TUNISNEWS
6 ème année, N° 2061 du 12.01.2006
أخبار تونس: جـرح خمسة من الحجيج التونسيين في حادث التدافع على جسر الجمرات في منى بمكة المكرمة الجزيرة.نت: السعودية تعلن مقتل 345 في كارثة جسر الجمرات هيئة 18 أكتوبر بألمانيا: السلطات التونسية تعتقل عضو الاتحاد التونسي للطلبة السابق السيد ادريس بن محمود النويوي قائمة مراسلات 18 أكتوبر: بيان ونداء بعد وضع بعض قيادات حركة الجوع ولا الخضوع تحت المراقبة اللصيقة والمستمرة حسين المحمدي: رسالة مفتوحة إلى المحترم جورج ولكر بوش :ماذا فعل بنعلي؟ميدانيا؟ ابو آية: البرهان على كذب برهان الصريح : سنة النجاح … والانتصار… وصفعة مهينة للعملاء الصباح: كيف يبدو المشهد السياسي الجديد في تونس؟ الصباح: «35% من المستجوبين يرون أن الاستثمـــار في تونس لا يتطور بما فيه الكفاية» القدس العربي: تونس تعترف بضعف استقطابها للاستثمارات العربية البينية الحياة: 94 في المئة من الاستثمارات أجنبية في منطقة بنزرت الحرة … التونسية إيلاف: معوقات السياحة التونسية الصباح: شريـط «خشخـاش» لسلمى بكّـار: فيلم تونسي آخر بإمضاء امرأة القدس العربي: الجزائريون لا يعرفون من يحكمهم وقلق بتونس والمغرب من مصيره عبداللطيف الفراتي: الدبلوماسية المغاربية خميس الخياطي: جولة عيدية حول الفضائيات العربية… د. محمد عجلاني: هل رفعت امريكا الفيتو عن الحركات الإسلامية في الدول العربية؟ ابراهيم غرايبة: الحركة الإسلامية: هل تكون الشريك الرئيس في التحولات الجارية؟ رضوان السيد: كتاب جديد: صعود السياسات الاسلامية الجديدة: التعددية والتحديات والديموقراطية د. بشير موسي نافع: حماس تقترب من منطقة الخطر السياسي خالد الحروب: إيران، وحماس، والأخوان المسلمون… وإنكار «المحرقة» ميشيل كيلو: سورية: نخبة حاكمة تنهار ونخبة ثقافية تصعد!
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
جـرح خمسة من الحجيج التونسيين في حادث التدافع على جسر الجمرات في منى بمكة المكرمة
الرئيس بن علي يأمر بإحاطة المصابين بكامل العناية والرعاية
أصدرت وزارة الشؤون الدينية بلاغا جاء فيه أنه جد ظهر اليوم حادث تدافع على جسر الجمرات في منى شرق مكة المكرمة أدى إلى وفاة وجرح عديد الحجاج من جنسيات مختلفة وأفاد أعضاء البعثة الرسمية للحجيج التونسيين أن خمسة من الحجيج التونسيين أصيبوا بجروح جراء ذلكم التدافع وهم :
– فاطمة سنينة
– نور الدين بن سعيد
– فاطمة الميساوى
– سالم الشريف
– عبد العزيز الميموني
وقد أسدى الرئيس زين العابدين بن علي حال علمه بالحادث تعليماته لأعضاء البعثة الصحية التونسية وللوفد الرسمي للحجيج بمتابعة الحالات المذكورة وإحاطة المصابين بكامل العناية والرعاية.
(المصدر: موقع أخبار تونس “الرسمي” بتاريخ 12 جانفي 2006)
السعودية تعلن مقتل 345 في كارثة جسر الجمرات
أعلن وزير الداخلية السعودي حمد بن عبد الله المانع أن عدد ضحايا التدافع خلال رمي الجمرات في منى ارتفع الى 345 قتيلا إضافة إلى 289 جريحا. وأكد الوزير في تصريحات للصحفيين بمستشفى منى العام أن معظم الجرحى كانت إصاباتهم بسيطة وقد خرج عدد كبير منهم بعد تقديم الإسعافات الأولية لهم.
وجدد المانع تبريرات الداخلية السعودية للحادث بسقوط أمتعة وحقائب الحجيج إضافة لعدم التزام بعض الحجاج بالنظام خلال رمي الجمرات.
وفي مشهد مأساوي انتشرت جثث القتلى والجرحى في مكان الحادث عند المدخل الشرقي لجسر الجمرات. ودهس العشرات تحت الأقدام في هذا التدافع الذي أدى لحالة فوضى جعلت الحجيج يتحركون في جميع الاتجاهات للهروب من الكارثة.
قوات الأمن السعودية أغلقت المنطقة بالكامل وقامت عشرات سيارات الإسعاف بنقل الجرحى للمستشفيات والمراكز الطبية بينما وضعت جثث القتلى في ثلاجات بشاحنات كبيرة. وأقامت القوات السعودية سياجا بشريا مكنها من السيطرة على الموقف وفتح طريق لسيارات الإسعاف.
وتشير آخر الأنباء إلى عودة الوضع لطبيعته تدريجيا واستئناف رمي الجمرات قبل غروب الشمس وخروج آخر الحجيج المتعجلين من منى. كما اتفقت الروايات الرسمية وشهود العيان على أن معظم الضحايا من دول جنوب وجنوب شرق آسيا.
أسباب الكارثة
وقد تضاربت روايات شهود العيان للجزيرة بشأن أسباب الكارثة ومدى مسؤولية قوات الأمن السعودية.
فقد ذكر البعض أن تزاحم مئات الآلاف ممن لم يأخذوا بفتاوى التيسير بشأن إمكانية الرمي قبل زوال الشمس كان سببا رئيسيا في الحادث. وأكد هؤلاء أن اصطحاب الآلاف لأمتعتهم ساهم في حالة الفوضى التي سادت.
لكن حاجا آخر قلل من أهمية دور الرمي بعد الزوال في الكارثة وقال في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إن التزاحم الشديد بدأ منذ الصباح. وأضاف أن معظم الضحايا ممن كانوا أسفل جسر الجمرات موضحا أن من الأسباب الرئيسية عدم تنظيم بعض وفود الحجيج خاصة الذين يسيرون في مجموعات متشابكة.
شاهد عيان آخر تحدث عن وجود أحد كبار المسؤولين حاولت قوات الأمن إفساح الطريق له لرمي الجمرات ما أدى للتدافع. كما تحدث آخرون عن سوء حالة وسائل المواصلات وسوء التنظيم الذي اقتصر فقط على الدور البشري لقوات الأمن إضافة لتراكم كميات كبيرة من النفايات.
حاجان مصريان حملا في اتصالهما مع الجزيرة قوات الأمن السعودية مسؤولية الكارثة. وقال أحدهما ويدعى شريف أبو المجد إنه فوجئ بالجنود السعوديين يفرضون طوقا منع الحجاج من المرور وأجبرهم على الخروج من منطقة الجسر.
وأوضح أن هذا أدى لحالة من الفوضى زادها ترك بعض الباعة الجائلين يفترشون المنطقة المجاورة للجسر. وأكد الحاجان أنهما كانا يدوسان على جثث الضحايا من جميع الجنسيات والأعمار خلال محاولتهم النجاة بأنفسهم من الكارثة. بينما تحدث شاهد عيان آخر عما اعتبره تقصيرا من الأمن السعودي في إخلاء المنطقة من العشرات الذين افترشوا الأرض وأدت أمتعتهم لزيادة عمليات تعثر الضحايا.
واتهم حاج بحريني قوات الأمن السعودية بأنها غير مؤهلة للتعامل مع هذه الظروف وبأنها تتعامل أحيانا بصلافة مع الحجاج. وأكد حاج ليبي أن قوات الأمن تأخرت في التدخل بصورة فعالة لوقف التدافع ولم تتحرك لفرض طوقها الأمني إلا بعد وقوع الطامة.
في المقابل أشاد آخرون بسرعة تعامل القوات السعودية مع الحادث وسرعة تكوين سياج بشري سمح لعشرات من سيارات الإسعاف بالوصول للضحايا.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 12 جانفي 2006 نقلا عن وكالات)
السلطات التونسية تعتقل عضو الاتحاد التونسي للطلبة السابق السيد ادريس بن محمود النويوي
ألمانيا في: 2006.01.12
بلغنا للتو أنّ السجين السياسي السابق و أحد قيادات الاتحاد العام التونسي للطلبة السيّد
ادريس بن محمود النويوي مواليد 19 .12. 1965 ، أصيل منطقة حمام بورقيبة و صاحب بطاقة تعريف قوميّّة رقم 2531755تمّ اليوم اعتقاله من طرف الحرس الوطني بجهة حمّام بورقيبة بتهمة عدم انضباطه لاجراءات المراقبة الإدارية و سيمثل غدا أمام نيابة ولاية جندوبة .
ونشير هنا إلى أن السجناء السياسيين السابقين يتعرضون إلى أشكال مختلفة من المراقبة والمضايقة و إلى متابعة لصيقة ومنع من ارتياد عديد الفضاءات. كما يفرض عليهم
الحضور في مواعيد محدّدة قد تصل إلى عدّة مرّات في اليوم الواحد سواء لدى نقطة أمنية واحدة أو عدة نقاط ( مراكز ومناطق الأمن ومراكز ومناطق الحرس ) وذلك للإمضاء في دفتر, وأثناء الحضور كثيرا ما يتعرض المعني بالأمر للمعاملة المهينة كالإبقاء ساعات في الانتظار أو المطالبة بالعودة في ساعة أخرى أو يخضع لاستجواب عن تحركاته اليومية, و عادة ما يطالب الخاضع لهذا الإجراء بالإعلام عن كل نشاط مهني يقوم به, وحتى عن مستجدات حياته العائلية, كما قد يطالب بالإعلام عن كل تنقل إلى خارج منطقة الإقامة ومدة التغيب والعنوان المقصود و بإعلام أقرب نقطة أمنية للمكان المقصود بقدومه وتتميّز المراقبة الإدارية بالاعتباطية والمزاجية في تخفيفها و تشديدها وقد أصبحت المراقبة الإدارية سيفا مسلّطا على المحكومين بها إذ أصبحت السلطات العمومية تلجأ بصفة متزايدة إلى محاكمة عدة أشخاص بتهمة عدم الامتثال لقرار قضائي أي تراتيب المراقبة الإدارية خاصة وأنها تخضع للأوامر الشفوية .و يلاحظ أنّ المراقبة الإدارية المطبّقة حاليا على عدد كبيـر مـن المساجيـن السّياسييـن ومساجين الرّأي السّابقين غير قانونيّة مطلقا إذ أنّ أغلب حالات المراقبة الإدارية فرضت من قبل أجهزة الأمن دون أن تكون صدرت فيها أحكام قضائيّة , كما أنّ تطبيق المراقبة الإدارية المحكوم بها كعقوبات تكميليّة يتمّ دون احترام ما نصّت عليه المجلّة الجنائيّة.
هيئة حركة 18 أكتوبر بألمانيا تدين هذه العملية بشدة و تطالب الحكومة التونسية باطلاق سراح السيد
ادريس بن محمود النويوي فورا كما تدعوعها إلى الغاء اجراءات المراقبة الإدارية المسلطة على رقاب مساجين الرأي السابقين. وتهيب بالمنظمات الحقوقية المحلية و الدولية أن تبذل كل ما في وسعها من أجل اطلاق سراح السيد ادريس بن محمود النويويهيئة 18 أكتوبر بألمانيا
السلطة تعتقل سجين الرأي السابق إدريس النويوي
قامت مجموعة من أعوان الحرس الوطني باعتقال المناضل الإسلامي وسجين الرأي السابق إدريس النويوي بحمام بورقيبة بحجة مخالفته لتراتيب المراقبة الإدارية.
وقد علمت نهضة نت أن الأخ النويوي الذي قضى أكثر من عشر سنوات في سجون الديكتاتورية سيحال مجددا غدا أمام وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بجندوبة.
تدعو نهضة نت كل محبي وأنصار الحرية بتونس إلى الوقوف صفا واحدا للتصدي لهذه المظالم التي تسلط على قطاع واسع من التونسيين منذ أكثر من عشرية ونصف.
بيان ونداء بعد وضع بعض قيادات حركة الجوع ولا الخضوع تحت المراقبة اللصيقة والمستمرة
أوربا، في 12 جانفي2006
علمت قائمة مراسلات18أكتوبر أن السلطات التونسية قامت بوضع بعض قيادات تحرك الجوع ولا الخضوع المعروفين بقادة حركة 18 أكتوبر تحت مراقبة لصيقة على مدار الساعة ,حيث أبلغنا مصدر موثوق أن أحد هؤلاء القادة تتداول على مراقبته ليلا ونهارا دوريات راكبة وأحيانا راجلة تلاحقه في كل تحركاته حيثما نزل وحيثما حل ,
واذ تعبر قائمة مراسلات الثامن عشر من أكتوبر عن انشغالها الشديد نتيجة هذه المضايقة المستمرة منذ أيام في حق بعض أبرز قيادات تونس الوطنية فانها تحذر من مغبة المساس بأمن وسلامة وحرية أي من هؤلاء القادة الوطنيين وتذكر السلطة بأن الاستجابة لمطالب هذه القيادات الوطنية والمتمثلة في حق التنظم وحرية الإعلام وإطلاق سراح المساجين السياسيين واعلان العفو التشريعي العام هو خير سبيل لإخراج البلاد من حالة التدهور السياسي الخطير الذي آلت اليه بعد حوالي عقد ونصف من تاريخ أشهر محاكمات سياسية عرفتها البلاد منذ تاريخ السابع من نوفمبر 1987
واننا في قائمة مراسلات 18 أكتوبر ندعو كل لجان مساندة حركة أكتوبر داخل البلاد وخارجها الى ملازمة الحذر ومتابعة هذا الملف قصد الحيلولة دون التعدي على الحرية الشخصية أو السلامة البدنية لأي من العاملين في هيئة الحقوق والحريات أو أي من المناضلين السياسيين أو الحقوقيين خارج هذا الإطار
وفي هذا الصدد نلفت عناية الرأي العام الوطني الى خطورة شعور السلطة بأي تراجع في وهج حركة 18 أكتوبر ,عبر تهميش القضايا الوطنية الحقيقية والانشغال بنقاشات سياسية جانبية لا تلامس جوهر ما نطمح له جميعا من تغيير منشود يلبي السقف الأدنى من مطالب النخبة والمجتمع ,
ونذكر في هذا السياق بأن أي تحالف أو ائتلاف من شأنه أن يفك الحصار على السلطة ويسهل مهمتها في خنق الحريات والعودة بالشارع الى مربع الاعتقالات السياسية من جديد كما هو حاصل مؤخرا في قضيتي السيدين أيوب الأنصاري وادريس النويوي ,سوف ننظر اليه على أنه خيانة وطنية لا يمكن القبول بها في زمن حرج تعيش فيه تونس وشعبها وقتا مفصليا باتجاه الحرية والانعتاق والاصلاح
ولهاته الأسباب فاننا في قائمة مراسلات الثامن عشر من أكتوبر ندعو من جديد الى إحياء نشاط هذه اللجان عبر سلسلة من الندوات والتحركات السلمية والمدنية المثابرة التي تسلط الأضواء على كل تعد أو اعتداء على الحريات ببعدها الشخصي والعام منذ ايقاف أشهر إضراب سياسي عن الطعام عرفته تونس في تاريخها الوطني المعاصر
كما نجدد النداء الى كل شرفاء تونس ووطنييها من أجل عزل ما سمي بالائتلاف الديمقراطي على اعتبار أنه شكل طعنة في مسار ما أنجزته حركة أكتوبر المجيدة من تعال واضح على جراحات الماضي وما أفرزته حقبة التسعينات من إضعاف للصف الوطني المعارض عبر سياسة فرق تسد والتحالفات المشبوهة من أجل إجهاض أي مشروع ديمقراطي يكفل الحرية والكرامة للجميع
وأخيرا ندعو كل المهتمين بالشأن العام إلى الالتفاف من جديد حول هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات من أجل مواصلة مسار مازالت تفصلنا فيه عن الحرية والحكم الراشد مسافة واضحة من المثابرة والتضحيات
أوربا، في 12 جانفي2006
الإمضاء
كل الفريق العامل بادارة قائمة مراسلات 18 أكتوبر
للاتصال والمراسلة:Mouvement18Okt@yahoogroupes.fr
ماذا فعل بنعلي؟ميدانيا؟
البرهان على كذب برهان
مشروع قانون جديد
يجري الاعداد حاليا في مستوى وزارة المالية لمشروع قانون جديد يهم قطاع البنوك.. ويرمي هذا المشروع الذي من المتوقع احالته على المؤسستين التشريعيتين في غضون الفترة القادمة الى تحقيق مزيد من النجاعة في العمل المصرفي..
