الجمعة، 26 يونيو 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3321 du 26 .06 .2009

 archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف:كلمة منظمة حرية و إنصاف بمناسبة الندوة حول العفو التشريعي العام حركة النهضة تدين الاعتداء على ثلة من المحامين « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » تساند عودة المهجرين التونسيّين دون قيد أو شرط الحزب الديمقراطي التقدمي :بيـــــــــــــــــــــان لا يردّ :www.moncefmarzouki.com هند الهاروني:بلاغ عاجل عدد 3 (الساعة الخامسة) محمد الحمروني:مقتل شاب في مطاردات أمنية تشنها السلطات التونسية كمال بن يونس:رسالة داخلية إلى الزملاء الصحفيين بمناسبة الجلسة العامة للنقابة الوطنية صالح عطية:مؤتمر نقابة التعليم الأساسي:تنافس شديد بين حليّم والطريفي.. والمستقلون قوة استقطاب انتخابية.. المرصد النقابي:النقابة الأساسية للتعليم الأساسي ببنزرت الجنوبية لفائدة من يحدث كل هذا رضوان نجاحي:النقابة العامة للتعليم الثانوي مسخرة العصر* صلاح الدين الكافي:مؤتمر نقابة المعلمين بتونس من وجهة نظر قومية. د. سليم بن حميدان:إلى الصحفيين خالد الحداد والصحبي صمارة حسن سوقير :رسالة عتاب الى مؤتمر العودة عبد السلام بوشداخ:لا بدّ من الحوار بين المتخالفين د.خــالد الـطراولي :العـودة ومؤتمـرها أين الخلـل ؟ (الجزء الثــاني) ملفات « السياسيّة »:عزوف المثقف عن المشاركة السياسية وجهة نظر :في شروط المشاركة في الانتخابات حركة التجديــــــــــــــد:دعــــــــــــــــــــوة أخبـــــــــــــــار « البديـــــــــــــــــل » البديل:السلطة تترك أهالي حيّ الزهور من ولاية القصرين يواجهون مصيرهم بأنفسهم البديل:تجاوزات في مراقبة امتحان الباكالوريا جوان 2009 في جهة تونس الكبرى البديل:قهر وغبن لتلاميذ مناظرة السنة السادسة من التعليم الأساسي في مادّة الرياضيات في تونس راديو 6 تونس – برنامج الأسبوع (25 جوان – 1 جويلية 2009) البديل:الإدارة في تونس تنحني أمام رأس المال!!! وات:تعيينات جديدة في قطاع الإعلام الصباح:غلاء المعيشة.. الغربة.. قوانين الهجرة الصارمة وثقل الضرائب: الوجه الآخر لمعاناة التونسيين بفرنسا الصباح:وقعت اتفاقية مع وكالة التشغيل: شركة يابانية توفر 5200 موطن شغل في تونس بسام بونني :أي مغرب كبير هذا ؟ نصر حيدوري،:واجب العودة على سلمان العودة عن المظلمة د.منصف المرزوقي:وهل لنا نحن أيضا تاريخ مفبرك؟ توفيق المديني:نزع القدسية عن « الثيوقراطية» في إيران؟ فايز قنديل:اوصاف العربي في معجم وبستر الامريكي


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  جانفي 2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm         فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm            أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm ماي 2009:https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm

 


أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 3 رجب 1430 الموافق ل 26 جوان 2009

كلمة منظمة حرية و إنصاف بمناسبة الندوة حول العفو التشريعي العام


تحية إلى الحزب الديمقراطي التقدمي الذي حرص على تنظيم هذه التظاهرة وتحية إلى كل المنظمات الحقوقية المشاركة و كل الشخصيات الوطنية و إلى عائلات المساجين الذين ما انفكوا يناضلون من اجل إطلاق سراح أبنائهم و إلى كل الأحرار في العالم الذين يدعمون قضية الحرية في تونس.  منذ عشرين سنة سن العفو التشريعي العام لجبر مخلفات النظام السابق و لكنه كان منقوصا حيث لم تطو صفحة الماضي نهائيا و لم يقع الاعتراف بحركة النهضة التي كانت معنية أكثر من غيرها و لم يعترف بأحزاب أخرى عانت من المحاكمات، ول يسمح بحرية التنظم و حرية التعبير و حق العودة و تواصل بسرعة  مسلسل المحاكمات السياسية و هذا العفو لم يمكن من إخلاء السجون من السياسيين ولم يقع الاعتراف بأحزاب جديدة عانت من القمع ليعود مطلب العفو التشريعي العام كمطلب وطني تلتقي حوله قوى المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات و شخصيات وطنية  كخطوة ضرورية لإنهاء 50 سنة من المحاكمات السياسية و محاكمات الرأي و إخلاء السجون من مساجين الرأي و السياسة وتمكين التونسيين و التونسيات من حق المواطنة الكاملة و ضمان الحد الأدنى من الحريات و حقوق الإنسان كحرية التعبير و التنظم و حرية التنقل و حرية الاجتماع و حرية التظاهر السلمي، و من أهم العوائق التي تمنع تحقيق هذا المطلب: 1ـ السلطة التي تنكر دائما أنها المعكر الأول لصفاء الوضع السياسي في البلاد حيث لا تعترف بالخصوم السياسيين و لا المحاكمات السياسية رغم إجماع المراقبين في الداخل و الخارج على ذلك حتى لا توضع في موقع المساءلة والمحاسبة والمطالبة بالتعويض ، و حتى قانون الاسترداد الآلي للحقوق المدنية و السياسية لا يتمتع به السجناء السياسيون و لا ينطبق عليهم و الناس لا يتمتعون بأبسط الحقوق مما يؤكد على أن المشكل ليس في جوهره قانونيا و لا إنسانيا و إنما هي قضية ذات صبغة سياسية و هي جزء من قضية لا تتجزأ  ألا وهي قضية الحريات و حقوق الإنسان في البلاد.  2ـ تقصير ضحايا الاستبداد وذوي المصلحة الأوائل في العفو التشريعي العام و من يساندهم من الأحرار داخل البلاد و خارجها و بالمناسبة نعتبر أن عقد مثل هذه التظاهرة مساهمة في النضال من أجل هذا المطلب و كذلك ما تم منذ أيام في جنيف يومي  20/21 جوان الجاري 2009 من انعقاد مؤتمر حق العودة للمهجرين  يعتبر مؤشرا من المؤشرات الايجابية للنضال الفعلي من أجل هذا المطلب الوطني في غياب العفو التشريعي العام و حقوق المواطنة الكاملة يصبح الحديث عن انتخابات حرة نزيهة وديمقراطية لا مصداقية له  و ما يعنيه ذلك من حرمان آلاف المواطنين و المواطنات من حق الانتخاب و الترشح. و من المؤسف حقا أننا في الوقت الذي نطالب فيه بالعفو التشريعي العام لاسترداد الحقوق المدنية و الدستورية للسجناء السياسيين من حركة النهضة وبقية المظلومين من الاستبداد وكذلك حق المواطنة الكاملة لكل التونسيين في العودة و السفر ينطلق  العديد من مساجين الرأي الآن مضربين عن الطعام داخل السجون التونسية في ظروف صعبة و قهر كبير للمطالبة بإطلاق سراحهم في الوقت الذي نتحدث نحن فيه عن العفو التشريعي العام و بالمناسبة فإننا نرفع أصواتنا عاليا للمطالبة بإطلاق سراحهم و إبطال هذا القانون الجائر و اللادستوري « قانون مكافحة الإرهاب » و كذلك نطالب بإيقاف أطول مظلمة تشهدها البلاد  في حق الدكتور صادق شورو الرئيس السابق لحركة النهضة الذي عانى من السجن (18 سنة منها 14 سنة في سجن انفرادي) ثم يقع إرجاعه إلى السجن تنكيلا به و تشفيا فيه و في أهله كما نطالب كل المعتقلين في قضية الحوض المنجمي و التحقيق في الضحايا الذين سقطوا في هذه الأحداث. هناك صنف من الضحايا الذين لا نستطيع أن نسترد لهم حقوقهم بعد المعاناة التي لقوها و خرجوا من هذه الدنيا مقهورين و هم الذين ماتوا تحت التعذيب أو بالإهمال الصحي في السجون و ما بعدها و في الإضرابات عن الطعام فنحن نطالب بإنصافهم عبر فتح التحقيق و محاسبة المتورطين في حقهم. و إن العفو التشريعي العام الذي ترفض السلطة الاستجابة له إلى حد الآن  فإنها لا تسمح حتى بحق المطالبة به و ما المنع الحاصل اليوم لحضور لهذا الاجتماع إلا دليل على ذلك (محاصرة أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف). و أخيرا نحيي عائلات المساجين و المسرحين و المهجرين نكبر صبرهم ونضالهم من أجل حرية أبناءهم و كرامتهم و حرية هذا الوطن بأكمله.   منظمة حرية وإنصاف


بسم الله الرحمن الرحيم

حركة النهضة تدين الاعتداء على ثلة من المحامين


تتمادى السلطة القمعية في ممارساتها التعسفية ضد النشطاء السياسيين والحقوقيين ضاربة عرض الحائط بالنداءات الوطنية والدولية المطالبة بوضع حد لهذه الانتهاكات ، فقد أقدمت السلطة يوم الثلاثاء 23 جوان 2009  على الاعتداء بالضرب الشديد على المحامين السادة عبد الرؤوف العيادي عضو منظمة حرية وإنصاف والأمين العام السابق لمجلس الحريات وعضو المؤتمر من أجل الجمهورية وعبد الوهاب معطر الأستاذ الجامعي والمحامي البارز عضو منضمة حرية وإنصاف ، والسيدة راضية النصراوي رئيسة الجمعية الدولية لمناهضة التعذيب، كما تعمدت استفزاز وإهانة الأستاذ سمير ديلو عضو الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين، وذلك  إثر رجوعهم إلى ارض الوطن بعد حضورهم مؤتمر المهجرين التونسيين  الذي أقيم بجنيف  وانعقد على هامشه  لقاءان لطيف واسع من الفعاليات المعارضة والحقوقية . أمام هذه العجرفة البوليسية والعدوان السافر على هذه الفعاليات السياسية والحقوقية البارزة فإن حركة  النهضة: ـ تدين بشدة هذه الممارسات المتخلفة وتطالب كل قوى المجتمعين السياسي والحقوقي بالوقوف صفا واحدا في التصدي لها ووقف تيارها المتصاعد لندن في 25 جوان  2009 الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة


« هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » تساند عودة المهجرين التونسيّين دون قيد أو شرط


انتظم يومي 20 و21 جوان الجاري مؤتمر التونسيّين المهجـّرين منذ عقدين لأسباب سياسيّة. وقد أفضى هذا المؤتمر الذي شاركت فيه قوى من مشارب مختلفة، إلى تكوين « المنظمة الدوليّة للمهجـّرين التونسيّين » التي تضع هدفا أساسيّا لها العمل على تحقيق العودة الآمنة والكريمة والشاملة لكلّ المهجّرين التونسيّين بسبب أفكارهم وانتماءاتهم وأنشطتهم المعارضة. وعلى هامش هذا المؤتمر التأم اجتماع ضمّ العديد من رموز المعارضة السياسيّة والمدنيّة التونسيّة وقد صدر عن هذا الاجتماع بيان حول تردّي الوضع العامّ بالبلاد أشهرا قبل الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة. إنّ « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات »: 1- تعبّر عن مساندتها لعودة المهجـّرين التونسيّين دون قيد أو شرط. 2- تؤيّد ما جاء في بيان المعارضة التونسيّة من تشخيص للوضع ودعوة للعمل المشترك من أجل فرض الحريّات ببلادنا والتصدّي لإمعان السلطة في انتهاك الإرادة الشعبيّة. تونس في 24 جوان 2009 (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 25 جوان 2009)


الحزب الديمقراطي التقدمي   بيـــــــــــــــــــــان

السطة ترفض إطلاق سراح المناضل الديمقراطي التقدمي وحيد براهمي  يوم نهاية محكوميته  


فوجئ مناضلو الحزب الديمقراطي التقدمي بقرار عدم إطلاق سراح أخيهم وحيد براهمي اليوم 26 جوان 2009 الذي يصادف نهاية محكوميته بدعوى أنه محل تتبع في قضية أخرى، و الأخ وحيد براهمي مناضل ديمقراطي تقدمي أدخل السجن وحوكم بسنتين وأربعة أشهر بموجب تهم ملفقة، وقد تعرض في السجن جراء صموده وتمسكه بانتمائه للحزب إلى شتى أنواع التعذيب وقد أنهى اليوم العقوبة المسلطة عليه إلا أن السلطة أبت إلا أن تبقيه في الزنزانة في حركة انتقامية خارجة عن كل الأعراف والقوانين، و الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يدين بشدة هذا الإمعان في التشفي   وتعمد تمديد اعتقال المعارضين رغم انتهاء محكوميتهم بما يحولهم إلى رهائن بيد السلطة فإنه: 1.يطالب بإطلاق سراح الأخ وحيد براهمي حالا دون قيد أو شرط 2.يؤكد عزمه على مواصلة النضال بكل الطرق السلمية لإحلال سلطة القانون ورفع المظالم المسلطة على المعارضين والمناضلين السياسيين والحقوقيين 3.يوجه نداء عاجلا إلى القوى السياسية والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية لرفع صوتها عاليا والمطالبة بإطلاق سراح الأخ وحيد براهمي 4.يجدد انخراطه في النضال من أجل سن قانون العفو التشريعي العام كمدخل ضروري لتنقية المناخ السياسي ووضع حد للمظالم التي طالت الآلاف من أبناء تونس   تونس في 26 جوان 2009 مية الجريبي الأمينة العامة


لا يردّ www.moncefmarzouki.com  


مرة أخرى يتعرّض القرصان المجهول لموقعي بالتدمير . ليس من الصعب تصور من هو ، فالذي اعتدى ماديا على عبد الرءوف العيادي  في مطار تونس هو الذي اعتدى عليا رمزيا  بمحو أعمالي من الفضاء الافتراضي  في محاولة جديدة لقطع لساني كما هددني بذلك يوما واحد من حلفائه. كنت أنتظر ردّا ما بعد مؤتمر جنيف والنصر البسيط  الذي حققته المعارضة الوطنية بالالتقاء والتفاهم ،  وبالتالي لم أستغرب الاعتداء  .  ما استغربه إصرار النظام وسفهائه على محو موقعي ومواقع كل الأصوات الحرة المنادية بتحرير الوطن الصغير والوطن الكبير من أنظمة الفساد والتزييف والقمع والعمالة  ….المساكين ، ربما يجب فهمهم  ولسان الحال يقول: ما الذي نقدر عليه غير  التنغيص والإزعاج  والانتقام وربح الوقت. نعم ماذا تقدرون على غير هذا أيها الخفافيش؟  نغصوا وأزعجوا  واربحوا الوقت  وطمأنوا أنفسكم  إلى لحظة يجرف السيل حصاة تظن نفسها قادرة على وقف مسار النهر. منصف المرزوقي HACKED BY HaXoR


بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين

هند الهاروني :بلاغ عاجل عدد 3 (الساعة الخامسة)

26.06.2009


منذ ما بعد الساعة  الثانية بعد الظهر : قرب بيتنا الآن سيارتين : « قولف 1 » رمادية اللون على متنها عون فرقة الإرشاد التابعة لمنطقة قرطاج و « البيجو-بارتنار البيضاء » الذين سبق لهم و أن قدموا في الأيام الماضية. هند الهاروني

 


مقتل شاب في مطاردات أمنية تشنها السلطات التونسية


تونس – محمد الحمروني   انتهت مطادرة أمنية لأحد الشبان من قبل أعوان أمن تونسيين إلى سقوطه من فوق بناية تتكون من 3 طوابق (13 مترا تقريبا) نقل على إثرها إلى المستشفى لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة يوم 22 يونيو الجاري بعد أن ظل يصارع الموت لمدة 6 أيام. الحادثة حدثت يوم الثلاثاء 16 يونيو الجاري، وحسب عدد من شهود العيان ووفق إفادات أهالي الضحيّة، فإن الهالك وهو المنصف اليعقوبي، يبلغ من العمر حوالي 27 سنة، كان يوم الحادثة جالسا في مقهى بطريق تنيور بمحافظة صفاقس (300 كلم جنوب العاصمة تونس) وكان برفقة بعض أصدقائه حين حلت فجأة سيارة شرطة على متنها ثلاثة أعوان وداهمت المكان وشرعت في اعتقالات عشوائية على خلفيّة «الرافل»، فما كان من عدد من الشباب ومن بينهم المنصف إلا أن لاذوا بالفرار. وقالت بعض وسائل الإعلام إن الأعوان قاموا بمطاردة المنصف الذي فر إلى بناية قريبة وصعد إلى سطحها, لكن الأعوان لاحقوه إلى هناك فوقع المنصف من السطح. وتشهد تونس منذ شهرين تقريبا حملة أمنية كبيرة تسمى بـ «الرافل» اتخذت غطاء لها كما يقول منتقدوها، حملة التجنيد. وشملت الحملة مختلف أنحاء الجمهورية، واستهدفت، وفق ما تقول الحكومة، الشبان الذين لم يؤدوا واجبهم العسكري. غير أن أصواتا عديدة منتقدة رفضت تبريرات الحكومة لهذه الحملة وأكدت أنها حملة أمنية تأتي في إطار العسكرة التي تشهدها البلاد وأنها اتخذت مسألة التجنيد غطاء لها. فالحملة وفق هؤلاء، وعمليات التمشيط الواسعة التي رافقتها، بما في ذلك اعتراض الحافلات والقطارات وتفتيش السيارات، إضافة إلى اقتحام المقاهي وغيرها من أماكن الترفيه في البلاد، والتثبت من هويات المارة في الطرقات بمن فيهم الكبار في السن والفتيات وحتى الذين أدوا الخدمة العسكرية.. كل ذلك يؤكد أن الحملة أمنية ولها أهداف عديدة غير تلك التي ذكرتها الحكومة. وبلغت الحملة درجة من الحدّة جعلت العديد من الشبان يعكفون في بيوتهم ولا يغادرونها، حتى إن السلطات الأمنية والسياسية بالبلاد اضطرت إلى التأكيد على أنها ستوقف «الرافل» يوم مباراة تونس ونيجريا التي دارت يوم 20 من الشهر الجاري بعد أن عزف الجمهور عن اقتناء التذاكر خشية الإيقاف. وردا على تضررها من هذه الحملة أغلقت العديد من المقاهي والمحلات ببعض المناطق أبوابها يوم الأربعاء 17 يونيو الجاري على خلفية تأثير الحملات السلبي على نشاطها التجاري والسياحي. وأشادت الصحف التونسية المقربة من السلطة بهذه الحملة ونوهت بها وأبرزت المبررات والأهداف «النبيلة» الكامنة وراءها. وربطت بين الحملة و «النجاح الباهر لقوات الأمن في اعتقال المفتّش عنهم وأصحاب السوابق العدلية». ولم تكف الحملة التي شنتها السلطة في وسائل الإعلام لتبرير الإجراءات الأمنية الأخيرة، واضطر السيد كمال مرجان وزير الدفاع الوطني للتدخل يوم الخميس 18 يونيو الجاري في محاولة لتبديد المخاوف التي انتابت المواطنين.
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 26 جوان 2009)


تونس في 26 جوان 2009

رسالة داخلية إلى الزملاء الصحفيين بمناسبة الجلسة العامة للنقابة الوطنية :

الأولوية لاحترام استقلالية النقابة الوطنية وحرية الإعلام في البلاد  


 
سيحتضن مقر النقابة الوطنية للصحفيين اليوم الجمعة 26 جوان 2009 جلسة عامة أعتقد أنه لا بد أن نعمل جميعا على نجاحها وأن يتم الحوار خلالها بين أصحاب وجهات النظر المتباينة بهدوء مع احترام أخلاقيات الحوار ..بعيدا عن منطقي الإقصاء و التخوين وعن كل أشكال الاستفزازات في هذا الاتجاه أو ذاك. أعتقد أن غالبية الإعلاميين من بين الشبان والفتيات الذين يؤمنون أن الأهم هو التطلع إلى المستقبل والعمل على التفاعل مع مشاكل الصحفيين ومشاغلهم المختلفة  عوض إضاعة الوقت في معارك مفتعلة بين زملاء دفعتهم سلسلة من الأخطاء إلى صراعات هامشية أهدرت طاقات الجميع وحولت الزملاء والأصدقاء إلى أعداء وهميين .. فلتكن أولوية الأولويات في المرحلة القادمة الدفاع عن استقلالية المهنة الصحفية واستقلالية النقابة الوطنية للصحفيين وعن المكاسب النضالية التي حققها الإعلاميون والديمقراطيون منذ عقود  ..بعد تضحيات هائلة. وليكن هدفنا جميعا تجسيم مطلب الديمقراطيين في البلاد منذ أيام الكفاح ضد الاستعمار المباشر: ضمان حرية التفكير وحرية التعبير للجميع . +إن استقلالية النقابة الوطنية للصحفيين ينبغي أن تحترم من قبل كل الأطراف بدءا من الحكومة و حزب التجمع الدستوري الديمقراطي ..وكذلك من قبل بقية القوى والمجموعات السياسية مع الإقرار بالحقوق السياسية التي يضمنها الدستور والقانون لجميع التونسيات والتونسيين وعلى رأسها حق الانخراط في الأحزاب والمنظمات التي يريدون على أن لا يقع الخلط بين الأولويات المهنية للنقابة الوطنية للصحفيين والأجندات الخاصة ببعض الأطراف ومصالح بعض الشخصيات والمجموعات. وليكن حضور بعض الضيوف الجلسة العامة مناسبة ليؤكد فيها غالبية الصحفيات والصحفيين التونسيين أنهم فعلا أكثر نضجا فكريا وسياسيا وسلوكيا من زملائهم الاوربيين والعرب والافارقة ..مهما كانت حدة الاختلافات المهنية والنقابية التي يمكن أن تشقهم من حين لآخر..مثلما حصل في الاسابيع الماضية .. فلنعط الاولوية للبناء المستقبلي..ولطي صفحة أخطاء المرحلة الماضية ..خدمة لمصالح كافة الصحفيات والصحفيين  وخاصة منهم الشبان وغير المرسمين.. كمال بن يونس رئيس لجنة أخلاقيات المهنة الصحفية عضو المكتب التنفيذي الموسع للنقابة الوطنية للصحفيين

 


مؤتمر نقابة التعليم الأساسي:  تنافس شديد بين حليّم والطريفي.. والمستقلون قوة استقطاب انتخابية.. انتقادات للنظام التربوي.. وإصرار على مجانية التعليم

 


تونس ـ الصباح – شكلت المناقشات التي دارت على امتداد اليومين الماضيين صلب المؤتمر الثالث والعشرين للنقابة العامة للتعليم الاساسي، اطارا عبر المعلمون من خلاله عن مجمل الملفات والقضايا التي تشغل بالهم، بروح نقدية وحماسة تراوحت بين الاعتدال والافراط.. وعلى الرغم من ضخامة عدد المتدخلين في المناقشات التي جرت (ما يزيد عن 50 تدخلا)، فان التدخلات التي تم تسجيلها تركزت بالخصوص حول المطالب المهنية والمالية، الى جانب بعض الملفات الاجتماعية الحساسة في مؤتمر رفع شعار «من أجل تعليم عمومي وديموقراطي وإجباري ومجاني». مطالب كثيرة فقد طالبت التدخلات بمراجعة الزمن المدرسي، الذي اعتبره البعض «غير مثمر»، ولا يواكب التطورات البيداغوجية المسجلة في عالم التربية.. ولاحظ عدد من المتدخلين ان المنظومة التربوية تشكو تضخما في البرنامج الدراسي، زادته الكفايات الاساسية عقدة جديدة، كانت لها تداعياتها على طرق التدريس والمستوى التعليمي ونوعية التحصيل العلمي للناشئة. ونبهت بعض التدخلات في هذا السياق الى ما وصفتها بـ«الأزمة الشاملة» التي طالت النظام التربوي والجامعي، بشكل ادى الى تدني نتائجه على الصعيد الوطني، وبخاصة في مستوى نوعية الخريجين من الجامعة التونسية. وانتقد بعض النقابيين عمليات التقويم التي تخضع لها بعض التجارب، مثل تجربة الرابعة اساسي والسادسة اساسي، واعتبروا ان التعديلات التي ادخلت على النظام الدراسي في حلقته الابتدائية (الاساسي بالاصطلاح الجديد)، غير مجدية.. كما انتقد عدد من التدخلات الدروس الخصوصية، وارتفاع تكلفة التسجيل في المؤسسات التعليمية العمومية وبداية «خوصصة» التعليم عبر التمكين لعدد كبير من الخواص من فتح مؤسسات ابتدائية، وجددوا في هذا الاطار رفضهم لما وصف بـ«الخوصصة المتدرجة» مشددين على ضرورة حماية مجانية التعليم وعموميته، على اعتبار انه امر دستوري لا يختلف حوله اثنان. وكانت بعض المداخلات، ركزت على الجوانب المالية لحياة المعلم التونسي، بالنظر الى كون رواتب المدرسين متدنية قياسا بالاسعار المرتفعة في البلاد، ما جعل المعلمين من بين الفئات التي تعاني من قدرة شرائية ضعيفة.. وتناولت تدخلات اخرى منحة العودة المدرسية وحركة النقل والمفاوضات الاجتماعية. سيناريوهات الانتخابات على صعيد آخر، كانت كواليس المؤتمر تعيش غليانا كبيرا على خلفية الانتخابات التي يفترض انها تمت في ساعة متأخرة من مساء امس. وكان حوالي 38 مترشحا (بينهم امرأتان) تقدموا لهذه الانتخابات، ضمن اربع قائمات، بينها قائمتان هما الابرز والأشد تنافسية في المؤتمر.. القائمة الاولى يترأسها الكاتب العام المتخلي، محمد حليّم، والقائمة الثانية يقودها الحبيب الطريفي، العضو السابق بالنقابة العامة للتعليم الاساسي، والعضو ضمن لجنة النظام الوطنية. ويرى مراقبون ان التنافس سيكون على اشده بين القائمتين، سيما وان رمزيهما (حليّم والطريفي) متنافران ايديولوجيا وسياسيا، على اعتبار ان الاول ينتمي لليسار والثاني للتيار القومي العروبي، لذلك يتوقع ان يكون للمستقلين دور مهم في حسم هذا التنافس وتحديد الاختيار النهائي، وهو ما يفسر درجة الاستقطاب العالية والتجاذب الكبير الذي تشهده ساحة المؤتمر في محاولة لكسب اصوات المستقلين. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فان ليلة امس كانت ساخنة في اروقة احد فنادق قمرت، اذ على الرغم من تسجيل بعض الانسحابات، فان ذلك لم يقلص من حجم التنافس الذي انحصر في نهاية الامر بين القائمتين. يذكر ان مؤتمر نقابة التعليم الاساسي يضم 119 نيابة موزعة على مختلف انحاء البلاد، فيما يصل عدد المعلمين والمعلمات المنخرطين في اتحاد الشغل الى نحو 48 الف معلم ومعلمة من مجموع 57 الفا يتوفر عليهم القطاع. ومن المنتظر ان تنبثق عن المؤتمر 5 لوائح، ستكون «لوحة القيادة» للنقابة خلال السنوات المقبلة، وهي اللائحة المهنية واللائحة العامة واللائحة الداخلية ولائحة الوطن العربي ولائحة خاصة بالحوض المنجمي. وكانت اشغال المؤتمر استمرت الى غاية فجر امس حيث استغرقت العملية الانتخابية حوالي السبع ساعات كاملة. صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 جوان 2009)  


النقابة الأساسية للتعليم الأساسي ببنزرت الجنوبية لفائدة من يحدث كل هذا


الأخ رئيس المؤتمر الإخوة نواب المؤتمر الإخوة الحضور تحية نقابية، نود هنا أن نورد بعض الأحداث باسم النقابة الأساسية للتعليم الأساسي ببنزرت الجنوبية حيث أنه ومنذ ان تم انتخابنا بصفة ديمقراطية من طرف المعلمين المنتمين إلى الجهة بتاريخ 06 ماي 2009 ونحن نتعرض إلى ممارسات متعددة ليس لها اية علاقة بالعمل النقابي حيث : – تعرض الأخ عادل الفلاح الكاتب العام للنقابة الأساسية إلى التتبع الأمني من طرف فرقة الإرشاد ببنزرت وذلك بتاريخ 12 ماي 2009 وما تبعه من مضايقات واستفزازات من اجل إجباره على الإستقالة وكان ذلك قبيل توزيع نيابات مؤتمر النقابة الجهوية للتعليم الأساسي ببنزرت. – تعرض الأخ شكري السعيد إلى مضايقة المتفقدين حيث تمت زيارته من طرف متفقدي الفرنسية والعربية في خلال أسبوعين وكان ذلك خلا شهر ماي الماضي ثم أردفت الزيارتان بزيارة ثالثة للمساعدة البيداغوجية في مفتتج شهر جوان الحالي. – تعرض الأخ فوزي بلكاهية عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي ببنزرت الجنوبية لحادثة غريبة جدا والمتمثلة في تلقيه مكالمة هاتفية مجهولة من رقم الهاتف 72439282 يوم 19 جوان على الساعة العاشرة و13 دق ليلا ليلة عقد جلسة توزيع نيابة ببنزرت الجنوبية لحضور فعاليات هذا المؤتمر يومي 24 و25 جوان 2009 يدعي صاحبه أنه من منطقة شرطة بنزرت المدينة داعيا إياه الحضور إلى منطقة الشرطة بتاريخ 2009/06/20 على الساعة العاشرة صباحا وهو موعد عقد جلسة توزيع النيابة المذكورة وذلك قصد ابعاده عن الجلسة مما أثر سلبا على نفسية الأخ فوزي بلكاهية وأدخله مع عائلته في حالة اضطراب حاد. وبالتحري تبين أن صاحب الرقم المذكور هو (سامي الملياني) عضو النقابة الأساسية ببنزرت الشمالية وبما أن هذا التصرف يعد بنظرنا خطيرا جدا وصدر عن إطار نقابي بالجهة راسلنا الأخ الكاتب العام للنقابة الجهوية ببنزرت والأخ الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت والأخ الأمين العام المساعد المكلف بالنظام الداخلي بالإتحاد العام التونسي للشغل لإحاطتهم علما بالموضوع ومن أجل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد هذا العضو. وقد اعترف سامي الملياني بأنه هو صاحب المكالمة الهاتفية السابقة الذكر أمام كل من الإخوة فوزي بلكاهية وعادل الفلاح وجلال الكوكي أيها الأخوة لقد أصبح من حقنا بصفتنا إطارات نقابية غيورة على منظمتنا العتيدة الإتحاد العام التونسي للشغل أن نتساءل عن الجدوى من كل الممارسات الآنفة الذكر من بعض العناصر التي لا تريد سوى عرقلة العمل الجاد في صلب الإتحاد العام التونسي للشغل والمحافظة على مواقعها وذلك بتشويه سمعة النقابيين النزهاء. أيها الأخوة نتقدم إليكم بهذه الحقائق من منطلق غيرتنا على استقلالية منظمتنا وقصد اطلاعكم على حقيقة ما يجري بالجهة وتصرف بعض العناصر داخل الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت ونطالب المؤتمر بإصدار لائحة تنديد بمثل هذه الممارسات البعيدة عن العمل النقابي. عاشت نضالات المعلمين عاش الإتحاد العام التونسي للشغل حرا مستقلا مناضلا ديموقراطيا (المصدر: « المرصد النقابي »، بتاريخ 26 جوان 2009)

النقابة العامة للتعليم الثانوي مسخرة العصر*


رضوان نجاحي حين نشاهد الأداء الذي يميز النقابة العامة للتعليم الثانوي لا نستطيع مقاومة الضحك… لماذا الضحك؟؟؟ لأننا حتما نذكر رواية جوزيه ساراماقو « البصيرة » فيكون لزاما علينا أن نقارن بين الحكومة المرفوضة من قبل الناخبين في المدينة و بين النقابة المرفوضة من غالبية أبناء القطاع. في رواية ساراماقو المذكورة أدلى أكثر من 80% من الناخبين بأصوات بيضاء، أقول بيضاء بمعنى أنها ليست ملغاة، و ليست لصالح أي حزب و هي تعبر عن الرفض، و مع ذلك طوال الرواية لم تتحمل الحكومة مسؤوليتها و لم تعترفن و راحت تبحث عن تبريرات للتمسك بشرعية زائفة. و هنا نحن لسنا بصدد التعليق على الرواية، فقط أوردنا هذا المختصر لنبرر ضحكنا. و الضحك هو أكثر التعبيرات الإنسانية عن حالات متعددة،  ضحكنا هنا تعبير عن اليأس من النقابة العامة، ضحكنا هنا هو إعلان للشعور بالإحباط تجاه هذه النقابة و أداءها. ينبغي أولا أن نوضح أن هذا الموقف لا يتعلق بالأشخاص و الدليل أننا نستعمل لفظ النقابة العامة،  و لا نوجه الكلام لأي عضو في شخصه لأن ما يعنينا ليس أداء الأفراد و انما انهيار « السقف النضالي الجماعي » إلى ما دون « السقف الأدنى » الذي يمكن أن يعبر عن مشاغل القطاع. أما ثانيا، فإننا لا نتحامل على هذه « النقابة » و لا نتجنى عليها و إنما نسعى إلى رصد الارتكاسات الكبيرة التي رافقت مدتها النيابية المشرفة على النهاية، إن لم تمدد بتأجيل المؤتمر عمدا و دون أي مبرر،  و حتى و إن بحثنا عن تبريرات فإنها ستكون واهية لأنها و بالأساس تقضي على ديمقراطية القطاع  و نضاليته و تؤكد حالة الانحسار الرهيب الذي بات مفزعا لغالبية النقابيين و أبناء القطاع. حتى لا نتهم بهجوم متحامل على النقابة العامة للتعليم الثانوي فإننا نبرر فيما يلي الكلام السابق: -لقد فشلت هذه النقابة في تفعيل حراك وطني حول مطالب القطاع الأساسية. فمطلب القانون الأساسي أصبح في الرف، لا ينقض عنه الغبار إلا للتسويق الدعائي و لربح الوقت و لتغطية الفشل. -أما مطلب تخفيض سن التقاعد فقد برهنت النقابة على عجزها حتى في تحويله إلى مطلب ملح رغم أنه يعني غالبية القطاع و صار بدوره احتياطي للدعاية و التبرير. -أيضا هذه النقابة فشلت في تحسين واقع العمل النقابي داخل المؤسسات و تمكين النقابيين من أداء مهامهم داخل المؤسسات التربوية في ظروف طيبة، بل ان عجز النقابة زاد في تعنت الإدارة  و خير دليل على ذلك المشاكل الكثيرة التي يعانيها الأساتذة داخل الفضاء المدرسي، هذا بالاظافة إلى عديد الاستفزازات التي يتعرض لها النقابيون و الأساتذة في المعاهد و الاعداديات لأن الإدارة تعلم علم اليقين أن النقابة العامة بعجزها و تخاذلها  قالت للأساتذة كما قال اليهود لموسى  « اذهب أنت و ربك فقائلا… » . -علاوة على هذا كله فان هذه النقابة لم تحقق و لو مكسبا واحدا للقطاع منذ بداية نيابتها، فقد عجزت حتى على تبليغ تصوراتها للوزارة و سلط الإشراف و لم تتخلص من وضع اللامبلاة الذي وضعت فيه منذ بدايتها. – و أما شر البلية في مدة هذه النقابة هو ما حدث مع الأساتذة المطرودين فقد تخلت عنهم بشكل سافر و ممجوج. فحين دخل الأساتذة في السنة الفارطة في إضراب الجوع اعتبرته النقابة العامة المسحوق السحري الذي سيجمل وجهها و يخفي تجاعيد و هنها. لقد قفزت قفزات بهلوانية لتبدو في قمة الاستبسال و النضال و الدفاع عن حقوق الأساتذة، و حقيقة الأمر لكل من تابع الأمر عن قربن فان الزملاء الذين أضربوا هم من وضعوا النقابة العامة أمام الأمر الواقع، فقبلت « النضال » على مضض للدفاع عن مطلبهم. و لكنها و في الوقت الذي كانت أرواح الزملاء مهددة  وجدت  النقابة الفرصة ذهبية لتنقلب على الحركة و ترتكس متاجرة بمطلبهم  فقط لغاية وحيدة وهي  التخلص من المسألة و تجميد حالة الالتفاف القصوى التي شهدها القطاع آنذاك. بل لم تكتفي النقابة العامة بهذا فراحت تروج ما استطاعت لذلك سبيلا بأن ملف الزملاء لم يغلق وأنها متمسكة به، و حقيقة الأمر ألا شيء تغير منذ تعليق الإضراب، و أكثر من ذلك تروج هذه النقابة أن الزملاء يحصلون على المساعدة المادية التي أقرتها الهيئة الإدارية وهو أمر حسبما أفادنا به الزملاء المعنيون لا أساس له من الصحة، فرغم أنه قرار هيئة إدارية الا أن النقابة قد تنكرت له منذ ماي 2008 متهمة الأساتذة بأنهم لا يساهمون في تجميع المبلغ  و هو أمر غريب اذا ما ما علمنا أنها تحصل على نسبة 10% من عائدات منخرطي القطاع، فماذا تساوي المنحة المقررة للزملاء أمام المصاريف الممنوحة  للدعاية الانتخابية للنقابة العامة الحالية. فقط نهمس   » بعضا من الحياء  يا نقابتنا ». و لسائل أن يسأل الآن أي مصير ينتظر الزملاء الذين تاجرت بهم النقابة العامة و زايدت بهم و تمعّشت من مظلمتهم ثم تخلت عنهم؟ و ما هو مصير القطاع عموما أمام استمرار الوقوف على الربوة الذي تمارسه هذه النقابة و خاصة في ظل إصرارها على تأجيل المؤتمر ربحا للوقت، فقد تطرد الوزارة زملاء آخرين فيستأنفون   إضرابا أو اعتصاما… فتنفض النقابة العامة عباءة الفرجة في انتظار طرد أخر… في انتظار جوع أخر يهدد أبناء القطاع. 
 رضوان نجاحي استاذ تعليم ثانوي / بنزرت تونس        *نقلا عن نشرية الاخبار الجديدة


مؤتمر نقابة المعلمين بتونس من وجهة نظر قومية.


