الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

 

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

 

TUNISNEWS

10ème année, N°3865 du 22.12.2010  

archives : www.tunisnews.net

الحرية للصحفي الفاهم بوكدوس

ولضحايا قانون الإرهاب


آخر كلمات كتبها محمد بوعزيزي على حائطه في الفيسبوك قبل اقدامه على محاولة الإنتحار بحرق نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد

المرصد التونسي:سيدي بوزيد … محاولة انتحار جديدة لشاب عاطل عن العمل

البديل عاجل:انتفاضة الفقراء في سيدي بوزيد – اليوم السادس :

كلمة:تواصل المسيرات في ولاية سيدي بوزيد و أتباع الحزب الحاكم يعوّضون البوليس

المرصد التونسي:اطلاق سراح كل الموقوفين على خلفية الاحداث الاخيرة في سيدي بوزيد بدون استثناء

المرصد التونسي:منزل بوزيان … مسيرة سلمية تنطلق من دار الاتحاد المحلي للشغل

المرصد التونسي:محامو القصرين … وقفة ومسيرة احتجاجية مساندة لتحركات اهالي سيدي بوزيد

بشير الحامدي:مدينة سيدي بوزيد في الوسط الغربي للبلاد التونسية تنتفض من أجل الحق في الشغل وفي تنمية عادلة

الصباح:التعاطي الإعلامي مع حادثة سيدي بوزيد

زياد الهاني:سيدي بوزيد في البرلمان: قد أسمعت لو ناديت حيّا.. لكن لا حياة لمن تنادي؟

عمار عمروسية:صمتكم أفضل من كلامكم

طلبة تونس:أحـــداث سيـــدي بوزيـــد :فــي مسألـــــة التوظيــــف السياســـي

الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة بنزرت:عريضة مساندة للتحركات الإحتجاجية بولاية سيدي بوزيد

 لجنة التضامن مع نضالات أهاي سيدي بوزيد تدعو الجميع إلى تجمع أمام مترو كورون بباريس

المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي: بلاغ صحفي

كلمة:المنستير: استدعاءات أمنية لمساجين سياسيّين سابقين

العربي القاسمي:لا تقولوا:إنّ فرعون قدر

حــرية و إنـصاف:دخول عزالدين القفصي إلى تونس حق من حقوق المواطنة

حــرية و إنـصاف:نورالدين المسلماني وحسن الخليفي ضحايا لسياسة التجويع

اللجنة الجهوية لمساندة طلبة سوسة:بيـــــــــــان

المؤتمر من أجل الجمهورية:بيــــان

اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل بولاية القيروان:بيان حول الزيادات الأخيرة في الأسعار

كلمة:صفاقس: نقابة التعليم الثانوي تستنكر استهداف مسؤول نقابي

كلمة:الأطباء الجامعيون يضربون عن الخدمات غير الإستعجالية

الصباح:جديد حنبعل 2:شركة تأمين عالمية تفاوض.. وعصابات القراصنة تتنازع على الفدية

أيفكس:الحرب التونسية على الحريات المدنية تتكثف بنهاية العام

الصباح:من الذاكرة الوطنية:عندما تصبح الخصال الحميدة و«النّفس المومنة» شتيمة

محمد الحمروني:بعد دعوة برلمانية لخفض صوت الأذان في تونس تخوف شعبي من عودة التضييق على العبادة

بحري العرفاوي:في التفكير والتعكير

سفيان الشورابي:عدنان المنصر: تاريخ تونس المعاصر إن حكى

الباحث والمفكر التونسي الهرماسي :الحداثة الغربية ورثت عن المسيحية عداءها للإسلام

طلبة تونس:عولمـــــة الفاشيــــــة ( الجزء الثاني )

أولويــــة القــراءة فــي حيــاة الإنســـــــان( الجزء الثاني )

عبد السلام أديب في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الصراع الطبقي والنضال اليساري الميداني في المغرب.

د . لؤي صافي:القيادة السودانية بين استلهام الاسلام وتوظيفه

القدس العربي:الجزائر: محاكمة 63 متهما بمحاولة اغتيال الرئيس بوتفليقة في العام2007

القدس العربي:ويكيليكس: اتهام الموساد باغتيال مستشار الاسد.. إسرائيل قلقة من انقلابات بالدول العربية المعتدلة

بوعلام رمضاني:في سر الرؤساء


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  أكتوبر 2010 https://www.tunisnews.net/28Novembre10a.htm


آخر كلمات كتبها محمد بوعزيزي على حائطه في الفيسبوك قبل اقدامه على محاولة الإنتحار بحرق نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد


مسافر يا أمي، سامحني، ما يفيد ملام، ضايع في طريق ماهو بيديا، سامحني كان عصيت كلام أمي، لومي على الزمان ما تلومي عليّ، رايح من غير رجوع, يزي ما بكيت و ما سالتش من عيني دموع، ما عاد يفيد ملام على زمان غدّار في بلاد الناس، أنا عييت و مشى من بالي كلي اللي راح، مسافر و نسأل زعمة السفر باش ينسّي محمد بو عزيزي Source: http://nawaat.org/portail/
 


سيدي بوزيد … محاولة انتحار جديدة لشاب عاطل عن العمل


 
أقدم  مساء هذا اليوم الاربعاء 22 /12 / 2010 شاب  معطل عن العمل   على الانتحار امام الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد  حيث صعد  الى اعلى عمود كهربائي  ملقيا نفسه  من اعلى بعد ان كان هدد بذلك يوم السبت الفارط ان لم يمكنوه من موطن شغل .   وحسب بعض المعطيات فان  حالة الشاب  خطيرة وبعضهم يرجح  وفاته نقابي سيدي بوزيد — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux
 


انتفاضة الفقراء في سيدي بوزيد – اليوم السادس :

الشاب حسين ناجي يلقي بنفسه من أعلى عمود كهربائي الخميس 22 ديسمبر 2010


سيدي بوزيد
أقدم مساء هذا اليوم 22 ديسمبر الشاب حسين ناجي البالغ من العمر 24 سنة على محاولة انتحار تمثلت في رمي نفسه من أعلى عمود كهربائي أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل. الضحيّة الجديد من عائلة شديدة الفقر وقد تقدم مرات عديدة بطلبات من أجل تشغيله. وأمام تسويفه أقدم يوم السبت الماضي على محاولة انتحار تم ثنيه عن الاستمرار فيها. وما هو مؤكد في هذه اللحظات أنه ظروفه الصحية حرجة جدا. المكناسي تعيش هذه البلدة ليلها الرابع تحت إيقاع مواجهات عنيفة بين أجهزة البوليس ومجموعات واسعة من الشبان. وقد علمنا أن أغلب المصادمات تتم وسط الأحياء، سلاح المحتجين عزائمهم والحجارة مع سد الطرقات بإحراق العجلات المطاطية، أما سلاح البوليس فهو الهراوات والقنابل المسيلة للدموع. منزل بوزيان خرجت منصف يوم 22 ديسمبر من دار الاتحاد المحلي للشغل مسيرة احتجاجية شارك فيه جمع غفير من الأهالي وقد رفع المتظاهرون شعارات جميعها يصب في إدانة نظام الحكم مع المطالبة بحق الشغل والتوزيع العادل للثروة. حركات استباقية بعد أن وصلت الاحتجاجات معتمدية بوزيان التي لا تبعد سوى 15 كلم عن السند التابعة لولاية قفصة تحركت السلطات المحلية ممثلة في معتمد الأخيرة صحبة بعض كتاب الجامعات التجميعية نحو الأهالي في بلدتي السند وزانوش وكثر حديثهم عن مشاريع التنمية المرتقبة منذ سنوات.. هذه المناطق تعرف بدورها منذ أيام تململا وسط صغار الفلاحين الذين أثقلت كاهلهم القروض ومستلزمات خلاصها. الشغل استحقاق يا عصابة السراق هكذا هتف آلاف المواطنين في معتمدية جلمة هذا اليوم تضامنا مع أبناء منطقتهم ومطالبة بحق شباب الجهة في الشغل والعيش الكريم فقد شهدت اليوم كبرى معتمديات الجهة تحركا جماهريا شارك فيه نقابيو المنطقة بالإضافة إلى مئات من المواطنين الذين عبّروا عن وقوفهم صفا واحدا حتى تحقيق كل المطالب. بالإضافة لمدينة جلمة، انطلقت على الساعة 11:00 صباحا ومن أمام مقر الاتحاد المحلي للشغل مسيرة شارك فيها عدد كبير من المواطنين والنقابيين رفعت فيها شعرات مطالبة بحق الشغل وحق الجهة في تنمية عادلة في ظل ما تعيشه هذه المنطقة من فقر كبير وقد جابت المسيرة أغلب شوارع المدينة. كما تدور حاليا وبعد انتشار خبر محاولة انتحار الشاب حسين ناجي مواجهات عنيفة في كل من سيدي بوزيد ومنزل بوزيان والمكناسي. إطلاق سراح بعض الموقوفين أفاد الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد، أنه تم صبيحة هذا اليوم إطلاق سراح أغلب الموقوفين كما أكد استعداده لمتابعة بقية الحالات إن وجدت. أنباء عن حالات تعذيب في صفوف الموقوفين أفاد عدد من المسرحين إلى تعرضهم إلى التعذيب من قبل قوات البوليس في مدينة سيدي بوزيد الشيء الذي أثار امتعاضا في صفوف المواطنين. وافتضح أمرهم تداول آلاف الشباب عبر شبكة الفايسبوك قائمة اسمية لميليشيا الحزب الحاكم الذين ساهموا الليلة الفارطة في عمليات الاقتحام والملاحقات للشباب المنتفض. حملة المساندة تتواصل بعد إصدار العديد من المكاتب التنفيذية للاتحادات الجهوية للشغل بيانات حول الوضع في سيدي بوزيد، كان آخرها صبيحة هذا اليوم بيان الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، نظم نقابيون بجهة بنزرت تجمّعا نقابيا دعوا فيه إلى مساندة فعلية وميدانية لانتفاضة أهالي سيدي بوزيد ومن أجل حقهم في تنمية عادلة، وفي مدينة القصرين عبّر عديد من المحامين عن تضامنهم المطلق مع أهالي سيدي بوزيد وقد نظموا مسيرة اتجهت نحو الاتحاد الجهوي للشغل أين التأم بالمناسبة يوم تضامني وفي مدينة جبنيانة تم تأسيس لجنة مساندة لأهالي سيدي بوزيد. السلطة لا تعير اهتماما في الوقت الذي تواجه فيه السلطة مطالب أهالي سيدي بوزيد بقمع أعمى وسط حصار إعلامي مطلق، استعرضت كل وسائل الإعلام الرسمية خبر استقبال بن علي للسباح أسامة الملولي في المطار ممّا أثار سخطا شديدا لدى عديد المواطنين.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 22 ديسمبر  2010)  


تواصل المسيرات في ولاية سيدي بوزيد و أتباع الحزب الحاكم يعوّضون البوليس


حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 21. ديسمبر 2010 قال قسم الإعلام بالاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد أن جلسة تفاوضيّة تمّت بين عضوي المكتب التنفيذي الوطني لاتحاد الشغل محمّد سعد والمولدي الجندوبي وبين والي الجهة يوم الثلاثاء 21 ديسمبر الجاري، وأنه وقع الاتفاق على إطلاق سراح كل الموقوفين البالغ عددهم حسب المصدر نفسه 34 مع استثناء 3 موقوفين يقع تسريحهم لاحقا لدواع وترتيبات أمنيّة. وأكّد المصدر أنه وقع إطلاق سراح عدد من المعتقلين.
وحسب ذات المصدر، فإنه وقع الاتفاق على بحث ملفّ التنمية بالجهة خلال مدّة لا تتجاوز الشهرين على الأقصى.
 بالمقابل، أكّد شهود عيان لراديو كلمة أن حدّة الاحتجاجات قد تراجعت يوم الثلاثاء بمركز سيدي بوزيد، غير أن أتباع الحزب الحاكم وهم مجموعة قدّرتها مصادرنا بخمسين نفرا اعتدت على المتظاهرين في حين بقي الأمن يراقب الوضع عن كثب.
من جهة أخرى أكّدت مصادرنا أن رقعة الاحتجاجات اتسعت لتشمل مدينة جلمة التي تبعد على مركز الولاية 26 كيلومترا، وأن مسيرة سلمية شارك فيها نقابيّون وعاطلون يطالبون بالعمل ومواطنون غاضبون خرجت من مقر الاتحاد المحلي للشغل عشيّة يوم الثلاثاء ووصلت إلى أمام مقرّ المعتمدية حيث سلّم إلى المعتمد بيان بمطالب الأهالي المتمثلة خاصة في إطلاق سراح موقوفي الحركة الاحتجاجية بسيدي بوزيد، وبمراجهة المنوال التنموي وتوفير مواطن شغل خاصّة وأن الجهة تشكو من التهميش ومن البطالة وشهدت نسبة الانتحار بين صفوف الشباب المعطّل فيها ارتفاعا خطيرا في الآونة الأخيرة.  
وقالت مصادرنا أن عناصر الأمن لم تتدخّل واكتفت بمراقبة الوضع.
وفي ذات السياق، انطلقت في الرقاب مسيرة سلمية يوم الثلاثاء تعبيرا عن مساندة أهالي الرقاب للحركة الاحتجاجية بسيدي بوزيد. وذكرت بعض المصادرأن اشتباكات حدثت بين قوّات الأمن والمواطنين بجهة سيدي علي بن عون استُعملت فيها القنابل المسيلة للدموع بكثافة.
وكانت شرارة الاحتجاجات قد اندلعت يوم الجمعة المنقضي بعد أن قام شابّ عاطل عن العمل من أصحاب الشهائد بإشعال النار في نفسه أمام مقرّ ولاية بسيدي بوزيد احتجاجا على اعتداءات تعرّض لها من قبل أعوان الأمن بعد أن منعوه من مزاولة تجارة الخضر على عربة متجوّلة، وقد خرج الشباب إلى الشوارع للتعبير عن احتجاجهم وغضبهم لما وقع، وللمطالبة بحقّ الجهة في التنمية خاصّة وأن سيدي بوزيد تعتبر من أكثر الولايات فقرا وتهميشا، ويعاني شبابها من البطالة. وقد اندلعت مواجهات بالأحياء الشعبية خاصّة بين الأهالي وقوّات الأمن التي وقع حشدها من كلّ الجهات وتعرّض العشرات للإيقاف وللاعتداء كما أشرنا في نشرات سابقة، كما أغلقت كل مداخل المدينة ومنع نشطاء المجتمع المدني والصحفيّون المستقلّون من الانتقال إليها، كما أصدرت عديد المنظّمات والهيئات المدنيّة المستقلّة والأحزاب المعارضة بيانات تطالب برفع الحصار عن المدينة وبالكفّ عن التعاطي الأمني مع التحرّكات الاجتماعيىة، وبفتح حوار جدّي حول مسألة التنمية في الجهات الداخلية (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 21 ديسمبر 2010)
 


اطلاق سراح كل الموقوفين على خلفية الاحداث الاخيرة في سيدي بوزيد بدون استثناء


حسب قسم  الاعلام في الاتحاد الجهوي للشغل  بسيدي بوزيد انه  وبتدخل  من الاتحاد الجهوي وبعدم من الاتحاد العام التونسي  للشغل  تم اليوم الاربعاء 22 /12 / 2010 اطلاق سراح كل الموقوفين بدون استثناء على خلفية الاحادث الاخيرة  ويدعو  الاتحاد الجهعوي عموم المواطنين  الى الاتصال بالاتحاد  في صورة  وجود موقوف  لم يبلغ عنه ولم يطلق سراحه. — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux


منزل بوزيان … مسيرة سلمية تنطلق من دار الاتحاد المحلي للشغل


انطلقت صباح اليوم  الاربعاء 22 /12 / 2010  وفي حدود الساعة الحادية عشرة من  دار الاتحاد المحلي للشغل  بمنزل بوزيان مسيرة سلمية  شارك فيها عدد كبير من النقابيين والمواطنين والشبان  ورفعت فيها عدة شعارات  تطالب بالتمنية العادلة  وشعارات اخرى مناوئة   للسلطة  وخياراتها وقد جابت هذه المسيرة اغلب   شوارع المدينة.
هذا  ولم تتدخل   قوات الامن  التي رافقت المسيرة    واكتفت بمراقبتها  وفي حدود  الواحدة والنصف عاد ت المسيرة باتجاه الاتحاد المحلي للشغل  لعقد اجتماع  واصدار بيان  يلخص مطالب الجهة  
نقابي – منزل بزيان — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  


محامو القصرين … وقفة ومسيرة احتجاجية مساندة لتحركات اهالي سيدي بوزيد

حسب قسم الاعلام بالاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد نفذ اليوم  قرابة 15  محامي في القصرين وقفة احتجاجية  ثم  انتقلوا   في شكل مسيرة  وهم  يرتدون زي المحاماة  الى دار الاتحاد الجهوي للشغل  بالقصرين  تعبيرا عن تضامنهم ومساندتهم  لتحركات اهالي سيدي بوزيد .
علما ان الاتحاد الجهوي  بالقصرين   سيشهد تجمعا عماليا ونقابيا  في حدود الساعة الثالثة والنصف  من عصر اليوم  الاربعاء 22 /12 / 2010  تعبيرا عن مساندة  نقابيي القصرين لاهالي سيدي بوزيد — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  


مدينة سيدي بوزيد في الوسط الغربي للبلاد التونسية تنتفض من أجل الحق في الشغل وفي تنمية عادلة


تشهد مدينة سيدي بوزيد منذ عشية يوم الجمعة 17 ديسمبر الجاري إنتفاضة عارمة لم تشهدها هذه المدينة منذ جانفي 1978 تاريخ الإضراب العام بالبلاد. ومدينة سيدي بوزيد هي مركز ولاية سيدي بوزيد عدد سكانها  396000  نسمة موزعين على 12 معتمدية وهي ولاية تقع في الوسط الغربي للبلاد التونسية وتحدها جغرافيا ست ولايات أخرى  تمثل في مجموعها عمق الوسط التونسي وتتشابه الأوضاع في هذه الولايات السبع من حيث النشاط الإقتصادي ومن حيث أوضاع السكان حيث يعد هذا الإقليم من أكبر الأقاليم المتضررة من السياسات المتبعة والتي لم تنتج غير المزيد من الحيف سواء في الحقبة البورقيبية أو مع سلطة السابع من نوفمبر.
إحتجاجات المواطنيين إنطلقت على إثر إقدام الشاب محمد البوعزيزي وهو أصيل المنطقة من الشباب المعطلين عن العمل على إحراق جسده بإضرام النار فيه أمام مقر الولاية إثر إنسداد الأبواب في وجهه وعدم تركه يمارس مهنة بيع الغلال على عربة يدفعها بساعديه ويجول بها المدينة من أجل تحصيل لقمة عيش شريفة له ولعائلته بتعلة أنه يمارس عملا غير مرخص فيه وأنه ينتصب في أماكن ممنوعة.
وأمام هذا المشهد المروع تجمع عشية الجمعة 17 ديسمبرمئات المواطنين من مختلف الشرائح الإجتماعية أمام مقر الولاية في حركة إحتجاجية إستمرت ساعات رفعوا فيها شعارات تطالب بإيقاف المتسببن في دفع الشاب المعطل إلى إحراق جسده ومحاكمتهم كما ندد المحتجون بالسياسات القائمة والتي لم يجن منها سكان المنطقة غير المزيد من التفقير والتهميش والإستغلال ورفعوا شعارات تدين السلطة القائمة وتدين القمع والإستغلال وكل مظاهر الإستغلال والفساد والحيف الإجتماعي : التشغيل إستحقاق يا عصابة السراق ـ لا لا للقمع والإستبداد يا حكومة الفساد ـ يسقط حزب الدستوريسقط جلاد الشعب ـ.
ولئن لم تتمكن قوات القمع في اليوم الأول من تفريق المواطنين برغم شدة تدخلها فإنها في اليوم الموالي وفي الأيام الأربعة الأخيرة وبعد وصول تعزيزات كبيرة من تونس العاصمة ومن الولايات المجاورة أحكمت السيطرة على المدينة وأغلقت كل الطرقات المؤدية لها إلا أن ذلك لم يثن المحتجين من الخروج في اليوم الثاني للشارع وتنظيم المسيرات وقد دارت مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات البوليس التي كان تدخلها عنيفا جدا فوقعت مصادمات وإصابات في صفوف المواطنين ونقل العديد منهم إلى المستشفى كما سجل إيقاف أكثر من 50 مواطنا من مختلف الشرائح فيهم من النشطاء السياسين وفيهم من النقابيين وأعلبهم كان من شباب المدينة المعطل عن العمل. في اليومين الثالث والرابع إستمرت الإحتجاجات ولكنها كانت بشكل متقطع نظرا لإحكام البوليس الطوق على المدينة.
شباب المدينة تحديدا لم يثنهم القمع على مواصلة إحتجاجاتهم فقد تنظموا في مجموعات وخيروا التحرك ليلا وقد وقعت مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات البوليس في الليل في كثير من الأحياء وخصوصا ليلة الإثنين 20 ديسمبروقد إستعمل البوليس في هذه المواجهات قنابل الغاز المسيل للدموع وعمد إلى مداهمة المنازل للترهيب وتشير الأخبار الواردة من سيدي بوزيد إلى عزم الشباب على مواصلة الإحتجاجات إلى حين تفتح السلطة معهم حوارا جديا وتنفذ مطالبهم والتي على رأسها حقهم في العمل.
الإحتجاجات على سياسات الحيف الإجتماعي واللاتوازن في التنمية وعلى التفقير والتهميش توسعت وإمتدت في اليومين الأخرين إلى معتمديات هذه الولاية حيث شهدت منطفة المكناسي وهي منظقة ليست بعيدة عن مركز الولاية مظاهراة عارمة ومواجهات بين المواطنين وقوات البوليس.وليس بعيد على بلدة المكناسي نظم أيضا مواطنو بلدة منزل بوزيان وبلدة الرقاب وبلدة بن عون في اليومين الأخيرين مظاهرات وإحتجاجات رفعت فيها نفس الشعارات التي رفعت في مظاهرات سيدي بوزيد.
ولئن مارست السلطة وكعادتها التعتيم على ما يحدث في سيدي بوزيد وفي البلدات المجاورة لها وهو أسلوب تعود به الشعب وكل المراقبين في كل الأحداث السابقة بدءا بإنتفاضة الحوض المنجمي إلى أحداث فريانة إلى أحداث الصخيرة إلى أحداث بنقردان وصولا إلى أحاث سيدي بوزيد الراهنة فإن وسائل الإعلام العالمية قد تابعت الإحداث وعرفت بها كما تمكن الناشطون في الفضاء الإفتراصي وعلى الصفحات الإجتماعية بكسر هذا الطوق والتعتيم بحيث أن العالم أصبح يتابع الأحداث لحظة بلحظة وهو كسب إعلامي كبير.  آفاق الإنتفاضة
لم تكن حادثة حرق الشاب المعطل عن العمل محمد البوعزيزي لجسده كتعبير منه عن إنسداد اللآفاق أمامه وكتنديد بما يتعرض إليه من قمع وتهميش غير تلك القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة لمواطني جهة تعاني من حرمان متواصل لعقود من التنمية كما يعاني شبابها من البطالة والتهميش وإنسداد الأفق إلا أن المتابع للأحداث تستوقفه عفوية التحركات وتشتتها وعدم تنظمها وهو عامل سلبي سيحكم على هذه التحركات والإحتجاجات بالضمور والتلاشي إن تواصل . مثل هذا العامل وقع تجاوزه في إنتفاضة الحوض المنجمي 2008 فقد تمكن المنتفضون هناك ومنذ بداية الأحداث من مركزة التحركات وتنظيمها والتخطيط لها فلم يقع إستنزاف الإنتقاضة كما كانت تراهن السلطة على ذلك في أيام أو أسابيع قليلة وقد ساعد على ذلك وجود قيادات مدانية نظمت النشاط وإتخذت لها فضاء للإجتماع بالناس وتعبئتهم مثل هذا العامل غائب تماما في سيدي بوزيد فالحركة هناك حركة عفوية خالصة وبرغم تكون لجنة المواطنة والدفاع عن ضحايا التهميش بسيدي بوزيد   إلا أنها  لم تمثل وإلى اليوم عاملا مساعدا على تجاوز واقع العفوية الذي عليه التحركات ولم تقدر على تنظيم اي تحرك أو مبادرة يمكن أن تساهم جديا في تنظيم الإحتجاجات ومركزتها ولم تفرض نفسها على الميدان كإطار يفرض على السلطة التحاور معه. وإلى حد ما يمكن القول أن مبادرات الشباب على المواجهة والتحرك في الأحياء ومحاولة تنظيم أنفسهم في وجه قوات القمع التي تطاردهم وتحاصر المدينة هي المحاولة الجدية والأصيلة إلى حدّ الأن  كشكل من أشكال التنظم الذاتي في وجه آلة القمع البوليسية برغم محدوديتها إلى حد الآن.
لجنة لجنة المواطنة والدفاع عن ضحايا التهميش بسيدي بوزيد ولئن راهنت على شعار إستقلاليتها عن البروقراطية النقابية الجهوية هذه الشريحة من الفاسدين والمشاركين والتي سارعت ومنذ اليوم الأول لإحتواء التحركات وتهميشها وطرحت نفسها كممثلة للمجتجين إلا أنها منيت بالفشل لأن المحتجين سارعوا وأعلنوا عم إعتراف بثميل هذه اللجنة لهم وعن الأحزاب الكرتونية صنيعة السلطة وهذا مهم جدا فإنها لم تنجح في تحدد أولوياتها بإعتبارها ليست لحنة تفاوض في الأساس بل بإعتبارها لحنة لقيادة التحركات وتنظيمها ومحورة مطالب المحتجين. غياب هذا الوعي هو الذي حكم على هذه اللجنة أن تبقى تراوح مكانها ولا تقدر على التأثير في الأحداث وتصعيد التحركات.
 إن غياب مثل هذا التصور كمهمة رئيسية من مهماتها وإن لم يقع تجاوزه سيساهم في تراجع التحركات وتلاشيها بمرور الأيام خصوصا وأن المساندة المطلوبة من الحركة السياسية الديمقراطية ومن الحركة النقابية ومن المنضمات الحقوقية والإنسانية هي إلى حدّ مساندة مازالت محدودة ولم تتجاوز واقع إصدار بيان أو موقف في وسائل الإعلام ولم ترتق إلى مساندة فاعلية تعبوية لها جدوى ويمكن أن تأثر.
إن المطروح اليوم ولتجذير الإحتجاجات في مدينة سيدي بوزيد أن تأخذ لجنة المواطنة والدفاع عن ضحايا التهميش بسيدي بوزيد  على عاتقها هذه المهمة ولن يكون ذلك ممكنات إلا إذا إرتقت إلى دور الهيئة المنظمة والممركزة والقائدة للتحركات وتطور موقف الحركة السياسية والحركة النقابية ومنضمات حقوق الإنسان والمنضمات الإنسانية من موقف المتفرج والمندد إلى موقف المعبئ بالمساندة الميدانية.
لا لقمع المواطنين المحتجين في سيدي بوزيد على السياسات التي أثبتت فشلها.
لا لقمع الشباب المعطلين فالشغل إستحقاق والعمل حق من حقوقهم ولابد من الدفاع عن هذا الحق بكل الوسائل.
تسقط سياسات القمع والتهميش والإستغلال.
من أجل فرض الحق في التظاهر والتعبير. ــــــــــــــــــ بشير الحامدي 22 ديسمبر 2010 ــــــــــــــــــ أنظر الروابط التالية حول الإحتجاجات في سيدي بوزيد 1 ـ http://www.facebook.com/video/video.php?v=1602918226603&comments&ref=mf 2 ـ http://www.facebook.com/video/video.php?v=1786251459068&oid=137969316260836&comments&ref=mf 3 ـ http://www.facebook.com/video/video.php?v=1606199868642&comments&ref=mf

 


التعاطي الإعلامي مع حادثة سيدي بوزيد


اعتبر السيد رفيق بلحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية حادثة سيدي بوزيد حادثة عادية وعبرعن الأسف لما جرى لمواطن تونسي. مشيرا الى أن بلاغا صادرا عن مصدر رسمي قدم كل المعطيات حول الحادثة لكن الاستغراب ممن يحاول أن يركب على الحادث ويعطي تأويلات ويشكك في مسيرة التنمية في سيدي بوزيد وفي مختلف مناطق الجمهورية.

