الاثنين، 12 أبريل 2010

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس

Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

 9ème année, N°3611 du 12 .04 . 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

وللصحافي توفيق بن بريك

ولضحايا قانون الإرهاب


السبيل أنلاين:اضراب الطلبة سامح سمّـاري وجابر عمامي وحسن قدواري لحرمانهم من مناظرة

كلمة:طلبة يضربون احتجاجا على حرمانهم من إجراء مناظرة

الدكتورمحمد بن الطاهر الغمقي محروم من جواز سفر منذ 2002

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس( 11 و12أفريل )

السبيل أنلاين:راضية النصراوي ..السلطة تتجاهل قضية المهجّرين والعفو التشريعي العام

زياد الهاني و صالح الفورتي :إعلام بمظاهرة سلمية أمام مقر وزارة الاتصال يوم 3 ماي 2010

كلمة:الإعلان عن وفاة شاب متأثرا بإصابات إثر أحداث ملعب المنزه الأخيرة

غازي بن عليّه:يوم السبت 10 أفريل سيبقى يوما محفورا في ذاكرة نضالات الطلاب

كلمة:كاتب الدولة للداخلية الأسبق أحمد بنّور يحذّر السلطات من مواصلة الإساءة إليه

الصباح:غرق «حارقين» تونسيين وإنقاذ 23

الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي:بيــان

الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي:بلاغ

بيان التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في العيد السادس عشر لتأسيسه

القائمة المستقلة بحمام سوسة قائمة الوفاء للمرحوم الصادق قلص:بيــان

وات:بإشراف رئيس الدولة** استنكار الديوان السياسي لكل التجاوزات وأعمال الشغب بالملاعب

نورالدين الهمامي:زغوان: الشبح يعلق ندوة إطارات قطاع التعليم الثانوي

النقابة الجهوية الجديدة للتعليم الأساسي بتونس تعقد أوّل مجلس إطارات لها

د.خــالد الطراولي:رسـالة اللقــاء [43]جمهوريات المـوز ومهازل التوريث

الدكتور حسين الباردي:اغتيال حشاد : جريمة ضد الإنسانية أم جريمة حرب ؟-ردّا على الأستاذ العويني-

الشيخ الهادي بريك:بورقيبة بين غلو المادحين وتطرف القادحين

الطاهر العبيدي:شهادات من رحلات المنفى الحلقة  – 9 – قصة فاخر بن محمد

واب مانجر سنتر تونس: الستاغ تتكبد خسائر هائلة بسبب التلاعب بالعدّاد الكهربائي

واب مانجر سنتر : تونس: “الستاغ” تكشف عن عمليات سرقة للنحاس بملايين الدينارات

ألأسبوعي:جريمة فظيعة في ألمانيا (خطأ من “الصباح”: بل في سويسرا)تونسي يشد وثاق زوجته ويذبحها داخل غرفة النوم

محمد العروسي الهاني :الذاكرة الوطنية تروي التاريخ يوما بيوم و مرحلة بمرحلة

القدس العربي: آلاف المصريين حاصروا السفارة الكويتية وطالبوا باغلاقها

القدس العربي:إستقالة شيخ الأزهر من الحزب الحاكم.. وارتياح بالغ بين قوى المعارضة للقرار

جمال أحمد أبو ريدة:أردوغان على خطى السلطان سليم الأول


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

فيفري 2010


اضراب الطلبة سامح سمّـاري وجابر عمامي وحسن قدواري لحرمانهم من مناظرة


السبيل أنلاين – تونس   يخوض الطلبة سامح سمّـاري وجابر عمامي وحسن قدواري المرسّمين بالسنة الثانية من المرحلة الأولى بالمعهد التّحضيري للدراسات الهندسية ، إضرابا مفتوحا عن الطعام على إثر حرمانهم من التّرشّح للمناظرة الوطنية المخوّل القانوني للالتحاق بمدارس المهندسين رغم توفـّـر الشرط الأساسي المتمثـّـل في توفـّـر المعدل الأدنى المحدّد من قبل إدارة المعهد . وقال مصدر طلابي أن ادارة المعهد “تثبت يوما بعد آخر تواطؤها التام مع خيارات السلطة وموقفها المتعنّـت تجاه هذا القرار ورغم حالة الاختـناق والاستهداف الواضح لكل الكوادر النقابية والكفاءات العلمية وسعي النظام إلى إفراغ الجامعات من الأصوات الحرّة بالسجن والطـّرد والمضايقات الأمنية” ، حسب تعبيره .   وعبّر نشطاء الإتّحاد العام لطلبة تونس بجهة قفصة عن “مساندتهم المطلقة ووقوفهم المبدئي واللامشروط مع المضربين لرفع هذه المظلمة الجائرة” .   واضاف المصدر:”مع اقـتراب آخر أجل لتقديم مطالب الترشح لهذه المناظرة المحدد يوم 17/4/2010 فإن خصوصية الظرف الزمني تدفعنا بإلحاح إلى المضي قدما في خوض جميع الأشكال النضالية المتاحة كما ندعو كل القوى الحية الفاعلة والمناضلة وكل نفس حر تقدمي إلى الالتفاف حول هذه المطالب المشروعة ورفع اليد عن حرية العمل النقابي داخل الجامعة”.   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 12 أفريل 2010)  


طلبة يضربون احتجاجا على حرمانهم من إجراء مناظرة


حرر من قبل التحرير في الأحد, 11. أفريل 2010 أعلنت مجموعة من الطلبة المرسمين بالسنة الثانية فيزياء تقنية بالمعهد التحضيري للدراسات الهندسية بقفصة دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام بداية من مساء الجمعة 9 أفريل الجاري بمقرّ سكناهم بمدينة قفصة، احتجاجا على حرمانهم من الترشح إلى المناظرة الوطنية للدخول إلى مدارس المهندسين بالرغم من حصولهم على المعدل المشروط. وقال المضربون في تصريحات لراديو كلمة إنّهم متمسكون بحقهم في اجتياز المناظرة، بعد أن استنفدوا جميع المحاولات مع الإدارة التي قامت بإقصائهم باعتماد شرط الغيابات غير الأساسي في نظام المناظرة، حسب تعبيرهم. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 12 أفريل 2010)
 


محروم من جواز سفر منذ 2002


إني المسمى محمد بن الطاهر الغمقي من أصل تونسي  مقيم في فرنسا منذ حوالي  ثلاثين سنة، وأب لثلاثة أطفال. أعمل أستاذا جامعيا وعضو المكتب التنفيذي للمجلس الجهوي للديانة الإسلامية لمنطقة باريس وضواحيها، ومحاضر في قضايا الحوار الحضاري والحضور الإسلامي في الغرب و العلاقات الأوروبية –العربية،  ومدير تحرير سابق لمجلة الأوروبية، ومشارك في برامج حوارية مثل برنامجي “نقاش” و “وجها لوجه” في قناة فرانس 24 العربية… ولكني مواطن تونسي محروم من جواز سفر يخوّل لي حرية التنقل، وهي من الحريات الأساسية التي تكفلها الأعراف والقوانين الدولية. والنتيجة، حرمان من حضور ندوات فكرية وعلمية في أوروبا والعالم العربي والإسلامي دعيت لحضورها بصفة محاضر أو مشارك، وحرمان من زيارة الأهل والأقارب لمدة  طويلة، وحرمان من السياحة في أرض الله الواسعة… تقدمت بمطالب عديدة لتجديد جواز السفر في قنصلية بانتان بضواحي باريس، وفي كل مرة أذهب إلى القنصلية (آخرها يوم الخميس 8/4/2010)  أرجع صفر اليدين، وأسمع نفس الكلام تقريبا ” انتظر،  اصبر قليلا، اكتب إلى وزير الداخلية..” علما بأنني لست لاجئا سياسيا ولست من قيادات المعارضة.. طلبي الوحيد هو الحصول على جواز سفر ، وهو حق يضمنه الدستور التونسي لكل مواطن.  


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 26 ربيع الثاني 1431 الموافق ل 11 و12أفريل 2010

أخبار الحريات في تونس

 


1)اعتقال الشاب محمد الهادي الكلاعي بنابل
تدخل خمسة من أعوان الشرطة قدموا على متن سيارة نذكر منهم عادل المناعي رئيس مركز دار شعبان الفهري وشكري بن سعيد (يعمل بنفس المركز) على الساعة 7 من مساء اليوم الاحد11 أفريل على إثر مشادة كلامية بين الشاب محمد الهادي الكلاعي الذي يعمل في تجارة الزهر وحارس سوق الجملة بنابل، ومباشرة قاموا بتقييد يدي محمد إلى الخلف وانهالوا عليه ركلا ولكما على مرأى ومسمع عدد كبير من المواطنين ومن التجار ثم اقتادوه إلى مركز دار شعبان ولم يطلق سراحه بعد.
 

2) عرض هدى الورتاني المصابة بطلق ناري على قاضي التحقيق: يتم غدا الثلاثاء 13 أفريل 2010 عرض السيدة هدى الورتاني على قاضي التحقيق بالمكتب السادس بالمحكمة الابتدائية بتونس للتحقيق معها فيما وُجّه إليها من تهم تتعلق بقانون الإرهاب والمساهمة في إعداد متفجرات، علما بأن السيدة هدى الورتاني كانت أحيلت من قبل وكالة الجمهورية في هذه القضية بحالة سراح، وقد كانت تحت الرعاية الطبية بمستشفى المرسى نتيجة إصابتها بطلق ناري تسبب لها في الإجهاض.

 
3) حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان
لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


قالت أن وجود مهجّرين دليل على غياب الحريات وحقوق الانسان في تونس  راضية النصراوي ..السلطة تتجاهل قضية المهجّرين والعفو التشريعي العام


السبيل أونلاين – تونس – خاص   قالت الأستاذة راضية النصراوي في تصريحات لقناة الجزيرة ، أن السلطات التونسية تواصل تجاهل قضية المهجرين ، تماما مثلما تتجاهل مطالب أخرى للحركة الديمقراطية والمجتمع المدني ، وأكدت “ان وجود مهجّرين في حد ذاته دليل على ان النظام غير ديمقراطي ولا يحترم حق الاختلاف ، لان المهجّرين اضطروا للعيش في المهجر فقط لان لهم أفكارا تختلف عن أفكار السلطة ، ولهم أنشطة لا تروق للسلطة ، واضطروا للعيش في المهجر لتلافي التعذيب و المحاكمات الغير عادلة ن و لتلافي قضاء سنوات في السجون في ظروف غير انسانية وقروسطية ” .   واعتبرت أن قضية المهجّرين تبرهن على أن النظام لا يحترم حقوق الانسان والحريات بالمرّة . وحول سؤال : هل تم فتح حوار مع السلطة بشأن هذه القضية ؟ ، قالت رئيسة “الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب” :” في الحقيقة تقدمت العديد من المنظمات بهذا المطلب منذ سنوات عديدة ، ومطلب العفو التشريعي العام اصبح تقريبا مطلبا جماهيريا في تونس ، ولكن السلطة تواصل تجاهل هذا الامر وتواصل الادعاء بأنه ليس هناك مساجين سياسيين في تونس ، وتدعي أن المهجرين ملاحقين من قبل العدالة وما عليهم الا ان يقوموا بتسوية اوضاعهم مع العدالة”.   لتضيف :”ولكن الجميع يعرف اننا في تونس نفتقد الى قضاء مستقل” ، لتتسائل : فهل يمكن ان نتصور أن هؤلاء حين يعودون الى تونس سيتمتعون بمحاكمة عادلة ؟ . حول سؤال الجزيرة : هل يمكن ان يُسمح للمهجرين بالعودة دون شروط ، واجراء حوار بين السلطة والمهجرين أو بين السلطة وحركة النهضة ، اذا علمنا أن قضية المهجرين هي قضية حقوقية على خلفية سياسية ؟   قالت النصراوي :” في الحقيقة اريد التوضيح ان أغلبية المهجّرين ، منهم من حوكموا في قضايا النهضة ، ولكن هنالك ايضا من الحقوقيين مثل كمال الجندوبي وخميس كسيلة من رابطة حقوق الانسان ، وهناك العديد من المناضلين ممن حوكموا في قضايا حزب العمال وهم يعيشون في الغرب لتلافي الملاحقات البوليسية ولتلافي المحاكمات الغير عادلة والجائرة” .   وأشارت المحامية والحقوقية التونسية الى أن موضوع المهجرين طرح على السلطة ، وأن الجمعيات طرحت في العديد من المرّات هذا الموضوع ولكن ليست هناك أي استجابة الى حد الان وقول السلطة بان عليهم المثول امام القضاء في تونس هذا دليل على ان الاشكال سيبقى قائما فالمطلب هو العفو التشريعي العام   وكانت عديد المنظمات الحقوقية دعت في بيان مشترك ، الى تمكين المهجّرين التونسيين من العودة الكريمة والامنة دون ابتزاز أو مساومة من قبل السلطات .   تسجيل الفيديو :   http://www.youtube.com/watch#!v=8q4scVWnSBY     (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 12 أفريل 2010 )  


الحمد للّه وحده تونس في 12 أفريل 2010 جناب السيد وزير الداخلية والتنمية المحلية المحترم دام حفظه

الموضوع : إعلام بمظاهرة سلمية أمام مقر وزارة الاتصال يوم 3 ماي 2010

 


العارضان: زياد الهاني و صالح الفورتي مقرهما المختار: 12 شارع الهادي شاكر، قرطاج 2016 – تونس تحية وبعد في إطار ممارستنا كمواطنين لحقوقنا الدستورية المكفولة لنا قانونا، نتقدم نحن العارضان المذكوران أعلاه إلى جنابكم بالإعلام التالي حول اعتزامنا القيام لمدة ساعة بمظاهرة مدنية سلمية أمام مقر وزارة الاتصال بشارع 7 نوفمبر بتونس العاصمة يوم 3 ماي 2010 بداية من الساعة التاسعة والنصف صباحا. وذلك استنادا إلى أحكام الفصلين 9 و10 من القانون عدد 4 لسنة 1969 المؤرخ في 24 جانفي 1969 المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر. وسنحمل بهذه المناسبة لافتات تطالب بتعزيز حرية الإعلام والتعبير في بلادنا، وبالحق في المساواة أمام القانون. وتفضلوا سيدي الوزير ختاما بقبول فائق التقدير. الإمضاء زياد الهاني صالح الفورتي البيانات المطلوبة 1- زياد بن عبد الرحمان بن صالح الهاني صحفي بجريدة الصحافة، مؤسسة لابريس ب ت و عدد 00311711 مؤرخة في 13 جانفي 1998 العنوان: 12 شارع الهادي شاكر، قرطاج 2016 الهاتف: 98434609 2- صالح بن محمد بن صالح الفورتي صحفي براديو 6 تونس ب ت و عدد 00447268 مؤرخة في 27 سبتمبر 1997 العنوان: 1 نهج المنزه، تونس 1004 الهاتف: 98468715 http://journaliste-tunisien-51.blogspot.com/2010/04/3-2010.html  


الإعلان عن وفاة شاب متأثرا بإصابات إثر أحداث ملعب المنزه الأخيرة


حرر من قبل التحرير في الأحد, 11. أفريل 2010 توفي يوم السبت بإحدى مصحات العاصمة أحد مشجعي نادي الترجي الرياضي متأثرا بإصابات بليغة في رأسه وصدره جرّاء أعمال الشغب التي جدت بالملعب الأولمبي بالمنزه يوم الخميس الماضي. إلى جانب ذلك ذكرت تقارير صحفيّة أنّ وزير الداخلية زار يوم السبت بمركز الإصابات والحروق البليغة ببن عروس أعوان الأمن المحتفظ بهم والذين أصيبوا إثر مواجهات مع الجمهور الغاضب.  
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 11 أفريل 2010)
 


يوم السبت 10 أفريل سيبقى يوما محفورا في ذاكرة نضالات الطلاب


كما تعلمون نظرت اليوم السبت 10 أفريل محكمة الاستئناف بتونس في قضية رفاقنا مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس. دامت المحاكمة حوالي الساعتين والنصف من المرافعات لكل من الأساتذة راضية النصراوي وعبد الناصر العويني وإيمان الطريقي وفريد العلاقي والمنذر الشارني والعياشي الهمامي ومحمد عبو… وقد كانت هذه المداخلات مركزة، تحدث المحامون خلالها كل على طريقته عن القمع الذي استهدف مجتمعا بأكمله وعن نصيب الاتحاد العام لطلبة تونس والحركة الطلابية من هذا القمع الذي طال الألسن والأبدان وتحدثوا كذلك عن المحاكمة الابتدائية والتي طرحت سؤال من يصدر الحكم البوليس ووزارة الداخلية أم القضاء وطلبوا في النهاية من المحكمة تأجيل التصريح بالحكم والإفراج المؤقت. وفسح القاضي المجال لبعض الرفاق لتقديم مداخلات. تحدث زهير الزويدي على سوء المعاملة داخل السجن وعن نيته ورفاقه الدخول في إضراب عن الطعام. أمّا أنيس فقد طلب من المحكمة أن تحاكمه ورفاقه على خلفية انتمائه لأطراف سياسية غير معترف بها وليس على خلفية تهم ملفقة وأكد أنه يتشرف بالانتماء إلى طرف سياسي غير معترف به ممّا جعل الحضور والطلبة يصفقون ويرفعون شعار جامعة شعبية تعليم ديمقراطي ثقافة وطنية. هذا داخل المحكمة أما خارجها فقد تجمهر بطريقة فجئية حوالي الخمسين مناضلا من مختلف الأجزاء الجامعية مع بعض المحامين والمواطنين الذين تعاطفوا مع الرفاق عندما بلغ إلى مسامعهم أن الذين يحاكمون هم طلبة وليسوا مجرمين في حق هذا الوطن. وتم ترديد نشيد الاتحاد والهتافات والشعارات والأغاني الملتزمة ممّا خلق حالة من الارتباك في صفوف البوليس السياسي الذي لم يجد حلا إلا ذلك الحل المتماشي مع طبيعة هذا النظام الرجعي والمتخلف بامتياز وهو العنف المادي واللفظي والاعتداء على شباب ذنبهم الوحيد هو التضامن مع رفاقهم والدفاع عن منظمتهم. وقد خلف الاعتداء إصابات في صفوف الطلبة وتم تفريق التجمع الاحتجاجي إلا أن الرفاق أصرّوا على مواصلة التحرك داخل كلية 9 أفريل إلى أن انتهت المحاكمة. ما يمكن أن يستخلصه كل من حضر المحاكمة هو الإرادة الفولاذية التي تحلّى بها الرفاق والمحامون والمناضلون الذين رابطوا قرابة الساعة أمام المحكمة من أجل فضح هذا النظام بمحاكمه الصورية وبجهاز بوليسه المنفلت من كل عقال ومزيد عزله وفضحه. وكذلك إصرار كل المناضلين على اختلاف توجهاتهم السياسية على الدفاع عن اتحاد مستقل وديمقراطي وممثل ومناضل من أجل قضايا الطلبة والشعب. ستبقى محاكمة اليوم 10 أفريل محفورة في ذاكرة الحركة الطلابية ووصمة عار على جبين هذا النظام العميل والرجعي بمحاكمه وبوليسه. في النهاية لا بد من مواصلة النضال بلا هوادة من أجل تحرير رفاقنا وإنجاز المؤتمر الوطني الموحد واستعادة الاتحاد العام لطلبة تونس حتى يربط بتاريخه النضالي المجيد ويعود إلى سكة النضال الحقيقية وهي طريق أبناء الشعب من أجل الخبز والحرية والكرامة الوطنية. إلى كل الرفاق المساجين أقول على لسان مظفر النواب: أنت نفذت صراعا طبقيا سيدا بعض الصراع الطبقي صار لدى السلطة طباخا ومنه حشو الجيب وحشو الجرائد عاشت نضالات الحركة الطلابية عاش الاتحاد العام لطلبة تونس حرا مناضلا مستقلا الحرية لأبطال منوبة الخزي والعار للخونة وأعداء الطلبة والشعب غازي بن عليّه
(المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 11 أفريل  2010)

 
 

كاتب الدولة للداخلية الأسبق أحمد بنّور يحذّر السلطات من مواصلة الإساءة إليه


حرر من قبل التحرير في الأحد, 11. أفريل 2010
حذر أحمد بنّور يوم الأحد كاتب الدولة للداخلية الأسبق النظام التونسي من مغبّة الاستمرار في محاولة الإساءة لشخصه. وكان بنّور يتحدث إلى قناة الحوار اللندنية في حوار تم بثه على حلقتين وقد تناول فيه الهجمات الإعلامية التي يتعرض إليها بإدارة من النظام التونسي، وذكر إلى جانب ذلك إصدار القضاء التونسي لحكم بالنفقة ضدّه في قضية رفعتها ابنته المتزوّجة.  واستهجن المتحدث توظيف القضاء في استخدام خلافات عائلية لتصفية الحسابات مع خصوم النظام. وقال بنّور إنّه يحذر النظام التونسي من تكرار ذلك، مشددا على أنّ ردّه سيكون قويّا وفي الوقت المناسب، حسب تعبيره.  وبخصوص الاتهامات التي تروّج إعلاميا في تونس ضدّه بالتعامل مع الموساد، قال بنّور إنّه يستغرب أن تصدر هذه الاتهامات في الوقت الذي استقبل فيه الرئيس بن علي وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم عام 2005، إضافة إلى العلاقات التجارية مع إسرائيل المخالفة لقرارات الجامعة العربية.  كما تحدث أحمد بنّور عن رحلات خاصّة لإسرائيل تم تنظيمها لأصهار الرئيس بن علي ليشاركوا في حفلات وتظاهرات. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 12 أفريل 2010)