صلاح الدين الكافي. ان انعقاد مؤتمر النقابة العامة للتعليم الاساسي بتونس, كبرى نقابات الاتحاد العام التونسي للشغل, في 24 و 25 جوان يونيو 2009, يأتي في ضرف دقيق, متسم بأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة تعيشها البلاد, مهما عملت وسائل الاعلام الرسمية على التخفيف من حدتها. فهو يأتي في ضل هجمة شرسة لدوائر الامبريالية و الرأسمالية المتوحشة على كثير من شعوب العالم, وصلت الى حد الغزو المسلح والتقتيل الجماعي العشوائي, بهدف ابادة شعوب بأكملها, وقد كان للوطن العربي, بحكم موقعه الاستراتيجي و ثروته الهامة و دوره الحضاري, نصيب الاسد من هده الهجمة المتعددة الاساليب والوسائل. فمن نشرالفتن الطائفية والنعرات الانفصالية بهدف تفتيت الاقطار العربية المفتتة أصلا وادخال الشعب العربي في دوامة من الحروب الداخلية في ضل سيطرة الكيان الصهيوني وانتشاره السرطاني في الوطن العربي. كما ان هده الدوائر الاستعمارية اتخدت من انهيار المعسكر الشيوعي دريعة للترويج لديمقراطية زائفة, غطاءا لغزو اقتصادي رأسمالي فج, وصل الى حد القضاء على كل اقتصاد وطني لصالح نشر فروع للشركات الرأسمالية الكبرى في مختلف دول العالم النامي, لتحولها الى سوق استهلاكية, تصل الى حد الاتجار بالبشر, وفي نفس الوقت تفرض عليها حصارا علميا ومعرفيا و تكنولوجيا, حتى تمنعها من اكتساب مقومات السيادة والاستقلال. ثم أمعنت أكثر من دلك, فتوخت أسلوب الغزو الثقافي والاعلامي الموجه, لمسخ حضارات الشعوب وطمس هويتها حتى صارت تعيش حالة متفاقمة من التردي الاقتصادي والتفكك الاجتماعي تحت وطأة استبداد سياسي وقهر بوليسي غير مسبوق. كل هدا لم يشبع نهم الرأسمالية المتوحشة, فارتأت مصادرة مستقبل الشعوب, بتدمير مناهج التعليم والثقافة فيها, وفرض مناهج غريبة عنها, صاغتها مختبرات هده الدوائر لتحقيق أهدافها المعلنة والخفية, ودلك بمشاركة الانظمة داتها. من هنا تبرز أهمية اطار التعليم والتربية, في التصدي لهدا المشروع المسوق تحت يافطة تطوير التعليم, وهو في الواقع افراغ لبرامج التعليم من محتواها, بما يولد أجيالا من أشباه المتعلمين, غير القادرين على التحليل وصياغة القرار, فيصادر مستقبل الامم. وقد ترافق كل هدا مع تفشي التسيب في المدارس وانتشار الانحراف وبالتالي ضعف فادح في التكوين, مما دفع كثيرا من الاولياء الى اللجوء الى المدارس الخاصة اعتقادا منهم في أفضلية مردودها, فصار القطاع العام برمته مهددا وأصبح مستقبل المدرسين بحد داته مهددا. لابد ادا, للمنظمة النقابية, ومن ورائها كل اطار التدريس, من وقفة جريئة في وجه هده الهجمة, وهي ليست وقفة احتجاجية شعاراتية, بل دات أهداف واضحة ومطالب محددة, ولن تقدر على القيام بها المنظمة النقابية الحالية ما لم تحسم الملفات التالية : ·ملف السياسة النقابية وتوجهات القيادة الحالية ( علاقتها بسلطة الاشراف ). ·ملف الديمقراطية وعلاقة المركزية النقابية بباقي الهياكل( القانون الاساسي والنظام الداخلي). ·ملف فشل السياسة التعليمية القائمة على نظام الكفايات. ·الوضع المادي للمعلمين وفتح الآفاق أمامهم. ·المخاطر التي تتهدد القطاع العام ( سياسة الخوصصة في قطاع التعليم ). لتحقيق هده المطالب, فان القيادة النقابية الجديدة, مهما كان لونها, لن تكون قادرة على الايفاء بهده الاستحقاقات ادا لم تكن مناضلة وصادقة أولا, وما لم تكن مدعمة بقوة جماهيرية نقابية ملتفة حولها. وحتى نكون عمليين, وانطلاقا من قناعة عقائدية راسخة وفهم استراتيجي للنضال النقابي, فان التيار القومي يؤكد على ما يلي : ·تدعيم الوحدة النضالية داخل التيار القومي داته. فمن حيث هو تيار ديمقراطي, فهو يحتمل الاختلاف في وجهات النظر, بين منتسبيه , دون المس بثوابت الفكر القومي, وهو يرفض ويدين كل محاولات البعض ممن يعتبرون انفسهم ضمن هدا التيار ويروجون للاقصاء لاعتبارات عشائرية أو قبلية أو جهوية أو حتى لمجرد الاختلاف في وجهات النظر. فالشللية والتفتيت طريق مضمونة للتدمير الداتي, فالعدو واضح والصديق واضح, فلا مجال للتعصب والتناحر , وان وحدة هدا التيار لكفيلة بجعله في مقدمة القوى المناضلة, دفاعا عن كل النقابيين والمضطهدين والشعب العربي بأكمله. ·الدعوة للتحالف مع كل القوى الوطنية والديمقراطية والاسلامية المستنيرة, على أرضية نضالية, نقابية وغير نقابية, وفق التقاطعات والقواسم المشتركة, و عبر حوار بناء يؤدي الى صياغة برنامج نضالي مشترك, يستجيب لتطلعات الشعب العربي, ويكسب القوى المناضلة, الزخم الجماهيري الازم لتحقيق النصر. ·تدعيم استقلالية المنظمة النقابية عن السلطة من جهة, وعن مختلف الاحزاب السياسية من جهة أخرى, بحيث تبقى منبرا موحدا للدفاع عن حقوق العمال و مكسبا ديمقراطيا, تتلاقح فيه الافكار وتتنافس فيه المدارس الفكرية والسياسية, فالنضال النقابي ليس مبتورا عن النضال السياسي و عن الوضوح الفكري. ·الحرص على ترسيخ مبدأ النضال النقابي الجماهيري الدي لايتماشى مع ما تعمل به المركزية النقابية الحالية من سياسة الاتفاقات الفوقية من وراء ظهر الهياكل والقواعد النقابية والتي اتخدت شكل الاجراءات الادارية الروتينية مما أفرغ النضال النقابي من روحه الكفاحية. أخيرا وليس آخرا, فان الكلمة الفصل هي عند النواب المؤتمرين, والمسؤولية كل المسؤولية, عندهم في انتخاب قيادة نقابية مناضلة ونقية, تعكس تنوع الطيف الفكري والسياسي المساهم, دات رؤية شاملة لواقع المدرسين وأيضا للتحديات السياسية والاقتصادية التي باتت تهدد القطاع في وجوده. ‘ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم, ورسوله, والمؤمنون ‘. صدق الله العظيم.  زوروا موقع نداء الحرية www.annida.org (المصدر: « المرصد النقابي »، بتاريخ 26 جوان 2009)


إلى الصحفيين خالد الحداد والصحبي صمارة :

« معا لإنهاء محنة التهجير، نحبّك يا تونس وطنا للجميع »

 


د. سليم بن حميدان كان العنوان المحبر بالأحمر إحدى شعارات مؤتمر حق العودة للمهجرين التونسيين، المنعقد بجينيف يومي 20 و21 جوان الجاري، والذي كشف للشعب التونسي وللرأي العام العربي والدولي فظاعة محنة التهجير التي يكتوي بنارها الآلاف من أبناء تونس. كما كشف للعالم أن مأساة التهجير هذه عقاب سياسي قاس لا يتلاءم إطلاقا مع ما تعتبره السلطات التونسية « جرائم » تستحق الملاحقات الأمنية والقضائية الجائرة والحملات الإعلامية المهينة، العابرة للحدود والخارقة للدين والأخلاق والعرف. خالد الحداد والصحبي صمارة، صحفيان في صحيفة الشروق التونسية، كتبا أخيرا مقالين، في الموضوع، بخلفية تشويه مطلب المهجرين في عودة آمنة وكريمة وشاملة. بل إن مقال الصحفي الصحبي صمارة (جزيرة الإخوان وإخوان الجزيرة) تجاوز ذلك، تحاملا وتشويها، ليطال فضائية شعارها « صوت من لا صوت له » فشهد لها العالم بالجرأة والموضوعية، مؤاخذا عليها تغطيتها لأشغال المؤتمر كحدث أثار موجة تأثر وتعاطف إنساني واسع وغطته وسائل إعلامية أخرى كم نتمنى أن ينقل مثلها الإعلام الرسمي لبلادنا ! نحن ندرك حجم الضغوط التي يتعرض لها الصحفيون التونسيون، العاملون في قطاع الصحافة الرسمية، ونعذر لهم صمتهم عن المظالم والانتهاكات لاعتبارات تأمين مورد العيش لعائلاتهم. لكن الذي لا نعذره لهؤلاء هو أن يتحولوا إلى ضفة الحقد والكراهية والكذب والتشويه التي لا تليق إلا بمن باع ضميره  أو ضمرت فيه إنسانيته. خالد الحداد والصحبي صمارة من أبناء جيلنا، نحن شباب عقد السبعينات، جمعتنا أحلام جميلة وآمال عريضة وقبلها أخلاق وقيم وأعراف شعب نبيلة تنبذ الحقد وتحرم العدوان وتقدس الأخوة الوطنية والتضامن الأهلي.    هذان الصحفيان التحقا، طائعين أو مكرهين، بضفة العدوان على رفاق درب، شاركوهما ذات يوم مسيرة رفض الظلم وعشق الحرية وحلم التغيير الديمقراطي والمواطنة الكريمة. لم يلتفت هؤلاء حتى إلى عذابات الأمهات والآباء الذين ينامون على الأوجاع والآلام والدموع، بل يموتون حسرة وكمدا على فلذات أكباد فارقوهم، ربما إلى الأبد، وهم في عمر الزهور. مظلمة التهجير هذه، قاسينا فصولها ألوانا وتجرعنا علقمها أعواما بل عقودا، تفوق بعض حكاياتها الخيال وتقارب بعض آلامها عذابات الحواريين والموريسكيين وضحايا النازية والفاشية، وسيستمتعون قريبا بقراءتها وهم يحتسون القهوة ويستمتعون بنسائم البحر اللطيفة ! إنهم يعلمون علم اليقين، أن هذه المظلمة الفظيعة التي اكتوت بنارها ولا تزال آلاف العائلات التونسية، داخل البلاد وخارجها، جاءت نتيجة المطالبة بالحق في المشاركة السياسية ومحاولة « فرض الحريات » بعد أن تغوّلت الدولة على مجتمعها وأمّمت مؤسساته المدنية وفرضت على شعبها ولاء الرعية وطاعة العبيد. ليس « واجب العودة » إلى تونس ممكن الأداء، كما ادعى الصحفي خالد الحداد، في وضع يصر فيه نظام الحكم على التعاطي الأمني والقضائي مع ملف المهجرين. بل لن تكون الاستجابة لندائه، والحال هذه، سوى مصيدة أو محرقة جديدة تداس فيها الكرامة ويشهر فيها سيف الخوف والتحقيق والسجن. وله في شهادة زميله الصحفي المهجّر مرّتين مرسل الكسيبي خير دليل. فهل لديه على الأمر تعليق ؟ أما تلويح زميله الصحبي صمارة بفزاعة « الدولة الإخوانية » وأسطول طائراتها القادم من المهجر فحجة صهيو-أمريكية أقدم من أخزم، اكتشفت الشعوب منذ آماد سخافتها ولا يزيد العلك أصحابها إلا وضاعة وصغارا. المهجرون هم شباب تونس وكهولها من أبنائها البررة الطيبين، تربوا في معاهدها، أشربوا عشق الوطن ونهلوا من معين الوفاء والكرامة والشرف. يضربون بجذورهم عريقة في أديم أرض جربة ومدنين وقابس وصفاقس والكاف وبنزرت وسوسة وقفصة والقصرين وسائر المدن والقرى التونسية شمالا وجنوبا، شرقا وغربا. ويتطلعون بأشواقهم محلقة في سماء الحرية عسى أن تعانق  الخضراء يوما ربيع الديمقراطية. غادروا كرها، وطنا وأهلا وأحبة، ليجنبوا أنفسهم جحيم التعذيب والموت البطيء، داخل السجون وخارجها، على ما تؤكده تقارير منظمات وشخصيات شهد لها العالم بالمصداقية والنزاهة. نحن المهجرون، ظلما وعدوانا، وكاتب السطور منهم، ننتشر اليوم على القارات الخمس، وننشر فيها أنوار القيم النبيلة ولغة الضاد الجميلة ونلقن أطفال جاليتنا التونسية والعربية قيم الدين الإسلامي الحنيف ودروس الولاء لقضايا الأمة ومعاني التضامن مع أوطانهم الأصلية. ينزل كثير من التونسيين في بيوتنا ضيوفا كراما مبجلين ولا ندخر جهدا يسعنا لخدمة من يقصدنا من أصدقاء وزملاء بل من غرباء دقوا علينا الأبواب طالبين عونا أو نصحا. لقد فاض حب الأهل والأوطان فينا ليعم العالم خيرا وعطفا ومحبة وسلاما. ما نريده اليوم هو أن نعود إلى الخضراء وطنا آمنا كريما لا يضيق بصاحب رأي ولا بطالب حق، أن نعود إليها لا كما خرجنا منها، مطاردين ومقهورين، بل آمنين مطمئنين على أرواحنا وكرامتنا وحقوقنا الطبيعية التي تكفلها مواثيق الأرض وشرائع السماء. ذلك هو مبتغى المهجرين وهدف منظمتهم الوليدة ومناط لقائهم الأخير الذي أثار فيكم سيء الظنون فأعقبتموه تأليبا ومكرا « ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ». بأعمق وأقدس وأسمى معاني الأخوة الوطنية والدينية نقول لكم : إن الذي يجمعنا أكبر كثيرا مما يفرقنا، وطن ودين وأمل موحد في أن نترك تونس لأبنائنا، بعد طول عمر وحسن عمل، بلدا يطيب فيه العيش وتحفظ الكرامة ويرتفع فيه « علم الحرية » خفاقا فوق دولة القانون. فلا تكونوا عبيدا لأسياد عابرين ولا أسرى أمراض من حقد دفين، ولنعمل سويا لإنهاء محنة التهجير وإدخال الفرحة على بيوت كل التونسيين، فتونس حضن كبير يتسع للجميع.


رسالة عتاب الى مؤتمر العودة


حسن سوقير بــســم اللــــــه الرحمـــان الرحيـــــم الحمــد للــه الــذي لا ينبـغـي الحمـد الا لـه والصـلاة والسلام على خاتـم النـبـوة والـرسالة وعلى آلـه وصحبه وسلـم تسليـمـا إن كـاتب هــذه السـطور ليـس مـن العلمــاء ولا مـن الفقـهــاء وإنمـا حرفـي عـامل يومي يتقــطع قلبــه ألمـا وحســرة علـى مـا أصــاب بـلده مـن تـدهور فـي الأخــلاق وإتـلاف فـي الرجولــة وضيــاع للمروءة وهجــران للـديــن.  نعــم أحسســت بالسكينــة وتلمـسـت الرحمــة فـوجـدتـهـا فـي استجــابـة كـل أحــزاب المعــارضـة أو جلــهـم فـي هـذا المــؤتمــر الطيـب و إنـنــا إذ نحـيـيـكــم تحيــة ألإكبــار والإمتـنـان لنشكــر اللــه تعــالـى أشــد الشكــر علــى نجــاح هــذا المــؤتـمــر وأن يجعــل فــي بــلادنــا رجــالا أمثالكـــم عــرفــوا طــريــق الحق فـاتبــعــوه وأحبـــوا الــدفــاع عــن المستضعــفــين في الأرض فـوفـقــهـم اللـــه. ولكـــن لــي بعـض العتــاب عـرفـت أن لـكــم صــدورا رحبــة وقلوبــا واسـعــة…فقــد اطلعــت علـى مــؤتمــركــم مـن خلال قنــاة الحــوار وكــان ذلـك فـي الأيــام الأخيــرة وكنـت أنـتـظــر منـكــم دعــوة لحضــور المــؤتمــر بـمــا أنــي مـن الممــضيــن علـى مطـالبــة حـق العــودة فمــن المفــروض دعــوة كـل الممــضيــن علـى الوثيقــة وليــس تجــاهلــهـم و يجـب الا يكــون جمـع شملنــا غـافــلا عـن هذه النقطـة. فلنــوحــد جبهتنــا الــداخليــة أولا ليكـون ذلـك مصـدر قـوتنـا وعـزنـا ولنبــعـد عـن أنفســنــا الضغــائــن والأحقــاد التـي لـن تخمــد نـارهــا الّا بالعــودة الـى سيــرة السلف الصـالح. إنــنــا متفــقـــون فـي كـل مـا تـوصلتــم اليـــه مـن آراء ومقتـرحــات نـرجــو مـن اللـــه أن تــؤتـي أكلهــا وهـو علـى كل شــئء قديـــر. يبقــى لــي ســؤال ربــمــا يطــرحــه الكثيــر منــا: « كيـف سيتـــم الاتصـــال بهــذه المنظمــة التــونسيــة للـمـهـجريــن وكيــف سيــتـم التعــامل معهــا؟ هـل مـن خــلال الانتمــاء الـى حــزب بعينه؟ ومــا هــي الـــوســائــل الأفــضــل لــذلــك. أقتــرح علــى هــذه المنظمــة أن تســارع فــي إنشــاء مــوقــع فــي أقــرب وقــت ممــكــن حتــى نتعــرف علــى مستجــدات الأحداث المتعلقـــة بــهـذا المــوضــوع وفـي النهــايـــة نــرجــو أن لا تخيبـــوا لنــا أملا… ووفقــكـم اللـــه وإيــانــا جميـعــا للعمــل علــى تبليـــغ الحــق لـطـالبيـــه ووفقنــا لتنبيـــه الغــافــل عـن الحــق حتـى يـطلبــه والقــاعــد علـى نصــرتــه حتـى يقـوم فـي سبيــلــه والســـلام عليكــم ورحمــة اللـــه وبــركــاتـه. أخــــوكـــم الحســــــن (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 25 جوان 2009)  ** تعاليق على هذه الرسالة: 1.    الحاج كلوف 2.    أخي حسن يبدو لي من لهجة خطابك أنك رجل طيب عير أنني أعتقد أنك غائب نسبيا عن الساحة الإعلامية إذ لو تابعت كل أو أغلب ما كتب عن مؤتمر حق العودة لوجدت إجابات عن اسئلتك ورغم أن أسئلتك موجهة الى المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين غير أنني بحكم صفتي ( كلوفي) أسمح لنفسي في إنتظار إجابتك من طرف المسؤولين أن أقول لك ما يلي: الذين أرسلوا أسماءهم عبر بريد الكتروني الى موقع منفيون تلقوا دعوة ألكترونية عبر البريد للحضور الذين سجلوا بطريقة أخرى شملتهم الدعوة العامة التي وجهوها للحضور وهي تشمل كل من له رغبة في الحضور ولم تصله الدعوة عبر البريد الإلكتروني وقد نشر كل هذا الكلام في كل المواقع التونسية ومنها الحوار نت لو قرأت التقارير التي كتبت حول مؤتمر العودة والمنظمة التي وقع إحداثها ولو قرأت البيان الختامي للمؤتمر لما تساءلت عن طريقة الإلتحاق بهذه المظمة المنظمة يا سي حسن يا ناس ملاح ما عندهاش حتى علاقة لا بحزب ولا بحركة وهذاكه سرّ القوة متاعها يعني منظمة مستقلة والإنخراط فيها يستوجب فقط الإيمان برسالتها والوسائل السلمية التي تتبعها لتحقيق أهدافها كل مهجّر ومنفي هو بالضرورة عضو في هذه المنظمة إلا من أبى (( يعني إلا ّإلي ما حبش ويحب يدبّر راسو وحدو هذاكه شايف ليه شوفه أخرى معروفة أش هي)) هذا موقع المنظمة المؤقت فيما أعلم: http://www.manfiyoun.net/ وهذا بريدها الألكتروني اذا حبيت تتواصل معاهم: manfiyoun@gmail.com وان شاء الله جماعة الحوار نت ما يستعملوش المقص متاعهم باش يحذفوا هذا الإشهار المجاني !!! باختصار سي حسن يرحم والديك فيق شوية وخليك متابع الأحداث لعل سي الختروشي وجماعتو يحضروا الباسبورات وانت غافل ما على بالكش أش قاعد ياقع تصبحوا على خير… نورالدين ختروشي السلام عليكم سي حسن ليس لي ما أضيف على رد سي الحاج غير إعتذاري عن تقصير قد يكون صدر في حقك من طرفنا ومرحبا بك عضوا كامل الحقوق والواجبات في منظمتك مع طيب التحية  (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 25 جوان 2009)   

تهاني  لمؤتمر المهجّرين التونسيين التوحّد قوة والفرقة عذاب لا بدّ من الحوار بين المتخالفين