وذكر الوزير أن القضية بدأت بمشكل عادي يتمثل في محاولة أحد شباب المنطقة إحراق نفسه لأسباب فردية ترتيبية خاصة بعمل بلدي لكن أطراف معروفة ركبت الحادث وحاولت أن تشكك في خياراتنا وتوجهاتنا.
وقال الوزير ان ولاية سيدي بوزيد مثلها مثل كل الولايات أولاها الرئيس بن علي عناية كبرى في كل المجالات وخاصة التنموية. مشيرا أن » التنمية في هذه الجهات أرادها الرئيس بن علي تنمية تقوم على أساس العدل والإنصاف وهو حريص على أن لا تبق أي جهة مستثناة من هذه المسيرة التنموية التي أصبحت مرجعا لعديد المؤسسات والهياكل الخبيرة في التقييم الصحيح » مؤكدا أن مسيرة تونس تبعث فينا الاعتزاز والفخر.
وكان النائب عادل الشاوش أثار خلال تدخله في النقاش الخاص بمشروع القانون الأساسي المتعلّق بتركيبة المجالس الجهويّة إلى ما حدث في منطقة سيدي بوزيد من أحداث وصفها بالعادية ويمكن أن تحدث في أي منطقة في العالم…لكن عدم متابعة الموضوع إعلاميا جعل بعض القنوات الأجنبية ومواقع الانترنات تستغل الفرصة وتنقل الأحداث حسب وجهة نظرها الخاصة فاسحة المجال للتأويلات والتوظيف.
وأضاف النائب « ما يؤسفنا أن نكرر أخطاء سابقة ونفسح المجال للشائعات والصيد في الماء العكر وأن المشكلة ليس في وجود المشكل بل في كيفية التعاطي معه ولا يمكن حل القضايا إلا في إطار الشفافية..فلكل دولة مكتسباتها ومشاكلها ».
وقد اجاب النائب سعيد لسود على ذلك في تدخله مشيرا إلى أن الإعلام التونسي إعلام حر والمسار التعددي في تونس ثابت وديمقراطي وحادث سيدي بوزيد هو حادث عادي ومعزول لكن القنوات التي تناولت الموضوع بكثير من المبالغة أهدافها وأغراضها معروفة ولا مجال لفسح المجال إلى أي كان للمس من مكتسباتنا وتوجهاتنا وخياراتنا التي كرست للديمقراطية والتعددية.
كما أكد النائب صالح الطبربي أن الحادث عرضي ومعزول صدرت بشأنه توضيحات رسمية لكن بعض الأطراف استغلته وأولته وشكلته كما ترغب هي في ذلك لأسباب معروفة.
سفيان (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ديسمبر 2010)

 

سيدي بوزيد في البرلمان: قد أسمعت لو ناديت حيّا.. لكن لا حياة لمن تنادي؟

بعد كل مداولات برلمانية يتعرض عدد من المواطنين لأعضاء برلماننا التعددي الموقر بالنقد الذي يبلغ أحيانا درجة التندر والسخرية. ووصل الأمر بالبعض حدّ الترحم على أيام برلمان اللون الواحد والحزب الاشتراكي الدستوري الواحد عندما كان للكلام وزن ومعنى.. لكن خلافا لمن يردده البعض بأنك في برلماننا « تسمع جعجعة ولا ترى طحينا »، أؤكد بأن « الطحين » موجود وبكميات وفيرة تفيض عن حاجاتنا الوطنية، حتى لو ثبت أن باخرة القمح الذي استوردته بلادنا تبخرت في الطريق مثلما تؤكده مصادر سويسرية؟ فهاهي ذي سيدي بوزيد بعد خمسة أيام من اشتعال أحداثها يحط رحالها في رحاب قصر باردو العامر، بعد أن كدنا نشك بأنها « محافظة » في دولة قطر وليست ولاية تونسية وجزءا لا يتجزأ من تراب تونس الغالي. وذلك بمناسبة مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتركيبة المجالس الجهويّة. حيث أكد السيد وزير الداخلية والتنمية المحلية في كلمته لأعضاء مجلس النواب بأن  » القضية بدأت بمشكل عادي يتمثل في محاولة أحد شباب المنطقة إحراق نفسه لأسباب فردية ترتيبية خاصة بعمل بلدي، لكن أطراف معروفة ركبت الحادث وحاولت أن تشكك في خياراتنا وتوجهاتنا ».. وإذا كان النائب عن حركة التجديد عادل الشاوش قد تعرض للتعميم الغبي على الأحداث قائلا: « ما يؤسفنا أن نكرر أخطاء سابقة ونفسح المجال للشائعات والصيد في الماء العكر وأن المشكلة ليس في وجود المشكل بل في كيفية التعاطي معه ولا يمكن حل القضايا إلا في إطار الشفافية. فلكل دولة مكتسباتها ومشاكلها ». فقد تدخل النائبان التجمعيّان سعيد الأسود وصالح الطبربي بكل حزم وحسم وروح وطنية عالية ليعيدا النقاش « الوردي » إلى مساره، مؤكدين بأن: « الإعلام التونسي إعلام حر والمسار التعددي في تونس ثابت وديمقراطي وحادث سيدي بوزيد هو حادث عادي ومعزول لكن القنوات التي تناولت الموضوع بكثير من المبالغة أهدافها وأغراضها معروفة ولا مجال لفسح المجال إلى أي كان للمس من مكتسباتنا وتوجهاتنا وخياراتنا التي كرست للديمقراطية والتعددية… وبأن الحادث عرضي ومعزول صدرت بشأنه توضيحات رسمية لكن بعض الأطراف استغلته وأولته وشكلته كما ترغب هي في ذلك لأسباب معروفة ». ويدخل قيام نائبي الشعب الكريمان بتكرار موقف الحكومة في باب الإفادة من خلال الإعادة، وتأكيدا بأن الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لا يمنع ارتباطهما بوشائج المحبة والتماهي؟ في واد آخر مختلف تماما وبعيدا عن الخطب الوطنية الرنانة الملقاة من أعلى المنابر الوثيرة، واصلت الحشود الغاضبة التي رأيناها في سيدي بوزيد والمكناسي وسيدي على بن عون والرقاب مسيراتها الاحتجاجية المطالبة بالكرامة والحق في التنمية. تلك الوجوه الكالحة الشاحبة التي أجج الشقاء ولفح الشمس سمرتها ليست تونسية، إذا صدّقنا الخطاب الرسمي؟ أو قد تكون مجرد أشباح لا وجود لها في الحقائق التي أوردها البلاغ العبقري للمصدر الرسمي. قد تكون لفارين من جحيم الديمقراطية في ساحل العاج، أو لعلها لمرتزقة ليبيريين أو أنغوليين تائهين من أولئك الذين استقدمهم الرئيس العاجي المتخلي الرافض تسليم الحكم لوران غباغبو لدعم سلطته بقوة السلاح بعد أن خسرها عبر صناديق الإقتراع، ووظفتهم الجهات المناوئة التي تحدث عنها السيد وزير الداخلية؟  بعض المتابعين لاحظوا غياب « المناضلين التجمعيين » في سيدي بوزيد عن ساحة الأحداث؟ وليس في ذلك أيّ عجب.. فكما أسلف القول فالأمر لا يتعلق بزردة أو غنيمة سهلة، بل بحادثة شخصية بسيطة ومعزولة لا تتطلب تدخلهم ونزولهم بثقلهم للميدان. ثم لعلهم الآن بصدد الإعداد وتحيّن الفرصة المناسبة للخروج في مظاهرة ضخمة للتمجيد وتجديد البيعة والولاء والمناشدة، والتهليل لإنجازاتنا المعجزة التي أشادت بها منظمات دولية كانت سياساتها وراء تفقير العالم وتجويعه؟ في كل هذا الخضم يبقى سؤال مركزي دون جواب: ماذا لو وجد الشاب محمد البوعزيزي من يصغي إليه ونحن نعيش على وقع السنة الدولية للشباب؟؟؟ فهذا الشاب الجامعي الذي يعاني البطالة منذ سنوات وألجأته الفاقة لبيع الخضر، لا أظنه يجادل بأن أعوان التراتيب البلدية تصرفوا معه في حدود القانون عندما طالبوه برخصة الانتصاب. وعند تحوله إلى مقر الولاية قد لا يكون ذلك أساسا للتشكي منهم، بل بحثا عمّن يمكنه أن يستمع إلى شكواه. لو أن الوالي أو أحد المعتمدين استقبله وهدّأ من روعه ووعده خيرا مع تسهيل حصوله على رخصة انتصاب مؤقتة لحين تسوية وضعيته، فهل كان سيحصل ما حصل ويتطور الوضع المأسوي أصلا، إلى ما آل إليه؟ لكن هل مثل هؤلاء مؤهلون لمثل ما انتدبوا له؟ أدعو من كل قلبي لهذا البلد الأمين أن يظل آمنا لأهله الطيبين، وسالما من كل الشرور..  
زياد الهاني ملاحظة: بين أيديكم النسخة المئة من مدونة « صحفي تونسي »، بعد أن قام الرقيب الالكتروني بحجب النسخة التاسعة والتسعين السابقة، بصورة غير قانونية في تونس إثر نشر تدوينة بعنوان الحزب الديمقراطي التقدمي – بـيــــــــــــــــــــــــــــان: زهير مخلوف يتعرض إلى اعتداء خطير  


صمتكم أفضل من كلامكم


لازمت السلطة السياسية في تونس ومجمل وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة الصمت حيال الاحتجاجات الاجتماعية بمنطقة سيدي بوزيد ضمن مسعى يثير الضحك والشفقة على القائمين عليه، فعالم اليوم لم يعد يحتمل بالمرة التكتم على الخبر ورواجه مهما كان بسيطا.

وأمام استمرار الاحتجاجات وخصوصا تصدّرها النشرات الإخبارية لإذاعات وتلفزات أجنبية (الجزيرة – فرنسا 24 – روسيا اليوم…) وجد النظام نفسه كعادته مكرها على إعطاء موقف حيال ما يدور.
ومثل كل مرّة يصدر بيان مقتضب من مصدر رسمي تذيعه وكالة (وات) ويتم قراءته في النشرات الإخبارية وتتولى نشره كل الصّحف الصّفراء ويتمّ إغلاق ملف التعاطي السياسي والإعلامي في الوقت الذي يستمر فيه على أرض الواقع تشغيل الماكينة القمعية للتنكيل بالأحرار والاقتصاص من جرأتهم على منازلة عصا البطش. والحقيقة إن مثل هذه البلاغات بلغتها الخشبية ومضامينها المهزوزة، أضحت مثار تندّر وحتى قرف من قبل فئات واسعة من أبناء الشعب التونسي. وعودة للبلاغ المذكور فالمفارقة تبدأ منذ الوهلة الأولى، فالمصدر الرسمي مجهول، فهل هو شخص يتقلد منصبا رفيعا؟ أم هو تعليق حكومي؟ أم هو تابع لوكالة الاتصال الخارجي؟ أم هو بلاغ لوزارة الداخلية؟
والأهمّ من ذلك المغالطات الكثيرة بما ورد. فالمصدر الذي يزعم أنه « يأسف لهذه الحادثة المؤلمة » يستكثر على الضحية مجرّد ذكر اسمه وهو استمرار في احتقار الذات البشرية والتعتيم أيضا، ويتّضح الأمر جليا عندما يقع التغاضي عن تقديم صفة الهالك، الذي زيادة عن كونه شابا (محمد البوعزيزي) فهو حامل لشهادة عليا « في الإعلامية » واضطرّته أوضاع البطالة للعمل كبائع متجول للغلال والخضر.
بطبيعة الحال مجرد هذه البيانات وحدها تدين، نظام الحكم لذلك تم القفز عليها والمرور إلى معزوفة احترام القانون، وفي مسألة الحال لا نعلم الحدود المنظّمة لانتصاب الباعة المتجولين والأخطر من ذلك لم يتطرّق المصدر الرسمي المجهول لا إلى سوء المعاملة الذي تعرض له الشاب من قبل عنصر من أعوان تراتيب البلدية ولا منعه بصفة فجّة من مجرد التشكّي للمسؤول الأول عن الجهة وهو ما مثّل السبب المباشر لإقدام « محمد » على حرق نفسه في وضح النهار وأمام مقر سيادة؟ وبعدها يجد « المصدر » جرأة المفاخرة بتقديم الإسعافات الأولية ونقل المصاب إلى « بن عروس » دون أن يفنّد صراحة الإشاعات المتزايدة حول وفاة المتضرر وهو غموض يطرح أكثر من سؤال حول حياة الشاب.
لم تقف المغالطات عند هذه الحدود وإنما طالت لا فقط مجمل الحركة الاحتجاجية المتصاعدة بكل الجهة وإنما كل مناصريها في الداخل والخارج من خلال الادّعاء « نستغرب محاولات بعض الأطراف الانحراف بهذه الحادثة الشخصية المعزولة عن سياقها الحقيقي واستغلالها لأغراض سياسية غير شريفة… ». فادّعاء مثل هذا لا يمكن فهمه إلا في علاقة بما دأب عليه نظام الحكم والذي يمكن حوصلته فيما يلي:  تزوير الواقع والوقائع ضمن منطق ديماغوجي.  التفصّي من المسؤولية التي تعود بالأساس إلى مثال التنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي يفاخرون به.  تعبيد الطريق أمام إقحام قوى وشخصيات سياسية وحقوقية وإعلامية لتصفية الحساب معها. عمار عمروسية (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 22 ديسمبر 2010)  


طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET

أحـــداث سيـــدي بوزيـــد : فــي مسألـــــة التوظيــــف السياســـي


 بعد إقدام الشابّ محمد البوعزيزي يوم الجمعة 17 ديسمبر على سكب البنزين على جسده ممّا تسبّب له في حروق بليغة من الدرجة الثالثة اندلعت مظاهرات شعبية في سيدي بوزيد شارك فيها آلاف المواطنين من مختلف الفئات العمرية و رفعوا خلالها عدّة شعارات من بينها  » التشغيل إستحقاق …. يا عصابة السرّاق  » ( وهي رسالة واضحة لمن يهمّهم الأمر ) سارعت وسائل الإعلام الرسمية و من يدور في فلكها إلى تقزيم الأحداث معتبرة أن ما قام به الشاب محمـــــــد البوعزيـــــــــــزي حدث عارض قامت أطراف سياسية و حقوقية بتضخيمه و توظيفه لغايات سياسية فهل نسي هؤلاء في خضمّ الحدث المؤسف و المؤلم أنه لم يكن الأوّل و لن يكون الأخير ما دامت أسباب وقوعه لا زالت قائمة في سيدي بوزيد و قفصة و سليانة و القيروان و القصرين و غيرها من جهات و مناطق البلاد …. ثم ألم تسبق حادثة سيدي بوزيد حادثة إقدام الشاب عبد السلام تريمش في السنة الفارطة في مدينة   المنستير و بطريقة مشابهة – بسكب البنزين على نفسه مما أدّى إلى وفاته كما سبقتها و تلتها أحداث أخرى مشابهة …. ألا يعني تكرار الحادثة و بذلك الشكل أن هناك مشكلة بل أزمة قائمة في صفوف الشباب العاطل عن العمل يتمّ باستمرار تجاهلها و التعمية عليها ….  ألم يطلق الأخصّائيون الإقتصاديون و الإجتماعيون صيحة فزع منبّهين إلى خطورة مشكلة البطالة و تفاقمها خاصّة في صفوف خرّيجي التعليم العالي و أن ذلك ستكون له إنعكاسات إجتماعية بالغة الخطورة قد تؤدّي إلى كوارث … ألم يلجأ بعض الشباب إلى الإلقاء بنفسه في البحر هروبا من الواقع المرّ الذي يعيشه و آملا في أن يصل إلى الضفة المقابلة عساه يستردّ بعضا من كرامته المهدورة في بلده و يحظى بالتالي ببعض الإعتبار الإجتماعي ….. ألم يلجأ بعض الشباب الآخر إلى الإنغماس في عالم المخدّرات أو ولوج عالم الدعارة من بابه الواسع علّه يجد فيه بعضا من المسكّنات لآلامه و همومه التي لا تكاد تنتهي و الهروب إلى عالم اللذّة و الكسب المادّي المهين لكرامته و شرفه …. ألم يختر بعض الشباب العيش في العالم الإفتراضي و لساعات طويلة يوميا حتى ينسى أنه يعيش في بلد إسمه تونس و كأنه بذلك يريد نفي إنتماءه له لأنه لم يجد فيه ما يحقّق طموحاته و آماله …. هل أنّ ذكر الحقائق و التنبيه إلى خطورة المشاكل القائمة و المتفاقمة و ضرورة معالجتها يدخل في باب التوظيف السياسي أم في باب حبّ الوطن و رفض الظلم المسلّط على أبنائه و خاصة الشباب و السعي إلى فتح السبل أمامه حتى لا يكون فريسة للإحباط و اليأس …. هل أن إصدار البيانات المندّدة بما حصل في سيدي بوزيد من إعتداءات على المواطنين و اقتحامات ليلية للمنازل و الدعوة إلى الإحتجاج بطريقة سلمية أمام السفارات التونسية في الخارج و غيرها من التحرّكات هو من باب التوظيف السياسي أم من باب الحق في التعبير بشكل سلمي مثلما تقوم به كافة شعوب العالم في مختلف القارّات ….  هل يقابل الإحتجاج و التعبير السلمي بالقمع و الضرب و الإعتقالات و الإهانات و المحاكمات …. ألا ينمّ تصرّف السلط الجهوية و المحلية في سيدي بوزيد و مثيلاتها في كامل أنحاء البلاد عن إحتقار للمواطن و بخاصة الشباب منه و عدم مراعاة لظروفه الإجتماعية و النفسية ممّا دفعه إلى  » التهديد  » بإحراق نفسه كآخر وسيلة يلتجئ إليها لتحقيق مطالبه ….. كفى امتهانا لكرامة المواطن و استعلاء عليه فالوطن وطن الجميع و خيراته ليست حكرا على البعض دون الآخر  وهو ليس مزرعة خاصّة يستغلّها البعض كيفما يشاء…. كفى استبلاها للعقول فوسائط الإتصال لم تعد تسمح بذلك و ثورة الإتصالات ستشهد تطورات كبيرة في المستقبل القريب و لن يستطيع أي استبداد أو رقابة أو تعتيم الوقوف أمامها …. كفى احتقارا للمواطن و نكرانا لحقوقه المشروعة في الشغل و في حرية التعبير فمتـــــى استعبدتــــم النـــــاس و قـد ولدتهــــم أمّهاتهـــــم أحـــــــرارا …. لطفي العربي – كلية الآداب بمنّوبة آخر تحديث : الساعة 19 و 10 د –  الثلاثاء 21 ديسمبر 2010 طلبـــــة تونـــــس  

 

عريضة مساندة للتحركات الإحتجاجية بولاية سيدي بوزيد

الحزب الديمقراطي التقدمي    جامعة بنزرت 40  نهج بلجيكا عريضة


نحن الممضين أسفله والمجتمعون بمقر جامعة بنزرت للحزب الديمقراطي التقدمي تحت تواجد بوليسي كثيف لمساندة التحركات الإحتجاجية لأهلنا في سيدي بوزيد على إثر إقدام الشاب محمد البوعزيزي على إحراق نفسه أمام مقر الولاية نتيجة يأسه وانغلاق السبل امامه بعد أن تجاهلته السلط المحلية نطالب بــ : – إطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة دون قيد أو شرط وإيقاف كل التتبعات الأمنية ضدهم. –         رفع الحصار البوليسي المضروب على ولاية سيدي بوزيد ومعتمدياتها. –         الكف عن المعالجات الأمنية للأزمات الإجتماعية –         رفع الحصار عن الإعلام وإطلاق الحريات واحترام حق المواطن في التعبير –         التخلي عن الخيارات والتوجهات السياسية والإقتصادية المعادية للمواطنة –         تشريك كل الأطراف والفاعلين السياسيين والإجتماعيين في الخيارات السياسية والإقتصادية. الإمضاءات : –         لمياء الدريدي –   الحزب الديموقراطي التقدمي – جامعة بنزرت –         سعاد القوسامي – الحزب الديموقراطي التقدمي – جامعة بنزرت –         يلسين البجاوي – الحزب الديموقراطي التقدمي – جامعة بنزرت –         خالد بوجمعة – الحزب الديموقراطي التقدمي – جامعة بنزرت –         عادل الفلاح – الحزب الديموقراطي التقدمي – جامعة بنزرت –         محمد الحبيب حمدي – الحزب الديموقراطي التقدمي – جامعة بنزرت –         خالد بوحاجب – الحزب الديموقراطي التقدمي – جامعة بنزرت –         الياس منصر – الحزب الديموقراطي التقدمي – جامعة بنزرت –         علي بن سالم – رئيس فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان –         محمد الصالح النهدي – رئيس فرع  ماطر للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان –         عبد الجبار المداحي – الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع بنزرت –         محمد الهادي بن سعيد – الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع بنزرت –         علي الوسلاتي – الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع بنزرت –         سامية ساسي – نقابية –         لطيفة شعبان – أستاذة –         علي النفاتي – ناشط حقوقي –         رفيق بن قارة – ناشط حقوقي –         محمد زياد بن سعيد – منظمة حرية وإنصاف –         محمد الزار – حركة الديمقراطيين الإشتراكيين –         الطاهر العبيدي – أستاذ متقاعد –         البشير الحشاني – ناشط حقوقي –         طارق السوسي – الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين –         فوزي الصدقاوي – الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين –         شكري رجب – ناشط حقوقي –         الحبيب الحرزي – أستاذ متقاعد –         جابر القفصي – أستاذ جامعي –         أنيس الكوكي – معطل عن العمل –         سامي الرايس – ناشط سياسي –         أحمد الذوادي – طالب –         محمد إلاهي – نقابي –         رحاب بوجمعة – طالبة –         يوسف أوعاضور- ناشط سياسي –         محمد علي بن عيسى – ناشط حقوقي –         بشير الجميلي – ناشط سياسي –         رضا المقراني – ناشط حقوقي –         أحمد موحة –  


تـــــــونــــــــس سيدي بوزيد : شاب يحرق نفسه احتجاجا على الظلم بعد قفصة و بن قردان، سيدي بوزيد تـنـتفض من أجل العدالة و الكرامة


إثر الحادثة المؤلمة التي تعرض لها المواطن الشاب محمد البوعزيزي والذي أقدم على إضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجا على قطع رزقه، و ما تلاها من مواجهات عنيفة و تحركات شجاعة و مسؤولة كان أبطالها أهالي المنطقة، تعلن الأطراف الممضية أسفله عن تشكيل « لجنة التضامن مع نضالات أهالي سيدي بوزيد » و التي أخذت على عاتقها:
1-   الوقوف إلى جانب مواطني المنطقة مواطني المنطقة في مطالبهم الاجتماعية و التنموية 2-   المطالبة بإطلاق سراح فوري للمعتقلين ووقف التتبعات في حقهم 3-   رفع الحصار الأمني عن الولاية  
و كأول تحرك ميداني، تدعو لجنة التضامن مع نضالات أهالي سيدي بوزيد الجميع إلى تجمع أمام مترو كورون و ذلك يوم الخميس 23 ديسمبر 2010 على الساعة 18. يحيا نضال أهالي و شباب سيدي بوزيد
لا للقمع و الحلول الأَمنيّة نعم لرفع الحصار عن سيدي بوزيد و إطلاق سراح معتقليها   باريس في 21 ديسمبر 2010  الممضون الأوائل : -الفدرالية التونسية لمواطني الضفتين
-لجنة احترام الحريات و حقوق الإنسان في تونس
-منظمة صوت حر
-جمعية التضامن التونسي
-لجنة مساندة حركة الحوض المنجمي
-جمعية التونسيين بفرنسا
-جمعية التونسيين بفرنسا- باريس
-نجمة شمال إفريقيا
-الحزب الديمقراطي التقدمي – حركة النهضة
– حزب العمال الشيوعي التونسي
-حركة التجديد – فرنسا
-المؤتمر من أجل الجمهورية
-التيار القومي التقدمي
– الاتحاد من أجل بديلاجتماعي وبيئي  اجتماع يوم الثلاثاء 28  ديسمبر  18,30 FTCR 3  rue de Nantes 75019 Paris + 33 9 51 17 88 79 Ftcr.@ftcr.eu  


بلاغ صحفي  

عقد المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي اجتماعه الدوري يوم الاثنين 20 ديسمبر 2010 بالعاصمة بإشراف الأمينة العامة الأخت مية الجريبي، واستعرض الأوضاع السياسية العامة في البلاد وخطة الحزب للمرحلة السياسية المقبلة.

وعبر أعضاء المكتب السياسي في بداية الأشغال عن تضامنهم الكامل مع أهالي سيدي بوزيد على إثر الأحداث الأليمة التي جدت في أعقاب إقدام الشاب محمد بوعزيزي على إضرام النار في جسمه، وحملوا الحكومة المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع هناك وانتشار المظاهرات في المكناسي والرقاب وغيرهما من معتمديات الولاية. وأكدوا أن إمعانها في اعتماد الحلول الأمنية زاد الوضع تفاقما وتفجرا، بدل مواجهة الموقف بحلول سياسية واجتماعية انطلاقا من أن هذه الهبة الشعبية جاءت تعبيرا عما يعانيه الشباب من اضطهاد على أيدي قوات الأمن ومن شعور بالغبن والحيف الاجتماعي، وشكلت علامة واضحة على الاحتقان الذي يتغذى من استشراء الفساد واستغلال النفوذ وانسداد أفق التشغيل في كافة مناطق البلاد.
وذكر المكتب السياسي بأن هذه الدوافع هي ذاتها التي كانت منطلقا لانتفاضة الحوض المنجمي عام 2008، وانتفاضة أهالي بنقردان والصخيرة وقصر قفصة في هذا العام، ووراء غيرها من التحركات الاحتجاجية التي جرت بمدن الشابة وجبنيانة وبوسالم وجندوبة. وطالب الحكومة بالإفراج عن جميع الموقوفين في الأحداث الأخيرة ورفع الطوق الأمني عن ولاية سيدي بوزيد وفتح حوار جدي مع الأهالي يهدف لإيجاد حلول للمشاكل الخصوصية للمنطقة. كما طالب المكتب السياسي السلطة بوضع حد لسياسة الهروب إلى الأمام ووضع الملفات الاجتماعية الملتهبة، وخاصة منها بطالة حاملي الشهادات والتوازن الجهوي، على بساط الحوار وطنيا وجهويا، مع إشراك الأحزاب وجميع الكفاءات في إيجاد حلول لهذه المعضلات التي تُهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي للبلاد في المستقبل. وقرر في هذا السياق تكوين خلية لمتابعة المستجدات عن كثب واتخاذ القرارات والمبادرات التي يقتضيها تطور الأوضاع. كما دعا هياكل الحزب إلى إيلاء هذه القضية ما تستحق من أولوية واتخاذ مبادرات جهوية للتعبئة والتعبير عن المؤازرة لمطالب أهالي سيدي بوزيد المشروعة. وقرر أيضا عقد ندوة وطنية حول التنمية المتوازنة في الفترة المقبلة.
وتوقف المكتب السياسي عند جمود الحراك السياسي في البلاد بفعل تمادي الحكم في الإنغلاق ورفضه الإستجابة لدعوات الحزب المتكررة لإطلاق مسار الإصلاح والحوار، ونبه من مخاطر الإمعان في هذا النهج خاصة بعد الإعلان عن تكوين هيأة للحوار السياسي تقتصر على الأحزاب الإدارية، بدل وضع آليات حقيقية للحوار والإصلاح السياسي. وأكد المكتب في هذا الإطار على أحقية الشعب التونسي بحياة سياسية متقدمة، بدلا من الديكور التعددي الذي أثبت عقمه وفقدانه لأي مصداقية في الداخل والخارج. وتعهد الحزب بالمثابرة على نهجه النضالي من أجل أن تعم الحريات وتسود دولة القانون والمؤسسات وتتكرس الديمقراطية في ربوع بلادنا. وناقش المكتب السياسي في هذا السياق خطة عمل الحزب للفترة القادمة، ومحورها المضي في الحملة الوطنية من أجل الإصلاح والتغيير، بما يساهم في التصدي لمحاولات دفع البلاد إلى منزلق الرئاسة مدى الحياة وقرر المساهمة في تشكيل لجان الدفاع عن الجمهورية في مختلف الجهات. تونس في 22 ديسمبر 2010 الأمين العام المساعد رشيد خشانة  


المنستير: استدعاءات أمنية لمساجين سياسيّين سابقين


حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 21. ديسمبر 2010 علمنا أن فرقة الإرشاد السياسي بالمنستير قد استدعت المساجين السياسيين السابقين للتيار الإسلامي وشرعت في تجديد بطاقات الإرشاد الخاصة بهم. وقد تركزت الأسئلة خصوصا حول وضعياتهم الاجتماعية، فيما يعتقد أنه من تداعيات الأزمة الاجتماعية التي انطلقت شراراتها في سيدي بوزيد. وقد عبر لنا عدد من المساجين السابقين للنهضة عن تذمرهم من هذه الاستدعاءات المتكررة معتبرين أن السلطة ما زالت تستهدف حرياتهم وتستمر في إرهابهم من حين لأخر مما يجعلهم يحسون بفقدان مواطنتهم. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 21 ديسمبر 2010)
 


لا تقولوا: إنّ فرعون قدر


إلى أبطال سيدي بوزيد وكلّ الأحرار والشّرفاء: لا تقولوا إنّ فرعون قدر إلى كلّ الأحرار والشرفاء والثّائرين على الظّلم والإضطهاد والتّمييز والجهوية … إلى كلّ من يشكّك في قدرات شعبنا ويظنّ به الظّنون … أهدي هذه الكلمات المتلاطمة كما باح بها الوجدان:   لا تقولوا: إنّ فرعون قدر. إنّما الشّعب القدر   لا تقولوا: شعبنا ما عاد حر هدّه الظّلم كُسر شعبنا مات وبالليل قبر لا تقولوا: شعبنا يحيا كما يحيا البقر يُحلب طوعا وكرها متى ما شاء الزّعيم المقتدر ويُساق في الصّباح للضِّياع والضَّياع وإذا جاء المساء لإسطبل حشر لا تقولوا: شعبنا ضاع، اندثر رضي الدُّون قهر لم يعد له في الأسماع ركز أو خبر لا تقولوا: شعبنا فرّط في أذانه يسحل من آذانه لا يبالي… ألجنّات الخلود أم سقر! لا تقولوا: دمنا المسفوك قد ضاع هَدر عرضنا المهتوك في السّاح نُحر لا تقولوا: سنّة الله وأمر قد قُدر ذا قضاء وقدر دانت الخضراء للباغي الأشِرْ.   كبُرَ قولا تقولوا، إنّها إحدى الكُبر.   ربّما … انتشى الوغد بدمّي و سكر وبأوجاعي وهمّي قد سخر لم يعد يرقب في شعبنا إلاّ ولا يخشى نُذُر غير أنّ … ليس فرعون قدر. إنّما الشّعب القدر.   فلتعوا … رغم أنّ الجرح نار تستعر، رغم أنّ سنوات الجمر دهر مستمر، رغم ما مسّنا من قرح وأحزان وضُرّ، عرضنا الشّاهد لا يُخفي الخبر لحمنا غالٍ و مسموم ومر صبرنا التّرياق في دهر عسر ربـّنا قال : « …ارتقبهم واصطبر » نهجنا كرّ وفرّ دمنا طوفان نوح متى ما يأذن ربّ مقتدر يجرف الظّلم فلا يبقي له أُسّا ولا يبقي أثر اسألوا التّاريخ اسألوا الزّلاّج والخبز وقفصة وبوزيد ورأس جدير يأتيك الخبر: شعبنا قال بملإ فيه: »لا… « لست عبدا … أنا حر » هبّ كالقسورة كالإعصار في أعتى الصوّر كسر القيد و كر دفع المخرز بالكفّ، انتصر قاوم الباغي وألقمْه حجر.   قسما … ما دام فينا رمق ما دام في العين بصر ما دام في القلب يقين راسخ ما دعا داع فأخفى وجهر: « أنّي مغلوب إلاهي فانتصر » بلدي حرّ وحر ليس للظّالم فيه مستقر.   العربي القاسمي / نوشاتيل سويسرا في جويلية / ديسمبر2010  

الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 15 محرم 1432 الموافق ل 22 ديسمبر 2010

لا للكيل بمكيالين في مصيبة الموت دخول عزالدين القفصي إلى تونس حق من حقوق المواطنة لم يتمتع به في حياته، فلماذا نحرمه منه بعد مماته؟


أفادنا المحامي الأستاذ عماد العبدلي أن اللاجئ السياسي عزالدين القفصي قد توفي يوم الأحد 19 ديسمبر 2010 بمدينة جنيف السويسرية، وهو لاجئ سياسي منذ سنة 1963 بعد خروجه من تونس على إثر مشاركته مع مجموعة الأزهر الشرايطي في محاولة الإطاحة بنظام الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، ويرقد جثمانه حاليا في ثلاجة المسجد الكبير بجنيف بانتظار ترحيله لتونس حيث تمانع السلطات التونسية السماح لأهله بدفنه في تونس التي فارقها هربا، وتماطل السفارة التونسية بإعطاء الإذن بدخول الفقيد إلى ارض تونس وتدعي أنها لم تتلق التعليمات بعد، علما بان وزارة الخارجية تتعهد دائما  بمصاريف نقل الجثامين للمهاجرين التونسيين. وحرية وإنصاف: 1)    تتقدم بأحر التعازي لعائلة الفقيد وتدين بشدة مماطلة السلطات المختصة في الإذن بدخول جثمان الفقيد عزالدين القفصي الذي قضى قرابة نصف قرن بعيدا عن بلده. 2)    تستغرب هذا الموقف المخالف لكل القيم الدينية والإنسانية المجمع عليها حيث يبقى جثمان مواطن تونسي بأحد مساجد مدينة جينيف دون أن تتحرك الإدارات المختصة. 3)    تعتبر أن من أبسط حقوق المواطنة أن يدفن التونسي في بلده وتستنكر هذا الحقد الدفين الذي تجاوز كل الأعراف الإنسانية حيث يبقى صاحب الرأي المخالف حتى بعد وفاته مطاردا ومطلوبا.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 15 محرم 1432 الموافق ل 22 ديسمبر 2010

نورالدين المسلماني وحسن الخليفي ضحايا لسياسة التجويع


أوقف أعوان البوليس السياسي على الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الخميس 25 نوفمبر 2010 بمدينة منوبة الشابين نورالدين المسلماني وحسن الخليفي اللذين كانا على متن شاحنة تحمل كمية من بيض الدجاج بقيمة 350 دينارا هي مورد رزقهما.
وقد قام عناصر البوليس السياسي بمنوبة باحتجاز وثائق الشابين ورخص سياقتهما وأجبروهما على تحويل كمية البيض إلى  »دار المسنين » تنكيلا بهما وتجويعا لهما ولعائلاتيهما لأنهما متهمين سابقين بمقتضى قانون الإرهاب  »اللادستوري ».
وقد بقي السيد نورالدين المسلماني منذ ذلك التاريخ دون عمل ودون وثائق هوية لأن الإدارة الأمنية منعته من استخراج بطاقة التعريف واشترطت عليه حلق لحيته كي يحصل على الوثائق التي تثب مواطنته ولما رضخ لمطلبهم رفضوا أن يستخرجوا له البطاقة. وحرية وإنصاف: 1)    تدين سياسة التشفي والانتقام والتنكيل الممارسة ضد مساجين الرأي السابقين وتطالب بوضع حد لهذه الممارسات المتخلفة والمخالفة للقانون والتي لن تزيد في نفوس هؤلاء الضحايا إلا الحقد والكراهية. 2)    تدعو إلى تمكين السيد نورالدين المسلماني من كل الوثائق اللازمة التي تثبت هويته وتعويضه عن خسائره المادية نتيجة هذا الإيقاف المخالف للقانون كما تدعو السلطة إلى تسهيل اندماج هذه الفئة في المجتمع وتوفير مواطن الرزق القارة حتى يحس الشباب بالاستقرار النفسي والمادي.  
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


سوسة في 22 / 12 /2010
اللجنة الجهوية لمساندة طلبة سوسة بيـــــــــــان


إن اللجنة الجهوية لمساندة طلبة سوسة المجتمعة اليوم 22 /12  /2010  بعد تدارسها لحيثيات وتداعيات محاكمة 19 طالبا فيما عرف بطلبة سوسة حيث انتصبت بمداخل كل الشوارع المؤدية لقصر العدالة فرق رهيبة من البوليس بكل اختصاصاته ،  وأقيمت الحواجز أمام كل المواطنين بدون استثناء فمنعوا حتى من قضاء شؤونهم العادية ، وشلت حركة النقل والتنقل تحت حصار غير مسبوق من فرق البوليس المدني  وبالزي لمنع الطلبة المحاكمين وأهاليهم وأصدقائهم  من الحضور ولم يسلم حتى بعض المحامين من إعتراض سبيلهم  وتعنيفهم .
أما داخل قصر العدالة ،  فقد تم عسكرة المحكمة بالكامل وانتهكت حرمتها وظل القول الفصل للبوليس الذي مارس القمع والمنع والإعتداء على النشطاء من الطلبة والنقابيين والرابطيين والحقوقيين  الذين أصروا بدورهم على الحضور ومتابعة القضية .
أمام هذا الوضع غير المسبوق وفي هذا اليوم الأسود من تاريخ القضاء التونسي في الجهة  تعبر اللجنة الجهوية لمساندة طلبة سوسة عما يلي : 1) تنديدها الشديد بعسكرة فضاء المحكمة وانتهاك حرمتها  وهضم حق الدفاع والمنوبين ومحاصرة الطلبة المحاكمين  وذويهم وأصدقائهم من الوصول إليها . 2)  تنديدها بالعنف والإضطهاد والقمع الذي مورس على الطلبة وكل نشطاء المجتمع المدني  وحقهم في حضور محاكمة علنية  تتوفر فيها الشروط الدنيا للعدالة 3)  تحيي كافة المحامين الذين تطوعوا للدفاع في هذه القضية وتثني على إصرارهم المستميت  من أجل فرض  احترام الشروط الدنيا للمحاكمة العادلة ودفاعهم عن استقلالية القضاء وشجبهم للعنف الذي مارسه البوليس ضد المواطنين. 4)   تحيي كافة الطلبة الذين سجلوا حضورا مناضلا ودفاعا مستميتا على حقهم في الحضور المحاكمة بمعية أهلهم وأصدقائهم  وحق كل مناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس الذين يحاكمون في كل مكان  في النشاط النقابي المستقل من أجل مطالبهم المشروعة في الترسيم والأكل والسكن . 5)   تثمن اللجنة الجهوية الحضور النضالي لكل فعاليات المجتمع المدني  من نقابيين وحقوقيين ونشطاء سياسيين  وتكبر مجهوداتهم في مساندة القضايا الطلابية  وكل قضايا الحرية والديمقراطية عموما ، كما تلتزم اللجنة بمزيد تقديم الدعم والإسناد لهذه القضية العادلة  وتعمل على  الإيفاء بكل تعهداتها في هذا الإتجاه  وتدعو النقابيين والديمقراطيين لمزيد تفعيل عملها  وتطوير آدائها .          عن اللجنة الجهوية لمساندة طلبة سوسة         المنسق : سمير بن ريانة  


 المؤتمر من أجل الجمهورية حتى تتحقق السيادة للشعب والشرعية للدولة والكرامة للمواطن http://www.cprtunisie.net/ 22 ديسمبر 2010 بيــــان

 في إطار مواصلة ما بدأته السلطة من انقلاب على الهيئة الشرعية لجمعية القضاة التونسيين  سنة 2005، انعقد  يوم الأحد 19 ديسمبر 2010 مؤتمر دعي له قضاة الهيئة الشرعية ضحية الانقلاب للتصدي لمظلمة سلطت على زملائهم الذين وقعت نقلتهم تعسفا والحيلولة دون إمكانية ترشحهم  من جديد  عبر تنقيح القانون الأساسي للجمعية وتمّ المؤتمر في ظل محاصرة جهاز البوليس السياسي  ومنع من حاول منهم حضور المؤتمر من الاقتراب من مقر انعقاده . إن المؤتمر من أجل الجمهورية إذ يستنكر هذا الاعتداء الجديد على الحريات وإصرار النظام  القائم على سياسة الهروب إلى الأمام ، فإنه يعلن ما يلي:
– يذكر كل القضاة بواجبهم المقدس في الدفاع عن العدالة وهي الوظيفة التي أوكلها إليهم المجتمع والدفاع عن شرف مهنتهم ودورهم الرئيسي في التصدي لسلطة لا شرعية جعلت من مؤسستهم جهازا يغطي قمعها وفسادها .كما يذكر من تورط من القضاة في جرائم تدليس أو حبس للأشخاص بناء على التعليمات وكذلك الفاسدين منهم بأن في تونس رجال ونساء يعملون على ألا يستمر هذا الوضع المتخلف في وطنهم وأنه يوم يحصل تغيير حقيقي فإنهم لن ينعموا بما غنموه وأن قضاء مستقلا ومحايدا سوف يقايضهم  ويتكفل بإنصاف المجتمع والضحايا الذين مات بعضهم في سجون القهر. – يذكر بموقفه الداعم لكل نفس تحرري يظهر لدى موظفي الدولة يعبرون من خلاله عن تمسكهم بسيادة الدستور وعن روحهم الوطنية العالية التي لا ينبغي الشك في وجودها لدى جزء كبير من أبناء تونس مهما كان موقعهم. – يعلن تمسكه ودعمه لموقف  الحركة الحقوقية والمعارضة الجدية في النضال من اجل توفير الضمانات الحقيقية للقضاة من حيث تركيبة المجلس الأعلى للقضاء وعدم نقلة القضاة دون رضاهم وتحسين وضعهم المادي . – يدعم نظالات قاضيات و قضاة الهيئة الشرعية من أجل الدفاع عن استقلاليتهم  ويلتزم بالعمل على رفع الإجراءات الانتقامية المسلطة  عليهم  كما يوجه عبارات التقدير لهم ولكل قاض قد لا تكون مواقفه معروفة ولكنه يدافع عن سيادة القانون وعن استقلاليته ويعمل بأمانة وشرف. – يلتزم بالعمل مع شركائه على تنظيم تحركات في الخارج للتعريف بالمظالم المسلطة على القضاة  النزهاء وللتنديد بالنظام القائم وبمن يستعملهم من القضاة لضرب خصومه.
عن المؤتمر من أجل الجمهورية د منصف المرزوقي عن موقع  www.cprtunisie.net  


اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل بولاية القيروان 21 ديسمبر 2010

بيان حول الزيادات الأخيرة في الأسعار


بعد الزيادة في أسعار مشتقات الحبوب والحليب والمحروقات والماء والتطهير خلال هذه الصائفة ، أقدمت الحكومة التونسية خلال الأيام الفارطة على زيادات جديدة في سعر المحروقات والهاتف وبعض المواد الأساسية الأخرى ، محملة الطبقة الشغيلة والطبقات الفقيرة تبعات أزمتها الاقتصادية.

وقد قدّر الخبراء الاقتصاديون نسبة الزيادة في الأسعار خلال العشرة أشهر الأولى من سنة 2010 بأكثر من 7 بالمائة، وهي تساوي حوالي مرة ونصف ما كانت عليه خلال نفس الفترة سنة 2009( في حين أن الزيادة في الأجور خلال المفاوضات الأخيرة لم تتجاوز 4.7 بالمائة لمدة ثلاث سنوات). كما يتوقع أن لا يتوقف مسلسل الزيادات خلال الأشهر المقبلة ، وذلك استنادا لقرار الحكومة القاضي بالحد من دعم المواد الاستهلاكية ، ومنها الكهرباء والمحروقات، هذا بالإضافة إلى الزيادة المنتظرة في الخصم لفائدة التقاعد والتخفيض المنتظر في جراية المتقاعد.
إزاء هذا التدهور الكبير في المقدرة الشرائية للشغالين، لم ينشط  المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل إلا في تحريك لجان النظام لمعاقبة العديد من النقابيين الذين يبدون رأيا مخالفا  و مضايقتهم وتجميد نشاطهم ، أو للتحضير للمجلس الوطني الذي يراد له أن يكون مدخلا لتغيير قوانين الاتحاد ، وخاصة الفصل العاشر من القانون الأساسي،  حتى يتسنى لهؤلاء  البقاء مدة أطول في مواقعهم على رأس المنظمة، وكأنه لا يعبأ بما يعانيه الشغالون والفقراء من تدهور للوضع المعيشي وعدم قدرة على مجابهة الغلاء الفاحش للأسعار،خاصة مع الارتفاع الحاد لنسب البطالة الذي  أدى الى اندلاع احتجاجات شعبية واسعة بعدة مناطق من البلاد ، كالرديف وفريانة وبن قردان سابقا وسيدي بوزيد هذه الأيام،  والمكتب التنفيذي للاتحاد  لا يملك إلا  أن ينتظر فرصة المفاوضات الاجتماعية المقبلة  التي لن تكون مختلفة عن سابقاتها مادامت تدار بنفس الآليات.
إن اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل بولاية القيروان الذي يحمّل الحكومة التونسية مسؤولية اهتراء الطاقة الشرائية للمواطن لا يستثني قيادة الاتحاد من المسؤولية لأنها لم تواجه اكتواء الشغالين بالتهاب الأسعار  إلا بالصمت  المريب، ولم تمكن مختلف الهياكل النقابية الوطنية والجهوية  من تحركات نضالية( اجتماعات ، تجمعات ، مسيرات …) تضغط باتجاه تحقيق مكاسب ملموسة للشغالين وتساعد في المفاوضات الاجتماعية القادمة. ونحن إذ نرفض المركزة المفرطة للمفاوضات ، فإننا ندعو إلى تمكين القطاعات المختلفة من تحمّل مسؤوليتها في التفاوض لمعرفتها بأوضاع وخصوصيات منضويها.
كما نؤكد على ضرورة ربط أية زيادة في الأجور بمؤشر الأسعار، إذ أثبتت المفاوضات الدورية السابقة ونتائجها الهزيلة عجز ذلك الأسلوب على مجابهة الارتفاع المتواصل لتكاليف الحياة والزيادات المتلاحقة في الأسعار وتحسين القدرة الشرائية للأجراء وعموم الشعب.
 
اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل بولاية القيروان  


صفاقس: نقابة التعليم الثانوي تستنكر استهداف مسؤول نقابي

حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 21. ديسمبر 2010 استنكرت النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بصفاقس ما تعرّض له الأستاذ محمّد الشريف الكاتب العام السابق للنقابة والكاتب العام الحالي للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بصفاقس المدينة من قبل متفقّد مالي وإداري على خلفيّة موقفه من الإجراءات الخاصة بتعديل مقاييس التفقد والتي رفضت جزءا منها النقابة العامة للتعليم الثانوي لكونها تضيّق على الترقيات المهنية للمدرسين حسب النقابة وتمنح للمتفقّد صلاحية تقييم المعرفة العامة للأستاذ وتقييم مستواه الأكاديمي.
وكان المتفقّد منير الرقيّ قد قام بزيارة يوم 16 أكتوبر الماضي للأستاذ المذكور وطلب دخول القسم في إطار تفقّد، غير أن الأستاذ طلب منه تأجيل الزيارة لحين حلّ الإشكال الذي تطرحه الإجراءات الجديدة بين الوزارة والنقابة العامة، الأمر الذي استجاب له المتفقّد.
 لكنّه قام بتقديم تقرير إلى الوزير يوم 28 نوفمبر ترتب عنه إخضاع الأستاذ محمّد الشريف إلى المساءلة القانونية في ظرف زمنيّ وصفته النقابة بالقياسي رغم امتناع الوزارة إلى الآن عن فتح تحقيقات في التظلمات التي تقدّم بها بعض المدرّسين ضدّ ما اعتبروه تجاوزات للمتفقّدين. وعبّرت النقابة الجهوية في بيان لها عن استنكارها لما وصفته بالاستهداف الكيدي للأستاذ الشريف، كما أعلنت عن تجمّع تعتزم تنظيمه يوم 8 جانفي القادم داخل مندوبية التربية بصفاقس ودعت المدرّسين لحضوره بكثافة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 21 ديسمبر 2010)
 

الأطباء الجامعيون يضربون عن الخدمات غير الإستعجالية

حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 21. ديسمبر 2010 دخل الأطباء الجامعيون في إضراب عن تقديم الخدمات العلاجية غير الاستعجالية بداية من اليوم الإربعاء 22 ديسمبر ويستمر اضرابهم إلى نهاية يوم غد الخميس 23 ديسمبر، وذلك للمطالبة بالترفيع في منحة التأطير والبحث. كما علمنا أنهم يعتزمون الإضراب عن التدريس أسبوعا كاملا انطلاقا من يوم 17 جانفي القادم حال انتهاء الطلبة من امتحانات نصف السنة. وهو التحرك الذي صادق عليه المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 21 ديسمبر 2010)

جديد حنبعل 2 شركة تأمين عالمية تفاوض.. وعصابات القراصنة تتنازع على الفدية


طاقم السفينة يأكلون السمك المشوي.. والمريض يتعافى ـ علمت « الصباح » أن شركة التأمين العالمية البريطانية « اللويد » هي التي تقوم حاليا بدور الوسيط المفاوض مع القراصنة خاطفي سفينة الشحن التونسية « حنبعل2 ». ورغم أن القراصنة خفضوا من مبلغ الفدية المطلوبة لتحرير الرهائن والسفينة من 10 مليون دولار إلى 4 مليون دولار (أي حوالي 6 مليون دينار تونسي) إلا أن بعض الصعوبات ما تزال تعرقل اتمام صفقة التفاوض وفق معطيات تحصلنا عليها من مصادر مختلفة موثوق بصحتها.
ومن بين أبرز تلك الصعوبات هو تنازع القراصنة فيما بينهم على الظفر بمبلغ الفدية، إذ تدعي أكثر من مجموعة قراصنة أو عصابة قراصنة أحقيتها في الحصول على الفدية المطلوبة وهو أمر يدل ايضا على أن القراصنة يعملون في شكل مجموعات منفردة…   يأكلون السمك وينامون جيدا.. !!؟   لكن الأمر الايجابي والملفت للانتباه في القضية هو أن طاقم السفينة المختطفة بخير ويأكلون ويشربون وينامون جيدا..!!؟، بل ان القراصنة يقدمون لهم سمكا مشويا على حد تأكيدات صدرت عن جهات معنية مباشرة بعملية التفاوض مع القراصنة.
علما ان التونسيين الرهائن أكدوا خلال آخر اتصال لهم مع اهاليهم في تونس تحديدا يوم 13 ديسمبر الجاري أنهم يمرون بظروف قاسية ويأكلون طعاما صعب الهضم (أرز مغلى بالماء) وهم مراقبون ومحاصرون كامل مدار اليوم بالقراصنة.
وكانت « الصباح » انفردت في مقال صدر يوم السبت الماضي بنشر تفاصيل مثيرة تشير إلى ترجيح جهات دولية رسمية في امكانية استغلال القراصنة للسفينة « حنبعل2 » للقيام بعمليات قرصنة لسفن شحن أخرى. 
كما علمنا أن التونسي نزار عتب الذي تم اجلاؤه مؤخرا من الباخرة التونسية المختطفة، أجريت عليه عملية جراحية ناجحة في استئصال الزائدة الدودية، يوجد حاليا بجيبوتي تحت رعاية وحدة من قوات البحرية الدولية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة بجيبوتي، وامكانية ترحيله إلى تونس خلال اليومين المقبلين واردة جدا، مع العلم أن تكتما شديدا يحوم حول موعد عودته إلى تونس.   دور بطولي   كما علمنا أيضا ان ربان السفينة التونسية فوزي فرادي (34 عاما) يقوم بدور هام ومجهودات كبيرة هناك سواء من حيث ضمان أمن وسلامة كافة أفراد طاقم الباخرة، أو من خلال التحاور والتفاوض مع الخاطفين يوميا لتيسير شؤون الرهائن اليومية والاتصال بالجهات المعنية بعملية التفاوض..
من ذلك أنه نجح في تحرير الرهينة البحار نزار عتب الذي كان يعاني من أزمة صحية حادة بسبب التهاب الزائدة الدودية، بعد أن سمح له القراصنة بطلب النجدة من الحرس البحري لإنقاذه ونقله بعد ذلك إلى سفينة تابعة للبحرية التايلاندية على متن قارب صغير ليتم لاحقا نقله إلى طائرة مروحية ألمانية تابعة للقوات البحرية الدولية مجهزة طبيا ثم علاجه.
يذكر أن « الصباح » انفردت أيضا في عددها ليوم امس في الكشف عن مستجدات عن السفينة المختطفة وطاقمها لعل من أبرزها تخفيض القراصنة في مبلغ الفدية. كما يذكر أن الباخرة حنبعل2 اختطفت مع طاقمها المكون من 31 بحارا من بينهم 23 تونسيا منذ ما يزيد عن 40 يوما وذلك بخليج عدن في عرض السواحل اليمنية وهي متجهة من ماليزيا إلى اليونان محملة بالزيت النباتي.
رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ديسمبر 2010)
 


الحرب التونسية على الحريات المدنية تتكثف بنهاية العام


22 ديسسمبر 2010 – تشعر مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس، تحالف من ٢٠ منظمة من أعضاء الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير (أيفكس)، بقلق بالغ حيال سلسلة من الانتهاكات حدثت الأسبوع الماضي في تونس لحق الحصول على المعلومات وحرية التعبير وحرية الحركة، فضلا عن الاعتداء الصارخ على صحافي. وفي يوم ١٩ ديسمبر، في ضواحي العاصمة تونس، حاصرت مجموعة من عناصر الأمن يرتدون ملابس مدنية منازل أعضاء المكتب التنفيذي الشرعي  لجمعية القضاة التونسيين. كما منعت القاضي المستقل حمادي الرحماني من التوجه لمقر انعقاد المؤتمر الذي أقامه المكتب التنفيذي لجمعية القضاة المدعوم من الدولة. وتعتبر مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير أن التلاعب السياسي بالقضاء يشكل تهديدا رئيسيا لحرية التعبير في تونس، ويمكن الدولة من حبس أو ملاحقة الصحافيين المستقلين مثل الفاهم بوكدوس والمولدي الزوابي. يذكر أنه، تم حل المكتب التنفيذي الشرعي لجمعية القضاة التونسيين في ٢٠٠٥ بعد أن دعا إلى السماح للقضاء التونسي بحقه في الاستقلال وفقا للمعايير الدولية، وتعرض أعضاؤه منذ ذلك الحين للاضطهاد. وأصدر بيانا يوم ٢٠ ديسمبر يدين حصار الشرطة المفروض على منازلهم خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقالوا إن قيام الدولة التونسية بـ »التدخل في حياتهم الخاصة » و « عرقلة حقهم في الحركة تجاوز كل الحدود القانونية والأخلاقية في تعاملها مع أعضاء المكتب التنفيذي الشرعي، وذلك ببساطة لدفاعهم عن استقلال القضاء ». وقال روهان جاياسيكيرا، نائب الرئيس التنفيذي لمنظمة « مؤشر على الرقابة » ورئيس المجموعة، إنه توقع من الدولة أن تتجاهل اعتراضاتهم. وأكد أنه: « فيما يستمراضطهاد القضاة المستقلين، تستمر الدولة في تذرعها بأن مسألة السيطرة السياسية على القضاء التونسي هي شأن داخلي لا يتحكم فيه النظام ». وتحث مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس الاتحاد الأوروبي على لعب دور أكبر في دفع شريكها الاقتصادي لاحترام حرية التعبير ووضع حد للانتهاكات ضد الصحافيين والقضاة المستقلين والاحترام الكامل لالتزامه باحترام استقلال السلطة القضائية. وفي حوادث أخرى، يوم ١٧ ديسمبر، تعرض الصحافي في جريدة « السبيل أونلاين » الإليكترونية زهير مخلوف  لاعتداء عنيف أمام عائلته بالقرب من منزله قبيل مغادرته لتغطية الاحتجاجات في مدينة سيدي بوزيد، جنوب العاصمة التونسية . وقد ضايقت قوات الشرطة الصحافيين الآخرين ومنعتهم من تغطية الاحتجاجات. وذكرت وسائل إعلام دولية أن عدة اعتقالات وقعت وقامت الشرطة بالقمع العنيف للاحتجاجات التي اندلعت بعدما أشعل بقال شاب النار في نفسه، إثر قيام الشرطة بمصادرة بضاعته، وإثر حالة الإحباط المحلية بسبب ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة اشتعل الغضب. إلا أن أغلب وسائل الإعلام المحلية لم تكتب عن معظم هذه الحوادث. وأخيرا، تماشيا مع سجل تونس الطويل وسيئ السمعة في مجال الرقابة على الإنترنت، تم حجب  صفحة مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس على الفيسبوك(http://www.facebook.com/IFEXTMG) حيث كان الأصدقاء والزوار يتلقون رسالة الخطأ “’404″ الصادرة عن جهاز رقاية الانترنت الحكومي بدلا منها. كما أن موقع المجموعة (http://ifex.org/tunisia/tmg/) يخضع بالفعل للرقابة في تونس. وقال جاياسيكيرا « نحن نقترح على الاتحاد الأوروبي أن يأخذ توجها أكثر حزما خلال السنة الجديدة، ونحث السلطات التونسية على التقيد بالتزاماتها في احترام حقوق الإنسان التي نص عليها اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، منذ ما يقرب من ١٥ عاما »، وأضاف: « يجب على الاتحاد الأوروبي أن يرى تطبيقا فعليا لهذا الالتزام قبل أن يفكر في توسيع هذه العلاقة، وهو ما سيكون في مصلحته وكذلك مصلحة تونس ». لقراءة تعليق روهان جاياسيكيرا لمؤشر الرقابة برجاء زيارة الرابط التالي: http://bit.ly/hK11ZR وللغة الفرنسية:  http://bit.ly/g5r7h6 http://ifex.org/tunisia/tmg/ar/  


من الذاكرة الوطنية عندما تصبح الخصال الحميدة و«النّفس المومنة» شتيمة


المعروف عن الزعيم الحبيب بورقيبة تعمد الحط من شأن كل الذين تعاملوا معه عن قرب، سواء رفاق الدرب في فجر الحركة الوطنية أم في مرحلة ما بعد الاستقلال. وقد كان يعمد إلى تجريح شخصيات وطنية لها وزنها واعتبارها، في خطبه وبياناته، مثلما فعل مع الباهي الأدغم وغيره من الوزراء والمناضلين.   في القاهرة   في أواسط سبتمبر 1970 تحول الباهي الأدغم إلى القاهرة لتمثيل الرئيس الحبيب بورقيبة في القمة العربية الطارئة التي انعقدت في ضوء حوادث أيلول الأسود (التصادم بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية)، قبل أن يتحول يوم 23 سبتمبر 1970 إلى عمّان صحبة وفد عربي بغية التوصل إلى وقف الاقتتال. وكلـّف الهادي نويرة بتعويض الباهي الأدغم يوم 9 أكتوبر 1970 قبل تكليفه يوم 2 نوفمبر 1970 بالوزارة الأولى. وذكر الرئيس الحبيب بورقيبة بالمناسبة أن «السيد الباهي الأدغم كان طلب منذ مدة إعفاءه، فرجوته أن يستمر مدة أخرى وأن نجاحه في مهمته بالشرق الأوسط ساهم في إبراز قيمة تونس، لذلك كلفته بالتفرغ لمواصلة هذه المهمة».   استقـالة   والحقيقة التي ستظهر فيما بعد، أنّ الباهي الأدغم هو الذي قدم استقالته من الوزارة الأولى، قبل أن يقدّم استقالته فيما بعد من مجلس الأمة ومن اللجنة المركزية للحزب غداة تهجمات لفظية وردت في خطاب شهير للرئيس بورقيبة حمّل فيه تعاظم شأن بن صالح في الستينات إلى طيبة الأدغم المفرطة واصفا إياه بـ»النـَّفْس المُومْنة». وفي الواقع، فإن أزمة الستينات كان تم فيها الحسم منذ 1970 بعد إحالة بن صالح ورفاقه على العدالة، وبالتالي فإن تحامل الرئيس الحبيب بورقيبة على عضده الأيمن في الحزب والحكومة طيلة الستينات، بل منذ الاستقلال الداخلي عام 1955 كان مردّه في الحقيقة مؤتمر المنستير في أكتوبر 1971.   مؤتمر المنستير   في ذلك المؤتمر، ظهرت تباينات جوهرية وبرز أحمد المستيري ومجموعة من المؤتمرين وكأنّهم تحدّوا الرئيس بورقيبة عندما دعوا إلى بعض الانفتاح، في مستوى الحزب على الأقل. ورغم ذلك نجح المستيري في انتخابات اللجنة المركزية، وفاز بالمرتبة الأولى الباهي الأدغم وهي المفاجأة التي أذهلت المؤتمرين خاصة وأن رجل المرحلة آنذاك الهادي نويرة الوزير الأول الجديد وجد نفسه في المرتبة الخامسة.  
الخصال الحميدة لا تكفـي   اغتنم الرئيس الحبيب بورقيبة فرصة خطاب ألقاه في مجلس الأمة يوم 12 أفريل 1973 ليخصص فقرات مطولة لتجربة الباهي الأدغم لما كان كاتب دولة للرئاسة ثم وزيرا أول قائلا: «لا أبالغ إذا قلت إن تقدير الكفاءة من أعسر الأمور. وهذا ما أسفرت عنه تجربتي، فلقد تتوفر في الإنسان عدة خصال حميدة كنظافة اليد وطهارة الضمير والابتعاد عن كل ما يشين وينافي المروءة كما هو الشأن بالنسبة للخصال المتوفرة في السيد الباهي الأدغم على سبيل المثال، فهو رجل أكنّ له كل المودّة، قد قلت له، معاذ الله أن أهضمك حقّك، فلك محاسن لا تـُنكر من الناحية الأخلاقية، وهذا ما أصرح به إلى الآن، أودّ أن تتأكـّد أني حين اضطررت لسحب ثقتي منك، لم يكن ذلك لأني وجدتك متلبسا بمساوي الفعال، وإني أذكر عندما عيّنته ليشغل منصب كاتب عام للحزب بعد صالح بن يوسف، فقد خيّل إلى أن الباهي الأدغم كأنما نزل إلي من السماء باعتباره رجلا صالحا إلى جانبي أشد به أزري، وعندما انتابني المرض واضررت إلى السفر للخارج فضّلته عن غيره وفرضته وقلت آنذاك إن لي ثقة في ذلك الرجل الخير ولا أبغي عنه بديلا. ولكن النزاهة ونظافة اليد وسلامة اللسان والنفس الخيرة لا تكفي وحدها للفوز في معترك الحياة، والدليل هو أنه لما آل إليه الحكم اتضح تردده إزاء المشاكل التي لم يتعوّد على مجابهتها ولا وفـّق إلى أنجع الطرق لحلها وهذا عرفته في الفترة التي كلفته فيها بنيابتي، وهكذا فإن اختيار الصالح لتبوؤ المناصب ذات الشأن ليس بالأمر الهين، وهذا ما قلته له عندما أتاني وقدم لي بعد ذلك مكتوب استقالته، فلقد أردت أن أفسّر له لماذا سحبت منه ثقتي. ولقد قلت له، إن تسيير شؤون الدولة لا تكفي معه الروح الخيّرة أو ما يُعبّر عنه بالنفس المومنة، بل لا بدّ من جأش قوي كمثل الذي ينبغي أن يتحلـّى به من يخوض المغامرات ويرى الرصاص يلعلع والدماء تسيل فلا ينثني ولا يرجع القهقرى ولن يستولي عليه الاستسلام».  
محمد علي الحباشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ديسمبر 2010)
 


