TUNISNEWS 6 ème année, N° 2093 du 13.02.2006
التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات: التكتل يتعرّض لتعطيل نشاطه العادي كحزب قانوني التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات: بيـــان حول الرسوم الكاريكاتورية الساخرة من النبيء محمد(ص) اللجنة الجهوية لدعم حركة 18 اكتوبر بالقيروان: بيان رويترز: رامسفيلد يستبعد وجود موطئ قدم للقاعدة في المغرب العربي الحياة: رامسفيلد يبحث مع بوتفليقة التعاون العسكري ومكافحة الارهاب وبيع الجزائر معدات أمنية السفير البيروتية: رامسفيلد في المغرب بعد الجزائر وتونس
رويترز: رامسفيلد: امريكا تعمق صلاتها مع الجزائر القدس العربي: الجزائر والولايات المتحدة تتفقان علي تكثيف التنسيق في مجال مكافحة الارهاب القدس العربي: تظاهرة احتجاجية علي رامسفيلد بالرباط تصفه بـ المجرم القاتل قدس برس: مظاهرات استقبلته في الشوارع .. وزير الدفاع الأمريكي ضيف ثقيل في المغرب الخبر: واشنطن تدفع باتجاه تكتل مغاربي لمكافحة الإرهاب الخبر: سلطاني يطالب رامسفيلد بالإفراج عن معتقلي غوانتانامو الفجر: الطبقة السياسية تصف زيارة مسؤول الدفاع الأمريكي بالعادية قدس برس: سعيد سعدي: “الجزائر مقبلة على حالة لا استقرار النظام” رويترز: سترو يتوجه الى المغرب بجدول أعمال يتصدره الامن رشيد خشانة: المغرب العربي على رأس الأولويات الإستراتيجية الأميركية وخفوت دعوات الإصلاح لمصلحة التنسيق الإستخباراتي والعسكري
مصطفى فرحات: ماذا تريد أمريكا من المغرب العربي؟قومي عربي: جولة نايلة شرشور في أمريكا أو السقوط في أعماق الغيبوبةالهادي بريك: من وحي الذكرى السابعة والخمسين لاستشهاد البنا مرسل الكسيبي: كفاية ! النار تذكى بعودين والحرب أولها الرسوم
الطاهر العبيدي: (الاستعمار الفرنسي ساهم في التحضر والمدنية للدول المتخلفةّ)رويترز: عيد الحب .. تقليد يترسخ لدى التونسيين الصباح الأسبوعي: تحقيق: غدا عيد الحب – ما هي مواصفات الحب زمن العولمة؟إسلام أون لاين: “محمد داي” بدل “فالنتاين داي”بشير موسى نافع: دلالات فوز حماس.. استثناء متأزم أم تطور طبيعي؟الحياة: برهان غليون: حداثتنا الرثة تنتج قهراً وعنفاً واستبداداً أكثر من انتاجها حرية فكرية وعملية Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
ا لتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات
بيـــان
تونس في 10 فيفري 2006
للمرّة الثانية في ظرف أقلّ من شهر، يتعرّض التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات لتعطيل نشاطه العادي كحزب قانوني، حيث عمد أعوان الأمن بالزيّ المدني إلى منع مواطنين ومناضلين من الدخول إلى مقرّه.
وكان أعوان الأمن قد خرقوا القانون وبدون أيّ مبرّر عندما تصدّوا يوم الثلاثاء 24 جانفي الماضي لمنع اجتماع هيئة 18 أكتوبر بمقرّ الحزب، وهاهم اليوم يعيدون الكرّة بمنع تظاهرة ينظّمها التكتّل تضامنا مع المساجين السياسيّين.
ويأتي هذا التعطيل الجديد لنشاط الحزب بعد يوم من تعرض الأخ عبد القادر بن خميس مسؤول الحزب بجهة الكاف إلى اعتراض سبيله والاحتفاظ به في مقرات الشرطة بالمنستير طيلة ساعات وتجريده من الوثائق التي كان يحملها معه.
هذا ويذكّر التكتل الديمقراطي بموقفه القار المطالب بسنّ عفو تشريعي عام كمدخل ضروري لتنقية المناخ السياسي وبتضامنه مع شبّان جرجيس الذين يقبعون في السجن في ظروف مزرية، إثر محاكمات اتفق جميع الملاحظين على أنّها لم تكن عادلة، إضافة إلى أنّ هذه المحاكمات شكّلت فاتحة لسلسلة محاكمات أخرى نُظّمت في إطار التوظيف السياسي لمسألة “مقاومة الإرهاب”.
إنّ التكتّل يؤكّد من جديد أنّ التصرّفات الأخيرة لأجهزة الأمن تشكّل اعتداء صارخا على حقّه في النشاط السياسي في أبسط أشكاله، وتبرهن على أنّ التأشيرة القانونية التي ناضل التكتل من أجل اكتسابها طوال ثماني سنوات قد أُفرغت الآن من مضمونها، كما يؤكّد التكتل عدم مصداقية السلطة عندما تصنّف الأحزاب والجمعيات إلى ما هو قانوني وما هو غير قانوني.
إنّ هذه التصرفات تؤشّر مجددا على تمادي السلطة في النهج الأمني مكرّسة غياب دولة القانون.
الأمين العام
مصطفى بن جعفر
ا لتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات
بيـــان
تونس في 11 فيفري 2006
تداول المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في اجتماعه الأخير ليوم السبت 11 فيفري 2006 تداعيات الأزمة التي أثارتها صحيفة “يولاندس بوستن” الدانماركية بنشرها منذ أربعة أشهر رسوما كاريكاتورية مسيئة لشخصية الرسول محمد عليه السلام. والتي تداولتها في الآونة الأخيرة بعض الصحف الغربية الأخرى ومن بينها “فرانس سوار” و”شارلي هبدو” الفرنسيتين بدعوى الدفاع عن حرية التعبير، ولقد مثلت هذه الرسوم اعتداء على العواطف الدينية للمجموعات المسلمة في سائر أنحاء العالم وخلطا مشينا بين الدين الإسلامي وظاهرة الإرهاب.
والتكتل الديمقراطي إذ يشجب مثل هذه الممارسات الإعلامية فإنّه يؤكّد أنّ حرية التعبير التي تمثّل ثابتا من أهمّ ثوابته ومجالا من أولى مجالات نضاله منذ سنوات عديدة لا يجب أن تتحوّل إلى تشويه لمعتقدات البشر وتحريضا على التباغض الديني ودعوة إلى التمييز والعنصرية، خاصة وأنّ العهود الدولية تنصّ على الحظر القانوني لذلك، وأنّ قوانين البلدان الديمقراطية تتصدّى لترويج الأفكار التي تقوم على الكراهية والعنصرية، وأنّ أخلاقيات المهنة الصحفيّة تتعارض مع مثل هذه الممارسات المستفزّة للعواطف الدينية.
وإذ يعبّر التكتل الديمقراطي عن هذا الموقف المبدئي، فإنّه يدعو الرأي العام في بلادنا وفي سائر البلدان العربية والإسلامية إلى عدم الانخراط في ما من شأنه أن يغذّي صراع الحضارات، وهو ما تنظّر إليه أطراف يمينيّة في عديد بلدان العالم، كما يدعو إلى عدم الخلط بين تلك الصحف التي تعمّدت الإساءة والبلدان التي تصدر فيها تلك الصحف والشعوب التي تعيش فوق أرضها. وفي هذا الصدد، يذكّر التكتل بما يربطنا في العالم الغربي مع أطراف واسعة تساندنا في قضايانا العادلة التي نناضل من أجلها، كما يشدّد التكتل على أنّ عديد الأنظمة الحاكمة في البلدان العربية والإسلامية والتي تسعى اليوم إلى أن تركب موجة هذه القضيّة المؤسفة بدعوى الدفاع عن المقدسات لا تتوقّف عن الإساءة إلى شعوبها بممارسة شتّى أنواع القمع وأساليبه عليها.
إنّ التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في هذا الظرف العالمي الحساس، يساند كلّ الأصوات الحرّة التي تحلّت بالمسؤولية والتعقّل ويضمّ صوته إليها من أجل ربط الصداقة بين الشعوب والسعي الجادّ لتكريس حوار الحضارات وتحالفها.
الأمين العام
مصطفى بن جعفر
اللجنة الجهوية لدعم حركة 18 اكتوبر بالقيروان القيروان في 12 فيفري 2006 بيان
للأسبوع الثاني على التوالي تتواصل في كل أنحاء العالم ردود الفعل الغاضبة على الرسوم الكاريكاتورية الساخرة من النبيء محمد(ص) التي بادرت بنشرها صحيفة دنماركية ولا زال التوتر يزداد حدة يوما بعد يوم رغم محاولات التهدئة التي قامت بها بعض الهيئات والشخصيات الدولية.
وقد زاد في تأجيج مشاعر الغضب عند المسلمين ما أعربت عنه بعض الأوساط الغربية من امعان في التحدي والاستكبار واستخفاف بالاسلام والمسلمين وذلك برفضها الاعتذار عن هذه الرسوم المسيئة لنبي الاسلام والاعراب عن تأييدها لنشر هذه الرسوم بدعوى الدفاع عن حرية التعبير وتشجيعها لبعض الصحف على اعادة نشرها. وان الجنة الجهوية لدعم حركة 18 اكتوبر بالقيروان التي تتابع هذا الموضوع بكل اهتمام 1- تستنكر نشر هذه الرسوم التي تسيء لخاتم الأنبياء وتستخف بمليار ونصف مسلم في العالم. 2- تؤكد تمسكها بالمطالبة بحرية التعبير وهي تدرك أن لهذه الحرية ضوابط تحول دون تحولها الى تحريض على الكراهية أو اثارة الفتن بين الشعوب. 3- تحمل الأوساط الغربية العنصرية المتطرفة مسؤولية تفاقم الأزمة وتصاعد الاحتجاجات الشعبية التي تنبأ باحتدام المواجهات بين المسلمين والغرب وتضع العالم بأسره على فوهة بركان. 4- تنبه الأوساط الرسمية العربية والاسلامية من مغبة التصدي للتحركات الشعبية أو التلاعب بمشاعر المسلمين والسعي الى امتصاص غضبهم بتنظيم “مظاهرات رسمية” تشرف عليها السلطة وتوظفها لفلئدتها أو استغلال هذه الأزمة لرفض كل الاصلاحات التي يتوق اليها المجتمع والتمادي في سياسة الاستبداد والقمع وارهاب الدولة. 5- تعتبران تفجير هذه الأزمة يندرج ضمن نظرية صدام الحضارات التي ينادي بها البعض وان نزع فتيل هذا الصراع وتجنيب البشرية دمارا محتما يتطلب أمرين أساسين:
أ- اعتذار علني واضح للمسلمين من طرف كل الذين تورطوا في خلق هذه الأزمة الخطيرة. ب- سن قوانين دولية صارمة تحرم الاعتداء على الأديان والاساءة للأنبياء.
ظروف الإقامة
شهادة السجين : محمد القلوي
في ماي 1991 حشرنا بالغرفة 18 بجناح العزلة و هيا ضيقة جدا (
و السلام
الحبيب المباركي
رامسفيلد يستبعد وجود موطئ قدم للقاعدة في المغرب العربي
الرباط (رويترز) – قال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد يوم الاثنين في ختام جولته على مدى ثلاثة ايام في المغرب وتونس والجزائر انه يرى “احتمالا ضئيلا للغاية” بان يكون تنظيم القاعدة أو اي تنظيم مماثل له موطيء قدم في دول المغرب العربي الثلاث التي زارها. وقال رامسفيلد للصحفيين عقب اجتماعه مع العاهل المغربي الملك محمد السادس في القصر الملكي في جبال اطلس “اعتقد ان كل دولة من هذه الدول هي مثال للدول في كونها اتخذت كثيرا من الخطوات لاظهار ان بمقدورها العيش بسلام وان تتعامل بنجاح مع مشكلة التطرف.” وردا على سؤال بشأن ما اذا كان بمقدور تنظيم القاعدة انشاء موطيء قدم له في المنطقة قال “اعتقد ان كل دولة من هذه الدول تدير شؤونها الداخلية بطريقة تجعل ذلك احتمالا ضئيلا للغاية.” والتقى رامسفيلد بالعاهل المغربي وغيره من المسؤولين المغاربة في ختام جولته التي استمرت ثلاثة ايام للمنطقة وهي الجولة الاولى له خلال وجوده في منصبه. وشهدت الدول الثلاث التي زارها رامسفيلد حوادث خاصة بالعنف المتطرف في الاعوام الاخيرة. ولكنه اعرب عن ثقته في قدرتها على التعامل مع هذه المشاكل الان. وقبيل لقاء رامسفيلد مع الصحفيين في القصر الملكي وصل وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الى المغرب في زيارة قال مسؤولون بريطانيون انها تهدف لبحث الامن ومكافحة الارهاب والاصلاحات السياسية والاقتصادية في المغرب. وللولايات المتحدة علاقات قديمة مع المغرب.. فالمغرب اول بلد اعترف باستقلال الولايات المتحدة وتربطه بالولايات المتحدة أقدم معاهدة صداقة تعود للعام 1783. ويسعى المغرب لتطبيق سياسة مزدوجة للتعامل مع الراديكاليين الاسلاميين. فقد قمعت السلطات المتشددين منذ التفجير الانتحاري الذي وقع في الدار البيضاء عام 2003 وفي الوقت نفسه يسعى لمحاربة الفقر بتبني خطة لالغاء الاحياة الفقيرة التي هي منبت التشدد. وقال مسؤول دفاعي بارز يرافق رامسفيلد ان الولايات المتحدة تنسب الفضل للعاهل المغربي لادارته “دولة معتدلة”. وأضاف “نحث المغرب هو الاخر على التفكير باجراء اصلاحات سياسية.” وتابع ان التوترات بين المغرب والجزائر بسبب الصحراء الغربية ما زالت حجر عثرة في طريق التعاون الاقليمي. وسئل رامسفيلد عن مدى قلقه من أن تضم الصحراء الغربية جماعات متشددة فقال “في رأيي.. هذا مرجح بصورة اكبر في مناطق اخرى” مشيرا الى “أماكن كبيرة غير محكومة” في دول غير محددة يمكن ان تكون تربة خصبة لانبات التشدد. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 13 فيفري 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
ناقشا إرسال قوات عربية وإسلامية إلى العراق … رامسفيلد يبحث مع بوتفليقة التعاون العسكري ومكافحة الارهاب وبيع الجزائر معدات أمنية
الجزائر , الرباط – محمد مقدم , محمد الأشهب قال وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أمس في ختام زيارة إلى الجزائر، هي الاولى لمسؤول اميركي على هذا المستوى، إن واشنطن تقدر التعاون مع الجزائر «حق قدره»، في حين اشار مسؤول يرافقه الى أن المحادثات تناولت بيع الجزائر معدات عسكرية تدخل في مكافحة الارهاب. وتحدث رامسفيلد إلى الصحافيين بعد لقاء مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تناول ملفات تعزيز التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، اضافة الى قضايا عربية وإسلامية، وقال ان بلاده تقدر الدعم الذي توفره الجزائر. وأضاف «نقدر التعاون مع الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب حق قدره»، مشيرا إلى أن المعركة ضد الجماعات المتطرفة «أمر مهم للغاية بالنسبة للبلدين». وحضر اللقاء بين بوتفليقة ورامسفيلد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني اللواء عبد المالك قنايزية وقائد أركان الجيش الجزائري اللواء احمد قايد صالح، إلى جانب مسؤولين في وزارة الدفاع الوطني والوفد المرافق للوزير الاميركي وسفير الولايات المتحدة لدى الجزائر ريتشارد اردمان. وقال مسؤول اميركي بارز يرافق رامسفيلد (رويترز) ان الولايات المتحدة تبحث في امكان بيع معدات عسكرية الى الجزائر لم يكشف عن طبيعتها سوى القول إنها قد تشمل معدات تستخدم في مكافحة الارهاب. واضاف «يبحثون في تغيير طائراتهم (الحربية) النفاثة، ولا اعتقد ان هذا ممكن بعد». وأكدت مصادر متطابقة أن الوزير الاميركي تناول في زيارته ثلاثة ملفات أساسية تشكل أولوية لواشنطن وتخص تعزيز التعاون العسكري مع الجزائر من خلال بلورة إطار واضح للتعاون والحسم في كل الملفات التي ستثيرها القيادة السياسية والعسكرية في الجزائر من أجل الاندماج بشكل أكبر وأفضل في الحرب على الإرهاب، وخصوصاً في منطقة الساحل الإفريقي، سيما بعد سلسلة الاعتداءات التي شهدتها كل من موريتانيا ومالي وجنوب الجزائر خلال الأشهر الأخيرة. وجاءت زيارة رامسفيلد عشية توقيع الجزائر مع روسيا خلال آذار (مارس) المقبل اتفاقاً للتزود بالأسلحة بقيمة 4 بلايين دولار. وتم خلالها بحث بعض الملفات التي لها صلة مباشرة بالعلاقات الأمنية مع الجزائر، ومنها ملف المعتقلين الجزائريين في قاعدة غوانتانامو الذي كان محل مناقشات ثنائية خلال زيارة مسؤول أميركي رفيع إلى الجزائر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. أما على المستوى الاقليمي، فإن واشنطن ترغب في أن تقوم الجزائر بدور أكبر في مجال مكافحة الإرهاب، خصوصاً في منطقة الساحل الإفريقي، نظراً الى ان حدودها المشتركة مع كل من مالي والنيجر وموريتانيا أضحت تشكل «منطقة رمادية» تتيح للإرهابيين سهولة التسلل. من جهة ثانية، ناقش رامسفيلد مع المسؤولين الجزائريين الوضع في العراق في ضوء رغبة واشنطن في تقليص وجودها العسكري فيه شرط توافر قوة عربية وإسلامية بديلة، وهو المطلب الذي تتحفظ الجزائر بشأنه. وذكرت مصادر أن المحادثات في هذا الشأن ودية أكثر منها رسمية، خصوصاً بعد تأكيد بوتفليقة الخميس الماضي أن الوضع في العراق «يشكل مصدر قلق عميق للجزائر»، مشيرا إلى أن «عودة السلم والاستقرار إلى هذا البلد تظل مرهونة باحترام سلامة اراضيه واسترجاعه سيادته الكاملة، بما فيها سيادته على ثروته الوطنية». وفي الرباط، استبقت تنظيمات حقوقية غير حكومية زيارة رامسفيلد التي بدأت امس بتظاهرة امام البرلمان نددت فيها بانتهاكات حقوق الانسان في غوانتانامو وسجن ابو غريب العراقي، وقال ناشطون في هذه التنظيمات ان الزيارة تسعى الى «تحسين صورة الولايات المتحدة التي اهتزت بعد تدخلها في افغانستان والعراق». وتوقعت مصادر مغربية ان يبحث رامسفيلد مع كبار المسؤولين المغاربة في ملفات التنسيق في الحرب على الارهاب وتعزيز التعاون العسكري وتنظيم المزيد من المناورات المشتركة بين قوات البلدين وفي نطاق حلف شمال الاطلسي. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 13 فيفري 2006)
رامسفيلد في المغرب بعد الجزائر وتونس
وسط احتجاج واستنكار عشرات المغاربة، وصل وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد الى الرباط امس، في زيارة تستغرق يومين، وذلك في اطار جولة قادته الى تونس والجزائر، حيث التقى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأكد دعم بلاده للتعاون العسكري مع الجزائر في مجال مكافحة الارهاب.
