الأربعاء، 7 يونيو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2207 du 07.06.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بـيــــــان رويترز: متهم في تفجير معبد يهودي بجربة التونسية ينكر التهم الموجهة اليه رويترز: السجن 20 عاما لمتهم في تفجير معبد يهودي بجزيرة جربة التونسية نداء عالمي: على الرئيس التونسي أن يعتذر للمسلمين الشباب الديمقراطي التقدّمي : إيقاف المناضل الطلاّبي زياد الراجحي منصف المرزوقي: تهنئة بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس حركة النهضة القدس العربي : المحامون العرب يشجبون توقيف ناشطين لحقوق الإنسان في تونس اقصى برس: على اثر اعتصام مجموعة من المعطلين عن العمل السلطة تلتجئ الى الحلول الامنية الديمقراطي التقدمي: مكتب سياسي موسع للحزب الديمقراطي التقدمي: إشارة الانطلاق لإعداد المؤتمر الموقف: تململ في القطاع الصحي العمومي الموقف: قصيبــة المديونـــي: كارثة بيئية غير مسبوقة الشروق:حادث قابس: المسؤول والمقاول أمام التحقيق  « حقائق »: بلحسن الطرابلسي أحسن رجل أعمال  محمد العربي التونسي: العجمي الوريمي (هيثم) من أقدم مساجين تونس في عهدي الاستعمار والاستقلال مختار العيدودي: نداء الى كل الشرفاء أ.نورالدين الخميري: وا أسفاه على شعب لا ينتفض لدينه وعرضه !!! الحبيب أبو وليد المكني: تسييس قضية الحجاب المنجي الفطناسي: لماذا العودة بثمن بخس؟ عبدالحميد العدّاسي  : همسة خفيفة جدّا جابر القفصي: أبو يعرب في منتدى الجاحظ الهوية من منظور الحضارة الإسلامية في عصر العولمة الشروق: محترفو ترويج الإشاعات: مغالطات وافتراءات بالجملة الصباح: عبد السلام حاج قاسم: تحالف الأضداد… أراجيف ملغومة « حقائق »: الإنسان في الإسلام » لعبد الوهاب بوحديبة : تـجـلّيات الإنسيّة فـي الثقافة الإسلاميّة « حقائق »: المفكر والباحث الاجتماعي عبد الوهاب بوحديبة: «لا تناقض بين الإسلام والحريّة» « حقائق »: الشباب والسياسيّة: لمـاذا يدخلــونها ولمـاذا يهجـــرونها؟ « حقائق »:الأستاذ منصف ونّاس، دكتور في علم الاجتماع: يجب التفكير في ظاهرة عزوف الشباب عن العمل السياسي د. أحمد القديدي: أوروبا مدينة للعرب بتحريرها من النازية صلاح الدين الجورشي: نحو أرضية مشتركة للمجددين العرب والمسلمين محمد صادق الحسيني: الطريق الثالث بين الحرب والسلام


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

أنقذوا حياة محمد عبو أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين   الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف : 71 340 860 الفاكس : 71 351 831            تونس في 7/6/2006   بـيـــــــــــان  
مثل صبيحة هذا اليوم 7/6/2006 السيد بلقاسم الشريف نوار الموقوف بتهمة المشاركة في ارتكاب حادثة معبد الغريبة بجربة في شهر أفريل لسنة 2002 أمام الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي طارق ابراهم و ذلك لمقاضاته من أجل تهم المشاركة في عصابة مفسدين بقصد تحضير وارتكاب الاعتداء على الأشخاص و الأملاك والمشاركة في تعمد إعدام و إفساد ممتلكات الغير الواقع بواسطة آلة انفجارية المتسبب عنه موت إنسان والمشاركة في قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية الإضمار والمشاركة في صنع ومسك مواد متفجرة بدون ترخيص قانوني، و بعد المناداة على القضية تدخل لسان الدفاع و لفت نظر المحكمة أن ملف القضية لا يتضمن كافة محاضر الابحاث المنجزة اذ وقع سحب محضر استنطاق أجراه قاضي التحقيق بحضور قضاة ألمان بحضور العميد الأستاذ البشير الصيد وأنكر خلاله المتهم التهم الموجهة إليه ، و هو محضر له أهمية باعتبار انه في صالح المتهم وحجبه وعدم تقديمه لهيئة المحكمة التي ستبت في الملف يمثل انحيازا مفضوحا ورغبة في إدانة مسبقة للمتهم و هضمالحقوق الدفاع ومساسا بحقوق المتهم الشرعية، إلا أن رئيس  الدائرة رفضت الاستجابة لطلب لسان الدفاع دون حتى استشارة بقية أعضاء هيئة  المحكمة ،  مما اجبر لسان الدفاع على إعلان انسحابه ورغم ذلك أصرت المحكمة على مواصلة النظر في القضية دون تسخير محام للدفاع عن المتهم في خرق واضح لاحكام الفصل 141 من م ا ج.

و بعد ذلك وقع استنطاق المتهم و محاكمته في مدة قياسية و بسرعة البرق إذ لم تتجاوز مدة المحاكمة عشرون دقيقة على أقصى تقدير و ذلك رغم خطورة التهم والتي يمكن أن يصل الحكم فيها إلى الإعدام علما وان هاته القضية شهدت عديد الخروقات القانونية بحثا وتحقيقا مما جعل شروط المحاكم العادلة منعدمة تماما  . و نذكر على سبيل الذكر :

– تعرض المتهم إلى أبشع أنواع التعذيب بشكل أدى إلى إصابته بعديد الأضرار البدنية و الامتناع عن معالجته رغم حالته الصحية المتدهورة . – الاحتفاظ بالمتهم أثناء البحث من طرف الشرطة مدة ستة عشرة يوما رغم أن القانون يحدد مدة الاحتفاظ بستة أيام على أقصى تقدير . –  إبقاء المتهم رهن الإيقاف التحفظي مدة حوالي أربع سنوات رغم أن القانون يحدد مدة الإيقاف التحفظي بأربعة عشرة شهرا على أقصى تقدير . –  حرمان المتهم  مدة تزيد عن السنتين و النصف من الاستعانة بمحام أثناء استنطاقه من طرف السيد حاكم التحقيق و قد وقع استنطاقه دون حضور محام رغم إصراره على تمكينه من الاستعانة بمحام ، و لم يتمكن المحامون طيلة مدة البحث و التحقيق من الاطلاع على الملف و الدفاع عن منوبهم . – الاعتقال التعسفي لكافة أفراد عائلة منفذ العملية بما في ذلك جميع أشقاء المنوب     – محاكمة المتهم في غياب المحامين رغم وجوبية انابة المحامي في المادة الجزائية –                 وضع المتهم في زنزانة انفرادية و في عزلة تامة عن العالم الخارجي مدة تفوق الثلاث سنوات . –                 – تهميش دور المحامين ومنعهم من أداء واجبهم في مختلف مراحل القضية . – سحب محضر بحث من ملف القضية أنكر فيه المتهم التهم المنسوبة إليه . و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : –       تعتبر محاكمة السيد بلقاسم الشريف نوار محاكمة غير عادلة و لم تتوفر فيها أبسط الضمانات القانونية للمتهم . –       تطلب فتح تحقيق جدي حول التعذيب الذي مورس على السيد نوار و متابعة المسؤولين عنه . –          – تطالب بتوفير الضمانات القانونية اللازمة للسيد نوار و تمكينه من تقديم كل وسائل دفاعه كتمكين المحامين من أداء واجبهم في الدفاع عنه .

رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري  


متهم في تفجير معبد يهودي بجربة التونسية ينكر التهم الموجهة اليه

تونس 7 يوينو (رويترز) -انكر متهم في تفجير انتحاري دموي لمعبد يهودي بجزيرة جربة التونسية خلف 21 قتيلا التهم المنسوبة اليه يوم الاربعاء في جلسة شهدت انسحاب محاميه احتجاجا على رفض القاضي تأجيل الحكم. وقال القاضي طارق ابراهم ان بلقاسم نوار وهو المتهم الوحيد في تفجير معبد الغريبة بجربة في ابريل نيسان 2002 انكر التهم المنسوبة اليه. ولم يتسن للحضور الاستماع لشهادة المتهم الذي تحدث مع القاضي بصوت منخفض. ووجهت لبلقاسم نوار تهم بالمشاركة في قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية الاضمار والمشاركة في صنع ومسك مواد متفجرة بدون ترخيص قانوني..والتحضير للقيام بالاعتداء على اشخاص وأملاك حسب محاميه. وعقوبة بعض التهم الموجهة الى نوار قد تصل الى الاعدام. وبلقاسم نوار (45 عاما) هو عم نزار نوار المهاجم الذي اقتحم بسيارة صهريج محملة بغاز الطهي معبدا يهوديا بمنتجع جربة السياحي في ابريل نيسان عام 2002 ليقتل 21 شخصا اغلبهم المان. وانسحب محامو الدفاع من جلسة المحاكمة يوم الاربعاء احتجاجا على عدم تمكينهم من تأخير الحكم وعدم اعتماد محضر استنطاق وقعه المتهم بحضور قضاة المان وانكر فيه التهم المنسوبة اليه. وقال المحامي سمير بن عمر لرويترز « انسحبنا لان ليس هناك مبرر لعدم اعتماد هذا المحضر المهم في تفاصيل القضية ثم ان ملف القضية كبير ومعقد ويستوجب وقتا وهو مارفضه القاضي ». وينتظر ان يصدر حكم مساء الاربعاء أو في ساعة متأخرة. وقال بن عمر محامي نوار  » نطلب له اللطف من الله ». وشاركت المانيا في التحقيق في هذا الهجوم.   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 7 جوان 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


السجن 20 عاما لمتهم في تفجير معبد يهودي بجزيرة جربة التونسية

 

تونس (رويترز) – قالت مصادر قضائية يوم الاربعاء ان محكمة تونسية قضت بسجن متهم بالتخطيط لهجوم انتحاري دموي على معبد يهودي بجزيرة جربة التونسية عام 2002 أوقع 21 قتيلا لمدة 20 عاما. واضافت المصادر انه بعد المفاوضات « قضت المحكمة بثبوت ادانة المتهم فيما نسب اليه وسجنه من اجل ذلك مدة 20 عاما ووضعه تحت المراقبة الادارية لمدة خمس سنوات من اجل المشاركة في التفجير الحاصل امام معبد الغريبة بجربة. » وبلقاسم نوار (45 عاما) هو عم نزار نوار المهاجم الذي اقتحم بسيارة صهريح محملة بغاز الطهي معبد يهودي بمنتجع جربة السياحي في ابريل نيسان عام 2002 ليقتل 21 شخصا اغلبهم المان. ووجهت لبلقاسم نوار تهمة المشاركة في قتل نفس بشرية عمدا والمشاركة في صنع وحيازة مواد متفجرة بدون ترخيص قانوني والتحضير للقيام بالاعتداء على اشخاص واملاك حسب محاميه. وانكر المتهم خلال جلسة المحاكمة التهم المنسوبة له. وشهدت الجلسة انسحاب محامي الدفاع احتجاجا على عدم تمكينهم من تأخير الحكم وعدم اعتماد محضر استجواب وقعه المتهم بحضور قضاة المان انكر فيه التهم المنسوبة اليه. لكن مصادر قضائية قالت ان « المحكمة رأت ان تأجيل النظر في القضية مجددا فيه مساس بمصلحة المتهم الشرعية خاصة انه يوجد بحالة ايقاف. » ووصف سمير بن عمر محامي المتهم الحكم بانه « قاس » وقال انه « لا توجد اي ادلة ملموسة عن تورطه وسنلجأ للاستئناف. »   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 7 جوان 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 


بسم الله الرحمان الرحيم

نداء عالمي: على الرئيس التونسي أن يعتذر للمسلمين

على الرئيس التونسي أن يعتذر للمسلمين عن فضيحة سجن برج الرومي والمتمثلة في تدنيس المصحف الشريف من قبل مدير هذا السجن الواقع بجهة بنزرت ٭ بعد أبو غريب بالعراق و غواتنامو بكوبا القرآن يداس في تونس . ٭ وزراء الداخلية العرب ينددون بالرسوم من تونس، وفي تونس يداس القرآن الكريم . ٭ فضيحة برج الرومي وصمة عار على جبين النظام القائم ما لم يعتذر للمسلمين عنها، والاحتجاج عليها فرض عين على كل مسلم ومسلمة من جاكرتا إلى طنجة. ٭ لنجعل من يوم الجمعة القادم يوم احتجاج عالمي على فضيحة برج الرومي نحن الموقعون أدناه من المسلمين من مشارق الارض ومغاربها، وبعد أن علمنا بالاعتداء على كتاب الله العزيز بسجن برج الرومي بتونس من طرف مدير السجن وبعض أعوانه، ونظرا لخطورة الفعل الدنيء الذي أقبل عليه هذا الضابط ومساعدوه واستخفافهم بمشاعر أكثر من مليار مسلم في أقدس مقدساتهم، فإننا : أولا ـ نطالب الرئيس التونسي نفسه بالاعتذار الفوري للمسلمين كافة عن هذا الفعل الشنيع و الجريمة البشعة المقترفة في حق القرآن الكريم. ثانيا ـــ نطالب بإقالة ومحاكمة علنية وشفافة لمدير سجن برج الرومي وأعوانه الذين شاركوا في هذا الجرم الشنيع . ثالثا ــ نعتبر أن ما وقع في سجن برج الرومي مصيبة أعظم وطئة على الضمير الجمعي للأمة من الرسوم المسيئة للرسول الكريم، ومن ما وقع من تدنيس للمصحف في غوانتنامو وسجن أبوغريب، لأن تلك الاعتداءات صدرت عن غير المسلمين وفضيحة برج الرومي تقع في دولة مسلمة ومقترفوها من موظفي تلك الدولة. رابعا ــ ندعو كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وفي مقدمتهم علمائها ونخبها الفكرية والجمعوية والحزبية إلى التحرك فورا للاحتجاج المدني والميداني على بشاعة الجريمة المقترفة في حق أقدس مقدسات الأمة. خامسا ــ ندعو المجمع العالمي لعلماء المسلمين أن يدعو إلى يوم عالمي للاحتجاج الشعبي على تدنيس المصحف الشريف بسجن برج الرومي امضاءات أولية:  

ـ نور الدين ختروشي
ـ مرسل الكسيبي :اعلامي وناشط حقوقي
ـ عبد العزيز شمــــام / فرنسا
ـ عماد الدايمي مهندس وناشط بارز في المؤتمر من أجل الجمهورية.
ـ الطاهر بوبحري / فرنسا
ـ عبد الناصر نايت ليمان / سويسرا
ـ ابراهيم العموري / السويد
ـ عبد الحميد العداسي  ـ اداري / الدنمارك
ـ عبد الباقي خليفة ـ صحافي
ـ طاهر قيلاي / سويسرا
ـ دهيبي محسن / فرنسا
ـ منجي مدب ـ مهندس / تونس
ـ مراد علـــي ـ ايمان عبد الحميد العداسي ـ طالبة / الدنمارك
ـ أحمد الورغمي ـ محمد جريبي ـ اقتصادي / سويسرا
ـ عمر القناص / فلسطين
ـ طاهر بوسافة ـ علي شرطاني ـ ناشط حقوقي / تونس
ـ بوشام حميد ـ عادل مفتاح ـ محمد علي بتبوت / سويسرا
ـ محمد عمــري ـ عبد الحميد الحمدي ـ عضو المجلس الاسلامي الدنماركي / الدنمارك
ـ  عبد الحفيظ خميري ـ مدير مجلة أجيال / فرنسا
ـ حمزة تريكي
ـ زهير لطيف ـ صحافي
ـ عادل نهدي / سويسرا ـ سيف بن سالم ـ تقني في الاعلاميات / فرنسا
ـ فتحي نصري ـ محامي وحقوقي تونسي …………………….. …………………….. …………………….. للتوقيع على النداء الرجاء المراسلة على العنان التالي scandale_borjerroumi@yahoo.fr
(المصدر: مجلة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 7 جوان 2006)


 

لجنة الإعلام للشباب الديمقراطي التقدّمي – مكتب اقليم تونس

إيقاف المناضل الطلاّبي زياد الراجحي

تمّ هذه الليلة ايقاف المناضل الطلاّبي زياد الراجحي (مُجاز في الرياضيّات) وهو عضو في « اتّحاد أصحاب الشهائد العليا المُعطّلين عن العمل »، وحسب المعلومات المتوفّرة حاليًا تمّ ايقاف زياد في تونس العاصمة واقتياده عنوة الى منطقة الأمن بباب البحر (المعروفة بالدائرة السابعة)..وهو الى حدّ ساعة متأخرّة لايزال رهن الإعتقال..   ويأتي هذا الإيقاف على خلفيّة التحرّك الذي دعت اليه الجمعيّة المذكورة يوم الإثنين 05 جوان الجاري أمام وزارة التشغيل ، حيث اعتصم عشرات من الطلبة وأصحاب الشهائد العاطلين عن العمل ببهو الوزاة.. للمطالبة بإيجاد حلول حقيقيّة لمشكلة بطالة المتخرّجين ..فقامت قوّات الأمن بإجلائهم بالقوّة عن المكان واعتقلت 14 مناضلاً ومناضلة أطلقت سراحهم بعد ساعات.   لجنة الإعلام (الشباب الديمقراطي التقدّمي – مكتب اقليم تونس)   (المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 6 جوان 2006)


تهنئة بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس حركة النهضة

  الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوة أعضاء الحركة في المنافي والسجن الكبير وسجونه العديدة

يسعدني باسم رفاقي في المؤتمر من أجل الجمهورية وباسمي الخاص، أن أتقدم لكم جميعا بأحر التهاني وأطيب التمنيات بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس حركتكم المناضلة .   تيقنوا أننا نشاطركم الفرحة ولو أنها مشوبة بشيء من الحزن على الشهداء والأسرى والعائلات المنكوبة منذ أكثر من عقد … خاصة في ظل تدهور الأوضاع في وطننا العزيز في هذه الأيام .   لا جدال أن النهضة -وقبلها الاتجاه الإسلامي- تلعب في تونس وفي الوطن العربي دورا بالغ الأهمية منذ نشأتها وهي تقدم نموذج حركة إسلامية لم تجعل من تجذرها في مرجعيتها الإسلامية سببا لمعاداة قيم حقوق الإنسان ،وتقنية في الحكم هي الديمقراطية ، أنضجتها للأسف ظروف تاريخية خارج عالمنا العربي الإسلامي المنكوب بالاستبداد.   لكن الأمر العظيم كان ولا زال » اطلب العلم ولو في الصين »، ومن ثمة وفقتم دنيا ودينا منذ البداية في طلب خبرة الآخرين والاستفادة منها . لقد كان خياركم إدماج حقوق الإنسان والديمقراطية وكذلك التمسك بالوسائل السلمية لفرض البديل، ضربة حظ لتونس التي تفادت بمثل هذا الخيار الحكيم الانزلاق نحو عنف كان الدكتاتور يريد جركم إليه ليكتسب صفة محارب « الإرهاب ».   وقد مكن هذا الخيار أيضا من رمي الجسور بينكم وبين الديمقراطيين العلمانيين العروبيين وحتى مع جزء من مناضلي اليسار مما يعطي لتونس إمكانية جادة في تحقيق نظام سياسي وفاقي يجمع بين الديمقراطية وحقوق الإنسان وقيم العروبة والإسلام .   إلا أنه لا يخفى عليكم أن النضال ضد نظام العصابات المدعوم بإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا وبريطانيا تحديدا، دخل في أخطر مراحله.   فهذا النظام التي تثبت الأيام أنه غير قادر إلا على الإمعان في غيه وفساده ،مقرّ العزم أكثر من أي وقت مضى على خنق كل الأنفاس لتتواصل نفس السياسة المجرمة من إذلال المواطن وتضييع استقلال الوطن ومصادرة الدولة لصالح عصابات حق عام وفرض الصمت على المجتمع أمام تدهور ظروفه المعيشية. وهو، بمثل هذا العجز التام عن كل نفس إصلاحي أو عن التوجه لنخب البلاد بنية المصالحة والبحث عن حلول مقبولة للجميع، يضع كل المعارضين أمام تحدي مصيري . فإما يكون ولا نكون أو نكون ولا يكون . لقد جاءت الأحداث الأخيرة لتثبت للجميع أن أنصاف الحلول والأماني الكاذبة والأوهام المعسولة لم تعد إلا غطاء على التخاذل ورفض مواجهة ما يتطلبه الوضع.   إن تونس بحاجة اليوم لجبهة سياسية لا هدف لها ،وهذا بصريح العبارة ، غير نهاية نظام الفساد والتزييف والقمع مهمتها حشد قوى الشعب المقموع وتنظيم المقاومة السلمية إلى نهاية الدكتاتورية لنبني معا على أنقاضها الدولة الجمهورية والمجتمع الديمقراطي الحر المتجذر في هويته العربية الإسلامية.   إنه خيارنا في المؤتمر وأملنا كبير أن تلتقي عليه كل القوى الفاعلة دون وصاية أو إقصاء لنكون جميعا في مستوى التحديات .وسواء التقينا عليه أم لم نتلق فسنبقى أبناء الوطن الواحد المتواجدين في نفس الخندق ضد عدو واحد تفرقنا أشياء وتجمع بيننا أشياء أكثر.أعانكم الله جميعا على تحمل مشاق بقية الطريق وبارك الله في كل تضحياتكم من أجل تونس ومن أجل قيم العروبة والإسلام .   أخوكم منصف المرزوقي باريس في 6-6-2006   (المصدر: موقع « المؤتمر من أجل الجمهوريةبتاريخ 6 جوان 2006) 
 

الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات Association Tunisienne des femmes democrates 67، شارع الحرية 1002 تونس   –  ص ب 107 حي المهرجان 1082 تونس 67, Avenue de la Liberté 1002 Tunis Tunisie / BP 107 Cité Mahragène 1082 Tunis Tunisie. Tél: (216)71 831135 Fax: (216) 71 83152  Email : femmes_feministes@yahoo.fr

تونس في 22 جوان 2006 مرجعنا رقم : 67/06   دعوة
تتشرف الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بدعوتكم إلى الجلسة الافتتاحية لمؤتمرها السابع تحت شعار :

 » لا مواطنة بدون مساواة ولا ديمقراطية في غياب الحريات « 

وذلك يوم الجمعة 9 جوان 2006 على الساعة السادسة مساء بمقر الجمعية الكائن في 67، شارع الحرية تونس 1002.