بعد دعوة برلمانية لخفض صوت الأذان في تونس تخوف شعبي من عودة التضييق على العبادة


محمد الحمروني إسلام أون لاين – تونس       عاد الحديث عن استهداف مظاهر التدين من قبل بعض « النخب » ليحتل صدارة اهتمامات الشارع التونسي، وهو ما طرح نقاط استفهام عديدة حول من يقف اليوم وراء محاولات إحياء سياسة تجفيف منابع التدين ومحاصرة بيوت الله، رغم التداعيات الكثيرة بسبب هذه السياسة؟.   ثار هذا الحديث بعد أن طالبت الدكتورة رياض الزغل العضو بـ »مجلس المستشارين » – الغرفة الثانية في البرلمان في تونس – بخفض صوت الأذان في جلسة للمجلس المذكور، بثها التلفزيون الرسمي مساء الأربعاء 15 ديسمبر الجاري.   وقالت الزغل – وهي عميدة سابقة لكلية الاقتصاد بجامعة صفاقس – إن الأذان أصبح « لا يمثل إزعاجا للجيران فقط وإنما للمدرسين في المؤسسات التربوية والجامعية ».   ولم تكتف الزغل بالحديث عن الأذان فقط، بل تعدته للقول إن تونس تشهد تزايداً في عدد المساجد. حيث أشارت إلى أن « البلاد تشهد تكاثرا ملفتا في بناء المساجد في المناطق والأحياء السكنية في المدن، حتى أن المسافة التي تفصل بين مسجد وآخر تتقلص شيئا فشيئا، ويصبح الأذان للصلاة يأتي من مسافات متقاربة وبأصوات مضخمة وغير متناغمة مع درجات من الضجيج فائقة العلو، مما يمثل إزعاجا ». الشارع التونسي ورد فعل غاضب     وأثارت هذه الدعوة ردود فعل غاضبة في الشارع التونسي وخاصة على مواقع الإنترنت، التي تعتبر المكان الوحيد المتاح اليوم لفئات عديدة من الشعب التونسي كي يعبروا عن أرائهم بكل حرية.   وسارعت العديد من المجموعات الناشطة الكترونياً إلى إنشاء صفحات ترد على طروحات الزغل. وعرفت هذه المجموعات إقبالا من التونسيين، وخاصة نشطاء المجتمع المدني منهم. وبلغ عدد الملتحقين بإحداها نحو 25 ألف مشترك في بضع ساعات فقط.   وطالب عدد من المتدخلين في هذه المواقع  « بعدم تخفيض صوت الأذان » فيما تعالت أصوات أخرى تطالب بسحب الجنسية التونسية من هذه الدكتورة.   وفي تصريحات خص بها « إسلام أون لاين » قال الباحث والمفكر عجمي الوريمي إن المستشارة أساءت في مقترحها من حيث اختيار التوقيت والموضوع؛ كما أساءت التعبير عن مقترحها.   وأضاف الوريمي – وهو احد القيادات الإسلامية البارزة في حركة « النهضة » – :  » إن اقتراح المستشارة تزامن مع الدعوة التي أطلقتها في فرنسا ماري لوبان ابنة الزعيم اليميني المتطرف جان ماري لوبان إلى منع أداء الصلاة في الشارع زاعمة أن ذلك ضرب من الاحتلال. كما جاءت دعوة المستشارة في وقت لازالت فيه الذاكرة الإسلامية مستاءة من نتائج الاستفتاء الذي اجري في سويسرا لمنع بناء المأذن ».   كما خلطت الدكتورة الزغل وفقاً لقول المفكر الوريمي في دعوتها لخفض صوت الأذان بين قضية جزئية وهي مسالة الأذان وقضايا فكرية وثقافية وإيديولوجية وسياسية معقدة، وتوقع أن يكون استهداف شعيرة الأذان مرتبطاً بدعوة أحد أعضاء مجلس النواب إلى إنشاء قناة فضائية إسلامية تونسية، خاصة وأن بعض الجهات تعودت على رفع صوتها للتحذير من مخاطر الصحوة الدينية، أو الردة على المكاسب الحداثية المزعومة في تونس، كلما بدا لهم أن السلطة تتجه إلى اتخاذ بعض الإجراءات المفضية إلى ترسيخ الهوية والى مصالحة الحكم مع المجتمع. بدعة تونسية   ولم يكن رد وزير الشؤون الدينية التونسي السيد أبو بكر الأخزوري بأفضل من الطروحات التي قدمتها الزغل بشأن الأذان، وفق احد المشرفين على المجموعات (الفايسبوكية) المنددة بالدكتورة.   وقال الوزير : « نحن لا يمكن أن نسمح بالتلوث الصوتي »، وذكّر الوزير في رده ببعض المناشير التي وجهتها وزارته إلى السلطات  لتحديد ارتفاع  صوت الأذان بـــ 70 « دي سي بال » رغم أن وزارة البيئة التونسية سمحت بمستوى أعلى يصل إلى 100 « دي سي بال ».  واللافت في رد الوزير وفق بعض المراقبين هنا في تونس اعتباره للأذان نوعا من التلوث البيئي؟! حيث قال الوزير « … نعرف جيدا تأثير التلوث الصوتي على جسم الإنسان وعلى نفسيته، لذلك نحن نتمسّك وندعو كل تونسي إلى احترام هذا الإجراء ».   .. هذا الرد أثار بدوره العديد من الانتقادات اللاذعة التي وجهها بعض الناشطين على الشبكة الاجتماعية الفايس بوك لوزير الشؤون الدينية. واعتبر هؤلاء أن الوزير بدا في رده منساقاً مع المطلب الذي تقدمت به الزغل، ولم يكن حاسما في اتجاه الدفاع عن شعيرة الأذان، ولم يبد أية حماسة أو غيرة عليها.   وفي تصريح لـ »إسلام أون لاين » أكد إمام بأحد مساجد تونس فضل عدم ذكر اسمه، أن الدعوة إلى تخفيض صوت الأذان ليست جديدة، بل سبقتها دعوات أخرى تطالب بتخفيض الأذان في صلاة الصبح، لأنه يفسد على النائمين نومهم، وفق أصحاب هذه الدعوات.   ورفض الإمام اعتبار صوت الأذان نوعا من التلوث، بل « هو شفاء للقلوب وصحة للأجسام وليس له أي تأثير سلبي على النفوس، إلا تلك النفوس المليئة بالحقد على الإسلام وأهله » كما قال.   وأضاف :  » إن اعتبار الأذان نوعا من التلوث بدعة تونسية بامتياز، واعتقد أن المحرك الأساسي لمثل هذه الدعوات هي الخلفيات الإيديولوجية لبعض دعاة الإلحاق الحضاري من النخب التونسية، وفزعهم الشديد من العودة القوية لمظاهر التدين في البلاد، وهي عودة تعلن بشكل رسمي وفاة مشروعهم المقبور القائم على تجفيف منابع التدين ».   مشعلو الحرائق وتعليقا على هذه الدعوة قال المفكر التونسي البحري العرفاوي: « أعتقد أن بعضا ممن يسمون نخبة هم أشبهُ بمن يصحو مساءً بعد كوابيس وسهر وأرق يطّوّفُ بمواقد الجمر إشعالا للحرائق نكاية في أهلهم وذريتهم، أولائك مسكونون بما قدموا كالذين  » لا يزال بنيانهم الذي بَنَوا ريبةً في قلوبهم  » إنهم يخشون تبعات مجهودهم الإسنادي في مشروع تجفيف المنابع الذي أسسوا له وشاركوا فيه ».

واعتبر العرفاوي – وهو أستاذ مختص في الفكر الإسلامي – في تصريحات خاصة بـ »إسلام أون لاين » الدعوات لخفض صوت الأذان نوعا من الاستفزاز الذي تلجأ إليه النخبة « الحداثية » التونسية بعد فشلها في خوض معركة الأفكار مع أبناء التيار الإسلامي.
فهؤلاء كما قال  « لا يقرؤون جيداً؛ لا في السياسة ولا في الثقافة ولا يبصرون التحولات العميقة في المشهد الدولي والإقليمي والمحلي، حيث تزدحم الروحانية الإيمانية واعية ومبصرة ومنفتحة، ويعجز هؤلاء عن الخوض في الأفكار فيعمدون إلى « الاستفزاز » وحتى إلى التغاضي وهو أسلوب لا يليق بالمثقفين ولا بذوي الرغبة الحقيقية في الإصلاح والتقدم..إننا لسنا قُبالة بدائل وأفكار ووجهات نظر إنما نحن قبالة مُثيري غبار وصارخين في وادٍ غير ذي سمعٍ ولا ماءٍ ».
وتشهد تونس منذ بداية الألفية الجديدة عودة قوية ولافتة لمظاهر التدين في البلاد، من خمار ولحى وإعمارٍ للمساجد من قبل الشباب.. وجاءت هذه العودة إلى التدين – أو ما بات يعرف بالصحوة الإسلامية الثانية في تونس – بعد أن ظنت بعض النخب التونسية أن التصور المجتمعي القائم على الهوية الحضارية العربية والإسلامية ولّى دون رجعة مع ضرب حركة « النهضة » الإسلامية في بداية التسعينات من القرن الماضي وما تلا ذلك من تطبيق لسياسة تجفيف المنابع.   يذكر أن الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس كانت وجهت سنة 2006 نداء إلى كافّة العلماء المسلمين وإلى أصحاب الفضيلة من الأئمة والدعاة والخطباء لنصرة الإسلام في تونس. واستعرضت الهيئة ومقرها لندن جملة الانتهاكات التي يتعرض لها الإسلام في تونس كمنع الحجاب واللحى والمساجد.
 واعتبرت الهيئة « تصرّفات الحكومة التونسية هذه، عدوانا سافرا على الحرمات.. فضلا عن كون ذلك تعديًا على الحريات الدستورية والحقوق الطبيعية. »
وتعكس هذه الدعوة حدة الهجمة التي تعرضت لها مظاهر التدين في تونس، رغم أن البعض رأى فيها شيئا من الغلو، اعتبارا لكون بعض المضايقات التي أوردتها الهيئة في بيانها تمت بصفة شخصية ولا تمثل سياسة منهجية ورسمية للدولة.
(المصدر: اسلام اون لاين – قطر- بتاريخ 22 ديسمبر 2010)
 


في التفكير والتعكير

بحري العرفاوي*   بحري العرفاوي ـ نقرأ كثيرا عن الإصلاح والتنوير والتنمية ونقرأ مشاريع جادة يُجهدُ أصحابها أنفسهم للإقناع بها وتحويلها إلى جزء من وعي الناس ومطالبهم وذاك أمر مهم في تحريك السكون المجتمعي وفي تسريع الحراك البطيء وفي إيقاظ العزائم وبث الأمل.

ولنا أن نسأل إن كانت المشاريع النظرية ـ على عمقها وجديتها ـ كافية لتحقيق قدرٍ من الإصلاح ومن التنوير والتقدم والتغيير؟ إن المشاريع النظرية هي أشبه ما تكون ببذورٍ تحتاج تربة وطقسا كي تتحقق خصوبتها، تحتاج الأفكار بيئة مهيأة للتواصل وتقليب الأفكار والتعبير بوضوح عما نفكر فيه وعما نعترض عليه وعما نخشاه وما نأمله… تحتاج الأفكار «طقسًا» اجتماعيا هادئا بغير توتر وغير توجس وغير ضغط… تحتاج الأفكار والمشاريع أن يُقدم إليها بإشاعة طقس آمن بحيث لا يتوجس أحدٌ من أن يدفع ثمن فكرة ولا يُضطر إلى قول ما لا يرى أو إلى إخفاء ما يرى، طقس الأمان ذاك لا بمعنى الأمن المدني الذي تقدر على تحقيقه الأجهزة المعنية،وإنما بمعنى الأمان النفسي حين يطمئن الناس إلى بعضهم فيصدقون في تعبيرهم عن تصوراتهم وعن مشاعرهم مُتحررين من لوثات المخاتلة والتآمر والوقيعة ومن النرجسية والإستعلاء… في الطقس الآمن ذاك تتفتق المواهب وتتدافع الأفكار ويتعافى المجتمع ذاتيا من الكثير من مظاهر التشوه الثقافي والفكري والسلوكي، إن «الأمان» هو المنبَتُ الطبيعي للحضارات المتقدمة وليس أخطر على الشعوب من فقدان الثقة ومن شيوع حالات «التخوين» و»التوهين» و»التجريح»… تلك حالات تدفع إلى الإنطواء وإلى التردد والتسليم بما هو كائن،أو قد تدفع إلى ممارسات ومواقف لن تكون إلا مقدمات للفشل الجماعي.
المثقفون الرساليون هم فوانيس مجتمعاتهم يكشفون مواقع العطب ويُنيرون مسارب السير إلى المستقبل الجميل، يبذلون جهدًا في مغالبة العقول الصلدة والأنفس العكرة والطبائع الغليظة يتحملون أذى ويصطبرون وعيا بعظيم دورهم وثقل أمانتهم، إنهم لا يستعلون ولا يُكابرون ولا يتخذون من أبناء شعبهم خُصوما حتى وإن وجدوا منهم عَنَتًا وأذى… لقدْ أوذي الفلاسفة ولم يَسفوا إلى طيش العامة وقد أوذي الأنبياءُ من قبلهم ومن بعدهم ولم يثأروا لأنفسهم.
إن منهج «تعكير» الأجواء الثقافية أو الإجتماعية والسياسية لا يحتاجُ جهدا عقليا ولا شجاعة أدبية ولا يُحقق لأصحابه بُطولة ولن يصنع منهم «شهداء» فكر إذا ما تجرأ عليهم «الصبيانُ» فنالوا مما يُفترضُ أن يكونوا عليه من مهابة المعرفة وهيبة العارفين… منهج «التعكير» ذاك حاجبٌ للرؤية ومُوقع في «صدام» ومعطل للسير الحضاري وأصحابُه أشبه ما يكونون ب»الإنتحاريين» يُفجرون أنفسهم في زحمة الأفكار مدفوعين بضيق الصدر وبعجز عن الحوار وقد أوتوا لسانا مُبينا.
الذين يجدون لذة في إثارة الغبار وافتعال الخصومات وشحن الأنفس وتوتير الأعصاب ـ بدعوى حرية التعبير ـ عليهم مراجعة مناهجهم إن كانت مُؤدية إلى مصلحة ـ وطنية أو إنسانية ـ أم إنها تدفع باتجاهات ملويةٍ ومُوحشة.
كم يكبر في أعيننا ذو فكرةٍ عالية وغير متعالية وكم نتألم حين يُداهمُ مثقفون بعضًا من أبناء شعبهم يسوقونهم إلى اتهاماتٍ مُهلكة بسبب عدم انسياقهم إليهم. إن الدليل على سلامة عقولنا ليس في كسر عقول الآخرين وإنما في عدم اضطراب منهج تفكيرنا قُبالة لغط العامة وفاقدي السند المعرفي وقبالة القاصرين عن الحركة الإبداعية باتجاه المستقبل الدائم.
ولا حاجة لإيراد شواهد غير جديرة بالإيراد من كتابات بعضٍ ممن يُفترضُ أنهم مؤتمنون على «تصنيع» الوعي ـ ورغم أنهم قليلون إلا أنهم يتكلمون من مواقع مرتفعة وقد يُسيئون إلى أنفسهم وإلى غيرهم ـ.   *كاتب وشاعر تونسي   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس)  بتاريخ 22 ديسمبر 2010)  


عدنان المنصر: تاريخ تونس المعاصر إن حكى

المؤرخ المعروف لم يتردّد في تقديم المراجعات الموثّقة لمراحل مفصليّة في تاريخ بلاده. ابن الساحل التونسي، شهد مرحلة الاحتجاجات الطلابيّة والنقابيّة مطلع الثمانينيات، وعمل على أرشفة كنز من الوثائق النادرة عن مرحلة الاستعمار الفرنسي سفيان الشورابي يواصل عدنان المنصر النبش في تاريخ تونس المعاصر. لا شيء يثنيه عن ذلك، رغم صعوبة الخوض في هذا الميدان، وخصوصاً أنّ سنوات ما بعد الاستقلال، ما زالت تلقي بظلالها على راهن البلاد. كما أنّ إرث الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1903 ـــــ2000) لا يزال راسخاً في الوعي الجماعي للشعب التونسي، يستحضره كلّما قسا عليه الزمن. جيل الاستقلال، لم ينسَ بعد صورة بورقيبة في التلفزيون الحكومي، بما تمثّله من تزاوج بين الحداثة والأصالة. لكن ذلك لا يعني الانحياز أو ترك المجال للمشاعر، فـ«دور المؤرّخ هو تلخيص الزمن وتقديم العبر»، كما يذكّرنا المنصر.  
يشارك المؤرّخ التونسي حالياً في سلسلة ندوات لتقديم كتابه الجديد «الدرُّ ومعدنه: العلاقة المتوترة بين الحزب الحاكم والحركة النقابية في تونس، 1924 ـــــ 1978: جدلية التجانس والصراع». هذا الكتاب كان قد أنجزه بنسخة أوليّة، في إطار بحثه الدراسي للحصول على ماجستير في التاريخ عام 1991. وفي هذا الإطار أعاد اكتشافه الجمهور خارج الإطار الأكاديمي، وحاولنا بدورنا أن نستعيد بعض المحطّات من مسيرته العلميّة الغنيّة.

ولد المنصر في قرية «منزل كامل» الساحلية، ولم يسلم من تأثير عائلته التي كانت تحثّه على التشبّع بالأدب بمختلف أصنافه. كانت مكتبة المنزل تعجُّ بدرر الأدب العربي التي جمعها والده أستاذ اللغة العربية في مدرسة القرية. لم يكن عدنان المنصر تلميذاً مجتهداً… لكنّ حادثةً بسيطة، حوّلت مسار حياته خلال المرحلة الثانوية. يومها، طُرد من المدرسة لمدة ثلاثة أيام، ما أثّر تأثيراً مؤذياً في حالة والده النفسيّة. ورغبةً منه بالتعويض عن خيبته والده، انكبّ على تحصيل المعرفة بشغف، فأصبح متميزاً في دراسته، ليدخل لاحقاً «المدرسة العليا للمعلمين».
في مطلع الثمانينيات، كانت البلاد على صفيح يحترق، على وقع الحركات المطلبيّة، ولم يكن للمنصر علاقة مباشرة بالعمل السياسي، إلّا من خلال مساهمته حينذاك في بعض التحركات النقابية ضمن إطار «الاتحاد العام لطلبة تونس» (المقرّب من الإسلاميين قبل حلّه). يتذكّر اليوم: «كنت أناضل حينها من أجل استقلال الاتحاد عن التيار الإسلامي في الجامعة، وعارضت الإضرابات التي تأخذ صبغة حزبيّة ضيّقة». كان لا بدّ من تقويم التجربة لاحقاً، ليخلص إلى درس أساسي سيصبح من ركائز عمله العلمي: «الإيديولوجيا تقلّص حرية البحث».
انغمَس المنصر في تحصيل المعرفة، وعمل في العديد من الجمعيات الثقافية، مثل «مدارات معرفية» التي كتب في مجلتها، لكنّ ضيق أفق العمل الحر في الهيئات المدنية، وغياب الحريات السياسية في تونس قلّصا دائرة انتشار نشاطه الثقافي. «من الصعب جدّاً أن يعمل المرء في مناخ من الطمأنينة، نادراً ما شعرت في هذا البلد بأنّني قادر على قول ما أريد». ويمضي في استعادة مشاغله خلال تلك الفترة، «كنت مأخوذاً بمحاضرات الجيل المؤسس للجامعة التونسية أمثال حافظ ستهم، وهشام جعيط، وعلي المحجوبي، الذين أعطوني مفاتيح فهم سيرورة التاريخ وفلسفته». استفاد المنصر من توجيهات الأساتذة علي نور الدين (التاريخ الحديث)، وعبد اللطيف مرابط (التاريخ القديم)، ومحمد سعيد (التاريخ الوسيط)، وحاز درجة «الأستاذية» في التاريخ والجغرافيا في سوسة عام 1989. تلك الشهادة أهّلته للحصول على منحة دراسيّة للمتفوقين من أجل نيل شهادة الكفاءة في البحث التاريخي، وعلى منحة ثانية مكّنته من المشاركة في مناظرة الحصول على شهادة الماجستير في التاريخ… لاحقاً، انتقل إلى «المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية» بصفة أستاذ مساعد في التعليم العالي. هناك، وقع على آلاف الوثائق الأصلية والثمينة، لحقبة مهمة من تاريخ تونس، إبان الاحتلال الفرنسي بين عامي 1881 و1956. «كنت مكلّفاً بجمع مواد الأرشيف التي نحصل عليها من فرنسا، ونسخها في ميكرو فيلم». طيلة فترة وجوده في المعهد، اطّلع عن كثب على تفاصيل الحياة السياسية خلال حقبة الاستعمار الفرنسي. «من حسن حظي أنّني كنت أتقاضى راتباً شهرياً مقابل إنجاز البحوث والدراسات، وهي فرصة لا تتاح غالباً».
إلى جانب نشاطه الأرشيفي، أصدر المَنَصر مع الباحث حسين رؤوف حمزة، مجلة «روافد»، التابعة لـ«المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية»، وهي أوّل دورية تصدر عن مؤسسة عامة للأبحاث في تونس. كتب في الأعداد الخمسة الأولى منها، وأعدّ الكثير من الدراسات عن طبيعة المؤسسات السياسية، والنظم الاجتماعية التي كانت قائمة في تونس في فترة الاستعمار، لينتهي المطاف به مدرّساً في كلية الآداب في مدينة سوسة، حيث ترأس قسم التاريخ بين 2002 و2005.
«لقد عانيت الرقابة على النصوص التي كنت أكتبها عن تاريخ تونس في زمن حكم بورقيبة» يسرّ إلينا. وهذا أمر غير مستغرب في بلد تكمَّم فيه الأفواه بطريقة ممنهجة. وكان أهمّ ما توصّل إليه في نشاطه الأكاديمي أنّ ادعاءات بورقيبة بشأن كونه مؤسس الدولة الحديثة، لم تكن صائبة بالكامل. قسم كبير من النظام السياسي التونسي يقتبس تراتبيته من الحقبة الفرنسية. حتّى إنّ بعض المؤسسات المحلية لا تعدو كونها امتداداً لهياكل العهدين الحسني والحفصي، مثل منظومة القضاء و«القايد» (عمدة القرية). غير أنّ الحبيب بورقيبة أفقر تلك المؤسسات من محتواها، وجعل من الجمهورية وعاءً مفرغاً من أيّ مضمون ديموقراطي.
في كتابه الذي صدر أخيراً «الدر ومعدنه، دراسة في الخلافات الدستورية النقابية في تونس»، يدرس المنصر العلاقة التي ربطت نظام الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة بالمنظمات النقابية خلال الفترة الفاصلة منذ عام 1924 تاريخ تأسيس «الحزب الدستوري التونسي» (سلف الحزب الحاكم حالياًَ)، حتّى عام 1978 الذي شهد أوج المعركة بين الدولة، و«الاتحاد العام التونسي للشغل». كان الاتحاد المذكور يعدّ آنذاك أبرز منافس جماهيري لسلطة بدأت تتآكل في ذلك الزمن. انتظر الكتاب خمس سنوات، قبل أن يقرّر صاحبه طبعه على نفقته الخاصة بعدما رفضته دور النشر التونسيّة على اختلافها. وها هو يلقى حالياً الكثير من الأصداء الإيجابية. بعد الانتهاء من ماراتون المحاضرات بين المكتبات ومقارّ الأحزاب لمناقشة الكتاب، سينكبّ عدنان المنصر على كتابة كتاب صغير يتحدث فيه عن تاريخ مدرسته الابتدائية في «منزل كامل»، التي احتفلت قبل سنتين بالذكرى الثمانين لتأسيسها. «مجرد استراحة قصيرة، قبل أن أعود إلى البحث عن تاريخنا المعاصر»… هذا التاريخ الذي ما زال يلفه الكثير من الغموض.
(المصدر: صحيفة « الأخبار » (يومية – بيروت) الصادرة يوم 21 ديسمبر 2010)  


الباحث والمفكر التونسي الهرماسي : الحداثة الغربية ورثت عن المسيحية عداءها للإسلام

 محمد الحمروني   إسلام أون لاين – تونس     يشرح الباحث والمفكر التونسي عبد اللطيف الهرماسي في هذا الحوار العوامل التي أدت إلى انتشار الفكر السلفي الجهادي في السنوات الأخيرة في بلداننا العربية والإسلامية، ومن بينها بلدان المغرب العربي بما في ذلك تونس.  
ويربط الهرماسي هذا الانتشار بعوامل عدة، من بينها اشتداد الهجمة الغربية على البلاد الإسلامية، والتناقضات الاجتماعية والسياسية الحادة التي تعيشها تلك البلدان. ويغوص الباحث عميقا في تناوله لمختلف العوامل التي ساعدت على انتشار التيارات « الأصولية » مقابل تراجع أو « فشل » التيار الإصلاحي سواء في نسخته « التحديثية » العلمانية أو الدينية الإخوانية. ويذهب الباحث في ذلك إلى حد العودة للنبش في جوهر الأزمة التي تعيشها أمتنا منذ قرون، والتي تكمن في كيفية تمثّل المسلمين اليوم لتراثهم الديني.