وقال مصدر دبلوماسي في الجزائر، إن مباحثات رامسفيلد مع قادة الدول الثلاث، تتركز على منع وصول <<انتحاريين مغاربة>> إلى العراق، ومكافحة تسلل مهاجرين غير شرعيين الى اوروبا، ودعم التعاون العسكري والاستخباراتي المستقبلي بين حلف شمال الاطلسي وتلك الدول. كما اكد مسؤول بارز يرافق رامسفيلد، ان واشنطن تبحث امكانية بيع معدات عسكرية للجزائر في اطار <<مكافحة الارهاب>>.
ونظم عشرات المغاربة اعتصاما احتجاجيا امام مقر البرلمان، رددوا خلاله شعارات تدين زيارة رامسفيلد، وتحمله مسؤولية <<الجرائم الامبريالية ضد الشعوب>>، وخاصة في العراق وفلسطين وأفغانستان. ومن المتوقع ان يلتقي رامسفيلد اليوم الاثنين، الملك المغربي محمد السادس.
وفي تونس، التقى رامسفيلد الرئيس زين العابدين بن علي ووزير الدفاع كمال مرجان، حيث تركزت المباحثات على الملف الإيراني والإصلاحات السياسية في تونس. كما استعرض الجانبان التطورات في العراق وفلسطين والشرق الاوسط. وقبيل مغادرته تونس، زار رامسفيلد المقبرة الاميركية قرب أطلال مدينة قرطاج القديمة.
(ا ف ب، رويترز، د ب ا)
(المصدر: صحيفة السفير البيروتية الصادرة يوم 13 فيفري 2006)
رامسفيلد: امريكا تعمق صلاتها مع الجزائر
الجزائر (رويترز) – قال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد يوم الاحد إن الولايات المتحدة تعتزم تعميق علاقاتها العسكرية والمتعلقة بمكافحة الارهاب مع الجزائر لكنه تجنب القول ان كان هذا يعتمد على الاصلاحات السياسية الجزائرية.
وقال رامسفيلد انه بحث خلال اجتماع مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليفة احتمال بيع أسلحة للجزائر لكنه أضاف “لست في مهمة لبيع الاسلحة”.
ويقوم رامسفيلد بجولة تستغرق ثلاثة أيام في شمال أفريقيا أخذته أولا الى تونس حيث زار مقبرة للجنود الامريكيين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية ثم الى الجزائر في زيارة استغرقت خمس ساعات ونصف. وتوجه رامسفيلد بعدها الى المغرب حيث قام بجولة في مزرعة الخيول الملكية والتقى بزعماء المغرب.
وقال رامسفيلد بينما وقف الى جانب الرئيس بوتفليقة بالقصر الجمهوري بالجزائر “اننا نتطلع لتعزيز علاقاتنا العسكرية وتعاوننا في مجال مكافحة الارهاب.”
وامتنع رامسفيلد عن الرد مباشرة على سؤال بشأن ما اذا كانت الولايات المتحدة ستجعل تعاونها العسكري مع الجزائر معتمدا على احراز تقدم على الصعيد السياسي.
وقال “الولايات المتحدة والجزائر لديهما علاقات متعددة الاوجه. انها تشمل التعاون السياسي والاقتصادي الى جانب التعاون بين العسكريين في البلدين. ونحن نقدر كثيرا التعاون الذي نلقاه في مجال مكافحة الارهاب لانه مهم لكلا البلدين.”
وبدأ الدفء يسري الى العلاقات بين الولايات المتحدة والجزائر بعد توتر دام فترة طويلة وبدأ البلدان اتصالات عسكرية العام الماضي.
وتنظر واشنطن الى الجزائر وتونس والمغرب على أنها قوى معتدلة في شمال أفريقيا في ظل القلق من التطرف الاسلامي.
ولم يتحدث بوتفليقة خلال ظهوره مع رامسفيلد تحت الشمس الساطعة في القصر الجمهوري.
وقتل ما يتراوح بين 150 الف و 200 الف شخص في الجزائر منذ بدء تمرد اسلامي في عام 1992 بعد ان الغت السلطات انتخابات تشريعية كانت الجبهة الاسلامية للانقاذ على وشك الفوز بها.
وقال رامسفيلد انه بحث مسألة مبيعات الاسلحة مع بوتفليقة “بصورة عابرة” وانه لا يعلم ان كانت مبيعات ستتم لكنه أضاف “هناك أشياء يرغبون فيها ولدينا أشياء يمكننا المساعدة بها.”
وقال مسؤول دفاع امريكي بارز يرافق رامسفيلد “يبحثون تغيير طائراتهم النفاثة ولا اعتقد ان هذا في حيز الامكان بعد.”
والجماعة الرئيسة المحظورة في الجزائر هي الجماعة السلفية للدعوة والقتال وتدرجها الولايات المتحدة على قائمتها للمنظمات الارهابية. وأعلنت الجماعة ولاءها للقاعدة في عام 2003.
وقال مسؤولون بالبنتاجون انهم يعتقدون ان هذه اول زيارة يقوم بها وزير دفاع امريكي الى الجزائر.
وأضاف المسؤول الذي يرافق رامسفيلد ان الولايات المتحدة تحرص على تشجيع التعاون الاقليمي بين الجزائر والمغرب وايضا تونس لكن النزاع حول الصحراء الغربية يشكل حجر عثرة.
وضم المغرب الصحراء الغربية في عام 1975 بعد انسحاب اسبانيا القوة الاستعمارية السابقة من هناك. وواجه حرب عصابات مع جبهة بوليساريو المتمركزة في المنطقة الجنوبية الغربية من الجزائر والتي تسعى الى استقلال الاقليم الصحراوي.
من ويل دنام
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 13 فيفري 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
رامسفيلد يصف محادثاته مع بوتفليقة بـ الهامة جدا
الجزائر والولايات المتحدة تتفقان علي تكثيف التنسيق في مجال مكافحة الارهاب
الجزائر ـ القدس العربي من مولود مرشدي:
أنهي وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد امس الاحد زيارة رسمية الي الجزائر دامت يوما واحدا أجري خلالها مباحثات مع مسؤولين جزائريين سياسيين وعسكريين.
والرئيس عبد العزيز بوتفليقة استقبل وزير الدفاع الامريكي منتصف النهار بمقر الرئاسة. وحضر اللقاء عبد المالك قنايزية الوزير المنتدب لدي وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان اللواء احمد قايد صالح.
وأكد رامسفيلد للصحافيين بعد اللقاء مع بوتفليقة أن الولايات المتحدة تقدر التعاون مع الجزائر حق قدره .
وقال اننا نقدر التعاون مع الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب حق قدره لان الأمر مهم للغاية بالنسبة للبلدين . ووصف زيارته إلي الجزائر بـ المفيدة جدا والهامة .
وبخصوص مكافحة الإرهاب قال ان الولايات المتحدة تقدر التعاون الوثيق مع الجزائر في هذا المجال .
واشار الوزير الامريكي الي تعزيز العلاقات في المجال الاقتصادي و السياسي والعسكري بين الجزائر والولايات المتحدة، مذكّرا باللقاء الأخير المنعقد بمدينة صقلية (إيطاليا) في اطار الحوار الاورومتوسطي مع حلف الاطلسي والذي مكن ـ كما قال ـ من التطرق مع المسؤولين الجزائريين إلي العلاقات العسكرية و التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب .
وكان رامسفيلد وصل صباحا في اول زيارة رسمية لوزير امريكي للدفاع الي الجزائر.
وكان المسؤول العسكري الامريكي انهي نهار السبت زيارة رسمية مماثلة الي تونس التقي خلالها بالرئيس زين العابدين بن علي ومسؤولـــين عسكريين.
واستقبل الوزير المنتدب لدي وزير الدفاع عبد المالك قنايزية بمقر وزارته رامسفيلد بحضور عدد كبير من الضباط السامين من وفدي البلدين.
ولم يسمح خلال هذا اللقاء إلا لمصوري وسائل الإعلام بأخذ صور لجلسة الافتتاح بينما منع الصحافيين الذين حضروا بكثافة الي مقر وزارة الدفاع من الدخول الي القاعة.
ولم يتسرب عن هذا اللقاء الذي استغرق قرابة الساعة أية معلومات باستثناء استصدار بيان مقتضب اكد ان اللقاء تطرق الي واقع علاقات التعاون الثنائي العسكري وافاق تطويرها .
وتندرج هذه الزيارة في اطار الترتيبات التي تقوم بها الادارة الأمريكية في منطقة شمال افريقيا بدليل ان زيارة رامسفيلد شملت الدول المغاربية الثلاث، تونس والجزائر والمغرب.
واستقبل رئيس الحكومة احمد اويحيي هو الاخر رامسفيلد بمكتبه بقصر الحكومة. وتم اللقاء بعيدا عن أعين الصحافيين الذين تنقلوا الي مقر وزارة الدفاع.
وتأتي هذه الزيارة بعد يومين من انهاء مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت مولر زيارة الي الجزائر توجت بالتحضير للتوقيع علي اتفاقيات تخص المجال القضائي والقانوني.
يذكر ان هذه الزيارة تأتي قبل زيارة وصفت بالتاريخية سيقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شهر اذار/مارس القادم الي الجزائر.
ومن المنتظر ان يتم خلال الزيارة بحث العلاقات العسكرية التقليدية بين الجزائر وموسكو، خصوصا وان البلدين كانا ولعدة عقود حليفين في المنطقة قبل انهيار المعسكر السوفييتي، وكانت حينها موسكو اكبر ممول للجزائر بالسلاح.
ويبدو ان كفة المعادلة العسكرية التي سادت في المنطقة لعدة عقود في كل منطقة شمال افريقيا بدأت تميل بالتدريج لصالح الولايات المتحدة، ليس فقط علي حساب روسيا الحليف السابق للجزائر، ولكن ايضا علي حساب فرنسا التي كانت الممول الاول لدول مثل تونس والمغرب وموريتانيا بالعتاد الحربي. وربما ستكون زيارة رامسفيلد المغاربية بمثابة المنعرج الحاسم في هذا التحول.
ويمكن القول ان زيارة رامسفيلد جاءت لتعزز هذا التوجه في اطار حرب زعامة جديدة بين باريس وواشنطن لاستمالة ود العواصم المغاربية تحت غطاء محاربة الظاهرة الارهابية والجريمة المنظمة.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 13 فيفري 2006)
مصادر: التركيز علي الارهاب تضليل عن طلب الدعم في العراق
تظاهرة احتجاجية علي رامسفيلد بالرباط تصفه بـ المجرم القاتل
الرباط ـ القدس العربي ـ من محمود معروف:
ندد عشرات من الناشطين المغاربة بزيارة يقوم بها رونالد وامسفيلد وزير الدفاع الامريكي للمغرب ورددوا في تجمع نظم امس الاحد بالرباط دعت له الجمعية المغربية لحقوق الانسان شعارات وصفت رامسفيلد بالمجرم والقاتل.
ووصل رامسفيلد الي المغرب امس الاحد في ختام جولة مغاربية بدأت بتونس السبت، ومن المقرر ان يلتقي العاهل المغربي في مراكش اليوم الاثنين.
وحملت يافطات رفعها المحتجون المغاربة صورا للانتهاكات التي ارتكبها جنود امريكيون بحق معتقلين عراقيين في سجن ابو غريب العراقي وصورا لمعتقل غونتانامو حيث تحتجز القوات الامريكية العشرات من من تقول انهم اعضاء في تنظيم القاعدة من بينهم عدد من المواطنين المغاربة.
وقال بيان للجمعية المغربية لحقوق الانسان وزع في الوقفة الاحتجاجية التي نظمت امام مقر البرلمان في شارع محمد الخامس اهم شوارع العاصمة المغربية ان الجمعية تستنكر وتحتج بقوة علي زيارة وزير الدفاع الامريكي الي بلادنا باعتباره احد ابرز المخططين والمنفذين للسياسة الاجرامية للامبريالية الامريكية ضد الشعوب والانتهاك المعمم لحقوق الانسان .
واشار البيان الي القتل اليومي الذي تقوم به قوات الاحتلال الامريكي للشعب العراقي والحجز والتعذيب لمعتقلي ابو غريب في العراق وغوانتانامو علي الارض الكوبية والدعم اللامشروط لارهاب الدولة الصهيونية في فلسطين.
واعطت الادارة الامريكية عنوان التعاون في مكافحة الارهاب لجولة وزير دفاعها المغاربية علي غرار العنوان الذي اعطته لجولة مماثلة قام بها روبرت ميلور مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكية. الا ان اوساطا دبلوماسية بالرباط قالت لـ القدس العربي ان تركيز رامسفيلد علي محاربة الارهاب في تصريحاته بعد لقاءاته مع المسؤولين في تونس والجزائر، والتي سيدلي بها اليوم في مراكش، محاولة لتضليل الهدف الاساسي من جولته وهو مساهمة الدول العربية في تطويق ومحاصرة المقاومة العراقية ضد الاحتلال الامريكي ان كان من خلال ارسال قوات عربية للعراق او تكثيف جهودها لمنع وصول مواطنيها للقتال في العراق.
وتتحدث مصادر صحافية عن عشرات من الجزائريين والمغاربة والتونسيين التحقوا بالمقاومة العراقية خلال السنوات الثلاث الماضية. وقدم الي المحاكمة عدد من المغاربة كانوا يستعدون للالتحاق بالمقاومة العراقية سلمتهم السلطات السورية الي الرباط. كما لوحظ تركيز صحف اعتمادا علي مصادر امنية مغربية علي الربط بين هؤلاء واعمال عنف قالت انهم كانوا يستعدون للقيام بها فــي المغرب.
وتحدثت هذه الاوساط قبل عدة اسابيع عن تفكيك شبكة كانت تستقطب شبانا مغاربة للقتال في العراق بانها كانت تخطط لتفجيرات فنادق في مراكش واغادير ومقر مجلس النواب في الرباط ومراكز للشرطة في الدار البيضاء وهو ما لم يتأكد حتي الان.
واكدت المصادر ان الهدف الرئيسي لجولة وزير الدفاع الامريكي المغاربية التي اعتبرت استكمالا لجولة عربية قادته في وقت سابق الي عدة عواصم ابرزها القاهرة والرياض هو بذل المزيد من الجهود والملاحقات للشبان المغاربيين الذين يستقطبون لنشاطات معادية للولايات المتحدة الامريكية في اطار تنظيم القاعدة او تنظيمات اصولية متشددة اخري او للقتال في العراق وضمان تأييد ومشاركة دول المنطقة في تواجد قوات عربية الي جانب قوات الاحتلال الامريكي في العراق في اطار خطط الادارة الامريكية لتقليص وجودها العسكري المباشر في العراق بعد تزايد خسائرها وتصاعد الاحتجاجات الامريكية والعالمية علي الاحتلال الامريكي والمشاركة في مناورات عسكرية مشتركة جديدة في منطقة جنوب الصحراء الكبري اواخر الربيع المقبل كتدريب علي تعقب عناصر مرتبطة بتنظيم القاعدة تقول واشنطن انها فرت الي البلدان المتاخمة لهذه المنطقة وتستعد لهجمات في دول المغرب العربي واوروبا وذلك علي غرار مناورات ممثالة قادتها الولايات المتحدة قبل ثمانية اشهر وطوال عشرة ايام مع قوات من تسع دول افريقية (تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا والنيجر ومالي والسنغال وتشاد ونيجيريا) اشرف عليها الجنرال هولي سيلكمان قائد القوات الامريكية في اوروبا في اطار مبادرة مكافحة الارهاب العابر للصحراء التي خصصت لها واشنطن 100 مليون دولار.
واعربت الجمعية المغربية لحقوق الانسان عن احتجاجها علي ما وصفته حشر المغرب في المخططات الامريكية لمناهضة الارهاب وهو ما سيكون له عواقب وخيمة علي امن واستقلال بلادنا . وقالت انها ترفض ادماج المغرب في المخططات العسكرية والامنية الامريكية بدعوي مناهضة الارهاب والتي تهدف حقيقة السيطرة الامريكية علي العالم وانتهاكات حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وادانت الجمعية في بيانها الجرائم ضد الانسانية والحرب والابادة الجماعية التي تقترفها الامبريالية الامريكية.