غرق «حارقين» تونسيين وإنقاذ 23

 


غرق شابان تونسيان واعتبرا في عداد المفقودين إلى حد كتابة هذه الأسطر فيما أنقذ 23 آخرين من موت محقق بينهم ثلاثة وصفت حالتهم الصحية بالخطيرة في فاجعة بحرية جدّت فجر أحد الأيام الفارطة قبالة السواحل الإيطالية. وذكرت وسائل الإعلام الإيطالية أن مكالمة هاتفية وردت على حرس الحدود الإيطالي أفاد فيها «حارق» أنّ الغرق يتهدده ورفاقه بسبب تسرّب الماء إلى الزورق الذي يستقلونه على بعد نحو خمسة أميال جنوب غرب جزيرة لمبدوزا فتحوّلت في الحين زوارق سريعة تابعة لحرس الحدود وخافرة بحرية على عين المكان ليعثر الأعوان على مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين يصارعون الأمواج بعد غرق مركبهم. إنقاذ 23 «حارقا» وحسب المصدر ذاته فإنّ الأعوان تمكنوا من انتشال 23 شخصا تبينوا أنهم تونسيون بينهم ثلاثة في حالة صحية خطيرة قبل أن  ينقلوا 17 منهم إلى جزيرة لمبدوزا ومنها إلى معتقل «بورتو أوبيدوكل» بينما تمّ نقل شابين آخرين إلى مصحة بلمبدوزا و4 آخرين إلى مدينة بلارمو بواسطة طائرة عمودية لتلقي العلاج. البحث عن مفقودين وفي ذات السياق واصلت خمسة زوارق لحرس الحدود وثلاث خافرات تابعة لخفر السواحل مدعمة بطائرة عمودية عمليات البحث عن المفقودين الاثنين ولكن دون العثور عليهما إلى حد كتابة هذه الأسطر ما يدعم فرضية وفاتهما غرقا. ولم يذكر المصدر الجهة التي انطلق منها «الحارقون». صابر المكشر (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أفريل 2010)


الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي حريّة، هويّة، عدالة اجتماعيّة مكتب تونس تونس في 10أفريل 2010 بيــان  

نظرت محكمة الاستئناف بتونس اليوم 10 أفريل 2010 في قضيّة مناضلي الاتّحاد العام لطلبة تونس الموقوفين على خلفيّة اعتصام بالمبيت الجامعي الياسمين بمنّوبة دفاعا عن حقّ السّكن، وطالب المحامون بسراح الطّلبة الموقوفين وتأجيل الجلسة لضمان حقّ الدّفاع في الاطّلاع على الملف. وأجّلت المحكمة التّصريح والرّد على مطلب هيئة الدّفاع في السّراح إلى يوم الاثنين المقبل ما يمكن اعتباره رفضا استباقيّـا لهذا المطلب. وقام الرّفاق المساجين بتعداد الانتهاكات الّتي أحيكت ضدّهم في فترة إيقافهم مع تعبيرهم عن استعدادهم لخوض إضراب جوع مفتوح كردّة فعل على القضيّة المفبركة ضدّهم، كما تعالت الهتافات والشّعارات داخل قاعة المحكمة. كما قامت قوات الأمن بالزيّين المدني والنّظامي بمنع عشرات الطلبة المتضامنين مع الرّفاق المعتقلين من دخول مقر محكمة الاستئناف بتونس مع الاعتداء عليهم بالعنف الشديد و اعتقال البعض منهم لساعات. ومكتب الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي بتونس، إذ نكبر ارتفاع معنويّـات رفاقنا المسجونين ووقفة مناضلي الاتّحاد والمجتمع المدني لدعمهم رغم الاعتداءات والهرسلة والانغلاق ووقفة لسان الدّفاع الّذي تكاتف نصرة لقضيّة مناضلي الاتّحاد المسجونين تعسّفا فإنّنا: نؤكّد دعمنا اللاّمشروط لـرفاقنا المعتقلين واستعدادنا لخوض كلّ النّضالات المتاحة الّتي من شأنها الضّغط لإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط. نرفض الاعتداءات الّتي قام بها أعوان الأمن في حقّ مناضلي الاتّحاد وفي حقّ علنيّة المحاكمة بتعليمات لا تشرّف من أصدرها. نهيب بكلّ الحساسيّـات السياسيّة داخل الجامعة الالتفاف حول ملف الطّلبة المساجين وتقويض الخلافات وتوحيد الجهود والنّضالات لما فيه من دفع لدواليب الحركة الطلاّبيّة. نطالب سلط الإشراف بإطلاق كلّ الطّلبة المساجين من كافّة الأجزاء الجامعيّة وغلق هذا الملف نهائيّـا، وإرجاع كلّ المطرودين إلى مقاعد الدّراسة ووقف الملاحقات الأمنيّة في حقّ مناضلي الاتّحاد. مكتب الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي بتونس منسّقه: وسام الصغيّر  


الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي حريّة، هويّة، عدالة اجتماعيّة مكتب تونس تونس في 11أفريل 2010 بلاغ  

دخل الطلبة سامح سمّـاري وجابر عمامي وحسن قدواري المرسّمين بالسنة الثانية من المرحلة الأولى بالمعهد التّحضيري للدراسات الهندسية بقفصة منذ يوم الجمعة 9أفريل 2010  في إضراب مفتوح عن الطعام على إثر حرمانهم من التّرشّح للمناظرة الوطنية المخوّل القانوني للالتحاق بمدارس المهندسين رغم توفـّـر الشرط الأساسي المتمثـّـل في توفـّـر المعدل الأدنى المحدّد من قبل إدارة المعهد، وعليه فإنّ مكتب الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي بتونسإذ يشدّ على أيادي المضربين فإنّه يعبّر عن مساندته المطلقة واللاّمشروطة للطّلبة والمضربين ويطالب سلط الاشراف تمكينهم من اجتياز مناظرة الالتحاق بمدارس المهندسين خاصّة وأنّ معدّلاتهم تفوق الحد الأدنى المطلوب، كما يطالب بمزيد ضبط منظومة التّعليم العالي الّتي أصبحت الضّبابيّة وعدم الوضوح والفوضى من مميّزاتها. مكتب الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي بتونس منسّقه: وسام الصغيّر  


 

بيان التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات  في العيد السادس عشر لتأسيسه  ( 9 أفريل 1994- 9 أفريل 2010 )

تونس في 9 أفريل 2010  


في مثل هذا اليوم من سنة 1994 بادرت ثلة من أبناء و بنات تونس بالإعلان عن تأسيس حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات، و قد رفعوا هذا التحدّي رغم صعوبات الظرف  “من أجل تونس، ووفاء لشهداء ملحمة التحرير الأبرار، ومواصلة لتضحيات كل من ناضل من أجل الديمقراطيّة والحريات منذ فجر الاستقلال، وتفاعلا مع المبادرات المتنوعة التي قامت بها القوى الديمقراطية والتقدمية في السنوات الأخيرة قصد توحيد صفوفها “، و اعتبروا آنذاك أنه   ” أصبح من الأكيد، ونحن على أبواب القرن الحادي والعشرين وبعد 38 سنة من الاستقلال، إزالة كل العراقيل التي تمنع، على مستوى النصوص الدستوريّة والقانونيّة وعلى مستوى الممارسة، تجسيم التفريق الفعلي بين السلطات والفصل الواضح بين دواليب الدولة وأجهزة الحزب الحاكم، مهما كان هذا الحزب، إذ عندئذ يمكن لنا أن نتقدّم بخطى ثابتة نحو تجسيم دولة القانون واحترام قواعد التداول على السلطة وتكريس المساواة بين المواطنين دون اعتبار لانتماءاتهم الحزبيّة و بعيدا عن كل إقصاء أو تمييز  “.  و في بيانهم التأسيسي قدموا مشروعا أوليا يتلخّص في المحاور التاليّة: “-1- استقطاب القوى الديمقراطيّة الوطنيّة ووضع الحد لما تعانيه من تشتّت وتهميش، رغم ما قامت به من أعمال جليلة وما قدّمته من تضحيات عظيمة، وذلك حتّى تساهم في بلورة و إنجاز مشروع بديل شامل يقطع مع سلبيات نظام الحزب الواحد ويربط بين السياسي والاجتماعي وبين الوطني و القومي وبين المادي والثقافي، ويضمن نوعيّة من الحكم تحرّر طاقات مجتمعنا الكامنة وتقي شعبنا من كل أشكال الاستقالة والإحباط وتمكّنه من أخذ مصيره بيديه حتّى ينحت بنفسه، وعبر مؤسسات وتنظيمات ديمقراطيّة ممثلة، حاضره وملامح مستقبله. -2- دعم سمات التفتّح والتسامح في المجتمع حتّى يكون متشبّعا بالقيم المستنيرة النابعة من الحضارة العربيّة الإسلامية ومتفاعلا مع التطوّر البشري المعاصر، لمواجهة تحدّيات المستقبل بعيدا عن كل أشكال الانغلاق والتعصب. -3- تجسيم دولة القانون، دولة التونسيين جميعا، وإنماء حقوق الفرد وحماية حقوق الإنسان والتقدّم المتواصل في طريق المساواة في الحقوق والواجبات بين كل أفراد المجتمع رجالا ونساء. -4- دعم الثقافة الوطنيّة، وفتح حوار وطني شامل لضبط مشروع مجتمعي يخلّص شعبنا من الاستلاب ويجسّم مصالحة فعليّة بين التأصل في حضارتنا وتاريخنا والتفاعل مع الثورة العلميّة والتقنيّة المعاصرة، فنتمكّن عندها من الإسهام في تطوير البشريّة وتقدّمها. -5- اعتبار بناء المجتمع الديمقراطي هدفا استراتيجيّا والعمل على إنجازه بالمفهوم السياسي الذي يضمن استقلال العدالة ويفرّق بين السلطات ويفتح للمؤسسات الدستوريّة والتنظيمات السياسية والنقابيّة والإنسانيّة المجال للقيام بدور الرقيب والاضطلاع بمهمّة السلطة المضادة، مع التأكيد على ضرورة إشاعة قيم الديمقراطيّة وسط المجتمع والارتقاء بوعي المواطن حتّى يكون مقتنعا وقادرا على ممارسة مواطنته في مختلف أطر حياته اليوميّة. -6- رفع القيود والمكبّلات التي تحد اليوم من حريّة الإعلام وحريّة التعبير وتجعل وسائل الإعلام السمعيّة والبصريّة أدوات دعاية طيّعة في خدمة السلطة والحزب الحاكم، وذلك بمراجعة جذريّة لقانون الصحافة حتّى نضمن إعلاما تعدّديّا ديمقراطيّا متحرّرا ونعيد الاعتبار والمسؤوليّة للصحافيين ونحمي مهنتهم الشريفة من التطفّل والرداءة. -7- توخّي الأساليب السياسية السلميّة والحوار المستمرّ بين كل مكوّنات المجتمع مهما تباينت توجّهاتها ظرفيّا أو أصليّا، مع احترام الرأي المخالف وحقّ الأقليّة في كل الحالات، بهدف تجسيم المصالحة الوطنيّة الحقيقيّة. -8- اعتماد سياسة اقتصاديّة تضع هيكلة الاقتصاد الضروريّة في خدمة العدالة الاجتماعيّة والتنميّة، وتقطع مع تخلّي الدولة عن مسؤولياتها في هذا المجال، وتفرض الشفافيّة  الكاملة على التصرّف في الأموال العموميّة، وتفسح المجال للمبادرة الوطنيّة، وتشجّع الجهد، وتكافئ الإبداع والابتكار، وتعيد الاعتبار للعلم  والمعرفة، وتحمي القوى العاملة بالفكر والساعد، وتنظّم مساهمتها الفعليّة في بناء اقتصاد وطني قادر على المنافسة يعطي الأولويّة لتلبية الحاجيات الأساسيّة للمواطنين ويجسّم بينهم توزيعا عادلا للموارد الوطنيّة ولثمرة الإنتاج  “. و لقد مرت ست عشرة سنة على تأسيس حزبنا، حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات،  قضينا نصفها الأول نناضل لكسب الترخيص والحال أنّه حق بديهي يضمنه الدستور، أما نصفها الثاني الذي جاء بعد الترخيص فقد مضى في المطالبة بالاعتراف الحقيقي الذي يجعل من الترخيص القانوني أداة للمشاركة الفعالة في الحياة العامة في إطار تعددية سياسية تقر بالتنوع و تحترم الرأي المخالف.  إلاّ أنّ ما يؤسف له أنّ ما طالبنا به و دعونا إليه، بهدف تكريس المواطنة الحقيقية و خدمة لمصلحة البلاد و تنميتها و مناعتها حاضرا و مستقبلا، لم يتجسّم على أرض الواقع و لم يتعدّ الخطاب الإعلامي الدّعائي الذي تحاول به السلطة إخفاء تقاعسها في الوفاء بالوعود الديمقراطيّة التي قطعتها على نفسها و في إنجاز الإصلاح السياسي الذي لم يعد يحتمل التأجيل. و إنّ التعدديّة الحقيقية لا تزال غائبة سواء على الصعيد السياسي و ما يقتضيه من حرية الحركة و العمل لكل الأحزاب دون تمييز أو في الفضاء الإعلامي و ما يفرضه العصر من احترام لحرية الرأي و التعبير و النشر، أو في المجتمع المدني و ما يستوجبه عمل الجمعيات من حرية و استقلالية.   و هكذا كانت المحطات الانتخابية الوطنية المتوالية مناسبات مهدورة لم تعكس تغييرات المشهد السياسي إطلاقا و لم تساعد على التقدّم بالوطن في مجالات التنمية السياسية.  إنّ التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات، وفاء منه لأرواح شهداء تونس الأبرار و للمبادئ التي تأسس عليها، يعتبر أنّ الوضع الذي تمر به البلاد على غاية من الدقة لما لذلك من علاقة بمستقبلها و خاصّة باستحقاقات سنة 2014 وقضية التداول الديمقراطي على السلطة. و إنّ التكتل الديمقراطي يؤكد، في هذا الصدد، على أهمية الحوار الذي انطلق منذ مدّة بين أطراف المعارضة الديمقراطية لتدارس أوضاع بلادنا من مختلف الجوانب و طرح مايستلزم إصلاحها من مبادرات و تحركات مشتركة تمهّد لتوحيد المواقف.        عن المكتب السياسي  الأمين العام د. مصطفى بن جعفر  


القائمة المستقلة بحمام سوسة قائمة الوفاء للمرحوم الصادق قلص بيــان  


منذ ما يزيد عن ستة أشهر تنادت مجموعة من شباب و كوادر مدينة حمام سوسة لنقد و تقييم المجلس البلدي المنتهية نيابته ماي 2010 و قد أفضى النقاش المعمق إلى إعداد وثيقة نقدر أنها على غاية من الأهمية تختزل إخفاقات هذا المجلس و طريقة تفاعله مع متطلبات التنمية المحلية ، ثم تجاوزنا ذلك إلى التداول في إمكانية المساهمة بما يسمح به الواقع الساسي العام بالبلاد في تغيير الصورة السياسية و الإدارية لهذا المجلس و إنهاء إحتكار التجمع له و توفقنا في الأخير إلى تكوين نواة لقائمة مستقلة إنطلقت منذ اللحظات الأولى لتأسيسها في البحث عن إمكانية التوسع و الإنتشار حتى باتت القائمة جاهزة أو تكاد . و قد استفدنا في المرحلة المنقضية من إنشغال الإدارة و الحزب و كذلك الأجهزة الأمنية بالصراعات الداخلية البربرية التي ميزت تشكيل قائمة التجمع بالمدينة .إلا أنه و منذ 3 أفريل ( تاريخ انتهاء تشكل قائمة التجمع بالمدينة ) سرى نبأ تشكيل قائمتنا المستقلة في المدينة كالنار في الهشيم و تجندت الإدارة و الحزب و الأمن لمعرفة القائمة و الكشف عن رموزها و راحوا يتتبعون المناضين و يتصنطون عليهم في المقاهي و كل الفضاءات العمومية و تحول الحال بحمام سوسة إلى ما يشبه حالة الطوارئ الغير معلنة و راحت ميليشيات الحزب المأجورة تهدد و تتوعد حينا و ترغب أحيانا أخرى . و أمام تنامي ظاهرة الهرسلة و الترهيب النفسي المراد به بعث مناخ من الخوف لقطع الطريق أمام قائمتنا فإننا نؤكد على ما يلي . – عزمنا الراسخ على محاولة إلغاء تفرد و انفراد الحزب الحاكم بالبلدية و إدارتها و إصرارنا على فرض حقنا و حق كل المواطنين في الترشح . – نحمل معتمد حمام سوسة و كاتب عام جامعة التجمع و السلطة الأمنية بالمدينة مسؤولياتها كاملة في كل ما قد يتعرض له أعضاء القائمة من اعتداءات بدنية و جسدية و غيرها . – نحمل التهديدات بإستعمال العنف الجسدي ضدنا لحظة تقديم القائمة محمل الجد و ندعوا كل المواطنين و النقابيين و الحقوقيين و خاصة الوجوه التقليدية للمعارضة الحمامية لمساندتنا و مؤازرتنا يوم تقديم القائمة و الذي سيكون يوم السبت 17 أفريل على الساعة الثالثة بعد الزوال بمقر معتمدية حمام سوسة . – نعتبر أن تاريخ و توقيت تقديم القائمة يقطع نهائيا مع كل شكل قانوني للإنسحاب التلقائي منها بإعتبار إنتهاء التوقبت الإداري للبلديات و كل محاولة لذلك ستكون تأكيدا لتورط السلطة بكل أجنحتها في إسقاط قائمتنا   القائمة المستقلة بحمام سوسة  


اجتماع الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي بإشراف رئيس الدولة ** استنكار الديوان السياسي لكل التجاوزات وأعمال الشغب بالملاعب  

قرطاج – “وات” – انعقد يوم الاثنين اجتماع الديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطى بإشراف الرئيس زين العابدين بن على. واستعرض الديوان السياسي التقارير النهائية للجان إعداد الانتخابات البلدية في مستوى التجمع…. …. وعلى صعيد آخر، وأمام ما جد خلال الأسبوع المنقضي من أحداث مؤسفة خلال مباريات رياضية، عبر الديوان السياسي عن استنكاره لكل التجاوزات وأعمال الشغب بالملاعب. ودعا إلى مزيد الحزم والصرامة في التصدي لمثل هذه الأعمال باعتبارها منافية للميثاق الرياضي الذي يتعين على كل الأطراف احترامه من رياضيين ومسيرين ومشجعين وتحملهم لمسؤولياتهم في هذا الشأن. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – حكومية) بتاريخ 12 أفريل 2010)  

زغوان: الشبح يعلق ندوة إطارات قطاع التعليم الثانوي  

نظمت النقابة الجهوية المنصبة للتعليم الثانوي بزغوان اليوم 11 أفريل 2010 بدار الاتحاد الجهوي للشغل ندوة إطارات قطاعية في محاولة يائسة منها لرأب الصدع الحاصل بينها وبين النقابيين والقواعد غير أن قوّة غيبية قاهرة عطلت أشغال هذه الندوة حيث أشار عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي الذي ترأس الندوة أنه يتعذر على الأستاذ نور الدين الهمامي والأستاذ وسيم العايدي حضور فعاليات الندوة لأن الأول مجمّد لمدة 5 سنوات والثاني فقد عضويته النقابية بعد أن انتقل من مركز عمل إلى آخر، وبالاستفسار عن السند القانوني لهذا الإجراء أجاب العضو المذكور: “لقد اجتمع المكتب التنفيذي وبالتنسيق مع قسم النظام الداخلي للاتحاد العام قررنا ما سبق ذكره” وقد نفى أغلب أعضاء المكتب التنفيذي هذا الإدّعاء وأبدى الجميع من أعضاء الاتحاد الجهوي إلى ممثل النقابة العامة إلى أعضاء النقابة الجهوية المنصّبة بمن حضر عدم اعتراضهم على حضور الأستاذين المذكورين أعلاه كما عبّروا عن عجزهم عن اتخاذ قرار في المسألة ممّا يكشف بما لا يدع مجالا للشك عدم أحقيتهم بالمواقع التي يحتلونها إذ بدوا عاجزين أمام سلطة الشبح وانكشفت ليونتهم وطواعيتهم وخصالهم البيدقية التي تحدثنا عنها في مقال سابق وأمام هذا العجز المخزي علقت الندوة لعلهم يفلحون في إقناع الشبح بالعدول عن هذا القرار بعد أن لاح جليا أن إقناع الأستاذين المذكورين بعدم الحضور لن يتحقق ولو بمعجزة وفي ظل هذا المأزق يبدو أنه لم يبق للبيروقراطية التي تحرّك الهياكل الوسطى والقاعدية وفق أهدافها الحقيرة إلا أن تستنجد بالبوليس أو الميليشيا لمنعنا أو أن تذعن – وهو ما سيحدث – صاغرة ذليلة لمشيئة القواعد.  عاشت نضالت الاساتذة  عاشت نضالات العمال  فلتسقط الأشباح نورالدين الهمامي أستاذ تعليم ثانوي فوق التجميد  

