومة ، مثل تحديد الأسعار أو فرض قيود على التجارة الخارجية ( فرض تعريفة جمركية على الواردات.. ) ، يؤدي إلى نتائج اقل بكثير من النتائج التي كانت ستتحقق لو تركت الأسواق تعمل بحرية .

 

تطورت هذه النظرية عبر العصور رغم محافظتها على الثوابت الأساسية ، حتى وصلت إلى صورتها المشرقة في النصف الثاني من القرن العشرين فيما يسمى بـ  » مدرسة شيكاغو لاقتصاديات التنمية  » . تأسست هذه المدرسة على يد الاقتصادي  » فريدريك هاياك  » مع صدور كتابه  » الطريق إلى العبودية  » سنة 1945 ، الذي طور من خلاله الفكرة القائلة بان كم المعلومات وتنوعها الضروري لتنظيم الاقتصاد لا يمكن أن تسيطر عليه قوة مركزية للتخطيط ( مثل جهاز

  »

Gosplan  » خلال الحقبة السوفيتية ) . زيادة على ذلك فان توجيه موارد الدولة عبر جهاز مركزي كمن  » يضع كل بيضاته في سلة واحدة  » ، بينما يعتمد اقتصاد السوق على قرارات الملايين من الفاعلين من رجال أعمال وشركات ومستهلكين . وتكون النسبة العامة للنجاح في هذه الحالة أعلى بكثير من نسبة الفشل . وقد ثبتت نبوءة  » هاياك  » بشكل باهر مع إفلاس كافة تجارب الإدارة المركزية للاقتصاد وانهيار الكتلة الاشتراكية . ومما زاد  » مدرسة شيكاغو لاقتصاديات التنمية  » شهرة هو انتشار أفكار مجموعة من الأساتذة والباحثين بكلية الاقتصاد بجامعة شيكاغو بقيادة الأستاذ  » ميلتون فريدمان  » الذي يعتبر بلا شك اكبر داعية للحرية الاقتصادية في العالم خلال العقود الخمسة الماضية ، والذي يعتبر كتابه حرية الاختيار  » Free to Choose  » عصارة فكره في هذا المجال .

 

ويمكن تلخيص أهم وصايا مدرسة شيكاغو لاقتصاديات التنمية فيما يلي :

 

   ضرورة إلغاء كافة القيود القانونية ، مثل القيود على الاستثمار في أنشطة معينة ، كالاتصالات والنقل الجوي, والقوانين المقيدة لعمل البنوك وأسواق راس المال .

   إلغاء كافة القيود على التجارة الحرة ( تعريفة جمركية ، وكالات التوريد ، دواوين التجارة الخارجية التابعة للحكومة… ) .

       تبسيط النظام الضريبي وتوحيد النسبة وتخفيضها لما يقارب 10% .

   انسحاب الحكومة من كافة الأنشطة الاقتصادية بما فيها البنية التحتية ( طرقات سريعة ، مطارات ، مواني ، السكك الحديدية ، المترو للنقل الحضري … ) والخدمات              ( الاتصالات ، البنوك وأسواق راس المال ، التعليم العالي ) .

   إفساح المجال لآليات السوق حتى في الميادين التي تقع ضمن مسئولية الحكومة . في مجال التعليم الأساسي والثانوي على سبيل المثال ، وجه ميلتون فريدمان بوضع المصادر المالية الحكومية على ذمة الأولياء لتمويل تعليم أبنائهم في المؤسسات التي يختارونها ، مما يمكن من : (1) تخفيض التكلفة حيث أن القطاع الخاص غالبا ما يوفر نفس الخدمة التعليمية بتكلفة اقل من نصف تكلفة المدارس الحكومية ، (2) يقدم القطاع الخاص – في ظل المنافسة – أفضل الخدمات التعليمية بتوفيره أفضل الحوافز للمدرسين واختيار أفضل المناهج التعليمية ، و (3) يوفر النظام الجديد القدرة للأولياء على توجيه أبنائهم وبناتهم إلى معاهد أرقى شرط أن يدفعوا فارق التكلفة .

   إلغاء كافة برامج  » مقاومة الفقر  » مثل دعم المواد الغذائية للفقراء ، البرامج العينية لدعم الأسر ضعيفة الدخل ، وتعويضها بضريبة سلبية للدخل « Tax Negative Income  » حيث تحصل العائلات ضعيفة الدخل على تحويل مالي تنفقه كيفما اردات .

   مراجعة سياسة الإنفاق العام وتخفيض مجمل نفقات الميزانية العامة بالدولة إلى حوالي 10% وهي النسبة التاريخية التي مكنت بريطانيا حتى نهاية القرن التاسع عشر وهونج كونج على مدى عقود طويلة من تحقيق تنمية اقتصادية هامة .

 

أثرت مدرسة شيكاغو بصفة كبيرة على مجريات الإصلاح الاقتصادي لإدارتي  » تاتشر  » بالمملكة المتحدة وادارة الرئيس  » ريغن  » بالولايات المتحدة الأمريكية . لكن تبقى تجربة 

  » فتيان شيكاغو  » هي الأهم من ناحية التطبيق بالنسبة للدول النامية .

 

والمقصود بـ  » فتيان شيكاغو  » هو الفريق الاقتصادي الذي احتل المناصب الوزارية الحساسة في التشيلي في منتصف السبعينات من القرن الماضي. ويروى لنا 

   Jose De Pineraقصة مشوقة عن اختيار الطغمة العسكرية لهذا الطاقم . وخلاصة القول ، ان اختيار العسكريين الاول كان لصالح الحزب الديمقراطي المسيحي ، على اعتبار ان لهم تجربة سياسية . لكن هذا المسعى فشل فجاء الاختيار الثاني لرجال اعمال ، حيث فشلت مقابلات العسكريين معهم  بدورها عندما بدا واضحا ان كل فرد منهم يريد الدفاع عن النشاط الذي يمارسه ، مما سيورط الدولة في الاقتصاد على طريقة السياسات الاشتراكية التي جاء العسكريون للقضاء عليها في المقام الاول. وتتكون المجموعة الثالثة من كبار المحامين . لكن المقابلات معهم اثبتت انهم لا يمتلكون رؤية واضحة للتغيير ، حيث جاءت اجاباتهم متناقضة و عامة. وكان الاختيار النهائي للطغمة العسكرية على

 » فتيان شيكاغو » حيث اظهرت المقابلات المتكررة معهم انهم يمتلكون رؤية واضحة للاهداف – بناء اقتصاد حر على انقاض الاشتراكية المنهارة – ، وهو بطبيعة الحال نفس هدف العسكريين. كما بدا لهم ايضا البرنامج واضحا للتغيير الاقتصادي ، بما فيه الاجراءات العملية و رزنامة العمل التي يجب اتباعها. و لا غرو, فالجماعة تكونت على نخبة من اكبر اقتصاديي العالم و نال عدد منهم جوائز نوبل للاقتصاد, بل تعتبر جامعة شيكاغو و الى اليوم اكبر تمركز لحاصلي نوبل للاقتصاد بالعالم. وتمت تسميتهم كذلك لان معظمهم حاصل على شهادة الدكتوراة في الاقتصاد من جامعة شيكاغو ، نتيجة معاهدة بين الجامعة الكاثوليكية بالشيلي وهذه الاخيرة منذ سنة 1952 ، والتي اخرجت على مدى العقود الطويلة جيشا من الاقتصاديين الشيليين – ونفس الشيء بالنسبة لباقي دول امريكا اللاتينية الاخرى – في الوقت الذي بقيت فيه الدول العربية تعيش على الانتاج المحلي بالنتائج الكارثية التي نعرف. اشهر اعضاء  هذا الفريق

 Sergio de Castroو    Sergio de la Cuadra  اللذان شغلا منصب وزير المالية و Jose de Pinera الذي تقلد منصب وزير العمل وادخل اول نظام لصناديق التقاعد المبني علىشركات القطاع الخاص ، وهو نظام فشلت حتى امريكا والى الان في اعتماده .

