الاثنين، 17 مايو 2010

Home – Accueil

TUNISNEWS

10ème année, N°3646 du 17.05.2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولضحايا قانون الإرهاب


زياد الهاني:إثر منع مظاهرة 3 ماي من أجل حرية الصحافة والانترنت بشكل تعسفي: قضية إدارية أوّليّـة ضد وزير الداخلية

الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين:كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب  »

اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي: إعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام

عمر قويدر: نفطة : التجمع يوزع المسؤوليات على أعضاء المجلس البلدي قبل جلسة التنصيب

بوراوي الصادق الشريف:رسالة مفتوحة:إلى السيد علي السرياطي المدير العام للأمن الرئاسي والشخصيات الرسمية

اللجنة العربية لحقوق الإنسان:نـــــدوة:أي دور للشباب في إحداث التغيير الديموقراطي ؟ ـ تونس نموذجا

رد السيد أحمد بالنورعلى مقال « خالد وناس »المنشورعلى موقع « دنيا الوطن » الإخباري

موقع دويتشه فيليه:صراع على سلطة الانترنت في تونس بين المُدوّنين والرقابة

الأخبار:تونس في دوامة الرقابة: «الـحـقّ مـع» الـمُـدوّنـيـن!!

محمد الحمروني :القيادات النقابية أمام استحقاق صعب: التمديد أو التداول

النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالمتلوي:لائحة إضراب

نقابي من بنزرت:مكتب جديد بالاتحاد المحلي للشغل بسجنان

أحمد المديني:ضياع في تونس.. قصة واقعية

سفيان الشورابي:السينما التونسية: على أعتاب الكروازيت

الصباح الأسبوعي:تفاصيل مشروع القانون المتعلق بإرساء نظام جزائي خاص بالشبان

خلال 4 أشهر:حجز 206 آلاف منتوج مقلد

منصف المرزوقي :الاستبداد « الصالح » بعد الاستبداد الطالح؟

على الشرطاني:حركة التهويد وضم المقدسات الإسلامية للتراث اليهودي.. لماذا؟ (2 من 3)

هادي يحمد:جورج طرابيشي: قراءتي لأعمال الجابري كانت حوارا بلا حوار

   محمد سيف الدولة:حكايتنا مع الخواجات (1)

هشام موفق:مخاوف من انتفاضة شعبية بالجزائر

العرب:استخدم جواز سفر حقيقياً:دبي تلاحق بريطانياً شارك في اغتيال المبحوح

حسين جلعاد:خلال ندوة في الذكرى 62 للنكبة بشارة: فلسطين آخر ملفات الاستعمار


(Pourafficher lescaractèresarabes suivre la démarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

أفريل 2010

https://www.tunisnews.net/15Avril10a.htm


 

إثر منع مظاهرة 3 ماي من أجل حرية الصحافة والانترنت بشكل تعسفي: قضية إدارية أوّليّـة ضد وزير الداخلية

 


الحمد للّه وحده تونس في 17 ماي 2010  
جناب السيد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية المحترم دام حفظه  
الموضوع: دعوى في تجاوز السلطة ضدّ السيد وزير الداخلية، بسبب منع أعوان وزارته التعسفي لمظاهرة سلمية قانونية يوم 3 ماي 2010 بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.  
العارض: زياد الهاني/ صحفي ومدوّن، 12 شارع الهادي شاكر، قرطاج 2016 – تونس  
ضـــــدّ: السيد وزير الداخلية والتنمية المحلية، مقرّه بشارع الحبيب بورقيبة- تونس 1000  
تحية وبعد استنادا إلى أحكام الفصلين 9 و10 من القانون عدد 4 لسنة 1969 المؤرخ في 24 جانفي 1969 المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر، توجهت أنا العارض المذكور أعلاه صحبة زميلي السيد صالح الفورتي يوم الإثنين 19 أفريل 2010 إلى مقر وزارة الداخلية لإيداع إعلام في الإدارة العامة للأمن الوطني بتنظيم بمظاهرة مدنية سلمية قانونية أمام مقر وزارة الاتصال بشارع 7 نوفمبر بتونس العاصمة يوم 3 ماي 2010 بداية من الساعة التاسعة والنصف صباحا. وذلك للمطالبة بتعزيز حرية الإعلام ووقف سياسة حجب المواقع الالكترونية واحترام حقوق الصحفيين والمساواة أمام القانون، حيث تحتكر بنات رئيس الدولة وأصهاره وأقرباؤه حق إصدار الصحف والمجلات وبعث الإذاعات والتلفزات الخاصة. ويمنع من ذلك تعسفا بقية التونسيين وفي مقدمتهم أهل المهنة الصحفية، في جمهوريتنا العتيدة التي يفاخر خطابها الرسمي بأنها دولة قانون ومؤسسات(الوثيقة عدد1). لكن الأعوان المسؤولين ببهو وزارة الداخلية الذين تم توجيهنا إليهم عند سؤالنا عن الإدارة العامة للأمن الوطني، طلبوا منا الرجوع بعد ساعة بعد أن اطلعوا على موضوع الإعلام المطلوب إيداعه بالإدارة العامة للأمن الوطني. وبالفعل عدت في الوقت المحدد ليتسلّم مني الإعلام الوكيل أول مبروك السبيعي حسب ما هو مثبت في الشارة التي كان يحملها ذات العدد 5798، فأحالني بدوره على ضابط برتبة ملازم تسلّم مني الملف ودعاني للانتظار. ثم عاد ليعلمني بأنه يتوجب عليّ توجيهه للسيد الوزير بواسطة البريد. ورغم استظهاري بنص القانون الذي يؤكد على إيداع الملف بمصالح الإدارة العامة للأمن الوطني مقابل تسليمي وصلا يتم التنصيص فيه على يوم وتاريخ وساعة الاستلام، إلاّ أنه أصر على موقفه. وبناء عليه وتنفيذا لطلب الإدارة قمت بما طلبته مني، ووجهت لها نص الإعلام مستوفيا للبيانات القانونية المطلوبة بواسطة البريد مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ. مع طلب اعتماد الوصل البريدي كوثيقة رسمية تثبت تسلّمها للإعلام الموجّه لها (الوثيقتان عدد2 وعدد3 ). لكن يؤسفني إعلامكم بأنه في صباح يوم الإثنين 3 ماي 2010 المقرر للمظاهرة، أعلمني مسؤول أمني تولى قيادة عملية مراقبتي اللصيقة بأن المظاهرة ممنوعة، ورفض الدخول معي في أي نقاش حول الإجراءات القانونية التي قمت بها، مؤكدا بأنه تمّ تكليفه بمنع المظاهرة وسيستخدم القوة ضدي إن لزم الأمر. تصوّروا أن هذا الموظف العمومي الذي يحصل على راتبه من خلال الاستقطاع من راتبي وعرق جبيني أنا وغيري من المواطنين الكادحين، يهددني باستعمال القوة ضدي لأني متمسك بممارسة حق قانوني كان يتوجب عليه حمايتي من أجل ممارسته. كما رفض تمكيني من أي قرار كتابي في المنع. وهو نفس ما حصل مع زميلي صالح الفورتي الذي تم إشعاره بنفس القرار وفرضت عليه الإقامة الجبرية في بيته المحاصر من قبل أعوان الأمن. علما بأن مسكني تعرض للحصار في الليلة السابقة للمظاهرة بأعداد غفيرة من رجال الأمن، أكد لي بعض الأجوار بأنهم كانوا معززين بعمدة الحي وبعناصر ميليشيا. كما جرت ملاحقتي صباح يوم المظاهرة من قبل مجموعة يبدو أنها من رجال الأمن يقودها المسؤول المذكور آنفا. مما اضطرني للالتجاء للقيام باعتصام أمام قصر الرئاسة بقرطاج مع بناتي الثلاث اللواتي كان يفترض أن آخذهن إلى مدارسهن، وذلك للتنديد بالمضايقات الأمنية الحاصلة. وقد تقدمت بعريضة لرئيس الدولة في الغرض. وحيث يعتبر هذا التصرف من قبل وزارة الداخلية ممثلة في وزيرها السيد رفيق الحاج قاسم المسؤول قانونيا عنها، تعسفا في استعمال سلطتها القانونية وتجاوزا لها. بل هو سلوك منفلت من عقال القانون، يذكّـرنا بما درسناه عن ممارسات سلطات الاحتلال وأعوانها من رجال المخزن ضد الوطنيين المناضلين من أجل الحرية؛ لذا ألجأ إلى جنابكم في الإجال القانونية، طالبا الحكم باعتبار منع المظاهرة السلمية القانونية التي كانت مقررة ليوم الثالث من ماي 2010 من قبيل العمل التعسفي وتجاوز السلطة، مع تحذير السيد وزير الداخلية من مغبة العود إلى هذه الممارسات المدانة والمرفوضة. متمنيا عليكم بما لكم من صلاحيات أن تأذنوا بإجراء التحقيقات المستوجبة، لأني لا أستبعد أن ينكر السيد وزير الداخلية، جريا على عادته في قضايا سابقة، الواقعة المشتكى من أجلها. وذلك انتصارا منكم للعدل، ولدولة القانون والمؤسسات. دولة التونسيين جميعا التي تحررت من نير الاحتلال كي تعيش حرة عزيزة منيعة أبد الدهر. لا لأن تتحول إلى ضيعة خاصة بالسيد وزير الداخلية أو بأيّ شخص آخر أو عائلة فاسدة متسلطة، كائنة من تكون… وتفضلوا سيدي الرئيس الأول ختاما بقبول فائق التقدير، من صحفي ومواطن ولد في دولة الاستقلال وتربى في مدرسة الجمهورية على قيمها. مواطن من جيل يعتبر القانون عقدا اجتماعيا متبادل الالتزامات بين أصحاب السلطة والمواطنين يرفض الرضوخ لغير أحكامه، ويأبى التخلي عن حقوق المواطنة التي كفلها دستور البلاد. لأن في التهاون في تحصيل هذه الحقوق وصونها وممارستها، خيانة لكل التضحيات الوطنية الجليلة التي أنتجتها، ولدماء شهداء تونس الأبرار الأكرم منّـا جميعا. تحيا تونس.. تحيا الجمهورية..  
الإمضاء زياد الهاني  
 

الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين  تونس في 17 ماي 2010 

كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب « 


 * نظرت اليوم الاثنين 17 ماي 2010 الدائرة الجنائية 12  بمحكمة الاستئناف بتونس برئاسة القاضي  رضا الدرويش  في القضية عدد 14752 التي يحال فيها كل من  :  حمزة بن بلقاسم بن علي بنجابر ( من مواليد 05/11/1981)  و اسماعيل بن مصباح بن محمد بلحاج  ( من مواليد 12/07/1986) و وديع بن الهادي بن علي المشري ( من مواليد 21/03/1981) و محمد بن علي بن محمد بن عبد النبي ( من مواليد 22/04/1985) و الحسين بن مبارك بن بوبكر مبارك ( من مواليد 03/11/1986)    و المحالين جميعا بحالة إيقاف من أجل تهم الانضمام إلى تنظيم اتخذ من الارهاب وسيلة لتحقيق أغراضه  و استعمال اسم قصد التعريف بأعضاء تنظيم ارهابي و التبرع بأموال مع العلم بأن الغرض منها تمويل أنشطة لها علاقة بالجرائم الارهابية ،  و بعد المناداة على القضية وقع استنطاق المتهمين الذين أنكروا التهم المنسوبة اليهم  ثم  أحيلت الكلمة إلى هيئة الدفاع المتكونة من الأساتذة رمضان الناقوسي و أمان الله مورو و سمير بن عمر. و قد طالب الأستاذ سمير بن عمر في مرافعته بنقض الحكم الابتدائي و القضاء من جديد بعدم سماع الدعوى لاتصال القضاء باعتبار أن منوبه وديع المشري كان أحيل سابقا من أجل نفس الوقائع و نفس التهم في القضية الجنائية عدد 11935 و قضى مدة العقاب و أفرج عنه مؤخرا ، و لكن وقع اعتقاله مجددا على ذمة قضية الحال بعد أيام قليلة من تسريحه  ، ثم أحيلت الكلمة تباعا الى كل من الأستاذين أمان الله مورو و رمضان الناقوسي الذين طالبوا بنقض الحكم الابتدائي و القضاء من جديد بعدم سماع الدعوى لتجرد التهم الموجهة على منوبيهم و لخلو الملف من أي قرينة تثبت ارتكاب منوبيهم للتهم الموجهة إليهم  ، و بعد اعذار المتهمين صرفت القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم اثر الجلسة .   مع العلم و أن الشبان المحالين في هذه القضية أصيلو جهة قابس و هم متهمون بتكوين خلية بجهة قابس و قد وقع إيقافهم اثر أحداث سليمان         عن لجنة متابعة المحاكمات السياسية           الكاتب العام          الاستاذ سمير بن عمر  


اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي 17 ماي 2010  إعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام  


لن يتمكن الصحفي الفاهم بوكدوس  من المثول أمام محكمة الاستئناف بقفصة غدا بسبب وضعه الصحي حيث نقل إلى مستشفى سهلول بسوسة يوم الجمعة الماضي بعد تدهور صحته بشكل خطير ، ثم نقل إلى مستشفى فرحات حشاد بسوسة يوم السبت15- 5- 2010 حيث لا يزال هناك رهن العلاج والمتابعة, ومعلوم أن الفاهم لم يتمكن من حضور الجلسة الفارطة يوم 27افريل 2010 بسبب وضعه الصحي,ومن المنتظر أن تؤجل مرة أخرى. اللجنة الوطنية التي تتمنى الشفاء العاجل للصحفي بوكدوس تجدد دعوتها للكف عن تتبعه قضائيا  و عن تتبع السيد محي الدين شربيب ، المحكوم غيابيا بسنتين من اجل  مساندته للحركة وإطلاق سراح السيد حسن بنعبدالله المحكوم بأربع سنوات وكل مساجين الحوض ألمنجمي , كما تجدد مطالبتها بسن عفو على كل المسرحين من قيادات الحركة الاحتجاجية وإرجاعهم إلى سالف عملهم.   اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي


نفطة : التجمع يوزع المسؤوليات على أعضاء المجلس البلدي قبل جلسة التنصيب


مرة أخرى يبرهن مسؤولو التجمع الدستوري الديمقراطي بجهة توزر عن تشبعهم بثقافة التعددية وعن قبولهم للرأي المخالف فرغم حصول القائمة المستقلة « المواطنة » بنفطة على 25 % من مقاعد المجلس البلدي (04 من 16) فقد اجتمع يوم الأحد 16 ماي 2010 الــ 75 % من المجلس البلدي أي الــ 12 عضوا بإشراف مسؤولا حزبيا ووزعت المسؤوليات عليهم قبل انتهاء مهام المجلس البلدي المتخلى ودون اعتبار بقية الأعضاء وكأن جلسة تنصيب المجلس البلدي الجديد في أعين التجمع بجهة توزر هي عملية صورية ونحن إذ ننقل هذه الصورة المشوهة لجوهر التعددية فإننا نؤكد أننا نمثل جزء كبيرا من مواطني نفطة وسوف نعمل على حسن تمثيلهم مهما كلفنا ذلك. المسؤوليات كما ارتآها التجمع الدستوري الديمقراطي للمجلس البلدي بنفطة

المكي الخازن        رئيس بلدية عادل فطيمة          مساعد أول خميس الغاوي       مساعد رئيس لجنة الأشغال الحبيب ماني         مساعد رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية سميرة عون         مساعد رئيس لجنة الصحة والعناية بالبيئة شكيب لقطاري      مساعد رئيس لجنة الشؤون الإدارية والمالية نجاة عامر           مستشار رئيس لجنة الشؤون العقارية والقانونية والنزاعات فتحية الذويبي       مستشار رئيس لجنة العلاقات مع الجمعيات والمنظمات بلقاسم منفذ          مستشار رئيس لجنة التعاون والعلاقات الخارجية مبروكة المرادي   مستشار رئيس لجنة الرياضة والشباب والثقافة تبر حميدة           مستشار رئيس لجنة العمل التطوعي ولجان الأحياء حنان الطرودي     مستشار رئيس لجنة الشؤون الإجتماعية والأسرة
هذه الرؤية الأحادية للتجمع فبثلاثة بالمائة تتمثل بالمجلس البلدي بخمسة وعشرين بالمائة…… وبـ 25 % في المجلس البلدي لا تمثل في أي لجنة وأترك لكم التعليق عمر قويدر Gouider Amor Nefta 2240


فاكس : 71744721 / 71731419 / 71745119 
تونس في 17/05/2010  العارض : بوراوي الصادق الشريف، مقاول بناء، ا
لقاطن بنهج 8225 عـ7ـدد حي الخضراء السادس تونس، الجوال : 661 604 98 رسالة مفتوحة إلى السيد علي السرياطي المدير العام للأمن الرئاسي والشخصيات الرسمية  الموضوع : تذكير على عريضة بتاريخ 12/04/2010 أسباب الصمت وعدم أخذ القرار وإجراء الأبحاث القانونية تحت إشراف أعلى هرم سيادة رئيس الجمهورية، التحفظ على الحق والتمسك به حتى الموت  


  إني أتوجه إليكم مجددا بصفتكم المدير العام للأمن الرئاسي والشخصيات الرسمية والمرآة الأولى لسيادة رئيس الجمهورية إلى متى لم يتم التجاوب مع ملفاتي المطروحة لدى القصر الرئاسي رغم تعدد المراسلات المباشرة وغير المباشرة عبر الجرائد والمواقع الالكترونية، في اعتقادي واعتقاد كافة التونسيين أن كل مراسلة ترد إلى القصر يقع التجاوب معها خصوصا وجميع الأدلة والحجج والوثائق على تجاوزات السلطة والنفوذ من بعض الأيادي المريضة المتسترة تحت مؤسسات الدولة تقتل المواطن وتسير في جنازته وتسأل وتتساءل من قتله وهذا لا يخفى على المناضلين الذين ساهموا في بناء تونس أنا شخصيا ضحيت من أجل تونس داخل الوطن وخارجه لكن للأسف الشديد اليوم أصبحت متسكعا في الشوارع ولا مكان لي في بلدي العزيز هذا ما جعلني أكاتب سيادتكم وأحملكم المسؤولية كاملة لإيصال صوتي إلى سيادة رئيس الجمهورية وتحت حوزتي ما فيه الكفاية من أدلة وحجج ووثائق وبراهين ونشريات على الصحف وجلهم بين يديكم بالقصر الرئاسي بمكتب الضبط، أنا اليوم أكثر من أي يوم مضى لا يمكن لي السكوت حتى الموت على حقوقي مليارين و500 ألف دينار من مالي الخاص تحت حوزة التكاري ورزقي وكرامتي فوق كل اعتبار بطاقة التعريف الوطنية منعوني من استخراجها من شهر أفريل 2005 إلى اليوم والسبب عصابة إجرامية بالبطاقة المهنية في السلطة طيلة هذه السنوات ولا حياة لمن تنادي من سلطة الإشراف،  وأبلغ من العمر 67 سنة أعيش متشردا في عهد رجل التغيير الذي راهن على العدل وحقوق الإنسان، هذا شيء تقشعر منه الأبدان في بلد السلم والأمان المراهن عليه سيادة الرئيس على رفع التحديات والتجاوزات هل لي واجبات وحقوق أو لي واجبات بدون حقوق في بلادي في هذا العمر، أين العدل … وأين حقوق الإنسان ؟ سيدي، لقد سعدت بالمكالمة الهاتفية من القصر الرئاسي يوم 29/05/2010 (رقم الهاتف 71727363) وتمت المكالمة واتفقنا على موعد ليوم 3 ماي 2010 (رقم الهاتف الجوال 98338279) وكانت المقابلة بشارع محمد الخامس بالعاصمة عوضا عن القصر الرئاسي. و قد كان التواصل غير مجدي من طرف مبعوثكم الخاص . لا أطلب شيئا إلا البحث في القصر الرئاسي بالتحديد تحت إشراف سيادة الرئيس.  
 ولكم جزيل الشكر والاحترام والسلام                             
الإمضـــــــــاء 
 
بوراوي الصادق الشريف
 


اللجنة العربية لحقوق الإنسان ARAB COMMISSION FOR HUMAN RIGHTS COMMISSION ARABE DES DROITS HUMAINS

أي دور للشباب في إحداث التغيير الديموقراطي ؟ ـ تونس نموذجا


تاريخ حافل بالنضال من أجل الحرية والكرامة رسمته الأجيال تلو الأجيال في البلاد. وتضحيات جسام قدمها وطنيون من كل الأطياف. ظل المشعل يمر من جيل لآخر طيلة عقود عديدة  ولكن شعلته خفتت بعض الشيء وبريقه تناقص خلال السنوات الماضية بسبب تصعيد الدكتاتورية، وتوجهها المنهجي المدروس لقطع الخيوط الرابطة بين النخبة المناضلة والمتحركة في الساحة وبين شبيبة البلاد وقوى المستقبل. ولكن أيضا بسبب قصور النخبة الحالية عن استنباط طرق اتصال وتواصل مع أجيال المستقبل تتحدى الحصار وتراعي التغيرات الحاصلة في المجتمع وترسي من جديد ثقة اهتزّت وكادت تتلاشى. وأيضا بسبب ضعف اهتمام الأجيال الجديدة بالشأن العام، وضعف إحساسها بالمسؤولية على تغيير الأوضاع، وهروب قطاعات هامة منها من ساحات العمل والنضال الميداني والفعلي إلى فضاءات العمل الافتراضي والفردي.  
لمناقشة الدور المنشود لأجيال البلاد الشابة، تنظم اللجنة العربية لحقوق الإنسان ندوة خاصة محاورها:   1-عزوف الشباب عن السياسة  وهم أم واقع ؟  حسين الجزيري 2ـ هل ثمة ما تعلمنا من تجربة التعامل مع الاستبداد وما أكبر الدروس ؟  سليم بن حميدان 3ـ هل ثمة مشروع دولة ومجتمع يمكن أن يوحد جهودنا في إطار التعددية الوطنية ؟  لطفي الهمامي 4ـ هل ثمة استراتجيات مدنية جديدة لمواجهة الاستبداد بعد استنفاذ الحلول القديمة ؟ أمية الصديق 5ـ هل ثمة قوى جديدة يمكن أن تحمل هذا المشروع لحيز الواقع ؟ عماد الدائمي   يوم السبت 22 مايو 2010 الساعة السابعة والنصف مساء Maison des associations  26 rue Victor Hugo .Malakoff Métro  Malakoff- Plateau de Vanves Ligne 13 ———————   C.A. DROITS HUMAINS – 5 rue Gambetta – 92240 Malakoff- France Tel 33140921588     Fax  33146541913 achr@noos.fr   www.achr.nu