النقابة الجهوية الجديدة للتعليم الأساسي بتونس تعقد أوّل مجلس إطارات لها

انعقد اليوم الأحد 11 أفريل 2010 أوّل مجلس إطارات نقابية للتعليم الأساسي بجهة تونس بقاعة سوق أهراس بالعاصمة على الساعة العاشرة والنصف صباحا (وهي هيئة تضمّ إلى جانب تشكيلة النقابة الجهوية تشكيلات النقابات الأساسية بالجهة) تحت إشراف عضو الاتحاد الجهوي للشغل بتونس “زياد الأخضر” وبحضور ممثّل عن النقابة العامة للتعليم الأساسي الأخ “المولدي الرّاجحي” وبحضور ما يربو عن 40 إطارا نقابيّا. الملاحظات الأولى الّتي نسوقها في هذا المضمار هي: 1 – حضور ما يزيد عن 40 من جملة 112 يشكّلون النقابات الأساسية يعتبر قليلا، لكن إذا ما نظرنا إلى جوّ القمع العام والرعب الذي تعيشه البلاد وما خلّفه من إحباط لدى النقابيين وحالة الفساد التي أصبح عليها البعض منهم لكي لا نتجنّى على المناضلين والصّامدين وبقرطة القيادة الحاليّة وتصفيتها لمخالفيها الرّأي عن طريق لجان النظام نفهم نسبيّا لماذا ينحسر الحضور… 2 – إذا ما قارنّا هذا العدد بعدد الإطارات الذين كانوا يحضرون مع النقابة الجهوية الفائتة نرى أنّه تطوّر تطوّرا ملحوظا، إذ أنّ الذين كانوا يتواجدون في مثل هذه المحطّات – إن وجدت أصلا – لا يتجاوزون الـ20 نفرا ومن النقابة الجهويّة نفسها تحضر منها أقلّية ولا تجدهم إلاّ وقت حركات النقل في الإدارتين الجهويّتين تونس 1 و2… 3 – لقد قاطع جزء محسوب على بعض أطراف النقابة الجهوية الماضية هذا الاجتماع، وهذا واضح للنّقابيين، إذ أين هي نقابة باردو والزّهور وباب بحر…؟ 4 – لقد أثنى الجميع على أداء النقابة الجهوية الحاليّة بمن فيهم من حضر وكان من المساندين للقائمة المضادّة للتّشكيلة الحاليّة، وهذه شهادة حقّ إذ عدّد كاتبها العام ما يقارب الـ20 نشاطا في أقلّ من ثلاثة أشهر.. نمرّ إلى النقاشات : تدخّل الإخوة من النقابة الجهوية والنقابة العامة لإعطاء الإعلام للحاضرين وتقديم ما أنجز وما هو مطروح اليوم وفتح باب النقاش… لقد أشار الحاضرون إلى جملة من القضايا سنجد أثرها في اللوائح الصّادرة عن هذا اللقاء (نعدكم بنشرها حال صدورها إن سمح لها بالنشر ولم تلق نفس مصير لوائح مؤتمر النقابة الجهوية التي لم تصدر إلى حدّ كتابة هذه الأسطر). لقد طرحت عدّة نقاط نأتي على أهمّها : 1 – الإعلام النقابي يعتبره كثير من المتدخّلين ناقصا وطالبوا بتحيينه وإيلائه الأهمّية التي يستحقّ سواء في بيانات الهياكل وضرورة تحيينها أو في جريدة الشعب وحتّى لا تبقى الجرائد اليومية التجارية المصدر الوحيد للخبر. 2 – إيلاء عناية خاصّة بمساجين الحوض المنجمي وضرورة النضال من أجل إرجاعهم إلى سالف عملهم. 3 – الحقّ النقابي: سواء منه حقّ التعليق في السبّورة النقابية أو حقّ الاجتماع خارج أوقات العمل وضرورة وضع خطّة نقابية لترجمته… 4 – التمسّك بالتعليم الإجباري والمجاني والنضال من أجل الوصول بالنقابة إلى شريك فعليّ لسلطة الإشراف في اتخاذ القرارت المصيرية الّتي تهمّ القطاع على رأسها قضايا الإصلاح التربوي ورفض دور الديكور.. 5 – التمسّك بحركة المديرين في شفافيّة تامّة ورفض حجب المدارس مهما كانت الأسباب والاستعداد للنضال من أجل ذلك. 6 – ضرورة تخصيص حدّ أدنى من عائدات الانخراطات لمصاريف النقابات الأساسية حتّى تتمكّن من النشاط بصورة طبيعية، والتخلّي عن أسلوب “اصرف وهات فاتورة”. 7 – قضايا متفرّقة أخرى:  ضرورة التصدّي إلى العنف بعد تحليل أسبابه وبصورة مباشرة تعميم الحرّاس الليليين على المدارس الابتدائية لحمايتها من السرقة وغيره… (مطالبة الإدارة بالإيفاء بالتزاماتها تجاه مدرسة “نهج الورد بالمرسى” إثر تعهّدها بتوفير حارس ليليّ يوم الاعتصام الذي حدث هناك في أوّل السنة…).  صيانة المدارس وتوفير التجهيزات.  التمسّك بالتكوين لكن داخل أوقات العمل (اتّفق الحاضرون على احترام الاتفاق المبرم مع الإدارة في هذا الشأن إثر النقاش).  رفض القانون الجديد للإدارات الجهوية كمدخل لمزيد التفريط في ما تبقّى من مجانيّة نسبيّة للتعليم… هذا وقد تولّى الإجابة على استفسارات النقابيين كلّ من الإخوة “المولدي الرّاجحي” عن النقابة العامّة للتعليم الأساسي، “الكافي العرفي” عن النقابة الجهوية، “زياد الأخضر” عن الاتّحاد الجهوي للشغل بتونس ووعد بنشر لوائح مجلس الإطارات هذا قريبا…  
إطار نقابي من جهة تونس تونس في 11 أفريل 2010 (المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 12 أفريل  2010)
 

رسـالة اللقــاء [43] جمهوريات المـوز ومهازل التوريث

د.خــالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr لم نكن يوما من المصدّرين للموز، ولعلنا لن نكون..، فالبلاد العربية تكاد تكون بعيدة عن تحمّل مناخه ووجود تربته وعناء زرعه وحصاده، ولكننا حتما سنصدّر يوما جمهورياته، وفي هذا اطمئنان لحالنا وثقة في إنتاجنا وعونا لميزان الصادرات لدينا… جمهوريات الموز صفة حقيقية ملازمة لبلاد أمريكا الوسطى والجنوبية حيث إنتاج الموز، غير أنها أخذت منحى السخرية والاستهزاء في بعض زمانها حيث هيمن الاستفراد بالحكم وتملك البلاد وغياب القانون وصولات الأسر والجماعات. وقد ورث بعضنا من بني جلدتنا هذه الصفة الحميدة وجعلها يافطة ملكه، فغابت المؤسسة وتعطلت المجالس واستتب الحكم لفرد وعائلة، وغلب التملق والسقوط والغثيان، وأضحت الصورة حزينة بائسة! آخر وصفات جمهوريات الموز توريث الحكم، حيث أصبحت السلطة ملكا خاصا يرثه الابن عن أبيه كما يرث أمواله وعقاراته وضيعاته، أو الزوجة عن زوجها وكأنها ترث صالون الضيافة، وأصبحت الجمهورية ملكية دون تاج وصولجان، ولكن بدرة وعصا. وخوفا علينا من هول المفاجئة وشدتها على صحتنا، فإن التوريث لا يقع مباشرة ودون “استئذان”، فهو ليس اختلاسا لحقوق ودوسا لكرامات! ولكن كثيرا ما يلف التوريث هالة من التخفي المغشوش والاستنكار الكاذب، يليه مباشرة تهيئة لطيفة ناعمة، من مثل “ابني يساعدني” أو “زوجتي دائما في الصورة بجانبي” ثم ينبري أحدهم، الأكثر جرأة وتملقا، ويبدأ بطرق الجرس معلنا بداية مسلسل خائب وممل لا ينتهي، مسلسل كله حلقة واحدة وإن تعددت أرقامها، وهدفها واحد وإن تشابكت كذبا وبهتانا، الثنايا والشعاب… ينطلق أحدهم إذن بذكر محاسن  الأب الحنون والقائد الفذ والزوج الصالح، وأن الفذاذة  والقوة وحسن القيادة تنتقل مع الجينات أو مع “عفش البيت” كما تنتقل الأمراض والفواجع، وأنه من خيبة البلاد وخسارتها الفادحة ترك هذه المكاسب تصحب أهلها إلى دار الفناء ولا تواصل مشوارها معنا، فنخسر الدنيا والآخرة! تتواصل “الجوقة” بترانيم باهتة ويكثر العازفون وأصحاب الطبول الكبيرة والصغيرة، ومن لم يقدر على حمل الدف أو لا يكنه ضربه، فتكفيه يداه وزيادة… ويوضع الوطن على الرفوف العالية حتى لا تصل الأيادي العابثة، أو يرمى به في الكهوف والدهاليز المظلمة حيث لا عين ترى ولا أذن تسمع ولا عقل يعي، ويتواصل المشوار حزينا سخيفا وراء زجاج رمادي باطنه عذاب وظاهره عذاب، لا يرى باطنه ولا يحمل عنوانا غير عنوان الاستخفاف والاستحمار والاستبلاه… يغيب الوطن ويحمل معه مواطنته ويتبعه المواطن حاسرا حزينا يبحث عن مكان له تحت الشمس فلا يجد غير الكهوف، يبحث عن الماء فلا يجد غير الشقاء، يبحث عن دور فيشار له بالبنان إلى بناية تسمع لها من بعيد أزيز الأبواب الغليظة وأصوات المعذبين في الأرض، وترى الناس سكارى يتمايلون، فمنهم من يدخلها ظلما وعدوانا ومنهم من يقبل ويمشي على بطنه زاحفا نحو جنان خُيلت إليه، حتى إذا وصلها وجد الذل وخيبة المسعى! ومنهم من صار حذو الحائط يريد إقناع نفسه ومن تبعه بأنه يسير على الثرى ليدرك الثريا، وقد نسي أو تناسى أن رجليه مغروستان في الأوحال… وفي غياب الوطن وغيبوبة المواطن… يتدخل صاحبنا حاكم البلاد الجديد وملك النواصي القادم، بعد تلكأ وحياء مرهف، ورأفة بحالنا وإنقاذا شجاعا لموقف طال أكثر مما يجب، ليعلن قبوله على مضض لهذه “الهدية” وهذا الإرث وهذه المسؤولية العظيمة، استجابة لنداء الضمير واحتراما لكل الواقفين على الباب ينتظرون… وتتهلل أساريره قبل أساريرنا… ويقف الجميع ويطول الوقوف والتصفيق والتكبير والتهليل، وتدخل البلاد في الأفراح والمسرات، ويولد ولي العهد أو وليته… ومات الملك، يحيا الملك!!! أفريل 2010 المصدر موقع اللقاءwww.liqaa.net


اغتيال حشاد : جريمة ضد الإنسانية أم جريمة حرب ؟

-ردّا على الأستاذ العويني-  


أوردت صحيفة “الشروق” (التونسية)، بتاريخ 31 مارس 2010، نقلا عن الأستاذ عبد الناصر العويني ، رأيا قانونيا نقديا تجاه “خيار” تتبع “أنطوان ميليرو” ، عضو عصابة اليد الحمراء الذي نوّه باغتيال الزعيم النقابي و الوطني فرحات حشاد (يوم 18 ديسمبر 2009، على قناة الجزيرة الوثائقية). إن التفاعل  مع التمشّي القانوني القائل بضرورة مقاضاة “ميليرو” أمام المحاكم الفرنسية (و أنا من القائلين بهذا) لا يخلو من الإيجابية في حد ذاته لأنه يكرس المحاججة القانونية و يساهم في البلورة الجمعية للحلول الإجرائية الأنجع التي نشترك جميعا في البحث عنها. ينقل الصحفي عن المحامي قوله بأنه ” لا يمكن مقاضاة قتلة حشاد بالإجراءات المتبعة حاليا”. و في ذلك خلط و عدم دراية بطبيعة “الإجراءات المتبعة حاليا”. فهذه الأخيرة لا ترمي إلى مقاضاة المجرمين الذين اغتالوا حشاد و إنما أولئك الذين يتباهون و يفتخرون (حاضرا) بتلك الجريمة أو بمن ارتكبها. قد يصعب التمييز بين الأمرين لمن لا ثقافة قانونية له ، و لذلك فنحن نستغرب هذا الخلط عند الأستاذ العويني. التنويه بجرائم الحرب جنحة مستقلة بذاتها يعاقب عليها الفصل 24 فقرة 3 من قانون 29 جويلية 1881 الفرنسي. أما جريمة الحرب ذاتها فهي قد سقطت بالتقادم وفق الفصل السابع من المجلة الجنائية الفرنسية. ذلك أن المشرع الفرنسي لا يزال بعدُ يرفض الإعتراف بعدم سقوط جرائم الحرب بمرور الزمن. الدعوتان القضائيتان اللتان رٌفعتا أمام القضاء الفرنسي (الأولى بتاريخ 16 مارس 2010 ، و القائمين بها هم : عائلة الشهيد حشاد (1) و الفدرالية الدولية لمنظمات حقوق الإنسان (2) و الرابطة الفرنسية للدفاع عن حقوق الإنسان (3) ؛ و الثانية رفعها الإتحاد العام التونسي للشغل بمفرده بتاريخ 17 مارس 2010) ترميان إلى تتبع “أنطوان ميليرو” من أجل التنويه بجريمة الحرب التي ذهب ضحيتها الزعيم حشاد ، لجهة أنه اعتبر هذا الفعل الإجرامي عمل “مشروع” و “لو كان له أن يعيد صنيعه لأعاده” و في ذلك تمجيد و تنويه بما نعتبره نحن جريمة حرب. إن التوصيف القانوني الدقيق للفعل المزمع تتبعه جزائيا يكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى الإستراتيجية القضائية التي يتجه توخيها. الأستاذ العويني لم “يُجشّم” نفسه ضبط التعريف العلمي لكل من “جرائم الحرب” و “الجرائم ضد الإنسانية” حتى يُمكن القارئ من معرفة الفرق بين الاثنين و”يقنعه” تباعا بــ ” إننا لسنا إزاء جريمة حرب بل إن جريمة اغتيال فرحات حشاد هي إحدى صور الجريمة ضد الإنسانية…” (الأستاذ العويني ، نفس المرجع) لذلك وجب التذكير  أولا : بأن جريمة الحرب ، باختصار شديد ، هي الجريمة التي يكون ضحيتها الأشخاص الذين يتمتعون بحماية القانون الدولي الإنساني (اتفاقيات جينيف الأربع لسنة 1949 و نظام لاهاي لسنة 1907…). في صورة الحال، هي الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال في حق الشعوب المستعمرة… ثانيا: إن الجرائم ضد الإنسانية، حسب الفصل 7 من نظام روما، هي القتل العمد، التعذيب، الاغتصاب،  الإبادة ، الاسترقاق… (11 حالة غير حصريّة)… الاستعباد الجنسي، ” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم…”  سوف لن نُذكّر بالتطور التاريخي الذي كرسه (بامتياز) نظام روما فيما يتعلق بهذا الصنف من الجرائم التي عُرفت أول مرة في إطار نظام المحكمة العسكرية العالمية لنورنبورغ الملحق باتفاق لندن لسنة 1945. بيد أنه لا بد من التذكير بأن هذا النظام الذي لم تصادق عليه أي دولة عربية (الأردن هي الدولة العربية الوحيدة التي أمضت و لكن لم تصادق…) لا ينطبق إلا على الجرائم التي ترتكب بعد دخوله حيز التنفيذ (بعد 1998). الجريمة ضد الإنسانية تفترض إذن الهجوم واسع النطاق أو المنهجي الذي يستهدف مجموعة من السكان المدنيين… إنها ليست الجريمة المرتكبة من طرف إنسان “عادي” في حق إنسان آخر و إنما (كما يقول “بيار ترويش”  ) Pierre Truche, La Notion de crime contre l’humanité, in Esprit, n° 181,1992   تلك التي تنفذ بصفة منهجية (غالبا —ليس بالضرورة— ما تُبرر ايديولوجيا) و قسرية تجاه مجموعة بشرية معينة (لأسباب عرقية، دينية، الخ) تنتفي معها كرامة أي فرد من أفرادها (أي المجموعة البشرية) و تلغي انتمائهم إلى الجنس البشري… و هي الحالات 11 المُعرّفة بالفصل 7 من نظام روما بشكل غير حصري (الإسترقاق ، الإبادة ، الفصل العنصري… الخ) تأسيسا على ما سبق يتضح أن اغتيال الزعيم حشاد ، بالرغم من أنه جريمة فضيعة لا تغتفر و اعتداء مطلق و سافر على حرمة الشهيد الجسدية و الأدبية (لها وقع عظيم على عائلته و الشعب التونسي قاطبة)  لا يدخل —بالرغم من ذلك كله— في نطاق التعريف الدقيق المعتمد للجريمة ضد الإنسانية ، و هو التعريف الأوسع الذي توصلت إليه، إلى حدّ اليوم، الإنسانية من خلال نظام روما. أما التعريف الذي يأخذ به القانون الفرنسي (المجلة الجنائية: فصل 212-1) فهو أكثر ضيقا ، و غير منسجم مع مقتضيات الفصل 7 (نظام روما). إن الخلط و غياب الدقة في تحديد المفاهيم القانونية (و هو، مرة أخرى، أمر يٌعْذَر عليه غير الأخصائيين فحسب…) مهما كانت الدوافع “العاطفية النبيلة” و النوايا “الطيبة” التي قد تحرك أصحابه ، لا يمكن إلا أن يؤدي إلى هدر الطاقات و خيبة الأمل (الغير مؤسس على أرضية قانونية صلبة) ، لأنه يتوسّل الأساليب الإجرائية “الفخفاخة”  التي سرعان ما تنهار قبل أن تصل حتى أمام المحاكم… الأستاذ العويني “يوصي” (علاوة على الابتعاد عن “التضخيم الإعلامي”…) بالإلتجاء إلى ما يعرف بــ “الاختصاص الكوني” (مرة أخرى دون أن يتوقف على تعريفه…) الذي يتمثل في محاكمة المجرمين (الجرائم ضد الإنسانية ، جرائم الحرب ، التعذيب ، الإبادة…) من طرف قضاء بعض الدول دون اشتراط الرابط الشخصي (الضحية من نفس جنسية القاضي) أو الموضوعي (الجريمة ترتكب على تراب دولة القاضي…) : “كان على القائمين بالقضية التوجّه نحو القضاء في بعض الدول التي يمكن أن نقول أن لها قضاء ذو اختصاص كوني مثل القضاء الاسباني او البلجيكي..” ينبغي هنا ، و بكل هدوء ، تذكير الأستاذ العويني بأن إسبانيا تخلّت عن “الاختصاص الكوني” بمقتضى قانون 19 مايو 2009 الذي غدَا يشترط ، و للأسف ، أن يكون المجرم موجود بالتراب الإسباني وقت رفع القضية حتى يَصح التتبع و أن تكون الضحية حاملة للجنسية الإسبانية (و هو النظام المعمول به في فرنسا على سبيل المثال…) نفس “التذكير” (بأكثر إلحاحية… لأنه أسبق و أقدم) ينسحب على المملكة البلجيكية التي أحنت ظهرها صاغرةً أمام ضربات الإمبراطورية الأميركية (و من خلفها دولة إسرائيل… بسبب تتبع مجرم الحرب شارون…) التي هددت بنقل إدارة الحلف الأطلسي إلى دولة أخرى و تسجيل بلجيكيا على قائمة الدول التي يُحرّم استثمار رؤوس الأموال الأميركية بها… و ذلك على خلفية قبول القضاء البلجيكي الدعوى الجنائية ضد “بوش”… فما كان من المملكة إلا أن انصاعت عبر تنقيح قانون 1993 (المدعم بقانون 1999) و ذلك سنة 2003 ( قانون غرة أوت) الذي أفرغ “الاختصاص الكوني” من مضمونه “الثوري و التقدمي” ليعيد بلجيكيا إلى “خانة” الدول الغربية التي تعتمد المعيارين سابقي الذكر (تواجد المجرم المفترض على تراب المملكة ، توفر الجنسية البلجيكية … و أخذ الحصانة الدبلوماسية في الاعتبار…) بناء على ما سبق يتضح جليا أن ما نُقل عن الأستاذ العويني تحت عنوان ” مختص في القانون الدولي لـ «الشروق»: لا يمكن مقاضاة قتلة حشاد بالإجراءات المتبعة حاليا” لا يعدو كونه “توكيد” خال من التمحيص القانوني ، يعتريه خلط لا يغتفر لذي “الاختصاص” بين جريمة الحرب و “جنحة التنويه” بها ، فضلا عن كونه لا يراعي مقتضيات التحليل القانوني العلمي الذي يستوجب، من جملة ما يستوجب، التعريف الدقيق و التمييز المنهجي بين المفاهيم المختلفة …و تحيين المعلومات القانونية .  هذا الرد أردناه مقتضبا أخذا بعين الإعتبار ضيق المساحة ، و بإمكان القارئ الذي يودّ التعمق في معرفة التوصيف القانوني الأنجع لما صرح به “أنطوان ميليرو” الرجوع إلى دراستنا : “إغتيال فرحات حشاد ، أو مثال الإفلات من العقاب في جرائم الحرب الاستعمارية” (النص الأصلي بالفرنسية ، و ترجمه إلى العربية الأستاذ العياشي الهمامي) الدكتور حسين الباردي المحامي لدى القضاء الفرنسي Houcine Bardi Docteur en Droit Avocat au Barreau de Paris
 
