TUNISNEWS
9ème année,N°3623 du 24 .04 . 2010
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادق شورو
وللصحافي توفيق بن بريك
ولضحايا قانون الإرهاب
حـرية و إنـصاف:البوليس السياسي يعتقل الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف:اقتحام للمنزل واعتداء عليه بالعنف الشديد أمام أفراد عائلته
كلمة:توقع الإفراج عن الصحفي توفيق بن بريك اليوم الاحد
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:كشف الحساب..لقضاء ..” يكافح الإرهاب “
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس
اللجنة التونسية لحماية الصحافيين:*من أجل وضع حد للمسلسل الإنتقامي من الزميل الفاهم بوكدوس
رويترز:محمد صخر الماطري في حديث لوكالة رويترز:مشروع سياحة العبور… يعزز المنتوج السياحي التونسي
مواطنون:عندما تتحول السياسة إلى استثمار سوقي
مواطنون:جامعيّون وأكاديميّون تونسيّون: التطبيع العلمي مع الكيان الصهيوني مرفوض
مواطنون::مبادرة “5+5” بوّابة للتّطبيع وتمرير المشروع المتوسّطي؟!!
كلمة:ندوة نقابية تبحث الحق في الشغل والتنمية بالحوض المنجمي
النقابي رضوان العباسي عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بالمهدية يمثل امام لجنة النظام الجهوية
اعضاء اللجنة الجهوية للحوض المنجمي : بلاغ سحب ثقة من منسق الجامعة العامة التونسية للشغل
المرصد التونسي:برقية اضراب من الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة
الجزيرة.نت:انطلاق معرض تونس الدولي للكتاب
الصباح:خمسمائة ألف تونسي مهددون بالقصور الكلوي
فتحي العابد:أمنية جدي
أم أسيل:الصّراع من اجل البقاء
موقع الشيخ عبد الرحمان خليف:رسالة إلى أستاذ فلسفة مُـرتـدّ
صلاح الجورشي :عندما يجتمع الإسلام والديمقراطية.. في إندونيسيا
القدس العربي:جمعية قبطية في المهجر تهنئ إسرائيل بـ’عيد استقلالها’
د.أحمد القديدي:قراءة في الأخطر القادم….عربيّا و دوليّا
د.فهمى هويدى:نهر النيل بين الاستراتيجية و(الفهلوة)
(Pourafficher lescaractèresarabes suivre la démarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
أفريل 2010
البوليس السياسي يعتقل الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف اقتحام للمنزل واعتداء عليه بالعنف الشديد أمام أفراد عائلته
عاجل..اعتقال زهير مخلوف بطريقة همجية من منزله
توقع الإفراج عن الصحفي توفيق بن بريك بعد 24 ساعة
كشف الحساب..لقضاء ..” يكافح الإرهاب “
أخبار الحريات في تونس
السلطات الفرنسية تطلق سراح بلال البلدي وتتخلى عن ترحيله الى تونس
*من أجل وضع حد للمسلسل الإنتقامي من الزميل الفاهم بوكدوس
محمد صخر الماطري في حديث لوكالة رويترز مشروع سياحة العبور… يعزز المنتوج السياحي التونسي
عندما تتحول السياسة إلى استثمار سوقي
التطبيع العلمي مع الكيان الصهيوني مرفوض…و الحرّيات
الأكاديميّة لا تسوّغ التورّط في اختيارات تنافي جوهر البحث العلمي
ملاحظة (النص من مقال للدكتور الهادي المثلوثي تحت عنوان “التطبيع جريمة ولا بد من محاكمة شعبية للمطبعين” بتونس نشر بتاريخ 2 فيفري 2009 في مدونة المرصد الجامعي لمناهضة التطبيع الأكاديمي)
الأستاذ ماجد البرهومي: (محامي و مدرّس بالجامعة التونسية في اختصاص القانون): “الإسرائيليون ” يرغبون في حضور الملتقيات لتحسين صورتهم أمام العالم و التسويق لوجه جديد لكيانهم
مبادرة “5+5” بوّابة للتّطبيع وتمرير المشروع المتوسّطي؟!!
