الأربعاء، 23 مارس 2011

 

  Home – Accueil

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3956 du 23.03.2011  

archives : www.tunisnews.net


يو بي أي:شاب تونسي يضرم النار في جسده داخل مركز للأمن بمدينة قابس

أحمد طاهر:البوليس السياسي يعود من جديد الى شوارع نابل

كلمة:تردي حالة المهاجرين في جزيرة لمبادوزا الإيطالية

السبيل اولاين:جزيرة لايبادوزا الإيطالية تستقبل مهاجرين جدد والأمم المتحدة تصف الوضع بالحرج وتدعو ايطاليا لإيواء 5000 تونسي

آسيا العتروس:حتى لا تنسى الحكومة المؤقتة هؤلاء…

وات:التونسيون يطالبون بإعادة الأموال المسروقة من الشعب

كلمة:وصول طاقم الباخرة حنبعل 2 إلى تونس

كلمة:وفد إقتصادي أمريكي يزور تونس

الحزب الشيوعي اللبناني:رحل الرجل وبقي النظام:تونس بعد بن علي

حركة النهضة:بــــــيان حول الأوضـــــاع في لـــــيبيا

وات:حزب العمال الشيوعى التونسي يدعو إلى إرجاء انتخابات 24 جويلية إلى شهر اكتوبر

الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات:بـــلاغ

الصباح:الاجتماع الثاني للهيئة العليا لحماية الثورة جلسة نقاش «مغلقة».. واحتجاجات خارج القاعة

الإتحاد:تونس: دعوة لعودة «الحزب الحر الدستوري»

الإتحاد:وصول صحافيي وكالتي فرانس برس وغيتي الى تونس بعد الافراج عنهم في ليبيا

بسام بونني:تونس:خريطة طريق للنهوض بقطاع الإعلام

زياد الهاني:حديث المصالحة

حسن الفقيه:جدل حول تشكيلة اهم هيئات الثورة التونسية يخفي صراعا على خيارات المستقبل

محمد كريشان:ليبيا والتدخل العسكري الأجنبي

أحمد الشيخ: القطيعة واستعادة الوعي والحرية

د. فهمي هويدي:هل نغير الشعوب؟

د. عبد الستار قاسم:التشكيك بالثورات العربية

أبو ذر الناصري: د.عصمت سيف الدولة: قصّة العلمانيّة

عبد الباري عطوان:رسالتان لعقيدي ليبيا واليمن

الجزيرة نت:إطلاق نار على شبان بدرعا السورية

القدس العربي:لجنة تقصي الحقائق تتهم مبارك بقتل المتظاهرين


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


تابعوا جديد أخبار تونس نيوز علىالفايس بوك
الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141

 


 

شاب تونسي يضرم النار في جسده داخل مركز للأمن بمدينة قابس


تونس, تونس, 23 (UPI) — أقدم شاب تونسي اليوم الأربعاء على إضرام النار في جسده داخل مركز للأمن الوطني بمدينة قابس، جنوب شرق تونس العاصمة ،وذلك في حادثة هي الثالثة من نوعها في غضون أقل من يومين. وذكرت وزارة الداخلية التونسية في بيان وزعته مساء اليوم أن هذا الشاب يبلغ من العمر 35 عاما،تعمد « سكب البنزين على نفسه ثم أضرم النار في جسده داخل المركز الأمني على مرأى من زوجته وعدد من المواطنين والأعوان ». وأشارت إلى أن رئيس المركز الأمني وأعوانه سارعوا إلى إخماد النيران ونقل الشاب الذي لم تذكر إسمه إلى المستشفى الجهوي بقابس لتلقي الإسعافات اللازمة وحالته خطيرة. وكانت تونس شهدت أمس الثلاثاء حالتين مماثلتين،حيث أقدم شاب يبلغ من العمر 32 عاما على الانتحار حرقا في مدينة سيدي بوزيد ،فيما أقدمت فتاة تبلغ من العمر 21 عاما أيضا على إضرام النار في جسدها بمدينة قصر هلال بمحافظة المنستير. يذكر أن محاولات الانتحار حرقا تكررت في تونس منذ إقدام الشاب محمد البوعزيزي(26 عاما) على إحراق نفسه في السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي،ما فجر إحتجاجات شعبية شملت مختلف أنحاء البلاد،انتهت في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي بفرار الرئيس زين العابدين بن علي إلى السعودية. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 23 مارس 2011)


البوليس السياسي يعود من جديد الى شوارع نابل


المتجول وسط نابل هذه الأيام يشاهد حيوية ونشاطا غير مسبوق من طرف عناصر البوليس السياسي وكأن لسان حالهم يقول  » جدت عليكم البوليس السياسي يتحل » فقد عاد المدعو الصادق جمع شهر ولد الشكلطي (من فرقة امن الدولة الغير مأسوف عليها)  الى التجوال على متن دراجته الهوائية وشوهد في العديد من المرات واقفا مع عناصر من شبكته الاستخباراتية »القوادة » كما كان من الذين حضروا الاجتماع السري ببلدية نابل والذي تم باشراف رئيس البلدية واكثر من 70 تجمعيا ومجموعة من المليشيات والبوليس السياسي…كما شوهد في العديد من المرات كل من نبيل ورفيق بن جدو وتميم التريكي (من فرقة الارشاد السيئة الذكر)على متن الالفا روميو رقم 137 تونس 9628 وهم يجوبون شوارع المدينة بل وصل الأمر بالمدعو تميم التريكي الى مراقبة مدخل دار الشعب أين تنشط لجنة حماية الثورة ,ومقاهي نابل أين يجلس بعض الاسلاميين وقد رءاه بعض المارة اليوم الاربعاء 23 مارس وهو بصدد التجسس على مجموعة من عناصر النهضة والذين كانوا يحتسون القهوة في مقهى البلار بالمدينة…
وقد قامت السلط المعنية بالاستنجاد ببعض المتقاعدين مثلما حصل مع ادريس من أمن الدولة وهو متقاعد شوهد وهو على متن شاحنة للشرطة من نوع فورد , والمولدي الهرابي من فرقة التفتيشات والذي كان مع ولد الشكلطي واثنين من الارشاد ومجموعة من التجمع المحلول  من بين الذين حضروا الاجتماع الذي وقع تحت جنح الظلام والذي أشرف عليه نور الدين المرابط رئيس البلدية والذي فوت في حوالي 20 كشك واكثر من 40 رخصة مقابل حمايته من الديقاج(Dégage)
أحمد طاهر  


تردي حالة المهاجرين في جزيرة لمبادوزا الإيطالية


حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 22. مارس 2011 ذكرت تقارير صحفية غربية أمس الثلاثاء 22 مارس أن أعداد المهاجرين سرا عبر ـ ما بات يعرف ـ بقوارب الموت إلى جزيرة لمبادوزا الإيطالية يعانون من أوضاع إنسانية مأساوية. وأفادت ذات التقارير أن عدد المهاجرين من بلدان شمال إفريقيا وأساسا من ليبيا وتونس قد فاق العدد الأصلي لسكان الجزيرة الصغيرة البالغ حوالي 5000 نسمة. وكان وزير الداخلية الإيطالي  » روبرتو ماروني » قد صرح منذ أيام أن عدد المهاجريين التونسيين الذين وصلوا الأراضي الإيطالية منذ بداية سنة 2011 بلغ 11285. وتذكر التقارير أن قوارب المهاجرين سرا تصل تباعا، وبصورة غير مسبوقة إلى الأراضي الإيطالية وخاصة إلى الجزيرة المذكورة لقربها من السواحل التونسية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 22 مارس 2011)

جزيرة لايبادوزا الإيطالية تستقبل مهاجرين جدد والأمم المتحدة تصف الوضع بالحرج وتدعو ايطاليا لإيواء 5000 تونسي


السبيل أونلاين – للامبادوزا – وكالات قالت مصادر صحفية متطابقة أن أكثر من 1630 مهاجر (غير شرعي) وصلوا الى جزيرة لامبادوزا الإيطالية بين يومي الأحد 20 والإثنين 21 مارس الحالي ، وذلك على متن زوارق صيد ، وأشارت تلك المصادر إلى أن نحو 15.000 تونسي وصلوا الى الى الجزيرة منذ شهر فيفري الماضي ،وأن جانبا منهم نقل الى منطقتي « بويل Pouilles » و « سيسليليا Sicile » . ووصفت تلك المصادر الأوضاع في جزيرة لامبادوزا الإيطالية بالحرجة ، وقالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أن نقل المهاجرين الى مراكز استقبال أخرى داخل ايطاليا اصبح أمرا ضروريا ، وقد فتحت السلطات الإيطالية مكانا جديدا لإستقبال المهاجرين القادمين عبر البحر المتوسط ، وذلك في القاعدة الجوية « مينيو Mineo » التابعة للحلف الأطلسي « الناتو » في سيسيليا .، وقالت المفوضية الأممية أنها وضعت فريق عمل متخصص لتقديم الإستشارات القانونية للمهاجرين . واضافت تلك المصادر أن نحو 117 مهاجرا وصلوا منطقة « كتان » جنوب سيسيليا أغلبهم مصريين وبينهم ليبيين أيضا ، وأن نحو 50 منهم تمكنوا من الوصول الى الشاطىء بينها وقع انقاذ البقية في عرض البحر ، وقد اقتيدوا الى الفحص الطبي وتدقيق هوياتهم . وفي ميناء جزيرة لامبادوزا فقط ، يوجد نحو 2000 مهاجر حيث الإكتظاظ وغياب المرافق الصحية الكافية ، مع الإشارة إلى أن الجزيرة تعد 5000 ساكن . ومن بين 4780 مهاجر في الجزيرة الإيطالية يوجد 200 طفل، على أن أغلب المهاجرين حسب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين هم شبان تونسيين قدموا للبحث عن فرصة عمل أو للإلتحاق بأفراد عائلاتهم المقيمين في أوروبا ، ويبدى القليل منهم الرغبة في الحماية الدولية . ويضطر 3000 مهاجر آخرون إلى النوم على الرصيف، وعلى الرغم من جهود المنظمات الإنسانية المحلية، إلا أنه لا يوجد مأوى من المطر والبرد كما أن الوضع البيئي ليس صحيا.وبالإضافة إلى ذلك فإن نسبة المهاجرين والسكان المحليين متساوية، ويثير الازدحام توترا بين السكان المحليين والمهاجرين . الأمم المتحدة تدعو إيطاليا للمساعدة في إستضافة اكثر من 5000 مهاجر تونسي الى ذلك ، دعت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين السلطات الإيطالية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الازدحام على جزيرة لامبيدوسا النائية، حيث يتدهور الوضع بالنسبة لأكثر من 5000 مهاجر تونسي هناك. وحث المتحدث باسم المفوضية، أدريان إدواردز، السلطات الإيطالية على زيادة نقل الأشخاص من الجزيرة إلى داخل الأراضي الإيطالية لتخفيف الازدحام في لامبيدوسا والسماح لمراكز الاستقبال بالعمل بصورة عادية. وقال إدواردز إن السكان المحليين ينظرون إلى الوضع الحالي بكثير من القلق وهو أمر مفهوم. كما حثت المفوضية الاتحاد الأوروبي على التضامن مع إيطاليا لمواجهة هذا التحدي، خصوصا مع الأوضاع الجارية حاليا في شمال أفريقيا .وقال إدواردز: « من المهم أن لا يعيق الوضع في لامبيدوسا استعداد إيطاليا لاستقبال القادمين من ليبيا، حيث سيكون هؤلاء الأشخاص بحاجة إلى حماية دولية ». (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس)، بتاريخ 22 مارس 2011)
 


حتى لا تنسى الحكومة المؤقتة هؤلاء…


اسيا العتروس سواء كانوا عشرة الاف أو أكثر أو أقل فان « جيوش » الحارقين ممن انتهى بهم المطاف الى جزيرة لامبادوزا الايطالية أوغيرها من المعتقلات الايطالية سيبقون جزءا لا يتجزأ من أبناء هذا البلد وهم الذين لم يكونوا ضحية لاوضاع اجتماعية قاسية فحسب ولكن ضحية أيضا لخيارات مفلسة وسياسة غارقة في الفساد أسقطت الاستثمار في البشر من اهتماماتها وحساباتها…
لقد باتت الاخبار اليومية لا تخلو من المآسي المتكررة لعشرات الشبان « الحارقين » أواللاهثين وراء  فرصة الهجرة الى الضفة الاخرى للمتوسط هربا من الفقر والخصاصة والبطالة وأملا في فرصة أفضل للحياة قبل أن تتلاشى أحلامهم في قاع البحر ويتحول الكثير من هؤلاء الى مجرد رقم في قائمة الاحصائيات الطويلة ولكن غير المعلومة حول ضحايا الهجرة غيرالمشروعة…
وقد بات مطلوب من الحكومة المؤقتة، وازاء التصريحات المتواترة سواء على لسان وزير الداخلية الايطالي روبرتو ماروني الذي ذهب بالامس الى حد الاعلان عن وصول خمسة عشر الف حارق عبر السواحل التونسية الى جزيرة لامبادوزا الايطالية او كذلك تصريحات المتحدثة باسم المفوضية الامنية لشؤون اللاجئين أن عدد هؤلاء قد بلغ عشرة الاف، أن تخرج عن صمتها وتجاهلها ازاء واحدة من القضايا الاجتماعية والانسانية التي لا تخلو من حساسية وتأثيرعلى واقع الاف العائلات التونسية التي ابتليت بغياب أو فقدان أبنائها اللاهثين وراء حياة أفضل بعد أن سدت أمامهم المنافذ وفقدوا الامل في الحصول على فرصة عمل تضاهي ما يمتلكه غالبيتهم من شهادات جامعية…
والحقيقة أن في الاعلان عن غرق خمس وثلاثين شابا هذا الاسبوع خلال محاولتهم الابحارالى الجزيرة الايطالية التي يعتبرالكثيرون أنها ستكون منفذهم الى جنة الرفاه من شأنه ان يعيد الى السطح أحد الملفات الاكثر تعقيدا والمتعلقة بقضية البطالة المستشرية في صفوف الشباب وتداعياتها الخطيرة على هذه الشريحة من المجتمع نتيجة مشاعر اليأس والاحباط التي قد تدفع بهم عن وعي أوعن غير وعي الى المخاطرة بانفسهم بعد أن يكونوا قد ورطوا عائلاتهم في قروض مالية غالبا ما يلهفها تجار البشر ممن جعلوا من مآسي الشباب مصدرا لثروتهم  دون أن يوفوا لهم  أدنى الضمانات الاساسية المطلوب توفرها على متن سفن الموت…
بالامس كان لعودة طاقم « سفينة  حنبعل 2  » وطاقمها المحرر بعد أشهر طويلة  من الوقوع في ايدي القراصنة في خليج عدن وقعه الايجابي في النفوس تماما كما كان الحال بالنسبة لعودة عدد من الطلبة التونسيين في اليابان، ولاشك ان في اهتمام الحكومة المؤقتة بمصير الصحفي التونسي لطفي المسعودي  الذي لا يزال مصيره مجهولا في ليبيا ما يجب ان يؤشر الى عقلية جديدة في التعامل مع الحقوق المشروعة للتونسي في الكرامة والحرية والعدالة وهي بالتاكيد الاهداف التي تؤسس لها مبادئ الثورة الشعبية التي اطلقها هذا الشعب  بكل فئاته من أجل أن يكون له موقعه بين الامم الراقية، تلك التي راهنت على انسانية الانسان وجعلت من الاستثمار في البشر رصيدها الاول في تحقيق المكانة التي تستحق…فهل تستجيب الحكومة المؤقتة ؟  اسيا العتروس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 مارس 2011)


التونسيون يطالبون بإعادة الأموال المسروقة من الشعب


تونس 23 مارس 2011 (وات) – طالب عدد من المواطنين التونسيين تظاهروا اليوم الأربعاء أمام مقر السفارة السويسرية بتونس بإرجاع كل الأموال المودعة في حسابات اسمية أو رقمية بالبنوك السويسرية العمومية والخاصة
ورفع المشاركون في التظاهرة السلمية التي نظمتها الجمعية التونسية للشفافية المالية بالتعاون مع منظمات غير حكومية، شعارات على غرار « أموالنا عندكم والبطالة عندنا » و »مالي وكرامتي ولا حاجة للصدقة » و »إيواء المجرمين جريمة » و »طرقاتكم نظيفة ولكن بنوككم …. ».
ووجهوا في هذا الصدد عريضة إلى سفير سويسرا بتونس مطالبين السلطات السويسرية بإعادة جميع الممتلكات المنقولة والعقارية للرئيس المخلوع وعائلته إلى تونس.
وطالبوا السفير السويسري باطلاع السلطات التونسية والرأي العام على الأموال التي نهبها الرئيس المخلوع من الشعب وإعلام السلطات السياسية والمالية السويسرية بضرورة إرجاع هذه الممتلكات إلى الحكومة القادمة حتى تستفيد منها فى تنفيذ برامجها.
وعبر السيد بيار كومبرنوس سفير سويسرا بتونس فى تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء عقب محادثة اجراها مع السيد سامي الرمادي رئيس الجمعية « عن إعجاب المسؤولين والشعب السويسري بما حقتته تونس الى حد الان ».
وذكر السفير انه منذ 19 جانفى 2011 بادرت سويسرا باتخاذ إجراءات لتجميد كل الأرصدة المشبوهة المتأتية من تونس وذلك تعبيرا عن التزام الحكومة السويسرية بتقديم المساندة للشعب التونسي »
وأكد استعداد بلاده بالتعاون مع السلطات القضائية والمالية في تونس مواصلة التقصي في الأرصدة المشبوهة للرئيس المخلوع وعائلته وتحديدها « بصورة واضحة » وإرجاعها في الوقت الممكن.
وشدد على أهمية تعبئة المنظمات غير الحكومية والمواطنين للإسراع في إجراءات استرجاع هذه الأموال سواء من الجانب التونسي أو الجانب السويسري (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 23 مارس 2011)  

وصول طاقم الباخرة حنبعل 2 إلى تونس


حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 22. مارس 2011 وصلت مساء أمس الثلاثاء 22 مارس طائرة الخطوط الجوية التونسية القادمة من جبوتي وعلى متنها طاقم السفينة المحررة « حنبعل 2  » التي كانت اختطفت من قبل قراصنة صوماليين في خليج عدن يوم 11 نوفمبر 2010 وتم تحريرها يوم 17 مارس 2011 بعد مفاوضات طويلة مع القراصنة وتسليمهم الفدية المطلوبة. وكانت طائرة الخطوط التونسية قد توجهت يوم الاثنين في رحلة خاصة لجلب طاقم الباخرة وعلى متنها فريق طبي وأعضاء من الشركة المالكة للسفينة على رأسهم فريد عباس وطاقم بديل للباخرة التي من المنتظر أن يتولى الإبحار بها باتجاه المياه التونسية.  ويتكون طاقم الباخرة المحررة كما أشرنا في نشرات سابقة من 32 شخص 22 منهم تونسيون والبقية من الأجانب. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 22 مارس 2011)

وفد إقتصادي أمريكي يزور تونس


حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 22. مارس 2011 قالت مصادر أمريكية أمس الثلاثاء أن وفدا اقتصاديا وتجاريا أمريكيا سيصل إلى تونس يوم الاثنين المقبل للبحث في سبل الاستثمار. وقالت السفارة الأمريكية في تونس إن الوفد الذي سيحل بتونس متألف من عشر مستثمرين أمريكيين ينشطون في قطاعات الطاقة الشمسية و تكنولوجيا الاتصال، ومن المنتظر أن يترأس الوفد مساعد وزير التجارة الأمريكي » سوريش كومار. » (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 22 مارس 2011)
 


رحل الرجل وبقي النظام تونس بعد بن علي


في العيد الخامس والخمسين لاستقلال تونس، دعا القنصل التونسي في لبنان الأسعد المحيرصي الى احتفال بالمناسبة في فندقف « متروبوليتان » حضره ممثلون عن رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء، اضافة الى عدد من المواطنين اللبنانيين والتونسيين المقيمين في لبنان… من بين هؤلاء عضوا « مجلس حماية الثورة التونسية في لبنان » منصف بن علي ومحمد المليتي اللذين حاولا توزيع بيان على الحاضرين حول الثورة التونسية التي اسقطت نظام بن علي في 14 كانون الثاني – جانفيه.

ويقال أن القنصل المحيرصي، الذي كان قد رفض لمرات عدة تسوية وضع الشابين المشار اليهما عبر رفض تمديد صلاحية جواز سفرهما، أوعز الى مساعديه بالطلب الى الأمن اللبناني ابعاد منصف ومحمد عن مكان الاحتفال. فقام عناصر الأمن اللبناني باعتقالهما وتحويلهما الى مفرزة بعبدا لعدم حيازتهما أوراقا قانونية.
ان الحزب الشيوعي اللبناني، اذ يستنكر ما جرى للشابين منصف بن علي ومحمد المليتي، يدعو الى اطلاق سراحهما والى تمكينهما من الحصول على الأوراق القانونية اللازمة لتأمين اقامتهما في ربوع بلادنا.
 