عبد السلام بوشداخ 26 جوان 2009 الحمد لله الذي امر أن لا نعبد إلا إياه و بالوالدين احسانا و نشكره على ما خلقنا ورزقنا و هدانا و من جزيل نعمائه منحنا و أعطانا فمن دون الناس خصّنا و اصطفانا و من سائر الامم اختارنا واجتبانا. و نشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له و نشهد ان محمدا رسول الله فهو نبيّنا وقائدنا ومرشدنا عبد الله ورسوله الذي ارسله الله رحمة للعالمين. اما بعد الحمد لله الذي أعز جنده، ونصر عباده المؤمنين، وهزم الأعداء وحده، وهو القائل: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده إمام المتّقين و قائد المجاهدين محمد الصادق الأمين و على آله  واصحابه الأتقياء الأنقياء وازواجه الطاهرات أمهات المؤمنين القائل: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله) أما بعد. يقول الله تعالى في سورة المائدة : « يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنّكم سنآن قوم ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى  » (المائدة – 8 ) وهذا نداء من الله و تذكير بنعمة الله تعالى علينا جميعا حتّى نكون قوامين بالقسط أي من اجل ثواب الله تعالى و لا ننتظر جزاءا ولا شكورا من احد و هكذا فان كفر الكافر لا يمنع من العدل عليه . ويقول جل وعلا وهو يخاطب المؤمنين :  » يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ همّ قوم ان يبسطوا إليكم أيديهم فكفّ أيديهم عنكم واتقوا الله و على الله فليتوكل المؤمنون » (المائدة – 11)  و قال تعالى :  » قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فاذا دخلتموه فإنكم غالبون و على الله فتوكّلوا لإن كنتم مؤمنين » (المائدة – 23) وهذه نزلت في بني إسرائيل من مصر أمرهم بجهاد اهل أريحاء من بلاد فلسطين الجريحة فبعث ياثني عشر نقيبا من كل سبط رجل يستاقون الاخبار فرأوا سكان البلاد من الجبابرة ذوي الاجسام الهائلة و الجبارين الذين يخاف بطشهم و كذلك جباري كل زمان ومكان فقالوا لنبي الله موسى عليه السلام ادخلوا عليهم الباب ولا يهولنكم عظم أجسامهم لن قلوبهم ملئت رعبا منكم فأجسامهم و امكانياتهم المادية قد تكون عظيمة ولكن قلوبهم ضعيفة و هذا القول يكون عندما القلوب متشبعة بالثقة في وعد الله بالنصر و التمكين ولو بعد حين.  و قال رب العزة والجلال في قصة ابني آدم لما تقبل الله من التقي ولم يتقبّل من الثاني وهدّده بالقتل :  » لئن بسطت اليّ يدك لتقتلي ما انا بباسط يدي إليك لأقتلك إني اخاف الله رب العالمين  » (المائدة – 28 ) و هنا لا بد لنا من تذكر الحديث القدسي الذي رواه البخاري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  » إن الله تبارك وتعالى قال من عادى لي وليا فقد آذنته  بالحرب وما تقرّب إلي عبدي بشيئ أحب إلي مما افترضت عليه و ما يزال عبدي يتقرّب اليّ بالنوافل حتّى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه و لئن استعاذني لأعيذنه و ما ترددت عن شيئ  أما فاعله تردّدي عم نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته  » و في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  » يؤتى يوم القيامة بالظالم والمظلوم فيؤخذ من حسلات الظالم فتزاد في في حسنات المظلوم حتى ينتصف فان لم تكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فتطرح عليه »     قوانين الغلبة : أنّ الغلبة ليست لمن يملك القوّة وحدها، و إنما لمن حسنت عقيدته ويحسن استعمال الوسائل التي بين يديه  ولو كانت بسيطة، ولو ننزّلنا هذه الحقيقة في الحرب الشّرسة في غزّة الشهيدة، فلقد استعدّ شعبها المرابط بعدّة عظيمة من الصّبر والمصابرة والثّبات و رباطة الجأش مع الحكمة في إدارة المعركة بالكرّ و الفرّ. إذ تبيّن مظهرا من مظاهر القوّة والذي يعدّ من أهمّ قيم هذا الدّين العظيم، وهذه من القيم التي علّمها الرّسول لابن عبّاس وهو صبيّ  » يا غلام! احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرّخاء يعرفك في الشّدّة، واعلم أنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أنّ النّصر مع الصّبر، وأنّ الفرج مع الكرب، وأنّ مع العسر يسراً »، فالصّبر هو وراء النّصر المشاهد اليوم في أرض القدس لقد استسلمت دول كبيرة تمتلك جيوشا وأنظمة وجنرالات أمام دول غازية، فاستسلمت فرنسا أمام ألمانيا، والفيتنام أمام الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وغيرها كثير، ولكنّ شعبا أعزل لا يمتلك طائرة ولا دبّابة لم يستسلم، فالله أكبر ياله من شعب عظيم. في غزّة، رئينا شروط النّصر من خلال ذلك التّدمير والتّخريب الصهيونيّ، ومن خلال تلك المآسي ومن وراء تلك الآلام نرى بشائر الأمل، ومن تلك الدّماء تطلّع إلى وعد الله تعالى الصادق بتدمير العالين في الأرض تصديقا لقوله تعالى في سورة يونس اذ قال جلّت قدرته : »حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » (يونس 24) . رحم الله المعتصم بالله أحد خلفاء الدّولة العباسيّة عندما صاحت امرأة في عموريّة على بعد مئات الأميال من بلاد المسلمين وقالت »وامعتصماه »، فهبّ المعتصم لنصرتها فجهّز جيشاً جرّاراً وأرسله لفتح عمورية كلّها. البلاد التونسية اليوم تعيش حالة تدجين للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين و خنق للحريات ومحاصرة الإعلاميين امنيا وسياسيا …والسلطة تحاصر وتضيق على نقابة الشغالين بسبب تقريرها حول الحريات الصحفية. ان اي اصلاح سياسي في تونس لن يكون له اي نجاح الا اذا وقع انجاز حوار وطني لا يقصي أحدا على أساس فكري أو سياسي و أن تحترم الحريات المدنية والسياسية احتراما فعليا و حقيقيا وان تطبق العدالة الاجتماعية التي لا يميز فيها بين الفئات و لا بين الجهات و لا مناص من إرجاع الحقوق لأصحابها و تيسير عودة جميع المهجرين و تعويض المتضررين المسرحين من السجون و الإعتراف بحق التنظيمات الوطنية والاسلامية في الوجود القانوني و التنظيم السياسي. ومن مقدمات هذا الاصلاح السياسي سن العفو التشريعي العام باطلاق سراح المساجين السياسيين واصحاب الراى وسجناء الحوض المنجمي وعودة المغتربين. العديد من التونسيين من انتماءات سياسية وفكرية مختلفة،  يعيشون في المنافى منذ عشرات السنين ، موزّعين في الكثير من بلدان العالم، بعد فرارهم من تونس، على إثر صدور أحكام  قضائية ضدهم سواء غيابيا أو حضوريا، أو نتيجة تتبعات أمنية، بسبب أنشطنهم السياسية السابقة أو اللاحقة.. وقد أصبحت هذه القضية تعدّ في نطر البعض مظلمة لا سابق لها في تاريخ تونس، من موقعكم كيف تنظرون لهذه الوضعية، وما هي مساهمتكم فيها، ولماذا وقع التغافل عن هذا الملف طيلة كل هذه السنوات وعدم نبنيه من طرف الجهات الحقوقية والسياسية والأطر الإعلامية في الداخل؟ هو السؤال الذي طرحه الأخ الفاضل والصحفي الملتزم الطاهر العبيدي على بعض الشخصيات السياسية والحقوقية والإعلامية والمعنيين بهذا الملف، لمحاولة نفض الغبار عن هذه القضية التي أصبحت عنوانا بارزا في النسيج الاجتماعي والسياسي التونسي، من خلال  مراكمة للفعل الحقوقي والسياسي لهذا الوجع طيلة سنوات، الذي انبثق عن هذا التواصل النضالي تأسيس منظمة منفيون تونسيون منذ سنة من طرف مجموعة من المهجّرين، التي تعقد مؤتمرها الأول في هذا المكان بسويسرا في هذه الأيام  19 و20  و 21   حزيران 2009، فكانت ردود السادة على السؤال تعكس مدى الاهتمام بهذا الملف، الذي بات هاجسا أخلاقيا يؤرق المنفيين و غيرهم من المهتمين بالشأن الحقوقي والانساني عموما وبالشأن التونسي بصفة أخص، وهم الذين تتهاطل عليهم أنباء نعي الأحبة، وحملا مؤذيا في صدور العائلات في الداخل، التي فقدت أبناءها وهم على قيد الحياة.. وللإشارة فإن ترتيب االردود لم يكن تفاضليا، بل اعتمدنا فيه أولوية ورود الأجوبة، كما نلتمس العذر لمن وعدونا بالمساهمة في هذا التحقيق ولم ينجز وعده مع العلم أن الاخ الطاهر العبيدي اتصل ببعض رموز من السلطة لاستبيان رأيهم، فلم يتلق أي تعليق بعد، وفيما يلي أجوبة المشاركين في هذا التحقيق الذي طلبنا أن لا يتجاوز العشر أسطر. لقد بادر الدكتور منصف المرزوقي  رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بلاجابة مشكورا فكان قوله :  » ما نشاهده حاليا من محاولات بعض الإخوة ليس شيئا جديدا إلا في كونه ‏يفصل مطلب الرجوع عن مطلب العفو التشريعي، الذي هو نفسه كان مطلبا مفصولا عن المطلب ‏الرئيسي، أي نهاية النظام الاستبدادي  الذي  جعل من كل التونسيين  منفيين إما في ‏وطنهم أو في الخارج. رغم أنني الآن من المهجّرين ومعني شخصيا بهذه المبادرة  ‏،ورغم أنني لست ضدها،  فإنني لا أزال مقتنعا أن فصلها عن القضية العامة أي العفو ‏التشريعي وعن القضية السياسية الأولى، أي إنهاء نظام لا يريد الصلح إلا مع نفسه ‏والإصلاح   إلا إذا حافظ على الوضع …أقول هذا التوجه لن ينتج شيئا أمام نظام ‏متنطع أكثر من أي وقت مضى. . لا أتوقع أي نجاح لهذه المبادرة وسيكتشف كل التونسيون ‏أنه أمام مثل هذا النظام  في هذه القضية وبقية القضايا، لا خيار غير الاستسلام أو ‏المقاومة  المدنية الكفيلة بوضع حد للدكتاتورية وبحل كل المشاكل التي تسببت فيها ‏ومنها هذه المشكلة » أما الاخ عبد اللطيف بن سالم وهو أحد مؤسسي منظمة منفيون تونسيون فله رأي آخر فقال :  » قضية الاغتراب أو المنفى بتونس ظاهرة قديمة قدم تاريخ الاستبداد السياسي والاضطهاد القومي، ولعل أكثر الأسماء شيوعا في هذا المضمار حسب التسلسل التاريخي هم :  » حنبل  » -« عبد الرحمان ابن خلدون » هروبا من الانحطاط الفكري- « خير الدين باشا « – « محمد العربي زروق  » ثم تتالت في القرنين الأخيرين موجات من المنفيين بدءا بالمجاهدين الذين تصدوا للغزو الفرنسي عام 1882 و 1883 ثم لجئوا إلى طرابلس، ومؤسسي الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار الفرنسي  » كعبد العزيز الثعالبي  » و » علي باش حانبة  » و » محمد نعمان  » ثم بعد ذلك « محمد علي الحامي  » باعث النواة الأولى للتنظيم النقابي بتونس، يتبعه قيادات حزب الدستور، كما لا ننسى أنه في غضون الأربعينات  ‏نفي ملك تونس  » منصف باي » من طرف الاستعمار الفرنسي، وبحلول الدولة الوطنية كان فوج آخر من المنفيين وعلى رأسهم  » صالح بن يوسف  » الذي تم اغتياله سنة 1961في ألمانيا بأمر مباشر من بورقيبة، وفي أواخر الستينات كانت بداية محنة منفى كل من الماركسيين والبعثيين والقوميين، إلى جانب فرار الوزير السابق  » أحمد بن صالح  » وبعض أتباعه، وكذلك هروب رئيس الحكومة السابق « محمد مزالي »، وفي الثمانينات ومع صعود الإسلام السياسي فتح المنفى على مصراعيه في وجه المئات من الناشطين الإسلاميين، على إثر  » محاولة الإطاحة بالنظام  » مما يعرف  » بشدتهم الكبرى »، حيث بلغ عددهم حسب إحصائيات أولية  أكثر من ألف  تونسي من كافة الأطياف السياسية والفكرية، بالإضافة إلى ضحايا الابتزاز الاقتصادي من رجال إعمال شرفاء، وحتى مسئولي أمن سابقين، موزعين في دول العالم… والجديد في هذه المظلمة أنه لأول مرة تبرز للوجود منظمة للمنفيين، غير أن هذه المبادرة ارتطمت بصمت مدوّي ومريب من طرف معظم الفعاليات الحقوقية والسياسية، عدا بعض الاستثناءات وهذا ما لا يفهم، لأن جسم المنفي هو جزء من الجسم الوطني… »           أما الباحث في القانون الدولي الأستاذ كريم الماجري من البوسنة فيقول :  »  ما من شك في أن المظلمة السياسية  طالت كل الشرفاء في ‏تونس.‏ حيث تفشت حالة من الخوف والتسلط  لمدة  تزيد عن العقدين، دعمتها مؤسسة قضائية انحازت إلى البلاط بدل الضمير، وبذلك  التقى الإكراه السياسي مع العنف القانوني، ليجهض أيّ حراك سياسي أو إعلامي أو حقوقي ‏محتمل داخل البلاد،  كما أن بعض ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني السابحة في فلك ‏السلطة دعمت توجه النظام، وشاركت في نكبة الحريات واغتيال حقوق الانسان في تونس، ‏مما أطال أمد هذه المظلمة المسلطة على رقاب كل التونسيين على اختلاف ‏انتماءاتهم، وأغرقت البلاد في ظلمة حالكة، باتت حديث القريب و البعيد، وحان الوقت ليدرك الجميع أن أكل الثور الأبيض لا يحصّن الثور الأسود من الافتراس ؟  » أما الاخ الفاضل أحمد قعلول من لندن فله رأي آخر اذ يقول :  » إن مظلمة المعتقلين خارج الوطن هي إحدى تعبيرات المحنة التي يعاني منها الشعب التونسي، وهي مظلمة لا تكاد تفوقها من حيث طول ليلها إلا مظلمة الإخوان المسلمين في سوريا، إلا أن المعتقلين خارج الوطن التونسي لم يرفعوا سلاحا ضد الدولة، ولم يتورطوا في سفك الدماء. وإني أرى أن هذه المحنة ثقيلة على المظلومين وأثقل على السلطة كما كان الحال بالنسبة للمساجين. وما عقّد محنة المعتقلين خارج الوطن أن نخبهم وقياداتهم السياسية لم تحسن التصرف في هذه القضية وسيستها كما سيستها السلطة حقبة من الزمن. إلا أن السلطة تراجعت على الأقل كما يبدو وطرحت الملف وإن جزئيا أو حسب الظاهر كقضية حقوقية بحتة ‏على أن ضعف أداء نخب المعتقلين فتح للسلطة مجالا كي تلاعب وتبتز. أرى أن الوجه المناسب للنضال في هذا الموضوع هو وجهه الحقوقي الخالص، ومعلوم أن المطالبة بالحقوق عمل سياسي، لكن أجندته ولغته مختلفة فهو مطلبي بالدرجة الأولى. فإن اختلطت الأمور لدى رافعي لوائه الجماعي، وأصبحوا يحملون رايات متعددة أفسدت واحدة منها على الأخرى. وفي النهاية ساهمنا بمد يد العون للسجان أن يحكم غلق القيد، وأن يضيّق في مسارب الهواء والنور حتى توارت عند الأقدام فلا يقدر على التنفس أو تشقيق عينيه إلا من يطأطئ. والقضية لم تكن مطروحة بما تستحق إذ كان رافعوها يحملون أثقال القابعين في السجن، أما وقد تحرّ‏ر هؤلاء فنرجو أن يتحرر المعتقلون ويرفعوا رايتهم وأن ينصرهم في ذلك من نصروهم بالأمس وهذا للمستقبل وعلمه عند الله. » أما الصحفي المستقل خميس الخياطي فقال :  » على الرغم من المآسي الاجتماعية التي يتضمنها، ليس لهذا الموضوع أي مكانة على مستوى الطرح السياسي في الساحة التونسية حاليا، وأتعجّب أن أحزابا معارضة لا تطرحه ولو من باب « التجارة السياسية »… إن وقع التغافل عن الموضوع، فليس ذلك بغريب عن المجتمع التونسي الذي لا ذاكرة له إلا الذاكرة الحينية… ماذا يعرف عن تاريخ تونس قبل الإسلام وعن تاريخ الإسلام في هذه البلاد بتياراته وصراعاته وتناقضاته، وعن فترة « البايات » وبورقيبة… كل فترة هي منعزلة عما يتبعها وما سبقها… هي خاصية تونسية مؤسفة…أقترح على أحزاب المعارضة أن تسنّ يوما دراسيا وتحسيسيا لهذا الموضوع، وتدارس كيفية تمكين المواطنين المتواجدون في المنفى من العودة وإن بشروط دنيا، تكون نتيجة توافق بينها وبين الدولة عبر الحزب الحاكم… قد أكون أحلم ولا ضرر في أن يحلم المواطن » أما القاضي الممتحن من داخل البلاد السيد مختار اليحياوي فهو يقول :  » الملاحظة الوحيدة التي يمكن إبدائها حول عمليات العودة التي تمت منذ ذلك الوقت هي أنها تشترك جميعا في كونها مرتبة مخابراتيا، ووسائطها وشروطها أصبحت معروفة ولا تحتاج إلى تذكير. ومن لم يلتزم الصمت منذ عودته انقلب على قناعاته السابقة وأصبح بوقا للاستبداد وتمجيد إنجازاته. ورغم أنني أعرف الكثير منهم بالمهاتفة والمراسلة المنتظمة، والتي تتكثف عادة قبل عودتهم، فإنني لاحظت شيئا وحيدا مشتركا بينهم جميعا وهو أنه لا أحد منهم تجرأ على الاتصال بي أو مقابلتي بعد رجوعه إلى تونس، وهذا يغني عن أي تعليق. كما أنه يجب أن لا ننسى أننا شعب مات أكبر رموز تاريخه في المنافي، بدءا بابن خلدون ،وخير الدين، وعلى باش حامبه.. وقد أتيح لي في المدة الأخيرة قراءة كتاب  » العقوبة والمعاقبة بالبلاد التونسية -الإبعاد السياسي أنموذجا 1881- 1955 – وهو عبارة عن أطروحة دكتوراه قدمها الأستاذ « عبد اللطيف الحناشي  » سنة 1999 ونشرت سنة 2003، وتتناول الموضوع بكل مواصفات العمل الأكاديمي الجاد، والخلاصة التي يمكن أن يخرج بها القارئ هي أن المسألة لم تنفصل عن جذورها التاريخية، وأنه لم يتغير شيء يذكر بين الأمس واليوم . » و هذا رأي الممثل الدائم للجنة العربية لحقوق الانسان بجينيف السيد المحترم هاني عبد الوهاب الذي يقول :  » أعتبر وضعية المنفيين التونسيين  أكبر مظلمة تاريخية، وأكبر منها معاناة  » نورالدين القفصي  » أقدم منفي تونسي في العالم، فقد  فرّ من البلاد منذ  سنة 1962 على إثر محاولة الانقلاب ضد  نظام بورقيبة، وما يزال يعيش في المنفى… كما أعتقد أن المظلمة مضاعفة تجاه عدد كبير من المهجّرين الذين في جزء منهم كانوا من المتعاطفين وصاروا رهائن، يدفعون فواتير باهظة من المعاناة المجانية والحرمان من العودة لبلدهم، نتيجة الاستبداد السياسي، وكذلك نتيجة لغياب معالجة هذا الملف من طرف الإطار المعني الذي ينتمي له هؤلاء، ومن التجني القول  بأن هذا الملف لم يحض باهتمام المجتمع المدني سواء في الداخل أو في الشتات، فالعبد الفقير منذ 1994 إلى الآن تجندت حقوقيا وإعلاميا لقضية المساجين السياسيين وملف المهجّرين، الذي كذلك لم يغب عن اهتمامات نشطاء حقوق الانسان في تونس منذ أواخر سنة 1990، والذين استفاقوا مؤخرا بعد أن غاصوا  كل الأعوام الماضية في الاهتمام بمشاريعهم الخاصة ليتذكروا أخيرا بعد معركة تحرير المساجين والتصدي للجلادين وكشفهم أن هناك منفيون فالأجدى بهم مواصلة الاعتناء بمشاكلهم الصغيرة والانكباب على صغائر الأمور، بعد أن أعطى المناضلون منذ الساعات الأولى حياتهم وأوقاتهم من أجل كرامة التونسي، ومن أجل تصالح البلد مع كل أبنائه، كما أن المنفى لم يكن اختيارا جماعيا، بل اختيارا فرديا، صار هاجسا وطنياـ ودورنا هو النضال المستمر من أجل عودة مشرفة وكريمة للجميع، تطبيقا للدستور الذي يقر عهد الأمان، كما علينا أن نتوخى في ذلك إستراتيجية مدروسة، بعيدا عن الشعارات وعدم الاستغلال السياسي للتراجيديا، التي قد تطيل عمر هذه المأساة… » أما الناشط الحقوقي والصحفي المقتدر لطفي حجي فيقول :  » أنا من الذين يعتقدون أن موضوع المهجَرين لا يمكن أن يحل بمفرده وإنما هو جزء أساسي من الوضع السياسي العام، ومن ثمة يقتضي حله جملة من الإجراءات السياسية الجريئة المتعلقة بالحرية والتعددية. لأن الحل الفردي لهذه المسألة لا معنى له وهو نوع من النكوص إلى الوراء والتغافل عن القضية الأساسية التي هي قضية سياسية بامتياز. أما القول- حسب ما ورد في السؤال  بعدم تبني هذا الملف من قبل الجهات الحقوقية فهو غير صحيح، لأن كافة القوى الحقوقية المستقلة تناضل منذ سنوات من أجل العفو التشريعي العام وحق الجميع في الممارسة السياسية. وتلك مطالب على صلة مباشرة بحق المهجَرين وعودتهم. » أما الصحفي البارع زياد الهاني فيقول :  » تونس وطن كل التونسيين أينما كانوا، هي في وجدانهم وهي هويتهم وعنوانهم في الداخل كما في الخارج. فأينما حلوّا في مشارق الأرض أو في مغاربها، بجوازات سفر تونسية أو غيرها، هم في البداية والنهاية تونسيون. هم طلع هذه الأرض الطيبة وهي أمهم جميعا. لذلك ليس من حق كائن من يكون أن يمنع تونسيا عن أرضه، أو يوجد الظروف التي تبعده عنها.وجود منفيين تونسيين في الخارج بسبب انتماءاتهم أو أنشطتهم السياسية يؤشر لأزمة الديمقراطية في بلادنا. أزمة سببها الاستفراد بمقاليد الدولة الوطنية ورفض التخلي عن احتكار مقدراتها وما يتولد عنه من مصالح واستئثار غير مشروع. وجود منفيين بالخارج يعني أن بلادنا تضيق بالرأي المخالف، وتصادره. ويعني بأن الجمهورية بمعنى سيادة المواطنة مازالت مشروعا معلقا.هل توجد دولة ديمقراطية واحدة في العالم لها منفيون في الخارج؟ تعارض الحكومة التونسية منح دول أجنبية اللجوء السياسي لمنفيين تونسيين بتعلة أنهم إرهابيون. فلو كان الأمر كما تقول، فلماذا لا تقطع علاقاتها مع هذه الدول التي ترعى « إرهابا » موجها ضدها، أو تشتكيها للمحاكم والجهات الأممية المختصة؟ أما عدم طرح مشاكل المنفيين في الداخل فهو الوجه الثاني من المعضلة. معضلة نخب سياسية عاجزة عن توفير الحد الأدنى الوطني المشترك. ويدفع للتساؤل حول مدى ضرورة الاتفاق على تحديد معاني المصطلحات ومفاهيمها. فأخشى ما أخشاه أن تكون الديمقراطية بالنسبة للبعض هي « أنا »، وحرية التعبير « أنا »، والزعامة « أنا »، والحق في الاختلاف « حقي أنا »، وبعدي « أنا » الطوفان!!؟ »  أما رئيس تحرير جريدة الموقف التونسية و المناضل السيد رشيد خشانة فهذا رأيه :  »  قضية المنفيين المشردين في المهاجر القسرية وصمة عار في جبين الحكم، لأنه حرم الوطن من كفاءات عالية في جميع المجالات، وشل طاقات هؤلاء، فلم يعطوا فرصة المساهمة في بناء الوطن، فضلا عن المآسي غير الإنسانية التي تعاني منها عائلاتهم، وعليه فعودتهم إلى وطنهم واجب أخلاقي، ومطلب سياسي وحاجة اجتماعية وإنسانية » و هذا الصحفي من كندا في امريكا الشمالية عمر الخيام من مونريال يقول عن الهجرة :  » لقد هاجرت إلى كندا بدون دوافع سياسيّة، إذ لم أبدأ الكتابة ضدّ النّظام ‏المافيوقراطيّ التّونسيّ إلاّ بعد ظهور موقع  » تونيزين  » في يوليو من العام ألفين وواحد،  ‏ولكن لي أصدقاء إسلاميّين فرّوا من تونس بعد موجة القمع الرّهيب التي طالتهم في ‏بداية التّسعينات من القرن الماضي، وقد حاول النّظام استمالة البعض منهم بتمكينهم من ‏حقّ العودة مقابل طلب المغفرة من جلاّديهم، و شخصيّا لا أرى حرجا في أن يعود إلى أرض وطنه معارض ‏بارز كشف عورة النّظام عندما كان هذا الأخير في عنفوان بطشه و قسوته، مثل  » الدّكتور ‏أحمد المنّاعي » في مقابل امتناعه عن الكلام غير المباح، فالمهمّ أنّه ‏قد مرّر شعلة التّمرّد إلى الأجيال التي لحقته و لا يحمّل الله نفسا إلاّ ‏وسعها. » و لقد ادلى المحامي فتحي النصري من المغرب بدلوه في الموضوع فقال مشكورا:  » لم يشهد النظام السياسي الحديث لتونس الاستقلال ‏مثل هذا النفي للآلاف من أبنائها على خلفية سياسية، إلا أن استمرارها لحوالي عقدين ‏من الزمن يعود بالأساس لخيارات حركة النهضة في إدارة الفعل المعارض وترتيب ‏أولوياتها في ظل واقع جديد وهو تحولها واقعيا إلى حركة مهجرية، فاستأثر ملف ‏المساجين السياسيين ووضعية عائلاتهم وترتيب البيت الداخلي بأولوية الأجندة السياسية ‏للحركة. إن تحرير ملف المنفيين التونسيين  من ‏المزايدة السياسية، وسحبه من هيمنة حركة النهضة كتنظيم، والتوجه به أولا إلى الطرف ‏المعني به وهو هرم السلطة في تونس، وثانيا إلى المنظمات الدولية ذات الحضور في ‏المشهد السياسي الدولي، موازاة مع التسويق الإعلامي الجيد أيسر الطرق لحلحلة هذا ‏الملف، مع الحرص على عدم إطالة أمد هذا الملف حتى لا يتحول إلى حالة معقدة ومزمنة. » و هذه عينة من المعاناة التي يعانيها اللاجئين فالاخ حسن الطرابلسي ‏وهو لاجئ سياسي بألمانيا يقول :  » أعتبر أن لجوء العديد من التونسيين إلى المنافي بسبب محاكمات أو ملاحقات أمنية  مظلمة تاريخية، خاصة وأن السلطات في تونس لم تتوقف عن متابعتهم … وأمام هذا الوضع لجأت إلى الخارجية الألمانية في 31 مارس 2009 وطلبت منها التدخل لرفع المظلمة المسلطة على عائلتي، فوعدتني بمتابعة الوضع الحقوقي في تونس، وأنها ستثير هذه القضايا في إطار مشاوراتها السياسية مع تونس، وكذلك في إطار الإتحاد الأوروبي. أما لماذا وقع التغافل عن هذا الملف من الجهات الحقوقية والسياسية فهذا ما أتمنى أن تتداركه هذه الجهات.  » و لقد تفضّل الحقوقي شكري يعقوب المقيم بسويسرا بالتصريح التالي :  » … شخصيا أساند مبادرة تسعى لعودة كل المهجرين دون شروط، وحول عدم ‏إيلاء الاعلام التونسي هذه القضية الاهتمام، فذلك لغياب صحافة حرة ونزيهة، ولئن كان المعارضين السياسيين والمجتمع المدني في تونس لم يبدوا اكتراثا تجاه هذا الموضوع، فلأن أغلبية المنفيين هم من المحسوبين على حركة النهضة، وعودتهم لا تسرّ بعض إطراف المعارضة وهي الأنانية السياسية المفرطة… » أما الاخ الفاضل عمر قرايدي  العضو بمنظمة حرية وإنصاف فقال:  » من موقعي كناشط في المجال الحقوقي فقد قمنا سواء في إطار الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، أو في إطار منظمة حرية وإنصاف بالمطالبة بعودة المهجّرين الذين صدرت في حقهم أحكاما غيابية، ولا زلنا نطالب بذلك، ونعرّف بهذه المظلمة المسلطة عليهم لدى المنظمات الدولية، ونعتبر ما قمنا به غير كاف لحلحلة هذه المأساة. منذ سنة (1997 سنة الاستفاقة) كان الاهتمام في الداخل منصبّا على مأساة المساجين السياسيين لم يشمل المهجّرين إلا في المدة الأخيرة (ما بعد 2000) حين خرج أغلب مساجين العشريتين، كما أن اليسار المتحكم في الخارطة الحقوقية التونسية لم يكن معنيا بهذا الملف في السابق، بل كان مرتاحا لعدم وجود هؤلاء في تونس، بالإضافة إلى الأسباب الموضوعية المتمثلة في غلق السلطة لكل أبواب الحوار. » قال الاعلامي زهير لطيف المقيم ببريطانيا :  » ‏هنالك العديد من المبعدين والمحرومين من العمل ‏وحق التعبير والنشاط السياسي وهم في تونس،  مثل الزملاء يوسف الزوارى – سليم ‏بوخذير – عبد الله الزواري وغيرهم من النشطاء.. إن ملف ‏المئات وربما آلاف المبعدين والمتواجدين في كل بقاع العالم يمثل  ظاهرة تستحق ‏اهتماما جديا أولا من المجتمع المدنى التونسي وكل أطياف الخارطة السياسية المؤمنة ‏بالحق والتنوع والديمقراطية أضف إلى ذلك المنظمات الدولية مثل العفو ‏الدولية وغيرها والأهم هو إيجاد إطار فاعل لجمع المبعدين والتحرك على كل ‏المستويات وخاصة في أوروبا وذلك للضغط على النظام التونسى خاصة ونحن مقبلون على » سنة انتخابية »  » أما المؤرخ القدير الدكتور منذر صفر قال واصفا هذه المعظلة :  »  المنفى والتهجر هما أقل ضرر في تونس التي تعتبر سجنا كبيرا، والذين اختاروا المنافي أو التحقوا إليها اضطرارا هم محضوضين بالمقارنة مع مئات الآلاف من التونسيين الذين يتوقون للمنفى، ففي رأيي المنفيين لا يمكن لهم أن يأسفوا على مغادرتهم للبلد، فوجودهم خارج الجحيم السياسي أفضل للإمكانية التصدي للاضطهاد، فهناك حاليا عشرات التونسيين في العالم يقاومونن وفي أوضاع صعبة، من أجل الحصول على حق اللجوء وهؤلاء علينا مؤازرتهم. » أما الأخ سيد فرجاني من بريطانيا فقد صرّح :  » إن المظلمة في تونس منذ أواخر سنة 1989 بعد تزييف الانتخابات، وبداية النكوص  ‏العلني والرسمي عن وعود خطاب السابع من نوفمبر 1987. .. وقد  لعب ‏المنفيون دورا متميزا لصالح الوطنيين المضطهدين سياسيا عبر الفضاءات الإعلامية والأطر الحقوقية. أما الآن فقد حان الوقت ‏للالتفات إلى ملف المنفيين، لقد كانت حالة مماثلة لهذه ‏السياسة ضد الوطنيين الذين اجبروا على المنفى أثناء سنوات 1882 و 1884 من قبل ‏الحماية الفرنسية ضد الذين وقفوا ضدها. إن مشروع منفيون يجب أن يكون في سياقه الوطني وضمن ‏الحركة الوطنية. لأن الفصل بين هذه القضية وحالة المأزق الخطير في البلاد يمثل في ‏نظري ضربا من ضروب الخيال والأوهام، ومن واجب القوى الوطنية في الداخل والخارج أن يفرضوا على السلطة ‏الانسجام مع طموحات شعبنا في الحرية والكرامة وسيادة القانون على الحاكم قبل ‏المحكوم. » الدكتور احمد العش وهو طبيب مختص في علم النفس قال :  » أظن أن هناك نوع من الإحساس بالذنب لدى اللاجئ السياسي، الذي لم يناضل من أجل استرداد حقه في العودة لوطنه، ما يمكن أن نسميه أعراض الانبعاث عند المحاربين بعد الموت في ميدان المقاومة، هذا الإحساس صاحب المنفيين ومنعهم من المطالبة بحقهم، فعلى المنفيين التخلص من عقدة الشعور بالذنب تجاه زملاء النضال الذين سقطوا وسط الطريق شهداء في مواجهة الدكتاتورية، فالمنفيين ليسوا خونة ولا من الفارين من المعركة، ولكن تواروا عن آلة القمع، وعليهم المطالبة عاليا بحقهم في العودة الكريمة إلى وطنهم، الذين دفعوا من أجله ثمنا باهظا، فإن كان زملائهم قد ضحوا بحياتهم فهم أيضا دفعوا سنين طويلة من البعد والفراق والحرمان والألم، وعليهم أن يدونوا مأساتهم، وحان الوقت لطي هذه المأساة، وعلى المنفيين أن يتولوا حمل قضيتهم إلى العالم، فلا أحد يستطيع إدراك حجم هذه المعاناة إلا من خلالهم… »  محمد العماري ـ باريس قال :  » لا شك أن الأكثر إيلاما هو تغرّب الإنسان عن موطنه وعدم قدرته على الرجوع إليه حيث أن محنة التغرّب محنة قاسية ومدمّرة للكيان لا تضاهيها أو تفوقها إلا محنة السجن. فالعودة في البداية لم تكن مسألة مطروحة عند غالبية اللاجئين بل الهم المركزي كان البحث عن الاستقرار وتأمين النفس والرزق. وبتقدم المدّة أصبحت مسألة العودة مطروحة عند البعض وخاصة في ما يخص الأولاد والزوجات. ففي سنة 2006 دعا مجموعة من الأخوة المغتربين عبر بيان عام إلى حق العودة لكل من تيسر له من الذين سقطت أحكامهم بالتقادم. ومنذ ذلك الوقت عاد جمع لا بأس به بعد غياب تجاوز العقدين للكثيرين منهم. وكان تعامل السلطة معهم إيجابيا رغم محاولة بعض الجهات الرّافضة للعودة ركوبها سياسيا وإملاء شروطها المسبقة لأي خطوة في اتجاه البلاد. كما أن لا أحد يمكنه تجاهل الواقع الحالي، إذ جلّ المغتربين اللاجئين هم من حركة النهضة منتمين وأنصارا ومتعاطفين، كانوا أو لا يزالون محل تتبعات أمنية أو صادرة في شأنهم أحكاما بلغ أقصاها حكم الإعدام والمؤبد. وبالتالي فإن العودة وغلق ملف التتبعات العدلية لا يحيد عن ثلاثة احتمالات: – العودة بعفو تشريعي عام: رغم أنه مطلب كلاسيكي للنخبة المعارضة ولكنه شبه مستحيل في الوقت الحالي، باعتبار أن العفو التشريعي يصدره البرلمان بعد المطالبة به من أغلبية نيابية، وهذا غير متوفر الآن. – العودة بعفو رئاسي شامل: يحفظ القضية ويُوقف التتبع وفق صلاحيات رئيس الدولة الدستوريّة بصفته رئيس مجلس القضاء الأعلى. – العودة بتسوية الوضعية عبر الاعتراض أمام القضاء: وهو الوضع الحالي ، وقد تعاملت إلى حدّ الآن السلطات بإيجابية في هذا الموضوع، وحُوّلت الأحكام الغيابية إلى مؤجلة مع تخفيض مدتها. كما لم نسمع بأحد اُحتفظ به لتنفيذ الحكم الصادر ضده غيابيّا أو منع من العودة إلى الخارج من كلّ الذين رجعوا خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وأخيرا، ستبقى قضية العودة قرارا فرديا، تماما مثلما كان الخروج من البلاد في البداية خلاصا فرديا. أما محاولة ركوب هذه القضية واستغلالها سياسيا فلن يزيد الأمر إلا تعقيدا. » موسم الهجرة الى الجنوب نداء من أجل إستعادة حقنا في وطننا : و هذا نداء حرج من حنجرة احد اخواننا الاعزاء الاخ الفاضل المهجر المحروم من وطنهالاخ الطيب غيلوفي ينادي: « الى كل مهجر لا يستطيع العودة الى وطنه على خوف من الأمن ، ولا يرضى أن يطأطأ رأسه أمام مسؤولي الأمن في السفارة وهم يبتزونه ويساومونه على ما تبقى من كرامة أو مبدأ أو تاريخ، أناديك الى مؤتمر حق العودة في جنيف عسانا نجد طريقا ثالثا بين طرفي هذه المعادلة المستحيلة الى كل مهمش في حزبه ، تحول فيه الخط السياسي الى أحجية أو ضرب في الرمل، لا يعرف أهو في داخله أم خارجه، يريد أن يبقى واقفا أي مناضلا وهم جعلوه كما مهملا، السلطة تتهمه بعظائم الامور وتتوعده بالويل والثبور وهو المسكين لاهو في العير ولا في النفير ، مستقيل ولا يدري ، ولكن الأمن لا يقيله، أناديك الى مؤتمر المهمشين، لا مركز فيه ولا هامش ، نتساوى في الغربة – الاغنياء فينا جعلونا خلف ظهورهم ومدوا أيديهم وأرجلهم في السفارات باكرا – ، أما نحن نموت في الهامش أعزاء ولا نجلس في المركز أذلاء، هذا مؤتمر الأشعريين ، نبسط فيه أرديتنا نتقاسم هم الغربة وحلم العودة … الى كل تونسي محروم من وطنه ، الى كل تونسي محروم في وطنه ، أناديكم الى المؤتمر الوطني الأول ، أرجو أن يكون الأخير ، للمطالبة بحقنا في وطننا  بعد ثلاث وخمسون سنة من إعلان الاستقلال ، أنادي بعضا من زعماء الأحزاب السياسية ، الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، الدكتور منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ، السيدة مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي، الرفيق حمه الهمامي أمين عام حزب العمال الشيوعي، الاستاذ المحامي محمد النوري رئيس حرية وإنصاف، مرشحي الرئاسة … أناديهم ليشهدوا ميلاد أحد منتجات دولة الاستقلال ، تأسيس منظمة حق العودة للمنفيين التونسيين، الأولى مغاربيا وإفريقيا، والثانية عربيا بعد الفلسطينية، شهادة على فشل الدولة وتردي السياسة الى حدود الفضيحة، ويساءلوا النفس عن ما سبق من عجز أو ما إستمر من ضعف. الى سيادة رئيس الجمهورية ها قد نجح سيادتكم في إرجاع تونس الى ما قبل التعددية السياسية حتى وإن كانت شكلية ، الاحزاب القانونية ممنوعة من أي عمل قانوني، حتى إجتماع المكاتب السياسية المحدودة العدد لم يعد ممكنا، التعديل الدسنوري بعدد ومقاس أحذية سيادتكم، أتخم سيادتكم الشعب بالأمن ولكن الشعب المسكين يفتقد الأمان مؤتمر حق العودة للمنفيين التونسيين آخر إنجازات حكومتكم العتيدة ، الثاني عربيا بعد منظمة العودة الفلسطينية ، المعارضة الجزائرية عادت بعد مشروع الوئام المدني، المعارضة البحرينية عقدت صلحا مع الملك ورجعت، عاد الاخوان الليبيون والسلفيون المقاتلون الى بلادهم بمبادرة من سيف الاسلام القذافي وعلى إثر مفاوضات قادها بنفسه، كنتم إستثناءا ولازلتم، هل كان أحمد مطر يصف دولتكم العلية إذ قال وسعت أساطيل الغزاة بلاده  * لكنها ضاقت على الآراء ولكن مما يخاف سيادتكم ؟ كلنا تجاوز الاربعين، وكثير منا قارب الخمسين ، زهدنا في السياسة وزهدت فينا النساء، تحديدا السياسة التي تعرضونها على كل تونسي، أن يكون فيها قاتلا أو مقتولا، كان فيها معتدلا أم لم يكن. لا نفهم إصرار سيادتكم على معاملتنا بأسوأ مما يعامل الشين بيت أبناء فلسطين، من تجاوز منهم الاربعين يسمح له بالعبورمن الحواجز أو بدخول الأقصى يوم الجمعة، الحكمة ضالة المؤمن والأمن ضالة الحاكم ، نحن كما عرفتنا ليس منا ، لا من أسلافنا ولا من أصلابنا استشهاديين، لا نستطيع أن ندخل بلادنا حتى سياحة . الذي نعرفه أن حكومتكم تنفق الآلاف لجلب الزائرين ، ما رأي سيادتكم أن نحول المؤتمر الى شركة سياحية في طور التأسيس هل تضمنون لنا سلامة السائحين؟ ها أنتم سيادتكم تملكون كل شيئ ، البلاد والعباد ، لكم ملك تونس وتجري من تحتكم الأنهاروالبحار ونحن محرومون حتى من شم ريح أشجارنا أو الوقوف على قبور موتانا والترحم على أرواحهم ، ولكننا عند المنتهى نتساوى في النصيب من هذه البلاد ، حوالي متر مربع واحد من باطنها ( 2 متر *0.5 متر ) هو مقدارنا منها ومقداركم إلا أن يأمر سيادتكم بمنع دفننا في أرضنا. جعلتنا نترك وطننا ولكن الوطن لا يتركنا، كلما إبتعدنا إزداد قربا، كلما نأينا عنه تلبسنا، تحاول مستحيلا إذ تفرقنا،يظهر في سمرة بشرتنا ، ينطق من لكنة ألسنتنا، يأتينا مع التمر الذي نشتريه ومع الزيت الذي نتعمد فيه. أشعر بالعار كتونسي أن يعقد اللاجؤون التونسيون مؤتمرهم على مسافة أمتار من المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، وقد يعتصمون بعائلاتهم في المقر الأممي أو يرسلون وفدا لمقابلة المفوض السامي لشؤون اللاجئين، ألهذا الحد ضاقت بلادنا بأهلها أم تراها ضُيّقت، ألهذا المدى وصل العجز الحكومي وإستهتاره بقضية إنسانية ووطنية. بمناسبة إعادة إنتخابكم نطالبكم صادقين أن تنهوا هذه الفضيحة وتعلنوا إصدار عفو تشريعي عام لا يستثني أحدا. » في مخاض ولادة  منظمة للمنفيين التونسيين رهان وطني : كتب الاستاذعزالدين شمام:  » جاء المتحاورون من سقوف سياسية متباعدة ادناها يبحث عن الحد الادنى البيولوجي للعيش (هنا العودة) فقد نفدت بطاريته ووصل لاخر نفس.واقصاها يؤمن ان العودة عنوان معركة سياسية وحلقة في سلسلة قضايا مصيرية كالحريات والعفو التشريعي العام وصولا الى اعادة النظر بمسلمات الواقع السياسي الوطني  الحالي وبين هذا وذاك كان الاتجاه الاغلبي داخل المجموعة والمعبر عن ما يعتمل داخل مناطق الشتات المهجري تاكيد حق العودة كحق دستوري و قانوني واعتباره هدفا استراتيجيا لكل المنفيين  وشرط تحقيقه امتلاك اداة تمثيل وطني مستقل حتى لاتكون محكومة باجندة سياسية لاي طرف سياسي وتمتلك حق القرار في انتهاج ايسر السبل وانجعها لتحقيق هدف العودة.لقد ظل المهجر لسنين مجرد ظل للداخل واستثناء وهامشا في حسابات الاطراف السياسية سواء اكانت سلطة او مجتمعا سياسيا وحقوقيا بل وتعرض للابتزاز والاستنزاف ولدلك تبدو الضرورة العلمية السوسيونفسية  والجيوسياسية لوضع دراسات شاملة ومعمقة لتجربة خصبة وفريدة لايعلم البعض الاراس جليدها السياسي . فحركة التهجير القسري وان اخدت وتيرة متصاعدة في بدايات التسعينات فان تاريخها قديم وهو الوجه الاخر لتاريخ القمع السياسي والظلم الاجتماعي والاقصاء الفكري واحتقار الراسمال الرمزي الوطني ممثلا في الخبرات والمهارات العلمية فمعلوم ان اعدادا كبيرة من خيرة علماء الوطن  ممن غادروا في بعثات علمية اوا فرادا  اضطروا للبقاء خارج البلد اما خوفا من الملاحقات او لعدم توفرمناخ عام يسمح بالاستقرار والمشاركة. ان امتلاك اداة تمثيل وطني للمهجرين بكل شرائحهم وتطلعاتهم يفرض واقعا مهجريا ووطنيا جديدا ويعيد ترتيب الاولويات على اسس مختلفة لن يكون السياسي بمدلوله العام الا بعدا من الابعاد .والملاحظ ان قاعدة المهجر لم تكف عن الاتساع فابناؤنا الدين عاشوا ظروف التهجير خاصة في اوجها وهم اطفال صغار اصبحواجيلا جديدا له تطلعاته وتحفظاته وسيكون انجازا نوعيا نسديه اليه ادا افسحنا له مواقع في المنظمة الوليدة ليكون فاعلا في المرحلة وشاهدا عليها. هذا التنوع في التركيبة الديمغرافية والعلمية والاجتماعية يفرض قيام مرصد عالمي للعودةفي علاقة مع المنظمة الناشئة يغطي واقع الشتات ويخضعها للدراسة الميدانية  والعلمية .المهم ما وحد وجهة الحوار جرعة كبيرة من البراغماتية للوصول الى محطة المؤتمر كالية حسم ديمقراطي (فالبراغماتية  عادة ما تنشط في البيئات المازومة والية تجاوز للمآزق التاريخية) رغم ان المحاذير تبقى قائمة حول عملية التفاف او توظيف ما لم تتوفر ارادة حقيقية لتاكيد استقلالية المنظمة وامتلاك الخيار الاسلم. انجاز المؤتمر في ذاته ذو دلالة فاصلة في تجربة العمل المهجري الوطني وضع فكرة العمل الجماعي المفتوح الذي يتجاوز الحزبي في قلب المعادلة الجديدة وهوما لم يحصل مند الخمسينات   واستدعاء انجع ما فيه فمعلوم  ما تعرض له الفعل الجماعي من تبخيس وانتقاص داتي ومعروف عين الريبة والتوجس الدي ينظر بها جزء من نخبة السلطة لاى نهوض جماعي خارج ميكانيزمات المنظور التقليدي والية تصنيف امني ولحساسية مفرطة تجاه فعل جديد لايدخل في كراس شروطها فيحسب على الخارج المتامر وسيكون خطا استراتيجيا ترتكبه السلطة اذا تمادت في قراءتها الامنية الشمولية. فمطروح على هذا الطرف الاجابة  على جملة اسئلة اساسية للخروج من اسر المعادلة التقليدية .اذ لماذا تتوحد ارادة اغلبية المهجرين على جعل عنوان العودة هدفا جامعا رغم التباين الواسع الدي يصل حدود القطيعة في رؤيتها لقضايا اخرى لا تقل اهمية  بل يترافق هدا التوافق مع توجه عام نحو طمس اية دلالة سياسية عن هدا الحق و تقديم لازمته الدستورية والقانونية على كل متعلقاتها الاخرى وهوحق اولى ان تضمنه مواثيق الدولة الراعية لمصالح مواطنيها مهما كان عمق الخلاف السياسي فحق المواطنة لايسقط . هذا الاصرار الذي تبديه الاغلبية المهجرية على حل وطني تكون السلطة طرفا فاعلا فيه  يؤكد حقيقتين  الاولى ان الذهاب الى المطالبة الجماعية جاء على خلفية تقييم لسنوات من التسويات الفردية والتي كانت محدودة كميا ونوعيا لانها تمت على تقدير امني وتمييز في الحالات  والحال ان الدولة تمتلك شروط قوة تقدير حيادي يعتمد معايير دستورية وقانونية ومن هنا اساسا مسؤولية مركز الشرعية في النظام التونسي رئيس الدولة بتكليف جهة اكثر حيادية وتعتمد معايير غير تلك التي تعتمدها اجهزة الامن.  والحالة المهجرية اليوم ليست في حكم الوضع الدي عاشته البلاد اثناء ازمة بداية التسعينات.وحين يصر البعض ان باب العفو الفردي مفتوح لكل من اراد تسوية وضعيته فمعلوم ان غياب ضمانات قانونية ودستورية تحمي العائد من الملاحقة و وتحفظ كرامته وضع نقاط استفهام عديدة حول استعداد السلطة لحل شامل ومضمون. اما الحقيقة الاخرى فالملاحظ ان الاغلبية المهجرية تراهن على الواجهة الوطنية وتعتبره مقدما على كل الحلول الدولية فمعلوم تبني المفوضية العليا للاجئين لاغلب المنفيين التونسيين في العالم اضافة للحماية التي توفرها الدول للمقيمين فيها ويحتكمون فيها الى قوانينها ومعلوم ان تاسيس منظمة في الخارج يكون لها تمثيل قانوني في الخارج كما يقدمها كمحاور ومفاوض لتمثيل شريحة واسعة من المطالبين بعودة الى الوطن الام دون ان يربك هده الدول الحاضنة بحسابات السياسة ما لو تعاطت مع حركة سياسية او فصيل حزبي . وسيكون الاختبار الحقيقي لهده المنظمة ما اذا رأت النور طريقة ادارتها لهذه الدوائر الثلاث : الدائرة الوطنية ومحورها السلطة لانها الطرف المعني بالتسوية  والدائرة المهجرية القطرية بالنظر الى التعاطي مع الدول الحاضنة للمنفيين وبحسب القوانين التي تحكمها و تاثيرها في ملف العودة واخيرا دائرة المفوضية العليا للاجئين والدور الدي قد تلعبه في علاقتها بالمهجرين والدول الحاضنة وموقف السلطة. ولقد تزامن تصريح السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الانسان ل » السياسية »  مع ابتداء اشغال مؤتمركم الموقّراذ قال : « حق العودة مكفول بحكم الدستور » واضاف « تونس مفتوحة لكل ابنائها و لا يمكننا ابدا ان نصدّ احدا عن العودة الى تراب الوطن » و ها نحن على مشارف الاحتفال بعيد الجمهورية في تونس فكيف لنا ان نحوّل أقوال السيد الوزير الى افعال على ارض الواقع يا ترى؟   