 يحتوي البرنامج على تظاهرة ثقافية مع الموسيقى والشعر.  وتقبلوا تحياتنا الخالصة.
عن الهيئة المديرة  الرئيسة َأحلام بلحاج


المحامون العرب يشجبون توقيف ناشطين لحقوق الإنسان في تونس

القاهرة ـ اف ب: شجب اتحاد المحامين العرب امس الثلاثاء توقيف ناشطين لحقوق الانسان في تونس واعتبر انه يشكل خطرا جسيما علي حركة حقوق الانسان، ودعا الي التضامن معهم.   وقالت الامانة العامة لاتحاد المحامين العرب في بيان انها تتابع التطورات الخطيرة لاوضاع حقوق الانسان في تونس والتي طالت العديد من الكوادر النقابية والحقوقيين ونشطاء حقوق الانسان .   واضافت ان هذه التطورات امتدت لتطول قضاة ومحامين وقياديين في منظمات حقوق الانسان وفروعها في المدن التونسية .   واعتبرت الامانة العامة ان ما قامت به قوات الامن التونسية من حملة اعتقالات شملت رئيس فرع بنزرت (شمال) للرابطة التونسية لحقوق الانسان وعددا من اعضاء الفرع في اعقاب اصدارهم بيانا حول الانتهاكات التي وقعت في احد السجون وتمس كرامة المعتقلين ومعتقداتهـــم، تمثل خطرا جسيما علي حركة حقوق الانسان .   وطالب البيان السلطات التونسية بـ فك الحصار عن الحقوق والحريات للمواطنين ومنظماتهم وفي الطليعة منهم عمادة المحامين والصحافيين واطلاق حرية الرأي والتعبير .   واوقفت السلطات التونسية السبت لفترة وجيزة اربعة مدافعين عن حقوق الانسان بينهم علي بن سالم (75 عاما) رئيس قسم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان في بنزرت (شمال) الذي احيل الي قاضي التحقيق لانه وقع بيانا يندد باعمال تعذيب واساءة الي المصحف في احد السجون.   واكد مصدر رسمي تونسي ان ما ورد في البيان مزاعم مختلقة ولا اساس لها من الصحة .   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 7 جوان 2006)   


على اثر اعتصام مجموعة من المعطلين عن العمل السلطة تلتجئ الى الحلول الامنية

 خاص/اقصى برس    مراسل اقصى برس / سفيان الشورابي: تونس   قامت مجموعة من حاملي الشهائد المنتمية لاتحاد اصحاب الشهادات المعطلين عن العمل باعتصام جماعي في مقر وزارة التعليم العالي مطالبين بحقهم في الشغل .   و لقد تولى مسؤول من الوزارة مقابلتهم و طمأنتهم بحل كل الملفات .   ثم توجهوا اثر ذلك الى وزارة التشغيل المعنية بالاساس بملفاتهم. وعوض التعامل مع ممثلي الجمعية المذكورة و وفق الاجراءات المعهودة، تم الاتصال بقوات الامن التي حضرت بكثافة و القت عليهم القبض جميعا ثم نقلتهم الى مركز الامن اين وقع التحقيق معهم و الضغط عليهم من اجل التوقيع على التزامات للتخلي عن النشاط قي صلب هذا التنظيم، قبل ان يطلق سراحهم اثر ذلك.   قائمة الاشخاص التي قبض عليهم:   سالم العياري عفبف الهادفي فلة الرياحي مسلم الفرجاني حسن الرحيمي سامي عماري الصحبي سمارة شريف الخرايفي عادل بن الحاج حسن طارق قويدري وليد العزوزي وليد الطرخاني لسعد الغرياني وليد حمام   (المصدر: موقع « أقصى برس » بتاريخ 6 جوان 2006) وصلة الخبر: http://www.aqssa.net/aqssa.16.htm  

مكتب سياسي موسع للحزب الديمقراطي التقدمي: إشارة الانطلاق لإعداد المؤتمر

 

انعقد يوم الأحد 4 جوان المكتب السياسي الموسع للحزب الديمقراطي التقدمي بمقر جامعة الحزب بالقيروان حضره إضافة لأعضاء المكتب السياسي الكتاب العامون لجامعات الحزب في الجهات و خصص للإعداد للمؤتمر الوطني الرابع للحزب الذي تقرر عقده يومي 23 و 24 ديسمبر 2006 . و قد تم النقاش على قاعدة وثيقة تم توزيعها على أعضاء المكتب السياسي الموسع قبل الإجتماع و هي عبارة عن حوصلة للنقاش الذي دار داخل لجنة المتابعة حول القضايا المتعلقة بالإعداد للمؤتمر القادم.   و قد تناول النقاش الذي دار في المكتب السياسي الموسع أهداف المؤتمر الرابع للحزب باعتباره لا يمثل استحقاقا تنظيميا دوريا و حسب بل يشكل أيضا مناسبة للتوجه إلى الرأي العام و تقديم برنامج يستجيب للحاجيات السياسية و الاجتماعية للشعب في هذه المرحلة.   فمؤتمر الحزب يندرج في إطار النضال الذي يخوضه الشعب التونسي من أجل إحداث تغيير ديمقراطي يمثل القطيعة مع نظام الاستبداد القائم. و يعتبر تحقيق الانفراج المطلب السياسي الملح حاليا و هو ما يستلزم تحقيق المطالب التحررية الثلاثة التي رفعتها حركة 18 أكتوبر و المتمثلة بتحقيق حرية الإعلام و حرية تشكيل الأحزاب و الجمعيات و إطلاق سراح المساجين السياسيين في إطار عفو تشريعي عام. كما يمثل الإصلاح السياسي الشعار المركزي للمرحلة القادمة. و يتطلب ذلك إصلاحات دستورية تنهي ركائز الحكم المطلق و ترسي التوازن بين السلطات الثلاثة و إصلاحات للقوانين المنظمة للحياة السياسية مثل قانون الصحافة و قانون الأحزاب و الجمعيات و المجلة الإنتخابية….. وصولا إلى انتخابات حرة و ديمقراطية تمكن الشعب التونسي من الإختيار الحر لمن يحكمه. و تقع هذه المهمة على كافة قوى التغيير و التي يحتل الحزب الديمقراطي التقدمي فيها موقعا متميزا. لذلك تم التأكيد على ضرورة الإعداد لمؤتمر الحزب الديمقراطي التقدمي بروح الفريق الذي يسعى ليكون البديل عن الحكم و هو من جوهر وظيفة معارضة تحترم نفسها و تناضل من أجل التغيير الديمقراطي.   و قد تطرق اجتماع المكتب السياسي إلى مسألة التداول على الأمانة العامة للحزب على ضوء إعلان الأخ أحمد نجيب الشابي و بصورة علنية خلال الجلسة الإفتاحية للمجلس الوطني للحزب تخليه عن الأمانة العامة. و قد اعتبر ذلك ترسيخا للتقاليد الديمقراطية داخل الحزب و تعزيزا لصورته وطنيا و إقليميا. و قد ناقش الإجتماع المواصفات والشروط المطلوبة للنجاح في هذه المهمة حتى يحافظ الحزب على وحدته و إشعاعه الداخلي و الخارجي. كما تداول المجتمعون في الآليات التي سيقع اعتمادها لاختيار الأمين العام الجديد و طرحت كل الإمكانيات مثل الانتخاب أو اعتماد صيغة الوفاق أو المزج بين السعي للوفاق و الاحتكام إلى مؤسسات الحزب عبر الانتخاب.   و طرحت خلال الإجتماع ضرورة توضيح الهوية الفكرية للحزب بتعميق توجهه التحرري في الميدان السياسي و توجهه التقدمي في الميدان الإجتماعي و توجهه الحداثي ضمن التمسك بالهوية العربية الإسلامية. و قد اقترح البعض ميثاقا يحدد مبادئ الحزب و يعلنها المؤتمر القادم.   و قد قرر الإجتماع تشكيل لجان الإعداد للمؤتمر و هي لجنة اللائحة السياسية و لجنة اللائحة الاقتصادية و الاجتماعية و لجنة اللائحة حول أوضاع المرأة و لجنة اللائحة الثقافية و التربوية. كما تقرر تشكيل لجنة لمراجعة النظام الداخلي و لجنة للإعداد المادي للمؤتمر. كما دعا اجتماع المكتب السياسي إلى إطلاق حملة للانخراط في صفوف الحزب و العمل على استقطاب الكوادر و عهد للجنة خاصة بمتابعة هذا النشاط إضافة على متابعة شؤون المنخرطين و الهياكل في الفترة القادمة التي تفصلنا عن المؤتمر.   مراسلة خاصة بالموقع   (المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 6 جوان 2006)


 

تململ في القطاع الصحي العمومي

عبد المجيد المسلمي   حقق إضراب أعوان الصحة العمومية يوم 31 ماي نجاحا عاليا مما يدل على درجة التذمر الذي يعيشه هذا السلك الذي يضم ما يقارب 30 ألف عون. و في بداية شهر ماي رفع الأطباء الجامعيون الشارة الحمراء لمدة 3 أيام و نفذوا تجمعات ناجحة يوم 24 ماي بكليات الطب بتونس و سوسة و صفاقس احتجاجا على تردي ظروف العمل في المستشفيات العمومية.   و لا شك أن القاسم المشترك الأبرز للتحركات التي شهدها قطاع الصحة العمومية في الفترة الأخيرة هو الاحتجاج على تدهور القدرة الشرائية لجميع أصناف أعوان الصحة سواء كانوا عملة أو ممرضين أو أطباء و التي لم تتمكن الزيادات الأخيرة في الأجور من الحد منها. و هو ما دعا هذه القطاعات إلى النهوض مجددا بعد بضعة أشهر فقط من إمضاء الاتفاقية بين اتحاد الشغل و الحكومة و رفع مطالب من شأنها الترفيع في الأجور خاصة أمام الارتفاع المهول لأسعار المواد الاستهلاكية.   و لا يخفي جميع المشتغلين في القطاع الصحي العمومي قلقهم و انشغالهم من الأوضاع التي يعيشها هذا القطاع الذي و رغم الإنجازات التي تحققت فإنه لا يزال بعيدا عن طموحات المواطنين الذين كثيرا ما يحملون مسؤولية تردي الخدمات لأعوان الصحة من ممرضين و أطباء. فالاكتظاظ و طول المواعيد سواء تعلق الأمر بالعمليات الجراحية أو بالتشخيص بالأشعة أو التنظير…. و الظروف المتردية في كثير من الأحيان للإقامة و الاستقبال في المستشفيات العمومية و غياب العديد من الأدوية و النقص في الإطار الشبه طبي و الطبي و النقص في التجهيزات….كلها مظاهر سلبية يعيشها القطاع الصحي العمومي بالرغم من التطور الإيجابي الذي شهده القطاع في المدة الأخيرة و هي سلبيات تختلف حدتها من جهة إلى أخرى و من مؤسسة إلى أخرى. لقد شكلت الوزارة الأولى منذ سنتين لجنة وطنية من أجل تشخيص نقائص القطاع الصحي العمومي و البحث في سبل تجاوزها و لكن النتائج التي توصلت إليها هذه اللجنة بقيت غير معلنة.   و الواقع أن قطاع الصحة العمومية يشكو من ثلاثة نقائص أساسية ثلاثة. فهنالك نقص في التمويل و الحال أن مصاريف القطاع الصحي في جميع بلدان العالم تشهد تطورا يصل إلى حدود 10 بالمائة سنويا بفعل ظهور وسائل جديدة للتشخيص و أدوية جديدة…. بأثمان مرتفعة و بالعملة الصعبة حين أن الإعتمادات المرصودة للصحة العمومية سنويا لا تواكب هذه الارتفاع.   من جهة أخرى فإن القطاع الصحي العمومي يشكو من نقائص على مستوى التخطيط الذي لا يستجيب دائما للحاجيات الحقيقية للمواطنين و يخضع في بعض الأحيان لاعتبارات جهوية أو سياسية… من جهة ثالثة فإن هنالك سلبيات كثيرة على مستوى التسيير في العديد من المستويات من المصالح المركزية وصولا إلى المصالح الجهوية و المستشفيات.. مثل المركزية المفرطة و البيروقراطية إضافة إلى سلبيات القطاع العمومي مثل التبذير و التسيب… لقد أدى تطور القطاع الصحي الخاص في بلادنا منذ بداية التسعينات إلى تخوفات كبيرة على مصير القطاع العام و إمكانية إضعافه لدى العاملين فيه و الحال أنه لا يمثل فقط مورد رزقهم بل أيضا ملاذا و ملجأ لجميع الطبقات الشعبية التي تتردد على المستشفى العمومي خاصة خلال السنوات العجاف .   و حسب تقرير للمنظمة العالمية للصحة عن أوضاع الصحة في تونس صادر سنة 2004 فإن القطاع الصحي الخاص يستوعب ما يقارب 50 بالمائة من التمويلات و مجهز بمعدات طبية اكثر عددا من القطاع العام في حين أنه لا يوفر سوى 20 بالمائة من الخدمات الصحية للمواطنين. و مقابل ذلك فإن القطاع الصحي العمومي و بتمويلات مماثلة وتجهيزات أقل يؤمن ما يعادل 80 بالمائة من تلك الخدمات. و يعبر العديد من النقابيين عن تخوفاتهم من أن يؤدي إصلاح نظام التأمين على المرض في المستقبل إلى المزيد من دعم القطاع الصحي الخاص و إضعاف القطاع الصحي العمومي العاجز بحكم أوضاعه الحالية عن منافسة القطاع الخاص. و قد اشترط الإتحاد العام التونسي للشغل قبل البدء في تنفيذ إصلاح نظام التأمين على المرض تأهيل القطاع الصحي العمومي و إعداده للمنافسة.   و من المنتظر أن تعقد اللجنة الوطنية لتأهيل القطاع الصحي العمومي التي صدر الأمر القاضي بتكوينها أول اجتماعاتها يوم 14 جوان القادم بمشاركة اتحاد الشغل. خلاصة القول، أن التحديات التي يواجهها القطاع الصحي العمومي مصيرية و أن مواجهتها تقع بالكامل على أعوان الصحة بمختلف أصنافهم و هو ما يتطلب تحفيزهم و تشجيعهم ماديا و معنويا.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)  


قصيبـــــة المديونــــــــي:

كارثة بيئية غير مسبوقة

عبد الرحمان القصيبي -الموقف
مقدمات الكارثة: تلوث شامل   تطل بعض قرى والمدن الساحلية من ولاية المنستير (قصيبة المديوني، خنيس، لمطة، صيادة…) على بحر يتسم بانخفاض مستوى مياهه وبانعدام التيارات الساحلية وفي ظل ذلك نجد محطتي تطهير واحدة شمال مدينة خنيس المعروفة « بمحطة الفرينة » والثانية جنوب مدينة قصيبة المديوني محطة « واد السوق »، وكلا المحطتين تفرغان المياه الواردة عليها بهذا البحر « الميت » وكان من نتائج ذلك: مياه بحرية راكدة ونتنة وملوثة وروائح كريهة وهذا ما يمكن معاينته بسهولة عند استعمال الطريق الساحلي (المنستير – قصر هلال) وخاصة في مستوى مدينة قصيبة المديوني.   انقراض كل الكائنات البحرية: الكارثة   بداية من يوم الجمعة 19 ماي انطلقت روائح كريهة جدا من البحر وشملت مناطق عديدة: قصيبة المديوني، بنان، لمطة، خنيس، بوضر… كانت لها انعكاسات خطيرة على الوضع الصحي لمتساكني مدينة قصيبة المديوني: بعض حالات اختناق، وغثيان ودوران بالرأس، حروق جلدية لكل من لمس مياه البحر مع احمرار مياه البحر على طول الشريط الساحلي كما تفاعلت كيميائيا: أكسدة بعض المعادن، تغير ألوان الدهن، اخضرار البلاط (الجليز)، تآكل معدات القوارب النحاسية… تساقط حبات الزيتون، موت كميات كبيرة من السمك من مختلف الأحجام.   السلطات تلتزم الصمت وتخفي حقيقة ما يحدث   كيف تعاملت السلطة بمختلف مستوياتها المحلية الجهوية والوطنية إذ إلتزمت الصمت وتكتمت على حقيقة ما يقع وعملت على ترويج بعض الأطروحات التي لا تمت للواقع بصلة من نوع أن المسألة لا تغدو سوى ظاهرة طبيعية وتعاملت مع الكارثة أمنيا وبالترويج أن الرابطة تريد تسييس الموضوع وإعطائه أبعادا أخرى… إلى آخر ذلك من الترهات   متساكني قصيبة المديوني يتحركون: ترسيخا لقيم المواطنة   خرجت صبيحة الأحد 28 أفريل مسيرة شعبية بمدينة قصيبة المديوني رغم الحضور الأمني المكثف وحمل المتساكنون « كمامات » على أفواههم وتوجهت المسيرة نحو قصر البلدية حيت انعقد اجتماع شعبي عام وجاءت كل التدخلات لتؤكد: – التنديد والاحتجاج على السلط المحلية والجهوية لتكتمها وصمتها وعدم حضورها – ضرورة الإسراع بكشف الحقيقة حول درجة وخطورة التلوث وحقيقة ما يقع – طلب تشكيل لجنة طبية للكشف عن الوضع الصحي نتيجة استنشاق الغازات السامة – تقديم إعلام للمواطنين ووضعهم في الصورة – طلب تشكيل لجنة فنية محايدة ومستقلة حول عمل محطات التطهير ومدى احترامهم لمواصفات العمل المتعارف عليها – التدخل العاجل لتنظيف الشريط الملوث   كما نادى التجمع العام إلى تحرك ثاني ليوم الجمعة 2 جوان على الساعة الخامسة بعد الظهر.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)  

 

حادث قابس: المسؤول والمقاول أمام التحقيق

قابس ـ «الشروق»:
مباشرة اثر الحادث الأليم، وعندما كان الناس تحت وقع الصدمة يتدافعون من كل مكان هارعين الى مكان الفاجعة للاطمئنان على ذويهم، كانت السلطات المختصة، كل في مجاله، تستقرئ ما حدث وتبحث في الملابسات والظروف التي حفّت بسقوط الجدار.
وتفيد المعطيات الأولية المتوفرة ان مدير مركز التربصات الذي يتبعه الجدار كان رفع تقريرا الى إدارة التجهيز يشير فيه الى خطورة الوضع الذي أصبح عليه الجدار محذّرا من كارثة اذا لم يقع التدخل السريع.
وعلمت «الشروق» ان تحقيقات تجري مع عدد من مسؤولي إدارة التجهيز والمقاول الذي اشرف على بناء الجدار بغية جمع معطيات دقيقة تحدد مسؤولية كل طرف بعيدا عما يتردد من إشاعات وأقاويل.
وأفادت هذه المصادر انه تم التحفظ على مسؤول في إدارة التجهيز والمقاول الذي اشرف على البناء لمواصلة التحقيق، والبحث، وجمع المعلومات والتدقيق فيها حتى تتوضّح الامور جيدا.
وأيّا كانت الجهة التي تتحمل المسؤولية فإن ما حدث يستدعي وقفة حازمة، ومراقبة مكثفة وصارمة للصفقات الحكومية التي تبرمها المصالح الادارية مع المقاولين وإعادة النظر ـ ان لزم الامر ـ في شروط ابرام الصفقات ومراجعتها. (المصدر: صحيفة الشروق  بتاريخ 7 جوان   2006  )
 

بلحسن الطرابلسي أحسن رجل أعمال (؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)

 

احتضن نزل الحمراء بياسمين الحمامات مؤخّرا ندوة دوليّة حول موضوع  »الإدارة والمؤسسة والاقتصاد الجديد » نظّمتها مجلّة  »الخبير » بالتعاون مع وداديّة قدماء المرحلة العليا بالمدرسة الوطنيّة للإدارة.   وقد جرت العادة أن تقوم المجلّة بحفل لتوزيع جوائز مسابقة أحسن رجل أعمال خلال السنة، وفي هذا السياق اتّفقت لجنة التحكيم المتكوّنة من جملة من الخبراء المحاسبين والفنيين في الساحة الماليّة على اختيار السيد بلحسن الطرابلسي كأحسن رئيس مؤسسة والسيدة هاجر الجيلاني كأحسن امرأة رئيسة مؤسسة وتمّ اختيار قيس السلامي كأحسن باعث شاب.   وإثر هذا التتويج عبّر السيد بلحسن الطرابلسي عن امتنانه للعاملين بمؤسسته على أن يبقى  »العمل » الطريق الوحيد لتحقيق النجاح.   (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)  

مذكّرات رشيد إدريس

  تنشر  »حقائق » بداية من الأسبوع القادم سلسلة من كتاب  »خيار العمر » للسيد رشيد إدريس، في هذا الكتاب الذي خصّ به  »حقائق » مشكورا بعد أن تمّ التعبير له عن رغبة أسرة المجلّة لتنفرد بمحتوى هذا الكتاب، يرصد صاحبه أحداثا وتواريخ مهمّة كان فيها السيد إدريس صاحب المسيرة النضاليّة والسياسيّة الطويلة فاعلا ومؤثّرا وشاهدا وهو ما يجعل من كتابه معينا لفهم بعض الأحداث والخيارات والمواقف في مسيرة الرجل في مشهد النضال أو في دفّة المسؤوليّات، وذلك بعد الإعلان عن الجمهوريّة الذي كان من أوّل المطالبين بها في المجلس التأسيسي.   في هذا الكتاب يكشف السيد رشيد إدريس عن أسرار ومعلومات جديدة ومهمّة. كتاب خيار العمر أراده صاحبه باكورة شغف بالسياسة والإعلام. ونشير إلى أنّ السيد رشيد ادريس أصدر العديد من الكتب كان أوّلها كتابه  »من باب سويقة إلى منهاتن ». تابعوا معنا هذه السلسلة المهمّة التي ننفرد بها على أعمدة  »حقائق » في الأعداد القادمة.   (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)


 

العجمي الوريمي (هيثم)

من أقدم مساجين تونس في عهدي الاستعمار والاستقلال

 

 

 محمد العربي التونسي (*)

 

لقد قضى القيادي الطالبي العجمي الوريمي أو هيثم بالسجون أكثر من ثلث عمره، إذ أنه من مواليد سنة 1961، ودخل السجن في مارس 1991، ومر عليه بالتالي وهو وراء القضبان ما مجموعه 15 سنة و3 أشهر. وإن كان يشترك في طول هذه المدة مع المئات من رفاقه، فهو -في المطلق- أقدم المساجين السياسيين التونسيين من حيث طول المدة التي قضوها في السجن. وتكفي هنا بعض المؤشرات الدالة التي تفيد للمقارنة سواء بالعهد الاستعماري أو العهد البورقيبي.

بورقيبة وهيثم :

لقد كان يحلو لبورقيبة طيلة عهده أن يذكر في خطبه بأنه ضحى بشبابه من أجل تونس وقضى السنوات الطوال في المنافي والسجون، وربما يحق لنا في هذا المقال أن نتساءل عن مجموع الفترة التي قضاها في تلك السجون والمنافي.

لقد ألقي القبض على الزعيم الحبيب بورقيبة ثلاث مرات، كانت أولاها في عهد المقيم العام الطاغية بيروطون وآخرها في عهد الطاغية دي هوتكلوك. أما مجموع الفترات التي قضاها في السجون والمنافي فتظهر من خلال الجدول التالي :

 

المدة

مغادرة السجن أو العودة من المنفى

تاريخ إلقاء القبض

أيام

أشهر

أعوام

20

7

1

23/04/1936

03/09/1934

28

11

4

07/04/1943

09/04/1938

17

4

3

01/06/1955

18/01/1952

65

22

8

المجموع

05

00

10

أي ما يساوي

 

اعتمادا على ذلك الجدول يبلغ مجموع ما قضاه الرجل بين السجون والمنافي عشرة أعوام وخمسة أيام أي ما يساوي 3658 يوما. أما هيثم فقد قضى حتى اليوم 5570 يوما، أي ما يزيد عن المرة والنصف عن مجموع الفترات التي سجن أو نفي فيها « المجاهد الأكبر ». والفرق هنا هو أن الآمر بسجن بورقيبة هو المستعمر والآمر به بالنسبة لهيثم هو السجان « الوطني ».