ويُعتبر المفكر والباحث عبد اللطيف الهرماسي واحداً من أبرز المهتمين بحركات الإسلام السياسي، لكونه من المتخصصين القلائل في علم اجتماع الظواهر الدينية، إذ بدأ اهتمامه بهذه الظواهر منذ أواسط الثمانينات بنشره لبحث قيم حول الحركة الإسلامية في تونس، مازال إلى الآن يعتبر من أهم ما كُتب في هذا الموضوع. ثم تابع نشر دراسات حول هذه الظاهرة طيلة العقدين الماضيين في الكثير من الدوريات العلمية المتخصصة، كان آخرها كتاب « ظاهرة التكفير في المجتمع الإسلامي، من منظور العلوم الاجتماعية للأديان » الصادر حديثا عن مركز دراسات الجزيرة والدار العربية للعلوم في بيروت.
وهنا نص الحوار:   مشكل التعاطي مع النص
·يعيش كثير من بلدان العالم الإسلامي حوادث تفجير وخطف وصراعات مسلحة قد يدوم بعضها سنوات طويلة، وغالبا ما ترتكز على مبررات « دينية »، فكيف يمكن فهم ذلك؟ – تتضمن هذه الأحداث خصوصيات مرتبطة بالوضع في البلدان الإسلامية التي شهدت تلك الأحداث. ولكنها تطرح أيضا أسئلة وتشير إلى وجود قضايا ومشكلات مشتركة، من أبرزها مشكلة تعاطي المسلمين مع تراثهم الديني. فهذا الموروث يتضمن جانبا مطلقا عابرا للزمان وللمكان، وهو ما نعبر عنه بجوهر الرسالة المحمدية من حيث مقاصدها، وجانبا آخر هو الترجمة التاريخية لهذه الرسالة.
فالمسلمون عبر تاريخهم فهموا الرسالة وعاشوها في ضوء شروط اجتماعية وسياسية واقتصادية متغيرة، والموروث الديني هو نتاج أو حصيلة هذا التفاعل بين الرسالة وبين الناس الذين فهموها وأدركوها وهم مشروطين بأوضاعهم ومصالحهم المعينة. فإذا كان مضمون وجوهر الرسالة المحمدية متعاليا على التاريخ، فإن تجسيداته وترجمته الواقعية إنما تمت في أوضاع تاريخية محددة  لها طابع تاريخي ينبغي وعيه، وبالتالي لا يمكن تقديسها.   والمشكل أن ما حصل هو العكس، ذلك أن الإنتاج العقدي والفقهي – بل وحتى المؤسسات الدينية والسياسية والاقتصادية التي كانت ثمرة فعل الرسالة في الواقع وتأثير الواقع في فهم تلك الرسالة- هذا الفكر وهذه الرسالة وهذه التجربة عموما كانت مشروطة بأوضاع معينة تم تقديسها فيما بعد، على الرغم من أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لم يعتبر أن كل ما فعله وما صدر عنه مقدس أو وحي إلهي بأدلة عديدة منها مثلا « أنتم أعرف بشؤون دنياكم »، ولكننا على الرغم من ذلك نجد أن كل ما نسب إلى النبي محمد (ص) من قول أو فعل، سواء صدر عنه أو لم يصدر، أصبح مقدسا.
كما تم تقديس مؤسسة الخلافة أيضا، وهي مؤسسة أنشأها المسلمون لمجابهة مشكلة استمرار الجماعة المسلمة واستمرار الدولة التي أسسها النبي (ص)، والشيء نفسه بالنسبة للإنتاج الفقهي والعقدي. فهذا الموروث إنتاج بشري تاريخي ولكن تم تقديسه، ومشكلة المسلمين اليوم تكمن في هذه النقطة. ·ولكن ما الرابط بين تقديس الموروث الديني وظهور التيارات الإسلامية الحديثة ومنها التيارات الجهادية الأعلى صوتا هذه الأيام والأكثر شغلا للناس؟ -العلاقة تتضح من خلال بعض المفاهيم الأساسية التي تروج لها بعض الخطابات الدينية، ومن بينها مفهوم الجهاد. فطريقة التعاطي مع هذا المفهوم تضرب لنا مثالا عن هذه العلاقة القائمة مع الرسالة ومع الماضي. إن دراستنا لبعض التيارات الإسلامية وخاصة الجهادية منها كشفت لنا أن هذه التيارات تريد إحياء لحظات الإسلام الأولى، لحظة التوسع والصراع. هذا فيما يتعلق بالتعاطي مع الماضي.
أما فيما يتعلق بالتعاطي مع النص وأقصد هنا بعض الآيات القرآنية التي تتعلق بالجهاد والقتال، فقد فهمها أبناء هذا التيار فهما حرفيا وأسبغوا عليها معنى مطلقا يتجاوز المكان والزمان، ومن ذلك مثلا الآيات التي أعطت الإذن للنبي محمد (ص) بمقاتلة المشركين من قريش الذين نقضوا العهد، تلك الآيات نزلت في سياق محدد، لكن بعض التيارات الإسلامية أعطت لهذه الآيات أبعادا تجعلها عابرة للتاريخ وقابلة ومنطبقة حتى على الأوضاع الحاضرة.
كل الآيات التي تتعلق بالقتال يحيّنها أبناء التيار الجهادي ويعتبرونها مازالت صالحة لإدارة شؤون المسلمين وعلاقتهم ببقية البشرية في الوضع الحاضر. وهذا ما يفسر أن التيار السلفي الجهادي يضع من ضمن – أو في صدارة – أهدافه استعادة الخلافة الراشدة وليس استعادة الخلافة بالمعنى والمضمون المتعارف عليه تاريخيا فقط، وإنما بمعنى بسط سلطان الإسلام على العالم كله تطبيقا لمقولة « حتى يكون الدين كله لله ». دفاعاً عن الهوية
·هناك من يعتبر استعادة لحظة ولادة الدولة الإسلامية، واستعادة المفاهيم المرتبطة بتلك اللحظة، ومن بينها الجهاد والردة، نتيجة للهجمة الغربية التي تستعمل الحداثة لضرب مقومات الهوية لكل المجتمعات، ولم تبق إلا الحصون الإسلامية كآخر حصون الممانعة، فهل نعتبر ظهور التيار السلفي الجهادي مظهراً لانكفاء العالم الإسلامي على نفسه خوفاً من هجوم خارجي؟

-للإجابة عن هذا التساؤل، لا بد أن نستحضر واقع العلاقة التاريخية بين الإسلام والغرب، هناك توتر تاريخي طويل الأمد ميز علاقة الإسلام بالغرب المسيحي في مرحلة أولى، وغرب الحداثة في مرحلة ثانية. فالمسلمون المعتزون برسالتهم الكونية وجدوا أنفسهم في مجابهة فضاء ثقافي يحمل بدوره رسالة كونية.
وفي الواقع فإن ما يفسر ديمومة الصراع الغربي مع الإسلام أن المسيحية والإسلام يحملان رسالة كونية من دون سائر الأديان. ولكن المسلمين لم يستعدوا لهذا الصراع. وعندما جاءت الحداثة ورثت المسيحية في طرحها الكوني التوسعي، ورثتها في مسألة فصل الدين عن الدولة وأضافت إلى ذلك أشياء أخرى، هناك إذا تناقض أساسي بنيوي لا بد أن نضعه في الحسبان.
وعلى قاعدة هذا التناقض الأول والبنيوي ترتب تناقض ثانٍ من نشأة الحداثة التي اتخذت ومازالت تتخذ طابعا استعماريا. فالحداثة وفدت كحداثة استعمارية، وبالتالي كان من الطبيعي أن تجابه بمقاومة، وعلى الرغم من انقضاء الاستعمار التقليدي، فإن التناقضات ما زالت شديدة وحادة نتيجة الهيمنة الإمبريالية ونتيجة الاستعمار الجديد، ونتيجة لزرع الكيان الصهيوني بدعم من الغرب والحفاظ عليه قويا في وجه العرب والمسلمين.
وكذلك نتيجة ما واكب العولمة من انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم وبحثها عن خصوم جدد. والإسلام شكل بمعنى ما هذا الخصم الجديد. وربما جاز القول إن أحداث 11 سبتمبر 2001 أعطت لهذه القوة العظمى المبرر الذي كانت تبحث عنه لتوجيه الصراع ضد الإسلام ومحاولة جر العالم إلى معركة يجد المسلمون أنفسهم متهمين فيها بتفريخ الإرهاب.
يمكن القول إذا إنه منذ صدمة الحداثة أواسط القرن التاسع عشر، وجد العالم الإسلامي نفسه محشورا في وضعية دفاعية، فهناك شعور بالاستهداف ليس فقط على مستوى المصالح الإستراتيجية والاقتصادية، وإنما الإسلام نفسه كمنظومة دينية وثقافية أيضا بات مستهدفا.  
 وظهور بعض النزعات الدفاعية المضادة تكتسي أكثر فأكثر طابعا عنيفا وهذا العنف يتغذى من عدوانية الطرف المقابل. وهذا جانب مهم لفهم طبيعة ردة الفعل الذي تمثله بعض التيارات الإسلامية والذي يمثل التيار السلفي الجهادي على وجه التحديد تعبيراته القصوى.
قبل صدمة الحداثة كان المسلمون يعيشون إسلامهم بشكل طبيعي وعفوي، ولم تكن هنالك مشكلة في مدى تلاؤم منظومتهم الدينية مع الواقع، والآن نتيجة الحداثة والتحديث نلاحظ أن هناك تباعدا بين المنظومة الموروثة وبين المفاهيم والمبادئ التي أتت بها الحداثة، وهو ما نتج عنه تحد لمصداقية الموروث الديني.   ·قُلتَ إن علاقة العالم الغربي بالعالم الإسلامي كانت علاقة صراع من جهة، وعودة إلى الماضي من جهة ثانية. فهل هذه العودة طبيعية؟ وهل عاش العالم الغربي الأزمة نفسها مع موروثه الديني المسيحي أو الفكري اليوناني خلال فترات المد الإسلامي؟

– ليس من أمة، أو ثقافة جابهت تحديا تاريخيا خطرًا إلا وعادت إلى الماضي، لكن طريقة هذه العودة تختلف وكذا غاياتها. العودة إلى الماضي تمثل عودة إلى الجذور، إلى الأصل وهنا يبرز موقفان أساسيان:
الأول: موقف يعود إلى الماضي من أجل إعطاء شرعية للتغيير، أي يعيد تأويل وقراءة الأصول والمرجعيات الأساسية (بالنسبة للمسلمين القرآن والسنة أساسا) وتوظيف هذه العودة لفائدة قراءة جديدة تأخذ بالاعتبار المستجدات والمتغيرات وتكون قاعدة للإصلاح. وهذا النوع من العودة هو ما سجلناه مع الحركة الإصلاحية الحديثة انطلاقا من الأفغاني ومحمد عبده، والتي أثمرت مع محمد إقبال في باكستان والثعالبي في تونس وجمعية العلماء برئاسة ابن باديس في الجزائر وعلالة الفاسي في المغرب. هذه عودة للماضي من أجل قراءة جديدة للتراث وإعطاء شرعية للإصلاح والتغيير.
الثاني: لكن هناك شكلاً آخر من العودة جسدته بعض التيارات الأصولية منذ أواخر حياة محمد رشيد رضا ومع تيار الإخوان المسلمين. هذه العودة شكلت نكوصا وتراجعا عن المنزع الإصلاحي وبالتالي عودة إلى التفسيرات الحرفية النصية وإلى النصوصية مما أدى إلى محاصرة التيار التجديدي والإصلاحي.
وفي الواقع العالم العربي والإسلامي خلال القرن العشرين شهد موجات من التراجع، فالإخوان المسلمون مع سيد قطب وعبد القادر عودة شكلا محاولة عودة جديدة إلى الفهم الماضوي للدين وللتراث الديني.   الحركات والإصلاح
·لكن بعض الحركات الإخوانية مثلت بشكل ما امتداداً، أو هي على الأقل لم تكن في قطيعة مع الحركة الإصلاحية، وهذا ينطبق على الحركة الإسلامية في تونس. فهل تمثل الحركات الإخوانية وما تلاها من حركات سلفية جهادية تطورا داخل المنظومة، بحيث كلما فشلت تجربة انتقلنا إلى تجربة أخرى أكثر تجذراً في الماضي وأكثر « تشدداً » تجاه الآخر؟
-الفكر الإخواني في تفاعله مع المعطيات والمستجدات اللاحقة تفرع، وحصلت تجاذبات وانقسامات داخله، أفرزت اتجاهات مختلفة يمكن أن نستشهد على ذلك بالفرق الواضح الذي نجده في تطور الحركة الإسلامية في تونس مثلا، والاستقرار والمحافظة التي ميزت الحركات الإسلامية في أصقاع أخرى ومنها مصر والجزائر. وينبغي أن ننتبه إلى أن المفكر والداعية لا يعيش في عالم مجرد وإنما يتفاعل مع الواقع، والحركة الإسلامية في تونس وجدت نفسها في محيط وفي تجربة تحديثية قادها زعيم الحركة الوطنية الحبيب بورقيبة في اتجاهاتها التحديثية الإصلاحية.
ووجدت مقاومة شديدة من التيار العلماني التحديثي، ونقدا شديدا لأطروحاتها التقليدية، وكان لديها – نتيجة التكوين المخضرم لعناصرها- القدرة على تغيير وتعديل توجهاتها، وتغيير خطابها بما يتلاءم مع الوضع التونسي. وهذا ما أعطى في بداية الثمانينيات نقدا ذاتيا، توجهت به قيادة الحركة الإسلامية في تونس لخطابها المعروف في السبعينيات، سواء تعلق الأمر بالأخذ بالمفاهيم المرتبطة بالديمقراطية والتعددية السياسية وحق التنافس والتسليم بأن لا أحد من حقه أن يحتكر الحديث باسم الإسلام، أو بقضية المرأة وكان لراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة كلام في هذا المجال.
السلفية التونسية
· سنة 2007 حوكمت مجموعة سلفية جهادية في تونس رفعت السلاح بوجه النظام وكانت نتيجة العملية مواجهات مسلحة وقتلى وجرحى من الطرفين. ومنذ سنة 2004 تشهد تونس محاكمات متواصلة لأبناء التيار السلفي. فكيف أمكن لهذا الفكر أن يجد له مكانا وينتشر بشكل واسع في تونس بهذه السهولة، على الرغم مما قلته عن التجربة التحديثية التونسية المتميزة حسب رأيك ؟

–  الإسلام موروث ثقافي مشترك ورؤية للكون وللمجتمع وللإنسان بين مكونات العالم الإسلامي ومن الطبيعي أن تتنوع وتختلف أساليب التعاطي مع هذا الموروث، وفقا لتنوع واختلاف الأوضاع.
لذلك لا ينبغي أن نستغرب أو نتعجب إن وجدت تأويلات انفتاحية تحديثية للإسلام في مقابل قراءات محافظة. من حيث المبدأ الرسالة قابلة لكل التأويلات، كما أن هناك عوامل اجتماعية وسياسية، قطرية وإقليمية ودولية، دفعت إلى إعادة إنتاج وتجديد بعض النزعات المتشددة. التناقضات الاجتماعية والسياسية التي تشق المجتمعات الإسلامية من الداخل، إضافة إلى تناقضات العالم الإسلامي مع القوى الغربية، وما تحدثنا عنه سابقا من شعور متزايد في العالم الإسلامي بانسداد الآفاق بسبب عدم التقدم في حل قضايا أساسية مطروحة على العالم الإسلامي، على رأسها القضية الفلسطينية، كل ذلك دفع بعدد من التيارات الإسلامية إلى اتخاذ مواقف حدية في التعاطي مع هذا الوضع.
كما ساعد هذا الوضع على توظيف المتخيل الإسلامي التقليدي، متخيل الصراعات القديمة سواء داخل المنظومة الإسلامية (سنة وشيعة) أو الصراع بين المسلمين والمسيحيين… الذاكرة الجماعية حاضرة هنا، وتشكل مخزونا تغرف منه بعض التيارات، لتبرير وشرعنة أطروحاتها ومواقفها وغاياتها، وذلك عبر قراءة رهانات الحاضر وتراكماته وصراعاته من خلال مفاهيم ومصطلحات ومفردات الصراعات القديمة.
نحن كثيرا ما نعمد إلى تفسيرات مطمئنة عندما نخوض في مواضيع كهذه، ومن بين تلك التفسيرات الحديث عن الطبيعة المسالمة للشعب التونسي وسماحته واعتداله ووسطيته. في حين أن الطبائع ليست موقفا ثابتا، ويمكن القول إن الظواهر الاجتماعية ترتبط بالأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية أكثر مما ترتبط بما يقال عن الطبائع.
وعلى هذا الصعيد علينا أن ننتبه إلى أن الأوضاع في تونس تغيرت كثيرا عما كانت عليه في العهد البورقيبي. صحيح أن التحديث الذي قاده الرئيس السابق كان فوقيا وكان من فعل النخبة، ولكنه تمكن من أن يحقق انغراساً ما في المجتمع وأن يحصل على قبول اجتماعي نسبي، وأن يغير من بنية المجتمع التونسي.
الآن يمكن القول إن المشروع البورقيبي يعيش نتائج تناقضاته، لأن هذا المشروع تعاطى مع الشعب التونسي كشعب قاصر، والمواطنة التي فرضها عليه بورقيبة مواطنة سلبية بالأساس. علاوة على ذلك، رافقت ذلك المشروع ممارسة استبدادية وحكم فردي أصبح الآن يشكل مناخا ملائما لنمو ظواهر خطيرة، كاستشراء الفساد والمحسوبية، والانحراف والجريمة، ونتج عنه أيضا شعور بالغبن نتيجة الفوارق الاجتماعية المتنامية والشعور بالإقصاء، يجد النظام الحالي صعوبة كبيرة في مجابهة هذه الأوضاع إن لم يكن مساهما بشكل أو بآخر في تغذيتها .
هذه الأوضاع التي تترافق مع شعور متزايد بالإقصاء والتهميش ستبحث لها عن منفذ أو عن تعبير من خلال تبني أيديولوجيات قصووية .. إجابة عن أوضاع قصووية.   (المصدر: اسلام اون لاين – قطر- بتاريخ 04 ديسمبر 2010)  


قرأنــــــــا لكــــم : عولمـــــة الفاشيــــــة ( الجزء الثاني )  


هناك كتاب قديم مهما لأحد الأمريكيين يدعى تورنر قال فيه إنه لا يمكن فهم الولايات المتّحدة الأمريكية إذا لم تستوعب مسألة الحدود ، لأن الأمريكيين جاؤوا في جلّهم من أوربا ، و الأرض الأمريكية بالنسبة إليهم ليست سوى محطّة في مسيرة طويلة لتخطّي الحدود و الهيمنة على العالم ، حيث عقب استيلائهم على العالم الجديد ، ذهبوا إلى ما وراء المحيط الهادئ و قالو بعد ذلك إن هذا لا يكفي .

مقابل ذلك ، فإن ما وقع بالعراق يشي ببداية نهاية الإمبراطورية الأمريكية ، لأن الذي ضاع من الإنسانية الآن هو القانون أي الجانب الشرعي ، و لم يعد هناك من مرجعيّة في هذا الصدد سواء في البلدان أو المؤسسات الدولية ، وهو ما يخلق فوضى خطيرة . فالمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة أو اليونسكو لم يكن بمقدورها منع دخول الجيش إلى المستشفيات و تدمير أهمّ المآثر في تاريخ الإنسانية ، لقد كان المقصود أن يرى الناس الفوضى و التدمير و الدوس على الذاكرة . لقد قضيت 20 سنة من عمري في الأمم المتحدة و كتبت كتابا قلت فيه بنهايتها لأنه لم تعد لها مصداقية ، و عندما جاءت حرب الخليج الأولى و ما تلاها قلت بأن ديكولار قتل الأمم المتحدة و بطرس غالي كفنها أما كوفي عنان فدفنها .
من ناحية ثانية يجب أن نؤكّد على وجود علاقة عضوية بين قضية العراق و القضية الفلسطينية . فأمريكا تدافع عن مبدأ واحد مفاده أنه لا يمكن لأي أحد أن يمسّ بإسرائيل ، كما لا يمكن لأيّ كان أن يصل لمستوى تكنولوجي يخوّل له الإضرار بإسرائيل . 
إن الأساس ليس هو ماذا يفعلون ، بل ماذا نفعل نحن …. حيث نجد أن العرب أنفسهم خانوا فلسطين ، و على رأس الخائنين حسني مبارك و عرفات ، و تتمثل خيانة الخيانات في تكوين ما يسمّى بالحكومة الفلسطينية و اعتبار بوش لاختيار أبو مازن بأنه إختيار ممتاز .
إننا بإزاء هزيمة منظور برمّته عمّر لعقود طويلة . فالدول العربية و الإسلامية بأنظمتها السياسية و بمثقفيها و بكلّ مكوّناتها المجتمعية هي نموذج فاشل ، و الأسباب تتمثل أساسا في التخلّف ، إذ لم نستطع في ظرف خمسين سنة أن نتقدّم في محو الأميّة ، و لم نعرف ما هي الدمقراطية لا من بعيد و لا من قريب ، و لم نعرف الحريّة العامّة و احترامها و لا دور الإبتكار و دور العالم و المبدع إذا لم يكن في خدمة نظام سياسي معيّن … إننا نؤدّي الآن ثمن هذا التخلّف … و ما نعيشه الآن من هزائم ليس سوى البداية ، و لذلك لا يمكن قبول سؤال ماذا بعد الحرب ؟ البداية هي أن تتحرّك الشعوب و تنتفض ضدّ الذلّ . و أتذكر أنه بعد صدور كتابي حول الذلقراطيـــــة اعتبر البعض ذلك مبالغة ، و اليوم فإن المصطلح يعبر العالم و الجميع يتحدّث عن الذلّ المعمّر ، لذا فما بعد الحرب هو البداية .
إن لبغداد تجاربا و تاريخا عظيما في القرن التاسع و بعد القرن العاشر ، مع دخول المغول … الذين حطّموا بغداد و كان عدد القتلى مليونشخص ، و مع ذلك انطلقت فيما بعد . إننا لا نخشى على الشعوب التي لها ماض و كرامة و مقاصد و مفهوم حضاري . ليس ثمّة شكّ أن الذي جرى شيء مؤلم ، غير أن الإحتلال لن يتجاوز خمس سنوات لأن الإحتلال هو بداية الحرب ، و أمامنا النموذج الصهيوني في فلسطين .
إنه لمدعاة صدمة حقيقي أن يسمع المرء في هذه الظروف وزيرا مغربيا يقول ما معناه إن منطقة البحر الأبيض المتوسط خسرت الكثير من السيّاح بسبب حرب الخليج ، و من المجحف أن نقرأ و نسمع بأن السفارة الأمريكية تعطي منحا لدراسة الديمقراطية في هذا الوقت بالذات .
إن أضعف الإيمان أن يحترم الإنسان نفسه و يرفض الذلّ ، لقد كان مطلوبا كحدّ أدنى أن تقوم الدول العربية باستدعاء سفرائها في واشنطن للتشاور ، و لو لذرّ الرماد في العيون . لقد دفعت الدول العربية لحدّ الآن 600 مليار دولار في الأسلحة … أين هي هذه الأسلحة ؟
إن الأجيال المقبلة ستحاكم المسؤولين السياسيين و مسؤولي جامعة الصهيونية العربية ، و ما يسمّى بالمؤتمر الإسلامي … لقد رأينا مصر الدولة العربية الكبرى التي هي الأساس كيف تصرّفت … مصر مبارك و السادات و الدور الخطير الذي لعبته منذ كامب ديفيد إلى الآن ، انظر إلى الصحف مثل الأهرام و الصحافيين و المخابرات . مع ذلك يبقى الأمل لأن هناك الشعب المصري العريق الذي يدافع عن شرفه و كرامته و قوميته .                                                                          ( يتبع )                                           » الإهانــــة فــي عهــد الإمبرياليــــة  »                                                  المهـــــــدي المنجــــــــرة القــــراءة السابعـــــة طلبــــــة تونــــــــس   


قــــرأنا لكــــم :

أولويــــة القــراءة فــي حيــاة الإنســـــــان ( الجزء الثاني )

لا أكتم قارئي الحديث : لقد حيّرني هذا العنوان الذي اختير لي ( أولوية القراءة في حياة الإنسان ) على الرغم من أنّي سبق أن ألّفت فيه كتابا . عـن أيّ أولويــة للكتــاب أتحــدّث ؟

عن الدور النظري الذي يلعبه الكتاب في بناء الإنسان ، و إشادة الحضارات ، و إنهاض الأمم . فأملّكم بحديث مكرّر طالما سمعتموه و قرأتموه ، قصائد في مديح الكتاب خير جليس ، و محاضرات عن حاجة الإنسان للقراءة ، و سرد تاريخي عن اهتمام الأمراء و الحكّام و بناة الحضارات السالفة بالعلم و العلماء ، و إغداق العطايا على المؤلّفين و المترجمين ؟
أم عن الواقع العملي الذي يشغله الكتاب في حياتنا ، فأصدمكم بواقع مرير يعيشه الكتاب بيننا ، و أوئسكم بزفراته الحرّى ، و شكاواه الصارخة ، و أنّاته الموجعة ، و أزعجكم بأرقام مخجلة عن عدد العناوين التي تصدر في الوطن العربي و عدد النسخ الذي يطبع منها ، و نصيب الفرد من ذلك ، و ما يستهلكه من الورق المطبوع في الكتب و الصحف و المجلات ، مقارنا بما يستهلكه الفرد و ما ينتجه الناشرون في الدول المتقدّمة ؟
و عـن أيّ إنســان أتحـــدّث ؟
عن الإنسان الذي يخطّطون لإنتاجه في معامل الإستنساخ بمواصفات نموذجيّة معيّنة و موحّدة ، يتحكّمون فيها من خلال التلاعب بمورّثاته ، فيلبّون طلبات الشركات و المؤسّسات و الحكومات بحسب احتياجاتها إلى جندي مغوار ، أو مزارع قن ، أو عامل حاذق ، يضاهئون به خلق الله ؟
أم عن الإنسان الذي خلقه الله بيديه في أحسن تقويم ، ثمّ نفخ فيه من روحه ، و خصّه بقسمات و طبائع خاصّة به ، و سوّى بنانه و أفرده ببصمة لا يشاركه فيها أحد لتكون كتوقيعه ، و وهبه العقل ميّزه به من سائر مخلوقاته ، و أمره بإعماله في الكشف عن قوانين الكون المسخّر له ، و هداه النجدين و خيّره أن يسلك أحدهما بمحض اختياره ، و حمّله المسؤولية أمانة أبت السماوات و الأرض أن يحملنها و أشفقن منها ، و حملها هو ثقة و اعتدادا . فأسجد الله له ملائكته تقديرا و إكبارا و تحسين ظنّ به ، في أنّه سوف يحسن اختيار طريق الخير رغم قدرته على اختيار طرق الشرّ .
ثمّ جعل منه الذكر و الأنثى ، و سيلة لحفظ نسله و نمائه ، و جعل من آياته فيه اختلاف ألسنته و ألوانه ، و جعل منه شعوبا و قبائل و أمما وحضارات ، تتدافع و تتخاصم ثمّ تتحاور و تتعارف و تتفاهم ، ، و عدّ ذلك الإختلاف ضرورة لتطوّر الإنسانيّة و نموّها و تلاقح الثقافات و ارتقائها ( و لولا دفع الله النّاس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) – البقرة – الآية 251 –
و عـن أيّ كتــاب أتحــدّث ؟
عن الكتاب في وعائه الورقي الذي يتأهّب للرحيل ، بعد أن أدّى خدماته الجلّى للإنسانية قرابة خمس مئة عام ، و أفشى المعرفة بوابل من النسخ ظلّ ينثرها بين أيدي الناس منذ اخترع غوتنبرغ المطبعة عام 1440 م ، تربّع خلالها على عرش المعرفة بلا منازع ، حتى جاءته الوسائط الحديثة تجتذب إليها سمع الإنسان أصواتا مسجّلة ، و تجتذب بصره صورا مرئيّة ، و تجتذب سائر حواسّه حركات إلكترونية تأخذ بالألباب ؟
أم عن الكتاب في وعائه الإلكتروني القادم بسرعة مذهلة ، يغيّر و يبدّل في الكتاب كلّ شيء ، شكله و حجمه ، و طرق خزن المعلومات فيه و سبل استرجاعها . يختزل مكتبة ضخمة تحتاج إلى مئة ألف متر من الرفوف لاستيعاب كتبها في علبة صغيرة تحتوي على بضعة أقراص ليزريّة ، لا يتجاوز قطر الواحد منها 15 سم و سماكته 1 مم و يضع المعلومة بين يدي القارئ مثل خاتم سليمان كلمح بالبصر .
يعد بإراحة المكتبيّين من أعباء التخزين و ( الأرشفة ) و التصنيف ، و إسعاد ربّات البيوت بتوفير الجدران التي كان يحتلّها الكتاب و يقول هل من مزيد ؟ فيستبدلن به لوحات الفنّ و الزينة ، و يبشّر أنصار الطبيعة و حماة البيئة ، بإنقاذ شجرة من القطع مقابل كلّ نسخة مطبوعة من كتاب ، و حماية البيئة من التلوّث بآلاف الأطنان من الحبر و رصاص الأقلام ، و نفايات المطابع ، و فضلات الصحف ، و الكتب المستعملة ؟
ما أريد أن أؤكّده أننا نعيش في عالم متغيّر ، تعيش فيه الإنسانية منعطفا حادّا ، و مثلما تدرّجت في عصور الرعي و الزراعة و الصناعة ، ها هي ذي تدخل الآن عصر المعلومات ، الذي تتنامى فيه العمالة الفكرية على حساب العمالة اليدوية ، و تتبدّل فيه مقاييس التقدّم و معايير ارتقاء الأمم ، و تترك خصائصه آثارها العميقة على طرق التفكير ، و أنماط العيش ، و سبل التخاطب ، و أساليب التربية و التعليم ، و قواعد السلوك ، و سائر العلاقات الإجتماعية و السياسية ، و الإقتصادية ، المحلّية منها و الإقليمية و الدولية .
و ككلّ التحوّلات الكبرى في التاريخ سوف تضطرب القيم و الموازين و أنماط السلوك خلال مراحل التحوّل ، و سوف يقاوم الإنسان التغيير و يدافعه بحكم الإعتياد ، إلى أن يستقرّ الجديد و تثبت فعاليّته و جدواه .
عــوامل العــزوف القرائـــي
إنني أعرف أن أمّة ( إقرأ ) باتت لا تقرأ . و أن إهمالها القراءة لم يعد سرّا يجهله أعداؤها ، بل هم يستيقنونه إلى درجة أنهم ينشرون مخطّطاتهم و نواياهم المبيّتة و لا يخشون إطّلاعهم عليها . فلقد سبق لدايان أن طمأن إسرائيل حين نشر بعض مخطّطاته إلى أن العرب لا يقرؤون .
و أزمة الخليج عام 1990 م مرّت دون أن نستطيع قراءتها في ضوء التاريخ و لا في ضوء الواقع ، فضلا عن المتوقّع … لقد كان كل شيء في هذه الأزمة مبرمجا و مخطّطا له بدقة و معلنا عنه في وقت مبكّر ، في كتب و دراسات ترجمت إلى العربية و نشرت في أوطاننا … مررنا بها كأنها لا تعنينا ، ثمّ نفّذنا مضامينها كلها بدقة و أمانة كما أريد لنا .
و أعرف كذلك أن مناهجنا التعليمية قد ربطت طلابنا بالمقرّرات الدراسية و مختصراتها ، فقتلت لديهم روح البحث ، و صرفتهم عن المطالعة خارج المنهاج ، و كرّهت إليهم القراءة و الكتاب ، حين حصرت هدفهم بالإمتحان و الشهادة ، تنتهي الحاجة إليهما و تبدأ القطيعة معهما بالنجاح في الإمتحان و تحصيل الشهادة .
إن مناهج التربية و التعليم هي المسؤولة عن غرس عادة القراءة لدى الإنسان من أجل بناء مجتمع قارئ . وهي القادرة على تكوين القارئ النهم ، الذي يعدّ الكتاب حاجة أساسية لتنمية عقله و فكره ، مثلما يؤمن بأن الرغيف حاجة أساسية لنماء جسده ، بل هو يشعر بأن معدته محدودة إذا تلقّت من الطعام أكثر من حاجتها أصيب بالتخمة ، بينما عقله غير محدود يلتهم كل ما يقدّم له من زاد المعرفة ، و يقول هل من مزيد ؟
فإن هي أرادت أن تستخدم طاقتها في بناء الإنسان القارئ ، أقبلت عليه منذ الصغر ، توسّع مداركه ، و تفتح له آفاق المعرفة ، و تغريه بها مستغلّة ما فطر عليه من حبّ الإطّلاع ، و السعادة بالتعرّف على المجهول ، فتطارحه الأسئلة و تدفعه للتساؤل ، ثم تضع بين يديه المراجع و المصادر ، و تتركه يواجه تعب الولوج إليها ، و يعاني مشقة البحث فيها ، و ينتابه الإحباط تارة و الأمل أخرى ، حتى يظفر بما يريد ، و تغمره السعادة بما حصل عليه بجهده و تعبه و سهره … عند ذلك ستقوم بينه و بين الكتاب ألفة ما بعدها ألفة ، و سيشعر أن حياته مدينة للكتاب ، و أنه لا يستطيع أن يعيش من دون كتاب ، يصطحبه معه كل حين ، يحيي به كل وقت انتظار فيزهق ملله ، و يخصّه بساعات من وقته يخلو بها معه .
أما إذا أرادت أن تضرب به مثل السّوء ، و تذهب به خارج دورة الحضارة ، فتصرفه عن عادة الفراءة ، و تبغضه بالكتاب ، و تشغله بسفساف الأمور … فإنها تعمد إلى ربطه بالمقرّرات ، و صرفه عن المراجع ، و قتل روح السؤال و التساؤل لديه ، و إراحته من عناء التفكير و مشقة البحث ، فها هو ذا الكتاب المقرّر بين يديه ، قد احتوى علم الأوّلين و الآخرين ، و ما عليه إلا أن يقرأه آناء الليل و أطراف النهار حتى يحفظ كل حرف فيه ، و يصبّه في ورقة الإمتحان صبّا ، فينال الشهادة ، و تنقطع بها صلته بالكتاب ، بل يصبح الكتاب أبغض شيء إليه ، لأنه كان الضيف الثقيل المفروض عليه ، و ها قد انتهت حاجته إليه …. أفتراه يبحث عن نظيره ليعكّر عليه صفو هدوئه .
و المناهج ، عندما تمارس هذا الدور ، تلغي كل دور لمكتبة المنزل أو المدرسة ، و لحصّة المطالعة ، و لواجب المطالعة الحرّة ، و لحلقة البحث ، و تصنع من الكتاب أعدى عدوّ للإنسان .
و أعرف كذلك أن حالة العزوف القرائي و الأميّة الثقافية اللاحقة ، قد أضرّت بحركة النقد ، و حدّت من تداول الأفكار ، و أدّت إلى ركودها ، فضمر الإبداع و تحجّرت العقول ، و غاضت الثقافة في المياه الآسنة .
و أعرف أيضا كيف تقوقعت ( الأيديولوجيات ) في الوطن العربي ، و فرضت الوصايات ، و شحذت مقصّات الرقباء ، و روّج لقرارات المنع و الحجر على العقول ، و أدخلت في قوالب جاهزة متباينة و مزاجية ، و فرضت ثقافة الإتجاه الواحد ، و احتكرت الحقيقة ، و حجب الرأي الآخر ، و هدأ الحوار ، و غاب النقد ، و ساد الصمت ، و ضمر الإبداع ، و ابتلي الفكر بالعقم ، و تقطّعت أوصال الكتاب ، فأوصدت دونه الأبواب ، و حرم القارئ من حقه الطبيعي في الإطّلاع .
أعرف كيف اقتنصت وسائل الإعلام العابر و المعلومات السريعة ، شريحة كبيرة من قرّاء الكتاب ، بما تملكه من جاذبيّة وسائطها المتعدّدة في الصوت و الصورة و الحركة ، فآثروها على الكتاب ، و أسلموا إليها قيادهم و أوقاتهم ، و فضّلوا التحوّل إلى متلقّ يستمع و يشاهد مسترخيا على أريكته ، يتجرّع و يحتسي ما يقدّم له من دون كبير تدخّل أو اختيار … آثروا ذلك على معاناة القراءة الجادّة ، و ما تتطلبه من تركيز و وعي ، فتسطّحت الثقافة ، و لم يبق للكتاب إلا قارئ للمقرّرات على مقاعد الدرس ، أو مثقّف هاو عاشق للكتاب لم يخدعه البريق .
أعرف كيف انتحل العازفون عن القراءة الأعذار الواهية لتسويغ عزوفهم المنكر عن الكتاب و هجرهم المستهجن له ، متعلّلين بغلاء سعره و ضعف قدراتهم الشرائية و محدودية دخلهم تارة ، و بتعقّد سبل الحياة و تعاظم هموم العيش و ضيق الوقت تارة أخرى ، و أن لو صحّ منهم العزم و صدقت النيّة لوفّروا للكتاب الوقت و المال . أعرف ذلك كله ، و أعرف أن هذه الإعاقة المزمنة التي حلّت بالكتاب قد حجبته عن أداء دوره المنشود في بناء الإنسان ، و أن العقاقير المسكّنة و قصائد المديح المدغدغة للعواطف لم تنفع في علاج مشكلاته التقليدية .                                                                    ( يتبع )                                                                                           أ . محمد عدنان سالم القـراءة السادسـة طلبــــــة تونـــس  


عبد السلام أديب في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الصراع الطبقي والنضال اليساري الميداني في المغرب.