 

بورقيبة بين غلو المادحين وتطرف القادحين

الهادي بريك – ألمانيا ي مثل هذه الأيام قبل عشر سنوات بالتمام والكمال رحل الزعيم التونسي الشهير الحبيب بورقيبة ( السادس من أبريل نيسان 2000 ـ أبريل نيسان 2010).. بورقيبة صاحب أشهر مشروع تغريبي عربي على الإطلاق ( أو أتاتورك العرب كما يسمى بحق) مات يوم السبت السابع من نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1987 في إثر الإنقلاب الأبيض ضده من لدن وزيره الأول بن علي .. أما بورقيبة الإنسان فإنما ظل بعد ذلك 13 عاما كاملة يعاني مرارة الإقامة الجبرية من جهة ومرارة المرض ( الذي وصل حد الخرف الذهني ) من جهة أخرى.. قبل أن يرحل عن الدنيا يوم السادس من أبريل نيسان عام 2000.. بعد عشرية من رحيل أبرز زعيم تونسي.. إن قلت أنها مناسبة لن تزال تسيل لعاب الأقلام عاما بعد عام فأنت محق بسبب المكانة الفعلية للرجل في حياته ( إذ حكم تونس منذ 1957 حتى 1987 = 30 عاما كاملة ) ثم بسبب مكانته الرمزية بعد موته : موته السياسي المباشر ( وليس الثقافي ولا الحضاري بسبب أن مشروعه التغريبي العالماني المتطرف جدا مازال يحكم البلاد ولكن ليس بالأسلوب البورقيبي القائم على الجمع بين الثقافة والعصا بل بالأسلوب الوحشي التدميري لخلفه بن علي الذي يحكم البلاد بالعصا الغليظة مجردة عن كل نفس ثقافي وفاقد الشيء لا يعطيه كما قالت العرب بحق ).. عام 1987 وموته الحقيقي عام 2000.. وإن قلت أن الرجل يحكم البلاد نسبيا حتى بعد موته السياسي وموته الحقيقي وأن الناس في حياته ومن بعد موته يختلفون فيه كثيرا ويختلفون حوله أكثر.. إن قلت ذلك فأنت كذلك محق بسبب أن الرجل ليس حاكما مثل أغلب الحكام فحسب بل هو زعيم بكل ما تحمله الكلمة من معاني الزعامة.. الرجل بكلمة واحدة : صاحب مشروع ثقافي حضاري متكامل أمه حملا وإرضاعا هي ما كان يعبر عنه في مئات من خطبه “ اللحاق بركب الأمم المتقدمة لا يتم بغير القضاء على التقاليد البالية “ وليست التقاليد هنا سوى الإسلام كما سيأتي .. هل بورقيبة مجتهد أم كافر؟ كتب كثيرة ألفت في بورقيبة في حياته وبعد موته. كثير منها ترفعه إلى حد الإجتهاد الإسلامي من مثل كتاب ( بورقيبة والإسلام للصحفي التونسي الشهير لطفي الحجي ) فضلا عن الكتب ذات الطابع التأريخي من مثل كتاب وزير الداخلية الأسبق الطاهر بلخوجه وغيره. بينما تنحو كتب أخرى منحى مضادا بالتمام والكمال وأبرزها ( كتاب الفكرة الإسلامية للمرحوم الندوي وهو عبارة عن مؤلف ينطلق من فتوى شهيرة للإمام السعودي المعروف المرحوم إبن باز وفتاوى أخرى كثيرة مكتوبة تكفر بورقيبة وتدعوه إلى التوبة لعدد من علماء العربية السعودية في ذلك الوقت وعدد آخر من علماء الهند وغيرهم في إثر تصريحين لبورقيبة أحدهما في منتصف ستينيات القرن الميلادي المنصرم في موضوع تقديم جهاد التنمية على صوم رمضان سيما أن بورقيبة عمد إلى إحتساء كوب من الماء في نهار رمضان بمناسبة إشرافه على إجتماع لمجلس الوزراء ( كتاب الدولة ) وتم نقل المشهد على الملإ. أما التصريح الثاني فهو في منتصف سبعينيات القرن الميلادي المنصرم في موضوع القرآن الكريم الذي وصفه بأنه متناقض وفي موضوع النبي محمد عليه الصلاة والسلام الذي وصفه بأنه رجل بدوي يجوب الصحراء ويغوي الناس بقصص خيالية من مثل عصا موسى وغير ذلك ).. إذا عرض لك رجل في حياتك يختلف فيه الناس بين من يعتبره مجتهدا من مجتهدي الإسلام حتى وهو يسن قانون التبني ( قانون تنفرد به تونس منذ أزيد من نصف قرن كامل على أساس أن التبني يتعدى كفالة اليتيم إلى حد نسبة المتبنى إلى صلب المتبني مدنيا ليرث منه بمثل ما يرث منه فروعه وتكون ذريته محارم للمتبنى وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة من حيث كونه محرما بمطلق لغة سورة الأحزاب وليس هو محل إختلاف أبدا بين كل مذاهب الأمة ومدارسها).. وبين من يعتبره كافرا خرج من ربقة الإسلام أي مرتدا بالكامل.. إذا عرض لك في حياتك رجل من هذا القبيل فإن الأمر يتطلب علاجا دون ريب.. ميزان بورقيبة في نظري. لا بد من سوق ملاحظات أولية قبل ذلك. أولها أن كل من أفضى إلى ربه سبحانه لا يليق به غير ذكر حسناته أو سيئاته بأدب جم وتواضع بسبب أن الفحولة ليست في معارضة رجل قضى إلى ربه وهو بين يديه يفعل به ما يشاء ولا يتناقض ذلك أبدا مع ما تعلمنا من القرآن الكريم الذي علمنا مما علمنا قوله سبحانه في سورة الأحزاب ذاتها ( ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ) .. إنما أراد سبحانه هنا أن يثبت المشيئة الإلهية الماضية لئلا يظن العابد المزيف أنه بمكان من القرب يتألى به عن ربه سبحانه أو يحبس نفسه في نسق سببي سنني صارم حتى ليظن أن ذلك النسق يحكم على أفعال ربه كذلك بمثل ما يحكم على أفعاله هو.. ذلك هو المعنى الأولي الذي تبنى عليه عقيدة الإسلام لئلا يتوهم من يظن في نفسه القرب من ربه أنه قريب بعمله عقلا أو عملا أو أن الكافر إنما خلقه ربه إبتداء لجهنم حطبا.. ولعل أنفس ما قيل في ذلك : المشيئة والحكمة صنوان يتلازمان أبدا.. من ألجم فاه بلجام من صمت في حياة بورقيبة فليس له اليوم أن يعارضه شهامة وكرامة ومن فاتته معارضة بورقيبة فالطغاة من بعده يندون عن العد .. أما ثاني الملاحظات فهو أن ما يسوقه الكتاب اليوم في بورقيبة من قريظ مدح أو كالة سوء في القدح فلا يعدو أن تكون قراءات يغلب على أكثرها التحيز العفو من آلة يؤول إليها بل إن كثيرا منها يتستر خلف بورقيبة لنقض غزل خصيمه الثقافي أو السياسي والميزان القسط أنأى عن ذلك أيما نأي.. منهج الميزان مزدوج أو لا يكون. بورقيبة زعيم جامع أو يكاد يكون جامعا بسبب تكوينه المعاصر من جهة وبسبب شخصيته القيادية من جهة ثانية وبسبب ما تسنى له من مساحة فعل طويلة من باب القوة والنفوذ من جهة ثالثة وبسبب أنه باشر الدين والدنيا معا من جهة رابعة.. لذلك فإن منهج الميزان لا بد أن يكون مزدوجا متعدد الأبعاد فلا يقصر على فتوى دينية بمثل أنه لا يقصر على تقويم سياسي محلي أو قومي أو دولي.. فإذا صدر بعض من ذلك من بعض الناس فإن المتلقي لا مناص له من جمع كل خصم الإرث البورقيبي لعله يفيئ إلى ميزان قسط شهادة في الدنيا أما أمر الآخرة فهو موكول لله وحده سبحانه تحريرا لمشيئته بالكلية ولكن ليس على قاعدة الإرجاء المعروفة ( لا تنفع مع الكفر طاعة ولا تضر مع الإيمان معصية ) ولا على قاعدة العبثية الباطنية المتفصية من التبعات القدرية والشرعية والعملية بزعمها. لبورقيبة حسنات كثيرة وكبيرة. 1 ــ من أكبر حسنات بورقيبة بناؤه للدولة التونسية على أسس معاصرة حديثة من حيث الشكل على الأقل من مثل السلطات الثلاث ( الأربع إن شئت قلت بإعتبار سلطة الإعلام) وإستقلالها بعضها عن بعض. بورقيبة لم يؤسس دولة أسرية أو عائلية أو عشائرية رغم أنه تورط نسبيا في محاباة جهات على أخرى في تونس من حيث فرص تحمل المسؤولية وغير ذلك ومرد ذلك هو خلافه الشهير الحاد جدا مع صالح بن يوسف الذي وصل حد إغتياله بعد الإستقلال التام بسبع سنوات فحسب. حداثة الدولة التونسية التي شيدها بورقيبة تتمثل في مظاهر منها الإدراة ومنها الدستور ذاته رمزا من رموز الشرعية والمرجعية.. مما يحسب في هذا الإطار كذلك أن بورقيبة لم يؤسس دولة عسكرية ولا حتى بالمعنى العسكري المقنع أو الخفي بمثل ما ظهر في دولة بن علي سليل المخابرات العسكرية.. بل ربما يمكنك القول أن دولة بورقيبة ـ سيما في عهودها الأولى ـ لم يكن يصدق عليها أنها دولة بوليسية أو دولة مخابرات بمثل ما هو الحال في أكثر الأنظمة البعثية أو المسماة كذبا قومية.. دولة بورقيبة يغلب عليها الطابع المدني سيما في عهودها الأولى وإنما كانت تتوسل بسلطة البوليس بقدر ما تظهر المعارضات قوة وتأثيرا في الشارع لولا أنها مثل كل دولة عربية تقريبا لا تعرف إلى مدنية التداول على السلطة سبيلا.. 2 ــ من أكبر حسناته كذلك تقديمه لوظائف التعليم والصحة في الدولة والبلاد ميزانية وتخطيطا ومزاولة. من مفاخر بورقيبة ـ ربما في العالم العربي كله أو الإسلامي ـ أن ميزانية وزارة التربية هي أكبر ميزانية مطلقا على إمتداد ثلاثة عقود كاملة وهي المدة التي حكم فيها البلاد. كل من عايش تلك الفترة يدرك مدى إنتشار المدارس الإبتدائية ( الأساسية) في القرى والأرياف وبدرجة أقل من ذلك قطاع الصحة العمومية. مراهنة بورقيبة على قضايا الثقافة والتفكير والتعليم والتربية أمر لا يحتاج لأدلة أبدا. 3 ــ من حسنات بورقيبة كذلك : حسنة تحمل وجهي الخير والشر معا بسبب أن قانون النسبية في مثل هذه القضايا قانون محكم لا ينفع معه وصل دون فصل ولا فصل دون وصل. هي حسنة سماها بورقيبة (الأمة التونسية). إذا تجاوزنا الإسم الخاطئ بالمقياس القومي العربي والمقياس الإسلامي فضلا عن المقياس الإنساني الأعم .. إذا تجاوزنا ذلك فإن بورقيبة خط سياسة ثقافية وعملية تقوم على ضرب من ضروب توحيد المجتمع التونسي ضمن حركة تعبئة جديدة قوامها التمحض لخوص رهانات التنمية والتقدم والإزدهار وما كان يسميه فرحة الحياة وهو مسلك في الجملة والعموم محمود بل هو مسلك الأبطال القوميين من مثل هتلر الذي راهن على علوية وفوقية الجنس الجرماني عامة والألماني خاصة.. غير أن مشروع بورقيبة بأسره وحدة متكاملة كلما فصلت مسلكا من مسالكه عن جلده الثقافي وبطنه الفلسفي غدا في العادة مسلكا محمودا أو مقبولا ( خذ قضية التعليم مثلا ) ولكن كلما وصلت ذاك بذلك ظهرت لك عورات المنهج والأداء سواء بسواء.. ومن هنا هناك لغزان في المشروع البورقيبي : أ ــ لغز الوحدة الإجتماعية التونسية. طرق بورقيبة في مشروعه على هذا المسلك التوحيدي القومي طرقا شديدا قولا وعملا وتعليما وتربية وتأسيسا فأصاب هنا وأخطأ هناك. أصاب حيث أنه ساهم مساهمات معتبرة جدا في توحيد التونسيين أو أغلبهم حول مشروع وطني معاصر أو جديد هو مشروع بناء الدولة الحديثة بعدما كانت الولاءات يغلب عليها الطابع القبلي نسبيا في تونس إذ أن الولاء القبلي في تونس لأسباب جغرافية وتاريخية وغير ذلك هو ولاء هش أو قابل للهشاشة. ولكن بورقيبة أخطأ عندما أصاب قيمة التكافل الإجتماعي في مقتل من مقاتله العظمى وذلك عندما عمل على ما يسميه علماء الإجتماع تذرير المجتمع التونسي بكل ولاءاته القديمة وعصبياته التقليدية رغم نسبيتها الشديدة وإحلال الولاء للدولة محل ذلك. بكلمة : ألغى بورقيبة القبيلة ونصب نفسه رئيسا لقبيلة كبيرة إسمها الشعب التونسي. طبعا نجح في ذلك بسرعة قياسية تبعا للقابلية الذاتية للتذرر. بورقيبة وأد المجتمع التونسي وأدا خفيا. تلك حقيقة إجتماعية لا وجود لها بصورة مأساوية إلا في تونس. بورقيبة صاحب عقيدة غربية رأسمالية ليبرالية عالمانية مادية باهرة المعالم واضحة المنهاج بينة الشرعة. عقيدته حيال الإنسان هي أن الإنسان فاه يأكل بأكثر منه يدين تنتجان وإذا عجزت يدان على إطعام فاه واحد فإن المشكل يكون وجوديا عقديا بحق ولكن العقيدة المقابلة تقول ( وقدر فيها ـ أي في الأرض ـ أقواتها ). ظن بورقيبة أن قوة الكيف راجحة على قوة الكم فراهن عليها وظل يسعى لتقليص عدد الولادات سعيا حثيثا ويحصد في رأس كل عام الجائزة الدولية الأولى ونجح نجاحا كبيرا جدا في جعل ذلك ثقافة راسخة عند كثير من التونسيين وراهن في هذا الأمر وأمور أخرى كثيرة على عصا الثقافة وبذلك باءت تونس بأول مقعد من مقاعد وأد الولادات وتقليص الإنجاب ليس عربيا فحسب ولا إسلاميا فحسب ولكن باءت بالمقاعد الأولى في الترتيب العالمي وباء بورقيبة بإثم وأد التونسيين وأدا خفيا.. وأدا يقبل عليه التونسي في العادة من تلقاء نفسه ظنا أن يدين عاملتين تعجزان عن إطعام فاه واحد فاغر .. هنا في الحقيقة مكمن غرابة إذ كيف تنطلي على بورقيبة حيلة خبيثة مثل هذه وهو من هو في الذكاء والفطنة بل هو من هو في حساب المناورات السياسية المعقدة جدا .. كيف يظن أن العامل الديمغرافي عبء ثقيل أو هو لا شيء في حساب معايير النهضة والتقدم والإزدهار وهو ينظر بأم عينيه إلى الصين والهند.. ب ــ لغز المرأة. لبورقيبة حسنات كثيرة وكبيرة قصر فيها الحديث على مسألتي الدولة بإدارتها الدستورية والقانونية وسلطاتها ونمطها الحديث بصفة عامة من جهة وممارسة الدولة من حيث تقديمها للتعليم والتربية وبناؤهما على أسس عصرية وكفاءات تنافسية على مستوى دولي من جهة أخرى.. ولبورقيبة سيئات أخرى كثيرة وكبيرة كذلك .. يأتي الحديث عنها .. ولكن هناك منزلة في الميزان البورقيبي هي منزلة بين المنزلتين .. ليست خيرا كلها ولا هي شر كلها.. هي قضية المرأة التي ترجمت أو إختزلت في مجلة الأحوال الشخصية والحقيقة أن البورقيبية قائمة على ضلع كبير إسمه : المرأة.. ضمن مشروعه الثقافي المتكامل.. قضية المرأة في المشروع البورقيبي متلبسة بجانبين إن توخيت معهما منهج الوصل أعياك البحث وإن عملت بمنهج الفصل جاءت النتيجة متذررة مبعثرة لا تكاد تعثر لها على خيط ناظم. قضية المرأة متلبسة بجانب ثقافي فكري ( بمعناه الفلسفي المنهجي) بسبب أن أم المشروع البورقيبي كله هو صنع تونس صناعة جديدة تكون بها دولة أروبية ( فرنسية بالأساس) من حيث منهاجها الثقافي ولكنها تقع في المحيط العربي والإسلامي والإفريقي من حيث التاريخ. وهي في الآن ذاته متلبسة بجانب عصري مدني يقوم على مساهمة المرأة في التنمية وقبل ذلك على حقها في التعليم والمشاركة دون قيد ولا شرط بما فيها القيود الإجتماعية الموروثة أو الشروط العرفية التي تواضع عليها المجتمع منها الغث ومنها السمين.. المرأة في المشروع البورقيبي حرة وعبد ( أمة ) في الآن ذاته. قام المشروع البورقيبي في هذا الصدد على تحرير المرأة من كثير من التقاليد البالية والأعراف العقيمة التي لبست لبوس الإسلام والإسلام منها براء ( من مثل حق التعليم الذي هو واجب دستوري في دولة بورقيبة لا يتخلف عنه ذكر ولا أنثى منذ السنوات الأولى وحق تولي الوظائف في كل الحقول العامة بندية مع الرجل مما أفضى إلى مساهمة المرأة منذ السنوات الأولى في الخدمات العامة إجتماعيا وثقافيا وسياسيا وعلميا وغير ذلك والأهم من كل ذلك أنه أنشأ مناخا جديدا في البلاد عنوانه : للمرأة ما للرجل من الحقوق وعليها ما عليه من الواجبات). من هذا الجانب فإن المشروع البورقيبي قام على تحرير المرأة دون أدنى مواربة ولكن المرأة ذاتها التي حررها المشروع البورقيبي ألفت نفسها عبدا ( أمة ) بسبب أن صاحب المشروع ألغى الإعتبارات الدينية الإسلامية بالكامل تقريبا فكان مشروعه ثورة ساحقة ضد كثير من السنن والأسباب والفطرة البشرية وإختلاف الذكر عن الأنثى إختلاف تكامل وليس إختلاف تضاد مما أفضى بالضرورة إلى ثورة ضد الإسلام ذاته ولم يقتصر الأمر على الثورة ضد التقاليد البالية والأعراف الظالمة.. لك أن تقول بإطمئنان كبير في نهاية الميزان البورقيبي في قضية المرأة أن المرأة كسبت كثيرا ولكنها خسرت أكثر.. كسبت حريات كثيرة وكبيرة ولكنها خسرت حريتها العظمى أي : حرية أنوثتها أو حرية شقاقتها للرجل أي مساواتها إليه مساواة عدل وقسط ضمن الأداء الإجتماعي العام وليس مساواة ظلم وغبن يفقد بها كلاهما جزءا كبيرا من وظيفته الأصلية جورا على وظيفة صاحبه في الحياة أسرة ومجتمعا.. لبورقيبة سيئات كثيرة وكبيرة كذلك. 1 ــ سيئة بورقيبة العظمى التي قد تطيح بالميزان كله على ما فيه من حسنات كبيرة وكثيرة هي سيئة تحيزه الأعمى للمشروع الغربي في وجهه المادي العالماني المتطرف جدا وبخاصة في نسخته الفرنسية التي لا يتردد في مدحها بمناسبة وبغير مناسبة ولعل كل تونسي عايش تلك المرحلة البورقيبية يحفظ كلمته المشهورة التي شنفت بها آذاننا طويلا ( فرنسا هي أمنا الحنون). بورقيبة هو بإختصار شديد رجل تلقى علومه الجامعية العليا في التخصص القانوني في باريس ( أم الأنوار الأوروبية وعاصمة عصر النهضة الغربية بالتعبير العالماني). هو رجل تشرب الثقافة الفرنسية كمن يتشرب نسمات فجر عليلة بعد ضناء ليل طويل بهيم. نشأ بورقيبة في بيئة تونسية تعيش أبهى عهود الإنحطاط الإسلامي حيث تصبح أكثر العادات ـ دون أدنى مبالغة ـ بتقاليدها وأعرافها دينا مدينا وحيث يكون طلب العلم من لدن المرأة هرطقة بمثل ما يكون طلب علوم الدنيا ( علوم الإجتماع والإنسان و علوم المادة بالتعبير المعاصر ) من لدن الذكر زندقة وشيئا لا يتبعد كثيرا عن الخروج عن ملة الإسلام.. ذلك هو الداء الوبيل الذي كاد أن يقع فيه رجل من أعظم رجالات النهضة الإسلامية المعاصرة أي الشيخ محمد عبده الذي إضطر إلى تأويل طير الأبابيل في سورة الفيل بضرب من الجراثيم وغيره من رجالات عصره ممن نأى عن ذلك أو إقترب منه من مثل الشيخ الطهطاوي وبالجملة عدد كبير ممن وصل شرقه الإسلامي لونا المنحط قيمة بغربه المادي لونا وقيمة.. ذلك هو المناخ الذي نشأ فيه بورقيبة وذلك هو إطار العلاقة الثقافية بين الشرق والغرب في تلك الأيام أو ما تسمى عن الباحثين اليوم : مرحلة الدفاع التي لا تخلو من محطات إنبهار .. 2 ــ سيئة بورقيبة أنه لم يتح لنفسه الفصل بين غربه الفرنسي الذي تشرب منه الثقافة التي تصنع عقله وخلقه وبين شرقه ( تونس ) العربي الإسلامي الذي ينتمي لحضارة أخرى وثقافة أخرى ودين آخر. سيئة بورقيبة أنه قصر عن التمييز بين ما هو أعراف وتقاليد وعادات بالية تلبس لبوس الدين وبين ما هو دين فعلا وحقا. سيئة بورقيبة أنه حكم على الإسلام بالجملة وليس بالتفصيل أو قل : حكم على الإسلام بمثل ما حكمت فرنسا التي عب من ثقافتها بأكثر وأغزر وأعمق مما عب الفرنسي ذاته .. بمثل ما حكمت فرنسا على الكنيسة رمز المسيحية. 3 ــ سيئة بورقيبة أنه حاول إستصحاب النموذج الأوربي ( أو الفرنسي) سياسيا من حيث الحريات السياسية والإعلامية والديمقراطية وأضلاعها المعروفة من مثل الفصل بين السلطات وإستقلال القضاء وحرية الإعلام والتداول على السلطة بطريق الإنتخابات الحرة إلخ .. ولكنه فشل في تجربته فشلا ذريعا إذ إعتبر أن المجتمع التونسي عجينة طيعة لينة بين يديه يصنع منها ما يشاء ـ رغم أن أقدارا من ذلك كبيرة تسنت له ـ فشل بورقيبة في إدارة المعركة السياسية مع اليوسفية التي إغتال رأسها بسرعة كبيرة ودم بارد ثم فشل في إدارة المعركة ذاتها مع الزيتونيين وكان يمكنه بناء مشروعه التحديثي الإداري الدستوري العظيم معزرا بأول معلم إسلامي جامع في الأرض ( الزيتونة بعد القيروان ) فتكون له حسنة الدنيا وحسنة الدين معا ثم فشل في إدارة المعركة ذاتها مع الشيوعيين الذين عالجهم بمنطق معالجة فرنسا الرأسمالية اللبرالية للكتلة الشيوعية أيام الحرب الباردة في أعقاب الحرب العالمية الثانية حتى سقوط الشيوعية في مهدها الشرقي ثم فشل في إدارة المعركة ذاتها مع اللبراليين الذين خرجوا عليه في مؤتمر صفاقس 1975 بمناسبة إنتخابه رئيسا مدى الحياة ثم فشل في إدارة المعركة ذاتها مع النقابيين ثم مع الإسلاميين ثم مع نفسه أصلا حيث تسللت إلى قصره الثعالب الماكرة من عائلته وإرتخت قبضته وداخله الوهن ومهد بنفسه طريق الإنقلاب عليه.. 4 ــ سيئة بورقيبة بكلمة واحدة : حاول عبثا إسقاط النسق الثقافي الفرنسي سليل الحضارة اليونانية ( التي تصدى لها الإسلام في الخلافة العباسية بقوة منقطعة النظير من خلال علم الكلام ودار الحكمة والعلوم إلخ ..) والصليبية والغربية والأروبية على أرض عربية إسلامية قحة ( فتحا مبكرا جدا وقلعات علمية دعوية تشد لها الرحال : القيروان والزيتونة ).. حاول بورقيبة ذلك بعصا الثقافة من جهة وعصا البوليس من جهة أخرى فإصطدم بمعارضة شعبية صامتة في الأغلب فأفضى به ذلك إلى الزهو والخيلاء والكبر حتى حل ربقة الإسلام من مشروعه حلا شنيعا فلم يبق أمامه من خيار غير خيار تأخير الإسلام وتقديم مشروعه وغره في ذلك ما لقيه من نجاحات كبيرة معتبرة في الحقيقة إذ أن أجزاء كبيرة واسعة من النخبة في البلاد قبل ظهور الحركة الإسلامية المعاصرة ( أواخر ستينيات القرن المنصرم) لا ترى أي وصل بين الإسلام وبين الحداثة أو بين الدين وبين الدولة أو بين التقوى وبين الشأن العام والسياسي منه خاصة.. هي علاقة فصل شنيعة .. بل هي علاقة تناف وتضاد وتقابل بحسبان الإسلام من مخلفات الماضي وهو عثرة في طريق التقدم والنهضة والحرية والرخاء.. والحقيقة أن المشروع البورقيبي قام في أغلبه كما وكيفا على عصا الثقافة وليس على عصا البوليس وإنما جاءت عصا البوليس إما ضد جماعات معارضة محددة وليس ضد تيارات بأسرها كما يفعل بن علي أو كانت عصا البوليس في أواخر حياة الرجل بعدما إحتل قصره أو قل إحتل عقله الذي كان يفكر به على إمتداد ثلاثة عقود متتاليات.. 5 ــ من أكبر سيئات بورقيبة ـ وهي سيئة تابعة لا متبوعة ـ إزدراؤه للغة العربية بحسبانها لغة التخلف والإنحطاط مثلها مثل قومها في نظره. كاتب هذه السطور ـ مثلا ـ لم يدرس مادة واحدة مما يزيد عن عدد أصابع اليدين من مقررات المناهج الدراسية بغير اللغة الفرنسية عدا مادتي العربية والإنجليزية.. يمكن لك أن تعد جانبا من ذلك إيجابيا وهو فعلا كذلك من حيث بناء تعليم عصري مدني يتوافر على قدرة تنافسية عظيمة شهدت بها محافل العلم في العالم أجمع.. ولكن الجانب الآخر يرجح الكفة دون شك بسبب أن الخيار هو خيار ثقافي فكري فلسفي بالأساس وليس خيارا إجرائيا على حد تعبير رجال البيداغوجيا التعليمية. بورقيبة خارج الصراعات العربية والقومية. مما يميز بورقيبة عن كل الحكام تقريبا في دنيا العروبة والإسلام أنه لا يولي إهتماما كبيرا لقضايا الوحدة العربية أو قضية فلسطين. ينطلق من مشروعه التغريبي المتكامل بحسبان العروبة والإسلام أمرين إما أن يندمجا في الثقافة الأوربية ( الفرنسية ) إندماج ذلة وهوان وإما أن يستخدما قنطرة للعبور خدمة لرسالة المشروع البورقيبي أو هالة من هالات النفاق التي تصيب الزعماء في إخفاقاتهم.. لذلك لم تعرف لبورقيبة أعمال في القضية الفلسطينية التي سخر إعلامه لوصفها قضية الشرق الأوسط بما تلقيه الكلمة من ظلال غريبة بعيدة بعد تونس عن فلسطين.. سوى تصريحه الشهير في حيفا عام 1965 القائم على التقسيم على أساس حدود 1948 أي سياسة إزالة أثار العدوان بالتعبير الإعلامي المعاصر.. هو موقف في زمانه لم يكن سيئا لذلك يجني منه أنصار الرجل ومشروعه اليوم الذي يجنون ولكن يكفيه سوء أنه يعترف بالإحتلال ويرهن جزء من فلسطين خارج أداء الأجيال المتعاقبة ومقاومتها يوم تحين ساعة المقاومة وطرد المحتل.. بمثل ذلك كان موقفه مما سمي آنئذ وحدة جربة أي مع ليبيا وخطابه المشهور في البالماريوم مما أثمر هجوم القذافي بعد ذلك ( 1980) بعصابة قتل ضد قفصة.. مازال الرجل ومشروعه يجني كذلك من ذلك الموقف اللاوحدوي الذي يجني بسبب النظرة الجزئية الآنية للقضية.. ولكن بورقيبة بالمحصلة عينه على اللحاق بركب الأمم المتقدمة أي فرنسا ومن في حكمها ثقافة ومنهاجا.. وإنما تعرض له مثل تلك الحالات فينطلق من موقفه العقدي العام ليؤجلها بدبلوماسية عجيبة أو يسخر منها بلباقة أو عنف ولكنه كافر بكل مظهر من مظاهر الوحدة العربية فضلا عن الإسلامية ولا يستبدل قبلته الفرنسية بأي قبلة أخرى إذ لك أن تقول كذلك بإطمئنان كبير إلى أن الرجل يتمتع بوفاء عجيب لعقيدته الغربية.. وفاء قد لا تجده أحيانا في بعض خصومه من الإسلاميين أو الشيوعيين أو غيرهم.. تحت ذلك السقف كله جاء خلافه التاريخي الشهير مع عبد الناصر وليس على أساس التنافس الزعاماتي فحسب كما يحلو لبعضهم تأكيد ذلك.. المشروعان الناصري والبورقيبي على طرفي نقيض.. هل أن بورقيبة وطني؟ ما هي الوطنية؟ إذا كانت الوطنية ـ في بعض معانيها التي نحن بصددها رغم هلامية مثل هذه المصطلحات التي تشبه الجبة التي يتقصمها كل من هب ودب ـ هي حب تونس والوفاء لها وخدمتها ـ بالنسبة للتونسي طبعا ـ فإن بورقيبة وطني صميم دون ريب أبدا. بورقيبة يحب تونس ولكنه يحبها تونس فرنسية الهوى. يحب تونس ولكن يحب إقتلاعها من جذورها العربية والإسلامية وإعادة زرعها في الرحم الفرنسي. بورقيبة بذلك المعنى وطني قح ويكفيه فخرا أنه لم يستغل نفوذه بما يصنع أغلب الحكام اليوم ليملأ خزائن المصارف الأوربية لحسابه وحساب عائلته وأقربائه. بعضهم يريد التهوين من ذلك بقوله أنه يعتبر أن تونس مزرعته الخاصة فلا يفكر في فقدها يوما حتى يختلس الأموال ويحصنها في مصارف سويسرا.. ولكن ما هي أملاك بورقيبة داخل البلاد؟ لا شيء تقريبا.. وطنية بورقيبة بكلمة واحدة وطنية مزدوجة متلبسة بالخير والشر. هو وطني مخلص لبلاده دون ريب ولكنه غير مخلص لهوية بلاده. مما يزيد من وطنية بورقيبة أن عقد الإستكبار والتأله عنده عالية جدا إلى درجة أنه لا يطيق وجود حاكم إلى جانبه أو منافس شره فوق مائدته. بورقيبة من الذين لا يرضون إلا بالوحدانية التي لا يشاركه فيها أحد ولذلك تجده يجمع في نفسه بين أمرين ظاهرهما التناقض وباطنهما غير معلوم على وجه الدقة : أحدهما أنه لا يرضى بأن يشاركه في حكم تونس أحد ولو كانت فرنسا نفسها أي أمه الحنون وثانيهما أنه وفي لفرنسا ثقافة ومنهاج حياة بصورة عجيبة كأنما هو مؤسس الجمهورية الفرنسية وحامل جرثومتها في رحمه.. من حسنات بورقيبة التي لا يقدرها غير المهاجرين أو المهجرين أنه سن قانونا ينقل بموجبه التونسي إذا مات خارج بلاده دون تعقيدات إدارية ليدفن في أرض الخضراء.. حسنة تعكس الحس القومي الوطني الصارخ عند بورقيبة .. لحسنات بورقيبة الكبيرة والكثيرة نار لا تبقي لا تذر. أفضى الرجل إلى ربه سبحانه وهو بين يديه إن شاء غفر وإن شاء عذب وسبحان من لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ومن أفضى إلى ربه فلا فحولة في سبه أو شتمه إلا رأيا مخالفا يعبر عنه بالأدب الجم والتواضع .. تواضعا للموت الذي يرده كل مخلوق وتواضعا لخالق الموت الذي قضى أن كل من عليها فان.. ولكني أخشى أن تلتهم نار الثقافة الغربية التي أحرق بها بورقيبة البلاد حسناته الكبيرة والكثيرة . أخشى ذلك ولا أرجو عذاب الآخرة لبشر والله سيما ممن أفضى إلى ربه سبحانه أو من تلبست حسناته بسيئاته.. إلا موقفا واحدا لبورقيبة لا ينطلق به لساني رغم تقديري الكبير لحسنات بورقيبة الكبيرة والكثيرة .. موقف يزجرني عن الإقتراب من الحمى خشية أن يكون الحمى نارا لاظية.. هو موقف السخرية من نبي الإسلام ورسول الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام من لدن رجل عربي مسلم في الأصل حاكم لشعب عربي مسلم يستوي على عرشه بمثل ما يستوي الملك المظفر المفدى الذي دانت له الرقاب رغبا ورهبا .. يصفح صدري عن جبال من السيئات ولكنه يضيق ضيقا شديدا يجعله كمن يصعد في السماء كلما تسلل إليه همس ساخر ممن جعلته لحياتي سراجها المنير.. إلا محمدا .. إلا محمدا .. إلا محمدا .. فداك أبي وأمي يا محمد .. وصلى الله عليك وسلم.. اللهم إغفر لأموات المسلمين أجمعين. (المصدر: “الحوار.نت” (ألمانيا – محجوب في تونس) بتاريخ 12 أفريل 2010) الرابط:http://www.alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=5775  