 

واعتمادا على ما جاء في نفس الجدول، فإن الفترة التي قضاها بورقيبة في السجون والمنافي تساوي 10.43

% من عمره الطويل، بينما هي تتجاوز بالنسبة لهيثم 33% من عمره حتى اليوم، وتفوق 20% من أمل الحياة عند الولادة بالنسبة للتونسي والمقدر ب72 سنة.

كذلك لم تكن الفترة التي قضاها بورقيبة في السجون والمنافي على وتيرة واحدة، حتى وهو بين يدي سجانيه، فقد كان يطلق سراحه بين الفينة والأخرى، بينما قضاها هيثم « على فرد جنب » كما يقول التونسيون أي على وتيرة واحدة وبصفة مستمرة بل وفي عزلة.

 

وإذا كان بورقيبة قد تمتع في الأثناء بملاذّ الحياة الدنيا وتزوج وأنجب وسافر فإن هيثم، الذي قضى شبابه وردحا من كهولته في السجن ومازال، لم يتذوق طعم الفرح ولا زينة الحياة الدنيا.

 

هيثم وسجناء بورقيبة :

 

لم تخل السجون في عهد بورقيبة أبدا من المساجين السياسيين سواء من معارضيه من مختلف أطيافهم أو من رجاله وأعضاده المقربين، وانتهى عهده وقد ترك السجون تغص بسجناء الرأي، بالإضافة إلى من هم في المنافي بمختلف الأصقاع.

 

لكن للحقيقة أيضا لا بد من أن نلاحظ أنه من خلال قائمة المساجين السياسيين في عهد بورقيبة نتبين أن لا أحد منهم في عهده تجاوز الفترة التي قضاها هو في السجون والمنافي في العهد الإستعماري، حتى لكأنه كان حريصا على أن يحافظ على الرقم القياسي في المدة التي قضاها سياسي تونسي في السجن. وهنا نورد عددا من الأمثلة التي تبين ذلك:

 

المشاركون في المحاولة الإنقلابية لسنة 1962 والذين ألقي عليهم القبض في أواخر ديسمبر 1962 أطلق سراح آخر دفعة منهم في غرة جوان 1973، أي أنهم لم يقضوا وراء القضبان غير 10 سنوات و5 أشهر وبضعة أيام.

محمد بن جنات : الذي سجن غداة ردود الفعل على أحداث 5 جوان 1967 وحوكم بعشرين سنة أشغالا شاقة، وغدا أسطورة ورمزا وقامت الدنيا من أجله آنذاك ولم تقعد، لم يقض من تلك المدة المحكوم بها غير سنتين ونصفا، حيث أطلق سراحه بمناسبة ما كان يسمى بعيد الثورة 18 جانفي 1970.

المحكومون من اليساريين سنتي 1974 و1975 أطلق سراح آخر دفعة منهم في صائفة 1980، وبالتالي لم تدم محنتهم غير 6 سنوات.

إن ذلك يعني أن بورقيبة -من حيث شعر أو لم يشعر- كان يخشى أن يعتبر نظامه أبشع على المعارضين من بشاعة النظام الإستعماري على معارضيه من الوطنيين. خاصة وأنه يعرف أن السجن قد يؤدي إلى نتائج عكسية على أصحابه ويؤدي إلى تحطيم إنسانيتهم وتهشيم كيانهم ومستقبلهم. أما بن علي فلا يبدو أنه انتابه مثل هذا الشعور، وربما ينتهي عهده قبل أن تفرغ سجونه من سكانها من السياسيين وأصحاب الرأي، ليبقى المجال لمن يأتي بعده حتى يطلق سراحهم ويبني شرعية جديدة.

 

وفي انتظار ذلك، أو في انتظار ضغوط خارجية، فإنه استطاع حتى اليوم أن يتجاوز عهد بورقيبة من حيث ملف المساجين السياسيين حيث أن هيثم ورفاقه قد تجاوزوا بكل المقاييس الفترات التي قضاها « أخطر » مساجين بورقيبة وأكثرهم تهديدا « للوحدة القومية ».

 

من أجل إطلاق سراح هيثم :

 

لقد احتفلت تونس هذه السنة بخمسينية الاستقلال في انتظار خمسينية الجمهورية في السنة القادمة، غير أن لا أحد اهتم بالمقارنة بين العهدين في هذا المجال بالذات، حيث أن المقارنة ترجح كفة العهد الاستعماري على العهد البورقيبي إذ كانت وطأة الاستعمار أخف على معارضيه من الوطنيين من وطأة العهد البورقيبي على معارضيه من مختلف الأطياف. ومما يدعم ذلك أن العديد من البورقيبيين الذين سيبرزون بعد الاستقلال لم يتعرضوا للسجن خلال العهد الاستعماري ومن بينهم أحمد بن صالح والهادي نويرة ومحمد مزالي…

 

أما بالنسبة للمقارنة بين عهدي بورقيبة وبن علي، فإن الكفة ترجح عهد بورقيبة على عهد بن علي، حيث أن الفترة التي قضاها ويقضيها هيثم ورفاقه تعتبر قياسية على جميع المستويات، وحتى مقارنة بالمورطين في المحاولة الإنقلابية لسنة 1962 فإن هؤلاء لم يقضوا في السجن غير 10 سنوات و5 أشهر وبضعة أيام، وكانوا في حدود العشرة مساجين فقط، بينما تجاوزت الفترة التي قضاها هيثم والمئات من رفاقه الـ15 سنة مازالت مرشحة للزيادة.

 

وبالتالي فإن العهد الاستعماري ، ألطف وأرحم من عهد 7 نوفمبر، وهذا ما سيسجله التاريخ، كما سيسجل أن ما قام به سيئا الذكر بيروطون ودي هوتكلوك أخف وطأة على الذات البشرية مما قام به زين العابدين بن علي إزاء هيثم ورفاقه. ولا شك أن ما قام به بيروطون عندما نفى بورقيبة والبعض من رفاقه إلى الجنوب التونسي، لا يمكن أن يقارن بغياهب سجون بن علي وزنزاناته الانفرادية. وأن ما لاقاه بورقيبة ورفاقه أهون بما لا يقارن بما لاقاه ومازال هيثم ومئات من رفاقه ممن تعرضوا للعذاب والتعذيب الجسدي والنفسي، وما تعرضت له حياتهم من قصف وحرمان، فلم يتزوجوا، ولم يملكوا السيارة ولا الفيلا، ولم يسافروا ولم يعرفوا الكمبيوتر ولا الإنترنت، لا بل لم ينعموا منذ أكثر من 30% من أعمارهم الماضية واللاحقة بحلق ذقونهم بأنفسهم ولم يتمتعوا بالكتابة عن أفكارهم ومشاعرهم وأحلامهم… وحتى لو خرجوا اليوم من تلك الغياهب هل لديهم طاقة على الصفح وهم يحملون في رصيدهم السجني أكثر مما حمله « المجاهد الأكبر »؟

لقد بقي هيثم في سجون الوطن أكثر مما بقيه « المجاهد الأكبر » في سجون الإستعمار. وحرمت عيناه الخضراوان من منظر جميل أو هواء نقي لمدة تفوق العقد والنصف، فمتى تتحرك الضمائر الحية لتكوين لجنة من أجل إطلاق سراحه؟ إن هذا النداء موجه أساسا إلى كل من عرفوه فأحبوه من مختلف التيارات السياسية بالجامعة التونسية في الثمانينات.

* تونس

 

نداء الى كل الشرفاء

 

 
مختار العيدودي تونس

نحتاج اليوم الى كل شرفاء هذا الوطن العزيز ليشاركوا في بناء تونس الغد تونس الحرية والديمقراطية للجميع وبالجميع . نحتاج اليوم الى كل النزهاء الذين يطمحون الى وضع حجر الاساس لمجتمع مدني راق ومتطور يسوده الاخاء والتعاون والتنافس النزيه دون كذب او رياء . نحتاج اليوم الى كل المواطنين المؤمنين بعلوية هذا الوطن وقدسيته والمستعدين للتضحية بالغالي والنفيس من اجل دول المواطنة ودولة المواطن الكريم ودولة المواطن الشريف النزيه .  نحتاج اليوم الى كل الاعلاميين المؤمنين بنشر ثقافة الاختيار والتنافس والاحترام المتبادل والمستعدين لقتل ثقافة الانتظار والانتحار والاحتقار. نحتاج اليوم الى كل متطوع لخدمة الوطن والمواطن ولرفع راية العطاء والتضحية والتصدي  للانهزامية والسلبية والانتهازية .. نحتاج اليوم الى كل المستعدين للصلح والمصالحة والتصالح و الى كل المعترفين بذنوبهم كبائرها وصغائرها و الراغبين في التوبة النصوح والملتزمين باعلاء القيم والمبادئ والمثل والعازمين على السير في طريق الصدق بكل شفافية ووضوح . نحتاج اليوم الى كل الشرفاء والنزهاء الذين امنوا بحب الوطن وحب المواطن وحب المواطنة والذين ينتظرون بشغف كبير  ميلاد يوم تتجمل فيه تونس بحلية الحرية والديمقراطية والكرامة الوطنية للجميع وبالجميع. نحتاج اليوم الى كل رجال القضاء الافاضل الذين  يعتبرون مساواة الجميع امام القانون ومنح الحقوق والحريات من انبل الاهداف وارقاها بما ترتب وقد يترتب عن ذلك من رفع حصانات  وعقد مجالس تاديب اومجالس توبيخ اومجالس عقاب اومجالس تهجير اومجالس ترهيب…… وتنتهى المجالس وتبقى النفائس وتدوم الحقائق وتندثر الاكاذيب والتاريخ يبقى للشرفاء . نحتاج اليوم الى وعي سلمي  ومدني هادف و منظم  يغيب معه الجبناء والتعساء والسفهاء و الاغبياء والمتعاونين على شر البلاد في السراء والضراء والذين هم بمال الشعب اغنياء والذين هم للطغاة المرتشين والراشين اذلاء والذين هم بتدليس الانتخابات سعداء والذين هم للصوص اوفياء وللمجرمين اخلاء والذين هم على قمع الشعوب والحريات ومصادرة الارادات اوفياء وندماء وعملاء ….. نداء الى كل الشرفاء والنزهاء فهذا يومكم لاقامة تونس الغد دون هؤلاء الاعداء اللؤماء الذين نهبوا خيرات الوطن العزيز دون عناء .هذا يومكم لتختاروا الوطن عنوانا للانتماء. والمواطن سبيلا للارتقاء. فبالمواطنة يكون العلاء. و للحرية والديمقراطية ندين بالولاء وبعمقنا العربي والاسلامي يكون الاهتداء. ولمن اختار غير هذا السبيل فله ماشاء ولكن تبقى القيم والمبادئ والمثل السامية قاسما مشتركا بين الاشقاء فتونس الغد لكل الشرفاء النزهاء دون استثناء او تهميش او اقصاء  . هذا النداء ياتي استجابة الى حركة الايدي والعقول النظيفة التي نادى اليها الاخ الفاضل حسين المحمدي بالدعاء ونحن نتمنى ان يكون على حب تونس اللقاء والالتقاء فلبيك تونس الخضراء وطن الفداء والشهداء.

والسلام مختار العيدودي تونس 06/2006


وا أسفاه على شعب لا ينتفض لدينه وعرضه !!!

أ.نورالدين الخميري   ألم يمزّق أحشائي وشعور قاس رهيب يمتزج بالمرارة والألم والحسرة يدمّر أحاسيس قلبي في قسوة وأنا أتابع أصوات استغاثة تطلق من تونسنا الحبيبة حول الإعتداءات المتواصلة على حجاب المرأة المسلمة وكتاب اللّه عزّ وجلّ ناهيك عن الإعتداءات الفظيعة التي ترتكب في حقّ المحاماة والقضاة ومنظّمات المجتمع المدني وقواه الحيّة .   حرب استنزاف متواصلة منذ عقد ونصف يشنّها نظام السّابع من نوفمبر وأزلامه على مقدّسات الأمّة وشعائرها دون مراعاة لقدسيّة كتاب اللّه عزّ وجل واحترام مشاعر أكثر من مليار ونصف مسلم في العالم واعتداءات همجيّة شرسة على نخب المجتمع التّونسي ومكوّناته السيّاسيّة دون أدنى احترام لمواثيق حقوق الإنسان والمعاهدات الدّوليّة التي كانت تونس أحد الممضين عليها دون تحفّظ .   انتهاكات صارخة وإذلال وإهانة قلّما عرفتها البشريّة عبر التّاريخ ترتكب في حقّ المواطن التّونسي كلّ يوم ولا تطال يد القانون الفاعلين أو المحرّضين عليها .   أخبار مفجعة محزنة تصلنا بين الحين والآخر عن حال إخواننا المساجين وتأبى سحب الظّلام أن تنقشع عن زرقة الفجر النّاعم وكأنّه محكوم علينا أن نتجرّع عذاب المآسي والأحزان إلى مالا نهاية .   مشهد مرعب مفزع تشهده السّاحة السيّاسيّة التّونسيّة منذ سنوات ليصل الأمر إلى حدّ الإعتداء على مقدّسات الأمّة وتدنيس القرآن الكريم ضمن خطط وتوجيهات محكمة ومدروسة يتحمّل مسؤوليتها نظام الحكم في تونس .   حرب تأخذ كلّ يوم أسلوبا جديدا بدءا بالعمل على استئصال الحركة الإسلاميّة لتتحوّل لاحقا إلى محاربة حجاب المرأة المسلمة وكلّ مظاهر التديّن بأشكال وأساليب وحشيّة بربريّة قمعيّة بوليسيّة، ولعلّ ما تناقلته الأخبار هذه الأيّام حول الخطّة الجهنّميّة التي أعدّتها وزارة الدّاخليّة للعمل بها لتحديد أماكن العبادة لمرتادي المساجد تؤكّد هذا المنحى الخطير في التّعامل مع الظّاهرة الإسلاميّة في تونس ويعطي انطباعا لا جدال فيه عن حقيقة السّلطة في التّعاطي مع كلّ ماهوّ إسلامي بنفس المنهج والأسلوب منذ مجيئها عبر انقلاب 7نوفمبر المشؤوم .   ولئن تعاملنا في الماضي مع المستجدّات بروح ايجابيّة رغم التّدهور الحاصل في أوضاع الحرّيات العامّة والخاصّة بالبلاد من باب الحفاظ على المصلحة العامّة للوطن داعين أصحاب القرار في الدّولة في أكثر من مناسبة إلى التّعقّل والبحث عن مخرج مشرّف للأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد بعيدا عن منطق القوّة ولغة العنف والتّهديد إلاّ أنّ مواقف السّلطة ظلّت في كلّ مرّة تتراوح بين المناورة والإستخفاف بالمطالب المطروحة .   لذا فإنّنا مدعوّون اليوم للدّفاع عن هويّتنا وعقيدتنا الإسلاميّة بكلّ ما تسمح به إمكانياتنا ولن ينحصر الأمر هذه المرّة بإصدار البيانات والعرائض بل سنعمل بكلّ الأشكال السّلميّة المتاحة على تعريّة خطاب السّلطة وإجبارها على التّوقّف على انتهاك الأعراض والحرمات والتّعدّي على مشاعر الأمّة وعقيدتها وستظلّ مسيرتنا منطلقة حتّى نصل إلى المحطّة الأخيرة التي نثق في وقائعها ونراها قريبة بإذن اللّه   ولن تثنينا عمليّات التّجميل التي تقوم بها السّلطة في كلّ مرّة عندما يشتدّ عليها الخناق ولن تعنينا إقالة المجرم محمّد علي القنزوعي من مهامه بعدما تأكّد لدينا تدنيس المصحف الشّريف بسجن برج الرّومي بمدينة بنزرت مالم تعتذر السّلطة للمسلمين وتتراجع عن كلّ المناشير والقوانين المعاديّة للدّين .   ولئن بقي الشّعب التّونسي ولحدّ الآن بعيدا عن خوض معركة التّحرّر والدّفاع عن هويّته الإسلاميّة فإنّ ساعة الخلاص قادمة بإذن اللّه ولنا في نهاية حكم الطّواغيت عبر التّاريخ خير العبر. وما تشهده السّاحة التّونسيّة اليوم من تحرّك غير مسبوق لقواه الحيّة إلاّ تكرار لنفس المشاهد التي حفظها التّاريخ وما زالت حيّة في سجلاّته وهي تعني في التّحليل الأخير أنّ ما يبيّت اليوم من حقد لاقتلاع الصّحوة في بلاد الزّيتونة والقضاء على الإسلاميّين ومنظّمات المجتمع المدني سوف لن يكون إلاّ وقودا جديدا يزيد تيّار الإحتجاج قوّة وعزيمة .   فهذا ليس زمن الرّكوع وساعة الخلاص قادمة بإذن اللّه تعالى.   (المصدر: مجلة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 7 جوان 2006)
 