وبدأت الادارة الامريكية تولي اهتماما للتعاون الامني مع دول المغرب العربي بعد اربع سنوات من هجمات 11 ايلول/سبتمبر التي استهدفت مدينتي نيويورك وواشنطن وشنت الادارة الامريكية في اعقابها حملات عسكرية واحتلت افغانستان والعراق دون ان تنجح بالسيطرة علي اي من البلدين. واذا كان اي من بلدان المغرب العربي لم يعارض بشدة الاحتلال الامريكي للعراق واسرعت في الاعتراف بالواقع الجديد وما افرزه الاحتلال الامريكي من هيئات وحكومات، فان واشنطن لاحظت الحضور المكثف للمقاتلين المغاربيين في صفوف قوات المقاومة العراقية الا انها واصلت تعاملها مع الدول المغاربية في ملفي الارهاب والعراق كدول هامشية لا دور ولا اهمية لها رغم جهود مكثفة مغربية وجزائرية لم تتوقف لاظهار ان كلا منها يعتبر طرفا فاعلا في الحرب علي الارهاب وانها مستهدفة كغيرها من الدول الديمقراطية.
الا ان وزير الدفاع الامريكي قلل في تصريحات ادلي بها في تونس من شأن التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة لتلك البلدان، وقال ان الولايات المتحدة تريد تعزيز علاقاتها العسكرية مع تونس والجزائر والمغرب. واضاف نحن مستمرون في المشاركة مع كل دولة من هذه الدول الثلاث في علاقة عسكرية علي نحو او اخر. وهذا شيء نقدره ونريد تعزيزه .
واوضح ان الدول الثلاث شركاء فاعلون في مكافحة الارهاب العالمي ولن تكون ارضا خصبة تنبت فيها جذور جماعات مثل تنظيم القاعدة وقال من المؤكد ان هناك اماكن في العالم جذابة للارهابيين وشبكات الارهاب. انها لا تشبه ايا من هذه البلدان الثلاثة. انها تميل لان تكون مناطق بها مساحات كبيرة لا تخضع للحكومة ولدي الحكومات ميل لان تكون اكثر تسامحا مع التطرف والامر ليس كذلك في اي من هذه الدول الثلاث .
وتهدف الجولة المغاربية لدونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي وقبله روبرت ميلور مدير مكتب التحقيقات الامريكي بالاضافة الي التعاون الثنائي مع كل منها علي الصعيد الامني والعسكري والمساهمة في محاصرة وتطويق المقاومة العراقية للاحتلال الامريكي ايجاد صيغة للتعاون الجماعي في هذا الاطار الا ان مرافقين لرامسفيلد اشاروا الي صعوبات نظرا للعلاقات بين الجزائر والمغرب التي يحكمها منذ منتصف السبعينات نزاع الصحراء الغربية ويحول هذا النزاع دون تعاون حقيقي مغاربي في اي ميدان من الميادين وافشل مشروعات لبناء مؤسسات مغاربية فاعلة في اطار اتحاد المغرب العربي الذي يضم منذ 1989 بالاضافة للبلدين كلا من تونس وليبيا وموريتانيا.
ويعرف التعاون الامني الثنائي المغربي الجزائري ومنذ نهاية الثمانينات تواصلا دون ان يحد التوتر السياسي بين البلدين من هذا التعاون الا انهما يرفضان ان يذهب هذا التعاون الثنائي الي صيغة مغاربية جماعية نظرا للطبيعة السياسية التي تحملها هذه الصيغة وهو ما لم يستعد له الطرفان حتي الان.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 13 فيفري 2006)
مظاهرات استقبلته في الشوارع .. وزير الدفاع الأمريكي ضيف ثقيل في المغرب
الرباط – خدمة قدس برس
استقبل العشرات من الحقوقيين المغاربة وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بهتافات غاضبة انطلقت من أمام قبة البرلمان المغربي منددة بهذه الزيارة التي تأتي في إطار جولة يقوم بها رامسفيلد لشمال إفريقيا منذ أمس السبت، حيث كانت تونس محطته الأولى.
وردد المتظاهرون في وقفتهم الاحتجاجية التي انطلقت قبل قليل بشارع محمد الخامس بالرباط شعارات مناوئة للسياسة الأمريكية، معتبرين أن حلول وزير الدفاع الأمريكي وقبله رئيس مكتب التحقيقات الفدرالية للمغرب سبة تمس مشاعر المغاربة مرددين: “هذا عار هذا عار، إف بي آي في قلب الدار” و”هذا عار هذا عار .. أمريكا في وسط الدار”.
وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان دعت لهذه الوقفة الاحتجاجية عللت رفضها لهذه الزيارة من خلال بيان توصلت “قدس برس” نسخة منه، معتبرة أن “رامسفيلد من أبرز المخططين والمنفذين للسياسة الإجرامية للإمبريالية الأمريكية ضد الشعوب”.
وأضاف البيان أن “التقتيل اليومي للشعب العراقي والتعذيب لمعتقلي أبو غريب في العراق، ومعتقل غوانتانامو بكوبا، وكذا الدعم المشروط لإرهاب الدولة الصهيونية لا تعتبر إلا نماذج للجرائم ضد الإنسانية التي تشرف عليها إدارة جورج بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد”.
كما أكد عدد من الناشطين الحقوقيين خلال الوقفة الاحتجاجية رفضهم لمشاركة المغرب في الحرب الأمريكية على ما تسميه بـ”الإرهاب”. وقال عبد الحميد أمين رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في هذا السياق “نرفض بشكل قاطع إدماج المغرب في المخططات الأمنية والعسكرية الأميركية بدعوى محاربة الإرهاب وهو ما يهدد أمن واستقرار بلادنا”، وما سجله المراقبون هو أن التعاون الأمني المغربي الأمريكي قطع أشواطا كبيرة، رغم أن ذلك يتم عادة في سرية تامة.
ولتأكيد طابع الزيارة الأمريكية للمغرب، أرسلت الولايات المتحدة إشارات قوية خلال هذه الزيارات، حيث قامت بتسليم ثلاثة مغاربة معتقلين في غوانتانامو للسلطات المغربية، ويتعلق الأمر، حسب وكالة المغرب العربي للأنباء، بكل من نجيب لحسيني ومحمد سليماني العلمي ومحمد والي. وتقوم حاليا النيابة العامة بالدار البيضاء بإجراء تحقيق قضائي مع المعنيين بالأمر”.
وكان المغرب تسلم في آب (أغسطس) عام 2004 خمسة مغاربة كانوا معتقلين في غوانتانامو أيضا ولا يزال ملفهم معروضا أمام القضاء المغربي، حيث يتابع ثلاثة في حالة سراح مؤقت، بينما أعيد اعتقال اثنان منهم بتهمة الارتباط بخلايا تنظيم القاعدة في المنطقة.
وحسب تقديرات غير رسمية فإن عدد المغاربة المعتقلين بقاعدة غوانتانامو الأمريكية بلغ خمسة وعشرون شخصا، كما أن المغرب شارك في التحقيقات مع هؤلاء المعتقلين منذ وصولهم إلى القاعدة الكوبية الخاضعة للسلطة الأمريكية.
وكانت أسبوعية /لوجورنال/ الناطقة بالفرنسية قد نشرت خبرا مفاده نزول طائرة أمريكية أكثر من مرة بمطار مدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط، في سياق الرحلات التي قامت بها طائرات أمريكية لعدد من الدول كان من بينها المغرب لنقل معتقلين والتحقيق معهم من طرف المخابرات المغربية في ظروف تخرق حقوق الإنسان.
ونفت الحكومة المغربية هذا الخبر، ولم تكتف بذلك بل شنت حملة واسعة على الجهة التي نشرت الخبر، متهمة إياها على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة وعدد من الوزراء بـ”إثارة البلبلة” و”عدم مراعاة تأثير مثل هذه الأخبار على صورة المغرب”، إلا أن تقارير دولية، ومنابر إعلامية غربية سبق أن أشارت إلى وجود “نقاط سوداء” أقامتها المخابرات الأمريكية بعدد من الدول قد يكون من بينها المغرب، من أجل التحقيق مع معتقلين متهمين بـ”الإرهاب” في ظروف غير قانونية.
ويخشى حقوقيو المغرب أن تزيد زيارة وزير الدفاع الأمريكي وقبله رئيس مكتب التحقيقات الفدرالية من “توريط” المغرب في الحرب الأمريكية على الإرهاب، خصوصا مع تواتر الحديث عن وجود مخططات لتنظيم القاعدة في المنطقة تتخذ من المنطقة الصحراوية الواقعة بين حدود المغرب والجزائر وموريتانيا ومالي قاعدة لها، مستغلة حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 13 فيفري 2006)
رامسفيلد يصف مباحثاته مع المسؤولين الجزائريين بـ”المفيدة والهامة للغاية” واشنطن تدفع باتجاه تكتل مغاربي لمكافحة الإرهاب
حميد· يس
وصف دونالد رامسفيلد محادثات جمعته بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة بـأنها >في غاية الأهمية<، واعتبر الزيارة التي تميزت أيضا بإجراء مباحثات مع رئيس الحكومة أحمد أويحيى، والوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني اللواء عبد المالك فنايزية، >مفيدة وهامة للغاية<، مشيرا إلى >العلاقات المتعددة الأبعاد في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية<·
وقد وصل الرجل الأول في البنتاغون الأمريكي إلى الجزائر صباح أمس على رأس وفد يتكون من 50 شخصا (نصفهم من وسائل الإعلام)، في إطار جولة مغاربية، حيث زار تونس أول أمس وفضل المبيت في صقلية جنوب إيطاليا في مساء نفس اليوم لأسباب أمنية، قبل أن يتنقل إلى الجزائر· وأحيطت المحادثات التي تمت بينه وبين بوتفليقة ومع فنايزية وأويحيى بسرية كبيرة، وتحاشى رامسفيلد الإدلاء بأي تصريح بمناسبة لقائه باللواء فنايزية في وزارة الدفاع، حيث سُمح للصحافيين بمتابعة مراسيم الاستقبال دون الاقتراب من الرجلين· وأفادت مصادر عليمة بأن رامسفيلد درس في جولته المغاربية التي ينهيها صباح اليوم بالرباط، إقامة إطار للتعاون العسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة والجزائر وتونس والمغرب كطرف واحد، بغرض مواجهة تنظيم القاعدة في المنطقة·
وذكرت ذات المصادر لـ>الخبر< أن حرص واشنطن على التنسيق مع الدول الثلاث لمكافحة الإرهاب >يؤكد أنها تأخذ بعين الجدية معطيات لدى مصالح الاستخبارات تفيد بتجنيد القاعدة عناصر موالية لها في شمال إفريقيا لضرب المصالح الأمريكية<·
وسبق لـ>الخبر< أن أشارت إلى مخاوف الأمريكيين من نشاط أفراد محسوبين على القاعدة تسللوا ضمن صفوف المهاجرين غير الشرعيين من مالي والنيجر وتشاد عبر الحدود الجنوبية للجزائر، حيث أكدت تقارير استخباراتية أنهم دخلوا إلى الجزائر والمغرب وانخرطوا في نشاط ميداني لضرب المصالح الأمريكية بأوروبا انطلاقا من المغرب العربي· وأوضحت مصادر موثوقة أن رامسفيلد بلّغ محدثيه الجزائريين رغبة واشنطن في التعامل مع البلدان الثلاثة ككتلة واحدة في ميدان مكافحة الإرهاب، وأنه أشار وهو يتناول الموضوع إلى الحدود المغلقة بين الجزائر والمغرب بسبب خلافهما حول القضية الصحراوية، معتبرا ذلك أحد معوقات تجسيد تنسيق أمني فعال بين البلدين· وفي ذات السياق، نقلت رويترز عن رامسفيلد قوله أن الولايات المتحدة >تسعى إلى تشجيع التعاون الجهوي بين الجزائر والمغرب، وبين تونس والجزائر<· وقال أيضا: >إنا ننوي تعميق صلتنا بالجزائريين من حيث التعاون الأمني والعسكري، وفي مجال محاربة الإرهاب<·
وأوضحت مصادر >الخبر< أن رامسفيلد >شدد على استمرار مشاركة الولايات المتحدة الدول الثلاث، في إيجاد الإطار الأنسب لشراكة قوية بين الجيش الأمريكي وجيوش البلدان الثلاثة<· ونقلت عنه قوله أن الولايات المتحدة >تثمّن وتقوي شراكة بناءة تنخرط في الحملة العالمية ضد الإرهاب·· ونحن نعتبر أن البلدان الثلاثة لا يمكن أن تكون أرضا خصبة للمجموعات المرتبطة بالقاعدة وتناول رامسفيلد في تصريحات صحفية خلال تواجده بتونس، محاولات القاعدة اتخاذ شمال إفريقيا منطلقا لتنفيذ هجمات في أوروبا، لكنه قلّل من احتمال تعرض دول المغرب العربي لتهديدها، وذكر بأن التونسيين >ذاقوا لدغة هذا النوع من العنف<، في إشارة إلى العملية التي ضربت معبدا يهوديا بجربة في 2002 وتبنتها القاعدة<· وأضاف متحدثا عن الإرهاب في المنطقة: >من المؤكد أن هناك أماكن في العالم جذابة للإرهابيين وشبكات الإرهاب·· إنها لا تشبه أيا من هذه البلدان الثلاثة·· إنها تميل لأن تكون مناطق بها مساحات كبيرة لا تخضع للحكومة ولدى الحكومات ميل لأن تكون أكثر تسامحا مع التطرف، والأمر ليس كذلك في أي من هذه الدول الثلاث
(المصدر: صحيفة “الخبر” الجزائرية بتاريخ 13/2/2006)
سلطاني يطالب رامسفيلد بالإفراج عن معتقلي غوانتانامو
جاء في الرسالة التي سلمتها الحركة إلى مسؤولي السفارة الأمريكية، واطلعت عليها >الخبر<، أن بقاء الجزائريين رهن الاعتقال >طيلة هذه المدة مع عدم ثبوت أي أدلة إدانة في حقهم، لهو سلوك مخالف لقيم الإنسانية والتسامح والحرية والعدالة وهو سلوك متعارض مع روح الديمقراطية وحرية الإنسان، وقد يغذي الإرهاب ويشجع دعاة التطرف<· وأضافت الوثيقة التي جاءت في صفحتين وحملت توقيع رئيس الحزب ووزير الدولة أبو جرة سلطاني، أن استمرار اعتقال الجزائريين الستة >يقوّض جهود المعتدلين المناضلين من أجل تقارب الشعوب وتعايشها في ظل الحوار وقيم التسامح والحرية والديمقراطية، كما يقوّض جهود تطويق موجة الإرهاب العالمي<· ويوجد في معتقل غوانتانامو ستة جزائريين بعضهم سجن في 2001 والبعض الآخر في 2002، وهم مصطفى آيت إيدير ومحمد نشلة وبلقاسم بن السايح والحاج بوضلعة والأخضر بومدين وصابر لحمر
(المصدر: صحيفة “الخبر” الجزائرية بتاريخ 13/2/2006)
تحاشت الخوض في المسألة بحجة أن ليس لديها معلومات دقيقة
الطبقة السياسية تصف زيارة مسؤول الدفاع الأمريكي بالعادية
رفضت حركة مجتمع السلم وحزب جبهة التحرير الوطني الخوض في الزيارة التي أداها كاتب الدولة الأمريكي للدفاع دونالد رامسفيلد أمس الجزائر، على اعتبار أن كلاهما يجهلان فحوى المفاوضات، وأن الأمر يتعلق ببحث ملف مكافحة الارهاب، والاستفادة من الخبرة الجزائرية في هذا المجال•
لطيفة بلحاج
ويتجلى بوضوح أن الطبقة السياسية تفضل مراقبة الوضع من بعيد، أو على الأقل انتظار ما تعلن عنه الجهات الرسمية، من معلومات حول مضمون الزيارة التي استغرقت بضع ساعات فقط• وبالنسبة لنائب رئيس حركة حمس عبدالمجيد مناصرة، فإنه طالما لا توجد معطيات دقيقة وواضحة فلا يمكن بأي حال من الأحوال الادلاء بأي موقف، أوتقديم خلفية، قد لا تكون بالضرورة صحيحة، أو لا تعكس الواقع• وفي نظر مصدرنا فإن قدوم رامسفيلد إلى الجزائر يدخل ضمن إطار العلاقة التي ما فتئت تتطور ما بين الدولتين لكنه عبر عن رغبته في أن تكون في صالح أمن واستقرار البلاد و>أن يستفاد من تجربة الجزائر في معالجة ظاهرة الارهاب، شريطة أن لا يتم ربطها بالاسلام<• وفي نظر مناصرة فإن الارهاب لا يمكن القضاء عليه، إلا من خلال تنفيذ الاصلاح السياسي والحريات الديمقراطية• مصرا على أهمية طرح ملف معتقلي غوانتانامو وأن تستغل الجزائر هذه الزيارة، لإثارة هذه القضية >خصوصا بعد أن تبين أن معظم هؤلاء المعتقلين أناس أبرياء، ولا علاقة لهم بالتهم المنسوبة إليهم<• ورفض نائب حركة مجتمع السلم، أحد أطراف التحالف الرئاسي، الخوض في مسألة إمكانية مشاركة الجزائر في القوة العربية المشتركة التي تنوي الولايات المتحدة الأمريكية إرسالها إلى العراق، بدلا عن المارينز، قائلا >لا موقف لدينا، ونحن مبدئيا لا نرفض الزيارة، وسندلي بدلونا بعدما تتبين لنا الأمور<• وبالنسبة لرئيس كتلة الأفالان بالمجلس الشعبي الوطني العياشي دعدوعة >فإن الزيارة جد عادية، سواء كان رامسفيلد مدعوا أو مستقبلا< رافضا جملة وتفصيلا التطرق لمغزى الزيارة، بحجة أنه منشغل بالأمور الداخلية للكتلة، وأيضا لكونه لا يعلم ما دار من حديث بين كاتب الدولة الأمريكي للدفاع ورئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة• وقال إنه لا يعلم شيئا عن القوانين العربية المشتركة، المزمع أن تأخذ محل القوات الأمريكية بالعراق، وكل ما يعرفه >أن الجامعة العربية تقوم بالتحضير لندوة وفاق عراقية< وغير ذلك ليس لديه ما يمكن أن تقوله عن الزيارة• في حين ذهب لخضر بن خلاف عضو قيادي في حركة الاصلاح الوطني، إلى أبعد من ذلك، حينما ألمح في اتصال معه أمس، أن الجولة التي قادت رامسفيلد إلى المغرب العربي، والجزائر على وجه التحديد، لها أبعاد كثيرة، منها تواجد أمريكا بالشرق الأوسط ومخططها التوسعي بالمنطقة ككل، إضافة إلى حرصها على إقحام بلدان المغرب العربي في الحرب على العراق، بعد أن كانت بعيدة وتحاشت التورط في هذا الملف، الذي يشهد توترا متزايدا، معبرا عن رفضه التام في أن تتخذ الجزائر قرار الانضمام إلى القوة العربية المشتركة >لأن القضية العراقية، لا يمكن أن تعالج في ظل تواجد قوات محتلة بها، ولا تهم جنسية تلك القوات حتى وإن كانت عربية، فهي ستنطبق عليها صفة الاحتلال<• علما أن اللقاء الذي جمع كاتب الدولة الأمريكي للدفاع بمسؤولين سامين في الدولة، طبعته السرية التامة ولم يتم تسريب أي معلومات بشأنه باستثناء ما أعلنته وسائل الاعلام الرسمية، التي اكتفت بتقديم بعض التفاصيل فقط عن الزيارة
(المصدر: صحيفة “الفجر” الجزائرية بتاريخ 13/2/2006)
سعيد سعدي: “الجزائر مقبلة على حالة لا استقرار النظام”
الجزائر – خدمة قدس برس
عبّر الأمين العام للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الجزائري، سعيد سعدي عن ارتياحه بعد أن لاحظ أن الأفكار التي استمات في الدفاع عنها أصبحت راسخة في المجتمع·
وقال سعدي في إطار تقييم تجربة حزبه، منذ انطلاق تجربة التعددية الحزبية في البلاد في العام 1989، إن ”التعددية التي كان يعتبرها البعض مطلبا بورجوازيا غير قابل للتطبيق في الجزائر أصبحت واقعا لا ينكره أحد”·
وأشار سعدي، وهو أحد الرموز السياسية الجزائرية المعروف بأطروحاته العلمانية المتشددة، ونشاطه داخل الأمازيغ، أن الإسلاميين في البلاد لم يعودوا ينظمون تظاهرة إلا ويرفعون خلالها لافتات مكتوبة بالأمازيغية، وهو ما يعني بالنسبة له أن الأمازيغية أصبحت واقعا لا يمكنهم تجاوزه، حتى وإن لم يقتنع بها البعض.