رد السيد أحمد بالنورعلى مقال المدعو « خالد وناس »المنشورعلى موقع « دنيا الوطن » الإخباري


وصلنا الرد التالي الذي بعث به السيد أحمد بالنور مؤخرا من باريس إلى موقع « دنيا الوطن » الإخباري الفلسطيني (في غزة) الذي سبق له أن نشر مقالا تضمن إساءات بليغة وافتراءات مكشوفة ضد شخصه وسمعته. ونحن ننشره فيما يلي كاملا:
بسم الله الرحمن الرحيم « يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين » – صدق الله العظيم باريس في 15 مايو 2010 من أحمد بالنور مساعد وزير الداخلية سابقاً إلى السيد مدير تحرير « دنيا الوطن »
فقد اطلعت بكل استغراب وأسف على ما جاء في مقال المدعو « خالد وناس » من تونس في عددكم الصادر في 2 أفريل 2010 تحت عنوان « مسؤول أمني تونسي سابق يلعب دور المخبر للموساد » وتبعاً لحقي في الرد على هذه الاتهامات رجائي نشر مقالي هذا.
المؤلم في المقال الذي نشرتموه أن موقعكم فتح الحوار على أساس هذه المعلومات المغلوطة والكاذبة بمشاركة عدد وافر من الأخوة الفلسطينيين وغيرهم وأصبح هذا الحوار بمثابة محاكمة لشخصي والملاحظة الأساسية أن صاحب المقال لم يدل بأية واقعة صحيحة أو بإثباتات للاتهامات التي وجهها إلي مكتفياً بمعلومات عامة استقاها من المخابرات التونسية التي تلقتها بدورها من رئيسها المباشر وهو اللواء بن علي. والكل يعلم ما يكنه هذا الأخير من حقد لشخصي لأنني كنت رئيسه المباشر، سواء في وزارة الدفاع أو في وزارة الداخلية وكنت من القلائل الذين لم يبايعوه بعد خيانته للرئيس بورقيبة والإطاحة به في نوفمبر 1987.
ورداً على كل النقاط التي جاءت في المقال المذكور أود أن أشير إلى المعطيات التالية:
قضية الشهيد المبحوح
لماذا لم يعطنا المدعو خالد وناس اسم الشركة التي يقول إني أملكها من جملة الشركات التي هي ملكي في فرنسا والتي بحسب زعمه قامت بمراقبة مصاعد النزل الذي اغتيل فيه الشهيد المبحوح والتي يقول إنها كانت غطاءًً من أجل مد الموساد بمعلومات إضافية وهو أمر مثير للسخرية وأمر في منتهى الحقارة، لا سيما وأني، ومنذ بداية إقامتي في فرنسا، لم يسبق لي أن أدرت أي شركة من أي نوع ولم يسبق لي القيام بأي نشاط تجاري أو صناعي أو غيره من الأنشطة.
ويدّعي صاحب المقال الذي نشرتموه أنه استقى هذه المعلومات من مصادر قريبة من التحقيق، والحال أن المسؤولين عن التحقيق في جريمة اغتيال المبحوح قد كشفوا الحقيقة بما لديهم من معطيات ومعلومات بكل دقة ومسؤولية، ونشرت أسماء وصور المتورطين في هذه الفضيحة على موقع الشرطة الدولية – الإنتربول – في فيفري ومارس 2010.
وحتى لا أنجر إلى الرد على مثل هذه السخافات أني توجهت برسالة إلى السيد المدير العام لشرطة دبي الذي زج باسم مؤسسته الأمنية في المقال الذي نشرتموه وحتى يكون على بينة من المغالطات الخطيرة التي تمس سمعة إمارة دبي وشرطتها المحترمة.

قضية غارة حمام الشط
لقد زعم محرر المقال أني فررت من تونس بعد اكتشاف أمري كعميل للموساد على إثر الغارة الجوية الإسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية بحمام الشط يوم 1 أكتوبر 1985. فيا لها من مغالطة حقيرة وسخيفة، والحال أنني التحقت منذ سبتمبر 1984 بالعاصمة الإيطالية بعد تعييني سفيراً فيها. ولم أغادر منصبي إلا في جويلية سنة 1986 بعد انتهاء مهمتي. والجدير بالذكر أن المسؤول الأمني الأول أثناء الغارة الإسرائيلية في 1 أكتوبر 1985 كان زين العابدين بن علي. وقد غضت المخابرات التونسية النظر عن الدور الذي قام به « عدنان ياسين » المسئول الفلسطيني كعميل للموساد حيث كان يعمل كمسؤول ثان في السفارة الفلسطينية بتونس منذ سنوات، وهو على علم بكل تحركات المسؤولين الفلسطينيين الداخلية والخارجية.والمعلوم أنه وقع إيقافه من طرف الشرطة التونسية في أوائل التسعينات ، وكان قادما من ألمانيا و حاملا لأجهزة التصنت سلمته إياها الموساد. وبعد بحثه سلمته الشرطة التونسية إلى منظمة التحرير الفلسطينية. وزج باسمي جزافاً لتشويه سمعتي نظراً للحقد الدفين الذي يكنه لي بن علي حسداً منه للسمعة الطيبة التي أتمتع بها لدى القيادة الفلسطينية تقديراً منها لمساهمتي المتواضعة في نصرة القضية الفلسطينية المقدسة.

اغتيال أبو جهاد
جواباً على هذا الاغتيال الشنيع الذي حدث في أفريل 1988 وأنا مقيم بباريس، يجب الإشارة إلى أن المسافة التي تفصل بين القصر الرئاسي بقرطاج ومنزل الشهيد أبو جهاد بسيدي أبو سعيد لا تتجاوز 1500 متر.
إضافة إلى ذلك فقد تعهد زين العابدين بن علي بإجراء تحقيق دقيق حول ظروف وملابسات اغتيال أبو جهاد وبنشر نتائجه إلا أنه إلى حد اليوم لم يقم بالإفصاح عن أية معلومة عن نتائج هذا التحقيق. وللتذكير فإني في تلك الفترة كنت مقيماً في العاصمة الفرنسية باريس. هناك في هذه القضية أسئلة وجب طرحها من قبيل: · من قام بقطع كل الخطوط الهاتفية ليلة الحادثة في الحي الذي يسكنه الشهيد أبو جهاد؟ ·  ومن قام بعملية التمشيط في شوارع سيدي بو سعيد من أجل إفراغ المكان والتهيئة للعملية؟ ·  من سحب الشرطي المكلف بحراسة أحد منازل المسؤولين التونسيين المواجه لمنزل أبو جهاد عشية الحادثة؟ من أعطى المخابرات الإسرائيلية نسخة من المخطط الهندسي لمنزل أبو جهاد وأتاح بذلك التدرّب على منزل مشابه في إسرائيل كما أوردت ذلك جريدة معاريف الإسرائيلية في 4 يوليو 1997؟ ·  فقد ذكرت تلك الجريدة أن العديد من رجال الشرطة التونسية والموظفين السامين التونسيين تواطأوا في القيام بهذه المهمة.  

وإني لا أريد الانجرار كثيراً في الرد على التهم و التشويه الوارد في المقال والمتعلق بالشبكة اللبنانية وغيرها. من التهم والأراجيف والسخافات على شاكلة الأفلام الهوليودية التي تنم عن انحطاط أخلاقي لا شبيه له.
ولقد وقع الاتصال بالمحاكم اللبنانية لوضعها في صورة هذه المغالطات المفضوحة الصادرة عن المخابرات التونسية هادفة من وراء ذلك تشويهي والمس من العدالة اللبنانية المعروفة باستقلاليته واحترافها.
تصفية الوجود الفلسطيني في تونس
وقد استغل زين العابدين بن علي عندما كان وزيراً للداخلية (1986-1987) علاقته المميزة بسعيدة ساسي ابنة أخت الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة لإقناعه بضرورة طرد الفلسطينيين من تونس وفعلاً استدعى بورقيبة الرئيس الراحل أبو عمار والزعيم المرحوم أبو إياد وأعلمهم بقراره القاضي بضرورة مغادرة الجمهورية التونسية. وتبعاً لذلك توجه الزعيمان أبو عمار وأبو إياد إلى الجزائر للاجتماع بالرئيس الشاذلي بن جديد لإعلامه بدقة الوضع ولإيجاد حل لهذه القضية.
ولا غرابة أن يسهر بن علي بعد انقلاب نوفمبر على توطيد العلاقة مع إسرائيل سواء كان ذلك في ميدان التعاون الأمني أو الاقتصادي والتجاري في كنف السرية التامة.
ويمكنني التأكيد جازماً وبكل فخر أن الفترة التي كنت فيها مسؤولاً عن الأمن لم يتعرض خلالها أي فلسطيني أو أي مسؤول إلى عملية اغتيال وذلك من 1980 إلى 1984. وكل المصائب التي حلت بالفلسطينيين كانت إبان مسؤولية بن علي، سواء على رأس الجهاز الأمني أو كمسئول أول عن النظام، ابتداء من الغارة الإسرائيلية عام 1985 في غرة أكتوبر أو اغتيال القادة أبي جهاد وأبي إياد وأبي الهول جانفي 1991. وأؤكد مرة أخرى أن العلاقات مع إسرائيل كانت مفقودة تماماً مدة رئاسة الرئيس الراحل بورقيبة.
وبالعودة إلى المقال الذي نشرتموه كان من الأنسب التأكد من صحة المعلومات المغلوطة قبل نشرها وخاصة مما نعلمه من ممارسات بن علي من توظيف القضية الفلسطينية في التهجم على خصومه من المعارضين التونسيين في الداخل والخارج واتهامهم بالعمالة للموساد، وهو الأمر الذي درجت على نشره الصحافة التونسية المأجورة والتي اتهمت المعارضين للنظام من أمثال الوزير الأول السابق محمد المزالي، ومحمد الصياح الوزير السابق ومدير الحزب الدستوري السابق، ومحمد العربي المحجوبي كاتب دولة للداخلية سابقا، والناشط الحقوقي المنصف المرزوقي، والصحفية المعارضة سهام بن سدرين، والصحفي كمال العبيدي، والصحفي سليم بقة وغيرهم كثيرون بمثل هذه التهم التي لا يصدقها أبسط المواطنين التونسيين.والدليل القاطع على تدهور الوضع العام بتونس يكمن في العدد الوافر من مساجين الموجودين بالسجون والذي لا يقل عددهم عن 2000 سجين من سجناء الرأي  وعدد المساجين السياسيين السابقين والخاضعين للمراقبة الإدارية اليومية إجبارية لمراكز الشرطة؛ وتقوم ميليشيا خاضعة لأوامر الشرطة باستخدام العنف في الاعتداء على محامين وصحافيين ومناضلين في مجال حقوق الإنسان وعلى أي شخص يُشتبه في أنه معارض للنظام، وتجري هذه الاعتداءات على نحو متكرر في الطرقات العامة.
وبما أن الأمر من أساسه لا أساس له، فالسؤال المطروح هو معرفة الأسباب الحقيقية لمثل هذه التصرفات غير المعتادة والتي أجزم أن محرضها والمشرف عليها وممولها هو رئيس الجمهورية التونسية الذي أتى إلى السلطة من أجل تدعيم القيم الأخلاقية وإنقاذ سمعة تونس وإشعاعها، وبعد أكثر من عشرين سنة من الحكم   اكتشف الشعب التونسي والدول الصديقة والشقيقة وكل المراقبين الأجانب أن بن علي، الذي أقر نظاماً بوليسياً جائراً وديكتاتورية اتسمت بالفساد والعبث والسرقات وظلت بعيدة كل البعد عن المدينة الفاضلة التي وعد بها الشعب التونسي، لا يتورع في معاملة معارضيه بكل شراسة، ناهيك عن أن عشرات الشباب ماتوا تحت التعذيب بشهادة المنظمات المختصة في هذا المجال،و التي ما فتئت تصدر تقارير تدين ما يتعرض له الصحافيون ومناضلو حقوق الإنسان من مضايقات ومحاصرة بوليسية دائمة متواصلة. مما أدى برئيس الولايات المتحدة الأمريكية أوباما إلى إدانة النظام التونسي فيما يتعلق عدم وجود حرية للصحافة وللصحافيين.
فالنظام التونسي يلجأ إلى هذه الأساليب الرخيصة التي يريد من خلالها تغطية عوراته وفضائحه في الفساد المالي وقضايا المخدرات التي ارتبطت بالعائلة الحاكمة وسرقة البواخر الفاخرة عن طريق التشهير بخصومه واتهامهم بشتى التهم. والغريب في الأمر أن بن علي هو الرئيس الوحيد في العالم العربي الذي يتهم خصومه بالتعامل مع الموساد فهل يا ترى التركيز على التهمة بالموساد هو من أجل تغطية شخص هو نفسه صنيعة الموساد أم أن الرجل مريض نفسانياً ويستحق طبيباً يعالجه من مرض فوبيا الموساد؟!  
أحمد بالنور  
(نُشر نص هذا الرد يوم 15 ماي 2010 على موقع « دنيا الوطن » الفلسطيني)

صراع على سلطة الانترنت في تونس بين المُدوّنين والرقابة


 ابتدع مدونون في تونس طريقة جديدة للاحتجاج على حجب عدد من المدونات والمواقع الإلكترونية عبر تنظيمهم ل »مظاهرة إلكترونية » شارك فيها الآلاف. ويعتقد إعلاميون في تونس أن الحجب يساهم في تعزيز دور المدونات والصحافة الإلكترونية. يخوض الآلاف من مستعملي الانترنت في تونس، منذ مطلع شهر مايو/أيار 2010، تجربة غير مسبوقة في التظاهر « افتراضيا » عبر الانترنت احتجاجا على منع وحجب مدونات ومواقع. حيث أسّس المتظاهرون موقعا الكترونيا خاصا أطلقوا عليه اسم « عمار 404 » ليكون فضاءً للتظاهر، كما اختاروا عبارة « سيّب صالح » التي تعني في اللهجة العاميّة التونسية « كفاية..أتركني وشأني » كشعار لحملتهم. لكن الموقع حُجب بعد ساعات من إطلاقه، ما حدا بالمحتجين إلى نقل  التظاهر إلى المدونات الشخصية وشبكات التواصل الاجتماعية ومن أشهرها  »فيسبوك ». وفي حوار مع دويتشه فيله قال الصحافي والمدون التونسي سفيان الشورابي وهو أحد المشاركين في حملة « سيّب صالح » أن « المظاهرة متواصلة إلى أجل غير مسمى وأن عدد المشاركين فيها وصل حاليا إلى 20 ألفا بينهم حوالي 350 مدونا يزودون مواقع الحملة بصور ومقاطع فيديو صمموها وأخرجوها خصيصا لهذا الحدث ». ولم يتسن التحقق من هذا الرقم لدى « الوكالة التونسية للانترنت »، وهي الجهة الرسمية المسؤولة عن قطاع الانترنت في البلاد. قصة « عمار 404 » وابتدع مدونون في تونس علامة « عمار 404 » ليرمزوا بها إلى جهاز الرقابة على الانترنت، والمثير أن « عمّار » اسم محدود التداول في تونس، غير أن بطلي اثنتين من أشهر المسرحيات الكوميدية التي استقرت في الذاكرة الجماعية للتونسيين منذ السبعينات (« الماريشال عمّار » و »عمّار بو الزوّر ») يحملان هذا الاسم. أما الرقم »404″ فهو ليس سوى الرقم الذي يظهر على شاشة الحاسوب كلما تعذّر النفاذ من داخل تونس إلى المواقع الإلكترونية المحجوبة. وفي هذا السياق اتهم مشاركون في حملة الاحتجاج الإلكترونية الوكالة التونسية للانترنت (هيئة حكومية خاضعة لإشراف وزارة تكنولوجيات الاتصال) بـحجب المدونات والمواقع الإلكترونية دون مبرر قانوني، ولم يتسن الحصول على رد رسمي على هذه الاتهامات. وفي حوار مع دويتشه فيله قال الصحافي والمدون التونسي زياد الهاني المعروف بتدويناته اللاذعة للسلطات التونسية أن ما يطلق عليه « عمّار 404 » حجب مدونته 60 مرة وأنه يعيد كل مرة فتح المدونة بنفس الاسم (« صحافي تونسي ») مع إضافة رقم يحيل على عدد مرات الحجب التي تتم حسب رأيه « دون سند قانوني ». وحسب سفيان الشورابي فإن حملة الاحتجاج « الكترونيا » اتسعت ولم تعد مقتصرة على المدونين وأوضح أن « فئات واسعة من مستخدمي الانترنت في تونس وخارجها انضموا للحملة من خلال بث رسائل على موقع حملة »سَيٍب صالح » يطالبون من خلالها برفع الحجب على المواقع الشهيرة لتبادل مقاطع الفيديو (يوتيوب، ديلي موشن، وات تي في) وتبادل الصور (فليكر) » حيث يتعذر النفاذ إليها من تونس الا باستخدام برنامج « البروكسي » الكاسر للحجب. المدونات بين الحرية والمحظورات ويعزو مراقبون أسباب اتساع حملة الاحتجاجات إلى ارتفاع وتيرة الحجب التي طالت في الآونة الأخيرة مدونات ومواقع شهيرة لا تهتم خصيصا بالشأن التونسي بالإضافة إلى مواقع تبادل الصور والفيديو. وكان عدد من مستخدمي الانترنت التونسيين قد أقدموا على توجيه رسالة مفتوحة إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو/أيار 2010) ، أكدوا من خلالها أن « حجب المواقع الإلكترونية بات أبرز عائق أمام حرية الإبحار على شبكة الانترنت انطلاقا من تونس ». واعتبر هؤلاء ،في الرسالة التي تناقلتها منتديات ومدونات الكترونية تونسية، بأن عمليات المنع التي تتم حاليا تتعارض مع الفصل الثامن للدستور التونسي ومع مقتضيات الميثاق العالمي لحقوق الإنسان. وفي ردها على الانتقادات تقول السلطات التونسية أنها لا تحجب إلا المواقع « الإباحية أو تلك التي تحرّض على الإرهاب والجرائم والعنف والكراهية والتطرف ». وفي خطاب وجهه للإعلاميين التونسيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة نفى الرئيس التونسي أن تكون وسائل الإعلام في تونس خاضعة للرقابة وقال أنه في تونس »لا رقيب على الإعلام والإعلاميين إلا رقابة الضمير واحترام القانون وأخلاقيات المهنة ومعاييرها ». وفي مؤشر على إقرار ببعض النواقص في المجال الإعلامي في تونس وخصوصا الإعلام الإلكتروني تعهد الرئيس التونسي في خطابه بـ »مواصلة العمل على مزيد من تكريس التعددية الإعلامية »، كما تعهد بالعمل على » تطوير المنظومة التشريعية للإعلام الإلكتروني بما يواكب التحولات التي يشهدها العالم في هذا المجال ». « سلطة » الانترنت في المجتمع ويرصد الخبراء تناميا ملحوظا لدور المدونات في تونس التي تشهد طفرة في مجال استخدام الانترنت، وحسب إحصائيات حديثة نشرتها وزارة تكنولوجيات الاتصال التونسية مؤخرا فقد فاق عدد مستعملي الانترنت 3 ملايين ونصف مليون شخص وهو ما يعادل حوالي 35 في المائة من عدد سكان البلاد، وما يساعد على انتشار استخدام الانترنت في تونس أن مواطنا من أصل عشرة في حوزته جهاز كمبيوتر، كما أن نسبة التعليم في هذا البلد تعتبر من بين الأفضل عربيا. ويؤكد خبراء وإعلاميون تونسيون أن الانترنت وسع من هوامش حرية التعبير في البلاد، وأصبح البعض يتحدث عن « سلطة » مستخدمي الانترنت وخاصة المدونّين رغم عدم توفر أرقام دقيقة حول أعدادهم (المدونين)، حيث أظهرت دراسة بعنوان « المدونات الإلكترونية وسلطة التدوين » أعدها الدكتور جمال الزرن، الباحث وأستاذ الإعلام بجامعة تونس أن دور المدونات يشهد تناميا قويا وقال أنها »فرضت نفسها كنمط جديد من الصحافة والنشر الإلكتروني » معتبرا أن قوتها الأساسية تكمن في كونها تمثل « صوت رجل الشارع دون أي تلوينات إيديولوجية أو رقابة مؤسساتية ». من جهته قال المدون والصحافي زياد الهاني إن « التدوين والتقنيات الحديثة للإتصال فسحت مجالات جديدة للتحرك بالنسبة للنشطاء السياسيين وهيئات المجتمع المدني، ووفرت فضاء ديمقراطيا للتعبير الحر استطاع أن يتحدى سلطة الرقيب » مشيرا بأن « حركة التدوين واستخدام الانترنت أصبحت تشمل فئات اجتماعية واسعة بعد أن كانت مسألة حرية الرأي والتعبير شأنا نخبويا ». حجب المدونات « يساهم في تزايد الإقبال عليها » وبخلاف ما يُعتقد فإن منع وحجب المواقع والمدونات « يساهم في تزايد الإقبال عليها » نظرا للرغبة المستمرة لدى شرائح واسعة من المجتمع في توسيع هامش حرية تدول المعلومات، لكن أيضا بفضل استخدام بعض التقنيات الحديثة في كسر عمليات الحجب ، كما يقول الصحافي والمدون زياد الهاني. وأشار الهاني في هذا الصدد بأن عدد المشتركين في موقع « فيسبوك » الاجتماعي أصبح الآن يناهز نصف مليون بعد أن كان عددهم 28 ألفا فقط قبل عامين. وكان موقع « فيسبوك »قد تعرض قبل عامين للإغلاق مدة أسبوعين وإبانها قام المدون زياد الهاني، الذي يعمل في جريدة « الصحافة » الحكومية، برفع دعوى قضائية ضد الوكالة التونسية للانترنت متهما إياها بـ « إغلاق الموقع دون سند قانوني »لكن المحكمة قضت بعدم سماع الدعوى. ولم يعد فتح
الموقع إلا بأمر من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي شخصيا.