حول الدين الخارجي
تتوقع الدوائر الحكومية ان يقع التقليص في نسبة الدين الوطني الخارجي الى حدود 45% في افق العام 2009. وتبلغ نسبة هذا الدين حاليا حوالي 50% فيما تصل نسبة الدين العمومي الى 60% في الوقت الراهن، وهو مستوى تعتبره الجهات الحكومية متماشيا مع المعايير الدولية.
مراجعة
تنكب وزارة السياحة منذ فترة على مراجعة المواصفات المتعلقة بالفنادق. وتتجه النية ـ وفق هذه المراجعة ـ الى فرض مقومات جديدة لتصنيف المؤسسات السياحية وذلك حسب معايير تتلاءم مع تطور القطاع السياحي الذي بات يستقطب اكثر من 6 ملايين سائح سنويا..
جسور جديدة
من المنتظر ان تشهد السنة الجارية انطلاق بناء نحو 22 جسرا جديدا يتوقع ان تستكمل اشغالها في غضون العام 2008.. الجدير بالذكر ان الفترة المقبلة ستشهد استكمال انجاز 10 جسور كان شرع في تشييدها قبل عام..
طلبات عروض
ينتظر ان تعلن وزارة التجهيز والاسكان قريبا، عن طلبات عروض لتهيئة حوالي 640 كلم من المسالك الريفية في مناطق عديدة من الولايات.. للتذكير، فان هذا الحجم من المسالك، يمثل القسط الاول المبرمج انجازه في افق العامين القادمين..
المواد الكيميائية.. خطيرة على الصحة
كشف بعض الخبراء ان هناك عددا كبيرا من المواد الكيميائية المستخدمة في مكان العمل يشتبه في تسببها في امراض السرطان لدى المعرضين لها.. وورد في مجلة علمية اصدرها معهد الصحة والسلامة المهنية ان الاورام المهنية المنشأ ليس لها مظاهر مرضية تميزها عن الاورام التي تظهر تلقائيا بين البشر لكنها تتميز بفترة كمون بين زمن التعرض للمواد الكيميائية وظهور الاورام.
مشاهد تتكرر
بعد تساقط كميات وافرة من الامطار خلال عطلة نهاية الاسبوع الفارط تعطلت حركة النقل بعدد من شوارع العاصمة وكثر الازدحام، وهو مشهد اصبح يتكرر باستمرار نتيجة عدم تعهد البالوعات بالصيانة..
الاستفادة من الحواسيب
تجاوز عدد المدارس الابتدائية المجهزة بالحواسيب ثلاثة الاف مدرسة.. لكن في كثير منها يوضع الحاسوب في مكتب المدير او لا تقع الاستفادة منه على النحو المرجو ولا يقع تدريب الاطفال على استخدامه.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
حرص دائم على تكريس علوية الدستور في اطار دولة القانون
ولكنه ضـحـك .. كالـبـكـــــــاء!
هدية جريدة “الصريح” الى المعارضة الديمقراطية ونشطاء حقوق الإنسان بمناسبة السنة الإدارية الجديدة … !!!!!
سنة النجاح … والانتصار… وصفعة مهينة للعملاء
* تونس – الصريح
يعرف الجميع أن الخيانة، وتحديدا خيانة الوطن، هي الانهيار الكامل لانسانية الانسان، ولايوجد أحط من خائن، تحالف مع أعداء الوطن، للنيل من الارض التي انجبته وخيرها الذي نشأ على ايقاع تدفقه.
فالخائن والعميل هو الوجه القبيح للكائن البشري، تلاحقه لعنات الارض والسماء، وتطارده أحكام الدنيا، ويترصده جزاء الاخرة، وينتهي الخونة دوما في مزبلة التاريخ، بعد أن يسقطوا في خنادق العمالة القاتلة ( انظر الصريح بتاريخ 13 أوت 2004).
وان كانت الشعوب تلفظ الخونة نذ البدء، فان أسيادهم وحماتهم يلفظونهم عندما ينتهي دورهم القذر.
هكذا كان مصير العملاء دوما، وقد أكدت وقائع سنة 2005 هذه الحقيقة مجددا، اذ انهزم العملاء الذين حاولوا، بالتواطؤ مع بقايا ” المستعمرين” الجدد الذين يتمسكون بالاستعمار حتى بعد هزيمته، الاساءة لتونس، عبر الاكاذيب والترهات التي تقطر قذارة وعمالة وتقربا من أعداء البلاد، وانبطاحا “للحماة” فظهر جليا وواضحا ان تلك المحاولات اليائسة للنيل من سمعة تونس والتشكيك في نجاح تنظيمها للمرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات قد باءت بالفشل الذريع، وان ” المسرحيات ” الركيكة التي حاولت النيل من تونس، قد عادت بالوبال المعنوي على أصحابها ومدبريها والذين كرسوا جهودهم وأموالهم لرعايتها !! وكانت المهزلة في حجم قذارة العملاء .
وخلاصة الامر أن سنة 2005 كانت صفعة قاسمة للعملاء!!
أما تونس الكبيرة بتاريخها وأصالتها وحكمة قيادتها فقد استطاعت ان تحقق في سنة 2005 الكثير من الانتصارات والنجاحات في مختلف الميادين وعلى كل المستويات وما انعقاد قمة المعلومات ونجاحها الذي أثار اعجاب العالم الا أحد تلك الانتصارات الكبرى التي سيسجلها التاريخ وسيشهد بها وسيدونها في مدونة البطولات والاعمال الكبرى.
والحق ما شهد به الاعداء …
وقد شهد الداني والقاصي بالتجربة التونسية الرائدة في ظل قيادة الرئيس زين العابدين بن علي … وانها لرحلة متواصلة الى الامام ولن يزيدها صراخ وعويل الذين يحقدون على الناجحين الا اصرارا وتصميما واستمرارا.
ان القافلة ماضية في طريقها ولن تعبأ بالمحاولات الفاشلة مسبقا لاذناب الاستعمار و”الصبابة” الذين يحترفون ” الصبة” لدى أسيادهم الذين يشجعونهم على “الصبة” ويضحكون عليهم في سرهم.
(المصدر: جريدة الصريح الصادرة في غرة جانفي 2006)
بعد تشكيل الائتلاف الديموقراطي التقدمي:
كيف يبدو المشهد السياسي الجديد في تونس؟
تونس – الصباح
يبدو أن الساحة السياسية في تونس بدأت تتجه نحو الفرز لأول مرة منذ عقدين من الزمن على الأقل، وذلك بعد تشكيل «المبادرة ـ الائتلاف الديموقراطي التقدمي»، بزعامة السيد محمد حرمل، الأمين العام لحركة التجديد.. فقد بات واضحا أن المشهد السياسي، أعيد تشكيله بطريقة جديدة، ربما استجابت لوضع الأحزاب وأطرها ودرجة شعبيتها وأفق تحركها، إلى جانب خياراتها وسياساتها ومواقفها، بما جعل عملية الفرز هذه، وكأنها محصّلة لظروف هذه الأحزاب وإمكانياتها ومقدراتها الذاتية …
ومن خلال هذا المشهد الجديد الذي تشكل في غضون الأشهر القليلة الماضية، يمكن القول إن الساحة السياسية، أصبحت تتوفر على ثلاث «كتل» تحالفية لأول مرة منذ حقبة الثمانينات من القرن المنقضي .. فيما يبدو التجمع الدستوري الديموقراطي، الطرف الأكثر قوة وتنظيما في الساحة السياسية، بما يجعل منه طرفا قائما بذاته، على الرغم من عدم دخوله في علاقات تحالفية مع هذا الطرف أو ذاك..
صحيح أن محاولات التحالف، جرت في مرات مختلفة خصوصا خلال السنوات الأخيرة من الثمانينات وبداية التسعينات، تحت مسمى «الترويكا»، لكنها كانت في مجملها ذات صبغة انتخابية، وعلى قاعدة التناقض مع التجمع الدستوري الديموقراطي أنذاك، بل وغلب عليها الطابع الإيديولوجي والفكري، وهو ماجعلها مشاريع تحالفية تحمل بذور فشلها قبل ولادتها، على اعتبار أنها لم تكن قادرة على الصمود أمام النوازع الإيديولوجية باختلاف اتجاهاتها، سيما وأن الخيط الفارق بين الإيديولوجيا والسياسة، لم يكن واضحا أنذاك من جهة، كما أن الجوانب العقائدية في الأحزاب كانت هي المهيمنة على الجوانب السياسية، بل هي المحرك للسياسي من جهة أخرى ..وهو ما يفسر فشل هذه التحالفات بشكل أسرع مما كان يتوقع أي ملاحظ للشأن السياسي في البلاد..
لكن هل أن تحالفات اليوم خالية بالفعل من الإيديولوجيا، أم أن هذا المعطى ما يزال يتحكم في خلفية الأحزاب وسياقها وأهدافها من عملية التحالف بالشكل المتوفر راهنا؟
تـجـمـعـات ائـتـلافـيـة..
في الواقع، لا يمكن لأي ملاحظ للوضع السياسي الراهن بالبلاد، أن ينفي الجانب الإيديولوجي في التحالفات القائمة حاليا، فهو حاضر بصورة لافتة ، لكن درجة مختلفة من تحالف إلى آخر …
فهناك «أحزاب الوفاق مع السلطة»، ونعني هنا حركة الديموقراطيين الاشتراكيين وحزب الوحدة الشعبية والإتحادالديموقراطي الوحدوي والحزب الاجتماعي الليبرالي، وهي أحزاب ما تزال تراهن على العوامل التي كانت سببا في التقاء الطرفين على قاعدة الميثاق الوطني الذي تم التوقيع عليه في العام1989 ، بل إن أجندا هذا الوفاق ماتزال تحافظ على نفس العناصر، المتمثلة في التقدم بالإصلاح السياسي بشكل تدريجي، والتمثيلية صلب المجالس التشريعية والاستشارية، مع لعب دور نقدي، دون أن يعني ذلك وجود تماثل في مواقف الطرفين، فهناك اختلافات في بعض التفاصيل والحيثيات ..
من جهة أخرى، ثمة التحالف الذي يقوده السيد نجيب الشابي، والذي ارتبط بأهداف وهواجس سياسية ، لذلك يلاحظ المراقبون وجود تيارات متناقضة صلب التحالف، اجتمعت على عناوين مشتركة، تتلخص فيما يسميه التحالف، «الانتقال الديموقراطي الشامل» والمطالبة بالعفو العام، بعيدا عن الخلفية الإيديولوجية، على الرغم من حضورهاالقوي في خلفية كل طرف من أطراف التحالف..
لقد تم تجاوز العائق الإيديولوجي بهدف التوصل إلى بناء تحالف يقوم على أهداف ترتبط بالفعل السياسي المدني، دون أدنى صلة بالهاجس العقائدي والفكري الذي يتحكم في كل طرف من هذه الأطراف ..فقد تم «تأجيل» هذه الاختلافات إلى أطر وسياقات أخرى، باعتبار مقتضيات المرحلةالسياسية الراهنة واستحقاقاتها وفق ما تعتقد مكونات التحالف..
أما التجمع الثالث، فيتصل بالائتلاف الديموقراطي التقدمي، الذي يعد تتويجا لجهود «المبادرة الديموقراطية» في تجميع تيارات من اليسار المستقل في أغلبه، إلى جانب بعض المكونات الحزبية اليسارية المعروفة، لكن هذا الائتلاف يقوم على أسس إيديولوجية وسياسية في ذات الوقت. فالجوانب العقائدية والفكرية، عنصر أساسي في تشكيل هذا التحالف، لكن التباينات بين بعض مكوناته، (وهي تباينات كشفت الندوة الصحفية التي عقدت منذ يومين عن بعض جوانبها)، جعلت هذا الائتلاف يغلب الجانب السياسي على المعطى الإيديولوجي في تكوينه، من دون أن يلغيه تماما، وهذا يعني أن الجانب الإيديولوجي، سيبقى بمثابة «الضمير الخلفي» الذي يحرك الائتلاف ويتحكم في مواقفه وكيفية تعاطيه مع الشأن السياسي العام من ناحية، كما يتحكم في العلاقة بالسلطة وبتحالف السيد نجيب الشابي من جهة أخرى..
ملاحـظـات أسـاسـيـة..
لكن الأسئلة التي ما تزال مطروحة صلب الملاحظين، تتعلق بمدى خصوصية هذه التحالفات الجديدة، وما إذا كانت ستستمر لوقت طويل، أم أن الوضع السياسي سيحدد عمرها؟ وهل تصمد السياسة أمام الجوانب الإيديولوجية المهيمنة بشكل أو بآخر على مكونات هذه التحالفات؟
في هذا السياق يمكن للمرء أن يبدي الملاحظات التالية:
** أن بعض هذه التحالفات، أقيم على أسس سياسية، بحيث تتحكم فيه عمليات تقارب سياسي وفكري واضح، وهو ماسوف يرشح هذه التحالفات لكي تلعب دورا في المشهد السياسي الذي يبدو بحاجة منذ وقت طويل إلى تحالفات من هذا النوع..
** أن الاختلافات بين هذه التحالفات، ستحددها الممارسة السياسية وسلوك كل طرف وطريقة تعاطيه مع الشأن السياسي..
** لا شك أن الذي سيميز بين هذا التحالف وذاك، هوالقدرة على المبادرة السياسية، وهو ما سوف يجعل هذه الأطراف أمام امتحان عملي حقيقي، وسيكون الطرف الأقرب للمواطن، هو الأكثر قدرة على التعاطي الإيجابي مع مشاغل الناس وتطلعاتهم، فالسياسة إذا لم تكن في خدمة الناس والمجموعة الوطنية، فأولى أن يخلد أصحابها للصمت..