ندوة نقابية تبحث الحق في الشغل والتنمية بالحوض المنجمي
النقابي رضوان العباسي عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بالمهدية يمثل امام لجنة النظام الجهوية
بلاغ سحب ثقة من منسق الجامعة العامة التونسية للشغل
برقية اضراب من الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة
انطلاق معرض تونس الدولي للكتاب
خمسمائة ألف تونسي مهددون بالقصور الكلوي
الصّراع من اجل البقاء
رسالة إلى أستاذ فلسفة مُـرتـدّ
عندما يجتمع الإسلام والديمقراطية.. في إندونيسيا
جمعية قبطية في المهجر تهنئ إسرائيل بـ’عيد استقلالها’
قراءة في الأخطر القادم….عربيّا و دوليّا
|
|
فشل المفاوضات مع دول حوض النيل درس جديد لمصر، يذكرها بأنها يجب أن تأخذ متطلبات أمنها القومى على محمل الجد، وأن «الفهلوة» لا يمكن أن تكون بديلا عن الاستراتيجية.
(1)
الأمر ليس هينا ولا يحتمل التراخى أو الهزل، فموضوعه مياه النيل التى تعتمد عليها مصر بنسبة 95٪ وحين يكون الأمر كذلك، فهو يعنى أننا نتحدث عن مصدر الحياة فى هذا البلد منذ دبت فيه الحياة.
وقد جسدت الآثار المصرية هذه الحقيقة فى لوحة صورت مركبا ضم الفرعون متحدا مع رمز النيل «حابى» مع رمز العدالة «ماعت»، واعتبر الباحثون أن هذه اللوحة تمثل خريطة مصر منذ فجر التاريخ، التى تقوم على الأضلاع الثلاثة الحاكم الفرعون وحابى النيل وماعت العدل.
هذا الذى وعاه الفراعنة منذ آلاف السنين صرنا نناضل من أجل تثبيته والحفاظ عليه فى القرن الواحد والعشرين. إذ فى حين ظننا أن أمر الفرعون وقضية ماعت (العدل) يحتلان رأس شواغلنا الوطنية،فإننا فوجئنا بأن ضلع «حابى» فى خطر، صحيح أن الخطر ليس حالا ولا داهما، ولكن مقدماته لا تخطئها عين.
ذلك أن حصة مصر التاريخية من مياه النيل المستقرة منذ عام 1929 وبالاتفاق مع السودان عام 1950 (55 مليار متر مكعب) تتعرض الآن إلى النقد والمراجعة، وفى الوقت الذى أدركت فيه مصر أنها بحاجة لأن تضيف إلى حصتها 11 مليارا أخرى بسبب الزيادة الكبيرة فى عدد السكان ومعدلات الاستهلاك، إذا بها تفاجأ بأن عليها أن تخوض معركة طويلة لكى تحافظ على حصتها الأصلية.
الموقف بدأ فى التغير ابتداء من عام 1995، حين ارتفعت الأصوات فى دول المنبع داعية إلى إعادة النظر فى توزيع حصص مياه النيل استنادا إلى ثلاثة عوامل هى: أن دول المنبع اعتبرت أن تلك المياه ملك لها، ومن ثم فلها الحق ليس فقط فى حجزها وراء السدود ولكن أيضا فى بيعها إلى مصر والسودان، العامل الثانى أن بعض تلك الدول، (كينيا وتنزانيا مثلا)، ذكرت أن الحصص ينبغى أن يعاد النظر فيها بما يلبى تطور احتياجاتها التنموية خصوصا فى التحول من الزراعة الموسمية إلى الزراعة الدائمة.
العامل الثالث أن تلك الدول احتجت بأن اتفاقية عام 1929 وقعتها مصر مع سلطة الاحتلال البريطانى، التى لم تراع احتياجات «مستعمراتها»، وبعدما نالت تلك المستعمرات استقلالها فإن الأمر اختلف، بما يسوغ إعادة النظر فى الاتفاقات التى عقدها البريطانيون.
هذه الحجج لم تكن بريئة تماما، فالدعوة إلى إعادة توزيع الحصص بصورة «أكثر عدالة» تثير الانتباه. إذ فى حين تعتمد مصر فى احتياجاتها المائية على مياه النيل بنسبة 95٪، فإن نسبة اعتماد إثيوبيا التى تقود الحملة حوالى 1٪، وكينيا 2٪ وتنزانيا 3٪ والكونغو 1٪ وبوروندى 5٪ والسودان 15٪.