بيروت في 22 آذار 2011
لجنة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي اللبناني


 بســـــــم الله الرحمـــــــان الرحيــــــــــم

بــــــيان حول الأوضـــــاع في لـــــيبيا


تتابع حركة النهضة بانشغال تطورات الأوضاع في ليبيا الشقيقة حيث تواصل قوات النظام الليبي مواجهة الشعب بالقتل و التدمير جوّا وبرا وبحرا مما فتح الباب واسعا أمام التدخل الأجنبي. و حركة النهضة في تونس ومن  منطلق مسؤوليتها الوطنية إزاء شعبنا في ليبيا:
1.  تدين المجازر التي ترتكبها يومياّ قوات النظام الليبي في حق الشعب الليبي. 2.  تجدد مساندتها لثورة الشعب الليبي و وقوفها معه من أجل وضع حد لحكم الاستبداد و الفساد. 3.  تحمل النظام الليبي مسؤولية ما انجر عن جرائمه ضد المدنيين العزل من تدخل أجنبي في ليبيا . 4. تؤكد رفضها المطلق للمساس بحرمة التراب الليبي و سيادة البلاد ووحدتها وترفض رفضا قاطعا أي شكل من أشكال الاحتلال تحت أي مسمى كان . 5. تدعو أبناء الشعب التونسي وكل الأحرار في العالم إلى مزيد دعم و مساندة الشعب الليبي بكل الوسائل من أجل تحقيق أهداف ثورته .    تونس في: 22 مارس 2011  حركة النهضة  

حزب العمال الشيوعى التونسي يدعو إلى إرجاء انتخابات 24 جويلية إلى شهر اكتوبر

  


تونس 23 مارس 2011 (نقلا عن وات) – عقد اعضاء الهيئة السياسية المؤقتة لحزب العمال الشيوعي التونسي اليوم الأربعاء بالعاصمة ندوة صحفية سلطوا خلالها الضوء على اهداف الحزب وتوجهاته وبرامجه ومواقفه بخصوص التطورات بالبلاد بعد الثورة واكدوا في هذا السياق ان الرئاسة المؤقتة والحكومة الانتقالية الحاليتين « تعملان على ضرب الشرعية الثورية وترفضان اية رقابة على ما تتخذانه من اجراءات وقرارات ».
وبين حمة الهمامى الناطق الرسمى باسم الهيئة ان الرئاسة المؤقتة والحكومة الانتقالية رفضتا التعاطى مع المجلس الوطنى لحماية الثورة وعوضتاه بالهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والاصلاح السياسي وعينتا اعضاءها دون اى تشاور او توافق مشيرا الى « ان فى قرار حل الحزب الحاكم ما ينبىء بعودة الحزب فى اشكال جديدة كما ان قرار تنحية البوليس السياسى تحوم بشانه عديد الشكوك ». واشار ممثلو حزب العمال الشيوعي الى « ن الثورة لم تنته » وذلك بسبب المخاطر المحدقة بها حاثين على مواصلة التعبئة للحفاظ على المجلس الوطنى لحماية الثورة وتفعيله وعلى المجالس الجهوية والمحلية التابعة له وتدعيمها.   كما اكدوا عدم تخوفهم من كثرة الاحزاب السياسية التي برزت بعد الثورة باعتبار ان البقاء مثلما اكد ذلك حما الهمامي « يبقى للاجدر ولمن يمتلك قاعدة شعبية اوسع ويستجيب لمشاغل المواطنين ».
وابرزوا اهمية انتخاب المجلس التاسيسى الذى يمثل محطة حاسمة لفرض ارادة الشعب مقترحين تاجيل موعد الانتخابات وارجائه الى شهر اكتوبر بهدف تمكين الشعب ومختلف القوى السياسية من الاستعداد الجيد لهذا الاستحقاق وذلك بالنظر الى اهمية القضايا التى سيحسمها المجلس التاسيسى ومن اجل اعداد المناخ السياسي المناسب لاجرائها وما يتطلبه ذلك من تطهير للادارة وللقضاء والاعلام ومن حل فعلى لجهاز البوليس السياسي وسن لقانون انتخابى وحسم لمسالة تمويل الانتخابات لضمان الشفافية والانصاف بين مختلف المشاركين وسد الباب امام افسادها بالارشاء.
وبشان البرنامج العام للحزب، تحدث ممثلوه بالخصوص على ضرورة فصل الدين عن الدولة باعتبار مسالة المعتقد مسالة شخصية ليس من حق الدولة التدخل فيها او استغلالها للتضييق عن الحقوق المادية والمعنوية للمواطن مشددين على ضرورة تناول المسالة فى سياق معين حتى لا يتم الحياد بها عن القضايا الجوهرية كالعدالة الاجتماعية والحق فى الشغل وحرية الفكر والعقيدة والتنظم والمساواة وحرية الابداع..وغيرها.
وتناول هذا البرنامج فى طرحه للمسائل الاقتصادية ضرورة تشييد اقتصاد وطنى مستقل وشعبى ومنح العمال صلاحيات تسيير المؤسسات الاقتصادية المؤممة الى جانب القيام باصلاح زراعى جذرى خاصة عبر تحرير الفلاحين الفقراء والصغار من كل اشكال الاستغلال والاضطهاد.
وعلى المستوى الاجتماعى والثقافي تركز برنامج الحزب على ضمان حق الشغل لكل مواطن بلغ سن العمل وتوفير المسكن اللائق لكل مواطن وتعميم استعمال اللغة العربية بوصفها اللغة القومية والنهوض بالثقافة الوطنية وتشجيع الخلق الادبي والفنى والبحث العلمى وجعله فى خدمة قضايا الشعب والوطن.

وقد تخللت الندوة الصحفية عديد الفقرات الموسيقية كما رفعت عديد الشعارات المساندة للثورة والداعمة لحقوق العمال والمناصرة للشهداء. ولم تخل الاجواء من بعض التشنج بسبب حضور عناصر ابدت عدم تاييدها لما جاء فى برنامج هذا الحزب سيما في ما يتعلق بالمجال الثقافى (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 23 مارس 2011)


الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات  
تونس في 23 مارس 2011 بـــلاغ  

إن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وعلى إثر توجه السيد عمر المستيري ممثل المجلس الوطني للحريات في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي بجلسته المنعقدة بتاريخ 22 مارس 2011 بالاتهام التخويني للسيدة هادية جراد وذلك في لهجة عنيفة ناسبا إليها زورا وباطلا مواقف سياسية تشكك في نزاهتها ووطنيتها في هذا الظرف المتميز بالتشنج والحساسية السياسية ناسبا إليها دفاعها عن « المناشدين » وهو ما يعتبر في ذاته تحريضا وتعريضا بها والحال أنه على معرفة تامة بمواقفها السياسية وماضيها النضالي ودورها الريادي في الحركة السياسية التقدمية والديمقراطية والنسوية وهي التي تقلدت مهمة أول رئيسة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ومن مؤسساتها. ونحن مناضلات الجمعية:
1.نعبر عن رفضنا القاطع لمثل هذه الممارسات التي تصدر عن شخص مسؤول وممثل لجمعية طالما دافعنا عنها وفرضناها في النسيج الجمعياتي عندما كان العديدون يرفضون ذلك لعدم حصولها على التأشيرة القانونية، وشاهد على ذلك دفاعنا عن مناضلات و مناضلي المجلس الوطني للحريات كلما تعرضوا إلى الاعتداء والتضييق. 2.نحذر من عواقب مثل هذه التجاوزات والاعتداءات في هذا الظرف بالذات حيث نقف في مفترق الطرق لبناء لبنات مجتمع متساوي وديمقراطي وتعددي طالما ناضلنا من أجله وإن مثل هذا التشكيك والتوجه التخويني لا يمكن إلا أن يخدم مصلحة الداعين لخيار مجتمعي منغلق لا ديمقراطي ولا متساوي ورجعي. 3.نعبر عن تضامنها المطلق مع رئيسة الجمعية الأولى وإحدى مؤسساتها والمناضلة السياسية والحقوقية هادية جراد. 4.إيمانا منا بأهمية بناء قطب ديمقراطي من أجل إرساء مجتمع حداثي ومتعدد وعادل تؤكد الجمعية على مواصلة انخراطها في التحالف الجمعياتي لا سيما أن عدد من مناضلات الجمعية هن من مؤسسات هذا المجلس.
عن الجمعية الرئيسة سناء بن عاشور


الاجتماع الثاني للهيئة العليا لحماية الثورة جلسة نقاش «مغلقة».. واحتجاجات خارج القاعة


وسط هتافات محتجين، وصعوبة دخول عدد من أعضاء الهيئة في حد ذاتهم الى قاعة اجتماعهم، التأم مساء أمس بالعاصمة الاجتماع الثاني للهيئة العليا لحماية أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي ولكن مغلقا هذه المرة، إذ لم يسمح للصحفيين الذين توافدوا بكثافة من مختلف وسائل الإعلام  لمواكبة أطوار النقاش الذي دار بين أعضاء الهيئة. وتوافد مئات من الأشخاص على مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي يحتضن الهيئة العليا، ليعبروا عن احتجاجهم على مكوناتها ومهامها رافعين شعارات معادية لها وللمشاركين فيها، معتبرين إياها « التفافا على المجلس الوطني لحماية الثورة »، و »لم تشرك لا الشباب ولا الجهات »، كما رفعوا شعارات ضد حكومة الباجي قائد السبسي. وأكد محمد جمور وهو عضو للهيئة وممثل عن حزب العمل الوطني الديمقراطي لـ »الصباح »، أنه ليس هناك أي داع لإغلاق الجلسة خاصة أن طابعها مفتوح وهي جلسة نقاش مفتوح بين مكونات الهيئة. واحتجت راضية بالحاج زكري ممثلة « جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية » على الشعارات التي رفعها المحتجون، واعتبرتهم « لا يمثلون سوى أنفسهم، مؤكدة أنها وزميلاتها هن من أسقطن نظام بن علي إضافة إلى المناضلين الحقيقيين » حسب تعبيرها، وتساءلت: أين كان هؤلاء؟ احتجاج وأكد صلاح الدين الداودي وهو أستاذ جامعي بالمعهد العالي لفنون الملتميديا قسم السمعي البصري، وأحد المحتجين أن له جملة من « المقترحات والملاحظات حول المبادئ العامة للنظام الانتخابي الاستثنائي للمجلس التأسيسي »، شدد على « أنه لا يمكن أن تتواصل مثل تلك الهيئة غير الممثلة، والتي قامت باقتراح قانون ينظم انتخاب المجلس دون أن تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات ومواقف وآراء مختلف مكونات المجتمع المدني والسياسي مسبقا » حسب تعبيره. وتواجد عدد من ممثلي المجالس الجهوية والمحلية لحماية الثورة، ووزعوا بيانات إعلامية وتأسيسية لهذه المجالس، كما حضر عدد من الوجوه السياسية، المعروفة بانتماءاتها لأطراف مكونة لجبهة 14 جانفي وحتى من أحزاب ممثلة داخل المجلس. واعتبر طارق الشامخ من « اليساريين المستقلين » أن الهيئة لا تعبر البتة عن المطالب الشعبية، بمهامها ومكوناتها الحالية وأكد أنها « التفاف عن المجلس الوطني لحماية الثورة ». وقد طالب المحتجون بحضور أطوار الاجتماع، ووجد عدد من أعضاء الهيئة صعوبة في الوصول إلى قاعة اجتماعهم خاصة أن جدارا أمنيا منع الكل من الوصول إلى الطوابق العليا من المقر، وتعامل الأمن بطريقة حضارية ومرونة كبيرة مع المحتجين. جلسة نقاش « مغلقة » وقد كانت الهيئة، التأمت سابقا في جلسة أولى مفتوحة غير أن فوضى واحتجاجات ونقاشا حادا بين أعضاء الهيئة لم يسمح بإتمام برنامج العمل الذي كان مقررا لها. وقد تمكن الصحفيون من نقل مختلف أطوار الجلسة والنقاش والآراء المختلفة للرأي العام. وسبق أن أكدت مختلف مكونات الهيئة من أحزاب وممثلين عن المجتمع المدني على ضرورة أن تكون جلسات النقاش مفتوحة، حتى يبلغ للرأي العام مختلف الرؤى والآراء، في حين وافق عدد منهم على أن تكون الجلسات الفنية فقط مغلقة. وينص الفصل الأول من المرسوم عدد 6 لسنة 2011 القاضي بإحداث الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي على أن هذه الهيئة عمومية مستقلة، بما يعنيه ذلك من أنها سيدة نفسها بالنهاية، أي يمكن للهيئة أن تتخذ قراراتها بنفسها. في حين ينص الفصل 7 من نفس المرسوم على أن تجتمع الهيئة بدعوة من رئيسها أو من ثلثي أعضائها وتكون مداولاتها سرية. ولا تكون جلساتها شرعية إلا متى توفر النصاب بحضور أكثر من نصف أعضائها. أيمن الزمالي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 مارس 2011)


تونس: دعوة لعودة «الحزب الحر الدستوري»


ا ف ب دعت مجموعة من الشخصيات السياسية، وبينهم عبد المجيد شاكر مدير الحزب الحاكم سابقاً في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة (1956-1987)، إلى إعادة إحياء “الحزب الحر الدستوري التونسي” مناسبة الذكرى 55 لاستقلال تونس التي وافقت أمس الأحد. وكانت هذه التسمية تطلق على الحزب الحاكم سابقاً في تونس (1934-1964)، وكان قبل ذلك يحمل اسم الحزب الحر الدستوري (بزعامة مؤسسه عبد العزيز الثعالبي في 1920)، ثم تحول في 1964 إلى “الحزب الاشتراكي الدستوري” وإلى “التجمع الدستوري الديمقراطي” في عهد زين العابدين بن علي (1987-2011). وتم حل هذا الحزب بقرار قضائي بعد الإطاحة ببن علي. (المصدر: صحيفة « الإتحاد »(يومية – الإمارات) الصادرة يوم 23 مارس2011) http://www.alittihad.ae/details.php?id=26971&y=2011#ixzz1HSRn7fik  


وصول صحافيي وكالتي فرانس برس وغيتي الى تونس بعد الافراج عنهم في ليبيا


وصل الصحافيون الثلاثة وبينهم اثنان من وكالة فرانس برس الذين اعتقلوا السبت في اجدابيا شرق لبييا من قبل القوات الموالية للعقيد القذافي، ظهر الاربعاء الى تونس بعد الافراج عنهم ليل الثلاثاء الاربعاء في طرابلس، بحسب شهود. واستقبل الصحافيون وهم مراسلا فرانس برس البريطاني دايف كلارك وروبرتو شميت الذي يحمل الجنسيتين الكولومبية والالمانية اضافة الى مصور وكالة غيتي الاميركي جو ريدل، عند معبر راس جدير الحدودي بين تونس وليبيا الذي وصلوه نحو الساعة 12,20 تغ للتوجه الى العاصمة التونسية التي تقع على بعد نحو 600 كلم شمالا. ويعمل دايف كلارك (38 عاما) في مقر فرانس برس في باريس وارسل الى ليبيا كموفد خاص في 8 اذار. اما روبرتو شميت (45 عاما) فهو مصور مسؤول عن شرق افريقي مقره في نيروبي، وكان في شرق ليبيا منذ 28 شباط. ويبلغ جو ريدل من العمر 45 عاما. وفقد الاتصال منذ مساء الجمعة الفائت بالصحافيين الثلاثة بعد توقيفهم من عسكريين موالين للقذافي في الطريق الموصل الى اجدابيا الذين اقتادوهم الى وجهة مجهولة.
(المصدر: صحيفة « الإتحاد »(يومية – الإمارات) الصادرة يوم 23 مارس2011)  


تونس: خريطة طريق للنهوض بقطاع الإعلام


بقلم بسام بونني
حين وصل زين العابدين بن علي إلى الحكم عام 1987 بواسطة انقلاب طبّي، كانت دوائر حكومية وحقوقية وعلمية غربية تحاول تلمّس أيّ شكل من أشكال التغيير الحقيقي.
في هذا السياق، قدِم طالب سويسري يدرس بإحدى كلّيات الإعلام لدراسة التحوّلات المرتقبة في الصحافة التونسية بعد بيان السابع من نوفمبر الذي وعد بالانفتاح والحرية.
وبعد أسابيع قضّاها في بلادنا لمتابعة أوضاع الإعلام والإعلاميين، انتهى الطالب إلى أنّ التغيير لم يكن سوى مجرّد وعد زائف. واستدلّ في ذلك على حجز مجلّة “حقائق” بعد افتتاحية شهيرة للأستاذ هشام جعيط بعنوان “Points d’ombre” – نقاط ظلّ – ووقف صحيفة “الرأي” عن الصدور على خلفية مقال “نشاز” التاريخي للسيدة نزيهة رجيبة أمّ زياد.
لم يكن الدافع من وراء مهمّة الطالب السويسري اعتباطيا أو عبثيا. فالإعلام هو الواجهة الحقيقية لأيّ تغيير سياسي.
وقد شاءت الأقدار أن أقف على هذه الحقيقة في تجارب أخرى، آخرها النيجر. ففي أفريل الماضي، قمت بتغطية ما بعد الانقلاب العسكري في النيجر ولمست تجييشا في صفوف الصحفيين لافتكاك ما فقدوه من حقوق وصلاحيات في ظلّ الحكم المدني. فعقدوا سلسلة من الاجتماعات تمخّضت عنها نتيجتان رئيسيتان : أوّلا، إلغاء أيّ شكل من أشكال تجريم الصحفيين. وثانيا، اقتلاع أربعة مقاعد في المجلس الاستشاري المرافق للمجلس العسكري في إعداد العدّة لانتخابات جانفي 2011 والتي أجمع المجتمع الدولي على نزاهتها وشفافيتها.
قد يتوجّس البعض من مقارنة تونس بالنيجر. لكن، قد أصدمك أكثر، عزيزي القارئ، حين أقول إنّ النيجر، رغم فقرها المدقع وعدم استقرارها سياسيا وأمنيا، قد راكمت، منذ ربيع ديمقراطيتها، بداية التسعينات، إحدى أهمّ التجارب الصحفية في إفريقيا.
ويُحسب لهذا البلد، على الأقلّ، أنّه لم يشهد مثل تونس بن علي تحجيما لدور الصحفيين.
لكن، رغم رحيل بن علي، مازال الإعلام التونسي باهتا لا يقوى على الارتقاء إلى مستوى الثورة الشعبية التي طوت إحدى أكثر صفحات تاريخنا قتامة. ويعود ذلك في الأساس إلى عدّة أسباب، أهمّما أنّ بعض القائمين على المؤسسات أو الصحفيين المتورّطين في انحدار المهنة إلى الحضيض مازالوا في قواعدهم أو يديرون القطاع من وراء الستار، رغم ما ارتكبوه من فظائع في حقّ المهنة. كما أنّ قطاعا لا يستهان به من الصحفيين لم ينخرطوا، بطريقة أو بأخرى، أيّام بن علي في معركة افتكاك مربّعات الحرية، لعدم إيمانهم بالرسالة الحقيقية لمهنتهم التي تمّ تقزيمها بشكل مرعب وبأسالبيب شتّى، تراوح بين الترغيب والترهيب. ومن لم يشعر بالحاجة الماسّة لجرعة من الحرية أيّام الديكتاتورية لا يمكن له أن يُساير قطار الانفتاح بعد تحرّر البلاد.
وأذكر جيّدا الضغط الذي كان يتعرّض له صحفيون كسروا حاجز الصمت، كتوفيق العياشي وأيمن الرزقي وإسماعيل دبارة وسفيان الشورابي، من زملاء لهم كانوا يوغلون في إحباطهم بصيغة الناصح المتوجّس من ضربة لا يُعرف مأتاها ولا توقيتها ويحاولون ثنيهم عن المضيّ قُدما في نقد النظام البائد.
وكان الانقلاب على نقابة الصحفيين دليلا آخر على تململ الصحفيين وعدم قدرتهم على الاضطلاع بمسؤولياتهم الدنيا في لحظات مفصلية. فمكتب 15 أوت الذي نصّبه الحكم المخلوع ما كان ليرى النور دون خضوع عدد كبير من الزملاء خوفا على وضع لم يكن مريحا ولا لائقا حتّى. ومن آثر عدم المشاركة في تلك المؤامرة لم يُقتل ولم يُطرد، وإن تعرّض لمضايقات جمّة. لكن، تلك ضريبة الدفاع عن المهنة.
تنقية الأجواء
تحرّر الصحافة والصحفيين من كلّ تلك الكوابيس تحوّل، إبّان ثورة الحرية والكرامة، إلى مطلب شعبي. فالشارع الذي أطاح بأحد أشدّ الأنظمة قمعا في العالم لم يعد يرضى بإعلام لا يجد فيه صدى لمطالبه وتطلّعاته. بيد أنّ ذلك لا يتحقّق بمجرّد توفّر الإرادة، سواء في صفوف الصحفيين أو لدى قطاع واسع من الرأي العام، بل يفترض جملة من الإجراءات لن أتوانى في اعتبارها ثورة الصحفيين.
وأهمّ إجراء يجب المبادرة به كمؤشّر على النيّة الحسنة هو تنقية القطاع من رموز الإعلام السوفييتي الذي فرضه بن علي على الشعب طيلة أكثر من عقدين من الزمن. فإعادة البناء تكاد تكون مستحيلة في ظلّ محافظة مجرمي الصحافة على مناصبهم.
فأقلام مثل عبد العزيز الجريدي وصالح الحاجة ووجوه إذاعية وتلفزية لا يسمح المجال لإحصاءها تحوّلت، اليوم، بقدرة قادر إلى محرّك للرأي العامّ، بعد أن داست على المهنة وأخلاقياتها لسنوات. هؤلاء المجرمين في حقّ الصحافة يواصلون، اليوم، تشويه سمع الصحافة والصحفيين في تونس بتحويل شتمهم من معارضي بن علي إلى بن علي ذاته، في الوقت الذي تفترض فيه مرحلة ما بعد الثورة تطليق بن علي وممارساته بالثلاث. فبن علي لم ولن يكون قدوة لنا، خاصّة حينما يتعلّق الأمر بأخلاقيات المهنة الصحفية.
وعليه، فإنّ خطوة كتلك التي أقدمت عليها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في مصر والمتمثّلة في جرد كَتَبَة النظام البائد تبدو أساسية اليوم. بل لا بدّ أن نتجاوز تلك الخطوة بتطويرها إلى مقاضاة كلّ من سوّلت له نفسه الإساءة إلى صورة تونس بتكريس بل وتمويل إعلام قذر لم يخجل يوما من القذف والتشهير وهتك الأعراض وإلصاق التهم جزافا بالأصوات التي تعالت أيام بن علي للتعبير عن رفض حكمه وأساليبه، علما أنّ مقاضاة أيّ طرف أو جهة لا يعني إغلاق مؤسستها الإعلامية.
كما يجب فتح جميع الملفّات ذات الصلة، كملفّ وكالة الاتصال الخارجي، المموّل الرسمي لجرائد المجاري، ودور وزارة الداخلية وجميع الدوائر الرسمية الأخرى التي كانت طرفا مباشرا في الدوس على الصحافة والصحفيين. هذا ويجب التدقيق في سجّلات مؤسسات إعلامية وشركات إنتاج خاصة وصحفيين كدّسوا ثروات كافية لانتشال الصحفي التونسي من حالة الهشاشة المادية التي يتخبّط فيها والتحقيق في حالات الاحتكار والتعسّف في استخدام السلطات وممارسة الضغوط والتهديدات وتقديم الهبات والرشاوى .
إطار قانوني جديد
ولكي لا تختلط الأمور، فإنّ هذا الإجراء يهدف أوّلا وأخيرا إلى تنقية القطاع الصحفي من أولئك الذين زرعهم النظام السابق لتدمير المهنة أو من أولئك الصحفيين الذين فقدوا صفتهم المهنية لعدم التزامهم بأخلاقياتها. أي، بعبارة أخرى، الدعوة لمقاضاة ممتهني السبّ والشتم لا يعني مقاضاة صحفيين لأنّ من نعنيهم، هنا، ليسوا صحفيين أصلا بل زمرة من المكلّفين بمهمّة بعيدة كلّ البعد عن مهمّة الصحفي.
ويحيلنا موضوع التتبّعات العدلية إلى مسألة جوهرية هي ضرورة إلغاء أيّ شكل من أشكال تجريم الصحفيين الذين يمتهنون المهنة حقّا. ويبدو أنّ اللجنة الفرعية للإعلام والاتصال السمعي والبصري المنبثقة عن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي تعكف على صياغة مشروع مجلة “الصحافة والطباعة والنشر” ماضية قدما في تثبيت تجريم الصحفيين، وهو ما يتعارض كلّيا مع المعايير الدولية لحرّية الصحافة ومع ما يطمح إليه الصحفيون التونسيون بعد الثورة المجيدة.
وقد خرج علينا السيد رضا جنيح، رئيس اللجنة الفرعية، بسلسلة من التصريحات المثيرة للجدل ليس أقلّها قوله إنّ “حرية الإعلام سلاح ذو حدّين”، وهي اللغة ذاتها التي كان يستخدمها الرئيس المخلوع والقائمون على قطاع الإعلام في عهده. ولسائل أن يسأل، هنا، ودون التشكيك في مصداقية السيد جنيح، لماذا توكل رئاسة لجنة فرعية ستحدّد إلى درجة كبيرة مصير الإعلام والإعلاميين في تونس إلى أستاذ قانون عامّ، في الوقت الذي تزخر فيه تونس بعدد من الكفاءات التي راكمت التجارب في الاطّلاع على قوانين الصحافة في العالم، سواء بخلفية أكاديمية أو بخلفية حقوقية ؟
إنّ الصحفيين التونسية بحاجة، اليوم، إلى إطار قانوني يحميهم لا لإطار قانوني يُرفع في وجههم كتهديد دائم يُضاف إلى الضغوط التي تُمارس عليهم كلّ لحظة أثناء ممارستهم لعملهم. وبالتالي، يجب إلغاء عقوبات السجن والغرامات المُجحفة التي أثبتت التجارب، في دول أخرى، أنّها تُستخدم لإذلال وترهيب الصحفيين ومؤسساتهم.
بل إنّ الدستور المقبل للبلاد يجب أن ينصّ صراحة على أنّ الصحافة سلطة رابعة، لا كمؤسسة تابعة للدولة بل كأداة مراقبة منفصلة عنها تماما. وذلك سيُجنّب القطاع أيّ شكل من أشكال الوصاية.
من النقابة إلى الاتحاد
فقطاع الصحفيين يجب أن يُديره الصحفيون أنفسهم. وهذا يفترض تأسيس هيكل ذي صلاحيات واسعة تؤول له الكلمة الأولى والأخيرة في القطاع وما يتّصل به. فهل يُعقل أن تُسند لجنة هجينة مرتبطة بشكل أو بآخر بالأجهزة الأمنية بطاقة الاحتراف الصحفي ؟ ولماذا يُستثنى الصحفيون من المشاركة الفاعلة والمباشرة في المفاوضات الاجتماعية ؟ ثمّ كيف للصحفي أن يرتقيَ بمهنته في الوقت الذي يُستبعد فيه من أيّ مشاورات قانونية أو سياسية أو علمية تخصّ قطاعه ؟
آن الأوان ليكون للصحفيين هيكلهم الذي تتّسع صلاحياته إلى مجرّد تمثيلهم لدى الدوائر الرسمية أو أمام الرأي العامّ لتشمل تنظيم القطاع من خلال إسناد بطاقة الاحتراف الصحفي والمشاركة في المفاوضات الاجتماعية والسهر على احترام معايير المهنة من خلال لجان متابعة للمنتوج الصحفي. أي، بعبارة أخرى، من حقّ الصحفيين أن يكون لهم هيكل يختصّ حصريا بتنظيم المهنة، مثلهم مثل المحامين والأطباء والخبراء المحاسبين …
ولذا، حان الوقت لتجاوز مرحلة النقابة وإعداد العدّة لإعلان قيام اتحاد للصحفيين، الهدف الاستراتيجي لأصحاب المهنة منذ حوالي نصف قرن. فالاتحاد، قانونيا، هو القادر على الاضطلاع بكلّ المسؤوليات الآنف ذكرها.