** من المتوقع كذلك، أن يتم تجاوز الحزبيات الضيقة والزعاماتية التي أفشلت أكثر من عملية تحالف فيما مضى، وجعلت الأحزاب تتحرك في أفق ضيق للغاية..
** أن التحالفات الراهنة تأتي في ظرفية سياسية عربية تتسم بالتحالفات هنا وهناك على خلفيات سياسية مختلفة، وذات ألوان متعددة، ومن دون شك، فإن الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي التونسي ستستفيد من التطورات الإقليمية، خصوصا في مستوى إيجاد صيغ عملية للفعل السياسي، تتجاوز الصيغ التقليدية والتحالفات التي طالما وصفها السيد محمد حرمل بـ«القديمة» على حد تعبيره.. لكن هل تؤسس هذه التحالفات بالفعل لمشهد مغايرللمرحلة السابقة؟
إنه السؤال / المفتاح للحياة السياسية في قادم الأشهر والسنوات، وهو ما يستوجب الانتظار لمعرفة حدود واتجاهات هذه التحالفات ومدى تأثيرها في الوضع السياسي المحلي …
صالح عطية
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
94 في المئة من الاستثمارات أجنبية في منطقة بنزرت الحرة … التونسية
تونس – سميرة الصدفي
ارتفع عدد المشاريع التي أقيمت في منطقة بنزرت الحرة شمال تونس، إلى 58 مشروعاً، غالبيتها باستثمارات أجنبية. وأفادت إحصاءات حصلت عليها «الحياة»، أن حجم الاستثمارات ارتفع في أواخر السنة الماضية إلى 160 مليون دينار (124 مليون دولار)، 94 في المئة منها أجنبية، في مقدمها الاستثمارات الأميركية والفرنسية والإيطالية والسويسرية.
وأوضح رئيس هيئة المنطقة الحرة كمال بلكاهية لـ «الحياة» أن المشاريع الصناعية تطغى على الاستثمارات التي استقطبتها المنطقة، إذ استأثرت بـ 91 في المئة منها، فيما تمثلت البقية بمشاريع في قطاع الخدمات. وأضاف أن الصناعات البحرية وبخاصة صناعة اليخوت الفخمة، هي الطاغية في المجال الصناعي.
ورأى أن آفاقاً مهمة باتت مفتوحة أمام الصناعات الميكانيكية والكهربائية، وكذلك صهر المعادن والصناعات البلاستيكية، نظراً لنجاح المشاريع التي أقيمت في هذه القطاعات، وقلة كلفتها قياساً بالبلدان الأوروبية. وقدر حجم معاملات المشاريع المُقامة في المنطقة الحرة خلال الشهور الـ 11 الأولى من العام الماضي، بأكثر من 252 مليون دينار (نحو 200 مليون دولار).
وتستفيد منطقة بنزرت الحرة من قربها من الموانئ الرئيسة في حوض المتوسط الغربي، ما جعلها تستقطب مشاريع أكثر من المنطقة الحرة الجنوبية، التي تقع في محيط ميناء جرجيس غير البعيد عن الحدود المشتركة مع كل من ليبيا والجزائر.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
معوقات السياحة التونسية
حسب سبر آراء لمركز المسيرين الشبان:
«35% من المستجوبين يرون أن الاستثمـــار في تونس لا يتطور بما فيه الكفاية»
تونس ـ الصباح
يعتبر 35% من عينة متكونة من 80 رجل اعمال (40ـ سنة) بان الاستثمار في تونس لا يتطور بما فيه الكفاية مقابل 25% يعتقدون بان الاستثمار يتطور و23% في ركود، وذلك حسب سبر آراء اعده مركز المسيرين الشبان مؤخرا للاعداد لدراسة حول «الاستثمار والقطاعات الواعدة في تونس».
ويعود ذلك حسب المستجوبين الى حجم السوق المحلية والذي يعتبر صغيرا بنسبة 29% وعدم جدوى او صلابة الاجراءات الادارية بنسبة 24% الى منافسة السوق الموازية (21% من المستجوبين) هذا الى جانب عدم وفرة مصادر التمويل وافكار بعث المشاريع.
وحول السؤال عن اعادة الاستثمار اجاب 45% من رجال الاعمال الشبان سلبا لعدم ثقتهم بالظرف الاقتصادي (46% من المستجوبين) وعدم توفر موارد التمويل (24%) ونقص في الافكار المجددة (12%) وعدم توفر المعلومات الضافية.
ويمنح 63% من رجال الاعمال المستجوبين ثقتهم في الاقتصاد التونسي مقابل 30% منهم غير واثقين في الاقتصاد التونسي حيث يعتقد 39% من رجال الاعمال الشبان موضوع سبر الاراء مناخ الاعمال في تونس غير ملائم.
القطاعات الواعدة
ويعتقد 70% من رجال الاعمال المستجوبين بان القطاعات الواعدة في تونس تكمن بين تكنولوجيا المعلومات والاتصال وقطاع الخدمات يليهما قطاع الصناعة (20% من المستجوبين).
ويعتبر 46% من العينة المستجوبة بان القطاع الواعد هو ذلك الذي يحتوي على اكبر قيمة مضافة مقابل 24% يشخصون القطاع الواعد في المجدد.
وحول توفر المعلومة الاقتصادية والتي تعتبر عاملا اساسيا في نجاح المشروع اجاب 64% من رجال الاعمال الشبان بأن دراسات التموقع الاستراتيجي والمعلومات الاقتصادية في تونس متوفرة بقلة وغير مجدية وغير محينة حيث يعول 36% من المستجوبين على الانترنات لتقصي المعلومة مقابل 28% يعولون على الاحصائيات في تونس و20% على الاحصائيات الاجنبية حول تونس و16% على وسائل الاعلام.
وحول كيفية تشجيع الدولة للنهوض بالاستثمار اقترح 90% من رجال الاعمال التمتع بعدة امتيازات مالية لصالحهم.
نبيل الغربي
(المصدر: جريدة الصباح الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
دراسة لمؤسسة امريكية تري ان الاقتصاد التونسي لم يتحرر كليا
تونس تعترف بضعف استقطابها للاستثمارات العربية البينية
تونس ـ يو بي آي: اعترفت مسؤولة تونسية بضعف استقطاب بلادها للاستثمارات العربية البينية التي تجاوز اجمالي حجمها 5 مليار دولار خلال العام 2004، كان نصيب تونس منها 0.77 بالمئة فقط.
وقالت منجية الخميري المديرة العامة للوكالة التونسية للنهوض بالاستثمارات الخارجية في تصريح نشر امس الاربعاء، ان وفرة الاستثمارات العربية التي تطورت بعد احداث 11 ايلول (سبتمبر) 2001 وارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية، لا يعني توافقها مع استراتيجيات التنمية الموجودة في تونس.
وارجعت ضعف استقطاب بلادها لهذه الاستثمارات الي انها تهم مجالات ليست فيها لتونس مزايا تفاضلية او لا تمثل اولوية تنموية في الوقت الراهن، مثل القطاعات التجارية السياحية والعقارية باعتبارها غير مفتوحة تماما وخاضعة لبعض الشروط .
لكنها اكدت بالمقابل علي ان الاستثمارات العربية والمستثمرين العرب يحتلون مكانة هامة في تونس، حيث يأتون في المرتبة الثانية بعد الاتحاد الاوروبي، كما ان حجم الاستثمارات العربية وصل الي 29.4 بالمئة من اجمالي الاستثمارات التي استقطبتها تونس عام 2005.
واضافت ان بلادها تعمل حاليا علي تدارك هذا الوضع من خلال اعداد ملفات حول المشاريع التي يمكن للمستثمرين العرب المشاركة في طلبات عروضها الدولية مثل اقامة ميناء بالمياه العميقة، وتهيئة الضفة الجنوبية لبحيرة تونس الجنوبية واقامة محطة لتحلية المياه.
وقالت الخميري ان الجانب العربي اعرب عن اهتمام كبير بهذه المشاريع خلال الجولة الاخيرة لرئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي التي قادته لأكثر من عاصمة خليجية، لذلك تعتزم الوكالة للوكالة التونسية للنهوض بالاستثمارات الخارجية فتح مكتب لها في دبي لاستهداف رؤوس الاموال العربية سواء عن طريق مكاتب الخبرة او عن طريق البنوك الموجودة في تونس الناشطة في هذه المنطقة . يشار الي ان البيانات الاحصائية الرسمية التونسية تشير الي ان نسبة الاستثمارات العربية في تونس بلغت خلال الفترة ما بين عامي 1997 و2004 حوالي 11 بالمئة، لترتفع خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي الي 29 بالمئة.
وتتوزع هذه الاستثمارات علي 213 مؤسسة استثمارية عربية أو ذات مساهمة عربية ناشطة في قطاعات السياحة و الخدمات والصناعات المعملية بحجم استثمارات بنحو769.1 مليار دينار (340.1 مليار دولار).
وتحتل الاستثمارات الكويتية بتونس المرتبة الاولي، حيث بلغ حجمها خلال الفترة ما بين 1997و2004 اكثر من 375 مليون دينار(نحو 284 مليون دولار)، أي حوالي 55 بالمئة من اجمالي الاستثمارت العربية في تونس، بينما تحتل ليبيا المركز الثاني باستثمارات تقدر بأكثر من 124 مليون دينار (94 مليون دولار).
ومن جهة اخري اعتبرت مؤسسة أمريكية في دراسة لها، ان الاقتصاد التونسي لم يتحرر كليا، الامر الذي يجعل تونس في المرتبة 99 من اصل 157 دولة،والعاشرة عربيا من ضمن 15 دولة عربية شملتها الدراسة.
واسندت مؤسسة (هاريتاج فاوندايش) التي عادة ما تقوم بدراسات اقتصادية لصالح الادارة الامريكية في دراسة حديثة نشرت صحيفة (الصباح) التونسية المستقلة امس الاربعاء مقتطفات منها، 24.3 درجة نقاطة لتونس كمؤشر لتحرر اقتصادها للعام 2006، مقابل 14.3 نقاط عام 2005.
وارجعت مؤشر التحرر الاقتصادي لتونس الي ما وصفته بـ كثرة الاجراءات الادارية التي يتطلبها بعث أي مشروع اقتصادي، وضعف النفاذ الي التمويل بما يعيق نمو الاستثمارات الخاصة الي جانب ارتفاع التضخم رغم التحكم فيه .
كما اسندت 5 درجات للاقتصاد التونسي في مجال السياسات التجارية، مما يعني مستوي عال من الحماية الاقتصادية، وذلك علي خلفية ارتفاع المعاليم الجمركية الموظفة علي عمليات الاستيراد والتي قدر معدل نسبتها بـ4.27 بالمئة من قيمة الواردات.
واشارت المؤسسة في دراستها التي استندت فيها الي تقارير البنك الدولي، الي ان الاقتصاد التونسي حافظ علي درجة 4 في مجال تدفق رؤوس الاموال والاستثمار الخارجي و القطاع البنكي المالي ، مما يعني ارتفاع الحاجز الاقتصادي امام الاستثمار وصعوبة الحصول علي التمويلات.
واعتبرت انه علي الرغم من سعي الحكومة التونسية الي استقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة، فانها تعمل مع ذلك علي توجيه هذه الاستثمارات نحه قطاعات اقتصادية محدودة الاختيارات لحماية الاستثمارات المحلية، حيث لا يسمح مثلا للمستثمرين الاجانب بامتلاك الاراضي الزراعية، كما لا يحق للمستثمر الاجنبي امتلاك اكثر من 49 بالمئة من رأس مال الشركات المقيمة .
الي ذلك، اشارت الدراسة الي ان تونس حافظت علي درجة 3 في مجالات حماية حقوق الملكية و التنظيم الاداري و السوق الموازية ، كما حافظت ايضا علي درجة 9.3 لعامل العبء الضريبي الذي يشمل معدل ثلاثة مؤشرات ضريبية هي الضريبة علي الدخل (5.3 درجات) و الضريبة علي الأرباح 5.4 درجة) و تحكم الدولة في الموازنة (3 درجات).
وكانت المؤسسة الامريكية قد اختارت في دراستها هونغ كونغ بوصفها الاكثر حرية وانفتاحا اقتصاديا، وذلك للمرة 12 علي التوالي، حيث اسندت لها الدرجة الاولي 28.1 نقطة، بينما حصلت سنغافورة علي الدرجة الثانية ب56.1 نقطة، وثالثا ايرلن ـ دا ب ـ 58.1 نقطة، في حين صنفت كوريا الشمالية في اخر القائمة بـ5 نقاط بعد ايران بـ 51.4 نقطة.
وعربيا، تصدرت دولة البحرين القائمة بحصولها علي 23.2 قاط كمؤشر لتحرر اقتصادها، تليها دولة الكويت (المرتبة 50 عالميا) ثم الاردن (المرتبة 57 عالميا).
يشار الي ان مؤشر التحرر الاقتصادي الذي استخدمته مؤسسة هاريتاج فاوندايشن في دراستها يتراوح بين 1 و5 درجات، حيث يعتبر الاقتصاد الذي يحصل علي 1 الاكثر تحررا و5 الاكثر انغلاقا، كما يتناول المؤشر عشرة عوامل اقتصادية منها مستوي تدخل الدولة في الاقتصاد وحقوق الملكية وتدفق رؤوس الاموال والقطاع المصرفي والمالي.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
يشاهــده الاعلاميـــون غــــــدا فـــــي عـــــرض خـــاص
شريــط «خشخـــاش» لسلمــى بكّــار: فيلـم تونسـي آخــر بإمضاء امــرأة
تونس ـ الصباح
اذا كان البعض ينتظر ـ ربما ـ ان يكون فيلم «خشخاش» للمخرجة سلمى بكار ـ الذي سيشاهده غدا الاعلاميون لاول مرة في عرض خاص ـ بداية مرحلة جديدة ونوعية مختلفة في الخطاب السينمائي التونسي فان هذا البعض يكون في رأينا قد تفاءل
زيادة عن اللزوم..
فما يمكن ان يعد به هذا الشريط التونسي الجديد لن يكون اكثر من اضافة كمية جريئة وشجاعة في قائمة مجموعة انتاجات سينمائية تونسية يمكن بالفعل ان نصفها ونقول عنها بانها مختلفة ـ فقط ـ لانها بامضاء مخرجات نساء..
والواقع ان شريط «خشخاش» الجديد للمخرجة سلمى بكار ميزته الكبرى ـ في رأينا ـ انه جاء قبل كل شيء ليؤكد وجود «تيار» نسوي في السينما التونسية الجديدة «تتزعمه» وتنشيط في اطاره مخرجات سينمائيات تونسيات شابات ومخضرمات بعضهن يقمن بتونس وبعضهن يقمن بالخارج.. وهي «ظاهرة» نكاد نجزم بان الحركة السينمائية في تونس تنفرد بها، بل قل تتميز بها على نظيراتها في البلدان العربية بما فيها تلك التي تمتلك صناعة سينمائية مثل مصر..