واعتبر سعدي حسب صحيفة /الخبر/ الجزائرية في عددها ليوم السبت (11/2) أن تجربة التعددية السياسية في البلاد تعاني من نقائص عديدة، مشيرا إلى أن ”المعالم المكونة للحياة السياسية ليست كافية في بلادنا”، على حد تعبيره.
واستعرض سعدي ما قال إنها المتاعب التي يواجهها حزبه، خصوصا منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في نيسان (أبريل) من العام الماضي 2004، إذ قال تحدث سعدي عن طرد إطارات في حزبه من العمل بسبب انتمائهم الحزبي.
من جهة أخرى طالب سعدي شخصيات جزائرية بارزة، مثل مولود حمروش، وعلي بن فليس، وهما من رؤساء الحكومات السابقين، بالخروج عن صمتهما وخاطبهما ”إن كنتم ترون الوضع أسود قولوا إنه أسود، وإن رأيتموه أبيض قولوا إنه أبيض”.
ورفض سعدي أن ”يبقى هؤلاء ساكتين حول قضية مثل مرض الرئيس وينتظرون معرفة اتجاه الرياح···”، على حد تعبيره. بيد أن زعيم ما يعرف بالأرسيدي لم يخف تفاؤله بتحقيق تقدم في المسار الديمقراطي في الجزائر، بسبب أن ”المواطن لم يعد يقتنع بخطابات النظام”، ويتطلع إلى تغيير حقيقي، وكذلك لأن الخارج اقتنع بأن المنطقة بحاجة إلى السلم، على حد قول سعدي، وهو أمر لن يتأتى إلا بالاستقرار، الذي يستدعي بدوره وجود أنظمة شرعية والتخلي عن التزوير الانتخابي، حسب قول السياسي الجزائري.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 12 فيفري 2006)
سترو يتوجه الى المغرب بجدول أعمال يتصدره الامن
20 في المئة من «الإستشهاديين» في العراق يأتون من الجزائر وخمسة في المئة من تونس والمغرب … المغرب العربي على رأس الأولويات الإستراتيجية الأميركية وخفوت دعوات الإصلاح لمصلحة التنسيق الإستخباراتي والعسكري
تونس – رشيد خشانة كرست الجولة المغاربية لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الموقع الجديد الذي باتت منطقة شمال أفريقيا تحتله في الأجندة الإستراتيجية للولايات المتحدة بوصفها قاعدة خلفية لما تسميه “الحركات الإرهابية”. والواضح أن الإهتمام المتزايد بالمنطقة، والذي جسدته جولة رامسفيلد وقبلها بأيام جولة مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) روبرت موللر على كل من المغرب والجزائر ومصر، أتى ثمرة وثيقة المراجعة العسكرية التي يعدها مخططو “البنتاغون” كل أربع سنوات والتي تُعنى بوضع الإستراتيجيا الدفاعية الأميركية. وأظهرت المراجعة تقدما لمركز شمال أفريقيا في أولويات البنتاغون، بعدما كان شرق أفريقيا يحظى باهتمام أكبر نظراً الى حجم عمليتي التفجير اللتين استهدفتا السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام في تسعينات القرن الماضي. وكان دوغلاس فايث، أحد كبار مخططي وزارة الدفاع الأميركية، أعلن في آذار (مارس) الماضي أن المراجعة ترمي إلى تحديد النزاعات والمخاطر التي يمكن أن تهدد المصالح الأميركية قبل اندلاعها، وتشمل التدخل في مناطق للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل ونشر قوات أميركية في مناطق أخرى “لمنع تطور المشاكل إلى أزمات وتحوَل الأزمات إلى حروب”. وتنطلق الخطة من رؤية تقول إن “الإرهابيين” موزعون في مناطق مختلفة من العالم بما فيها البلدان التي تحتفظ بعلاقات صداقة مع أميركا، وإن بعض المهمات التي تندرج في إطار “الحرب على الإرهاب” لا يمكن أن تنفذها سوى تلك البلدان فوق أراضيها وبالتعاون مع قوات أميركية. وفي هذا الإطار طغت الملفات الأمنية على المواضيع التي بحثها المسؤولون الأميركيون الذين زاروا العواصم المغاربية أخيراً. فالوفد الذي زار موريتانيا بقيادة نائب مساعد وزيرة الخارجية روبرت باتمان ناقش مع كبار المسؤولين آفاق تعزيز التعاون الأمني والعسكري في ضوء الإعتداء الذي تعرضت له قاعدة عسكرية موريتانية وراح ضحيته عشرات المجندين على أيدي جماعة جزائرية متشددة. وفي الجزائر التي استقبلت خمسة وفود أميركية منذ مطلع العام، اعتبر مراقبون الشهر الماضي “شهرا أميركيا بامتياز”. وقاد أحد الوفود رئيس اللجنة الدائمة للإستعلامات في الكونغرس بيتر هويكسترا، فيما شكل تطوير التنسيق الأمني لمكافحة الإرهاب العنوان الكبير للمحادثات التي أجراها أعضاء الوفود الخمسة مع مسؤولين سياسيين وعسكريين جزائريين. ومع تونس تسارعت وتيرة التنسيق الإستخباراتي والعسكري في السنتين الأخيرتين، إذ ضمت وزارتا الدفاع والخارجية الأميركيتان تونس في مثل هذه الفترة من السنة 2004 إلى برنامج تعاون عسكري كان مخصصا لبلدان الكتلة الشرقية السابقة ويرمي لإدماجها في الحلف الأطلسي. وكلفت الوزارتان ولاية وايومينغ الأميركية إدارة “برنامج الشراكة مع الولاية” الذي انطلق قبل عشر سنوات وشمل حتى الآن 34 بلدا من أوروبا الوسطى والشرقية وآسيا الوسطى التي كانت تحت النفوذ السوفياتي في الماضي. وفي هذا الإطار اتفق الجنرال ادوارد لي رايت رئيس الحرس الوطني في ولاية وايومينغ مع كبار المسؤولين في وزارة الدفاع التونسية على انطلاق خطة تعاون جديدة في إطار “برنامج الشراكة مع الولاية” ترمي الى إقامة شراكة متينة بين تونس وولاية وايومينغ تشمل القيام بتدريبات وتنفيذ تمارين عسكرية مشتركة بالإضافة “لإقامة روابط قوية بين قادة عسكريين وسياسيين رفيعي المستوى وحكام ولايات في البلدان الـ34 المشاركة في البرنامج ونظرائهم الأميركيين”. كذلك زارت قطع حربية من الأسطول السادس الأميركي موانئ تونسية وأجرت تدريبات مشتركة مع قوات محلية الصيف الماضي في قاعدة بنزرت البحرية. اشادة أميركية بالقذافي وفي ليبيا لوحظ أن غالبية الوفود الأميركية التي زارت البلد كانت تضع الهواجس الأمنية في صدارة الإهتمام وتشيد بدور العقيد معمر القذافي في لفت أنظار الشرطة الجنائية الدولية “إنتربول” الى ضرورة اعتقال زعيم تنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن منذ أواسط التسعينات. وتعزز التعاون الأمني والعسكري مع المغرب الذي توجته زيارة موللر ومحادثاته مع الملك محمد السادس، ثم زيارة رامسفيلد الذي اختار أن تنتهي جولته المغاربية في الرباط. في المقابل سعى الأوروبيون من جانبهم الى إدماج البلدان المغاربية في منظومتهم الدفاعية إن من خلال القنوات الثنائية للتعاون العسكري والإستخباراتي أم من خلال المسارات الإقليمية وفي مقدمها مجموعة البلدان المطلة على الحوض الغربي للمتوسط المعروفة بـ”5+5″. ففي مثل هذه الفترة من السنة الماضية كان وزراء دفاع المجموعة يعقدون اجتماعهم الأول في باريس واتفقوا على تنسيق السياسات الأمنية ومكافحة الارهاب وتهريب المخدرات ووضعوا آليات للتدخل المشترك في حالات الطوارئ. واللافت أن وزراء الدفاع والداخلية والاقتصاد والعمل اتفقوا على عقد اجتماعات سنوية منفصلة للبحث في الملفات المتصلة بقطاعاتهم. “استشهاديون” مغاربيون وإذا كانت ظاهرة الهجرة غير الشرعية هي الموضوع الرئيس الذي يؤرق الأوروبيين، فإن ما يؤرق الأميركيين هو التقارير التي أظهرت أن واحدا من كل أربعة “استشهاديين” في العراق أتى متطوعا من المغرب العربي لقتالهم. وكشفت إحصاءات أميركية أن 20 في المئة من “الإستشهاديين” يأتون من الجزائر وخمسة في المئة من تونس والمغرب. واستجابة للطلبات الأميركية الملحة اتخذت الحكومات المغاربية كل التدابير الممكنة لسد منافذ السفر للعراق وسن بعضها قوانين جديدة صنفت نية التطوع للقتال إلى جانب المقاومة العراقية في خانة الأعمال الإرهابية. واعتقلت أجهزة الأمن التونسية والجزائرية والمغربية في السنتين الأخيرتين عشرات الشباب الذين قيل إنهم كانوا يعتزمون السفر للعراق للمشاركة في عمليات ضد القوات الأميركية وأحالتهم على القضاء. وسلم الأمن الجزائري العام الماضي مجموعة من المتطوعين التونسيين اعتقلوا بعد مغادرة بلدهم في اتجاه العراق وأحيلوا على المحاكم. وأتت الجولة المغاربية لمدير مكتب التحقيقات الفيديرالي في هذا السياق لتكثيف التنسيق الأمني في ما يسمى بـ”الحرب على الإرهاب”، وهي تعتبر استكمالا لجولة مماثلة لمدير وكالة الإستخبارات المركزية (سي آي آي) قبل أقل من سنتين وحظي خلالها باستقبال زعماء البلدان الثلاثة التي زارها، إضافة الى اجتماعه مع كبار المسؤولين الأمنيين. إلا أن الإهتمام الأميركي بالمنطقة المغاربية لا يقتصر على الملف الأمني وإنما يشمل أيضا الملف العسكري مثلما تجسده التقارير التي تصنف منطقة الصحراء على أنها “بؤرة رئيسية للجماعات الإرهابية في أفريقيا”، وبخاصة بعدما صار المغرب العربي أحد المعابر الرئيسة لعناصر تلك الجماعات نحو أوروبا تحت ستار الهجرة السرية. وبدافع تلك المخاوف أجرت قوات أميركية وأطلسية مناورات مشتركة مع قوات تسعة بلدان مغاربية وأفريقية أواسط حزيران (يونيو) الماضي استمرت عشرة أيام وخُصَصت للتدرَب على مكافحة “جماعات إرهابية” بمشاركة وحدات من من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا والنيجر ومالي والسنغال وتشاد ونيجيريا بقيادة الجنرال هولي سيلكمان قائد القوات الأميركية في أوروبا. وجرت المناورات بعد عشرة أيام من مهاجمة عناصر تابعة لـ”الجماعة السلفية للدعوة والقتال” الجزائرية المرتبطة بتنظيم “القاعدة” حامية عسكرية شمال شرق موريتانيا ما أدى إلى قتل أكثر من 15 جنديا وخمسة من المهاجمين. وتندرج تلك المناورات في إطار خطة تدريبات مشتركة أطلق عليها اسم “المبادرة العابرة للصحراء لمكافحة الإرهاب ” (Transaharian anti-terrorist initiative) واعتمد لها الكونغرس 100 مليون دولار. وكان الجنرال سيلكمان صرح في باماكو في أعقاب مناورات العام الماضي بأنه “حيث يوجد إرهابيون سنكون بالمرصاد لملاحقتهم”. كذلك أفاد مسؤول أميركي رفيع أن جماعات جزائرية مسلحة أعطت 200 ألف دولار لجماعات عراقية مصنفة على لائحة الإرهاب عبر أوروبا. وعلى هذا الأساس زادت الولايات المتحدة من حجم دعمها المالي لبرامج التدريب المشترك مع وزارات الدفاع المغاربية وعززت من حضور قواتها في المنطقة. شرطي بحري واستكمالا لهذا التنسيق أحكمت الخافرات والبوارج الأميركية والأطلسية الرقابة على السفن التي تعبر المتوسط بين مضيق جبل طارق وقناة السويس بغية منع تنقل أعضاء الجماعات “الإرهابية” من منطقة إلى أخرى. وكان الأمين العام للحلف الأطلسي جاب دي هوب شيفر ناقش هذه المواضيع مع مسؤولين عسكريين وأمنيين خلال زيارته الصيف الماضي لكل من الجزائر وتونس، وهما عضوان بارزان في مبادرة “الحوار المتوسطي” التي تشمل أيضا المغرب ومصر وموريتانيا والأردن واسرائيل. وتتولى القطع البحرية للحلف التفتيش الدوري للسفن العابرة للمتوسط بحثا عن عناصر “إرهابية” محتملة أو أسلحة على متنها. ودشن الحلف اعتبارا من عام 1994 مسارا للحوار والتعاون مع البلدان السبعة، وسيلعب دورا كبيرا في المستقبل في تحديث جيوش البلدان المتوسطية وبخاصة استخباراتها العسكرية ومكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة. ودللت الجولتان المغاربيتان لرامسفيلد وموللر على أن واشنطن تضع المسائل الأمنية والعسكرية على رأس الأولويات في هذه المرحلة، قبل الملفات السياسية ومن ضمنها الإصلاحات الذي كان محور “منتدى المستقبل” الذي استضافت الرباط حلقته الأولى أواخر سنة 2004 في حضور عدد كبير من وزراء الخارجية الغربيين والعرب. غير أن دعوات الإصلاح والتغيير خفت بوضوح في الفترة الماضية في مقابل ارتفاع وتيرة التنسيق الإستخباراتي والعسكري. ورجح محللون أن شعار الإصلاح لم يكن سوى أداة للضغط على الحكومات لحملها على القبول بخطط التعاون الأمني التي تُعرض عليها وفي مقدمها مساعدة أميركا على الحد من خسائرها في العراق تمهيدا للخروج من ذلك المستنقع. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 13 فيفري 2006)
ماذا تريد أمريكا من المغرب العربي؟
بقلم: مصطفى فرحات زيارة الوزير الأمريكي دونالد رامسفيلد للجزائر, يعني أن المنطقة المغاربية ككل أضحت مفتوحة على تغيرات كبيرة تطال النظم العسكرية والسياسية والاقتصادية التي كانت تسير بها. ولم يعد خافيا أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تحكم سيطرتها على المغرب العربي بعدما طوّقت المشرق بقواعد عسكرية وأساطيل بحرية تسبح في مياه الخليج التي صارت عينا على كل التحركات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. كما أن هذا الإلحاح الأمريكي على دول المغرب العربي، وليس الجزائر فقط، يؤكد بوضوح أن دعاوى شجب التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية سيترك مكانه لدعاوى أنصار العولمة الأمريكية وضرورة التأقلم مع المتغيرات التي يشهدها العالم. فالولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تجعل لنفسها موطئ قدم راسخ في الشمال الإفريقي بعدما هيأت لنفسها أمكنة حيوية في غرب إفريقيا ووسطها وجنوبها. وهي بذلك تريد متابعة التحولات الأوربية عن كثب، سيما بعدما فقدت حلفاء تقليديين في دول أمريكا اللاتينية التي اجتاحها المد الاشتراكي المناهض للعولمة والرافض لهيمنة واشنطن على العالم. والولايات المتحدة الأمريكية تسعى الآن لإقحام الدول المغاربية لكي تتبنى خياراتها العسكرية في العالم الإسلامي، بعدما ضمنت الولاء المشرقي، تحسبا لانسحاب تدريجي من العراق تحل محل جيوش الاحتلال الأمريكية فيه جيوش عربية من جهة، وإعدادا لحملة عسكرية تشنها واشنطن على مفاعل بوشهر الإيراني، وفق ما تسرب من اجتماعات عسكرية أمريكية نشرت بعض مجرياتها صحيفة “الصنداي تليغراف” البريطانية. وعلينا أن نعي أن الخطر الذي يقض مضجع إدارة البيض الأبيض بعد المستنقع العراقي هو التجارب النووية الإيرانية التي أصبحت في يد حكومة تجهر بالعداء لكل ما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، ويرأسها من يصرح دون لجاجة أن إسرائيل يجب أن تُمحى من الخريطة، علما أن إسرائيل هي الحليف الثابت لأمريكا في العالم. ولهذا تمت المدارسة أثناء المؤتمر السنوي الـ42 حول السياسة الأمنية المنعقد في ميونيخ يومي 4و5 فبراير 26، اقتراح توسيع الحلف الأطلسي ليشمل الدول الحليفة لأمريكا كإسرائيل وأوكرانيا وجيورجيا، بناء على تقرير تقدم به (خوسي ماريّا أثنار)، وزير الخارجية الأسباني السابق، وهو يحمل عنوان: “الناتو.. تحالف من أجل الحرية”. هذه الحرية التي يؤكد منظرو أمريكا على أنها قدرة على تعبئة دول العالم الغربي ضد الحالة الجهادية عموما، وإيران خصوصا، وفق مقال نشره (جورج شولتز) في صحيفة “وال ستريت جورنال”. ولهذا، فإنه من ضمن الخيارات التي تتدارسها الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء طوق أمني يحميها من كل اعتداء إرهابي إقامة قواعد عسكرية في موريتانيا، وهو خيار سبق وأن نفاه مسئولون أمنيون أمريكيون، إلا أن نفي الشيء دليل على ثبوت عكسه، كما يقال. ولهذا ستساهم القواعد العسكرية المحتمل إنشاؤها في موريتانيا بفرض حماية على الاستثمارات الأمريكية في الصحراء الكبرى، ومراقبة تحركات الجماعات المسلحة بالتنسيق مع القيادات العسكرية الجزائرية والمغربية والليبية، دون إحراج هذه الدول بإنشاء قواعد عسكرية بداخلها، لأنه سيساهم في خلق بؤرة توتر في مكان تريده واشنطن من الآن فصاعدا آمنا ومستقرا. بل إن بعض المصادر شرعت في الحديث عن تعديل تركيبة الجيش الجزائري ليكون وكيلا أمنيا إقليميا للإدارة الأمريكية بمنطقة الصحراء الكبرى. إن الوضع في عالم اليوم أضحى جد معقد، حيث اختلطت فيه مفاهيم السيادة الوطنية بالضرورات التي تفرضها المتغيرات الأمنية والاقتصادية في العالم ككل، ولهذا صار من المسلم به القول إن ما يحدث في الداخل لن يعدو أن يكون انعكاسا لما يحدث في العالم. وهذا واضح. ولكنّ السؤال المطروح اليوم هو كيف ستحافظ الجزائر على ثوابتها السياسية في عالم أمريكي لا يعترف بالثوابت؟ (المصدر: مجلة “العصر” الألكترونية بتاريخ 13 فيفري 2006)
جولة نايلة شرشور في أمريكا أو السقوط في أعماق الغيبوبة
بقلم قومي عربي
نادرا ما ظهر في تونس شخص بمستوى من ضحالة الوعي بالمصالح الوطنية والقومية أو بدرجة من السذاجة السياسية مثل نايلة شرشور التي لم يمكن لأحد تبعا لذلك أن يكترث بما تقول.