تسييس قضية الحجاب

الحبيب أبو وليد المكني-الوسط التونسية-خاص   كان الحدث الأخير في مسلسل استفاقة المجتمع المدني التونسي للدفاع عن نفسه يتعلق بمبادرة استفزازية لا نعرف على وجه التحديد هل هو مخطط لها من الجماعة الماسكة بتقاليد الأمور في بلادنا أم لا ، رغم أننا نرجح الاحتمال الثاني ، هذه المبادرة ذات وجهين ، الأول يخص أقدس المقدسات عند المسلمين وهو القرآن الكريم و الثاني يهم مسألة الحجاب الذي انتشر في ربوع بلادنا دون علم واستئذان،   المسالة الأولى يحسن أن نتركها لعامة المسلمين وفقهاءهم و علمائهم ليقولوا فيها الكلمة الفصل و لا أظن تعاملهم معها سيكون أقل من حجم تعاملهم مع الرسوم المسيئة للرسول ، فالأمر يتعلق هنا بالمصحف الشريف الذي اعتداد زبانية النظام التونسي على الاستهانة به تقربا لسيدهم و طمعا في رضاه عنهم ، و يعلم ضحايا الهمجية منذ عقدين أنه صار تقليدا بغرض الإساءة لمساجين الصبغة الخاصة من الإسلاميين لكن سياسة التكميم و التعتيم و القهر و أشياء أخرى لا نعلمها على وجه الدقة ، قد منعت وصول ذلك إلى وسائل الإعلام ، و يحزننا ما يحصل في أرض عقبة بن نافع و موطن الجامعة الزيتونية من أعمال نرى صداها ـ التي لا تشرف تونسيا على وجه الأرض ـ في تفاعلات المسلمين في موقع العربية نت على سبيل الذكر لا الحصر .   المسالة الثانية . تتعلق بالزي الإسلامي أو الحجاب ، وهذه قضية كنا نود أن تبتعد عن دوائر التسييس و تبقى شأنا فرديا يخص المرأة التونسية المسلمة ،لا حق لغيرها التدخل فيه ، لقد كان موضوع الحجاب أيام الصحوة الأولى على الأقل في معظم الحالات يترجم عن انتشار فكر الحركة الإسلامية بين الناس و عندما حصل الصدام بين هذه الحركة والسلطة كان من المفهوم أن تمتد المعركة إلى المحجبات، و لم يكن ذلك ليرضي الإسلاميين جميعهم في تونس فقد روي أن الشيخ محمد صالح النيفر رحمه الله كان ينادي بإبعاد الحجاب عن أجواء المعركة السياسية و يشاطره الرأي في ذلك الكثير من الدعاة . و لو كنا نعتقد أن هذا الإبعاد لم يكن أبدا في مقدور القائمين على الحركة بحكم أن ظاهرة الحجاب كانت التعبيرة الأساسية لها في أوساط المرأة التونسية ، بحيث كان من الصعب الفصل بين صاحبات الموقف الإسلامي المناهض للسلطة بين المتحجبات غيرهن من اللاتي يضعن الخمار طاعة لله لا تخالطها نزعة سياسية ، بيد أن العودة إلى الحجاب و انتشاره على نطاق واسع في السنوات العشر الأخيرة لم يكن أبدا معبرا عن موقف من السلطة القائمة معارضة أو موالاة ، بل كان شكلا من أشكال العودة إلى الدين بلغة العلمانيين وهي الظاهرة التي تشمل كل المجتمعات الإسلامية بل تمتد إلى المجتمعات المسيحية حتى قال أحد المفكرين الغربيين وهي يتابع الظاهرة إن القرن الواحد والعشرين سيكون قرن التدين أو لا يكون . و لا نشك أبدا أن الدوائر المختصة التابعة للسلطة تدرك ذلك على وجه اليقين، .فكيف نستطيع إذن أن نفهم هذه الهجمة الأخيرة على الملتزمات بالحجاب ؟   لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال سنتناول العناصر التالية :   1 ــ السلطة لا زالت تعيش « هاجس » النهضة.   لم تستطع السلطة بمختلف درجاتها أن تتجاوز عقدة التفكير في حركة النهضة كقوة حاضرة من خلال مساجينها و محاصريها على الأقل و باعتبارها طرفا قادرا على العودة إلى الساحة التونسية بمجرد أن تخف وطأتها على البلاد ـويؤكد لها ذلك ما تتابعه من أحداث على المستويين الإقليمي و الدولي ، فالمد الإسلامي لا يحتاج إلى من يعرف به ، و إن بدا أن تونس تمثل حالة نشاز فإن ذلك لم بكن إلا بقرار ظالم و حازم منها أراد أن يعاكس التيار ، و يظهر أن السلطة كانت تظن أن الأمر يتعلق بموجة دينية سوف تمر سريعا ثم تعود الأمور إلى سالف عهدها إلا أن الحقيقة التي تأكدت مع مرور السنين هي أن هناك تحولات عميقة تشهدها الأمة الإسلامية تعبر عن نفسها كأحسن ما يكون في مظاهر الصحوة الإسلامية بمختلف مكوناتها . و هذا أيضا لا نظن أن الدوائر المختصة في تونس لا تدركه و لكن أصحاب القرار يتعمدون تجاهل الحقائق التي يكرهونها , إن تعامل السلطة مع الحجاب ، بقي محكوما بأجواء المواجهة ـ سلطة \ نهضة ـ التي رافقت حدث ما تسميه بالتحول و نعتقد أنها ستبقى إلى نهايتها متمسكة بمواقفها المتشنجة تجاه ما تدعوه بالزي الطائفي و بالتالي يبدو أنه ليس أمام المتحجبات إذا أردن التخلص مما يتعرضن إليه من انتهاكات و مظالم إلا الانخراط في معركة الشعب التونسي من أجل التحرر و الديمقراطية وإشراقة الإسلام . و في هذه الحالة سوف لن نختلف على أن انخراطهن في المعركة لم بكن بقرار من حركة النهضة أو غيرها من الجهات ذات المرجعية الإسلامية ولكنه قرار واضح من السلطة و القوى الاستئصالية المتحالفة معها التي تعمل بوعي أو بدونه للوصول إلى تسييس ظاهرة التدين عند التونسيين .   2 ــ القوى الاستئصالية لا زالت تراهن على خيار استبعاد الإسلام .   تتوزع هذه القوى على دوائر متعددة بعضها يحتل مواقع قريبة من اتخاذ القرار و بعضها يكتفي بالعمل في الميدان الإعلامي أو ينشط ضمن هيئات المجتمع المدني كجمعية النساء الديمقراطيات مثلا ، وهذه الأطراف مجتمعة نعلم علم اليقين أن فرصتها في تبوّء المكانة التي تتطلع إليها في المجتمع التونسي ضعيفة جدا في دولة ديمقراطية يكون الإسلاميون طرف فيها ، وبالتالي فهي مستعدة للتنازل عن بعض مبادئها الأساسية في مقابل أن تدافع عن مواقع مهمة تحتلها بدون وجه حق ، أو تؤخر تحولات لا شك فيها من خلال متابعتها للأوضاع الإقليمية و الدولية لن تترك لها غير دور هامشي في صنع مستقبل البلاد ، وبالتالي فهي تراقب بحذر الأحداث و تحاول أن توجهها الوجهة التي تعتقد أنها تتناسب مع أطروحاتها . و يصدق هذا حتى لو سلمنا جدلا بأن هذه الأطراف لا يرضيها ما تقترفه السلطة من انتهاكات لحقوق الإنسان و ما أوصلت إليه البلاد من اختناق و ما فرضته علي المجتمع المدني من حصار. و من هنا نفهم لماذا تصر هذه الأطراف على التعامل مع أكبر مظلمة في تاريخ تونس الحديث على أنها مشكلة إنسانية وليس سياسية .   و لعل خير من يمثل هذا الاتجاه الاستئصالي من خارج السلطة زياد كريشان من خلال مقاله الذي نشر في مجلة حقائق العدد الثاني في 29 ماي 2006 . و الذي دعا فيه صراحة إلى مواصلة معركة الحجاب باعتباره يمثل أحد وجوه حضور الحركة الإسلامية في تونس و الرجل حريص على « حماية  » المرأة التونسية من القوى الارتدادية على حد تعبيره . فبعد أن دافع عن أطروحة بائسة تدعي أن الحجاب هو أحد بقايا مظاهر التمييز بين المواطنين وهي كما قال جوهر المجتمعات التقليدية بما في ذلك الإسلامية ، وذكر أن: » الحجاب من منظور دعاته لا مرتدياته بالضرورة يمثل حجر الزاوية في هذا التمييز لأن من مستلزماته إحلال تمايز كامل بين الجنسين في المجتمع  » نجده يعلن الحرب على خصومه من الإسلاميين : » فالرهان كما ترون جوهري وليس شكلي و إن كانت الأغلبية الساحقة لمرتديات الحجاب غير واعيات به و ربما تكون بعضهن ضده تماما إلا أن الحجاب منذ ظهور الأصولية الدينية السياسية في أواخر النصف الأول من القرن العشرين يعتبر الرمز الاجتماعي الأكبر لهذه القوى الارتدادية  » و يتابع سرد موقفه : »إن تبيان خطأ ـ أو على الأقل نسبية ـ القراءة الأصولية في مسألة الحجاب ليس أمرا فقهيا شكليا بل لبنة أساسية لا لمحاربة الأصوليين ـ فليس هذا هو المقصود ـ بل لتمكين ملايين النساء العربيات المسلمات من عيش تجربتهن الدينية دون الوقوع في فخ الاستدراج السلفي .. إن كل صوت يرتفع في هذا الاتجاه إنما هو لبنة خير تجمي عامة المسلمين من غلاتهم المتزمتين … »   إن هذا الخطاب الذي نحسبه بعبر عن المدرسة الاستئصالية من خارج السلطة يتردد في عدد هائل من المقالات التي تملأ صفحات الجرائد الصفراء التي تصدر بإذن من الأطراف المتنفذة في السلطة وهو يعبر عن أهدافه في فرض وصايته على نساء تونس باعتبارهن  » قاصرات » من الممكن أن يقعن فريسة للحركة الأصولية و بالتالي فلا مندوحة من مشاركتهن في اختيار ملابسهن ؟؟ ،وهو من جانب آخر يعلن تسييس ظاهرة الحجاب بجعلها مسألة خلاف سياسي بين الإسلام السياسي و العلمانية المتطرفة في البلاد ،   وليس من الصعب الكشف عن الاتفاق بين هذا الخطاب الذي يعبر عن نفسه من خارج السلطة و بين موقف السلطة نفسها الذي عبر عنه وزير الشؤون الدينية منذ اشهر أو ما يكتبه المدعو رضا الملولي عضو مجلس المستشارين الذي نجده يصب جم غضبه على المنتفعين من أمثاله من عطايا السلطة ومن أصحاب الامتيازات الذين يغيبون عن المشاركة في المعارك التي يخوضها هو رفاقه من المرتزقة ضد قوى المعارضة بوجه عام و النهضة بوجه خاص : » هؤلاء من أخطر ما يوجد و لا تعرف لهم عادة موقفا مما يحدث ومع ذلك يدافعون بضراوة وشراسة عن امتيازاتهم التي لا يستحقونها … » هناك إذن كما يلاحظ خلافات بين أطراف السلطة حول الامتيازات و المصالح التي يحصل عليها البعض دون أن يشارك في القيام بالمهام القذرة التي يتصدر لها البعض الآخر وهذا موضوع جدير بالاهتمام لأنه يقدم بعض المعلومات عن ماهية السلطة قي تونس . .   ثم يأبى الملولي إلا تسييس القضية بامتياز في قوله : » هل يعقل أن ترفض الدولة و المجتمع الزي الطائفي و تتم الدعوة إلى تطبيق سياسة دينية واضحة المعالم و في المقابل ـ وهذه المفارقة ـ تجد صلب الحزب الحاكم ومن مواقع محددة من المسؤولية من تتباهى بحمل الزي الطائفي وربما قدمت تعليلا سخيفا لذلك يعتبر آية من آيات الانتهازية  » فالأمر يتعلق إذن بسياسة دينية يقبلها البعض و يتحمس لها و يتهاون البعض الآخر في تنفيذها لأنه غير مقتنع بها و بالتالي فالمسألة ليست رفض الدولة و المجتمع لما سماه الزي الطائفي كما يدعي ولكنه موقف الجماعة المتنفذة في السلطة و الطائفة الاستئصالية في المجتمع التي تقاتل من أجل الدفاع عن أفكارها أو ترغب في الحصول على امتيازات لم تتحقق لها بعد ، كما هو واضح من مقال الملولي الصادر في نفس المصدر المذكور أعلاه ، فالمقالة كلها نتبين أن قضية الحجاب هي من جملة القضايا التي تتصارع حولها الأطراف المتمايزة في السلطة . وحتى نكشف إلى أي مدى أصبح الحجاب قضية سياسية في مفهوم هذا الجناح من السلطة نورد ما جاء في خاتمة المقال : » قد يتعامى الانتهازيون عن الحقيقة التالية : المشروع الحضاري للسيد الرئيس أتى لمواجهة الانحرافات التي سادت في النصف الأول من الثمانينات و من أبرز هذه الانحرافات التكالب على النفوذ و تزييف الحقائق و كلها تنتمي إلى قطاع الهرولة السياسية .  » و للأمانة نشير إلى أن المقال المذكور لا يهتم بمسالة الحجاب بالدرجة الأولى لكنه اتخذها كأحد أمثلة المعارك التي تخوضها السلطة من أجل تحويل برامج الرئيس إلى واقع معاش ، وفي معرض حديث مطول عن فلسفة النقد في هذا العهد النكد ، وهو بذلك لا يقوم إلا بالكشف عن أغوار نفسه التواقة إلى الحصول على امتيازات أكبر ولفت انتباه أصحاب الأمر والنهي إلى خدماته الجليلة التي يقدمها لهم دون أن يرتقي إلى منزلة أولئك الذين ينتقد مواقفهم المتخاذلة كما يزعم ، فالمسألة إذن صراع بين أجنحة السلطة وصل إلى درجة الحديث عن أطراف انتهازية وأخرى « مبدئية  » .   إن خيار استبعاد الإسلام عن معترك الحياة الاجتماعية و السياسية والثقافية في مجتمعنا لا زال الرهان الذي تتمسك به هذه القوى في محاولة منها للدفاع عن امتيازاتها التي حصلت عليها بدون وجه حق و لتحقيق مكاسب سياسية قذرة لأنها تبنى على حساب بناتنا ونسائنا و أمهاتنا العفيفات اللواتي لم يفكرن في الدخول في معارك من هذا النوع ، فهمهن فقط كان تحقيق التصالح بين مظهرهن وما يرونه سبيلا لإرضاء ربهن ، و لكنهن يجنين نتائجه دموعا و تأزما و حسرة على مستقبلهن الذي تتلاعب به أهواء جماعات جشعة لا يهمها إلا احتلال المواقع المهمة و الحصول على امتيازات عفنة . و إن الظلم لظلمات يوم القيامة . » و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون  » ونتخلص بهذا إلى تحليل مشهد اعتصام المحجبات أمام أبواب الجامعة لأنه أصدق تعبير عن تهافت خطاب السلطة و الجماعات المتحالفة معها أو الحالمة برد موجات التيار الإسلامي الهادر بإطلاق بالونات الهواء ،   3 ـ اعتصام المتحجبات : استنتاجات ومواقف   الذي يتابع سياسة السلطة تجاه مظاهر الصحوة الإسلامية على العموم ظاهرة الزي الإسلامي على الخصوص يلاحظ أنها أصبحت تجرأ على تقديم قراءة فقهية تتعارض مع ما هو سائد عند المسلمين وهي تظن أنها بهذا سبين بطلان ما تسمية بالأطروحات الأصولية في هذا الخصوص ، و ولو أحسنا الظن بأولئك المتخصصين في شؤون الدين ،نقول إن هذا جيد ونقبل به كقراءة « تجديدية » للنصوص الشرعية لكننا لا نجد بأي حال من الأحوال أنه يبرر سياسة التنكيل بالمتحجبات باعتبارهن قد أخذن بالقراءة الأخرى لهذه النصوص التي تأمرهن بالالتزام بما التزمن به عن إدراك و قناعة ، ودعنا من حديث النساء القاصرات الغافلات الذي يدافع عنها « المحلللون « لأنه لن ينطلي على ذي عقل سليم … أليس هذا هو مضمون احترام الحريات الأساسية للمواطن و المواطنة في دولة عضو في مجلس دولي للدفاع عن حقوق الإنسان و في بلد يدرس هذه الحقوق من المهد إلى اللحد و ينشرها بين الأمم ؟؟. ألا يدل مشهد المتحجبات وهن يعتصمن أمام أبواب الكليات لأنهن منعن من دخول قاعات الامتحانات على أن الأمر يتعلق بحرمانهن من حقهن في الدراسة و التفوق و فرض الجهل والأمية عليهن حتى يسهل إلزامهن بتقاليد التمييز التي ذكر كاتبنا زياد كرشان أنها جوهر للمجتمعات التقليدية و منها الإسلامية ؟؟ أيمكن أن يكون التصدي للأصولية الدينية بتطبيق مقولاتها على أرض الواقع من قبل خصومها ؟؟ إن المسألة كما يتضح حتى لضعاف البصر البصيرة ليست إلا كراهية للإسلام و من ينتسب إليه لأنه فقط يمثل منافسا قادرا على تغيير موازين القوى السياسية بما يهدد امتيازات و مصالح قوى الاستئصال و الديكتاتورية و ذلك هو السبب الرئيسي الذي من أجله يدفع الإسلاميون الثمن من أعمارهم سجنا و تنكيلا و تـشريدا ،وهي أيضا لعبة سياسية تمارسها الأجنحة المتصارعة على السلطة و الجماعات الانتهازية المتحالفة معها على حساب حقوق المرأة التونسية متحجبة كانت أو سافرة ، لأن الاستبداد لا يفرق بين الجنسين ، فمثلما نراه يمارس سياسة القهر والتعسف على الرجال من إسلاميين و محامين و قضاة و نقابيين و رابطيين و عمال و تلاميذ ، فإنه يعبر عن طبيعته المعادية للإنسان في حق النساء و الفتيات و المحاميات والنقابيات و المناضلات ..   وأحسب أن حركة النهضة باعتبارها حركة ذات مرجعية إسلامية قد اختارت عن اقتناع عدم اللجوء إلى تسييس مظاهر الصحوة الإسلامية و من ذلك الزج بالمرأة المتحجبة في معترك الصراع على السلطة في البلاد لكن و الأمر قد تبين على أنه لا مفر من تسييس قضية الحجاب فمن واجبها أن تتخذ الموقف السياسي المتضامن مع المحجبات والمستعد للنضال إلى جانبهن بكل ما تملك دفاعا عن كرامة المرأة التونسية و حفظا لحقوقها في التعليم والاختيار و العمل .   هذه بعض الآراء نسجلها على هامش مشهد اعتصام المرأة الجامعية دفاعا عن حقها في الدراسة والنجاح ونحن نؤمن أن تلك المحطة الرمزية سيكون لها ما بعدها من تصلب إرادة التغيير و الانعتاق و فرض الحريات « .
« و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ». صدق الله العظيم.   (المصدر: مجلة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 7 جوان 2006)  


لماذا العودة بثمن بخس؟

المنجي الفطناسي   يجمع كل الملاحظين والمتابعين للشأن التونسي على أن المعارضة التونسية عامة و الإسلامية منها خاصة دفعت أثمانا باهظة و ضرائب جسيمة في الأرواح و الأنفس و الثمرات مقابل نضالها ضد الدكتاتورية الجاثمة على صدر الشعب التونسي.
فما ارتكبه بن علي من جرائم في حق البلاد و العباد و في حق الهوية و الحريات لم ترتكبه فرنسا طيلة فترة استعمارها لتونس و لم يرتكبه بورقيبة خلال مسيرة حكمه التي جاوزت الثلاثين سنة.
و هذا ليس غريبا على حاكم يحمل في شخصيته أسلحة الدمار الشامل: الجهل و الفساد و الظلم.
– فهل نسي إخوة بيان  » من أجل إنهاء مأساة طالت  » سنوات القمع و الرعب و الإرهاب التي عاشتها تونس؟ – هل نسي الإخوة حملات المداهمات البربرية والإعتقالات التعسفية والتعذيب الوحشي الذي فاق في بعض الأحيان ما حدث في أبو غريب و الذي أدى إلى استشهاد العديد من الإخوة الأبرار؟ (أحد الإخوة جردوا زوجته تماما من ملايسها أمامه وهددوه باغتصابها إن لم يعترف) (عامر الدقاشي قتلوه تحت التعذيب في وزارة الداخلية ثم رموه من الطابق الثالث و ادعوا بعد ذلك أنه ألقى بنفسه محاولا الفرار) – هل نسي إخوة البيان سياسة التنكيل و البطش و القتل البطيء التي اعتمدها النظام في السجون التونسية و التي تحدثت عنها كل المنظمات الحقوقية في الداخل و الخارج؟ – هل نسي إخوة البيان الظلم المسلط على المساجد حيث منعت من أداء رسالتها و أصبحت مرتعا للحمام و للسواح وللجهلة من أعضاء الشعب و لجان اليقظة و المخبرين؟ – هل نسي إخوة البيان الحرب المستمرة بلا هوادة على الحجاب؟ هذا الحجاب الذي لا يمنع و لا يحارب في إسرائيل ويمنع و يحارب في بلد جامع الزيتونة و عقبة بن نافع و أبو لبابة الأنصاري و أبي زمعة البلوي. هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن العصابة الحاكمة في تونس أشد تصهينا من الصهاينة أنفسهم. (إحدى الأخوات رفض طبيب مجرم في مستشفى الرابطة توليدها بسبب الحجاب. ) (إحدى الأخوات منعوها من ارتداء الحجاب حتى في بيتها. طلب منها البوليس ذلك قائلا: إذا جئنا لسؤالك عن زوجك الهارب فيجب أن تفتحي الباب و أنت غير محجبة.) – هل نسي إخوة البيان الأخوات اللواتي أكرههن البوليس على الطلاق من أزواجهن المساجين أو المغتربين؟ وعندي أمثلة لا أستطيع نشرها إلا بإذن من أصحابها. – هل نسي إخوة البيان هجمة النظام الشرسة على الأحزاب السياسية و على كل مكونات المجتمع المدني و آخرها وليس آخرا الإعتداء الصارخ والشنيع على المحامين و من ساندهم من الحقوقيين؟ – هل نسي إخوة البيان سياسة إفساد المجتمع المنظمة و المتعمدة و التي تهدف إلى تدمير كلي للأخلاق و تمييع الشباب و فك كل الروابط الأسرية ونشر الجريمة بكل أنواعها؟ وانظروا إن شئتم إلى ما تقدمه وسائل الإعلام المرئية ومؤسسات التربية والتعليم من سموم. – هل نسي إخوة البيان الإعتداءات التي تعرض لها الأخوين منذر صفر و أحمد المناعي في باريس ومناضلي الرأي في تونس بأساليب خسيسة تبين خساسة هذا النظام؟   أقول لإخوة البيان:   – إن العقلاء لا يدفعون أثمانا باهظة ليعودوا بعد ذلك إلى أوطانهم بأثمان بخسة أو بلا أثمان أصلا. – إن الإختلاف مع حركة النهضة أو الخروج من تنظيمها لا يعني أن البديل هو الجلاد. نختلف مع حركة النهضة في الكثير من الأمور ولكن المبادئ تمنعنا من تحويل الوجهة نحو الجلاد. – أسأل إخوة البيان من فوضكم للحديث باسم المساجين؟ نحن على اتصال دائم بأحباب و أصدقاء المساجين و لم نسمع أنهم فوضوا جهة معينة للتحدث باسمهم. وإذا كان المساجين المكتوون بنار البطش و التنكيل و الصابرون المحتسبون قد رفضوا كل المبادرات التي عرضت عليهم ليقينهم أن بن علي لا خير فيه و أنه لا دين و لا أخلاق و لا عهد و لا ميثاق له. فكيف تقبلون أنتم. مخطئ من ظن أن للثعلب دين وهل هناك مناضل شريف في الدنيا يقول لجلاده سيادة الرئيس و يمجد مناوراته و مؤامراته. هذه البعثة الرئاسية التي حل ركبها بباريس ما هي المعايير التي اعتمدتها في انتقاء الأفراد. ولماذا هؤلاء بالذات ؟ إذا عاد بعضكم فعلا إلى أرض الوطن وأعجبهم الوضع السياسي المستقر والإحترام التام لحقوق وكرامة الإنسان فلماذا رجعتم إلى أوروبا ولماذا اللعب على حبلين؟ لقد بادر قبلكم الهاشمي الحامدي و تملق لسيادة الرئيس كثيرا ورأى بأم عينيه زوجته وهي تعلم بناتها الصلاة فكانت النتيجة أن دجن و فقد مصداقيته عند الكثيرين و لم ينل من بن علي سوى تقليده في لبس الجبة التونسية أثناء إدارته لحوارات المستقلة. لقد أثبتت التجارب أن بن علي كالحلفاء لا يستجيب إلا تحت الضغوطات. لقد أخطأتم التوقيت. لقد تزامن بيانكم مع تصعيد أحمق خطير من السلطة تجاه مناضلي الرأي و تجاه المحجبات العفيفات ومع تدنيس المصحف الشريف الشيء الذي سيجعل هذا البيان شاهدا عليكم لا لكم. ثم ماذا يريد الإخوة من العودة؟ وما هو مشروعهم في البلاد ؟ أم يريدون العودة و فتح دكاكين للشوارما والتوبة والإستقامة على طريقة السابع من نوفمبر؟   أقول لإخوة البيان لا تبطلوا نضالاتكم المشرفة بالهرولة نحو السراب و تتحولوا من دعاة للحق إلى أعوان للظلمة. إن الطريق الوحيد للعودة الكريمة هو الصبر الإيجابي و بذل كل ما في الوسع للم شمل المغتربين والتواصل مع الداخل والتحرك على جميع الأصعدة السياسي منها و الحقوقي و الإعلامي و الدعوي و العمل يدا واحدة من أجل إسقاط هذا الصنم.   أخيرا هل يرضى هؤلاء الإخوة أن يكون بيانهم مادة يستغلها مرتزقة و أبواق النظام من أمثال برهان بسيس و البعثي رضا الملولي للنيل من ديننا و إخواننا؟   (المصدر: موقع « الحوار.نت » بتاريخ 6 جوان 2006)   


همسة خفيفة جدّا

 

السلام عليكم ورحمة الله، وبعد فلم أكن لأكتب هذه الكلمات لو لم أجد نفسي متحرّجا من سوء الفهم الذي حصل     ( أو هكذا خيّل إليّ ) لدى أخي الحبيب محمد العماري من خلال ما كتب عبر صفحات تونس نيوز بتاريخ 5 يونيو 2006.

وإذ كتبت فإنّني لن أطيل، ولذلك أقول: قد وقعت يديّ على هذه  » المزابل  » بالفعل لأنّها كانت الإمكانية الوحيدة التي بها أنتشل إخوتي وقد رأيتهم يغوصون فيها بصورة لاإراديّة.

فالغرض – أخي – لم يكن إشاعة الرّائحة الخبيثة، بل على نقيض ذلك كان محاولة للتطهير. ولم تكن دعاية – لموقع أسميته ساقطا في مقالي – أو مساهمة فيها، بل كان تنبيها لإخوتي ( والكلام في المقال المذكور واضح حيث قلت: مقياس دقيق وصحيح أيّها الأحبّة…أن ترى نفسك أين تُذكر وبما تُذكر ) إلى أنّه بهذا التوجّه المعاكس للحقيقة والأحداث بالبلاد قد لا يجدون الحُظوة إلاّ عند هذه  » المزابل  » التي ذكرتها أنت والتي اضطررت أنا إلى وضع يديّ – بقصد – فيها.

كنت أتمنّى – وقد علمتُك تعرف الحكمة بعلاماتها – أن تفهم منّي القصد فتقبل منه حبّي لكم جميعا، لا أن تشفق عليّ وتظلّ تتفرّج على يديّ تقع في  » المزابل  » دون أن تساعدني على إزالة ما علق بها من  » نجاسات « . أسأل الله لنا جميعا حسن الخاتمة.

عبدالحميد العدّاسي  


أبو يعرب في منتدى الجاحظ

 

الهوية من منظور الحضارة الإسلامية في عصر العولمة

 

    عرض و تقديم الاستاذ : جابر القفصي

الجزء الأول  (1  من  2)

 

استضاف منتدى الجاحظ  عشية السبت 03-06-2006  الدكتور الباحث أبو يعرب المرزوقي  ليحاضر في موضوع  الهوية من منظور  فلسفي علمي لا من منظور صحفي أيديولوجي ، أي  الهوية في مستوياتها العميقة حيث لا يمكن اعتبار الهوية مرض تعاني منه الحضارات التي فقدت الوجهة الصحيحة فصارت تتخفى    وراء إشكالية الهوية لتغطي عجزها، فهذا حكم مسبق يجعل إشكالية الهوية تخص  فقط المجتمعات  المتخلفة  أو  التي لها تراث عظيم و انسحبت إلى حين من الفعل التاريخي.

 لعلاج  مسألة الهوية لا بد أن ننطلق من تعريف الإنسان  الذي ينتسب إلى عالم الحيوان  (المستوى  البيولوجي) و عالم الرمز  ( المستوى  الثقافي و الحضاري) . إذن  هناك هوية تنتسب  إلى التاريخ الطبيعي أو الظاهرات الحية و هوية تنتسب إلى التاريخ الثقافي الإجماعي  الإنساني.