التكوين
بل إنّ على الاتحاد الإدلاء برأيه في توجيه المناهج التعليمية وتطويرها حيت يتعلّق الأمر بالمهنة الصحفية، كيف لا والصحفيون هم الواعون أكثر من أيّ طرف آخر بحاجاتهم وضروراتهم، لا سيّما في ظلّ التغيرات المتسارعة للمهنة، على الأقلّ في جانبها التقني.
وقد أثّرت ثلاثة وعشرون عاما من التضييق على الصحفيين أيّما تأثير على التكوين. معهد الصحافة وعلوم الإخبار، مثلا، والذي أنجب أقلاما ومذيعين ومراسلين في سنواته الذهبية، يعجز اليوم عن تقديم زاد بشري قادر على إثراء القطاع. فمن ناحية، لم يكن المعهد بمعزل عن حملة التشويه المفزعة التي تعرّضت لها الجامعة التونسية خلال حكم بن علي. ومن جهة أخرى، تحوّل المعهد إلى مرتع لمدرّسين يفتقرون إلى أدنى معايير الكفاءة، إذ لم يأت بهم إلى هذه المؤسسة الهامّة سوى سجّلهم الكبير في التسبيح بحمد النظام المخلوع أو التكفّل بمهامّ قذرة داخل القطاع.
إنّ إعادة النظر في برامج معهد الصحافة وعلوم الإخبار ومناهجه وطريقة التوجّه إليه أولوية قصوى، توازيها ضرورة خلق فرص أخرى للتكوين والرسكلة، من خلال مراكز تدريب، عمومية أو خاصّة، تونسية أو أجنبية، على أن تتكافأ الفرص في هذا المجال بالذات. الدفاع عن الصحفيين الخطوات الآنف ذكرها قد تخصّ الصحفيين دون غيرهم. لكن، لا يمكن إعادة بناء الثقة بين وسائل الإعلام التونسية والرأي العام دون أن يلعب المجتمع من مواطنين وأحزاب سياسية ومكوّنات للمجتمع المدني ونقابات ومثقّفين دورا في الدفاع عن الصحفيين. فأن يكون لتونس وللتونسيين صحافة تُعبّر عن واقع البلاد وتراقب وتحاسب وتثير التساؤلات الجوهرية ليس ترفا بل هو حاجة حيويّة للجميع وركن هامّ من أركان الديمقراطية.
وتثبت تجارب الديمقراطيات أنّ الدفاع عن الصحفيين يكاد يكون أهمّ حتّى من الصحافة ذاتها. لأنّ الإعلام شأن عامّ يتجاوز الصحفيين. وبالتالي يجب أن تخرج من رحم المجتمع مبادرات ومؤسسات تُكرّس حرية الصحافة وتسهر على مرافقة الصحفيين في ضمان تدفّق المعلومة.
إنّ الصحافة شأن الجميع. إنّها شأن العاطل عن العمل والمحامي والقاضي والطالب والطبيب والمرأة والرجل والطفل. وهذا يفترض وعيا أكبر بمحوريّة الدور الذي يلعبه الصحفي في هذه اللحظة بالذات. كما يفترض إطارا جديدا يعمل فيه الصحفي بعيدا عن الضغوط.

إنّ هذه المحاولة المتواضعة في وضع خريطة طريق للنهوض بقطاع الإعلام قابلة للتطوير. فقد تختلف معي، عزيزي القارئ، في ترتيب الأولويات. لكنّنا لن نختلف كثيرا حول الأولويات ذاتها. والنهوض بالإعلام مسؤولية الجميع، سيعود القسط الأكبر منها للمعنيين، وأقصد، هنا، نحن معشر الصحفيين. لكن، لسنا طرفا معزولا عن المجتمع. وبالتالي لن تنهض المهنة دون انسجام أصحابها مع بقية مكوّنات المجتمع وتماهيهم مع مطالبها وتطلّعاتها. هي مسؤولية الجميع في إحداث الثورة المرجوّة في هذا القطاع. فإمّا أن نتوصّل إلى إرساء سلطة رابعة أو أن نستسلم لوضعها الحالي كسلطة تابعة.


حديث المصالحة  


إقدام الوزيرين السابقين أحمد فريعة وكمال مرجان على تشكيل حزبين جديدين مازال يثير الكثير من الجدل بين أطراف النخبة التونسية والفاعلين السياسيين الذين انقسموا بين رافض ومؤيد لهذه الخطوة. ففي حين يرى البعض أن الوزيرين فريعة ومرجان جزء من نظام بائد يجب القطع معه نهائيا، وأن حزبيهما ليسا سوى إعادة إحياء بشكل ملتو لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحلّ، يرى آخرون أن تونس لكل التونسيين وأنه لا يجب حرمان أي تونسي من حقه في المساهمة في إعادة بناء تونس الجديدة التي لا مكان فيها للإقصاء. وتذهب جبهة الرفض إلى حدّ اعتبار أنّ من مارس الإقصاء واحتكار الحياة السياسية وترهيب المواطنين وعمل كرديف للبوليس السياسي وكان في أحيان كثيرة أكثر قسوة منه ويقصدون حزب التجمع المنحلّ، لايحق أن يكون له رأي أو دور في تونس الحرة، على الأقل لفترة انتقالية لا تقل عن عشر سنوات حسب رأيهم. وإذا كان لكل من الموقفين ما يبرره، إلا أن ذلك لا يمنع من القول بأن جروح معاناة الماضي عند عديد التونسيين الذين تعرضوا للظلم خلال العهود السابقة لم تندمل بعد والخطاب الحقوقي وحده وتجاهل هذاالواقع لا يمكنهما أن يضمنا انتقالنا إلى الضفة الأخرى والقطع نهائيا مع سلبيات الماضي. تونس ليست البلد الوحيد الذي عاش تجربة الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية فعديد الدول سبقتنا في هذا المجال واضطرت في لحظة فارقة للتعاطي مع ملف ممارسات الماضي المظلم. ويمكن تقسيم تجارب هذه الدول إلى تجربتين: تجربة الاجتثاث التي طبقها بريمر في العراق وأوقعت البلد في حرب أهلية، وتجربة المصارحة والمصالحة التي طبقها زعيم إفريقيا الكبير نيلسون مانديلا ومكنت جنوب إفريقيا من تجاوز جراح فترة الميز العنصري والانبعاث من جديد. والتونسيون بحاجة اليوم إلى مصالحة حقيقية لا يمكنها أن تقطع مع الماضي إلا إذا وقفنا على حقائقه المرّة. ليس مطلوبا التشفي من أيّ كان، لكن على كل واحد منّا أن يقف على حدود أخطائه وآثارها، فالذين أجرموا في حق مواطنين تونسيين إخوانهم كل ذنبهم أنهم عارضوا نظام التسلط السابق أو لهم أعمال سعى النافذون إلى مقاسمتهم فيها لا ينتمون إلى إدارة واحدة بل يتوزعون على عديد الإدارات المرتبطة ارتباطا مباشرا بمصالح الناس. كل هؤلاء الذين سلطوا أي شكل من أشكال الأذى بقطع النظر عمّا إذا انساقوا مأمورين أو تبرعوا بتقديم خدماتهم للاستبداد أن يعتذروا. وذلك في إطار هيئة وطنية تسجل وتستخلص وتحاسب بما يجعلنا نمنع عودة التاريخ إلى الوراء، وبعد التنقية فقط وفرز المذنب من غير المذنب يمكننا فتح صفحة جديدة في تاريخ بلادنا. في انتظار ذلك على كل من له دعوى أو تظلم ضد السيدين أحمد فريعة وكمال مرجان ومن معهما في حزبيهما أن يتقدم به الآن ويطالب بحقه في المحاسبة. عدا ذلك لا يحق لأحد أن يمنع تونسيا من حقه في المساهمة بجهده لخدمة بلاده فصدر الوطن يسع كلّ أبنائه حتى من أذنب منهم، والظلم مرفوض أيّا كان مصدره أو مبرره. زياد الهاني
افتتاحية جريدة « الصحافة » ليوم الأربعاء 23 مارس 2011  


جدل حول تشكيلة اهم هيئات الثورة التونسية يخفي صراعا على خيارات المستقبل


بواسطة حسن الفقيه
 
تونس (ا ف ب) – يخفي الجدل الدائر داخل ابرز مؤسسات الانتقال الديموقراطي في تونس صراعا بين مختلف القوى الفاعلة في البلاد حول خيارات المستقبل وخصوصا نظام الاقتراع الواجب اعتماده تاسيسا للجمهورية الثانية في تاريخ تونس المستقلة. ولم تتمكن « الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديموقراطي » من انهاء جلستها الاولى بسبب احتجاجات شديدة على تشكيلتها التي اعتبر العديد من المشاركين في الاجتماع انها « لا تتماشى مع اهداف الثورة وطموحات الشعب التونسي ». وانتهى الاجتماع الى تاجيل الجلسة الى الثلاثاء المقبل افساحا في المجال امام التشاور مع الحكومة لاعادة النظر في تشكيلة الهيئة. ولاحظ المحلل السياسي العربي شويخة ان المشكلة القائمة في تونس حاليا تكمن « في كيفية ادارة مسالة الشرعية في المرحلة الانتقالية خصوصا وان لا احد بامكانه اليوم ادعاء تمثيل الشرعية بما في ذلك الحكومة » الانتقالية. واضاف « ان الخطأ الذي ارتكبته حكومات رئيس الوزراء السابق محمد الغنوشي مستمر حيث قامت الحكومة الحالية بتحديد تركيبة الهيئة مع تجاهل بعض القوى السياسية والاطراف الفاعلة في الشارع، فوجدت نفسها مرة اخرى مضطرة للتراجع لاعادة النظر في تركيبة الهيئة ». ومن ابرز المهام الموكلة لهذه الهيئة المكونة من نحو 70 ممثلا لاحزاب سياسية وخبراء قانونيين وممثلي المجتمع المدني وشخصيات سياسية، اعداد مشروع النص القانوني لانتخاب المجلس الوطني التاسيسي لصياغة دستور جديد لتونس في 24 تموز/يوليو كان اعلن المبزع انه « سيصدر على اقصى تقدير قبل نهاية شهر آذار/مارس الجاري ». ولئن تمكنت الهيئة من تطويق مؤقت لخلافاتها، فان المشكلة تكمن في مخاطر استمرار الخلاف على تركيبة الهيئة والذي قد يعيد الصراع الى المربع الاول ويؤدي الى العودة الى الحسم في الشارع. ونشر السبت في تونس نص مشروع مرسوم انتخاب المجلس الوطني التاسيسي الذي اقترحه خبراء الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة وطرح للنقاش داخل الهيئة للاختيار بين نظامين انتخابيين. واقترح مشروع النص القانوني الذي نشرته السبت صحيفة الصباح اليومية نظامين لانتخاب المجلس التاسيسي يقوم الاول على انتخاب الافراد بالاغلبية على دورتين بحسب الدوائر الانتخابية، والثاني على نظام الانتخاب بحسب اللوائح في دورة واحدة وفق قاعدة النسبية. وكان ثلاثة من كبار المختصين في القانون الدستوري في تونس دعوا في وثيقة نشرت الاربعاء الماضي الى اعتماد « النظام الانتخابي الفردي » بديلا عن نظام اللوائح الذي ساد سابقا في تونس. واكد واضعو الوثيقة وهم اساتذة القانون الدستوري الثلاثة قيس سعيد والصادق بلعيد وهيكل بن محفوظ، في ديباجة مشروع القانون ضرورة « تمكين الشعب صاحب السيادة من امكانيات اوسع في الترشح ومن امكانيات ارحب في الاختيار » ورأوا ان « مثل هذا الاختيار لا يمكن ان يتحقق الا باعتماد طريقة الاقتراع الفردي ». وانتقد الخبراء نظام الاقتراع باللوائح الذي كان سائدا في تونس منذ خمسينات القرن الماضي. وقالوا ان هذا النظام « ادى الى احتكار كامل من قبل الحزب الحاكم لكل المقاعد او لهيمنة مطلقة لنفس الحزب وتخصيص بعض المقاعد لعدد من الاحزاب كما تخصص المقاعد احيانا لضيوف في قاعات عرض او لمعاقين داخل بعض وسائل النقل ». ولاحظ قيس سعيد لوكالة فرانس برس « ان النص الانتخابي الذي سيعتمد سيكون بالتاكيد نتيجة التوازنات داخل تركيبة الهيئة العليا »، وهو ما يفسر احتدام الصراع بشأن التركيبة حيث سيختار اعضاء الهيئة كيفية اختيار اعضاء المجلس الذي سيرسم الدستور الجديد وخيارات تونس الجديدة. واكد شكري بلعيد الناطق باسم حركة الوطنيين الديموقراطيين (يسار) لوكالة فرانس برس « نريد ان يتم تمثيل الجهات التي انطلقت منها الثورة على نظام (زين العابدين) بن علي والشباب وضمنهم شباب اعتصام ساحة الحكومة بالقصبة وتوسيع تمثيل القوى السياسية التي تصدت للديكتاتورية في تونس والاتفاق على شخصيات وطنية حقيقية عرفت بمواقفها الوطنية المشرفة وكذلك النظر في نسبة التصويت حيث لا يعقل ان يكون الاتحاد العام التونسي للشغل (600 الف منتسب) له نفس وزن جمعية لا ثقل لها ». وتشهد المنابر الاعلامية في تونس وايضا الشارع الذي تحرر من كل خوف، نقاشات يومية حول ما يتعين ان تكون عليه تونس ما بعد بن علي تتراوح من جدلية علاقة الدين بالدولة الى النمط الاقتصادي والخيارات الثقافية وغيرها. وفي هذه الاثناء حذر رئيس الوزراء التونسي الموقت الباجي قائد السبسي قبيل احياء تونس ذكرى استقلالها الاحد، من مخاطر « الانزلاق » عن ثوابت الدولة التونسية ومن محاولات « الركوب على الثورة ». وشدد على ان هناك « خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها » ناضل الشعب التونسي عشرات السنين من اجلها واقام على اساسها « دولة تونسية عصرية » بعد الاستقلال عن فرنسا في 20 آذار/مارس 1956 مشيرا بالخصوص الى النظام الجمهوري والهوية العربية الاسلامية وحرية المراة. صادق مجلس الوزراء التونسي في اجتماع الجمعة على مشروع مرسوم ينص على حل مجلس النواب ومجلس المستشارين (غرفتي البرلمان) اضافة الى المجلس الدستوري والمجلس الاجتماعي والاقتصادي، على ما اعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الطيب البكوش لوكالة فرانس برس. وقال البكوش الذي يشغل ايضا منصب وزير التربية « تمت المصادقة خلال الاجتماع على مشروع مرسوم ينص على حل المجالس الاربعة وسيحال الى رئيس الجمهورية المؤقت لتوقيعه قبل ان ينشر » في الجريدة الرسمية. وكانت هذه المجالس التي يهيمن عليها انصار الحزب الحاكم سابقا انتهت عمليا مع الاطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وحل التجمع الدستوري الديمقراطي، واصبح حلها رسميا مطلبا للشارع التونسي. من جهتها قالت وكالة تونس افريقيا للانباء الحكومية ان الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء الذي عقد اليوم برئاسة الرئيس المؤقت فؤاد المبزع « نظر في عدد من مشاريع المراسيم ذات الصلة بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية اضافة الى عدد من الاحكام الهامة تتعلق خاصة بحل مجلسي النواب والمستشارين ». واضافت ان المجلس نظر « في مرسوم آخر حول احداث لجنة وطنية لاسترجاع الاموال الموجودة بالخارج بصورة غير مشروعة » في اشارة على ما يبدو الى ارصدة لاقارب واعوان بن علي. صادق مجلس الوزراء التونسي في اجتماع الجمعة على مشروع مرسوم ينص على حل مجلس النواب ومجلس المستشارين (غرفتي البرلمان) اضافة الى المجلس الدستوري والمجلس الاجتماعي والاقتصادي، على ما اعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الطيب البكوش لوكالة فرانس برس. وقال البكوش الذي يشغل ايضا منصب وزير التربية « تمت المصادقة خلال الاجتماع على مشروع مرسوم ينص على حل المجالس الاربعة وسيحال الى رئيس الجمهورية المؤقت لتوقيعه قبل ان ينشر » في الجريدة الرسمية. وكانت هذه المجالس التي يهيمن عليها انصار الحزب الحاكم سابقا انتهت عمليا مع الاطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وحل التجمع الدستوري الديمقراطي، واصبح حلها رسميا مطلبا للشارع التونسي. من جهتها قالت وكالة تونس افريقيا للانباء الحكومية ان الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء الذي عقد اليوم برئاسة الرئيس المؤقت فؤاد المبزع « نظر في عدد من مشاريع المراسيم ذات الصلة بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية اضافة الى عدد من الاحكام الهامة تتعلق خاصة بحل مجلسي النواب والمستشارين ». واضافت ان المجلس نظر « في مرسوم آخر حول احداث لجنة وطنية لاسترجاع الاموال الموجودة بالخارج بصورة غير مشروعة » في اشارة على ما يبدو الى ارصدة لاقارب واعوان بن علي. صادق مجلس الوزراء التونسي في اجتماعه الجمعة على مشروع مرسوم ينص على حل مجلس النواب ومجلس المستشارين (غرفتي البرلمان) و المجلس الدستوري والمجلس الاجتماعي والاقتصادي، على ما اعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الطيب البكوش لوكالة فرانس برس. وقال البكوش الذي يشغل ايضا منصب وزير التربية « تمت المصادقة خلال الاجتماع على مشروع مرسوم ينص على حل المجالس الاربعة وسيحال الى رئيس الجمهورية المؤقت لتوقيعه قبل ان ينشر » في الجريدة الرسمية. وكانت هذه المجالس التي يهيمن عليها انصار الحزب الحاكم سابقا انتهت عمليا مع الاطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وحل التجمع الدستوري الديمقراطي، واصبح حلها رسميا مطلبا للشارع التونسي.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 21 مارس 2011)  