فاذا كانت الحركة السينمائية المصرية ـ مثلا ـ على عراقتها وزخمها لن تستطع ان تفرز سوى مجموعة اسماء لمخرجات ممن اشتهرن على الاقل ـ لم يتجاوز عددهن الثلاثة على اقصى تقدير (انعام محمد علي ـ ايناس الدغيدي ـ على سبيل الذكر) ـ فانه بالامكان بالمقابل تعداد خمسة اسماء على الاقل لمخرجات سينمائيات تونسيات قدمن افلاما شاهدها الجمهور التونسي والعربي والعالمي..
فالمخرجة مفيدة التلاتلي التي شاهد الجمهور التونسي وجماهير المهرجانات السينمائية الدولية فيلمها الشهير «صمت القصور» وكذلك فيلمها الثاني «موسم الرجال» تعد عميدة المخرجات التونسيات وهي التي «تقود» على ما يبدو ما اسميناه «التيار النسوي» في السينما التونسية والذي يضم في صفوفه ـ ايضا ـ كل من ناجية الفاني ورجاء العماري وكلثوم برناز (المقيمات بالخارج) وكذلك صاحبة احدث فيلم سينمائي نسوي تونسي ونعني بها المخرجة سلمى بكار..
«خشخاش» وسينما المرأة
اللافت ان جل الافلام التي جاءت بامضاء مجموعة المخرجات التونسيات المذكورات عالجت بدرجة اولى وبرؤى سينمائية مختلفة قضية الاضطهاد العاطفي والاجتماعي للمرأة في المجتمع.. فالمخرجة مفيدة التلاتلي فعلت ذلك في شريطها «صمت القصور» وكذلك في شريطها «موسم الرجال».. والمخرجة الشابة رجاء العماري فعلت ذلك ـ ايضا ـ في شريطها «الستار الاحمر».. اما المخرجة سلمى بكار ولئن كانت قد خالفتهما في ذلك في شريطها الاول الغنائي والملحمي «حبيبة مسيكة» فانها ومن خلال قصة شريطها الجديد «خشخاش» يبدو انها قررت ان تنضم لـ«نادي» السينمائيات المدافعات من خلال افلامهن عن قضايا المرأة وعن حقوقها الفطرية كانسانة سواء داخل المجتمع او في اطار مؤسسة الزواج.
فشريط «خشخاش» يعرض خطابا سينمائيا عاطفيا ومثيرا لمجموعة مآس نفسية تحياها امرأة في اطار علاقتها الزوجية بسبب تقصير الشريك في اشباع حاجاتها العاطفية.. مما يضطرها الى الادمان على استنشاق نبتة الخشخاش المخدرة في محاولة منها للهروب ونسيان واقع الحرمان العاطفي والجنسي الذي تحياه..
في بداية هذه الورقة قلنا ان الذين يأملون في ان يمثل شريط «خشخاش» لسلمى بكار بداية مرحلة جديدة ونوعية ومختلفة في الخطاب السينمائي التونسي انما هم يظهرون في مظهر المتفائلين زيادة عن اللزوم لا على اعتبار ان هذا الشريط التونسي الجديد لا يمكنه ان يصنع «الحدث» السينمائي او ان ياتي راقيا فنيا وابداعيا وانما على اعتبار انه من حيث مضمونه لا نجده يشتغل سينمائيا على قضايا او ظواهر لم يقع تناولها.. فمسألة الاضطهاد العاطفي والاجتماعي والجنسي للمرأة داخل المجتمع «مسألة» اشتغل عليها عديد السينمائيين التونسيين قبلها بما فيهم الرجال من امثال نوري بوزيد في شريطه «بنت فاميليا» وكذلك في شريطه «عرائس الطين» وكذلك عبد اللطيف بن عمار في شريطه «نغم الناعورة»..
ومع هذا فاننا واعتبارا لحرفية ونبوغ المخرجة سلمى بكار فاننا ننتظر ان يفي شريطها الجديد «خشخاش» بكامل وعوده الفنية والجمالية خاصة وان ادوار البطولة فيه يتقمصها ممثلون اكفاء من امثال رؤوف بن عمر وعلاء الدين ايوب وربيعة بن عبد الله.
محسن الزغلامي
(المصدر: جريدة الصباح الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
صحف فرنسية تتساءل عن مصير الرئيس بوتفليقة وتتكهن بوجود أزمة سلطة في الجزائر
الجزائريون لا يعرفون من يحكمهم وقلق بتونس والمغرب من مصيره
باريس ـ القدس العربي من شوقي أمين: بينما تكرّس الاعتقاد بأن الملف الصحي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي أسال كثيرا من الحبر طوي بخروجه من مستشفي فال دو غراس العسكري بباريس، عادت الصحف الفرنسية لطرح مسألة الحكم في الجزائر وراحت تتحدث عن فترة ما بعد بوتفليقة التي باتت تلوح في الأفق خاصة وأن بوتفليقة من منظورها لا يبدو في أحسن حال .
وتحت عنوان مرشحون مفترضون يتسابقون لخلافة بوتفليقة ، أوضحت صحيفة لوفيغارو (القريبة من اليمين) امس الاربعاء أن مؤشرات كبيرة توحي بأن الرئيس الجزائري غير قادر علي الاستمرار في الحكم رغم كل ما قيل عن استعادته لعافيته .
واستفاضت الصحيفة في عرض الاختلالات التي طبعت قصر الرئاسة (مقر الرئاسة الجزائرية) في الآونة الأخيرة، متحدثة عن غياب شبه كلي للرئيس بوتفليقة الذي عوّد شعبه علي الكلام الكثير بالاضافة الي احتلاله الساحة الاعلامية دون انقطاع .
كما أشارت الصحيفة الي أن اطلالة الرئيس بوتفليقة أمام كاميرات التلفزيون أثناء تأديته صلاة عيد الأضحي الثلاثاء باحد مساجد العاصمة الجزائرية، كانت شاحبة ظهر فيها (بوتفليقة) بسحنة رجل مريض بعينين نصف غامضتين .
ومن مؤشرات القلق علي مستقبل بوتفليقة في السلطة، حسب الصحف الفرنسية، أن أجندته بدت خالية استنادا الي الموقع الالكتروني لقصر الرئاسة الجزائرية الذي لم يضبط أي برنامج كما هي العادة، علاوة علي أن معالم نشاطه الرئاسي لم توضح رغم كثرة الحديث عن ترؤسه أول اجتماع لمجلس الوزراء بعد مرحلة المرض واحتمال تنقله المحتمل للعاصمة السودانية الخرطوم لحضور قمة دول الاتحاد الافريقي.
وذكرت لوفيغارو أن في ظل غياب الرئيس الجزائري، يبقي باب الاشاعة مفتوحا علي مصراعيه علي أكثر من صعيد، ولعل أهمها تلك التي تحدثت عن وجود خليفة فعلي يتمثل في شخص الأخضر الابراهيمي مستشار الأمين العام السابق لهيئة الأمم المتحدة.
وتقر الصحيفة أن هذا ما اجتمع عليه من وصفتهم أصحاب القرار و أصحاب العقد والحل في الجزائر في اشارة واضحة الي قادة الجيش والمخابرات خاصة المتقاعدين منهم التي تري الصحيفة الفرنسية أنهم هم من يصنعون الملوك ، أي من يرشحون الرؤساء.
وقالت لوفيغارو أن رواج تلك الاشاعة دفعت بالاخضر الابراهيمي الي الخروج عن صمته لتفنيدها واعلانه انه يرفض مزاولة أي نشاط سياسي في الجزائر.
أما الاشاعة الثانية، بحسب ذات الصحيفة، فتتعلق باجتماع مفترض جري في المغرب اثناء وجود بوتفليقة في المستشفي بفرنسا، بين اللواء العربي بلخير سفير الجزائر بالمملكة المغربية وقائد الأركان السابق في الجيش اللواء محمد العماري واللواء خالد نزار العدو اللدود لبوتفليقة، حسب الصحيفة.
ولتفسير هذا التحرك المفترض لجنرالات الجزائر، سألت الصحيفة رأي المحامي والرئيس السابق لرابطة حقوق الانسان في الجزائر، علي يحيي عبد النور فأوضح أن لوبيات العسكر بدأوا يتحركون لمعرفة حقيقة مرض بوتفليقة ولكن خارج الدائرة القريبة منه ومحيطه الشخصي مفيدا أن العسكري الوحيد الذي زاره في المستشفي هو اللواء محمد مدين المدعو توفيق رئيس المخابرات الجزائرية.
من جهتها أفردت يومية لوبارزيان الواسعة الانتشار والأكثر شعبية، صفحتين كاملتين لموضوع الحكم في الجزائر ، فضلا عن تخصيص صفحتها الأولي للموضوع من خلال عنوان عريض: من يحكم الجزائر؟ . وأسهبت موفدة الصحيفة الي الجزائر في شرح آخر المعطيات التي باتت تطبع الحياة السياسية في الجزائر، معتبرة أن كل شيء في هذا البلد يسير علي ايقاع خطا بوتفليقة . ومما ذكرته هذه الصحافية أنه رغم ظهور الرئيس الجزائري في صلاة العيد الا انه من الصعب استخلاص الدروس من عودته الي الجزائر.. في بلد تحاك فيه اللعبة السياسية كما هي العادة في الظل ولا تفهم الأشياء فيه الا من خلل استقراء الرموز والايحاءات .
ومثل لوفيغارو ، ذهبت لوباريزيان الي القول ان صمت الموقع الالكتروني التابع لقصر الرئاسة الجزائرية أوحي لمروجي الاشاعة بتفعيل نشاطهم من جديد، فراجت الاشاعات ومنها تلك التي تحدثت عن زيارة مؤكدة لبوتفليقة الي البقاع المقدسة بصحبة كوكبة من الفنانين .
كما نقلت مراسلة الصحيفة معيانتها لنشاط القصر الرئاسي الذي بدا، حسب قولها، خاليا علي عروشه مؤكدة أن الديكور العام حول القصر يوحي بما لا شك فيه أن الجزائر لم تعد محكومة أو لا يحكمها أحد استنادا الي انطباع أحد المسؤولين السابقين.
وأشار المسؤول الذي لم يرد اسمه للصحيفة أن الجنرالات كانوا يعيقون عملنا منددا بـ غياب مركز القرار في البلاد.
ونشرت الصحيفة حوارا مطولا مع زعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (معارضة علمانية بربرية) شجب فيه الوضع السياسي السائد في البلاد، متسائلا عن الواقع الصحي للرئيس بوتفليقة: لو كان الرئيس مصابا بمجرد قرحة في المعدة كما يزعمون، فلماذا لم يعالج في الجزائر؟ . وقال سعيد سعدي الذي كان حليفا لبوتفليقة حتي منتصف سنة 2001 ان نقله (بوتفليقة) الي باريس يشير الي الوضع المأساوي الذي آلت اليه المنظومة الصحية في البلاد ، منددا بعودة الشعبوية الي البلاد و تمجيد الأشخاص في احالة الي الاستقبال الاحتفالي الذي خص به الرئيس الجزائري يوم عودته من باريس، والذي اشرفت علي تنظيمه دوائر في السلطة أثبتت قدرتها علي تجنيد المواطنين، حسب سعدي.
وأوضح سعدي في سياق تعرضه لمعضلة الحكم في الجزائر، أن البلاد تجد نفسها اليوم مشلولة ولا يوجد من يحكمها ، مشيرا أن ثمة لعبة سياسية تدير خيوطها دوائر خفية ، منددا بتضاعف عدد المتسولين في الجزائر العاصمة رغم سعر برميل النفط المرتفع (الاقتصاد الجزائري يعتمد كلية علي مداخيل النفط).
ويستنتج المعارض الجزائري في حديثه للصحيفة الفرنسية أن مشكلة الجزائر تكمن في أن من يقرر ليس هو من يسير، ومن يسير ليس هو من يقرر .
وعرجت لوبارزيان علي مستقبل ميثاق الصداقة بين فرنسا والجزائري المعطل الي اليوم رغم تصريحات الرئيس الفرنسي شيراك ونظيره الجزائري المطمئنة بشأن التوقيع عليه، مشيرة أن ثمة احتراسا من الجانبين فيما يتعلق بحسم المسألة التاريخية.. فبينما كانت السلطات الجزائرية تتطلع الي اعتذار من فرنسا علي جزء من جرائمها ابان الحقبة الاستعمارية، فاجأت السلطات الفرنسية الجميع بقانون يمجد محاسن الاستعمار في شمال افريقيا ومنطقة ما وراء البحار.
تونس والمغرب قلقتان
وعلي خلفية مرض الرئيس الجزائري، أكدت لوبارزيان أن الجارين، تونس والمغرب، قلقان علي مصير الرئيس بوتفليقة، معتبرة أن من شأن رحيله أن يخلق زلزالا في منطقة المغرب العربي.
واوضحت الصحيفة أن ظهور بوتفليقة في صلاة العيد لم يطمئن الجارين ، مستندة الي رجل نافذ في السلطة المغربية من الدار البيضاء، لم يفصح عن هويته، قال ان الأمر لا يتعلق بدفن بوتفليقة قبل حلول ساعته، لكن بات واضحا أن أوزار حرب الخلافة في الجزائر بدأت تدق .
وفي ذات الشأن نقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي تونسي للصحيفة أن للعسكر دوما كلمتهم في الجزائر، اذ بالامكان معرفة من يذهب لكن من الصعب التكهن بالخليفة .
وأبدي مسؤول في وزارة الاعلام التونسية تخوفه للصحيفة الفرنسية من رحيل بوتفليقة من الساحة الدولية والاقليمية، مشيدا بانجازات الرئيس الجزائري الذي فضلا علي كونه استطاع استعادة السلم في بلاده، تمكن من استعادة وجه الجزائر الناصع في المحافل الدولية .
وتسائل مستشار للملك المغربي محمد السادس لنفس الصحيفة حول ما يخفيه موضوع صحة الرئيس الجزائري قائلا هل سيكون في مقدوره تسليم السلطة في الوقت المناسب؟ .