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن – العدد: 3220 – 2010 / 12 / 19 المحور: مقابلات و حوارات      أجرت الحوار: منال نصر الله من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.

حوارنا – 19 – سيكون مع الأستاذ عبد السلام أديب حول: الصراع الطبقي والنضال اليساري الميداني في المغرب. 1 – كيف تقيم الخارطة الطبقية الراهنة في المغرب ؟وكيف ترى التنسيق والعمل المشترك بين اليسار المغربي من اجل تنظيم وقيادة الاحتجاجات العمالية والجماهيرية في المغرب؟    تتوزع الخارطة الطبقية الراهنة في المغرب الى ثلاث طبقات تتميز بعضها عن بعض علما أن كل طبقة تحتوي على شرائح تختلف بحسب طبيعة مسلسل الإنتاج الذي تنخرط فيه. وتتمثل هذه الطبقات الثلاث في ما يلي:   1 – توزيع الخارطة الطبقية في المغرب: – طبقة الملاكين العقاريين الكبار والبرجوازية الصناعية والكومبرادورية تشكل تحالف طبقيا مهيمنا يتحكم في مختلف وسائل الإنتاج ويشغل لديه  أكبر نسبة من الكادحين ويتشكل هذا التحالف الطبقي بالإضافة إلى القصر الذي يهيمن على أكبر مجموعة مالية واقتصادية في البلاد وهي مجموعة أونا ومن ملاكين اقطاعيين وبرجوازيات تتوزع هيمنتها على قطاعات الفلاحة أو الصيد البحري أو الصناعة أو التجارة أو العقار أو السياحية …
– ثم طبقة بروليتارية كادحة تتشكل من البروليتاريا العاملة في القطاعات الإنتاجية الأساسية التي يهيمن عليها  التحالف الطبقي الحاكم وأيضا في قطاع التجارة والخدمات وتتشكل أيضا من بروليتاريا تشتغل في الأعمال الهامشية وفي القطاع غير الرسمي أو بروليتاريا عاطلة تشكل ما يسمى بالجيش الاحتياطي للعمل، أو بروليتاريا مشردة…  
– ثم طبقة وسطى تضم البرجوازيتين المتوسطة والصغرى حسب نوعية الخدمات والمهن الحرة التي تزاولها ومدى ما توفره لها هذه الأنشطة من مداخيل أو ثروات ترتبها في هذه الخانة أو تلك.
وتقوم العلاقات الاجتماعية بين هذه الطبقات على أساس علاقات الإنتاج السائدة، فطبقة الملاكين العقاريين الكبار والبرجوازية المتحكمة في وسائل الإنتاج ترتبط بعلاقات شغلية تحكمية بالطبقة العاملة بحيث تشكل مصدر الأجور الهزيلة التي تتوصل بها بينما تقتطع لنفسها فائض قيمة يشكل مصدر ثرواتها ورؤوس أموالها. أما الطبقة الوسطى التي تشتغل أساسا في قطاع الخدمات والمهن الحرة والادارات العمومية والجيش والأمن، فترتبط مصالحها بمصالح الملاكين العقاريين الكبار والبرجوازية المتحكمين في وسائل الإنتاج الأساسية نظرا للتداخل العضوي لنشاطهم بالإنتاج الرأسمالي السائد أو لحاجة هؤلاء لخدمات الطبقة الوسطى بنفس القدر الذي تحتاج فيه الطبقة الكادحة لبعض هذه الخدمات كالعلاج والمحاماة والأمن …
ومعلوم أن تشكل هذه البنية الطبقية تم عبر تطور تاريخي طويل على قاعدة صراع طبقي عنيف أساسا بين الكادحين والطبقات المتحكمة في وسائل الإنتاج. فتحكم الملاكين العقاريين الكبار والبرجوازية في وسائل الإنتاج تم في الغالب عبر التواجد في دواليب السلطة منذ ما قبل عهد الاستعمار، ففرض الإتاوات والضرائب على الحرفيين والفلاحين ونهب الأراضي الفلاحية الشاسعة من طرف كبار القواد الكبار الممثلين للسلطة المركزية لم تكن لتمر بدون مقاومة شرس من طرف المعنيين بالأمر سواء في المدن (ثورة الدباغين بفاس سنة 1873 وثورة الاسكافيين بمراكش سنة 1904 بسبب الضرائب) أو في البوادي عبر التنظيم القبلي (ظلت العديد من القبائل الأمازيغية طيلة خمسة قرون ترفض دفع الأتاوات وتحارب السلطة المخزنية لدفع هيمنتها على شروط عيشها).
لم يمر تدخل الاستعمار الفرنسي لفرض حمايته للسلطة المخزنية سنة 1912 بدون مقاومة مسلحة شرسة من طرف القبائل الصحراوية بزعامة أحمد الهيبة ومربيه ربه ومن طرف قبائل الأطلس المتوسط بزعامة موحا أو حمو الزياني ومن طرف قبائل الريف بزعامة عبد الكريم الخطابي ومن طرف قبائل تافيلالت والأطلس الكبير بزعامة عسو أوبسلام. ورغم بسط الحماية الفرنسية ودحر المقاومة القبلية بدعم استراتيجي للقواد المغاربة الكبار كالقائد العبادي والقائد الكلاوي الذين استفادو من دعمهم للمستعمر الفرنسي بنهبهم للممتلكات وأراضي الفلاحين الفقراء وشكلت مصدرا لثروات عائلاته فيما بعد خروج الحماية، فإن مقاومة البروليتاريا التي بدأت تتشكل في المدن في المركبات الانتاجية الفرنسية وعلاقتها العضوية بالاستغلال الذي تعرضت له في البوادي التي طردت منها بالقوة مما شكل تحالفا طبقيا ثوريا قاوم بشراسة المستعمر الى أن اجبره بسرعة من أجل الحفاظ على مصالحه على فتح مفاوضات اكس ليبان وابرام اتفاقية لاسيل سان كلود كوثيقة الاستقلال الشكلي حيث تم تسليم السلطة للتحالف الطبقي المتناغم مع مصالح السلطات الاستعمارية لكي يبدأ الاستعمار غير المباشر.
إن رواسب النهب والاستغلال التي باشرها أسلاف الملاكين العقاريين الكبار والبرجوازية الكمبرادورية سواء قبل عهد الحماية أو خلال فترة الاستعمار والتي عمقت التفاوت الطبقي القائم، ستستمر بعد الاستقلال الشكلي، نظرا لأن التعبيرات السياسية للكادحين الذين قاوموا الاستعمار ظلت تطالب بتحرر حقيقي جذري من الاستعمار وباقامة نظام ديموقراطي شعبي تعاد فيه الأراضي الفلاحية المغتصبة لأصحابها ويعتمد اصلاح زراعي كقاعدة انتاجية لتمويل الصناعة وتوزيع الثروات بشكل عادل، وكانت تلك هي الارهاصات التي عبرت عنها حكومة عبد الله ابراهيم من خلال المخطط الاقتصادي الأول، لكن انقلابا ابيضا سيحدث سنة 1960 حسب وثيقة المؤتمر الوطني الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، سيقلب التوجهات الشعبية رأسا على عقب، لتكريس نمط الانتاج الرأسمالي عبر تشديد استغلال الطبقة الكادحة وتوسيع مجال اغتصاب الأراضي المسترجع من المعمرين واستعمال القطاع العمومي والميزانية العامة كبقرة حلوب لمراكمة الثروات وخدمة رأس المال على حساب الأمل. وهي الاجراءات التي ستعمق التفاوت الطبقي وتركز الثروة والسلطة في يد أقلية من الملاكين الكبار والبرجوازيين الكومبرادور.
منذ عقد الستينات الى حدود اليوم استمر الصراع الطبقي بين المد والجزر، حسب الأزمات الدورية التي تحدث تقريبا كل خمس الى ست سنوات والتي بدأ النظام يسميها بالسكتات القلبية، وهي أزمات تنشأ نتيجة التناقض الصارخ الذي يحدث بين قوى الانتاج المتطورة جدا وعلاقات الانتاج المتخلفة جدا جراء الاستغلال الطبقي الفاحش للكادحين. ففي خضم هذه الأزمات الاقتصادية والتي تقترن عادة بأزمات سياسية تبرز التعبيرات السياسية الثورية للكادحين لتفجر انتفاضات عارمة كما حدث في 23 مارس 1965 و20 يونيو 1981 و20 يناير 1984 و14 دجنبر 1990 وعقب كل انتفاضة تعمد البرجوازية الحاكمة الى هجومات قمعية مضادة لاجتثات الطليعة الثورية للكادحين وهو ما حدث لعدد من مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية منذ سنة 1963 ولمناضلي الاختيار الثوري والمنظمات الماركسية اللينينية مع بداية عقد السبعينات وما حدث أيضا للمناضلين النقابيين والمناضلين الماركسيين اللينينيين عقب انتفاضات 1981 و1984 و1990، كما تعمد البرجوازية الى إطلاق مبادرات ايديولوجية لتخدير الطبقة الكادحة وضمان انصياعها للاستغلال الرأسمالي بدون ردود فعل عنيفة، فسياسة السدود ومشروع سقي مليون هكتار التي انطلقت خلال عقد الستينات كانت مليئة بالوهم نظرا لأن الملاكين العقاريين الكبار هم المستفيدون الوحيدون من ذلك بينما الفلاحون الصغار فكانو يموتون عطشا جراء الجفاف الذي ستتسبب فيه تلك السدود التي لا تقدم مياهها بالمجان وفقط للضيعات الكبرى التي تصدر منتوجاتها نحو أوروبا. كما ستعمد البرجوازية الى مشاريع من قبيل سياسة المغربة والتوزيع الشكلي للاراضي المسترجعة من العمرين سنة 1973 ثم خلق ما يسمى بالخدمة المدنية سنة 1976 كمرحلة يعبر منها الطالب المتخرج قبل الالتحاق بالعمل والتي أوقفت الإدماج المباشر للطلبة في الوظيفة العمومية. لكن قمع وأوهام البرجوازية سرعان ما تتبدد، فتتشكل التعبيرات السياسية الثورية للكادحين مرة أخرى لتأجيج الصراع الطبقي من جديد.
أما الطبقة الوسطى والتي تراهن عليها البرجوازية المهيمنة دائما للوقوف في صفها في مواجهة البروليتاريا الثورية فدائما ما تعبر عن سلوكات انتهازية داخل الهيئات السياسية والمركزيات النقابية والاطارات الجمعوية. فنظرا لكون هذه الطبقة تتمتع بقسط من التعليم ومن مداخيل قارة وبخبرة تدبيرية نجدها أمامنا في القيادات الحزبية وفي المكتب الوطنية للنقابات وفي الاطارات الجمعوية على اختلاف انشطتها، فتعمل انطلاقا من تلك المواقع على خدمة البرجوازية المهيمنة، فقد تستعمل خطابا ثوريا اشتراكيا أو شيوعيا أو اسلاميا أو ليبراليا بما يتماشى مع طموحات الكادحين فقط من أجل احداث المفعول التخديري وتعليق المطالب على العمليات الانتخابوية والبرلمانية التي تتبدد في مدى ست سنوات لكي تعيد الكرة مرة أخرى.
إذن ففي ظل هذه التناقضات الطبقية تتأرجح التعبيرات السياسية اليوم، فالتعبيرات السياسية للطبقة المهيمنة تتمثل اليوم في أحزاب الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري والعدالة والتنمية … وأيضا المركزيات النقابية الملحقة بها كالاتحاد العام للشغالين والاتحاد الوطني للشغل، أما التعبيرات السياسية للطبقة الوسطى أو البرجوازيتين الصغرى والمتوسطة فتتمثل في ما يسمى باليسار كالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية والمؤتمر الوطني الاتحادي والحزب الاشتراكي … وأيضا المركزيات النقابية الملحقة بها كالفدرالية الديموقراطية للشغل والكنفدرالية الديموقراطية للشغل والمنظمة الديموقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل.
أما التعبيرات السياسية للكادحين فلا تتمظهر إلا بشكل غير مباشر حيث قد تكون كامنة أو منخرطة في إحدى التنظيمات الحزبية أو النقابية أو الجمعوية بخطاباتها اليسارية الراديكالية، ثم سرعان ما تتشكل أنوية سرية لتداول ذلك الخطاب وتأسيس مرجعيته الايديولوجية ولغته السياسية في انسجام تام مع مصالح الطبقة الكادحة، تم ما يلبث أن ينزل هذا الخطاب الى الميدان على شكل احتجاجات منظمة أو غير منظمة. وقد شكلت التعبيرات الماركسية اللينينية منذ عهد الحماية أبرز معبر سياسي عن طموحات الكادحين، فتشكلت في كل حقبة تنظيماتها الثورية والتي سرعان ما تنهار نتيجة قلة الخبرة والقمع الوحشي الذي تمارسه البرجوازية عليها. 2 – احتداد الصراع الطبقي على المستوى الاقتصادي وتداعياته السياسية ان الصراع السياسي العنيف الذي قاده التحالف الطبقي الحاكم طيلة عقدي الستينات والسبعينات، كان يسير بموازاة مع السيطرة الاقتصادية للنظام على مختلف مقدرات الاقتصادية للبلاد واستملاك الأراضي والضيعات الفلاحية الشاسعة التي كانت في ملكية المعمرين الفرنسيين بدلا من استعادتها من طرف أصحابها الأصليين. وقد حدثت في هذا الإطار العديد من الجرائم الاقتصادية عبر النهب والطرد ونزع الملكية بالقوة واستعمال القانون كما هو الشأن بالنسبة لقانون المغربة لسنة 1973 وصولا الى حد استعمال العنف والاغتيال في بعض الأحيان من أجل تملك الأراضي الفلاحية الشاسعة. ومن الأمثلة الصارخة في هذا المجال واقعة أراضي أولاد خليفة بمنطقة الغرب سنة 1970، والتي عرفت أحداث دموية راح ضحيتها الملاكين الجماعيين الحقيقيين من أفراد هذه القبيلة. ولا زالت العائلات التي هيمنت على مثل هذه الأراضي تعتبر من أغنى العائلات بينما أصحاب الأراضي الحقيقيين يعيشون في فقر مدقع.
لقد استطاع التحالف الطبقي الحاكم في فترة وجيزة سحق التعبيرات السياسية للكادحين والهيمنة على المقدرات الاقتصادية للبلاد وتدجين عددا من الأحزاب السياسية. لكن تدبير الشأن العمومي لأجل خلق برجوازية مقاولة عبر نهب نسبة عالية من فوائض القيمة، أحدث بؤسا شديدا وسط الطبقة العاملة والفلاحين والمشتغلين في الأعمال الهامشية. ومع تزايد الفقر والهجرة القروية أصبحت المدن المغربية تعج بالسكن العشوائي ومدن القصدير المترامية الأطراف. كما ساعد على ذلك ازدواجية الاقتصاد بين اقتصاد عصري متوجه نحو الخارج مستقر في المدن الساحلية التي تتوفر على موانئ تسيطر عليه البرجوازية المحلية والدولية وتستغل الأيدي العاملة الرخيصة المتوفرة بكثرة في بؤر الفقر المحيطة بهذه المدن. ثم اقتصاد عتيق يسيطر عليه الأعيان في المدن العتيقة الداخلية والقرى المجاورة لها والتي ظلت لحد الآن تعاني من الفقر والتهميش وانتشار العديد من الأمراض الاجتماعية كالمخدرات والبغاء والسرقة والجرائم …
وبين التحالف البرجوازي الحاكم وعموم الكادحين من عمال وفلاحين نمت طبقة وسطى تتكون من برجوازية متوسطة وصغرى تشتغل أساسا في مجال التجارة والخدمات وتشكل شرائح واسعة داخل الادارة المدنية والعسكرية والأمنية، ونظرا لارتباط المصالح الاقتصادية لهذه الطبقة بنمط الانتاج الرأسمالي القائم الذي تسيطر عليه البرجوازية الكبرى فقد أصبح أكثرية أفرادها من أكبر المدافعين عن النظام والتطلع إلى تكريس الديمقراطية البرجوازية. ونظرا للدور الوسطي لهذه الطبقة بين البرجوازية الكبرى والطبقة الكادحة فقد شكلت أكبر مدعم للنظام وممارسة الدور التخديري على الكادحين لفرملة توجههم التحرري الثوري. فقد هيمنت هذه البرجوازية على قيادة الأحزاب السياسية بيافطاتها اليمينية واليسارية والإسلامية وعلى المركزيات النقابية وحولتها بالتالي إلى إطارات ملحقة بجهاز الدولة الطبقي وأداة للتخدير الإيديولوجي. 3 – وقوف اليسار الجذري وراء أغلب الانتفاضات الشعبية ضد النظام لكن رغم الهيمنة الحديدية للنظام الملكي والتحالف الطبقي الحاكم فقد كانت هناك حركة سياسية معارضة دءوبة تتخذ في بعض الأحيان طابع العلنية وفي أحيان كثيرة تتخذ طابع السرية لتفادي القمع الوحشي للسلطات، وقد استطاعت هذه الحركات تعبئة الشارع المغربي عبر الاحتجاجات والانتفاضات خصوصا في الأحياء الشعبية الهامشية. وقد كان للتوجه الماركسي اللينيني دورا مهما في الحراك الاجتماعي طيلة عقدي الستينات والسبعينات والثمانينات، فقد لعب هذا التيار دورا في إشعال فتيل انتفاضة 23 مارس 1965 والتي انفجرت على الخصوص بمدينة الدار البيضاء بسبب اتخاذ الحكومة لقرارات مجحفة في حق التلاميذ حيث راح ضحية هذه الانتفاضة ما يقرب من ألفي قتيل. وقد أدى فرض حالة الاستثناء على البلاد فيما بين 1965 و1970 اضافة الى هزيمة حزيران 1967 وانتفاضة الشباب بفرنسا سنة 1968 وحرب الفتنام، الى تقوية دينامية الحركة الماركسية اللينينية المغربية والتي ستقود منذ سنة 1969 العديد من الاحتجاجات الجماهيرية بالمدن والقرى للاحتجاج على النهب الاقتصادي وعلى الاستبداد السياسي والمطالبة بإسقاط الملكية، وإقامة جمهورية ديمقراطية اشتراكية. وبطبيعة الحال فقد كان العالم كله يشهد أوضاع ثورية متفجرة وحيث كانت مواجهة البرجوازية لهذا المد الثوري عبر الهجوم المضاد القمعي والايديولوجي وحيث ووجهت  الاحتجاجات في المغرب بالقمع الدموي وبالاختطافات القسرية وبالتعذيب داخل السجون السرية، وهي العملية التي ستتكرس عقب الانقلابين العسكريين الفاشلين سنة 1971 و1972، وقد عرف عقد السبعينات أكبر حملة من الاختطافات وعمليات التعذيب وسقوط العديد من ضحايا اليسار الجذري.
وقد كانت قضية الصحراء الغربية إحدى الأدوات السياسية التي لجأ إليها النظام لسحق المد الثوري البروليتاري بقيادة المعارضة الماركسية اللينينية والتي استطاعت الانغراس بقوة وسط الجماهير الكادحة واستقطاب التأييد والتعاطف في مواجهة النظام الدموي. فقد حاول النظام اللعب بورقة الإجماع الوطني حول قضية الصحراء لإلغاء العديد من المطالب الديمقراطية والتغطية على العديد من الجرائم السياسية والاقتصادية. لكن المعارضة الجذرية كانت تعمل على فضح النهب الاقتصادي.
ولقد انضاف الى النهب الاقتصادي لعقد السبعينات انهيار أسعار الفوسفاط سنة 1975 ودخول المغرب في فترة أزمة مالية واقتصادية عنيفة مما جعله يعتمد سياسة للتقشف عبر مخطط 1978 – 1980، والذي كان يعني بالملموس تقليص تدريجي للخدمات العمومية مع تجميد الأجور ورفع أسعار المواد والخدمات لزيادة أرباح الشركات والمقاولات، وكان لا بد لهذه الوضعية أن يكون لها آثار وخيمة على الطبقتين الاجتماعيتين الوسطى والدنيا، وبطبيعة الحال فإن هذه الوضعية ستستثمر من طرف الجماهير الكادحة بقيادة القوى السياسية الجذرية الماركسية اللينينية والتي ستستغل دعوة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل الى الإضراب العام في 20 يونيو 1981 عقب الزيادة في أثمنة الخبز للخروج في مختلف المدن لقيادة مظاهرات جماهيرية عارمة ضد سياسات النظام الاقتصادية والاجتماعية. لكن النظام سيلجأ مرة أخرى للقمع الوحشي وبالذخيرة الحية حيث سقط في هذه المظاهرات أزيد من 1600 قتيل لا زالت المنظمات الحقوقية تطالب بالكشف عن مكان دفنهم السري. 4 – استمرار الصراع الطبقي ذو الوجه الاقتصادي، سيعمق من الاحتجاجات الشعبية سيشهد النصف الأول من عقد الثمانينات وبسبب أزمة مالية خانقة ومديونية متفاقمة انطلقت ارهاصاتها منذ سنة 1975 تكريس سياسة التقشف واعتماد سياسة التقويم الهيكلي والتي تتلخص في تخلي الدولة عن التسيير الاقتصادي والاجتماعي وتقليص الاستثمارات العمومية والمراهنة على القطاع الخاص وجذب المستثمرين الأجانب، وتقليص التوظيف العمومي وتجميد الأجور وتحرير الحواجز الجمركية واعتماد إصلاح جبائي يتماشى مع التدبير الليبرالي الجديد، واعتماد إصلاح جامعي وإصلاحات في مجال التعليم يقلص من حضوض الشباب من ولوج الجامعات وإتمام الدراسة من أجل دفعهم نحو التكوين المهني لتوفير الجيش الاحتياطي للعمل الرخيص.
وبطبيعة الحال سيكون لهذه السياسات ردود فعل لدى الكادحين وتعبيراتها السياسية الماركسية اللينينية التي تتوفر على قدرة تعبوية هائلة وسط الجماهير وحيث ستتفاقم الاحتجاجات إلى حين انفجار انتفاضة يناير 1984 والتي ذهب ضحيتها المئات نتيجة القمع الوحشي خاصة بمدينتي مراكش والناضور، وسيتهم الحسن الثاني صراحة في خطابه بعد الانتفاضة الحركة الماركسية اللينينية مجسدة في حركة الى الأمام وبعض التيارات السياسية الإسلامية التي كانت تعترض على انعقاد المؤتمر الإسلامي بالدار البيضاء، بوقوفهما وراء تأجيج الاحتجاج، وبطبيعة الحال ستعرف هذه الفترة موجة من الاعتقالات والاختطافات والاستشهادات تحت التعذيب.
في أواخر عقد الثمانينات ستتفاقم الانعكاسات السلبية لسياسة التقويم الهيكلي على الوضع الاجتماعي وستواصل الحركة الماركسية اللينينية تأجيج الاحتجاج الجماهيري بمختلف الوسائل الدعائية، وسيتفاقم الغضب الشعبي عقب قيام الدولة سنة 1989 بتطبيق زيادات في أسعار ثلاث مواد أساسية الشيء الذي تمخض عنه انتفاضات شعبية عارمة في كل مكان، وخاصة بمدينة فاس وطنجة وكان ذلك في 14 دجنبر 1990، وقد راح ضحية هذه الانتفاضة المئات من القتلى كما تم الزج بالمئات من المتظاهرين في السجون. 5 – القمع والبعد الأمني للدولة وتدجين الأحزاب السياسية المعارضة الرسمية سيدفع الاحتجاج نحو الهامش إلى غاية انتفاضة 1990 ، بدأت الدولة في تغيير سياستها الأمنية في المدن الكبرى حيث كانت تحدث الانتفاضات المركزية، كما قسمت مدينة الدار البيضاء وفرضت هيمنتها الأمنية على الجامعات وشجعت التيارات الاسلامية والأمازيغية داخلها لبث التفرقة وتأجيج الصراع بينها، وعملت على تدجين المركزيات النقابية من خلال سيطرة البيروقراطية على أجهزتها القيادية، وتدجين أكبر للقيادات الحزبية واغرائها بالدخول في مرحلة التناوب لكن بشروط الملك وليس بشروطها حيث سيدخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من موقع ضعف الى الحكومة. والشروع في ما يسمى بمرحلة التناوب التوافقي والذي سيضمن انتقال سلس للسلطة الملكية من الحسن الثاني الى محمد السادس.
ان الأوضاع الاجتماعية المتفاقمة طيلة عقد التسعينات والعقد الأول من الألفية الثالثة، والتي لم تحدث ردود فعل جماهيرية مركزية نظرا لتشديد الدولة لرقابتها على المدن الكبرى وتصعيد حدة القمع، إضافة إلى تدجين الأحزاب السياسية المعارضة الرسمية، سيكون وراء انتفاضات عديدة ستتواصل في العديد من القرى والمداشر وحتى في الجبال نتيجة العديد من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ونتيجة ضعف التحكم الأمني في هذه المناطق. 6 –  دور حركة المعطلين من حاملي الشهادات في غزو الشارع العمومي منذ بداية التسعينات وقدرتها على تحقيق مكتسبات لقد طبع عقد التسعينات وعقد بداية الألفية الثالثة بروز حركة المعطلين من حاملي الشهادات العليا وهم أبناء الكادحين من عمال وفلاحين وموظفين ينتمون لبعض شرائح البرجوازية الصغرى وللطبقة العاملة، فتوقيف الدولة لعملية التشغيل في القطاع العمومي طبقا لسياسات التقويم الهيكلي وتوصيات صندوق النقد الدولي، خاصة لحاملي الإجازة انطلاقا من بداية عقد التسعينات ثم لحاملي الشهادات العليا انطلاقا من العقد الأول من الألفية الثالثة، دفع الآلاف من الخريجين لاعتماد استراتيجيات قتالية في شوارع العاصمة للحصول على شغل، وحيث أصبحت منذ ذلك الحين في مواجهة يومية مع قوات القمع. وقد دفعت هذه النضالات والتي تعددت أشكالها من مسيرات ووقفات واعتصامات واقتحام مقرات الوزارات والإضراب عن الطعام وإحراق الذات، إلى تقوية حركة المعطلين محليا ووطنيا وحققت في العديد من نضالاتها تشغيل بعض أعضائها.
وقد تميزت حركة المعطلين الشباب بتنظيمها الجيد وبهيمنتها على الشارع العمومي، وقد ضل التأطير السياسي حاضرا في وسطها خاصة من طرف القوى اليسارية الجذرية وبعد ذلك من طرف قوى سياسية اسلامية. وقد فرضت هذه الحركات إيقاعا احتجاجيا يوميا في الشارع العمومي خاصة في شوارع مدينة الرباط العاصمة وقبالة البرلمان، ولم تخلوا هذه الوقفات الاحتجاجية من قمع وحشي ومن كسور خطيرة للعظام واعتقالات لكنها كانت تؤدي في بعض الأحيان إلى مفاوضات مع السلطة لإدماج بعضهم في الوظيفة العمومية وحصول البعض الآخر على رخص البيع. 7 – انتقال عدوى الاحتجاج في الشارع من المعطلين الى باقي الحركات الاحتجاجية لقد شجعت حركة المعطلين العديد من الحركات الاجتماعية الأخرى في صفوف الكادحين ذات المطالب المتنوعة للنزول الى الاحتجاج أمام البرلمان، ومن بين هؤلاء ساكنة مدن الصفيح عندما يطردون من مساكنهم بدون تعويض كاحتجاجات دوار القهاوي بضاحية الرباط ودوار حربيل بمدينة مراكش والهراويين بالدار البيضاء، واحتجاجات المعتقلين السياسيين السابقين للمطالبة بمحاكمة جلاديهم والحصول على تعويض لمعالجة آثار الاعتقال التعسفي، واحتجاجات عمال الفوسفاط بخريبكة عقب تسريح 850 عامل بسبب مطالبهم النقابية واحتجاجات العمال الزراعيين الذين تهدر حقوقهم الشغلية في المزارع والمشاتل، واحتجاجات المنظمات الحقوقية والنسائية والجمعوية والنقابية والمناهضين للعولمة الليبرالية والعقد العالمي للماء واحتجاجات الفلاحين عقب الفيضانات واحتجاجات الجماعات السلالية على سلب البرجوازية لأراضيهم كساكنة سيدي الطيبي ومنطقة بكارة بالعرائش وميسور …
ورغم القمع الذي يسلط عادة على هذه الحركات الاجتماعية فقد تواصل الاحتجاج، وقد استطاعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سنة 2001 أن تحصل من المجلس الأعلى للقضاء على حكم بشرعية القيام بوقفات احتجاجية بدون ترخيص، الشيء الذي جعل جميع فروعها تنظم وقفات احتجاجية حقوقية بدون طلب ترخيص من السلطات العمومية. كما نجحت عدد من الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية لتأسيس شبكة سنة 2001 لدعم الحركات الاحتجاجية بالعاصمة الرباط، والتي كانت تتعرض للقمع وتجاهل مطالبها، وقد نجحت هذه الشبكة في دعم مطالب العديد من الحركات الاحتجاجية عبر تنظيم مهرجانات خطابية جماهيرية وكذلك وقفات احتجاجية عارمة أمام البرلمان مكنتها من انتزاع بعض المكتسبات. لكن مع اقتراب موعد انتخابات 2003 تخوفت بعض المكونات اليسارية من الوقع السلبي لهذه الشبكة على حصولها على مكتسبات سياسية من النظام فعملت بذلك على إجهاض التجربة. 8 – انطلاق عمليات التشبيك من أجل الاحتجاج الجماعي مع بداية الألفية الثالثة إن الفعل الاحتجاجي الشبكي سيتقوى في المغرب بعد سنة 2001 ، وحيث ستكون الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المبادر الأساسي في خلق هذه الشبكات من أجل قضايا حقوقية معينة، وقد شكلت حركة أطاك، التي ستتحول الى جمعية سنة 2000 أول شبكة مكونة من عدة أطراف سياسية ونقابية وحقوقية وجمعوية. كما تأسست سنة 2001 بمدينة الرباط شبكة دعم الحركات الاحتجاجية وضمت اليها عدة مكونات واستمرت في دينامية نضالية متصاعدة الى غاية انتخابات 2003 لكي تنحل بسبب الخلافات السياسية اليسارية الداخلية. كما تأسست في سنة 2002 هيئة وطنية للمطالبة بدستور ديمقراطي، وفي سنة 2005 تأسست شبكة مناهضة التحرش الجنسي عقب وقوع عاملتين بفندق سوفيتيل ديوان بالرباط ضحية تحرش جنسي من طرف رئيسهما المباشر، كما تأسست شبكة مناهضة استعمال العنف من طرف السلطات العمومية في الأماكن العمومية سنة 2006، وهيئة الدفاع عن الحقوق والحريات العامة سنة 2007، كما تم خلق الهيئة الوطنية لدعم المعتقلين السياسيين، ثم العقد العالمي للماء.
وبطبيعة الحال فإن مختلف هذه الشبكات التي تم خلقها كائتلافات مكونة من عدة تنظيمات سياسية ونقابية وحقوقية وجمعوية، وتضع برامجها النضالية الدورية عبر تعبئة الجماهير وتنظيم الوقفات الاحتجاجية ووضع التقارير ومراسلة السلطات العمومية ورفع شعارات منددة بالسياسات العمومية اللاشعبية. ونظرا لكون القوى اليسارية هي النواة الأساسية لهذه الشبكات، فقد ساهم توسع هذه الشبكات ونضالاتها الجماهيرية الى احتلال اليسار للشارع العمومي وتقوية خطابه السياسي والاقتصادي، مقارنة بظاهرة احتلال الحركات السياسية الاسلامية للشارع حينما يتعلق الأمر بقضايا قومية كالتضامن مع القضية الفلسطينية ومناهضة الحرب على العراق.  
والملاحظ هو أن الصراع الطبقي القائم بين البرجوازية المهيمنة التي تواصل تشديد استغلالها للكادحين مع تعمق ازمتها الهيكلية وتواصل الهجوم تلو الهجوم في مواجهة الكادحين من عمال وفلاحين وموظفين، يتأجج في الغالب بمقاومة جماهيرية صلبة تلعب فيها بعض فصائل اليسار خاصة منها القوى الماركسية اللينينية دورا مركزيا في تأجيجها. ورغم الدور التخديري التي تقوم به الأحزاب والمركزيات النقابية والهجوم القمعي لأجهزة الدولة في مواجهة الكادحين ، فإن المقاومة ما تلبت أن تنهض أقوى مما سبق. 9 –  تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية لكن أهم تجربة للحركات الاجتماعية المنظمة على أساس الشبكات والتي شكلت طليعة المقاومة الشعبية المنظمة ضد الهجوم البرجوازي والتي ضمت قوى اليسار السياسي والمنظمات النقابية والحقوقية والجمعوية، فقد انطلقت مع تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، حيث استطاعت هذه التنسيقيات في ظرف سنة (شتنبر 2006 – شتنبر 2007) أن يصل عددها الى تسعين تنسيقية في مختلف المدن والقرى، وأن تجعل من الاحتجاج الميداني في الشارع العمومي أهم وسائلها النضالية، وأن تبدأ وقفاتها بحوالي 400 محتجة ومحتج فتبلغ  12.000 مشاركة ومشارك، كما استطاعت هذه التنسيقيات أن تمدد احتجاجاتها من مجرد مناهضة الغلاء الذي أصبح يشكل سياسة منهجية تعتمدها الدولة منذ سنة 2005، الى إدانة تفكيك المرافق العمومية الى مطالب متعددة اقتصادية واجتماعية.