الكاتب: منير السويسي – تونس مراجعة: منصف السليمي
(المصدر: موقع دويتشه فيليه (ألمانيا) بتاريخ 17 ماي 2010) الرابط:http://www.dw-world.de/dw/article/9799/0,,5569403,00.html  

تونس في دوامة الرقابة: «الـحـقّ مـع» الـمُـدوّنـيـن!!


آخر «إنجازات» الرقابة منع بثّ حلقة من برنامج ناجح يعرض على القناة الحكومية، في وقت أطلق الشباب التونسيون حملة تطالب بإلغاء حجب المواقع والمنتديات. تونس ـ سفيان الشورابي يبدو أنّ وزير الاتصال التونسي أسامة الرمضاني لا يأبه كثيراً بخطاب الرئيس زين العابدين بن علي الذي يكرّر بمناسبة أو بدونها، أنّه لا محرّمات في الإعلام التونسي. آخر «إنجازات» الوزارة، كانت منع بثّ حصة من برنامج «الحق معاك» (*)، بأمر من وزير الاتصال من دون توضيح الأسباب. هذا البرنامج الذي تعدّه شركة إنتاج خاصة لمصلحة قناة «تونس 7» الحكومية، ويقدّمه معز بن غربية، يهتمّ بالقضايا الاجتماعية ويعرض الخلافات التي تحصل بين المواطنين والجهات الإدارية. ويلقى البرنامج إقبالاً كبيراً. موضوع الحلقة التي فرض الوزير الرقابة عليها يتعلّق بمشكلة عمال «المركز الثقافي» في مدينة الحمامات الساحلية، المحرومين من حقوقهم المالية التي يكفلها القانون لهم. خلال تصوير الحلقة، تمكنت وزارة الثقافة من تسوية وضعية البعض من المتضررين في انتظار النظر في ملفات بقية العمال. الخلاف عادي ولا يثير القلق. غير أن وزير الاتصال الذي سمح لنفسه بمراقبة جميع حلقات «الحق معاك» قبل ساعات من بثها، قرر فرض رقابة على هذه الحلقة تحديداً من دون أن يبذل مسؤولو التلفزيون عناء تقديم مبرر أو حتى الاعتذار من الجمهور. إلا أن الأمر الأكثر غرابة الذي يرسم علامات استفهام، هو كون شركة «كاكتوس» التي تعد برنامج «الحق معاك» مملوكة من أحد أقارب الرئيس التونسي، وهو يحظى بنفوذ وحظوة لا حدود لهما، فما جدوى ممارسة رقابة على أحد الأطراف المقربين من الحكم؟ وفي وقت تزداد الرقابة يوماً بعد يوم على وسائل الإعلام، أطلقت مجموعة من الشباب التونسي حملة من أجل إلغاء الرقابة الإلكترونية التي تمارسها السلطات التونسية منذ سنوات. ومنذ أكثر من أسبوعين، يقوم عشرات الآلاف منهم بتحركات مختلفة تطالب بإلغاء عمليات الحجب التي تمارسها أجهزة الحكومة التونسية ضد المواقع والمدوّنات الإلكترونية المعارضة وحتى بعض المواقع المعروفة مثل «يوتيوب»، و«دايلي موشن»، و«فليكر»، و«الجزيرة.نت». وقد نشر العشرات من التونسيين على مدوّناتهم، وخصوصاً على «فايسبوك»، صورهم الشخصية مرفقة بلافتات تحمل عبارة «سيّب صالح» (وهي عبارة يتداولها التونسيون عندما يشعرون بالاستياء من تصرفات معينة). كما نشر آخرون مقاطع فيديو وصوراً تهزأ من عبثية عمليات الرقابة الممارسة. وقررت مجموعة من المدوّنين نشر رسالة موجهة إلى رئيس الدولة ذكروا فيها أن جزءاً من الشباب التونسي يشعر «بالإحباط بسبب حرمانه من الدخول إلى مواقعه الإلكترونية المفضلة. والبعض ممن أراد المشاركة في نقاش الشأن العام، تعرضت مواقعهم الشخصية إلى الحجب». وطالبوه بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة بحيث لا يحجب أي موقع بصفة غير قانونية دون الاستناد إلى قرار قضائي، وهو ما يتعارض مع الفصل الثامن من دستورنا والفصل التاسع عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان». والأكيد حتى الآن، أنّ هذه الحملة التي تخاض على شبكة الإنترنت تأتي في إطار تزايد الوعي لدى قسم من التونسيين للمطالبة بحقهم في التعبير وحرية الوصول إلى المعلومة… وخصوصاً أن الحجب لا ينفصل عن سياسة عامة تنفّذها الحكومة التونسية لمحاربة حرية الرأي. (*) ملاحظة من تحرير « تونس نيوز »: يمكن التأكد من حجب حصتي 1 افريل 2010 و6 ماي 2010 من برنامج « الحق معاك » أيضا من خلال غياب تسجيل الحصتين عن الموقع الرسمي للبرنامج الذي يتضمن تسجيلات فيديو لجميع حلقاته منذ انطلاقته عام 2009. (http://www.elhakmaak.com)  
(المصدر: « الأخبار » (يومية – بيروت) بتاريخ 17 ماي 2010) الرابط: http://al-akhbar.com/ar/node/189912


القيادات النقابية أمام استحقاق صعب: التمديد أو التداول


محمد الحمروني يقترب اتحاد الشغل يوما بعد يوم من استحقاق المؤتمر الوطني الذي ينبغي عقده في السنة المقبلة بحسب دورية المؤتمرات. لكن لا أحد يتحدث عن هذا الإستحقاق لسبب يعلمه الجميع ولا يُصرحون به وهو الفصل العاشر من القانون الأساسي للاتحاد، الذي يحرم غالبية أعضاء المكتب التنفيذي الحالي من التمديد. وفي هذا الإطار شدّت نبرة الإشادة غير المسبوقة التي اتسم بها خطاب الأمين العام للاتحاد السيد عبد السلام جراد بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل انتباه المتابعين للشأن النقابي. وكثرت محاولات النبش في خلفيات هذه النبرة غير المألوفة وتعددت القراءات التي يقول أصحابها إنهم يستندون فيها على ما تسرب من معطيات عن اللقاء الأخير الذي جمع مسؤولين كبارا في الدولة بالأمين العام للاتحاد.
إحدى تلك القراءات تقول إن جراد تلقى الضوء الأخضر للمضي قدما في عقد مؤتمر استثنائي للاتحاد يمكّن القيادة الحالية من تخطي عقبة الفصل العاشر الذي ينص على تحديد الدورات النيابية لأعضاء المكتب التنفيذي بدورتين فقط. ويرى هؤلاء أن نبرة الإشادة العالية التي صبغت خطاب جراد الأخير بسوسة قد تكون تعبيرا منه عن امتنانه لأصحاب القرار الذين قد يكونوا قرروا مواصلة المراهنة عليه كأمين عام لمدة نيابية إضافية. في المقابل تذهب قراءة أخرى إلى القول بان جراد خرج بانطباع غير جيد من اللقاء الذي جمعه بكبار المسؤولين، في إشارة إلى ما تردد من أن الجانب الحكومي لم يحسم على ما يبدو أمره في ما يخص المؤتمر الاستثنائي، وبالتالي في ما إذا كان سيواصل المراهنة على القيادة الحالية مدة نيابية أخرى أم لا. ويقول أصحاب هذا الرأي إن اللقاء الأخير بين الجانبين اقتصر على النظر في كيفية وضع حد للمسار المتصاعد الذي اتخذته القضية التي رفعها الاتحاد في فرنسا لمقاضاة قتلة فرحات حشاد. وهو مسار من شانه توتير العلاقات مع الجانب الفرنسي في وقت يسعى فيه الجانب الحكومي بكل جهده إلى ضمان دعم باريس في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي من اجل الحصول على المرتبة المتقدمة من الشراكة.
واعتبر بعض النقابيين أن مطالبة الدولة بتأجيل النظر في موضوع المؤتمر، إذا صحت، دليل لا فقط على أن السلطة لم تحسم أمرها بعد في هذا الخصوص، ولكن على أنها قد تكون مراهنة على قيادة بديلة، خاصة في هذه الفترة التي ارتفعت فيها حدة الاحتقان الاجتماعي، وهو احتقان مرشح للتصاعد أكثر في المستقبل.  
ضوء أخضر؟
غير أن التوجه النقابي العام يميل إلى الاعتقاد بان القيادة الحالية حصلت على ضوء اخضر فعلي من السلطة في علاقة بالفصل العاشر وأنها تعد الآن « لأمر ما » لم يحدد بعد، ولكنه يصب في اتجاه البحث عن تجاوز الإشكالات التي خلقها هذا الفصل. ويستدل هؤلاء بالندوة التي عقدها قسم النظام الداخلي مؤخرا بالحمامات وحضرها نحو 38 من مسئولي النظام الداخلي بالاتحادات الجهوية والقطاعية، وهي الندوة التي راج بين النقابيين أنها شهدت نقاشا حادا ورفضا كبيرا لتضمين مناقشة الفصل العاشر ضمن جدول أعمالها. فهل سيقع اللجوء إلى مؤتمر استثنائي لتجاوز مسالة الفصل العاشر؟ وما هي المبررات التي ستقدمها القيادة النقابية لدعوتها لعقد هذا المؤتمر؟
هناك اعتقاد يبلغ درجة اليقين في صفوف النقابيين مفاده أن القيادة النقابية تعد العدة للذهاب إلى مؤتمر استثنائي لتجاوز أزمة الفصل العاشر، وأنها قد تعتمد في دعوتها إلى عقد هذا المؤتمر على حالة الشغور الحاصلة في المكتب التنفيذي، خاصة بعد انتقال الأمين العام المساعد محمد الطرابلسي إلى العمل في مصر والظروف الخاصة التي يمر بها بعض أعضاء المكتب واستعداد البعض الآخر للمغادرة في حال تناسبت العروض المقدمة لهم مع ما يطمحون إليه. وهي ستعتمد في ذلك على ما ينص عليه النظام الداخلي من انه في حال « حدوث شغور بين أعضاء المكتب التنفيذي الوطني يبلغ أغلبية أعضاء المكتب تقع الدعوة إلى مؤتمر استثنائي من قبل الهيئة الإدارية في اجل لا يتجاوز ثلاثة اشهر ».  لكن الوضع الحالي لا يشير إلى احتمال الوصول إلى ذلك الوضع، خاصة في ظل الإنسجام (الظاهري على الأقل) بين أعضاء القيادة.
ولكن القيادة النقابية قد تمضي في الدعوة إلى هذا المؤتمر حتى لو لم يحصل شغور وفي هذه الحالة ستكون مضطرة إلى الاعتماد على الفصل الخامس من النظام الداخلي الذي ينص على أن المؤتمر العام الاستثنائي ينعقد بمطلب كتابي من ثلثي أعضاء المجلس الوطني . وتتولى اللجنة الوطنية للنظام الداخلي التثبت من صحة الطلب وقانونيته في ظرف شهرين من تاريخ تسلمها للملف وترفع تقريرا إلى المكتب التنفيذي الذي يدعو وجوبا الهيئة لإدارية إلى الانعقاد في اجل لا يتجاوز شهرا. وفي حال إقرار الطلب من قبلها يدعو المكتب التنفيذي وجوبا المجلس الوطني إلى الانعقاد قصد تحديد موعد المؤتمر الاستثنائي في اجل لا يتجاوز شهرين من تاريخ انعقاده. ويصدر المكتب التنفيذي الوطني بلاغا في ذلك قبل انعقاد المؤتمر بعشرين يوما على الأقل ويفتح باب الترشح لمدة عشرة أيام كاملة.
وتبرز هذه المقتطفات من النظام الداخلي التعقيدات الإدارية والقانونية التي تفرضها الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي وخاصة الآجال القانونية الواجب احترامها في حال قررت القيادة الحالية خوض التحدي القادم وفق ما يفرضه القانون الأساسي والنظام الداخلي للاتحاد.  ولذلك تذهب بعض الآراء في الساحة النقابية إلى الاعتقاد بان الوقت بدأ يضغط على القيادة الحالية، فلم يتبق على دخول سنة 2011، وهي السنة التي من المفترض أن تشهد عقد المؤتمر العادي القادم للاتحاد إلا 8 اشهر، وهي بالكاد ستكون كافية للقيام بكافة الخطوات القانونية لعقد مؤتمر استثنائي.
وتعتبر بعض الأوساط النقابية أن القيادة الحالية عليها في حال قررت الذهاب إلى مؤتمر استثنائي أن تقوم بذلك قبل دخول سنة  2011، لان أية محاولة لعقد المؤتمر بعد نهاية سنة 2010 ستواجه برفض أشد من قبل النقابيين الذين سيرون في عقد مؤتمر استثنائي قبل اشهر من الموعد المقرر للمؤتمر العادي نوعا من المناورة، بل إن عقد المؤتمر سنة 2011 ينزع عنه صفة الاستثنائية.
سيناريو المباغتة  
سيناريوهات أخرى يقع تداولها بين النقابيين تذهب إلى إمكانية أن تلجأ القيادة الحالية للاتحاد إلى اللعب على عنصر المفاجأة وفرض الأمر الواقع، دون اللجوء إلى مؤتمر استثنائي، وذلك بالمضي في عقد المؤتمر القادم في موعده على أن تتم الدعوة في أول جلساته، واستنادا إلى مبدإ أن المؤتمر سيد نفسه، إلى قبول جميع الترشحات، وتأجيل تطبيق البند العاشر إلى المؤتمر التالي، وفي هذه الحالة سيقع اللعب على التوازنات داخل المؤتمر. ولا توجد سوابق تاريخية يمكن الاستناد إليها في مواجهة الوضعية الحالية التي يواجهها الاتحاد والتي يمثل مطلب التغيير والتداول ابرز سماتها. ففي السابق كانت القيادة النقابية تجدد نفسها بشكل تلقائي بسبب المواجهات التي كانت تدور بين الاتحاد والسلطة والتي كانت تتم بصفة شبه دورية بمعدل عشر سنوات. وكانت آخر مواجهة جدية وشاملة بين الاتحاد والسلطة تعود إلى سنة 1984 وهو ما يعني أن علاقة الاتحاد بالسلطة ظلت طيلة 26 سنة الماضية من دون تشنجات كبيرة. وهو ما سمح للقيادة الحالية بالاستمرار على راس الاتحاد مدة هي الأطول في تاريخ قيادة الاتحاد منذ تأسيسه، حتى أن بعض أعضاء المكتب التنفيذي الحالي يعود تاريخ صعودهم إلى هذا الهيكل إلى سنة 1984.
بين الاستثنائي والعادي ومصير الفصل العاشر الذي اقره مؤتمر جربة (الاستثنائي هو أيضا) تتوزع أحاديث النقابيين وهمومهم في « حلهم وترحالهم » حتى باتت هذه القضايا هاجسهم الأول في ظل الفراغ الذي تعيشه الساحة النقابية.  فهل ستخرج القيادة النقابية عن صمتها وتضع النقاط على الحروف إما بتأكيد ما يتردد أو بنفيه؟ أم أنها ستظل تتجنب الخوض في هذه المسالة وتترك الساحة فريسة للتكهنات والتسريبات؟
إطار منفصل ستة مؤتمرات استثنائية  
تاريخيا شهد الاتحاد انعقاد 6 مؤتمرات استثنائية خصصت كلها للنظر إما في تنحية أو تنصيب أمين عام جديد. ففي 22 سبتمر 1957 انعقد أول مؤتمر استثنائي، وهو المؤتمر السابع في تاريخ الاتحاد، وتمت خلاله إزاحة احمد بن صالح وانتخاب احمد التليلي أمينا عاما جديدا. وفي 31 جويلية 1965 عقد المؤتمر الاستثنائي الثاني وتمت خلاله تنحية الحبيب عاشور على اثر ما عرف حينها بقضية الباخرة التي احترقت وكانت على ملك إحدى الشركات التابعة للاتحاد وراح ضحيتها بعض الأجانب، قبل أن يعاد عاشور إلى القيادة في مؤتمر استثنائي آخر عُقد في 29 ماي 1970. وعلى خلفية الاضراب الذي شهدته البلاد يوم 26 جانفي 1978 تمت تسمية قيادة منصبة برئاسة التيجاني عبيد على رأس الإتحاد . ثم عادت القيادة الشرعية إلى مواقعها، وفي 29 افريل 1981 تم خلال مؤتمر استثنائي انتخاب الطيب البكوش أمينا عاما للاتحاد بسبب اعتراض بورقيبة على عودة عاشور، لكن بعد ستة اشهر تم انتخاب عاشور رئيسا للاتحاد خلال المجلس الوطني الذي انعقد في نوفمبر 1981 قبل أن تقع إزاحته مجددا على اثر أحداث الخبز لسنة 1984. وبقي عاشور خارج الإتحاد إلى أن تم انتخاب إسماعيل السحباني أمينا عاما سنة 1990. وفي 2001 شهد الاتحاد آخر مؤتمر استثنائي بجزيرة جربة وهو المؤتمر الذي تمت فيه تنحية السحباني على خلفية محاكمته بتهمة التلاعب بأموال الاتحاد وخيانة مؤتمن وانتخاب عبد السلام جراد أمينا عاما جديدا.  
ويبرز هذا الإستعراض التاريخي للمؤتمرات الاستثنائية أنها كانت كلها تتعلق إما بإزاحة الأمين العام أو بإعادته إلى منصبه. ولذلك فان السؤال المطروح اليوم هو هل أن المؤتمر الاستثنائي القادم في حال تمت الدعوة له سيكون هدفه تجاوز المأزق الذي وقعت فيه القيادة الحالية للاتحاد بسبب الفصل العاشر أم انه سيكون مؤتمرا استثنائيا « تقليديا » هدفه التمديد للامين العام؟  


الاتحاد التونسي للشغل الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالمتلوي لائحة إضراب  


تعلم النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالمتلوي’ انه ونظرا لما يتعرض له الزملاء من عنف مادي ومعنوي مبرمج من طرف التلاميذ والأولياء وفي ظل صمت الإدارة الممنهج وهشاشة النظام التأديبي الذي أفرزا جيلا مستهترا’ خاصَة وإنها تعددت الحالات بل تزايدت ونكتفي بالذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر ما تعرَض له: – الزميل أحمد فجراوي من كيد الأولياء. – الزميل عبد الكريم عانسي من عنف مادي من طرف تلميذ وقضية كيدية من طرف الولي. – الزميل ميلاد نتيشة من قضية كيدية من طرف ولي . – الزميل صالح خالدي من عنف بدني من طرف تلميذ. ونظرا لانعدام الإجراءات الردعية والبحث في أسباب هذه الظاهرة البشعة تبادرنا مرَة أخرى حلقة جديدة من هذه السلسلة الكارثية والمتمثلة فيما تعرَض له الأخ عادل حمَي من إساءة بالغة وعنف لفظي شديد من طرف تلميذة دعمه الولي بقضية كيدية مرفوقة بشهادة طبية مفبركة 21 يوما من طبيب نفسي وحملة تضليلية يحاول من خلالها المساومة ودفع الزميل إلى التراجع عن القرير في شأن منظورته. لذا تقرَر الدخول في إضراب احتجاجي كامل يوم الخميس 20/05/2010 بالمدرسة الإعدادية المتلوي وارتداء الشارات الحمراء ابتداء من يوم الثلاثاء 18/05/2010 أما بالنسبة إلى بقية المعاهد بالمتلوي تقرَر الدخول في وقفة احتجاجية لمدة عشرين 20 دقيقة من الساعة عاشرة صباحا إلى العاشرة وعشرين دقيقة الموافق ليوم الخميس 20/05/2010 . إنَ نضالية قطاع التعليم سيشكل دوما درعا لحفظ كرامة المدرس وذلك بتوخي الحزم اللازم في مقاومة التسيب والعنف في الوسط المدرسي وتوفير الظروف المادية والمعنوية المناسبة حتى يؤدي المدرس رسالته. عــــــــــاشت نضـــــــــــــــلات الأساتذة منير بنظريفة عضو النقابة النقابة الجهوية للتتعليم الثانوي بقفصة — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux

 


مكتب جديد بالاتحاد المحلي للشغل بسجنان


بعد سعي دؤوب و محاولات عديدة ، تمكن النقابيون بجهة سجنان عقد مؤتمر الاتحاد المحلي للشغل تحت اشراف المكتب الجديد للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت يوم الأحد ماي  2010 شارك في المؤتمر 24 نائبا بينما تنافس المترشحون العشرة على سبع مقاعد كانت من نصيب الأخوة, رضا العسلي  كاتب  عام ( التأطير و الارشاد) مبروك المي ( تعليم ثانوي) لطفي المعلاوي (عملة التربية ) عمر النفزي ( التبغ و الوقيد) محمد القاسمي ( الصحة ) علي بن مصطفى ( ديوان الشمال الغربي ) فتحي المنديلي ( ديوان الشمال الغربي) بعد مؤتمرات ماطر و منزل بورقيبة و سجنان، يتساءل النقابيون بجهة منزل جميل عن الأسباب الكامنة وراء عدم إصدار بلاغ مؤتمر الاتحاد المحلي بمنزل جميل رغم انتهاء الفترة النيابية للمكتب القديم مند خمس سنوات تقريبا و وجود مقر لائق على ملك الاتحاد العام التونسي للشغل بضاحية منزل جميل. نداء الى أعضاء المكتب الجديد للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت للتعجيل بانجاز مؤتمر بمنزل جميل، ينبثق عنه مكتب محلي يدافع عن مطالب أكثر من 1500 منخرط  موزعون بين جرزونة و منزل جميل. فهل من مجيب .  