وأضاف المتحدث أن المملكة المغربية لا تعرف مثل هذه المشاكل لأن مسألة انتقال السلطة منقوشة علي الرخام ، في اشارة الي مسألة التوريث المتبعة في الأنظمة الملكية.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
الدبلوماسية المغاربية
جولة عيدية حول الفضائيات العربية…
خميس الخياطي (*)
يوم الثلاثاء الماضي كان يوم عيد الإضحي المبارك أعاده الله علي الإنسانية سلاما في فلسطين والعراق ودارفور والصحراء الغربية وغيرها من بلاد العرب المسقومة. ففيما كانت الأولي السعودية تبث صورا من مراسم الحج حيث الحجيج يرجمون الشيطان، كانت الفضائيات العربية الرسمية الأخري تتغني كل بعيدها، توده أفضل عيد لأفضل مشاهدين . وحتي نكون تخطيطا عن هذا العيد الإسلامي من الزاوية العربية ودون أن نبرح مكاننا ولو لسنتيمترات معدودات، قمنا بسفر من شاشة إلي أخري. وفي سويعات الصباح وأخواتها المسائية، سجلنا ما يظهر عليها دون إعتبار للفوارق الزمنية ولا للجمهور. ومقتطفات هذه الصور لا تعني شيئا بحد ذاته بقدر ما تعني رغبة لدي العبد لله في التحرر من قيود الزمان والمكان والجاذبية العربية…
الجولة نستهلها بما جاء علي تونس سبعة في برنامج نسمة الصباح . هذا البرنامج الصباحي والخفيف كما يدل علي ذلك إسمه إختار أن يتحفنا في ذات اليوم السعيد بحضور إثنين من التونسيين لا نعلم حتي هذه الساعة سبب إستضافتهما وهما الممثلة فريال غراجة والمهرج حاتم بالأكحل…لا أحد منهما يكون وجها إستثنائيا حتي يكون ضيفا إستثنائيا. فريال غراجة وقد مرت بتجربة سيئة في قناة خاصة تونسية أضاعت فرصة الظهور في مسلسلات رمضان وبالتالي حضورها ضحل هذه السنة. أما حاتم بالأكحل، فهو من جيل مهرجي قناة 21 الذين لا يمتلكون خصلة ذات قيمة فنية تجعلنا نفرح لوجودهم ذاك الصباح كما يفرح الطفل بـ فلوس العيد . كان علي الثنائي أن يحاور المشاهدين من تونس وخارجها والذين يقدمون تهانيهم لذويهم… منشط البرنامج، سفيان الشعري، رد علي الإختيار بما معناه: وجدت أبي يأكل هكذا فأكلت . أما معد البرنامج فقد قال من جهته عدينا في البرنامج الكبارات كلهم، فما عادش عنا كبير نعدوه . ففي حين بثت هذه القناة مسرحية ميس الريم الغنائية لفيروز/الرحباني مساء العيد، فإنها في ليلة العيد إختارت أن تعيد بث حفل سجلته قبل العام 2004 وهو حفل تراثي من جنس الحضرة . وكيف ذاك التاريخ؟ لأن في عديد زوايا التصوير يري المشاهد يافطات كبيرة تعلن عن الإنتخابات الرئاسية للعام 2004 حاملة صورة للرئيس بن علي. ألم يكن في وسع المسؤولين عن التلفزة أن يبتعدوا ولو قليلا عن الإسقاطات السياسية في ليلة عيد؟ بين هذا وذاك، أهم الفقرات كانت خاصة بمباريات كرة اليد لجهة إحتضان تونس الكأس الإفريقية لهذه الرياضة. كانت النتيجة 9/2 لصالح تونس وكنت أستمع للمعلق يقول عنا ثقة تامة في الفريق التونسي …
بين السياسة والإحتفاليات كان فعل قناة المستقلة للتونسي الهاشمي الحامدي التي تبث من لندن. وعلي عادتها، جمعت إثنين من المدعوين لمحاورة عنوانها: ما رأيكم، هل أفسدت السياسة أعياد المسلمين؟ (صيغة السؤال ثقيلة). في ذلك الوقت، إتصل عراقي مقيم ببولونيا واصيل بعقوبة ليشارك في الحوار. حينها، قلب الحامدي الوضع ليسأل المتدخل لماذا لم يعد في بلده… فأجاب بأنه طالما هناك إحتلال، فليس بإمكانه أن يعود إلي وطنه ليضيف مع صدام كان الأمن . وأمام إلحاح المعد وصاحب القناة قال: راح صدام وطلع علينا ألف صدام ، فأخذ الحامدي هذا الرأي ليناقشه مع ضيفيه العراقيين… صدام كان (وفي المناقشة نجد وزير الخارجية الفرنسية هوبير فادرين والرهينة السابقة كريستيان شينو والباحث العراقي هشام داود) ضيفا علي التاريخية الفرنسية Histoire في الفيلم الوثائقي صدام حسين، سيد بغداد الذي أخرجه الفرنسي ميشيل فيلارمي في العام 2002 قبل سقوط النظام البعثي. يقول مسؤول شؤون الشرق الأوسط بالإتحاد السوفييتي: كان لصدام سلوك يجعله يحتل الفضاء بالكامل … قيل سابقا أن الطبيعة تكره الفراغ. أزيح صدام، فأمتلا الفراغ بالفوضي التي إشتكي منها أصيل بعقوبة… فماذا يقول العراقيون الآخرون؟
غنائيات عراقية
القنوات العراقية ورغم تكاثرها لم تقدم صورة تعتبر. بثت العراقية لقاء مع الفنان قاسم إسماعيل يقول فيه الغناء لم يعد موجودا الآن في العراق (الغناء فقط؟) والسبب أن الفضائيات روجت للأغنية السريعة والراقصة ولا للجملة الموسيقية الشرقية. تذكر حينها أغاني السبعينيات… وهو الأمر الذي تؤكده الديار ببثها أغنية عراقية مطلعها والله ولا والله/ وعيون سود وحور/ حصن من الله . الغريب في الأمر هو أن خلفية الصورة تبين رسومات جدارية مكتوب عليها بالأنكليزية هارد روك كافي (؟)… البغدادية من جهتها لم تكن علي ذيل القائمة بل كانت تبث في ذات الوقت أغنية أمتش علبير/وكلتش من إيديها/ياربي، كل يوم أدعي عليها/أمتش ولا يوم تتصافي وياي… . تنتهي الأغنية ويعلمنا المنشط أن الرجل العادي يمشي ألفي خطوة في اليوم علي الأقل. لماذا؟ الله وهو أعلم بهذا السر. وتأتي الإعلانات.
واحد منها عن شباب chat وآخر مصري عن التداوي بالقرآن عنوانه شفاء لما في الصدور … الفيحاء إختارت الإهداءات علي الهواء. رجل دين شيعي (القناة شيعية المنحي) يقول: … أهديه إلي الشعب العظيم الذي عاني الكثير ليعيش حياة سعيدة وأول من يستوجب الإهداء فهم عوائل الشهداء وأبناء الشعب العراقي ضحايا الإرهاب ثم تبث القناة علي صيغة الكليب صورا مولفة علي إيقاع سريع بها لوحات عراقية وبنات في طريق المدرسة وأسراب طيور في السماء وتطلع علي الشاشة جملة قلوبنا معك يا عراقنا الغالي … الشرقية إختارت هي الأخري الإهداءات في برنامج شمة هوا . والصيغ التي تمتاز بها هذه القناة وقد علمنا علي ذلك مرارا في هذه الزاوية هي صيغة الكاميرا المحمولة.
نري أحد شوارع بغداد وأناس مجتمعين حول الكاميرا وصحافية تسأل عن إستهلاك العراقي للمقبلات/المكسرات واقتناء كسوة العيد والفلوس المعطاة للأطفال إلخ… ونعود إلي الأستوديو في محاورة هاتفية بين المقدمة ومشاهدة من ذي قار حول وصفات العيد الخاصة… إعلانات عن الشرطة العراقية ومقاومتها الإرهاب بأسلوب الـ كاوبويات ، آخر عن نوعية من السجائر الأمريكية وثالث عن العراق والإرهاب كما لو كانا في مبارات لكرة القدم فتكون النتيجة صفر للإرهاب وإيجابية للعراق. قطع. ويأتي برنامج أنت والمسؤول فتجد حوارا مع رئيس الجمهورية العراقي، تنزل علي زر الريموت كونترول لنستقر علي إيريت تي في . هذه قناة إيريتريا ولم تسنح لي فرصة البقاء بها من قبل. كانت القناة تبث كما فعلت قناة الجماهيرية من قبل صورا لألعاب نارية مرة خضراء وأخري حمراء إلخ مع إهداءات من نوع كل عام وأنتم بخير . إلا أن الليبية كتبت: كل العام والجميع بخير بمناسبة عيد الإضحي … تترقب طويلا ولا تنمحي الصور ولا تهدأ الالعاب النارية، فتختار الإقلاع نحو أرض الكنانة.
مصريون ومغربية
عند نزولك علي المحور، كان الممثل فريد شوقي يلفظ أنفاسه الأخيرة وتعلن شخصية من شخصيات الفيلم الثانوية كل شيء إنتهي ياولاد . يموت فريد ميتته المسرحية فيأتي السؤال: هو فيه حد يقدر يمشي الشغل زيو؟ . وبما أنك تعرف مليا أن لا أحد من أقرانه يجيد تمثيل الموت مثله حتي مات بصحيح وبالتالي لا أحد بمقدوره خلافة ملك الترسو ، تدفع بالـ ريموت كونترول ليأخذك نحو السابعة المصرية. فتقول لك مقدمة البرنامج: تعالوا معنا نشوف فرحة العيد في إقليم الصعيد من خلال فرحة الأطفال. وهناك نلتقي بمحمد وهشام ومهي ورحمة ومروة الذين تسألهم المنشطة عن سبب عيد الإضحي. فتقول طفلة: علشان نذبح البقرة . طفل يقول: هي قصة سيدنا إبراهيم . تقول له المنشطة: إيه هي قصة سيدنا إبراهيم؟ . وتأخذ متاعك نحو الثامنة. هنا كذلك أطفال وحديث عن فلوس العيد وكيف يتم صرفها وحرية الأطفال في صرفها بالشكل الذي يريدونه و ده شكل مهم جدا لانها فلوس جديدة (؟) وتأتي أغنية لمحمد منير من إخراج محمد بكير وصور عن إمرأة وإمرأة وإمرأة، فتطلب الخامسة، علك تجد بها شيئا غير الأطفال. هنا وللمرة الالف تجد الأطفال ولكن مع أسئلة جديدة من نوع إيه رأيك في البحر والشاطئ والأسكندرية؟ وعن إستعمال فلوس الأطفال من طرف الأطفال، تقول صبية : لقد إشتريت بها هدية لعيد الأم ، تفرح المنشطة لتضيف: وأكلت اللحمة؟ … وقبل أن تقول الصبية بأنها أكلتها، تتذكر أكداس اللحم التي شاهدتها من حولك في ذاك اليوم فيأخذك شعور بالغثيان، فتطلب النجدة نحو الثقافية. بها تجد حنان ترك وممثلة أخري تتفرسان في وجهيهما وتمشطان شعرهما أمام مرآة كبيرة. علي الأولي المصرية يبث برنامج هوانا هواكم وحديث عن الفتة والأكل وأذكريني وبين الأطلال ثم المرأة موظفة في بيتها. هي مسؤولة عن مملكتها وهي المسؤولة الوحيدة لو هناك فرد غير مرتاح… هي مرأة موظفة وقاعدة في البيت، موظفة ببلاش. أما المرأة التي تشتغل، فهي عاملة الصبح وعاملة بعد الظهر… وقبل الإنتقال لطرح هذا الموضوع المناسب لعيد مثل الذي أحيينا يوم الثلاثاء الماضي، تأتي رسومات متحركة تدعو الله: كثر يا ربي أعيادنا فتنتقل أنت نحو أحدي القنوات المغربية. فإن كانت الـ دوزيم تبث أغنية حبيتك في الصيف (ونحن في قلب الشتاء) لفيروز لا تؤديها فيروز مع موسيقي مكهربة وجمهور شبابي، فإن الدولية تبث مسلسلا سوريا. أما بيت قصيد ذاك اليوم، فلم يكن لا مع الكويتية ولا الجزائريتان ولا مع بور تي في بل كان مع الرسمية المغربية وبرنامج مختفون الذي أنتجته منذ أسابيع الثانية المغربية وهو عن فتاة إسمها صفاء إختفت عن عائلتها الريفية وظهرت بعد فترة. فما كان من والدها إلا أن أخذها لطبيبة ليتأكد من أن بكارتها لم تفض. وحينما تعلمه الطبيبة بأن الغشاوة موجودة، تنفتح أسارير الوالد وتزغرد الأم كاو صباح والجدة وكل الحاضرات. ويقول الصحافي: تخيلوا لو تعرضت صفاء لإعتداء جنسي؟ ويقول الأب: العذرية مهمة لأنها تجعل يسوي اللي ما يسواش. المجتمع ما يرحمش… دابة الحمد لله . موسيقي وينزل العنوان : تمرد طفلة.
ہ ہ ہ
جملة مفيدة: “الفظاظة هي الشيء الحقيقي لو امتلكنا موهبة ممارستها” . (من سلسلة بافي ضد مصاصي الدماء).
(*) ناقد وإعلامي من تونس
khemaiskhayati@yahoo.fr
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
هل رفعت امريكا الفيتو عن الحركات الإسلامية في الدول العربية؟
د. محمد عجلاني (*)
عندما زار كرومير روزفيللت مدير المخابرات المركزية الامريكية الشرق الاوسط ودرس طبيعة المجتمعات في تلك المنطقة، وصل الي نتيجة حتمية وهي ان الولايات المتحدة تستطيع ان تعتمد علي المؤسسة العسكرية في هذه البلدان لحماية مصالحها ولاستمرارية نفوذها، وذلك لأن افراد المؤسسة العسكرية هم الأكثر قربا ثقافيا من الغرب بحسب طبيعة دراستهم في الكليات البريطانية والغربية، وابناؤهم يسيرون علي نهجهم، وهذا ما يقربهم من طبيعة التفكير الغربية، ورغم قوة التيار الديني والمؤسسات الدينية في مصر الا ان الامريكيين فضلوا التعامل مع تنظيم ضباط الاحرار بقيادة الضابط محمد نجيب، رغم ان هذا الاخير كان مقربا من تنظيم الاخوان المسلمين. وهكذا رأينا الانقلابات تتواصل الواحدة تلو الاخري في العراق وفي سورية بدعم وتغطية امريكية واضحة.
ولكن بعد احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) وقبلها دار حوار ساخن داخل الادارة الامريكية مفاده الي متي سنبقي نعتمد علي القوي العسكرية في هذه المنطقة لحماية مصالحنا وخاصة بعد ان افقرت وجهلت شعوبها مما انعكس سلبا علي الغرب من خلال حوادث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001، وعلي حوادث التفجيرات الاخيرة في لندن، اي بمعني آخر الغرب لم يعد يرغب برؤية هذه الانظمة التي بدلا من ان تحمي مصالحه اصبحت تفرخ له ارهابيين يضربونه في عقر داره، ولن يبقي السؤال المطروح من له مصلحة في الحوار مع التيارات الاسلامية التي اصبحت اقوي تنظيما من غيرها في المجتمعات العربية، وخاصة بعد اندثار القوي العلمانية والطبقة المثقفة.
لقد وجدت امريكا بعد ان قامت بدراسة للمجتمعات العربية وتعرضت علي اتجاهاتها الاسلامية المتعددة، ان تنظيم الاخوان المسلمين ما زال له نفوذ قوي داخل هذه المجتمعات، وان الحوار مع قادته بعد ان يغيروا لهجة خطابهم السياسي والجهادي ممكن. ويستخدم هذا الحوار كمرحلة اولي بمثابة فزاعة لهذه الانظمة. وما الغزل الامريكي الحاصل مع تيار الاخوان المسلمين في مصر الا بداية لتعميمه علي جميع المجتمعات العربية، وما زيارة نادية ياسين ابنة الزعيم الديني المغربي الشيخ عبد السلام ياسين الي امريكا وتصريحها من هناك بأن نظام الملكية لم يعد يناسب المغرب! الا كمؤشر وكدليل علي هذا التوجه الامريكي الجديد.