 

أهم الإجراءات التي اتخذها هذا الفريق :

 

إحداث إصلاح اقتصادي هيكلي وجذري أساسه :

1.    انسحاب الحكومة من النشاط الاقتصادي بعملية ضخمة للخصخصة شملت ما يزيد عن 400 مؤسسة .

2.  اعتماد تعريفة جمركية موحدة بنسبة 10% لكل البضاعة المستوردة باستثناء عربات النقل وعدد محدود من المواد الكمالية الأخرى .

3.    خروج الحكومة من قطاع المصارف .

4.    تحرير قانون العمل .

5.  إصلاح الضمان الاجتماعي والتامين على الشيخوخة باعتماد نظام جديد لشركات التامين الخاصة يعوض النظام القديم ، المتعارف عليه باسم نظام    » Pay as You Go « . ويقوم النظام الجديد بمطالبة كافة الموظفين بضرورة اختيار برنامج للادخار خلال سنوات العمل.  وقد ساعدت المنافسة بين هذه الشركات في تحقيق عائد سنوي هام بنسبة 10% خلال العقدين الماضيين ، وهو عائد أفضل بكثير مما كان سيحصل عليه العامل لو بقي العمل بالنظام القديم .

6.  كذلك مكن هذا النظام دولة الشيلى من جمع حوالي 50 مليار دولار كأصول لهذه الشركات وهو مبلغ ضخم يتم استثماره في عدة قنوات من بينها أسواق راس المال ، مما انعكس بالإيجاب على الاستثمار والنمو الاقتصادي .

 

اذا كانت هذه هي السيايسات فماذا كانت النتائج؟

 

لقد اعطت هذه الاصلاحات الشيلي القدرة على تحقيق نمو اقتصدي سنوي يفوق ال6%, اي ما يقارب 5% نمو دخل الفرد, بينما بقيت الدول العربية تنمو بما لا يزيد عن نسبة ال3,5% اي نسبة نمو دخل الفرد لا تتعدى ال1%. و هذا فارق هام, حيث يرتفع مؤشر دخل الفرد في الشيلي من 100 سنة الاساس الى 162 بعد عشر سنوات الى 265 بعد عشرين سنة, ثم الى 432 بعد ثلاثة عقود, بينما تكون الزيادة بالدول العربية و بالتوالي, من 100 الى 110 , فالى 122 , ثم تصل الى 134 بعد ثلاثة عقود, اي ان دخل الفرد العربي المتشابه في البداية ينهار تدريجيا و ينتهي الى الثلث مقارنة بنظيره الشيلي, خلال ثلاثة عقود فقط كما هو مبين في الرسم البياني التالي.

 

هل الحقيقة تؤكد التوقعات السابقة؟

 

الشيلى مقارنة بالدول العربية و دول أخرى مع نهاية عام 2000 :

 

تؤكد المقارنة لمختلف مؤشرات التقدم النجاح الكبير للتجربة الشيلية ، حيث يفوق معدل دخل الفرد  ( بعد الأخذ بعين الاعتبار فارق الأسعار بين الدول ) دول مثل البرازيل و الارغواي التي كان دخل الفرد فيها اعلى مع بداية السسبعينات من القرن الماضي. كما يبلغ دخل الفرد في الشيلي بحلول سنة 2000 ثلاثة إضعاف دخل الفرد بدول مثل مصر ، سوريا والجزائر . و تعطي المؤشرات  الأخرى فارقا كبيرا لصالح الشيلى, و من اهمها نسبة الفقر, كما هو موضح بالجدول التالي.

 

 

معدل النمو السنوي

معدل دخل الفرد بالدولار

نسبة الصادرات ذات التقنية العالية

نسبة الفقر ( الذين يعيشون دون 2 دولار باليوم للفرد الواحد)

التشيلي

6.8%

9110

4%

4%

البرازيل

2.9%

7320

13%

25.4%

الأرجنتين

4.3%

12090

8%

غير متوفر

اورغواي

3.3%

2090

2%

2.2%

الدول العربية غير النفطية

مصر

4.2%

3690

صفر

52.7%

سوريا

5.6%

3230

غير متوفر

غير متوفر

الأردن

5.0%

4040

2%

7.4%

تونس

4.7%

6090

3%

10.0%

الجزائر

2.1%

5040

4%

15.1%

المغرب

2.2%

3410

صفر

غير متوفر

 

 

 

 

 

 

 

إذا كان نجاح التجربة الشيلية بهذه الصفة ، فالسؤال الملح هو كيف يمكن تطبيق التجربة بالدول العربية.سأحاول الجواب على هذا السؤال كالتالي :

 

1.  يجب الالتزام القوي والواضح من طرف السلطة السياسية العليا بإرساء أسس اقتصاد السوق من خلال رزنامة محددة للاصلاحات الشاملة والسريعة التي لا تحتمل التراجع او التاخير .

2.  تعيين فريق اقتصادي ذي تكوين اكاديمي  » انجلو ساكسوني  » وذي تجربة في المؤسسات العالمية . ويجب ان يكون هذا  الفريق منسجما وذي رؤية واضحة للاصلاح. و تكون المهمة الاساسية اهذا الفريق:

 

3.    توفير إطار تشريعي للاعمال سهل واضح وشفاف يعتمد على قانون موحد للاستثمار.

4.    توفير نظام قضائي يسهل حل النزعات التجارية بأقل تكلفة .

5.  انشاء مؤسسة وطنية لتطوير الاستثمار مبنية على أفضل الممارسات العالمية ( خلافا لجيش البيروقراطيين بالإدارات العربية الحالية الذي يمثل في النهاية عامل طرد ل تطوير للاستثمار)، ويمكن اعتماد المؤسسة الايرلندية كنموذج. كما يجب اعتماد نفس النموذج بخصوص المركز الوطني لتطوير الصادرات, الذي يجب ان يرتكز على نخبة من خبراء التسويق العالميين, و يمكن اعتماد نماذج شركات التجارة الدولية بهونج كونج مثالا, بل نوجه بضرورة اقامة علاقات شراكة وثيقة بينها و بين الشركات العربية للتجارة الخارجية. كما يمكن لشركات تجارة التجزئة العالمية العملاقة ان تلعب دورا مكملا على هذا المستوى, حيث تقوم شركة « وول مارت » بتصدير حوالي 20% من صادرات الصين الى الولايات المتحدة. و يمكن لهذه الشركة و غيرها ان تلعب دورا مشابها بالدول العربية اذا ما عرفت هذه الاخيرة كيف تجلبها الى اسواقها.