وكنت في الواقع أفضل عدم الردّ بتاتا على ما ورد في المقال الذي نشرته هذه الأخيرة في “تونس نيوز” بتاريخ 10 فيفري 2006. لكن ما قالته شرشور استفزني بشكل جعلني أخط هذه السطور كي أعلن بالأساس رفضي للمسعى التبشيري البروباغندي الفج الذي تحاول هذه الأخيرة تمريره على أنه عمل سياسي مشروع.
فنحن في التيار القومي لسنا جهلة للواقع العالمي اليوم ولسنا دعاة بدائية سياسية حتى نرفض التعامل مع الولايات المتحدة أو أية قوى عظمى أخرى بشكل مطلق. لكننا نعتقد أن هناك حدودا دنيا ينبغي أن يحترمها حتى “المقاولون الجدد” من أبناء وبنات “الشرق الأوسط الكبير” والمؤسسون والمؤسسات لدكاكين المناولة الأنجيلية عبر أرجاء الوطن العربي.
فالسادة بول ولفوفيتز ودانيال بايبس وغيرهم من غلاة المحافظين الجدد الذين تتبجح ابنة شرشور بصداقتهم ليسوا رموز حوار بقدر ما هم ناشطون ملتزمون بمصالح اسرائيل ولا همّ لهم سوى اظهار الوطن العربي على أنه مجموعة من القبائل المتخلفة ذهنيا تنتظر بفارغ الصبر مقدم الفاتحين من وراء المحيط على صهوة جياد بيضاء تحمل في أكفها مبادئ الديمقراطية والحرية وتزرع في أدمغة البدو والعربان تشكيلة جديدة من الجينات تسمح لهم بمعانقة الحلم الصهيوني بكل حب واقتناع.
لا أدري ماذا أرادت نايلة شرشور أن تصيبه من أهداف من وراء مقالها النرجسي ولكنها نجحت في إقناعي أنا وأمثالي أننا قد نكون أسأنا التقدير فيما يخص قدرة البعض على السقوط والتدحرج إلى أتعس حالات اللإنتماء.
من وحي الذكرى السابعة والخمسين لاستشهاد البنا
في اليوم الثاني عشر من فبراير قبل سبعة وخمسين عاما بلغ ضيق الانجليز المحتلين لمصر حده الذي ليس بعده من إستزادة لمستزيد وكان يلقى هوى في نفس الملك فاروق وأروقة حاشيته من ذوي البطون المتورمة سحتا … فكان القضاء الرحماني يرتب أعز رحيل لمجدد قرنه الامام البنا فنزل القدر أمينا مطيعا يرصع جبينا لم يركع يوما بلساني الحال والمقال معا لغير الله سبحانه بأشرف نياشين الشهادة ومياسيم الخلود .
وفي العظماء يختلف الناس دوما وحول مصائرهم ومصارعهم وتراثهم يظلون يرطنون ويطنون طنين الذباب تستبد به هواجر القوائل اللاظية فيهرع إلى مواطن الماء ثرى فوق الارض أو نزا من شقوق الجرار و أفواه القرب .
يختلف الناس حول ذلك دوما فيكون المجدد فيهم سلفيا مقلدا لا يمت إلى العقل سوى بما تمت الحمر لما تحمل فوق ظهورها من أسفار ويكون الشهيد عندهم يائسا منتحرا والمجاهد مغامرا إرهابيا والفقير المدقع الصابر لا يسأل الناس إلحافا قانعا غير معتر متورعا عن سبل الحرام أحمق غرا أو مستودع سخط القدر .
الامام البنا مجدد قرنه :
يؤمن المسلمون بحديث التجديد الصحيح ” إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الامة من يجدد لها دينها ـ أو أمر دينها ” . ولئن إختلف العلماء قديما وحديثا في تأويل إنطباق التجديد على رجل بعينه أو على ثلة من الرجال وفي تأويل لفظ المائة وإنطباقه على ذلك عددا بالحصر أو للتكثير وغير ذلك من الامور التي مهما كبرت فهي جزئية بالقياس إلى أصل الحديث … فإن رسالة الحديث الصحيح الذي ليس له من الشريعة سوى ما يؤيده دون أدنى معارضة أولى بالتقديم والتكبير والاهتمام وملخصها هو أن الامة بما هي خاتمة ناسخة مهيمنة هادية شاهدة ورثت بعض خصائص النبوة ومنها التجديد أبلغ وسيلة للشهادة والهيمنة والهداية والخيرية بما تنتجه من علوم توحد الناس وتجلب القوة وتنشئ العدل وتقر المساواة وتحكم بالامانة وتخصب العمران . وكثيرا ما يشغب أدعياء العلم بل وطلبته أحيانا بسبب تقديمهم للتحقيقات الجزئية ولو بمنهج علمي صارم على أولوية أمر ما غافلين عن كون تلك الجزئيات مهما تضخمت حقيقة أو في عيون المحققين فإنه ليس لها من رسالة سوى عضد الرسالة الاولى لذلك الامر . فإذا أدى البحث العلمي في قضية التجديد إلى إلغاء التجديد أو التهوين من قيمته الاسلامية أو تأجيله فإن الخلل دون ريب يكون متلبسا بعقول المحققين العلميين وليس برسالة التجديد ولا برسالة الاسلام .
أمثلة عن بعض مظاهر التجديد في الاسلام :
1 ــ الاجتهادات العمرية في المؤلفة قلوبهم وأرض السواد بالعراق أو تخميس الغنائم والدواوين..
2 ــ الاجتهادات الكلامية الناشئة للذب عن أصول الدين بخطاب عقلي يستخدمه أعداؤه …
3
ــ الاجتهادات المقاصدية التي نحت أصولها الامام الغزالي ثم أضاف إليها كثير ممن جاء بعده لبنات حتى إستقرت علما عند الشاطبي وإبن عاشور … 4 ــ إجتهادات إبن تيمية وتلميذه إبن القيم فيما لا يحصى من الامور ولا يتسع المجال لها هنا …
5 ــ إجتهادات أبرز رموز النهضة المعاصرة سيما الثلاثي رضا وعبده والافغاني وغيرهم …
وأبرز ملاحظة تنسحب على كل تلك الضروب من الاجتهادات هي :
1 ــ إستنادها إلى أصول الاسلام بوجه ما
2 ــ تلبيتها لحاجة عاجلة في عصرها
أبرز مظاهر التجديد عند الامام البنا :
1 ــ إعادة الاعتبار لشروط عقدية أهال عليها الانحطاط من ترابه في العقول حتى صدأت وهي :
ـــ البعد الشمولي الذي يجمع كل مجالات حياة الانسان فردا وأسرة وجماعة في وحدة غير متنافرة.
ـــ البعد الاعتدالي التوسطي الذي يجمع كل مكونات الشخصية الانسانية فردا وأسرة وجماعة في وحدة متجانسة متناسقة .
ـــ البعد التحديثي في حركة الانسان المسلم الذي يجمع بين مطالب الاصالة وتحديات المعاصرة في وحدة مرنة مستقيمة لا يطغى فيها هذا ولا يخسر فيها ذاك .
ـــ البعد الجنسي في ذات الانسان الذي يجمع الذكر والانثى في ذات المصدر وذات الرسالة وذات المآل فلا تشغب الخصوصيات النفسية والبيولوجية لكل منهما على وحدة الرسالة على قاعدة نشدان العدل وليس المساواة ولا تتداخل المطالب الغريزية لكل منهما بما يشين الفطرة ويشوش التكامل ويصرم حبال التعاون ويذهب بوشائج المودة ونفحات الرحمة .
ـــ البعد التوازني للانسان المسلم حيال كل مكونات محيطه إهتماما ثقافيا فكريا أو سلوكا عمليا بما يصهر بعدي الشمول والاعتدال ضمن مطلب الوسطية الاسلامية الكفيلة بتجديد الدين وتأصيله في الحياة وبناء العمارة بجمالها وكمالها على أساس ذلك .
2 ــ إعادة الاعتبار للقضية الوطنية جهادا ضد الغازي المحتل على أساس :
ـــ أسلمة معنى الوطنية بما يحقق الوحدة العربية والاسلامية بمراعاة الخصوصيات القطرية بكل تعبيراتها المختلفة من دين ولغة وعرف وعادة وتقليد … ـــ تقديم الاسلام محررا من نير الاستعباد بكل ألوانه أو إعادة الاعتبار لمفهوم الحرية في الاسلام رائدا لتكريم الانسان وفي الان نفسه حاجزا ضد الظلم والعدوان في كنف المسؤولية والالتزام . ـــ تحويل معنى الجيش من النظامية الهرمة الرتيبة الخانعة إلى نظرية الجيش الشعبي المقاوم بروح التطوع والاحسان والمعروف والتوق إلى الحرية أو الشهادة في سبيل الله .
ـــ إعادة الاعتبار للقدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين و جعل المقدسات فوق الاوطان والانسان بلسان الحال المجاهد وإن شئت بتعبير معاصر مقبول هو الاخر : أولوية القضية القومية الاسلامية .
3 ـــ إعادة الاعتبار لقضايا التغيير والاصلاح واقعيا وعمليا وذلك من خلال :
ـــ إنجاز نظرية إصلاحية تقوم على جملة مبادئ المظهر الاول آنف الذكر رسمتها كلماته الجامعة القصيرة المثقلة دوما بأخصب المعاني من مثل ” الايمان العميق والفهم الدقيق والعمل المتواصل ” أو ” دعوتنا تبغي بناء الفرد المسلم والبيت المسلم والمجتمع المسلم والحكومة المسلمة ” …
ـــ إنجاز وعاء تنظيمي يحتضن تلك النظرية لتنزيلها على الواقع بتدرج وتوافق وهو الامر الذي لم يؤثر عن مصلح أو مجدد الاهتداء إليه منذ سقوط الخلافة الراشدة فيما دون الكتائب والجيوش العسكرية التحريرية سواء كانت نظامية رسمية أو شعبية مقاومة .
ـــ إنتاج ثقافة سياسية تقوم على الحوار مع مؤسسة السلطان كلما كانت الحاجة إلى ذلك متاحة وعلى توسيع دائرة الشورى مع ضمان وحدة الكلمة وعلى الاهتمام بالخدمات والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والاغاثية والشبابية بما يوسع دائرة الاصلاح والتغيير و يحقق نهضة متوازنة في تلبية مطالبها وهو الامر الذي لم يكن متاحا من قبل لا للكتائب العسكرية ولا للاحزاب غير الاسلامية فضلا عن رموز الاصلاح العصاميين .
كلمات أربعة أخيرة حول البنا وتجربته التجديدية :
1 ــ مصنع لرجال الاصلاح والتغيير :
ذلك هو ما ميز الامام الشهيد الذي لم يخلف تراثا مكتوبا يذكر سوى رسائل صغيرة قصيرة وهي كذلك حالة تكاد تكون فريدة في تاريخنا سيما المعاصر منه إذ يغلب على بقية المجددين إنتاج المشاريع النظرية في شتى مجالات الحياة غير أن الامام البنا إنتهج سبيل الاستثمار في أخصب الحقول نفعا وعطاء أي الانسان فكان يجيد فن إنتقاء الانسان الطموح كما يجيد فن توجيهه وتوظيفه ويقتطع له ما يناسبه من الاعمال وقليلا ما تجد مصلحا يغرس الرجال في حقولهم المناسبة كما يزرع الفلاح أرضه وفق معايير علمية معروفة فيخرج نباتها طيبا وكان يوجه رجاله منذ ذلك الزمن المبكر إلى حقول الفنون الاقتصادية والاجتماعية والكونية وهو توجه غريب عن رجل إصلاح إسلامي في تاريخنا المعاصر على الاقل فكانت حصيلة الرجال الذين برزوا في شتى المعارف الكونية أكثر ممن برز في المعارف الشرعية .
2 ــ ناصية المجد والنجاح : معركة الوقت :
لم يعمر البنا سوى أربعة عقود لو خصمت منها عقدا ونصف على الاقل لطفولته وعقد آخر أو أقل بقليل لدراسته فلن تكون حصيلة تلك التجربة التجديدية الرائدة في حياتنا المعاصرة سوى عقد ونصف أو عقدين على أقصى تقدير قضى أغلبها في الكد لطلب رزقه .
ماذا بقي له من وقت إذن ليفكر ويخطط ويعمل لصالح الامة ؟ لو جمعت كل ذلك لكانت حصيلته ساعات . أين السر إذن ؟ إنه في إدارة معركة الوقت أو بالاحرى معركة الحياة لان الوقت هو الحياة . ذلك هو السيف البتار الذي يصرم عقودا طويلة من حياة الفاشلين والمتواكلين والمتذرعين بلقمة العيش وسوء الظروف ودعاوى أخرى لا تحصى ولا تعد . أما الناجحون فإنما يمتشقون ذلك السيف بقوة لا تعرف التردد ومضاء لا يعرف التلعثم وتوكل لا يعرف التطير فيحولون السنوات القليلة التي يحيونها فوق الارض إلى حركة تجديد ومشروع عمارة يظل يروي الظمأى ويهدي الحيارى حتى تقوم الساعة . ” ونكتب ما قدموا وآثارهم “.
الفرق الوحيد بين الرجلين : الارادة . قل بإطمئنان : النجاح هو حسن إدارة الارادة .