شهادات من رحلات المنفى الحلقة  – 9 – قصة فاخر بن محمد

الطاهر العبيدي* / صحفي وكاتب تونسي مقيم بباريس taharlabidi@fre.fr يا تلك الأعوام النازفة، المنسلخة من ربيع الأعمار، يا تلك الأيام  المالحة المقتطفة من رحلة الأحزان، يا تلك اللحظات الكالحة التي تأبى الذبول والاصفرار، يا ذاك الزمن المؤجل الذي ما يزال عنوان مرحلة البحث عن الانعتاق، حيث الوجع يرفض الانخفاض، والجرح يخاصم الاندمال، والليل يأبى الأفول، والقلم ما يزال ينحت سنوات الجمر وسفر الضباب، والألم صاحيا رغم مرور الأعوام، والطريق مضنية والأفق سراب، والغربة قدر والهجر صفحات من كتاب، والبعد ألم وقطعة من عذاب، وفقدان الوطن تيه واحتراق، وفراق الأهل والأرض جرح غائر في الأعماق، والحديث في مثل هذه المواضع يستدعي من القارئ الكثير من التأمل والانتباه، لما يحكيه ” فاخر بن محمد ” بين مواجع الذكريات، ويتطلب إعراب الزمن السياسي، ورصد حروف الجرّ والعطف والضمّ ما بين السواكن والأحداث، لنروي بالقلم السائل والأوراق، قصّة رحلة المشي على سطح الكبريت الساخن، من أجل الخروج من مرحلة الكسوف، لمحاولة تدوين محنة في وزن ملحمة، تستحقّ التأمّل والوقوف.. حيث الحرية لا تحتمل التجزئة والتقسيط، تماما كالسماء لا تقبل التقسيم والانشطار، كما الكتابة خلخلة في نظام الأشياء، ولكي لا نتوه بين مفاهيم المفردات، نعود لمواصلة سماع رحلة التخفيّ والعذابات، لنلتقي ” فاخر بن محمد ” كما فارقناه في الحلقة الثامنة وهو معلقا بين حدود التماس، مهدّدا بالرجوع والعودة إلى بداية المشوار. لنستمع منه إلى فصول حكاية مخضّبة بالتعب والمفاجئات. ليسترسل في القول: حاول مضيفي الجزائري جسّ كل الطرق المؤدية إلى مدينة “عنابة “، وأخيرا وحين أيقن أن كل ألأبواب باتت موصدة أمام هذا الاتجاه، جاءني ليقترح عليّ طريق العودة من جديد إلى تونس. وبدأ في رسم خطط في اتجاه تهريب معاكس، غير أنه فوجئ بموقفي المتصلب، وإصراري على المغامرة، منتفضا على طريقة ” أمين الريحاني ”  – اليأس طريق سهل لا يسلكه إلا العاجزين – حاول مضيفي إثنائي عن موقفي، معدّدا لي مخاطر الطريق، وتناثر دوريات مصالح الأمن والتفتيش، غير أني تمسّكت برأيي، فبعد قطع كل هذه الأشواط من التعب والمصاعب والثنايا والطرق والمسافات، أعود من حيث أتيت. لأطرق طوعا أبواب السجن والمعتقلات، وسرعان ما ارتسمت أمامي حصص التعذيب وفصول الاستنطاق، وأوضاع التحقيق، ولهث أهلي بين مخافر البوليس ومحاكم التفتيش. كنت مصرّا إصرارا جعل مضيّفي يستغرب موقفي، رغم معرفته بالأذى الذي يمكن أن يلحقني إن أنا عدت لتلك الديار. كنت مستميتا في الدفاع عن رفضي لخيار العودة، مستحضرا إحدى أقوال الشهيد ” مصطفى بن بولعيد ” – حاولوا دائما، حتى ولو كانت نسبة النجاح تبدوا ضئيلة جدا، فإذا فشلتم قيل أنهم حاولوا، وفي ذلك رجولة وفخر- حين أيقن مضيّفي الجزائري أنه لا يمكنه تغيير وجهتي وتبديل قراري، خصوصا بعد أن استأذنته في السفر وحيدا، لم يجد من حل سوى مرافقتي إلى مدينة ” سوق أهراس “، التي تبعد حوالي 100 كلم عن مدينة ” عنابة “. ولعل المتابعين والقرّاء لرحلة العطش والشقاء، يعتقدون براءة أن ما ينتظرني في مدينة ” عنابة ” التي تردّدت كثيرا بين السطور، هو زورق جاهزا للنجاة أو مستقبلا يانعا يبشر بالأمن والاستقرار، أو هي نهاية الأحزان. غير أنه في الحقيقة لا شيء من كل هذه الأحلام تترقبني هناك، ولا بداية للهدوء والانطلاق، سوى أنها محطة أخرى للتشرد والبحث مجددا بين المفترقات…توكلت على الله صحبة المهرّب الجزائري وامتطينا الطريق، وكنت أثناء الرحلة صامتا، وفي الحقيقة كنت أتحاور مع صمتي، وأناقش تأوّهات سكوني لأتلمس حالي، فلا أجد أمامي سوى إنسان بلا وثائق ولا عنوان.. مواطن بلا مستقبل بلا أرض بلا  أهل بلا  وطن وبلا خلان..  مسافر يحط ويرحل في رغوة الضباب، في صدره تتمايل أحلام مؤجلة على حافة الطريق، ومواطنة مع وقف التنفيذ، ووطن يتوق لفجر جديد، وذكريات مهرّبة في دفاتر الرحيل، وآمالا مطويّة بين الرمش والجفون، وأوراق مثنيّة ما بين رفّ الذاكرة وطيّات السنون، فلكل الناس وطن يعيشون فيه، إلا نحن لنا وطن يعيش فينا…فأنا التائه الشريد والبلد بلدي ولا يصلني منها بريد…كان عزائي في هذه اللحظات الجريحة، وفي هذا السفر المتلاطم بين طيات الوحدة اللاذعة والمسافات الداكنة، التي لا يلوح منها شعاع ولا بريق، سوى قراءة بعض آيات من الذكر الحكيم، أتحصّن بها من مكاره الطريق، وبين الحين والحين  تنعشني إحدى مقولات شيخ المجاهدين ” عمر المختار ” – لئن كسر المدفع سيفي، فلن يكسر الباطل حقي – اضطربت أفكاري قليلا حين أوقفتنا دورية  مرور في إحدى المفترقات، حيث جاءنا أحد الأعوان  مكتفيا بطلب وثائق السائق وأوراق السيارة، دون إزعاج المسافرين.. واصلنا طريقنا بسلام، وواصلت السباحة بين ثنايا أحوالي، لأنتبه لما حولي، وكأني اكتشفت بعد أسبوع أني في أرض الجزائر، جزائر المليون ونصف شهيد،  جزائر – الأمير عبد القادر والشيخ أبو عمامة – ومفدي زكريا – وابن باديس – وجميلة بوحيرد – وحسيبة بن بوعلي – وديدوش مراد -والعربي المهيدي – وعلي لا بوانت – والعربي التبسي – وزيغود يوسف… وغيرهم من الكثيرين، الكثيرين الذين ساهموا في تعبيد طريق ثورة شعب، آمن أن الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس..وتراءت أمامي صور معارك الرفض والتحدّي، وتلك الأفلام الوثائقية  -معركة الجزائر – وقائع سنين الجمر- فجر المعذبين  – الليل يهاب من الشمس  – الخارجون عن القانون – حواجز الطين – العرق الأسود – السيلان… وكل تلك المشاهد التي تترجم تلقائية شعب انخرط في معركة الكرامة والتحرّر، وسرت في داخلي دماء الاعتزاز والانتساب إلى تاريخ أجدادي.. كانت الثنايا والممرّات التي تطويها سيارتنا تشبه كثيرا مناطق وطني، والأشجار والمرتفعات والحنايا ولون التربة كأنها امتداد لطبيعة بلادي… وصلنا إلى مدينة ” سوق اهراس” هذه البلدة المتربعة على أعالي الجبال، والتي كما حدثني مرافقي سميّت بهذا الاسم لأنها كانت فيما مضى غابة أسود.. قبل أن يودّعني مضيفي ليعود من حيث أتى، والذي كان ودودا وذو أخلاق عالية، ومتفهّما لوضعي إلى حد التعاطف الواضح، مشمئزا جدّا من أيّ مظهر من مظاهر الظلم والجور، أوصاني أن أنتبه وأحرص على أن أكون حذرا في تنقلاتي، ركبت سيارة أخرى متوجهة إلى مدينة ” عنابة “، وهذه المرّة كنت وحيدا أعاني حروق غربة موغلة في براكين الذات، وأصارع أحاسيس وأسئلة مكلومة حول مفهوم الوطن والمواطنة؟ والدولة العربية والنظم الرسمية؟ والقانون والاستقلال؟ والدستور والعدالة؟ والحركات المعارضة والهزائم المتتالية؟ والنكبة والإسلام السياسي؟ والعديد من العناوين التي باتت في ذهني تستدعي الإحالة إلى مختبرات الفحص وإعادة الصياغة والتشكيل…انتهت رحلتي إلى المدينة المقصودة بسلام ودون أي مفاجئات اتصلت هاتفيا بأحد الأصدقاء، الذي جاءني ليلتقيني في محطة المواصلات، ويرافقني إلى أحد البيوت، حيث وجدت مجموعة من الشباب الذين سبقوني في رحلات التخفيّ والفرار، من بلدي التي ما عاد يحلو فيه العيش والاستقرار، ولكل واحد منهم قصة وحكايات مع مخاطر الطريق، جلست هناك بعض الساعات، استمع إلى قصص عذابات هؤلاء الأصدقاء الجدد، حول سفرات التعب، ومفاجئات الرحيل.. انتبهت قبل حلول المساء أن جواز سفري قد سقط مني في سيارة التاكسي التي أوصلتني إلى مدينة عنابة، عدت إلى محطة المواصلات أبحث عن السائق علني أعثر عنده على ما ضاع مني، فتشت عنه وسألت كل زملائه في نفس المكان، فلم أجد عنه أي خبرة أو جواب.. وهنا ساورني شك لامس اليقين، بأن يكون السائق قد سلم الجواز إلى مصالح القنصلية التونسية اعتقادا تلقائيا وبريئا منه أني مسافر عادي، يمكنني أن الذهاب إلى إدارة بلدي لتسلم وثائقي، وبتّ الآن فعلا بلا هوية، بلا اسم بلا لقب بلا بلد، مجهول النسب وبلا عنوان، لا أملك سوى بطاقة تعريف مزيفة، وأصبحت مبحوثا عنه هنا وهناك ومطارد هنا وهناك… البقية في الحلقات القادمة     ملاحظة هامــــــــــــــة هذه الشهادات تنطلق من تحقيقات ميدانية حيث أحداثها وتواريخها وإبطالها حقيقيون، ولكل منهم مغامرات مثيرة مع الترحال والتخفي والسجن..طبعا مع الانتباه والتحفظ على بعض الجزئيات، اتقاء للثأر أو التتبعات ضد الذين ساعدوا أو تعاونوا في تهريب هؤلاء.. حاولت أن لا أجعل من هذا العمل شهادات سردية جافة، بل حرصت وأنا أسجّل هذه القصص أن انتبه والتقط وأتعايش مع مشاعر وأحاسيس الرواة في كل ثناياها وتشعباتها، مستخدما بعض تقنيات العمل الصحفي والأدبي، قصد التوغل قدر الإمكان فيها وتصويرها واستنطاقها، وترجمة حالات القلق التي أرصدها وأنا أسجل مرويات هذه التغريبة التونسية.  