6.  توحيد نسبة الضريبة على دخل الأفراد وعلى ارباح الشركات والتعريفة الجمركية و تخفيضها الى حدود ال 15%. و لا بد هنا من التنويه بالثورة العالمية الحالية في هذا المجال, خصوصا بدول اوروبا الشرقية, حيث نجحت سلوفاكيا نجاحا كبيرا في جلب الاستثمارات الخارجية بعد توحيد نسبة الضريبة على ارباح الشركات و تخفيضها الي 19%, و تبعتها رومانيا التي الغت 95% من مواد قانونها الضريبي القديم و اعتمدت نسبة 16% كضريبة موحدة على دخل الفرد كما على ارباح الشركات, و لم تعد تسبقها في هذا المجال الا جورجيا التي اعتمدت ضريبة موحدة بنسبة 12%, محققة بذلك وعد رئيسها ميخائيل شاكاسفيلي بان تعتمد بلاده اقل نسبة ضريبة باوروبا.

7.  إلغاء السياسة المالية لدعم المواد الأساسية وتخصيص نصف الميزانية المالية الحالية لتقديم دعم نقدي للمحتاجين .

8.  إقرار برنامج الانسحاب الكامل للحكومة من المؤسسات المالية ( بنوك وشركات تامين ) واستعمال المداخيل المتأتية من هذه العملية لتحمل الدولة للقروض المتعثرة ، أسوة بالتجربة التشيكية في هذا المجال.

9.  خروج الدولة ضمن عملية شاملة للخصخصة من كافة الأنشطة الاقتصادية بما فيها البنية التحتية ( مطارات ، موانئ ، شركات النقل البري والبحري والجوي ، والسكك الحديدية ، الاتصالات ( بما فيها شركات الهاتف الجوال والثابت ) ، الطرقات السريعة ، شركات صناعة الماء والكهرباء …). وتحويل كافة المداخيل المتأتية من هذه العملية إلى صندوق خاص يتم استحداثه لهذا الغرض، مع اعتماد بند واضح في الدستور يمنع استعمال راس مال الصندوق مهما كانت الظروف ، بحيث يقتصر الإنفاق الحكومي من الصندوق على الدخل السنوي المتأني من استثمار راس المال .

10.       إعادة هيكلة النظام التعليمي بتطوير القطاعات الثلاث – العمومي ، والشراكة بين القطاع العام والخاص ، والقطاع الخاص – مع اعتماد مناهج التعليم الانجلوساكسونية, حيث التعليم اليوم انجلو ساكسوني او لا يكون, بدليل النتائج الباهرة التي حققتها الهند في هذا المجال مقابل خراب التعليمي العروبي بمصر و الدول الاخرى التي حذت حذوها, مع الربط بين المناهج التعليمية واحتياجات سوق العمل .

 

(*) بريد الكتروني:

Abu451@hotmail.com

 


 

 سلطة شعبية الشعب خارجها

ادرار نفوسه

igrada@yahoo.co.uk

 

هذه المساهمة ليست مقالا تحليليا ولا دراسة بحثية، بقدر ما هي محاولة رصد أولية لنقد طرح « الديمقراطية المباشرة » التي عرضها معمر القذافي في الفصل الأول من مؤلفه « الكتاب الأخضر، والمعنون بـ:  » حل مشكلة الديمقراطية، سلطة الشعب »، والصادر في عام 1975.

 

عند الإطلاع على مقولة « ليس للديمقراطية إلا أسلوب واحد ونظرية واحدة. وما تباين الأنظمة التي تدعي الديمقراطية إلا دليل على أنها ليست ديمقراطية » الواردة في الكتاب الأخضر، يتوقف المطالع عند نقطة درجة التطرف اليقيني للمقولة باستحواذها المطلق للحقيقة في مجال إنساني إجتماعي إطلاقيته الوحيدة هو نسبيته. لحظة التوقف تنير مؤشرة عن نوعية تفكير كاتبها الاستعلائية المقصية لأفكار الآخرين وتجاربهم، حين حدد محتكرا وفارضا رؤيته في ماهية الديمقراطية الصحيحة وأسلوبها الوحيد. لنصل عبرها إلى جانب أخر من منطق المؤلف الشاذ الذي يرى في تعدد الأفكار وتنوع الأساليب حجة كافية لبطلان الأفكار.

هذا النمط من التفكير الشمولي ليس جديد على البشرية، التي عانت طويلا من سطوة ديكتاتورية الأفكار الشمولية القطعية، إلا أن تواجده في هذه اللحظة التاريخية وفي موقع جغرافي كموقع ليبيا تعبير عن انحطاط ثقافي، مفروض. وعلى نفس المنوال، ألا تذكرنا مقولات الكتاب الأخضر القائلة بأن « المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية هي الثمرة النهائية لكفاح الشعوب من أجل الديمقراطية » ، وأن  » المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية ليست من صنع الخيال بقدر ما هي نتاج للفكر الإنساني الذي استوعب كافة التجارب الإنسانية من أجل الديمقراطية »، وان « الديمقراطية المباشرة هي الأسلوب المثالي الذي ليس محل نقاش أو خلاف في حال تحققهما واقعيا »، ألا تذكرنا هذه المقولات الإطلاقية بمقولة  » نهاية التاريخ » لفرنسيس فوكوياما، التي تعلن « ان الإنسانية وجدت أخيراً ضالتها المنشودة في الرأسمالية الليبرالية باعتبارها هي المرحلة الأخيرة والنهائية لمسيرة البشرية وتطورها، ونهاية النظريات السياسية والاجتهادات الفكرية« .

رغم استناد قراءة فوكوياما لمنهج نظري ومتابعة واقع تاريخي، فان فوكوياما طور قراءته متراجعا عن إطلاقية قراءته، ليستسلم للحقيقة التاريخية بأن البشرية في سيرها وصيرورتها التاريخية لن تتوقف عن التطور والتغير. إلا أننا في حالة القذافي، نجده بعد قرابة الثلاث عقود، مازال، وبإصرار أعمى متشبث بنظريته الخرقاء وتطبيقاتها الفاشلة، التي عرت تهافت نظريته وقمعت وجوعت الشعب الليبي . ذلك ليس هو الاختلاف الوحيد بين فوكوياما والقذافي، بل أن الاختلاف مرده كذلك إلى أن فوكوياما باحث أكاديمي معروف ولم يعرف عنه ممارسة العمل السياسي، في حين أن القذافي ألف ونشر أفكاره وعمره لم يتجاوز الثلاث والثلاثين، ولم يعرف عنه ابدآ أي إنتاج فلسفي ولا أكاديمي، وإن عرف بأنه مجرد ديكتاتور عسكري نزق.