يبقي بالطبع هناك تيار قوي صهيوني داخل الادارة الامريكية سيعرقل وسيمنع تقدم مثل هذا الحوار لأن اسرائيل تري في الحركات الاسلامية ووصولها الي الحكم في الدول العربية بمثابة اعتداء صارخ علي امنها مهما كانت درجة الاعتدال لهذه الحركات، وهي لا تنسي ان اول الجحافل المقاتلة في فلسطين 1948 كانت من المسلمين. وان الشيخ عز الدين القسام من جبلة هو اول من ادخل التنظيم الجهادي المسلح الي فلسطين.
لكن الادارة الامريكية تنظر قبل كل شيء اولا واخيرا الي مصالحها، واصبحت معتقدة انه يمكن ايجاد نموذج اسلامي سني في البلاد العربية شبيه بالمثال التركي، الامر سيستغرق بعض الوقت، لكن امريكيا لم يعد يهم واشنطن المدافعة عن انظمة لم تعد تتأقلم مع التوجهات الامريكية الجديدة.
النظام في دمشق، اصبح يعي هذه المعادلة، وهناك اتجاه داخل الفريق الحاكم اجراء حوار ولو بشكل غير مباشر مع تيار الاخوان المسلمين وهم يصورون تماما بان النموذج المصري قابل للتطبيق في سورية، وحتي يقطعوا الطريق علي واشنطن وافهامها بانهم ادركوا طبيعة التوجه الامريكي الجديد ستسمع عن حوار ربما يحصل بين اطراف النظام وجماعة الشيخ البيانوني رغم هذه الحملات الاعلامية المستمرة، ورغم قانون الـ49، وهناك في الادارة الحاكمة السورية من يفضل ان يتم تغطية لهذا التيار سوريا بدلا من انتظار قدومهم بقطار امريكي.
لقد وصلت امريكا الي قناعة انه مهما دارت ولفت، فالتيار الاسلامي قوي ومترسخ داخل المجتمعات العربية رغم كل الضربات التي تعرض لها، حتي داخل الاحزاب العلمانية هناك اشخاص لهم ميول دينية كعبد العزيز بلخادم الرجل الثاني في حزب جبهة التحرير الجزائرية وأحد المؤيدين وبشدة لولاية ثالثة للرئيس بوتفليقة ويقال انه احد الذين يستمع اليهم الرئيس بوتفليقة فيما يخص الشأن الاسلامي الجزائري. وينسق معه كثيرا في هذا المجال.
اذن لقد شهدنا في الخمسينات وصول العسكريين الي الحكم، فلا نستغرب اذا شهدنا في مطلع الالفية الثالثة تبوؤ اسلاميين مراكز قيادية عليا في الدول العربية.
ہ كاتب من سورية يقيم في باريس
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
الحركة الإسلامية: هل تكون الشريك الرئيس في التحولات الجارية؟
صعود السياسات الاسلامية الجديدة: التعددية والتحديات والديموقراطية
(*)
إيران، وحماس، والأخوان المسلمون… وإنكار «المحرقة»
خالد الحروب (*)
إنجرّ خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، ومن بعده مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر، الى ترديد موقف الرئيس الإيراني أحمد نجادي إزاء إنكار المحرقة وما قام به هتلر ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، أو إنكار عدد اليهود الذين تعرضوا للإبادة آنذاك. لا مصلحة لحماس أو الفلسطينيين، ولا للإخوان أو العرب، ولا لإيران أو المسلمين في التورط في هذه المعركة الدونكيشوتية الخاسرة بداية ونهاية. المحرقة جريمة أوروبية بحق يهود مدنيين ويجب أن تدان أخلاقياً وإنسانيا وإسلامياً حتى لو كان عدد ضحاياها ستة يهود وليس ستة ملايين يهودي. وعندما ندينها بالفم الملآن فنحن ننحاز لكل ما هو إنساني وأخلاقي وحضاري في داخلنا، ولا يترتب على ذلك أي إقرار لإسرائيل أو للحركة الصهيونية بأي تنازل على مستوى فلسطين. ليس هناك علاقة بين المحرقة وصراعنا مع إسرائيل.
الكتابة حول هذا الموضوع معقدة وربما تكون مغامرة غير محمودة العواقب، وكثيراً من ينتج عنها سوء الفهم والإتهام، و»الأسلم» ربما يكون في الإبتعاد عنها، أو مماشاة ما هو سائد. لكن إذا إرتأى كل مثقف أن يبتعد عن الخوض في أي موضوع قد يسبب له صداعاً، ويثير حنق البعض عليه أو يصدمهم، فإنه يتورط في عملية خداع واسعة النطاق. ويتخلى عن الشجاعة والجرأة التي يجب أن تكون منطلق طرح أفكار ليس همها إنتزاع التصفيق والتهليل، بل التأمل والتفكير والمساهمة في خلق وعي أعمق وأكثر نضوجاً إزاء القضايا المطروحة علينا.
المسألة المركزية المؤسفة في الأدبيات العربية كما في خطاب الخلط والتردد والضبابية لدى إيران، والإخوان، وحماس عند تناول موضوع المحرقة هو الربط العملي رغم أنه غير مقصود بينها وبين قيام دولة إسرائيل. أي أنه بسبب المحرقة وبشاعتها صار قيام إسرائيل مقبولاً ضميرياً وعالمياً، وهكذا فإن الثانية أكتسبت شرعيتها عملياً من حدوث الأولى. هذا الربط غير منطقي وغير حقيقي من ناحية تاريخية، رغم أنه استثمر بشكل بشع في وقت لاحق، وهو ما تريده الصهيونية عموماً. وتعاملنا مع فكرة المحرقة وموقفنا منها يجب أن يكون في معزل عن موقفنا من إسرائيل. وعوض الإنخراط غير الواعي في مسألة إنكارها، فإن الأفضل والأدعى إنسانياً هو كسر إحتكارها ورفض قصر فكرة «الهولوكوست»، أو حدوث الإبادة البشرية، على المحرقة اليهودية، لأن هناك مجازر إرتكبت بحق البشر لم تحظ بعشر الإهتمام الذي حظيت به المحرقة من دون التقليل بمستوى فظاعتها. في حرب فيتنام يتراوح تقدير من قتلهم الأميركيون بين مليونين إلى خمسة ملايين من الفيتناميين الأبرياء خلال الحرب هناك. في كمبوديا قضى بول بوت والخمير الحمر على أكثر من ثلاثة ملايين كمبودي في حقبة السبعينات. وقبل ذلك كله، مات ملايين من الأفارقة العبيد خلال شحنهم إلى «العالم الجديد» عبر آلاف الرحلات البحرية وكان يلقى بهم في البحر لاسماك القرش بسبب المرض أو «عدم الصلاحية». المطلوب هو توسعة رقعة فكرة رفض «الهولوكوست» وليس إنكاره، لأن في التوسعة تعميق للإنسانية، وفي الإنكار تسطيح لها.
المحرقة جريمة غربية ضد يهود أوروبا راح ضحيتها ستة ملايين إنسان بريء، وتمت خلال سني الحرب العالمية الثانية في أربعينات القرن الماضي، حيث أحرق اليهود بأوامر من هتلر في محارق أعدت خصيصاً لذلك. هتلر كان عنصرياً بإمتياز وكان مؤمناً بتفوق العنصر الآري على بقية الأجناس. وكان يحتقر اليهود والسود والعرب والغجر والمسلمين وكل من وما هو غير آري. ولو كان في ألمانيا وأوروبا ملايين من العرب والمسلمين خلال تلك السنوات، كما هو حالياً، لتعرض هؤلاء ايضا لمحارق شبيهة. والذين يقللون من عنصرية هتلر أو من فداحة ما قام به ضد اليهود يبررون بشكل غير مباشر كل العنصريات المُدانة التي يعاني منها عرب ومسلمو وملونو أوروبا هذه الأيام في أكثر من بلد.
أما الجدل حول «قدسية» التفكير في المحرقة والرفض الغربي المتوتر أي بحث علمي يريد التشكيك في حدوثها، بل إخضاع ذلك التشكيك للمسائلة القانونية فهو جدل مشروع، رغم أن عقدة الذنب الأوروبية تفسر الكثير من ذلك التوتر. ففي عالم نزع فيه العلم القدسية عن كل كل شيء تقريباً بما في ذلك الميتافيزيقيات التاريخية الكبرى يؤدي إستثناء البحث في المحرقة إلى الحنق وتعزيز العنصرية أكثر مما يؤدي إلى محاصرتهما. وبكل الأحوال ليس العرب والمسلمون هم الطرف المؤهل لخوض هذا الجدل، كما أنه لا يفيدهم لا سياسياً ولا أخلاقياً. ففي نهاية المطاف ينحصر السجال في هذه المسألة في الفضاء الأوروبي المتورط التاريخي في هذه الجريمة الإنسانية التي يتحمل وزرها إبتداء. والتطوع العربي الإسلامي الساذج لنقل ذلك الوزر من أوروبا إلى الشرق العربي هو بإختصار تفاهة سياسية مجموعة إلى إنحطاط أخلاقي وهي في المنتهى كمن يلطم نفسه.
إذاً، ثمة ثلاث نقاط أساسية يجب أن تصوغ الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي المطلوب من المحرقة خصوصاً أنها مرتبطة في الذهنية اليهودية والإسرائيلية والغربية والعالمية شئنا أم أبينا بإسرائيل وقيامها:
النقطة الأولى هي الإصرار على التمسك بإنسانيتنا عند النظر إلى عذابات الآخرين، حتى لو كانوا عدونا الراهن. فالإعتراف بما واجهه «معذبو الأمس» من قبلنا نحن «معذبو اليوم» فيه إنتصار للجوهر الإنساني فينا. وفيه إستعلاء ضميري على منطق الصراع السياسي الآني، بحيث لا يمحي جوهرنا أمام ضغط اللحظة الراهنة.
النقطة الثانية هي أن إغتصاب فلسطين ثم قيام إسرائيل سنة 1948 ليس نتيجة مباشرة للمحرقة، وليس هناك علاقة سببية بين الحدثين، فالحركة الصهيونية العالمية كانت قد تأسست في أوخر القرن التاسع عشر، أي بنصف قرن على أقل تقدير من حدوث المحرقة، وكان هدفها إقامة فلسطين. الشرعية التي تُضفى على إسرائيل بسبب المحرقة شرعية لا أساس تاريخي لها، لأن مشروع إغتصاب فلسطين سابق على المحرقة. الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي والإنساني الشريف يجب أن يفصل بين الحدثين، ويرفض أي شرعنة للعلاقة بينهما. وعندما نفصل بين الحدثين نكون في موقع أكثر وضوحاً إزاء المحرقة ذاتها، ولا نشعر بالحرج بإعترافنا وبتنديدنا بها. لأن الإعتراف بها وإدانتها كجريمة إنسانية مروعة لا يتضمن الإعتراف بشرعية قيام إسرائيل على أنقاض فلسطين. أما الذين يصرون على الربط بين الحدثين وتوثيق شرعية قيام إسرائيل بحقيقة أو عدم حقيقة حدوث المحرقة فإنهم يورطون أنفسهم في موقف مربك مُضاد لما ينادون به. ففي حال فشلوا في إثبات عدم حدوث المحرقة وبانت لهم بأنها واقعة تاريخية فإن معنى ذلك هو التشريع التاريخي والضميري لقيام إسرائيل.
النقطة الثالثة هي أن إنكار المحرقة من جانب الفلسطينين والعرب والمسلمين يُسعد إسرائيل والحركة الصهيونية ويوفر لهما سلاحاً رائعاً للإستخدام وهو سلاح الظهور بمظهر الضحية. إسرائيل تريد أن تظل «الضحية الرقم واحد» في العالم, وتريد أن تديم إستثمار المحرقة للأبد. إنكار المحرقة يعني أن هناك «أعداء متجددين ضد الجنس اليهودي» جاهزون للقيام بمحارق جديدة ضد اليهود, وهذا يستدعي مناصرة العالم ورعايته لإسرائيل دوماً وأبداً. إسرائيل ولوبياتها في العالم تنجح في إثارة الفزع العالمي كلما فتح أحد فمه ضد المحرقة. ليس هدفها الدفاع عن حدوث المحرقة والمكوث في الماضي بقدر ما هو الحرص الذكي على تجديد التأييد الراهن وضمان المستقبل. الإعتراف بالمحرقة يقطع الطريق على هذه الممارسة الدائمة، ويساعد على الفصل المطلوب بين المحرقة وإسرائيل. يهود المحرقة ضحايا أرتكبت بحقهم جريمة إنسانية فظيعة، أما الإسرائيليون فهم مجرمون متغصبون ولا يحق لهم بأي شكل من الأشكال الزعم بأنهم ضحايا. كل ما نكسبه من وراء التصريحات العنترية بإنكار المحرقة هي توجيه مزيد من التأييد العالمي لإسرائيل.
تسعد إسرائيل ويسعد ساستها عندما يصرح قادة حماس أو الأخوان المسلمون أو إيران أو أي عربي أو مسلم منكراً حدوث المحرقة, أو متبنياً لخطاب معاد لليهود كأتباع ديانة أو لليهودية كدين. لأن ذلك كله يؤكد ما تتبناه دعايتها في كل مكان أن الفلسطينين والعرب والمسلمين يريدون إبادة اليهود، على عكس ما يحصل في الواقع في فلسطين. في المقابل سوف ترتبك إسرائيل وساستها وكل لوبياتها عندما يختفي الخطاب الساذج والمسطح الذي يتفوه به بعض الزعمات بل وحتى المثقفين إزاء المحرقة أو اليهود عموماً. تخيلوا ماذا كان بإمكان الخطاب الرسمي الإسرائيلي أن يقول لو أن خالد مشعل أو مهدي عاكف كان قد صرح إننا ضد ما حدث بحق اليهود في أوروبا، وبالتأكيد ضد المحرقة لأن ديننا يحظر إبادة الأبرياء بغض النظر عن دينهم وجنسهم وعقيدتهم، وأن من راحوا ضحية تلك المحرقة لا علاقة لهم بجلادي إسرائيل ووحشيتها التي نعاديها ونناضل ضدها، وأن الصهيونية لا يحق لها أن تستثمر موتهم البشع كي تجلب الموت والدمار لشعب بريء!..
(*) كاتب واعلامي اردني / فلسطيني – كمبردج (بريطانيا).