 و لقد بدأت مشكلة الهوية  تصبح مشكلة فلسفية منذ أن صارت الهوية في المستوى الطبيعي  البيولجي  ، تاريخية و  لم  تعد ثابتة  وواحدة كما  كان يعتبرها  أرسطو. فمع علم البيولوجيا الحديث و نظرية  النشوء و الارتقاء أصبحت الهوية متطورة و  متعددة (هويات) . فهي  بهذا المعنى تمثل  ما يترسب من التكيفات  المتراكمة   في العالم الحيواني،  و عند  البشر هي تمثل مل يترسب من تكيفات و  أفكار  في  المستوى الرمزي.

 

1/ الأزمة التي تعاني منها الهوويات

 

    هذه الأزمة لا نرى منها سوى وجهها عندنا و صرنا نهرب منها و  نعتبر من يتكلم فيها ماضوي  و سلفي و ربما رجعي. و هي تعبر في  العالم المتخلف  الذي  ننتمي إليه عن خوف من الزوال بالغزو  الثقافي( زوال  الغيرية فنندمج  في الآخر  الغازي) و هي  إذن  نوع من الاستيعاب و الهضم الثقافي للحضارات القوية حتى لا تبتلعنا و  لا تبقي منا شيئا.

 و هي في العالم المتقدم  خوف من الزوال من الناحية البيولوجية (  شيخوخة الغرب) أي خوف  مما يسمى  بالقنبلة الديموغرافية التي يمثلها العالم الثالث و هو ما  تخشاه إسرائيل و الغرب عموما.

الهوية  إذن  من هذا المنظور تعيش  أزمة وجودية في العالم كله، و هي عندنا أقل حدة مما  هي عند  غيرنا ، لأنني يمكن أن  أستوعب ثقافيا من الآخر فأزيله و آخذ أفضل ما عنده خاصة و أن الظواهر الرمزية  و الثقافية أكثر صمودا  و مقاومة  من الظواهر البيولوجية. و بالتالي فالانقراض البيولوجي  أسهل  بكثير من انقراض الثقافي . و من هنا نفهم  لماذا يخطط  العالم المتقدم  لتحديد نسل العالم المتخلف (الذي يلهيه  التكاثرle  lit de  la misère est fécond ) و ذلك عبر الأدوية و الأغذية الفاسدة  و الأمراض  ‘السيدا)  و الحروب الأهلية  و الفقر  ، تماما مثلما وقعه في أمريكا اللاتينية مع  الهنود الحمر.

 إذن العالم المتقدم الذي شاخ ( و  الذي له فنيات التصدي للعالم الشاب  الذي ليس له فنيات  التصدي للمخططات الأجنبية) يعمل بكل جهده للتخلص من هذه القنبلة الديموغرافية  . و  لكن ما حدث في  أمريكا اللاتينية  من قتل الناس بالجدري و بالخمر  و بالسلاح و بالفقر…أصبح الآن شبه مستحيلا  لأن الأمراض  الجديدة ليس لها تطعيم أو تلقيح و يمكن أن تنتقل إلى  الغرب و لذلك لم يستعمل هذا الأخير بعد سياسة الإفناء الجماعي.

   و لكن  لحسن حضنا أن العناية الإلهية  (أو الحتمية التاريخية بمنطق العلمانيين) جعلت  أن أثر الخوف من الزوال بالغزو  الحيوي  على  الخوف من الزوال بالغزو الثقافي  ضعيفة  لأن العالم الثالث ( رغم افتقاره للأدوات الفنية للتصدي ) فإنه يتوفر على أدوات  رمزية أقوى من أدوات الغرب و لذلك نجد السحر و الأساطير و  المعتقدات الشعبية الشرقية تغزو الغرب  الذي صار –في  المستوى الشعبي العام – ميالا لأن تستوعبه الثقافات المتخلفة أكثر مما تستوعبه  الثقافات المتقدمة و العقلانية و التقدمية. فالشعب الأمريكي مثلا أكثر إيمانا  بالخرافات  من أي  شعب في العالم  الثالث.  و هكذا تصبح-  في مستوى معين – الخرافات في العالم الثالث مستقبل الثقافة في  العالم المتقدم. و هي مفارقة عجيبة لا  ينتبه إليها مثقفو العالم الثالث.

 الأزمة  من هذا المنطلق إذن سببها أن الفكر الإنساني صار يسلم أن  الحفاظ على الهوية – في  مستواها البيولوجي و الثقافي – أصبح يعني –  كفعل ثقافي مؤثر –  هدم  وجود الإنساني في  الإنسان باعتبار أن  الإنسان ليس له  طبيعة  خاصة  و قارة ( أي هوية  كونية متميزة  على  تميزاته التاريخية) فيمكن في كل وقت هدم الهوية الموجودة( الإنسان في التاريخ عضويا و  رمزيا) و استبدالها بأخرى مغايرة .  و  هو ما يعرف بفكر ما  بعد الحداثة و هو فكر أسطوري ديني عبثي.

لإذن الغرب يعيش أزمة هوية أكثر مما نعيشها نحن لأنه مهدد عضويا و ثقافيا في وجوده.

2/ تصنيف الآليات التي تتحقق الهوية

و هي خمس أنواع:

 

1– الهويات  ذات التأليف  القصدي   الفاعل الناتجة عن الأيديولوجيات القومية     ( في  التاريخ الأوروبي الحديث) حسب سياسة  تربوية   تغلق الحدود و تكون الأشخاص وفق تصورها الأيديولوجي ، و استيراد  هذا  النموذج هو الذي فكك الأمة الإسلامية. فأصبحت  هوية العراقي مثلا هي  ليس  ما يشترك  فيه مع المسلمين بل ما يمتاز به على الأجوار، بحيث صرت أنا ما ليس غيري، أي أن هويتي  هي أني غير غيريje suis l autre de  l autre .نحن إذن أمام هوية سلبية  تفني الاخر أو تلغيه. فلا  يمكن أن أوجد إلا  بالمعنى الدارويني  (  البقاء للأصلح  الذي هو  طبعا الأقوى) ، أي يجب علي أن  افني غيري لأبقى.

 

2– الهويات ذات التأليف القصدي المنفعل و لنأخذ مثال الجزائر حيث الهوية هي  بالضبط ما أزالته فرنسا من الجزائر  و يجب استعادته( الدين، اللغة،التاريخ).  و هو في الحقيقة لا يعود على الجزائر  قبل الاستعمار  لأن  ما أزيل قد  مات  و ضاع و لا يمكن أن يعود ، و إنما هي عودة أو تحقيق لصورة الجزائري الحالي  عما يتصور أن فرنسا قد أزالته  . فهذا النموذج  للهوية الوهمية المنفعلة جعل التربية ذات وظيفة أيديولوجية (  التنازع بين أيديولوجية العلماني  « التنويري » و السلفي الذي يريد العودة على الأصول و على ما أزالته فرنسا.)

 

يتبع ( الجزء الثاني)

 

 

محترفو ترويج الإشاعات:

مغالطات وافتراءات بالجملة

* م.ب.ح – تونس   لا يمكن للمتابع عن قرب للشأن السياسي في تونس إلا أن يصاب بالدوار أمام حجم المغالطات والافتراءات التي دأب على ترويجها محترفو بث الإشاعات من المفلسين على المستوى السياسي ويسعى هؤلاء من ورائها إلى التشكيك لغايات أصبحت غير خافية في مدى حرص الدولة في تونس على الحفاظ على هوية الشعب العربية الإسلامية وعلى احترام مقدساته والذود عن حرمات دينه.   وتتوهم هذه الأطراف التي عجزت عن تقديم أية بدائل سياسية ورفضتها أغلبية الشعب التونسي أن الالتجاء إلى مثل هذه الأساليب المشبوهة كفيل بأن ينقذها من حالة الاحتضار التي تعيشها ويسلط الأضواء عليها من جديد ويخرجها من دائرة العزلة التي وضعت نفسها فيها بفعل ممارساتها التي لقيت رفضا من كل مكونات المجتمع.   ولا شك أن اللعب على الوتر الديني وتوظيف المقدس المشترك وإقحامه في الشأن السياسي عبر بث الأكاذيب والترهات حول مزاعم باستهداف الدين الإسلامي في تونس يرمي إلى تنفيذ مخططات مشبوهة وخطيرة.   ولذلك فإنه يتعين على كل الوطنيين الشرفاء بما فيه المنضوون تحت لواء المعارضة أن يتصدوا بكل حزم وقوة إلى هذا السلوك المغالي في الانتهازية السياسية والذي لا يولي أدنى اعتبار لضرورة وضع مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار، لأنه في هذه اللحظة الحرجة التي يتكالب فيها باعة الأوطان على الإساءة إلى وطنهم عن قصد وبنية مبيتة لا مجال إلى الوقوف على الربوة ولامفر من الانحياز إلى الوطن ضد أعدائه ولامبرر للاكتفاء بترديد الشعارات الجوفاء وإنما المطلوب هو الوقوف صفاواحدا من أجل الحفاظ على المكاسب والذود عن شرف الوطن وسيادته ومناعته.   وليعلم هؤلاء أن الشعب التونسي بلغ درجة من الوعي والنضج تمكنه من التمييز بين من يسعى جاهدا إلى تحقيق اماله في مزيد التقدم والرخاء والتطور والرفاه وبين من يتاجر بقضاياه ويحيك المؤامرات ويعقد الصفقات المشبوهة باسمه لغايات أصبحت مكشوفة ومعروفة للجميع.   وان هذا الشعب الذي خبر معدن هؤلاء ولفظهم في ما مضى لن تنطلي عليه أكاذيبهم وأراجيفهم ولن يسمح لهم باللعب بعواطفه وبالمتاجرة بمعتقداته ومقدساته.   وليعلم هؤلاء كذلك أنه لا مجال في تونس بلد القانون والمؤسسات إلى التلاعب بمقدرات ومصالح الشعب التونسي وبحقه في أن لا ترتهن إرادته وفي أن يعيش في ظل الحكم السياسي الذي اختاره عن طواعية وباقتناع كامل، وفي كنف الأمن والاستقرار الذي وفره له العهد الجديد والذي تغبطه عليه كثير من البلدان.   كما أنه لا مجال للتساهل مع من يعرضون مصالح الوطن إلى الخطر ومع من يقودون الحملات المغرضة والكاذبة لتشويه صورته في العالم وذلك بالعمل على فضح مؤامراتهم وكشف زيفهم وبوقوف كل مكونات المجتمع أمام مخططاتهم المريبة والمشبوهة.   (المصدر: ركن « قضايا وآراء » بصحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 7 جوان 2006)  


تحالف الأضداد… أراجيف ملغومة

بقلم الأستاذ: عبد السلام حاج قاسم (*)   من الاكيد ان بعض المواقف الاخيرة والاشاعات الخطيرة تستدعي من جميع التونسيين وقفة صارمة مع مضامينها، بعدما تم ضبط اصحابها في حال تلبس مشهود تعفينا من قراءة ما هو بين السطور، اصبح الوضوح محتوما بعدما تجاوزت هذه الاطراف اسلوبها المراوغ والمخاتل والمغالط المعتاد لتكشف دون التباس ما كان مستورا وتؤكد ان اصحاب هذه المواقف مستعدون لارتكاب المحظور في سبيل تحقيق مآربهم الخاصة على حساب مصلحة الوطن.   انه سقوط مدو وليس مجرد انزلاق هذا الذي ترجمته الاطروحات التي لا مقدمات لها ولا قرائن تسندها في الواقع وانما هي اطروحات مأجورة يسترزق أصحابها فائضا من الربا السياسي والرياء ايضا!!   لقد كنا نعتقد ان المصالح العليا للبلاد لا تحتمل المزايدات ولا بيانات القفز في المجهول ولا فتح الابواب للغول الظلامي لما في ذلك من خطر على التجربة الديموقراطية ذاتها.. ولكن المفارقة الفاجعة ان رهطا ممن يدعون الانتساب الينا داسوا على هذه القاعدة مما اضحى يستوجب منا جميعا، وعلى اختلاف ألواننا، كشف هذا السقوط الرهيب لتخليص القيم النبيلة من براثن المزايدة المكشوفة والمساومة الخسيسة، ومن اجل تعرية اصحاب الاسهم في الاسواق والبورصات السياسية التي تتلاعب بتطلعات الشعوب وامالها المشروعة.   ان افراد هذا الرهط الانتهازي يتباكون على الديموقراطية وهم يمعنون في تفخيخ طريقها والتحالف مع شياطينها. ويقيمون المناحات على حقوق الانسان وهم يرفعون النخب مع اكبر الدائسين عليها والكافرين بها.   ولئن كنا على قناعة راسخة بأن شعبنا لن يقبل بتحالف الاموات هذا، لانه يدرك بوعيه التاريخي ان المنافق والقادر على استبدال جلده في كل ظرف ومناسبة لا يمكنه الحديث عن القيم  النبيلة، وان الذي يلبس معطفه عندما تمطر في بلاد اسياده لا يمكنه الحديث عن الوطنية الاصيلة، وان الذي كذب على نفسه قبل ان يكذب على الاخرين لا يمكنه ان يتعمم بالفضيلة، فان استنفار مخزوننا العقلاني ويقظتنا السياسية اكثر من مطلوبة اليوم بعد اكتشاف هذا المشهد الدرامي الذي يستدعي الرثاء والمتمثل في تحالف يسار «مزطول» بهوس الهروب الى الامام واصولية لا جذور لها في هذه الديار، تحالف يدعونا الى نفي مستقبلنا ورهنه الى مزاجية اصحابه واهدافهم الخاصة.   ان المناورة والتكتيك مشروعان في العمل السياسي ولكنهما يتحولان الى ضرب للمصلحة العليا للوطن اذ ما اسيء استخدامهما، واذا ما اصبحا اداة لاجهاض تجربة رائدة في الصلاح والتغيير والبناء والتعمير اثبتت جدارتها وصواب مقاربتها في كل المجالات.   كما ان السياسي الذي لا يملك الشعور بالمسؤولية في تعاطيه مع الشأن العام يحكم على نفسه بنفسه بالخروج من الاجماع الوطني ويتحمل وحده وزر ما قد يترتب من نتائج سلوكه الشاذ واللامسؤول.   ولاشك ان ما اقدم عليه تحالف الاموات من اختلاق لوقائع وترويج لافتراءات تعدت سقف السياسة لتتنزل في سياق خطاب مشحون بالارهاب، خطاب معصوب العينين يسقط قسرا ما يعشش في فكر اصحابه من سواد على الواقع، لدليل على فقدان البوصلة والوقوف على ارضية اعمدتها رخوة ويكفي اصحابها صك واحد حتى يستبدلوا جلدتهم وينقلبوا مساء على كل الافكار التي كانوا يروجون لها صباحا.   انه لتحالف عجيب هذا الذي يجمع بين الذين لا يفقهون في الدين وبين الذين تكشف مسيرتهم جهلهم بالسياسة. ولكنه تحالف رغم ادراكنا لهشاشته لا يعفي الوطنيين الصادقين من مهمة فضحه حماية للوطن ومسيرة التغيير فيه.   ان خيار التعددية في بلادنا خيار لا رجعة فيه بالتأكيد. ولكن هذا الخيار يجب ألا ينسينا جميعا القاعدة الكونية وهي انه لا ديموقراطية في غياب سلطة القانون، لان الديموقراطية الحقة لا تعني الفوضى، بل من شروط النجاح في ترسيخها سلوكا وممارسة وثقافة، احترام الجميع لسلطة المؤسسات باعتبارها شرطا لا تستقيم التعددية في غيابه.   فاحترامنا للقانون لا يتعارض مع ايماننا بالتعددية والديموقراطية، وانما هذا الاحترام ينطلق من الادراك بأن الحياة السياسية السليمة تستدعي احترام حرمة القوانين وعدم تجاوزها والحرص على ان يكون القانون فوق الجميع.   وقراءة سريعة لمجمل مواقف تحالف الاموات تكشف نزوع اطرافه الى الاستهتار بالقوانين المنظمة للحياة السياسية في بلادنا وفي هذا اساءة بليغة لجوهر الممارسة الديموقراطية والتعددية التي ينشدها شعبنا والتي هي حزام امان الاستقرار الذي تنعم به بلادنا وضمان استمراره.   لكل هذا نعتبر ان مواقف تحالف الاضداد اراجيف ملغومة تشكل خطرا على تطور حياتنا السياسية القائمة على الحرية والمسؤولية معا.. في رباط لا تنفصم عراه..   تبقى الاشارة الى ان محاولة نقل الحراك السياسي من مجاله المدني الى مجال المقدس محاولة فاشلة اصلا.. لان اسلام التونسيين يبقى اسلاما لا يحرض ولا يكفر ولا ينشر بذور الكراهية والضغينة وانما هو اسلام الايمان والتقوى والموعظة الحسنة.. اسلام لا يوظف لاعتبارات سياسوية رخيصة، اسلام يحظى بالرعاية والمنزلة الرفيعة في عهد صالح البلاد مع كل مكونات هويتها.. تلك الهوية التي بقدر اعتزازها بالجذور لن تتخلى عن وعيها بحتمية الانخراط في مسار الحداثة والتفاعل مع محيطها ومع ثقافات العالم.   ان النرجسية، حتى في اتعس حالاتها، وان الانتهازية، حتى في ابغض تجلياتها، وان التحجر الفكري حتى لما يعصف بالعقل، لا يمكن ان تبرر كلها ابدا التشكيك في مقومات هذا الوطن او ان نراهن على تأليب جحافل الظلامية عليه.   (*) محامي   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 7 جوان 2006)


الإنسان في الإسلام » لعبد الوهاب بوحديبة :

تـجـلّيات الإنسيّة فـي الثقافة الإسلاميّة

زياد كريشان   من هو عبد الوهاب بوحديبة ؟ هل هو فيلسوف تاه في أدغال الأبحاث الاجتماعيّة أم عالم اجتماع لا يجد راحته إلاّ في التأمّلات والمفاهيم ؟ إنّ عبد الوهاب بوحديبة (الرّئيس السابق لمركز البحوث والدراسات الاجتماعيّة والرئيس الحالي لمجمع بيت الحكمة) حالة خاصّة في الفكر التونسي فهم فليسوف بحكم الدراسة الجامعيّة وعالم اجتماع بحكم البحث العلمي ومتبحّر في شتّى دروب الأدب والفكر في الثقافة الإسلاميّة.   صاحب الكتاب المرجع  »الجنسانيّة في الإسلام » ( La sexualité en Islam ) ناظر ومتأمّل ودارس لتراثنا الأدبي والفلسفي والصوفي والديني منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما… ويمكن أن نقول إنّ عبد الوهاب بوحديبة يريد أن يوظّف كلّ خبراته وأدواته الفكريّة لاستكناه معان جديدة في التراث الإسلامي ويمكن أن نقول إنّ كتابه الأخير الصادر عن دار الجنوب للنشر  »الإنسان في الإسلام » (باللغة الفرنسيّة) يندرج في هذا التمشّي الفكري. ينطلق بوحديبة من الفكرة التالية : عادة ما يعتقد المسلمون وغير المسلمين أنّ ما هو جوهري في الدين والثقافة الإسلاميّة هو التعالي أو المفارقة( Transcendance ) الإلهيّة. بوحديبة لا ينفي هذا لكنّه يؤكّد في نفس الآن أنّ المشروع الإسلامي قائم كذلك على نظرة إنسيّة. على الإنسان الخليفة الخالق للمعنى، فالله أمام الإنسان لا في تقابليّة ضديّة أو في علاقة عبوديّة بسيطة بل في استخلاف حقيقي لبني آدم، استخلاف قوامه الحريّة الأصليّة للإنسان. لكن ألا يوجد هنالك منزلق قد نخلط به بين المشروع الديني كما جاء في النصوص المقدّسة للإسلام والثقافة الإسلاميّة كما تطوّرت عبر العصور والأصقاع.   يرى بوحديبة -وهذا هو موطن الجدّة الأساسي في تفكيره وكتابه- أنّه لا يمكن الفصل بين الإسلام كدين والإسلام كثقافة وحضارة فالاعتقاد قد تجلّى في التاريخ وبتجليه يمتزج ضرورة بالثقافة فلا عقيدة خارج الثقافة أي الانتاج المعنوي للإنسان ولا ثقافة في تاريخ الإسلام دون استحضار وتأويل للنصّ الديني ومن ثمّة يصبح الفصل، عند بوحديبة بين الدين كنصوص والثقافة كإنتاج بشري يقرأ ويؤوّل النصّ لا معنى له منهجيّا ولا تاريخيّا. بهذا التمشّي يمكن أن نفهم فلسفة فصول كتاب  »الإنسان في الإسلام » إذ اهتمّ بوحديبة ببعض النماذج لما يسميه بالمشروع الإنسي في الإسلام من خلال نصوص القرآن والسنّة واجتهاد الفقهاء وظرف الأدباء ونظر الفلاسفة وتأمّل المتصوّفة… وهذه النماذج ليست انتقاء اعتباطيّا من المؤلّف وإنّما هي أمثلة عن هذا المشروع الإنساني الكبير…   لاشكّ أنّ فيلسوف قرطبة ابن رشد والشيخ الأكبر للمتصوّفة ابن عربي والأديب المعتزلي الجاحظ والأصولي (نسبة إلى علم أصول الفقه لا الأصوليّة) الشاطبي مرورا بابن باجة الفيلسوف والتوحيدي الأديب والجيلي المتصوّف… لاشكّ أنّ كلّ هؤلاء لو بعثوا للحياة من جديد سيعجبون من وضعهم جنبا إلى جنب في هذا المشروع الإنسي الإسلامي… ولا شكّ أنّ هؤلاء والمدارس التي ينتمون إليها كانوا أعداء ألدّاء لكن عبد الوهاب بوحديبة ينظر إليهم وإلى غيرهم جميعا كلحظات لتجلّي هذا المشروع في التاريخ، فهو لا يخفي تمشيه الهيديغري (نسبة إلى الفيلسوف الوجودي الألماني هيدغير) إذ يعتبر أنّ الفقه وعلم أصول الفقه وعلم الكلام والتصوّف والأدب والفلسفة كلّها محطّات لرفع الحجب عن الهدف الأسمى الذي يخترق كلّ هذه المجالات المعرفيّة وبتجاوزها كذلك وهو النظرة الإنسيّة للإسلام.   وبما أنّ الإنسيّة لا معنى لها دون الإقرار بالحريّة الأصليّة الخالقة للإنسان يصبح المشروع الإسلامي يتحقق حتّى الزنادقة والملحدين. أليست الحكمة، كما يقول البخاري في تعليقه على حديث نبوي، هي الإصابة دون نبوة ؟ الأكيد على كلّ حال أنّ كتاب الدكتور عبد الوهاب بوحديبة قادح للأفكار وباعث لتأمّل عميق في زمن كثر فيه الذين يلقون الكلام على عواهنه ويتحدّثون عمّا ليس لديهم به علم.   « L’Homme en islam » de Abdelwahab Bouhdiba -Sud Edition -Tunis février 2006 هذا ونشير إلى أنّ النسخة العربيّة من  »الإنسان في الإسلام » هي الآن تحت الطبع.   (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)