ذلك أن كثافة هطول الأمطار على تلك البلدان تقلل من أهمية مياه النيل بالنسبة لها. الأمر الآخر المهم أن اتفاقات المرحلة الاستعمارية التى يراد إعادة النظر فيها، بما فيها اتفاق توزيع حصص المياه، هى ذاتها التى أنشأت تلك الدول، وإعادة النظر فيها من شأنها أن تطلق عنان الفوضى ليس فى دول حوض النيل فحسب، وإنما فى أفريقيا كلها.
يضاف إلى ما سبق أن ثمة قواعد عامة لإدارة مياه الأنهار العابرة للدول تنص على إقرار مبدأ الحقوق التاريخية المكتسبة فى الموارد المائية، وتعتبر أن مياه الأنهار مورد طبيعى مشترك لا يخضع لسيادة دولة بذاتها. وهذه القواعد أقرها معهد القانون الدولى فى عام 1961.
(2)
فى الجولة التفاوضية الأخيرة التى عقدت فى شرم الشيخ وانتهت يوم الأربعاء الماضى (14/4) كان واضحا أن دول حوض النيل السبع (المنبع) تكتلت ضد مصر والسودان (دولتا المصب). إذ رفضت المقترحات المصرية السودانية لاتفاقية التعاون فيما بينهما. خصوصا ثلاثة بنود أصر عليها البلدان تقضى بما يلى: ضرورة قيام دول منابع النيل بإخطار الدولتين مسبقا قبل تنفيذ مشروعات على أعالى النهر قد تؤثر على حصصهما فى المياه ــ استمرار العمل بالاتفاقيات السابقة التى توزع حصص المياه باعتبارها حقوقا تاريخية ــ فى حالة إنشاء مفوضية لدول حوض النيل، فإن التصويت فيها إما أن يتم بالاجماع وإما بالأغلبية التى يشترط فيها موافقة دولتى المصب.
مؤتمر شرم الشيخ كان بمثابة الجولة الثالثة للمناقشات مع دول حوض النيل، الأولى كانت فى كينشاسا بالكونغو (مايو 2009) والثانية كانت فى الإسكندرية (يوليو 2009) ــ وحسب البيان الذى أصدرته دول الحوض السبع منفردة فإن لقاء الإسكندرية هو آخر اجتماع لبحث الموضوع، وإذا سارت الأمور على النحو الذى حدده البيان ولم يتدخل الرؤساء لتغيير موقف الوزراء، فإن تلك الدول ستوقع الاتفاقية خلال عام، دون أن تشارك فيها مصر أو السودان، وهذه الخطوة إذا تمت فإنها ستكون بمثابة أول شقاق علنى بين دول حوض النيل؛ منبعه ومصبه، والمرة الأولى التى تتحدى فيها تلك الدول مصر وتتصرف على نحو يفتح الباب لاحتمال المساس مستقبلا بحصتها فى المياه، ومن ثم الإضرار بأمنها القومى، كما أن هذا الشقاق سوف يكرس المواجهة بين الدول العربية فى القارة والدول الأفريقية غير العربية.
(3)
مصر تدفع الآن ثمن غيابها عن أفريقيا. هذه المقولة لم يختلف عليها أحد من الخبراء الذين حدثتهم فى الموضوع. ذلك أن أفريقيا حين كانت إحدى دوائر الانتماء فى المرحلة الناصرية، كان لها شأن مختلف تماما، فقد كان هناك مكتب يعنى بأمرها فى رئاسة الجمهورية، تولى المسئولية عنه السيد محمد فايق، إلى جانب المكاتب الأخرى التى خصصت لمتابعة الشئون العربية والآسيوية والأوروبية، وكانت القاهرة مفتوحة الذراعين لحركات التحرر فى مختلف الدول الأفريقية.