ليبيا والتدخل العسكري الأجنبي


محمد كريشان 2011-03-22 ألم نلحظ معا شيئا هاما للغاية هذه الأيام؟! طائرات أمريكية وفرنسية وغيرها تدك مواقع في ليبيا ولا مظاهرة واحدة منددة في الشارع العربي أو الإسلامي!! ولا موقفا لافتا من جهة اعتبارية هامة تدين هذا الفعل!!
وإذا ما استثنينا بعض الأصوات القومية الضعيفة من ذوي العلاقات الخاصة القديمة مع القذافي، لا أحد تقريبا رفع صوته عاليا ضد ما يجري رغم ما عرفنا به، نحن معشر العرب، من حماسة جارفة ضد كل ما هو عدوان أجنبي على أي بقعة من هذه البلاد العربية الممتدة.
السبب واضح: لقد ‘أبدع’ القذافي بشكل غير مسبوق في قمع شعبه والتنكيل به مع احتقار بيـّــن له وغرور مرضي تراجيدي في تبرير التحكم في رقابه إلى درجة جعلتنا، بوعي أو بدونه، لا نرى من مخرج لحكم الرجل وابنه الأهوجين سوى هذا التدخل الأجنبي، بل ولم يكن خافيا على ألسنة الكثيرين أنهم يتمنون أن يروا نهاية درامية شامتة لحكمه تكون عبرة لغيره.
مأساة أن جعلنا هذا الحكم الأرعن في ليبيا مخيرين بين أن نقبل باستمرار القذافي وعائلته في ممارساتهم المتخلفة أو نسمح بدك الطائرات الغربية لحصونه. صحيح أن الموقف المبدئي السليم نظريا هو القول لا لممارسات ‘الأخ القائد’ ولا أيضا للتدخل العسكري الأجنبي ضد بلاده، لكن عمليا مثل هذا الموقف لا يمكن أن يعني في النهاية سوى إفساح المجال أوسع لاستمرار معاناة الليبيين وتقتيلهم طالما أن لا بدائل أخرى تلوح في الأفق.
هذه الدكتاتوريات التي أوغلت في كتم أنفاس شعبها هي التي أوصلت الناس إلى فداحة ‘الاختيار’ بين استمرار الاستبداد أو القبول بالتدخل العسكري الدولي في حين أن الأول هو الذي قاد إلى الثاني، أو على أقل تقدير أهداه أفضل ذريعة مناسبة. ولعل الرسالة الإيجابية الأهم مما يحصل في ليبيا هي أن على كل زعيم عربي دخل في مواجهة دموية مع شعبه وطال عناد هذا الأخير، أن يختار إما الهروب كما فعل بن علي أو التنحي كرها كما فعل مبارك وإما فتح الباب أمام تدخل عسكري ضد نظامك فتخرج في النهاية خائبا مدحورا وملعونا من شعبك ومن باقي شعوب العالم. لقد أرغم القذافي شعبه على رفع السلاح دفاعا عن نفسه أمام آلة قمعه الثقيلة وهذا المعطى فرض بدوره تدخلا عسكريا ضد نظام واضح أنه خارج معادلتي المنطق البشري السليم والعلاقات الدولية السوية.
وهنا لا بد لنا أن نعترف بأننا، نحن العرب، لدينا الكثير من مواطن اللبس والتناقض أحيانا في علاقتنا مع الدول الكبرى التي لها سجل في استعمارنا أو العدوان علينا. نحن نعيـّــرها بالسلبية تجاه ما يجري لنا أحيانا من مآس إنسانية، كما يحدث حاليا في ليبيا، لكن إذا ما اقتضت الضرورة أن تتحرك عسكريا لمواجهة ما يحدث، ولحسابات خاصة بها أيضا، نسارع مباشرة إلى التشكيك في نواياها. صحيح أن أزمة الثقة بيننا عميقة خاصة بعد عقود من التواطؤ مع إسرائيل وسوابق الصومال وأفغانستان والعراق ولكننا نتحمل أيضا جزءا من مسؤولية هذه العلاقة الملتبسة والمضطربة وليس موفقا دائما رمي كل شيء على هؤلاء واستمراء لعب دور الضحية في كل آن ومكان.
حبذا لو أن هذا التدخل العسكري الغربي ضد ليبيا ينتهي سريعا ونصل إلى ‘النهاية السعيدة’ التي يتمناها الشعب الليبي قبل غيره، لكن الخوف أن تستمر تحركات قوات القذافي ضد المدنيين رغم كل هذه الغارات مما قد يطرح خيارات أخرى غير مجرد الاكتفاء بالتحليق فوق سماء ليبيا وفرض حظر جوي عليها.
وهنا أيضا كل اللوم على القذافي الذي عليه أن يفهم أننا لسنا بالسذاجة التي تجعله يفلح في إقناعنا بأنه يتصدى الآن للامبرياليين والصليبيين مع أنه هو من حاول إغراءهم بكل شيء مقابل أن يبقى جاثما على صدور شعبه كـ’مرجعية أدبية’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 مارس 2011)

القطيعة واستعادة الوعي والحرية

أحمد الشيخ يقول ذلك المواطن التونسي, الذي غزا ما يعرف بشيب البحر المتوسط شعره « لقد هرمنا نحن أيها الشباب أما أنتم فعليكم نعول وبكم نشد الرحال ». أشاهده كل يوم على شاشة الجزيرة وهو يذكرني بإخفاق أجيالنا, وأنا ابن الحادية والستين, في التصدي للفشل وانتزاع الحرية المستلبة تحت حراب الملك العضوض وإن اختلفت الأسماء والمسميات.
يوما من العام 1962, وقد ظهر الترانزستور ابتاع والدي لنا مذياعا, فانفتح بيتنا على الدنيا وعلى « الإعلام العالمي » في حدوده آنذاك ووفق مقتضيات العصر.
كانت هيئة الإذاعة البريطانية وكانت إذاعة القاهرة وصوت العرب, وكنت أقف على شرفة منزلنا وأستمع إلى خطابات جمال عبد الناصر المسجلة عبر صوت العرب, وإلى كل ما يغازل حلم صبي يقبل على الشباب ولم يلج أبوابه بعد.
وكان جارنا وقريبنا أبو عبد الله حريصا على جاره وقريبه, فجاء يوما إلى والدي وحذره من مغبة رفع صوت المذياع على إذاعة صوت العرب, فآذان النظام مفتوحة وعملاؤه يترصدون, حتى في مثل قريتنا, التي لم تعرف آنذاك الكهرباء ولا الإسفلت ولم تخرج في مظاهرة قط.
نصحني أبي بالتعقل, وإن كان هو الذي جلب علينا نعمة الراديو، أو نقمته إن تحققت مخاوف أبي عبد الله. هو الذي ابتاع الراديو ليستمع لخطابات « جمال » كما كان يناديه, ولإذاعة دهاقنة لندن العارفين بكل الخبايا، كما كان يؤمن.
كان العالم العربي قبل أن يدخل الراديو بيتنا, وبعد أن دخله يموج بالمظاهرات المنددة بالاستعمار, والمطالبة بالانعتاق من براثنه, وبقيام الدولة القطرية المستقلة. يساريون وإسلاميون وقوميون وعلمانيون وشيوعيون وغيرهم كل يغني على ليلاه, ولا يجمعون على لحن وطني يجمعهم, وكان كثير منهم يرى في طرف خارجي نصرة له.
حتى إن مظاهرة خرجت يوما في منطقة عشيرج الفقيرة بجنوب العراق, فهتف المتظاهرون المعدمون قائلين « تقدم مهداوي تقدم، عشيرج قطعة من السوفييت ». والمهداوي لمن لا يعلم شيوعي عراقي بارز قتل بعد انقلاب البعثيين في بغداد.
لقد ترعرعنا على شعارات وأغاني تلك الحقبة, ننشد وحدة عربية وتحررا من الاستعمار, ونغني للثورة الجزائرية ولفلسطين, ونهتف للجمهورية الجديدة في اليمن, ونندد بالرجعية والرجعيين وعملاء الاستعمار والإمبريالية.
ما كان أكثر شعاراتنا آنذاك وما أجملها! لكن الأجيال التي رفعتها ما صمدت يوما في مظاهرة في ساحة عامة في عاصمة عربية, بل سرعان ما كانت تجر ذيول الهرب أمام عصا القمع الغليظة, ويختفي القائمون عليها في زنازين النظام سنين عددا, فخفنا وهرمنا جميعا ولم نحقق ما نشدنا.
نعم, لقد خفنا نحن الأجيال التي تجاوزت منتصف العقد الرابع, فنكصنا على أعقابنا. فمنا من ارتد وأصبح جزءا من النظام القمعي الذي تظاهر وهتف ضده, ومنا من استسلم للسلبية, يريد السلامة غنيمة عند الإياب ويكتفي بوظيفة وزوجة وأبناء وبيت وسيارة وإجازة صيف, ومنا من هاجر وذاب في بلدان الاستعمار التي كان يطالب بالتحرر منها. ومنا من ظل في مجاهل النسيان في ريف معدم, أو عشوائية صفيح على أطراف مدينة ظالمة, أو في مخيم ينغل بالبؤس والشقاء. وقلة منا من ثبتوا فاستشهدوا أو قضوا وراء القضبان.
أشاهد ذلك التونسي الهرم كل يوم, فيذكرني بنفسي وبأقراني, فأتحسس كما يفعل رأسي وألوي على ذاتي ندما, إذ كنت ممن وهنوا فخافوا وانتظروا أبناءهم أو أحفادهم, ليعيدوا إلى نفوسهم وميض جسارة ما اعتادت عليه, فتراها تغالبه بالحمية والقلق والخشية على الأولاد والأحفاد والوظيفة.
وأشاهد شابا في ميدان التحرير يقول « لا تخافوا تعالوا فوالله لن يستطيعوا أن يقفوا أمامكم ». وأتمنى لو أني أستطيع الرجوع بالأيام القهقرى, لعلي أدرك علة الجسارة التي تعمر كيان هذا الشاب, ولكن هيهات! هؤلاء شباب ما عاصروا الاستعمار, ولا مخاض قيام الكيانات القطرية العربية وولادتها من رحم الاستعمار. عاشوا كل أعمارهم فما عرفوا إلا حاكما واحدا في معظم الأحيان آمرا ناهيا, يختزل في ذاته المتضخمة الوطن بأرضه وناسه وبكل آماله وآلامه.
ويأتي هذا الشباب المتوثب الجسور ليدخل في تلك الذات المتضخمة إبرة إرادته, فتنفس مثل فقاعة هواء خاوية.
هم ما خافوا فأدركوا خواء الحكام! أما أجيالنا فقد كانت تنظر وهي خائفة, إلى هالات إما صنعها الاستعمار ووَطَّنها في هرم السلطة في مرحلة ما بعد الاستقلال المُتوهَّم في أحيان كثيرة, وإما جاءت إلى الحكم بعد انقلابات عسكرية سمت نفسها ثورات, وإما بعد ثورات حقيقية انتصرت, ولكن قادتها نكصوا على مبادئ الثورة وعلى أنفسهم, فأقاموا ديكتاتورية الثورة فوق هامات شعبها.
لكن هذه التي نعيش اليوم مع هتافاتها المدوية ثورات شعبية أصيلة انطلقت من دون أيديولوجية حزبية أو تعصبات قومية أو دينية, وعليها تعلق الشعوب العربية آمالها في غد يضعها في مصاف دول العالم المتحررة والمتقدمة.
وبانتظار ذلك الغد الجميل الذي تترقبه الأمة, لا بد للثورة من « قطيعة » مع الماضي, وان كان لا يحق لأحد منا نحن أبناء أجيال الفشل أن ننصح, ولكنها ليست نصيحة بل مجرد رأي. والقطيعة هنا ليست مع الأمة ودينها وقوميتها وتراثها, كما تفهمه الجماهير بكل بساطة باعتبار هذه الكلمات الثلاث عناصر مكونة للهوية.
نحتاج إلى قطيعة مع مفاهيم الملك العضوض التي سادت الساحة منذ ذلك « الانقلاب » على العصر الراشدي العظيم ولا تزال تتحكم بنا حتى اليوم. فقد أبدع علماؤنا المسلمون في كل مناحي الحياة بما كتبوا وألفوا, إلا في مجال نظام الحكم وتداول السلطة, فلم يصدر عنهم ما يذكر.
وكيف وقد كان ذلك سيودي بكل من يخالف « المأمون » في قضية خلق القرآن إلى السجن. لا بد من قطيعة ترفض أي نهج مشابه لنظم الملك العضوض، رغم أن أحدا قد يقول إن أولئك قد حفظوا الدين ونشروه وعززوا مفاهيم الأمة. وهذا صحيح إلى حد ما لكنه لا ينفي عنهم صفة الملك العضوض.  
لقد فرض الإنجليز وثيقة « الماغنا كارتا » على الملك العضوض عام 1212, وحققوا للشعب الخطوة الأولى على طريق الملكية الدستورية والديمقراطية, أي قبل 46 عاما من تدمير بغداد على يد هولاكو وأفول شمس الخلافة العباسية أفولا عمليا عام 1258.
ومع أن المقام هنا ليس بمقام بحث في الأسباب التي حالت دون ظهور ما يشبه « الماغنا كارتا » في الفكر العربي الإسلامي آنذاك, لا بد ونحن نتطلع إلى غد هذه الثورات الشبابية من التمسك بمعطيات الزمن الراهن في الحكم الرشيد، فليس ثمة من البشر من هو معصوم من الخطأ إن تعلق الأمر بأمور الدنيا وشؤون الناس. فلا بد من قطيعة مع مفهوم الذات المتضخمة التي تزعم رعاية الرعية وتجسد الاقتصاد الريعي الذي تجاوزته الدنيا وتتحكم فيه.
فلا ذات إلا ذات الأمة, إذ هي مصدر السلطات وهي في مجموعها لا تجمع على باطل. وإن كانت هي كذلك, فكل واحد من أبنائها يصبح راعيا ومسؤولا عن رعيته, إذ هو على ثغر لا يجوز له أن يتنكب عنه أو يدير ظهره له. فهل كانت طائرات الغرب وصواريخه ستدك ليبيا « بموافقتنا » لولا تلك الذات المتضخمة التي جعلت الوطن في منزلة أدنى منها.
لا بد من قطيعة مع العصبوية القومية والقبلية التي أنتجت مثل تلك الذوات المتضخمة، فما اليوم مثل الأمس، وإن كان معظمنا يلوذ ببعده القبلي في بعض الأحيان, فذلك ناتج عن غياب فكرة المواطنة في إطار عقد اجتماعي يكفل للإنسان حقه, علا مقامه القبلي أم دنا.
وهذا ما لا بد للثورات الشبابية من أن تجسده وتصر عليه, وأن تبقي جذوة الثورة متقدة, حتى تصبح الثورة ومكاسبها هي ما يجمع الجميع في وطن المواطنة والعقد الاجتماعي بعيدا عن القبلية وتحيزاتها. فكم انتابني القلق وأنا أسمع المتحدثين من الثوار الليبيين ومن أتباع معمر القذافي وذاته المتضخمة يعزفون على وتر القبيلة استنهاضا لدور لها في الصراع.
لن تختفي القبيلة من وجدان المرء شعورا بأصله وامتدادا له، بل علينا أن نقطع مع توظيفاتها التي تتجاوز المواطنة الجامعة كما هو حالنا في الوطن العربي، ففي أكثر من بلد عربي تعصف القبلية بالقضاء وتقفز فوقه, وتنفي الكفاءة معيارا في التوظيف فيوكل العمل لمن هو غير أهل له, بل إن موارد البلاد توزع في أحيان كثيرة بناء على الاعتبارات القبلية وفي ضوء تحالفات السلطة مع الوشائج القبلية فتقوم مصالح مشتركة بينهما على حساب مصالح الأغلبية.. فحتى مخالفة السير أحيانا يتقرر مصيرها لحظة أن يعرف اسم قبيلة أو عشيرة مرتكبها!
لا بد من قطيعة مع كثير من تأويلات النص وتفسيرات التراث أو مفاهيمه, حتى نستطيع أن نخرج بمفاهيم تعزز مكانتنا بين الأمم في القرن الحادي والعشرين. فها هي أنظمتنا اليوم, تخرج كلما اصطدمت بشعوبها لتذكرهم بأن طاعة ولي الأمر واجبة, وأن الخروج عليه حتى وإن حاد عن الحق وجانب العدل غير جائز في شرع الله!
لا بد من قطيعة مع ما ترسخ عبر قرون من العتمة والقمع من قيم وتقاليد تحط من قدر الإنسان, وتنفي دور المرأة وتدعو إلى التواكل والقدرية, وتنكر دور الفرد في صياغة حياته باعتباره مخلوقا مكلفا باختياره تكليفا منوطا بالعقل والأهلية.
وفي مقابل ذلك كله لا بد من إقبال على العصر إقبالا غير منبت عن جذور الأمة وهويتها ورسالتها, إقبالا على الوسائل, كما فعل مفجرو هذه الثورات العظيمة, يوازيه إقبال وأخذ بالغايات والأهداف في عصر التنوير الإنساني لتصبح الحرية هي أسمى القيم, بها ينتزع الإنسان حقه إن استعصى عليه ظالم أو أنكره.
وبها وعلى أسسها يقيم قيمه ونظمه ومنها يضع قواعد إدارة شؤون حياته، فالحرية هي ما غاب عنا دهورا ودهورا، وها نحن نستعيدها ونستعيد معها وعينا بكوننا أمة واحدة, إن ثار فيها شعب ثار معه الآخرون وإن انتكس أحدها نال الوهن الآخرين على السواء.
ومن هنا لا بد من إقبال على فكر الوحدة العربية ولو في بعده الوجداني أولا, حتى يتسنى لنا أن نحققه واقعا وبناء على مصالحنا المشتركة. فنحن أمة شابة تحتل رقعة في منتصف العالم تبلغ مساحتها حوالي 14.000.000 كلم مربع, وبتعداد سكان يزيد عن 360 مليون إنسان.
  ولو نظرنا إلى طبيعة ومقومات قيام الدول العظمى في العصر الحديث, لوجدنا أن أهمها الرقعة الجغرافية الشاسعة, والعدد من السكان القادر على إعمار تلك الرقعة وحمايتها. فمساحة الولايات المتحدة هي9.830.000 كم مربع ومساحة الصين 9.598.094 كلم مربع ومساحة أوروبا مجتمعة هي 10.180.000 كلم مربع. أما عدد سكان الوطن العربي فيزيد عن سكان الولايات المتحدة بحوالي 50 مليونا.
وهذا لا يعني أن نشوء الدولة العظمى يصبح أمرا محتوما، ذاك لأن قيامها يستدعي وحدة أقطار الأمة أولا وأخذها بروح العصر من قيم الحرية والعدالة بين الناس، فلا مستقبل من دون حرية على مستوى الفرد والجماعة ومن دون عدل يحقق الإنصاف في توزيع الثروات ويعمق الانتماء للوطن ويعمم خيرات التنمية على الجميع, فللمحروم الحق في أن يثور وألا ينتمي. أو ليس لافتا للنظر في لساننا العربي أن الانتماء والتنمية كلمتان تشتركان في نفس الأصل الاشتقاقي؟
إنها مجرد خاطرة من أحد من أخفقوا في تحقيق الثورة قبل عقود وانتظروا أبناءهم وأحفادهم كي يفعلوا، وقد يجد فيها ضربا من الحلم، لكن همتهم صانعة الثورات قادرة على تحقيق كل الأحلام. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 22 مارس 2011)
 