المفكر والباحث الاجتماعي عبد الوهاب بوحديبة:

«لا تناقض بين الإسلام والحريّة»

في هدوء وتأمل يواصل الباحث عبد الوهاب بوحديبة طرح الاسئلة ومحاولة البحث عن اجابات مفتوحة مقنعة في مسائل كانت ولا تزال تؤرّق أهل المعرفة عبر التاريخ العربي الاسلامي. اشكاليات معرفية وثقافية يدفع بها رئيس المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكم من موقع الباحث لا المدير، أسئلة الحريّة وأنسيّة المشروع الثقافي في الاسلام أو الانسانية الشاملة وطرق الخلاص الممكنة. كلها أسئلة واخرى يطرحها الاستاذ عبد الوهاب بوحديبة في كتابه  »الانسان في الاسلام » الصادر مؤخرا في نسخة فرنسيّة عن دار الجنوب في انتظار النسخة العربية التي تحافظ على الاشكاليات ذاتها مع خصوصيات معينة في التوجه للقارئ العربي. ويحاول الباحث أن يعمق النظر في مسائل اشكالية منها : هل خلق الانسان ليخلق أم يبدع وجدلية الخلق والابداع ؟ وهل أن المهد الطبيعي الآن لما دعا اليه الاسلام هو الغرب الآن؟ وكيف تعددت مسالك المعرفة للوصول الى الغاية الواحدة؟ واذا كانت الحكمة عند البخاري هي الاصابة بغير النبوة فهل يمكن حسب الباحث عبد الوهاب بوحديبة الوصول الى المعرفة من الداخل فقط؟ وهل ثمة تحديات في هذه المعرفة ؟ تلك الاسئلة واخرى قرأناها في الكتاب وحاولنا اعادة طرحها وبشكل مغاير مع صاحب كتاب «الفرد والمجتمع في الاسلام» فكان هذا الحوار الذي لن نفقد به «معنى الحريّة» بل نعمّق الاسئلة فيها وعنها.   ماهي مبررات الحديث الجدّي والمعمّق عن «الإنسان في الإسلام الآن»؟   هذا الكتاب الصادر عن دار الجنوب للنشر موجود باللغتين العربيّة والفرنسيّة (ظهرت الفرنسيّة والعربيّة في طور الإنجاز) والهدف أو الدافع لتأليف هذا الكتاب، هو أننا نعيش الان خلطا فادحا بين المقولات والمقوّمات والمبادئ الإنسانيّة الفلسفيّة وبصفة خاصّة كلّ ما يتصل منها بالعرب والإسلام. إنّ الكتابة تستوجب الإلمام بالمعطيات، ذلك أنّنا نعيش فترة يكتب فيها كلّ من يشاء ما يشاء وأضعف ما يكتب ينشر ويروّج له.   فهل أنّ هذا الخلط مقصود؟   ثمّة خلط بين الايمان والشرّع والشريعة والفقه والقانون إذ يتمّ الانتقال من مستوى الى مستوى بسرعة عجيبة ودونما ضوابط معرفية ومنهجية. تحدّثت عن شموليّة النظرة للإنسان كإحدى المقوّمات الأساسيّة في الإسلام هل من توضيح؟ إشكالية الإنسان وجودا وقيمة ودورا من المقوّمات الأساسيّة في الحضارة الإسلاميّة. وقد عالجت جوانبها المميّزة لأبيّن أنّ الإسلام أتى بمشروع ثقافي يرتكز على الإنسان. ويندرج ذلك ضمن رؤية متكاملة، إذ الإسلام يعتني بالإنسان روحيّا وثقافيّا في الوقت ذاته. لكن هذه المستويات من الفهم تظلّ مفتوحة على روافد ثقافيّة وحضاريّة وإنسانيّة تغذيّها؟ حاولت رصد مختلف أوجه الحضارة العربيّة الاسلاميّة. إنّ اللّه تعالى يبقى المركز وهو الخالق فوق كلّ شيء ولا يضاهيه شيء، وهو المتعالي بصفة مطلقة، إلاّ أنّ الإنسان يظلّ في أعلى مرتبة بعد اللّه ويأتي مساره ضمن النظرة التاريخيّة والأنثروبولوجيّة. هذا جوهر النظرة الإسلامية التي تتمحور حول إيكال اللّه مسؤولية خلافته في الأرض للإنسان.   تقول إنّ الإنسان خلق ليخلق أو ليبدع كذلك لأنّه الموكّل بالخلافة في النظرة للعالم والطبيعة حتى يعطي معنى لوجوده؟   خلق الإنسان ليخلق ويبدع، وهذا الخلق لا يكون من عدم ولكن لإضفاء المعنى على جميع أفعاله وأقواله وإبداعاته، وهذا يعرّضه إلى إمكانيّة المزالق والأخطاء… الحريّة هي اختيار بين التصرّفات والتوجّهات المختلفة وهذا يفرض إمكانيّة الانزلاق والخطإ الممكن والمحايث للوجود الإنساني.   والعصيان وارد؟   امكانيّة العصيان مفتوحة منذ خلق آدم وخلقت معه إمكانية هذا العصيان. الملائكة وظيفتهم الاستجابة للّه والتسبيح له، فهم معصومون من الخطإ فيما الوجود الانساني مقترن بالحريّة التي تعني الاختيار، والاختيار يعني المسؤوليّة. هذه التوجهات الأساسية هي التي أجدها في مختلف مدارس الفقه والفلسفة والادب على حدّ سواء.   لكن البعض يتحدّث عن قطيعة بين الاسلام والحريّة، حريّة الخلق والابداع؟   هذا غير صحيح فالاسلام لا ينفي الحريّة على خلاف ما رأى بعضهم من تناقض بين الاسلام والحريّة. الاسلام علاقة ذهاب وإياب بين اللّه والانسان، والثقافة الاسلامية تناغمت مع فلسفات يونانية وغربيّة لحل لغز الانسان. والاسلام يروم تقديم ما به تفكّ رموز هذه الاشكالية من ناحية وما به يمكن التطلع الى ما وراء الألغاز من ناحية أخرى.   ان «مسلك المعرفة يبدأ من الذات» ويمكن التوصّل إليها دون عوامل خارجية مثل مسلك ابن طفيل؟   كتاب ابن طفيل «حيّ ابن يقظان» أثر خالد في الحضارة الكونيّة. اكتشف حيّ ابن يقظان ذاته تلقائيا واستبطن كلّ المعارف، ولما التقى يوما من باب الصدفة من تلقى المعرفة عن طريق الوحي والتلقين لم يجد شيئا جديدا. وانطوت تجربته الوجودية والمعرفيّة على توحيد المعارف الذاتيّة والخارجيّة. إني أربط ذلك بما ذكره البخاري في الحديث عندما ضمّ الرسول أحد أصحابه إلى صدره وقال: «اللهمّ علّمه الحكمة» والحكمة هي الاصابة بدون نبوّة حسب تحديد البخاري ذاته. تقول كذلك إنّ «النهضة الغربيّة هي الان البنت الشرعيّة للاسلام» كيف ذلك؟   القطيعة المزعومة بين العقل والوحي لا صلة لها بالاسلام. فالأنوار كما عرفها الغرب الحديث تمثل زادا معرفيّا أمدّ اللّه به الإنسان حتى يتغلب على صعوبات الوجود ويبني كيانا وجوديّا ووجدانيّا يهتدي به إلى الحقيقة وإلى الأخلاق الفاضلة، لذلك حين تكلم ابن رشد عن العقل والنقل فإنّه كان يقصد أنّ الإنسان يتوصّل إلى الحقيقة التي هي واحدة بطريقتين متوازيتين: العقل والوحي. من هنا كانت عظمة الإنسان. فاللّه خلقنا وهو يتابع أعمالنا ونحن نشقّ مسارنا التاريخي بهدي منه.   تتحدث عن الاسلام من داخل المنظومة العقائدية، فما مدى الموضوعية في الطرح والاستنتاج؟   لا أرى مشكلا في ذلك لأنني منذ بدأت، أنتمي إلى ثقافة وحضارة أعتز بهما وأحاول أن أفهمهما من الداخل وعمليّة الفهم لهذا الموضوع أو لموضوع آخر لها قواعدها وأساليبها التي تعلمناها في المؤسسات التعليمية في الداخل والخارج.   لماذا أتجاهل أنني مسلم وأنا أتحدث عن الانسان في الاسلام، هل أطلب من الرياضي أن يتنصّل من معتقداته عند دراسة مسألة رياضيّة ما؟   إنني أحاول أن أضع هذه المعتقدات دائما على بساط البحث وأحاول كذلك أن أفهمها من الداخل وأفهم من يفهمها من الخارج مع إمكانيّة التحليل والترجيح.   تحدثت عن حركة مدّ وجزر للأفكار والمقولات فهل أثّر ذلك على الإرث الثقافي الكوني؟   أشرت في كتابي وليس ذلك من باب الصدفة إلى الترجمات المختلفة التي نقلت أفكار ابن طفيل الى اللاتينيّة والفرنسيّة والألمانيّة والأنقليزيّة وغيرها لأبيّن، انطلاقا من هذا المثال أنّ الشعلة لم تنطفئ بل وجدت الامتداد في البلاد الغربيّة. إنّ الحضارات تنتقل من ربوع إلى أخرى وهذا الانتقال يأتي عن طريق مسالك سفر البشر والتجّار والبضائع ومن ثمّ الأفكار والثقافات والتجارب. وهذه العلاقات كانت وطيدة وقويّة للغاية لذلك يجب علينا ألاّ نصدّق ما ينقله بعضهم عنّا من أنّنا جلبنا مقولات الحريّة وابستومولوجيا البحث العلمي بكاملها من الغرب.   لكن هذه الأسبقيّة في المعرفة لا تنفي الإمكانيّات المفتوحة للانفتاح على الآخر دائما؟   هذا ما توقّفت عنده في الكتاب. نعتزّ بكلّ فكرة بناءة تأتينا من الآخر ونحن مدينون للغرب بالكثير، دون أن نتجاهل كنوزنا أو نحقّر ذاتنا. الحياة الفكرية تتشكل من خلال الأخذ والعطاء حتى أننا لا نعرف في نهاية الأمر من يدين لمن في عالم الأفكار.   في حقل البحوث والدراسات أصبحت الأضواء مسلّطة على العالم العربي الاسلامي فكيف ترى جدواها عند الخاصة والعامة؟   منذ أن تغيّرت موازين القوى عندنا وأصبحت في صالح غيرنا أصبحت لهذه الدراسات قيمة معنويّة معينة. المعرفة العميقة لشؤون الحضارة العربيّة الاسلاميّة تعزّزت ولكن عند أهل الاختصاص أمّا الجماهير الغربيّة العريضة وأصحاب السلطة في المجتمعات الغربيّة فهم يجهلون الكثير. فلولا جهل الأمريكان بالحقائق العراقية لمّا أقحموا أنفسهم في ذلك الفخّ وظنوا أن القوّة العسكرية هي كل شيء ولم يتعظوا من دروس الفيتنام.   بالعودة إلى كتاب «الانسان في الاسلام» تطرح ربط الخلاص المعرفي بالتصوّفي كمسلك من المسالك؟    لا أقول إنّه المسلك الأنجح والأنجع ولا أضع تفاضليّة. فمن يصل الى التوافق عن طريق التصوّف أقول له هنيئا ومن يتوصل اليه عن طريق الحدس والشاعريّة أقول له واصل وكذا الشأن اذا وصل عن طريق العقل. إنّها طرق مختلفة ترمي إلى نفس الغاية: الفهم وراحة الضمير. لذلك أخذت أمثلة وقلت بالحرف الواحد إنّ الذين تكلمت عنهم ووضعتهم في منزلة واحدة قد يتصارعون في حياتهم لكنّهم يصلون إلى غاية الاكتمال النفسي والسعادة باكتشاف طرقها المتعددة. إنها طرق مختلفة وإنّني لا أو من بالفكر الواحد. فاحترام التعدديّة الجماليّة والفكريّة والسياسيّة من المرتكزات الاساسيّة. ب   النظر إلى تعدد الكفاءات البحثيّة كيف ترى مسار الاصلاح وهل أنت متفائل بالمستقبل؟   أظنّ أن الأمور جارية بصفة مشجّعة للغاية وعندنا في تونس وخارجها من الكفاءات التي تيسرّ السبل والتي تقوم بتحليل القضايا تحليلا عميقا. والمشاكل متجددة والحلول كذلك. والإنسان مدعوّ إلى تطبيق طرق مختلفة على قضايا جديدة أو هي تبدو كذلك، وعلى قضايا أزليّة كما يرى عديد الفلاسفة. المنطق الصحيح هو في الاعتماد على التحليل والفهم المبنيين على التربية والتكوين. مشاكلنا تاريخيّة واجتماعيّة واخترنا أساليب للتكوين والتربية والتعليم الجامعي تستجيب لرغبة شعبيّة عميقة ولطموحات المجتمع كي يكون في أعلى مستوى. إمكاناتنا تجعلنا نستجيب إلى هذه الطموحات وتوصّلنا إلى نتائج محمودة ولكن علينا أن نواصل المسيرة بثبات وإن كانت الخطى بطيئة. الكفاءات متعددة ومتنوعة والإمكانات لا تزال دون المطلوب والمعوّقات كثيرة ولكنّني مع ذلك متفائل بالمستقبل لأنّ الثقافة مثل الشعوب لا تموت.   ناجح مبارك   (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)  


الشباب والسياسيّة: لمـاذا يدخلــونها ولمـاذا يهجـــرونها؟

يدخلون الأحزاب بحماسة قد تكون متزايدة وبآمال وطموحات قد تكون مفرطة. بعضهم يستقرّ بهم المقام وآخرون يغادرون تلك الفضاءات مضطرّين. للأحزاب نواميسها والحظوة والخيبة فيها قد لا تتطلّبان مهارات كبيرة خاصّة أنّ أغلب من التقيناهم لا يحملون صورة واضحة عن الأحزاب التي اختاروها وإن تعددت الدوافع والمصالح لديهم.   أرقام متفاوتة عن أعداد هذه الفئة يقدّمها مسؤولون حزبيّون، لكنّها في الجملة تعكس حضورا باهتا لجيل يقف أغلبه بلا تأثير، وبلا قرار. وإن حاولنا أكثر فهم الواقع وذهبنا بعيدا وجدناه جيلا مستغلاّ في المعارك والحسابات… يطبّق التعليمات ويلتزم بالتوجّهات في انتظار فرصة قد تأتي وفي الغالب قد لا تأتي.   إشارة خاطفة جاءت من عمق تجربة سياسيّة وتحديدا من السيد لخضر لالة بملاحظته لوجود شباب داخل حركة التجديد من غير الجهات التقليديّة (قفصة وصفاقس). فقد دخل كما أشار في المجلس الوطني 2001 مجموعة شبابيّة ما تزال تواصل تجربتها في حضيرة الحركة. وإن عرف هذا الحزب بنخبته في كلّ مراحل وجوده فقد منحت تجربة المبادرة أفقا ليلج بعض الراغبين تجربة العمل الحزبي والسياسي، لكن الأمر قد يكون مختلفا بشكل ما بالنسبة لحزب الوحدة الشعبيّة الذي طالما اعتبرت قيادته أنّها منحت الشباب الفرصة الملائمة. وفي تجربة للقادمين والمغادرين كانت لنا الإطلالة الأولى مع الشاب شوقي بن سالم رئيس لجنة الإعلام :  »أعتبر نفسي محظوظا قياسا بتجارب أخرى وإن كنت في قرارة نفسي أعتقد أنّه في هذه المرحلة كان بإمكاني أن أكون في موقع أفضل » علّق هذا الأخير. وأضاف :  »لم يحصل لي أيّ وقع سلبي حينما انضممت للحزب. كانت بوابة المنظّمة الشبابيّة هي الدّربة فمنها تكوّنت لديّ خبرة حزبيّة كنت أفتقدها ».   وكأغلب جيله لم يكن يحمل رؤية واضحة عن مدى ديناميكيّة تلك الأحزاب وواقعها الداخلي. فلا الإعلام الوطني ولا أسوار الجامعة مكّناه من تمثّل صورة حول برامج وأهداف تلك الأحزاب… كما ذكر ولم يكن التحاقه عاطفيّا بل كان مبنيّا على جملة من النقاشات خاضها مع بعض المنتسبين للحزب. وأشار شوقي بن سالم أنّه انتسب لحزب الوحدة الشعبيّة عام 97 مع مجموعة من الطلبة يحملون جميعا نفس الأفكار والإيديولوجيا ولأغلبهم في الوقت الراهن مواقع حزبيّة متقدّمة قد لا تتوفّر لبعضهم في أحزاب أخرى، ويكفي برأيه الاستدلال بتركيبة المكتب السياسي الموسّع للوقوف على حضور الشباب.   صراع الأجيال   أمّا بالنسبة للشاب مهدي خريج الإعلاميّة فقد شكّل بالنسبة إليه الانتساب لحزب الوحدة الشعبيّة اكتشافا جديدا، فتعرّفه على بيانات الحزب خلال الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة الأخيرة مكّنه من تكوين فكرةعن أطروحات الحزب وهو الذي كان يجهل واقع الساحة السياسيّة التونسيّة وكان كلّ تركيزه على الساحة السياسيّة الفرنسيّة التي يتابع أحداثها المتسارعة. كغيره من أبناء جيله يدرك أنّ دفّة الأمور ليس لهم فيها أيّ تأثير لكنّ ذلك لا يمنع أنّ يكون عطاؤهم أكثر رغم ما يواجهونه بفعل صراع الأجيال من صدّ قد لا يعكس في النهاية إرادة سياسيّة لتحجيم دورهم، ويذكر رفيقه شوقي بن سالم في نفس السّياق  »أن التواصل بين الأجيال داخل أغلب الأحزاب مفقود. ليست هناك من روح نضاليّة مشتركة، فالمسؤولون في هذه الأحزاب لا يعوّلون على الشباب إلاّ في المناسبات الانتخابيّة التي هم وقودها ورحاها ». ويتّفق من التقيناهم من شباب هذه الأحزاب على أنّ الصورة التي يقدّمها الإعلام هي صورة لا تعطي انطباعا جيّدا على أحزاب المعارضة. فبرأيهم أنّ أغلب المقالات لا تتحدّث إلاّ عن الخلافات والصراعات وهي المسائل العاديّة في هذه التنظيمات، لكن الإعلام يقدّمها في شكل قاتم ومنفّر. ويستحضر المنتسبون للاتّحاد الديمقراطي الوحدوي تجربة من أطلقوا على أنفسهم  »الوحدويون الأحرار » ، وهي مجموعة من الشباب تخلّوا عن العمل السياسي والحزبي في فترة الأمين العام السابق بحجّة تعرّضهم للتهميش في فترة من الفترات.   بداية التجربة ونهايتها   تتفاوت دوافع وحجج الانخراط في الأحزاب، فهناك من يدخل الأحزاب لغاية نفعيّة كالبحث عن العمل أو رغبة في تسهيل الحصول على تأشيرة أو قرض… وبمجرّد أن يحقق القادم غرضه ينسحب دون وداع الرفاق. يمتلئ فضاء الأحزاب بهؤلاء. لكنّ آخرين جاؤوا يبغون التنظّم الحزبي القانوني بما يجعلهم موجودين في دائرة العمل السياسي بعد أن تكون شدّتهم أطروحات من قبيل اشتراكيّة… ديمقراطيّة، تقدّم وعدالة اجتماعيّة… قد يكتشفون زيف معناها وعدم صدق مردديها لكنّهم مع ذلك يواصلون البقاء في ظلّ غياب البديل والمعوّض. وآخرون يجبرهم مزاجهم وضيق مناورتهم وحذقهم السياسي على المغادرة وكما تقول إحدى الشابات :  »لم تحتمل قيادة الحزب الذي كنت أنتمي إليه صراحتي المفرطة التي وصفتها بالوقاحة، فدفعتني لمغادرة حضيرة الحزب… كانت تجربة مريرة نفّرتني من العمل الحزبي، لكنّني في النهاية وجدت ضالتي في العمل النقابي في القطاع الذي أنتمي له. الحركة والحريّة أكبر في هذه الفضاءات عكس الأحزاب السياسيّة التي دخلت إحداها في سنّ مبكّرة ». ومع وجود كلّ هؤلاء وجدت فئة شبابيّة متعاونة في هذه الأحزاب بلا التزام أو انضباط سياسي كلّ همّها مقدار مالي يضمن لها مواصلة دراستها أو الاستجابة لضرورات حياتيّة ملحّة وذلك بصفة مساهمة في صحف هذه الأحزاب.. وهذه الفئة تظلّ في الغالب على الهامش وبقاؤها ومغادرتها سيّان.   يغيب في بعض الأحيان حسن توظيف الطاقات الشبابيّة، يكثر القادمون زمن المواعيد السياسيّة الكبرى، يُسْتغلّون وقتها، لكن لا يتمّ تأطيرهم ليكونوا دعامة لتوسيع حجم تلك الأحزاب وسرعان ما ينتابهم الملل فيغادرون غير متأسّفين، في أحيان كثيرة، على تجربة عابرة في نظرهم وقد تكون مدفوعة الأجر للبعض كما يعمد أحد الأحزاب المعارضة حينما كان يحتاج إلى من يملأ القاعات.   الشاذلي بن رحومة     (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)  


عزالدين زعتور الأمين العام للاتّحاد العام لطلبة تونس :

وجود الطلبة في الأحزاب لم يعد لافتا للانتباه…

هو ليس سياسيّا محترفا لكنّه معنيّ بقيادة سفينة منظّمة طلابيّة عريقة تلاطمها أمواج السياسة، لذلك كان مهمّا أن نستجلي رأيه في تجربة شباب السياسة وحضورهم داخل المشهد الحزبي.  »وجودهم غير لافت للانتباه وحتّى بعض الأحزاب التي استفادت من الحضور الطلابي مع بداية التسعينات خاصّة من تجارب اليسار ظلّت عاجزة عن احتضانهم » هكذا علّق عزالدين زعتور على ذلك.   وفي سؤال حول رؤيته لتجارب بعض الطلبة الذين شاركوا في محطّات انتخابيّة خاضتها الأحزاب ثمّ خرجوا مع نهايتها، اعتبر زعتور  »أنّ ما قاد تلك الفئة هو عقليّة مصلحيّة منفعيّة لم يكن مدلولها إثراء تجاربهم. الرغبة في المسؤوليّات والمناصب حقّ مشروع لكنّ الشيء السلبي في ذلك أنّ هؤلاء يعمدون إذا لم يحقّقوا رغبتهم إلى افتعال خصومة أو مشاكل ويحرصون على البحث عن حزب آخر »، وهذا كما يذكر، لن يقوّي عود الأحزاب التي عليها مباشرة تأطير هذه الفئة المتنطّعة بحكم العمر والمزاج.   وحول سؤال عمّا إذا كان الانتماء الحزبي يؤثّر على العمل النقابي داخل الجامعة اعتبر زعتور أنّ ذلك مرتبط بنظرة الحزب للمنظّمة، فإن كان الحزب يرى فيها خليّة تابعة له يوجّهها بلا إرادة طلابيّة ومن ثقب الباب فإنّ ذلك سيؤثّر بالتالي على الحركة الطلابيّة، أمّا إذا كان العمل السياسي مبنيّا على رؤية أرحب قوامها الصرامة وحسن التأطير فإنّ ذلك سينعكس بالتأكيد على الشباب الطلابي الذين سيكونون مناضلين جيّدين منسجمين مع إرادتهم ومتطّلبات حزبهم.   الشاذلي بن رحومة     (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)  