نقابي من بنزرت


ضياع في تونس.. قصة واقعية

 


أحمد المديني خلافا لما يوحي به عنوان هذه القصة، فأنا لا أحب الضياع بتاتا. إنني مخلوق ميّال، أو صرت ميالا، إلى السكينة والاستقرار، لا أغادر الحي الذي أقيم فيه إلا لماما، ومن أبنائه من يضبط الساعة على مواقيت ظهوري. من كثرة ما امتلأ كوكب الأرض بالبشر، واكتظت الطرق بالسيارات والحافلات، بتّ أخاف من التنقل في الزحام، كما لا أفهم كيف يمتطي كل بني آدم سيارة بمفرده، ويمضي بها وهو يتميز من الغيظ، يشتم، ويبصق، ويلعن اليوم الذي جاء فيه إلى هذه الدنيا، ويتعجب من أين اندفعت هذه الخلائق مرة واحدة، لتسد عليه الطريق. 2 في شبابي كنت مولعا بالسفر، وحملني رأسي وهوسي الطائران آنئذ إلى لندن، التي يسميها العرب عاصمة الضباب، وكانت سماؤها صافية في ذلك الأسبوع. أول ما فكرت في زيارته هو حي سوهو.عرفته من قراءتي لرواية لكاتب إنكليزي يدعى كولن ولسن، عنوانها: ‘ضياع في سوهو’. تجولت في أزقته الوسخة نهارا، وتفرجت على دكاكينه، وفي الليل هبطت إلى بعض أقبيته حيث العربدة وموسيقى وألوان صاخبة. أذكر أن ما ضيّعته فيه حقا هو هدوء دماغي، وجنيهات ابتزت مني، وحقيبة يد اختطفها لص عابر، وفي الأخير ثقتي بهذا الكاتب الذي لم يكن إلا موضة نقلناها مبهورين إلى العربية، دأبنا دائما مع الموضة! 3 بقيت أسافر عمرا كاملا، أنتقل بين البلدان، كأني إيزيس تجمع أشلاء زوجها أوزريس، وفي كل مرة أقول إنها الأخيرة، يلزم أن أضع حدا لنهمي من ملذات الحياة، فهي لا تنتهي، والإنسان فانٍ، عليه ادخار نفسه لما هو أهم. لكن ما هو الأهم؟ وبينما لا يتوقف بحثي عن جواب للسؤال، كنت أواصل الترحال في البلاد، وفي الأجساد، أيضا، عشّاقٌ ملاّلٌ أنا، لم أعرف الجوع يوما، إنما لا شيء يشبعني كذلك، وهذا لا يفهمه رجال ونساء كثيرون عاشرتهم، يقنعون بما تيسر، فيما أشعر أني كلما كررت تجربة سأضيع كما في الماضي، لذلك أقول كفى، لذلك قررت من بين أمور أخرى، مثلا، أن أتوقف عن السفر، ولو على سبيل التجربة. 4 منذ أسبوعين وصلتني دعوة من تونس للمشاركة في ندوة ثقافية. ترددت طويلا قبل الرد لأن أغلب هذه المناسبات مضيعة للوقت، ومسرح فرجة للثرثرة والنرجسيات، ولأن السفر إلى أي بلد عربي محفوف بأي شيء يمكن أن يداهمك. كان المضيف لطيفا، ولي معرفة سابقة بالمكان، وموضوع الندوة لا يخلو من أهمية، فقررت وضع حد لخمولي، وإلا سيتحول إلى وسواس. قرأت أن الخوف من الضياع فوبيا، وإذا استسلمت له سأحتاج إلى مساعد في كل حركة إلى الخارج. ثم إن مدينة قابس مقر الندوة، سكانها طيبون، وهي فسيحة، بين الساحل والصحراء، والواحات القريبة منها تفتح النفس على الطبيعة والسكينة، وهذا بعض حاجتي. 5 لكن ذكرى محددة من زيارة سابقة لقابس أدارت رأسي. تقع المدينة على الساحل الشرقي لتونس، أي على البحر الأبيض المتوسط. من نافذة غرفتي كنت أشرف على البحر حين رأيت شخصين يمشيان على رأسيهما. هما عاقلان لا بهلوانان، وأنا أعرفهما، ولما واصلا سيرهما فكرت أن الأرض إما انقلبت وإما رأسي هو المقلوب. قضيت وقتا لا أميز، وما أزال، رغم أن أولاد البلد أفهموني أن هذا طبيعي، لأني اعتدت رؤية موقع المتوسط في الشمال، وهم يرونه في الشرق، ليس غير. بعد ذلك ضعت في قابس، وذكراها عندي ضياع. 6 عاد خوف آخر ينتابني من تلبية الدعوة. مذ متى لم أزر تونس؟ وجدتها سنوات ممتدة ورائي. خفت من ذاكرتي. خفت في الحقيقة من ذكرى محددة جعلت بلدا بأكمله يشخص فيها. ما هو بشعر، وإنما هي امرأة احتك ذراعانا صدفة بالسوق العربي بالعاصمة، واعتذرنا لبعضنا في وقت واحد، فتشابكت عيوننا، وما أذكره بعد ذلك هو أني سرت خلف ملحفها الأبيض، أقتفي خطوها بين أزقة وممرات إلى أن ولجت بويبة وهنا التفتت فتبعتُ نظرتها، ولا أعرف كم قضيت في عرصتها الخفية، ولا أين تقع، عجزت عن الجواب بعد أن عثر عليّ مضيفيّ أسبوعا بعد ذلك وأنا في حالة هذيان أقول لهم إن بلدكم يخطف فيه الجان الإنسان! 7 في مرة سابقة، هي الأخيرة، ذهبت إلى مدينة في جنوب تونس. ركبت مع مسافرين آخرين سيارة أجرة. كلما قطعنا عشرين كلمترا يوقفنا الدرك ليتحقق من هويتنا والسائق يضرب أخماسا في أسداس. أوقفنا ربما عشرين مرة، لا أجرؤ على أن أسأل ما يجري، بينما الركاب وجوههم صفراء. ظننتني سمعت من يأمرني: ‘عليك أن تخاف مثل هؤلاء، أو سنضطر لتخويفك!’. طلب الدرك من السائق أن يغير وجهته، فمضينا في طريق محفور، مترب، وأشعرنا المرعوب بعد ساعة أنه ضائع، وبعد ساعة أن هناك أملا ً، وبعد ساعة دركٌ جدُدٌ يسألوننا لماذا نسلك طريقا جانبيا، ولم أخف حين سألوني عن هويتي، لأني كنت نسيتها! 8 حين انتهت ندوتي في قابس ركبت القطار الصباحي المتجه إلى العاصمة. كان هناك عدد كبير من المسافرين، وقاطرتي مكتظة. إلى جواري جلست سيدة ترتدي بنطلونا وتضع على عينيها نظارتين سوداوين. لم أسمع تنفسها، رأيتها في قاعة الندوات مع الجمهور، لا تكف تظهر وتختفي، لا تكلم أحدا. غفوت دقائق ولما فتحت عيني لم أجدها. بحلقت هنيهة أمامي، استدرت، لكني لم أجد أحدا في قاطرتي. مر بي جابي التذاكر فسألته عن المسافرين. نظر إلي متعجبا، قائلا إني المسافر الوحيد منذ مدينة صفاقس، وسنصل بعد قليل إلى قابس. ماذا؟، لكن وجهتي العاصمة. ـ من الأفضل أن تنزل إلى الجنوب، لأنك في الشمال ستضيع، كالعادة! 9 لما أعلمت صديقي بن يوسف بنيتي السفر إلى تونس لم يملك نفسه من العجب: ـ وبلدك المغرب، الذي لم تزره منذ سنوات؟! سهمتُ فرشّني بماء، ظنني أغيب، فعدت إليه متلعثما: ـ ال..مغ..رب؟ م..غ..ر..ب؟ ولكني في المغرب، هه! ثم أين يقع المغرب، هه؟ ثم إني شاهدت في التلفزيون أن مغربك سيُفوَّت إلى شركات أجنبية تستثمر فيه أنواعا مستحدثة من البشر والمزروعات، و.. فقاطعني بن يوسف: هذا هذيانك، أنت هنا ولست هنا، وسواء ذهبت إلى تونس أو إلى المريخ فلن تعثر إلا على ضياعك؛ أنصحك ابق هنا ولنتعاشر حول ما لم نجده! 10 كان يجدر بي أن أتبع نصيحته، إذ لما نزلت في محطة قطار تونس العاصمة لم أجد من توقعته ينتظرني. رأيت ركابا ينزلون من قاطرات أخرى، وهم يسرعون وفي الخارج يختفون في سيارات وحافلات وعربات ترمواي وشاحنات يقفزون إليها أو يُلقون بداخلها مع أناس آخرين عابرين أو مسحوبين من رؤوسهم وأرجلهم، وفي الجو دخان وغبار، أو هكذا خُيِّل إليّ، فتذكرت طبيبي النفسي الذي نبهني إلى أن كثرة التفكير في القهر يورث الغمّ، وقد يدفع إلى الرأس خيالات وسيناريوهات فتختلط على الواحد الحقيقة بالخيال، وقد يخرجه لا قدّر الله من سوق رأسه.! 11 لكني كنت متأكدا من وجودي بتونس، وليس بأي عاصمة أخرى، وهذا ببساطة لأني رأيت بأم عينيّ صورة كبيرة لرئيس دولة هذا البلد منصوبة في ساحة أمام المحطة، ثم رأيتها معلقة في كشك صحف، هي ذاتها في الصفحة الأولى، وطار الشك لما سمعت غناء صليحة تهدهد النهار قبل الليل من مذياع قريب، ثم لما نزلت من التاكسي في شارع بورقيبة، فغمرتني موجات عاتية من النساء والفتيات، غاديات رائحات، بألبسة خفيفة، ووجوه حسنة التقاسيم، وحركات مرحة، وهن واثقات من غنجهن، يُغِظن شبابا منتشرين على أرصفة المقاهي يتحاورون بلغة الشتائم، وهم يرشقنهن بالغزل البذيء؛ قلت أين يوجد هذا الرونق إلا هنا في..؟ 12 ‘صلِّ على النبي! صلِّ على النبيّ!’ دارت الأرض، والله، بي، الزقاق المتفرع عن شارع بورقيبة امتد عنقَ زجاجة دخلت فيها ( هل خرجت؟). دارت السماء فوق رأسي، أم صرت أسبح في علاها، وعلى شباك فسيفسائي القضبان ركزت النظر لأحافظ قليلا على توازن اختل، أقبض بقوة حزام حقيبتي كي لا أفقد الجاذبية. الماضي والحاضر والمستقبل اجتمعت كلها في هالة استوقفت المارة، وأنا منهم، فخروا رُكّعا سُجّدا لها. فركت عيني لأميز صحوي من المنام، فما عرفت من الصحو إلا أنهما انشدّتا إلى الهالة، ربما انقذفتا عليها، قد خرجتا من محجريهما، وغادرتا الوجه الذي يحملهما، والجسد ما عاد الجسد، تلاشى، أو بقي واقفا في فراغ الزمان والمكان، لا شيء بعد! 13 أحسست بيد تمسك بي، لتقيني من السقوط في اللاشيء. كانت يد عبد الرحمن ( الربيعي). انتبهت أنها يده: ها ( أبو حيدر) أنت هنا! تأكدت مجددا من وجودي في تونس، فها هو البلد الوحيد وأهله الذي يؤويه بعد أن ضاعت بلاد كان اسمها العراق. ـ على رسلك أبو شهاب، ألم تسمع الصوت: ‘صلِّ على النبي!’، هل ضاع لسانك، وقد انعطف منك قلبك، أم نزلت على عينيك غشاوة؟! في المرة الثانية، وكمن يدعم جدارا آيلا للسقوط أحاط ذراعه بذراعي، أكاد أرتخي عليه بجسد متداع، بينا عنقي ملتو كله إلى الخلف، إلى الجهة التي صدر منها العجب. ـ يا بوشهاب، ألم تسمع ‘صل ِّعلى النبي!’، أنت الذي كلك حس وإحساس، لبِّ أولا، لبّ! 14 كنت قبلئذ قد انخلعت من جسدي. هذه امرأة، لا بل جبل وبركان وإرم ذات العماد، والحسن الذي تشبّه به القمر. يراني عبد الرحمن أذهب إليها والجنون قدامي خارج من عيني. أراني جمعت عطشي وجوعي وشبقي وأشواقي، إيماني وقلقي، وأهوال أحلامي ودخلت بحرها أخوض عبابها، أتخبط في موج عرقي، لما لم يبق بيننا إلا شعرة هتفت: ‘صلّ على النبي!’ وفي جوفي ‘اللهم صلّ عليك يا رسول الله’ لا تخرج، ولا أي كلمة تقال أو تنفع، ..إلا صوت جابي القطار يطلب مني: انزل يا أستاذ، وصلنا إلى تونس، إنها نهاية الرحلة!

(المصدر: « القدس العربي » (يومية – لندن) بتاريخ 17 ماي 2010)


السينما التونسية: على أعتاب الكروازيت


سفيان الشورابي تونس غائبة عن «كان»، والغياب يطرح أكثر من سؤال: السينما التي عرفت نهضة في العقدين الأخيرين، وتبوّأت موقع الصدارة في السينمات العربيّة البديلة، تعيش حالة من الانحسار والتراجع. ما أبعدنا عن السنوات التي كان فيها المهرجان العريق يحتفي بمفيدة التلاتلي مثلاً، كما فعل عام 1994 حين منحها «الكاميرا الذهبية» عن باكورتها الروائيّة «صمت القصور». وقبلها شارك فريد بو غدير بـ«الكاميرا العربيّة» (١٩٨٧)، وقبلهما عبد اللطيف بن عمار الذي شارك في 1970 بشريطه الروائي «حكاية بسيطة كهذه»… قيل الكثير عن تنازلات فكريّة وجماليّة حملت بعض المخرجين التوانسة في العقدين الماضيين، إلى «كان». هذا نقاش آخر طبعاً، لكنّهم حضروا على الأقل. هذه السنة، السينما التونسيّة يقتصر حضورها على «سوق الفيلم»، حيث تشارك خمسة أعمال: «الدوّاحة» لرجاء عمّاري، و«آخر ديسمبر» لمعزّ كامون، و«لتحيا السينما» لمختار العجيمي، و«النخيل الجريح» لعبد اللطيف بن عمار و«جرجيس» لمحمد الزرن. لمدة طويلة، ظلّت تونس سبّاقة في مجال «التجريب» السينمائي. والأعمال القليلة التي تزخر بها المدونة السينمائية، اشتغل عليها مخرجوها لتبقى راسخة في البال. إلا أنّها اليوم عاجزة عن المنافسة، وتعاني مشكلات هيكليّة، يبدو أنّ حلها لن يكون في المدى المنظور. الحصاد لا يتجاوز أصابع اليد رجاء عمّاري ومعزّ كامون ومختار العجيمي وعبد اللطيف بن عمار ومحمد الزرن في «سوق الفيلم» الواحدة بالنسبة إلى السينما الروائيّة الطويلة الموجودة في «سوق الفيلم»، وبعضها خرج لتوّه من المختبرات المونتاج. هذه المشاركة تهدف إلى استغلال فرصة وجود عشرة آلاف مشارك يمثلون أربعة آلاف شركة إنتاج، قادمين من مئة دولة، للتعريف بجديد الصناعة السينمائيّة وإيجاد أسواق واتفاقات عروض… وفي سبيل تعويض ضعف المشاركة التونسيّة، بادرت النقابة الوطنية لمنتجي الأفلام ـــــ وهي التي تكفّلت بمصاريف سفر الوفد التونسي إلى كان ـــــ إلى تنظيم حملة «سياحية» لتشجيع المخرجين على تصوير أعمالهم في تونس. ألم يصوِّر جورج لوكاس مشاهد من فيلمه «حرب النجوم» في الجنوب التونسي؟ وهو ما فعله ريبرتو بينيني في «النمر والثلج»، وعشرات السينمائيين الكبار خلال العقود الثلاثة الماضية… فهل خلاص السينما التونسيّة هو في استدراج أفلام عالميّة إلى التصوير في تونس؟ وماذا عن الإنتاج المحلّي: كيف يخرج من عنق الزجاجة ويستعيد ألق التسعينيات البعيدة؟  

 
(المصدر: صحيفة « الأخبار » (يومية – بيروت) الصادرة يوم 17 ماي 2010)


تفاصيل مشروع القانون المتعلق بإرساء نظام جزائي خاص بالشبان


انتهت وزارة العدل مؤخرا من صياغة مشروع القانون المتعلق بإرساء نظام جزائي خاص بالشبان الذين سنهم بين 18 و21 عاما في إطار ما أقره البرنامج المستقبلي لرئيس الدولة من ترسيخ متواصل لحقوق الإنسان عبر تدعيم المنظومة الجزائية التونسية بالآليات الكفيلة بتعزيز تفريد العقوبة وإعطاء أوفر الحظوظ للمتهم الذي سنه بين 18 و21 عاما للإصلاح وإعادة الاندماج في المجتمع.  ومن المعلوم أن درجة المسؤولية الجزائية في القانون التونسي تختلف باختلاف المرحلة العمرية للفاعل إذ يقر مبدأ عدم المؤاخذة الجزائية بالنسبة إلى الطفل الذي لم يبلغ من العمر 13 عاما كاملة. ويخضع الأطفال الذين تجاوزوا 13 عاما ودون 18 عاما إلى مجلة حماية الطفل. أما الشبان الذين تجاوزوا سن 18 عاما فإنهم يخضعون إلى الأحكام الجزائية المنطبقة على الكهول بمجرد الخروج من مرحلة الطفولة، والحال أن هذه المرحلة الانتقالية الحساسة تتسم بعدة خصوصيات تساهم في التأثير على شخصية الشاب. لذلك تضمن المشروع أحكاما جزائية خاصة بالشبان الصغار من الفئة العمرية (18ـ21) تهدف إلى إرساء نظام جزائي خاص بهم يسمح بالمرور التدريجي من وضعية الطفل إلى وضعية الكهل ويشمل جميع مراحل سير الدعوى العمومية بإقرار آليات سابقة للمحاكمة وأخرى متزامنة معها ولاحقة لها. آليات سابقة للمحاكمة واعتبارا لأهمية البحث الاجتماعي في تحديد شخصية الشاب الجانح وظروفه العائلية والاجتماعية بما يسمح للمحكمة المتعهدة بالقضية بتفريد العقوبة في شأنه على الوجه الأمثل، فقد تضمن التعديل المقترح للفصل 54 من مجلة الإجراءات الجزائية إمكانية تكليف المصالح الاجتماعية المختصة بإجراء البحث الاجتماعي والتأكيد على الأهمية الخاصة التي يكتسيها البحث الاجتماعي بالنسبة إلى الشاب من الفئة العمرية (18ـ21) حتى تكون له الأولوية في هذا الإجراء. التجنيح وتماشيا مع آلية التجنيح المقررة لفائدة الأطفال بموجب الفصل 69 من مجلة حماية الطفل، تضمن المشروع إرساء آلية التجنيح لفائدة الشبان من الفئة العمرية (18ـ21) عاما وذلك ضمن الفصل 122 (مكرر) المقترح إضافته إلى مجلة الإجراءات الجزائية على أن تقع مراعاة جملة من المعايير تهدف إلى توحيد الاتجاهات بين مختلف سلطات التتبع والتحقيق من نيابة عمومية وتحقيق ودوائر اتهام، وكذلك بين مختلف المحاكم. وان إقرار آلية التجنيح القانوني لفائدة الشبان من الفئة العمرية بين 18 و21 عاما لا يحول دون مواصلة سحب هذا الإجراء على بقية الفئات من المتهمين وفق ما دأب عليه عمل المحاكم وأقره التطبيق. آليات متزامنة مع المحاكمة وتماشيا مع القواعد المقررة لفائدة الأطفال بموجب الفصل 43 من المجلة الجزائية، تضمن الفصل 44 المقترح سلما مخففا للعقوبات المستوجبة إذا كان سن المتهم بين 18 و21 عاما عند ارتكاب الجريمة. وبذلك يكون سلم العقوبات الخاص بالشبان الذين سنهم بين 18 و21 عاما يحتل منزلة وسطى تسمح بالمرور التدريجي من وضعية الطفل إلى وضعية الكهل. وأقر المشروع امتيازا إضافيا لفائدة هذه الفئة العمرية تتمثل في عدم تطبيق قواعد العود التي تضاعف العقوبات المستوجبة للجرائم وذلك على غرار ما يتمتع به الأطفال لمنع توقيع عقوبات طويلة المدة من شانها التأثير سلبيا على الشاب وتحد من فرص إعادة إدماجه في المجتمع. وخول المشروع امتداد العمل بالصلح بالوساطة الجزائية إلى مرحلة المحاكمة إذا كانت سن المتهم بين 18 و21 عاما على أن يتم ذلك بإذن من المحكمة المتعهدة وتحت رقابتها بعد أخذ رأي النيابة العمومية وذلك اعتبارا لأهمية الصلح بالوساطة كآلية بديلة للتتبع والعقوبة تضمن حقوق المتضرر. ومعلوم أن إجراء الصلح بالوساطة في المادة الجزائية المقرر بالفصل 335 مكرر وما بعده من مجلة الإجراءات الجزائية يقتصر حاليا على مستوى النيابة العمومية. آليات لاحقة للمحاكمة وتيسيرا لشروط إدماج الشبان من الفئة العمرية (18ـ21) عاما المحكوم عليهم بالسجن لمدة لا تتجاوز عاما أو بالخطية التي لا يتجاوز مقدارها ألفي دينار، اقر المشروع مبدأ عدم التنصيص على تلك الأحكام بالبطاقة عدد 3، على أن تبقى للمحكمة صلاحية الحكم بالتنصيص ببطاقة السوابق عدد 3 على الأحكام حتى إن كانت العقوبات المحكوم بها بالسجن أقل من عام أو الخطية دون ألفي دينار إذا رأت فائدة في ذلك أو حصل تتبع عقبه حكم بالإدانة قبل بلوغ الشاب سن 21 عاما. واقتضت أحكام المشروع إضافة الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاما إلى قائمة المحكوم عليهم المذكورين بالفصل 346 من مجلة الإجراءات الجزائية والذين ينتفعون بالحط من مدة الجبر بالسجن إلى النصف وبإمكانية استبدال هذه المدة ما لم تتجاوز ستة أشهر بالعمل لفائدة المصلحة العامة بطلب من المحكوم عليه (المصدر: جريدة « الصباح الأسبوعي » الصادرة يوم 17 ماي 2010)
 