تونس: الستاغ تتكبد خسائر هائلة بسبب التلاعب بالعدّاد الكهربائي


بقلم: م. م تتواصل عمليات التعدّي على الممتلكات العمومية باستمرار في تونس. ويبدو أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ) من أكثر المؤسسات التي تتعرّض يوميا إلى السرقة. فبعد سرقات النحاس التي كنا أظهرناها وفق معطيات دقيقة (أنظر التقرير أسفله (*) الذي نشر يوم 13 مارس الماضي)، كشف لنا هذه المرّة المكلف بإدارة توزيع الكهرباء والغاز محمد عمار عن عمليات سرقة تخصّ استهلاك الكهرباء. وتتمثل هذه السرقة في التدخّل غير الشرعي وغير المرخص فيه للعدّاد الكهربائي وكذلك للفاصل الكهربائي (Disjoncteur ). واعتبر محدّثنا أن بإمكان أي حريف القيام بهذه العملية بكل سهولة. وتفيد المؤشرات الأرقام المتوفرة في الغرض أنّ هذه الظاهرة بدأت ترتفع وتلفت الانتباه منذ سنة 2005 برفع 5 آلاف حالة و7900 حالة في 2006 و13700 في 2007 و16500 حالة في موفّى 2009 وتوازي قيمة الكهرباء غير المفوترة والتي تمّت سرقتها في السنة الماضية 12 مليون دينار. وعن دوافع لجوء الحرفاء إلى سرقة الكهرباء، أوضح محمد عمار أنّ الحريف يعمد إلى مثل هذه السرقة لتقليص استهلاكه من الكهرباء، مشيرا إلى أنّ الشركة التونسية للكهرباء والغاز ليس من الصعب عليها أن تتفطّن إلى هذه المسألة. وقال في هذا الصدد إنّ “الستاغ” تمتلك الآليات الفنية والخبرة اللازمتين لكشف مثل هذه الألاعيب، مؤكدا أنّ للشركة منظومة معلوماتية متطورة تمكن من معرفة استهلاك أكثر من 3 ملايين حريف في الشبكة الكهربائية بكامل البلاد وعند ملاحظتها أن معدّل الاستهلاك غير عادي فهي تقوم بإرسال فرق، للقيام بالمراقبة اللازمة وفحص المعدّات. وأفادنا بأنّ أغلب الزيارات الفجئية التي يتمّ القيام بها تفضي إلى كشف سرقات وتعدّي على العدّادات الكهربائية. وأضاف أن السرقات متعددة ومتنوعة، قائلا “هناك حرفاء يعمدون لإدخال قطع بلاستيكية رقيقة داخل العدّاد كي تصبح حركة الدوران بطيئة، وهناك من يقوم بتغيير الأرقام بتدخّل يدوي حتى تكون مقروئيه العداد غير مطابقة لكمية الاستهلاك، وهناك من يتعمّد بإلغاء الترصيص على العدّاد وإعادته بمجرّد معرفته لموعد رفع العدّاد من طرف عون الستاغ..”. وعلى صعيد آخر، أبرز المكلّف بإدارة توزيع الكهرباء والغاز “بالستاغ” أنّ معدّل فاتورة استهلاك الكهرباء للحريف هي 51 دينارا في الشهرين وأنّ 68% من الحرفاء معدل استهلاكهم للكهرباء أقلّ من 50 دينارا، ورغم ذلك فإن ظاهرة السرقة تفاقمت في السنوات الأخيرة، حسب قوله. وبخصوص الفئات والقطاعات والجهات التي تقوم بهذه العملية ذكر محدّثنا أن 40 بالمائة من سرقات الكهرباء تمّ تسجيلها في التجارة الصغرى (العطّارة) والمقاهي والمطاعم ودكاكين تنظيف الملابس. كما تمّ تسجيل عمليات تعدّي على العدّادات الكهربائية في بعض المستويات الثقافية المرتفعة (أطباء، وأساتذة، ومهندسين…). وتركّزت هذه الظاهرة أساسا في إقليم تونس الكبرى والساحل والجنوب الغربي وبالتحديد الجهات التي تستعمل الآبار الفلاحية. وعن العقوبات التي تسلّطها الستاغ على الحرفاء عند اكتشافها لعمليات السرقة فإنه يتمّ تسليط خطية مالية بقيمة الكهرباء المسروق. علما أنّ هذه الخطية يقع تقسيطها وفق تسهيلات في الفاتورة. واعتبر محدثّنا أن الهدف الأساسي هو استرجاع الحقّ والأموال العمومية، مشيرا إلى أن بعض الحالات تمّ عرضها على القضاء الذي أمر بأحكام وصلت إلى 4 سنوات سجن بتهمة الاعتداء على الملك العمومي. وشدّد محدثنا أن اللجوء إلى القضاء هو آخر مرحلة في التفاوض بين الحريف و”الستاغ”. وبخصوص الحلول الجديدة التي تتوخاها “الستاغ” للحدّ من هذه الظاهرة، أفاد محمد عمار أنه عند تسجيل كل عملية سرقة يتمّ آليا تغيير العدّاد الكتروني. وتبلغ قيمة هذا العدّاد حوالي 50 دينار. ويتمّ تقسطيه على كاهل الحريف وفق أقساط في فاتورة الاستهلاك. هذا وأعلن أن “الستاغ” ستشرع في المستقبل تركيز عدّادات ذكية بالإمكان التحكّم فيها عن بعد وتخوّل كشف كل تدخّل غير شرعي عليها. وصرّح في هذا الصدد أنّ الشركة بصدد القيام بالدراسات اللازمة ومن المؤمّل القيام في موفى 2010 بتجربة نموذجية في بعض الأقاليم لمراقبة هذه العدادات الذكية. كما أن هذه العدادات ستخوّل تقليص تحوّل الأعوان على عين المكان للقيام بعمليات رفع الاستهلاك وهو ما سيمكّن لاحقا من الضغط على الكلفة وتوجيه الأعوان الى مسائل أخرى.

(*) تقرير 13 مارس 2010

(المصدر: واب مانجر سنتر (إخبارية اقتصادية – تونس) بتاريخ 12 أفريل 2010) الرابط: http://ar.webmanagercenter.com  


تونس: “الستاغ” تكشف عن عمليات سرقة للنحاس بملايين الدينارات

 


بقلم: م.م “لا يمرّ يوم واحد إلا وتقع عملية سرقة النحاس على مستوى الخطوط الكهربائية المترامية الأطراف، وهي معاناة كبيرة للشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ) التي تكبدت خسائر بملايين الدينارات”، على حدّ قول محمد عمار المكلف بإدارة توزيع الكهرباء والغاز. ويقول هذا المصدر في حوار خصّنا به حول ظاهرة سرقة النحاس من (الستاغ)، والتي استفحلت في السنوات الأخيرة، إن هذه المسألة لم يعد بالإمكان السكوت عنها، باعتبار أن سرقة النحاس من الخطوط الكهربائية أصبحت تتسبّب في جزء كبير من الانقطاعات الكهربائية، التي يعتقد الحرفاء أنها تعود إلى خلل في الشبكة أو مشكل تقني ما. وتتطلب عملية إرجاع التيار الكهربائي وإصلاح الأضرار المتأتية من قطع كوابل الكهرباء، التي تحتوي على النحاس، أشغالا ما بين 3 و10 أيام، وهو ما ينجرّ عنه تعطيل لمصالح المواطنين ولسير عمل المصانع. وردّا على سؤالنا حول أسباب ارتفاع سرقة النحاس من الكوابل الكهربائية أبرز محمد عمار أنّ من أهم هذه العوامل كون أن النحاس أصبح معدنا باهظ الثمن في 5 سنوات الفارطة في خضمّ ارتفاع أسعار المعادن والمواد الأساسية في الأسواق العالمية. ووصل سعر الكلغ من النحاس في السوق المحلية حوالي 21 دينار الكلغ. أمّا الآن فهو في حدود 6 دنانير للكلغ. ورغم هذا التراجع في سعر النحاس إلا أن ظاهرة سرقته ارتفعت بشكل مذهل بتسجيل ما بين 3 و4 سرقات في الأسبوع مقابل نفس العدد في العام الواحد. وبخصوص المناطق التي تضررت كثيرا من سرقة  النحاس لاحظ محدثنا أن المؤشرات الاحصائية تفيد بأن أغلب السرقات حصلت في مناطق الشمال الغربي والجنوب الغربي وكذلك في النفيضة وفي جهات من ولاية القيروان. وأشار في هذا الإطار الى أنه تمّ تسجيل حالة سرقة النحاس في منطقة النفيضة تطلّبت 3 أيام من الإصلاح وصيانة المعدات والأعمدة لإرجاع التيار الكهربائي. وعن قيمة الخسائر التي تتكبّدها (الستاغ) من جرّاء عمليات سرقة النحاس شدّد محمد عمار أنه تمّ منذ سنة 2001 وإلى موفى 2009 سرقة 2400 كلم من النحاس أي ما يعادل 500 طن من هذه المادة بقيمة 4.7 مليون دينار. وعبّر محدثنا في هذا السياق أن قيمة المسروقات بإمكانها أن تساهم في إيصال النور الكهربائي إلى حوالي 5 آلاف مسكن في المناطق النائية والتي يصعب تنويرها، لا سيما وأن تكلفة المسكن الواحد في هذه المناطق تصل الى حوالي 5 آلاف. وأشار إثر ذلك إلى أنه في سنة 2009 فقط تمّ تسجيل أكثر من 200 سرقة ولم يقع إلقاء القبض أو الكشف إلا عن حوالي 5 سرقات فقط. وبشأن ملامح “لصوص النحاس” أوضح المكلف بإدارة توزيع الكهرباء والغاز أنهم محترفون بأتمّ معنى الكلمة ويعرفون كيف يسطون على الكوابل باعتبار أن التيار الكهربائي هو من الجهد المتوسط والمنخفض. كما أن أغلب السرقات تحصل بعد منتصف الليل حتى لا يشعر المتساكنون بانقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي، حسب رأي محمد عمار. وبسؤالنا عن مقاومة هذه الظاهرة والتقليص منها صرّح المتحدث أن (الستاغ) تعمل على مضاعفة المراقبة، وطالب بأن تواكب التشريعات هذه الظاهرة من منطلق أنها تمثّل اعتداء على الملك العمومي وبها ضرر بمصالح المواطنين ومصالح (الستاغ). (المصدر: واب مانجر سنتر (إخبارية اقتصادية – تونس) بتاريخ 12 أفريل 2010) الرابط: http://ar.webmanagercenter.com  


جريمة فظيعة في ألمانيا (خطأ من “الصباح”: بل في سويسرا) تونسي يشد وثاق زوجته ويذبحها داخل غرفة النوم  

شهدت خلال الأسبوع الفارط مدينة فرايبورغ جريمة قتل فظيعة هزت الرأي العام الألماني (خطأ: السويسري) وتمثلت في إقدام كهل تونسي في الثالثة والأربعين من عمره على تخريب جسد زوجته بسلسلة من الطعنات قبل أن يذبحها من الوريد إلى الوريد ثم أغلق باب الشقة واصطحب طفليه إلى مركز الشرطة وأشعر الأعوان بجريمته. لم يصدق المحققون في البداية رواية الرجل وظلوا واجمين أمام اعترافاته ظنا منهم أنه مريض نفسي ولكن في النهاية قرروا التحول على عين المكان حيث كانت المفاجأة في انتظارهم… رائحة الموت منتشرة بين أرجاء الشقة الكائنة بعمارة بحي شونبارغ… جثة مشوهة بالدماء، ملقاة على فراش بغرفة النوم… أشعر الأعوان في الحين السلط القضائية فتحولت على عين المكان وأجرت المعاينة الموطنية قبل ان يتمّ رفع جثة الضحية ونقلها إلى المركز الجامعي روماند للطب الشرعي لفحصها وتحديد أسباب الوفاة. وقالت وسائل الإعلام الألمانية (خطأ: السويسرية) نقلا عن حاكم التحقيق المكلف بالبحث في ملابسات الجريمة أن الجثة كانت تحمل آثار اعتداء خاصة في الرقبة والعنق وأن الأبحاث متواصلة لمعرفة ما جرى. وفي ذات السياق أفاد حارس العمارة في تصريحاته لصحيفة محلية ان جثة الهالكة كانت مقيدة اليدين وتحمل جرحا غائرا في العنق بينما اكدت إحدى الجارات أن الضحية كانت ملقاة على سريرها بغرفة نومها ومذبوحة. خلافات وتهديدات وحسب ذات المصدر فإن الزوجين التونسيين كان يعيشان على وقع الخلافات والمشاكل رغم إنجابهما لطفلين (9 سنوات و11 سنة) وهو ما دفع بالسلط الأمنية للتدخل في ثلاث مناسبات خلال الشتاء الفارط قبل أن تهدد الزوجة بفراق بعلها إلى الأبد والحصول على الطلاق. هذه التهديدات أشعلت نار الغيرة لدى الزوج العاشق لشريكة حياته وتداخلت سيناريوهات نهاية «العِشرة» بينه وبين أمّ طفليه فقرّر في لحظات التخلص منها إلى الأبد حتى لا تكون لغيره. قيّدها من يديها وذبحها وفي مساء أحد أيام الأسبوع الفارط عاد المشتبه به إلى شقته فعثر على طفليه نائمين بغرفتهما فعرج على غرفة نومه ليلمح زوجته نائمة، حينها سيطرت عليه جملة من الهواجس ووسوس له الشيطان بارتكاب جُرم في أقرب الناس إليه فجلب سكينا ثمّ قام بمفاجأة الضحية وشدّ يديها إلى الخلف بواسطة قطعة ملابس ثمّ سدّد لها سلسلة من الطعنات في الرقبة ليحدث لها جرحا غائرا في العُنق، وحين تأكد من هلاكها، يرجّح أنه قضى ليلته في هدوء تام باعتباره لم يعلم عن الجريمة إلاّ في حدود الساعة الثانية و35 دقيقة من بعد ظهر اليوم الموالي. الصحف الألمانية (خطأ: السويسرية) أشارت أيضا إلى ان حاكم التحقيق قرّر قبل مواصلة الأبحاث عرض الزوج على الفحص الطبي للتأكد من سلامة مداركه العقلية بينما أودع الطفلان بأحد المراكز الاجتماعية. صابر المكشر (المصدر: “الصباح ألأسبوعي” (أسبوعية – تونس) بتاريخ 12 أفريل 2010)

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة السلام على أشرف المسلمين
الرسالة 750 على موقع الأنترنات التاريخ الوطني المجيد
بقلم محمد العروسي الهاني مناضل و كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلامي

الحلقة 7 :  الذاكرة الوطنية تروي التاريخ يوما بيوم و مرحلة بمرحلة


أواصل على بركة الله تعالى كتابة التاريخ المعاصر الذي هو جزء من حياتنا و من تراثنا المجيد و من مكاسبنا الوطنية. و التاريخ جزء هام من الشخصية التونسية.. و المحافظة عليه أمانة في أعناقنا.. و علينا التعمق في دراسته و الاستفادة منه ككل امة في الدنيا.   كما نشرت في مقالاتي السابقة لها أمجاد و تاريخ و بطولات و انتصارات و كفاح مجيد ونضال من اجل الكرامة و استرجاع السيادة المسلوبة.. و شعبنا في تونس ناضل و كافح من اجل الكرامة و الأنفة و العزة و استرجاع السيادة و الحرية.. بعد احتلال دام 75 سنة.. احتل الأرض و استغل خيراته..ا وسلب و نهب خيرات البلاد.. و اهان الشعب.. وطغى و تجبر.. و تجاوز حدوده و دوره.. و كان غليظا لا يعرف المعاملة الإنسانية بين البشر.   و الحمد لله في القرن العشرين و بداية من عام1919  استيقظت الضمائر و تفتحت العقول بنور العلم و المعرفة.. و بدا العمل السياسي و النضالي.. سواء عن طريق المناضل النقابي محمد علي الحامي رحمه الله تعالى.. أو عن طريق الشيخ عبد العزيز الثعالبي و رفاقه رحمهم الله.. و كل حسب إمكانياته..   حتى وهب الله رجال في مستوى الأمانة التاريخية.. و الفهم الصحيح للخصم و لدور النضال و الجهاد و الكفاح و الصبر و التجلد.. و معرفة الخصم  معرفة دقيقة و عرفوا تاريخه..   وكانت هذه الفترة بدأت في 2 مارس 1934 بمناسبة اجتماع الأحرار الدستوريين الذين طالبوا بعقد مؤتمر خارق للعادة بمدينة قصر هلال. و تم عقد المؤتمر الخارق للعادة يوم 2 مارس 1934 . و انتخب نخبة من خيرة أبناء الوطن و من أصحاب المواهب و المستوى الثقافي العالي..  الطبيب والمحامي و الأستاذ..   وهم الدكتور محمود الماطري, الحبيب بورقيبة ,الطاهر صفر, البحري قيقة و محمد بورقيبة.. و تكون الديوان السياسي للحزب الجديد من هؤلاء النخبة العليا .. و جاء النصر على أيديهم..   و هذه مراحل النضال الذي واصلها الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله و جسمها و سهر على وضع أسس البناء حجرة بحجرة حتى اكتمل البناء  الشامخ.   شهر نوفمبر 1958   يوم 1 نوفبر 1958 :   بمناسبة الذكرى الرابعة لاندلاع الثورة الجزائرية عقد الديوان السياسي و المنظمات القومية اجتماعا بقاعة البالماريوم اعرابا عن التضامن الفعال مع الشعب الجزائري المكافح من اجل حريته و استقلاله و لتوطيد اركان السلم في المغرب العربي.   يوم 2 نوفمبر 1958 :   عادت الجيوش الفرنسية بالجزائر الى الاعتداء على التراب الوطني.   يوم 3 نوفمبر 1958 :   دشن فخامة الرئيس البنك المركزي التونسي و اعلن بصفة رسمية عن صدور الدينار التونسي ابتداء من ذلك اليوم و احلاله محل الفرنك الفرنسي. 7 نوفمبر 1958 :   القى فخامة الرئيس في اطارات الامة خطابا وضح فيه اهداف المعركة الاقتصادية و شروط نجاحها فقال: (و للمنظمات القومية المسؤولية الكبرى في هذه المعركة التي لا تنتهي مدى الحياة, فعليها ان تبتعد عن التمسك بمصلحة طبقة دون طبقة و تعمل في تكتل ووحدة من اجل مصلحة الامة باكملها و ليكن شعارنا دائما العمل المتواصل و مضاعفة الانتاج و لتكن امة رئيس دولتها ووزرائها و عمالها و تجارها و فلاحوها وموظفوها يعملون جميعهم تحت شعار واحد يدفعهم حماس الشعب الى مضاعفة الانتاج… و لكن الانتاج لا يكفي بل ينبغي ان نحسن التصرف في توزيعه و استغلاله لصالح الشعب كما يجب ان نستغل الحماس الشعبي لا لاغراض توسعية او حب الهيمنة بل لتوفير حياة كريمة يشعر فيها كل فرد بفرحة الحياة.)   يوم 11 نوفمبر 1958 :   عقد فخامة الرئيس اجتماعا باعضاء الديوان السياسي درست اثنائه الحالة السياسية العامة و موضوع اقناء السلاح الازم لتجهيز الجيش الوطني على اساس حرية الاختيار و الشراء.   يوم 12 نوفمبر 1958 :   تراس فخامة الرئيس مجلس كتاب الدولة للنظر في قضية السلاح.   13 نوفمبر1958 :   اعلن فخامة الرئيس في خطاب اعتناق تونس لمبدا عدم الانحياز و قرار الحكومة بشراء الاسلحة من اسبانيا و يوغسلافيا وتشيكوزلوفاكيا بعد فشل مساعي اقتنائها من امريكا و بريطانيا.   16 نوفمبر 1958 :   اشرف فخامة الرئيس و اعضاء الديوان السياسي على العيد الاول للشجرة و اقيمت مهرجانات مماثلة في مختلف انحاء الجمهورية اشرف عليها اعضاء الديوان السياسي و المسؤولون الحزبيون.   22 نوفمبر 1958 :   شرع فخامة الرئيس في جولة تفقدية عبر الجنوب فكانت اول مرحلة نزل بها هي صفاقس.   و في قابس القى خطابا طويلا قال فيه: (ان عدم الانحياز هو اساس سياسة تونس و ان الساح اللازم لتزويد جيشنا سياتي قبل نهاية السنة ستكون لجيشنا وحدات برية و جوية و بحرية قبل العيد الثالث للاستقلال).  ووزع فخامة الرئيس في هذه الزيارة الاراضي على المقاومين و منح عدة اوسمة تقديرية لهم و لضباط الجيش الوطني.   24 نوفمبر 1958 :   خطب فخامة الرئيس في حامة قابس فدعا اهلها الى العمل الانشائي لاحياء الاراضي الشاسعة البور لرفع المستوى الاقتصادي.   25 نوفمبر 1958 :   واصل فخامة الرئيس رحلته الى الجنوب فزار مطماطة وبشر اهلها بان بنايات عصرية ستقوم مقام (الجحور) التي كانوا يقيمون بها.   26 نوفمبر 1958 :   التقى فخامة الرئيس باهالي مارث التي كانت معقلا للجيوش الفرنسية بالجنوب و القى فيهم خطابا جاء فيه ( لقد شرعنا في التفاوض بشان بنزرت و نحن احرار في رفض كل ما يمس يسيادة تونس او يعطل حرية الاختيار)   27 نوفمبر 1958 :   كان لقاء الرئيس مع اهالي جربة الذين قدموا له مفتاحا من ذهب عربونا على ولائهم و اخلاصهم و اعترافهم بالجميل و قد اجابهم فخامة الرئيس بقوله ( انه مفتاح القلوب لا مفتاح الجزيرة)   28 نوفمبر 1958 :   افتتح السيد الرشيد ادريس كاتب الدولة للبريد و البرق و الهاتف الحملة القومية للادخار.   29 نوفمبر 1958 :   واصل فخامة الرئيس رحلته الى الجنوب بزيارة المطوية و بشر اهاليها باسترجاع الاراضي الشاسعة الخصبة من ايدي الشركات الاستعمارية لتوزيعها على المواطنين.   غايتنا الازدهار   ديسمبر   2 ديسمبر 1958 :   حمل خطاب فخامة الرئيس في جرجيس بشرى لاهلها حيث اعلن عن قرب بناء 100 فسقية لجمع المياه و 340 دارا و مساهمة الدولة بقدر 30 في المائة في تفجير الابار و منح 120 دينارا لكل من اراد بناء مسكن جديد.   4 ديسمبر 1958 :   بشر فخامة الرئيس سكان جزيرة البيبان عند زيارته لهم ببناء مساكن و اعداد البرامج لاستغلال خيرات البحر بطرق ناجعة.   8 ديسمبر 1958 :   كانت زيارة الرئيس لمدينة تطاوين و هناك قال فخامته (التعبئة العامة لصد رمال الصحراء فرض على جميع افراد الامة.   و في نفس اليوم افتتحت باكرا ندوة الشعوب الافريقية بحضور وفد يمثل الحزب الحر الدستوري.   9 ديسمبر 1958 :   كانت زيارة فخامة الرئيس الى رمادة و هناك القى في المواطنين خطابا طويلا ذكر فيه بمعركة رمادة ووادي الدكزك التي صمد فيها جيشنا الوطني الفتي امام جحافل الجيش الاستعماري و استطاع ان ينتصر عليه.   11 ديسمبر 1958:    توقف فخامة الرئيس في طريق عودته الى العاصمة بصفاقس حيث استقبل استقبالا رائعا. و نوه فخامته بمواطني الجنوب و استعدادهم لرد كل عدوان و اكد عزم الحكومة على استعادة فورسان و استرجاع أراضي المعمرين و دعا فرنسا إلى تفهم حقوق تونس المشروعة و مجارات مقتضيات العصر.   12 ديسمبر 1958 :   انهت ندوة الشعوب الافريقية باكرا اشغالها بالمصادفة على عدة لوائح و توصيات اهمها القرار الخاص بتأييد طلب الجزائر استقلالها.   20 ديسمبر 1958  :   عاد فخامة الرئيس الى العاصمة من رحلته الميمونة التي قام بها الى الجنوب.   27 ديسمبر 1958 :   تراس فخامة الرئيس اجتماعا للديوان السياسي و قد صدر اثر هذا الاجتماع الاذن باستدعاء المؤتمر القومي للحزب يوم 2 مارس 1959 بسوسة.   الاطارات البشرية   جانفي 1959   15 جانفي 1959 :   قال فخامة الرئيس في خطابه الاسبوعي (نحن سائرون بدون توقف الى الامام للظفر بحرية الاختيار و التعامل على قدم المساواة مع الدول الاجنبية بما فيها فرنسا)   16 جانفي 1959 :   عقد الديوان السياسي اجتماعا برئاسة فخامة الرئيس بحث أثنائه دور الحزب و مهمة الاطارات الحزبية و التعبئة للمعركة الاقتصادية.   20 جانفي 1959 :   تراس فخامة الرئيس اجتماع المجلس القومي للتخطيط. و قد قرر المجلس احداث شركة قومية للتمويل و اتخاذ الاجراات الكفيلة بتسهيل الاعتمادات و القروض اللازمة لتشجيع التصنيع في البلاد و تشجيع بعث المشاريع الاقتصادية. و قد اهتم المجلس ايضا بضرورة تكوين الاطارات الفنية الازمة في جميع الميادين الاقتصادية.   29 جانفي 1959 :   اعلن فخامة الرئيس في خطابه الاسبوعي عن استخدام صناديق الادخار و المنح العائلية و التقاعد و التامين لتمويل المشاريع الانشائية كما اعلن قرار العمال بالمساهمة في تكوين رؤوس الاموال من اجورهم و عن احداث الخدمة المدنية للشباب على غرار الخدمة العسكرية.   30 جانفي 1950 :   افتتحت لجنة النهوض الاجنماعي التابعة للجنة التنسيق الحزبي بولاية تونس و الاحواز دروسا لتكوين الاطارات الدستورية.   31 جانفي 1959 :   دشن فخامة الرئيس ثلاثة مراكز لرعاية الطفولة و عبر عن امله في انتشارها داخل الجمهورية ذاكرا ان ما شاهده هو انموذج يجب ان ينسج على منواله.   1 فيفري 1959 :   افتتحت في سوسة الحملة القومية لمقاومة الامراض الصدرية.   5 فيفري 1959:    اعلن فخامة الرئيس عن استرجاع مركز فورسان بالجنوب و قال ان حدودنا تمتد الى قرعة الهامل شرقا و ان لتونس نصيبها الطبيعي من الصحراء الكبرى.   17 فيفري 1959 :   اخترق الطيران الفرنسي حدودنا بجهة نفطة و القى  قنابله على الاهالي فاستشهد من بينهم اربعة و جرح ثمانية. في اليوم نفسه قال الرئيس في ندوة صحافية (ان تونس مستعدة للتنازل عن قادة بنزرت لفرنسا اذا استجابت لرغبة الجزائر في الاستقلال)   18 فيفري 1959 :   اجتمع فخامة الرئيس بقادة الاتحاد العام التونسي للشغل و شرح لهم مسؤوليات العمال في المعركة الكبرى الرامية الى الخروج بالامة من التخلف الى حياة كريمة مزدهرة.   25 فيفري 1959 :   اجتمع فخامته باطارات الاتحاد القومي للمزارعين التونسيين و حدثهم عن ضرورة الاتصال المباشر من طرف الاتحاد بالفلاحين لتثقيفهم و ازالة التفكير القديم و اقناعهم بالتجاه الى الزراعات التي تعود بالنفع العميم على الامة جمعاء.     مؤتمر النصر بسوسة   مارس 1959     2 مارس 1959 :   افتتح فخامة الرئيس المؤتمر القومي السادس للحزب مؤتمر النصر و هو المؤتمر الاول الذي ينعقد بعد حصول تونس على الاستقلال التام في يوم الذكرى الخامسة و العشرين لمؤتمر قصر هلال الذي اسس فيه الحزب الحر الدستوري الجديد.   و القى المجاهد الاكبر في جلسة الافتتاح خطابا منهجيا طويلا استهله بالحديث عن تاريخ الحركة الوطنية و المراحل التي مر بها  كفاح الحزب طوال خمسة و عشرين عاما اوصلت الشعب الى نيل حريته و استكمال سيادته.   و قد اسهب فخامته في الحديث عن الخطط و البرامج التي سلكها الحزب طوال سنوات الكفاح و كيف كانت هذه البرامج و الخطط تتكيف مع الظروف و الملابسات و المواقف التي كان يتخذها الخصم. و حلل سياسة الحزب في الداخل و الخارج.   5 مارس 1959 :   انهى المؤتمر اشغاله بعد جلسات تواصلت اربعة ايام و صادق على ثلاث لوائح (لائحة عامة, لائحة تصفية الاستعمار, لائحة الجزائر). كما صادق على مجموعة من التوصيات في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و السياسة و العامة.   و سجلت الائحة العامة تنفيذ مقررات مؤتمر صفاقس و المجالس الملية التي تبعثه و تجاوزها الى الاهداف القومية و اشادت بما حققته الحكومة الوطنية المستقلة من تجسيم سيادة الدولة في الخارج و الداخل و رحبت بالمراحل التي قطعتها في تطوير النظم الاجتماعية و الاقتصادية و القانونية بما يتماشى مع حاجيات الشعب.   و قد طالبت التوصيات:   في الميادين العامة: باتخاذ جميع التدابير الكفيلة لاحكام النظام الجمهوري و تركيزه و السهر عليه بتدعيم الوعي القومي و غرس روح الدستور في نفوس المواطنين بضرورة تخليص البلاد من بقية القيود و مخلفات الاستعمار.   في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية: توفير الدخل القومي و ذلك بمواصلة الاصلاح الزراعي بتوسيع نطاق التجارب الجارية في مختلف نواحي الانتاج الفلاحي بتوفير مشاركة الشعب في الاشغال التمهيدية لاصلاح الاراضي في الميدان الصناعي .   دعا المؤتمر الى مضاعفة انتاج المنشات الصناعية الموجودة و الى تشجيع بعث مشاريع صناعية جديدة.   مشروع الشعبة الدستورية   اوصى المؤتمر كافة التشكيلات الحزبية بان تعبىء كل القوى المادية و الادبية للخدمة الوطنية و ان تساهم بصفة فعالة في الانجاز السريع للمشاريع و المنشات في النطاق المحلي و الجهوي.   كما اوصى بالقيام بمشروع سنوي على الاقل في دائرة امكانيات الشعبة او مندوبية الحزب. و قد طالبت التوصية الخاصة بالطارات بمضاعفة الجهود لتوفير الامكانيات البشرية القادرة للنهوض بالاقتصاد القومي. و طالبت التوصية الخاصة بالشؤون الصحية بمضاعفة العناية بالبوادي و الارياف و توفير اسباب الوقاية و نشر التربية الصحية.   اما التوصية الخاصة بالشؤون الحزبية فقد رجت الديوان السياسي ان يختار مندوبيه في الولايات من بين اعضاء المجلس الملي للمنتخبين و ان يعين لجان التنسيق من بين افراد هيئات الشعب و ان يسعى لتنسيق العمل بصفة عملية خاصة بين اطارات الدولة و الحزب في النهوض الاجتماعي و التوجيه و الشباب مااستطاع الى ذلك سبيلا حتى تتم الفائدة المرجوة من هذا الانسجام.   ميثاق الحزب   و صدر عن المؤتمر ميثاق الحزب الحر الدستوري التونسي و هذا نصه:   “بسم الله الرحمان الرحيم   نحن اعضاء المؤتمر القومي للحزب الحر الدستوري التونسي المجتمعيين بمدينة سوسة في 2-3-4-5-6 مارس 1959 الشاعرين بمسؤولياتنا بوصفنا الممثلين لقوى البناء و التشييد . نسجل ان حزب الامة العتيد الحزب الحر الدستوري التونسي الذي بعثه المجاهد الاكبر الزعيم الحبيب بورقيبة بعثا جديدا في مؤتمر قصر هلال المنعقد في 2 مارس 1934 قد قطع مرحلة حاسمة في سبيل تحقيق رسالته التاريخية فوحد الشعب وغرس في النفوس الوعي القومي وروح الكفاح ونظم الصفوف وقاد معارك التحرير ضد السيطرة الاستعمارية وأجهزتها السياسية والعسكرية وجابه المحن في استماتة وثبات حتى انتصر الشعب واسترد سيادته الكاملة يوم حقق الحزب بزعامة الحبيب بورقية الاستقلال التام في 20 مارس 1956.   ونسجل أن الحزب أثناء السنوات الثلاث الأخيرة التي اضطلع فيها بأعباء الحكم في البلاد و قد تمكن من تجسيم السيادة التونسية وتركيز الاستقلال في الداخل والخارج كما تمكن من ارجاع السيادة للشعب فأعلن النظام الجمهوري وأقر للمواطن حقوقه وواجباته وللنظام دواليبه في دستور يضمن للشعب الديمقراطية السياسية والعدالة الاجتماعية وبذلك توفرت للشعب أسباب العزة والحياة الكريمة، وتبوأت تونس مكانها اللائق بين الدول.   ونصرح أن رسالة الحزب لم تنتهي بعد بل أنها تتواصل وتتجدد في خدمة الوطن وبعث قوى البناء والتشييد.   ونعلن أن الحزب الحر الدستوري التونسي حزب شعبي منبثق من صميم الشعب يعمل على  احترام ارادة الشعب والمحافظة على حرية الوطن واستقلاله ورعاية النظام الجمهوري وتركيز حياة ديمقراطية صحيحة تحدد فيها الواجبات وتضمن للأفراد التمتع بالحقوق والحريات العامة.   ونعتبر أن مهمة الحزب تكتسي في هاته الفترة التاريخية الحاسمة أهمية بالغة الخطورة وتتطلب مواصلة المجهودات لتخليص البلاد من القيود المجحفة وتصفية الوضع من رواسب الاستعمار ومخلفاته ولتسخير جميع القوى الشعبية الواعية وتعبئة كل الإمكانيات الفعالة توفيرا لأسباب النمو الاقتصادي والازدهار وذلك بتوخي اسمى القيم ومسايرة روح التقدم والتطور.   وإنا لمدركون لأسباب التخلف ونتائجه في ميداني الاجتماع والاقتصاد، ومؤمنون بضرورة بعث ثقافة قومية أصيلة وجيل سليم، ومجمعون على تأكد تطهير الإقتصاد من عوامل العقم والفوضى بإحكام التصميم الوطني وما يقتضيه من اصلاح للزراعة والنهوض بالتصنيع وتوفير الشغل على أساس مجهود جماعي عتيد وتضحيات مشتركة غايتها سعادة الانسان أولا وبالذات.   ونعتبر أن وجود الاستعمار وصمة في جبين الانسانية، وان تماديه على كبت الشعوب واستغلالها يهدد السلم والحرية، ويشكل عاملا أساسيا في تخلف جزء كبير من البشرية.   لذا نحن المؤمنين بحق الشعوب في الحرية والاستقلال نعلن عزمنا على مواصلة نأييدنا الفعال للحركات التحررية ومساندتنا للتعاون الدولي الحر.   ونعلن عزمنا على تحقيق أماني شعوب المغرب العربي في الوحدة والاستقلال.   وإن الحزب الدستوري التونسي ليعتمد في بلوغ هاته الغايات السامية على طاقة الشعب، وعلى حماس الشباب التونسي بالخصوص الذي يجد في رسالة حزبه المتجددة ما يحقق طموحه ويفتح المجال للعمل الانشائي. ”   6 مارس 1959:   قام فخامة الرئيس بزيارة إلى قصر هلال تخليدا لذكرى مؤتمر البعث الذي انعقد في الثاني من مارس 1934 وتتويجا لإختتام مؤتمر النصر.   وقد ألقى فخامته في مواطني المدينة خطابا مذكرا فيه بالظروف التي انعقد فيها مؤتمر قصر هلال والنتائج التي وصل إليها والتي كانت نقطة انطلاق للمعركة التي خاضها الحزب لتحرير بلادنا.   17 مارس 1959 :   عقد الديوان السياسي اجتماعا عاما في قاعة البالماريوم تضامنا مع الشعوب الإفريقية المكافحة من أجل استقلالها وحريتها. 27 مارس 1959  :   عقد أعضاء الديوان السياسي للحزب اجتماعا برئاسة المجاهد الأكبر تم أثناءه توزيع المهام الحزبية على الأعضاء على هذا النحو :   الحبيب بورقيبة     رئيس الحزب الباهي الأدغم        الأمين العام الطيب المهيري      مساعد الأمين العام عبد المجيد شاكر    مدير الحزب أحمد التليلي          أمين مال   الأعضاء : المنجي سليم، جلولي فارس، الصادق المقدم، الهادي نويرة، أحمد المستيري، الرشيد ادريس، الطيب سليم، محمد المصمودي، الفرجاني بن الحاج عمار، الحبيب عاشور.   شحذ الهمم   أفريل 1959   22 أفريل 1959   :   دشن فخامة الرئيس مستوصف الطاهر صفر بحي السيدة المنوبية وقد أقامت هذا المستوصف شعبة فرحات حشاد الدستورية.   23 أفريل 1959   :   وجه فخامة الرئيس في خطابه الأسبوعي نداء إلى الشعب ليخوض بعزم وثبات معركة التحرر الإقتصادي ويقبل علي جميع التضحيات في سبيل تحقيق الغاية السامية التي نرمي إليها جميعا وهي الخروج بالوطن من التخلف وتحقيق الازدهار والتفتح. وحذر فخامته الشعب من النتائج السيئة التي يمكن أن تلم به إذا هو لم يقدم بصفة مباشرة وفعالة على المساهمة في المشاريع الاقتصادية التي تنجزها الدولة لفائدته.   ماي 1959   3 ماي 1959:   افتتح فخامة الرئيس الندوة المغربية الأولى لأمراض العيون بدار الشغالين وتحدث عن سياسة الحكومة في ميدان مقاومة أمراض العيون ثم قال :   ]… ان الجهود التي تقوم بها الحكومة ما هي إلا حلقات يتواصل فيها إشعاع أجدادنا أعلام مدرسة القيروان التي نشرت في العالم نور معارفها القيمة الجليلة … [. 7 ماي 1959:   عالج المجاهد الأكبر في بيانه الأسبوعي مسألة تصفية الأراضي الدولية والخدمة المدنية. ونادي بضرورة خلق شعور جديد عميق في نفوس المواطنين جميعا يبعثهم على الحماسة لمقاومة الفاقة والعاهات الاجتماعية والتخلف الاقتصادي حسب توجيهات الحكومة والمسؤولين في الحزب.   وصدر في نفس اليوم قانون أحداث اللجنة العليا لاملاك الدولة الفلاحية.   10 ماي 1959:   دعا الديوان السياسي مندوبيه في مختلف جهات الجمهورية إلى حضور سلسلة من الاجتماعات استغرقت ثلاثة أيام بسط أثناءها بعض أعضاء الديوان السياسي المسائل المتعلقة بالمالية والنظام الداخلي للحزب والمسائل الخاصة بالانتخابات التشريعية والمعركة الاقتصادية.   الأسبقية في الاختيار   14 ماي 1959:   واصل فخامة الرئيس في خطابه الأسبوعي شرح الأسس الأولوية التي تقوم عليها المعركة الإقتصادية ودعا إلى الزيادة في الانتاج وتوفير أسباب النجاح في جميع المشاريع الاقتصادية. وألح على ضرورة خضوع هذه المشاريع لقواعد التخطيط لمراعاة الأسبقية في الاختيار بين المشاريع.   وأوضح المجاهد الأكبر أن الاختيار الحقيقي يرمي إلى عدم احداث تضارب بين جهود الحكومة من ناحية وجهود الشعب، أي إلى جعل الانسجام تاما وقارا بينهما وا ما يحتمه التخطيط الذي يقرر بعد درس دقيق الحاجيات الأكيدة للبلاد في مختلف الميادين.   وتحدث عن أصناف المشاريع الاقتصادية التي يمكن انجازها في بلدانا وضبطها في أربعة فروع : المشاريع الكبرى وتشرف عليها غالبا الحكومة لأنها عسيرة الانجاز وتتطلب اعتمادات كبيرة. المشاريع الجهوية تتولى انجازها الولايات لأنها تتجه لمعالجة مشاكل جهوية.   إلى اللقاء بحول الله في حلقة قادمة     عاشت تونس المجد و الخلود و الأنفة قال الله تعالى : (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) صدق الله العظيم     قال الله تعالى: و لله العزة ولرسوله و للمؤمنين صدق الله العظيم    محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في الشأن الوطني والعربي                                           و الإسلامي                                           22.022.354 