فالقذافي يصف طبيعة نظام حكمه بأنها ثورية، ويصنف توجهاته بأنها تقدمية، ويحدد شكله بأنه جماهيري، وبل يتجاوز في الادعاء بأنه نظام فريد وبديع، وأنه نهاية المطاف لكفاح الشعب المتطلعة للحرية والعدالة في رحلة إنعتاقها الطويلة. ويلخص مهندس النظام ورأسه أفكاره في سلسلة خطب وكتابات أطلق عليها « النظرية العالمية الثالثة »، والتي يكون مركزها كشكوله، « الكتاب الأخضر« ، الموصوف من القذافي بأنه دليل الشعوب التحرري. تطبيقيا، جسد وفرض القذافي أفكاره على ليبيا في مسمى « الجماهيرية الشعبية الاشتراكية العظمى »، والتي يفترض حسب ادعائه أن تكون فيها « السلطة والثروة والسلاح بيد الشعب ».

يقوم النظام الجماهيري نتاج تطبيق النظرية العالمية الثالثة والكتاب الأخضر، في جانبه السياسي على ادعاء حكم الشعب لنفسه مباشرة دون الحاجة لوجود نواب وممثلين، وذلك بتقسيم الشعب قاعديا إلى مؤتمرات شعبية تقرر، ولجان شعبية تنفذ، لتجتمع كل المؤتمرات واللجان الشعبية في ملتقى عام هو « مؤتمر الشعب العام« .

ما يقوله مهندس النظرية ليس نهائيا ومطلقا، ولا يمكن التسليم به، من الناحيتين النظرية التطبيقية. فمن الناحية النظرية، تتسم أفكار معمر القذافي بالتبسيطية الساذجة والرومانسية المفرطة بعدم استنادها على وعي تاريخي وافتقارها للتماسك الفلسفي، وبعدها عن الواقعية والنسبية. ويبقى فيصل فشلها الذريع وقصورها الشنيع من الناحية التطبيقية هو عدم ملامتها لتكون لا نظرية ولا نموذج، رغم توفرها على دعم معنوي ومادي كبيرين.

فبعد 27 سنة من الحصاد المر المريع من تطبيق  » سلطة الشعب » لازال النظام مصرا على السير في نظريته الكسيحة، بإرجاع وتلبيس الفشل إلى الشعب الليبي بسبب تخلفه عن النظرية المتقدمة. لا، وبل أن أصوات من خارج منظومة النظام توافقه التحليل، مطالبة بإجراء تشذيبات على النظرية تواكب تخلف الشعب.

وهكذا، وطبقا للكتاب الأخضر لازالت « المؤتمرات الشعبية هي الوسيلة الوحيدة للديمقراطية الشعبية، لان « لا ديمقراطية بدون مؤتمرات شعبية، لان » الحزبية إجهاض للديمقراطية »، و »من تحزب خان »، و »المجالس النيابية تزييف للديمقراطية »، و »الاستفتاء تدجيل على الديمقراطية ». ويستطرد الكتاب الأخضر بأن « أي نظام حكم خلافا لهذا الأسلوب، أسلوب المؤتمرات الشعبية، هو نظام حكم غير ديمقراطي، إن كافة أنظمة الحكم السائدة الآن في العالم ليست ديمقراطية ما لم تهتد لهذا الأسلوب »، وان « المؤتمرات الشعبية هي أخر المطاف لحركة الشعوب نحو الديمقراطية« . تسلسل منطقي واهي بمنهج استدلالي معوج وبناء نقدي مائل ينطلق من فرضيات قاصرة علميا وعمليا ليصل بالضرورة إلى استنتاجات منحرفة وأحكام قيمية فاسدة.

ويبقى ما كشفه وافرزه فرض تطبيق الفصل السياسي للكتاب الأخضر على المجتمع الليبي الحجة القاصمة على وهن النظرية وعجزها. فمن اخطر المثالب التي كشفها التطبيق هي أن عمليات الانتخابات أو التصعيد الشعبي لا تتم بنظام الاقتراع السري بل بنظام رفع الأيدي وهذا الأسلوب بالإضافة صعوبته في الأعداد الكبيرة وسهولة التزوير فيه، يخترق قاعدة ديمقراطية أساسية بعدم منحه الضمانات الكفاية بسلامة المصوتين من الملاحقة في حال تصويتهم ضد الفائزين.

ومن المناقض لاشتراطات الديمقراطية الحديثة، اختلال الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على مستوى السلطة العليا المتمثلة في مؤتمر الشعب العام الذي هو ملتقى المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية والاتحادات المهنية، بحيث تتداخل الصلاحيات والمسئوليات، ومن ذلك أن الجهاز القضائي العالي يُختار ويُراقب من قبل مؤتمر الشعب العام. وكذلك حال لجان الفرز المناط بها غربلة المترشحين للمواقع السياسية، فهي ليست مستقلة عن أمانة مؤتمر الشعب العام، التي تشكلها وتسيرها وفقا لميولها وضوابطها. يضاف إلى ذلك ان جميع أعضاء مؤتمر الشعب العام يتمتعون بحق إبداء الرأي وبنفس القوة التصويتية سواء كان الأمر يتعلق بشأن تشريعي أو تنفيذي أو نقابي، مما يسحب من النقابات حريتها واستقلالها.

حجة الكتاب الأخضر الرافضة للمجالس النيابية تقوم على ان  » لا نيابة عن الشعب والتمثيل تدجيل » و »المجلس النيابي حكم غيابي » ليقدم بديله في صيغة « مؤتمر الشعب العام » الذي يصوغ قرارات المؤتمرات الشعبية على مستوى البلد. ولكن تطبيق الكتاب الأخضر يقع في حفر مماثلة للتي حاول تجنبها. ومن ذلك أن أعضاء مؤتمر الشعب العام يقومون بإجراء التسويات والتنازلات للوصول إلى قرار عام، والذي بالضرورة سيختلف عن القرارات الأساسية للمؤتمرات، وهم هنا إذن ممثلين للقواعد الشعبية وليسوا لجان صياغة كما تدعي النظرية. كما ان التطبيق، يخبر بأن مؤتمر الشعب العام يلتقي دوريا مرتين في السنة. مرة لإقرار جدول الأعمال العام، ومرة ثانية لصياغة قرارات المؤتمرات الشعبية، وفي المرتين لا تتجاوز مدة انعقاده الأسبوع. فكيف يمكن تصور جهاز تشريعي ورقابي عام، على مستوى الدولة، ان يكون كفؤا وفعالا وهو لا يجتمع إلا لماما. وهنا ترجح بوضوح كفة المجالس النيابية التي لا ترتاح إلا لماما، لان قضايا الشعوب دائمة، ومصيرها أمر جلل خطير.

قصة تطور الديمقراطية عبر التاريخ مرتبطة بتاريخ فرض الضرائب والإتاوات على الشعوب. فكما هو معروف ان من أول أسباب انتفاضات الشعوب ضد حكم الملوك التسلطي كان لرفض احتكار الملوك لحق فرض وصرف أموال الضرائب. إلا أن الشعب الليبي المقسم في المؤتمرات الشعبية لا زال لا يعرف مصادر وحجم مداخيله ولا كيفية إنفاقها، وإن كان يعرف أن القذافي يحتكرها.

يضاف إلى النقائص، أن تقسيم الشعب إلى مؤتمرات شعبية أساسية كدوائر سياسية يهمل الحجم السكاني للمؤتمرات بحيث تتساوى فيها قوة المؤتمرات السياسية بغض النظر عن عدد سكانها، وفي ذلك تعسف. كما أن عمليات الانتخابات أو التصعيد الشعب لا تخضع لرقابة ومتابعة أجهزة متابعة انتخابات مستقلة نزيهة، سواء محلية أو دولية.