هل نغير الشعوب؟

د. فهمي هويدي
لأننا حديثو عهد بالممارسة الديمقراطية فإن بعضنا تصور أن الخلاف السياسي مقدمة للقطيعة والخصومة التي تنتهي بالتكفير السياسي. علماً بأنه في السياسة ــ كما في الدين ــ فإن الاختلاف في الرأي لا يعني بالضرورة أن طرفاً مخطئاً والآخر مصيباً، ولكن قد يكون الاثنان على صواب ولكن بين الناس من فضل صواب على آخر.
في هذا السياق فإننا نستشهد في تعزيز هذه الفكرة بتعدد المذاهب الإسلامية، ونعتبر ذلك دليلاً على أن الصواب له أكثر من باب. ومعلوم أن المجتهد في الدين إذا أخطأ فله أجر وإذا أصاب فله أجران. ولئن جاز كل ذلك في أمور الدين فهو أجوز في شؤون الدنيا.
أقول ذلك وفي ذهني أصداء التعليقات التي ترددت في مصر عقب إعلان نتائج الاستفتاء على تعديلات الدستور، التي كان بعضها امتداداً للتراشق الذي حدث في الأيام الأخيرة التي سبقت التصويت على التعديلات. أعنى حين تحول الحوار حول التعديل إلى اشتباك بين أنصاره ومعارضيه. وخلال ذلك الاشتباك تم تبادل الاتهامات بين الطرفين، الذي تجاوز نقد الأفكار والمواقف إلى تجريح الأشخاص أو الفئات التي تدافع عنها. رغم أننا نفهم أن موضوع الخلاف الأساسي هو أي الطرق أفضل لبناء الدولة الديمقراطية في مصر، وهو ما وصف بأنه خلاف في الوسائل وليس في الغايات.
هذه الرؤية لم تتبلور بعد في خطاب النخبة المصرية على الأقل. ولن أتحدث عن أصداء ما جرى في أوساط بعض غلاة الناشطين، الذين اتسمت تعليقاتهم عبر الإنترنت بدرجات متفاوتة من الشطط والتجاوز التي لا تدعو فقط إلى المفاصلة والخصومة، ولكنها وصفت ما جرى بأنه تواطؤ وتجارة بدم الشهداء! أوساط عقلاء النخبة ــ عدا استثناءات بسيطة ــ تعاملت مع نتائج الاستفتاء الذي أيدت فيه الأغلبية الكبيرة التعديلات الدستورية كالتالي:
أذاعوا أن التصويت لصالح التعديلات تم بناء على العوامل الأيديولوجية، في إشارة إلى أن الإسلاميين استخدموا الدين في اللعبة السياسية واعتبروا التصويت لصالح التعديلات «واجباً شرعياً».
وحين تبين أن نسبة المؤيدين 77٪ فإنهم سارعوا إلى إثارة الفزع بين الأقباط وأعداد غير قليلة من المسلمين بدعوى أن الأصوليين قادمون، الأمر الذي استدعى إلى الذاكرة تجارب وخبرات تقلق المواطن العادي، على رأسها نظام طالبان في أفغانستان.
في الوقت ذاته، وجه أولئك العقلاء نقدهم إلى الجماهير التي سلمت قيادها إلى الدعاة، وكانت النتيجة أنهم أساءوا الاختيار وأيدوا التعديلات التي كان يتعين عليهم أن يرفضوها.
حين يدقق المرء في هذه الرسائل يلاحظ عدة أمور. أولها أنها عمدت إلى التغليط والتعميم اللذين يتعذر افتراض حسن النية فيهما. إذ ليس دقيقاً أن الناس صوتوا لصالح التعديلات انطلاقاً من العوامل الأيديولوجية. لأن ثمة قرائن كثيرة تدل على أن نسبة معتبرة من المصوتين كانوا مشغولين بقضية الاستقرار، بعدما أقلقهم استمرار الاعتصامات والاضرابات.
كما أنه ليس صحيحاً أن كل الذين صوتوا لصالح التعديلات ينتمون إلى التيار الإسلامي، وإنما كان منهم ليبراليون وقوميون ويساريون انحازوا إليها لسبب أو آخر. في الوقت ذاته فإن الذين تحدثوا بين الإسلاميين عن الواجب الشرعي كانوا قلة استثنائية. أزعم أن تأثيرها بين الناس كان أضعف من تأثير توجيهات الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية اللتين نصحتا أتباعهما برفض التعديلات.
لابد أن نلاحظ أيضاً ــ وهذه نقطة ثانية ــ أن اتهام الناس بأنهم انساقوا وراء الدعاة الذين وعدوهم بالجنة إذا قالوا «نعم». يعبر عن استخفاف بأولئك الناس وتسفيه لوعيهم. وهو يتضمن رسالة مبطنة تقول: لو كان الناس عندنا أرقى وأفضل وأذكى مما هم عليه، لاختلف موقفهم وانضموا إلى الذين قالوا لا. وإذا أردنا أن نترجم هذه الرسالة فسنجد أنها تدعو في نهاية المطاف إلى تغيير الناس لكي يتوافقوا مع النخبة، في حين أن النخبة هي التي ينبغي أن تراجع نفسها لكي تصبح أصدق تعبيراً عن ضمير المجتمع وأشواق الناس.
من ناحية ثالثة فإن إطلاق مثل هذه الدعاوى الآن ــ بعد إعلان النتائج ــ لا يشكك فقط في ثقة النخبة في المجتمع، ولكنه يشكك أيضاً في موقفهم إزاء الديمقراطية التي يقبلون بها فقط إذا ناسبت هواهم والتقت مع أفكارهم، وهي الديمقراطية الانتقائية التي تبطن شكلا آخر من أشكال الديكتاتورية.  
(المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 22 مارس 2011)  


التشكيك بالثورات العربية

د. عبد الستار قاسم
للهزيمة أصولها، وأهم هذه الأصول يتجسد بنفي الذات والاعتقاد بأن هناك قوى خارجية من الطبيعة أو مما فوق الطبيعة تتدخل بالشأن الإنساني، وتتخذ القرارات بالنيابة عن الإنسان.
 
هناك من هو مقتنع بأنه عاجز، وهو أعجز من أن يقرر مصيره، أو أن يشارك في تقرير مصيره، وأن مصيره ملك لآخرين يقررون بالنيابة عنه ورغما عنه. إنه لا يملك من الأمر شيئا، ولا يستطيع التغيير مهما حاول لأن تلك القوى كبيرة وعظيمة وفوق طاقة الإنسان على مواجهتها، ومن الأفضل له أن يستسلم لها.
الاستسلام طريق الحكماء لأنه يوفر معاناة المواجهة التي لا يمكن إلا أن تنتهي بهزيمة. أي عليه أن يفشل قبل أن يحاول، والمحاولة ليست إلا تعبيرا عن غباء.
الذي ينفي ذاته يقول ببساطة إنه لا يملك القوة، ومهما حاول فلن يطاول الأقوياء، فلماذا العناء؟ إنه يرى التاريخ ثابتا عند عجزه، وهو لا يتحرك إلا إذا حركه الآخرون، وهو مؤمن بأنه لا يصنع التاريخ وإنما يصنع الآخرون التاريخ عليه. إنه يعيش في الماضي ويترك المستقبل للآخرين، ويرى في ضعفه وسيلة فعالة للتوسل لدى الأقوياء.
هذه هي سيرة اللاهثين وراء حل تفاوضي مع إسرائيل, إنهم لا يرون في مواجهة إسرائيل إلا الهزيمة، ويفضلون الاستسلام بدون هزيمة على الاستسلام بهزيمة. ضعفهم هو قدرهم، وكل محاولة يقوم بها عربي لكسب نفسه وإثبات ذاته لا توصل إلا إلى نتائج كارثية.
جدلية المشككين بالثورات العربية
هناك طابور في كل قطر عربي يشكك بالثورات العربية التي بدأت في تونس على اعتبار أنها مسيّرة من الخارج، ولا تعبر عن إرادة عربية حرة. إنهم يتساءلون عن سبب انفجار هذه الثورات في آن واحد، أو بصورة تتابعية متلاصقة، ويتساءلون عن ذلك السحر العظيم الذي تجسد في عربة محمد البوعزيزي رحمه الله، وعن هذا الزخم الشعبي العارم الذي تدفق فجأة، في حين أن الشعوب العربية لم تبد جرأة في مواجهة الحكام حتى في أحلك الظروف والملمات.
وأشد ما يركزون عليه هو وجبات الكنتاكي فرايد تشيكن التي أشيع أن المصريين تمتعوا بها في ميدان التحرير، وتصريحات أميركا المتوددة للشعوب العربية.
هذه الطوابير أو هذا الطابور المتشعب على طول الأنظمة العربية وعرضها يقول إن الأيدي الأميركية والإسرائيلية هي التي تعبث بالشعوب العربية، وتقوم ببعض الحركات التي توهم الشعوب بأن الإرادات الشعبية قد بدأت بالحراك وأن على الجماهير أن تتدفق إلى الشارع لتأخذ حيزها في صناعة التاريخ. تتوهم الجماهير العربية بسبب وسائل الإعلام وقدرتها على توجيه الرأي العام، فتخرج إلى الشارع، في حين أن الذي يحركها هو ذلك الذي تآمر على الأمة على مدى السنوات السابقة. لماذا تتآمر أميركا وإسرائيل وتدفعان بالجماهير إلى الشارع لتغيير الأنظمة؟
الإجابة بسيطة وهي أن الأنظمة العربية قد استهلكت، وبقاؤها في الحكم يهدد المصالح الأميركية والإسرائيلية، ومن الأفضل استباق الحدث والعمل على تغيير الأنظمة قبل أن تأخذ الجماهير زمام المبادرة فتأتي بأناس لا يؤيدون إسرائيل وأميركا. أي ان أصحاب هذه الإجابة لا ينفون أنهم عملاء لإسرائيل وأميركا، لكن استبدالهم يؤلمهم.
ولا ينسى هذا الطابور أن يقول بأن تونس الثورة لم تتحدث ضد إسرائيل بعد، ولم تفتح ملفات تعاون الرئيس المخلوع مع المخابرات الإسرائيلية. أما بالنسبة لمصر فهم يقولون بأن المجلس العسكري قد أعلن أنه يتمسك بالمعاهدات الدولية، مما يدل على انحياز هذا المجلس لإسرائيل.
وطبعا يتمسك هؤلاء بتصريحات الولايات المتحدة حول حق الشعوب بالتظاهر السلمي، وحقها في اختيار حكامها كدليل على ضلوع الولايات المتحدة بالمظاهرات العربية.
من هم هذا الطابور؟
يتكون هذا الطابور من مؤيدي الأنظمة العربية التي تخشى التغيير وتمنعه، ويشملون بعض الموظفين ورجال الأمن خاصة من أجهزة المخابرات، والرأسماليين الأثرياء وبعض المثقفين الذين تربوا على النفاق في كنف هذه الأنظمة. أي أنه يتكون من النظام وزبانيته المستفيدين من استمرار وجوده، وأعدادهم قد تصل بالكاد إلى حوالي 10% من الناس.
هؤلاء هم الذين يخشون على مصالحهم التي ترعرت على حساب الناس ومن جيوب الناس وعرقهم ودمائهم، وهم المتنفذون الذين يتحكمون بمؤسسات الدول، ويحتكرون القرار، ويتحكمون برقاب الناس ويحرمونهم حرياتهم وحقوقهم الوطنية والإنسانية والاجتماعية والسياسية.
بما أن هذا الطابور هو نفسه المستهدف من الثورات العربية، فإنه من المتوقع أن يقوم بالدعاية المضادة عل وعسى أن يفت من عزيمة الشباب. ربما اشترى بعض الأصدقاء وجبات كنتاكي، وربما اشتروا هامبورغر أو ما شابه، لكنه من غير المعقول أن يقوم السفير الأميركي بالقاهرة بتموين الشعب المصري بالكنتاكي والهامبوغر. لكن غير المعقول يصبح معقولا أمام فأر محشور لا يدري أين المفر.
رسالة هذا الطابور واضحة تماما، وهي أن التغيير لا معنى له إذا كان البديل لعملاء أميركا وإسرائيل القدامى هو عملاء أميركا الجدد، وعميل عرفته أفضل من عميل ستتعرف عليه، وفاسد سرق أموال الشعب أفضل من فاسد سيبدأ بسرقة الشعب من جديد. ولهذا مطلوب من الشعوب العربية أن ترضى بعملائها وفاسديها القدامى، بدل أن يأتيها عملاء وفاسدون أشد عمالة وفسادا.
لقد لاحظت في الضفة الغربية أن أصحاب السلطة الفلسطينية وأصدقاءها يروجون الكثير من الشائعات حول الثورات العربية، وهم يبثون الكثير من الأفكار حول تحريك إسرائيل وأميركا لعملائهما في البلدان العربية من أجل القيام بهذه الثورات.
ومن أجل الإقناع هم يبحثون عن جملة قالها هذا الغربي أو ذلك، أو هذا الصهيوني أو ذاك كأدلة على صدق ما يقولون. وقد سمعت أحدهم يقول إن الرئيس الأميركي أعلن أن ثورة مصر قد قدمت خدمات عظيمة لإسرائيل، وأن إسرائيل مرتاحة لغياب مبارك، وفق ما قاله وزير الصحة الإسرائيلي. ووصل الحد بأحدهم أن سرد قصة عجيبة حول تخطيط أميركا لحدث عربة محمد البوعزيزي رحمه الله. حسب روايته الفذة، كان البيت الأبيض مشغولا جدا في اجتماعات متواصلة حول تلك العربة، وحول جرّ الشعب التونسي إلى الانفعال والتمرد على حاكمه. طبعا من الواضح أن مقولة فلسطينيي السلطة لا تختلف في جوهرها ومغزاها عن مقولة طابور التشويه في مختلف البلدان العربية.
أميركا تعزز التشكيك
ربما تعلمت الولايات المتحدة من تجربتها في إيران عام 1979 عندما وقفت مع شاه إيران ضد الشعب الإيراني، وحرضته على اتخاذ سياسات عنيفة ضد المحتجين والمتظاهرين. ورغم أعمال العنف التي قام بها شاه إيران ضد شعبه، صمد الشعب وانهار النظام الملكي وخرجت أميركا مدحورة محسورة. لم يجد في حينها وقوفها المتشدد إلى جانب الشاه، ولم تجن سوى المزيد من كراهية الشعب الإيراني لها. مواقفها تجاه الثورات العربية اختلفت الآن، وتصريحاتها تحمل بعض التودد تجاه المتظاهرين والتضامن معهم. فقد أعلنت عدة مرات على ألسنة عدد من مسؤوليها أن للشعوب العربية الحق في التعبير عن نفسها، والحق في المشاركة والحرية.
رغم أن أميركا تحاول اتخاذ مواقف متناسبة مع مصالحها، فإن عربها أو الطابور الذي يشكك بالثورات العربية يأخذون تصريحاتها أدلة على توجيهها لهذه الثورات.
ليس من مصلحة الولايات المتحدة معاداة الشعوب العربية بالمزيد، كما لم يكن من مصلحتها عام 1979 معاداة الشعب الإيراني، ومن الأفضل لها أن تتبع خط التودد لا خط معاندة التاريخ. وهذا واضح الآن في مواقفها الخاصة بليبيا التي تبدو أكثر وضوحا من مواقفها تجاه تونس ومصر، وربما يكون النفط من العوامل الرئيسة في مواقفها التي بدت غير متشددة تجاه القذافي.
لكن المسألة في ليبيا مزدوجة، حيث إن بعض الليبيين المؤيدين للثورة يطلبون بأنفسهم وقوف الدول الغربية مع الثوار ضد القذافي. أي أن هذا يعطي مبررا قويا للمشككين لرفع وتيرة تشكيكهم.
هنا لا أريد الدخول بتفاصيل الوضع في ليبيا لأنه يحتاج إلى مقال خاص، لكن أقول باختصار إن الوضع الذي وجدت الثورة في ليبيا نفسها فيه مختلف تماما عن الوضع الذي ساد في كل من تونس ومصر.
أما إسرائيل فعززت الشكوك عندما استمرت في ترداد تصريح المجلس العسكري الأعلى في مصر بأنه يحترم مختلف الاتفاقيات الدولية. وقد حمل بعض العرب وعلى رأسهم أصحاب السلطة الفلسطينية وأصدقاؤها دف التشهير بالثورة المصرية على اعتبار أنها ستلتزم باتفاقيات كامب ديفيد لعام 1979، وباتفاقية الغاز مع إسرائيل. ومؤخرا عززت إسرائيل هذا التشكيك عندما أعلنت أن أحد مسؤوليها سيزور القاهرة.
أميركا وإسرائيل تفضلان اللعب
من غير المعقول أن تدير أميركا وإسرائيل ظهريهما للأحداث في الوطن العربي وكأن الأمور لا تعنيهما، فأميركا لها مصالح متجذرة وكثيرة، ووجود إسرائيل مرتبط إلى حد كبير بوجود هذه الأنظمة العربية التي تتم الإطاحة بها.
الدولتان في حالة استنفار، وهما في تفكير دائم حول ما يمكن أن يطرأ من تطورات، وحول السياسات المتنوعة التي يمكن اتباعها مستقبلا من أجل عدم خسران الأنظمة العربية، أو من أجل تقليل الخسائر المتوقعة من استمرار عدم الاستقرار في الوطن العربي. هذا هو المتوقع من دولتين استمتعتا بامتطاء العرب ومص دمائهم على مدى عقود من الزمن.
ولهذا ليس من المستغرب أن تحاول الدولتان التدخل في تونس ومصر وليبيا وغيرها من الدول بطريقة أو بأخرى من أجل حرف الثورات العربية عن مسارها الشعبي والوطني.
تملك الدولتان الكثير من العملاء والجواسيس في البلدان العربية، وهما قادرتان على إحداث الفتن بطرق متعددة، وعلى تقديم مختلف أنواع الدعم لبؤر الفساد والإفساد التي ما زالت موجودة حتى الآن في البلدان التي تشهد الثورات. وليس من المستغرب أن يكون الاقتتال الذي حصل بين المسلمين والأقباط مؤخرا في مصر من صنع إسرائيل.
أميركا وإسرائيل لا تستقويان بالشعوب
ليس من سياسة أميركا وإسرائيل الاستقواء بالشعوب، وإنما تذليل الشعوب. عملت الدولتان بالتعاون مع دول غربية أخرى على مدى عقود من الزمن على صناعة الزعماء العرب لكي يكونوا مطايا مخلصين يطوعون شعوبهم خدمة للمصالح الأميركية والإسرائيلية.
تقليديا، قامت بريطانيا بتنصيب العديد من الزعماء العرب، وورثت أميركا المهنة بعد أن أفل نجم بريطانيا. وقد اعتمدت صناعة الزعماء على عدد من العناصر أهمها: الإغراء بالسلطة، وتقديم الأموال حيثما كان هناك ضرورة، الإغراق بالمتع الشهوانية، والتوريط من خلال المال والجنس، ودعم أجهزة الأمن المختلفة للتسلط على الناس، وتوظيف الجيوش للصراعات الداخلية العربية.
لقد عملت الدول الغربية وإسرائيل على قتل الروح المعنوية للإنسان العربي وإذلاله من خلال الزعماء العرب لكي لا يقوى على الحراك مستقبلا. هذه الدول هي التي دعمت الاستبداد، والذي استخدم أجهزة أمنه بخاصة جهاز المخابرات لدب الرعب في قلوب المواطنين العرب.
وقد نجحت المخابرات العربية في تخويف الناس وإرهابهم وإرعابهم حتى بات المواطن العربي مخابرات على نفسه يعرف تماما ماذا يقول ومتى وكيف. لقد أصيب العربي في قلبه، وتحول إلى جبان يرتعد عن بعد، ويخشى أن يمس أي شيء قد يكون له علاقة بهذا المستبد الأحمق الذي يطوع الأمة لغيرها من الأمم.
فهل يعقل أن يكون حل أميركا وإسرائيل لاستبدال عملاء من عملاء بث القوة في قلوب الناس ليخرجوا إلى الشارع يتحدون الأنظمة؟ تكمن مصالح أميركا وإسرائيل في العربي الجبان والمتشكك والمتردد والمنافق والكذاب الذي لا تهمه إلا مصالحه الشخصية، وليس في مواطن يتحدى الرصاص بصدره العاري.
عندما أغضب الملك فيصل آل سعود أميركا، قامت بقتله بيسر وسهولة، وعندما ملت من الحبيب بورقيبة، قامت باستبداله بسهولة ليأتي بن علي. أما بريطانيا فاتهمت الملك طلال بالجنون ونقلته إلى تركيا عندما حاول المراوغة، وكذلك فعلت في عُمان عندما قررت أن سلطانها سعيد جامد أكثر من الجمود. ليس من العسير على الدول الغربية تبديل الحكام العرب، وهي ليست بحاجة لثورات شعبية لتحقيق ذلك. وتبديل الحكام بصمت يشكل ضمانة أكيدة بأن الحاكم الجديد لن يكون مشاغبا، فهو لا يتقدم الصفوف إلا بعد أن تكون الدول الراعية قد دمغته.
الحذر مطلوب
رغم ذلك، يجب أن تبقى عيون العرب خاصة في دول الثورة مفتوحة تماما حتى لا تدخل عناصر حرف الثورات عن مسيرها ومسارها. العابثون بالتأكيد خلف الأبواب، وربما يكونون بين الصفوف ويزايدون على الجميع.
الأوضاع في دول الثورة لم تستقر بعد، وسيتطلب الاستقرار وقتا طويلا، وستستغل أميركا وإسرائيل أوضاع عدم الاستقرار من أجل النفاذ إلى الداخل والعبث بوسائل متعددة. اليقين بأن الثورات شعبية وخالصة من أجل الانتقال بالأمة إلى مستقبل أفضل لا يكفي، ولا بد من فطنة متجددة، واستنفار وثاب حرصا على ما تم إنجازه.
أصحاب الثورة لا يجمعون على رأي واحد، على الأقل من الناحية التاريخية، ذلك لأن الثوار يتطلعون إلى المستقبل وليس إلى الماضي. يتشعب المستقبل وفق تطلعات وتقييمات من ينظرون إليه، لكن الماضي يوحد أصحابه لأنه قد مضى. ولهذا من المهم ألا ينظر إلى الاختلافات في وجهات النظر بين الثوار على أنها شيء سلبي، وإنما كجزء من حركة التاريخ التي تنظر إلى المستقبل بأعين متعددة.  
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 23 مارس2011)  