فى حين كانت شركة النصر للتصدير والاستيراد هى غطاء أنشطة المخابرات المصرية فى دول القارة إلى جانب أنشطتها الأخرى. كما كانت مدينة البعوث الإسلامية والجامعات المصرية تستقبل باستمرار أعدادا كبيرة من أبناء تلك الدول. وفى التركيز على دول منابع النيل فإن الرئيس عبدالناصر أقام علاقة خاصة مع الإمبراطور هيلاسلاسى وكان يحضر اجتماعاتهما فى القاهرة الأنبا كيرلس بطريرك الأقباط الأرثوذكس، الذى كانت تتبعه كنيسة الحبشة.
لكن هذه الصفحة طويت بمضى الوقت بعد رحيل عبدالناصر، وجرى تفكيك كل الجسور التى تم بناؤها مع مختلف دول القارة. حتى الكنيسة الإثيوبية انفصلت عن الكنيسة المصرية. وتعزز وتعمق التباعد حين جرت محاولة اغتيال الرئيس مبارك أثناء توجهه للمشاركة فى القمة الأفريقية بأديس أبابا عام 1995. وهو العام الذى لم تنتكس فيه علاقة مصر بالدول الأفريقية فحسب، ولكن بدا أيضا أن التراجع تحول إلى ما يشبه الخصومة التى سقطت بمقتضاها أفريقيا من أولويات أجندة السياسة الخارجية المصرية.
(4)
حين كانت مصر تخرج بصورة تدريجية من أفريقيا، كانت إسرائيل والولايات المتحدة وغيرها من الدول صاحبة المصلحة تزحف على القارة وتثبت أقدامها فى أرجائها. ومن المفارقات ذات الدلالة أن مطالبة دون المنبع بإعادة النظر فى حصص مياه النيل بدأت فى عام 1995، كما سبقت الإشارة.
وهو ذات العام الذى وقعت فيه محاولة الاعتداء على الرئيس مبارك، وأحدثت ما يشبه القطيعة فى العلاقات المصرية الأفريقية، وهو ما تجلى فى غياب مصر عن مؤتمرات القمة الأفريقية، الأمر الذى هيأ الفرصة المواتية للآخرين ليس فقط لكى يتمددوا ويتمكنوا، ولكن أيضا لكى يكيدوا لمصر ويسمموا العلاقات معها.
من الملاحظات المهمة فى هذا السياق أن الدول التى تزعمت تلك الدعوة، هى أكثر دول القارة ارتباطا بإسرائيل وانفتاحا عليها (إثيوبيا وكينيا وأوغندا)، وهو ما يعزز الشكوك فى دوافع إطلاق ما سمى بالاتفاقية الإطارية للتعاون بين دول حوض وادى النيل.
هذه الخلفية عبر عنها الدكتور محمد أبوزيد وزير الرى والموارد المائية السابق، حين صرح فى شهر فبراير من العام الماضى بأن ثمة مخططا إسرائيليا أمريكيا للضغط على مصر، لإمداد تل أبيب بالمياه من خلال إثارة موضوع «تدويل الأنهار».
هذا الكلام صحيح مائة فى المائة، كما أنه ليست فيه أية مفاجأة. فالوثائق الإسرائيلية المنشورة تجمع على أن استراتيجية الدولة العبرية منذ أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات اتجهت إلى محاولة تطويق العالم العربى والانقضاض عليه من الخلف، من خلال ما أطلق عليه بن جوريون رئيس الوزراء آنذاك سياسة «شد الأطراف»، التى ركزت على اختراق ثلاث من دول الجوار هى إثيوبيا وتركيا وإيران.
وكان الدخول إلى القارة الأفريقية والتركيز على دول حوض نهر النيل، وعلى رأسها إثيوبيا للضغط على مصر جزءا من تلك الاستراتيجية، وقد فصلت فى هذه القصة دراسة عميد الموساد المتقاعد موشيه فرجى «إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان» التى قدمت إلى مركز ديان للأبحاث فى تل أبيب، (نشرت فى عام 2003 وسبق أن استشهدت بمضمونها المثير).