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
حماس تقترب من منطقة الخطر السياسي
د. بشير موسي نافع (*)
حماس هي أكبر القوي الفلسطينية الإسلامية، وهي قوة وطنية رئيسية. وقد باتت حماس المنافس الوحيد لحركة فتح، ولقيادتها الحركة الوطنية الفلسطينية، المستمرة بلا انقطاع منذ 1968. برزت هذه المنافسة في الانتخابات البلدية الفلسطينية التي جرت علي امتداد عام كامل، وتبرز اليوم في الاستعدادات الجارية للانتخابات التشريعية في الضفة والقطاع، وهي الانتخابات التشريعية الثانية في ظل السلطة الفلسطينية. وكانت حماس قد قاطعت الانتخابات التشريعية الأولي في 1996، علي أساس ان الانتخابات تجري في إطار اتفاقية أوسلو التي عارضها الإسلاميون الفلسطينيون، ورفضوا ما يترتب عليها من تقييد لحق المقاومة والتنازل عن حقوق فلسطينية تاريخية. ولكن حماس، التي ازدادت قوة ونفوذاً وشعبية خلال السنوات العشر التالية، أعلنت قبل شهور قليلة عزمها المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة. وليس ثمة من مشكلة في مشاركة حماس في الانتخابات، المشكلة هي في الإشارات المصاحبة لهذه المشاركة.
الذين يعيبون علي حماس قرار المشاركة يرون أن لا شيء قد تغير في شرعية السلطة والنظام المنبثق عنها. إن كانت السلطة في التسعينات هي نتاج اتفاق أوسلو، فالسلطة في 2006 لم تزل تدين في وجودها الهش والمتضائل إلي الاتفاق ذاته. ودخول المجلس التشريعي هو قبول ضمني بأوسلو، تماماً كما قدرت حماس في رؤيتها للانتخابات التشريعية الأولي. وهذا بالطبع أقرب إلي المنطق التبسيطي، وإلي التعامل مع السياسة باعتبارها معادلة صفرية دائمة. أولاً، لأن السلطة الفلسطينية أصبحت أمراً واقعاً متقادماً، بل ان وجودها بات يتعارض في وجوه عدة مع المصالح الإسرائيلية.
ثانياً، لأن السياسة هي في أساسها المصلحة وليست طقوساً ثابتة مقدسة. ربما كانت المصلحة في منتصف التسعينات هي في عدم المشاركة، ولكن الواضح بعد تجربة السلطة الفلسطينية، قبل وبعد اندلاع الانتفاضة الثانية، ان هناك مصالح للناس وللقضية الوطنية يمكن تحقيقها من خلال المشاركة في الانتخابات والعمل من خلال المجلس التشريعي الفلسطيني، ضمن وسائل أخري. وثالثاً، لأن قوة فلسطينية شعبية رئيسية، تمثل قطاعاً واسعاً من الشعب، لا يمكن ان تستنكف عن التعبير عن حاجات للناس يصعب تحقيقها بدون علاقة ما بأجهزة النظام الذي يحكمهم. ان قدراً كبيراً من تعامل السلطة الفلسطينية مع القضية الوطنية يتم بسرية، وبتغييب للموقف الشعبي، كما تعاني أجهزة السلطة من سيطرة الهم الأمني، الفساد، استباحة المال العام، والمحسوبية. وقد يساعد التمثيل البرلماني الفعال في مواجهة هذه التوجهات والسلوكيات، لاسيما ان المجلس التشريعي الفلسطيني أثبت في مناسبات عديدة انه ليس مؤسسة مدجنة، بالرغم من
ضعف تمثيل قوي المعارضة في المجلس.
المشاركة في الانتخابات، والتمثيل البرلماني، ليس مشكلة. المشكلة هي من نوع آخر. ثمة إشارات متزايدة من قادة في حماس تبدي استعداداً لدخول الحكومة الفلسطينية، بل لقيادة الحكومة إن نجحت حماس في حصد أكثرية مقاعد المجلس التشريعي. وهناك إشارات أخري علي الاستعداد لإجراء مراجعة للسياسات، لاسيما والوضع الفلسطيني يواجه حملة ضغط هائلة من الحكومة الإسرائيلية، الإدارة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، تستهدف الضغط علي حماس لتغيير أهدافها الاستراتيجية والتخلي عن السلاح، أو منعها من المشاركة في الانتخابات.
ليس من الواضح حتي الآن إن كانت الانتخابات الفلسطينية ستعقد بالفعل في موعدها المقرر في الخامس والعشرين من هذا الشهر، أو ان الرئيس الفلسطيني سيخضع لضغوط الداعين إلي التأجيل. ثمة من يخشي من ان تؤدي الانتخابات إلي تقويض مستقبله السياسي. وهناك من يخاف تداعيات الصعود السياسي المتوقع لحماس علي مجمل الوضع الفلسطيني، وعلاقات السلطة بالأوروبيين والأمريكيين. وهناك خلاف متزايد في صفوف قيادات وكوادر فتح حول ما إن كان عقد الانتخابات الآن سيكون في صالح فتح أو حماس. وحتي إن عقدت الانتخابات، فليس من الواضح حتي الآن إن كانت السلطة ستلتزم بحيادية قاطعة أم لا، وما إن كانت فتح ستستطيع الحفاظ علي الاكثرية البرلمانية أم انها ستتعرض لهزيمة انتخابية علي يد حماس. ولكن دخول حماس الانتخابات باعتبارها الطريق إلي الحكم والسلطة، وليس فقط التمثيل القوي والضروري في المجلس التشريعي، سيترتب عليه متغيرات هامة في سياسة واستراتيجية، وخطاب حماس. وهذا ما سيترك تأثيره علي مجمل الساحة الوطنية الفلسطينية، وعلي الساحة العربية الإسلامية.
إن من المستحيل احتلال موقع تنفيذي وممارسة دور فعال في المقاومة الفلسطينية في آن واحد. قد لا يؤدي هذا إلي تخلي حماس الكامل عن السلاح، ولكنه سيؤدي بالتأكيد إلي تغيير في دور ووجهة هذا السلاح. وستصبح حماس مسؤولة مسؤولية مباشرة عن العملية التفاوضية وما ينجم عنها، تماماً كحركة فتح، في وقت تزداد المؤشرات علي أن العملية التفاوضية تحولت إلي استقبال فلسطيني سلبي لقرارات إسرائيلية أحادية، وأن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة سيتوقف طويلاً بعد الانسحاب الجزئي من قطاع غزة. بكلمة أخري، ستوفر حماس بشراكتها في السلطة للمرة الأولي منذ بدء التحول في سياسة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح في منتصف السبعينات من القرن الماضي، غطاء فلسطينياً شبه إجماعي لحركة تسوية سياسية للقضية الفلسطينية لا تحقق الحد الأني من الحق الفلسطيني التاريخي.
كانت المطالبة الفلسطينية الوطنية في منتصف السبعينات باعتبار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني منعطفاً بارزاً في تاريخ القضية الفلسطينية. وقد أقرت القمة العربية حينها المطلب الفلسطيني، تمهيداً للتخلي العربي الرسمي الضمني عن المسؤولية تجاه الصراع علي فلسطين، وفتح الطريق أمام منظمة التحرير للمشاركة في عملية التسوية وتحمل أعباء التفاوض والتنازلات المتوقع فرضها للتوصل إلي حل تفوضي. لم يكن الخيار الذي ذهبت إليه منظمة التحرير في منتصف السبعينات هو الخيار الوحيد المتاح. صحيح ان عجلة التسوية دارت بعد حرب تشرين الأول (اكتوبر) 1973 كما لم تدر من قبل منذ انفجار الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
وكان لابد استكشاف ما إن كانت التسوية ستحقق للفلسطينيين ولو جزءاً من مطالبهم وحقوقهم الوطنية. ولكن أصواتاً هامة في الساحة السياسية الفلسطينية جادلت يومها بأن من المصلحة الفلسطينية والعربية ان يترك شأن التفاوض والتسوية للدول العربية التي كانت تتمتع بالسيادة علي، وتتحمل بالتالي المسؤولية القانونية عن، الضفة والقطاع قبل 1967. لتحاول الدول العربية إنجاز ما يمكن إنجازه عن طريق التفاوض، علي ان تتفرغ القوي الوطنية الفلسطينية لمقاومة الاحتلال والنهوض بتنظيم ودعم قوي الشعب الفلسطيني في المهجر وتحت الاحتلال. إن استطاعت المفاوضات استعادة الضفة والقطاع، فذلك خير، ولا يهم أن تكون تلك الاستعادة باسم الأردن ومصر أو باسم منظمة التحرير الفلسطينية. ولكن شيئاً من عواقب التفاوض والتسوية لن يلزم الفلسطينيين بأي حال من الأحوال. هذا، فوق ان الموقف العربي التفاوضي في حال تعهد الدول العربية بعملية التفاوض سيكون أقوي بكثير من ترك الفلسطينيين لتحمل أعباء العملية السياسية.
لم تستمع القيادة الوطنية الفلسطينية لتلك الأصوات، التي أثبتت مجريات التاريخ انها كانت بالفعل علي حق. وقد أوصل طريق الممثل الشرعي والوحيد الفلسطينيين إلي الوضع الكارثي الذي وصلوا إليه، بعد ان تم الاستفراد بالجانب الفلسطيني، وتخلت أغلب الدول العربية عن لعب دور فعال في الشأن الفلسطيني، طالما ان الفلسطينيين يتحملون مسؤولية القرارات المتعلقة بمصيرهم. وما يحدث اليوم يبدو شبيهاً بما حدث منذ النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي.
فمنذ اندرجت منظمة التحرير الفلسطينية في عملية التسوية، لم تنجح قرارات التفاوض والتسوية المتعددة في الحصول علي دعم إجماعي فلسطيني. وما ان تأكد صعود التيار الإسلامي الفلسطيني في مطلع التسعينات حتي أصبح واضحاً ان قيادة منظمة التحرير تفاوض باسم قطاع من الفلسطينيين وليس كلهم. بل ان البعض ذهب إلي ان اتفاقية أوسلو وقعت أصلاً في لحظة اتفاق مضمر بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي علي محاصرة الصعود الإسلامي الفلسطيني. ولكن، وبدلاً من ان تساعد اتفاقية أوسلو القيادة الوطنية علي حشد الفلسطينيين من خلفها، فقد فاقمت من حدة الانقسام الوطني الفلسطيني. رفض الإسلاميون اتفاقية أوسلو وما تمخض عنها، بينما تخلت قيادة السلطة موضوعياً عن تمثيل فلسطينيي المهجر، بل وهمشت منظمة التحرير الفلسطينية التي وقعت أوسلو باسمها والتي يفترض ان تمثل جميع الفلسطينيين، في الضفة والقطاع وفي المهجر. ولم يستعد قدر من التماسك الوطني القلق إلي الوضع الفلسطيني في الضفة والقطاع إلا بعد اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول (سبتمبر) 200، وانحياز عرفات وقطاع كبير من فتح إلي الحركة الشعبية.
إن تكلفة دخول حماس السلطة وتحملها أعباء العملية السياسية هي أكبر بكثير من المكاسب المتوقعة من مثل هذه الخطوة الفادحة. إن كان هناك من شيء لا تزال عملية التفاوض تعد به، فلتترك القيادة الوطنية لتحقيقه، بدون ان تتحمل عواقبه المتوقعة القوي والتيارات وقطاعات الشعب الفلسطيني كافة. لماذا يوضع كل البيض الفلسطيني في سلة عملية غامضة الأفق، ما اتضح منها حتي الآن لا يبعث علي الاطمئنان؟ حتي في الجانب الإسرائيلي، حيث دولة كاملة السيادة، وجدت قوي معارضة رفضت وترفض القبول بالتسويات التي تم التوصل إليها مع الجانب العربي. ولماذا تقوم قوة إسلامية رئيسية بتوريط كل التيار الإسلامي العربي في سياق تسوية لا يمكن للضمير الإسلامي الموافقة عليها، حتي وإن فرضت بقوة اختلال توازن القوي؟
مشكلة الإسلاميين المتكررة في الساحة العربية هي الحركة السياسية المتوازنة والاقتراب من الطبيعة المركبة للعمل السياسي. وقد أصبح الانتقال بين الراديكالية أو التطرف، من ناحية، والتفريط والتهاون، من ناحية أخري، ظاهرة عربية إسلامية بامتياز. ثمة موقع، أو حتي مواقع، بين الاستقطابات السياسية. حماس تقترب الآن من دائرة الخطر، وعليها ان تفكر ملياً قبل أن تخطو خطواتها المقبلة. فلسطينياً، ليس هذا زمن الحكم وتوزيع المكاسب بعد.
(*) كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 جانفي 2006)
سورية: نخبة حاكمة تنهار ونخبة ثقافية تصعد!
ميشيل كيلو (*)
يمر الوطن العربي في حقبة تتسم بانهيار وتداعي النخب الحاكمة وتبلور وصعود نخب بديلة، أبرزها اليوم النخب الثقافية، التي تمهد الأرض أمام تغيير ينشده المواطن، وتتلمس شروطه وإمكاناته وسبله، ويرجح أن يظهر من صفوفها بعض ممثلي البديل السياسي القادم، بالنظر إلي حجم انخراطها في فعل التغيير من جهة، وإفلاس التيارات الأيديولوجية، التي عرفها التاريخ العربي الأحدث من جهة أخري، واتسمت بالشمولية القومية أو الاقتصادية/ الاجتماعية، وتبين مع الوقت عجزها عن إنجاب بديل من داخلها، لعجزها عن تجديد نفسها بما يتناسب مع الواقع العربي والدولي الجديد، كما تؤكد تجربة البعث، التيار الأيديولوجي الشمولي القومي والاجتماعي في آن معا، الذي يظهر اليوم عجزه الفاضح عن تجديد نفسه، رغم اعتراف قياداته بحاجته الملحة إلي ذلك.
بالانتقال من العام إلي الخاص، من تجربة العرب التاريخية الحديثة إلي تجربة البعث في سورية، يلفت نظرنا تداعي النخبة الحاكمة، الذي يكتسب طابعا مميزا وخطيرا، لكونها لا تنهار كنخبة حاكمة وحسب، بل كنخبة مالكة وعارفة أيضا، حولتها سنوات حكمها الأربعون إلي مجتمع سياسي مثلت قياداتها نواته الصلبة، التي ضمت إليها قوي مجتمعية واقتصادية مختلفة، لكن مصالحها شرعت تبعدها عن طريقة هذه النخبة في إنتاج الثروة وتوزيعها، وتاليا في إدارتها وتملكها، بينما انفكت عن المجتمع العام، مجتمع المواطنين، وفقدت صلاتها به إلي الحد الذي يجعلها غريبة عنه في كل شيء: من أسلوب التفكير إلي أسلوب العيش إلي أسلوب الاستهلاك إلي أسلوب التخاطب والتواصل … الخ. مهما يكن من أمر، فإن تداعي النخبة الحاكمة السورية هو واقعة تؤكده الحقائق الثلاث التالية:
1 ـ عجزها عن تطوير بدائل بمعونة أيديولوجيتها ونظامها الأيديولوجي للواقع المأزوم، الذي أنجبته خلال انفرادها بالسلطة والحكم طيلة فترة تشكل القسم الأكبر من تاريخ سورية المستقلة الحديث، انتهت أولا إلي أزمة وطنية غير قابلة للحل عبر سياسات سلطة علي قدر من الضعف يحول دون استعادة الجولان المحتل بالتفاوض مع العدو الإسرائيلي أو بالحرب ضده، وثانيا إلي أزمة اجتماعية/ اقتصادية، معرفية وثقافية أثبتت النخبة الحاكمة أنها ترفض النظر إليها كأزمة، وتعتبرها وضعا طبيعيا تشوبه عيوب ونواقص وحسب، كما ترفض أن تري فيها نتاجا طبيعيا وحتميا لأبنية النظام، يستحيل التخلص منها بأساليبه ومناهجه، التي تسببت بها، مثلما يستحيل التخلص منها دون التخلص منه، ودون استبداله بنظام جديد، مغاير له ومختلف عنه، تقاتل النخبة الحاكمة ضد تكون مقدماته ومستلزماته، وتعتبر العمل لها ضربا من مؤامرة خارجية علي الوطن، الذي تفهمه بطريقة تضفي عليه طابعا يجعله متماهيا مع النظام .