د. عصمت سيف الدولة: قصّة العلمانيّة

كتبهاأبو ذر الناصري
 99-  » العلمانية  » نزعة ترى ، أو تعمل على ، مايقال له  » الفصل بين الدين والدولة  » . ولما كانت كلمة   الدين غيرذات دلالة محددة على دين معين ، بل تطلق تجريداً على كل ماهو دين ، أو كل ما أسماه اصحابه أو منكروه ديناً ، بلا تفرقة ، ولما كانت كلمة  » الدولة  » قد اختلفت دلالتها على مدى العصور فأطلقت على الأسر الحاكمة ، وأطلقت على الحكم ذاته ، ثم هي في العصر الحديث تطلق على مجموعة من العناصر المادية والمعنوية والبشرية ، تؤلف معاً واقعاً معترفاً به ( سنعني بها السلطة في هذا الجزء من الحديث إلى أن نعودإليها تفصيلاً ) ، فليس ثمة غرابة في ان تكون كلمة  » العلمانية  » من أكثر الكلمات غموضاً . ومع ذلك فهي كلمة رائجة رواجاً كبيراً في الأدب السياسي . أما على مستوى الكلام المرسل أو الدعائي فقد يكون استعمالها من لوازم الاستعراض الذي يريد به بعض المثقفين الايحاء بأنهم عالمون أو علماء ، أو أنهم ينتهجون العلم في التفكير أو التدبير أو الحركة ، أو من لوازم  » الاستعباط  » الذي يريد به بعض الهاربين من المشكلات الايحاء بأن حركة الهرب تكتيك محسوب ( الهروب من فلسطين عربية إلى فلسطين علمانية ) . ولعل مرجع الظن بأن كلمة  » علمانية  » قادرة على الايحاء بما يرضي غرور مستعمليها أو احلامهم ما يدخل في تركيبها من حروف كلمة  » العلم  » حتى لتكاد تنبيء بأنها مشتقة منها ، أو ذات صلة وثيقة بالعلم ، وهي ليست كذلك . لاعلاقة البتًة بين  » العلمانية  » نزعة وبين  » العلم  » منهاجاً . والأصل اللاتيني للترجمة العربية ينفي مثل هذه الصلة . أكثر من هذا غرابة ومدعاة لغموض دلالة كلمة العلمانية ما يوحي به استعمالها للتعبير عن نزعة  » الفصل بين الدين والدولة » من أنها معارضة أو مناقضة للدين . وقد ساعد على شيوع وهم التناقض بين العلمانية والدين انها كانت ثمرة التيار الفكري العقائدي الجارف الذي أخرج أوروبا من ظلمات قرونها الوسطى وعرف باسم حركة التنوير . وقادته الفكريين كانوا ملحدين : هوجو جروتيوس ( 1583 -1645 ) وتومس هوبز ( 1588 -1679)وجون لوك ( 1632 – 1704 ) وديفيد هيوم ( 1711 – 1776 ) وجان جاك روسو ( 1712 – 1778 ) وجيرمي بنتام ( 1748 – 1832 ) وستيوارت مل ( 1806 – 1873 ) وهربرت سبنسر ( 1820 – 1903 ). . . الخ . هذا في حين أن جوهر حركة التنوير الأوروبي هو الثقة في مقدرة العقل على ادراك الحقيقة . وهو جوهر نثرت بذوره في أوروبا جماعة من الدارسين يسمونهم جملة  » المدرسة الرشيدية  » نسبة الى الفيلسوف العربي المسلم ابن رشد  ( 1126 – 1198 ) الذي نقلوا عنه فعرف الأوروبيون عن طريقه الفيلسوف الاغريقي أرسطو ، وفلسفته وشرحها . ( ترجم الاسكتلندي ميخائيل سكوت ( 1175 – 1234 ) اغلب اعمال ابن رشد إلى اللاتينية في الفترة مابين ( 1217 و1230 ) . وإذا كان الأوروبيون قد شاءوا – لأسباب لاعلاقة لها بالايمان أوالكفر أو الفلسفة – أن ينكروا ابن رشد حامل مشكاة النور إلى اوروبا المظلمة فإنه من غير المنكور أن من بين فلاسفة التنوير وقادته الفكريين فلاسفة عباقرة دافعوا عن الدين بسلاح العقل وآمنوا ، ليستطيعوا أن يفهموا كما قال من قبل سان انسلم ( 1033 – 1109 ) . منهم ديكارت ( 1596 – 1650 ) وليبنز ( 1646 -1716) وجورج باركلي ( 1685 – 1753 ) وجوزيف بتلر ( 1692 – 1752 ) وكانت ( 1724 – 1804) وهيغل ( 1770 – 1831 ) وهيرمان لوتز ( 1817 – 1881 ) . . . الخ . والواقع أن حركة التنوير ذاتها لم تكن إلا امتداداً لما يسمى في تاريخ أوروبا ثورة الاصلاح الديني التي اندلعت في أوائل القرن السادس عشر وقادها مارتن لوثر الألماني الذي بدأ دعوته عام 1520 ، وجان كالفن السويسري الذي بدأ دعوته عام 1536 . ولقد كان الاصلاح الديني ثورة ضد احتكار الكنيسة في روما تفسير الانجيل ومدّ قدسيته إلى المذهب الكاثوليكي ، ليصبح المذهب هو الدين . ولم يلبث الاصلاح الديني أن تطور ليصبح ثورة ضد تكبيل العقل بقيود الوحي كما يصوغه مذهب الكنيسة فيما سمّي بحركة التنوير ، ولم تلبث حركة التنوير أن تطورت إلى ثورة سياسية ضد استبداد الكنيسة بالسلطة ، فكانت العلمانية . لقد كانت كلّها مراحل حركة ثورية واحدة استمرت أكثر من قرنين ضد مؤسسة تحتكر العلم والفهم والحكم دون الناس أجمعين ، وتفرض علمها وفهمها وحكمها على الناس باسم الدين . فكانت هي الدين حين يكفر الناس بالدين أو يعارضونه أو يناقضونه ، ولم يكن الدين هو المسيحية . وقد تجسّد هذا الموقف في المذهب  » الرّباني  » الذي روّج له فولتير ( 1694 – 1778 ) فراج في أوروبا وانتشر . والمذهب الرباني يؤمن بالله وينكر الوحي ويثق بالعقل . بل ان تلك الكنيسة قد كانت سبباً في شيوع الهرطقة على مدى ثلاثة قرون سابقة على الثورة الفرنسية . وإذا كان كبير الماديين الملحدين البارون دي هلباخ ( 1723 – 1789 ) قد قال ان الدين هو السبب الأساسي للتعاسة ، فإنه كان يردد ماقاله من قبله أحد كبار كهنة الكنيسة ذاتها . قال الكردينال ريجيتا لدبول في مجلس الكرادلة الذي انعقد عام 1546 ، اننا نحن المسؤولون عن التعاسة التي حلت من انتشار الهرطقة وانحدار الأخلاق المسيحية ، لأننا فشلنا في أن نزرع الحقل الذي سلم الينا ، اننا كالملح الذي فقد طعمه . يخطيء اذن الذين يظنّون أن العلمانية مذهب فكري مضاد للدين ، ويخطيء الذين يظنون أن العلمانية قد وفدت إلينا دعوة إلى الالحاد لتنتزع من قلوبنا الايمان . ولقد أضل هذا الخطأ كثيرين ، فرموها ، إذ رموها ، حيث ظنّوا موضع الخطورة فيها على الدين . نقول  » خطأ  » ونقول  » ظنا  » لأننا لانريد أن نسبق أسباب اليقين . وقد نعلم حينئذ أن ثمة عدواناً منظماً قد أراد أن يلهي ضحاياه عن دفع خطر واقعيّ يهدد حياتهم فلفتهم إلى خطر وهمي يهدد ايمانهم فأوحى إليهم بأن العلمانية نزعة إلحادية معارضة أو مناقضة للدين عامة فغاب عن الادراك العام مافي العلمانية من مناقضة ومناهضة للاسلام خاصة . ولن ندرك ماغاب بدون معرفة كاملة بحقيقة العلمانية . سنجتهد مااستطعنا في كشف حقيقتها لمن لايعرفون ، ونرجو ألاّ يندهش أحد منهم حينما يدرك أن أصل العلمانية بمعنى الفصل بين الدين والدولة التي يوحى إلينا بأنها مناقضة للدين ، مذهب ديني في المسيحية نشأ معها ، فرضاً من فروضها ، ثم استمر ركناً من أركانها ، وجزءاً من تراثها اللاهوتي . لم يدخل العقل البشري إلا بها ، إذ لم يكن معروفاً في أي دين من قبل ، ولم ينتقل منها إلى أيّ دين من بعد . في اليهـوديـة 100 – فمن قبل كان اليهود مجتمعاً قبلياً جائلاً في الأرض ، لاأرض له، إلا مايقيم عليهاحتى ينزع عنها ، مثلهم في ذلك مثل كل المجتمعات القبلية التي كانت تجوب الأرض إلى ماقبل عصر الشعوب ثم القوميات ، وما يزال بعضها جائلاً في الأرض حتى الآن . فنرى فيما كتبه اليهود عن تاريخهم في أسفار التكوين والخروج والتثنية والملوك من كتابهم المسمى  » توراة  » أن قد كانت بدايتهم عشيرة إبراهيم عليه السلام في مدينة أور جنوبي مدينة بابل ( العراق ) . ومنها بدأت جولتهم القبلية الطويلة ، إلى حاران ، ثم كنعان ( فلسطين ) ، ثم مصر ، ثم حبرون ( فلسطين ) ، تحت قيادة ابراهيم ، ثم إلى مصر مرة أخرى بدعوة من يوسف بن يعقوب عليهما السلام ، ثم إلى سيناء تحت قيادة موسى عليه السلام لمدة جيلين ، ثم إلى فلسكين تحت قيادة يوشع بن نون ، ثم إلى العراق أسرى على دفعتين : دفعة ساقها ملك اشور ، ودفعة ساقها ملك بابل . وابتداء من 539 ق.م . استولى دارا ، ملك فارس ، على كل الأرض التي كانوا يجولون فيها ، ثم من بعد الفرس استولى عليها اليونانيون بقيادة الاسكندر الاكبر عام 332 ق.م . ثم استولى عليها الرومان عام 58 ق.م . طوال تلك الفترة التي بدأت بالاستيلاء الفارسي حتى نهاية الاستيلاء الروماني لم يكن لليهود ارض خاصة بهم ولو كانوا مقيمين فيها باذن من صاحبها الغالب . ثم انتهى تاريخهم عام 70 بعد الميلاد حين أبادهم الرومان جملة ، ودكّوا مواقع إقامتهم ، وأحالوا هيكلهم المقدس رماداً . وليست الهجرة في الأرض بحثاً عن الرزق أو الأمن هي المييز الوحيد للمجتمع القبلي ، بل من مميزاته أيضاً وحدة مصدر السلطة في إدارة شؤون القبيلة . ولقد كان ذاك المصدر الوحيد في كل المجتمعات القبلية هو الدين سواء كان وثنياً أم سماوياً . وسواء كان الاله الوثني واحداً أم متعدداً . ومع أن الطريق إلى مركز القيادة في القبيلة ، أيّ قبيلة ، لم يكن دينياً دائماً ، ولا كان سلمياً في كل الحالات ، إلا أن الوصول اليه كان دائماً دليلاً مقبولاً على اختيار الآلهة من انتصر فوصل . وكثيراً ماكانت الطقوس الدينية التي تلي النصر شهادة لرئيس القبيلة الجديد بأنه الاله أو ممثل الاله . وكان الكهنة أوالسحرة هم الشهود على تلك الصلة بين السلطة ومصدرها الديني ، أي على شرعية السلطة . ولما كانت السلطة في كل قبيلة مقصورة على أفرادها الذين ينتسبون عادة إلى جدّ واحد ، حقيقي أو مزعوم ، فقد كان لكل قبيلة دينها وإلهها أو آلهتها المقصورون عليها . وكان كل ذلك  « معترفاً به  » لكل قبيلة في المجتمعات القبلية ، معترفاً به من القبيلة المعنية ومن القبائل الأخرى . ولم يكن اليهود إلا قبيلة لها إلهها الخاص  » يهوه  » فحرّمت عليهم النصوص القبلية الموضوعة في التوراة أن يعقدوا أيّ حلف مع آلهة القبائل الأخرى . فيقولون على لسان إلههم  » يهوه  » :  » إنّي أدفع إلى أيديكم سكان الأرض فتطردهم من أمامك . لاتقطع معهم ولامع الهتهم عهداً  » ( سفر الخروج ، اصحاح 23 آية : 32 ،33 ) وهو مايعني  » الاعتراف  » القبلي بآلهة القبائل الأخرى . على أي حال فإن تاريخ اليهود نموذج يكاد أن يكون كاملاً للدين كمصدر وحيد للسلطة في كل العصور السابقة على ظهور المسيحية ، وبالتالي على غياب فكرة  « العلمانية  » عن العقل البشري في تلك العصور . 101 – فعلى مستوى القيادة القائمة بالسلطة توارث قيادتهم ابراهيم ثم اسحق ثم يعقوب ثم يوسف ثم موسى ثم مجموعة من رجال الدين يسمون  » القضاة  » آخرهم صموئيل النبي لمدة 450 عاماً . ثم من بعدهم داود ثم سليمان نحو عام 1000 قبل الميلاد . وكان كل اولئك القادة القبليون  » أنبياء  » في الوقت ذاته . وكان قادتهم القبليون في ظل السيطرة الفارسية واليونانية والرومانية  » كهنة  » يختارهم الفرس واليونانيون والرومانيون إبقاء على نسبة السلطة القبلية إلى الدين ولو كان مصدرها الواقعي لايهودياً 102 – أما على مستوى النظام القبلي الداخلي بكل علاقاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية فقد عاش اليهود طوال تاريخهم يحكمهم نظام  » الشريعة  » . والشريعة مدونة في مرجعين . الأول ، كتاب يقدسونه اسمه التوراة ينطوي ، بجوار الوصايا العشر المعترف بها رسالة موسى عليه السلام إلى قومه ، على مجموعة كثيفة من كليات وتفاصيل أحكام العبادات ( الطقوس ) ، والمعاملات المدنية والجزائية ( الجرائم وعقوبتها ) ، والمالية  (الاملاك والعشور والنذور ) ، والاجتماعية ( إذا مات والد عن غير ولد كان لأخيه أن يتزوج أرملته على أن ينسب الابن البكر الذي ينجبه منها إلى أخيه الذي مات ( التثنية : اصحاح 25 آية : 5 -7 ) . أما المرجع الثاني فهو التلمود وهو قسمان :  » المشنة  » أي صورة الشريعة  » والجمارة  » أي ملحق الشريعة . وكلاهما تفاسير وشروح للأحكام دينية الأصل ، وإن كانت قد تكاثرت وتشعبت حتى أصبحت عند بعض اليهود هي المرجع دون التوراة ( طائفة البروشيم ) .. وهكذا لم يعرف تاريخ اليهود مايمكن أن يقال له  » قانون وضعي  » ولو على مستوى السلوك اليومي . وكل ماوضعوه فعلاً وضعه الكهنة وردّوه إلى الدين ليكتسب قوة الالزام ، وهي قوة لامصدر لها في اليهودية غير الدين . 103 – أما على مستوى تنظيم ممارسة السلطة ، بالاضافة إلى الأنبياء القادة أو الأنبياء الملوك كان يوجد  « السنهديم  » وهو هيئة كهنوتية ذات سلطة عليا . يرأسه رئيس الكهنة وينتخب أعضاؤه من الكهنة والكتبة (علماء الشريعة ) واللاويين ( سبط لاوي بن يعقوب ) ، الذين اختارهم  » يهوه  » لخدمته ، المختصون بالوظائف الكهنوتية المالية مثل تلّقي العشور والنذور وأوائل القطاف وباكورة الأثمار وأبكار الأنعام وفدية البكر من البنين . . الخ وكان  » السنهديم  » يهيمن على حياة اليهود هيمنة كاملة شاملة ، ويقوم بممارسة السلطة بكل فروعها المعروفة اليوم : التشريعية والتنفيذية والقضائية . فقد كان هو الذي يفتش في دفاتر الشريعة عن النصوص ويقرر أنها ملزمة ، وهو الذي يضبط المخالفات والجرائم ، وهو الذي يصدر الأحكام وينفذها بالاضافة إلى رقابة السلوك اليومي لكلّ فرد للتأكد من اتفاقه مع الطقوس الدينية بدءاً من طقوس غسل الأيدي حتى الامتناع عن العمل يوم السبت . وكان هو الذي يعين فروعه وممثليه في كل موقع ليمارسوا السلطة نيابة عنه . ولقد كانت تلك الهيئة الكهنوتية تملك توقيع العقوبة  » القبلية  » : الطرد من القبيلة ، التي تعني التكفير والتهجير معاً أو مايقابل – مع بعض الفروق – عقوبة الحرمان من النظام الكنسي . ولقد كانت تلك العقوبة – كشأنها في كل المجتمعات القبلية – أداة حاسمة لاخضاع كل يهودي لسيطرة  » السنهديم « .
104 – هكذا كانت اليهودية وكان اليهود قبل ظهور المسيحية . وكذلك كانت لكل المجتمعات القبلية . لم تكن فكرة ( ولا نقول نظاماً ) ازدواج السلطة ، في المجتمع الواحد قد خطرت للعقل البشري . لم يكن في تاريخ البشرية قبل المسيحية ما يسمح بنشوء لفظ يعبّر عما تعبّر عنه  » العلمانية  » الآن من فصل الدين عن الدولة . ازدواج السـلطة 105 – ثم جاء السيد المسيح عليه السلام رسولاً إلى بني إسرائيل تسبقه وتمهد له وتبشر بمجيئه عشرات النبوءات الواردة في كتبهم . قالوا ، وكتبوا ، قبل مجيء المسيح ان النبي اشعياء قد قال ان المسيح سيولد من عذراء . وأن النبي ميخا قد قال بأنه سيولد في  » بيت لحم  » . وان النبي هوشع قد قال انه سيلجأ إلى مصر في طفولته . وأن النبي زكريا قد قال انه سيدخل القدس يوم الأحد السابق على عيد الفصح . وان النبي داود قد قال ان احد تلاميذ المسيح سيخونه ويسلمه الى اعدائه . .. الخ . وتواترت الاناجيل الاربعة على أن قد جاء المسيح على ماقال انبياء بني اسرائيل في كتبهم . بالرغم من ذلك لم يصدقه اليهود . ولم تفلح كل المعجزات التي وردت في الأناجيل ووقعت بين اليهود وتحت سمعهم وبصرهم من أول إحياء الموتى إلى إطعام خمسة آلاف من الجوعى من بعض سمكات ولقيمات . . .الخ ، لم تفلح في إقناع اليهود الذين عاشوا دهراً ينتظرون المسيح ، بأن المسيح هو عيسى بني مريم الناصري الذي عاش بينهم . وهو أمر تصدم غرابته قارىء الانجيل ، إذ يبدو فيه إنكار اليهود للمسيح صاحب كل تلك المعجزات المرئية والملموسة ، مجرداً من أي مبرر معقول . ولكنه في الحق لم يكن غريباً . كان وراءه سبب بسيط . وهو بعد سبب وحيد : ان عيسى بن مريم قد جاء اليهم نبياً ورسولاً ولم يأت ملكاً أو قائداً . ولم تكن اليهودية كما صاغ أحكامها الكهنة ، وما كان اليهود كما صاغهم التاريخ قبيلة ، بقادرين على فهم أو قبول فكرة ( مجرد فكرة ) الفصل بين النبوة والملك . أو كما يقال الآن فكرة الفصل بين الدين  » والدولة  » أو فكرة  » العلمانية  » . وكان لابد من اختبار السيد المسيح لكشف موقفه من تلك الفكرة الغريبة . فأرسل اليه الفرّيسيون ، وهم طائفة الفقهاء من اليهود ، بعض الهيرودسّيين ، وهم طائفة من اليهود عملاء الامبراطورية الرومانية ، ليختبروه  » قائلين : يامعلم ، نحن نعلم انك صادق وتعلّم طريق الله بالحق ولاتبالي بأحد لأنك لاتنظر إلى وجوه الناس فقل لنا ماذا تظن . أيجوز أن تعطي الجزية لقيصر أم لا ؟ فعلم يسوع خبثهم وقال : لماذا تجربونني يامراؤون أروني معاملة الجزية . فقدموا له ديناراً . فقال لهم : لمن هذه الصورة والكتابة فقالوا له : لقيصر . فقال لهم :  » أعطوا إذاً مالقيصر لقيصر والله لله  » ( متى 21 : 17 ) . 106 – بتلك الكلمات المقدسة مسيحياً ، ولدت فكرة ازدواج السلطة في العقل البشري . وهي لم تولد فكرة مجردة ، بل صيغت أمراً ونظاماً للحياة في مجتمع حي . وهما أمر ونظام لايستمدان قوتهما الملزمة من معقوليتهما ذاتهما ، ولا من ملاءمتهما لحاجة من وضعا لهم يتبعونهما إن شاءوا ويتركونهما إن أرادوا غير آثمين . لا ، بل هما أمر ونظام يستمدان قوتهما الملزمة من مصدر الالزام في الدين كله : الايمان بالمسيح وقدسية تعاليمه . وهكذا لم يكن نظام الفصل بين الدين  » والدولة  » أو العلمانية نزعة خارج الدين او موقفاً منكراً له أو مضاداً ، بل هي – أي العلمانية – فرض ديني وركن من أركان الديانة المسيحية . وهو ركن لايقوم على مجرد القول :  » أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله  » بل يقوم على هذا المبدأ وعلى تطبيقاته المتكررة في آيات الانجيل . ذلك أن الفصل بين ما لقيصر وما لله ، قد تم فصلاً مابين الدين والدنيا ، ووضع السيد المسيح المؤمنين به في موقف خيار حاسم بين ملكوت السماء وبين زينة الحياة الدنيا من المال والبنين . قال عن المال :  » لايقدر أحد أن يخدم سيدين . لانّه إما أن يبغض واحداً ويحب الآخر وإما أن يلازم واحداً ويحتقر الآخر . لاتقدرون أن تخدموا الله والمال  » ( متى : اصحاح 6 آية 24 ) وقال عن البنين :  » لاتظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض . ماجئت لألقي سلاماً بل سيفاً . فإني جئت لأفرق الانسان ضدّ أبيه والأبنة ضد أمها والكنّة ضد حماتها . وأعداء الانسان أهل بيته . من أحب أباً أو أماً اكثر مني فلا يستحقني ومن أحب ابناً أو ابنةً اكثر مني فلا يستحقني ومن لايأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني  » ( متى : 10 آية 34 – 37 ) . واضح من هذين النصين فصل العلاقات الدنيوية الأسرية والاقتصادية عن العلاقة الدينية بعد أن كان نص من قبلهما قد فصل بينهما وبين العلاقات السياسية . وهو فصل للتناقض وليس فصلاً للتمييز بما يعني منع الجمع بين الدين وبين كل تلك العلاقات . وصيغة القول :  » لايقدر أحد أن يخدم سيدين  » واضحة الدلالة في تقرير الاستحالة المسيحية للجمع بين الدين والدنيا . ومن تطبيقات المبدأ ذاته أسلوب اختيار السيد المسيح لتلاميذه أو أسلوب اتّباعهم له . فهو اسلوب قاطع الدلالة على منع الجمع بين الدين والدنيا . كانت صيغته في كل مرة الترك من أجل الأخذ . ترك شواغل الدنيا لأخذ المركز الديني . قص الانجيل انه  » وإذ كان يسوع ماشياً عند بحر الجليل رأى أخوين سمعان الذي يقال له بطرس واندراوس أخاه يلقيان شبكة في البحر فإنهما كانا صيادين . فقال لهما : هلمّ ورائي فاجعلكما صيّادي الناس . فللوقت تركا شباكهما وتبعاه . ثم اجتاز من هناك فرأى اخوين آخرين يعقوب بن زبدي ويوحنا أخاه في السفينة مع زبدي ابيهما يصلحان شباكهما فدعاهما فللوقت تركا السفينة وأباهما وتبعاه  » ( متى 4 : 18 – 22 )  » وفيما يسوع مجتاز من هناك رأي إنساناً جالساً عند مكان الجباية اسمه متّى فقال له : اتبعني . فقام وتبعه  »  ( متى 9 : 9 ) . إن العناية بإبراز الاستجابة الفورية للأمر المقترن بالتّرك الفوري للعمل هو إبراز لحدّية الفصل بين الدّين والدنيا ومنع أيّ شك في أنه لايمكن الجمع بينهما ولو لفترة زمانية قد يقتضيها الانتقال من موقع العمل الدنيوي إلى موقع العمل الديني . ولولا قدسية المبدأ لما كان ثمة مايحول دون أن يكون بطرس واندراوس ويعقوب ويوحنا ومتّى تلاميذ للسيد المسيح وعاملين بالصيد أو بغيره . 107 – قام الفصل بين السلطة الدينية والسلطة الدنيوية إذن على مستوى العقيدة ولم يبق إلاّ تجسيد هذا الفصل في ممارستها . أما سلطة قيصر فقد كان يمارسها قيصر وأعوانه ، فمن ذا الذي يمارس السلطة الدينية ؟ إنهم تلامذة السيد المسيح الذين اختارهم ليتبعوه . لم يخترهم ليعلمهم أو ليخصّهم بالعلم دون العامة من الناس ، فقد كان عليه السلام يعلّم الكافة ويسعى إليهم حيث يكونون بدون تخصيص . ولكنه اختارهم ليمنحهم ، وحدهم دون الباقين ، ماكان يتمتع به هو من قوة روحية ، وليخولهم سلطة الدين ، وليجعل منهم رسلاً ، ولتكون لهم وحدهم الكلمات الأخيرة في كل شؤون الدين ، ولتكون طاعتهم عنوان الايمان به . يقص الانجيل أن السيد المسيح قد  » دعا تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يطردوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف « ( متى 10 : 1 ) ثم أعلن لهم وللكافة :  » من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي ارسلني  » ( متى 10 : 40 ).  » وأنا أقول لك انت يابطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها . وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات . فكل ماتربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماوات ، وكل ما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السماوات  » ( متى 16 : 18 – 20 ) . 108 – لم يكن تلاميذ المسيح ( وخلفاؤهم ) اذن مجرد مسيحيين بل كانوا  » رجال الدين  » . ويستحق هذا التعبير الأخير انتباها خاصا . ذلك لأنه يطلق في مرسل الحديث في مجتمعنا العربي المسلم على الذين ينسب اليهم أو ينسبون إلى انفسهم معرفة أوسع أو أعمق أو أكثر تخصصا بعلوم العبادات والفقه والمعاملات في الشريعة الاسلامية . وهم يحظون على هذا الوجه بقدر من التوقير الذي يستحقه العلماء المتخصصون ، وبقدر من الثقة التي يوحي بها كل من اشتهر بأنه عالم فيما أحاط به علماً ، أو تخصص فيه . ثم إنهم قد استحقوا احترام التاريخ كلما تولوا الدفاع عن الاسلام بالحجة ضد مناهضيه خاصة في مراحل تاريخية سادها الجهل والانحطاط ففتحا في جدار الحصانة الدينية ثغرات تسربت منها الدعوات المناهضة . ولقد كان الأزهر قلعة ذاك الدفاع على مدى قرون ، فأصبح لقب  » رجل دين  » ، يطلق على المتخرجين من ذلك المعهد العظيم أو المنتسبين إليه . ولقد يطلق العامة لقب  » رجل دين  » مجاملة ، على الذين يجودون قراءة القرآن أو الذين مايزالون محتفظين لأنفسهم بذلك الزي الذي كان يلبسه الكافة ( الجبة والعمامة ) لأنه الزي الغالب لطلبة وخريجي الجامعات التي كانت للكافة ، ثم أصبحت مقصورة على العلوم الدينية . ولكن  » رجال الدين  » أولئك ، كما نسميهم في مجتمعنا العربي المسلم ، لايستمدون من علمهم أو تاريخهم أو زيهم سلطات أو حقوقا أو امتيازات على غيرهم من المسلمين ، لا في شؤون الدين ولافي شؤون الدنيا . وليس ثمة أكثر بلاغة في التعبير عن هذا مما قاله الامام محمد عبده حين قال :  » ليس في الاسلام سلطة دينية سوى الموعظة الحسنة والدعوة إلى الخير والتنفير من الشر . وهي سلطة خوّلها الله لأدنى المسلمين يقرع بها أنف اعلاهم كما خولّها لأعلاهم يتناول بها أدناهم  » . ليس هكذا دلالة تعبير  » رجال الدين  » في المسيحية . انهم خلفاء الرسل المتفرغون لأداء وظائف الرسالة ، الذين ينتمون إلى مجتمع خاص بهم ، مغلق عليهم ، لايقبل فيه أيّ فرد إلا على درجات من الطقوس والاختبارات تنتهي بقبوله . ولاينتسب إليه من خارجه أحد ولو كان عبقري العلم بالدين المسيحي . وتتدرج علاقاته الرئاسية طبقات فوق طبقات فوقهم قمم من الرجال قد يبلغ بعضهم مراتب  » القديسين  » . ثم إن لهم على الناس سلطاناً لاتستقيم حياة الناس بغير طاعته . فلا يصبح المسيحي مسيحياً بمولده ، ولايكفي ايمانه ، بل ينتمي إلى دينه على أيديهم  » بالتعميد  » . ولاينعقد زواج بين مسيحيين إلا إذا عقدوه هم . ولاينفصل زوجان إلا بقرار منهم . ثم إن لهم – أو كانت لهم – سلطة التشريع للناس كافة في أوروبا حتى القرن السادس عشر ، أي قبل عودة أوروبا إلى القانون الروماني . وكانت لهم سلطة القضاء لأنهم هم الأولياء على تفسير وتطبيق ومراقبة تنفيذ أحكام الدين . ولقد كانت  » محاكم التفتيش  » التي ذهبت مثلاً في تاريخ التعذيب المجنون ، وبلغت شأو شراستها على عهد البابا إنوسنت الثالث ( 1160 – 1216 ) محاكم رجال الدين التي تحكم بما يفتون وهم فيها المحققون والمدعون والقضاة . وكان لرجال الدين حق التربية والتعليم بحكم انهم كانوا القلة المتعلمة الذين تدخل في وظائفهم مهمة هداية الجهلة والاميين في عصور لم تكن التربية أو التعليم مما يستحق اهتمام الاباطرة والملوك والأمراء . باختصار ، رجال الدين في المسيحية نفر لهم على الناس سلطان . السلطان الذي صاغه السيد المسيح في قوله لبطرس الرسول :  » فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السموات وكل ماتحله على الأرض يكون محلولاً في السماوات  » . فهم المرجع فيما هو مباح للناس وماهو محرم عليهم في حياتهم . 109 – كل هذا سواء كان  » رجال الدين  » أعلم الناس بالديانة المسيحية وأكثر ورعاً أم لم يكونوا  » المفترض  » ألايكون من  » رجال الدين  » إلا عالم بالدين أو على قدر متميز من العلم به . ألا يفترض في كل ذي مهنة العلم بمهنته ؟ ولكن هذا الافتراض لم يكن متحققا في مراحل تاريخية طويلة . فعلى مدى تاريخ الامبراطورية البيزنطية ، ومنذ أن دخلتها المسيحية على يد الامبراطور قسطنطين الأكبر ثم أصبحت دينها  » الرسمي  » في أواخر القرن الرابع ، كان الأباطرة هم الذين يختارون البطاركة ( رؤساء الكنيسة الشرقية ) ، وهم الذين يدعون رجال الدين إلى الاجتماعات ، ويرأسون مجالسهم ، ويشتركون في المناقشات ، ويدلون بأصواتهم ، ويكون رأي الامبراطور مرجحاً عند تساوي الأصوات ، حتى لو كان موضوع المناقشة موضوعا لاهوتيا صرفا . في عام 638 م خطر للامبراطور هرقل أن يحسم الخلاف القائم بين رجال الدين حول طبيعة السيد المسيح فألف ونشر رسالة بعنوان  » تقرير عن الايمان  » أثارت فتنة مروّعة عمت الامبراطورية ، ولم تنج منها الا الكنيسة القبطية مما حمل الامبراطور كونستانس على اصدار أمر بالكف عن المناقشة في الموضوع ( عام 648 ) . المهم أن اختيار الامبراطور لرجال الدين وتعيينهم وقراراته في الشؤون الدينية لم تكن بعيدة دائما عن أهواء الأباطرة واهدافهم السياسية التي لم تكن تتفق ، في كثير من الحالات ، مع مايفترض في رجال الدين من علم وتقوى واستقامة . ولم يكن الأمر في الامبراطورية الرومانية الغربية ( الكاثوليكية ) أفضل من هذا . ففي عهد شارلمان ( عام 800 م ) ثم بعده على مدى قرون كان الامبراطور هو الذي يعيّن رجال الدين ويراقبهم ويتخذ من بينهم مستشارين تابعين له تبعية مباشرة فكان ممكنا في ظل تلك التبعية أن يتولى رجال محدودو الثقافة الدينية – والمدنية ايضا – مراكز دينية رئاسية من خلال علاقاتهم السياسية بالامبراطور وبطانته . ولما شاع ذلك ، ضعف الايمان الديني وانحطت القيم الخلقية لدى رجال الدين ، مما أدى بالبابا غيغوري السابع إلى الاحتجاج حتى الثورة على هنري الرابع . وهي ثورة انتهت بنفي البابا الذي أراد  » لرجال الدين  » أن يكونوا رجالاً على دين ، بعيدين عما يشك في علمهم ولا يتفق مع روح المسيحية ، ولا مع سلطانهم على أرواح المسيحيين . اذن فلقب  » رجال الدين  » في المسيحية لايعني – بالضرورة – أن حامله اكثر علما بالدين من غيره ، أو اكثر التزاما بأحكام الدين من الآخرين ، وإن كان كل ذلك مفترضا. وهذا يعني أن علمهم لم يكن هو مصدر قوة سلطانهم ، بل كان لسلطانهم مصدر قوة آخر سنعرفه . 110 – وقد يكون مفيداً ، لاكمال فكرتنا عن دلالة  » رجال الدين  » في المسيحية ، أن نتحرر من القياس على  » الراهب  » العابد الزاهد المنعزل عن الدنيا وما فيها من مغريات مادية وغير مادية . لم يكن  » رجال الدين  » الذين نتحدث عنهم رهبانا ولا مترهبين بل كانوا موظفين ، وفي مقابل أجور أيضا . ولقد كانوا يأكلون ويشربون ويلبسون ويسكنون أفضل مما كان متاحا للعامة من الناس ، وكانوا يقيمون الكنائس الشامخة ويستأجرون لتزيينها أعظم الفنانين . وكانوا يعقدون الاجتماعات وينتقلون بين المدن والممالك ويكتبون وينشرون ثم – في مرحلة تاريخية طويلة – يجندون الجند ويعدّون الجيوش ويدفعون اثمان عتادها وخيلها وسفنها ورواتب جندها الكثيف . وكان لابد لكل ذلك من مصادر تمويل كافية ومستقرة الكفاية . وبدأت المصادر بتبرعات المؤمنين . ومن المؤمنين ملوك وأمراء ونبلاء واقطاعيون أسخياء في التبرع لمن يملك حق الاباحة والتحريم ويزدادون سخاء لو كانوا منافقين . ثم امتدت المصادر تبعا لما قرره رجال الدين من انهم اصحاب حق في أن يحصلوا من الأموال والعقارات على ما يقدّرونه لازماً وكافياً لأداء خدماتهم  » الروحية  » وحماية الدين من الهرطقة ، واستطاعوا فعلاً أن يكونوا أوسع الناس ملكية للأراضي وأغناهم أموالا وأن يحصنوا أملاكهم ورعاياهم ضد أية ضرائب أو مكوس مما تتقاضاه السلطة المدنية ، بل وأن يمتلكوا الممالك ذاتها ثم يردوها إلى الملوك اقطاعيات من عندهم مقابل إتاوات باهظة ، كما فعلوا مع فريدريك الثاني ملك ايطاليا ، ومع بدرو الثاني ملك أراغون ، ومع ملك انكلترا الذي استحق لقب  » جان عديم الارض  » بعد أن أجبره رجال الدين على التنازل عن ارض انكلترا كلها للبابا . 111 – في اطار العناصر السابقة مجتمعة ( الناس والأرض والسلطة ) نستطيع أن نعرف أنّ  » رجال الدين  » في المسيحية لم يكونوا إلا العنصر البشري من مؤسسة هائلة ذات سلطة ومال تشملهم وتوظفهم في مباشرة سلطات دينية وتشريعية وقضائية وادارية ومالية وعسكرية ، وتحفظ بهم لنفسها وتستثمر مناطق جغرافية شاسعة وأموالاً منقولة وعقارات ثابتة تمتلكها ملكية خاصة . كل ذلك تحت قيادة مركزية واحدة تتبعها أجهزة مختلفة الوظائف يؤديها رجال الدين . تلك المؤسسة هي  » الكنيسة  » . وكما أن الكنيسة بهذا المعنى ليست هي مكان العبادة المعروف ، بل هي المؤسسة التي يتبعها  » رجال الدين  » فإن  » رجال الدين  » ليسوا هم العلماء بالدين المعروفين ، بل هم رجال الكنيسة المؤسسة التي يستمدون من قوة سلطانها قوة سلطانهم . هكذا تجسد في الواقع الاجتماعي مبدأ :  » اعطوا مالقيصر لقيصر وما لله لله  » الذي أوصى به السيد المسيح عليه السلام فهو  » اعطوا ماللدولة للدولة وماللكنيسة للكنيسة  » . اي الفصل بين نشاط الكنيسة وبين نشاط  » الدولة  » وهو المدلول الصحيح لمبدأ  » العلمانية  » . الصراع 112 – إن تاريخ المبدأ  » العلماني  » ( الفصل بين الكنيسة والدولة ) في أوروبا المسيحية حتى نهاية القرن الثامن عشر هو تاريخ الصراع بين الكنيسة  » والدولة  » وهو صراع لم يهدأ إلا في الفترات التي سيطرت فيها احدى المؤسستين على الأخرى ، أي فترات هزيمة المبدأ ذاته في الواقع بالرغم من بقائه على المستوى النظري كلمات ذات قدسية غير منكورة . فلقد بدأ نشاط الكنيسة التي اسسها السيد المسيح عليه السلام على ايدي الرسل من تلاميذه في ظل سيادة دولة طاغية هي الامبراطورية الرومانية ، يحكمها أباطرة طغاة من امثال كليجولا وكلوديوس ونيرون . ولما كان الفصل بين الكنيسة والدولة يفرض على رجال الدين أن يتركوا ما لقيصر لقيصر فقد اتجهت تعاليمهم إلى احترام وطاعة السلطة الحاكمة حتى حينما يكون الحكم جائرا . كذلك قال بولس ان من يقاوم السلطة يقاوم ارادة الله ويستحق إدانة الكنيسة . وحينما سجنه الامبراطور سيزاريا لم يدافع عن نفسه إلا بقوله :  » إلهي فلتكن مشيئتك  » . إن هذا الموقف سيتغير فيما بعد . لا لأن المسيحيين سيغيرون عقيدتهم ولكن لأن موازين القوى ستتغير . ولقد كان المسيحيون على عهد الرسل مجردين من أية قوة تحميهم من بطش الاباطرة الطغاة فذهبت أجيال منهم ضحايا السجون والتعذيب الوحشي والقتل الجماعي . لقد أعطوا ما لقيصر التزاما بموقفهم الديني في الفصل بين الكنيسة والدولة ؛ ولكن  » الفصل  » أو  » الاستقلال  » علاقة ذات طرفين لايتوقف نفاذه على إرادة طرف واحد . وإذا كان المسيحيون الاوائل قد التزموه واعطوا مالقيصر لقيصر فإن القياصرة قد نقضوه فلم يعطوا ما لله لله بل أبادوا كلّ من استطاعوا أن يبيدوه من الدعاة للدين المؤمنين بالله . فانهزم المبدأ وأصبح الخيار الوحيد المتاح للمسيحيين الاوائل ليس بين الكنيسة والدولة ولكن بين الكفر والايمان . فاختاروا الايمان واستشهدوا في سبيله وشهد لهم التاريخ ، واشاد ببطولاتهم في مواجهة الموت . وكان حقاً ما قاله الاب المسيحي لويجي تاباريللي:  » اننا نؤكد أن المسيحيين في ظل القياصرة كانوا يموتون لأنه كان واجبا دينيا عليهم أن يموتوا  » . 113 – نقول تغيرت المواقف بعد ذلك حين أصبحت المسيحية هي دين الامبراطورية في عصر البابوات ( رؤساء الكنيسة الكاثوليكية ) . تغيرت ولكن مع الابقاء – على المستوى النظري – على المبدأ ( العلماني ): فصل الكنيسة عن الدولة . وتبادلت المؤسستان ، من خلال الصراع بينهما ، موقع الصدارة والسيطرة وإن كان الاتجاه العام لنمّو القوة في صالح الكنيسة حتى القرن السادس عشر . ولقد أشرنا من قبل إلى فترات تاريخية طويلة كان ميزان القوة لصالح الاباطرة في الامبراطورية البيزنطية والرومانية كلتيهما ( فقرة 109 ) وإلى فترات أخرى كان البابوات فيها اصحاب الغلبة على الملوك والممالك ( فقرة 110 ) . وانعكس ذلك الصراع على التيار الفكري الذي صاحبه وغذّاه . 114 – ففي القرن الخامس بدأ البابا جيلاسيوس الأول بتذكير الامبراطور بأن ثمة سلطتين تحكمان العالم : السلطة المدنية والسلطة الدينية ، وأن السلطة الدينية تتحمل مسؤولية أثقل ، إذ انها تعنى بالجانب الخالد من الانسان وهو الروح . والخلود مصير الانسان . وما الحياة الدنيا إلا مرحلة اختيار وتحضير للحياة الآخرة . وبالتالي فان القانون الالهي أسمى من أي قرار أو أمر يصدره إنسان . وأبدعت الكنيسة تفسيراً لحقها في السيطرة النظرية المعروفة باسم  » نظرية الحق الالهي  » . أو( مذهب آباء الكنيسة ) . مؤداها أن الحكم لله وحده وأنه يختار لادائه في الارض من يشاء ، فيصبح حاكماً بأمر الله . والمميز لها أن الاختيار يتم مباشرة لشخص بعينه على وجه يجعله قريباً من معنى  » الانتقاء  » . ومن هنا جاءت كلمة  » سيادة  » في اللغات ذات الاصل اللاتيني إذ أنها تعني في أصلها  » المختار من الله  » لم تدخل هذه الكلمة لغة القانون إلا في القرن السادس عشر . وقد قيض لهذه النظرية رجل عبقري حاول أن يصوغها على وجه يوفق بين مضمونها اللاهوتي ووظيفتها في مساندة السلطة البابوية . ذلك هو القديس توما الاكويني الذي كان مستشاراً فكرياً للبابا . يقسم توما الاكويني مصدر السلطة الى ثلاثة أنواع : النوع الاول ، هو الارادة الالهية المحيطة بكل شيء ، والنوع الثاني ، هو القانون الطبيعي الذي أودعته الارادة الالهية في ضمائر البشر فيجعلهم يميزون بين الطيب والخبيث ، وأخيرا ، النوع الوضعي أو البشري ، وهو تلك القواعد التي يضعها الناس في المجالات الخاصة . بالبناء على هذا التقويم يعود توما الاكويني فيفرق بين ثلاثة أوجه للسلطة : أولها ، الجوهر أو المبدأ ، وهو ارادة الله وتؤديه الكنيسة ؛ والثاني الشكل أو الاسلوب ( ملكية أو ارستقراطية أو ديوقراطية ) ، وهذه يميز بينها ويختارها الحكام ؛ والثالث الممارسة أو التنفيذ ، وهذه يؤديها البشر . هكذا أراد توما الاكويني أن يلائم بين الحق الالهي – مصدر سلطة الكنيسة – وبين صور ممارسة السلطة وأشكال الحكم ، مع الاحتفاظ بمصدر الحق في الحكم وسند شرعيته ، أو جوهر السلطة ومبدئها ، للارادة الالهية ، لتبقى اليد العليا للكنيسة . بعد توما الاكويني يأتي جيل الروماني الذي كان تلميذاً له في جامعة باريس ، واستحق من بعده لقب  » أكثر المفكرين عمقا  » ( 1245 – 1316 ) ليكون اكثر صراحة فينطلق من أن الله موجود في كل شيء بما في ذلك عقل الانسان وحواسه لينتهي إلى القول بأن للبابا – ممثل الله في الأرض – حق السلطة على كل واحد وكل شيء في الأرض . 115 – على الجبهة الأخرى من الميدان الفكري الذي يعكس ويغذي الصراع بين الكنيسة  » والدولة  » يبدع أنصار الملوك نظرية  » العناية الالهية  » ( او نظرية الملكية المقدسة ) التي تبقي على السماء مصدراً للسلطة ، ولكنها تنكر احتكار البابا للقيام على إرادة الله في الأرض لتفسح مكاناً للملوك . فتذهب نظرية العناية الالهية إلى أن إرادة الله توجه شؤون الناس وعقولهم وإرادتهم على وجه غير مباشر إلى أن تصبح السلطة في يد واحد منهم. فهو لايكسبها بجهده ولايستحقها لأمر خاص به ، ولايتلقاها من أحد من الناس ، ولا من الله ايضا ، ولكن عناية الله هي التي وضعته في موضعه . مادام الملك ملكاً فليس من حق أحد أن يحد من سلطته لأن ذلك سيكون تحديا لارادة السماء حتى لو لم يعرف أحد كيف أدت عناية السماء إلى هذه النتيجة . وفي هذا يقول جان دي باري في كتابه السلطة الملكية والسلطة البابوية ( 1302 ) ان الحياة تنقسم إلى قسمين متميزين ومنفصلين ، قسم مادي وقسم روحي ، وإن اله يختار لكل منهما من يتولاه ، فاختار الكنيسة للحكم الدنيوي ، فالملك قد تلقى سلطته بدون وساطة من الكنيسة . 116 – فلما جاءت مرحلة الاصلاح الديني الذي بدأ دعوته الالماني مارتن لوثر عام 1520 والسويسري جان كالفن عام 1536 كان تمرداً على احتكار البابا السلطة الدينية ووضع أحكامها ، وانتصاراً لحرية الكنائس  » الوطنية  » في الاجتهاد . وكان طبيعيا أن تكتسب  » الدولة  » في البلاد الكاثوليكية والبروتستنتية جميعا من القوة النسبية بقدر ما أضعفت حركة الاصلاح من السلطة البابوية نسبيا . غير أن الصراع بين الكنيسة  « الوطنية  »  » والدولة  » لم ينته ،أولم يهدأ ، إلا بسيطرة إحداهما على الأخرى . لقد كان مارتن لوثر وجان كالفن ، كلاهما ، من أشد القائلين بالطاعة المطلقة للحكام المدنيين ( الملوك والأمراء ) حتى ولو كانوا طغاة . ولكن كل منهما عالج العلاقة بين الكنيسة والدولة علاجاً مختلفاً . أما مارتن لوثر فقد أثمرت دعوته تبعية الكنيسة  » للدولة  » . وفي ظل سيادة مذهبه ( البروتستنتية ) في انكلترا استطاع هنري الثامن أن يقطع علاقة الكنيسة الانكليزية مع البابا ، وأن يعلن نفسه ، وهو ملك ، رأساً للكنيسة ( 1534) . وأما جان كالفن فقد اثمرت دعوته تبعية  » الدولة » للكنيسة ، حتى قيل إنه لم يحدث أن وصل أيّ بابا في القرون الوسطى ، لانظريا ولاعمليا ، إلى تأكيد سيادة الكنيسة كما فعل كالفن . 117 -وقد استمر ذلك الصراع وانتقل إلى أمريكا ، حيث دار هناك بين كنائس المهاجرين وبين الدولة الناشئة . وهناك – في أمريكا – سيتضح بجلاء أن الصراع لم يكن يدور حول المبدأ المسيحي العلماني : الفصل بين نشاط الكنيسة ونشاط  » الدولة  » ولكن بين أطماع المؤسستين كل منهما يريد أن تسود الأخرى متجاوزة بذلك حدودها . فقد كان المذهب البروتستنتي سائداً في انكلترا كما ذكرنا ، وكان من شأن ذلك أن يسيطر الملوك على الكنيسة . وقد حدث في عهد الملكة اليزابيت الأولى – وهي رأس الكنيسة في انكلترا – أن فرضت على رعاياها البروتستنت فروضاً دينية اعتبرها الجميع بدّعاً لاأساس لها من الدين ( عام 1558 ) ، فرضي من رضي ، وتمرد القادرون الذين نصّبوا من أنفسهم دعاة لتطهير الدين من البدع فعرفوا باسم المتطهرين ( البيورتان ) وأشهروا في وجه  » الدولة  » المبدأ : فصل الكنيسة عن  » الدولة  » . وما زالوا يحرّضون الناس على تبنّي موقفهم حتى كاد يعقد لهم النصر . فلما أن ظنوا أنهم منتصرون بدأوا في  » تناسي  » مبدأهم والتدبير للاستيلاء على    « الدولة » ووضعها موضع التبعية للكنيسة فلما لم يفلح تدبيرهم استحقوا اضطهاد الدولة  » الأقوى  » مما دفع بجموع منهم إلى الهجرة إلى أمريكا خلال القرن السابع عشر حيث استقروا في نيوانجلند . وهناك كانوا قوة غالبة بالنسبة إلى السلطة المدنية ففرضوا مذهبهم  » بالقوة  » وسيطرت كنيستهم على كل سلطة في بليموث وخليج ماساشوستس وفي كل المستعمرات ماعدا رود ايلند وبنسلفانيا . وظل الأمر كذلك إلى أن جاء عام 1840 يحمل إلى أمريكا أفواجا كثيفة من المهاجرين  » الكاثوليك  » الفارّين – بدورهم – من الاضطهاد في القارة الاوروبية . فخاف رؤساء الكنيسة البروتستنتية من أن تشاركهم الكنيسة الكاثوليكية امتيازاتهم وسلطاتهم في مواجهة الدولة ، فعادوا إلى مبدأ الفصل بين الكنيسة « 