نداء من سويسرا ودعوة : فلنتعاون لضمان  نجاح مشروع المبادرة كتب الاخ عزالدين محمود بعض المقترحات نسوقها بأمانة :بعد متابعتي ومواكبتي  لما ورد في  البيان التأسيسي و مشروع اللائحة العامة,  الى الورقتين الأخ محمد زريق والأخ الحبيب العويلي  الى الإستفتاء  ونتائجه … والتعليقات  الى غير ذلك …. أقول. من بوادر الخير والتطوّر  الإيجابي  في التفكير لمعالجة  قضية  المهجّرين  ولادة هذا المنظّمة  مع   تبنّي  تجزئة  المطالب المطروحة من طرف المعارضة وعلى رأسهم الحركة الإسلاميّة.  لكن الإزدواجيّة  وعدم التقيّد بهدفها   وهو العودة الكريمة  و الآمنة  لا يبشّر بخير. الخطاب والسقف  لازال نفس المضمون  *الحق ّ يفتك ولا يعطى * الحياة مغالبة أكثر و أفضل منها مطالبة*   مطالبنا لن نتنازل عنها * العفو التشريعي العام* إسترداد الحقوق والتعويضات *   الحق لا يستجدى و لا يؤخذ بيد صاغرة في ظلمة ليل حالك إنما ينتزع إنتزاعا من يد من أفسد الحرث و النسل و حارب الخالق و الخلق * الى غير ذلك. ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله. رغم شرعيّة مطلب العفو التشريعي العام .  فإنّ هذا يتناقض مع هدف المبادرة  المقيّد بمطلب العودة الكريمة والآمنة,   والتي ولدت نتيجة  إنغلاق الأبواب  وإنعدام الأفاق مع السلطة في إيجاد حلّ جماعي, وبروز خيار الخلاص الفردي . وهنا لا نريد أن نحمّل  المسؤوليّة لأحد لأنّنا سواء في الخطأ سلطة ومعارضة…… والأجيال بدأت تدفع الثمن, من ولد بعد  سنة 1991 يعيش نتائج صراع من قبله. إذا نجاح المبادرة  لا يتحقّق  إلاّ بتكاتف الجهود  بعقلانيّة و بحكمة  وبعزيمة الإنجاح … إذأ علينا أن نعمل  ونتّخذ الأسباب  والوسائل على الحصول على مطلب ما مضمونه  العفو  الرآسي, أيّ طلب العفو الرّآسي من رئيس الدولة , ومن يرفض هذا التمشّي  فليعلن ذلك وندعو له الله أن يعينه  على إفتكاك  حقوقه  فكّا   وإنتزاعها نزعا  …كما يقول بعض الإخوة . إخواني  وضع  البلاد والعباد وعلى رأسهم المعارضة  ليس مخفي على أحد,  وعليكم أن تفكّروا في ما تستطيعون فعله ولا تفكّروا في ما تتمنّون. لو خيّرنا ؟؟؟ لطلبنا عفو تشريعي عام لإسترداد الحقوق  للضحايا منذ 1956 الى  الآن, لكن ليس لنا حلّ غير توريث هذا المطلب للإجيال القادمة كما ورثناه ممن ناضل قبلنا  من اليوسفيين الى الإسلاميين وما بينهما من قوميين ويساريين.  وربّما سيلتحق بهم التجمّعيين في المستقبل. يومنا علينا ويوما عليكم  ودائما على الشعب. لو لن  نستثمر الوقت والسنين التي قضيناها في المهجر , حتّى نحسن إدارة هذه المعركة ونحقّق ما نخطّط له بأقلّ الأضرار الماديّة و المعنويّة,  وذلك بتحديد مطلبنا  في عودة كريمة وآمنة  والخروج  والإبتعاد على المطالب العامّة.  وهذا يتطلّب العمل  بجديّة ومسؤوليّة. الإلتقاء على مطلب واحد عودة كريمة وآمنة  هذا يتطلّب العمل على  طلب  إيقاف التتبّع القضائي (إيقاف الأحكام السجنيّة والمراقبة الإداريّة)  مع ضمان التمتّع بالحقوق المدنيّة كاملة. وهنا أريد أن أوضّح  الحقوق المدنيّة  أيّ أن المتمتّع بهذا الطلب   مع حصوله على الجواز السفر  وحرّية التنقّل داخل و خارج تونس  له الحق في الإتجاه  لأيّ محضن  سياسي موجود يمينا أو يسارا,  أو أن يسعى لإيجاد محضن سياسي آخر عبر القانون.إذا المطلوب =  1- التمسّك بالمطلب الرئيسي  = عفو رآسي أيّ  الحقوق المدنيّة بعد إيقاف التتبع القضائي للمحكومين بالسجن أو مراقبة الإداريّة + جواز سفر+ حريّة التنقّل  داخل وخارج تونس + حريّة التنظّم في إطار القانون  …. 2- علينا العمل على تشكيل  فريق  لفتح  الحوار والتفاوض للحصول  على عفو رآسي,  وليس تشكيل محكمة  وإقرار حكم إلغاء الأحكام والتمتّع بالحقوق الدستوريّة و التعويضات ووو… 3- تحديد الجهة  المستهدفة  وهو  رئيس الدولة السيد زين العابدبن بن علي رئيس الجمهوريّة التونسيّة  وليس السلطة في المطلق لا نريد لا وزارة العدل ولا وزارة الداخليّة  و سبق أن وقع تفاوض مع من يمثّل الرّئيس.  4 – حسن إختيار القيادة = الفريق الممثّل *المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين* للتفاوض . 5 – الإختيار  يتمّ  على كيفيّة أداء نضالهم   التاريخي  في  ما سبق ومواقفهم في مضمون  لغة التخاطب مع السلطة.  *وإعلان  تصوّرهم  على الملأ يوم المؤتمر في كيفيّة  إدارتهم  لهذه المعركة  * الرجل المناسب في المكان المناسب * نريد فريق مطالبة وليس فريق مغالبة. 6 – إستبشرنا خيرا  بوجود أسماء في  القائمة لكن رجاءا  لو طلب منها  تحمّل المسؤوليّة عليها أن تعتذر.  لانّ ليس  لها ما تقدّمه  للمبادرة  ولكن لها أن تستفيد منها وتدعمها لتعميم النتائج الإيجابيّة المرجوّة.  7  – حسن الخطاب في حسن الكلام, أيّ أن نتخيّر الألفاظ  في التخاطب  وأثناء المفاوضات مع من يمثّل الرّئيس وأن يتّسم ب=-  الشجاعة في قول الكلمة الطيّبة-  إظهار حسن الظنّ بالطرف الآخر-  التذكير بمقولة * تونس   مفتوحة  للجميع*- التركيز على إظهار  سمعة  التونسيين  وإبراز روح الفخر والإعتزاز  بوطنهم .-  التركيز على الكلمات  الطيّبة والمبشّرة الصادرة من طرف الآخر – ممثّل الرئيس. –  حسن إختيار المكان = لو خيّرتم ؟  أن يكون عبر السفارة التونسيّة ببرن. أدعو كل الإخوة   للحرص على إستقلاليّة المنظّمة  والتمسّك بمطلبها ورفض ربط  أيّ مطلب آخر  ليس في مقدورها ويتجاوزها.  وعلى المؤتمرين أن يطالبوا على كل من أراد الترشّح للمسؤوليّة أن يعلن عن  رؤيته أثناء المؤتمر  وعلى الملأ. رأي شخصي  أدعوا تأييد فريق مطالبة وليس فريق مغالبة. بالنهاية * لو رجّحت الكفّة عن طريق الديمقراطيّة التقليديّة لنهج خطاب المغالبة. وأخرجت  المبادرة عن نهجها. ليس  للطرف اللآخر إلاّ الإعلان على مشروع موازي إن لزم الأمر. إنتهى عهد الإنسحاب. أبناء النهضة  معنيين أكثر من غيرهم  بنجاح المبادرة  ولذلك عليهم أن يتخذوا أسباب نجاحها.  نسأل الله أن تكون  مبادرة خيرا وليس مبادرة حق العودة  فحسب شروط تفعيل المواطنة : انعقد في إطار منتدى التقدم يوم 6 ماي 2009 بمقر جريدة الوحدة لقاء فكري وسياسي تحت عنوان  » شروط تفعيل المواطنة » حاضر خلاله الأستاذ محمد القوماني والأستاذ بلقاسم حسن. و قد شارك في هذا اللقاء الذي افتتحه الأستاذ عادل الحاج سالم عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية عدد من ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني التونسي. مداخلة الأستاذ محمد القوماني (عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) تناولت في محورها الأول  مفهوم المواطنة الذي اعتبره مفهوما حديثا غربي النشأة مؤكدا اختلافه عمن يذهبون في تأصيله يونانيا أو تراثيا حيث ساد في منطقتنا العربية بما فيها تونس حكم الغلبة ذي الجذور التاريخية، كما أعرب عن تحفظه على مفهوم « المواطنة العالمية » لأن المواطنة بالنسبة إليه لا تكون خارج الدولة باعتبار أن المواطن هو عضو في دولة ديمقراطية مؤسسة على علاقة تعاقدية يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات وأمام القانون كما تتحدد المواطنة بحياة جماعية قائمة على روابط ثقافية وتشريعية وسياسية.  وهي تتطور بتطور المجتمعات وبترسيخ قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان عن طريق التنشئة الاجتماعية والتوعية المستمرة التي تساهم فيها الأسرة والمدرسة والمنظمات الأهلية والهيئات الحزبية… والسلوك المواطني يخص الحكام والمحكومين. أما المسألة الثانية التي تطرق إليها المحاضر فهي السياق الوطني لطرح الموضوع باعتبار أن المواطنة هي حجر الأساس لمطلب الإصلاح السياسي ومن الصعوبات التي تعاني منها الأحزاب السياسية في بلادنا عزوف المواطنين عن المشاركة في الحياة العامة كما أن ضمور المواطنة يعزز في رأيه جاذبية التسلط في المجتمع ويعيق تطوير مؤسسات الدولة ونحن نحتفي هذه السنة بخمسينية إصدار دستور الجمهورية التونسية. وهذا ما يدفعه إلى التركيز على تفعيل المواطنة، مؤكدا في هذا السياق اختلافه مع الأطروحات غير الواقعية التي تذهب إلى حد الزعم بانعدام وجود المواطنة أو الدولة وتدعو إلى إلغاء الوضع القائم والتأسيس من جديد، بينما هو يتبنى فكرة التطوير والإصلاح. كما عبر عن اختلافه مع الذين يجعلون تفعيل المواطنة حكرا على منظمات المجتمع المدني الحقوقية أو بعض الأحزاب « الديمقراطية » في حين أنه لا يمكن أن يتم في نظره إلا بتوافق بين السلطة و المعارضة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية لأن المعوقات وجاذبية التسلط والغلبة تهمها أيضا وقد تكون موجودة فيها جميعا. وأشار إلى متغيرات لصالح المواطنة فالمقترح المطلوب هو البناء على المشترك وتجاوز منطق التنافي مع تأكيده على أن السياسة تقوم على التنافس وليس على المغالبة لأنها ليست صراع وجود مع الإشارة إلى أن قبول التدرج في الإصلاح (على الطريقة التونسية/ البورقيبية) لا ينفي الحاجة إلى شيء من الجرأة في الجانب السياسي (من جانب السلطة) على غرار مجلة الأحوال الشخصية في الجانب الاجتماعي. ان اختلاف فكرة المواطنة عن فكرة الرعية التي هي عبارة عن الطاعة والخضوع بينما تقتضي المواطنة بالضرورة المساواة أمام القانون الذي يعبر عن الإرادة العامة وعدم التمييز على أي أساس عرقي أو لغوي أو ديني أو جنسي مع قبول الاختلاف والحوار ونبذ العنف…  وأن المشاركة مسألة جوهرية ضمن حقوق المواطنة التي تضمنها معظم الدساتير مثل الدستور التونسي (من الفصل 6 إلى الفصل 17) غير أنه أشار إلى تطور مفهوم المواطنة المرتبطة أساسا بالجنسية وأصبح الحديث اليوم عن مواطنة إقليمية (مواطنة أروبية) وعالمية.  الأستاذ رضا بن حسين (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين) ذكر بتجذر التقاليد البرلمانية والفصل بين السلطات في البلدان الغربية ولا سيما الانجلوساكسونية، و اعتبر من معوقات ترسيخ المواطنة والديمقراطية عندنا بقاء مفهوم النخبة والعامة (بمعنى العوام والرعاع) لدى الطبقة السياسية،  ونبه إلى ضرورة الاهتمام في ظل العولمة والانفتاح بمسألة الهوية المهدرة حتى لا يكون الشاب التونسي غريبا في وطنه خصوصا وأن الطالب يقع تخريجه وفق متطلبات خارجية (مراكز النداء، التجارة الدولية…)، كما تساءل عن سبب التغاضي عما يبذله ممثلو أحزاب المعارضة التشاركية في المجالس المنتخبة (البرلمان و البلديات) من جهود مضنية وما يقدمونه من مبادرات في خدمة الشأن العام. الأستاذ سليم الزواوي  ثمّن ما اعتبره روحا إيجابية في مداخلة الأستاذ محمد القوماني لكنه لاحظ افتقارها للوسائل وارتهانها بتفاعل السلطة التي ليست في نظره كتلة متجانسة فيما يتعلق بالإصلاح أوالتغيير الذي بدأ في رأيه بمبادرة فوقية كما أنها لم تطرح طبيعة النظام ومدى تلاؤمه مع المقترحات المقدمة ولم تبرز بوضوح تأثير العامل الخارجي. أما الأستاذ سامي ابراهم فقد اعتبر وجود أزمة ثقة بين مكونات المجموعة الوطنية مؤكدا ضمن خصائص المواطنة على مبدأ عدم التفاضل، وأبرز خطورة التوصيف العدمي للواقع التونسي وكأنه خراب أو في المقابل وصفه بأنه جنة ديمقراطية في ظل حالة انسداد الأفق واعتبر أنه لا يمكن للانتقال الديمقراطي أو الإصلاح أن ينجح مع استثناء أي طرف من أطراف المعادلة السياسية. الأستاذ البحري العرفاوي دعا إلى تفعيل دور المثقف في المسارات السيادية مؤكدا دور الأحزاب في هذا المجال ولاحظ خوف السلطة من المثقف كما عبر اعتزازه بما يشمله التراث العربي الإسلامي من رموز تنتصر لجوهر المبادئ الإنسانية والوعي الحداثي (مثل عمر بن الخطاب ومواقفه ضد الاستعباد وقبول النقد المعارض) مؤكدا اختلافه عن المقاربات الثقافية التي تقوم على جلد الذات وإخراجها من التاريخ. السيد محمد فاتح الكافي اعتبر أن المثقفين في تونس لم يمارسوا الفعل الثوري بمعنى التغيير العميق والدؤوب وليس بالمعنى الانقلابي، ولم يتعاملوا بإيجابية وواقعية متطلعة مع الفرص أو المبادرات العديدة (مثل لجان الأحياء) التي أتيحت منذ عقدين، وتركوا المجال للمحافظين في الحكم لتعطيلها والالتفاف عليها. ولاحظ أنه ينقصنا في بلادنا الأسلوب والموضوعية مع ظهور ما أسماه « البهلوانية السياسية ». الأستاذ شاكر الشرفي تساءل عن مدى صدق السلطة في تبني مفاهيم المواطنة المترددة في خطابها لا سيما وأن أخص خصائص المواطنة في نظره هي قبول الآخر كما هو بانتمائه الطبقي والايديولوجي والديني…، واعتبر أن أحزاب المعارضة في تونس وقعت في خطأ تقديم كل أوراق الضغط التي كانت لديها إلى السلطة و فقدت بذلك سماتها وهي الآن عاجزة عن استرجاع أي ورقة ملمحا إلى التحالف على إقصاء طرف سياسي معين (إسلامي) الذي كان في رأيه بمثابة « صمام أمان » رغم أخطائه. وأشار إلى ما حركته زيارة القرضاوي مؤخرا إلى تونس من استنفار و ردود أفعال متشنجة تتنافى في رأيه مع قيم المواطنة. السيد بدر السلام الطرابلسي تساءل عما يميز الطرح الذي قدمه الأستاذ القوماني حول بناء وتطوير ديمقراطية ذات خصوصيات تونسية والحال أنه يشبه ما يتردد كثيرا في الخطاب الرسمي الذي تحول إلى نوع من اللغة الخشبية التي يتم توظيفها سلبا ضد تفعيل النسق الديمقراطي وتوسيع هامش الحريات، سواء كان يقدم نفسه كامتداد لرواد الإصلاح مثل خير الدين والطاهر الحداد، أو كان يريد مراعاة التوازنات السياسية في البلاد وحجم السلطة المهيمن بالمقارنة مع أطياف المعارضة أوالمكونات السياسية والمدنية الأخرى.  الأستاذ زهير الخويلدي اعتبر أن ما قدمه محمد القوماني في هذا اللقاء يمثل مقاربة واقعية تونسية تنم عن تجربة نضالية متمرسة، تدعو الجميع إلى تفعيل فكرة المواطنة نحو بناء شراكة حقيقية، خصوصا وأن المواطنة في الفكر الفلسفي الحديث باتت في الأغلب مفهوما هلاميا، مشيرا في هذا الإطار إلى الخطأ المتمثل في التركيز على الحقوق مع  إغفال الواجبات مثل واجب المحاسبة، كما اعتبر أنه لا يمكن الحديث عن حقوق المواطنة في غياب حقوق الشعوب. « ان السياسي الماهر هو الذي يمتلك القدرات والمؤهلات على استشراف آفاق المستقبل ،كما يمتلك أيضا-بعدها- القدرة الكافية ذاتها، لتفسيرعدم  حدوث ما تكهن به عند  فشله »…  السير ونستون  تشرشل في  الهوية :  نحن مواطنون رجال ونساء من مختلف الشرائح الاجتماعية، والمشارب الإيديولوجية، والتوجهات السياسية،من جنسيات مختلفة  اضطررنا إلى مغادرة أوطاننا، أو البقاء في المهجر كرها، وذلك تجنبا للمتابعة الأمنية وما يرافقها من تعذيب وصل في حالات متعددة إلى الموت. وفرارا من  محاكمات الرأي الجائرة التي لا تتوفر فيها أدني الضمانات القانونية على ما  تشهد به منظمات حقوقية وطنية ودولية تُعرف بالنزاهة والمصداقية والاستقلالية تجمعنا في عمل جماعي ،منهجي، ومنظم للتعريف بالمظلمة المسلطة علينا، وللشهادة أمام العالم ومن أجل الذاكرة الوطنية على تجربة المنفى، ولاستعادة حقنا في العودة إلى وطننا، عودة نريدها آمنة وكريمة وشاملة للجميع دون شروط ولا استثناء، عودة تدفع فيها المظالم، وتستعاد معها الحقوق.وذلك من خلال إستراتيجية تطمح لمراكمة دروس التجربة ،وتسعى للإضافة والتجديد.   ماذا نريد؟ البعد المطلبي والإنساني  بالعودة الآمنة  وأثرها المباشر هو رد المظالم، عبر آليّات قانونية، وبحماية دستورية . اما العودة الكريمة أو البعد السياسي والمقصود بهاهو  استعادة الحقوق بعد رد المظالم وفي مقدمتها حقوق المواطنة ذات الصلة بالحياة العامة كحق التعبير والتنظّم والمشاركة في الشأن العام اما العودة الشاملة التي لا تستثني أحدا لأي سبب من الأسباب. فالهدف الاستراتيجي للمنظمة هو المشاركة الفعالة و المساهمة المباشرة في إنضاج الظرف التاريخي والمناخ السياسي الملائم لغلق قوس المظالم ببلادنا،  كشرط موضوعي مباشر لانجاز عودة آمنة وكريمة وشاملة للجميع. البعد الثقافي والاستراتيجي  انالرحلة التغريبية الصامتة والمؤلمة والصامدة هي تجربة إنسانية ونضالية عميقة تضيف لقاموس التداول الوطني ثنائية الوطن / المنفى في مقابل ثنائية الداخل/الخارج السائدة في الخطاب السياسي للمعارضة الوطنية. إن واجب المطالبة بحق عودة المهجرين  يقترن بواجب الذاكرة تجاه تجربة المنفى كعنوان يفصح  عن حقيقة  وحجم مظلمة تاريخية. وان طموحنا في المنظمة هو أن نساهم في تصحيح المسار من خلال المساعدة في ترميم الذاكرة العامة لان ذاكرة متواطئة بكذب أو تزوير لا يمكن أن تكون رصيدا لبناء المستقبل. يعي القائمون على المبادرة أن من يصنع الحدث لا يملك شرعية التأريخ له ولكننا متمسكون بحق الشهادة عليه لذلك سنترصد لرحلة المنفى كل مرصد تجميعا لمروياتها وسردياتها كما يحكيها أصحابها لنقلها للعالم وللأجيال القادمة للعبرة والاعتبار حتى نأخذ الدروس ونستخلص العبر من مأساة المنفى  مستقبلا . ان حق التجربة وحق الوطن وحق التاريخ أن نكتب – فبه وله- سطورا جديدة عن محنة جيل مع المنفى وشتاته وعن حجم التضحية التي يقدمها المهجر بصبر وفي صمت وعن قناعة ووعي بأن الضريبة وإن لم تحسب في ميزان اللحظة فهي –ضرورة- رصيدا في حساب التاريخ. كيف نحقق ما نريد؟  اختيار المبادرة لهذا المبدأ يعكس وعيا لدى الجميع  بضرورة الاستفادة من دروس التجربة وخلاصات تقييم أداء المجموعة على أكثر من محور في تعاملنا مع سؤال مع العمل ؟  ان قراءة الواقع والانتباه إلى فواصله  هو المنهج الأسلم لتجاوز خطاب القيمة والعناوين الكبرى الذي قد يفيد في مراحل التعبئة والتجنيد ولكن – بالتأكيد- يشوش على لحظة التخطيط المنهجي والبحث العملي عن الحلول الممكنة لتجاوز الواقع. نُنزل مبدأ توسل الاسهل والانجع على أرضية نحدد ضوابطها بخمسة عناوين كبرى تمثل مرجعية ثابتة في أداء المنظمة بقطع النظر عن تغير الأولويات  : 1- المبدئية : وتعني التزامنا في المنظمة بأرضية أنصار التحرر و القوى الديمقراطية  فمواقفنا وأداؤنا تصدر من موقع انخراطنا المباشر مع النخب والمؤسسات العاملة في بلدنا من أجل وطن للجميع كما يندرج ضمن مسار استكمال مشروع تحررنا الوطني اذ المبدئية هي تعهد أخلاقي تجاه من يشاركنا طموح التغيير الديمقراطي  والتزام راشد بمواصلة مشوار النضال حول الجامع المشترك مع جميع العاملين في الساحة من أجل وطن يسع الجميع  ويتسع للتعدد 2- الواقعية : الواقعية في المبادرة ليست استسلاما للقائم بل بحث مستمر في الطرق الممكنة لتحريك مفاعيله في اتجاه أهدافنا القريبة والبعيدة اذ الواقعية هي قدرة ذهنية على التقاط الممكن بحساب ميزان القوى ومعادلات الواقع وسعي متجدد للمسك بالمتاح لمراكمته طلبا للمنشود  يحذر الجمود تماما كما يحذر الانكسار والواقعية عند المنظمة استحضار متدفق وحي لدروس التجربة ووعي مسؤول  بموازين القوى ووجهتها، و حدود الفصل بين المطلوب بدالة الأمل، و المتاح بدالة الضرورة  واكراهات الواقع. إن تمثلنا لمبدأ الواقعية  ضمن هذا الافق هو نفسه مسار خلاصنا الجماعي من أوهام الحقائق الكبرى التي طوحت بتجارب نضالية عريقة في بلدنا ومحيطنا بين الجذرية الحالمة والاعتدال المهادن 3- الفاعلية  : الفاعلية  ضرورة الفعل النضالي وشرطه الحيوي كي يحافظ المعنى على جاذبيته وألقه. وإذا كانت الواقعية قدرة ذهنية على التقاط الممكن فإن الفاعلية هي قدرة عملية مباشرة  على انجازه كناتج عيني وملموس لجدل دائم بين مايجب أن يكون بحساب المرحلة وبين المتاح بجرد اللحظة آنا ومكانا والفاعلية هي حاسة عملية وبراغماتية تنجز المتاح كخطوة نحو المطلوب هاجسها التقدم  . فالفاعلية عند المنظمة معركة يومية متواصلة ضد طاحونة الحركة العبثية والدائرية التي تعصف بالفعل النضالي وترميه بقسوة في متاهات الحيرة وقد تدفع بالمناضل لليأس والتسليم للسائد  4- الاستقلالية  : الاستقلالية تعني ان المؤسسة سيدة نفسهاّ، وقرارها يخضع لآليات داخلية تعتمد الشفافية والديمقراطية والمشاركة كمسلمات تعاقدية بين المنخرطين فيها فالاستقلالية تعني أن مواقفنا وأداءنا  وعلاقاتنا وتحالفاتنا لا يخضع تقديرها وتنزيلها الا لمصلحة المنظمة وأجندتها الداخلية وأولوياتها وأهدافها القريبة والبعيدة  ومن الوارد بل من الطبيعي ان تتقاطع المنظمة مع أجندة أصدقائنا في الحركة الوطنية الديمقراطية بالنظر لوحدة الأرضية والطموح العام وهي دوائر للمشترك سنسعى إلى توسيعها برغبة مبدئية في التعاون والعمل المشترك بما يحترم خصوصيتنا واستقلاليتنا   5- التوافق : مبدأ التوافق هو الأقرب للتعبير عن طبيعة المشترك بين المنخرطين في المنظمة .  وهي صيغة تفصح عن التزام مبدئي بوحدة المنظمة، وتؤشر على تمسكنا بمبدأ العمل الجماعي دون التضحية بالخصوصية. ان وحدة المنظمة تتغذى من الشفافية وتوسيع آليات الاستشارة والمشاركة في صنع القرار والتداول على المسؤولية . فبقدر ما يلتزم الفريق المسير بتلك المبادئ بقدر ما تحافظ المنظمة على حالة التوافق بين منخرطيها حول أهداف وخطط وبرامج واضحة . 6 – الخطاب : رغم شرعية مطالبنا في ان الحقوق تفتك ولا تو هب و علينا اختيار المرحلة المواتية للخطاب في الوقت الراهن وهو مرحلة المطالبة السلمية من اجل عودة كريمة و آمنة . ولتحقيق الغرض لا بد لنا من تكثيف الجهود بعقلانية وبالحكمة. علينا ان نعمل باتخاذ الاسباب والوسائل من اجل تحقيق المطلوب . ان الواجب ان تعمل حسب ما يمكن ان نفعل لا نفعل ما نريد ان نفعل ونحقق شعارنا المرحلي :  » على قدر كسائي امدّ رجلي  » . علينا  ان نحسن ادارة المعركة و نحقق ما نخطط له بأقل الاقدار من الضرر المادي والمعنوي . و هذا يتطلب العمل بجدية و مسؤولية من اجل ايقاف التتبع القضائي المسلط على ارقابنا من اجل استرجاع الحقوق المدنية و السياسية في المواطنة الكاملة الغير المنقوصة. ثم بعد ذلك علينا العمل لخدمة المواطن في خياته اليومية دون شقشقة وتهريج من اجل كسب المواطن و خدمته بتشجيع المشلركة في العمل السياسي على المستوى المحلي على مستوى البلديات . 7 – اختيار القيادة : لابد من اختيار من منّا هو الاصلخ للمرحلة وحسن ادارة الحوار و التفاوض مع السلطة . اختيار الرجل المناسب للمرحلة  حسب الولاء للمشروع وليس للقيادة السياسية التي هي ظالعة فبما وصلنا اليه . هذه المبادئ تمثل مرجعيتنا التي تؤطر الوعي وتوجه الحركة وتسدد المسار . فلا يخفى على الجميع جدة الموضوع الذي نحن بصدده، وعذرية الأرض التي نلجها،  اذ ان عنوان المنفى لم يحضر بمركزيته واستقلاليته إلا في الحالة الفلسطينية التي لا تقارن مع بقية القضايا باعتبار اختلاف الطرح والسياق ان همنا الأساسي هوان يكون عنوان المنفى قيمة مضافة في رصيد النضال  نعمل على دمجه في فضاء الحراك الدولي العام ضمن رؤية تتجدد بالنقد والتصحيح المستمر وبالصيغ والاشكال المشروعة التي تراعي التدرج من دون ان تفرط في المبادئ. ان أولويتنا الأساسية بعد التأسيس هو الدعوة للعودة في مرحلته الراهنة من خلال إستراتيجية ميدانية يتحكم في سقفها ووتيرتها تطور علاقتنا مع الخصوم وبما يفضي على تغيير مطلوب في التعامل مع ملف المهجرين عبر الضغط بواسطة المنظمات الدولية و الحقوقية والانسانية وعبر وسائل الاعلام الدولية . المنظمة ستكون محل ثقة المهجرين ودعمهم فلا ولن تقبل بالمس بالحقوق الأساسية للمهجر والسعي لتوفير أفضل الضمانات والمؤكد أن السلطة حين تعجز عن شق صفوف المهجرين ستذهب للبحث ومناقشة جملة اقتراحات وحلول، المسألة بحاجة لمزيد من الوقت والنتائج مرهونة بالصبر والمصابرة. توجد مقترحات عديدة لآليات التحرك نأمل حدوث تجاوب قريب من السلطة ولكل حدث حديث.. خلل يجب أن يعالج هذه المحنة التي نمر بها كمهجرين توانسة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك هشاشة بنائنا العقائدي وضحالة تكويننا التربوي وانتمائنا غير الصلب للثوابت . فالولاء والبراء الذي هو ركن من أركان العقيدة وشرط من شروط الإيمان، تغافل عنه وأهمله الكثير فاختلطت الأمور وكثر المفرطون.و ومعنى الولاء: هو حب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم. والبراء: هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق والمرتدين من امثال بن علي عدو الإسلام الأول في تونس. فكل مؤمن موحد ملتزم بالأوامر والنواهي الشرعية سواء كان حاكما أومحكوما تجب محبته وموالاته ونصرته. وكل من حارب مظاهر التدين وعطل دور المساجد ودنس المصحف وأنكر الحجاب وسجن وقتل وشرد الأبرياء وخنق الحريات وأشاع الفاحشة في الذين آمنوا وجب التقرب إلى الله تعالى ببغضه ومعاداته ومقاطعته وعدم الإعتراف بشرعيته ومقاومته بحسب القدرة والإمكان، قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ [التوبة:71]. ومنزلة عقيدة الولاء والبراء من الشرع عظيمة ومنها أنها جزء من معنى الشهادة وهي قول: « لا إله » من « لا إله إلا الله » فإن معناها البراء من كل ما يعبد من دون الله. وهي شرط في الإيمان كما قال تعالى: تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ [المائدة:80-81]. ثم إن هذه العقيدة من  أوثق عرى الإيمان، لما روى أحمد في مسنده عن البراء بن عازب إذ قال: قال رسول الله ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) فهل يتم الدين أو يقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله، والمعاداة في الله ، والموالاة في الله ، ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة، ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء، لم يكن هناك فرقانا بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان. فهي سبب لتذوق حلاوة الإيمان ولذة اليقين، لما جاء عنه أنه قال (: ثلاث من وجدهن وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) متفق عليه]. أنها الصلة التي يقوم على أساسها المجتمع المسلم إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10.  أن بتحقيق هذه العقيدة تنال ولاية الله، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: من أحب في الله وأبغض في الله ، ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك. أن عدم تحقيق هذه العقيدة قد يدخل في الكفر، قال تعالى: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (المائدة:51) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ، ولا يبغض إلا لله ، ولا يواد إلا لله ، ولا يعادى إلا لله ، وأن يحب ما أحبه الله، ويبغض ما أبغضه الله. أسباب هذه الهشاشة في تركيبتنا عديدة منها : أننا كما قال الشيخ محمد صالح النيفر رحمه الله نحن نبات نبت من غير زارع ، أي أن أغلبنا لم يتلقى العلوم الدينية في مؤسسات شرعية ولا عن طريق علماء ربانيين إنما كما يعلم الجميع استقينا معرفتنا الشرعية من الكتب والأشرطة والجرائد والمجلات. طغيان الجانب السياسي على الجانب الإيماني والروحي والتربوي في تكويننا. تجذر أمراض الأنانية والمصلحية والجبن فينا وعجزنا عن التخلص منها نهائيا وتغييرها نحو الأفضل. تجلى هذا مليا في سرعة سقوط وانحدار البعض منا في واد سحيق وإحباطهم لأجر الهجرة المباركة وتحولهم طوعا من مناضلين شرفاء إلى مداحين ومتزلفين ومدافعين عن الظلم والظالم. العلماء الأفاضل دورهم عندما تشتد الأزمات أن يثبتوا الأمة على العقيدة وأن يكونوا قدوة في التمسك بالمبادىء والتصدي للظالم لا أن يزكوا الخلاص الفردي ويشدوا الرحال إلى سفارات الجوسسة والفساد. فزلة العالم يهلك بها خلق كثير. اسمعوا إلى أحدهم الذي أصبح قلمه في السنتين الأخيرتين في حالة سكر واضح يترنح تارة يمينا وأخرى شمالا ما يكتبه اليوم ينقضه غدا ( المرء مع من أحب يوم القيامة ).  لقد سبق أن أفتى الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله أن من ساند ترشح ظالم مجرم مستبد عدو لله ورسوله أو انتخبه فهو شاهد زور.  ومن صفات عباد الرحمان الواردة في سورة الفرقان الآية 72 ( والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما ) . أنا ليس لي أي مشكلة شخصية مع أحد من هؤلاء الذين عادوا أو الذين يمهدون للعودة بشكل أو بآخربل أتفهّمهم و لا أخوّنهم . إن المسلم الذي يدرك حقيقة الإيمان ومقتضياته يشعر بألم ومعاناة شديدة من جراء الوضع المؤسف الذي تعيش فيه تونس اليوم عموماً ودعاتها خصوصاً ، ولا يستطيع أن يقف موقف المتفرج من آلام بلاده وما تعانيه ، ومع انتشار مرض الهوان فإن من واجبه الإيماني أن يبحث عن سبل الخلاص ويبذل كل ما أوتي من قوة وجهد في سبيل إخراج إخوانه من هذه الحالة المتردية التي لا تتفق بحال من الأحوال مع ما أمرنا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من الأخذ بأسباب النصروالصبر والثبات والابتعاد عن مواطن الضعف والوهن واليأس. سلامة العقيدة: العقيدة السليمة سبب للنصر والظهور والتمكين والاجتماع ، العقيدة السليمة تحمي معتنقيها من التخبط والفوضى والضياع والسقوط ، وتمنحهم الراحة النفسية والفكرية , وتدفعهم إلى الحزم والجد في الأمور، تكفل لهم حياة العزة والكرامة. وهي الأساس الذي يقوم عليها بناء الإيمان في نفس الإنسان المسلم ، ولا بد أن تظهر أثار العقيدة في سلوك الإنسان وأعماله. فإذا كانت العقيدة راسخة في قلب الإنسان ونفسه نرى أثر هذه العقيدة في استقامة خلقه وسلامة تصرفاته وحسن معاملاته وعدم انزلاقه.. إذن لا بد من الاهتمام الشديد بالجانب العقدي للدعاة وتربيتهم على العقيدة الصحيحة. الاستعانة بالله  تعالى والشعور بمعيته: ومن يستعين بالله تعالى ويتوكل عليه في دعوته وفي نضاله ضد الدكتاتورية ، ويشعر بمعيته وتأييده ليثبت مثل ثبوت الجبال الشامخات ولا يتزلزل أمام بهرجة الباطل والشوكة الزائفة لأهله، وهو من ثمار الإيمان الصادق بالله تعالى يقول تعالى: « اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ » (البقرة:257)، وقال تعالى: « وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا »(الطور: من الآية48). ومن كان بمعية الله مصحوباً ، وكان بعين الله محفوظاً ، فهو أهل لأن يتحمل المتاعب ويصبر على المكاره ويستقيم على الطريقة. اليقين بحسن الجزاء: فإن ما يحث المسلم على الدعوة إلى الله تعالى ومقارعة الباطل ويثبته على ذلك ، ويزيده رغبة وحرصاً أن يطمئن أنه مجزي عليها جزاءً مرضياً ومن هنا يشير القرآن الكريم أن المؤمنين ينتظرهم أحسن الجزاء من الله تعالى، وذلك حين يرجعون إليه ويقفون بين يديه فيعوضهم عن عملهم أكرم العوض ويمنحهم أعظم الأجر وأجزل المثوبة. ولا نجد في القرآن شيئاً ضخم جزاؤه وعظيم أجره مثل الدعوة إلى الله والصبر عليها ومقاومة الظالم فهو يتحدث عن هذا الأجر بأسلوب المدح والتضخيم، فيقول:  » نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ »(العنكبوت:59). و يبين أن الصابرين إنما يجزون بأحسن ما عملوا، فضلاً من الله ونعمة: « مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (النحل:96). ولا شك أن يقين الإنسان المؤمن بحسن الجزاء وعظم الأجر عند الله تعالى على البلية يخفف مرارتها على النفس ، ويهون من شدة وقعها على القلب، وكلما قوي اليقين ضعف الإحساس بألم المصيبة. اليقين بالفرج: ومما يعين المسلم على العمل اليقين بأن نصر الله قريب وأن فرجه آت لا ريب فيه، وأن بعد الضيق سعة ، وأن بعد الشدة فرجا ، وأن بعد العسر يسراً، وأن للباطل جولة بساعة وأن للحق جولات حتى قيام الساعة وأن ما وعد الله به المؤمنين وما وعد به المبتلين من العوض والإخلاف لا بد أن يتحقق ، فهذا اليقين جدير بأن يبدد ظلمة الوهن والقلق من النفس ، ويطرد شبح اليأس من القلب ، وأن يضيء الصدر بالأمل في الظفر، والثقة بالغد يقول الله تعالى: « فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا ًإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً » (الشرح:6.5). التحرر من عبودية غير الله : الإنسان الذي يؤمن بأن الله هو المحيي والمميت ، والنافع والضار، والمعطي والمانع، ويؤمن كذلك بأنه ليس للبشر مهما علا قدره وعظم شأنه أن يسوق إلى الإنسان ما أراد الله منعه أو يمنع عنه ما أراد الله أن يعطيه إياه ، مثل هذا الإنسان يتحرر من سيطرة الغير، قال تعالى: « وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً »(الفرقان: من الآية3). فإيمان المسلم قوة عظمى يستعلي بها على كل قوى الأرض ، وكل شهوات الدنيا، ويصبح حراً لا سلطان لأحدٍ عليه إلا لله ، فلا يخاف إلا الله ، ولا يذل إلا لله ، ولا يطلب إلا من الله ، ولا يأمل إلا في الله، ولا يتوكل إلا على الله ، وإذا تعرضت حريته أو حياته للخطر يدافع عنها ويستعد لأصعب المعارك لأجل الاحتفاظ بها. الترفع عن الشهوات: ولا شك أن الترفع عن الملذات والشهوات والعمل لأجل الخير والصلاح يعطي الداعية المسلم دافعاً قوياً في استمرارية دعوته لمكافحة الشر، والتطلع إلى المزيد من الخير والأجر ومن كان هذا دافعه ومحركه في الوقوف أمام الأعداء لمؤهل للنصر بإذن الله، حيث إن حب الخير والعمل له يجعل الإنسان لا يشبع منه يطلب المزيد ولا يتطرق الوهن إليه أبداً، ذلك أن التقلب في الترف والإغراق في النعيم يعد من أعظم الشواغل والقواطع التي تشغل صاحبها عن طلب الكمال وتقطع عليه طريق المجد والسؤدد، ثم إن الإغراق في النعيم ينبت في نفس صاحبه أخلاقاً مرذولة من نحو الجبن والخور، وقلة الأمانة ، والإمساك في وجوه الخير، وذلك مما يورث الوهن وضعف الهمة، يقول الله عز وجل: « يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ » (لأعراف:31). الاقتداء بأهل الصبر والعزائم : ومما يعين الداعية في السير إلى الأمام: التأمل في سير العظماء الرجال الصابرين من علماء ومجاهدين ومن كرماء وأبطال وما لاقوه من صنوف البلاء وألوان الشدائد ، وبخاصة أصحاب الدعوات وحملة الرسالات من أنبياء الله ورسله المصطفين الأخيار، الذين جعل الله من حياتهم وجهادهم دروساً بليغة لمن بعدهم ليتخذوا منها أسوة ، ويتعزوا بها عما يصيبهم من متاعب الحياة وأذى الناس، يقول الله تعالى: « فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ »(الاحقاف: من الآية35)، وأمتنا الإسلامية على مر عصورها لم تخل من نماذج عظيمة وقمم سامقة، سواء في ميادين العلم والعبادة والدعوة أو ميادين المقاومة والعطاء والتضحية وسجل لهم التاريخ مواقفهم الثابتة كي يقتدى بهم. مصاحبة الأخيار وأهل الهمم العالية: فالإنسان مولع بمحاكاة من حوله شديد التأثر بمن يصاحبه. والصداقة الشريفة تشبه سائر الفضائل من رسوخها في النفس وإيتائها ثمراً طيباً في كل حين، فهي توجد من الجبان شجاعاً، والبخيل سخاء ، والمنبطح ثابتا ، فالجبان قد تدفعه قوة الصداقة إلى أن يخوض في خطر ليحمي صديقه من نكبة عندما تشتد المحن وتتفاقم الفتن ، وتقبل الشدائد كأمواج البحر وتأخذ بخناق المؤمنين وتزيغ الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر ويظن الناس بالله الظنون، ويبتلى المؤمنون ويزلزلوا زلزالاً شديداً، فإذا كان الأمر كذلك فما أجدر الداعية أن يبحث عن إخوان ثقات وأبطال حتى يعينوه في هذه اللحظات الحاسمة في حياته. قال ابن حزم –رحمه الله-: من طلب الفضائل لم يساير إلا أهلها، ولم يرافق في تلك الطريق إلا أكرم صديق من أهل المواساة والبر والصدق وكرم العشيرة والصبر والوفاء والأمانة والحلم وصفاء الضمائر وصحة المودة. الجرأة في قول الحق: الجرأة في الحق قوة نفسية رائعة يستمدها المؤمن الداعية من الإيمان بالله الواحد الأحد الذي يعتقده، ومن الحق الذي يعتنقه، ومن الخلود السرمدي الذي يوقن به، ومن القدر الذي يستسلم إليه، ومن المسؤولية التي يستشعر بها، ومن التربية الإسلامية التي نشأ عليها. وعلى قدر النصيب المؤمن من الإيمان بالله الذي لا يغلب، وبالحق الذي لا يُخذل ، وبالقدر الذي لا يتحول، وبالمسؤولية التي لا تكل، وبالتربية التكوينية التي لا تمل بقدر هذا كله يكون نصيبه من الجرأة والشجاعة وإعلان كلمة الحق التي لا تخشى في الله لومة لائم وهذا هو وصف الصفوة المختارة لحمل الرسالة والدعوة في كل عصر يفلت فيه الناس من المسؤولية ويتخلون عن التبعية، يقول الله تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ » (المائدة:54). الحوار و آدابه : لكل فرد منا أسلوبه  في الحياة  وليست المكانة مرتبطة بالمنصب او المكانة الاجتماعية  فقد تكون المكانة تجلب  الود والاحترام والحب  والتقدير  ولكن  اللاسلوب هنا هو طريقة التفكير  و الحديث وهذا ينعكس على شخصية الفرد اذ نعطي للآخرين انطباعا قد يكون سلبيا او ايجابيا و يجعلنا نغلق قلبنا امامه او نفتحه و كذلك المواقف المزاجية التي تجعل الانسان متردد بين القبول والرفض للآخر. فمن الناس من يحترمك و يستمع اليك و يأخذ برأيك لأنك خالطته او عاشرته او سافرت معه او تعاملت معه في التجارة و عضت في السراء و الضراء و في الشدة و الرخاء وهذا يحتوي ضععفك و قوتك اذ ان قوله يتطابق مع عمله فان غبت ذكرك بخير و كل من يتعامل معه لا يشير الا انه جميل و صادق و واضح كامل الوضوح في التعامل و التواصل فهذا لا مكان له الا في القلب . ومنهم من لا مكان في قلبه الا الحقد و الحسد فهذا الصنف من الناس يجعلك تفرّ منه اذ انه يتفنن في التشويه باساليب تتناسب مع تفكيره و هذا لا مكان له في القلب فهو مرفوض منبوذ أما ذوي المذاج المتقلب فهو الذي يتحدث مع الآخر فيرد عليه بضيق و ملل وكآبة فاقد الذوق واحترام المكان او الزمان الذي فيه المحاور فتراه لا يحترم الآخرين و لا يبالي ان يحرج مخاطبه و هذا مزاجه متعكّر متقلّب و لكن اذا كان مزاجه في مستوى مرتفع فانت محظوظ لانك تراه مبتسم يتجاذب اطراف الحديث بذوق و احترام. هكذا فمن يعتقد ان من حوله لا يتأثّر بما يجدّ من انفعالات و تأثيرات متباينة  و انها لا تؤثر على مكانته و قربه من الآخرين متعاملا معهم حسب امزجتهم و أهوائهم فهؤلاء سوف سيداومون البقاء معه على الدوام. هكذا فان العلاقات البشرية تفقد رونقها و جمالها بسبب الاساليب المتّبعة . احيانا تكون بسوء تقدير و احيانا ضنا منا ان الموضوع سيمرّ و ينسى و احيانا يطغى علينا الجانب الأناني الذي هو فينا فلا نكترث بالآخر و لا نحترم شعوره و عواطفه فنستسمح لأنفسنا بالسباب و سيل من الاساليب و التصرفات المؤلمة للآخر التي هي جارحة مؤلمة متجاهلين الآخرين كأنهم غير موجودين و كأننا نعيش في الكون لوحدنا. ان القلوب ثلاثة اصناف. القلب النائم: هو من فاتته العبادة و لم يكترث بها و لم يكتنز من خيراتها و نفحاتها وهو لا يدري انه خسر شيء كبير و هذا الصنف علينا ان نبكي عليه و ننصحه بألا ييأس من رحمة الله  و ندعوه للتوبة وبذكره ان باب التوبة  والأوبة والاجتهاد في الطاعة مفتوح لمن شاء الله متى شاء فليسارع الى الدخول قبل فوات الأوان و يغلق الباب ونذكّره بقوله تعالى في سورة الزمر:  » قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم  » (الزمر – 53) أما القلب المتألم الحزين : هومن اجتهد في العبادة فأصاب أياما و تكاسل و أساء أياما ثم استشعر الخسارة و ندم على ما أضاع و هذا عليه بالبكاء على حاله اذ لا يندم المسلم يوم القيامة ندمه على ساعة فاتته لم يذكر الله فيها و علينا ان نذكّره بقوله تعالى في سورة أل عمران اذ قال :  » سارعوا الى مغفرة من ربكم و جنّة عرضها السماوات والرض أعدّت للمتّقين » (آل عمران – 133) أما القلب الثالث : فهو قلب تأثّر و تغيّر و هو من الدوام على العبادة و احسن الاستفادة من وقته و لم تلهه المشاغل عن حسن العبادة فهذا في الختام من الفائزين و يوم القيامة من الناجين و لهذا علينا ان نبارك له و نشدّ عليه و نقول له قولة :  » من ذاق عرف و من عرف اغترف و من حرم الخير فقد حرم … عرفت الخير فألزم وداوم بارك الله فيك و عليك اللا يوم القيامة  »   وهنا لزاما علينا ان نتذكر قول الله تعالى وهو يخاطب الحبيب المصطفى اذ قال تعالى في سورة آل عمران  :  » ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك » (آل عمران – )  و هنا السر من العمل الذي نصبو اليه في الدعوة الى الله بالكلمة الطيبة الى التي هي احسن و هو العمل للتحظير للدار الآخرة وهي دار الدوام والاستقرار.  نسأل الله تعالى ان يلهمنا مراشد امورنا و ان يعيذنا من سيئات اعمالنا ويسدّد خطانا جميعا لإنجاح اشغال هذا المؤتمر انه سميع عليم وبالله التوفيق والسداد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .. أشكر الله لكم على النجاخ النسبي لمؤتمركم الذي لم يكتمل اشغاله التي من اجلها اجتمعتم لجنيف والا فكيف ينفض المؤتملا دون البتّ في مسائل جوهرية مثل مقر المنظمة وتركيبة الهيئة الادارية  والنتيجة ان الذي حصل هو انتخاب الاخ نورالدين ختروشي  رئيسا للمنظمة والاخوة عماد الدائمي ولطفي الهمامي و سليم بن حميدان و كمال العيفي و الطاهر العبيدي والاخت الفاضلة رشيدة النفزي وهم ستة أعضاء للمكتب التنفيذي و اني اغتنم هذه الفرصة لتجديد الدعوة لكم ولإخوانكم النجاح و حسن القبول وفقكم الله و سدد خطاكم . والله الموفق لما فيه خير البلاد والعباد لا رب غيره ولا معبود سواه. جنيف في 26 جوان 2009 الإمضاء : عبد السلام بوشداخ                     