ومن فجوات الكتاب الأخضر تجاهله وبل عدائه وإلغائه للاختلافات الفكرية بوضعه كل الشعب في سلة واحدة وبلون واحد، كأنه يجزم حاصرا هموم الشعب على الأمور المعيشية. فهو يحارب الأحزاب باعتبارها أدوات سياسية تسعى لحكم الشعب دون أي اعتبار ان الحزب في أسسه منظومة فكرية ثقافية تقدم برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي كأساس لتحسين وضع الشعب، والذي بدوره يختار دوريا بين الأحزاب مقارنا بين برامجها وأدائها. وهذا ما جعل من تجربة « سلطة الشعب » تجربة باهتة فقيرة يتركز نقاش الناس فيها على تمجيد إطروحات « القائد المعلم والمفكر الثائر » الذي يفكر نيابة عن كل الشعب. وهذا ما جعل من « السلطة الشعبية » تكسر القاعدة الديمقراطية المهمة المتمثلة في تداول السلطة والتناوب عليها، بحيث نرى تتكرر نفس الوجوه المترهلة والفاشلة منذ « إعلان قيام سلطة الشعب« .

في مقابل محاربة الفكر الجماهيري وتطبيقاته لوجود أي منابر فكرية أو أحزاب سياسية، نجده يؤسس لنفسه حزبا ديكتاتوريا هو « اللجان الثورية »، والذي هو من الناحية النظرية المعلنة حركة سياسية ثقافية تدعو لقيام مجتمع سلطة الشعب والديمقراطية المباشرة، وتكون مهمتها محصورة في تحريض الجماهير على ممارسة سلطتها الشعبية، إلا أنها في واقع الأمر حزب حاكم وحيد يؤطر الموالين للنظام ويدفعهم في كل مستويات السلطة. وبل أن اللجان الثورية تقوم بالتدخل في سير القضاء بتحديدها لما تسميهم بأعداء الثورة لتقوم بمعاقبتهم خارج إطار القانون. ومما يفضح هشاشة بناء النظام الجماهيري أن اللجان الثورية ومليشياتها المعروفة بالحرس الثوري ليست جزء من منظومة الدولة الرسمية، في ذات الوقت الذي تمارس قيه الرقابة على مؤسسات الدول. وبل أن تمويلها يأتي من المال العام، والذي تعيد استثمار نسبة كبيرة منه لصالح أعضائها.

اللجان الثورية ليست المؤسسة الوحيدة في الدولة التي خارجها، فهناك القوات المسلحة المرؤوسة بـ « اللجنة العامة المؤقتة للدفاع، والتي برغم من الادعاء بان السلطة والثروة والسلاح بيد الشعب، يتم إخراجها وميزانيتها من نطاق سلطة المؤتمرات الشعبية. والأمر نفسه ينطبق على أجهزة المخابرات الداخلية والخارجية.

ولا تقف مناقص تجربة « سلطة الشعب » عند حد، بل ان واقع الحال يقول بالغريب وينبئ بالعجيب عندما تعلو « القيادات الشعبية الاجتماعية  » على أمانة مؤتمر الشعب العام، التي يفترض أن تكون أعلى سلطة رسمية في الدولة. وعندما يحظى منسق القيادات بأسبقية برتوكولية على أمين مؤتمر الشعب العام. علما بأن القيادات الشعبية الاجتماعية ليست من هياكل سلطة الشعب، وإنما تجمعات غير منتخبة لأعيان ووجهاء القبائل والقرى والحواضر الموالين.

تتعدد المؤسسات والجهات الواقعة خارج نطاق الدولة والتي تمتع بإمتيازات وتمارس صلاحيات وتقوم بمهام تقع في صميم دور دولة سلطة الشعب، كمنتديات رفاق القائد، وروابط أحباء أبناء القائد، وجمعيات خيرية أهلية، والروابط الشبابية، وروابط القبائل. وما تبقى من ادوار لسلطة الشعب فانه محتكر لطائفتي بقايا فلول الثوريين، وطبقة الإقطاعيين الجدد.

ولعل مثال « مؤسسة القذافي للأعمال الخيرية« ، ورئيسها سيف الإسلام معمر القذافي، نموذج إثبات لحقيقة المجتمع الجماهيري. فهذه المؤسسة تدعي أنها جمعية أهلية ومستقلة وأنها ذاتية التمويل، ولكنها تقوم بدون تفويض رسمي بالحلول محل الدولة الليبية وخارجيتها حين تتفاوض في ملفات تتعلق بالدولة الليبية وسياستها الخارجية: كتفاوضها لتفكيك برنامج ليبيا لتطوير أسلحتها الغير تقليدية، وعرضها عودة وتعويض اليهود الليبيين المهاجرين والمعمرين الإيطاليين المهجريين، وإلزامها خزينة الدولة دفع مبلغ ثلاثة مليارات دولار لتسوية ملفات الإرهاب( تفجيرات: طائرة البانام/ لوكربي، طائرة يوتا/ النيجر، ملهى لابيل/ برلين). وتتمادى صلاحيات رئيس مؤسسة القذافي للأعمال الخيرية، حين الغي المؤتمرات الشعبية بالكامل، بفرضه، وعلى استعجال، وصفات المؤسسات النقدية الدولية القاضية بخصخصة القطاع العام وفتح السوق الوطني أمام غول الشركات المتعددة الجنسيات، دون اكتراث لما تسببه من بطالة وتقويض للصناعات الوطنية.

رغم الضعف النظري والإخفاق التطبيقي لما يسمى بـ »سلطة الشعب » ألا ان قاتلها الحقيقي هو نفسه مفبركها، الذي بممارسته يتثبت أن ليبيا ديكتاتورية هو حاكمها الأوحد، رغم استمرائه الإعلان بأنه ليس حاكما لليبيا بل قائدا لثورتها. القذافي ينسى ان الليبيين يعرفون وبمرارة أنه اغتصب الحكم عبر انقلاب عسكري في 1969. وأنه نصب نفسه حاكما على ليبيا، وانه لا يزال يحتفظ حتى هذه اللحظة بمنصبه الرسمي كقائد أعلى للقوات المسلحة. كما أن القذافي وعبر منظومة « السلطة الشعبية » الواهية جرد الشعب من السلطة التي إدعى أنه أعادها إليه، حين فرض على الشعب « وثيقة الشرعية الثورية »، المصاغة في مارس 1992، والتي تقول حرفيا: « تكون توجيهات التي تصدر عن قائد الثورة ملزمة وواجبة التنفيذ ». وهكذا فالقانون والواقع يقولان بأنه حاكم ليبيا المسئول أمام الشعب والعالم والتاريخ.