لا مفاجأة فيما حدث إذن، ذلك أن الوجود الإسرائيلى المدعوم بالسياسة الأمريكية تم تحت أعين الجميع ولم يكن فيه سر. ودراسة العميد فرجى تحدثت عن انتشار خمسة آلاف خبير إسرائيلى فى دول القارة فى ذلك الوقت المبكر. وهؤلاء نشطوا فى مختلف المجالات العسرية والاقتصادية من تدريب للجيوش والشرطة إلى إقامة المزارع وتصدير الزهور، وما كانت تقوم به شركة النصر للتصدير والاستيراد المصرية فى الستينيات والسبعينيات تصدت له وضاعفت من مجالاته الدولة العبرية بهمة لم تعرف الفتور أو الانقطاع.
إزاء ذلك، فبوسعنا أن نقول إن الإسرائيليين زرعوا وحصدوا، أما نحن فقد زرعنا حقا ولكننا إما تركنا الزرع بلا رعاية فجف ومات، وإما أننا اقتلعناه بالإهمال واللامبالاة. صحيح أننا حاولنا أن نعوض الغياب بأشكال مختلفة من الحضور خلال السنوات الأخيرة، إلا أن ذلك كان من قبيل محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه فى الوقت الإضافى أو بدل الضائع.
لقد قام بعض المسئولين المصريين ــ فى مقدمتهم الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء بزيارات لإثيوبيا وبعض دول الحوض، كما بذلت مصر بعض الجهود التى استهدفت تحقيق التعاون الذى يقنع تلك الدول بأن لها مصلحة فى التوافق مع مصر، ودُعى رجال الأعمال المصريون للإسهام فى تلك الجهود. وتلك محاولات لا بأس بها لكنها جاءت متأخرة كثيرا، ثم إنها كانت دون ما تحتاجه حقا تلك الدول. وأهم من ذلك أنها لم تكن تعبيرا عن استراتيجية وإنما كانت من قبيل الفهلوة المصرية التى تعول على الصدف السعيدة بأكثر ما تراهن على التخطيط بعيد المدى.
لقد قرأت تصريحا لوزير الرى المصرى تحدث فيه عن مضاعفة اعتماد بند التعاون مع دول حوض النيل فى ميزانية العام الجديد لكى تصبح 150 مليون جنيه (حوالى 27 مليون دولار)، وقرأت فى اليوم التالى أن النرويج قدمت معونة بقيمة 414.2 مليون دولار إلى إثيوبيا لكى تقيم سدا جديدا عند منابع النيل. ووجدت أن المقارنة تجسد المفارقة، لأننى لاحظت أن ما قدم إلى دولة واحدة يعادل 15 مرة ما تعتزم مصر تقديمه إلى دول حوض النيل كلها فى الميزانية الجديدة.
لو أننا وجهنا ميزانية التليفزيون التى يخصصها كل عام لمسلسلات رمضان وفوازيره لكى تمول مساعدات مصر ومشروعاتها فى دول حوض النيل لتجنبنا المأزق الذى نواجهه الآن، ولخففنا الكثير من أحزان «حابى» وقلقه على المستقبل.
(المصدر: صحيفة “الشروق” (يومية – مصر) الصادرة يوم 24 أفريل 2010) |
|
|
على استحياء ذهب أحد رموز حركة فتح والمقربون من دوائر الرئيس الفلسطيني قبل أيام إلى إمكانية قطع العلاقة مع سلطات الاحتلال في حال قيامها بطرد حوالي سبعين ألفاً من الفلسطينيين من الضفة الغربية، وهو ما سيؤدي بحسب رأيه إلى وقف التنسيق الأمني، وبالتالي إمكانية انهيار السلطة وشيوع الفوضى.
منذ وقت لم نسمع هذا التهديد، ففي زمن جماعة رفض العسكرة ودولة “الأمر الواقع” و”بناء المؤسسات” لا مكان لخطاب “ثوري” من هذا النوع قد يؤثر على الاستثمارات ومؤشر البورصة، وقد يعيق تدفق المستثمرين العرب نحو الأراضي المحتلة (مناطق السلطة) التي ستغدو بعد عام ونيف دولة ملء السمع والبصر بحسب ما يبشرنا رئيس وزرائها.
والحق أنه ما من شيء يمكن أن يؤدي إلى تراجع الإسرائيليين عن مشروع طرد الفلسطينيين المشار إليه، أو حتى عن تهويد القدس والمقدسات مثل التلويح بحل السلطة، على أن يكون ذلك تهديداً جدياً، وليس مجرد كلام بلا قيمة حقيقية كما كان دائماً.