3 ــ تميزت تجربة التجديد عند البنا عن غيرها بكونها تجربة إحياء شامل :
لو قيل لك يوما : لخص مشروع البنا في كلمة واحدة فقل دون تردد : الشمول الافقي والتوازن العمودي . لقد خلت من قبله تجارب لا تحصى ولكن يغلب عليها الجزئية بدل الشمول فكانت صوفية فارة إلى دفء الكهوف هنا ومقاومة مسلحة بالاسنة هناك وقليل منها من جمع بين كل مجالات الحياة ثقافة نظرية وترجمة عملية بقدر المستطاع كما غلب على تلك التجارب أو بعضها إنتفاخ بعد إنساني على آخر بدل التوازن في تلبية كل تلك الابعاد فكانت جمالية أدبية بديعة هنا وعقلية صارمة تجريدية هناك وقليل منها من راعى كل مطالب الانسان روحا وبدنا وعقلا وذوقا وعاطفة وفردا وجماعة وأسرة حتى شاع في زمن منا في بلاد ما بأن أكثر العائلات ترفا وفسادا هي عائلات كبار المصلحين تماما كما شاع بأن أبعد الناس عن الذوق الفني الجميل هم العلماء .
أقوى نقطة قوة في تجربة البنا : فقه عميق صحيح بالبناء السنني في الكون والانسان على أساس التعدد والتنوع ثم مباشرة عمل الاصلاح على أساس التوسط بين كل تلك الابعاد المتقابلة في النظر العقلي المجرد ولكنها متكاملة في النظر الواقعي الاصلاحي . وهو ما سمي بالثنائيات المتناقضة في بعض تجارب التغيير الغربية أو القريبة منها .
4 ــ البنا ليس مؤسس حركة أو مرشد تيارفحسب بل هو مؤسس منهج الوسطية المعاصر :
يحلو للمنتمين أو المتعاطفين مع حركة الاخوان المسلمين أو التنظيم الدولي للاخوان قصر تراث الرجل على تلك الحركة أو ذلك التنظيم تماما كما يحلو لخصومهم ومنافسيهم ذات الزعم ولكن من موقع مختلف . ذلك أمر غير صحيح لا في إبانه ولا بعد ذلك .
أما في إبانه فإن الرجل لئن إتخذ الجماعة حقلا يتأسس عليه مشروعه التجديدي فإن ذلك كان من موقع الضرورة الواقعية والحاجة الفعلية وكثير مما قاله وكتبه ينبئ بأنه يتوق إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير : إنه تجاوز حالة من الانحطاط والتخلف التي لم تفعل فيها مشاريع النهضة السابقة سيما التجديدية منها ـ رضا وعبده والافغاني ـ شيئا كبيرا بحكم كون تلك المشاريع كانت جزئية الاهتمام وفردية التفعيل .
وأما بعد ذلك فإن كل المؤشرات تدل على كون التيار الاسلامي الوسطي المتوازن المعتدل فكرا وسلوكا وسياسة إصلاحية شاملة هو موئل كل محاولات التغيير المعاصرة عندما تكبر وتنضج وترشد وتفقه سننها بعد معافسة واقعها ومراجعة ميزان كسبها تستوي في ذلك المحاولات التي غالت في تقليد الاسلاف أو التي مالت إلى الاسلوب الغربي . ومعنى ذلك ومقتضاه أن البنا هو مؤسس المنهج الوسطي المعاصر وأن رجوع أو إقتراب كل محاولات التغيير الاسلامية أو القريبة منها إلى ذلك المنهج لا يعني سوى أن الرجل ليس مؤسس حركة ولا تنظيم ولا تيار بل هو مؤسس منهج معاصر عنوانه الوسطية بكل إعتدالها وتوازنها في الفكر والسلوك ومسارات الاصلاح .
إن منهج الوسطية المعاصرة الذي أسسه البنا هو من يواصل من بعده بناء التجديد الاسلامي برغم أمواج عاتية متلاطمة من أعداء المشروع الاسلامي الوافدين بخيلهم ورجلهم أو بثقافتهم وفكرهم من الخارج وبرغم أمواج أخرى تحكم تراث السلف في محكمات الكتاب والسنة وفي معطيات الواقع الجديد . التجديد الاسلامي أمل لا يولد دون ألم .
الهادي بريك / ألمانيا
كفاية ! النار تذكى بعودين والحرب أولها الرسوم
(الاستعمار الفرنسي ساهم في التحضر والمدنية للدول المتخلفةّ)
عيد الحب .. تقليد يترسخ لدى التونسيين
تونس (رويترز) – رغم ما يواجهه من انتقادات ومعارضة يزداد الاحتفال بعيد الحب الغربي (فالنتاينز داي) انتشارا في تونس أحد أكثر البلدان العربية انفتاحا على الغرب.
وأصبح (فالنتاينز داي) الذي يوافق 14 فبراير شباط من كل عام ضمن الاحتفالات التي يهتم بها عدد كبير من التونسيين حيث يشهد هذا اليوم إقبالا غير معتاد على شراء الورود الحمراء وبطاقات المعايدة والأنواع الفاخرة من الشوكولاته إضافة الى إقامة الحفلات خاصة في الفنادق الكبرى.
وفي حي (لافايات) الراقي بالعاصمة عادت تجارة الورود لتنتعش بعد كساد طيلة أغلب فترات العام.
وقال أحد الباعة لرويترز “أسعار الورد ترتفع خلال عيد الحب لتصل الى 4 دينارات للوردة الواحدة (قرابة ثلاثة دولارات) لكن الإقبال يبقى كبيرا.”
ومن جهته رأى بائع آخر كان بصدد تزيين محله وتعليق لافتات تهنيء بعيد الحب ان إقبال الزبائن كبير خلال هذه المناسبة وقال مازحا “سنعوض كساد موسم كامل لو يحتفل المحبون بهذا العيد مرتين في العام”.
ويرفض المحتفلون مجرد الجدال حول العيد الذي دخل حديثا ضمن الأعياد في تونس معتبرين انه مناسبة لتجديد مشاعر الحب.
وتقول نجوى التي بدت محتارة داخل إحدى المتاجر الكبرى “احترت في البحث عن هدية..اعتدت على إهداء زجاجة عطر لمن أحب وقد اضطر مرة أخرى لإهدائه عطرا”.
وتزدان المحلات التجارية في مثل هذا الوقت بكل مظاهر الزينة ويزداد التسابق على الهدايا وتتصدر الورود الحمراء واجهات المطاعم والمقاهي في العاصمة.
ولم يخف هيكل وهو طالب بكلية الآداب استغرابه من القول بأن عيد الحب هو تقليد غربي خالص.
وقال لرويترز “هل الحب أيضا يخص الغرب دون سواهم. فأنا احتفل بهذا العيد ولن اهتم بما يُقال حوله..هو أفضل مناسبة نجدد فيها أجمل مشاعرنا تجاه من نحب”.
وفيما تظهر أهمية الاحتفال بهذه المناسبة يتزايد إقبال التونسيين على تبادل رسائل التهنئة بالهواتف المحمولة وتعمد شركتا الاتصالات في البلاد الى إطلاق خدمات جديدة تجمع بين الصورة والصوت بأسعار منخفضة.
ويفسر علماء اجتماع احتفال فئات واسعة من التونسيين بهذه المناسبة وغيرها بأنه نتيجة طبيعية لانفتاحهم على حضارات البلدان الغربية بالأساس.
لكن المنتقدون يرون في هذه الاحتفالات دليلا على التراجع الثقافي.
ويقول موظف يدعى فتحي “الم يعرف العرب عشاقا مثل فلانتين حتى نحتفل بعيده الشهير.. كفانا تقليدا للغرب لان بعض التقاليد ما هي إلا تعبيرا عن مدى تبعيتنا وعدم القدرة على التخلص من هيمنتهم الثقافية”.
وتعتبر منية وهي بائعة في متجر لملابس النساء ان طرق احتفال الشبان بما يسمى (فالنتاينز داي) أصبحت غير مقبولة.
وقالت “للأسف تركت أعيادنا الدينية السمحة وراح شباننا يبحث عن احتفالات لا تهمنا وبطرق مخجلة أحيانا” مشيرة الى ان بعض الشبان يقدمون على إهداء ملابس داخلية لصديقاتهم مثلا.
ومثل هذه المظاهر في الاحتفال غير موجودة في بعض الدول العربية الأخرى.
من طارق عمارة
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 13 فيفري 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
تحقيق: غدا عيد الحب
ما هي مواصفات الحب زمن العولمة؟
يحتفلون بعيد الحب وكأنهم يؤبنونه
غدا يحتفل عدد غير قليل من التونسيين بـ«عيد الحب» هذا التقليد الغربي الذي تسرب منذ عقدين تقريبا إلى قائمة أعيادنا ليحتمل مكانة يزيد اشعاعها واتساعها من سنة إلى أخرى… هذا التقليد شعّ بريقه ليشمل فئات اجتماعية عديدة انخرطت في طابور المحتفلين به ولم يعد حكرا على فئات بعينها.
ولئن بدا والحال هذه أن الجميع مقتنعون بأن الحياة لا شيء بدون حب فقد تبادر إلى «الاسبوعي» أن تعرف مدى رسوح وتجذر هذه العاطفة لدى هؤلاء المحتفلين وهل يمارسونها عن اقتناع أم هو محض تقليد، ألا نعيش اليوم أزمة حب ونحن على درب إعصار العولمة ألسنا نتلهف على إحياء هذا الفرح الاستثنائي المستورد حتى لا نسقط في بوتقة الذعر والقلق واضطراب المشاعر وجفاف الايام ورمادية الاشياء. هل الحب عنصر ثابت ضارب في أعماقنا أم نحن بحاجة إلى أن نتعلم كيف نحب أكثر، ثم هل يتسع المجال اليوم للحديث عن قصص حب مماثلة لتلك التي سمت وصفت بها نفوس وطباع أبطال قصص العشق الرومانسي.
مجموعة كبيرة ممن سألناهم عن عيد الحب وهل ما يزال اليوم مجالا للحدث عن ذلك الحب الشفاف الرومانسي الذي طار إلينا عبر قصص العشاق كجميل بثينة وكثير عزة وقيس ليلى، جزم أغلبهم بما يلي:
حببنا ابن عصرنا
يقول لطفي (23 سنة طالب) الحب كلمة تكاد تفقد معناها وسط هذه الفوضى التي تسيطر عليها المادة والمصالح ولكن رغم ذلك فهو شعور نبيل لا نملك إلا أن نعيشه ونستمتع به رغم كونه في عنق زجاجة العولمة اليوم.
أما سمر (20 سنة طالبة) أكدت أن جميع قصص الحب وجميع شعراء الغزل رغم شهرتهم هم في الحقيقة يعجزون عن وصف لحظة واحدة من لحظات الحب الصادق كما تحس وتعاش وتضيف مؤكدة أن الحب شيء رائع في حياة الانسان لكن من المؤسف أن يهمش ويهان من أجل المصالح أو التصرفات اللاأخلاقية.
ويذهب طارق وأماني (18 سنة تلميذان) إلى انهما منذ ما يزيد عن السنتين يعيشان قصة حب جارفة ولكنها محكومة بالعادات والتقاليد والظروف المادية والاجتماعية وقالا نحن نعيش قصة حب شبيهة بتلك القصص المشهورة ولكن على طريقتنا الخاصة.
الحب شرط من شروط البقاء
سفيان وشفيق وكوثر (19 سنة) أكدوا أن الحب لا يمكن أن يندثر ما بقي الانسان على وجه البسيطة وأنه ممزوج بدم الإنسان وبموته يموت وأضاف جميعهم أن ذلك الحب الاسطوري الذي وصل إلينا في قصص مؤثرة وقصائد طويلة لم يعد موجودا في عصرنا هذا لأن أمورا كثيرة اختلفت بحكم العصر.
أما سناء ووفاء وفاطمة (18 و20 سنة) فأكدن أن الحب اليوم مشروط بالامور المادية وأن هذا الاحساس الجميل يتحطم أمام فراغ الجيوب من المال وأضافت سناء قائلة إن الحياة اليوم أصبحت تحدد شروطه ومقاييسه وتفصله كما تشاء وصادقت فاطمة على قولها مضيفة إن الحب اليوم يكاد يكون شعورا وهميا نصنعه لنعيش به مع من تميل أنفسنا إليه وما إن تبرز الأمور المادية حتى يتحطم كل شيء وختمت وفاء بالقول لا يمكن أن ننكر وجود الحب مهما تشعبت الامور وكثرت الضغوطات ولكن الكل يعيشه على طريقته وبمقاييس خاضعة لعدة شروط فهو لا يمكن أن يموت لأنه شرط من شروط البقاء ولكن علينا أن نحذر كثيرا لأن الحب أصبح اليوم مصاحبا للكذب.
جمعيات لإعادة الثقة في الحب
من المؤكد إذن أننا اليوم نعيش حبا معاصرا تعاضدت حيثيات عديدة لتجعله خاص بجيل العولمة الجديد ومن الجلي أيضا أن زمان حب جميل بثينة وكذلك عيشة وعلي قد ولّى ولا مجال للحديث عنه اليوم لأنه يحيلنا على تجارب خاصة كانت وليدة عصرها ورهينة مشاعر انسانية لها خلفياتها الثقافية والحضارية وخاضعة لمرحلة بعينها لا تمت بأية حال من الأحوال إلى هذا العصر فالحب مشاعر تتطبع بعصرها وتأخذ أشكالا جديدة رهينة مرحلة تاريخية لها خصوصياتها وإن ظل الشعور ذاته جزءا من طبيعة الانسان وعنصرا مهما في التوازن النفسي والواضح أنه لا يمكن أن نخضع الحب لوصفة محددة حتى ينجح ولئن كان محك الواقع يفشل أكثر القصص التي تبدو رومانسية فإنه لا يجب أن نقلل من شأن هذه العاطفة ونزج بها في دائرة الريبة والشك بل نحن في حاجة إلى أن نتعلم كيف نحب أكثر ونقتنع بأن الحب ولئن كان اليوم خاضعا للتوازن الثقافي والاقتصادي فهو أيضا احترام ومسؤولية وغض للطرف عن بعض العيوب. ومن المؤسف بعد هذا أنه يبدو واضحا أننا ربما نكون في حاجة ماسة قريبا إلى جمعيات منظمات لإعادة الثقة في قيمة الحب لبعث الروح في هذه المشاعر الكرتونية التي تقف كواجهة جميلة تغطي واقعا يكاد يطلق صفارة إنذار.
الدكتور عماد الرقيق:
نحن في حاجة إلى هذا النقاء حتى لا تهمشنا العولمة
بسؤالنا للطبيب النفسي عماد الرقيق عن هذا الموضوع ولماذا طغت على شبابنا هذه السوداوية في رؤية هذا الشعور الجميل ولماذا تكلم عنه الجميع وكأنهم يؤبّبنونه واعتبروه في عنق زجاجة العولمة وأنه على قاب قوسين أو أدنى من النهاية ، أكد أن طغيان الامور المادية التي يعاضدها الضيق المالي لا فكاك منه مع اهتزاز الثقة في النفس وفي الآخر وانقلاب منظومة القيم في أذهان الاغلبية جعلهم يقفون هذا الموقف الذي يحيلنا على اضطراب واضح في العواطف ويبدو واضحا أن هذا الاضطراب يكمن وراء الفشل الذريع الذي يعيشونه في مواجهة النفس والعالم حولهم، وعرج الدكتور ليذكر أن عاطفة الحب ليست وهما بل هي جزء من تركيبة الانسان تصل نسبتها إلى 50% وبها يحصل التوازن النفسي وأكد أن الانسان اجتماعي بالطبع وأن الاجتماع هدفه تحقيق السعادة الذي يمثل الحب أهم شروطها.
فالأمور المادية في حقيقة الامر مشروطة بالامور العاطفية وإن ما ينقصنا بالفعل هو الايمان بالفكرة في حد ذاتها أي بأن الحب موجود ونحن نعيشه يوميا ولكن بأشكال خاضعة لمقاييس العصر بدون مبالغات لأن حاجة النفس إلى ذلك النقاء أكيدة والحياد عن ذلك يؤدي حتما إلى أزمات نفسية حادة قد تؤدي بدورها إلى الاكتئاب والتوتر (النرفزة) غير المبررة وقد تتطور إلى عنف مستمر تجاه الذات وتجاه الآخر.
وختم كلامه بالقول علينا أن نبذل جهودا متواصلة ومضاعفة لمواجهة تيار الاحباط وأن نقتنع بأن الحب موجود وهو جزء من تركيبة الانسان وإن همسته العولمة وأصبح يمارس بأشكال جديدة والمهم أن نعلمه لأبنائنا منذ سنين الوعي الأولى حتى لا نقع فيما لا يحمد عقباه ونحييه في مثل هذه المناسبات حتى نفلت من سلطان الملل واللامبالاة وخاصة الاحباط.
ليلى المازني
(المصدر: جريدة “الصباح الأسبوعي” الصادرة يوم 13 فيفري 2006)
“محمد داي” بدل “فالنتاين داي”
أصل العيد وترجع العديد من المراجع التاريخية عيد الحب إلي أعياد الرومان الوثنيين، حيث كان ينتشر ما يسمى الحب الإلهي، وورث المسيحيون هذا التقليد. وحينما اعتنق الرومان المسيحية أبقوا على الاحتفال بعيد الحب، لكن نقلوه من مفهومه الوثني (الحب الإلهي)، إلى مفهوم آخر يعبر عنه بـ”شهداء الحب”، ممثلا في القديس “فالنتين” الداعي إلى الحب والسلام، كما سمي أيضا “عيد العشاق”. وكان من عادات الرومان في هذا العيد أن تكتب أسماء الفتيات اللاتي في سن الزواج على لفافات ورقية صغيرة، وتوضع في طبق على منضدة. وبعد ذاك يدعى الشباب الراغبون في الزواج ليختار كل منهم ورقة، ويضع نفسه في خدمة صاحبة الاسم المكتوب لمدة عام ليختبر كل منهما خلق الآخر، ثم يتزوجان، أو يعيدان الكرة في العيد المقبل. ومما قيل في سبب هذا العيد أيضا، أن الإمبراطور الروماني كلوديوس الثاني الذي حكم في القرن الثالث الميلادي منع جنوده من الزواج؛ لأنه يشغلهم عن الحروب التي كان يخوضها. غير أن القديس فالنتين تصدى لهذا القرار بإبرام عقود الزواج للجند سرا، وحينما علم الإمبراطور بذلك زج به في السجن قبل أن يُعدم في 14 فبراير عام 270 ميلاديا، ومن حينها أطلق عليه لقب قديس، وجعل البابا من يوم وفاته عيدا للحب.
(المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 13 فيفري 2006)
«الحياة» تحاور الفكر العربي: أين نحن في العالم؟ متى ينتهي الانحدار؟ أي دور للمثقف؟ …
برهان غليون: حداثتنا الرثة تنتج قهراً وعنفاً واستبداداً أكثر من انتاجها حرية فكرية وعملية
ابراهيم العريس الحياة – 13/02/06//
منذ «بيان من أجل الديموقراطية»، وحتى اليوم حيث هو بالتأكيد واحد من قلة من مفكرين عقلانيين يظهرون على الشاشات الصغيرة معلقين على بعض الأحداث المهمة محللين لها، داعين الى تغييرات شاملة في المجتمعات العربية تلائمها، يعتبر الدكتور برهان غليون صوتاً متفرداً في الفكر العربي الحديث. الأكيد ان هذا التفرد وليد تجربة سياسية مبكرة في بلده، سورية، استبقت تجربته في باريس، حيث درس ثم علّم، ولا يزال مقيماً فيها منذ ثلث قرن. برهان غليون اليوم، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة السوربون، لكن نطاق همه يتجاوز هذا الموقع الجامعي – على أهميته – بكثير، لأنه منذ بداية سطوع اسمه في عالم الفكر العربي، لم يكتفِ بالعمل النظري في مجال تاريخ الأفكار، بل تجاوز ذلك الى الفعل العملي، محاضراً خطيباً ومشاركاً في السجالات كافة.
فإذا أضيفت كتبه ودراساته الكثيرة، التي قرئت من النخبة العربية وجمهورها على نطاق واسع، وهي في معظمها كتابات سجالية تنظر الى الواقع وما سبقه بعين نقدية تنويرية ونهضوية، ندرك المكانة التي يحتلها غليون على خريطة الفكر العربي.
ومن أبرز هذه الكتب الى «بيان من أجل الديموقراطية»، «اغتيال العقل» و «الاسلام والسياسة: الحداثة المغدورة». ولعل في إمكان المرء أن يفهم موقف برهان غليون من دور المثقف، أو المفكر، من خلال تأكيده في هذا الحوار ان «الفكر لا يلعب دوراً، بل ان المفكر هو من يلعب الدور، مقترباً في هذا من الوظيفة التي يسندها غرامشي الى المثقف بصفته «مثقفاً عضــوياً».
والحوار الآتي الذي أجري مع برهان غليون في باريس، هو حلقة في سلسلة الحوارات التي تجريها «الحياة» مع عدد من المفكرين العرب، طارحة عليهم اسئلة ملحة، شائكة أحياناً، حول الخريطة الفكرية العربية الراهنة، ونظرة المفكر العربي الى ما يحدث، وربما الى ما سيحدث أيضاً، من خلال مفاهيم وقضايا مثل الحداثة والأصالة والعلم والايديولوجيا والإرهاب… وغيرها من أمور تشكل جوهر الهموم الفكرية العربية اليوم، إن لم نقل جوهر الهموم الشعبية والاجتماعية عموماً.
> برهان غليون، أنت بصفتك مهتماً منذ ثلاثة عقود على الأقل بأوضاع المجتمعات العربية وعلاقتها مع العقل كيف تشخص حال هذه البلدان وشعوبها اليوم، من وجهة علم الاجتماع او علم السياسة او التاريخ مثلاً؟
– فرضت الحداثة، التي انبثقت في بعض المجتمعات الاوروبية نتيجة تراكمات حضارية متعددة ومتضافرة منظومات مجتمعية، اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وتقنية وعلمية، مغايرة بشدة لتلك المنظومات التي سيطرت على مجتمعات القرون الوسطى في العالم أجمع. ومنذ القرن التاسع عشر أصبح الاندراج في التاريخية الحديثة واستيعاب منظوماتها الجديدة، تقليداً وتمثلاً وإعادة اختراع معاً، الشغل الشاغل لهذه المجتمعات، وفي مقدمها المجتمعات العربية والاسلامية التي بدأت تتساءل عن نجاعة منظوماتها الماضية منذ نهاية القرن الثامن عشر. ولم يكن الانسلاخ عن النظام القديم الموروث، بما يشمله من تنظيمات ومعايير وقواعد عمل ومفاهيم وقيم، واستيعاب النظام الحديث، سهلاً في أي منطقة من مناطق العالم وعلى أي مجتمع من المجتمعات.
فقد مرت المجتمعات الأوروبية نفسها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بمرحلة من التردي في شروط الحياة المادية، ومن القهر السياسي والضياع الثقافي والتخبط الأخلاقي والبؤس الروحي لا حدود له. وعلى قاعدة هذا التردي في شروط حياة المجتمعات والمعاناة القاسية التي ارتبطت به حصل التجدد الكبير في الفكر الانساني: في الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع والدين. ودفع الفقر والتشرد المادي والفكري والروحي ملايين البشر إلى ركوب مخاطر البحار للبحث عن الموارد واكتشاف القارات الجديدة واستعمارها على حساب سكانها الأصليين.
وفي دوائر المدنية الكبرى التي كانت محيطة بأوروبا في الصين والهند واليابان وروسيا والعالم الاسلامي والعربي، رافقة التقهقر المضطرد في مواقع الدول والمجتمعات محاولات للتكيف والتحديث وإعادة البناء حصلت فيها مذابح وخيضت في سبيلها حروب داخلية أهلية وخارجية قارية لا تزال حية في الأذهان. ولم تخرج روسيا من الفخ العظيم الذي نصبته لنفسها في سعيها المحموم للحاق بأوروبا الحديثة بأسرع وقت، أقصد فخ النظام الشيوعي الشمولي، إلا منذ سنوات معدودة. ولا تزال الصين تصارع الزمن من أجل الدخول في عصر الحداثة من دون أن تفقد وحدتها وتوازنها، بينما دفعت الهند أكثر من قرن من الاحتلال البريطاني في سبيل بناء نواة دولتها الفيديرالية الحديثة. ولا تزال أفريقيا تتخبط في بيئة تجمع بين انحسار حميمية الماضي وغياب فرص الدخول في آلية الحاضر.
لكن من بين هذه العوالم المتباينة جميعاً، انفرد العالم العربي بالتجربة الأكثر إيلاماً، والتي تجعله يعيش اليوم في حال من الإحباط والخوف وفقدان الثقة بالنفس والآخر معاً. فقد انخرط قبل الصين والهند وروسيا في البحث عن الحداثة واستيعابها، واستثمر فيها مادياً ونفسياً طوال أكثر من قرنين، فعرف الانسلاخ عن الماضي والضياع كما عرف حروب النزاع الداخلي والغزو وحروب الاستعمار التي عرفتها المجتمعات الأخرى جميعاً، لكنه بعكس هذه المجتمعات الكبرى لم ينجح في أن يعيد بناء نفسه في فضاء الحداثة الجديد، لا من الناحية الجيوسياسية، كما فعلت الصين والهند وروسيا، ولا من الناحية السياسية ولا من الناحية الثقافية ولا حتى من الناحية الاقتصادية. باختصار، لقد فقد نظامه القديم من دون أن يدخل نهائياً في النظام الجديد. وبقي لذلك من دون نظام، أي في حال من الفوضى المادية والسياسية والفكرية والروحية، تجعل منه اليوم العالم الأكثر إنتاجاً للعنف والبؤس المادي والروحي والتعاسة الفردية والجمعية في العالم. ويكاد يكون المكان الوحيد الذي لا يزال يشهد ظاهرة الاستعمار فيه، والاستيطاني منه في شكل خاص، وحكم الفرد المطلق، وسيطرة قانون الغلبة والقوة. كما بقي الأكثر طرداً لسكانه بين جميع مجتمعات العالم الكبرى ودفعاً بملايين البشر المشردين إلى البحث عن مستقبلهم خارج حدوده في ظل العداء والعنصرية. وليست الفوضى سوى النتيجة الطبيعية لانعدام النظم والمعايير والمفاهيم والتمثلات المتساوقة التي تضبط سلوك الجماعات والافراد وتخضعه لقواعد ثابتة ومعروفة ومتوقعة. ففي غياب مثل هذه القواعد لا يبقى هناك ما يضبط حركة القوى، من أي مستوى كانت، سوى ميزان القوة وحده وما يستطيع كل صاحب قوة من توظيفه في بناء قوته من موارد قديمة أو حديثة، أي من علاقات شخصية وولاءات وعصبيات وتقنيات وتحالفات. وهو ما يجعل من الحرب، نمط سلوك، أو ناظماً وحيداً للعلاقات بين المجتمعات وداخلها معاً، وفي عمق الفرد الذي تتنازعه أيضاً منظومات قيم وغايات وآمال وآلام متباينة ومختلطة أيضاً.
من المسؤول؟
> لماذا هذا الإخفاق التاريخي الكبير وما هو سبب انعدام الإنجاز الذي يدمر حتى الشعور بالكرامة عند العربي؟
– هناك اتجاه اليوم إلى تحميل الثقافة العربية أو الاسلامية، وبالتالي الاسلام كدين، القسط الأكبر من المسؤولية في فشل الوصول إلى محطة مستقرة للحداثة في المجتمعات العربية. لكنني مع التأكيد على أن عناصر في الثقافة، الزمنية والدينية، قد تلعب دوراً مشجعاً أو غير مشجع في بلورة سلوكات عقلانية في مسار التحديث واستيعاب منظوماته المختلفة، لا أعتقد أنها صاحبة الدور الأول في تحديد مصير مشاريع الحداثة التي ظهرت في حجر المدنيات الكبرى. فالثقافات الحديثة التي قادت هذه المشاريع لم تولد من الثقافات التقليدية ولكنها نشأت بالعكس في مواجهتها، وما كان لهذه المشاريع أن تولد من دون نشوئها عند نخبة محلية. وقد ارتبط مصيرها من حيث التقدم في العمق أو الانتشار في أوساط المجتمع الأخرى بمصير هذه النخبة التي امتشقتها. وأنا أعتقد أن مصير مشاريع الحداثة مرتبط دائماً بطبيعة النخب الاجتماعية التي قادتها وعملت على تحقيقها، وبالتالي بالسياقات الجيوسياسية والسياسية التي حددت خيارات هذه النخب وفرص تكونها كفاعل تاريخي أيضاً.
وفي العالم العربي الذي دخل العصر الحديث بتراث كبير من النظم التي راهنت دائماً على قوى خارجية بالنسبة الى المجتمع، تمثل الانكشارية أكثر تعبيراتها صراحة، كانت القطيعة عميقة بين النخب الاجتماعية، الاقتصادية والإدارية والثقافية والدينية، ذات الأصول والولاءات القومية والثقافية وأحياناً المذهبية المتنوعة، والمجتمعات التي تخضع لسلطاتها. وقد أعاقت الاختراقات الأجنبية نشوء نخبة اجتماعية وثقافية موحدة ذات خصائص مشتركة وواضحة. وهكذا أعيد بناء قيم الثقافة الحديثة ومعاييرها على أساس تكريس هذه القطيعة التاريخية بين النخب ومجتمعاتها وأحياناً تعميقها. وانتهت أكبر مشاريع الحداثة العربية طموحاً، في مصر أسرة محمد علي، بتكوين طبقة كمبرادورية شبه ارستقراطية زادت حداثتها غربتها عن المجتمع، وارتبطت منذ مولدها بالسلطة القهرية الاستبدادية، صارت تنمي في ذاتها مشاعر الانتماء للمجتمعات الأوروبية أكثر من الانتماء للمجتمعات المحلية. أما في معظم البلاد العربية الأخرى التي بقيت خاضعة في إدارة شؤونها لفترة طويلة لنخبة تركية، فلم تكن هناك أصلاً نخب محلية على درجة من التماسك والسماكة والقوة تجعلها تستحق هذا الاسم. وتكفي للتدليل على أهمية الحديث عن طبيعة النخب، مقارنة ما حصل في مصر والعالم العربي بما حصل في تركيا. فلم تثبت النخب المحلية التركية الشابة المتمردة على نظام السلطنة وجودها ووحدتها وجدارتها في مواجهة خطط القوى الغربية الساعية إلى تقسيم تركيا فحسب، ولكنها نجحت أيضاً في بعث روح قومية تركية جديدة وحديثة في مواجهة روح العثمانية الكوزموبوليتية. وهي القومية التي حمت حتى اليوم الدولة التركية الحديثة وحددت غاياتها ووجهت عملها. وبالعكس أدى افتقار معظم المجتمعات العربية لنخب محلية على قدر من الانسجام والاستقلال والكفاية والخبرة والإرادة إلى سقوطها السريع في آليات الانقسام والتجزئة والالتحاق بالدول الكبرى فيما المجتمعات لا ترى للسلطة مصدر شرعية.
قصدت من الحديث عن النخب الاجتماعية والمقارنة في ما بينها إخراج مسألة فشل مشاريع الحداثة أو إعاقتها من دائرة المقارنة بين ماهيات ثقافية غير موجودة، وغير حاسمة إذا وجدت، لوضعها في سياق الصراع بين فاعلين تاريخيين، وبالتالي في سياق البحث عن شروط الصراع نفسها، الجيوسياسية والسياسية أيضاً.
وهذا يعني أن الحداثة ليست مسألة تقليد أو اقتداء أو اقتباس أو فهم واستيعاب عقلية، ولكنها مسألة صراع تاريخي بين قوى داخلية وخارجية لامتلاك موارد مادية ولا مادية تشكل السيطرة عليها وسيلة لتعزيز القوة ودائرة نفوذها وانتشارها. الحداثة بهذا المعنى ليست أمراً معطى ولكنها عملية صراع لانتزاع ثروة تتنازع عليها قوى متعددة وتريد أن تستملكها لنفسها، حتى داخل البلدان ذاتها وليس بين البلدان فحسب. ويكفي النظر إلى مصير رأس المال المتراكم والمهرب إلى الخارج في بلادنا لتأمين شروط اندماج نخبنا المحلية في دورة الرأسمالية العالمية. لكن هذا ما يحصل أيضاً للحريات السياسية التي ينشئها نظام الدولة الحديثة الوطنية وللعلم والمعرفة اللذين يتم احتكارهما والسطو عليهما من نخب محدودة لتعزيز نفوذها الاجتماعي.
وعندما نطرحها في هذا المنظور ونخرجها من دائرة المجادلة في أهلية الثقافة نستطيع أن نقدر في شكل أفضل قيمة الشروط التاريخية الخاصة التي حكمت مشاريع الحداثة الانسانية في كل بقعة من بقاع العالم، ونربطها أيضاً بخصوصيات هذه البقاع الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولا يمكن أن نفصل تعثر مسار الحداثة في منطقتنا عن هشاشة النخب الاجتماعية العربية منذ القرن التاسع عشر حتى الآن بسبب عدم تجانسها وانقسامها وتقلبها وبالتالي سطحيتها. وهو ما يفسر ضيق أفق الحداثة التي تقترحها ومحدوديتها أولاً والقواعد التي تحكم علاقة الدول الأوروبية الحديثة الصاعدة أيضاً بهذه المنطقة من العالم، سواء بسبب قربها منها وحساسية موقعها الاستراتيجي بالنسبة الى أمنها، أو بسبب مواردها الروحية الاستثنائية وما تمثله من رمزية روحية لجميع الأديان السماوية، أو لما ظهر فيها من موارد للطاقة لا يستغني عنها العالم الصناعي. ونستطيع أن نقول إن هذه العوامل التي حكمت إخفاقنا في القرنين الماضيين في انتزاع موقع ثابت في نظام الحداثة هي نفسها التي لا تزال تحكم إخفاقنا الراهن في تجاوز الأزمة العميقة التي وضعنا فيها هذا الإخفاق.
لا نزال نعيش الولادة
> بعيد هزيمة 1967، كانت هناك نهضة فكرية نهلت من الحداثة ولكن ايضاً من الوجوه المضيئة في التراث، علاماتها كتب ودراسات قالت غضب الفكر العربي على الهزيمة ورغبته في تجاوزها… أنت شاركت في ذلك كتباً ودراسات… فهل تعتقد ان تلك الانتفاضة النهضوية أثّرت؟
– أعتقد أننا لا نزال نعيش منذ هزيمة 1967 لحظة فكرية واحدة هي ولادة الفكر النقدي العربي. وأستطيع أن أقول من دون أن أسيء إلى المفكرين الكبار الذين شقوا لنا منذ القرن التاسع عشر طريق التفكير الحديث وأدخلونا في لغة الحداثة وعلمونا مفرداتها، أن العالم العربي لم يكن يفكر في أي فترة كما يفعل اليوم. فما كان سائداً خلال الحقبة الماضية كان استيعاباً للحداثة من طريق تلخيص أفكارها وإدخال مفاهيمها والتدرب على التعامل معها. اليوم لم يعد الفكر العربي ترجمة للكتب الأجنبية بطريقة غير مباشرة ولا التحاقاً بموضتها بقدر ما أصبح يستهدف أكثر فأكثر تحليل مشكلات عينية، ويسعى من خلال منطق العقل الذي تمثله في الحقبة الماضية، إلى فهمها واستيعابها. لقد أصبح تفكيراً بواقع وبالواقع. والسبب في ذلك هو تفاقم الأزمة نفسها ونشوء التحديات الكبيرة والخطيرة التي لا مهرب من مواجهتها وتطوير الأدوات النظرية الناجعة والمناسبة لمعالجتها.