2 ـ عجزها عن فهم متغيرات العالم وتطوير مناعة معينة ضدها أو تكييف نفسها معها، وعجزها عن مواكبة ما يجري علي الأصعدة السياسية والاقتصادية والعلمية/ التقنية والاجتماعية والثقافية العالمية، وتصميمها علي إبقاء سورية بلدا خارج العام، لاعتقادها أن غربته عنه هي سبيلها إلي الحفاظ علي سلطتها وحكمها، بينما يعني انخراطها فيه وتأقلمها معه انهيارها الحتمي. ومع أن المتغيرات المقصودة ليست من طبيعة سياسية بالضرورة، فإن النخبة السورية الحاكمة تصر علي إضفاء طابع سياسي عليها، وإلا كان من الصعب تحويلها بدورها إلي مؤامرة إمبريالية، وتكريس مفهوم للوطنية مضاد لها، يعتبر النظام والوطن شيئا واحدا، ويري في المطالبة بالتغيير أو بمراعاة جديد العالم خيانة وطنية.
3 ـ عجزها عن قبول ما حدث في سورية من مستجدات، أهمها بروز معارضة تضم أطيافا سياسية واسعة ومتنوعة، وعن الاعتراف بوجود هذا الجديد في الواقع، ورفضها التعامل مع الواقع كما هو، وتمسكها بصورة واقع أيديولوجي فات زمانه، ولم يتحقق في أي وقت، ولم يعد له سند في المجتمع، نشأ ويستمر بقوة أجهزة القمع وسياسات السيطرة علي الثروة وإنتاج المعرفة واحتكار القوة، التي تمارس ضد المواطن بطريقة تنفي وجوده، وتنكر ما يترتب عليه من حقوق سياسية ودستورية.
ترفض النخبة الحاكمة الاعتراف بالواقع السياسي، وترفض نهج الإصلاح، رغم أن المعارضة قدمت برنامج مصالحة وطنية يتخطي قضية السلطة ويعطي الأولوية للعمل علي حل مشكلات وأزمات البلد، التي أنتجها النظام وحده، علي أن تتم المصالحة ويبدأ حل الأزمات انطلاقا من أسس في العمل العام مختلفة عن الأسس التي أرسي البعث نظامه عليها، تتعين بمعونتها حلول المعضلات الراهنة: من مشكلة البطالة،إلي مشكلة التنمية، إلي مشكلة التعليم والقضاء والإدارة،إلي مشكلة التصدي الناجع للأخطار الداخلية، المهددة للوحدة الوطنية، والخارجية، المهددة للوطن، التي ستتعامل القوي السياسية والمجتمعية السورية معها باعتبارها قوي وطنية متحالفة متفاهمة، وليست أطراف سلطة ومعارضة متصارعة.
رفض النظام حتي مناقشة هذا البرنامج، رغم أنه امتنع إلي اللحظة عن تقديم برنامج يجسد رؤيته هو للتغيير وامتنع عن نقد برنامج المعارضة ورفض إبداء أية ملاحظة عليه، واكتفي رئيسه بشار الأسد بحديث أورده في آخر خطبة ألقاها يزعم أن المصالحة تتم بعد حروب أهلية، وان سورية ليست قبائل متقاتلة حتي تتم فيها مصالحة وطنية !. واليوم، تدور البلاد في دائرة مفرغة، يحاول نظامها إبقاءها فيها بمساعدة سياسة ابتزازية تعتبر المعارضة خيانة محتملة، والاعتراض خيانة مؤكدة، والنضال السلمي،التدرجي والآمن والبطيء والمدروس، من أجله خيانة عظمي، بينما تعلن لنخبة الحاكمة عزمها علي إبقاء كل شيء كما هو، من أجل رد المؤامرة الأميركية علي الوطن، مع أن السوريين يعرفون أن نظامهم يحمّل بلدهم أزمة وطنية، وأزمة غربة عن العصر، وأزمة استبداد في الداخل وتخبط في الخارج، ويخشون أن يؤدي تمسك النظام بأوضاعه الراهنة إلي جعل هذه الأزمات من طبيعة مستعصية.
تتمسك النخبة الحاكمة بوضع يعمق أزمات النظام القديمة وينتج أزمات جديدة تدفعه أكثر فأكثر إلي الهاوية، جسدها في الآونة الأخيرة انتحار اللواء غازي كنعان وانشقاق نائب الرئيس عبد الحليم خدام، وكانا كلاهما من أقدم ممثلي النظام وأكثرهم تمسكا به ودفاعا عنه.ولعله ليس من المبالغة القول: إن أخطر أزمة يتعرض لها النظام اليوم تتجلي في ضعف نواته القيادية وتقادم سياساته وتراجع قدرته علي التحكم بذاته وبمجتمعه، وانتقال الأزمات التي خلقها كي يضبط بها المجتمع إلي داخله، في ظرف يتسم بإفلاس أيديولوجيته وتقلص وانهيار شرعيته، وتحول عيوبه إلي أمراض متفاقمة، لا أمل له في الشفاء منها عن طريق الوصفات، التي لطالما أدار بها مشكلاته أو تعايش معها.إن من يدفع ثمن الأزمات من وعد الإصلاح الفاشل فصاعدا هو النظام، وهذا جديد أزمة النخبة، وجديد سورية، الذاهبة نحو وضع جديد تعمل النخبة الحاكمة المستحيل لتصعيب وصولها إليه ومنعها من بلوغه، لكن قدرتها علي ذلك تتناقص يوما بعد يوم، بينما تتزايد عوامل الاضطراب والتفسخ في صفوفها، وتعاني مما كانت قد نجحت في تعريض المعارضة له إلي الأمس القريب: الانقسام والعجز والضعف.
مع أوائل السبعينيات كانت الصورة هي التالية: عالم حزبي/ شمولي يبرز وعالم ديمقراطي/ مجتمعي يموت. واليوم، تنعكس الآية تتقدم معادلة بديلة تتجلي في بروز وتوطد عالم مجتمعي/ ديمقراطي، وفي أفول وموت عالم حزبي ـ بعثي/ شمولي، تقتله وتموت معه النخبة الحاكمة، التي لعبت دورا حاسما في تغيبه عن الوعي، ثم في موته الوظيفي، الذي يتحول بسرعة إلي موت سريري.
نخبة ثقافية تصعد: وهي بالأصح تتشكل وتصعد بطريقة مغايرة للطريقة التي تشكلت وصعدت بها النخبة الحاكمة الحالية، التي احتوت المجتمع، بعد أن وضعت يدها علي الدولة، وسلطنتها وأضفت طابعا خاصا وضيقا عليها، له سمات شخصية وحزبية، ودمرت المجتمع السياسي بحجة أنه قديم وأقامت عوضا عنه مجتمعا جديدا قام علي نفي الحرية وحقوق الإنسان والمواطن، وعلي وضع تطلعات الشعب بعضها في مواجهة بعض، بحيث ألغت الاشتراكية القومية، وأبطلت الحرية الاشتراكية، وتناقضت القومية معهما، وجعلت الشعب عدوا داخليا خطيرا كتمت أنفاسه، بحجة أنه لا يجوز أن يؤتمن علي وطنه قبل ترقيته ثوريا، عبر تقييده بقيود متنوعة وصارمة من الأحكام العرفية وحالة الطواريء والمحاكم الاستثنائية، ومراقبته عبر أجهزة سرية تمسك بالسلطة وتجسدها، وإن بدا أن خيوطها تتركز بين يدي فرد يجلس وحيدا علي قمة هرم الحكم.
تري النخبة الثقافية الجديدة نفسها بدلالات تختلف جذريا عن دلالات ومرجعية النخبة الحاكمة، فهي لا تريد التحول إلي نخبة حاكمة ومالكة، وتعمل لإقامة حقل سياسي تعددي، أساس الدولة والمجتمع فيه واحد: الإنسان بوصفه ذاتا حرة وجديرة بالحرية بغض النظر عن تعييناتها الموضوعية، كما قال أرسطو. وهي تري نفسها بدلالة مجتمعها وحريته، والنظام الديمقراطي الضروري لإدارته، ولا تري نفسها بدلالة مصالح خاصة تضعها فوق مصالح العامة ومصالح الدولة العليا.إلي هذا، إنها لا تعمل انطلاقا من رغبتها في امتيازات، بل تعمل كي لا تكون هناك نخب مميزة أو امتيازية منفصلة عن المجتمع ومستقلة عنه، تعطي نفسها حق قيادته إلي حيث تريد، باسم مثل عليا وأهداف تدعي أن لها وحدها حق تفسيرها وتحقيقها في الواقع، كما فعلت نخبة العسكر الحاكمة في سورية. وتناضل النخبة الثقافية الجديدة من أجل إنهاء طابع العمل العام الأقلوي، ولوضع حد لمزاعم النخب، التي جعلت منها في الماضي طليعة مزعومة، ومكنتها من الوصول إلي الحكم باسم الشعب، الذي ما لبثت أن استخدمت سلطتها ضده.
هذه النخبة الثقافية، التي تري في الثقافة نقطة ضعف المشروع السلطوي القائم، ونقطة قوة مشروع النهضة البديل، تريد للأخير الانطلاق من حقل ثقافي يختلف أشد الاختلاف عن الأيديولوجيا القومية/ الاشتراكية الشمولية، التي خرج منها مشروع البعث، لأنها مرت تاريخيا بجميع مراحل هذا المشروع، كما عرفت وعايشت المشروع الليبرالي الضعيف السابق له، ودرست المشروع الإسلامي، الذي كان أول من فشل في التصدي للغزوة الاستعمارية الأوروبية، فهي ليست منقطعة أذن عن التاريخ والواقع العربي/ الإسلامي، بل هي ابنته الشرعية، التي عرفت تفاصيله وروافعه، وعانت كثيرا بسبب إخفاقه، لا سيما وأنها شاركت في إطلاقه وعجزت عن حمايته من قوي الاستبداد والتفرد، التي انبثقت منه ، وتجد نفسها اليوم أمام واقع جديد له حاجات جديدة ويتطلب نمطا مختلفا من الثقافة، دون أن يعني هذا تخليها عن أهداف النهضة العربية التاريخية، وخاصة منها هدف الوحدة العربية، وقهر الصهيونية، وطرد الغزاة والمحتلين الأجانب من أرض العرب، وإقامة حكم الشعب بيد الشعب ولصالحه، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
هذه النخبة، التي تري في الديمقراطية منطلق ومآل الإحياء المجتمعي والسياسي، تعتقد أن المجتمع يجب أن يكون مستقلا نسبيا عن حقل السياسة، ليس فقط لأنه أساسه وحامله، بل لأن له مصالح تختلف عن مصالحه في جوانب معينة، وعليه أن يتمكن من التعبير عنها وتحقيقها، بالنظر إلي أولويتها بالمقارنة مع أية مصالح أخري تقع في مجال الدولة، وخاصة منها مصالح السلطة ومن يمسكون بها، وإلا استحالت بغير هذا ممارسة السياسة الحديثة، وجافت الديمقراطية معناها الحقيقي، الذي لا يجعل منها خيارا سياسيا وحسب، بل طريقة عيش وتفكير وتواصل، تترتب علي نشاط سائر الفاعلين في الحقول الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، أكانوا داخل السلطة أم خارجها، الذين يتساوون أمام القانون وفي الواقع، ولهم الحق في لعب أوسع الأدوار علي سائر الأصعدة.
ومع أن تشكل هذه النخبة ما زال عملية قائمة علي قدم وساق، فإن ما تواجهه من مصاعب منذ أربعين عاما ونيف لم يفت في ساعدها أو يوهن عزيمتها، علما بأن مشكلاتها لا تقتصر علي السلطة، بل تمتد إلي المعارضة، التي تتبني مثلها الديمقراطية، لكنها تعاني من جمود يدفعها إلي شد النخبة الجديدة، المرنة والقوية الحراك، إلي الوراء، خشية أن تنتزع منها العدد القليل من أتباعها، والجمهور الذي يمكن أن يلتف ذات يوم حولها، بينما تري السلطة فيها خصما يقاتلها في أضعف جبهاتها، الجبهة الأيديولوجية والثقافية/ المعرفية، يعرف كيف يكشف عوراتها ونقاط ضعفها ومناحي عجزها وإفلاسها، ويستغل الهوة التي تفصلها عن الشعب، ويقدم البدائل اللازمة لخروج المجتمع والدولة والسلطة والمواطن من مآزقهم، دون أن يكون لدي النخبة الحاكمة رد مقنع عليه غير القمع والملاحقة والاضطهاد، ولكن ضمن ظروف متغيرة، تعزز أكثر فأكثر فاعلية خطاب النخبة الصاعدة وتثلم أكثر فأكثر ما بقي من شرعية قليلة جدا لخطاب الحكام.
تدرك النخبة الثقافية الصاعدة أن مهمتها تكمن في تأسيس ثقافة تمهد أرض العقل وتحرثها، وتستطيع احتضان مشروع سياسي تاريخي من نمط جديد، تعلم أنه سيكون ضربا من المحال، إذا لم يكسب عقول وقلوب بنات وأبناء الشعب عموما والطبقة الوسطي خصوصا، ولم ينجح في دفعهم إلي قراءة الواقع بطريقة صحيحة، وفي إقناعهم بأن جديده لن ينطلق إلا من جديد فكرهم ومعرفتهم ووعيهم، وأن أمة العرب بحاجة إلي عقل وفكر كل مواطن كي تخرج من بؤسها، وأن إطلاق حراك تاريخي جديد في العالم العربي يتوقف علي ما تقدمه هذه النخبة الثقافية من أفكار ومعارف ورؤي تستطيع بث الحيوية فيه، وتحويله إلي حامل تحرره ، الذي يريد إنجازه بقدراته وجهده المباشر.
تقف سورية، كوطنها العربي، أمام منعطف تاريخي خطير، يترتب علي موت عالم وتشكل وصعود عالم بديل، وموت نخبة حاكمة وصعود وارتقاء نخبة ثقافية لا تريد شيئا لنفسها، وتريد كل شيء لمجتمعها وأمتها، علمتها الخبرة أن التحرر محال بقوة النخب وحدها، وأن وعده ينقلب إلي أكاذيب واضطهاد وقمع وتدهور وانحطاط، إن بقي في إطار نخبوي أو اقتصر عليه، وأنه يصير ممكنا وحقيقيا وملموسا في إطار أمة تنشد حريتها وتحمل لواءها وتضحي من أجلها.
(*) كاتب وسياسي من سورية
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 جانفي 2006)