الأستاذ منصف ونّاس، دكتور في علم الاجتماع:

يجب التفكير في ظاهرة عزوف الشباب عن العمل السياسي

يظلّ الدكتور منصف ونّاس أحد الوجوه التي التصقت بالمشهد السياسي وتعرّفت على أدقّ خصائصه وهو الذي تنقّل بين الأحزاب السياسيّة محاضرا أو ضيفا.. لذا كانت لنا معه هذه الإطلالة الخاطفة.   هل يبدو لك انخراط الشباب في الأحزاب السياسيّة لافتا للنظر ؟   لاشكّ أنّ انخراط الشباب في الأحزاب السياسيّة هو ظاهرة لافتة للانتباه وجديرة بكلّ دعم وتشجيع. فالشاب الذي ينخرط في أيّ حزب سياسي هو شاب يتعلّم بدرجة أولى، يتعلّم المشاركة والتعبير المنظّم والعقلاني عن النفس، ويتدرّب على تدعيم الشخصيّة السياسيّة والثقافيّة وعلى القدرة على تجسيم الانتماء للوطن، وهي أيضا فرصة لأن ينظّم طاقاته الفكريّة والسياسيّة وأن يُجَدْوِلَها في مسارات طيّبة ومستحبّة ومجدية.   برأيك ما هو المقياس أو المقاييس التي تشدّ الشباب لحزب ما دون غيره ؟   أعتبر أنّ المقياس الأوّل لاستقطاب الشباب في الأحزاب وتعبئتهم سياسيّا وإيديولوجيّا هو مقياس الصدق، أي أن يكون التنظيم السياسي متمتّعا بمصداقيّة في مجال بناء الخطاب وفي تشخيص حاجيات المواطنين وفي التعبير عنها وطريقة إنجازها، باختصار لابدّ من توفّر مقاييس المصداقيّة والقدرة على التشخيص والانجاز، أمّا إذا حصلت فجوة بين المنطوق والمنجز فتلك مشكلة.   بدأنا نلاحظ غلبة منطق النفعيّة والمصلحيّة في انخراط الشباب في العمل السياسي والحزبي بشكل كبير. بماذا تفسّر ذلك ؟   أودّ أن أشير أوّلا إلى أنّ الانتماء السياسي لا يلغي البحث عن النفع الخاص. فقد رأيت بعض التجارب في فرنسا وإيطاليا… حيث ينخرط الشبان في العمل الحزبي والسياسي أو الانتخابي بحثا عن وظيفة أو كسب مادي أو منحة… ولا ترى القيادات السياسيّة في تلك البلدان أي مشكل في ذلك لأنّه من باب ضمان الولاء أن يتمتّع الشاب ببعض المكاسب، لكن ليس من باب كونه زبونا بل من باب ضمان الانتماء والتحفيز. أعتقد أنّ المشكلة الأخطر في تونس هي عدم قدرة الأحزاب على ضمان استمرار الامتداد والقدرة على تجديد القواعد والطاقات والموارد البشريّة. فما شاهدته منذ أواخر الثمانينات إلى حدّ الآن يتمثّل في عدم تجديد المناضلين في الأحزاب السياسيّة، فالوجوه التي التقيتها في 85 و 86 أثناء محاضراتي وتنقّلاتي داخل الجهات هي ذاتها التي التقيتها عام 2006، بل إنّ هناك نوعا من التناقص الملحوظ يدفعنا إلى التفكير في ظاهرة عزوف الشباب عن العمل السياسي المباشر وغير المباشر. فالملاحظ في هذا السياق أنّ تجديد المناضلين وتوسيع الامتداد في الأحزاب أمر على غاية من الصعوبة.   هناك من يتحدّث عن توظيف سيئ لجموع الشبّان فهم يأتون إلى الأحزاب السياسيّة ولا يجدون الرعاية والتأطير ؟   لابدّ من التفريق بين الشبّان المناضلين في الأحزاب الذين يتوجّب التعامل معهم باعتبارهم دائمين ومستقرّين ويجب تأطيرهم بصفة متواصلة، وبين شبّان يستعان بهم بصفة ظرفيّة وكأنّهم يمارسون شغلا أو مهنة، ولكن لا مانع أن يرقى هذا الصنف الثاني إلى صفة الاستمراريّة وأن يصبح من نوع القار في الأحزاب السياسيّة، وأودّ أن أشير إلى أنّ عمل الأحزاب يحتاج إلى مساحات من الحريّة والقدرة على العمل إضافة إلى الجانب التمويلي واللوجستيكي، فالشاب الذي لا يجد تأطيرا كافيا ولا اهتماما ضروريّا يلجأ إلى الاستقالة والتهرّب. علما أنّ الأحزاب هي تجارب نضاليّة مهمّة تحصّن الشباب من آفات كثيرة ترافق العولمة الزاحفة.   الشاذلي بن رحومة     (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)


 
 

الـ  » ART  » تحتكر تغطية مونديال ألمانيا 2006

يبدو أنّ محطّة ART والقيّمين عليها مصرّون على أن  »من يريد الاستمتاع بشيء عليه أن يدفع ثمنه ». ربّما هذا حقّ مكتسب لمن استطاع وعرف بحنكة وحكمة كيف يمتلك حصريّة بثّ مباريات بطولة كأس العالم في كرة القدم لثلاث دورات متتالية، مقابل 120 مليون دولار. لكن تلك الحصريّة وإن كسّرت عادة القرصنة، فإنّها ستلقي بظلالها على كاهل المشاهد.   فقد تعاقدت المحطّة مع شركتين لتوزيع قنواتها الرياضيّة الخاصّة بالحدث الرياضي الأبرز عالميّا، أولاهما Econet الموزعة للمنازل والمؤسسات مقابل 160 دولارا لثلاثة أشهر و RAYA الموزعة لأماكن المشاهدة العامّة مقابل تعريفة تختلف باختلاف المكان وعدد الأشخاص…   وقد وضعت المحطّة تسع قنوات متخصصة بنقل مباريات كأس العالم :   – قناة كأس العالم الرئيسيّة : لتغطية جميع فعاليّات المباريات على مدى الأربع والعشرين ساعة يوميّا (باستثناء المباراة الثانية من الدور الأوّل التي تبثّ على قناة كأس العالم 2)، إضافة إلى لقاءات من أرض الملعب وتحاليل للمباريات…   – قناة كأس العالم 2 : تبثّ مباشرة المباراة الثانية من الدور الأوّل.   – قناة كأس العالم باللغة الانجليزيّة : تبثّ جميع المباريات مباشرة مع تحليل باللغة الانجليزيّة.   – قناة كأس العالم للملخّصات : تبثّ أهمّ وأجمل اللقطات من كلّ مباراة.   – قناة خاصّة للفريق أ : تركّز على أداء ستّة من أبرز نجوم الفريق أ من أيّة مباراة.   – قناة خاصّة للفريق ب : تركّز على أداء ستّة من أبرز نجوم الفريق ب أي الطرف الثاني من أيّة مباراة.   – قناة خطّة اللعب للفريق أ : تكشف عن خطط لعب الفرق من زوايا تصوير مرتفعة للمتخصصين عبر كاميرات متخصصة.   – قناة خطّة اللعب للفريق ب : تكشف عن خطط لعب الفريق الثاني في المباراة. إضافة إلى قناة تاسعة تبثّ عبر تقنية High Definition والتي تتطلّب أجهزة استقبال خاصّة.   (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)

 

تشفير ايه آر تي يثير استياء المشاهدين العرب

نيقوسيا ـ ا ف ب: يثير التشفير الذي لجأت اليه في شكل متشدد شبكة راديو وتلفزيون العرب (ايه آر تي) مالكة الحقوق الحصرية لنقل مباريات كأس العالم لكرة القدم التي تبدأ الجمعة المقبل في المانيا، استياء المشاهدين في العالم العربي الذين سيضطرون الي الحصول علي بطاقات فك التشفير من اجل متابعة الحدث الكروي الكبير. وترفض الشبكة التي يملكها رجل الاعمال السعودي صالح كامل وتحتكر بث المونديال الي المنطقة العربية خلافا لما كانت عليه الحال في مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، بيع التلفزيونات الرسمية حقوق النقل علي المحطات الارضية بعد ان دفعت مبالغا طائلة تقدر بملايين الدولارات للحصول علي حق النقل الحصري للعرس الكروي. وهي تعرض في المقابل علي المؤسسات التلفزيونية الرسمية او الخاصة في الدول العربية ملخصات يومية عن المباريات تتراوح مدتها بين عشرين وثلاثين دقيقة لقاء مبلغ يتفق عليه ويتراوح بين 250 الي 300 الف دولار حسب البلد او المؤسسة. وحاولت السلطات الرسمية في الدول العربية والمسؤولون عن المؤسسات الخاصة الذين ما زال بعضهم يقوم بمساع حتي الآن، حمل المسؤولين في ايه آر تي علي التراجع عن قرارهم عدم بيع حقوق نقل كامل المباريات للبث الارضي، بيد ان آخرين رضخوا للامر الواقع. وفي معظم الدول العربية، تغطي صفحات الصحف الاعلانات للحصول علي خدمة ايه آر تي التي تملك عدة قنوات رياضية. وتعرض الشبكة في اعلاناتها تسهيلات تشمل تقديم طبق لاقط وجهاز استقبال وبطاقات لفك التشفير لقاء مبلغ يتراوح بين مئتين و400 دولار حسب نوع الاشتراك خلال فترة المونديال فقط او لثلاثة اشهر او عام كامل. وتشكل المقاهي احد الحلول لمتابعة المباريات. ففي مصر كما في معظم الدول العربية، سيتجمهر عشاق الكرة ممن اصابهم ضيق الحال في المقاهي التي اشتري اصحابها البطاقة اللازمة لنقل المباريات يوميا بهدف انعاش مبيعاته وجني الارباح. لكن المقيمين في منطقة بورسعيد والقناة سيتابعونها مباشرة عبر الاقنية التلفزيونية الاسرائيلية. اما في الاردن فسيحاول معظم المشاهدين متابعة المباريات عبر الاقنية الفلسطينية التي يبلغ عددها نحو عشرين قناة ولا سلطة لشبكة راديو وتلفزيون العرب عليها، مع ان بعض الشركات والمصارف اعلنت عن تسهيلات مالية لمن يريدون الاشتراك في ايه آر تي . فقد اعلنت شركة الاتصالات فاست لينك ومصارف عن تقديم قروض او فتح حسابات او اشتراكات لقاء مبالغ معينة لتسهيل الحصول علي بطاقات الاشتراك التي يبلغ ثمنها حوالي 400 دولار. وفي سورية، ينتهز اصحاب المطاعم والمقاهي هذه الفرصة للاعلان عن الخدمات التي سيقدمونها خلال المونديال التي سيعرضون اثناءها المباريات علي شاشات ضخمة ويقدمون اطيب المشروبات والنرجيلة باسعار معقولة . وقد حددت الشبكة ثمنا للعرض التجاري للمطاعم والمقاهي وصل الي 250 الف ليرة (نحو خمسة آلاف دولار)، بينما يمكن لاي مواطن عادي ان يدفع بين 150 و350 دولار ثمنا لبطاقة الاشتراك المنزلي. وبهذه المناسبة اعلنت شركات للهاتف المحمول التي خصصت مئات الجوائز لمن يشتري خطوطها عن جائزة هي بطاقة الاشتراك في ايه آر تي من اجل متابعة مباريات المونديال علي ان تجري عملية سحب لتحديد اسماء الفائزين. كما اعلنت مطاعم اخري عن جوائز قيمة يومية لروادها الذين ينجحون في توقعاتهم لنتائج المباريات، في عملية الهدف منها استقطاب العدد الاكبر من مدمني كرة القدم. وفي العراق الذي يشهد تدهورا في الوضع الامني ويشكل المونديال متنفسا لابنائه، يثير احتكار نقل مباريات المونديال من قبل محطات فضائية مشفرة غضب العراقيين في شكل عام وعشاق كرة القدم خصوصا نظرا لعدم قدرة كثيرين منهم علي شراء بطاقات الاشتراك التي تتراوح اسعارها بما بين 175 و355 دولارا. ورغم هذه العراقيل المالية بدأت محال بيع بطاقات فك التشفير تشهد اقبالا مما ولد انتعاشا في المبيعات وارتفاعا بالارباح ليس لوكالات البيع وحدها بل للشركات التي اطلقت تلك البطاقات. وفي لبنان بدا الوضع مختلفا في باديء الامر، اذ اخذت قضية حقوق النقل التلفزيوني المتأزمة منحا تصاعديا في شكل يومي وسط تساؤلات محبي اللعبة عن الحلول الشافية لمتابعة مباريات المونديال، الذي يشكل حالة استثنائية يعيشها افراد المجتمع علي مختلف اعمارهم. وانتقل الحديث عن كيفية مشاهدة مباريات المونديال من الشارع الي المكاتب الرسمية اثر تدخل رجال السياسة لايجاد حل للمعضلة التي اثارت حنق اللبنانيين الذين اعتادوا متابعة اهم الاحداث العالمية من دون شروط. وتنفس محبو المستديرة الصعداء بعد اعلان وزير الاعلام غازي العريضي عن اتفاق مع ايه آر تي للسماح بنقل المباريات من دون اي تكاليف اضافية علي المشتركين في شبكات الكابل. وجاء القرار اثر اجتماع عقد في وزراة الاتصالات بين مستشار رئيس مجلس ادارة اي آر تي محمد ياسين والوزراء العريضي وجو سركيس وميشال فرعون، وتقرر فيه ان يدفع اصحاب الشبكات حوالي نصف مليون دولار خلال 48 ساعة من دون فرض مبالغ اضافية علي المشتركين. وكانت وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة سلطت الضوء علي القضية، اذ احتل خبر بث مباريات المونديال العناوين العريضة للنشرات الاخبارية في الاونة الاخيرة. واذ ابدي كثيرون تخوفهم من حرمانهم متابعة اكبر تظاهرة كروية، برز اقبال كثيف علي الاشتراك مع احدي الشركات المفوضة من قبل ايه آر تي بيع الاشتراكات الخاصة بقنواتها الرياضية. وبلغ سعر الاشتراك حوالي 160 دولارا امريكيا، بيد ان الامر اختلف بالنسبة الي المقاهي والفنادق الذين فرضت عليهم تعريفة اكبر، وسيعقد اجتماع في وزارة السياحة بين هؤلاء وممثل اي آر تي في محاولة لايجاد مخرج يرضي الطرفين. وكان اصحاب المصالح قد بدأوا حملاتهم الترويجية لكسب الزبائن منذ اسابيع عدة عبر وضع شاشات عملاقة واقامة برامج خاصة بالمناسبة الكروية، الي دفع بعضهم المبلغ المطلوب بالنظر الي المردود الوفير الذي سيعود عليهم جراء اقبال الرواد اللبنانيين والعرب علي حد سواء، اذ يعتبر فصل الصيف هذه السنة موسما سياحيا رياضيا بوجه كروي. وفي دول الخليج، تبدو المشكلة اخف وطأة لان الحال اكثر يسرا فضلا عن ان شاشات عملاقة ستنصب امام المقاهي والمطاعم في مساحات واسعة تتسع احيانا لثلاثة الاف متفرج كما هي عليه الحال في احد مطاعم دبي.   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 7 جوان 2006)

أوروبا مدينة للعرب بتحريرها من النازية

د. أحمد القديدي (*) alqadidi@hotmail.com   جاءت الجائزة التي فاز بها شريط (أنديجان) في مهرجان »كان » الدولي للسينما هذا الأسبوع في موعدها بالضبط، لتعيد الأمور إلى نصابها فيما يتعلق بمنزلة العرب المهاجرين المقيمين في فرنسا وفي أوروبا عموما. فالانتخابات الرئاسية في باريس على الأبواب وتفصلنا عنها شهور قليلة ويشكل تصاعد اليمين المتشدد هنا ظاهرة خطيرة بعد أن كاد يفوز بانتخابات 2002 حينما بلغ الزعيم العنصري جون ماري لوبان الدور الثاني للرئاسيات في مايو2002 ونافس الرئيس شيراك على قصر الايليزيه، في موجة غير عقلانية ومخيفة من انتشار التطرف المعادي للعرب والمسلمين انطلقت منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 لتشمل المجتمعات الأوروبية الخائفة من المجهول والمتلاعب بها من قبل حفنة من الاستعماريين الجهلة، يزيفون التاريخ ويطوعونه لخدمة أغراضهم ويزرعون الحقد ضدنا نحن العرب.   كلمة (أنديجان) تعني باللسان الفرنسي المواطن العربي من الشمال الإفريقي، حينما كانت شعوب المغرب العربي ترزح تحت نير الاستعمار الفرنسي منذ احتلال الجزائر عام 1830 إلى احتلال تونس والمغرب عام 1881 الى تاريخ استقلال هذه الشعوب في الخمسينات والستينات من القرن العشرين. وهي عبارة تحمل مخزونا من الاحتقار والحط من الكرامة وتشير إلى أن هؤلاء أصيلي بلدان المغرب العربي يمثلون قلة هجينة تشبه عبارة البرابرة التي استعملها الرومان في العصور القديمة لنعت كل من هو غير روماني.   والشريط الذي فاز بجائزة أفضل طاقم من الممثلين أخرجه المخرج الفرنسي المغربي رشيد بوشارب ومثل فيه بعض نجوم الفن الفرنسيين من أصول مغاربية وأشهرهم جمال دبوز، وهو يروي قصة واقعية حين التحق بالجيش الفرنسي مائة وثلاثون ألفا من الشباب المغاربي من تونس والجزائر والمملكة المغربية لتحرير أرض فرنسا من الاحتلال النازي الألماني وإنقاذ الشعب الفرنسي وكل أوروبا من الهزيمة التي كانت تهددها على أيدي هتلر، وشارك هؤلاء المقاتلون في الحرب كطلائع من سنة 1943 إلى سنة 1945 وأبلوا البلاء الحسن متقدمين الصفوف وغير مجهزين لا باللباس الواقي ولا بالسلاح المتطور، بل إن بعضهم كان يقاتل ويواجه الرصاص الألماني وهوحافي القدمين مكشوف الرأس.   ولكن هذه الملحمة من المنظور الأوروبي ظلت مغيبة عن التاريخ كأنها لم تقع، فالغرب تناسى بكل صفاقة ودناءة طبع كل من ساهم في تحريره من النازية والفاشية من العرب المسلمين، وأصبح أبناء أولئك المقاتلين وأحفادهم معرضين للميز العنصري في البحث عن مواقع عمل ومستهدفين بالممارسات العنصرية في المدرسة والشارع والمقهى، يساوم بهم المتطرفون للحصول على أصوات الرعاع وعامة الجهلة في مختلف الانتخابات. ونحن في فرنسا نسمع هذه الأيام أصوات اليمين العنصري لدى حزب الجبهة الوطنية وزعيمها جون ماري لوبان وحزب الحركة من أجل فرنسا وزعيمه فيليب دوفيلييه تجرم العرب المقيمين بصورة شرعية في فرنسا وتدنس دينهم وتنال من عقيدتهم وتشكك في وطنيتهم وتحملهم مخاطر الإرهاب! وبالطبع فإن هؤلاء العنصريين يمارسون تشويه الحقائق والتلاعب بالتاريخ والتفنن في حفر الخنادق التي تفصل بين الحضارات عن سوء قصد. ويأتي هذا الشريط السينمائي ليكشف عن جزء بسيط ومحدود من المساهمة العربية الحاسمة في بناء الجمهورية الفرنسية وتأسيس الاتحاد الأوروبي. أما الأجزاء المجهولة الأخرى التي تنتظر فنانين ومبدعين لإنتاج شرائط عنها أوتدوينها في كتب، فهي تلك الملاحم التي صنعها العمال المغاربيون في الخمسينات حيث استقدموا من تونس والجزائر والمغرب لبناء العمارات الشاهقة وتشييد شبكة الطرقات السريعة والنزول إلى المناجم المعدنية بعد أن هجر الفرنسيون والأوروبيون تلك المهن الشاقة وخلدوا للأعمال المريحة في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وتذكر الإحصاءات الرسمية الفرنسية لوزارة العمل أن الضحايا من العمال العرب الذين توفاهم الله بسبب البرد والثلج والمرض والسقوط يعدون بعشرات الآلاف، تاركين وراءهم أرامل وعيالا أيتاما بلا أي مورد رزق.   وحتى أولئك الذين كانوا مقاتلين في الحرب لم يحصلوا بعد تقاعدهم على ما يسد الرمق فعاد منهم من عاد إلى البلاد الأصلية وظل منهم من ظل في فرنسا برواتب لا تتجاوز المائة يورو إلى يوم الناس هذا، وهي فضيحة وطنية في فرنسا يحاول الأحرار الوطنيون هنا معالجتها بما يضمن كرامة من حرروا فرنسا وأوروبا وضاعت أعمارهم في أوطان ليست أوطانهم.   ولعل الأمانة ملقاة على عاتق حكوماتنا في الدول المغاربية حتى تسعى إلى حل معضلات مواطنيها بالضغط على الحكومات الأوروبية وربط التعاون معها بإنصاف هؤلاء الذين راحوا وقودا لنار الحرب في زمن لم تكن لديهم فيه خيارات أخرى.   (*) كاتب وسياسي من تونس   (المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 7 جوان 2006)  