العـودة ومؤتمـرها أين الخلـل ؟ (الجزء الثــاني)


د.خــالد الـطراولي الخلل الثالث : كيف نريد الزرع في أرض جدباء أم هي مقولة  » الحصيرة قبل الجامع » ؟ لعله ما يسترعي الانتباه ويصدّع الرأس أحيانا أن تسمع  من الإخوة الأفاضل الساعين إلى العودة الفردية أو الجماعية، مقولة العودة الآمنة والمسئولة الممكنة للبعض إذ أراد أن يهتم بالشأن العام، وهي مقولة غير صحيحة وغير سليمة فالوضع الداخلي لا يسمح بالمتواجدين على أرضه بالحراك، ولا أضيف جديدا حين يجمع الكل يسارا ويمينا على انغلاق المشهد السياسي وما يتصف به من كبت للحريات وتجاوزات طالت ولا تزال كل من يغرد خارج السرب. فهل أننا صادقون حين نزعم بعودة مسئولة « للضيوف » وأصحب الدار لا يتمتعون بهذا الوجود المسئول والآمن؟ هل نعي ما نقول حقيقة ونحن ندفع إلى العودة بصيغة الفرد والمجموعة إلى أرض غير زرع لا تحتمل الماء الضرار؟ أم هي دعوة غير جدية وغير منطقية تزعم ما لا تقدر على الوفاء به وتخفي حقيقة لا تريد البوح بها وهي العودة العادية لا أكثر ولا أقل، عودة لا تختلف كثيرا عن الخلاص الفردي في باب عدم المسؤولية والاهتمام بالشأن العام؟ أو لعله غير ذلك وهو كما يزعم البعض أنه سحب للبساط من تحت أصحاب الخلاص الفردي للتعجيز والانتظار! مهما كانت الدواعي والمبررات فإن الدعوة للعودة إلى أرض غير مهيأة لقبول ساكنيها المهاجرين، يعتبر ضربا من المراهنة على الفراغ أو على المستحيل وعدم كنه لدور المهجر ودور الداخل في عملية التغيير، ويستدعي أيضا كثيرا من الوضوح وتسمية المسميات بأسمائها حتى لا يظن بأصحاب المبادرة ظنونا في غير محلها وهم منها براء. لذلك ومع احترامي للجميع، لا أرى أن هذه العودة الجماعية تخرج عن منطق العودة العادية ولكن في لبوس جماعي، وهي تلتقي في النهاية مع الخلاص الفردي في مستوى الهدف دون المرور بالباب القبلي أو الخلفي للسفارة.  الخلل الرابع : الزاوية الأخرى للوجود المهجري لقد تمت معالجة مسألة العودة  من زاوية القضية والمشكلة والمأساة، وكأنها تضاهي في ثقلها حالة السجن والسجناء، وأنا لا أستصغر عذابات المنفى وحنين الأوطان وقد حبّرت في ذلك بعض الأسطر تعبيرا عن معايشتي لها منذ أكثر من عقدين، فقدت فيهما الكثير من الأعزاء والأحبة دون رؤيتهم، كان آخرهم والدي العزيز، عليهم جميعا رحمة الله. ولكن للسجن خاصياته وللغربة ظروفها، وليس لمن يستطيع ضم أحبابه ومعاشرة أهله، كمن يرى أطفاله يكبرون خارج كيانه، وأهله مشردون والأمراض تنخر جسمه، حتى إذا خرج بعضهم كان خروجه محطة قصيرة قبل المقبرة. فالوجود المهجري مهما طالت لياليه المظلمة لا يضاهي ليلة في ظلمات السجن بين فكاك الجلاد وقسوة القضبان وسواد الجدران، ولقد فشلنا في وهذا الوجود القسري تجاه المشروع ولم نستطع بلورة خطة التواجد، وهي خطة استثنائية للنضال تستطيع تأطير الطاقات وتوظيفها من أجل البناء والعمل. وقد اقتصر النضال في بعض الثنايا على لقاءات واحتفالات، حتى أن البعض كان يدّعي أن لقاءات بعض الأطراف تقتصر على عرس أو مأتم وما خلاها فراغ وعدم!  لقد كتبت منذ أكثر من سنة مقالا بعنوان  » نحو مفهوم جديد للحزب، اللقـاء نموذجا » [1]  بينت فيه أن عمل الأحزاب يجب أن يعيش واقعه ويتأقلم معه، ويتبلور حسب مقتضيات ومتطلبات هذا الواقع. والحالة المهجرية هي استثناء في عمل الأحزاب وجب توظيفها واستغلالها في البناء الفكري والعمل الحقوقي والدعائي المؤسس، الذي يصنع الحدث لا أن يتبعه بالبيانات والعرائض. ولقد كانت زاوية المأساة والعذاب والتشرد هي الغالبة على النظرة حول المهجر وهي نتيجة مباشرة لهذا الفشل في العمل والحراك، الذي أفرز حالات عطالة فكرية ونضالية، تبلورت إلى حالات يأس وإحباط، ومنها إلى انكفاء وتقوقع، ثم إلى انسحاب واستقالات. إن فكر الزنزانة وفكر العذاب والمنفى ولّد لدى بعض الحركات السياسية والإسلامية خصوصا أدبا قاتما وفكرا متأزما وزوايا من الطرح يظلها البعد المأسوي، مما جعلها تنتحي بعض الشيء مجال التواكل أو الضحية، ويبعدها عن مواطن المراجعة والفعل المؤثر والواعي، الصانع للحدث والمتمرس بفقه المرحلة وكنه الواقع وتوظيف أي نقطة إيجابية فيه نحو منازل أكثر ضياء. فالمهجر ليس ظلمة كله ولكن موطن يمكن تفعيله وتوظيفه أحسن توظيف، في ظل حرية نسبية تدفع إلى البناء والإبداع. وسأدفع الحديث إلى أقصاه وأملي أن لا أزعج أحدا، فالمهجر ولا شك قطعة من العذاب يحيط به الحنين والحرمان من كل جانب، ولكن النفوس العالية احتوت هذا الشعور، والكثير من المهجرين تأقلموا اضطرارا لا اختيارا مع الوضع الجديد، وأصبحوا يعيشون في راحة مادية وروحية أفرزت استقرارا وسكينة أسرية ومعارف وصداقات مع نغص الحنين للوطن وللأهل ولا شك. ونظرا لانطفاء جذوة العمل والنضال نتيجة أسباب موضوعية أو ذاتية يتحملها الفرد والجماعة بنسب مختلفة، فإن زاوية المأساة والسواد تضيق بعض الشيء حتى أن كل عودة مأمولة أصبحت عودة سياحة وملامسة أرض الأجداد. من هذا المنطلق فإن الحديث عن المنفى من زاوية المأساة يفقد بريقه وإن كان يتجدد أحيانا أكثر لوعة وألما لما يأتيك نعي الأحباب، ومن هذا الباب، باب الاستقرار والبياض كان واجبا علينا رؤية المنفى وتوضيفها بعيدا عن عالم المأساة، عالم العمل والمقاومة السلمية من أجل الوطن، ولو على بعد أميال. إن من أوكد ما يزعج الاستبداد ولا شك أن يتحول المهجر من إطار الضحية الساكنة الباكية في ركن ضيق من أركان الذاكرة، إلى دور الفاعل والصانع للحدث المتجاوز لمناطق السواد والساعي إلى طلاء كل وجوده باللون الأبيض الحامل لعناوين الأمل والبناء والرافض للإحباط واليأس والمتواري عن الأنظار. الخلل الخامس : تداخل للسياسي والحقوقي في غير محله! لما التقيت بأحد الإخوة الأفاضل المؤسسين للتنسيقية، ووجه لي الدعوة للحضور كما ذكرت في الجزء الأول، أعلمني بحضور العديد من القيادات السياسية من داخل البلاد وخارجها، واعتبرها مؤشرا  عاليا لأهمية المؤتمر. وبعد رفضي بكل أدب لهذه الدعوة المحترمة كما ذكرت سالفا، اعتبرت هذا الحضور غير إيجابي، لأنه يعطي للقاء بعدا سياسيا واضحا أو تلازما غير مفيد بين السياسي والحقوقي، خاصة وأن التنسيقية وأصحابها ركزوا على استقلاليتها في خطابهم قبل المؤتمر وهو أمر يحسب لهم، لكن ماراعنا إلا والخطاب المتواجد والذي حملته بعض الأصوات القيادية المعارضة حسب ما جاء في بعض المواقع، يحمل بعدا سياسيا واضحا وهذا طبيعي بعض الشئ، فالصفة السياسية ليست تهمة إلا أن الإطار الظرفي لا يستوعبها ولا تخدمه! ثم جاء البيان الذي أصدرته بعض القيادات السياسية على هامش انعقاد المؤتمر، وكان بيانا سياسيا يشخص حالة البلاد المأسوية سياسة واقتصادا واجتماعا، وقد سبق هذا الإعلان، البيان الختامي للمؤتمر التأسيسي  وعتّم عليه بعض الشيء. إن الظاهرة الإنسانية معقدة ولا شك، وتتشابك فيها الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويصعب في بعض الأحوال التمييز بين خيوطها الحريرية. ولست ممن يدعي استقلالية هذه الأبعاد عن بعضها، ولكني أميز بين البعد الملازم للظاهرة والذي لا يتخلص منها ويساهم في إعطاء الظاهرة طابعها وتميزها، وبين البعد الملحق بها اختيارا لا اضطرا، والذي يسعى أصحابه بوعي أو بغير وعي إلى التأثير على الظاهرة وتلوينها حسب إرادتهم وأمانيهم.  ووجود السياسي مع الحقوقي لا لبس فيه فمن نفس الينبوع تنطلق مياه البعدين، ولعلها تنساب نحو نفس الهدف، ولكن ليس كل تدخل للسياسي يمكن أن يخدم البعد الحقوقي في سعي الظاهرة نحو هدفها. إنا نعتبر أنه في حالتنا هذه قد كان لتدخل السياسي وحضوره المكثف في المؤتمر تأثير غير إيجابي للصفة الحقوقية للمؤتمر وللاستقلالية التي تسعى إليها جاهدة الجمعية الوليدة. ولذلك أليس كان من الأجدى أن يكون هذا اللقاء السياسي المجتمع في أعلى مستوياته خارج هذا الإطار تماما وبعيدا زمانا ومكانا؟ والحقيقة التي تجاوزتنا أن  السياسي [le politique] بطبيعته الغالبة ولعلها المهيمنة لا يترك أي مجال إلا ويتفوق عليه ويحتويه،  ولهذا جاء هذا البيان السياسي للقاء المعارضة على هامش مؤتمر تأسيسي لمنظمة حقوقية سابقا على بيانها ومعتما عليه بعض الشيء ويمثل حسب نظري خطأ منهجيا وقراءة غير سليمة للحدث. وتتواصل حيرتي وأرجو  رحابة الصدر، فالكل مجتهد من أجل الصالح العام، لماذا انتساب الأخ الفاضل رئيس الجمعية الجديد إلى هذا البيان السياسي، والإطار الذي يتزعمه ولا يزال وليد اللحظة حقوقيا خالصا مستقلا خالصا؟ كلها أسئلة لها أجوبة ولا شك نفتقدها ولكننا موقنين أن وراء كل ذلك سعي صادق من الجميع نحو الأفضل والأسلم. وما حديثنا في هذا الباب وغيره إلا اجتهادات نسعى ممن خلالها إلى التقييم بتواضع والتقويم إن كنا أهلا له. إني أعتقد أن هذا التداخل بين السياسي والحقوقي والصعوبة للفصل بينهما والذي فرض نفسه في أروقة المؤتمر ولعله من باب [chasser le naturel, il revient au galop] وهذا يعود أساسا للمنطلق الخاطئ في طرق مسألة العودة واعتبارها قضية حقوقية منفصلة عن الإطار السياسي ومنبتة عن واقعها الداخلي المثخن بالعامل السياسي، وهذا يعيدنا أساسا إلى منطلقنا الأول واختلافنا الجوهري مع أصحاب المبادرة في اعتبارنا أن المهجر جزء مقاوم تتشابك فيه السياسة والحقوق وهو طرف أساسي في عملية التغيير، ولا يمكن معالجة قضيته بعيدا عن القضية الأم وهي قضية كل الوطن. لهذا فالدعوة إلى عودة حقوقية لا يمكن أن تنجح لأن الإطار التي تعتزم التنزل فيه إطار سياسي خالص وليس مهيأ لقبول الأضداد. ختــــاما ليس حديثي نابعا من أستاذية ولا عن وقوف على الأطلال، ولا يدعي امتلاك الحقيقة، ولكنه تدافع سليم من أجل الصالح العام، وقبل كل ذلك أخوة حميمة وصداقة ومشوار نضال مع اخوة طيبين صادقين، لا نشك لحظة في إخلاصهم وحبهم للوطن وسعيهم النبيل لإصلاحه ولا نزايد عليهم، ونحي اجتهادهم ونضالهم وتضحياتهم من سهر ومال. لعلنا فشلنا في مهاجرنا، ولعلنا نريد معالجة الفشل بالفشل…فشلنا في خدمة المشروع وترتيب بيته وتوظيف طاقاته وتأطيرهم من أجل البناء، فعالجناه بالتخلي عنه وإعادة حامليه في رحلة ترفيهية إلى أرض الوطن. ليست الهجرة بالنسبة لي إلا محطة في الحياة في مسار صاعد نحو المطلق نحو الله من أجل الصلاح والإصلاح، سنده آية وحديث وموقف يجتمع فيهم القلب والعقل،  ويلتقي فيهم الوجدان بالعواطف والمشاعر، ليسطر فلسفة حياة ووجود، في إطار تحمل ضفتاه عنوان المهجر في إحداها، والوطن الحبيب في الأخرى. فأما الآية :  « قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.. » وأما الحديث،  فقوله صلى الله عليه وسلم « إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى،  فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ». وأما الموقف، فلقد التفت الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى مكة وهو يغادرها جورا وعدوانا و هو يسكب الدمع قائلا :  » و الله إنك لأحب أرض الله إلى الله، و أحب أرض الله إليّ، و لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت! وصلى الله على محمد. انتهــى هــــوامش: 1 / خالد الطراولي  » نحو مفهوم جديد للحزب، اللقاء نموذجا  » موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي ركن اللقاء الفكري

 

ملفات « السياسيّة »:عزوف المثقف عن المشاركة السياسية

ما هي الأسباب ؟ هل هناك حقّا مخاوف من « عصا السلطة السياسيّة » ؟ أين يتقاطع الفعل السياسي والفعل الثقافي؟ وهل للإفلاس الإيديولوجي دور في تأبيد القطيعة بين المثقّف والإسهام السياسي؟  


بالحاج حميدة وشوكات وإدريس والخشناوي والعويني والشرقاوي يتحدّثون لـ »السياسيّة » ويُحلّلون   عند تناول العلاقة بين المثقف والسياسة ومدى اقترابه منها وانخراطه في شعابها من موقع الإعلامي الناقل للظاهرة والممحص في أسبابها وتمظهراتها، يُسكن في بداية تمشيه بالهاجس الابستمولوجي الذي يطرأ على علاقة رجل الفكر والمعرفة بالحقل العام وبالسياسي وانزياحه التدريجي لرجل الإعلام، ليس من موقع الصراع الانتهازي أو التلون الحربائي للمناصب الرسمية الفارهة أو للعملات التي تخلفها صقور ما وراء المحيطات وإنما لانزياح الثقافي للرقمي والورقي للافتراضي والأصيل للمتقدم بناء على الصراع الوجودي الذي يحركه عديد الفواعل المجردين كالسلفي ( حقله مختلف أنواع الفكر وليس ديني بالضرورة) والحداثي وما بعد الحداثي وهلم جرا..ومن ثمة فإننا في هذا الملف الفكري الذي نفتحه في موقع « السياسية » حول الأسباب التي تجعل من المثقف بعيدا عن السياسة مستقيلا عنها، نجد أنفسنا أمام تحدّ مهني وأكاديمي وهو الوقوف بين مختلف الرؤى المفكرة في الظاهرة كما رصدناها لدى عدد من المثقفين والسياسيين بتمسك حذر بالموضوع بالممكن من التباعد عن الذات وجاذبيتها في هكذا سياق، وبتشبث « مستتر » بالخيط الرفيع الذي يربطها ببعض ورتق دقيق لما يمكن أن يفرّق بين اختلافاتها حتى نظمن كتلة معرفية نظرية مفارقة للسائد ومتقدمة بالأزمان المتكلسة برغم تبايناتها واختلافاتها وفاعلة في الواقع بغيرية أصبحت متندرا بها لدى أصحاب القرار ومعارضي القرار في الآن ذاته.وللملمة الآراء من مختلف المشارب والذهنيات وتأصيل الموضع معرفيا وإعلاميا بغية ملامسة مكامن الأشكلة  فيه وتطارحها في أفق البناء لتصورات جديدة تذيب الجليد بين المثقف والسياسي وتؤسس لعلاقات بديلة قادرة على « تطبيع » القطيعة وتقريب الهواجس والانشغالات على العام والخاص في الداخل الوطني نقدم لقراء « السياسية » هذه الاتجاهات المقارنة لواقع الوعي بالقضية حتى يبقى الجدل مفتوحا والتشييد لمنعرج جديد لهذه العلاقة قائما ومتوثبا في تاريخ بلادنا المعاصر. ملف من إعداد:بدر السلام الطرابلسي ثامر إدريس: أستاذ جامعي ونائب في البرلمان عن حركة التجديد من التجنّي توظيف العلاقة المتوتّرة بين رجل السياسة والمثقف للتحامل عليه باتهامه بالانعزالية والانكفاء على الذات فالمثقف مناضل إلا أنه غير ميداني    الاستقالة عن الشأن العام موضوع جدير بالعناية والاهتمام نظرا لتفاقم الظاهرة وما يخلّفه ذلك من تراجع الشعور بالمصلحة المشتركة وتهلهل العقد الاجتماعي. لاسيما في ظل أزمة القيم التي تعصف بالواقع على خلفية الصراعات القائمة والانتصار الجارف للعولمة. ومفهوم أن تكون الأغلبية صامتة بحكم انصرافها إلى اليومي وإلى تلبية متطلبات الحياة الصعبة. لكن أن تكف النخبة المثقفة عن الاهتمام بالشأن العام، في ظل التراجعات الكبيرة والانهيارات المتتالية، فهذا يستوجب التوقف بتسليط بعض الأضواء. وللاقتراب أكثر من الموضوع أميّز بين أنواع من المثقفين: فهناك مثقف يعمل على إغناء المعرفة بإعادة صياغة الأدوات المفهومية معتمدا التحليل والتركيب والنقد في سعيه إلى استيعاب الواقع، ويعرف بسعيه الدائم للخروج من قوقعة الأفكار لإنتاج فكر جديد لإثراء الثقافة والفكر والحقيقة والحرية. وهو لا يدعي أنه بديل عن المجتمع ولا يقبل بأن يضع نفسه على هامش الواقع الحي. ورغم كونه غير ميداني في نضاله، ورغم كونه ليس بالقائد السياسي أو بالزعيم الحزبي  فإنه لا ينقطع عن الاهتمام بالشأن العام. ولكبار المثقفين من هذه الطينة دور كبير في تحريك السواكن ودفع المجتمع نحو التطور، إن لم يكن في حياته فيمكن أن يحصل ذلك بعد مماته، مثلما حصل مثلا مع الطاهر الحداد. النوع الثاني هو الذي أدرك أن المجتمع لم يعد في حاجة إلى المثقف ليزرع المعرفة وليحرّر من القيود، بعد دخول المعلومة الرقمية مجالات الحياة، وبعد انتشار الأحزاب السياسية، وبروز وظيفة الإعلام كمنافس لدور الثقافة، وتراجع الانتاج الفكري في حقول معرفية كان لها الفضل الكبير على المثقفين. وما يزيد في تراجع دور هذا النوع من المثقفين الانهيارات الكبرى التي عرفتها بعض الإيديولوجيات، كالماركسية والقومية العربية والتي لم تعد مفاهيمها تساعد على فهم الصراعات التي نحياها اليوم في عصر العولمة واكتساح اقتصاد السوق. فخيّر الانكفاء على الذات، مقتنعا بأن المجتمعات لا تسير وفق ما تريده النخب السياسية والثقافية، بل هو نتاج لجميع الفاعلين في مختلف مجالات الإنتاج وفق قوانين موضوعية.إن هذا المنطق قد ترك  المجال إلى شريحة أخرى من المثقفين تستند إلى المراجع الدينية وتوظّف الدين في السياسة للتبشير بأن الحل لمشاكلنا الحالية يكمن في الإسلام. وهذا يجر إلى رصد ملامح نوع آخر من المثقف.   المثقف الآخر لا يجد مانعا من الانخراط في الأحزاب السياسية والترويج لرؤاها المجتمعية والاقتصادية. وهذا النوع من المثقفين نجد فيه من ينهل من مناهل قديمة سلفية، كما نجد فيه من ينهل عادة من مناهل القرن التاسع عشر والقرن العشرين غير مدرك، عن وعي أو غير وعي، التحولات الجديدة في العلاقات بين البشر. وبحكم ما يمتلكه من قدرة على الخطاب وفن الإقناع بصواب الاختيارات السياسية للجهة التي ينحاز إليها يروج لليقين وللشعارات مثلما تفعله وسائل الإعلام. وبقدر ما يملك من قدرة على المحاجة وعلى الرد على الرؤى المغايرة والمعارضة، فإنه يفعل ذلك بغير إدراك عميق لتغيرات الواقع وضروراته فيبدو كالطفل المتمسك بالرغبات المستحيلة.   وإلى جانب الفروق بين المثقفين، توجد فروق بين السياسي والمثقف في النظر إلى الأشياء، حيث ينظر الأوّل إلى الشأن العام من داخله ويبحث فيما هو كائن ويتحدث عن فن الممكن وعيا بتعقيدات الواقع وما يفرضه ذلك من صعوبات، بينما ينظر المثقف إلى الشأن العام ليحكم عليه من الخارج فيتحدث عما يجب أن يكون، معتقدا بأن كل شيء قابل للتحقيق، لكن هذه الفروق لا تشرّع للمثقف الانقطاع عن الشأن العام. كما لا يعني توتر علاقته مع السياسيين واتسام علاقته بهم بالكر والفر تبرير اتهامه بالاستقالة والوقوف على الربوة. ومن التجنّي توظيف هذه العلاقة المتوتّرة بين رجل السياسة والمثقف للتحامل عليه باتهامه بالانعزالية والانكفاء على الذات. فالمثقف مناضل إلا أنه غير ميداني. وعدم تحزبه وتحرره من الدغمائية يساعدان أيما مساعدة في نشر المعرفة الصحيحة. إذ من المعلوم أن النظرة الحزبية الضيقة وما يعرف بالفئوية والعصبوية من ألد أعداء نشر المعرفة على نطاق واسع. إن العزوف عن الشأن العام ملحوظ أكثر لدى الغالبية منه لدى المثقفين.    والكل مدعو إلى تكثيف الجهود مع النخبة السياسية في عملية البناء الوطني عبر تغيير البنى الفوقية للمجتمع وتغيير البنى الفكرية.. وإذا أخذنا بعين الاعتبار التحولات السريعة التي تعرفها العلاقات بين البشر بفعل ثورة تكنولوجيات الاتصال وبروز وظيفة الإعلام كمنافس لدور الثقافة سابقا، وإذا ما نظرنا إلى أزمة القيم وتفشي ظاهرة قلة الحياء في ترويج الأكاذيب من دون أدنى شعور بالخجل، فإنه والحال هذه لا زال يُنتظر من المثقف القيام بدوره في تفنيد الباطل ومقاومة مظاهر الفساد ونشر المعرفة الصحيحة.  بشرى بالحاج حميدة: حقوقية وناشطة نسوية مجتمعاتنا نعيش تحت أنظمة سياسية تقمع حرية الفكر وتحاول الحط من قيمة المثقف والقوى السياسية التقدمية لا تُعير للفكر أهمية حقيقية     إن مسالة مشاركة المثقفين في الحياة السياسية مطروحة في  كل المجتمعات وذلك منذ  أمد بعيد وتختلف وجهات النظر حول دور المثقف في المجتمع وعلاقته بالسياسة ويمكن اختزالها في اتجاهين إذ يرى البعض أن دور المثقف هو التفسير والإنارة الفكرية دون التدخل في المجال السياسي في حين يعتبر البعض الآخر أنه من واجب المثقف الخروج من  برجه العاجي وتحمل مسؤولية التغير داخل المجتمع وذلك من خلال الالتزام السياسي. وشخصيا أرى أن المسألة متشعبة وليست بهذا الوضوح: 1 – أن ما يميز  مجتمعاتنا  بصفة عامة  هو عزوف المواطن والمواطنة  عن السياسة  وعن الشأن العام  واعتبارها  مسألة نخبوية أو  قائمة على المصلحة الضيقة  له ، فنحن نعيش في مجتمعات غير حرة وتحت أنظمة سياسية تقمع حرية الفكر بل تحاول الحط من قيمة المثقف والثقافة  مما لا يشجع المثقف على خوض مغامرة السياسة.   كما نلاحظ القوى السياسية التقدمية لا تعير للفكر أهمية حقيقية بل لا تعترف بحرية المثقف ويصبح هذا الأخير مطالبا بالانتماء الحزبي. 2  – تفتقد السياسة في بلداننا أدنى قواعد اللعبة السياسية: فهي تكاد تنحصر في مسألة السلطة دون اعتبار لطموحات وحاجيات ومتطلبات المجتمع .   فنجد من جهة ماسكي السلطة يرفضون التخلي عنها وهم مستعدون بالتضحية بكل شيء للاستمرار في الحكم ومن جهة ثانية المعارضين المهشمين والذين يتطلعون إلى البلوغ إلى السلطة (وهو حق غير قابل للنقاش ولا للمنازعة) ولكن دون الاستجابة لمتطلبات المجتمع ، لهذا فالمثقف يجد نفسه عاجزا على التدخل في الحياة السياسة بصفة مباشرة   والتأثير على الخيارات الأساسية للمجتمع.    وقد حاول بعض المثقفين في بلادنا المشاركة في الحياة السياسية سواء من منطلق فكري تفسيري أو بمنطق حزبي ضيق.فغالبا لم تكن هذه التجارب ناجحة  فمنهم من صدموا بالواقع السياسي وحساباته  ومتطلباته  وتراجعوا .و منهم من  حققوا مصالح مادية  حولتهم إلى رجال أو نساء سياسة فاشلين.    ولكن هذا لا يعني أن المثقف لا يلعب دورا سياسيا بل بالعكس فالمثقف يلعب  دورا أساسيا في المجتمع من خلال نشر أفكاره وأدوات تفسيره لما يستوجب المجتمع من تغيرات ، فهو ليس بحاجة إلى  ممارسة السياسة بمفهومها الضيق أي الدولة والمعارضة بل يتدخل في المسائل المصيرية التي يرى فيها خطرا على بلاده أو على مستقبل المجتمع أو على الإنسان.  وهذا ما يقوم به العديد من المثقفين ببلادنا مثلا لكن ما نلاحظه أن الدولة لا تشجعهم وأن نشر أفكارهم يبقى محدودا لأنه غالبا ما يكون محصورا في أوساط متعلمة.    وخلاصة القول أن المثقف ليس مطالبا بالتدخل في الحياة السياسية كسياسي تقليدي يمكن أن يلعب دورا هاما ومؤثرا على الحياة السياسية فهو يحاول إثارة نقاشات حول مسائل مصيرية  بفكره  ويمكن أن يساهم على طريقته ورغم العراقيل في  تطور المجتمع  بل والعالم. خالد شوكات دكتور تونسي مقيم بهولاندا وعضو المجلس البلدي فيها ورئيس تحرير مجلة تصدر بالعربية المثقف العربي واقع بين الخوف من عصا السلطة وبين تقديره أن السلطة ليست شرا مطلقا مثلما يريد البعض أن يصوره   ما تزال الحياة السياسية في جل البلاد العربية في رأيي، محكومة بقواعد أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مريبة و غير سليمة، خلافا لما هو سائد في البلاد الغربية، التي تظهر فيها السياسة شأنا عاما حقيقيا يشرف أي مواطن الانخراط فيه.   والمثقف أكثر حساسية من غيره، وهو بالتالي مؤهل للوقوع تحت سيطرة الخوف أكثر من غيره أيضا، وهو خوف مزدوج الاتجاهات غالبا، خوف من الانغماس في فساد السلطة ومكارهها، وخوف من عدم القدرة على ربح رهان التغيير إن فكر في الانخراط في حركة المعارضة.   والمثقف أيضا قارئ للتاريخ، وقراءة التاريخ عادة ما تغرس روح النسبية في التفكير، مما يقلص من دائرة وضوح الرؤية في المعارك السياسية الآنية، فالمثقف عادة ما لا يتحمس للمشاريع الثورية لأنه يدرك من التاريخ أن نتائجها ليست بالضرورة ودائما إيجابية، كما يخشى أن يحسب على « مثقفي السلطان » فينأى بنفسه عن دوائر الحكم، ويفضل ما يعتقد أنه تغيير بعيد المدى، يساهم في وضع أسسه اليوم، لتجني ثماره الأجيال القادمة غدا.   ولأن المثقف عادة ما ينتمي اجتماعيا للطبقة الوسطى، فهو في أغلب الأحيان غير خاضع لضغوط الحاجة وضيق سبل الرزق، مما يجعل الاستعداد للمغامرة عنده أقل من الشرائح الاجتماعية التي لن تخسر شيئا إن أقدمت على المجازفة.   وخلاصة القول أن المثقف العربي واقع في أكثر الحالات، بين الخوف من عصا السلطة وعدم الرغبة في الحصول على حلواها، وبين تقديره أن السلطة ليست شرا مطلقا مثلما يريد البعض أن يصور، تماما كما أن المعارضة ليست خيرا مطلقا، فكم من معارضة هي اليوم ديمقراطية الخطاب، ستتحول غدا إن مكنت من السلطة إلى ما هو أشر وألعن. عبد الناصر العويني محامي وناشط حقوقي المثقف في تونس يُعاني من حالة هشاشة وعدم وضوح الرؤيا ونقص في الجرأة مما جعله قابلا للشراء والرشوة والاستقالة    وضعية الشأن السياسي وأهميته في إدارة شؤون الشعوب والدول منذ المصادقة على الاتفاقية الدولية للتجارة نتجت نزعة جديدة تم فيها التقليل من الشأن السياسي وتهميشه لصالح البعد الاقتصادي التكنوقراطي بمعنى عندما نفسر موقع رجل السياسة إما في مركز اتخاذ القرار أو في مواقع التأثير على مراكز اتخاذ القرار. -النزعة الليبرالية الجديدة سلمت مقاليد اتخاذ القرار إلى تكنوقراطيين اقتصاديين هاجسهم الرئيسي هو مضاعفة الربح والريع المالي في تناقض مع هاجس السياسيين الذي يتمثل في تحقيق نجاحات سياسية وحسن تسيير دواليب السلطة، هذه الحالة انعكست في الدول ذات الاقتصاديات التابعة خصوصا في مستويين: 1- المستوى التعليمي حيث تحولت السياسة التعليمية إلى سياسة تسعى إلى خلق مؤسسات تكوين في اختصاصات تقنية بإنتاج ما يسمى بتكنوقراط المعرفة في قطيعة مع السياسة التعليمية والكلاسيكية والتي كانت تهدف إلى إنتاج مثقف شمولي بغض النظر عن معتقداته السياسية. نفس الأمر انعكس على المستوى الثقافي ونزع كل أهداف المنتوج الثقافي بالسوق. -الركود السياسي يعني أن المشهد السياسي في تونس يعاني من حالة من الجمود ومحافظة في مستوى الأفكار والأشخاص والتنظيمات. 2- احتكار الحزب الحاكم للإمكانيات المادية والبشرية المدعمة للعمل السياسي وانتهاج السلطة لبرنامج محاصرة كل الفضاءات التي من شأنها أن تنتج حالة استقطاب بديلة ومناقضة لها. المثقف في تونس يعاني من حالة هشاشة وعدم وضوح الرؤيا ونقص في الجرأة مما جعله قابلا للشراء والرشوة والاستقالة.  ناجي الخشناوي: كاتب وصحفي(جريدة الشعب) التذكير المستمرّ بتاريخ التبعيّة والاستبداد وبتاريخ الفعل السياسي المتطلّع إلى التحرّر الوطني رغم أن دور المثقف يدور في مدار الأخلاق إلا أن لهذا الدوران التباساته، إذ لا يمكن الاقتراب علميّا من دور المثقف دون الاقتراب من أجهزة الدولة الثقافية والإيديولوجيّة التي تحدّد موقع المثقف، إن كان مندرجا في آلتها (مُنضوي)، أو إذا كان يتطلع إلى بديل سياسي وثقافي واقتصادي، (مقصي) وان كان سؤال الدولة في شكله المجرّد يقود إلى أسئلة الهيمنة والتعددية السياسية والفكرية وإنتاج الثقافة واستهلاكها، فإنّ الانطلاق من وضع الدولة التابعة التي ترفض أشكال التعددّية بالضرورة تحيل مباشرة على إشكالية التبعيّة / القمع حيث يكون دور المثقف النضال من أجل التحرّر والديمقراطية، ويشير مفهوم التبعيّة إلى السببيّة التاريخية التي تنتج الدكتاتوريّة أي يشير إلى تاريخ التحرّر الوطني والإخفاق السياسي الذي لازمه وانطلاقا من هذا التقاطع يكون دور المثقف التذكير المستمرّ بتاريخ التبعيّة والاستبداد من ناحية وبتاريخ الفعل السياسي المتطلّع إلى التحرّر الوطني من ناحية ثانية أي أنّه لا يشير إلى وضع السلطة إلا بقدر ما يُلقي الضوء على الشروط التي أنتجت هذه السلطة ومنحتها إمكانات الاستمرار، انّه مثقّف الذاكرة الوطنية المجبول بالتاريخ والمسكون بالسياسة والمحرّض على إنتاج المعارف والقيم وهو لهذا ليس مصلحا اجتماعيّا بقدر ما هو مناضل ثوريّ لأنّ الإصلاح يومئ إلى خُطى محدودة والمشار إليه آنفا يستدعي الهدم والتدمير قولا وممارسة، وخطاب المثقف لا يثبت قيمته إلا بتطبيقه لأنّ الخطاب كما يحدّده ميشال فوكو في كتابه «أركيولوجيا المعرفة» «ليس وعيا يسكن مشروعه في الشكل الخارجي للغة، ليس لغة تُضاف لها ذات تتكلمها بل هو ممارسة لها أشكالها الخصوصية من الترابط والتتابع»، هذه الممارسة التي تشتغل وفق تحوّل مدروس « من أشياء المنطق إلى منطق الأشياء » حسب تعبير كارل ماركس أي النزول من الوجود في النظرية إلى الوجود في الواقع العملي فلا تتعالى على الجسد/الإنسان والحرية/الوطن والتاريخ/الوجود ولهذا هي محفوفة بقمع السلطة وسجونها وإغراءاتها.   وإذا ما كانت تمثّل الثقافة مجمل التصوّرات الذهنية المتراكمة زمانا ومكانا والتي تلعب دور الوسيط في إدراك الإنسان لما حوله ومحاولة تغيير المفاهيم والتمثّلات المجرّدة إلى قيمٍ وأحكام إجرائية وعمليّة، فإن مشاركة المثقف في الانتخابات الرئاسية من عدمها إنّما تكمن في هذه النقطة المُشار إليها آنفا، فمجموع المفاهيم والتصوّرات والقيم اكتسبت صفة الثبات المطلق والجمود والسكون وفقدت بالتالي الصلة مع الواقع والمحيط المتغيّر، ممّا جعلها ثقافة انهزاميّة انكسارية لا تحسن إلا إنتاج مبرّرات السقوط والضعف والتراجع والخيانة وذلك لفقدانها للمصداقيّة الفكريّة والفاعليّة النضاليّة، وتحوّل المثقف التونسي اليوم إلى شاهد أخرس أو شاهدة قبر لأنّ مفاهيم خطابه لا تعكس الواقع الراهن ولا تعبّر عن ظرفيته الآنيّة، وهو ربما لهذا يستنبط أكثر من منفذ للهروب من الفعل السياسي . فاتن الشرقاوي: رئيسة تحرير صحيفة التونسي (أسبوعية- معارضة) ابتعاد المثقّف عن الفعل السياسي يعود إلى إفلاس العديد من الأيديولوجيات السياسية التي كانت لها عدة عواقب على الاقتصاد والثقافة المجتمعية  يقول إحسان أحمد العطّار: « الثقافة لا تنفصل عن السياسة بل يجب أن لا تنفصل لأن أي انفصال يعني وضع السياسة تحت رحمة الرؤية الغير صحيحة للواقع القائمة على تحقيق الأهداف الآنية دون اخذ الأهداف بعيدة المدى بعين الاعتبار ».   لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا بدأ المثقّف العربي خصوصا يبتعد عن العمل السياسي؟ كانت السياسة سابقا هي المنهل الذي يستوحي منه كتاباته بحيث يتداخل البعدين السياسي والثقافي ليساهما في تكوين شخصية سياسية وثقافية بامتياز وتقدم معرفة منظمة وعقلانية للواقع الإنساني بما تملكه من أدوات تحليل متطورة ومن قدرة على طرح البدائل من خلال تقديم حلول واقعية لحل مشاكله.    ويوضح ذلك أن تكوين شخصية السياسي المحترف وشخصية المثقف يتوقف على شتى الظروف المتغيرة باستمرار وأن مدى التوتر بينهما أيضا متوقف على تلك الظروف. وبحكم هذه الحالة فإن العلاقة بين السياسي المحترف والإنسان غير السياسي المحترف يمكن أن تكون من سماتها العديدة استبعاد السياسي المحترف للمثقف أو تقريبه منه أو علاقة لا تنطوي على الاستبعاد أو التقريب ، فالسياسة ترتكزُ على إدارة مصالح العامة، وهو ما يجعل العمل السياسي مرتبط بجلب المصلحة ودفع المضرة ومن هنا فإن العمل السياسي يتعامل مع الواقع شأنه في ذلك شأن الفعل الثقافي خاصة وأن المعطيات التي يتعامل معها السياسي هي نفس المعطيات التي يتعامل معها المثقف ومن هنا نفهم أن الفرق بين السياسي والمثقّف يكمن في كون الفعل السياسي يغلب عليه المعطى اليومي في حين أن الفعل الثقافي يقوم بتجريد المعطى اليومي ليقوم باستخراج الحقائق التي يمكن أن يخفيها الفعل السياسي وما يمكن أن يترتّب عنه من نتائج.   إجمالا يعود ابتعاد المثقّف عن الفعل السياسي إلى إفلاس العديد من الأيديولوجيات السياسية التي كانت لها عدة عواقب على الاقتصاد والثقافة المجتمعية لعديد الأقطار ومن هنا وجب التفكير والأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن تقدّمه بعض الأيديولوجيات السياسية الحديثة من بدائل على المستويين الثقافي والسياسي في آن وبالتالي المصالحة بين الثقافي والسياسي، ومن بين هذه الأيديولوجيات الفكر البيئي والايكولوجي الذي يعتبر أهم بديل سياسي خاصة وأن البيئة هي المستقبل.
 