يذكرنا هذا الأمر بجملة مصطلحات تتعلق بهذه السلطة العتيدة، لعل أهمها المصطلح الذي نحته الكاتب الإسرائيلي “عكيفا الدار”، وهو “الاختراع العبقري المسمى سلطة فلسطينية”، وأنا شخصياً أشهد، ويشاركني الرأي كثيرون أنها بالفعل اختراع عبقري، إذ قيّدت مسار القضية برمتها، كما قيّدت أصحابها بقيود يصعب الفكاك منها من دون أثمان باهظة بالنسبة للقيادة العتيدة.
آخرون في الساحة الإسرائيلية استخدموا مصطلح “احتلال ديلوكس”، أي احتلال فاخر، وبالطبع تبعاً لما توفره صيغة السلطة إياها من مزايا أمنية واقتصادية وسياسية للاحتلال، وعلى رأسها التخلص من عبء المقاومة في ظل خروج الجيش من تجمعات السكان والتنسيق الأمني، أي التخلص من الوجه القذر للاحتلال ممثلا في صدامه مع الناس، فضلاً عن البعد السياسي من حيث التخلص من صيغة الاحتلال المباشر، مع العلم أن مهمة الجنرال دايتون وتوني بلير هي المحافظة على هذه الصيغة وتكريسها على نحو لا فكاك منه، الأمر الذي بات واقعاً في ظل القيادة التي سيطرت على حركة فتح والمنظمة بعد ياسر عرفات.
بوجود ذلك الجيش من الموظفين (مدنيين وعسكريين) وتفرغ القيادة بكامل امتيازاتها، والارتباط العضوي بين كثير من رموزها مع دوائر الاحتلال، لم يعد بالإمكان التلويح بخيار حل السلطة، اللهم إلا إذا أصيب القوم بنوبة استشهادية بعرف أهل العلم أنها لا تأتي في سن متأخرة باستثناء حالات نادرة لا يعتد بها، وإذا حصل أن أصابت واحداً من القوم، فسيبادر الآخرون إلى توفير العلاج اللازم على نحو سريع قبل أن تتفاقم الحالة.
سيناريو حل السلطة كان بالنسبة للإسرائيليين هو “السيناريو الكابوس”، بحسب تعبير كاتب إسرائيلي هو “يهودا ليطاني”، وكان طرحه بعد عملية السور الواقي التي عاد الجيش الإسرائيلي من خلالها إلى مناطق (أ) بحسب تصنيف أوسلو، من دون أن يبقى فيها بكل دائم.
نؤكد مرة أخرى، أن خياراً من هذا النوع لو كان مطروحاً بالفعل على الطاولة، بل ربما ما هو دونه ممثلاً في وقف التنسيق الأمني والسماح بتحرك أفضل للمقاومة، لما تجرأ العدو على اتخاذ خطوات من ذلك النوع، لكنه يرى أن كل ما يفعله لا يزيد القوم غير تشبث بمشروعهم “مشروع الدولة”، أي دولة، فيما يرى بأم عينه طبيعة تلك القيادات التي تتحرك على حواجزه وببطاقات في آي بي يمنحها هو لا غيره، كما يراهم ويعرفهم في اللقاءات المختلفة، بما في ذلك القيادات الأمنية، ولذلك فهو مطمئن تمام الاطمئنان ويتصرف على نحو لا يضع في الاعتبار ذلك الرد، أو يهمشه في أقل تقدير.
كل ذلك يؤكد أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق قيادة السلطة وحركة فتح، وأي كلام غير هذا هو محض كذب وتدليس، ولو قررت تلك القيادة مساراً آخر لما كان بوسع الوضع العربي، بما في ذلك “المعتدل” منه، سوى التجاوب بهذا القدر أو ذاك، أقله خوفاً من الجماهير التي لن تسكت على ترك الفلسطينيين يواجهون مصيرهم وحدهم.
(المصدر: صحيفة “الدستور(يومية -الأردن) الصادرة يوم 24 أفريل 2010)
Home – Accueil – الرئيسية