نحو أرضية مشتركة للمجددين العرب والمسلمين

صلاح الدين الجورشي – ناشط حقوقي ونائب رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان   (1) لم يكن الإسلام دينا عربيا، رغم أن القرآن نزل باللغة العربية على نبي ينتسب للعرب. وكان من الطبيعي أن تكون الأغلبية ممن آمنوا في عهد الرسول (ص) من أبناء الجزيرة العربية، لكن بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وآخرون كانوا أيضا من كوادر الجيل الأول من الصحابة، ومن بين المؤسسين لعالمية الإسلام. هذه العالمية التي سرعان ما اتخذت حجمها الحقيقي عندما تحولت شعوب وأمم بكاملها إلى الإسلام، دون أن تتخلى عن خصوصياتها القومية والثقافية. ورغم الصراع عن الحكم، واغتصاب الأمويين للخلافة التي حولوها إلى ملك عضوض، فإن المسلمين من غير الغرب لم يتخلوا عن الإسلام، ولم يتنازلوا عن حقوقهم التي وفرها لهم الإسلام . هذا الإصرار على الانتماء إلى عقيدة أعلى من القوميات والجغرافيا هو الذي مكن من انتشار  » العولمة الإسلامية  » وجعلها تستمر قرونا طويلة. وبفضل ذلك، حصل تمازج ثقافي خلاق، أفشل محاولات احتكار الدين والسلطة والثروة، وجعل مركز الخلافة ينتقل – بعد اللجوء إلى القوة – من المدينة إلى الشام، ثم بغداد، فالقاهرة، ليتوزع في النهاية على عدد كبير من الوحدات السياسية والحضارية الممتدة من الشرق إلى الأندلس، مرورا بالمغرب. وعندما أنهكت المنطقة العربية، تمكن العثمانيون من تأخير انهيار الحضارة الإسلامية مدة أربعة قرون على الأقل، فنقلوا مركز  » الخلافة  » إلى خارج المنطقة العربية، وفرضوا نوعا من الوحدة السياسية والثقافية الرمزية، وأصبح العرب طرفا من بقية أطراف عديدة يقرون بالولاء الفعلي ثم الشكلي لسلطة من خارج  » حدودهم الجغرافية « .    (2) بدا قرار إلغاء الخلافة التي استنفدت أغراضها وكأنه في وجه من وجوهه إشعارا بتوقف رمزي لعالمية الإسلام كما صاغها العثمانيون، مقابل صعود القوميات، وقيام مرحلة الدولة الأمة. هذا الحدث التاريخي جعل من الأمة الإسلامية بعد موت الرجل المريض إلى تركة يتنافس على قسمتها الأقوياء، كان من نتائجه انهيار الجسور بين الدوائر الحضارية الإسلامية، التي أصبحت كل واحدة منها مرتبطة ثنائيا بالمركزية الغربية التي فرضتها موازين القوى العسكرية الجديدة، إلى جانب الثورة العلمية والرأسمالية الصاعدة. وفي ظل هذه التحولات الدولية، والمحاولات الجزئية لمواجهة مخاطر الذوبان والانقراض، بلغت العلاقات الإسلامية الإسلامية أقصى درجات الضعف، وتراجعت المعرفة المتبادلة بالآخر، وانخفضت كثيرا درجة الشعور بالمصير المشترك. وفي تلك الأجواء عمل البعض على تعميق التناقض المفتعل بين الانتماء الإسلامي والانتماء القومي، أو بين الخصوصيات وبين عالمية الإطار المرجعي. وتحول السعي إلى حماية الوطن الصغير وإقامة الدولة القطرية  » المستقلة  » إلى هدف أقصى لا علاقة له بأهداف استراتيجية تتجاوز الانتماء الجغرافي واللغوي.    (3) رغم الانقلاب التاريخي الذي تمت الإشارة إليه، ورغم صعود عديد القوى الانعزالية في كل البلاد الإسلامية، إلا أن عددا من الأصوات التي تمسكت إلى آخر لحظة بالوحدة الرمزية للأمة بقيت تدوي في أرجاء المنطقة. لقد جاهد جمال الدين الأفغاني حتى آخر لحظة في حياته من أجل إصلاح الأوضاع السياسية والدينية للعالم الإسلامي دون تمييز بين اسطنبول والقاهرة وطهران، وربط ذلك بالعمل على بناء جبهة إسلامية عريضة قادرة على منع حصول انهيار كامل يؤدي إلى تفتت الجسم الإسلامي وابتلاعه كليا من قبل الاستعمار الغربي. لقد تمسك الأفغاني إلى آخر رمق في حياته برؤية شمولية لأوضاع الأمة الإسلامية، مما جعله في تناقض مع المخططات الغربية إلى جانب تآمر حكومات المنطقة. كما أثر عدد من المفكرين المسلمين الهنود في الساحة الفكرية والأيديولوجية العربية وغير العربية، خاصة بعد بداية صعود الإسلاميين على الركح السياسي. في مقدمة هؤلاء محمد إقبال الذي كان يقول  » إن جوهر الإسلام ولبه قد حجب حتى الآن، أو بالأحرى حل محله الفتح العربي في القرون الأولى لظهور الإسلام « . وبالرغم من دفاع إقبال القوي عن مشروع إنشاء دولة باكستان لتكون وطنا لمسلمي الهند، إلا أنه كان شديد الإيمان بالوحدة الرمزية للمسلمين، وهو ما جعله محل تقدير واسع لدى قطاعات عريضة من النخب الإسلامية. لم يكن إقبال شاعرا روحانيا فقط، وإنما كان أيضا فيلسوفا وأحد الداعين الأقوياء إلى الإصلاح الديني، إضافة إلى كونه محاور كفئ لرواد الثقافة الغربية. لكن مشكلة النخب الإسلامية العربية مع إقبال، أنها بقدر تقبلها لآثاره الشعرية التي أعلت من قيمة الإيمان والتوحيد، وعمقت مبدأ الوحدة الثقافية بين المسلمين، فإنها في المقابل تجاهلت أو لم تتفاعل مع الأطروحات الفكرية التي تضمنهـا كتابــه الشهيــر « تجديد الفكر الديني ». لهذا جاء نموذج الدولة الإسلامية التي تحدث عنها إقبال مختلفا كثيرا عن الدولة التي عمل من أجل إقامتها كثير من الإسلاميين العرب. خلافا لما حدث ما محمد إقبال، تقبلت الحركات الإسلامية العربية بتفاعل كبير أدبيات كل من أبو الحسن الندوي، وبالأخص (أبو الأعلى المودودي)، الذي عاش في نفس الفترة، وواجه ذات التحديات . لقد اعتمدت بعض كتب المودودي، بعد ترجمتها إلى العربية، كمراجع أساسية في بناء أيديولوجيا الستينات والسبعينات والثمانينات لكوادر الحركات الإسلامية السنية. وقد خلقت بعض أفكار المودودي، التي تأثر بها سيد قطب وأدرجها ضمن رؤية عقائدية وحركية، متاعب كثيرة لهذه الحركات، وجعلتها في صدام متواصل مع الأنظمة والنخب. هذه ليست سوى عينات، تدل على استمرار التفاعل بين النخب العربية والإسلامية، بعد انهيار الخلافة العثمانية، وانغماس الجميع في الهموم المحلية والقطرية.    (4) عندما حصلت الدول العربية والإسلامية على استقلالها، لم يشكل ذلك حافزا على إعادة نسج العلاقات التاريخية بينها على أسس جديدة. وانما انشغلت بقضايا التنمية وإعادة ترتيب أوضاعها الداخلية. كما استمرت في التعامل مع مختلف القضايا والملفات من منظرو جزئي، وبقلية وصفها مالك بن نبي بالعقلية الذرية. وبالرغم من أن الرئيس جمال عبد الناصر أقام سياسته الخارجية على نظرية الدوائر الثلاث، وجعل إحداها الدائرة الإسلامية، غير أن العمق الإسلامي لم يتحول إلى خيار استرتيجي لدة أنظمة الحكم والنخب المهيمنة. ولولا حجم القضية الفلسطينية وتعدد أبعادها، لتوارى ذلك الخيار نهائيا. حتى القوى المعارضة التي صعدت في فترات الستينات والسبعينات، لم يكن أغلبها معنيا بالدفاع عن هذا العمق الاتراتيجي. فالشيوعيون العرب كانوا يرفعون شعار الأممية، بهدف بناء تحالفات عالمية ترتكز على البعدين الاقتصادي والاجتماعي، تمهيدا لتحقيق انتصار تاريخي للنظرية الاشتراكية العلمية، التي لم تكن تضع المسألة الدينية ضمن أولوياتها. أما القوميون، فكان حلمهم المركزي يتمحور حول توحيد العرب، وبناء دولة قومية مركزية، تباينت الآراء حول طبيعتها وكيفية الوصول إليها. وتوجه « الليبراليون » العرب نحو ترسيخ أسس الدولة الوطنية بمفهومها الضيق، واعتبروها الوسيلة الوحيدة للخروج من « الخلف الاقتصادي والاجتماعي ». ولأن هؤلاء الليبراليين المتأثرين بالنموذج التاريخي للدولة كما تشكلت في أوروبا، لم تكن لديم ثقافة ليبرالية عميقة، ولم يكن جهدهم السياسي مرتكزا على طبقة رأسمالية قوية وفاعلة، أصبحت سياساتهم محكومة بسقف منخفض جدا. فهم لا يثقون في جدية الطرح القومي، ولا يمكنهم أن يحالفوا مع المنظومة الاشتراكية التي تلغي وجودهم. ولم يبق سوى الإسلاميون الذين استمروا في دفاعهم عن العمق الإسلامي ووحدة العقيدة للتراث، لكن دون أن تكون لديهم القدرة السياسية والفكرية على تحويل دعوتهم إلى رؤية استراتيجية قابلة للتحقيق. وقد دار جدل عقيم بين كل هذه التيارات والاتجاهات الأيديولوجية والسياسية، حول مسألة العلاقة مع المسلمين من غير العرب.    (5) جاءت المفاجأة من جهة لم يكن يتوقعها الجميع. فبد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أعاد الاستراتيجيون الأمريكان والأوروبيون النظر في تقسيماهم الجيو/ سياسية للعالم، وبالأخص للمنطقة العربية وما حولها. وقادتهم تلك المراجعة إلى صك مصطلح  » الشرق الأوسط الكبير أو الموسع ». هذا المفهوم ليس فقط مفهوما جغرافيا، وإلا لما أدرجت ضمنه دول المغرب العربي ودول شرق آسيا. لقد أدرك الغربيون عموما بأن، باستثناء إسرائيل، فإن بقية الدول الإسلامية لا يزال يحكمها موروث ثقافي مشترك، ولا تزال تشقها تقاطعات استراتيجية هامة، حتى لو لم تقم الأنظمة والنخب الإسلامية باكتشاف ذلك من جديد. وبالرغم من الجدل الذي أثاره المصطلح، والتقسيم الذي من بين أغراضه إدماج إسرائيل في في المنطقة، غير أن منظمة العالم الإسلامي قد استعادت بسبب ذلك شيئا من شرعيتها التاريخية والاستراتيجية التي تعرضت للتشكيك والتهميش طيلة القرن الماضي. فاليوم بدا يدرك الكثيرون بأن ما يجري في أفغانستان ليس مقطوع الصلة عن التراكمات التي حصلت في مصر أو السعودية أو لبنان. كما بدأت بوصلة التفكير الاستراتيجي الإسلامي تتحرك في اتجاه تعميق التقارب مثلا بين إيران والعرب الجمهوريات الإسلامية التي كانت جزء من الاتحاد السوفياتي سابقا. وأخذت تركيا تلتف نحو جريانها العرب وغيران، رغم استمرار رهانها على الاندماج في الإطار الأوروبي. وشرعت ماليزيا، من خلال عدد من قادتها (مهاتير محمد) في البحث عن صيغ توثق صلتها بالدول الإسلامية باعتبارها، خاصة بعد تصاعد المواجهة الاقتصادية والسياسية بينها وبين الغرب. وقد كشفت حادثة الصور الكاريكاتورية المسيئة للرسول (ص) عن وجود مساحة تتداخل واسعة جدا بين عموم المسلمين، كما دلت أيضا عن تشابه في الآليات الثقافية المنتجة للمواقف والأحاسيس وردود الأفعال، مما دفع بعدد من المثقفين والسياسيين الغربيين إلى الاعتراف بضرورة أخذ العالم الإسلامي بعين الاعتبار، واحترام الإسلام الذي يملك كل هذا الزخم البشري المتنوع.    (6) بناء على ما تقدم، يمكن القول بأن الإطلاع على ما تجارب المسلمين من غير العرب في مجال تجديد الثقافة الإسلامية والإصلاح الديني من شأنه أن يساعد على تحقيق الأغراض التالية :   أولا: الإسراع في إعادة بناء جسور التعارف والتواصل بين النخب المستنيرة في العالمين العربي والإسلامي، بعد فترة طويلة من العزلة والقطيعة التي فرضتها المراحل السابقة. وسيشكل التعارف وتبادل الخبرات والتجارب خطوة هامة نحو اكتساب رؤية أوسع للقضايا، والتحرك في اتجاه بناء تحالفات جديدة تكون قادرة على مواجهة التحالفات المضادة في المجالين الفكري والسياسي.   ثانيا: تحديد مجالات التشابه والاختلاف بالنسبة للمسائل المطروحة بحدة في مجال الثقافة الإسلامية. بمعنى آخر، هل أن أزمة الفكر الإسلامي التي يكثر الحديث عنها في العالم العربي شبيهة في مسائلها وتفاصيلها في ما يجري في بقية البلاد الإسلامية، أم هناك تفاوت واختلاف؟. ثم كيف يواجه الآخرون هذه المسألة والإشكاليات المترتبة عنها ؟. هل صحيح أن المنطقة العربية هي المسؤولة عن تصدير الفكر السلفي إلى بقية الدول الإسلامية كما يقال، أم أن الحالة تبدو أكثر تعقيدا ؟.   ثالثا: يبدو العالم العربي وكأنه قد استنفد محاولات الخروج من مأزقه الثقافي والسياسي، حيث لا يزال يعتبر المنطقة الأخيرة في العالم التي لم تنجز مرحلة التحول الديمقراطي، ولم تتجاوز حالة التمزق والتذبذب بين عدد من الثنائيات التي صاحبت الفكر العربي منذ القرن الثامن عشر إلى اليوم. في مقابل ذلك، يلاحظ أن بلادا إسلامية كثيرة نجحت في الانتقال إلى العصر الديمقراطية رغم الصعوبات والتعثرات والعراقيل المتنوعة. فهل كان للثقافة الإسلامية دور في تحقيق ذلك الانتقال وتوفير أرضية صالحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟. وبالتالي هل يمكن أن تساعد تجارب المجتمعات الإسلامية الأخرى، أو إبداعات أبناء الجاليات الإسلامية في البلاد الغربية الفكر العربي في نقد بنيته، وتجاوز عوائقه الذاتية ؟. يجب أن يعترف العرب بأنهم فقدوا مركزيتهم القديمة، وأنهم لم يعودوا مصدرا لتوجيه الآخرين بحجة أن بلادهم كانت نهبط الوحي، وأن لغة القرآن هي العربية. لقد حصل التداول منذ قرون خلت، ولم ينجح العرب طيلة هذه الفترة في استرداد المبادرة السياسية والثقافية. لهذا عليهم أن يبحثوا عن الحكمة في بقية البلاد الإسلامية وفي غيرها من البلدان. إنها فرصة ليطلعوا على قراءات للإسلام بلغات غير عربية، ومن منطلقات ومجتمعات تختلف في تجاربها وأولوياتها ورموزها التراثية.   رابعا: بعد أن تحولت السلفية – كطريقة صارمة في فهم القرآن والتجربة الإسلامية التأسيسية – إلى رؤية مخترقة للمجتمعات والنخب في كل مكان، وبعد أن اتخذ الجهاد معاني وأشكالا لا علاقة لها بالدفاع المشروع عن الأوطان والقيم، أصبح التجديد فريضة عامة لتحرير الإسلام ممن قاموا بمصادرته. وبما أن التيار السلفي أصبح متجاوزا لحدود الجغرافيا، فإن التجديد الإسلامي مدعو بدوره إلى أن يشكل جبهات عالمية، ويبني تحالفات فكرية قوية تمكنه من تحقيق التراكم المعرفي، وتعطيه القدرة على التواصل مع أوسع الفئات من المسلمين وغيرهم. ——————–   (*) من أوراق مؤتمر: « حقوق الإنسان وتجديد الخطاب الديني: كيف يستفيد العالم العربي من تجارب العالم الإسلامي غير العربي؟ » الإسكندرية في 18-20 أبريل 2006   (المصدر: موقع « الملتقى الفكري للإبداع » (*) بتاريخ 6 جوان 2006) وصلة الموقع: http://www.almultaka.net/home.php  
(*) تعريف بالملتقى الفكري للإبداع (من الموقع):
– اجتماع ثقافي طوعي يهتم بالفكر العربي والإسلامي مساهمة في حركة الإبداع والتجديد.  – ويعنى بمراجعة المعطى التراثي للأمة على قاعدة التمثل المعرفي الحضاري، نقداً وتجاوزاً وصولاً لغرض البناء الجديد. – ويعمل على إزاحة بنى التقليد والاتباع.  – وينشر قيم الحوار الجاد والاختلاف الحسن. –  ويهتم بالتواصل مع التيارات والاتجاهات الفكرية المختلفة تحقيقاً لقيم الحق والعدل والحرية.   رئيس التحرير عبد الرحمن الحاج مدير التحرير معتز الخطيب هيئة التحرير عبد الرحمن حللي رضوان زيادة سامر رشواني إبراهيم الكيلاني حازم محي الدين   عنوان الموقع: http://www.almultaka.net/home.php
 

 

الطريق الثالث بين الحرب والسلام

محمد صادق الحسيني (*)   عندما هاجمت الولايات المتحدة الاميركية افغانستان واجتاحتها قبل أكثر من أربع سنوات على خلفية الانتقام لواقعة 11 ايلول (سبتمبر) وتدمير «القاعدة» المتهمة بالتخطيط لها والقضاء على حكومة «طالبان» الداعمة والحاضنة لها، قرأ بعض العارفين ببعض خفايا الاستراتيجية الاميركية العالمية الشاملة ذلك الحدث يومها على انه أبعد من مجرد انتقام لمعركة مهما بدت يومها «مشروعة» ومبررة! ووضعوها في إطار الحرب الاساسية التي كانت تخوضها الولايات المتحدة ضد أقطاب الشرق المتنامية قوتهم أو التي يعد لإحيائها بعد فترة ضعف وهوان.   وقتها كتبت ملخصاً الخطوة الاميركية على انها انزال أميركي خلف خطوط الصين وروسيا والهند وايران في اطار معركة السيطرة على الثروات والموارد الغنية لبحر قزوين والاستعداد لمنع اكتمال قوة المارد الصيني الناهض، وتشديد الحصار المضروب على روسيا لمنعها من استعادة دورها كقوة عظمى دولية فاعلة واحتواء كل من الهند وايران كقوتين اقليميتين فاعلتين في المعادلة الدولية.   اليوم وبعد كل ما جرى ويجري في نهر تلك الاحداث ولدى مطالعة الوقائع المتسارعة التي تجري في الحديقة الخلفية لكل تلك القوى الدولية والاقليمية المشار اليها نستطيع التسجيل بأن ثمة بوادر فشل اميركي شبه محتوم في تلك الاستراتيجية.   لا بل ان التطورات السياسية والتحولات في المواقف الاستراتيجية لتلك الدول الاربع تكاد تجعل من هذه الدول مجتمعة «شبه حلف» ولو غير معلن ضد واشنطن.   فهم اليوم أركان منظمة شانغهاي للتعاون الآسيوي التي تستعد لاجتماعات قمة فريدة من نوعها سيكون على جدول أعمالها الرئيسي من جملة ما سيكون كيفية استيعاب هذا الفشل الاستراتيجي لواشنطن لمصلحة قيام تجمع عالمي بديل للتجمع الدولي التقليدي الذي باتت تسيطر عليه العاصمة الاميركية تحت عنوان «مجلس الأمن الدولي»!   وإذا اضفنا التعثر الاميركي المتنامي في العراق والذي بدأ يلامس نقطة الفشل يمكننا ان نقول ولو مع بعض التحفظ بأن ثمة «انقلاباً ما» يلوح في افق العلاقات الدولية قد تكون بعض نتائجه فقدان تلك «الهالة» العالمية التي ظلت تتمتع بها الولايات المتحدة تحت مظلة الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي باعتبارهما من افرازات المنتصرين في الحرب العالمية الثانية لصالح «مظلات» دولية متعددة في طريقها الى الظهور ليست «شانغهاي» إلا مقدمة أولية لها، وقد تكون أميركا اللاتينية، الحبلى هي الأخرى بالتحولات الاستراتيجية، المحطة الثانية التي سيعلن منها شهادة وفاة القوة الامبراطورية الاميركية!   ان مراوحة الاتحاد الأوروبي مكانه في مواجهة الملف النووي الايراني و «كسله» وتردده وفقدانه لأي حيوية فاعلة في هذا المجال وظهوره بمظهر التابع لما تمليه عليه الولايات المتحدة قد يكون هو الآخر من مظاهر العجز الأميركي أكثر مما يكون من مظاهر العجر الأوروبي وحده. وإذا انضمت الادارة الاميركية – سواء كانت مختارة أم مجبرة – الى حوار الاوروبيين مع طهران كما يظهر من المؤشرات والدلائل المتاحة، فإن ذلك سيؤكد هذا المعنى.   ان شبه الاجماع المتنامي في افغانستان على عجز الحاملين للمشروع الاميركي هناك عن توفير الأمن والاستقرار اللازمين وكذلك الأمر على الساحة العراقية، يدفع عملياً باتجاه ذلك «الانقلاب» المتوقع في موازين القوى العالمية ما يجعله «خريطة طريق» الخلاص من الوضع العالمي المضطرب والمحاصر بين فكي كماشة بن لادن – بوش!   وقد يكون ما يحصل في افغانستان والعراق من مخاضات بمثابة الولادة القيصرية المفروضة الممهدة لظهور «القوة الثالثة» العالمية التي أعلنت مبكراً مواقفها ولو بشكل منفرد بأن نظرية «كل من هو ليس معنا فهو ضدنا» انما هي نظرية خاطئة ومآلها الفشل لا محالة!   ان عالم العنف والاستئصال والنفي في التعامل مع الآخر يقترب من نهاياته رغم كونه اليوم يعتلي القمم ويعانق أوج الصعود!   ان ظهور مقاومة وطنية افغانية للمشروع الأميركي – الأطلسي هناك ولو بدا وكأنه صنو لطالبان فهو من نتائج تلك السياسة الأميركية الأحادية والأنانية القاتلة.   كذلك الأمر في الحالة العراقية فرغم كل مظاهر العنف الكريهة وكل مظاهر الفلتان الأمني والاضطراب من جهة وكل مظاهر التحولات السياسية التي تراهن عليها الادارة الأميركية من جهة أخرى كمظهر من مظاهر نجاحها في العراق، الا ان جوف المجتمع العراقي يحمل في جعبته وفي احشائه مشروع ممانعة وطنية عريضاً يضم كل أطياف الشعب العراقي المستباح يبدو انه يستعد للتبلور والظهور في الأفق المنظور بما يؤمل بنهاية تراجيدية لمشروع الاقتتال والعنف الأعمى والاستئصال والاستئصال المضاد لصالح ممانعة عراقية ومقاومة وطنية شاملة تبني العراق على أسس ومبادئ جديدة.   يبقى على النخب المترددة أو المنبهرة تجاه ما يجري ان تستوعب هذا الدرس الاستراتيجي قبل فوات الاوان وتنضم مبكراً الى هوية أمتها التاريخية.   فاللحظة الراهنة هي لحظة مخاض تحاول فيها شعوب المنطقة المضطهدة من استقطاب العنف الاستعماري والعنف الارهابي، ان تخرج الى عالم مقاوم وممانع يرفض الهيمنة والتبعية كما يرفض التخلف والاستبداد والظلامية محاولاً الاقتراب من لحظة تطابق المطالبات التاريخية للناس وهي الحرية والاستقلال والتقدم مع الهوية التاريخية لهذه الأمة وهي الهوية الدينية العقلانية والمعتدلة.   انها لحظة الأمل المشوبة بالرعب حيث نشهد عالماً ينهار وعالماً ينهض فيما يشبه «التسونامي» المتعدد المستويات.   (*) كاتب متخصص في الشؤون الايرانية.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 6 جوان 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

12 novembre 2011

TUNISNEWS 11 ème année, N°4152 du 11.11.2011 archives : www.tunisnews.net Kapitalis:Tunisie-une nouvelle liste de personnes interdites de voyage

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.