والآن، في دولة الجماهير وسلطة الشعب، نجد ان قبيلة القذاذفة تحكم ليبيا لوحدها. فقائد الثورة قذافي، وأمين مؤتمر الشعب العام ونائبه قذافيان (هما الزناتي القذافي، واحمد إبراهيم القذافي)، وسيف الإسلام القذافي يمارس دور الأمين الفعلي الغير مسمى للجنة الشعبية العامة لانه يرأس إداريا ويسبق برتوكوليا أمين اللجنة الشعبية العامة، والساعدي معمر القذافي يمارس دور الأمين الفعلي لوزارة للرياضة، ومحمد القذافي يمارس دور الأمين الفعلي لوزارة الاتصالات، وعائشة معمر القذافي تمارس دور الأمين الفعلي لوزارة الشئون الاجتماعية. أما حزب سلطة الشعب، حزب اللجان الثورية فيرأسه قذافي (هو العقيد محمد المجذوب القذافي)، وكذلك موازية سلطة الشعب المعروفة بـ »القيادات الشعبية » فمنسقها أيضا قذافي (هو العميد سيد قذاف الدم)، ويسري الأمر على رؤساء الكتائب الأمن القذاذفة ( وهي الحرس الجمهوري، الجزء المجهز والمسلح من الجيش الليبي). وبل أن حتى المركز المتخصص في الكتاب الأخضر، مركز دراسات الكتاب الأخضر يرأسه قذافي (هو عبد الله عثمان القذافي).

وخلاصة، وبالرجوع للفصل الأول من الكتاب الأخضر نجده يصدر حكمه على أنظمة الحكم الشبيهة بنظام الحكم في ليبيا، بقوله: « فالشعب ليس هو… القبيلة… وإنما تلك جزء من الشعب فقط، وتمثل أقلية فيه. وإذا سادت على المجتمع… القبيلة… صار النظام السائد دكتاتوريا ». وكذلك الفقرة الأخيرة القائلة:  » هذه الديمقراطية الحقيقية من الناحية النظرية. أما من الناحية الواقعية فإن الأقوياء دائما يحكمون ». فالقذافي يدك نظريته نظريا وفعليا، بسحبه ودحضه، لمحاججته حول « الديمقراطية الشعبية »، ليقيم واقعا إقطاعيا ديكتاتوريا، الليبيون فيه أقنان. فبعد أكثر من ثلث قرن على انقلاب سبتمبر، وربع قرن من « سلطة الشعب »، يجد الليبيون أنفسهم أقنان في إقطاعية قذافية، ملكها ومالكها معمر القذافي، يقتسم النفوذ والثروة فيها معه أبناءه وأقاربه. أما السؤال الذي ينتظر الإجابة ، فهو متى يسترد الشعب قوته؟!.

 


 