رسالتان لعقيدي ليبيا واليمن

عبد الباري عطوان
بعد متابعة التطورات الدموية للاحداث في ليبيا واليمن، واصرار زعيمي البلدين على التشبث بالحكم حتى لو كان الثمن سقوط المئات بل الآلاف من الضحايا، نكتشف كم كان الرئيسان التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك ‘رحيمين’ بشعبيهما عندما قررا الانسحاب من السلطة بأقل قدر ممكن من الخسائر البشرية واكبر قدر ممكن من المليارات.
من المؤكد انهما كانا يودان البقاء لاطول فترة ممكنة ولهذا مارسا كل انواع المناورة والتضليل، مثل الحواة تماما، سواء من حيث طرد الوزراء ذوي السمعة السيئة، وخاصة وزراء الداخلية والاعلام، او حتى حل الوزارة برمتها، والتقدم بتعهدات بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكن اصرار المتظاهرين الثائرين في الميادين الرئيسية للبلدين اجبرهما على الاستسلام، ورفع الرايات البيضاء، والهروب الى اقرب ملاذ آمن.
في الحالة الليبية لا يتورع العقيد معمر القذافي عن قصف شعبه بالدبابات والطائرات، ويتصرف كما لو انه معبود الجماهير، ويرفض ان يصدق ان الغالبية العظمى من ابناء شعبه لا تريده، بعد ان حول البلاد الى خرابة، فقد كان كل ما يهمه هو الاهتمام بشخصه، وصورته، وزعامته العالمية المزورة، اما الشعب الليبي فقد كان آخر اهتماماته، واهتمام نسله الذي اكل الاخضر واليابس.
اما في الحالة اليمنية فالوضع لا يقل سوءا، فالرئيس علي عبدالله صالح اختصر البلاد كلها في مجمع قصره الجمهوري، واعتقد انه باستقدامه داعية مثل عمرو خالد ليؤم بالمصلين في الجامع الجمهوري، ويتحدث عن الوسطية والاعتدال في خطبة الجمعة، يمكن ان ينزع فتيل الثورة من عزائم اليمنيين، وكم كان مخطئا في تصوراته البسيطة هذه، وكرر الخطأ بطريقة افدح عندما امر قناصته بذبح المعتصمين في مسجد ميدان التغيير اثناء صلاة الجمعة دون شفقة او رحمة.
العقيد علي عبدالله صالح اعتقد ان اتباعه سنّة عقيد ليبيا في قتل المتظاهرين، وعدم مغادرة السلطة بطريقة اقل دموية مثل نظيريه التونسي والمصري، يمكن ان يوقف عجلة تاريخ المد الثوري الحقيقي القادم من رحم المعاناة الشعبية ولكن اجتهاده هذا جاء في غير محله تماما، فالشعب اليمني، مثله مثل كل الشعوب الثائرة الاخرى، لا يمكن ان يقف في منتصف الطريق، وسيواصل ثورته حتى تحقيق جميع اهدافه دون اي نقصان، اي رحيل النظام ورأسه. ‘ ‘ ‘ رسالتان بليغتان ارسلتا يوم امس الى الزعيمين الليبي واليمني، الاولى وجهتها الدول الغربية التي تدخلت في الملف الليبي لخدمة مصالحها تحت غطاء حماية المدنيين، وتمثلت في قصف مقر العقيد الليبي في قاعدة باب العزيزية، لتقول له انه مستهدف شخصيا بالاغتيال، وللشعب الليبي في طرابلس بان عليكم ان تتحركوا مثل اشقائكم في بنغازي، فالرجل الذي يلتف بعضكم حوله، او مضطرون على الصمت تجاهه خوفا، ها هو يغادر العاصمة بحثا عن مكان سري آمن، يقود معركته النهائية في البقاء في خندق تحت الارض بعد ان اغلقت كل الابواب في وجهه.
أما الرسالة الاهم التي وصلت الى العقيد اليمني فكانت مزدوجة، شقها الاول والابلغ جاء من خلال انشقاق اللواء علي محسن الاحمر قائد المنطقة الشمالية والاخ غير الشقيق للرئيس اليمني، وانضمامه للثوار مع عدد كبير من الضباط الكبار والسفراء في مختلف انحاء العالم. اما الشق الثاني الذي لا يقل اهمية فيتجسد في استقالة الشيخ صادق عبدالله الاحمر شيخ قبيلة حاشد (قبيلة الرئيس) من الحزب الحاكم، وشقيقه حميد الاحمر من منصبه كنائب لرئيس البرلمان، الامر الذي يعني ان القبيلة الاضخم في اليمن سحبت غطاءها القبلي عن النظام، مما يعني عملياً ان فرص بقائه في السلطة باتت محدودة ان لم تكن معدومة. الرئيس علي عبد الله رجل داهية، ولا اشك في ذلك ابداً، ليس لانه استطاع البقاء لاكثر من ثلاثين عاماً في بلد قال عنه الشاعر اليمني الراحل عبد الله البردوني ‘ركوب الليث ولا حكم اليمن’ وانما لانه نجح في تحييد جميع خصومه، والنجاة من ازمات خطيرة ابرزها حرب الانفصال عام 1994 ناهيك عن العديد من محاولات الانقلاب او الاغتيال، ولكن هذا الدهاء خانه عندما فشل في قراءة الثورة الشعبية في بلاده قراءة صحيحة.
اعترف بانني ولاكثر من عقدين كنت من المعجبين في قدرته على البقاء، ولعب اوراقه الداخلية والاقليمية بذكاء، خاصة مع السعودية جارته الشمالية القوية التي لا تكن الكثير من الود لليمن وتعتبره مصدر خطر على امنها واستقرارها، واذكر انه قال لي في العيد العاشر للوحدة اليمنية عندما كان يقود سيارته في خارج صنعاء وانا الى جانبه حيث مررنا بقرية الرئيس الراحل ابراهيم الحمدي ان لم تخنِي الذاكرة، انه اخذ الحكم بهذا الخنجر (مشيراً الى وسطه) ولن يغادره الا بالخنجر، اي مقتولاً.
لا اتمنى هذه النهاية الدموية للرئيس علي عبد الله صالح، فالنصف المملوء من كأسه يقول انه حقق الوحدة، والكثير من الاستقرار لليمن، الذي لم يعرف الاستقرار مطلقاً طوال تاريخه الحافل بالحروب والمؤامرات والصراعات القبلية والاقليمية، بل اتمنى له خروجاً آمناً الى جدة غرب المملكة العربية السعودية ليقضي ما تبقى من حياته، اسوة بالكثير من معارضيه، مثل ابو بكر العطاس وعلي سالم البيض واحمد النعمان، وعبدالله الاصنج والامام البدر، والقائمة تطول. ‘ ‘ ‘ العقيد علي عبد الله صالح يختلف عن نظيره الليبي من حيث كونه يستطيع التنعم بتقاعده كرئيس مخلوع في اي مكان يختاره دون مطاردات الانتربول كمجرم حرب، مطلوب للمثول امام محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي اسوة بالرئيس الصربي سلوبودان ميلوسفيتش، او العقيد معمر القذافي اذا بقي (اي القذافي) على قيد الحياة، فلديه من الملايين ما يكفيه حتماً، واذا كان الحال غير ذلك فإن اصدقاءه السعوديين لن يبخلوا عليه، وفي اسوأ الحالات يمكنه الاقتراض من صديقيه المخلوعين الآخرين، التونسي زين العابدين بن علي المقيم في جدة او المصري حسني مبارك في الضفة الاخرى من البحر الاحمر (شرم الشيخ).
نريد، ونتضرع الى الله ان تزول هاتان العقبتان (القذافي وعلي صالح) من طريق الثورات العربية حتى تواصل امتداداتها للاطاحة بمن تبقى من الطغاة، وبما يؤدي الى بزوغ فجر ديمقراطي وطني عربي جديد، يغير وجه المنطقة، ويوقف مسلسل الهوان والاذلال والهزائم الذي تعيشه منذ ستين عاماً على الاقل. الشعوب العربية تستحق زعامات جديدة شابة تنهض بها، وتكرس حكم القانون، والعدالة الاجتماعية والمؤسسات المنتخبة، فقد اهينت بما فيه اللازم واكثر، من قبل انظمتها الديكتاتورية التي قادتها الى التخلف والفقر والبطالة والحكم القمعي البوليسي، والفساد في الرأس والبطانة معاً.
طالبنا بالاصلاح في كل الدول العربية، ملكية كانت ام جمهورية دون استثناء، وسنظل، ولكن مطالبنا هذه قوبلت بالمنع والمصادرة، وما زالت، لان الانظمة اعتقدت انها في مأمن من الثورة الشعبية، ومحصنة امام مطارق التغيير.
نصيحتنا للعقيدين في اليمن وليبيا بالرحيل حقناً للدماء، ورأفة بشعبي البلدين، قبل ان يجبرا على الخروج بطريقة مهينة او دموية، فلا مكان لهما في البلاد، ونأمل ان يستمعا الى هذه النصيحة قبل فوات الاوان.
مشكلتنا الوحيدة اننا يمكن ان نتكهن بالمكان الذي يمكن ان يتوجه اليه العقيد صالح، ولكننا من الصعب ان نتكهن بأي ملاذ آمن للزعيم الليبي، ولهذا لن نفاجأ اذا كان خياره القتال حتى الانتقال الى الدار الآخرة، والله اعلم.  
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 مارس 2011)


إطلاق نار على شبان بدرعا السورية


نقلت وكالة رويترز عن شهود عيان اليوم الأربعاء أن قوات الأمن السورية أطقت النار على مئات الشبان الذين كانوا في طريقهم إلى مدينة درعا جنوبي سوريا للمشاركة في احتجاج على مقتل ستة من أبنائهم برصاص رجال الأمن.

وذكر شاهد إن النار أطلقت على المحتجين أثناء قدومهم من جهة الشمال وأن بعض الجثث تناثرت في الشارع.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن شهود أن ثلاثة أشخاص، من بينهم طفلة تبلغ من العمر 11 سنة، أُردوا قتلى في درعا، بينما أوردت أجهزة الإعلام المملوكة للدولة أن الرئيس بشار الأسد أقال محافظ المدينة المضطربة.
وفي خبر سابق، ذكر ناشط حقوقي أن قوات الأمن السورية فتحت النار اليوم على معزين في مدينة درعا، بينما أكد شهود عيان سماعهم دوي رصاص في المدينة الواقعة جنوبي البلاد.
وقال الناشط –الذي نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية النبأ دون أن تذكر اسمه- إن المعزين كانوا يشيعون جنازتي شخصين من بين خمسة قُتلوا في مدينة درعا في وقت سابق اليوم.
وأوضح مراسل الوكالة أنه سمع تبادلاً لإطلاق النار قادماً من اتجاه وسط المدينة حيث يتحصن عدد من المحتجين داخل المسجد العمري، الذي بات بؤرة لانطلاق المظاهرات المناوئة لنظام الرئيس الأسد طوال الأسبوع المنصرم.
من جانبها، ذكرت وكالة رويترز أن قوات الأمن السورية كانت قد قتلت في الصباح الباكر اليوم ستة أشخاص على الأقل في هجوم شنته على مسجد بمدينة درعا.
وبذلك ارتفعت حصيلة قتلى الاضطرابات في المدينة إلى 13 على الأقل منذ اندلاع الاحتجاجات.
قوة مفرطة

في غضون ذلك، دعت فرنسا في بيان صادر اليوم سوريا « لوقف كل أشكال الاستخدام المفرط للقوة » ضد المحتجين، وشجبت التصرفات التي أسفرت عن مقتل العديد من الأشخاص.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أن « فرنسا تستنكر العنف الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بين المحتجين » صباح اليوم في درعا.
وقال إن وزارته دعت إلى « تحقيق شفاف في الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة الماضية »، مضيفاً أن على سوريا « وقف كل أشكال الاستخدام المفرط للقوة ».
وطالبت فرنسا كذلك نظام الرئيس بشار الأسد –الذي يرزح تحت ضغوط متزايدة جراء الاحتجاجات المناهضة للحكومة- بالشروع في إجراء إصلاحات حقيقية.
وقال فاليرو « يجب إجراء إصلاحات سياسية بدون تلكؤ لتلبية التطلعات التي عبَّر عنها الشعب السوري ».
وأضاف أن فرنسا تدعو سوريا إلى « تنفيذ التزاماتها الدولية بحقوق الإنسان، والتي وقَّعت عليها خاصة فيما يتعلق بحرية التعبير والرأي ».            (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 23 مارس 2011)

 

لجنة تقصي الحقائق تتهم مبارك بقتل المتظاهرين


2011-03-23  
القاهرة- قالت صحيفة الأهرام المصرية في عدد الأربعاء إن لجنة تقصي الحقائق التي تشكلت للتحقيق في أعمال العنف أثناء الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك اتهمته هو ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي بالقتل العمد للمتظاهرين.
وقتل أكثر من 360 شخصا في الانتفاضة الشعبية وأصيب الآلاف عندما أطلقت أعيرة مطاطية وذخيرة حية وفتحت مدافع المياه والغازات المسيلة للدموع على المحتجين السلميين.
وذكرت الصحيفة أن اللجنة قدمت ما توصلت إليه إلى مكتب النائب العام قائلة إن مبارك بصفته على رأس الجهاز الاداري للدولة مسؤول جنائيا عن قتل المحتجين.
وقالت الصحيفة إن العادلي الذي يواجه محاكمة بالفعل بتهمة التربح وغسل الأموال متهم باعطاء أوامر للشرطة بفتح النيران على المحتجين. وألقت مصر القبض بالفعل على ضباط شرطة كبار لاصدارهم أوامر بقتل المحتجين أثناء الانتفاضة الشعبية ضد مبارك وتحقق معهم. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 مارس 2011)
 

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.