(المصدر: صحيفة « السياسة » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 25 جوان 2009)


وجهة نظر : في شروط المشاركة في الانتخابات


تتهيّأ الأحزاب السياسية القانونية وبعض الأطراف غير المعترف بها ليس لخوض معركة سياسية في انتخابات لا نرى أنّها تتضمن مغزى سياسيا حقيقيا ولكن للاشتراك في مسرحية تتكرّر باستمرار ولاقتسام المغانم. وفي الجهة المقابلة ليس للأغلبية الساحقة من الشعب أيّ حافز يدعوها إلى المشاركة في الانتخابات. وهي تدرك أنّ مشاركتها صوريّة وأنّها مقصاة من الحياة السياسية بل إنّ الكثير لن يتحصّل على بطاقة ناخب. ونخصّ بالذكر بعض الأصناف من المواطنين الذين ليس لهم الحق في الانتخاب والترشّح، ومنهم صنف من المواطنين حوكم في قضايا سياسية وانتهت فترة عقوبته ولكنه لا يتمتع بحقوقه السياسية، وبصرف النظر عن الطابع الجائر لتلك المحاكمات فإنّ طابعها السياسي لا يجرّد هؤلاء المواطنين في نظام ليبرالي من الحقوق السياسية. ولكن في تونس تفرض دائما قوانين وإجراءات شاذّّة ومتخلّفة عن العصر فلا يعترف لأولئك المحاكمين بصفة المحاكمين لأسباب سياسية. وفي انتظار التخلّص من المحاكمات السياسية في هذه الربوع أو على الأقلّ سن تشريع ديمقراطي حتى بالمعنى الليبرالي للكلمة في مجال العقاب السياسي يعتبر العفو التشريعي العام أوّل الشروط الضرورية لإقرار حياة سياسية سليمة ومقبولة وللحديث عن انتخابات حقيقية عامة أو محليّة وبدونه من غير المنطقي الحديث عن انتخابات ولا يعدو الأمر أن يكون مجرّد « تنافس » على اقتسام المنافع ضمن دائرة من « المختارين » و »الشرفاء » حسب استعمال الوزير الأوّل الأسبق محمد مزالي. وبسبب تحجّر النظام السياسي أصبح العفو التشريعي العام مطلبا غير قابل للتحقيق رغم أنّه يعتبر إجراء سياسيا محدودا، ولا شيء يمكن أن يدل على إمكانية حدوث أيّ تغيير في الاتّجاه الايجابي. وليس من باب التجنّي القول إنّ المعارضة في تونس والمنظمات الأهليّة كالاتحاد العام التونسي للشغل شركاء بصفة مباشرة أو غير مباشرة في انسداد الحياة السياسية لأنّها لا ترفض توجهّات السلطة بل تقبل أن تمرّر عن طريقها، وكلّ ما تصبو إليه هو تشريكها في السلطة أو خدمتها. وإلاّ فما معنى أن يدّعي المرء أنّه مناضل ديمقراطي وحرّ ويقبل أن تداس الحريّة في أبسط معانيها. وكم ديست هذه الحريّة ولم يصدر عن تلك الأطراف موقف يدين الاضطهاد السياسي أو يتضامن مع ضحاياه بل ربما صدرت مواقف تدين الضحيّة وتبتهج لما حلّ بها من قمع. وما دام الآخر هو المقموع فالأمر سيّان المهم أن يبقى المرء دائما في ضفة الأمان فيعيش كالنعامة إن لم يكن سندا للاستبداد. ويشدّ انتباهنا صنف آخر من المواطنين الذين يقبعون في السجن لأسباب سياسية واجتماعية ونخصّ بالذكر النشطاء والنقابيين الذين وقعت محاكمتهم في علاقة بالحركة الاحتجاجية بالحوض المنجمي، ويبدو أنّه ليس هناك اختلاف فيما يتعلّق بمساندتهم في الوقت الحالي. ولكن موقف المساندة ضعيف وغير متماسك. فأحزاب المعارضة تخذل أهالي الحوض المنجمي وأبناءهم المعتقلين بقبولها المشاركة في انتخابات لا يستطيعون الترشّح فيها أو الإدلاء بأصواتهم لأسباب تتحمّل مسؤوليتها السلطة التّي أحالتهم على القضاء ولا علاقة لها بالحق العام. ومن حقنا أن نقول إنّ أحزاب المعارضة تستعد لخوض « معركة » انتخابية وهي تدرك أنّ قاعدتها الاجتماعية (المحتملة) مشتّتة ومهمشّة، والبعض منها غير قادر على المشاركة، لأنّها لا تراهن على انتخابات حقيقية تختبر فيها موازين القوى ويسمح فيها للناخب بأن يكون فاعلا حقيقيا في أهم استحقاق سياسي. وإذا كانت الأحزاب صادقة في مساندتها لنضالات أهالي الحوض المنجمي ولأبنائهم المعتقلين فمن أبسط واجبات التضامن اشتراط المشاركة بتنقية الأجواء في تلك المنطقة وإطلاق سراح المساجين وإيقاف التتبعات. إنّ القبول بالمشاركة في الانتخابات هو قبول باختيارات السلطة في مجال القمع الاجتماعي والسياسي وتنكّر لنضالات ضحايا القمع والاستغلال وتضحياتهم. وقد يكون من باب إرضاء الضمير القول بأنّ الأحزاب ستولي هذه القضايا أهميّة أثناء الحملة الانتخابية. فالجميع يعلم أنّ الحملة الانتخابية كذبة كبيرة. ويكمن الموقف المعارض الوحيد لاختيارات السلطة التي ذكرناها في الامتناع عن المشاركة إذا لم يقع إطلاق سراح المساجين السياسيين (مع العلم أنّ قضية الوفاق هي قضية سياسية بامتياز) وسنّ العفو التشريعي العام على الأقل. محمد علي – تونس (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 25 جوان 2009)  


حركة التجديد السبت 27 جوان 2009 على الساعة الرابعة بعد الظهر بدار الشباب بالمنستير

 


تتشرف حركة التجديد بدعوتكم لحضور فعاليات الندوة الفكرية السياسية التي تنظمها في إطار المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم ويشرف عليها الأستاذ أحمد إبراهيم الأمين الأول للحركة ومرشح المبادرة إلى الانتخابات الرئاسية. وذلك يوم السبت 27 جوان 2009 على الساعة الرابعة بعد الظهر بدار الشباب بالمنستير.

 


أخبـار « البديل »

مناضل الهجرة سعيد البوزيري يفارقنا فقدت الحركة الجمعياتية بالمهجر أحد رموزها المناضل سعيد البوزيري الذي فارقنا فجأة يوم الثلاثاء 23 جوان 2009 عن سنّ تناهز الـ62 سنة، وبهذه المناسبة الأليمة تتقدّم أسرة البديل بتعازيها الحارة إلى عائلة الفقيد وكافة أصدقاءه. لقد كرّس سعيد البوزيري جزءا هاما من حياته للدفاع عن حقوق المهاجرين والنضال من أجل المساواة في الحقوق ومواطنة فعلية للمهاجرين بفرنسا تاركا أثرا كبيرا في تاريخ حركة الهجرة. حزب العمـّال يدين الاعتداء على النصراوي والعيادي أدان الرفيق حمـّه الهمّامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي في تصريح « للبديل » الاعتداء على الأستاذين راضية النصراوي وعبد الرؤوف العيادي. وذكر أنه كان موجودا بالمطار وشاهد بعينه المسؤولين الأمنيّين يعتدون الأستاذين وخاصة على الأستاذ العيادي وهما يخرجان من المنطقة المخصّصة لمراقبة الجمارك ويدخلان البهو الخارجي للمطار. كما سمع الكلام البذيء الذي كان يتفوّه به أولئك المسؤولون. واعتبر حمّه الهمامي أن هذه الممارسات الفاشستيّة تدلّ على إفلاس نظام الحكم وضيقه ذرعا بالنقد والرأي المخالف خصوصا في هذه الفترة التي تسبق المهزلة الانتخابية المقرّرة للخريف القادم. فنظام بن علي يريد ترهيب المناضلات والمناضلين وتخويفهم وحملهم على الصمت، ولكنه يعلم مسبقا أن هذا التكتيك محكوم عليه بالفشل. ودعا الناطق الرسمي باسم حزب العمال إلى التكتل ضدّ هذه الممارسات. أحكام جديدة ضدّ مواطني الحوض المنجمي أصدرت محكمة الاستئناف بقفصة يوم الأربعاء 24 جوان أحكاما جديدة ضدّ مجموعة من مواطني الرديّف الذين أوقفوا إثر تحرّك 9 ماي الفارط المطالب بإطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي وفي ما يلي قائمة الأحكام: محمد الخليفي: 8 أشهر سجنا عوض 10 أشهر هيكل بو زيان: 7 أشهر سجنا عوض 9 أشهر سميد إمامي: 5 أشهر سجنا عوض 7 أشهر يحيى الطبابي: 5 أشهر سجنا عوض 7 أشهر حكيم السويدي: 4 أشهر سجنا عوض 9 أشهر محمد الطبابي: 4 أشهر سجنا عوض 6 أشهر علي بن سلطان: عدم سماع الدعوى عوض 6 أشهر سجنا تهديدات بالهاتف الجوال للمناضل عمار عمروسيّة أصبح المناضل عمار عمروسيّة عرضة يوميّا للتهديدات من قبل المسؤولين الأمنيّين بقفصة وعلى رأسهم الجلاد محمّد اليوسفي، فكلما كان عمار عمروسيّة بالشارع إلا وعمد المعني إلى استفزازه وتهديده. كما أنه لم يتورّع أخيرا عن مخاطبته من رقم هاتف أجنبي وتهديده. حملات الرّافل تتكثّف!!! تواصل السّلطة في تونس انتهاج أسلوبها القمعي في تعاطيها مع مسائل عديدة، حيث ورغم نفيها المتواصل لوجود حملات التّجنيد (الرّافل)، مبرّرة ما يتمّ من إيقافات بعمليات تدقيق أمني بحثا عن مفتّش عنهم أو أصحاب خطايا ماليّة. لكن ما يحدث منذ أواخر شهر ماي من إيقافات واعتداءات على المواطنين لا يمكن تبريره بأيّ حال من الأحوال، حيث يتعرّض الشباب في سنة الحوار مع الشباب إلى إرهاب من قبل قوات القمع، جعل الكثيرين يلازمون منازلهم تجنّبا لاختطافهم، إذ لم يستثن البوليس أيّ شخص ومهما كانت الأسباب والظّروف، فهو يعتقل الذاهب إلى العمل، والعائد منه، والخارج لقضاء شأن من الشّؤون. وحدث في إحدى مدن ولاية نابل أن حاولت امرأة تخليص ابنها من أيدي أعوان الشرطة، فضربها أحدهم بمرفقه على صدرها، فأصيبت بنوبة قلبيّة أردتها قتيلة. وتشير الأخبار إلى حاجة السّلطة إلى حوالي 12 ألف مجنّد، ويحصل العون على مقدار 10 دنانير عن كلّ شابّ قبض عليه بغية تجنيده، وهو ما دفع بالبوليس إلى إطلاق أيديه في المواطنين والشباب منهم على وجه الخصوص.  
(المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 25 جوان 2009)


السلطة تترك أهالي حيّ الزهور من ولاية القصرين يواجهون مصيرهم بأنفسهم


حيّ الزهور في ولاية القصرين هو من أكبر الأحياء الشعبيّة في المنطقة يعاني أوضاعا اجتماعيّة مزرية، أمّا السلطة عوضا أن تقوم بواجبها تجاه السكّان وتحميهم على الأقلّ وهذا أبسط واجب من واجباتها المستحقة عليهم، فإنّها على العكس من ذلك رفعت يديها ولم تعد تتدخل داخل هذا الحيّ بالرغم من التفشّي المخيف للمخدّرات والجريمة، واكتفت بدور المتفرّج عليهم، بل عمدت السلطات الأمنيّة إلى تطويق هذا الحيّ من الخارج دون التدخل وفضّ النزاعات داخله تاركة قانون الغاب والحكم للأقوى سيّدي الموقف ناهيك عن حالات البؤس والفقر المدقع والبطالة وشتى الأمراض الاجتماعيّة الأخرى، كما غضّت كلّ السلط المحلّية والجهويّة الطرف عن تشكّيات ومعاناة متساكني هذا الحيّ واعتبرت المسألة منتهية بالنسبة إليها!!! هذه عيّنة من العيّنات التي تجسّد الإهمال المتعمّد للمواطنين وأيّ مواطنين، لقد كان أهالي هذه المنطقة من الأوائل الذين واجهوا الاستعمار الفرنسي لبلادنا، وأبلوا فيه البلاء الحسن وها هي السلطة تكافئهم كأحسن ماتكون المكافأة!!!  
(المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 25 جوان 2009)


تجاوزات في مراقبة امتحان الباكالوريا جوان 2009 في جهة تونس الكبرى


1 – تعرّض عديد الأساتذة عند مراقبة امتحانات الباكالوريا إلى التهديد من قبل بعض التلاميذ الممتحنين، البعض خاف على نفسه لأنّه يعرف أنّه غير محميّ، ففضّل الانطواء وملازمة مكانه وترك الحبل على الغارب، فانطلق الممتحنون يمارسون الغشّ كما يشاؤون!!! 2- معهد نموذجيّ بجهة تونس الكبرى لم يتمكّن أحد الأساتذة فيه من إكمال برنامج الفيزياء، جاء الاختبار في الامتحان على هذا الجزء فحدثت حالة من الفوضى والارتباك والإحباط، يقال أنّ تحقيقا سيفتح في الغرض! 3 – أكبر خطإ قامت به الإدارة أثناء امتحانات الباكالوريا هوالسماح للممتحنين بالجلوس في وضعيّة تسهّل عمليّة الغشّ: واحد خلف واحد، على عكس السنوات السابقة، بين التلميذ والتلميذ فراغ، وبعدها نفرح بالنجاح ونتباكى على المستوى المتاح !!! 4 – من غرائب الأمور أنّ أستاذا يقع الاتصال به قبل امتحان الباكالوريا من طرف وليّ ويعلمه أنّه سيقوم بالمراقبة في القاعة التي سيمتحن فيها ابنه أو ابنته، من أين عرف هذا الوليّ قبل الامتحان أنّ الأستاذ المذكور سيراقب في تلك القاعة أصلا؟!!! من سرّب له المعلومة؟!!! (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 25 جوان 2009)

قهر وغبن لتلاميذ مناظرة السنة السادسة من التعليم الأساسي في مادّة الرياضيات في تونس


مناظرة السنة السادسة من التعليم الأساسي في تونس اختياريّة، والناجحون فيها هم من المتميّزين طبعا، إذ ينتقلون للدراسة بالمعاهد النموذجيّة. وبالتالي لن يتمكّن من ولوج هذه المؤسّسات التربويّة إلاّ نخبة النخبة من التلاميذ المشاركين في المناظرة. ومن المعلوم أيضا أنّ الاختبارات ليست موجّهة للتلميذ المتوسّط بل للمتميّز دون غيره، وقد نتفهّم كذلك أن تقدّم للمترشّحين تمارين وأسئلة تحتوي على صعوبات وفخاخ عليهم تخطّيها حتّى يقع قبولهم في المعاهد النموذجيّة، لكن ما لا نفهمه أنّ وزارة التربية بأكملها، بمديريها، ومستشاريها، ومتفقديها، ومختلف مسؤوليها الإداريّين والبيداغوجيّين يمرّ عليهم خطأ من نوع « … قيس المحيط 360م، والطّول 2/3 قيس العرض، إلخ. الوضعيّة » ومطلوب من التلاميذ البحث عن البعدين، وبطبيعة الحال سيجدون الطّول أقلّ طولا من العرض!!! (الجواب: قيس الطّول = 72 م وقيس العرض = 108 م) علم غريب واللّه!!! من الأكيد، لو أنّ معلّما قام بمثل هذا الخطإ، ومرّره للتّلاميذ دون إصلاحه لقامت الدّنيا ولم تقعد، ولأحيل على مجلس التأديب بدون شكّ، ولكن في وضعيّة الحال من يحيل مرتكبي هذا الخطإ الجسيم على المحاسبة ومن ثمّ العقاب المناسب؟!!! لقائل أن يقول، حتّى وإن تسرّب الخطأ عن غير قصد والخطأ إنسانيّ وهو وارد، ألم يراجع واضع الاختبار اختباره؟!!! ألم يتفطّن إليه أحد في أيّ مركز من مراكز الامتحان وهي عديدة؟!!! ألم يعلم أحد وزارة الإشراف خاصّة وأنّ الخطأ ورد بالوضعيّة الثالثة والأخيرة، يعني وقت التدارك متوفر؟!!! إذ بمجرّد اتّصال هاتفيّ يمكن أن تعلم الوزارة إداراتها الجهويّة، وهذه الأخيرة تعلم مراكز الامتحانات التابعة لها، ويصلح الخطأ في الإبّان؟!!! أم أنّ الاستهتار بلغ درجة متقدّمة بمصائر أبنائنا في وزارة التربية عندنا؟!!! قد يقول قائل، وهذا سمعناه من البعض، أنّ ترك الخطإ المشار إليه أعلاه مقصود لتمييز المتميّزين عن غيرهم من التلاميذ العاديّين. وهذه الفرضيّة التي ردّدها البعض فيها استبلاه لنا ولأبنائنا وضحك على ذقون الجميع في محاولة بائسة يائسة فاشلة لحجب « عين الشّمس بالغربال » أي لتجنيب الوزارة تحمّل مسؤوليّة خطإ جسيم ارتكبته في حقّ الناشئة. للردّ على هؤلاء المتملّقين نقول: لا مانع من أن يكون الاختبار صعبا نوعا ما (والجميع قال بمن فيهم مربّون: اختبار الرياضيّات هذه السنة يحتوي على عديد الصعوبات)، ولكن على واضعه أو واضعيه تقديمه بدون أدنى خطإ حتّى لا يحدث بلبلة في صفوف أبنائنا ولكنّه قدّمه أو قدّموه بخطإه في وضعيّة الحال!!! نعم لقد تفطّن لهذا الخطإ تلاميذنا الأفذاذ في مراكز الامتحانات، فمنهم من تساءل لدى المراقبين ولم يعره أحد اهتماما بما أنّه لم تكن لا لدى المراقبين ولا لدى مدير المركز التعليمات بالتدخّل والإصلاح، ونحن في دولة التعليمات بامتياز، ولسنا في دولة المبادرات ودعم الكفاءات، إذ إذا لم تأتك التعليمات فعليك بملازمة الصمت، وعدم مواصلة التظلّمات، والكفّ عن الشكايات!!! ومن التلاميذ من كفّ عن الكتابة متسائلا بدون وجود جواب كيف يكون الطول أقلّ من العرض؟!!! أطفال صغار في مستوى السادسة ابتدائي نملأ لهم رؤوسهم بأكاذيب « دولتنا » حول أنواع الانتخابات في دروس التربية المدنيّة: الانتخاب حقّ وواجب، حرّ وسرّي ومباشر، حول الشفافيّة والحرّيّة « المسؤولة » التي أتى بها 7/11، هؤلاء الأطفال لهم ثقة عمياء في ما هو مكتوب خاصّة إذا كان مصدره رسميّا أي وزارة التربية!!! لقد شكّك الاختبار التلاميذ في قدراتهم ووضعهم في حالة من الحيرة والارتباك وضياع الوقت. أهكذا يعامل أبناؤنا يا من شنّفتم آذاننا بشعارات حقوق الطفل وحقوق الإنسان ودولة القانون؟!!! ألهذه الدرجة من الاستهتار واللامبالاة تصل الأمور؟!!! هذه تجاوزات فظيعة في حقّ أبنائنا، ولكنّ المعروف في تونس أنّ الدولة لا تخضع للقانون وهي فوقه حتّى وإن صرّحت بعكس ذلك، ومسؤولوها على مختلف رتبهم ودرجاتهم دائما في حالة إفلات من المحاسبة والعقاب!!! إنّ الحلّ الوحيد في نظرنا يكمن في إلغاء الوضعيّة الثالثة وعدم اعتمادها أصلا عند الإصلاح والاكتفاء بإسناد الأعداد للأجوبة على الوضعيتين الأولى والثانية فقط!!! الإمضاء: وليّ محبط نتيجة ما جرى لابنته يوم اختبار الرياضيّات تونس في 20 جوان 2009 (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 25 جوان 2009)  


راديو 6 تونس – برنامج الأسبوع (25 جوان – 1 جويلية 2009)

 


– « وثائق تاريخيّة » (عربية): تاريخ بورقيبة – الحلقة الثامنة. – « أضواء على الأحداث » (عربية): بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى (الجزء الأول) – حوار مع الأستاذ يوسف مالوش مدير الرشيدية سابقا. – « أضواء على الأحداث » (عربية): بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى (الجزء الثاني) – حوار مع الأستاذ أسامة الحملاوي عضو الأركسترا السمفونية التونسية. – « خارج الصف » (عربية): المهجّرون التونسيّون وحق العودة، حوار مع مرسل الكسيبي إعلامي ومهجّر تونسي بهولاندا. – « حوارات » (عربية): آخر تطورات أزمة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. بمشاركة: ناجي البغوري رئيس نقابة الصحفيّين، صالح الفورتي عضو اللجنة الوطنية لمساندة نقابة الصحفيّين، بسام بونني صحفي تونسي بقناة الجزيرة … – أخبار الحريات (عربية). – أخبار الحريات (فرنسية). (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 25 جوان 2009)

الإدارة في تونس تنحني أمام رأس المال!!!