وجه الرأسمالية الجديد

توفيق المديني

الفصل الخامس أوروبا انطلقت لكنها لازالت بعيدة عن منافسيها

 
4- أوروبا الموحدة بين الآمال والتحديات احتفلت أوروبا يوم السبت الأول من مايو2004بانضمام عشر دول أوروبية من الكتلة الشيوعية السابقة إلى الإتحاد الأوروبي, الذي بات يضم 25 دولة بينها 12 تتبنى العملة الأوروبية الموحدة اليورو. وتعتبر عملية التوسع التاريخي هذه للإتحاد هي الأكبر من نوعهامنذ  » معاهدة روما » عام 1957 التي أنشأت ما كان يسمى ب » المجموعة الإقتصادية الأوروبية », وهي من القوة بمكان إلى درجة جعلت الباحث الروسي في العلوم السياسية بموسكو تيموفي بورداتشيف, يقول, إنها ستشمل عاجلا أم آجلا روسيا, التي تتقاسم الإنتماء الثقافي والإقتصادي عينه لتاريخ القارة الأوروبية. ويمثل هذا التوسع غير المسبوق بضخامة حجمه, نقلة تاريخية نوعية في مسيرة التوحد, الرسمي والرمزي لأوروبا الممزقة من قبل قرنين من النزعات القومية والإمبريالية المتنافسة, وتتويجا لمسار طويل بدأ مع سقوط جدار برلين عام 1989, وإنهيار الإمبراطورية السوفياتية. وينهي هذا التوسع تقسيم القارة الأوروبية إلى شطرين من قبل الستار الحديدي والحرب الباردة الممتدة من 1945 ولغاية 1989.فالإتحاد الأوروبي الذي يشمل خمسة وعشرون بلدا يشكل من الآن فصاعدا فضاءا إقتصاديا وسياسيا يضم 450 مليون نسمة, ومن هنا سيكون التكتل الديمقراطي الأول الأكثر إتساعا في العالم, إذا ما استثنينا الهند. و تضم أوروبا الموحدة أربع عشر لغة بعد سقوط جدار برلين, وسوف يسجل هذا اليوم في مدينة دوبلن أين سيقع الإحتفال الرسمي بعملية التوسع, عقب قمة رؤساء وحكومات الدول الأوروبية, الذين جاؤوا لمناقشة عدد من الملفات الشائكة: الموازنة الأوروبية, والدستور, والمفوضية. وسوف يتم تجديد البرلمان الأوروبي الذي يضم 732 نائبا, عقب الإنتخابات الأوروبية في 13 يونيو المقبل. من الجدير بالذكر أن أوروبا هذه لم تتوحد في تاريخها, بإستثناء بعض المحاولات القسرية ,التي تمت بغير إرادة مواطنيها.لهذا السبب بالذات, فإن الخطوة التي قطعتها اليوم, تعتبر تاريخية, لأنها تشكل أول مرة في تاريخ أوروبا, أول عملية توحد حقيقية, ناقصة بكل تأكيد, ولكنها إرادوية, وسلمية, وديمقراطية, ومرتكزة على القيم المشتركة, لهذه الأراضي المجروحة والمليئة بالندوب. لقد كانت عملية الإندماج في الإتحاد الأوروبي عاملا جوهريا في ترسيخ الديمقراطية في بلدان أوروبا الوسطى والشرقية, وتحديث البنية الإقتصادية, والإنفتاح على العالم في البلدان المنضمة حديثا. فاليوم لا يمكن أن نتحدث عن هذه البلدان وكأنها تعيش على هامش أوروبا, إذ كانت طموحاتها وتطلعاتهاو لاتزال أوروبية, فضلا عن أن المدة الزمنية التي قضتها في الإنتظار أربع عشرسنة, جعلتها تبذل جهودا كبيرة خلال ثلاث مراحل إنتقالية متتالية: تفكك الإتحاد السوفياتي وإنهيار النظم الشيوعية وعملية الإنتقال من الأنظمة الشمولية على الطريقة السوفياتية إلى الديمقراطية البرلمانية,و التحول من أنظمة التخطيط المركزي في الإقتصاد  إلى اقتصاد السوق, ومن الإختناق داخل حلف وارسو إلى الإندماج في أوروبا الديمقراطية. إن عملية إنتقال البلدان الأوروبية من الخمسة عشر إلى الخمسة والعشرين لا يجوز النظر إليها على أنها عملية كمية بل هي كيفية. وعلى الأرجح, سوف يتعرض هذا الإتحاد الأوروبي الموسع والمتنوع إلى صعوبات أكثر لكي يكمل مسيرة إندماجه, خاصة في مجال السياسة الخارجية.  وفي الواقع عمقت الحرب على العراق الهوة التي أحدثتها حرب كوسوفو قبل أربع سنوات، إلا في بولونيا، بين شعوب دول أوروبا الشرقية وحكامها، وكان بعضها (بولونيا وتشيكيا والمجر) قد انضم حديثاً الى حلف الأطلسي.  على أية حال, سوف ترتكزالسياسة الخارجيةللإتحاد الأوروبي  لا على القرارات بوساطة الإجماع وإنما على التصويت بالأغلبية. من هنا تكمن أهمية المفاوضات الجارية لتعديل إعادة توزيع السلطة في الدستور الأوروبي الجديد. غير أن هذه المعاهدة لن تسوي كل المشاكل المؤسساتية لكي يصل هذا الإتحاد الموسع إلى خمسة وعشرين, وقريبا إلى سبعة وعشرين أو إلى ثلاثين, بطريقة مرضية.فالإتحاد الأوروبي لم يكن مهيأ كفاية لهذا التوسع, والأمر عينه في ما يخص الأعضاء الجدد, يشهد على ذلك ببلاغة التأخر في ترجمة كل المكسب الأوروبي المشترك إلى اللغات التسع الرسمية الجديدة التي جاءت لتنضم إلى اللغات الإحدى عشرة الحالية. هناك رأي سائد في البلدان المتنفذة داخل الإتحاد الأوروبي هو أن الجبهة الاقتصادية تشكل لعبة جمع إيجابية, حيث أن الكل له مصلحة في عملية التوسع والإندماج الأوروبيين.فالأعضاء الجدد هم أكثر فقرا في الأعم الغالب, لكن نموهم الإقتصادي هو أعلى من بلدان الإتحاد الأوروبي ال15, ويمتلكون رأسمالا بشريا وتكنولوجيا تنافسيا. بيد أن مسألة زيادة الانفاقات العسكرية فيما يجري خفض الإنفاق على الصحة والتربية، جاءت لتطرح بدورها قضية المعايير، النظرية، في معاهدة ماستريخت وفي البناء الليبرالي في أوروبا. فالرأسمال الأجنبي، الذي لا يميل كثيراً الى دعم الوظائف والخدمات العامة، يتحكم بقوة بالأنظمة المصرفية في أوروبا الشرقية منذ نهاية تسعينات القرن الماضي (وحدها سلوفينيا قاومت هذا المنطق المفروض من المفوضية الأوروبية). أما التوظيفات البنيوية، التي تحتل الباب الثاني في الموازنة الأوروبية بعد الزراعة والتي يفترض بها أن تعوض آليات نظام السوق ومساعدة المناطق الأكثر فقراً، فقد باتت محكومة بسقف ومشروطة بالتمويل المشترك. وبالنتيجة فإن خفض أعمال التمويل العام وسعي الإعتمادات الخاصة إلى الربح، قد جعلا المساعدة تخصص للمحظوظين أكثر.  وربما تشكل بولونيا وإسبانيا جبهة واحدة حول موضوع العراق وحول معايير التمثيل داخل الاتحاد. لكن إذا ظلت موازنة هذه الأخيرة على حالها، ونسبتها أدنى من 1.27 في المئة من مجمل ناتجها المحلي، فإن منطق إعادة التوزيع، الضعيف جداً أساساً، سيزداد ضعفاً كلما كان الأعضاء الجدد أكثر فقراً. وهكذا فان إسبانيا سوف تخسر تقريباً كل التمويلات الأوروبية التي حصلت عليها حتى الآن في الوقت الذي ينظر فيه في خفض المبالغ الممنوحة (ينال المزارع البولوني في البداية ما نسبته 25 في المئة مما يحصل عليه المزارع الفرنسي). إن أوروبا الموسعة يجب أن تكون أكثر تضامنيه تجاه أعضائها الجدد. ويشكل نجاح إندماج إسبانيا, وأرلندا, والبرتغال, واليونان, دليلا قاطعا على أهمية السياسة التضامنية. فكسب السلام الذي مثلته نهاية الحرب الباردة, على الرغم من التهديدات « الإرهابية », سوف يجبر الإتحاد الأوروبي على إعادة بلورة سياسة تماسك إقتصادي وإجتماعي على الصعيد الأوروبي التي أصبحت ضرورية أكثر من أي وقت مضى. وهذه السياسة التضامنية يجب أن تتجه إلى خارج بلدان الإتحاد الأوروبي, نحو الجيران الجدد, الذين هم روسيا وأوكرانيا وبلدان الشرق الأدنى, ومحيط البحر الأبيض المتوسط, لتطبيق سياسات جديدة إزاء التحديات الإقليمية المطروحة, والإسهام أيضا في بناء أوسع منطقة إقتصادية في العالم. إن الإتحاد الأوروبي هو من الآن فصاعدا الكيان الديموغرافي الثالث في العالم بعد الصين والهند, وهو القوة الإقتصادية الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية, وهو القوة التجارية الأولى. وهو لا يمثل إمبراطورية صاعدة بل هو »أنتي –إمبراطورية » بامتياز بعد مرارة حربين عالميتين على أراضيه. ويظل التحدي الرئيسي يتمثل في