خلال 4 أشهر حجز 206 آلاف منتوج مقلد


أجرت فرق مكافحة التقليد بإدارة المراقبة الاقتصادية بوزارة التجارة خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية 947 زيارة أفرزت حجز 206 آلاف منتج مقلد وتسجيل 50 مخالفة أحيل أصحابها على القضاء. وقد قامت هذه الفرق خلال الفترة بخمس حملات قطاعية شملت خلاطات الحنفيات وشفرات الحلاقة والمواد الكهرومنزلية والنظارات الشمسية ومواد العناية بالبشرة (شمبوان ومراهم…). وركزت الحملات القطاعية على أسواق إقليم تونس الكبرى واستهدفت الأسواق المعروفة بترويج المواد المقلدة على غرار سوق الزهروني المعروفة بترويج منتجات المواد الكهرومنزلية وخاصة الخلاطات والرحايات والعصارات وآلات إعداد القهوة الكهربائية وهذه التجهيزات المقلدة تحمل علامات معروفة عالمية لكنها «مضروبة» ومصنوعة من مواد مجهولة المصدر انعكاساتها الصحية على مستعملها خطيرة ووقع حجز 232 وحدة من التجهيزات المذكورة بالإضافة إلى سوق سيدي بومنديل المشهور خاصة بترويج النظارات الشمسية «المضروبة» ومواد التجميل عامة ومنها المراهم وأيضا «الشمبوان» إذ تم حجز 2186 وحدة شمبوان تحمل علامات معروفة عالميا لكنها تحتوي على مواد سامة ومسرطنة وتتسبب في أضرار للجلدة كما تسبب سقوط الشعر لأن مكوناتها غير معروفة ولا تتطابق مع المواصفات الصحية… 10 عرائض بالإضافة إلى ذلك شملت الحملة القطاعية سوق سيدي عبد السلام المعروف بترويج الحنفيات المقلدة وقد تم حجز ألف وحدة منها وألف وحدة من حاملات الفوانيس الكهربائية. ووردت على فرق مكافحة التقليد 10 عرائض من الشركات المتضررة في مجالات متنوعة مثل المواد الغذائية (مصبرات…) وقطع غيار الدراجات والمنتجات الجلدية (حقائب وأحذية…) في المسالك السياحية وهو ما يؤثر سلبا على الصناعات التقليدية ويسيء إلى سمعة المنتجات الأصلية… وتواصلت الحملات القطاعية خلال الأسبوع الأول من ماي الجاري وقد شملت سوق ليبيا بمدنين وصفاقس حيث تم حجز 1660 شفرة حلاقة و5200 قلم جاف وأيضا سوق الزهروني التي حجزت بها 68 وحدة من الحنفيات المقلدة كما وقع حجز 600 نظارة شمسية لدى بائع واحد… وتجدر الإشارة إلى أن الفرق ذاتها قد أجرت خلال السنة المنقضية 7 آلاف زيارة تخللتها 12 حملة وطنية و7 حملات قطاعية وجهت بالأساس نحو المواد التي تمس بالصحة والسلامة والمصالح الاقتصادية على غرار المواد الحديدية والصحية إذ وقع خلال 2009 حجز 23 ألف وحدة لمنتجات مقلدة وتسجيل 460 مخالفة… تركيز على المعارض تتوجه برامج مكافحة تقليد المنتجات خلال هذه الفترة نحو تركيز حملاتها على المنتجات المتعلقة بمواد التجميل وخاصة منها المراهم المستعملة للحد من تأثير أشعة الشمس على البشرة في المسالك السياحية خاصة، كما سيقع ارساء أنشطة تحسيسية موجهة للمستهلك بالأساس فضلا عن أن منظومة العمل الرقابي ستشمل المعارض التجارية التي تقام في مختلف الجهات إذ ستسجل فرق مكافحة التقليد حضورا قويا في هذه الفضاءات حماية للمستهلك وأيضا للمؤسسات المصنعة… وسيقع التركيز بالأساس على البحث عن مصادر ومنبع السلع المقلدة حيث تأكد من خلال الزيارات والعمليات السابقة أن جلها مورد لذلك فبعد العثور على أحذية رياضية وأحذية جلدية مقلدة معروضة بين منتجات أصلية في المحلات المنظمة والفاخرة سيتم تتبع المخالفين بغاية الوصول إلى مصدر هذه السلع خاصة أن الأحذية الجلدية المقلدة تصنع في منازل وتروج خلسة حتى وصلت واجهات المحلات المنظمة. مسالك سياحية ويستهدف برنامج الفرق أيضا المسالك السياحية وخاصة على مستوى أسواق الصناعات التقليدية إذ كشفت التحريات أن عديد المنتجات المعروضة على أنها تقليدية تونسية وهي موردة من الصين والباكستان بالأساس وهو ما يمس الصناعات التقليدية ويجعل من هذه الأسواق فضاءات تجارية يستفيد منها البعض ولا تساهم في النهوض بالقطاع بما يؤثر على منظومة التشغيل في الصناعات التقليدية وستشمل عملية المراقبة كل ما يتعلق بهذه المنتجات التي يمكن أن تكون عرضة للتقليد على غرار التحف والخزف والحقائب والأحذية والملابس وذلك حتى يقتني السائح منتجات تذكره بتونس ومحلية بدل تنفيره بترويج منتجات قادمة من وراء البحار… عبد الوهاب الحاج علي (المصدر: جريدة « الصباح الأسبوعي » الصادرة يوم 17 ماي 2010)


الاستبداد « الصالح » بعد الاستبداد الطالح؟


منصف المرزوقي في مقالتي الأخيرة « هذه الديمقراطيات المبغضة للديمقراطية » أظهرت ضعف حظوظ المشروع الديمقراطي في الوطن العربي لعوامل عدّة تضافرت كلها ضده. هل نقول على أحلامنا بالدمقرطة السلام، وآنذاك ما البديل؟. لاستقراء مستقبل محمّل بالأخطار والوعود، يجب الخروج من التعميم فالنظام السياسي العربي واحد في هيكله لكن بحالات متباينة، ومن ثم ضرورة التصنيف. إذا وضعنا جانبا الخطر الخارجي وقنبلة تشكيل السكان، فالنظام في الخليج قادر على التواصل طويلا لأن الاستبداد ملطّف بالأبوية ، محمي بالقبلية، قادر على شراء الأمان الاجتماعي بفائض الثروة، ناهيك عن الحماية الخارجية المضمونة. أما وضعه في الملكيات مثل السعودية والمغرب والأردن فأصعب، ولو أنه قادر على الاستمرار زمنا غير محدّد لتوفّره على بعض الشرعية الدينية والسياسية عند عامة الناس، وشيء من المهارة في ادعاء الإصلاح، ناهيك هنا أيضا عن الدعم الخارجي. البطن الرخوة للنظام الاستبدادي العربي هو الجملكيات (مصر، سوريا، تونس، ليبيا، الجزائر، موريتانيا، السودان، اليمن)، حيث لا شرعية تاريخية أو سياسية ولا إنجازات وإنما العجز والفساد والقمع. قدر هذا الاستبداد الفاشل العيش بأقصى العنف لا خيار غير شعار « وداوني بالتي كانت هي الداء ». الصيرورة هنا بديهية: مرحلة احتضار نعايشها ولا أحد يعرف مدتها، ستتبعها مرحلة فوضى لا أحد يعرف خطورتها، ثمّ مرحلة بناء نظام جديد. لكن على أي شكل؟. ترميم النموذج القديم؟ جدّ ممكن والمخابرات الغربية تبحث اليوم عن وكلاء جدد يحافظون في مصر وتونس وبقية الجملكيات على نفس النظام الضامن لمصالحها الإستراتيجية، لكن مع تقديم بعض الفتات للمجتمعات. المشكلة أن نفس الأسباب تؤدي لنفس النتائج، ومن ثم سنعود عاجلا أو آجلا للبحث عن بديل للبديل المغشوش. هل تكون الديمقراطية ولو بعد جولة استبدادية عبثية أخرى؟ ممكن لأسباب سنتعرض لها لاحقا، لكن الأمر غير مضمون لإغراء بديل الاستبداد « الصالح » الذي تعطينا الصين أبرز مظاهر نجاحه. *** لنتمعّن في بعض خصائص هذا النوع من الاستبداد، وسنرى أين تكمن خطورته على عقولنا المشوشة وقلوبنا المجروحة. – إنه النظام الذي أنقذ أربعمائة مليون صيني من الفقر في أقل من عقدين من الزمان، ورفع الصين إلى مرتبة الاقتصاد الثاني في العالم بانتظار أن يصبح الأول. – هو الذي أعاد للأمة الصينية سالف مجدها وجعل منها قوة سياسية واقتصادية وعسكرية وحتى ثقافية ومعاهد كونفشيوس لتعليم اللغة تغزو العالم. عن الثورة العلمية والتكنولوجية حدّث ولا تسل، والصين احتلت السنة الماضية بـ120000 مقالة علمية المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة (350.000 مقالة)، وهو ما يجعل جوناتان آدمس يقول إن الموضوع ليس هل تصبح الصين أكبر منتج للعلم، لكن متى؟. – عوض أن يتستر النظام على الفساد تراه يحاربه بلا هوادة. إن الشعبية الخارقة التي يحظى بها في الصين اليوم باو كسي لاي، عمدة شونقكينغ هي لحربه الضروس لا ضد فساد الهوامش وإنما داخل الحزب الشيوعي الحاكم وفي صفوف البوليس، أي في عقر دار السلطة. – في نفس الفترة التي لم تعرف فيها مصر إلا رئيسا واحدا تتابع على هرم الدولة في بكين ثلاثة رؤساء هم يانغ شانغ كون (في ظل الحاكم الفعلي دنغ هسياو بنغ) وجيان زيمين والرئيس الحالي هو جينتاو، وسيتم انتخاب رئيس رابع قبل خلاص مصر من رئيسها المزمن وإفلاتها من معرّة التوريث. لا أحد من هؤلاء فكّر في الرئاسة مدى الحياة أو في توريث الصين لابنه أو لصهره. هو يتنحى أو ينحى بإرادة جماعية لأن المستبدّ ليس نرجسيا مريضا وإنما منظومة سياسية لا تخدم شخصا وعائلته أو طائفته وإنما الوطن. تذكروا القاعدة الخلدونية عن ولع المغلوب بتقليد الغالب، وهل يوجد اليوم غالب إلا الصين؟. ما أسهل نقل نظامها ولا شيء في جوهره (الدكتاتورية السياسية والليبرالية الاقتصادية والقومية الغازية) يتعارض مع « مقدّساتنا » أو مطامحنا، خاصة مع عقولنا المسمّمة منذ خمسة عشر قرنا بأسطورة المستبد العادل. أضف لهذا أن مزيج القومية والإسلام السياسي يمكن أن يلعب دور الغطاء الأيدولوجي الذي يلعبه في الصين الخليط العجيب من الرأسمالية والشيوعية، إنه غطاء محلي الصنع، سهل التسويق وجاهز، فلماذا لا يكون استبداد كهذا، غير مشخّص، محارب للفساد، ناجح اقتصاديا ووطنيا، خيارنا بدل المشروع الديمقراطي المحمّل ظلما بكلّ أوزار السياسة الغربية وبكل تهم الانبتات ومنافسة الإسلام بل ومعاداته؟. *** يجب قبل الردّ طرح سؤال آخر. لماذا تتكفل الشعوب حتى في أصعب الظروف الاقتصادية بتكاليف تربية جزء من أبنائها وبناتها وهم لا ينتجون شيئا ماديا؟، طبعا لأنها تنتظر ممّن تسميهم المثقفين الاضطلاع بمهمة لا تقل خطورة عن إنتاج الموادّ، وهي إنتاج الأفكار والتصورات لتقديم خيارات تضيء الطريق أمامها تقيها من العثرات أو من الدوران في الحلقات المفرغة. وفي هذه اللحظة التاريخية العصيبة، وأمام كم من تقاطعات طريق خطرة، لم تكن الأمة أكثر حاجة لمثقفيها من حاجتها إليهم اليوم. إن واجب المثقف ليس التغريد مع السرب والمشي في أهواء العامة والتمسح بالفكر السائد لاكتساب شعبية رخيصة، وإنما اعتبار نفسه جندي استكشاف مهمته تجميع المعلومات عن تجارب أمته وتجارب الآخرين، والبحث في دروسها ثم العودة بكل ما في جعبته، منبّها وموصيا باتباع هذا الطريق بدل ذلك، هاجسه الأول سلامة أمته لا سلامته هو. وفي الوضع الذي نحن عليه هذا ما يجب على المثقفين وضعه نصب عيني الأمة حتى لا تضلّ طريقها مجدّدا. – إن الطفرة الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية التي تعرفها الصين ليست مرتبطة آليا بالاستبداد « الصالح »، فلها نظيرة في الهند الديمقراطية ، بل ثمة من المحللين من يرون أن هذا البلد يتوفّر على ضمانات تقدم أطول نفسا مما تعرفه الصين. – أن وراء الستار في كل استبداد -ولو كان ناجحا- كمّ هائل من الدم والدموع (انظر تعامل السلطات الصينية مع المعارضة أو التبتيين أو الويغور)، وذلك لنزوع غريزي عند الاستبداد لاستعمال أقصى العنف مع المجتمع. ألا تكفي فاتورة نصف قرن من مساجين سياسيين ومهجّرين وموتى تحت التعذيب وما عشنا من خوف وإذلال؟. – إن باو كسي لاي يمثل الشذوذ وليس القاعدة، ولا أحد يعرف هل سيصبح يوما رئيسا للصين؟، أم هل سينتهي كأغلب المصلحين من الداخل منفيا أو سجينا؟. – إن الاستبداد الروسي وضع الروس في صدارة الأمم ثم انهار ومعه الروس. قد يكون هذا ما ينتظر الاستبداد في الصين رغم وطنيته وفعاليته وطهارته العابرة. – إننا أمة مفككة ومشروع توحيدها غير قابل للتحقيق بعشرين استبدادا ولو كان مؤسساتيا وطاهرا، لأنه لا مجال لتوحيد مستبد مع مستبد آخر ولو كانا من القديسين، وكل قديس يريد أن يكون هو القدّيس الأول. – أخيرا لا آخرا، فإن الاستبداد الصيني لا يكون إلا بصينيين. فالثقافة الصينية (مثل اليابانية) هي ثقافة « نحن »، أما نحن فمحور ثقافتنا « الأنا ». انظر حولك فلن تجد إلا المتواضعين المزيفين والنرجسيين المصابين بالمرض القومي بخطورة متفاوتة (لا يدعي كاتب هذه السطور سلامته منه، لكن إنصافا له يجب التنويه بجهاده ضدّه جهاده ضدّ السمنة والتدخين، أي بكثير من الجهد وقليل من النتائج). كل شيء في تربيتنا من إفراط أمهاتنا علينا بالتدليل إلى ما سممتنا به المدرسة من شعر الفخر وأساطير البطولات والعنجهيات، يعزّز هذه النرجسية المرضية. في أي ثقافة تجد مقولات إنما « العاجز من لا يستبد » أو « رجل كألف وألف كأفّ ». قد تكون هذه العقلية المريضة هي التي جعلت تاريخنا منذ الانقلاب الأموي تداولا على دور المستبد، وكل واحد منا ينتظر فرصته في الطابور الطويل، ولا نية جدية لأحد في تغيير قواعد اللعبة. كم باءت كل المحاولات لبناء استبداد صالح مؤسساتي غطاؤه الإسلام بالفشل الذريع، ودولة الأشخاص هي التي تنجح دوما في السيطرة فعليا على الدين الذي تدعي أنها تخدمه وهي لا تكفّ عن استخدامه. ومع هذا ما زال من يدّعي النجاح في ما فشلنا في تحقيقه على امتداد خمسة عشر قرنا. ثم كيف ننسى أن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز كانا الحالة الشاذة التي تحصى ولا يقاس عليها، إننا جربنا في تاريخنا المعاصر الاستبداد الوطني وغير الفاسد عبر التجربة الناصرية ولم نذهب بها بعيدا. وحده النظام الديمقراطي قادر على حمايتنا من أنفسنا ومن بعضنا البعض لأنه الوحيد الذي يمنع جمع السلطات في يد شخص أو مجموعة، ويفرض التداول السريع على المسؤوليات ويستطيع محاربة الفساد بصفة مسترسلة لا علاقة لها ببطولات الأشخاص، لتوفره على مكينتين رهيبتين لقص الأعشاب المضرة التي تنبت باستمرار، أي حرية الصحافة واستقلال القضاء. وحدها الديمقراطية قادرة على فتح الفضاء العربي للبشر والسلع والأفكار، كما استطاعت ذلك الديمقراطيات الأوروبية التي بنت الاتحاد الأوروبي لبنة لبنة حال انهيار الاستبداد الفاشي والنازي والشيوعي. لذلك علينا الاقتناع والإقناع بأن الخيار الديمقراطي هو أحسن الحلول إن لم نقل أقلها سوءا؟. السؤال ما حظوظه والحياة القاسية تعلّم أن القضايا العادلة لا تنتصر بالضرورة، والخيارات العقلانية ليست دوما هي التي تصنع التاريخ. *** حتى لا يخضع تقييم وضع المشروع الديمقراطي العربي لا للوهم ولا للإحباط، تجب قراءته من وجهتيْ نظر متكاملتين وإن بدتا متناقضتين. ثمة قراءة النصف الفارغ من الكأس. فرغم انطلاق الدعوة للديمقراطية من رحم المجتمعات العربية في سبعينيات القرن الماضي، ورغم الموجة الديمقراطية التي اجتاحت العالم في ثمانينياته، ورغم موبقات الأنظمة الاستبدادية وفشلها المخزي في كل الميادين وعمالتها، فإنها ما زالت متمكنة لجملة من الأسباب التي تعرضت لها في المقال السابق. لكن ثمة قراءة النصف الملآن. ما لا نعيه هو أنه إذا كانت الديمقراطية عقلية (القبول بالآخر ومصارعته سلميا)، وآليات حكم (حرية الرأي والتنظيم والانتخابات النزيهة واستقلال القضاء)، فإننا قطعنا نصف الطريق . نحن لم نعرف في تاريخنا مثل هذا التغلغل لفكرة التعددية الوطنية بدل المفاهيم المسمومة للإجماع والوحدة الوطنية. استولينا كذلك على حرية الرأي عبر الثورة التكنولوجية التي تسخر اليوم من كل محاولة تكميم الأفواه، أين الحزب الواحد المؤطّر للجماهير؟ رحل إلى غير رجعة، والمجتمع يتنظم أكثر فأكثر خارج سيطرة الدولة. الانتخابات؟ معركتها على قدم وساق في كل مناسبة..، استقلال القضاء؟ مطلب يتطور ببطء لكن بثبات. بديهي أن كل أنظمتنا الاستبدادية تواجه ضغطا متزايدا لتحديث مؤسساتها في الاتجاه الذي يمشي فيه العالم بأسره. حتى أكثرها تخلفا تتزحزح في الاتجاه الذي يفرضه ضغط لا قبل به لنظام مهما كان، ويجب الآن تفحص مكوّنات هذا الضغط لتقييم قدرته على دفع المسار الديمقراطي إلى آخره. الضغط الخارجي؟ إذا تمّت الدمقرطة العربية فلن يكون ذلك بفضل سياسة الحكومات الغربية الخمس تجاهنا (أميركا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا وإسبانيا) وإنما بالرغم عنها، وهذه ظاهرة سيحسبها يوما المؤرخون على الانهيار السياسي والأخلاقي لدول غربية تنكّرت لقيمها ولمصالحها الإستراتيجية بحثا عن مغانم آجلة تضمنها لها أنظمة متعفنة وآيلة للسقوط. وفي المقابل إذا فشلت الدمقرطة فسيكون من بين الأسباب عمى هذه الحكومات التي عوض أن تساعد على ضمّ 300 مليون عربي للنادي الديمقراطي، رمتهم بدعمها للاستبداد في أحضان أنظمة صينية أو إيرانية ستذيقها الأمرّين. يبقى الضغط الداخلي . هو أساسا التغييرات الجذرية التي تعتمل داخل المجتمع كتحرّر المرأة وتصاعد نسبة المتعلمين وتأثير التكنولوجيا. لنسارع بالتذكير بالخطأ التاريخي للتقدميين وإيمانهم بأن قاطرة التاريخ لا تعرف إلا وجهة واحدة: الأمام. نفس الخطأ سيرتكبه الديمقراطيون إن تصوروا أنها مسألة وقت لتجعلنا التغييرات الاجتماعية نرى درزيا يرأس لبنان ومصرية لا أحد اهتم بأنها قبطية وصلت لسدة الرئاسة في مصر. لنذكّر بأن هذه القوى « الجيولوجية » لم تكن موجودة في الهند عندما دخلت الديمقراطية في منتصف القرن الماضي، ووجودها في الصين اليوم لا يمنع هذا البلد من اتخاذ طريق معاكس. ما هو مؤكد أن هناك قوى جبارة تعمل لصالح المشروع الديمقراطي وأخرى تعمل ضده، من أهمها الصورة المشبوهة للديمقراطية وتراثنا من الاستبداد، ووهم استبداد صالح باسم الإسلام أو القومية. ما القادر على تغليب كفة القوى العاملة لصالح الديمقراطية؟ طبعا إرادة البشر. نحن كائنات مسيرة بقوى جبارة لكن أيضا مخيرة، وأثبت التاريخ ألف مرة قدرتها على التحكم في ما يتحكم فيها. ولأن الخط الفاصل الحقيقي ليس بين الإسلاميين والعلمانيين وإنما بين الديمقراطيين من علمانيين وإسلاميين وبين الاستبداديين من إسلاميين وعلمانيين، فإنها مسؤولية الديمقراطيين العرب علمانيين وإسلاميين التجنّد بالقلم والساعد أكثر من أي وقت مضى لنهضة جديدة تأخذ من الإسلام قيمه ومن الديمقراطية تقنياتها. صحيح أن مهمتهم لن تكون سهلة.. ما الذي يجب أن يدعم إصرارهم؟ اليقين بأن النظام الديمقراطي هو الطريق الوحيد للاستقلال الثاني، أي تحرر المواطن داخل وطن حرّ، والاتحاد العربي أي فدرالية الشعوب العربية الحرة، وهما كل أمل الإنسان العربي والأمة في نيل مكان ومكانة في هذا العالم. ما عدا هذا أي تشبيب النظام الاستبدادي البالي أو استبداله باستبداد صيني بأيدولوجيا إسلامية/قومية، دورة أخرى في نفس الحلقة المفرغة لنفس الفشل العقيم. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 ماي  2010)


حركة التهويد وضم المقدسات الإسلامية للتراث اليهودي.. لماذا؟ (2 من 3)