مقرّ البلديّة بنهج « أثينا » بالعاصمة يقصده كثير من المواطنين لقضاء مصالحهم من استخراج وثائق الحالة المدنيّة، النسخ المطابقة للأصل، التعريف بالإمضاء على عقود كراء أو عقود قروض تكون البنوك طرفا فيها، هذا مع العلم أنّ المئات من المؤسّسات البنكيّة قد ودّع مسؤولوها إمضاءاتهم هناك في مقرّ البلديّة تلك حسب ما أفاد به المسؤول عن الموظّفين في ذلك المقرّ عندما توجّه له المواطنون محتجّين ومستفسرين عن الأسباب التي جعلتهم ينتظرون طويلا (لساعات حسب ما صرّح به البعض عند النقاش مع المسؤول المذكور سابقا) دون الإمضاء على وثائقهم. لقد حاول ذلك الموظّف المسؤول تبرير تصرّفات إدارته لكنّه لم يكن مقنعا بالمرّة كما صرّح بذلك كلّ من كان حاضرا ودخل معه في جدل. نحن نحترم كلّ الموظّفين ونكبر فيهم آداءهم لواجبهم ولم يطلب ولن يطلب منهم عاقل العمل بعد الوقت الإداري إذ من حقوقهم كبشر أن يتمتّعوا بالرّاحة بعد نهاية التّوقيت الإداري. ولكن ما لا نفهمه ولا يستطيع أن يقنعنا به أحد هو لماذا تسمح إدارة تلك البلديّة بإيداع كلّ إمضاءات مسؤولي البنوك عندها، ألا توجد في تونس بلديّات أخرى؟!! ألا يمكن لمسؤولي بلديّة « نهج أثينا » أن يحدّدوا بعدد معيّن عدد الإمضاءات المودّعة لديهم من المسؤولين البنكيّين، وإيداع باقي الإمضاءات لدى بلديّات أخرى حتّى يخفّ الضّغط على الموظّف المستخرج للوثاق والطّابع عليها والمواطن الّذي ستقضى حاجته بأقلّ كلفة وأسرع وقت؟!!! هل هو سوء تسيير وتصرّف في الموارد البشريّة لتلك البلديّة؟!!! أم أنّ لا سلطة تعلو أمام سلطة رأس المال خاصّة إذا كانت البنوك طرفا فيها فهي بالضّرورة مدلّلة ولن ترفض لها الإدارة التونسيّة طلبا، أمّا عن شعارات « دولة المؤسّسات والقانون » و »السيادة للشّعب » و »تيسير قضاء مصالح المواطنين » فهي للاستهلاك فقط إذ هي لا تصمد طويلا أمام انحناء الإدارة التونسيّة أمام سطوة رأس المال ولنا في الأمثلة الواقعيّة خير مثال. الإمضاء: مواطن شاهد عيان، لم تقض حاجته في الإبّان، عيل صبره من ملازمة المكان
(المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 25 جوان 2009)  


تعيينات جديدة في قطاع الإعلام

 


تونس 26 جوان 2009 (وات) جاء في بلاغ صادر عن وزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين انه تقرر تعيين السادة : / محمد فهرى شلبي رئيسا مديرا عاما للتلفزة التونسية / شوقي العلوي رئيسا مديرا عاما للإذاعة التونسية / منصور مهني رئيسا مديرا عاما للشركة الجديدة للطباعة والصحافة والنشر سنيب لابريس / محمد قنطارة مديرا عاما للمركز الإفريقي لتدريب الصحافيين والاتصاليين. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 26 جوان 2009)  

غلاء المعيشة.. الغربة.. قوانين الهجرة الصارمة وثقل الضرائب: الوجه الآخر لمعاناة التونسيين بفرنسا


من مبعوثنا الخاص إلى مرسيليا: رفيق بن عبد الله يجلبون معهم كل شيء، سلع قديمة ومستعملة.. تجهيزات معظمها موجود ببلادنا بأسعار أقل بكثير، او بضائع خردة زال الانتفاع بها.. بعضهم يأتي متأخرا عن موعد سفره، والبعض الآخر لا يحترم موعد حجزه للسفر، بل إن بعضهم يغامر بقطع آلاف الكيلومترات دون حجز مسبق ويريد الظفر بمكان لعائلته وسيارته بالباخرة..  ورغم ذلك هم دائمو الشكوى من غلاء أسعار تذاكر السفر، ومن تصلب الديوانة عند مرورهم أمام بوابات تفتيش البضائع.. هذه بعض الاتهامات الموجهة عادة للمواطنين التونسيين المهاجرين بالخارج أثناء عودتهم إلى أرض الوطن على متن الرحلات البحرية التي تؤمنها لهم سنويا الشركة التونسية للملاحة. لائحة اللوم أو العتاب -إن خففنا حدة اللفظ قليلا- تتضمن أكثر من ذلك لكننا استمعنا إلى العديد منها خلال رحلة على متن الباخرة قرطاج جاءت محملة من مرسيليا بأكثر من 1800 مسافر و650 سيارة من مواطني تونس بالخارج.  « الصباح » رصدت ظروف عودة المهاجرين التونسيين بالخارج في واحدة من عشرات الرحلات التي تؤمنها لهم الباخرة « قرطاج » خلال موسم العودة الذي عادة ما يكون خلال الفترة الصيفية. انطلقت الباخرة عشية الأحد 21 جوان من تونس لتصل إلى ميناء مرسيليا مساء الإثنين 22 جوان قبل أن تقفل عائدة إلى أرض الوطن لتصل إليه مع منتصف نهار أول أمس الأربعاء. « مهاجرونا بالخارج مدللون أكثر من اللزوم.. ورغم ذلك ترى بعضهم دائم التذمر والشكوى » هكذا علق مسؤول من الديوانة التونسية، قبل أن يضيف  » بعضهم يتهم الديوانة بتعطيل شؤونهم أثناء عودتهم إلى أرض الوطن، في حين أنهم يسمحون لأنفسهم بجلب ما شاء الله من السلع والبضائع تضر حتما بالاقتصاد الوطني. كما أن تعبئة السيارة فوق ما تحتمل طاقتها بأشياء يمكن الاستغناء عنها أو اقتناؤها من تونس يؤثر على جودة خدمات الديوانة، فكل ما كانت السيارة تحوي أقل سلعا وبضائع كان المرور عبر مراقبة الديوانة أيسر وأسرع.. « . مواطنونا بالخارج يلامون ليس فقط بتعمد المجيء متأخرين عن الموعد المحدد قبل إقلاع السفينة التونسية، سواء عبر ميناء مرسيليا أو عبر ميناء جنوة، بل أيضا التصرف بطريقة مزدوجة، فإن كانت السفينة المخصصة لعودة المهاجرين تونسية فبعض المهاجرين يتصرفون بطريقة غريبة، إذ يتعمدون إما التأخر عن موعد السفر أو عدم احترامه، أو الشكوى من أي شيء، وإن كانوا على متن سفينة أجنبية فيلتزمون الانضباط ويحترمون قواعد السفر.. هكذا كان رأي أحد أعضاء لجنة متابعة الإعداد للموسم السياحي وعودة المهاجرين بالخارج. ورغم أن الباخرة « قرطاج » لم تكن تقل لدى انطلاق رحلتها في اتجاه مرسيليا سوى 180 راكبا منهم حوالي 15 من الوفد الإعلامي ونفس العدد من ممثلي لجنة الإعداد لموسم عودة المهاجرين (الشركة التونسية للملاحة، شرطة الحدود، الديوانة، ديوان البحرية التجارية والموانئ، ديوان التونسيين بالخارج.. .) إلا أن السفينة -ومثل ما كان متوقعا- غصت أثناء رحلة العودة بالمسافرين والسيارات، في مشهد متكرر سرعان ما يقفز إلى الأذهان. سيارات تغص بالبضائع وبداية من الساعة الثامنة صباحا بدأت عملية شحن السيارات، إلا أن الغريب في الأمر أن معظم الحرفاء من المهاجرين توافدوا في ازدحام بعد الساعة العاشرة ليتأخر موعد رحلة العودة حوالي ساعتين. ورغم ذلك فقد وصلت الباخرة في موعدها في نهاية المطاف. لا شيء تغير تقريبا، عينة المسافرين من المهاجرين التونسيين بالخارج هي نفسها، باستثناء أمر قد لا يبدو للوهلة الأولى مهما لكنه عميق الدلالات، فمعظم المهاجرين الذين شاركناهم رحلة العودة كانوا عائلات، منهم أطفال (600 طفل) أو شيوخا ومتقاعدين او ممن تجاوزوا سن الخمسين من الكهول وعددهم يقارب نصف الركاب، وإذا استثنينا النزر القليل من السياح، فإن نسبة الشباب من المهاجرين الذين استقلوا تلك الرحلة لا يصل في كل الأحوال الـ20 بالمائة. وهو ما يعني أن تركيبة المهاجرين التونسيين يطغى عليها التشيخ وهو أمر طبيعي على اعتبار أن قوانين لم شمل العائلات المهاجرة التي كانت معتمدة سابقا في السياسات الفرنسية، لم تعد كذلك أو تغيرت شروطها. نفس الشأن بالنسبة لمشهد السيارات، تملؤها الحقائب وتعلوها البضائع والسلع من كل نوع وحجم، حتى أن معظم السيارات كانت تترنح بسبب ثقل وزنها. كل شيء مباح بالنسبة للتونسي المهاجر حسب وجهة نظره (طبعا باستثناء الأشياء التي يمنعها القانون)، فلا تخلو معظم السيارات تقريبا من تجهيزات كهرومنزلية وكأنه يندر وجودها في بلادنا، على غرار الثلاجة، أو الغسالة، أو الخلاطات الكهربائية، وغيرها. لكن ما يلفت الانتباه أن معظمها خردة أو مستعملة.. كل شيء قابل للتوريد.. ويتكرر مشهد جلب الدراجات خاصة منها الهوائية، السلالم، العجلات المطاطية، أواني غسيل، ملابس، حتى الورق الصحي، وحفاظات الأطفال وتجهيزات بيوت الراحة المستعملة لا تخلو منها سيارات المهاجرين. لكن ما يؤرق الديوانة ويدفعها لمزيد التحري مع بعض المهاجرين عند توريد بضائع من هذا النوع هو حرصهم على عدم تسرب تلك البضائع إلى السوق المحلية لتصبح جزءا مكونا للسوق الموازية. ورغم ذلك فإن الواقع يبرز صحة تلك الشكوك، إذ أن بعض المهاجرين بعد ادعائهم أمام مصالح الديوانة أن البضاعة هي للاستعمال الشخصي لا غير، يقومون بالتفريط فيها بالبيع في السوق المحلية، أو حتى الانتصاب بأنفسهم للاتجار فيها في مختلف الأسواق ولعل أشهرها في هذا الظرف هو سوق قصر هلال، إذ يحتوي جناحا معروفا لدى العامة يدعى سوق المهاجرين. ومثلها كثير. ورغم التوصيات العديدة، والحملات التحسيسية الموجهة للمهاجرين بالخارج للتخلي أو التقليص من جلب السلع المستعملة أو التجهيزات الكهرومنزلية والالكترونية القديمة التي غالبا ما يفرطون فيها بالبيع، ما تزال تلك العادة مترسخة في تفكير بعض المهاجرين. فمحمّد مثلا (شاب 35 سنة) أكد أنه مضطر لجلب كل ما تقدر السيارة على حمله ليجهز منزله في تونس. أما عن سيارته فهو في كل عودة يقتني سيارة مستعملة يستغلها لجلب البضائع والمتاع الشخصي. الطريف في الأمر أن نفس الشاب المهاجر طلب مني مساعدته في تيسير مروره على مصالح مراقبة الديوانة. من آثار قوانين الهجرة الصارمة بالعودة إلى تركيبة المهاجرين، ومع موجة تشدد قوانين الهجرة نحو بلدان الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا، توجد عينة جديدة من الشباب المهاجر حديثا للعمل بفرنسا وفق صيغة التعاقد لمدة محددة مع إحدى الشركات وفي اختصاصات مهنية معينة. وقد علمنا أثناء رحلة العودة أن اربعة شبان تونسيين تم طردهم من فرنسا بسبب عدم تجديد عقودهم لمواصلة العمل بعد أن قرر مشغلهم الاستغناء عنهم بعد انتهاء فترة التعاقد المحددة بـ6 أشهر. صابر أحد هؤلاء، اقترب مني بشغف وقد بدت عليه علامات القلق، ولما تأكد أنني صحفي، بادر بسرد قصته « لقد طردوني عنوة من التراب الفرنسي(expulsé) بعد أن بدأت لتوي في شق طريقي لبناء مستقبلي، تمكنت من الظفر بعقد من تونس عن طريق الانترنات مع مقاول فرنسي في اختصاص الدهن. » وأضاف- وقد فضحته نبرة الأسى واللوعة والخوف من المجهول-: » بكل بساطة أنهى « عرفي » عقدي ورفض تجديده فواصلت العمل « في النوار » لمدة شهرين حتى تمكنوا مني وها أنا الآن في طريقي إلى تونس »..  مثل هؤلاء الشباب وخاصة منهم المتحصلون على شهادات اختصاص وتكوين مهني متعددة لن يحلموا مستقبلا بالظفر بأوراق الإقامة الدائمة بفرنسا، لأن قوانين ساركوزي الجديدة تمنع ذلك، وتفرض عليهم صيغ التعاقد لمدة محددة قبل العودة إلى تونس بعد مدة معينة وتجديد العقد مرة ثانية. بين الأمس واليوم إن ما كان بالأمس القريب وما استفاد منه الأجيال الأولى وحتى الثانية للهجرة، ليس كما الحاضر الذي شهد مزيدا من التشدد ضد المهاجرين وتم وضع شروط صارمة للم شمل العائلات أو حتى للسماح بزيارة قريب أو صديق.. هكذا كان رأي محمد (40 سنة) الذي تزوج من تونسية مقيمة بفرنسا من الجيل الثاني، ورغم انه نجح في الظفر بأوراق اقامة دائمة إلا أنه يعرف شبابا هاجروا إلى فرنسا وفشلوا في العثور على عمل، بل إن من بينهم من سلك طريقا آخر، طريق الانحراف والتوهم بتكوين ثروة في وقت سريع عن طريق الانضمام إلى عصابات الإجرام المنظمة.. أو حتى عصابات السرقة. لكن علي (30 سنة) قصته مغايرة تماما، فقد هاجر إلى فرنسا خلسة بطريقة غير شرعية عن طريق البحر، ونجح في التخفي عن أنظار الشرطة الفرنسية، وكان دائما يغير مكان عمله حتى لا ينكشف أمره. « في الآونة الأخيرة وبعد 5 سنوات تقريبا من العمل والإقامة دون أوراق تعرفت على فتاة تونسية مقيمة تحمل الجنسية المزدوجة واليوم أنا أعود إلى أرض الوطن بعد غربة سنوات لعقد قراني مع خطيبتي في تونس، حتى أتمكن من إتمام الوثائق القانونية اللازمة للحصول على الإقامة.. ». حالة علي يوجد منها الكثير، فقد روي لنا أثناء الرحلة أنه ومع تشدد قوانين الهجرة والعمل في فرنسا، بات اللجوء إلى الزواج سواء بين تونسيين أو من الجالية المغاربية المقيمة وشبان او حتى فتيات يحلمون بالحصول على وثائق الإقامة، أمرا شائعا، حتى ان ظاهرة الزواج الأبيض بأجنبيات (صيغة معروفة للحصول على اوراق الإقامة حسب عقود زواج مؤقتة وبمقابل مبلغ يتفق فيه الطرفان) بدأ في التقلص بعد أن تم تضييق الخناق على تلك الظاهرة. لكن الجيل الأول من المهاجرين التونسيين له رأي في الموضوع، بالنسبة له فرص العمل ما تزال متوفرة ببلدان الإقامة عكس ما يعتقده البعض، وحتى الأزمة المالية العالمية لم تؤثر كثيرا على أوضاع المهاجرين باستثناء المرتبطين باعمال موسمية. باعتبار أن نسبة كبيرة من شريحة المهاجرين تعمل في المهن الحرة، والمهن الصعبة التي يتحاشاهــا مواطنو بلد الإقامة. عم مصطفى متقاعد (65 سنة) مقيم بفرنسا يقول عن هذا الموضوع: »الفرق بين الأمس واليوم يمكن تعداده في أمرين اثنين أولهما ارتفاع الضرائب المفروضة على المهاجرين وتعددها، وارتفاع كلفة المعيشة، والثاني هو في تفاقم عدد الشباب المهاجر حديثا ليس للعمل ولكن لإتباع طريق غير سوية عناوينها الإدمان والعنف والسرقة والبطالة.. والاتكال على الغير. محدثنا كان يجالس صديقا له من نفس جيله وتحدث بفخر عن نجاحه في تكوين عائلة وتربية أبناء كبروا اليوم منهم من مازال يدرس ومنهم من يعمل في اختصاصات وظيفية مرموقة بفرنسا. » ويقاطعه جليسه بلطف عم فوزي قائلا  » نعم ربيناهم وكبرناهم وربي يهديهم.. لكن الأهم هو أننا زرعنا فيهم حب وطنهم الأم تونس والاعتزاز بالانتماء إليه، وزوجناهم من تونسيات حتى تكون زياراتهم إلى العائلة عن اقتناع ورغبة وحب. » معاناة ومكابدة ونحن بصدد الوقوف على مشاغل المهاجرين وظروف سفرهم تلقينا معلومات تؤكد صحة ما يروج عمّا تعانيه الجالية التونسية المقيمة بالخارج وحتى الجاليات المغاربية. فمع كل موسم عودة او مناسبة يقبل فيها المهاجرون على العودة إلى الوطن تزداد مظاهر السرقة و »البراكاجات » التي تستهدف الجالية المقيمة بالخارج، خاصة على تخوم الموانئ البحرية ومحيطها. فلا يكفي ما يتكبده المهاجرون من غربة وسوء معاملة في بعض الأحيان، ومن ارتفاع كلفة المعيشة، بل هم معرضون إلى السرقة والنشل عند اقترابهم من المحطات البحرية، وأغلب ضحايا عصابات السرقة المحترفة هم من المقيمين في مناطق بعيدة عن مقاطعة مرسيليا والذين يقطعون اميالا عديدة للوصول إلى الميناء. وعادة ما تحصل صعوبات ظرفية غير متوقعة، على غرار ما حصل بميناء مرسيليا وقبل ساعة تقريبا من الموعد المقرر لرحلة العودة، قرر أعوان الجمارك الفرنسيين الإضراب عن العمل، والتوقف عن اتمام إجراءات سفر التونسيين، لكن بتدخل ممثلي المصالح المختصة التونسية تم تطويق الحادث وتمت إنهاء إجراءات السفر. جدير بالإشارة أنه يتم توفير خدمات تجديد جوازات السفر وبطاقات التعريف الوطنية، فضلا عن الإجراءات الديوانية الأخرى أثناء رحلة العودة. وهو إجراء استحسنه المسافرون من الجالية التونسية بالخارج. … ومدللون أيضا.. صحيح ان المهاجرين « يتدللون » ربما أكثر من اللازم اثناء العودة إلى أرض الوطن مع سلطات بلادهم المحلية ومع مختلف المصالح المعنية بالسفر، « لكنهم يعانون الأمرين » هكذا علق سامي (35 سنة) مدافعا أو مبررا بعض تصرفات المهاجرين أثناء العودة وخلال فترة قضاء العطلة بتونس. ويضيف » تصور ما يكابده المهاجرون من صعوبات مادية ومعنوية بفعل الغربة وارتفاع كلفة المعيشة، طيلة 11 شهرا، وخاصة العائلات منهم الذين يخير بعضهم التقليص من فترات العودة إلى الوطن كل سنتين أو ثلاث بسبب ارتفاع تكاليف السفر، وحفاظا على توازن ميزانية الأسرة، فالدخل قل والمصاريف كثرت. » ويبرر سامي تصرفات بعض المهاجرين خاصة الشبان منهم في تونس مثل السياقة بتهور بسبب المزاج والضغط النفسي والحاجة إلى التنفيس والترويح عن النفس.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 جوان 2009)


وقعت اتفاقية مع وكالة التشغيل:  شركة يابانية توفر 5200 موطن شغل في تونس


تونس ـ الصباح: ستوفر شركة «يازاكي» اليابانية لصنع مكونات السيارات 5200 موطن شغل في افق 2012 منها 1000 موطن شغل مع نهاية هذه السنة 308 منها لحاملي الشهائد العليا ولتلبية حاجيات الشركة من الموارد البشرية والانتفاع ببرامج التشغيل . تم يوم امس توقيع اتفاقية شراكة بين الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل ممثله من طرف السيد حمادي بولعراس مدير عام الوكالة وشركة «يازاكي» في شخص السيدة زينة بريشني مسؤولة في الشركة باشراف السيد سليم التلاتلي وزير التشغيل والادماج المهني للشباب. كما تمكن هذه الاتفاقية اصحاب الشهائد العليا من فرص ادماج داخل هذه الشركة التي ستنتصب في معتمدية قفصة الجنوبية. واكد الوزير بهذه المناسبة على اهمية البرنامج الخصوصي الذي اقره سيادة رئيس الجمهورية لفائدة حاملي شهادات التعليم العالي الذين طالت فترة بطالتهم والذي يندرج ضمن برامج التشغيل الجديدة، مؤكدا على الدور الذي يضطلع به القطاع الخاص في المساهمة في المجهود الوطني لتشغيل وادماج هذه الفئة من طالبي الشغل في الدورة الاقتصادية وخاصة داخل المؤسسات الخاصة المنتصبة بمختلف الجهات. وللاشارة تم توقيع هذه الاتفاقية بحضور اطارات من الوزارة والسيد طاهر بن لسود رئيس مدير عام صندوق تنمية المراكز المنجمية. ايناس بوسالم (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 جوان 2009)


حديث الجمعة

أي مغرب كبير هذا ؟

بسام بونني – صحفي تونسي مقيم بالدوحة إلى جانب ظهورها دون سند قانوني شأنها في ذلك شأن كل وسائل الإعلام الخاصة في بلادنا والتي تفقع بين الفينة والأخرى، يبدو أن قناة « نسمة تي في » تعمل أيضا دون بوصلة حقيقية في ما يتعلق ببرامجها وبهويتها. من الجدير التذكير في البداية أن التلفزيون قد انطلق و في جعبته برنامجا يتيما هو « ستار أكاديمي المغرب العربي » قبل أن تَمضي شهور من الكليبات والأغاني الهابطة إلى أن جاء ما اعتبره البعض فرجا، حين تم الإعلان عن دخول الأخوين قروي، مؤسسي القناة، في شراكة مع مجمع « كوينتا » الذي يترأسه التونسي طارق بن عمار، ومجمع « ميدياسات » الإيطالي التابع لرئيس الوزراء الإيطالي الحالي سيلفيو برلسكوني، الذي يمتلك مجموعة كبيرة من القنوات التلفزية. كانت الانطلاقة في هذا الثوب الجديد قوية ببث أفلام تعرض لأول مرة في العالم العربي. لكن، سرعان ما أضحى من الممكن الفصل أو بالأحرى الشعور بالفارق الشاسع بين ما تصنعه أموال الشركاء الجدد وعلاقاتهم كتغطية مهرجان « كان » السينيمائي – لماذا الإطناب في إعادة بثها رغم أن إدارة المهرجان بدأت تعدّ العدة للدورة المقبلة ؟؟؟ – وشراء حقوق برنامح « المبعوث الخاص » في نسخة مغاربية وبين ما يُطبخ في تونس، بما في ذلك التصور العام للقناة. دون الخوض في المحتوى الذي يقتصر أصلا على بعض البرامج التي لا يمكن أن تمثل عينة حقيقية يمكن الوقوف عندها، رغم وجود صحفيين أكفاء في أسرة القناة، ليس أقلهم مهنية واستقلالية الزميلة ريم السعيدي التي أثبتب في تجارب سابقة كفاءتها العالية في الخروج عن المألوف، أرى من الهام الوقوف عند ما يبدو خطيرا، على الأقل في أولى خطوات القناة، في ثوبها الجديد. الأخطر، حسب رأيي، هو ما تعلنه القناة من كونها تلفزيونا للمغرب العربي الكبير، دون « شرعية » مهنية حقيقية ولا حضور جغرافي على الفضاء الذي تتوجه إليه وهو شرف لم تتدعيه مثلا قناة « ميدي 1 سات » التي استمدت شرعيتها من زميلتها الإذاعة العريقة « ميدي 1 » ولم تنجح في النهاية، لنيل المحلي المغربي من طموح التوسع على الرقعة المغاربية. شعار « نسمة تي في » في حد ذاته يدق ناقوس خطر وقوع القائمين على القناة في رؤية انزوائية لا تخلو أحيانا مما يمكن أن يفتح الباب أمام نوع من العنصرية. فشعارات كإسرائيل الكبرى أو سوريا الكبرى مازالت ترنّ في أذان البعض – وأنا من بينهم – كشعارات لاستباحة ما ليس لدينا والاندفاع نحو تزييف التاريخ والجغرافيا. وهذا للأسف واضح حين يحاول القائمون على برمجة القناة طمس الاختلافات بين دول الاتحاد المغاربي والتي لا ينكرها سوى جاهل. بل إن حدود المغرب الكبير ليست واضحة لديهم. فتارة تُستثنى ليبيا وموريتانيا وتارة أخرى يتم إلحاقهما بالركب دون قناعة واضحة أي دون الاعتراف بالاختلافات الفكرية والثقافية والاجتماعية بين دول الاتحاد والتي تمثل في الحقيقة ثراء حضاريا لا عارا أو عيبا يجب حجبه عن الأنظار. ومن أبسط مظاهر نكران هذه الاختلافات اللغة الهجينة التي يستعملها أغلب مذيعي القناة. وإليكم عينة صغيرة من هذه اللغة مقتطفة من ملخص الدوري الفرنسي لكرة القدم، إذ يقول المعلق : « وقذف اللاعب الكرة et le gardien l’a arrêté avec les bouts des doigts » !!! لنفترض أننا كلنا نفهم الفرنسية في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وهذا ليس صحيحا بالمرة، هل سيفهم المشاهد الليبي هذه الجملة في قناة تحتكر الكلام باسمه كمغاربي ؟؟؟ لست ضد اللجوء للغة الفرنسية أو الإيطالية أو الإسبانية فهذا هو حال لغات المغرب العربي – وهذا بالمناسبة مظهر آخر من مظاهر الاختلاف -. فعلى سبيل المثال، أكاد أجزم أن كلمة « خاصة » قد اختفت تماما من العامية التونسية لتحل محلها عبارة « surtout » أو بالأحرى « sirtout ». لكن ليس إلى حدّ استنساخ لغة مبتذلة لا طعم لها ولا رائحة تنفّر المتلقي بعد عشرين ثانية من الإصغاء. بعبارة أخرى، لنترك الجميع يتكلم باللغة التي يريد دون اصطناع أو تركيب، مع مراعاة ما يمكن أن يجهله المغاربي في سرت أو في ورزازات. وبما أن القائمين على القناة مصرون على استثناء الهوية العربية التي تغلب على المغرب العربي والاكتفاء بشعار « قناة المغرب الكبير » فمن حق البعض أن يطالب بإقحام اللغة الأمازيغية والشلحة واللهجات الريفية التي يتحدثها الملايين من المغاربة، طالما أن « نسمة تي في » تحتكر التحدث باسمهم. فنكران كل هذه الأبعاد هو نكران لصفحات من تاريخ هذا الفضاء الجغرافي الذي طغى عليه تأثير العنصر الأجنبي، من الرومان إلى الفرنسيين والإيطاليين والإسبان، مرورا بالوندال والأتراك واليهود … وللبقاء في إطار مغاربي بحت، يبدو أن قناة « نسمة تي في » تصرّ على تأكيد الصورة الكاريكتورية التي رسمها الكوميدي الجزائري الكبير « فلاق » لتاريخ المغرب العربي من خلال العنصر البربري حين استدرك بعد تعديده لإنجازات الإغريق والفينيقين والبابليين والفراعنة فيقول : « أما عندنا ف »والو » – أي أننا لم نقدم شيئا للإنسانية – ». (المصدر: صحيفة « الموقف »، لسان حال الحزب الديمقراطي التقدمي (اسبوعية – تونس)، العدد 504 بتاريخ 26 جوان 2009)  


واجب العودة على سلمان العودة عن المظلمة


نصر حيدوري، تونسي مقيم بايطاليا  لم أرفع قلمي بعد قراءة ما كتب الشيخ سلمان العودة مباشرة  لأردّ عليه كما ردّ عليه العديد من الغاضبين، و منهم من تحفّظت على ما كتب مثل الشيخ الهادي بريك على الرغم من أدبه المبالغ فيه تجاه كاتب المقال. و مرّت الأيام  وفي صدري نار تتراوح بين ماء التسامح وغضّ الطرف  وبين ووقود الردّ و وتحديد المواقع  و هذا ما مالت اليه الكفّة في النهاية . ففي المدّة الأخيرة منذ صدور المقال سيء الذكر الى اليوم  ساقتني الأقدار الى طريق وقفت فيه على أمور أججت فيّ نار الردّ  فوجدتني أرتعش وأنا أكتب بشراهة وحنق أرجو أن يعذرني القارئ و أن يحاسبني مع مراعاة الظروف التي أنا فيها. ذهبت لأستمع الى شهادات بعض من أعرفهم وعلى رأسهم أخي لطفي حيدوري الذي صبّ عليه النظام التونسي جامّ غضبه بسبب انتمائه الى التيار الاسلامي  و بسبب عدم العثور عليّ عند البحث عنّي، فدفع فاتورتين على نحافة بدنه والدلال الذي كان يتمتّع به في العائلة لأنه أصغرنا سنّا… ثمّ تناهت الى يديّ جملة من القصص و الروايات عن أيام لا ليل لها وليال لا نهار لها في مخافر الشرطة التونسية و زنازين الداخلية  التونسية  ومسارح أخرى للتعذيب لم يتورع أبطالها عن ممارسة هوايتهم على أجساد طاهرة  حتى في بيوتهم وعلى مرآى من الناس .. و  كانت آخر الروايات  ما كتبه البطل عبد الحفظ خميري تحت عنوان  الخضراء والسنوات  العجاف. و هي رواية أنصح كلّ ذي قلب أن يقرأها  وأن يطّلع على ما لا يحتمل أن يثبُتَ له حصوله في عالم الواقع  .. ولتقريب الصورة (إذ مع الأسف صار هناك نفور من القراءة الى المشاهدة )  فهي تفوق ما رواه الضابط المغربي احمد المرزوقي  لأحمد منصور في برنامج شاهد على العصر واتمنى أن يتطوّع من يضع عنوان كاتبها على الانترنيت حتى يتسنّى شراؤها بالمراسلة..  ثم ساقتني الأيام الى أن ألتقي الأستاذ المجاهد محمد شمام  الذي عرفناه سنة 1981 عملاقا بدنا و ذهنا وعزيمة  فإذا بما حدث له  تترجمه صورة باهتة رأيتها  وتمنّيت أن لا يكون هو (لما حضر الى موتمر العودة في جنيف-حق العودة).. و قصّة ما مر على هذا الأخير قد لا تتحمّلها المجلدات ولا ولا المسارح أو السينما.. أضف الى ذلك  المجاهد علي العريض و البطل حمادي الجبالي  و زياد الدولاتلي و بقية القائمة  وما عانته أيام الاستنطاق  وأيام السجن من ويلات .  كما ادعوك شيخ سلمان العودة الى أن تشاهد شهادة المرحوم الهاشمي المكّي  و غيره، المتوفرة على الانترنيت (انظر موقع النهضة انفو) لتستمع الى هؤلاء ماذا قالوا قبل موتهم  فهم على الرغم من  أنهم لم يهّيجوا أمة بالخطب والفتاوى، ولم يوقدوا نارا في الجزائر، ولم تزخر المكتبات بالمؤلفات التي لا تتجاوز مستوى الترف الفكري الذي لا يدرك أحد كيف اتحد مع التطرف.. هؤلاء الذين لم يكتبوا و لم يخطبوا، لم يهنوا ولم يستكينوا ولم يعودوا باللوم على ابناء النهضة بل غادروا الحياة مبتسمين غير حافلين بمن ثبت ومن لم يثبت معهم أمّا من بقي منهم حيا فقد رضي بما آل اليه، وعوض أن ينسلخ من ماضيه ويتبرّأ منه راح يدعو اللهمّ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي.. من هؤلاء من لا يحمل الدكتوراه في الشريعة ولم يتعلّم القرآن تحت المراوح أو المكيفات وإنما تعلمه في ميدان المنازله، فارتبط المبنى بالمعنى فرسخ في مكانه المناسب، وأورق فنا عجيبا في التعامل مع الحياة. لذلك حاول أن تستمع الى علي العريض بعد النكال والويل، بماذا يصرّح، وانظر الى حمادي الجبالي… و ابحث في تصرحات كلّ المسرّحين هل سبّ أحدهم النظام التونسي؟؟ هل دعا أحدهم الى الانتقام؟؟ هل قادوا حرب ثأر؟؟ أعلمك سيدي أنّ هؤلاء مدّوا أيديهم الطاهرة للتصالح مع جلاد الأمس انضباطا والتزاما يشريعة فهموا كنهها وتشرّبوا مفاهيمها ولم يجدوا في أنفسهم حرجا في أن يسلّموا لأمر الله تسليما. واعلم سيدي أنّ هؤلاء يعرفون أسماء الجلادين ومن أمرهم  ومن يقف وراءهم، ويعرفون أين يسكنون وعلى أيّ الأماكن يترددون….. ورغم ذلك ضبطوا نفوسهم عن حق الانتقام الذي تحول عندهم الى خط أحمر بحكم وضوح الفكرة واتساع الصدر واعلم أنّ من ضحك على ذقنكم باختيار المشاهد التي جعلتكم تنقلبون على اخوانكم – كما سأبين لاحقا – لازال منذ عشرين سنة يلوك قصة انتقام أحد الذين لم يتسع صدرهم لامتصاص غضب من عذاب يضاهي الجحيم فردّ فعلا أشرحه لك في ذيل المقال(1). هذه الحادثة هي لقمة لم يبتلعها بعد النظام التونسي، ورغم ذلك يحق لقائد مثل الشيخ راشد الغنوشي أن يفخر وهو المتواضع بجبل أظهرت المحنة سمو همته و نبل خلقه، وعدم استجابته لمن جرّه الى العنف فبقيت صفحة النهضة نقية يشهد لها المعارضون قبل الاصدقاء. إن رسالتي اليوم اليك والى الجميع هي أن تقرأوا قصص عذابات اخوانكم ولكن بشرط أن لا تنزلوا الى مستوى يقصم الظهر فإني لن أنسى ماحييت ما قرأته في مقالكم الذي افتتحتموه بقولكم: زرت بلداً إسلامياً, كنت أحمل عنه انطباعاً غير جيد، وسمعت غير مرّة أنه يضطهد الحجاب، ويحاكم صورياً، ويسجن ويقتل، وذات مؤتمر أهداني أخ كريم كتاباً ضخماً عن الإسلام المضطهد في ذلك البلد العريق في عروبته وإسلاميته. بيد أني وجدت أن مجريات الواقع الذي شاهدته مختلفاً شيئاً ما؛ فالحجاب شائع جداً دون اعتراض، ومظاهر التديّن قائمة، والمساجد تزدحم بروّادها من أهل البر والإيمان، وزرت إذاعة مخصصة للقرآن؛ تُسمع المؤمنين آيات الكتاب المنزل بأصوات عذبة نديّة، ولقيت بعض أولئك القرّاء الصُّلحاء؛ بل وسمعت لغة الخطاب السياسي؛ فرأيتها تتكئ الآن على أبعاد عروبية وإسلامية، وهي في الوقت ذاته ترفض العنف والتطرف والغلو، وهذا معنى صحيح، ومبدأ مشترك لا نختلف عليه. فقولكم كتاب ضخم جاءت تهكّمية ساخرة. وعدم ذكر اسم من كذّبتموه فيما روى، كانت إمعانا في السخرية ممن أحسن بكم الظنّ وحسب فيكم نخوة المعتصم فكافأتموه  بالتكذيب عند أول شهادة للطرف الثاني (الزمرة المتآمرة على عروبة تونس وإسلامها وهم كثير من حول الرئيس التونسي) ولم تذكروا اسمه بطريقة أكّدت انّ المقصود هو، وما ادراك من هو: انه الشيخ محمد الهادي الزمزمي الذي تشهد له سجون تونس بالصمود وتشهد له ساحات المحاكم بالشموخ وتشهد له ساحات الدعوة بالصدق.. إنه الرجل الذي لم يتنقّل من جواد الى جواد ولم يكتب ما كتب باطلا ولا بهتانا وله في ذلك شهود، وشتان بين شهوده وشهودكم: إن شهوده هم الضحايا وشهودكم الجلادون.. وا أسفي كيف يكتفي عالم مسلم بزيارة خاطفة أريد لها أن تكون كما كانت، أن يغيّر مواقفه دون تردّد. ايها الشيخ الكريم: إن مصداقيتكم صارت على المحك بعد ردّ الشيخ الزمزمي عليكم بما لم تعيروه اهتماما، وتحسبوه هيّنا وهو عند الله عظيم.. إن دموع الضحايا في تونس من الثكالى واليتامى والمساجين والمجوّعين والمشردين….. قد رفضت ظلم السلطان ولكن قبلت به وهي تحاول أن تتجاوز إلا أنها لن تغفر لكم غمطا فاضحا وبهتانا صريحا ثابتا ما لم تردّوا عليه. فلا تتعللوا بما ورد في كلامكم على شاشة العربية من عدم قراءتكم للردود فانها تتعارض مع (عبس وتولّى). ماذا يكون الجواب امام الله عندما تخاصمكم من طُلّقت من زوجها قسرا، ومن نزع حجابها جبرا، ومن قذفت في عرضها ظلما…..؟؟ ماذا لو وقف لكم الشيخ محمد الهادي الزمزمي أمام الله يطلب جوابا لما سألكم عنه في ردّه عليكم منذ شهر تقريبا ويطالب بالقصاص من إهانتكم له؟؟ آه! آه! آه! ألم يكن من الأفضل أن تراجعوا من زعمتم تغريره بكم قبل كتابة مقالكم!! ألم تفكّروا فيما سببتموه للمظلمة من تقهقر! أم أن الأمر كما يقول المثل التونسيّ (ضربة في غير ظهري كأنها في حائط)!! أملنا كبير ان يرفع اليكم أحد الصالحين من المحيطين بكم مقالي هذا او مقال الشيخ الزمزمي فتردون عليه أو  تستدركون. وهذا رجاء لأهل النصح حتى يصحح المسار. ايها الشيخ الكريم: لقد رايناكم يوما تناظرون المرحوم الشيخ محمد الغزالي ثم رأيناكم تسيرون على خطه وفكرته فقبلنا ذلك. لكن ان كنت يوما قلت في حاكم تونس قولا، أنتم اليوم تتراجعون عنه فلن نقبل منكم ما قبلنا سابقا. وفي النهاية ادعو الله ان لا يحرمنا لقاء في الجنه. والسلام . 1- للاطلاع على حقيقة الحادثة التي يلوكها النظام التونسي و التي عرفت بحادثة باب سويقة ادخل على الرابط: مــــن هـــنـــا لمن أراد الاطلاع على شموخ الرجال هذا رابط كلمة الدكتور الصادق شورو في مفتتح جلسة محاكمته الأخيرة :http://www.nahdha.info/arabe/Sections-artid-157.html  
(المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 26 جوان 2009)

 