وقد استطاعت هذه التنسيقيات تنظيم ملتقيات وطنية وانتخاب لجنة متابعة وطنية، كما أشرفت على تنظيم، لأول مرة في تاريخ المغرب، ثلاث مسيرات وطنية خارج المسيرات التي تنظم للتضامن مع الشعب الفلسطيني وذلك في 24 دجنبر 2006 بالرباط والتي بلغ عدد المشاركين فيها حوالي 13 ألف مشاركة ومشارك وفي 25 مارس 2007 بالدار البيضاء والتي حوصرت في مستطيل بشارع لالا الياقوت لمدة أربع ساعات ثم مسيرة 2 سبتمبر 2007 بالرباط والتي نظمت خمسة أيام قبل موعد الانتخابات التشريعية والتي سيكون من نتائجها مقاطعة حوالي 83 في المائة من الشعب المغربي. كما استطاعت هذه التنسيقيات أن تحقق بعض المكتسبات بل وتساهم في مقاطعة عارمة للانتخابات التشريعية لسنة 2007.     2- وماذا عن التطور في مجال حقوق الإنسان بشكل عام ، وحقوق المرأة بشكل خاص في المغرب؟ تشكل الواجهة الحقوقية منذ 24 يونيو من سنة 1979 تاريخ تأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إحدى الواجهات التي لجأ إليها اليسار المغربي بعد القمع البرجوازي الوحشي الذي تعرض له العمل السياسي اليساري والذي كان يواجه آنذاك الجرائم الاقتصادية والسياسية ويتطلع لبناء دولة الحق والقانون كمنظور للتعايش السلمي لمختلف الطبقات. لكن رغم التوجه الإصلاحي للعمل الحقوقي وسعيه للتخفيف من الصراع الطبقي المحتد على الخصوص بين الكادحين والبرجوازية وممثلها الطبقي التي هي أجهزة الدولة، إلا أن الإخفاق لا زال يطال العديد من المجالات سواء على مستوى الحقوق المدنية والسياسية أو على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي الوضع العام لحقوق الانسان بالمغرب ثم الوضع الحقوقي للمرأة أ – الوضع العام لحقوق الإنسان بالمغرب يمكن تقديم وصف للوضع الحقوقي العام الذي يعيشه المغرب من خلال ما يلي: – استمرار مصادرة الدولة لحق الشعب المغربي في تقرير مصيره الذي يجسده استمرار العمل بدستور غير ديمقراطي يشرعن الاستبداد، ويؤبد قضاء غير مستقل خاضع للسلطات التنفيذية، عاجزا على حماية حقوق المواطنين؛ – غياب الممارسة الديمقراطية الفعلية، وانعدام الاتساق بين الخطاب الرسمي وبين واقع حقوق الإنسان. وهو ما يعمق من هشاشة وجزئية المكتسبات التي يتم إحرازها بفضل النضال الحقوقي اليساري في مجال الحقوق المدنية والسياسة؛ – غياب الديمقراطية واستمرار تدخل الدولة وطغيان المال خلال محطات الانتخابات التشريعية والانتخابات الجماعية مما جعل المغرب بعد 54 سنة من الاستقلال لم تسجل أية خطوة جدية نحو الديمقراطية بل عرفت الانتخابات الجماعية لسنة 2009 عودة ظاهرة حزب الدولة « الأصالة والمعاصرة » بقيادة صديق الملك فؤاد على الهمة، الذي تمكن من الاستيلاء على المرتبة الأولى من حيث عدد المقاعد وهو حزب لم يستكمل بعد سنة من التأسيس؛ – وعرفت السنوات الأخيرة تراجعا واضحا على مستوى حرية الرأي والتعبير والصحافة فقد تقهقر المغرب في هذا المجال بثماني نقاط حيث كان سنة 2009 مرتبا في المرتبة 127 فأصبح اليوم في المرتبة 135 فقد تم تسجيل هذه السنة عدد من المحاكمات غير العادلة والقرارات الإدارية التعسفية التي تنتهك هذه الحريات ومن بينها: – * استمرار الاعتقال التعسفي للصحافي عبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة المنار اللبنانية بالمغرب الذي يقضي عقوبة ب 10 سنوات سجنا نافذا بسجن سلا، نتيجة محاكمة صورية شابتها عدة انتهاكات للحق في المحاكمة العادلة؛ – * إيقاف صدور جريدة  » أخبار اليوم » وإغلاق مقرها خارج أية مسطرة قانونية أو قضائية؛ – * الدخول في إجراءات تطبيق الحكم الصادر ضد أسبوعية « لوجورنال » والقاضي بتأديتها لتعويض باهض(3 مليون درهم)مما أدى إلى خنقها وبالتالي توقفها عن الصدور؛ – * الحكم الجائر ضد مدير جريدة « أخبار اليوم » ب 6 أشهر سجنا نافدا، والذي له علاقة بملف سبق للقضاء المدني أن برأه منه؛ – * الحكم الجائر أيضا الذي أصدرته المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ضد الصحافي علي عمار يوم فاتح يوليوز 2010  ب3 أشهر موقوفة التنفيذ و500 درهم غرامة و40 ألف درهم كتعويض للمشتكية التي اتهمته » بسرقة حاسوبها… ». – وللتذكير، فبالنسبة لهاتين الحالتين الأخيرتين فقد لجأت الدولة في مواجهتها للصحافة المستقلة إلى تلفيق تهم الحق العام ضد الصحافيين في محاولة للتمويه عن الطابع السياسي لتلك المحاكمات المعادية لحرية الصحافة، وللمس بسمعة الصحافيين وخدش صورتهم لدى الرأي العام. –  * إصدار قرارات غير موضوعية وتفتقد للحياد والمهنية من طرف الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بشأن الشكايات الموجهة لها، والتي من ضمنها شكاية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حول السب والقذف الذي تعرضت له  في القناة الأولى،  وشكاية دفاع المعتقلين السياسيين الستة حول انتهاك مبدأ قرينة البراءة من طرف وزير الداخلية اتجاه موكليهم … – * إغلاق مكتب الجزيرة بالرباط، وعدم تجديد اعتماد كافة صحافييها بالمغرب بمقتضى القرار الصادر عن وزارة الاتصال المغربية بتاريخ 29 أكتوبر 2010، في غياب أي قرار قضائي؛ – * عدم وضع معايير موضوعية وشفافة في توزيع الدعم العمومي و التحكم السلطوي في الإشهار، مما أدى إلى خنق عدد من الصحف: » الجريدة الأولى »، » نيشان »…   – وبعد مرور 20 سنة على تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مازالت الهيئات والمؤسسات الوطنية الوسيطة المعنية بحقوق الإنسان تفتقر للاستقلالية، وتسجل عجزا في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وتستمر في لعب دور سلبي يتجسد في التغطية على انتهاكات حقوق الإنسان وتبرير إخلال الدولة بالتزاماتها في هذا المجال؛ ومحاولة تهجين الحركة الحقوقية وصرفها عن النهوض بالمهام التي تضطلع بها؛ – استمرار التعامل مع حقوق الإنسان كواجهة للاستهلاك الخارجي، ومن أبرز ما يوضح هذا التعامل مآل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي تم التملص من تنفيذها بشكل رسمي ونهائي من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بعد إصداره لتقريره النهائي في الموضوع وبعد سنوات من التوظيف السياسي لهذه التجربة لتبييض صورة الدولة أمام المنتظم الدولي. – هكذا استمرت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من اختطاف واعتقال تعسفي وتعذيب ومحاكمات سياسية وتوظيف تهم المس بالمقدسات لترهيب المواطنين والانتقام من المناضلين كان أبرز وأخطر تلك الملفات ما تعرض له الشيخ أحمد ناصر (95 سنة) من انتهاكات خطيرة لحقوقه منذ اعتقاله ومحاكمته وسجنه ووفاته في زنزانته… – استمرار ظاهرة الاختطاف والتعذيب كان آخرها الحالات التالية: – الحالة الأولى تتعلق بالمواطن المغربي محمد بوتشباكت الحامل للجنسية البلجيكية والذي كان يهم بمغادرة المغرب من مطار العروي بالناضور يوم 21/09/2010 ، ليتم توقيفه قبل صعوده الطائرة من طرف  عناصر بالزي المدني ، ،حيث أخذوه معهم ، واقتادوه إلى مكان مجهول ، ولم تقدم لعائلته أية معلومة لحد الآن عن مكان تواجده. – الحالة الثانية تتعلق بالمواطن المغربي أحمد براني الذي تم اختطافه 05/10/2010 من داخل متجر لأخيه بشارع مراكش بالناضور ،بعد مداهمته وتفتيشه من طرف أشخاص مجهولين، اقتادوه بعدها إلى مكان مجهول على متن سيارة فولسفاكن مسجلة بالخارج تحت رقم75GF 7023 وقد تقدمت عائلته مباشرة للسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالناضور ،- مصحوبة بشريط مصور للعملية- بشكاية رفض تسلمها بعد أن اتصل بالجهات الأمنية التي نفت علمها بالحالة، وصرح الوكيل العام للعائلة في أنه ربما هناك جهات أمنية متخصصة خارج نطاق سلطاته، تقف وراء الواقعة. – وقد اتصلت عائلتيهما في الأيام الموالية لاختطافهما بالسلطات الأمنية والقضائية بالمدينة، إلا أنهم أنكروا جميعهم  وجودهما لديهم، أو معرفتهم بمصيرهما. الحالة الثالثة تتعلق بالمواطن زهير الحجوجي من الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، حيث قام أشخاص بزي مدني مساء الجمعة 19 نونبر 2010 باختطاف المواطن زهير الحجوجي عضو اللجنة التحضيرية لإعادة تأسيس فرع الحاجب للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب. والذي كان إلى جانب مناضلين من الحاجب يعدون لعقد الجمع العام لإعادة تأسيس الفرع المحلي للجمعية والذي كان من المقرر أن ينعقد يوم الأحد 21 نونبر وقد تلقى زهير الحجوجي زيارة من طرف عناصر المخابرات  » الديستي » استفسروا خلالها عن إعادة تأسيس الفرع والمنخرطين وهددوه من أجل صرف النظر عن الموضوع، إلا أن الأحداث تسارعت فتم اختطافه من طرف عناصر بزي مدني مساء نفس اليوم  بواسطة سيارة DACIA سوداء و اقتادوه إلى وجهة مجهولة. و قد قام والد المواطن زهير المختطف و شقيقه بالاستفسار مساء نفس اليوم عن مصير ابنهما لدى الشرطة القضائية التي أنكرت تواجده لديها أو صلتها بالموضوع.   – وقد ظلت التزامات المغرب برفع التحفظات عن الاتفاقية الدولية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتصديق على الاتفاقية الدولية بشأن الحماية من الاختفاء القسري كلاما دون تنفيذ؛ – وامتنع المغرب عن التصويت مرتين على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، المتعلق بتوقيف تنفيذ عقوبة الإعدام في أفق إلغائها. – كما توالت خروقات حقوق الإنسان من خلال محاكمة الصحفيين ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والنشطاء الحقوقيين، والصحراويين، ومناضلو الحركات الاجتماعية والحركة الأمازيغية والتضييق على الحريات الفردية والحقوق الشخصية، والإمعان في خرق حقوق السجناء والمهاجرين وانتهاك الحقوق اللغوية الأمازيغية من ضمنها حرمان الأسر من تسجيل أبنائها وبناتها بالأسماء الأمازيغية.   وأما على مستوى وضعية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فإن أبرز مظاهرها تمثلت في ما يلي: – تقهقر مؤشر التنمية البشرية، حيث انتقل المغرب من الرتبة 126 إلى المركز 130 سنة 2009؛ – تزايد الفقر حيث بلغ معدل الفقر بحسب معهد أكسفورد باعتماد  مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد 28,5 %؛ – الارتفاع المستمر في أسعار المنتجات والخدمات الأساسية بشكل غير مسبوق، مما يؤدي إلى ردود فعل شعبية متواصلة في الزمان والمكان منذ أكثر من أربع سنوات، وهناك لإلغاء تدريجي لمجالات تدخل صندوق المقاصة في أفق إلغائه النهائي والذي ظل يدعم أسعار المواد الأساسية مما سيفاقم أكثر من ارتفاع الأسعار في المستقبل وهو ما سيشكل هجوما قويا على القوت اليومي لدوي الدخل المحدود من الطبقة العاملة ومن شرائح واسعة من الطبقة الوسطى. – استمرار جمود الأجور والمرتبات فالراتب الأساسي للموظفين ظل جامدا منذ سنة 1985 بينما لم يعرف الحد الأدنى للأجور أي تغيير يذكر منذ عدة سنوات بل لم تطبق زيادة في هذا الحد الأدنى بنسبة 5 % منذ وقع الاتفاق بشأنها بين الحكومة والنقابات سنة 2003. – انخراط المغرب من موقع الضعف في العولمة اللبرالية المتوحشة وإمعانه في إزاحة كل الحواجز لصالح قوى السوق واستمراره في سياسة خوصصة أهم المرافق الاجتماعية أدى إلى تدهور صارخ للأوضاع المعيشية للمواطنين والمواطنات ولانتهاك حقهم في العيش الكريم من جراء توسع رقعة العطالة وتدهور أوضاع الأجراء والأجيرات خاصة، في ظل انتهاك مستمر لمقتضيات مدونة الشغل. – التزايد الملموس في انتهاك الحق في السكن بطرد السكان من مساكنهم أو أراضيهم دون موجب حق مادامت الدولة لا تقدم للضحايا في المقابل أي بديل مقبول، مما يشكل انزياحا واضحا عن حماية الحق في السكن اللائق. ويتم اللجوء الى هذه الممارسة بالنظر الى ارتفاع قيمة الأراضي وتشكيلها مصدرا للاغتناء السريع، فيتم طرد الساكنة بدعوى محاربة السكن غير اللائق، من أجل إعادة تثمين تلك الأراضي واستغلالها، بدون إيجاد بدائل للساكنة الفقيرة المطرودة من مساكنها. – اعتماد مشاريع إصلاح في مجال التعليم ترمي بالأساس إلى القضاء على التعليم العمومي لفائدة التعليم الخصوصي، فإفلاس التعليم العمومي أصبح صارخا سواء على مستوى ضرب جودة التعليم أو على مستوى التأطير التربوي وتهيئ الزمن المدرسي، بحيث أصبح التعليم العمومي يعيد إنتاج فقر الكادحين ونصف المتعلمين والعاطلين. – نفس الشيء الذي أصاب التعليم العمومي يطال الصحة العمومية فالسياسات المخصصة لهذا القطاع خصوصا برنامج 2008 – 2012 يستهدف القضاء على ما تبقى من مصداقية للصحة العمومية ومجانية العلاج لفائدة خوصصة الخدمات الصحية، ومعلوم أن الكادحين الذين يشكلون أغلبية المغاربة والذين لا قدرة لهم على العلاج في المصحات الخاصة هو الأكثر تضررا من تدهور قطاع الصحة.    ولقد أسفرت هذه الوضعية، التي أثرت سلبا على المستوى المعيشي لأغلب الفئات الاجتماعية، عن هزات واحتجاجات في العديد من المناطق (افني، صفرو، خريبكة، بني ملال، المعطلون حاملو الشهادات، تنسيقيات مناهضة غلاء الأسعار…)، ووجهت هي الأخرى بالقمع من طرف الدولة، التي باتت تتصدى، أكثر فأكثر، لكل شكل احتجاجي (مهاجمة الوقفات والمسيرات، قمع الإضرابات…). هذا القمع الذي يعمل القضاء، باعتباره جهازا تابعا للدولة وفاقدا للاستقلالية، على التغطية عليه، محاولا إضفاء الشرعية على تعسفات السلطة، عبر محاكمات تغيب فيها شروط ومعايير المحاكمة العادلة. والنتيجة ليس فقط انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإنما أيضا الحقوق المدنية والسياسية. ويتم كل ذلك في ظل غياب وصمت مشبوه للقوى السياسية والمركزيات النقابية، بشكل ينم عن الدور الانتهازي للبرجوازية الصغرى والمتوسطة المهيمنة على هذه الاطارات التي الحقت بجهاز الدولة الطبقي.     ب – وضعية حقوق المرأة بالمغرب تتسم وضعية حقوق المرأة في المغرب على العموم بما يلي: على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية : أ – لا زال المغرب لم يصادق بعد على العديد من الاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية ، الخاصة بحقوق المرأة من بينها اتفاقية183 بشان الحق في الأمومة؛ ب – وبالرغم من أن مدونة الشغل بعيدة عن ترجمة الحقوق الشغلية كما تنص عليها المواثيق الدولية ومع ذلك فانه لا يتم احترام بعض المكتسبات التي جاءت بها لصالح العاملات مما يجعلهن عرضة للتسريحات الجماعية خصوصا في قطاعات النسيج و الزراعة إضافة إلى الميز في الأجور والحيف والتحرش الجنسي وعدم احترام حقهن في الأمومة؛ ج – تردي الخدمات العمومية و خاصة في مجال الصحة الإنجابية حيث لا زال المؤشر المتعلق بوفيات الأمهات أثناء الحمل والولادة مقلقا حيث يصل إلى 227 في كل 100 ألف ولادة حية وهو من أعلى النسب في العالم، وقد اضطرت بعض النساء اللواتي داهمهن المخاض في الصيف الماضي بمنطقة سيدي قاسم إلى الوضع في خيام فاقت حرارتها 47 درجة؛ د – تشريد الآلاف من النساء مع أطفالهن وأسرهن، نتيجة هدم بيوتهن على اثر فيضانات الأشهر الأولى من سنة 2010 التي عرفتها مجموعة من المناطق خاصة بالغرب والدار البيضاء و تارودانت وبني ملال…وغيرها.؛ ه – لا زالت الأمية تشكل نسبة 40 في المائة من المغاربة أغلبيتهم من النساء و خاصة القرويات؛ و – ارتفاع معدلات البطالة في اوساط النساء بما فيهن حاملات الشهادات العليا و اللواتي تتعرضن للعنف عند المطالبة بحقهن في الشغل؛ ز – عدم إصدار قانون خاص بالعاملات في البيوت كما أن تشغيل الطفلات الصغيرات لا زال مستشريا مما يعرضهن لكل أصناف العنف. والاستغلال كما حصل للطفلة « زينب اشطيط » التي تعرضت لأبشع أنواع التعذيب على يد مشغليها وهي لم تكمل بعد ربيعها الحادي عشر؛ ح – استغلال النساء وخاصة الفقيرات من اجل المتاجرة في أجسادهن من طرف عصابات منظمة تقوم بتهجيرهن خصوصا إلى الأردن وسوريا ولبنان و منطقة الخليج؛ ط – استمرار التمييز ضد النساء السلاليات اللواتي تحرمن من حقهن في استغلال الأرض على قدم المساواة مع الرجال المستفيدين مما يحرم العديد منهن من مورد رزق لهن ولأبنائهن؛ على مستوى الحقوق المدنية والسياسية: أ – لم يصادق المغرب بعد على العديد من الاتفاقيات الخاصة بحقوق المرأة؛ ب – وبعد مرور سنة على الإعلان الرسمي عن رفع التحفظات بشأن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، إلا أنه، في الواقع، لم يتم اتخاذ أي إجراء من أجل الرفع العملي للتحفظات، سواء كان هذا الرفع جزئيا أم كليا؛ لقد مرت ست سنوات على صدور مدونة الأسرة وان تم التعبير حينها على محدودية المكتسبات التي تضمنها وهشاشتها فان التعثر في تطبيقها أجهز على تلك المكتسبات القليلة ولم ينتج عن إصدارها أي اثر ايجابي ملموس على أوضاع المرأة المغربية ، ولازال الصندوق الخاص بالنفقة لم يحدث بعد. وتعترض العديد من المشاكل المسطرية، النساء المغربيات المتزوجات بأجانب و تحرم أطفالهن من الحق في الجنسية المغربية مع ما يترتب على ذلك من صعوبات تتعلق بالإقامة والحق في التعليم الشغل ….الخ؛ إن التقدم الطفيف الحاصل على مستوى تواجد النساء في الجماعات المحلية خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة يونيو 2009، لم يرق الى مطالب « الحركة المطالبة بثلث المقاعد المنتخبة للنساء في أفق المناصفة »، كما أن الكوطا، لم يتم التنصيص عليها في القوانين كآلية ضمن التدابير الخاصة التي تمكن المرأة من الوصول إلى مراكز القرار؛ ولا زالت العقلية الذكورية السائدة في المجتمع تكرس الأدوار النمطية للجنسين والصورة السلبية عن المرأة دون أن تقوم الدولة بتحمل مسؤوليتها في اتجاه تغييرها، مما يشجع على احتقار النساء وتهميشهن واستفحال التمييز ضدهن؛ مازالت مختلف مظاهر العنف والتحرش الجنسي ضد النساء تتزايد، في ظل إفلات من العقاب في العديد من الحالات. 3- كيف أثرت الأزمة الرأسمالية الراهنة على الطبقة العاملة والكادحين في المغرب؟ شكلت الأزمة الاقتصادية والمالية مرحلة جديدة متقدمة من الأزمة العامة الهيكلية للنظام الرأسمالي العالمي، كما شكلت على المستوى المحلي ببلادنا تكريسا للوضع المتأزم أصلا منذ عقد الثمانينات من القرن العشرين بسبب سياسات تكييف الاقتصاد والمجتمع المغربي مع شروط التراكم الرأسمالي وتدبير أزمته. وتبقى الطبقة العاملة وعموم الكادحين في المغرب الأكثر تحملا لتكاليف الأزمات الاقتصادية والمالية التي عرفها المغرب منذ خروج الاستعمار المباشر وتحكم الاستعمار غير المباشر في القرارات الاقتصادية والاجتماعية بحكم تبعية التحالف الطبقي الحاكم للرأسمال الدولي. وقد توالت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية على المغرب منذ عقد الستينات كل خمس الى سبع سنوات والتي ستسميها السلطات الحاكمة بالسكتات القلبية منذ سنة 1995 ، وتترتب هذه الأزمات أو السكتات القلبية نتيجة التناقض الصارخ الذي تحدثه البرجوازية بسبب الملكية الخاصة لوسائل الانتاج بين قوى الإنتاج المتطورة جدا وعلاقات الإنتاج المتدهورة جدا أيضا. تناقض ما بين إنتاج غزير متوفر في مختلف الأسواق لا مجال لتصريفها وقوة شرائية متدهورة لدى الكادحين لا تتيح لهم إشباع حتى حاجياتهم الأساسية فبالأحرى استهلاك فائض الإنتاج المتراكم. فحدوث مثل هذه الأزمات يؤدي إلى تدهور معدل الربح وتوقف قوى الإنتاج عن العمل وبالتالي إلى حدوت عطالة واسعة وتدهور أكبر للقدرة الشرائية وتعمق وضعية الكساد. فالمشكل إذن هو في نمط الإنتاج الرأسمالي السائد الذي يحتضر والذي لا يتوقف عن إحداث الأزمات. فأمام تدهور معدلات الربح في مختلف القطاعات الاقتصادية ومن أجل تعويض الأرباح الضائعة للبرجوازية تلجأ الدولة إلى إطلاق يد البرجوازية من اجل المزيد من تشديد استغلال الكادحين حتى تحافظ الدولة على مداخيل محترمة للميزانية العامة للاستمرار في رعاية البرجوازية ونمط الإنتاج المتأزم وخدمة المديونيتين الداخلية والخارجية المتفاقمتين، تلجأ الحكومات المتعاقبة الى الهجوم على كل ما يدخل في نطاق النفقات الاجتماعية لتقليصها أو إلغائها سواء تعلق الأمر بدعم المواد الأساسية عبر صندوق المقاصة أو تخصيص الاعتمادات المالية للخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والسكن، بل عملت الحكومات المتعاقبة على بيع مختلف مكونات القطاع العمومي للقطاع الخاص المحلي والأجنبي. فطيلة ثلاثين سنة من التدبير المتواصل للأزمة عبر تراجع الدولة عن وظائفها في رعاية القطاعات الاجتماعية والاقتصادية وتعهد المرافق العمومية والتحول إلى خدمة الاحتكار البرجوازي، بدأ ينجم عن كل ذلك اغتناء مفرط للمتحكمين في وسائل الإنتاج من برجوازية محلية وأجنبية وفي إفقار متزايد للكادحين ولشرائح واسعة من البرجوازية الصغرى. فتدبير الدولة لأزمة الرأسمالية الاحتكارية يتم على حساب الكادحين وينجم عنه تفاوت طبقي صارخ. مع انطلاق الأزمة المالية والاقتصادية الأخيرة سنة 2008 كان وزير الاقتصاد والمالية المغربي ينفي دائما تأثر المغرب بها، في الوقت الذي اجتمعت فيه خلية أزمة حكومية مع الباطرونا في 24 فبراير 2009 واتفقت معها على اتخاذ عدد من الإجراءات اللاشعبية لوقايتها من الأزمة، فبالإضافة إلى تخصيص 13,5 مليار درهم من الميزانية العامة لمساعدة الشركات المتضررة من لأزمة وأيضا منحها إعفاءات من الضريبة ومن حصة المشغل فقد مكنتها من صلاحية تسريح 5 % من عمال كل شركة تتأثر بهذه الأزمة كما خولت لها صلاحية تقليص مستوى الحد الأدنى للأجور من 1800 الى حدود 1200 درهم فقط. وقد أدى هذين الاجرائين الأخيرين إلى كوارث متعددة في صفوف البروليتاريا المغربية. فقد شاهدنا سنة 2009 تسريح 50 ألف عاملة في معامل النسيج كما تجاوزت التسريحات في هذا القطاع خلال سنة 2010 ال 20 ألف عاملة، وهذا عدا عن تقليص الأجور الى ما دون 1200 درهم وتدني خطير في شروط العمل ومحاربة منهجية للعمل النقابي عبر تسريح أوتوماتيكي لأعضاء المكاتب النقابية حينما تتشكل. لقد كان الاعتقاد أن تلك الإجراءات اللاشعبية المتخذة ستكون كافية لحصر تأثيرات الأزمة، لذلك كان وزير المالية مقتنع بعدم جدوى الإعلان عن تأثر المغرب بالأزمة، فضل يتغنى بمعزوفة أن بلادنا بمعزل عن التأثر بها وهو يقصد بالفعل عدم تأثر البرجوازية بالأزمة لأنها تتمكن عبر الدولة البرجوازية من نقلها على كاهل البروليتاريا. لكن تفاقم الأزمة في العالم بسبب كونها ذات طبيعة هيكلية مرتبطة باحتضار نمط الإنتاج الرأسمالي الذي عمق التناقض بين قوى الإنتاج المتطورة جدا وعلاقات الإنتاج المتخلفة جدا والمتجسدة في اتساع البطالة والفقر وضعف الأجور والقدرة الشرائية لامتصاص الإنتاج الهائل المتراكم، جعل الأزمة تستفحل بشكل خطير على المستوى الكوني وتهدد بالمزيد من الضحايا في صفوف الكادحين وبالمزيد من الإجراءات التقشفية من طرف الأنظمة السياسية التي بدأت، تحت توصية مجموعة العشرين الامبريالية، تغترف من الميزانيات العمومية من جهة  لإنقاذ برجوازياتها من الإفلاس المطلق، وتقود من جهة أخرى دولها نحو الإفلاس لاعتماد إجراءات تقشفية لكي تسدد البروليتاريا فاتورة الأزمة ومقابل سعادة البورجوازية. حاليا نلاحظ أن اعتراف وزير المالية بوقع الأزمة على الاقتصاد المغربي هو بدون شك من أجل تبرير الإجراءات اللاشعبية والتدابير التقشفية التي يتم التحضير لها من قبيل إلغاء صندوق المقاصة ورفع المعدلات الدنيا للضريبة على القيمة المضافة وتقليص معدلاتها العليا مع تقليص معدل الضريبة على الشركات وزيادة سن التقاعد الى 62 سنة ثم 65 سنة وتقليص الرواتب وتجميد التوظيف على غرار ما تفعله حاليا البلدان الأوروبية المفلسة بسبب الأزمة كاليونان وايطاليا واسبانيا وفرنسا وألمانيا. 4- لماذا تراجع اليسار محليا وعالميا؟ و هل سنشهد نهضة يسارية في بلدان العالم العربي ، وكيف؟   اليسار لم يتراجع بل انمحى نهائيا منذ حوالي أربعين سنة بسبب هيمنة البرجوازية الصغرى الانتهازية على قيادات الأحزاب اليسارية، فثقافة الصراع السياسي بين اليمين واليسار التي انطلقت مع الثورة الفرنسية ورسختها تدريجيا  أفكار الاشتراكية الطوباوية ثم الفكر الماركسي وتجسدت فعليا في ثورة سنة 1848 في كمونة باريس ثم بعد ذلك كرستها الماركسية اللينينية خلال الثورتين الروسيتين لسنة 1905 و1917 وامتدت شرارتها لبلدان أخرى في أوروبا، على اساس الغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج واستبدالها بالملكية الاجتماعية لوسائل الانتاج.   وفي لحظة بدأ فيها نمط الإنتاج الرأسمالي يحتضر ويحاول تدبير أزمته عن طريق شن حربين عالميتين وحروب محلية متعددة ارتفع جرائها عدد الضحايا من الكادحين إلى حوالي 120 مليون نسمة، انتقلت ثقافة الصراع السياسي هذه نحو البلدان المستعمرة التي عرفت موجة عنيفة من حركات التحرر الوطني والاستقلالات السياسية قادتها شعوب المستعمرات المضطهدة. لكن البرجوازية العالمية ومن أجل الحفاظ على استمرارية هيمنتها العالمية على الرغم من علامات الاحتضار التي يشهدها نمط الإنتاج الرأسمالي، بدأت مباشرة عقب الحرب العالمية الثانية في شن هجومها المضاد على الفكر اليساري الثوري وعلى التجارب الاشتراكية وعلى قادة الفكر الاشتراكي انطلاقا من الماكارتية ومرورا عبر الانقلابات العنيفة في افريقيا وامريكا اللاتينية  والجرائم الفظيعة المرتكبة في مختلف البلدان بما فيها بلادنا (المهدي بنبركة، عبد اللطيف زروال، سعيدة المنبهب …)  لإجتثات الفكر الاشتراكي الثوري من جذوره. وقد نجح هذا الهجوم البرجوازي العنيف على الفكر الاشتراكي وعلى التجارب الاشتراكية واستطاع العالم الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة تدجين مختلف الأنظمة والتحكم في سياساتها الداخلية خلال عقدي السبعينات والثمانينات خصوصا مع انهيار جدار برلين الشيء الذي كان له تأثير عميق في نفوس الكثير من اليساريين القدامى الذين تحولوا عن ثقافة الصراع السياسي لتبني ثقافة التوافق السياسي خصوصا عبر البرجوازية الصغرى الانتهازية المتغلغلة في قيادات الأحزاب اليسارية، فارتد الكثير من اليساريين وحاول بعضهم الآخر الحفاظ على خطابه اليساري شكلا كالحديث عن الاشتراكية العلمية كما تفعل بعض الأحزاب اليسارية في المغرب بينما هي تعمل على خدمة أهداف واستراتيجيات البرجوازية مضمونا. وإذا كانت بعض الإرهاصات الجديدة للفكر الاشتراكي وللنضال الاشتراكي في أمريكا اللاتينية قد بدأت تعتمد على ثقافة الصراع السياسي بدلا من التوافق السياسي الإصلاحي، تعطي أكلها من خلال صعود تنظيمات اشتراكية للحكم. فإن اليسار في العالم العربي لا زال بعيدا عن بلوغ هذه المرحلة حيث لا زالت تسيطر عليه عقلية البرجوازية الصغرى الانتهازية فتسخر أحزابها لخدمة مصالح البرجوازية والمساهمة من خلال قيادات الأحزاب اليسارية الشكلية والمركزيات النقابية في تخدير الطبقة العاملة وتدجينها للخضوع للمزيد من هجوم البرجوازية على شروط عيشها والمزيد من تشديد استغلالها.    وفي رأيي أن هيمنة البرجوازية الصغرى بطموحاتها الانتهازية على قيادة الأحزاب اليسارية العربية وعلى المركزيات النقابية، جعل من السهل تسخير هذه الأحزاب والنقابات إلى جانب الدولة البرجوازية التي ترعى الرأسمالية الاحتكارية على حساب الكادحين في كبح الطموحات الثورية للبروليتاريا. لكن مع اشتداد الأزمة الاقتصادية وما تحدثه من عواقب وخيمة على البروليتارية بالإضافة إلى تعمق الأزمات السياسية بين مصالح مكونات التحالفات الطبقية الحاكمة، من شأن كل ذلك خلق الشروط الموضوعية لبروز تيارات يسارية راديكالية تعبر فعلا عن مصالح البروليتاريا وتطمح الى التغيير والتحرر السياسي والاقتصادي الجذري. لكن لن يتحقق التغيير فعلا الا في ظل نهوض أحزاب ماركسية لينينية في جميع الدول تشكل أممية شيوعية مناهضة للامبريالية ولنمط الانتاج الرأسمالي تقودها البروليتاريا العالمية بنفس المضامين التي عبر عنها كارل ماركس ولينين القاضية بإلغاء الملكية الخاصة لفائدة الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج وبمضامين ديمقراطية شعبية تنعدم فيها الطبقات، وبناء ما يمكن التوافق عليه بالولايات المتحدة الاشتراكية.