 


بقلم: علي شرطاني – تونس

-لماذا هذا الحرص الصهيوني على تهويد القدس وهدم المسجد الأقصى وضم المقدسات الإسلامية للتراث اليهودي؟ إن كل الذي يسعى إليه الكيان الصهيوني منذ احتلاله لفلسطين ويعمل عليه بعد أن أصبح له وجود موضوعي وميداني فيها، هو كسب شرعية تاريخية مفقودة هو في أمس الحاجة إليها. فهو المهموم بالبحث، بالرغم من كل شيء عن أي أثر لوجود تاريخي له بالمنطقة قد تنتفي به عنه صفة المحتل للأرض، وقد يثبت به للعالم ولشعوب المنطقة والأمة الحق الشرعي في الوجود عليها. وبالرغم من كل المجهودات، وبالرغم من كل الأبحاث ومن كل الوقت الذي أمضاه في ذلك، ومن كل النفقات التي أنفقها، لم يستطع أن يجد ولن يستطيع من معالم التاريخ ما يقنع به حتى نفسه على أن له ما يدعيه من حق الوجود الشرعي التاريخي في فلسطين. فهو الكيان الذي ليس له إيمان إلا بالقوة والعنف، والذي ليس له ما يثبت أي حق وأي شرعية له هناك إلا القوة. وقد أثبت التاريخ قديما وحديثا أن القوة وحدها لا تكفي لتأكيد شرعية الوجود، لأنه ما من قوة إلا وهي آئلة للضعف ومتجهة إلى نهاية ما في وقت ما. وما من ضعف إلا ويمكن أن يتحول إلى قوة ما في وقت ما، ولا شرعية تكتسب من خلال القوة وحدها وتستمر. ولا شرعية يمكن أن تضيع بتمكن الضعف من أهلها وأصحابها وتنتهي. وكم من شرعية كسب أو وجود قام على القوة وكان مآلهما في النهاية الزوال والضياع. وكم من شرعية كسبت أو وجود كان الضعف سببا في ضياعهما وكانت النهاية استعادة أصحاب تلك الشرعية وذلك الوجود لذلك. فأين شرعية الوجود الإستعماري الغربي في مستعمراته التي أقامها على القوة الغاشمة والتي لا تغرب عنها الشمس؟ وهل كانت نتيجة إدارة الشعوب الضعيفة صاحبة الحق والشرعية الصراع معه غير تقرير المصير؟ صحيح أن وضع الكيان الصهيوني في فلسطين يختلف عن كل وضعيات الإحتلال الأخرى. ولكن اعتماده على القوة وحدها لن يكسبه أي شرعية للبقاء على أرض يعلم هو نفسه في النهاية أنها ليست أرضه. والذي يجب أن يعلمه الصهاينة وكل المؤمنين من اليهود بالحق بدولة لهم على أرض فلسطين، أن الغرب الذي رمانا بهم لن يستطيع أن يتحمل مسؤوليته في دعمهم ومساندتهم والإبقاء عليهم الأقوى حتى النهاية. وهو الذي يعلم أنه لم يستطع أن يحافظ لوجود وعلى شرعية له في الكثير من بقاع العالم كان يعتقد أنه سيكون له وجود وشرعية فيها. وأنه سيأتي اليوم الذي يتخلى عنهم فيه كارها أو طائعا كما أخرجهم من ظهرانيه وتخلص من وجود مقلق له منهم، ليتحقق له من خلال ذلك من المصالح في المنطقة ما لا يتحقق له بغير ذلك. إن حركة التهويد المحمية بالقوة، والتي ليس للكيان الصهيوني كسب شرعية له بدونها، هي حركة لإثبات الذات والحق المكذوب والشرعية المفقودة والهوية الزائفة. هي عملية فرض الذات على أمة العرب والمسلمين في تحد واضح وصريح لها. وهي عملية مستمرة في نهم لا يشبع للإستلاء على أكثر ما يمكن من الأراضي، وإبادة أكثر ما يمكن من أصحاب الحق الشرعي  بإحداث محارق لم يسبق أن حصلت في العالم وتطهير عرقي غير مسبوق في التاريخ القديم والحديث، لتتجاوز ذلك إلى تغيير المعالم التاريخية، وفرض اختلال توازن سكاني بتوطين العنصر اليهودي مكان العنصر العربي المسلم، واستبدال المقدس العربي الإسلامي بالمقدس اليهودي، وبنزع القداسة عن المقدس الإسلامي والمسيحي الموجود وتحويله إلى مدنس، وإضفائها على المدنس اليهودي غير الموجود وتحويله إلى مقدس، بهدم المقدسات العربية الإسلامية وإقامة المقدسات اليهودية على مرأى ومسمع من أمة قوامها أكثر من مليار مسلم في العالم. هؤلاء الذين أصبح الكثير منهم منخرطا، ومنذ وقت طويل، في هدم المقدس العربي الإسلامي وإقامة المدنس الغربي الإستعماري الصهيوني. هؤلاء الذين يشتركون مع الغرب الصليبي واليهود الصهاينة منهم على وجه الخصوص في عملية هدم كل ما هو تاريخي وحضاري وثقافي عربي إسلامي أصيل، هم أنفسهم من بين من تتحداهم الحركة الصهيونية اليهودية بتهويد القدس وأرض فلسطين كلها. هذه الأمة التي قبلت الإنقسام وانخرطت فيه، واعترفت بالصهيونية وقبلت بها. هذه الأمة التي أصبح لا يقيم لها اليهود في عملية التهويد التي يقودونها على أرض العرب والمسلمين فلسطين وزنا، هي التي أصبح الكثير من أبنائها عونا لهم على ذلك قولا أو فعلا أو تصريحا أو تلميحا أو إقرارا. وهي التي تسمح اليوم بين كاره منها وراض، وبين قادر منها وعاجز، وحاكم ظالم منها ومستبد ومحكوم خانع منها ومغلوب على أمره  لليهود، وهم من قلة، بالإعتداء اليومي على مقدساتها وعلى تاريخها وعلى حضارتها وثقافتها. لم يكن اليهود يفعلون ذلك إلا انتصارا لدينهم المحرف، وفرضا لهويتهم المزيفة، وتمكينا لعرقهم العنصري، فرضا لأمر واقع يهودي ليس له في فلسطين أثر ولا سابق وجود. وهم يعلمون تماما ماذا يفعلون. فليس من الصدفة أن يكون التركيز على تغيير المعالم التاريخية والحضارية لمدينة القدس خاصة لطمس الطابع الثقافي والتاريخي والحضاري العربي الإسلامي لها، لأنهم يعلمون أنها عربية إسلامية، ولكنهم يريدون أن تصير ذات معالم ثقافية وتاريخية وحضارية يهودية. يقول مئير كاهانا الحاخام اليهودي الذي يتزعم حركة كاخ اليهودية : » إن تواجد العرب في القدس مكانا لليهود لا يمكن أن يطاق ويجب إخراجهم من هناك في أقرب وقت ممكن.. »  » نؤازر البطل الذي حاول تحرير بيت المقدس من الغرباء (في إشارة إلى المدعو آلن مان غودمان المجرم الذي قاد هجوما على المصلين في المسجد الأقصى وادعت حكومة العدو بأنه كان معتوها..) ونطالب بإطلاق سراحه الفوري من المعتقل ونأمل أن يعاود الكثيرون مثل هذا العمل لذي نفذه البطل اليهودي في بيت المقدس حتى يصبح ذلك البيت تابعا لنا « . فهم يعلمون أن مدينة القدس والمسجد الأقصى هما من أكبر رموز ومعالم عروبة فلسطين وإسلامها. ولذلك كانت المدينة والمسجد دائما يتصدران اهتمام القيادات والرموز اليهودية والصهيونية منذ وقت مبكر في احتلال فلسطين. يقول الزعيم الصهيوني هرتزل : » لا معنى لإسرائيل بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل ».  » ومن قبله الزعيم اليهودي والوزير البريطاني السابق السير الفريد موند الذي أصبح في ما بعد لورد ملتشت قال خلال الإنتداب البريطاني على فلسطين :  » إن اليوم الذي سيعاد فيه بناء الهيكل أصبح قريبا جدا ولذا فإني سأكرس ما بقي من أيام حياتي لبناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى.. ». فقد كان اهتمام اليهود الصهاينة باستهداف المقدسات الإسلامية وبتهويد القدس وبناء الهيكل المزعوم مبكرا، بالرغم مما كانت تشيعه النخبة العلمانية العربية الإسلامية المتغربة من فرق بين اليهودية والصهيونية استبعادا للطبيعة التلمودية الدينية اليهودية للحركة الصهيونية التي كانت تستطيع، لو كان الأمر كذلك أن تعمل على إقامة الدولة العبرية التي كانت تسعى لإقامتها من غير اللجوء إلى التأكيد على الجانب الديني والروحي لليهود. هذا الجانب الذي كان يتأكد يوما بعد يوم، والذي أصبح أكثر وضوحا منذ أن وقعت المدينة المقدس والمسجد الأقصى تحت الإحتلال بعد حرب 1967 . ويبدو ذلك واضحا وجليا في : » ما جاء في الحوار الذي أجراه مراسل مجلة تايم الأمريكية في أعقاب احتلال اليهود لبيت المقدس عام 1967 مع المؤرخ اليهودي إسرائيل الداد حول إعادة بناء هيكل سليمان قوله: » إننا الآن نقف في مرحلة حيث كان سليمان في القدس . وعندما سأله المراسل ماذا سيكون مصير المسجد الأقصى ؟ أجابه بضحكة خبيثة : طبعا إنه موضوع بحث ولكن من يدري فقد تحدث هزة أرضية !! « . والمعلوم أن الكيان الصهيوني قد قطع أشواطا كبيرة في الإعداد لإحداث هذه الهزة التي يبقى بعدها المسجد الأقصى أثرا بعد عين لا قدر الله، وإذا لم يكلأه الله بعنايته ويقيض له في الوقت المناسب من الرجال من يحميه من حدوث ذلك له، وكل المؤشرات والدلائل والأسباب تفيد هذه الأيام أن ذلك قد أصبح قريبا فعلا إذا لم تتحرك الأمة بكل ما تملك من أسباب النصرة والحماية والتصدي لإنقاذ الموقف. فليس حرص الكيان الصهيوني اليهودي على بناء الهيكل المزعوم إلا ذريعة لهدم المسجد الأقصى. فبقدر ما كان بناء الهيكل المزعوم مطلوبا لذاته، فإن الإصرار على بنائه مكان المسجد الأقصى لم يكن إلا استهداف للمسجد الأقصى في حد ذاته لذاته. ولو لم يكن ذلك كذلك لكان بنائه في أي مكان آخر ممكنا. فالذي بدا واضحا، أن حرص اليهود على هدم المسجد الأقصى كان أكثر من حرصهم على بناء الهيكل المزعوم الذي لا علاقة له بالمسجد الأقصى ولا بمكان وجوده. فالتهويد لا يمر عندهم إلا عبر إنهاء أي وجود لأي معلم أو أثر عربي إسلامي، ولأي وجود لأي عربي ما لم يكن يهوديا أو لأي مسلم بالمدينة المقدسة وإظهارها في طابع يهودي كامل لا تشوبه شائبة من عروبة ولا إسلام ولا أي شائبة أخرى، ولا يكون صحيحا عندهم حتى يكون كذلك وكذلك فقط. وهم من لا يقوم بذلك إلا لأنهم يعلمون يقينا أن المدينة هي مدينة عربية إسلامية قد حافظ المسلمون فيها على التعايش الديني والعرقي إلى اليوم. وهم الذين لا يريدونها إلا أن تظل كذلك. وهم من لا يريدونها إلا أن تكون يهودية فقط، على خلاف ذلك. وهم من لا بفعل ذلك إلا تأكيدا لهويتهم اليهودية التي هم في حاجة ماسة لتأكيدها في كل مرة، في إصرار منهم على أن تظل ثقافتهم اليهودية التوراتية التلمودية هي الأساس في الخيار الثقافي الغربي الذي كانوا من أكبر واضعيه. وأن يكون كل البناء قائما عليه وأن لا يرضوا عنه بديلا. لقد استطاع اليهود بالرغم من الوضع الذي سيظل هشا لدولة فرضوها بالتعاون مع الغرب الصليبي بالقوة وقد ساعدهم على ذلك ما كان عليه العرب والمسلمون من ضعف وتفكك، ومن ثقة في قوى الغزو والإحتلال الغربي الإستعماري البريطاني والفرنسي وطمع فيها وتحالف من ثمة معها، على حساب مركز الخلافة في الآستانة في ذلك الوقت، أن يكونوا على حال من الإستقرار ومن الإنسجام الإجتماعي بالرغم من التنوع السياسي والعرقي والثقافي، ومن اختلاف المنحدر الجغرافي والبيئي. إلا أن الرابطة الأقوى التي ظلت تجمعهم دائما هي العقيدة اليهودية والهوية اليهودية. والذي كان يجمعهم أكثر من ذلك في الحقيقة هو عداءهم لكل من ليس يهوديا وفق ما هو موجود في التوراة المحرفة من تعاليم وخاصة للعرب والمسلمين الذين احتضنوهم طول التاريخ الإسلامي كما لا يحتضن المختلف في الدين والعقيدة والثقافة والعرق واللون المختلف معه. والمؤكد من خلال ما نرى عليه الوضع الداخلي للشتات اليهودي في فلسطين المحتلة في إطار الحارة الجديدة التي أخذ يتنادى بعضهم بعضا للتجمع بها، والتي يسمونها الدولة اليهودية العنصرية المزعومة، أن القوة التي تجمعهم اليوم، والتي يمكن أن تؤول بهم إلى ضعف، والدولة القائمة على القوة والقتل والإرهاب التي يمكن أن لا تستمر على ذلك، وقد بدأت في العد التنازلي من خلال أكثر من حرب خاسرة، واليهودية التي يمكن أن تجمعهم في أي مكان آخر مثلما كانت تجمعهم كل حياة التيه في كل مكان من الأرض، لا يمكن أن تظل كل هذه العوامل جامعة لهم، لأنه لا بد لها من أرض هم يعلمون جيدا أنهم لا يملكونها وأنها ليست لهم. وأنهم يحاولون منذ أكثر من ستين عاما أن يثبتوا ذلك ولم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يفعلوا ذلك لأنفسهم فضلا على أن يثبتوا ذلك للآخرين. ولم يستطيعوا أن يجعلوا لها حدا ولا أن يضبطوا لها حدودا ولا أن تكون لها مساحة مضبوطة. يبقى العامل الوحيد الأقوى الذي يجمع بينهم هو الحقد على العربي المسلم والأخر غير اليهودي إجمالا وكراهيته. وهذا العامل وحده يبقى غير كاف للمحافظة لوجود لهم في المنطقة. وسيجدون أنفسهم عندما لم يبق غيره مضطرين للمغادرة ليلتحق كل واحد منهم بمكان الهجرة الذي جاء أو جيء به منه. وهم من يصاحب كل واحد منهم استعداد دائم للمغادرة كلما أحس بفقدان الأمن والأمان الذي لا يمكن أن ينعموا به يوما في فلسطين، طالما هم محتلين لها ويهدمون فيها ماضينا وحاضرنا القائم الموجود ويقيمون بها على جماجم الأطفال والنساء والرجال ماضيهم الموهوم المفقود، على أمل أن يكون لهم فيها مستقبل مقبول.


في حوار مع مركز الجزيرة للدراسات

 

جورج طرابيشي: قراءتي لأعمال الجابري كانت حوارا بلا حوار  

حوار: هادي يحمد جورج طرابيشي مفكر سوري أقام بلبنان إلى أن بدأت الحرب الأهلية فحل بباريس حيث ما زال يقيم منذ ثمانينيات القرن الماضي . لم يمنعه تخصصه في اللغة العربية والتربية من ترجمة العديد من الأعمال الفلسفية لسارتر وهيغل وفرويد ودو بوفوار وغيرهما حتى ناهزت ترجماته المائتي كتاب. يوصف طرابيشي تارة بالقوة وتارة بالثوري ومرات بالوجودي وأحيانا بالماركسي.
طبق في بعض مؤلفاته التي تعد بالعشرات منهج التحليل النفسي، ومنذ عقدين من الزمن عكف على مراجعة ونقد تآليف المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري تعالج « نقد نقد العقل العربي » حيث صدرت منه أربعة مجلدات، والمؤلف بصدد إصدار آخرها وهو المجلد الخامس وعنوانه: « الانقلاب السني: من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث ». وقد حاول طرابيشي في هذا العمل الموسوعي أن يقرأ ويراجع التراث اليوناني والتراث الأوروبي الفلسفي والتراث العربي الإسلامي في علم الكلام والفقه والتصوف واللغة.
وما إن أنهى طرابيشي مشروعه في « نقد نقد العقل العربي » حتى ودع محمد عابد الجابري الدنيا فجاء حوار مركز الجزيرة للدراسات مع طرابيشي مزيجا من حسرة طرابيشي على نهاية مشروع نقده دون أن يكون صاحب الفكر المنقود على قيد الحياة. وفي ما يلي الحوار كاملا مع جورج طرابيشي:

تؤكد دائما أن « محمد عابد الجابري » نقلك من الإيديولوجيا الغربية إلى التراث العربي الإسلامي. وتقول في أحد حواراتك « إنه فتنك وسحرك بالإشكاليات التي طرحها »، لكنك خلصت إلى إعلان انفصالك عنه بالقول في كتابك « العقل المستقيل في الإسلام  » (دار الساقي 2004) « لقد أحدث فجيعة فيك « لأنه جزّأ وحرَّف بعض الأدلة التي استعملها لإثبات مشروعه » فهل لك أن تبين لنا كيف تحولت علاقة الإعجاب بالجابري في مسيرتك إلى نقيضها؟  » ساعدني الجابري على تحقيق نقلتين في حياتي الفكرية: الأولى أنه نقلني من الايدولوجيا إلى الإبستومولوجيا، أي من الكلام في الأفكار بإيديولوجية معينة إلى علم معرفة المعرفة. وثانيا ورغم أني خريج اللغة العربية، وبالتالي فإن فكري التراثي كان متجها إلى الأدب أكثر منه إلى الفكر الأصولي والفكر الفقهي وحتى الفلسفي، فإنه أجبرني على أن أعيد بناء ثقافتي التراثية.  » طرابيشي: في الحقيقة من الصعب أن يبدأ الواحد منا بجواب سلبي في ظرف كهذا الظرف الذي تحكي فيه كل دنيا العرب بحزن عن رحيل الجابري. فنقد النقد الذي أمارسه على كتابات الجابري ربما يكون أثره اكبر لو كان الجابري ما يزال على قيد الحياة وكم كنت أتمنى طول عمري – وقد صارحته بذلك – أن أكون أنجزت كل ما كنت أريد أن اكتبه عن مشروعه في  » نقد العقد العربي » وهو ما يزال على قيد الحياة. لقد قلت له هذا الكلام منذ نحو ربع قرن عندما بدأت بالكتابة عنه وقد كانت بيننا زمالة وصداقة ثم انفصام بعد إصدار الجزء الأول من مشروعي المضاد في « نقد نقد العقل العربي ».
فمن المزعج للإنسان أن يناقش إنسانا قد رحل عن هذه الحياة، وقد كنت أتمنى أن يصدر الجزء الخامس والأخير من مشروعي في « نقد نقد العقل العربي » أي في نقد مشروع الراحل الجابري وهو على قيد الحياة، وهكذا نكون قد وقفنا على أرضية متكافئة. أما أن ينقد الحي الميت فهذا أمر في منتهي الصعوبة. ومع الأسف فإن ربع القرن الذي قضيتها في نقد الجابري وهو ما يزال على قيد الحياة كانت وكما أطلقت عليها بمثابة « حوار بلا حوار » لأنه سكت عن هذا النقد.
فمنذ حوالي ربع قرن أي منذ عام 1984 وأنا أعمل على مشروع الجابري، وكنت مضطرا إلى إعادة قراءة كل ما قرأه، وكل ما قال إنه قرأه. بل أكثر من ذلك عدت إلى التراث المتعلق بالإشكاليات التي أثارها: أي تراث الفلسفة اليونانية والتراث الغربي الحديث، وبطبيعة الحال مراجع تراثنا العربي الإسلامي بوجوهه التي لا يمكن إحصاؤها بما فيها من علم الكلام والفلسفة والتصوف والفقه والسنة والتفاسير. وطبعا يكفي أن أقول إن بعض كتب التراث التي عدت إليها يصل حجمها إلى مئة وستين جزءا مثل « بحار الأنوار » لمحمد باقر المجلسي في التفسير والفقه والأصول.
وعندما أقول إن المشروع استغرق مني حوالي ربع قرن فهذا لا يعني أني وقفت عند كتبه بل تجاوزتها بالعودة إلى كل هذا التراث الواسع الذي يجمعنا، لأن الإشكاليات التي صاغها الجابري كانت تتعلق بهذه المستويات الثلاثة الأساسية أي كما أسلفت القول: الفكر الفلسفي اليوناني والفكر العربي الإسلامي والفكر الغربي الحديث.
فالجابري ساعدني على تحقيق نقلتين في حياتي الفكرية: الأولى أنه نقلني من الايدولوجيا إلى الإبستومولوجيا، أي من الكلام في الأفكار بإيديولوجية معينة إلى علم معرفة المعرفة. وثانيا ورغم أني خريج اللغة العربية، وبالتالي فإن فكري التراثي كان متجها إلى الأدب أكثر منه إلى الفكر الأصولي والفكر الفقهي وحتى الفلسفي، فإنه أجبرني على أن أعيد بناء ثقافتي التراثية. وقد قرأت من أجل ذلك ما يزيد عن ألف كتاب في التراث العربي وحده وما زلت غارقا فيه إلى اليوم. وقد حاولت أن أقرأ كل ما كان في متناولي من الفلسفة العربية الإسلامية ثم انتقت من الفلسفة إلى علم الكلام وهو حقل في الإسلام أوسع بكثير من حقل الفلسفة، ثم وجدتني بعد ذلك انتقل إلى الفكر الأصولي وفي جزئي الأخير من مشروعي في « نقد نقد العقل العربي » أتناول السنة. وقد وجدت في تلك الموسوعة وفي ذلك الأقيانوس الكبير « البحر اللجي » الذي هو الحديث وأسانيده -والتي تبلغ حوالي أربعين ألف حديث ابتداء من مسند أحمد بن حنبل وانتهاء بكنز العمال للمتقي الهندي– حقلا جديدا من المعرفة التراثية المجهولة. وقراءة كل هذه المدونات استغرق مني عمرا طويلا ساعدني في الآن ذاته على تشغيل عقلي النقدي على الرغم من كوني ومن البداية ناقدا أدبيا.
لقد جاءت « المرحلة الجابرية » في مشروعي الفكري المناهض لمشروع الجابري والتي سميتها « نقد نقد العقل العربي » والتي وصلت حتى ألان أربعة أجزاء هي « نظرية العقل العربي » و »إشكاليات العقل العربي » و »وحدة العقل العرب  » و »العقل المستقيل في الإسلام » لتؤسس مرحلة جديدة من حياتي الفكرية والآن يطبع الجزء الأخير من هذا المشروع النقدي في حوالي 650 صفحة تحت عنوان « الانقلاب السني من إسلام القران إلى إسلام الحديث » وهو خاتمة مشواري مع الجابري ولكن هذا الجزء الأخير الذي يصدر قريبا لم أضعه تحت عنوان « نقد نقد العقل العربي  » مع أنه يختم رحلتي مع الجابري.
ولكن لماذا لم تعنون الجزء الأخير لمشروعك في نقد الجابري بـ »نقد نقد العقل العربي » كما فعلت بالأجزاء الأربعة السابقة؟
– لأمر جوهري في نقدي لمشروع الجابري يتعلق بالبحث في الأسباب الحقيقة التي أدت إلى استقالة العقل الإسلامي. فنظرية الجابري تتمحور حول أن العقل العربي الإسلامي أقيل بغزوة خارجية حيث تسلل له العدو من الخارج في قناع صديق تماما كما في قصة حرب طروادة حيث تمكن أعداء هذه المدينة من اقتحامها عن طريق حصان مصنوع من الخارج.
فنظرية الجابري تقول إن العقل العربي الإسلامي لم يتخلف ولم يغرب ويأفل ولم يستقل إلا نتيجة غزوة خارجية جاءته من رياح « الهرمسية » و »الغنوصية » و »الأفلطونية المشرقية ». ونظريتي المضادة تقول إن هذا غير صحيح وإنه لا يمكن للعقل أي عقل أن يغزى من خارجه وأن يجبر على الإقالة من خارجه إذا لم تكن له القابلية الذاتية، فالعقل عندما يستقيل فإنما يستقيل نتيجة الآليات الداخلية أولا. فالجابري لم يتوقف إلا على المظاهر الخارجية معتبرا أنها هي التي أجبرت العقل العربي الإسلامي على الاستقالة ولا سيما في طبعتيه المشرقية والشيعية مشيرا إلى أن العرفان الشيعي أحد مظاهر استقالة العقل الإسلامي، وهذا الأمر الذي فسرته في الجزء الرابع من مشروعي (استقالة العقل الإسلامي). وبالتالي، وبالنظر لما حللته بأنه لم يكن هناك غزو خارجي فإن الجزء الخامس والأخير جاء ليتناول هذا الانقلاب الكبير من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث، وقلت سأبحث في الآليات الداخلية لاستقالة العقل في الإسلام، وهنا لم أجد عند الجابري شيئا يقوله لأنه ما دام حمل كل المسؤولية للخارج فإنه لم يبق لديه ما يقوله عن الداخل وبالتالي لم أجد شيئا أناقشه فيه في هذه المجال فكتبت معظم فصول الكتاب ولم أذكر الجابري إلا في حوالي أربعة مناسبات لأن إشكاليته في الاستقالة بالعوامل الخارجية للعقل في الإسلام توقفت عند هذا الحد.
لهذا كان هذا المجلد الأخير تتويجا لرحلتي النقدية مع الجابري دون أن يكون تحت عنوان « نقد نقد العقل العربي »؛ لأنه في نظري تجاوزٌ لنظرية الجابري وهو يصدر للأسف والجابري قد رحل عنا، وربما حسنا فعلت عندما أخرجت هذا الجزء من مشروع « نقد نقد العقل العربي » وجعلته كتابا قائما بذاته.
 ولكن ما هي اللحظة الفكرية المفصلية والتي أعلنت فيها تخليك نهائيا عن « الجابرية » وإعلانك الصريح « خيبة أملك فيها » والتي وصلت إلى حد التوتر الشخصي بينكما؟  » تكوين العقل العربي للجابري كتاب لا يثقف فقط بل يغير، ومن يقرأه لا يعود بعد أن يقرأه كما كان قبل أن يقرأه  » – لا لم تكن علاقتي الشخصية متوترة مع الجابري. دعني أروي لك بعض تفاصيل علاقتي الشخصية به فقد التقينا أول مرة على مقاعد الدراسة في جامعة دمشق عام 1959 وكانت بيننا زمالة وصداقة وصلت إلى حد استضافته في بيتي هنا في باريس يومها تحدثنا كثيرا. وأتذكر أنه ضحك وقال لي « هل تعلم أني كنت أحسدك بعض الشيء لأني كنت خجولا مع النساء وأنت كنت جريئا »، فضحكت وقضينا أوقات ممتعة مع بعضنا. ولما عملت في مجلة دراسات عربية نشرت له العديد من المقالات، ثم لما أصدر كتابه « تكوين العقل العربي » والذي هو الجزء الأول من مشروعه « نقد العقل العربي » قرأت منه فصولا ونشرتها قبل إصداره وقلت لصاحب الدار الراحل « بشير الداعوق » إننا « لسنا أمام مفكر عربي، هذا مفكر من مستوى أوروبي ».
وأتذكر أني لما جئت إلى باريس سنة 1984 حملت من بين متاع بيتي كتابا واحدا وهو كتاب « تكوين العقل العربي للجابري ». ولما أصدرت مجلة الوحدة من باريس مع الراحلين « محيي الدين صبحي » و »إلياس مرقص »، كتبت عن هذا الكتاب مقال في المجلة وقلت: إن هذا الكتاب لا يثقف فقط بل يغير، ومن يقرأه لا يعود بعد أن يقرأه كما كان قبل أن يقرأه. بعدها استقبلت الجابري في المجلة وأجريت معه حوارا مطولا والتقينا بعدها في بيتي في حفلة عشاء وبقينا أصدقاء لفترة غير قليلة من الزمن ولم يكن بيننا أي مشكلة شخصية على الإطلاق. ولكن ما الذي جعلك تنقلب على الجابري فكريا إذا؟
– بدأ إشكالي الفكري الكبير مع الجابري بعد أن أصبت بخيبة أمل وشعرت أن هناك تمثالا إلهيا قد تحطم. والذي حدث أن الجابري قد كتب في كتاب « تكوين العقل العربي » صفحتين حول « إخوان الصفا » اعتبر فيهما إن إخوان الصفا هم الذين أجرموا والمسئولون الحقيقيون عن استقالة العقل في الإسلام، بالرغم من أن ذكرياتي عن إخوان الصفا منذ أيام الجامعة لم تكن بهذه الصورة السوداوية التي رسمها الجابري.
وبما أني لم أكن أملك رسائل إخوان الصفا لما كنت في باريس فقد شاءت الصدفة أن أدْعَ إلى البحرين في حوالي سنة 1986 من أجل إلقاء محاضرة وفيها تحصلت خفية (لأن الكتب الفلسفية كانت ممنوعة في هذا البلد) على نسخة من « رسائل إخوان الصفا ». وبدأت أبحث عن الشاهد الذي ذكره الجابري في كتابه والذي قالوا فيه إن الإنسان ليس بحاجة إلى منطق من أجل أن يتفاهم مع غيره. ورحت أبحث عن هذه الفكرة في الرسائل فلم أجدها. وعدت إلى باريس ورجعت إلى إحالة الجابري في كتابه فلم أجدها فقلت لعل الرجل أخطأ المصدر ولكن الذي أثار دهشتي أني لما قرأت « الرسائل » وجدتهم أول ما يقولون « اعلم يا أخانا في الروح أنك قبل أن تبدأ في قراءة ما نريد أن نكتبه لك في هذه الرسائل عليك أن تبدأ بعلم المنطق لأنه هو مدخلنا إليك وبدون المنطق لا يمكن للبشر أن يتفاهموا. وتوفيرا لوقتك سنبدأ بشرح المنطق كما صاغه رئيسنا الكبير ». وخصصوا أول ثماني رسائل من « رسائل إخوان الصفا » لشرح كتب المنطق كتابا كتابا. ثم لما انتهوا من شرح « كتاب منطق أرسطو »، قالوا: « لقد تقدم بنا الكلام عن المنطق يا أخانا، ولكن المنطق منطقان: فهناك المنطق المنطقي والفلسفي الذي حدثناك عنه في أول رسائلنا، وهناك المنطق الكلامي والإنسان تميز عن الحيوان بالمنطق ». ويقولون: « لولا الكلام لما صار الإنسان إنسانا وتميز عن عالم الحيوان، ولكن اعلم يا أخانا في الروح -وهم ذوو نزعة تصوفية- أنه هناك من النفوس ما لا تحتاج إلى منطق لكي تتفاهم فهي تتفاهم بالأنظار والروح ولا تحتاج إلى منطق ». وهذا الشاهد بالذات هو الذي استند عليه الجابري في قوله إن إخوان الصفا كانوا أعداء المنطق!! وهنا شعرت أني سقطت من شاهق، وتساءلت أيمكن أن يكون الجابري قد زور الشاهد إلى هذا الحد؟ لماذا لم يفتح رسائل إخوان الصفا من أولها ويقرأ مديحهم الهائل للمنطق والعقل وقام باستغلال ما قالوه عن المنطق الكلامي ليقول إن هؤلاء ضد المنطق؟! لقد شعرت بعد هذه الحادثة أني طعنت في الظهر لما رفعت الجابري إلى مرتبة أستاذي ويعود إلى « إخوان الصفا  » الفضل في هذا التحول والذي أقعدني مريضا لمدة يومين كاملين. ومن هنا بدأت رحلتي النقدية لمشروع الجابري وقمت بمراجعة كل الشواهد التي أوردها في كتبه، وهنا تضخمت الكارثة لأجد أن العشرات من الشواهد التي اعتمد عليها في صياغة إشكالياته كانت شواهد إما مزورة أو مقطوعة من سياقاتها أو مأخوذة من قواميس ومعاجم كالحال مع المفاهيم الفلسفية التي يقدمها وليس من أمهات الكتب!
فشواهده عن « روسو » و »ديكارت » و »فولتير »… -وهذا الأمر كتبته– أخذها من كتاب صغير لشرح المفردات الفلسفية وأوحى لقارئه وكأنه قرأ « فولتير » وغيره ولم يشر إلى أنه أخذها من هذا المرجع الصغير. ووقعت على عشرات الأمثلة من هذا القبيل ومن هنا تحطم التمثال لدي وبدأت مشروعي في « نقد نقد العقل العربي ». ولولا الجرح الفكري العميق الذي أحدثه الجابري لدي لما أعدت بناء ثقافتي وتجاوزه إلى قراءة التراث الفلسفي اليوناني حتى لا أصاب بخيبة أمل مرة أخرى وحتى لا أقع ضحية لأي نشويه فكري آخر.
 أيعني أنه بعد حادثة « إخوان الصفا » لم تلتق بالجابري ولم يكن بينكما مواجهة حول هذا الأمر؟
– لا لم التق به والجابري لم يشأ في مرة واحدة أن يرد على النقد الذي وجهته له وتجاهل الموضوع تماما. وسمعت أنه كان يقول في مجالسه إني لا يحق لي أن أناقش دكتورا وأني لا أحمل شهادة دكتوراه مع الأسف لذلك كتبت في كلمتي الرثائية له أني خضت معه « ربع قرن من حوارا بلا حوار »!. ولكن ألا تجد بعض من أثر نقدك له في كتاباته الأخيرة؟
– طبعا ولا شك في ذلك وخاصة أن كتاباتي النقدية أثارت ضجة بين طلابه والمعجبين به وطرحت أسئلة عن أسس مشروعية مشروعه، ولكنه كان يقول إنه لا يقرأ النقد الذي يوجه إليه ولا يهتم بالرد على منتقديه، مع أنه خصص النصف الأول من كتابه « التراث والحداثة  » للرد على منتقديه من أمثال « علي حرب » و »فتحي التريكي »، بل إنه دخل في نقاش مهم ومطول معهم. أقول هذا الكلام وأنا أشعر بالحرج لأن الرجل فارق الحياة وأنه كان بإمكانه أن يرد علي وهو على قيد الحياة وكل تجريح له في الوقت الحالي سيخلق لي أزمة ضمير لأنه لا يستطيع أن يرد. ولكن دعني أقول لك -رغم ذلك- إن الجابري وفي الفترة الأخيرة من رحلته الفكرية بدأ يطرح أسئلة حول الاستقالة الداخلية للعقل في الإسلام ولكنه لم يطرحها بالعمق الكافي ولا بالانتفاضة الكافية وحاول أن يلتف على الموجة الأصولية الجديدة بأن يتكلم بلغة تشبه لغتها وقدم لها تنازلات كثيرة على آمل الالتفاف على خطابها.
هل يمكن أن تقدم لنا مثالا على أحد تنازلات الجابري والتفافه عن « الموجة الأصولية »؟  » زور الجابري معنى العلمانية وقال « إنها فصل الدولة عن الكنيسة » والحال أنها « فصل الدين عن الدولة ». والحق أيضا أن العلمانية في الإسلام هي أهم من وجودها في المسيحية  » – لقد ألغى الجابري العلمانية واعتبرها مجرد مشروع غربي لا تصلح للإسلام مع أن العلمانية في التاريخ الإسلامي أعمق جذورا مما نتصور وأعمق وجودا حتى مما هي في المسيحية. وقال صاحب « نقد العقل العربي » إن « العلمانية هي فصل الكنيسة عن الدولة وليس في الإسلام كنيسة ليخلص إلى أنه لا حاجة للإسلام بالعلمانية ».
هو في هذه النقطة زور معنى العلمانية وقال « إنها فصل الدولة عن الكنيسة » والحال أنها « فصل الدين عن الدولة ». والحق أيضا أن العلمانية في الإسلام هي أهم من وجودها في المسيحية حيث وردت في الإنجيل جملة اعتبرت هي البذرة الأساسية للعلمانية عندما قال المسيح عليه السلام: « أعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر ». في حين أن لنا في الإسلام حديث أعمق من ذلك لما قدم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة ولم يكن مزارعا فسمع أزيزا فقال ما هذا؟ فقالوا إنهم يؤبرون النخل أي يلقحون الذكر بالأنثى فقال: « لو لم يفعلوا لأثمرت ». واعتبارا لما للرسول عليه الصلاة والسلام من أهمية ومكانة كبيرة امتنع أهل المدينة عن التلقيح فجاء الموسم ولم تثمر النخل فراودوه، فرد عليهم: « انتم أدرى بشؤون دنياكم ». ومن تلك اللحظة فصل الرسول عليه الصلاة والسلام فصلا جذريا بين الديني والدنيوي وهو أهم بكثير من الفصل الذي أقامه المسيح عليه الصلاة والسلام بين قيصر والله. فالإسلام دين قبل شيء ولا يتدخل في الدنيوي إلا لما له علاقة بالأخروي. وهذا الحديث مدعوم بعشرات الأحاديث الأخرى والآيات التي تؤكد على بشرية الرسول عليه الصلاة والسلام » « إنما أنا بشر ». فالجابري ألغى البعد العلماني في الإسلام وغيبه، وبالتالي وقع في الخطأ الكبير عندما قال: لا حاجة للإسلام بالعلمانية لأنه لا وجود لكنيسة في الإسلام مع العلم أن الإسلام الشيعي والذي يمثل حوالي ربع عدد المسلمين فيه مؤسسة شبيهة بالكنيسة لا تقل سطوة وسلطة عن الكنيسة البابوية الكاثوليكية. صحيح أنه ليست هناك كنيسة بالمعنى الحرفي للكلمة ولكن هناك في الإسلام سلطات دينية هائلة ممثلة في الأزهر ومؤسسات الفتوى المتواجدة في كل مكان، فالسلطة الدينية في الإسلام لا تكاد تختلف في المتانة والقوة عن السلطة الكنسية. والعلمانية هي تحرير الدولة من هذه السلطة أي منع السلطة الدينية من أن تتدخل في شؤون الدولة، ومنع السلطة السياسية أن تتدخل في شؤون الدين. هذه نقطة خلافية كبيرة بيني وبين الجابري وأعتقد أنها المفتاح لكي نفهم الكثير من تردد ومساومات الجابري ومحاولاته في أن يكون يلبس أحيانا جبة الأصولي ويتكلم بلغة الأصوليين، فالمحاولات الالتفافية التي قام بها لم تمنع الأصوليين من إصدار العديد من الفتاوى في تكفيره.  ولكن في اللحظة التاريخية الراهنة، وبناء على منطق التدرج الذي يمكن أن يطبق على العالم العربي في الوضع الراهن ألا تعتقد أن مشروع الجابري يمكن أن يكون مشروع نهضة مرحلية في العالم العربي؟ – لا، لا يمكن ذلك لسبب مهم وهو أنه لا يمكن تحقيق النهضة بمشروع واحد مهما كانت أهميته. وأنا أقول إن الجابري أوصلنا إلى قمة ولكن هذه القمة لا يمكن أن تكشف لنا عن المشهد كاملا غير مجزئ. وفي اعتقادي أنه يجب البحث عن قمم جديدة ومن هذا المنطلق بالذات فأنا لا أنكر على الجابري ما قدمه ولكن لا يمكننا الوقوف عنده. فعندما ننظر إلى الحضارة الغربية نجد أن الحداثة الغربية لم تتوقف عند أي من أعلامها الكبار مثل « فولتير » و »منتسكيو » و »ديكارت »، بل عملت دائما على تجاوزهم لذلك لا يمكن أن يكون الجابري سوى نقلة من النقلات المعرفية التي يجب تجاوزها إلى ما هو ابعد. أما إذا وقفنا عند الجابري فإننا نكون قد أوقفنا التاريخ عن صيرورته والوقوف عند مشاريع معينة يؤدي إلى الانغلاق والاستبداد. والتجربة الماركسية لدينا أكبر دليل على ما نقول: فتحويل أي مشروع إلى إيديولوجيا هو مضاد لمنطق التاريخ في التطور والتشكل والتحول. وأعتقد من هذه الناحية أن الجابري نفسه، ومن خلال مشروعه، عمل على رفض الايدولوجيا من أجل قراءة إبستمولوجية للواقع، فمشروع النهضة العربية من هذه الناحية مشروع جماعي أو لا يكون.  ألا تعتقد أن الجدل بينك وبين الجابري هو في نهاية المطاف جدل إيديولوجي بين مشروعين مختلفين للعالم العربي: مشروع « قومي » ينتقد المركزية الأوربية كما فعل الجابري، ومشروع آخر تمثله أنت يتماهى في الثقافة الإنسانية ولا يرى ضيرا في القول بالمركزية الأوربية وتفوقها ويجعلنا أحد روافدها؟ – دعني أرد على هذا الاتهام لي بالرد على مقولة نقد الجابري للمركزية الأوروبية. أقول لك إن الأوربيين هم أول من نقد مفهوم المركزية الأوروبية ذاته وليس للجابري أي مزية في ذلك، ونحن جئنا في آخر السلم لنفضحها. ففي أوروبا هناك، ومنذ مائة سنة، مفكرون وكتب نقدت مفهوم المركزية هذه، والجابري لم يأت في هذا بجديد ولم يأخذ في هذا إلا ما أوصله لنا الفكر الاستشراقي الغربي. إذا كانت للجابري من مزية فهي أنه فتح المجال للعمل البحثي في البحث عن مفهوم العقل في التراث الإسلامي وساهم بحفرياته النقدية في تقصي أصول هذا العقل ومساره التاريخي ومآلاته ولكن يبقى مجهوده كمجهودي وكأي مجهود آخر مجرد مساهمة. وأي قوة فكر إنما هي قدرة هذا الفكر على تجاوز نفسه حتى لا يتحول إلى وثنية جديدة، لأننا في العالم العربي اليوم مهددون بالعودة نحو عصور وسطى جديدة بفعل المد الأصولي ومشروع الجابري وحده غير قادر على مواجهتها. _______________ صحفي تونسي مقيم بباريس (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 ماي 2010)  

حكايتنا مع الخواجات (1)