وهل لنا نحن أيضا تاريخ مفبرك؟

د.منصف المرزوقي ما من شكّ في أن كتاب « كيف تمّ اختراع الشعب اليهودي » للمؤرخ اليهودي الإسرائيلي شلومو زانت الذي أثار جدلا واسعا في إسرائيل وترجم إلى 26 لغة في أقل من سنة، نزل بردا وسلاما على كل القراء العرب ومنهم كاتب هذه السطور. ما يثبته بوضوح هذا الرجل، الذي لا يمكن أن يتهم بأن عداءه للصهيونية قناع على معاداة السامية هو خواء المطلب الصهيوني بأرض فلسطين. وهو يبرهن استنادا على كمّ هائل من المراجع -الكثير منها يهودية- على أن تهجير اليهود بالقوة من أرض فلسطين بعد تدمير الهيكل الثاني من قبل الرومان خرافة.. وأن بقاء العرق نقيا في المنافي خرافة.. وأن من عادوا لاحتلال فلسطين هم أحفاد من طردوا قبل ألفي سنة خرافة.. وحتى الهجرة من مصر وقيام مملكة داود ووجود سليمان، أساطير في أساطير.  » يبرهن المؤرخ اليهودي الإسرائيلي شلومو صاند على أن تهجير اليهود بالقوة من أرض فلسطين بعد تدمير الهيكل الثاني من قبل الرومان خرافة.. وأن بقاء العرق نقيا في المنافي خرافة.. وأن من عادوا لاحتلال فلسطين هم أحفاد من طردوا قبل ألفي سنة خرافة  » إن أهمّ ما في الكتاب تتبّع المؤرخ الشجاع لكل عمليات التصنيع التي لجأ إليها المؤرخون الصهاينة في أوروبا القرن التاسع عشر لحبك الأسطورة التي ذهب الفلسطينيون ضحيتها والتي تدرّس في مدارس إسرائيل على أساس أنها الحقيقة المطلقة. من يعلم أن بن غوريون مؤسس إسرائيل كان يقول إلى نهاية عشرينيات القرن الماضي إن الفلسطينيين هم أحفاد العبرانيين القدامى وإنهم سيفتحون أحضانهم لإخوتهم المهجّرين. لكن لمّا تمسّك الفلسطينيون بعروبتهم غيّر الرجل نظرته وتغيرت الأطروحات « الفكرية » لتجعل منهم أجانب احتلوا أرض الآباء والأجداد ويجب طردهم منها. السؤال الذي يطرح بعد قراءة هذا الكتاب هو هل نحن أمام ظاهرة خاصة يختص بها اليهود أم هل نحن أمام قانون عام؟ أي أن كل تواريخ الأمم التي تدرس في المدارس الثانوية مفبركة من الألف إلى الياء. ثمة ما يدفع إلى القول بهذه النظرية. خذ فرنسا مثلا, ففي كل مدارس البلد ومستعمراته، درّس ملايين الأطفال منذ نهاية القرن التاسع عشر وطوال القرن العشرين أن الفرنسيين ينحدرون من الغاليين Gaulois.(وهم القبائل الأصلية التي حاربت الغزو الروماني ثم انقرضت بصهرها في بوتقة كل الشعوب الغازية). ما لا يعرفه عامة الناس وبالطبع الأطفال، أن ولادتهم من رحم الغاليين كان بقرار سياسي صدر بعد حرب 1870 التي خسرها الفرنسيون تجاه الألمان وكان كرههم حادّا إلى درجة أنه لم يكن مقبولا أن تواصل كتب التاريخ القول بأن الفرنسيين ينحدرون من الفرنجة الذين أعطوا اسمهم للبلاد، مما يعني أنهم حفدة شعوب جرمانية أي ألمانية. قس على نفس المنوال بخصوص التاريخ الذي درسه الأطفال الروس تحت ستالين أو الأطفال الألمان تحت حكم هتلر. الثابت إذن أن التاريخ المكتوب ليس صورة مطابقة للأصل عن الماضي -ولو بثغرات ووضوح متفاوت- وإنما هو دوما تفويض له لتفسير وتبرير أو خلق وضع خاضع لأجندة سياسية مسبقة. هذا التفويض الذي درسه صاند بعمق بخصوص الصهيونية عملية إعادة كتابة الأحداث, والمنهجية هنا هي الإسقاط والإضافة والتضخيم والحشو وحتى الكذب المتعمّد. هل المؤرخ إذن من يفبرك التاريخ بحسن نية في أحسن الأحوال لقلة ما يعرف عن الماضي وكثرة ما يجهل، وفي أسوأ الأحوال بنية المغالطة انسياقا وراء أهوائه أو لتحقيق مصالح مستخدمه الذي يدفع له معاشه والمحتاج لأن يكون للرعاع الذين يتحكم فيهم صورة معينة لماضيهم. أخطر من هذا بالنسبة لنا نحن العرب السؤال وهل تاريخنا نحن أيضا مفبرك؟ وآنذاك كيف فبرك ومن قبل من ولأي أغراض سياسية أو عقائدية؟ بطبيعة الحال نحن لا نستطيع الإشارة بإصبع الاتهام لكل تاريخنا مستندين فقط على مقارنة عرضية مع تاريخ شعوب أخرى، أو على حكم مسبق بأن كل تاريخ أسطورة وخديعة. لكن ثمة ظاهرة متينة تدعم شرعية الشكّ في الروايات الرسمية القديمة لتاريخنا انطلاقا من ظاهرة لا جدال فيها بما أنها تتطوّر تحت أعيننا. خذ التاريخ المعاصر الذي يدرّس في كل دولة عربية. هم يسمونه في تونس « الحركة الوطنية ». كل الرواية مبنية على تضخيم في دور بورقيبة ومركزته والتعمية على دور غيره من قادة المعركة من أجل الاستقلال الأول مثل صالح بن يوسف غريمه الرئيسي (الذي اغتاله « المجاهد الأكبر ») والمرور مرّ الكرام على دور فرنسا في الحسم بين الرجلين وتسليمها السلطة لرجل كان دوما صديقها الوفيّ. ثمة أيضا مبالغات مفضوحة في إنجازات النظام وسكوت مطلق عن كل انحرافاته وآخرها تسليمه البلاد لحكم دكتاتورية بوليسية. لماذا لا يحق لنا القول بأن ما يحصل اليوم هو ما حصل البارحة وقبل البارحة وفي كل عصر، خاصة أن كل عصر مختلف عن كل العصور إلا في عامل واحد لا يتغيّر: البشر؟  » نظرا لاكتشاف عالمية فبركة الشعوب لتاريخها، وخوفنا من أن نكون نحن أيضا نتحرّك وفق أساطير وأوهام، فإننا نطالب بحقنا في تفحّص أهم أجزاء تاريخنا عبر نقاش حرّ ومسؤول وخارج التهديد والقمع لكي نزيح عنه شكّ الفبركة  » لنردّد أننا لا نقول أبدا إن كل تاريخنا المجيد تزييف كردّ فعل آلي على الموقف المقبول رسميا وشعبيا وهو أن كل تاريخنا المجيد حقيقة. كل ما نقول ولنا كامل الحق فيه، إنه نظرا لاكتشاف عالمية فبركة الشعوب لتاريخها، وخوفنا من أن نكون نحن أيضا نتحرّك وفق أساطير وأوهام، فإننا نطالب بحقنا في تفحّص أهم أجزاء تاريخنا عبر نقاش حرّ ومسؤول وخارج التهديد والقمع لكي نزيح عنه شكّ الفبركة، أو لكي نفرز ما هو حقيقي عن ما هو مفبرك، كما هو الأمر في الأحاديث النبوية التي حارب الفقهاء طويلا لتخليصها من كل ما هو مدسوس. الدليل نحو مناطق الظل مستوى تشنّج السلطات السياسية -والغوغاء الفكرية التي تتحرك بأمر أو تلقائيا بفعل الاغتراب الذي وضعه فيها التاريخ المفبرك- لمنع كل بحث جدّي فيها. مثل هذه الردود المتشنجة وكأنّ الشعار « كاد المريب أن يقول خذوني » أصدق دليل على أن فيما تريد الدفاع عنه شيئا مشبوها، فالحقيقة تفرض نفسها بنفسها ولا حاجة لها لأي عنف. بعض الميادين التي يجب تفحصها بعين جديدة. 1- هل كانت الجاهلية فعلا فترة الظلام الفكري والروحي المطلق التي تقدمها الرواية الرسمية للتاريخ المجيد، وكيف يقرأ المؤرخون الرسميون وجود حضارات عربية راقية مثل التي أسسها النبطيون في الشمال واليمنيون في الجنوب قرونا قبل الإسلام، أم كيف يمكن أن توصف بالجاهلية وهي فترة تفتح وتشبّع العرب بالحضارات المحيطة بها بل وأعطتنا أيضا الدين الجديد؟ أخيرا لا آخرا, ماذا نعرف عن الحركات الإصلاحية التي سبقت ظهور الإسلام ونحن نستشفّ وجودها من وجود شخص مثل صعصة بن ناجي بن عقل الذي انطلق في عملية فدي الموؤدات قبل ظهور الإسلام بستين سنة أو من وجود عرب نصارى ويهود وحنيفيين رفضوا الوثنية؟ 2- هل شكّل فعلا ظهور الإسلام الزرّ الذي ضغط عليه التاريخ لينقلب الظلام الذي كان العرب يعيشون فيه إلى نور ساطع، أم هل أن الظلام لم يكن بالسواد الذي وصف به والنور بالقوة التي قيلت عنه وأن التحول نحو المجتمع الأفضل كان بطيئا وتدريجيا وصعبا ونسبيا ولا يزال إلى اليوم غير مكتمل؟ 3- هل كان الفتح العربي بالمثالية التي تصفه بها كتب التاريخ الرسمي وهل كان فتحا أم غزوا كالذي مارسته كل الشعوب، وماذا يعني أن بعض قادة الفاتحين أو الغزاة حاولوا منع الدخول إلى الإسلام حتى يتواصل تدفق الجزية لأن من بين قواعد التاريخ سرعة تغليب الأقوياء المصالح على المبادئ التي يدعون الدفاع عنها؟ 4- إلى متى سنواصل تدريس أطفالنا أن الخلفاء الأمويين والعباسيين كانوا يهدون الجواري والغلمان ويخصون الرجال ولا نلفت نظرهم لبشاعة هذا التاريخ، وهل فكرنا نحن يوما في الاعتذار عن تاريخنا الطويل مع العبودية؟ 5- وفق أي مؤشرات موضوعية، مثل مستوى وانتشار التعليم والصحة وحرية الرجال والنساء والمساواة، يمكن مواصلة نشر فكرة أن الماضي كان أروع من الحاضر؟ هل أن الغلبة العسكرية هي المؤشر الوحيد على قوة الشعوب؟ وفي حالة القول إن هذا الماضي المجيد كان أيضا وخصوصا فترة خصب وعطاء حضاري، ما الذي جفّف منابع السيل وما هي مسؤولية الشيوخ والفقهاء الذين يحتلون بقوة من جديد جزءا كبيرا من الفضاء الثقافي والإعلامي في القحط الحضاري الذي داهمنا في أقل من قرنين بعد انطلاق ملحمتنا العظمى؟ بطبيعة الحال هذه مجرّد عناوين لمشاكل فكرية واجتماعية طال التعتيم عليها ولعبت الطفرة القومية ثم الإسلامية دورا كبيرا في طمرها في غياهب اللاوعي باعتبار الخوض فيها خطرا على تماسك الأمة وقوتها، والحال أن العكس هو الصحيح. الثابت أن الأمم لا تواجه بشجاعة حقيقة تاريخها إلا عندما تتوفّر شروط ثلاثة. – مؤرخون شجعان مثل شلومو صاند لا يخشون من كسر أخطر الطابوات ويقبلون بولوج المناطق المحرمة وفتحها لنور الفكر.  » التاريخ أهمّ من أن يترك للمؤرخين ولو من النمط الجديد، ومن ثم على علماء اللغة والفلاسفة والأدباء والصحفيين والباحثين من كل الاختصاصات العودة هم أيضا للصور النمطية لتاريخنا لمحاولة تفكيكها وفهم ما وراءها  » – نظام ديمقراطي يمكّن من عدم خنق الأصوات أو رمي أصحابها بين سنابك خيل فرسان الوهم والضغينة. -رأي عام بدأ ينضج واكتسب ما يكفي من الثقة في النفس لكي يواجه مناطق الظل في ماضيه دون أن يفقد احترامه لنفسه أو قدرته على التخطيط للغد الأفضل. للأسف لا نزال بعيدين كل البعد عن مثل هذه الشروط، ومن ثمّ سنواصل العيش تحت ظلّ تاريخ منمق ومصطنع لن يساعدنا للتخلّص منه هجمات شرسة لمن يكرهون أمتنا سواء كانوا من أبنائها أو من خارجها. لكنها مسألة وقت فقط والمرحلة الضرورية للتطور الطبيعي قادمة طال الزمان أو قصر. يجب أن نفتح من الآن الطريق في العقول والقلوب لمؤرخين عرب ومسلمين متعلقين بأمتهم ومتمسكين بانتمائهم لها، لكنهم يفهمون أن تحريرها من الأوهام ليس عملية حطّ من قدر الآباء والأجداد وإنما كشف عن مناطق الضعف الفعلية ومناطق القوة الحقيقية في تاريخنا ليكون التاريخ المعلّم وليس المجهّل، المنشط وليس المخدّر، المؤشر على بقية الطريق الصحيح لا على الحلقة المفرغة. كما قيل عن الحرب إنها شيء أخطر من أن يترك للعسكريين فإنه يمكن القول إن التاريخ أهمّ من أن يترك للمؤرخين ولو من النمط الجديد، ومن ثم فعلى علماء اللغة والفلاسفة والأدباء والصحفيين والباحثين من كل الاختصاصات العودة هم أيضا للصور النمطية لتاريخنا لمحاولة تفكيكها وفهم ما وراءها. إنها مراجعة قد تكون مؤلمة لكننا لن نستطيع تفاديها إلى الأبد حيث لا يمكن أن نصنع واقعا سليما ونحن نتخبّط في أوهام صنعت للتضليل في أسوأ الأحوال، وفي أحسنها لمواساة رخيصة التكاليف لكنها لا تعيننا كثيرا في غزو المستقبل والماضي قيد في أرجلنا. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ  25 جوان 2009)

 

نزع القدسية عن « الثيوقراطية» في إيران؟

توفيق المديني بعد ثلاثين سنة من انتصار الثورة الإيرانية في فبراير 1979،  هاهي الثورة ذاتها  تواجه الآن انتفاضة المجتمع المدني الحديث غير المسبوقة ، والتي تفجرت في شوارع  طهران وساحاتها الرئيسة ،و المدن الإيرانية الكبرى ، احتجاجاً  على نتائج الانتخابات الرئاسية التي شابها تزويركبير، و التي عاد بمو جبها الرئيس  الشعبوي أحمدي نجاد رئيسا لولاية ثانية ، وصادق عليها المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي ، الذي هدد الشعب الإيراني بالويل و الثبور ، ووضع نفسه في مواجهته،  على رغم اعتراضات الخاسرين والملايين من أنصار المرشح الإصلاحي المهزوم ميرحسين موسوي ، الذين رفعوا الرايات الخضراء في كل تظاهراتهم ، كرمز لإسلام  عقلاني  وديمقراطي ومنفتح على العالم الخارجي. المتظاهرون الذين ينتمون في معظمهم إلى جيل الشباب الذي ولد بعد الثورة، والذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و 30 سنة، صوتوا في معركة الانتخابات الرئاسية لمصلحة مرشح التغيير والإصلاح مير حسين موسوي، على أمل تعزيز الشق الديمقراطي والجمهوري في النظام الإسلامي على حساب الشق التيوقراطي المسلح أكثر فأكثر، ولاسيما أن هناك صراعا شديدا يدور حول التحديث في بنية النظام السياسي الإيراني، وموقع الإسلام وعلاقته بالسياسة، بين المحافظين والإصلاحيين. هناك أمر أكيد، وحقيقة لا يتم التركيز عليها كثيرا، وهي غير قابلة للنقاش: إنها شجاعة المتظاهرين الذين استمروا في النزول إلى الشوارع في العاصمة طهران والمدن الإيرانية الأخرى، وتجرأوا على تحدي سلطة دينية أوتوقراطية، كشفت عن وجهها العنيف باستخدامها أسلوب القمع الدموي، طريقا لمواجهة انتفاضة المجتمع المدني الإيراني، وبرفضها الصريح الأخذ بمطلبه الشرعي بمعاودة الانتخابات الرئاسية التي تم التلاعب بنتائجها (على ما يقال) لمصلحة رئيس عزل إيران على الصعيد الدولي، من خلال فتحه جبهة صراع مع العالم كله. الباسيج ضد التغيير الذين يعرفون الحقد الطبقي والعنف اللذين يطبعان ميليشيات«الباسيج»، التي أصبحت القوة الأمنية- العسكرية الضاربة للنظام الديني الشمولي، في إيران والمنبثقة عن مؤسسة «الحرس الثوري»، التي تحولت بدورها إلى طبقة مهيمنة في المجتمع الإيراني تمتلك مصادر القوة العسكرية والأمنية والثقافية والإعلامية والثروة في المجتمع، وتشكل في الوقت عينه الجيش الإيديولوجي للنظام الديني، وتحظى بعناية خاصة من جانب الرئيس أحمدي نجاد.. هذه الميليشيات، استخدمها الرئيس أحمدي نجاد، ومرشد الثورة علي خامنئي من أجل إخماد «الثورة المخملية» في بلد لا توجد فيه دولة القانون، يقدرون عاليا شجاعة هؤلاء الإيرانيين من كل الأعمار، ومن كل الفئات والطبقات الاجتماعية، الذين جازفوا بحياتهم، وبالسجن والتعذيب في تحد كبير لميليشيات «الباسيج» الرسمية التي قتلت العشرات من دون تردد، في سبيل خوض معركة الديمقراطية، وتكسير المقدس الديني، حيث هتف المتظاهرون «الموت للديكتاتور خامنئي» الذي يرأس نظاما قمعيا عاريا من كل شرعية سوى شرعية القوة والقمع، إذ استعدى خامنئي بمواقفه المؤيدة لنجاد الشعب الإيراني، وفقد دعم رجال الدين البارزين له، حيث وجه بعضهم سهام النقد إليه. فالمعركة التي يخوضها المجتمع المدني الإيراني بكل أطيافه من طلاب وموظفين وأساتذة جامعات، ومهندسين، وأطباء، وكبار تجار البزار، الذين مولوا في السابق الثورة الإسلامية، وهم الآن من ضحايا العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران، من جراء عدم شفافية ملفها النووي، والمعاقين، الذين شكلوا الجسم الانتخابي للمرشح الإصلاحي المهزوم مير حسين موسوي، هي معركة جبهة الإصلاحيين والمحافظين الدينيين البراغماتيين التي تمتد من المرشح مهدي كروبي، والرئيسين السابقين رفسنجاني وخاتمي، مرورا بالمرشح المهزوم مير حسين موسوي، التي تدعو إلى إرساء دولة القانون، والحريات العامة، وحقوق الفرد، والتعددية، والسماح بنشاط جميع الأحزاب شرط موالاتها للدستور. المواجهة بين الثيوقراطية والديمقراطية تجد هذه التعبئة القوية من الناخبين للمرشح مير حسين موسوي تفسيرها، في انتماء هؤلاء إلى فئات الطبقات الوسطى، والعمال، والتجار، الذين تضرروا جميعا من الإسقاطات المدمرة للسياسة الشعبوية، التي ينتهجها الرئيس أحمدي نجاد، وكذلك من جراء الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الاحتكار المتنامي للاقتصاد من قبل الطبقة الهجينة الجديدة، ولا سيما طبقة الحرس الثوري، لأهداف سياسية وزبائنية. أزمة الانتخابات الإيرانية وما رافقها من انتفاضة شعبية لقوى المجتمع المدني، أكدتا على حقيقة أساسية، وهي تمحور الصراع بين سيادتين في إيران: واحدة إلهية –دينية، وأخرى شعبية. وعلى نقيض ولاية الفقيه التي شكلت الأساس الإيديولوجي الذي يقوم عليه نظام الجمهورية الإسلامية، طورت مراجع دينية عدة في إيران نظرية «ولاية الأمة على نفسها»، وتعتمد خط الشورى في المسألة السياسية والتنظيمية المتعلقة بالمجتمع السياسي، باعتبارها دولة زمنية لا يجوز للفقهاء أن يتولوا السلطة فيها، أو أن يكون جميع جسمها، ولاسيما جميع مفاصلها وقيادتها، مكونة من رجال الدين. وكان الوجه الأبرز بين كبار رجال الدين في إيران آية الله منتظري، قد أعاد النظر في الطابع الديني للجمهورية الإسلامية من خلال مؤسسة ولاية الفقيه، وهي أعلى مرتبة سياسية دينية في الدولة. وهو يعتبر أن «الفقيه »أو المرشد الأعلى للجمهورية، لا يتمتع بشرعية إلهية، ويجب تالياً تعيينه ديمقراطياً لمرحلة محدودة من الزمن، على أن يكون قابلاً للعزل، وأن يكون دوره روحياً في الأساس. استطاعت ثورة المجتمع المدني الحالية في إيران أن تنزع القدسية عن «الفقيه» الحالي، خليفة الخميني، آية الله خامنئي، وأن توجه إليه نقدا مباشرا، وأن تطالبه برفع يده عن قوى الأمن الداخلي، وإناطة مسؤوليتها بوزير الداخلية، ما يعني كسر هيبة هذا المقام الذي بقي طوال ثلاثين عاماً من عمر الجمهورية الإسلامية بعيداً عن أي نقد. فالمجتمع المدني الإيراني يستنكر الطبيعة التيوقراطية لولاية الفقيه، ويتهم مرشد الثورة، وأهل الحكم، باستعادة الممارسة التيوقراطية. كاتب من تونس ( المصدر: صحيفة أوان (يومية – الكويت) ، رأي،بتاريخ 26 جوان 2009)  


اوصاف العربي في معجم وبستر الامريكي


فايز قنديل عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين لقد اقترف معجم ( وبستر الأمريكي ) جريمة ثقافية شائنة إذا جاز وصف الثقافة بالإجرام أو وصف الإجرام بالثقافة ، وهذه الجريمة هي تعريف معجم وبستر الأمريكي في احدث طبعاته بان العربي  » وناقل الكفر ليس بكافر  » بان العربي هو  » المتشرد والمنحرف والمتسكع والصعلوك والمتسول والمنبوذ والغبي والهمجي الذي يبتر أعضاء البشر ويقطع الطرق  » . والحق يقال أن بعض هذه الأوصاف الحقيرة وجدت منذ بضعة عشر عاما طريقها إلى بعض أفلام الكرتون المصنوعة للأطفال في التليفزيون وكان فيلما أمريكيا يقوم على حكاية علاء الدين والمصباح السحري ، وفيه ظهر أحد البدو العرب يركب جملا وهو يتغنى بأنه من اؤلئك الناس الذين يحتجزون الجواري في الحريم وأنهم يقطعون الطرق ويجدعون الأنوف نلاحظ هنا أن ذلك المسلسل نطق بكلمات في وصف العربي تشبه بعض ما ورد في معجم وبستر الأمريكي ولهذا فلا مفاجأة إذا ولا فجيعة في هذا الذي أورده معجم ( وبستر ) في تعريف العربي ، ولكن ثمة سؤالا مشروعا هو : ما الذي دها اؤلئك القوم إذ أنهم حتى وان تهجموا في عالم الغرب على العرب والمسلمين فيما مضى إلا أن بعض كتابهم ومؤرخيهم وفلاسفتهم حاولوا إنصاف العرب بمقدار ما تسمح لهم ثقافتهم وتربيتهم بذلك ، أي بمقدار ما يخترقون ركام العصور وما تفيض به من عداوة بين الإسلام والغرب وبين الشرق والغرب تلك العداوة التي حددها الشاعر الروائي الإنجليزي بل شاعر الاستعمار البريطاني وربما شاعر الاستعمار الغربي( رود يارد كسيبلينغ) حددها بقولة ( الشرق شرق / والغرب غرب ولن يلتقيا . إنها عداوة قديمة أذن بين الشرق والغرب منذ الحروب الفارسية اليونانية في العصور القديمة وربما منذ حروب طروادة التي خلدها ( هميروس كبير شعراء اليونان القدماء وهو مؤلف (الإلياذة ) وهي الحرب التي قامت لاسترداد الأميرة اليونانية الإغريقية القديمة  » هيلانة  » من زوجها الآسيوي  » هكتور  » والذي سباها إلى مدينة طروادة على الساحل الأسيوي لتركية القديمة المعروفة بآسيا الصغرى أو الأناضول وكذلك منذ الحرب ( البوتية ) أي البونيقية بين روما وقرطاجة أي بين الفينيقيين ( وهم جيل من العرب العاربة – خرجوا أصلا من شبه جزيرة العرب فهم الآراميون في الداخل والفينقيون في الساحل . ثم جابوا بحار العالم القديم فحلو في شمال أفريقيا وبنو دولتهم هناك تلك الدولة التي أنجبت هانيبال وهملقار وكادت تحتل روما نفسها ، روما التي عادت واحتلت قرطاج في تونس ودمرتها في العصور القديمة تماما كما فعل موسوليني الإيطالي الفاشي بعد ذلك في ليبيا المعروفة تاريخيا هي وتونس بأفريقيا وكذلك إرتريا والصومال بل إثيوبيا المسيحية الشهيرة بالحبشة ، ثم تحددت هذه العداوة واستشرت بعد الفتوحات العربية الإسلامية في معركة اليرموك التي أطاحت بالاستعمار البيزنطي لبلاد الشام ومصر . ثم بعدي فتح الأندلس على يد موسى بن نصير وطارق بن زياد ثم اشتدت تلك العداوة عداوة الغرب للعرب و الإسلام في الحروب الفرنجية المسماة بالصليبية ) ثم عصور الاستعمار الأوربي الحديث الذي هزمه العرب منذ هزموا نابليون ومرغوا غطرسته في مدينة عكا بفلسطين وفي القاهرة بمصر العربية قبل أن تهزمه روسيا القيصرية ثم الدول الأوربية مجتمعة بعد ذلك لكي تتجدد هذه العداوة مع وقف بريطانيا الغازية للثورة العرابية في مصر أواخر القرن التاسع عشر ثم تجددت واستشرت بغدر الدول الغربية بالأمة العربية في الحربين العالميتين الأولى والثانية انطلاقا من اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا ومن تصريح بلفور المشؤوم الذي اقتطعت بريطانيا بموجبه فلسطين العربية للصهيونية لكي تزداد هذه الكراهية الغربية للعرب بهذا الغزو الهمجي الأمريكي للعراق والذي فتح أعمق الجراح في الوجدان العربي والوجدان الإسلامي فضلا عن أحاديث الرئيس الأمريكي جورج ووكر بوش حديثه الصريح عن حرب صليبية رغم ادعائه وادعاء الدوائر الأمريكية أن المسألة مسألة ذله لسان كما يزعمون . أما هذه أل يزعمون فلسوف نبرهن على إنها فعلا يزعمون . وإذا فمن المشروع أن يتساءل المرء إذا عرف عن الجريمة الثقافية التي اقترفتها مؤسسة (وبستر ) الأمريكية بهذا التعريف الجائر الظالم الحاقد على العرب والمسلمين ، ما الذي دها اؤلئك القوم ؟ إذ انه رغم هذه العداوة الغربية ( العريقة التليدة ) إذا جاز التعبير وهو تعبير غير جائز طبعا فهي عداوة تاريخية قديمة ، رغم هذا فقد ظهر فلاسفة وشعراء وكتاب أوربيون وأمريكيون احبوا العرب حبا جما . وبهرتهم حضارة العرب والمسلمون الحية المتجددة في متعدد تجلياتها الروحية والمادية ونظموا فيها أشعارا بل ملاحم شعرية وتواريخ أي ( مؤلفات في التاريخ ) تفيض بحبهم للعرب وإعجابهم للحضارة الإسلامية . وهذه نماذج مما كتبوه ونعرفه جميعا ، ولكن قبل أيراد هذه النماذج لا بد من القول انه كان يشيع في بعض الشعوب الأوربية أقوال شعبية مأثورة ، فالشعب البولوني أو البولندي مثلا لديه مثل أو قول مأثور هو  » ذا أردت أن ترهب عدوك فاذهب إليه وأنت ترتدي الزي العربي  » وأما رومانيا على البحر الأسود فان فيها مقاطعة تدعى ( باسا رابيا ) ومعناها من هنا مر العرب (pass) تعنى مر أو عبر وارابيا تعني العرب , وما دمنا في صدد أوروبا الشرقيه فان الروائي الروسي الإنساني العظيم ( ليو تولستوي ) الذي دافع عن شعوب القوقاز ومجد نضالهم ضد الاستعمار الروسي القيصري خصوصا وانه كان ضابطا في الجيش القيصري , وخلف للإنسانية إلى جانب ملحمته الروائية المعروفة ( بالحرب والسلام) وهي عن الحروب النابوليونية في روسيا , خلف لنا رواية تفيض بالتعاطف مع ثورات الشعوب القوقازية المسلمة , ضد القيصر الروسي وعنوانها ( الحاج مراد ) , تولستوي هذا يسجل انه عندما كان الجنود الروس في الجيش القيصري يسمعون هتاف القتال يتصاعد من جنود نابليون بونابرت وهو ( فيف لا فرانس ) أي تحي فرنسا كان الجنود الروس يظنون الجنود الفرنسيين يهتفون ( الله اكبر ) لكثرة ما سمع الجنود الروس هذا التكبير من جنود الدولة العثمانية في الحروب المستمرة بين روسيا القيصرية والدولة العثمانية . وإذا فمن نماذج إعجاب وانبهار بل وحب بعض كتاب الغرب وفلاسفته الذين تعالوا على الثقافة السائدة في أوروبا العادية للعرب والمسلمين بوجه الإجماع كما أسلفنا قبل قليل من قول المستعرب الألماني ( نولد كه) وهو أول الباحثين الأوربيين المحدثين نسبيا قولة في الشعر الجاهلي فقد كتب عام 1861 ما يلي : وأنا هنا انقل حرفيا عن الأستاذ العربي المصري الدكتور عبد الرحمن بدوي وهو فيلسوف العرب في القرن العشرين والذي عرب في سلسلة كتبه الشهيرة في حقبة الخمسينات أي ( الروائع المائة ) وقد عرب مائة من روائع الغرب مثل ( تشايلد ها رولد) للشاعر الإنجليزي لورد يايرون وديوان كبير شعراء ألمانيا عبر العصور وهو ( غوتة ) الذي استلهم فيه شعر التصوف العربي والإسلامي وخصوصا شعر حافظ الشيرازي وعنوانه ( الديوان الشرقي للشاعر العربي ) إذا عن المستشرق أو المستغرب الألماني ( نولد كه ) أو نيلد كه ) نقل عبد الرحمن بدوي قولة :  » ومهما يكن من شدة التغييرات والتحريفات التي أصابت نصوص القصائد القديمة ( أي الجاهلية ) ومهما تعرضت له روايتها من اضطراب فانه من هذه الشذرات تفوح روح منعشة تدل على أن قوة الشعر العربي البدوي وجماله لم يضيعا و كما أن أناشيد هوميروس وهو شاعر ملحمة الإلياذة اليونانية وبالرغم من كل ما أصابها من تغييرات وبرغم من كل غموض في معانيها , لا يزال يرف منها ربيع الإنسانية الوضاء وكما أن قصائد بيو دلف وهو شاعر بريطاني قديم ينتمي إلى ( البريتونز ) أصحاب بريطانيا الأصليين قبل الغزو الإنكليزي لهم بقيادة وليم الظافر وهو أي ( بيو دلف ) صاحب مؤلف أو تنسب إليه ( ملاحم أوسيان ) . وكما أن قصائد ( التبلنغن ) وهي الأساطير الألمانية الجرمانية القديمة والتي قامت عليها إحدى أشهر اوربرات المؤلف الموسيقي الألماني ( ريشارد فاغنر ) تمكننا من النفوذ ببصرنا العميق إلى روح الو ثنية الألمانية القديمة فإنها تتلقى من القصائد العربية القديمة صورة حيه للعرب القدماء بفضائلهم وعيوبهم , بعظمتهم ومحدود يتهم ,إنها ليست شعرا يسعى لتقديم صوره ( فوق الحسية ) أو يودي إليها أساطير متفوقة أو دائرة من الأفكار المعبر عنها بالشعر وإنما هي شعر جعل مهمته الرئيسية وصف الحياة والطبيعة كما هي في الواقع مع قليل من التخيلات . بيد أنة في نطاق حدوده عظيم وجميل وتسري فيه روح الرجولة والقوة ( روح تهزنا هزا , إذا ما قارناه بروح العبودية والاستجداء التي تجدها في آداب كثير من الشعوب الأسيوية الأخرى) هذا بعض ما قاله شيخ المستعربين الألمان ( نولد كه) والذي استشهد ببيت شعر للشاعر الإسلامي ( السعد بن ناشب ) والذي هدم بلال بن أبى بردة ( أو الحجاج بن يوسف ) داره بالبصرة واحرقها فقال أي السعد بن ناشب وقصيدته هي إحدى قصائد ديوان الحماسة الذي جمعه أبو تمام قال : سأغسل عني العار بالسيف جالبا علي قضاء الله ما كان جالبا ويعقب شيخ المستعربين الألمان ( نولد كه ) على هذا البيت بقولة ( بهذا يمضي العربي الحر إلى ساحة القتال ولقاء الموت هذه الروح الرجولية التي تتجلى في قصائد الإعراب القدماء ساكني الصحراء ) ويمكن أن تكون قدوه نقتدي بها نحن ( أي الشعب الألماني ) . ( والآن يبرز أمام الشعب الألماني السؤال عما إذا كان هذا الشعب قد عقد العزم على أن يغسل بدمه العار القديم ؟ هل نريد تقديرا للعرب والإسلام ابعد من هذا من مستعرب ألماني غير مسلم بطبيعة الحال ويدعو بني قومه الألمان في عام 1861الا امتشاق الحسام لتوحيد وطنهم الممزق , هذه الوحدة التي تحققت بعد ذلك بتسعة أعوام على يد الإمبراطور ( فيلهلم ) ووزيره الشهير (اتو فون بسمارك ) هكذا كان الغرب ومفكروه ينظرون إلى العرب قبل مائة وخمسة وأربعون عاما لكي يأتي احدث طبعة من قاموس ( ووبستر ) الأمريكي فتنال منهم شر نيل بهجاء العربي وذمه وبالتالي هجاء الإسلام فالعرب هم مادة الإسلام واصلة , وإذا ذل العرب ( لا سمح الله ) ذل الإسلام ( لا سمح الله ) . والآن إلى انموذج ثان . من محبة أولي الفضل والعدل والعقل من مفكري الغرب ( من مفكري أوروبا ومؤرخيها) أي إلى مقاطع من كتاب المؤرخ البريطاني ( ستانلي لين بول ) وعنوانه ( قصة العرب في اسبانيا ) وقد عربة عام 1947 الأديب المصري وعالم اللغة الشهير ( الأستاذ علي الجارم تحت عنوان ( العرب في اسبانيا ) ولكن وقبل إيراد هذه المقاطع نقرا سطورا فصيحة , بليغة , بهية و جميله كتبها علي الجارم في تقديمة لهذا الكتاب يقول علي الجارم  » إن ستا نلي لين بول يحب العرب ويتغنى بمجدهم ويؤلف لأبناء أمته ( أي الانكليز ) في تاريخ العرب كتابا أو قل قصيدة طويلة الذيول , كلها ثناء وإطراء وحب وإعجاب و عطف و حنان ولوعه وبكاء . فهل كان يصح في حكم البر بالعربية أن يبقى أبنائها محجوبين عن هذا الكتاب دهرا طويلا , لقد ترجمت هذا الكتاب فارتاحت نفسي لأني في حين واحد أذعت فضل العرب على لسان رجل ليس منهم ثم أذعت فضل هذا الرجل لأنه جدير بإعجاب العرب وقد يداخلك بعض الريب في أن المؤلف متعصب للعرب , لأنك تراه يقتنص الفرص للإشادة بدينهم وسياستهم للأمم ثم بآدابهم ومدنيتهم التي يعدها شعلة النور في أرجاء أوروبا بعد أن خمدت مدنية الرومان وزالت حضارة اليونان ثم أنه رسم عبد الرحمن الداخل وعبد الرحمن الناصر والمنصور بن أبي عامر صورا من القوه والحزم والعدل والدهاء لم يستطع مؤرخ عربي أ ن يجمع ألوانها وإذا غمز ( لين بول ) من بعض الأمراء بنقد كان خفيف في المس رقيقا حتى أنه لم يبخل بفضلة من عطفه على ملوك الطوائف الذين بددوا شمل الدولة فأحسن رثاء دولتهم وبكى فيهم الهمة والسخاء وإنها ض العلوم وإعلاء شان الأدب والشعر وأما حديثة عن مملكة غرناطة فلم يكن إلا أنات وزفرات ودموعا فقد وقف على إطلال الأندلس,كما يقف العاشق المحزون , فبكى مدينة زالت , وفنونا بادت , وعزا طاح مع الرياح , وملكا كان لم يمض علية ليلة وصباح ومجالس أنس كانت نغما في مسامع الدهور ودروس علم هرعت إليها الدنيا . نعم أن ستانلي لين بول كان يحب العرب حقا ولكن هذا الحب لم يجاوز به الحق ولم يخدعه عن نفسه ولم يسلبه صنعة المؤرخ المحقق وكل ما في الأمر انه كان صريحا في نشر الحقائق فصدح بها حين أنكرها أو شوه من جمالها كثير ممن يكتمون الحق وهم يعلمون . إن لين بول لم يكن متعصبا للعرب ولكن كان لهم منصفا وعلى تاريخهم أمينا ولهم أخا وصديقا حين قل الأخ وعز الصديق على أن في الكتاب عتابا في مواطن العتاب ولوما في مواضع اللوم وتعنيف المحب المخلص حين يحسن التعنيف . هذا بعض ما قدم به الأستاذ علي الجارم لكتاب العرب في أسبانيا لمؤلفة الإنكليزي ستانلي لين بول , وسنتلو عليكم بعد ذلك بعض ما كتبه لين نفسه عن مملكة قرطبة , حاضرة الخلافة الأموية في الأندلس فيقول  » ورونق قصور قرطبة وبساتينها ومع استهوائه القلوب , يغرينا بجمال آخر لا يقل عن رونقها الظاهر فلقد كانت عقول أهل قرطبة كقصورها في الحسن والروعة فان علمائها وأساتذتها جعلوا منها مركزا للثقافة فكان الطلبة يفدون أليها من جميع أنحاء أوروبا ليتلقوا العلم عن جهابذتها الإعلام حتى إن الراهب ( هرو سويدا ) وهي بعيدة في ديرها السكسوني ( يغود رشيم ) حينما أخبرت بشنق الراهبة ( بولوجيوس ) وهي من حركة الاستخفاف الشهيرة لم تستطع إلا أن تثني على قرطبة وتسميها  » المع مفخره للدنيا وكان يدرس بقرطبة كل فروع العلوم البحتة وكان ( أبو الطيب خلف ) جراحا ذائع الصيت في القرن الحادي عشر وبعض عملياته الجراحية يطابق اليوم العمليات الحديثة وجاء ابن زهر بعده بقليل فكشف عن أساليب كثيرة في العلاج والجراحة وقد بلغت الأندلس الغاية في الفنون , فبناء مدينة كالزهراء أو مسجد كالمسجد الجامع ما كان ليتم على هذا الوضع الرائع إلا إذا بلغ العمال قمة المهارة في صناعتهم . هذا بعض ما كتبه المؤرخ الإنكليزي ( ستانلي لين بول ) عن حضارة العرب التي أضاءت أوروبا انطلاقا من الأندلس فما الذي دها الدوائر الغربية لكي يقترف قاموس  » وبستر الأمريكي جريمة حتى يصف العربي بما ليس فيه ان عداوة العنصريين في القارة الأمريكية للعرب وتعصبهم على الإسلام وإمعانهم بالتنكيل بعرب فلسطين والعراق يفسر هذه الجريمة الثقافية بل الجريمة التي اقترفها معجم وبستر بحق الثقافة . ولكن ثمة أمر عجيبا ذلك ان الصهاينة الموصوفين بالمحافظين الجدد بالولايات المتحدة الأمريكية من أمثال جاك فيث وزاخيم ،و ولف ويتز وغيرهم وهم من اليهود الأمريكيين قد كان أسلافهم حتى في القرن التاسع عشر يتمسحون بالعرب والحضارة العربية ومنهم رئيس وزراء بريطانيا في أواخر القرن التاسع عشر وهو اليهودي الصهيوني حتى قبل �  

 

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

26 mars 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année,N° 3594 du 26.03.2010  archives :www.tunisnews.net  L’Observatoire pour la protection des défenseurs des droits

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.