لا أقول اننا ربحنا معركة التفكير النظري المستقل والحر ولكننا في بداية الطريق. وتكفي قراءة صفحات الرأي في الصحف العربية الرئيسية ومقارنتها بما كان ينشر في الخمسينات والستينات لتبين الفرق بين فكرين وحقبتين وعالمين متباعدين تماماً: ثقافة الأيديولوجية والتعبئة والنقل والتمثل لما هو أجنبي حديث وثقافة النقد والتحليل والشك. والسبب الحقيقي لهذا هو أزمة الحداثة العربية بالضبط وإخفاقها، مما أضعف كثيراً شرعية النقل والتمثل والاستيعاب والتقليد وأعطى قيمة أكبر للتفكر الأصيل والجديد والمستقل.
خيانة من؟
> اليوم يرى كثر أن المثقفين صامتون، خانوا أو دُّجنوا… أو ابتعدوا مشمئزين، بينما لجأ بعضهم الى مهادنة أنظمة وتيارات قومية متأزمة او أصوليات؟
– لا أستسيغ كثيراً التهم الموجهة إلى المثقفين أو غيرهم. وحتى أولئك الذين يتهمون بالالتحاق بالنظم والعمل لخدمتها، وهم أكثرية، هنا كما هي الحال في كل المجتمعات، لا أعتبرهم منسحبين وبالأحرى خائنين (لمن؟) وإنما أصحاب رأي مخالف مرتبط بالضرورة بمصالح، وهي بالتأكيد مصالح غير مشروعة أحيانا، كما هي الحال بالنسبة الى طبقة واسعة من أهل الحكم أو الموالين لهم. المثقفون النقديون كانوا في جميع العصور والبقاع أفراداً تحركهم المبادئ والمثل أكثر مما تحركهم المصالح. وهذا الموقف لا يمكن توقعه أو طلبه من الجميع ولا من الغالبية. المهم عندي معرفة لأي هدف تكرس هذه القلة من أصحاب المبادئ والمثل قلمها ووقتها: لنشر عقائد شمولية وأصوليات، كما ذكرت، أم لتعرية الواقع ووضع الأفراد جميعاً أمام مسؤولياتهم لأخذ مصيرهم بأيديهم، وبالتالي للارتفاع بهم إلى مستوى الواجب الأخلاقي. دور المثقفين هو توسيع دائرة المبدئي والأخلاقي والمثالي في المجتمعات وعند كل فرد بما يقدمونه هم أنفسهم من قدوة وما يقومون به من كسر للأوهام ونزع للحجب التي تكبل العقل ومن إحياء للضمير. والساحة الثقافية العربية اليوم لا تخلى من هؤلاء، وأكاد أقول إنها تتسم اليوم بصعود مكانة هؤلاء وتأثيرهم وبانحسار مكانة الآخرين الذين يخفت صوتهم بقدر ما يفتقر خطابهم لأي لون أو طعم أو رائحة، أي لأي مبدأ أو مثال.
الحداثة الرثة
> هل يمكن اتهام حداثة عربية ما… بأنها مسؤولة جزئياً عما يحدث؟
– أنا ركزت بالفعل على ما أطلقت عليه اسم حداثة رثة، خصوصاً في كتابي «الاسلام والسياسة: الحداثة المغدورة». وقلت إن حداثتنا تسد علينا الأبواب في السياسة والاقتصاد والثقافة والعلم والمعرفة والاجتماع والأخلاق معاً. فهي تنتج قهراً وعنفاً واستبداداً أكثر بكثير مما تنتج من الحريات الفكرية والعملية. وهي تراكم الفقر والبطالة والبؤس أكثر مما تزيد من قدرة الافراد على الاختيار في تحسين شروط حياتهم المادية والمعنوية. وهي تشجع عمليات غسيل الدماغ وصب فكر الأفراد في قوالب جاهزة وجامدة، أكثر مما تنمي العقل المفكر والمتأمل والمتسائل. وهي تعمم الإيديولوجيات والشعارات والأساطير الدعائية أكثر مما تعمل على تكوين الأفراد وتأهيلهم وصقل عقولهم وتزويدهم بالمعارف الحقيقية. وهي تنتج الإمعية والتبعية والالتحاق والولاءات الزبونية والعصبوية أكثر مما تقود إلى انبثاق الذوات الحرة والمسؤولة والفاعلة والمشاركة في تقرير مصيرها. وهي تبني السلوك على معايير القوة والغطرسة والانفراد والازدواجية وانعدام المسؤولية أكثر مما تخلق قواعد أخلاقية تنظم العلاقات بين الأفراد على أسس طوعية مدنية.
لكن هذا لا يعني أنني ألوم الحداثة. فالحداثة، عربية كانت أم صينية أم هندية، ليست مسؤولة ولا يمكن أن تكون. فالمسؤولية تقع على البشر الواعين، أي على النخبة الحديثة أو صاحبة مشاريع التحديث. والنقد الذي قصدته للحداثة الرثة ليس اتهاماً ولكن كشفاً عن المطبات التي أدخلت فيها الحداثة العربية وبالتالي تصحيحاً للاستراتيجيات ومخططات العمل وطرائقه أيضاً. عندما أتحدث عن حداثة رثة أو معطوبة فأنا أشير إلى الانسدادات والمطبات والنقائص والأعطاب التي يعاني منها مشروع حداثة قضت مجتمعاتنا ما يقارب قرنين في بنائه، وشارك فيه جميع الأفراد من مثقفين وغير مثقفين وساسة واقتصاديين ومربين ومعلمين ورجال دين. وليس الهدف من ذلك أن أدين هؤلاء أو أنقم على تاريخ بأكمله أو أمحوه من الذهن. ما حصل حصل وما كان يمكن أن يحصل بطريقة أخرى. وهو ثمرة نقائص متعددة في ثقافتنا ومجتمعاتنا وعوامل خارجة عنها أيضاً. إن هدف النقد هو إنقاذ المستقبل لا البكاء على الماضي. وإنقاذ المستقبل يعني الكشف عن النواقص والأعطاب والانسدادات لإصلاح البناء وجعله قابلاً للعمل والفعل من جديد. والحداثة عملية بناء مستمرة وإعادة بناء وتفكيك وتركيب أيضاً مستمرين، ليس في المجتمعات التي تعاني من نقص مواردها الحديثة فحسب وانخراطها في الحداثة في سياقات خاصة استعمارية أو شبه استعمارية، ولكن حتى في المجتمعات التي يمكن القول إنها تمتلك مشاريع حداثة منجزة وفاعلة أو منتجة. وهذه الحداثة الفاعلة نفسها هي اليوم محل انتقاد شديد أيضاً من قبل أصحابها بسبب ما أحدثته أيضاً من تصدعات داخلية وعالمية، وما قادت إليه من طرق مسدودة في مجالات مختلفة.
الفكر والعمل
> هناك مفكرون عرب وصلوا الى مواقع قرار ما… في بلدانهم، أو على صعيد مؤسسات عالمية… فهل ترى انهم وصلوا بأفكارهم أم من دونها؟
– بالاثنين. لأن أفكارهم ليست ما يصرحون به أو يسطرونه على صفحات الجرائد فحسب ولكن ما يفكرون فيه في أعماقهم وما يحركهم ويملي عليهم سلوكهم. ولدى جميع المثقفين الأخلاقيين أو المثاليين نزوع لربط الفكر بالعمل بل وحاجة إليه. لكن بينما يندفع بعضهم للممارسة السياسية بنفسه كما حصل لكثيرين من قادة الأحزاب السياسية وعلى رأسهم مفكر كبير مثل كارل ماركس، يراهن آخرون على زعماء سياسيين يتمثلون أفكارهم ويسعون إلى تطبيقها. ليس هناك في نظري فكر حي لا يرتبط بممارسة أو ينزع إليها. لكن لا يتمتع كل من كان له مثل هذا الفكر بمواهب سياسية عملية بالضرورة. والذين يجمعون بين الموهبتين هم القادة الكبار وهم قلائل في تاريخ المجتمعات.
ذهنية غائبة
> في رأيك… من يصنع الذهنيات العربية حالياً… وأي ذهنيات تصنع على هذا النحو؟
– نحن نعيش في جميع المستويات وفي جميع الميادين عملية مخاض عسير. وفي هذه العملية تفلت القواعد والمعايير الكلية والجمعية وتسود الفوضى العارمة من جهة وتنفتح آفاق المسارات والتجارب الفردية أو الخصوصية من جهة ثانية. الذي يكوِّن الأفراد اليوم ، ولا أتحدث عن ذهنية عربية فهي لم تعد موجودة في أي مكان، هو جهدهم الشخصي وما تقع عليه أيديهم من فضلة من قيم أو تراث أو حداثة تلفزيونية أو، بالعكس، ما يتوفر لبعضهم من أطر ومؤسسات فاعلة وناجعة تقدم لهم، إذا وجدت، تكويناً جدياً في المدارس والجامعات المحلية الوطنية أو الخاصة أو الأجنبية. وهي تشكل جزراً صغيرة معزولة في محيط يسوده الاختلاط والتشويش والتنافر وعدم الاتساق.
لذلك، على المستوى الجماعي، نحن في حال انعدام وزن معرفي وأخلاقي وتربوي. ليست هناك قاعدة سائدة ولا معمول بها في الواقع، إلا إذا اعتبرنا الغش والخروج على القاعدة والاحتيال بكل أشكاله قاعدة أخلاقية. ولذلك يقتل مجتمعاتنا البؤس المادي والنفسي معاً، ويسودها غياب التواصل وانعدام الحوار وعدم التفاهم، وتغلب عليها روح الانفعال والعدوانية والنزاع والتنازع. حتى ما يبدو من انسجام وتجانس على الأفراد المنتمين إلى جماعات أصولية علمانية أو دينية ليس إلا مظهر خادع يخفي انعدام التواصل والتفاهم وسيطرة التنازع والانقسام. مجتمعاتنا فقدت القيم المشتركة والمعايير الثابتة المستبطنة بقدر ما انحلت ثقافتنا التقليدية وانهارت الثقافة الحديثة أو القيم الرئيسية التي اعتمدناها في القرن الماضي، ولم يعد النظام الاجتماعي أو المجتمعي بأكلمه يقدم للفرد أي أمن أو ضمانة أو ثقة بالذات وبالمستقبل. وهو ما أطلقت عليه اسم الفوضى الشاملة بما فيها، بل في مقدمها الفوضى الأخلاقية والروحية. العنف والاحتيال والغش هي السمات البارزة لسلوك الأفراد، وهي، كممارسات عملية، أساس لنشوء ثقافات وسير شخصية متعددة ومتباينة أيضاً. الاتساق موجود عند أفراد لكنه منعدم على مستوى الجماعة بوصفها كذلك. وهذا هو أيضاً مصدر الأمل في أن يسفر هذا المخاض الراهن عن ولادة جديدة للمجتمعات العربية. وهي ولادة لا شك آتية.
وحدة وسط الفوضى
> هل يمكن، بعد، الحديث، عن وحدة ثقافة او فكر عربية… أم أن ثمة «تطوراً غير متكافئ» بين منطقة ومنطقة، بل حتى بين فئات مختلفة داخل كل منطقة يجعل من المستحيل الوصول الى نقاط تلاق؟
– نعم يمكن الحديث عن وحدة ثقافية في الفوضى الفكرية والأخلاقية. لماذا لا. فما يوحدنا هو الغياب المشترك والمعمم لأسس التفاهم المدني وقواعده، وبالتالي فإن كل شيء يصبح في مجتمعاتنا مباح في نظر الفرد طالما كان لديه إمكان تحقيقه أو الفرصة للوصول إليه. من هنا الفساد المعمم والغش السائد في العلاقات الاجتماعية والاحتيال الذي تحول إلى أسلوب حياة وممارسة علمية واقتصادية وسياسية واجتماعية معاً. وهذا ما يشكل في نظري وحسب تعريفي أساس البربرية. فالبربرية لا تقاس بدرجة التطور التاريخية لوسائل الحياة التقنية ونظمها الإجرائية ولكن لغياب أسباب التفاهم والتواصل والتعامل السليم والصادق بين الأفراد وبالتالي غياب الثقة وما نسميه اليوم برأس المال الاجتماعي، أي للثقافة.
> تبدو الاستنتاجات من تشخيصك حتى الآن غامضة بعض الشيء فهل أنت في هذا التشخيص متفائل على المدى البعيد أو القريب… أم ترى أن ثمة ما يدعو الى تشاؤم يجد كثر انه مبرر؟
– التفاؤل أو التشاؤم يقاس بالهدف المنشود. وعلى مستوى التحليل للواقع الراهن لست متشائماً ولا متفائلاً. فهذا هو الواقع كما أراه وكما تكوّن عبر التاريخ الماضي. فنحن نتشاءم عندما نشعر بالفوضى ونتخبط من دون أن نعرف لماذا وكيف يمكن أن نخرج من حال التخبط هذه. لكن عندما نشعر أننا لمسنا بعض العوامل الكامنة وراء الفوضى، أو عندما نعتقد أننا فعلنا ذلك، يزول التشاؤم ليحل محله أمل كبير بالخلاص، ويصبح العمل في سبيل المشاركة في هذا الخلاص مصدر تفاؤل لا ينفد. وفي اعتقادي أن سبب الفوضى والتخبط هو الطريق المسدود الذي أدخلتنا فيه حداثة رثة وسالبة أفقدتنا كل ما كنا نتمتع به من بقايا سعادة وبراءة وانسجام وسذاجة في الماضي من دون أن تقدم لنا شيئا غير العنف والاقتتال والانقسام والتنازع والبؤس والانخداع بالمظاهر البراقة والفارغة من المعنى. إنه انعدام المعنى أو فقدانه. وما علينا كي نتحرر من الرثاثة والتعاسة معا سوى فتح الأبواب الموصدة وكسر الحواجز التي وضعناها نحن أنفسنا على طرقاتنا ونزع العصب التي تكبل عيوننا لنرى الحقيقة كما هي. أي أن نوقف مسلسل الغش والخديعة والكذب والاحتيال الذي أصبح المادة الأولى لتفكيرنا وسلوكنا.
الفكر لا يلعب دوراً
> في خضم هذا كله… أي دور يمكن للفكر، بعد، ان يلعبه؟ في الجامعات؟ في الإعلام؟ من خلال المناصب السياسية… أو حتى من خلال الشارع؟
– الفكر لا يلعب دوراً، المفكرون هم الذين يلعبون مثل هذا الدور. فهم الذين يصدقون ويكذبون. ويكفي أن يكفوا عن الكذب، على أنفسهم أولاً، وعلى جمهورهم ثانياً، وعلى أصحاب السلطة ثالثاً، حتى تتغير مكانة الفكر والمفكرين معاً، أي حتى يصبح للمثقف ما يطمح إليه من مكانة ودور في إعادة إطلاق نهر التقدم الدافق وفتح شرايين المجتمعات المغلقة وتغذية خلايا العقل والجسم التي تكاد تتحول إلى خلايا كسيحة، وغسلها من خطاياها وآثامها، أي من إفرازات الحزن والبؤس والوهم الذي تراكم فيها. ولا يهم بعدئذ ما إذا كان مدرساً أم صحافياً أم سياسياً أم عاملاً منتجاً، ولا المكان الذي يطل منه على مجتمعه. الصدق هو في نظري كلمة السر. وهو كل ما هو مطلوب منا جميعاً، مثقفين وعاملين، على قدم المساواة، كي نخرج من محرقة الجهالة الكاوية ونحقق الولادة المنتظرة الجديدة.
إرث النخبة الفاسد
«ورثت النخبة العربية الحديثة إرثاً عظيم الفساد والأذى نتيجة تأثرها بالنخبوية المستمدة في جوهرها من النظريات الليبرالية. لكنها تحت تأثير الصراعات الجديدة والضغط الشعبي أعادت صوغ هذه النظرية في صورة جديدة وبثياب جديدة ووضعت عليها ماركة تقدمية. هذه هي نظرية الطليعة. لكن الطليعة هنا لا تصبح وتبقى كذلك إلا بقدر ما تخلق فكرياً، أي في الذهن، وعملياً، أي بالديكتاتورية الفعلية، الشعب المؤخرة. ولا تظهر الطليعة عبقريتها وقيادتها إلا بقدر ما تعمل على أن يتعلم الشعب التبعية والاستجداء ويقنع بالجهل والعمى الفكري تجاه كل ما يتعلق بمصالحه اليومية المباشرة والسياسية العليا. العلاقة بين الطليعة والمؤخرة في الفكر التقدمي العربي تعكس العلاقة بين مجتمع الصفوة الحر: الاقتصادي والسياسي والفكري، وبين مجتمع العبيد الشعبي. وهكذا يصبح الصراع الاجتماعي الفعلي هو الصراع بين فئات المجتمع الحر المختلفة على قيادة الشعب وقهره واستغلاله. ليس هناك طليعة تعلم الشعب الحرية وإلا لم تكن هناك حرية على الإطلاق. فالحرية هي شكل الدفاع الأبسط عن النفس، شرط البقاء، وهي الإطار الذي يسمح لطبقة أو فرد أن يدافع عن مصالحه ويضمنها. وقد أدركت ذلك الأنظمة والدول التي اكتشفت منذ القدم نظام السجون السياسية والمدنية وطبقته.
كيف أمكن للفكر العربي أن يصل بهذه السرعة إلى هاوية الفاشية التي أدركها بصرف النظر عن الشعارات والفلسفات؟ كيف أمكن له أن يغوص إلى هذه الهوة المظلمة وأن يسقط في مستنقع تقديس الديكتاتورية باسم الطليعة وباسم ترتيب الظروف الموضوعية الناضجة لتحرير الشعب؟ كيف أمكن للنظريات التحررية الليبرالية والمادية التاريخية أن تهوي مع الطلائع البائسة إلى هذا الدرك من التناقض والتحلل والتفكك والعقم؟ كيف أمكن للأمة أن تحبل بمثل هذه المسوخ الفكرية وأن تحملها لعشرات السنين وتلد بها وتتحمل صورتها ومنظرها ونموها كل هذه الأعوام؟».
(المصدر: صحيفة الحياة بتاريخ13 فيفري2006 )