محمد سيف الدولة Seif_eldawla@hotmail.com   الحكاية الأولى    منذ حوالي 5000 سنة ، أي منذ فجر الضمير كما يقولون ، شاهدت هذه المنطقة حضارات كبيرة وعظيمة ، مثل الحضارة المصرية القديمة ، والحضارة البابلية والآشورية في العراق ، والفينيقية في سوريا ، وغيرها ونجحت هذه الحضارات في إقامة دول وممالك كبيرة، بل وأسس بعضها إمبراطوريات . وكانت العلاقات بينها تتراوح بين الحرب والسلام ، والصراع والوئام . وعشنا كذلك حوالي ألفى سنة ، إلى أن وصلنا إلى الألف الأخيرة قبل الميلاد ، حيث بدأت عصور الضعف و التدهور و الاضمحلال ، التي كانت مقدمة لوقوعنا جميعا تحت نير الاحتلال الاجنبى الطويل . * * * الخواجات :  ففي عام 332 قبل الميلاد ، جاءنا أول خواجة من البر الثاني عابرا البحر الأبيض المتوسط بجيوشه وأساطيله  ، وكان هو الاسكندر المقدوني ، الذي غزانا ، واستولى على معظم البلاد التي تسمى اليوم بالبلاد العربية ، كما استولى على غيرها. وعندما مات ، وُرِثنا هنا في مصر إلى أحد قواده ، و هو بطليموس الأول الذي أسس في مصر الدولة البطلمية والعصر البطلمي ، وظل الخواجات اليونانيون يحتلوننا 302 عاما من 332 ق.م حتى 30 ق.م . وللأسف لم ننجح في تحرير أنفسنا بأيدينا ، فالذي حدث أن جاءنا خواجة ثاني من البر الثاني ، ولكن هذه المرة من ايطاليا ، من روما ، وقام بطرد اليونانيين ، والحلول محلهم ، لنقع مجددا تحت الاحتلال الاجنبى . وظل الخواجات الرومان يحكموننا ويحتلوننا 425 عاما أخرى من 30 ق.م الى 395 ميلاديا . ومرة أخرى ، لم يكن لنا شأن بطرد المستعمر . فالذى حدث هو أن قام الخواجة الإمبراطور ثيودوسيوسى عام 395 م بتقسيم الإمبراطورية الرومانية الكبرى بين ولديه ، فجئنا نحن في نصيب و ميراث ابنه آركاديوس الذي ورث القسم الشرقي من الإمبراطورية ، و التي أطلق عليها الإمبراطورية الرومانية الشرقية أو الإمبراطورية البيزنطية ، والتي كانت عاصمتها القسطنطينية ، التي هى الآن اسطنبول . وظل الخواجات الجدد ، الروم الشرقيون أو البيزنطيون يحتلوننا 245 عاما أخرى  من 395 ميلاديا إلى 642 ميلاديا . لتصل بذلك جملة سنوات احتلال الخواجات لمصر ، 974 سنة متصلة ، أي ما يقرب من ألف عام ، عشرة قرون كاملة . وما حدث مع مصر حدث مع باقي بلاد المنطقة مع بعض الاختلاف في التفاصيل . * * * هل تتخيلون معي ماذا تعنى ألف عاما من الاحتلال الأجنبي ؟ لنتخيل ذلك ، دعونا نتذكر معا ان الانجليز احتلوا مصر 72 عاما من 1882 الى 1954، فكانت هى الفترة الأكثر سوادا فى تاريخنا الحديث . والفرنسيين احتلوا الجزائر 132 عاما من 1830 إلى 1962 ، فكانت مأساتهم هى الأكبر بين شعوب المنطقة . والصهاينة يغتصبون فلسطين منذ 62 عاما ، وهو ما نعتبره لعنتنا الكبرى . فما بالنا وبلادنا عاشت تحت الاحتلال الاجنبى أأأأأالف سنة متصلة . معناها أننا لم يعد لنا وجود ، وتحولنا إلى مسخ شعب بلا هوية بلا قوام ، مواطنون من الدرجة الثانية والثالثة ، مشاع لكل من يرغب . وإستقر فى وجدان أجدادنا ، أنه لم يعد هناك فائدة ، فالأسياد هم الخواجات على البر الثاني ، أما نحن فسنعيش عبيدا لهم إلى الأبد . * * * المعجزة : واذ نحن على هذه الحال ، تحدث معجزة لم يتوقعها أحد ، يفتح الله علينا بالإسلام ، يحمله لنا ، رسوله الكريم ، محمد صلى الله عليه وسلم . ويتناقل الناس خبر ظهور نبى عربي جديد فى الجزيرة العربية يدعو إلى دين سماوي جديد . وما هي إلا سنوات قليلة ونجد عمرو بن العاص على أبواب مصر فيدخلها عام 640 ميلادية ، ويستكمل فتحها 642 ميلادية . قبلها كانت بلاد الشام والعراق قد فتحت ، وعلى نهاية القرن السابع الميلادي كان بلاد المغرب كلها قد فتحت كذلك . * * * الأمة الجديدة : ترتب على الفتح العربي الاسلامى ، أن دخلت كل الشعوب والقبائل والجماعات والأقوام التي تعيش في هذه المنطقة في بوتقة واحدة ، وأخذت تتفاعل و تنصهر  معا ، لتخرج بعد حوالي مائة عام : خامة واحدة ، نسيج واحد ، وطن واحد ، شعب واحد ، بلد واحد ، أمة عربية إسلامية واحدة ، هضمت كل ما سبقها وأثرته ، وأثريت به ، وتطورت عنه . استطاع الفتح العربي الاسلامى أولا ان يحرر المنطقة من الاحتلال الاجنبى الذين مكث فيها ألف سنة ويزيد . واستطاع ثانيا أن يحافظ لها على استقلالها ، وان يمنع ويصد أى غزوات جديدة من الخواجات على البر الثاني . واستطاع ثالثا أن يصيغها أمة واحدة . * * * وفى مصر : وهنا فى مصر انتقل بنا الحال من النقيض الى النقيض ، فللمرة الأولى في حياتنا نكون جزء من أمة أكبر وفى القلب منها ،  وللمرة الأولى منذ ألف عام نتحرر من الاحتلال الاجنبى ، ونصبح مواطنين من الدرجة الأولى في امة ننتمي إليها ، ونتشارك فيها . ولأول مرة منذ ظهور الحضارة ، نكف عن القتال دفاعا عن حدودنا ، فالحدود قد بعدت إلى اقاصى الشرق والغرب والجنوب ، وبعدت معها المخاطر الخارجية . وأصبح لنا خطوط دفاع أمامية أولى وثانية وثالثة ورابعة في العراق والشام وفلسطين والمغرب والنوبة . فالأمة هي التي تدافع عنا و تحمينا ، بعد أن ظللنا لآلاف السنين ندافع عن أنفسنا  . و قصص الهجمات التتارية ، والحروب الصليبية خير شاهد على ذلك . الأمر الذي جعل من مصر المنطقة الأكثر أمانا في هذا الوطن الواحد مترامي الأطراف ، والأكثر مناعة وقوة ، و بفضل ذلك أصبحت هي القائد الطبيعي لأمتها ، وعاصمتها السكانية و الجغرافية والحربية والسياسية . إن مصر هي بحق هبة الأمة العربية الإسلامية ، هبة الإسلام والفتح العربي . أما مصر القديمة التي قيل أنها هبة النيل ، فلقد قام بالقضاء عليها هي وجيرانها ، الغزو الاجنبى منذ القرن الثالث قبل الميلاد . * * * الخلاصة : وصلنا إلى نهاية حكايتنا الأولى ، ونستطيع أن نبلور معانيها ودروسها المستفادة في خمسة دروس أساسية : 1) الدرس الأول : أن هذه المنطقة خُلِقَت لكي تعيش وحدة واحدة وكيان واحد ، وإنها عندما عاشت بلادا وحضارات وأقواما متعددة ومختلفة فى العشرين قرنا الأولى من حياتها ، تدهور بها الحال ، ووقعت تحت الاحتلال الاجنبى لمدة ألف سنة ويزيد. وعندما أعيدت ولادتها كأمة واحدة بعد الفتح الاسلامى ، تحولت إلى واحدة من أقوى الأمم فى العالم على امتداد أكثر من عشرة قرون متصلة . ومن يومها ، ثبت موضوعيا وتاريخيا  انه  من المستحيل  على مصر أو أى قطر آخر ان يتحرر من الاحتلال الاجنبى أويحافظ على استقلاله ، أويتطور وينمو ويتقدم ويتنافس مع الآخرين ، بصفته وحدة قومية و سياسية قائمة بذاتها . لقد سقطت للأبد نظريات الأمة المصرية والأمة العراقية و الأمة السورية …الخ ، بل إننا أمة عربية واحدة ، بلد عربي واحد ، مثل الصين والهند وإيران و تركيا وانجلترا وفرنسا وباقي خلق الله . * * * 2) الدرس الثاني ، هو أن الإسلام هو صانع هذه الأمة ، والعنصر الرئيسي في تكوينها ، ولذا فانه لا يمثل دينا للأغلبية منها فحسب ، بل هو حضارة الأمة وهويتها . ان كل عربي مسلما كان أو مسيحيا ، هو ابنا بالضرورة وبالتاريخ للحضارة الإسلامية . * * * 3) الدرس الثالث : هو ان مصر ليست أمة قائمة بذاتها ، ليست بلدا قائما بذاته ، بل هي جزء من أمة أكبر ، من بلد أكبر . مصر ليست الصين او الهند او انجلترا أو فرنسا . بل هي بكين أو نيودلهي أو لندن أو باريس . * * * 4)   الدرس الرابع : ان لا حياة ممكنة لمصر بدون أمتها ، ولا حياة ممكنة للأمة بدون مصر . * * * 5) الدرس الخامس : ان الخواجات هناك في البر الثاني ، موجودون متربصون  منذ آلاف السنين . كانوا كذلك وسيظلون . * * * * * * * ونلتقى باذن الله فى الحكاية القادمة .  
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 ماي  2010)


مخاوف من انتفاضة شعبية بالجزائر


هشام موفق-الجزائر يتخوف متابعون للشأن الجزائري من اندلاع انتفاضة شعبية بهذا البلد جراء موجة إضرابات في قطاعات مختلفة تشبه تلك التي شهدتها نهاية ثمانينيات القرن الماضي. ويحذر الكاتب والمحلل السياسي مراد أوعباس من تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن الجزائري، ويؤكد للجزيرة نت أن « هناك هواجس ومخاوف جدية من انفلات الأمور على الصعيد الشعبي ». بل يرى أوعباس أن « الاحتجاجات والإضرابات التي شهدها –ولا يزال يشهدها- عدد من القطاعات الحساسة بالبلد تبعث على التخوف من اندلاع انتفاضة شعبية شبيهة بالتي هزت الجزائر في أكتوبر/تشرين الأول 1988″، الأمر الذي جعله يدعو الحكومة الجزائرية إلى فتح باب الحوار مع النقابات بدل « تطبيق سياسة الهروب إلى الأمام ». وكانت الجزائر قد شهدت انتفاضة شعبية في أكتوبر/تشرين الأول 1988 بعد السخط الشعبي الذي تنامى منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي بسبب الغلاء المعيشي وغلق المجال السياسي والإعلامي والنقابي، وتمخض عن تلك الانتفاضة فتح هذه الفضاءات قبل أن يدخل البلد فيما أصبحت تعرف فيما بعد بـ »العشرية السوداء ». إضرابات بالجملة وكانت عدة نقابات قد دخلت على مدار الأسابيع الماضية في إضرابات متتالية شملت قطاع الأطباء وقطاع التربية والتكوين المهني وعمال البلديات والسكك الحديدية وباقي عمال الوظيفة العمومية وعمال المجمعات الصناعية. وحسب الخبراء الاقتصاديين فإن نسبة الإضرابات بالجزائر زادت لتصل 85% منذ التعديل الأول للدستور عام 1989، مقارنة بالفترة التي سبقت ذلك. وخلال إضرابها طلبت نقابة عمال الصحة العمومية من الحكومة رفع أجور المنتمين للقطاع، في حين كشف وزير الصحة سعيد بركات عن استصدار قرار من العدالة يقضي بإيقاف الإضراب. أما قطاع التربية فشن أضخم إضراب له منذ العام 2003، إذ توقف عن العمل حوالي نصف مليون أستاذ في مختلف المراحل التعليمية لعدة أسابيع، بعد « فشل » الإدارة في تطبيق اتفاق بين الوزارة والنقابات قبل تدخل العدالة وإصدار قرار ببطلان الإضراب. وهددت وزارة التربية الوطنية بتغيير الأساتذة والمعلمين بآخرين إن لم يوقفوا الإضراب، مع الدعوة إلى فتح حوار لمناقشة مراجعة سلّم الرواتب وملف الخدمات الاجتماعية، قبل أن « تتنصل » من الملف الأخير. وقال رئيس نقابة التعليم مزيان مريان إن « المطلب الأساسي للنقابات هو رفع القدرة الشرائية للمواطن الجزائري وتحقيق العدالة الاجتماعية »، وأضاف للجزيرة نت « هل من العدالة أن يتقاضى نائب برلماني في اليوم ما يتقاضاه عامل في شهر؟ ». وعن تحليله الشخصي لاحتمال تكرار انتفاضة شبيهة بانتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 1988، قال مزيان إن « انتفاضة القرن الماضي جاءت بعد الغضب الشعبي من غلاء المعيشة وغلق الحريات السياسية والنقابية ». وأضاف « السلطات العمومية دعمت أسعار المواد الأولية بين عامي 2008 و2009 بما قيمته 10 مليارات دولار من أجل تفادي تكرار ما وقع عام 1988، لكن الخطر الحقيقي لعودة مثل تلك الانتفاضة هو في حالة تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية ». سكن ومعيشة غير أن الاضطرابات لم تقتصر على النقابات فقط، بل عرفت الجزائر عدة احتجاجات شعبية، الباعثُ الأساسي لها أزمة السكن وارتفاع أسعار المواد الأولية. واحتج سكان أحياء « ديار الشمس » و »الزعاطشة » و »السمار » بالعاصمة وغيرها من الولايات على « الأوضاع المزرية » التي باتوا يعيشونها. وأكد الناطق الرسمي باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي ميلود شرفي أن الحكومة لم تدر ظهرها يوما لأي مطلب اجتماعي محق، وأكد للجزيرة نت أن « الحكومة فتحت حوارا مع الشريك النقابي (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) والنقابات المعتمدة، وهي تطبق برنامج رئيس الجمهورية، خاصة شقه المتعلق ببرنامج المليون سكن ». واستبعد شرفي, الذي يشكل حزبه جزءا من التحالف الرئاسي، تكرار سيناريو الانتفاضة الشعبية، قائلا « تلك مرحلة مضت من تاريخ الجزائر ولن تعود، نحن نركز على التنمية وتوفير الاحتياجات للمواطنين ». إرادة السلطة كما استبعد الكاتب والمحلل السياسي عابد شارف اندلاع أي انتفاضة بالجزائر، مبرزا أن « الاحتجاجات ليست جديدة بل هي موجودة منذ 20 عاما », وهو تصرف أضحى عند المواطنين وسيلةً للتعبير بعد موت المؤسسات المؤهلة لتنظيم الحوار مع المواطنين وفشل الإدارات في تطبيق ما يُتفق عليه, على حد تعبيره. وقال للجزيرة نت « لن تكون بالجزائر أية انتفاضة إلا الانتفاضة التي تريدها السلطة »، مؤكدا أن « أية انتفاضة لا بد لها من وضع اجتماعي ملائم، وهو متوفر في حالة الجزائر، لكن قابلية المجتمع لمسايرة الانتفاضة غير متوفرة لأنه مُنهك، كما أن وجود الحد الأدنى من المؤسسات التي تنسق وتعبئ غير متوفر ». (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 ماي  2010)


استخدم جواز سفر حقيقياً دبي تلاحق بريطانياً شارك في اغتيال المبحوح


2010-05-17 لندن – وكالات  كشف الصحافي البريطاني روبرت فيسك في خبر انفردت به صحيفة « ذي إندبندنت » البريطانية أن دبي تلاحق بريطانيًّا بوصفه المشتبه به التاسع عشر في اغتيال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المبحوح قبل أربعة أشهر. وأورد موقع « الجزيرة نت » أن فيسك نقل عن مصدر إماراتي أن المتهم البريطاني وصل إلى دبي باسمه الحقيقي حاملا جواز سفر بريطاني حقيقي غير مزور، خلافا لبقية أعضاء المجموعة التي نفذت عملية الاغتيال. وأضاف أن صحيفة « ذي إندبندنت » حصلت على تفاصيل إضافية تتعلق بالبريطاني، لكنها أحجمت عن نشرها، مشيرا إلى أن الشخص المعني من مواليد عام 1948 ويحمل جواز سفر صدر يوم 24 أكتوبر 2007 وصالح حتى العام 2018، ووالده فلسطيني يهودي هاجر إلى بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن السلطات المختصة في دبي أبلغت الشرطة الدولية (الإنتربول) بتفاصيل ورقم جواز سفر الشخص الذي يعتقد أنه متوار حاليا عن الأنظار في إحدى دول أوروبا الغربية. وأوضح فيسك نقلا عن المصادر الإماراتية أنه تم التعرف على المشتبه به -الذي زار فرنسا وكندا مؤخرا- وهو يوقف سيارة مستأجرة قرب الفندق الذي اغتيل فيه المبحوح، وأن صورته كانت واضحة على شريط كاميرا المراقبة الأمنية الموجود حاليا بحوزة الأجهزة الأمنية المختصة التي سلمت الشرطة البريطانية نسخة منه. يشار إلى أن المبحوح اغتيل خنقا في غرفته بأحد فنادق دبي في فبراير الماضي، وتمكنت السلطات الإماراتية إثر ذلك من تحديد هوية 33 مشتبها به كشفت التحقيقات أن 12 منهم استخدموا جوازات سفر بريطانية مزورة. ورجح فيسك أن يساهم الكشف عن استخدام جواز سفر بريطاني حقيقي في عملية الاغتيال بمزيد من التوتر بين إسرائيل وبريطانيا، ويضع وزير الخارجية البريطاني الجديد وليام هيغ في موقع صعب، لاسيما أن سلفه ديفيد ميليباند كان قد دان في تصريحات رسمية عملية الاغتيال، معتبرا أن تزوير جوازات سفر بريطانية أمر لا يحتمل، وطالب إسرائيل بضمانات بعدم تكرار مثل هذه التصرفات مستقبلا. وردت لندن على ذلك بطرد دبلوماسي في السفارة الإسرائيلية يعتقد بأنه ممثل الموساد معروف لدى السلطات البريطانية وسبق له أن عمل كضابط ارتباط مع جهاز المخابرات البريطانية المعروف باسم « أم آي 6 ». (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 17 ماي 2010)


خلال ندوة في الذكرى 62 للنكبة بشارة: فلسطين آخر ملفات الاستعمار


حسين جلعاد-الدوحة   قال المفكر العربي عزمي بشارة إن قضية فلسطين هي آخر مخلفات الحقبة الاستعمارية في التاريخ التي لم تحل حتى الآن. وشدد على أنه لا يمكن تحرير الوعي العربي ما لم تحل هذه القضية مشيرا إلى أنها ليست قضية اللاجئين الفلسطينيين وحدهم فقط, بل هي قضية الأمة العربية وإحدى تجليات الإنسان العربي بوعيه بذاته وصراعه مع الاستعمار. جاء ذلك في ندوة بعنوان « المشهد الفلسطيني في الذكرى الثانية والستين للنكبة » نظمها مركز الجزيرة للدراسات مساء الأحد بالدوحة. واستعرض بشارة في الشق الأول من الندوة التاريخ العسكري والسياسي، وأورد شهادات القادة العسكريين العرب الذين قادوا المعارك إبان حرب 48 ضد العصابات الصهيونية آنذاك، وفند عبر إيراد تلك الشهادات المقولات الصهيونية التي طالما روجت ومفادها أن إسرائيل انتصرت في الحرب رغم التفوق العددي للعرب. أكذوبة التفوق وأوضح بشارة أن عدد القوات اليهودية التي شاركت في حرب 48 كان قرابة 60 ألف مقاتل وقت انتهاء المعارك، في حين لم يتجاوز عدد مقاتلي الدول العربية المشتركة في القتال مجتمعة 18 ألف جندي عربي في جميع الجبهات، وقال إن التفوق العربي العددي خلال الحروب أكذوبة. ولفت بشارة من خلال استعراض شهادات العسكريين العرب إلى أن قادة الجيوش كان لديهم وعي عميق بحجم التحدي العسكري الذي يواجههم في المعارك المتوقعة بعد إعلان قرار التقسيم واتضاح نوايا بريطانيا -دولة الانتداب حينها- والوكالة اليهودية نحو إعلان ما بات يعرف لاحقا باسم دولة إسرائيل. وبين المفكر العربي أن الوثائق تدل على أن العسكريين العرب طلبوا من رؤساء دولهم تجهيز 72 طائرة وست فرق عسكرية, مشددين على أنه لا يمكن دخول الحرب دون قوات موحدة، لكن القيادات السياسية العربية رأت أن تلك المطالب غير ممكنة، وأمرت العسكريين بدخول المعارك حسب ما هو متوفر لديهم من عتاد. وأكد بشارة أن بوادر السلوك العربي نحو ما يسمى السلام والتسويات السياسية قد ظهرت مبكرة منذ الأيام الأولى لحرب النكبة، وأشار إلى انقسام الدول العربية إلى محاور تتنازعها المصالح المختلفة, الذي تجلى في دخول كل دولة عربية منفردة إلى مفاوضات الهدنة. واستعرض المفكر العربي المعطيات الفكرية والسياسية والعسكرية الصهيونية في تلك الفترة التي تمثلت في المجازر التي ارتكبتها القوات اليهودية بحق الفلسطينيين لتهجيرهم، ثم تطبيقاتها السياسية لدى القادة الصهاينة عبر الإصرار منذ الأيام الأولى على تهميش ما يسمى الشرعية الدولية ورفض قرارات حق العودة الفلسطيني. العلاقة مع الراهن وفي الجزء الثاني من المحاضرة، ربط بشارة بين الواقع السياسي إبان النكبة، وما يجري حاليا في الواقع العربي وتفاعله مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي نجحت في تحييد أكبر قوة عربية وهي مصر عبر اتفاق كامب ديفد في سبعينيات القرن العشرين، ثم ما تمخض عنه لاحقا من مسارات تفاوضية أحادية مع إسرائيل كان أبرزها ما يسمى مرحلة السلام الفلسطيني. وشدد بشارة على واجب المثقفين العرب في ذكرى النكبة، وقال إنه لا ينبغي الانخداع بأطروحات من يسمون المثقفين الليبراليين الذين لا يخفون إعجابهم بإسرائيل كدولة ديمقراطية في زعمهم، وقال إن ذلك يخرج القضية عن سياقها التاريخي، فلا يمكن النظر إلى إسرائيل إلا من خلال صيرورتها الاستعمارية، وباعتبار أنها كانت أبشع أنواع الاستعمار الاستيطاني الإحلالي، أي تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الحقيقيين وإحلال مستوطنين مجلوبين بدلا منهم.  وحذر المفكر العربي مما يروج حاليا في بعض الدول العربية عبر إثارة النعرات الإقليمية، وتصوير الفلسطينيين وكأنهم يشكلون خطرا على هوية الشعوب التي يعيشون فيها، لافتا إلى أن ذلك لعبة صهيونية، لن تقود إلا إلى خلق حساسيات في المجتمعات العربية مما يترتب عليه أن تصبح قضية فلسطين عبئا على هذه الشعوب، في حين أنّ المطلوب أن تمتلك الشعوب العربية وعيا مسؤولا حيال قضية العرب الأولى. وأوضح بشارة أنه لا تناقض بين أن يحصل الفلسطينيون على حقوق مدنية في دول الشتات، وبين تثبيت حق العودة إلى وطنهم فلسطين. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 ماي  2010)

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

17 mars 2011

TUNISNEWS 10 ème année,  N°3950 du 17.03.2011 archives : www.tunisnews.net  Parti du Travail Patriotique et Démocratique de Tunisie:

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.