مظاهرات حاشدة ردا على طرد مؤيدي البرادعي.. والأمن عزل المنطقة آلاف المصريين حاصروا السفارة الكويتية وطالبوا باغلاقها


4/12/2010 القاهرة ـ ‘القدس العربي’ من حسام أبوطالب: شهد حي الدقي بوسط القاهرة امس حصاراً أمنياً واسعاً هو الأول من نوعه في تاريخ سكان ميدان فيني الذي يقطنه الأثرياء حيث السفارة الكويتية والتي لفتها عناصر الشرطة من كل الجوانب. ومنعت الشرطة مئات النسوة اللواتي سعين للزحف على السفارة الكويتية من أجل التنديد بقرار الحكومة في الكويت بطرد ثلاثين مصرياً بسبب تعاطفهم مع محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية لللطاقة الذرية. وبالرغم من الحصار إلا ان العديد من الناشطات اللواتي ينتمين لحركة كفاية وعدد من القوى الوطنية الاخرى نجحن في الإقتراب من السفارة وأمطروا المسؤولين بها بالعديد من الهتافات التي تندد بالمسؤولين الكويتيين والمصريين بسبب القمع الذي يتعرض له أنصار البرادعي هناك. واتهمت المتظاهرات السلطات الكويتية بالتآمر مع النظام المصري بسبب تقويض مساعي المعارضة الرامية لكسر احتكار النظام للسلطة مدى الحياة وقد حاصرت قوات الأمن ترافقها عشرات المصفحات والحواجز الحديدية مبنى السفارة الكويتية بحي الدقى بالجيزة وحولته لثكنة عسكرية لمنع النشطاء السياسيين والحقوقيين من لقاء السفير الكويتي لتسليمه مذكرة احتجاج على قيام أجهزة أمن الكويت الخميس الماضي باعتقال 30 مصريا أيدوا دعوة الدكتور محمد البرادعي للتغيير ، وترحيل 17 منهم وصلوا أمس الجمعة للقاهرة ، فيما يتبقى 13 مواطنا مصريا رهن الاعتقال هناك . واعتدت عناصر الأمن على عدد من الناشطين والناشطات بالضرب ومنهم جميلة إسماعيل ، وكريمة الحفناوي القيادية بحركة كفاية. ووقع الإعتداءعند بعض الحواجز الحديدية المجاورة لمبنى السفارة الكويتية أثناء محاولة المشاركات فك الحاجز الأمني الحديدي للوصول لمبنى السفارة لتسليم مذكرة الاحتجاج . وفي تصريحات خاصة لـ’القدس العربي’ أشارت جميلة إسماعيل الى إن سلوك السلطات معنا كان شديد السوء حيث سعت للبطش والتنكيل وترويع المتواجدين من الفتيات والشباب الذين جاؤوا من أجل التنديد بماساة المصريين في الكويت’. في الوقت نفسه قام عدد من الضباط بالاعتداء على الزميل أحمد جمعة ، مصور ‘الدستور’ أثناء محاولته التقاط صور لحصار الأمن لمبنى السفارة الكويتية. ومن المثير للدهشة أن المشاركين والمشاركات إستخدموا نفس الهتافات التي لطالما أستخدمت على مدار سنوات ماضية ضد السفير الإسرائيلي وهم يهتفون ضد السفير الكويتي. ومن ابرز الهتافات التي رددها المتظاهرون أمام الحاجز الحديدي ‘أول مطلب للجماهير قفل سفارة وطرد سفي .. يا إما عايزين تبرير’، ‘الصحافة فين الإرهاب أهه’ ، و’عسكر ليه.. خايفين من الكلمة الحرة ليه’، ‘عسكر عسكر ليه .. إحنا في سجن ولا إيه’، ورغم كل المحاولات التي قام بها النشطاء والناشطات لفك الحاجز الحديدي للوصول للسفارة إلا أنها باءت بالفشل بعد تشديد الحصار عليهم . وفي تصريحات خاصة لـ’القدس العربي’ أكدت القيادية في كفاية كريمة الحفناوي أن أحداث اليومين السابقين كشفت بجلاء عن وجود تعاون بلا حدود بين الديكتاتوريات العربية، فهاهم المواطنون المصريون يطردون من بلد عربي بدون جريرة ولا تهمة إلا إعلان التأييد للمطلب العادل المتمثل في ضرورة الإقدام على إصلاح دستوري. وأكد الدكتور نبيل القط، شقيق وليد نصر القط أحد المعتقلين المصريين بالكويت ممن لم يتم ترحيلهم بعد، أن أسرة المعتقل في حالة إنهيار تام بسبب إعتقال ابنهم. أضاف أن سبب حضوره محاولة لمعرفة أي معلومات عن شقيقه الذى ألقي القبض علية أثناء عمله دون معرفة أي معلومات أخرى عنه، ونفى تلقيه أي اتصالات من السلطات المصرية أو الجهات الكويتيه لطمأنته على شقيقه، حيث قال لم تتصل بنا أية جهة سوى المنظمات الحقوقية ولا نعرف أية معلومات عن شقيقه الذي اعتقل من داخل عمله كمحامٍ بإحدى الشركات في الكويت. الجدير بالذكر أن برلمانيين كويتيين أعربوا عن غضبهم من قرار ترحيل المعارضين المصريين، ودعا النائب الكويتي الدكتور وليد الطبطبائي وزارة الداخلية الى عدم اتخاذ اجراءات مبالغ فيها بحق بعض الوافدين المصريين ممن اعلنوا عن مواقف سياسية مثل مساندة ترشيح الدكتور محمد البرادعي او مطالبات الاصلاح السياسي في مصر، وقال ان ما قاموا به لا يمثل خرقا للقوانين الكويتية ولا يستحق اعتقالهم او ترحيلهم. وأشار الطبطبائي الى ان علاقات دولة الكويت بمصر الشقيقة هي علاقات دول وشعوب قبل ان تكون علاقة حكومات ببعضها، وان الحرص على حسن العلاقات مع الحكومات الشقيقة لا يكون على حساب حقوق الانسان. وأعرب نفس النائب عن مخاوفه من أن يسفر ترحيل المتعاطفين مع البرادعي إلى القاهرة عن اعتقالهم هناك فور تسليمهم للسلطات المصرية مما قد يخل بحقوقهم الانسانية، ويعرضهم للمخاطر كما انه يلحق الاذى المعنوي والمادي الشديد بعائلاتهم المقيمة معهم في الكويت. وقال انه اذا كانت الحكومة الكويتية ترى ان ما قاموا به يثير الحساسيات حول علاقاتها مع القاهرة فانه كان يكفي اخذ تعهدات من هؤلاء بعدم تكرار التجمع او اثارة مواضيع خلافية مصرية في الاراضي الكويتية. من جانبه نفى السفير الكويتي بالقاهرة أن تكون هناك مؤامرة على العمالة المصرية في الكويت، مشدداً على انهم في وطنهم وأنهم محل تقدير بالغ من قبل الكويتيين حكومة وشعباً. وأشار في تصريحات صحافية امس الى ان التقارير التي اشارت إلى وجود تنسيق بين الحكومتين المصرية والكويتية لا اساس لها لها من الصحة، معرباً عن أسفه لنشر تلك الأخبار لكونها تسيء للبلدين الشقيقين. وحول الأنباء التي ترددت عن رفضه لقاء معارضين مصريين أمس تجمعوا للتنديد بموقف بلاده قال السفير ‘لقد بقيت في مكتبي أنتظر حضور أعضاء الوفد لكن أحداً لم يحضر حتى منتصف اليوم’. وحول ماجرى في الكويت قال إن ما حدث أن مجموعة من المصريين حاولوا التجمع بدون الحصول على التراخيص اللازمة لإقامة تجمعات، فتم تطبيق القانون عليهم، خاصة وأن القانون الكويتي لا يسمح بإقامة مثل هذه التجمعات إلا بعد الحصول على تصريح بذلك، دون تفرقة بين المواطنين الكويتيين والأجانب. وقال الحمد إن المصريين ممن تم ترحيلهم تم التعامل معهم وفقا لقانون الإقامة الذي تمت مخالفته من جانبهم، مشيرا إلى أنه لم تكن هناك أي دوافع سياسية وراء التعامل القانوني مع المصريين، في ظل تمسك الدولة الكويتية بتطبيق القانون على المخالفين أيا كانت جنسياتهم. غير أن رموزا في المعارضة المصرية رفضت مزاعم السفير الكويتي عن عدم وجود تنسيق بين الحكومتين ضد المتعاطفين مع البرادعي، وشدد عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق على وجود التنسيق بالفعل في العديد من المواقف. واشار إلى أن من يروج لعكس ذلك عليه أن يقدم الأدلة على ما يزعمه. وفي سياق متصل اشار مصدر دبلوماسي الى إنه صدرت تعليمات من وزارة الخارجية للسفارة المصرية فى الكويت لإجراء الاتصالات اللازمة مع المسؤولين بالكويت للتعرف على الأسباب والملابسات التي دفعت السلطات هناك لترحيل المصريين. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 أفريل  2010)

لجنة السياسات كانت تطمح لإستثماره في الترويج للنظام إستقالة شيخ الأزهر من الحزب الحاكم.. وارتياح بالغ بين قوى المعارضة للقرار


4/12/2010 القاهرة ـ ‘القدس العربي’ من حسام ابو طالب: سادت أمس حالة من الفرح بين رجال الدين وسائر القوى الوطنية خاصة تلك التي تنتمي للمعارضة على اثر موافقة الرئيس المصري حسني مبارك بصفته رئيسا للحزب الوطني على الاستقالة التي تقدم له بها د.أحمد الطيب شيخ الأزهر من عضوية المكتب السياسي بالحزب الوطني. ونسبت مصادر داخل المشيخة للطيب فور علمه بموافقة مبارك على استقالته من الحزب قوله ‘الحمد لله أن هيأني للتفرغ للدعوة ولخدمة الاسلام وأهله وتلك أسمى المهام التي بوسع أي عالم دين أن يقوم بها’. وكانت التقارير التي تسربت من مشيخة الأزهر قد أشارت إلى’أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب سيتقدم باستقالته من الحزب الوطني عقب تماثل الرئيس مبارك للشفاء وذلك بعد أن طلبت منه قيادات نافذة داخل الحزب الحاكم ذلك بعد توليه منصب شيخ الأزهر، حتى لا تتعارض هذه العضوية مع دعوة الحزب للفصل بين الدين والسياسة، وبين المؤسسات الدينية والسياسية. وقد قاد العديد من الكتاب فضلاً عن نشطاء ورموز في قوى المعارضة المختلفة حملة مكثفة فور تولي شيخ الأزهر منصبه حيث طالبوه بالانسحاب من الأمانة العامة للسياسات التي يرأسها جمال مبارك حتى لايتم استخدامه في خدمة المآرب السياسية التي يريدها أصدقاء جمال وفي مقدمتها الحصول على فتوى من قمة المؤسسة الدينية تبيح لمبارك الإبن الصعود الى عرش والده خلال المرحلة المقبلة وعلمت ‘القدس العربي’ أن الشيخ الطيب تنفس الصعداء على إثر قبول الرئيس استقالته وذلك من أجل رفع الحرج الذي يلاحقه أينما حل. ويريد الطيب أن يتفرغ لشؤون المشيخة والتي يرى أنها تحتاج لأضعاف وقته قيام الطيب بتقديم استقالته جاء بناء على طلب الحزب نفسه، لكن إرجاء الاستقالة سببه غياب الرئيس مبارك، بعد العملية الجراحية التي أجراها في ألمانيا. وفي تصريحات خاصة لـ’القدس العربي’ اشار الشيخ سيد عسكر النائب بالبرلمان عن الإخوان المسلمين إلى أن تلك الخطوة التي تمت أمس صححت الكثير من الأخطاء ومن شأنها أن تحافظ على مكانة الشيخ الطيب في أوساط رجال الدين وبين الجماهير. ودعا عسكر الطيب لأن يقوم بما يمليه عليه ضميره وألا يهتم بشراء ود السلطة مشدداً على أن المكانة السامية التي يشغلها ينبغي ان تدفع به لأن يكون هو الآمر الناهي وليس مأموراً. وأعرب الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر عن سعادته بتلك الخطوة التي قام بها الشيخ الطيب، مشدداً على أن الجماهير تنتظر منه الكثير خلال المرحلة المقبلة اضاف الأطرش بـ’ان المكانة التي يتبوأها الشيخ أسمى وأعلى بكثير من أي مكانة من نوعها يتبوأها أهل السياسة في مصر والعالم العربي والأسلامي. وثارت تكهنات عن ان حالة من الضيق عمت أعضاء في الحزب الحاكم كانوا ينظرون لوجود الطيب بينهم باعتباره تجميلا وتطهيرا لصورة الحزب الملطخة بالفساد الكراهية بين المواطنين. وفي هذا السياق اشار النائب بالبرلمان عن حزب الوفد محمد عبد العليم إلى أن قرار الطيب جيد ومحل تقدير الشارع وبالرغم من ان النظام سوف يسعى لاستثمار القرار باعتبار أنه لايستخدم الدين لخدمة مصالحه السياسة إلا أن قيادات الحزب كانت تطمح لو بقي الطيب في موقعه من أجل الترويج لمزاعم من نوعية أن الحزب الحاكم يحتوي على كوكبة من رموز المجتمع بمن فيهم رجال الدين. يذكر أن عضوية الطيب بالمكتب السياسي للحزب الوطني مضى عليها أكثر من عامين وطالبته الجماهير بتقديم استقالته من الحزب، بعد اختياره لمنصب شيخ الأزهر، خاصة أن هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها شيخ الأزهر عضوا في الحزب الحاكم. غير أن معلومات أخرى تقول بأن العديد من رجال الدين التابعين للمؤسسة الرسمية كانوا أعضاء في الحزب ومن بينهم الفقيد الراحل محمد سيد طنطاوي. وتشير بعض الأنباء الى أنه كان يحمل تلك العضوية منذ أكثر من عقدين. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 أفريل  2010)

أردوغان على خطى السلطان سليم الأول


جمال أحمد أبو ريدة تطلع العثمانيون لأول مرة في تاريخهم الحديث للمنطقة العربية في عهد السلطان سليم الأول وذلك في العام 1516م، ويتحدث المؤرخون عن أسباب عديدة دفعت السلطان المذكور للتطلع إلى المنطقة العربية أهمها 1 ـ انتهاء العثمانيين من فتح القارة الأوروبية. 2 ـ قطع الطريق على الإيرانيين من الوصول إلى المنطقة العربية في ظل التنافس المحموم الذي كان بين البلدين. وسهلت الظروف السياسية التي كانت تمر بها المنطقة العربية في تحقيق العثمانيين لأحلامهم بالوصول إلى تطلعاتهم، كان أهمها تدهور أوضاع الدولة المملوكية في أواخر حكمها الذي استمر للمنطقة العربية ما يقارب الـ 300عام، وجاءت معركة مرج دابق بالقرب من مدينة حلب السورية والتي هزم فيها المماليك شر هزيمة أمام الأتراك في العام 1516م، إيذانا بانتهاء الحكم المملوكي للمنطقة العربية إلى الأبد. وتتشابه الظروف السياسية للمنطقة العربية اليوم إلى حد كبير، مع الظروف السياسية التي مرت بها في العهد المملوكي، فالمنطقة العربية اليوم هي محط أطماع وتطلعات الكثير من الدول، وذلك نتيجة للفراغ السياسي الناتج عن التمزق السياسي للأمة العربية، فحال العرب اليوم كم أسلفنا يتشابه إلى حد ما مع حال المماليك في أواخر عهدهم حيث الانقسامات السياسية، والخلافات الداخلية، والصراع على السلطة والنفوذ، والقائمة في هذا المجال تطول، حيث أصبحت أي محاولة عملية للم الشمل العربي غير ممكنة إن لم تكن مستحيلة، مع أن الواقعية السياسية، والمصلحة العربية العليا تقتضي أن يتناسى العرب خلافاتهم الداخلية وأن يوحدوا كلمتهم، وذلك لعظم التحديات الخارجية التي تهدد حاضرهم ومستقبلهم، ولعل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والأمريكي للعراق، يكفي لتوضيح حجم المخاطر الجمة التي تهدد الكيان السياسي العربي. إن التوجه التركي للمنطقة العربية اليوم جاء بعدما غاب الأتراك عن المنطقة العربية ما يقارب المئة عام، وتحديدا منذ نهاية الحرب العالمية الأولى في العام 1918م، وظلت الحكومات التركية المتعاقبة منذ ذلك التاريخ وإلى وقت قريب، تلهث خلف الانضمام للاتحاد الأوروبي رغبة في تحقيق حلم كمال آتاتورك، بأن تكون تركيا دولة علمانية، وجزء من القارة الأوروبية، ولكن الأوروبيين رغم وعودهم بضم تركيا للاتحاد الأوروبي إلا أنهم لم ينسوا أن تركيا في يوم من الأيام كانت دار الخلافة الإسلامية، حيث تم رفض طلب تركيا في نهاية المطاف بالانضمام للإتحاد. إن عودة تركيا للمنطقة العربية، وتحديدا في عهد أرودغان ينبغي أن تلقى آذانا صاغية من العرب جميعا، وذلك لخطورة التحديات التي تتعرض لها الأمة العربية وتحديدا الاحتلال الإسرائيلي، والذي لم يكتف باحتلال فلسطين، وإنما يرفض حتى التسويات السياسية الموقعة معه، والتي تعيد للفلسطينيين جزء من حقوقهم، كما أنه بات يهدد الأمن القومي العربي، فالاقتراب التركي- العربي يمكن أن يحقق إلى حد ما نوع من التوازن السياسي والعسكري في المنطقة العربية، يخدم مصالح الطرفين في مواجهة التغول المتزايد لدولة الاحتلال الإسرائيلي. إن تركيا بإمكاناتها السياسية والاقتصادية- حيث تحتل اليوم المرتبة 17 اقتصاديا في العالم- يمكن أن تغير كثيرا في توازنات القوى في المنطقة العربية، ويبدو بأن تركيا أكثر فهما لمستقبل وأهمية علاقاتها مع العرب من فهم العرب لتركيا، فالأخيرة اليوم تدافع عن القضايا السياسية العربية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية استشعارا بالدور الذي يريده الرأي العام العربي من تركيا، لتتأهل لقيادة العالم العربي والإسلامي، ولقد مهدت هذه المواقف القوية من القضية الفلسطينية الطريق أمام الأتراك ليكونوا أكثر قبولا في الشارع العربي أكثر من أي وقت مضى. إن العرب جمعيا مطالبين بتسهيل عودة الدور التركي لمنطقة العربية، ومطالبين أيضا بعدم الوقوف موقف المتفرج من هدا التقارب، فاليد الواحدة لا تصفق، فمنظومة العلاقات السياسية تتميز أكثر ما تتميز بالتغير بحثا عن المصالح، فهل يدرك العرب طبيعة التغيرات السياسية التي تمر بهم؟ ‘ باحث ومتخصص في التاريخ الإسلامي
 
(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 أفريل  2010)

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

10 mai 2008

Home – Accueil     TUNISNEWS 9 ème année, N°  2909 du 10.05.2008  archives : www.tunisnews.net AISPP: Procès du 9 mai

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.