تحويل هذه الطاقات الجديدة إلى وزن سياسي عالمي للإتحاد الأوروبي, لكي يكون قادرا على موازنة الأحاديةالأمريكية الطاغية والمتغطرسة. على الصعيد الاقتصادي, بات التوسع أمراً واقعاً في هذه الدول لأسباب ثلاثة على الأقل: الأول, لقد اتبعت البلدان العشرة إقتصاد السوق , وسعت الى إقامة سوق ليبيرالية كبرى في اوروبا الشرقية، من خلال الانفتاح التجاري, وإلغاء الحمايات الاجتماعية, وبيع الشركات الفضلى وإعادة التموضع. وهذا ما جعل 80% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان  يتأتى أيضا من القطاع الخاص. ثانيا, إن القطاع المهيمن في إقتصاديات البلدان العشرة هو القطاع الثالث حيث نجد أكثر من نصف السكان العاملين يعمل في التجارة, والخدمات, والتأمينات الخ. وأخيرا, إن إقتصادات البلدان العشرة أصبحت متجهة نحو التصدير للخارج, إذ تضاعف معدل إنفتاح المبادلات مع السوق العالمية من 40% من الناتج المحلي الإجمالي عام 1990, ليصل اليوم إلى 80%. وأصبح المجري غابور بوجار, مؤسس غرافيسوفت: وهي شركة للكومبيوتر خاصة بالمهندسين المعماريين, أحد الرواد العالميين في هذه السوق, وهو يبين لنا إنفجار دينامكية وجسارة المباشرة في التعهدات.  لقد انتقلت دول أوروبا الشرقية مباشرة من الرقابة والارتباكات البيروقراطية في نظام الحزب الواحد السابق، الضامن اجتماعياً على الأقل، إلى الإرهاب الفكري والرأسمالية المتوحشة التي حملتها العقائد الليبيرالية. وفي عملية التحول المؤلمة هذه بدا الإتحاد الأوروبي مصدراً لضبط الأمور، إنما أيضاً حاملا للأمل في تلاقٍ جديد على مستوى القاعدة. ويلفت عالم الاقتصاد المجري المناهض للعولمة لاسزلو أندور الى أن « النخب السياسية الجديدة في الشرق كانت تخشى أن يشكك في وضعها. ومن أجل تعزيز التحولات المتحققة أرادت الإلتحاق في أي شيء بالغرب، بحلف الأطلسي أو بالإتحاد الأوروبي، لا هم، شرط أن يكون أول وافد من المجتمع الأورو ـ أطلسي. » وبغية العمل على تأخير المرشحين للإنضمام تمسكت قمة كوبنهاغن في العام 1993 ببعض المعايير مثل التعددية السياسية واقتصاد السوق « الكفيلة بمواجهة المنافسة » وإنجاز « الشروط المكتسبة الاتحادية ». غير أن التطبيق الفعلي لهذه المكتسبات، بحسب ما يعتبر اندور، استدعى في الواقع عملاً انتقائياً إذ إن الوعود الأولية بالإنفتاح على الشرق لم تتحقق إلا مع دولة أو إثنتين اعتبرتا بمثابة واجهة ».  أما القمة الأوروبية التي انعقدت في كانون الأول/ديسمبر عام 1999, فهي التي شكلت المنعطف في اتجاه « الحدث الكبير ». فقد تقرر أن انضمام مجمل المرشحين أمر « حاصل » لكن لم يحدد له وقت. إلا أن تطبيق معايير كوبنهاغن بدأ يخف شيئاً فشيئاً، فالميزان التجاري مع الاتحاد في الدول المرشحة للدخول إليه، هو في حالة عجز ولا يمكنه « مواجهة المنافسة »، و »المكتسبات الاتحادية » غير محددة ومتحركة في ما خص السياسة الزراعية المشتركة والصناديق البنيوية، وهما الرهانان الأساسيان في المفاوضات النهائية. أما على الصعيد السياسي فإن تصاعد حالات المقاطعة والتيارات المعادية للأجانب التي زادت من حدتها نتائج حرب حلف الأطلسي على يوغوسلافيا، قد سرع عملية الإنعطاف. لم يسبق للإتحاد الأوروبي أن استقبل في صفوفه بلدانا فقيرة مثل البلدان العشرة, التي تضم 75 مليون نسمة – نصفهم يقطن بولندا- حيث يمثلون خمس سكان الدول ال15 في الإتحاد الأوروبي, لكن وزنهم الإقتصادي يتموقع بين بلجيكيا وهولندا, أي أقل بنحو5% من الإقتصاد الأوروبي. والثروة للمواطن في هذه البلدان العشرة هي أقل بنحو 4% من المعدل في دول ال15. ولن تضيف الدول ال10 أكثر من 5% إلى إجمالي الناتج الإقتصادي للإتحاد الأوروبي, حيث أن دخل الفرد في دول البلطيق مثلا يعادل ثلث مستويات الإتحاد. ومع ذلك, لا تظهر لنا هذه الأرقام سوداوية الوضع الإقتصادي. فالأفاق تبدو أكثر إشراقا لدى الأخذ بعين الإعتبار دور القطاع الخاص في الأمدين القصير والمتوسط, حيث أن رأس المال الخاص بدأ يخطط لإستغلال  » الطاقات الشابة » لأوروبا الشرقية, والمترافقة مع أجور متدنية يقبل بها عمالها, على الأقل في مرحلة أولى( خمس ما يتقاضاه عامل ألماني). و تظل رهانات توسع الإتحاد الأوروربي والشكوك التي تحوم حوله كثيرة, سواء تعلق الأمر بسياسة الموازنة, أم بالسياسة النقدية ومستقبل السياسة الزراعية المشتركة(PAC), وسياسة المساعدات للمناطق الفقيرة, وسياسة الأعمال الكبيرة المخصصة لدعم الإنتعاش الإقتصادي الخجول. فمن خلال عملية التوسع زاد الإتحاد الأوروبي عدد سكانه بنحو 20% لينتقل من 380 مليون إلى 454 مليون نسمة, بيد أن ثروته(ما يعادل 9613 مليار يورو) لم تزدد إلا بنحو 5% بالقياس إلى الناتج الداخلي الخام (PIB)للدول ال15, وهذا يعني إجمالا أن معدل الدخل لكل أوروباقد انخفض من 10% إلى 15%, وأن الفوارق في الثروات ستتعمق أكثر. ويقود هذا الوضع إلى إعتماد توزيع جديدة للصناديق البنيوية, بدون شك على حساب المناطق الفقيرة في الدول ال15, التي هي أقل فقرا من المناطق المحرومة في الدول ال10المنضمة حديثا. في الواقع, هذه خاصية عملية التوسع هذه بالنظر إلى سابقاتها: في عام 1986, فإن الإسبان والبرتغاليين الذين انضموا إلى الإتحاد الأوروبي كان لهم دخل يمثل ما يقارب 70% من المعدل السائد داخل المجموعة الأوروبية. أما سكان بلدان أوروبا الوسطى والشرقية, فإن دخلهم يقارب 40% من مستوى نمط الحياة في البلدان ال15. وتكمن مهمة الإتحاد الأوروبي في تدارك هذا التأخرالتاريخي, ولكن ,إلى الإستماع  لرؤساء الدول والحكومات, وتحديد أهداف طموحة وشجاعة.. لقد حسبت المفوضية الأوروبية أن موازنة المجموعة الأوروبية سوف تزداد بنحو الثلث, منتقلة من 1,1% من الناتج المحلي الإجمالي(PIB )الأوروبي في عام 2006 إلى 1,24% في نهاية التوسع (2013), أي السقف المحدد من قبل المعاهدات. وفي مواجهة مفوضية يتهمونها باستمرار بأنها مسرفة بالصرف, حذرت البلدان « الغنية « , وهي (فرنسا, ألمانيا, بريطانيا,هولندا, السويد, والنمسا) المفوضية الأوروبية بأنها سوف لن تقبل أن تتجاوز الموازنة الأوروبية مستواها الحالي القريب من 1% من الدخل الوطني الخام للإتحاد الأوروبي. وكان رد رومانو برودي  رئيس المفوضية الأوروبية على البلدان الست » الشحيحة »بأن مثل هذه الموازنة للإتحاد الأوروبي سوف لن تلبي الوعود المعطاة إلى الأعضاء الجدد, خاصة في مجال الزراعة.فالرقم المحدد من قبل بروكسيل 1,24% سوف يترجم إلى موازنة تقدر بنحو 147 مليار يورو في عام 2013( مقابل 108 مليار يورو في عام 2006), مع المحافظة على المصاريف الزراعية, حيث أن الحصة النسبية سوف تنتقل والحال هذه من 46% إلى 36%, وزيادة المساعدات المناطقية,إذ سوف يزداد المبلغ من 38 إلى 47 مليار يورو. و بمثل هذه الزيادة, سوف يكون بالإمكان مضاعفة المساعدات الأوروبية ( من 5 إلى 10 مليار يورو)المخصصة للبحث العلمي. إنه لهدف إستراتيجي,  إذ يتعلق الأمر بتخصيص 3% من الناتج المحلي الأوروبي( مقابل 1,9%حاليا)للبحث والتخليق التكنولوجي, لتنشيط النمو الإقتصادي, وتدارك تأخر أوروبا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية واليابان.


 

Lire aussi ces articles

6 mai 2010

    TUNISNEWS 10 ème année, N° 3635 du 06.05.2010  archives : www.tunisnews.net  Liberté  et Equité: Lotfi Grira et Houssine

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.