القيادة السودانية بين استلهام الاسلام وتوظيفه


د . لؤي صافي تناقلت الصحف ووكالات الانباء تصريحا للرئيس السوداني بين فيه عزمه على تطبيق الشريعة الاسلامية حال انفصال جنوب السودان ذي الاغلبية المسيحية. وأكد الرئيس عمر البشير على أنه « إذا اختار الجنوب الانفصال سيعدل دستور السودان، وعندها لن يكون هناك مجال للحديث عن تنوع عرقي وثقافي، وسيكون الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع. »

تصريح البشير يأتي قبل أسابيع من التصويت الشعبي الذي سيقرر خيار السودانيين الجنوبيين في الارتباط بدولة السودان الحالية أو استقلالهم عنها في دولة منفصلة. كلام البشير يبدو غريبا في سياق الحديث حول إمكانية انفصال الجنوب عن الدولة الأم. هل يقرأ التصريح على أنه بيان استباقي لذر الرماد في العيون وتخفيف صدمة الانفصال التي يمكن أن تهز البناء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والنفسي للمجتمع السوداني؟ أم هل يقرأ على أنه تهديد مبطن للجنوب المسيحي بأن استقلالهم يهدد مصالح إخوانهم المسيحيين في الشمال عموما، وفي أحياء الخرطوم على وجه الخصوص؟ أم لعله جاء معبرا عن شعور القيادة السياسية ذات الميول الإسلامية بعدم قدرتها على التزام قيم الاسلام وتعاليمه في مجتمع تعدد في الديانات والثقافات والاعراق؟
وأي كانت القراءة الراجحة التي تعبر عما أراده الرئيس البشير، فإن التصريح المذكور يعكس الحال المتردية في الفهم والتطبيق الذي وصلت إليها القيادة السياسية في السودان، وهي التي أتت إلى السلطة تحت شعارات النهضة والصحوة الإسلاميين. واضح أن التصور الاسلامي الذي يتحدث عنه الرئيس السوداني هو تصور محلي عرقي ضيق، يفتقد الرؤية الإنسانية العالمية التي حملها المسلمون الأوائل إلى الشعوب متعددة اللغات والألوان والأعراق والثقافات، فحررتهم من القيود التي فرضتها عليهم الانظمة الإمبراطورية الفاسدة، ووحدتهم ضمن حضارة منفتحة على الجميع، ساهم في بنائها المسيحي كما ساهم المسلم.
ليس الهدف من إثارة الأسئلة حول غايات البشير من زج الإسلام في مشكلة الجنوب تحميله مسؤولية الحال التي وصل إليها السودان وجنوبه ؛ فمسؤولة حالة الانقسام السياسي المؤسف التي تعصف بالسودان تبدأ بطبيعة الحال به شخصيا وبمساعديه ورجال دولته، لكنها تتسع لتلقي بظلالها الثقيلة على المنظومة السياسية العربية عموما. بل الغاية من الأسئلة إلقاء الضوء على التوظيف المؤسف لشعارات الإسلام ورموزه الذي يمارس اليوم من قبل العديد من قيادات العرب والمسلمين على حساب آفاق الإسلام الإنسانية وقيمه العالمية.
من المفارقات أن الإسلام الذي جاء ليحرر الإنسان من استبداد الحاكمين بأمرهم، والذي رفض علماؤه في عصور ازدهاره أن تقوم الدولة بتقنينه وفرض تفسيرات فقهية وكلامية ضيقة على المجتمع المدني، تحول في دائرة السلطة إلى وسيلة قمع وتهديد. ومن المفارقات أن الشريعة التي ارتبطت بخيارات الأفراد والقضاء المحلي المستقل، والتي عملت على تقليص سلطات الدولة المركزية وتقييد صلاحياتها، اصبحت اليوم أداة لدى السلطات المركزية الحاكمة تستخدمها لتقييد الحريات وترهيب الشعوب المستضعفة وتداول السلطة والثروة العامة في دائرة النخبة الحاكمة.
ومن المؤسف أن الشريعة التي وعد الرئيس البشير بتطبيقها في كلمته التي القاها في مدينة القضارف شرق السودان، وتناقلتها عنه وسائل الإعلام، ليست تلك التي تأمر بأداء الأمانة إلى أهلها وتولية الأصلح وإقامة العدل على أساس المساواة بين الناس ونشر العلم وتوفير فرص العمل، بل الشريعة المختزلة بالحدود التي غالبا ما تصيب الفقير والمحروم، وتخطئ القوي الممتنع بماله ومركزه الاجتماعي والسياسي. لذلك نراه يتهم المعترضين على تطبيق الحدود بالطريقة الفجة التي تداولتها أجهزة الإعلام مؤخرا ويشكك في دينهم قبل التشكيك برأيهم.
كان على البشير تطبيق الإسلام التحرري الإنساني خلال الأعوام الخمسة التي مرت منذ توقيع اتفاقية السلام في عام 2005، والتي اعطت الجنوبيين الحق الانفصال عن الشمال إذا اختاروا ذلك بعد مرور سنوات خمس. كان عليه أن يعمل على بناء دولة القانون، التي يتساوى أمامها الجميع، وتتداول فيها السلطة والثروة، وتتكافؤ فيها الفرص. ولو بذل جهدا في هذا الاتجاه لكفى نفسه مؤنة تحويل الإسلام إلى أداة ترهيب وترغيب. ولو فعل ذلك فلربما كان اليوم في غنى عن التهديد والوعيد بتطبيق شريعة أذهب اصحاب الحول والطول روحها وفؤادها وسماحتها، واكتفوا منها بباب الحدود، يقرؤنه دون فقه أو تأمل ويطبقونه دون رحمة أو تجمل.
استاذ زائر في جامعة جورج تاون وناشط في الدفاع عن حقوق الجالية العربية والإسلامية في أمريكا
 
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 ديسمبر 2010)

 


الجزائر: محاكمة 63 متهما بمحاولة اغتيال الرئيس بوتفليقة في العام2007

2010-12-22 الجزائر- بدأت محكمة جنايات ولاية باتنة، 430 كيلومترا شرق العاصمة الجزائرية الأربعاء محاكمة 63 متهماً، 12 منهم تم القبض عليهم، في العملية الإنتحارية الفاشلة لإغتيال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 6 أيلول/ سبتمبر 2007 وسط المدينة، والتي قتل فيها 25 مدنيا بينهم شرطي وجرح 172 آخرين. ويواجه المتهمون أحكاما قد تصل إلى الإعدام في حال إدانتهم بجناية « محاولة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وحيازة أسلحة واستعمال المتفجرات في أماكن عمومية وإدارة تنظيم إرهابي ». وكان انتحاري يعد نفسه لتفجير نفسه أمام موكب الرئيس بوتفليقة أثناء زيارته لمدينة باتنة، إلا أن انتباه أجهزة الأمن قبل دقائق معدودة من وصول الموكب الرئاسي حال دون ذلك، وقام الإنتحاري بتفجير نفسه وسط حشد الناس بعدما حاول شرطي القبض عليه ما أسفر عن مقتله مع الشرطي و24 مدنيا وإصابة 172 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة. ويشار إلى أن الجزائر لا تطبق حكم الإعدام منذ عام 1993، فيما قام بوتفليقة منذ عام 2001 بتخفيف عقوبة 100 محكوم عليه بالإعدام إلى المؤبد. إلى ذلك، قالت صحيفة (الشروق اليومي) الجزائرية في عددها الصادر الأربعاء أن أجهزة الأمن أوقفت الإثنين الماضي ستة (جواسيس) في العاصمة الجزائرية كانوا يزوّدون تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) بمعلومات حول تحركات قوات الأمن. ونقلت الصحيفة عن مصدر وصفته بالموثوق أن هذه العناصر كانت مكلفة أيضا بتجنيد عناصر جديدة للالتحاق بتنظيم القاعدة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 ديسمبر  2010)

 
تحالف عون ونصر الله أنهى علاقات تل ابيب بمسيحيي لبنان.. وادلة على تسليح ايران لحماس وحزب الله

ويكيليكس: اتهام الموساد باغتيال مستشار الاسد.. إسرائيل قلقة من انقلابات بالدول العربية المعتدلة

2010-12-21  
لندن ـ ‘القدس العربي’ من ابراهيم درويش واحمد المصري: كشفت وثائق دبلوماسية امريكية سرية نشرها موقع ويكيليكس، أن سورية اعتقدت أن اسرائيل وقفت وراء اغتيال العميد محمد سليمان، مساعد الرئيس بشار الأسد للشؤون الأمنية، والذي بيّنت البرقيات المسرّبة بأن الولايات المتحدة كانت عازمة، قبل تصفيته، على تطبيق عقوبات مالية ضده كجزء من محاولة لاضعاف نظام الرئيس الأسد. وجاء في البرقية الصادرة عن السفارة الامريكية في دمشق، ‘إن اغتيال العميد سليمان جرى في وقت متأخر من مساء يوم الأول من آب/أغسطس 2008 في مدينة طرطوس الساحلية بواسطة قنّاص، وكان الاسرائيليون المشتبه فيهم الأكثر وضوحاً في عملية الاغتيال’. وذكرت البرقية ‘أن أجهزة الأمن السورية طوّقت بسرعة المنطقة المجاورة للشاطئ، التي تم اطلاق النار منها وفتشتها بأكملها، وصدرت تعليمات للصحافيين في سورية بعدم تغطية الحادث’. وكانت التقارير الأولية غامضة حول هوية العميد سليمان وموقعه، واستمر التعتيم لمدة أربعة أيام، لكن حكومة الولايات المتحدة عرفت بالضبط من كان ووصفته وثيقة دبلوماسية امريكية سرية بعد أشهر بأنه ‘مستشار الرئيس السوري الخاص لشراء الأسلحة والسلاح الاستراتيجي’. وكانت طائرات حربية اسرائيلية هاجمت موقعاً نووياً مشتبهاً في منطقة الكبر على نهر الفرات، قبل أحد عشر شهراً من اغتيال العميد سليمان، وذكرت برقية للسفارة الامريكية في دمشق أنه ‘كان على ما يبدو واحداً من المشاريع الخاصة التي ادارها العميد سليمان، الذي قد يكون غير معروف على نطاق أوسع من قبل قيادة الجيش السوري’. وقالت البرقية ‘إن اسرائيل كانت المشتبه الواضح في جريمة اغتيال سليمان، وتدرك أجهزة الأمن السورية جيداً أن مدينة طرطوس الساحلية تقدم ممراً سهلاً للعملاء الاسرائيليين، أكثر من المواقع الداخلية مثل العاصمة دمشق، كما أن سليمان لم يكن مسؤولاً حكومياً واضحاً للغاية واستخدام قناص يظهر بأن قاتله تمكن من التعرف عليه شخصياً من مسافة بعيدة’. ورجّحت برقية السفارة الامريكية في دمشق أن يكون أسباب التزام الحكومة السورية بالصمت في الأيام الأولى لاغتيال العميد سليمان ‘يتعلق أولاً بعدم معرفتها ربما بالجهة التي نفّذت الاغتيال، وثانياً أن اتهام اسرائيل يمكن أن يضعف أو ينهي مفاوضات السلام الوليدة مع الدولة العبرية، وثالثاً أن الاعلان عن حادث الاغتيال يمكن أن يكشف ثغرات أخرى في أجهزة الأمن السورية’. وكتب دبلوماسي في السفارة الامريكية في دمشق في برقية بعد عشرة أيام على الاغتيال بأن هذا الحادث ‘أصبح مصدراً للجدل المتكرر في المداولات الداخلية للحكومة السورية، وأن الأعصاب توترت خلال اجتماع سياسي عُقد يوم 12 آب/أغسطس، حين اثار مسؤولون بارزون في دائرة الأمن قضية استمرار الحكومة (السورية) في المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل وكرمها مع لبنان، وزعموا بأن ذلك سيجعل سورية تقدم تنازلات من دون الحصول على أي مكاسب ملموسة من وراء الانخراط مع لبنان أو التفاوض بشكل غير مباشر مع اسرائيل’. وذكرت الوثيقة أن أجهزة الأمن السورية ‘كانت محبطة من تجاهل الحكومة السورية اغتيال سليمان وتساءل مسؤولوها عن أسباب استمرارها في الحوار مع اسرائيل، إذا كان الاسرائيليون هم الذين قتلوه’، مشيرة إلى ‘أن الناس صاروا يتساءلون عن مستقبلهم في حال كان الاغتيال عملاً داخلياًً’. وكشفت البرقية ‘أن الولايات المتحدة كانت تريد من قبل تطبيق عقوبات مالية على العميد سليمان كجزء من محاولة لاضعاف نظام الأسد، ولكن وجدت من الصعب أن تفعل ذلك، لأن المعلومات عنه كانت سرية للغاية ولا يمكن كشفها على الملأ’. وأظهرت برقية اخرى أن إسرائيل تتخوف من صفقات السلاح الامريكية مع الدول المعتدلة في المنطقة، خاصة السعودية ومصر والاردن، خشية حصول انقلاب في تلك الدول يعيد العداء إلى إسرائيل، وعبرت اسرائيل عن قلقها من تخزين السعودية لطائرات اف ـ 15 قرب مدينة تبوك الشمالية القريبة من الحدود الاسرائيلية. وأشارت البرقية إلى أن تحالف الزعيم المسيحي اللبناني ميشال عون مع حزب الله وضع حداً لعلاقات إسرائيل مع اللبنانيين الموارنة. وتشير البرقية الصادرة عن السفارة الامريكية في تل أبيب في 12 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قبل زيارة مساعد وزيرة الخارجية جايمس ستينبيرغ، إلى أن حتى المتفائلين بالعلاقات مع مصر والأردن ‘يعترفون بأن إسرائيل تتمتع بالسلام مع النظامين ولكن ليس مع الشعبين’. وأوضحت أن إسرائيل قلقة من صفقة بيع أسلحة امريكية إلى السعودية تشمل طائرات ‘أف- 15’، وهي تنظر إلى تلك الصفقات في ‘أسوأ سيناريو ممكن’، حيث تحصل انقلابات في دول معتدلة في المنطقة مثل السعودية ومصر والأردن ما يعيد العداء ضد إسرائيل. غير أن البرقية تشير إلى أن القلق الذي تبديه إسرائيل للولايات المتحدة حول صفقة الطائرات ربما تستخدمه كي تدفع واشنطن كي تسرّع صفقة طائرات ‘أف- 35’ إلى إسرائيل حتى تبقى متفوقة في ميزان القوة في المنطقة. وفي لبنان، أوضحت البرقية أن تحالف الزعيم المسيحي ميشال عون، رئيس التيار الوطني الحرّ مع حزب الله ‘قد يكون المسمار الأخير في نعش العلاقات التي يعود عمرها إلى عشرات السنين بين إسرائيل والمسيحيين الموارنة في لبنان’. كما تظهر البرقية قلق إسرائيل من توتر العلاقات مع تركيا، وترى أن رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو يريدان معاقبة إسرائيل على رفض الاتحاد الأوروبي انضمام تركيا من خلال التوجه إلى إقامة شراكة مع سورية وإيران. وقالت الوثيقة إنه بات من الواضح أن حركة حماس وحزب الله يملكان صواريخ قادرة على ضرب تل أبيب، وإن ضبط شحن أسلحة من إيران إلى حزب الله في 3 تشرين الثاني/نوفمبر في العام 2009 يقدم ‘دليلاً ملموساً على تورط إيران في تسليح حماس وحزب الله’. كما أن قلق إسرائيل من تسلح إيران نووياً لا ينحصر بتخوفها من ضربة قد تشنها طهران، بل أيضاً من ان يؤدي سباق التسلح في المنطقة إلى هجرة النخبة من إسرائيل ونقل الاستثمارات الأجنبية إلى خارجها. ويرى المحللون الإسرائيليون أيضاً أن الرئيس السوري بشار الأسد يتقرب أكثر من حزب الله وإيران، على الرغم من تحسن علاقات بلاده مع الغرب. وكشفت البرقية ان قطاع غزة يشكل مجموعة من المعضلات، واوردت البرقية ان المسؤول عن قطاع غزة وجنوب إسرائيل بالجيش الاسرائيلي، اللواء يوآف جالانت، علق مؤخرا للسفارة الامريكية في تل ابيب أن القيادة السياسية امامها ثلاث اولويات لم تقدم بعد على اتخاذ خياراتها بها فيما يخص قطاع غزة، وقال ان هناك اولوية على المدى القصير وهي ان تبقى حماس قوية بما يكفي لفرض وقف اطلاق النار بحكم الواقع، ومنع اطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على إسرائيل، واولوية متوسطة وهي منع حماس من تعزيز وجودها في غزة، وأولوية على المدى الطويل وهي تجنب عودة السيطرة الإسرائيلية على غزة وتحمل مسؤولية رفاه السكان المدنيين في القطاع، وقال ان اسرائيل عاقدة العزم على الحفاظ على سياستها الحالية بالسماح فقط بالإمدادات الإنسانية والسلع التجارية المحدودة بالدخول لغزة، مع إحكام اغلاق الحدود مع إسرائيل. وأضافت البرقية ان هناك دلائل على إحراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة مع حماس حول اطلاق سراح جلعاد شليط في مقابل الافراج عن مئات من السجناء الفلسطينيين، ولكن من الصعب التنبؤ بتوقيت التوصل الى اتفاق. وقالت البرقية ان اطلاق شليط سيزيد من الضرر بمكانة أبو مازن في أوساط الفلسطينيين. من جهة اخرى اظهرت برقية مسربة عبر موقع ‘ويكيليكس’ ان رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق (أمان)، عاموس يدلين، قال خلال العام 2007 ان القتال في مخيم نهر البارد في شمال لبنان يصب في مصلحة اسرائيل، اضافة الى انه أحرج حزب الله. واضاف يدلن الذي كان يتحدث للسفير الامريكي في تل ابيب ريتشارد جونز، ان حزب الله كان غير قادر على اتخاذ موقف واضح بشأن عمليات الجيش اللبناني داخل نهر البارد، خاصة أن فتح الاسلام كانت تخطط للهجوم على قوات اليونيفيل ومن ثم ستتجه للهجوم على اسرائيل قبل ان تتم المواجهة مع الجيش اللبناني. واضاف ان المواجهة عززت من دور القوات المسلحة اللبنانية، اضافة الى ان الشعب اللبناني كان يؤيد تلك المواجهة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 ديسمبر  2010)

في سر الرؤساء

عرض/بوعلام رمضاني
يكتسي هذا الكتاب أهمية غير مسبوقة في مسار المؤلفات السياسية التي عرفت طريقها إلى المكتبات الفرنسية في المدة الأخيرة. أهمية الكتاب تفسرها غزارة المعلومات السرية التي كشف عنها المؤلف بعد عمل عميق وجاد توزع بين المقاربة الأكاديمية النظرية والتحقيق الميداني والعملي الرصين والمستند على مقابلات هامة مع صناع القرار السياسي وقادة الجيوش ومسؤولي أجهزة المخابرات والإعلاميين المرموقين الذين عرفوا وعايشوا أهم وأخطر الحروب والصراعات الدولية التي شهدتها الفترة الممتدة بين 1981 و2010.
الكتاب يغطي فترات حكم الرؤساء ميتران وشيراك وريغان وبوش الأب والابن وكلينتون، ويهم العرب والمسلمين الذين يكتشفون في هذا الكتاب الكثير من الأسرار التي تم تبادلها بين الرؤساء الأميركيين والفرنسيين من أجل كسر شوكة قادة عرب يقلقون الغرب.
ميتران أميركي سريا في الجزء الأول من كتابه الذي يضم تسعة فصول خصها لحكم الرئيس ميتران كشف فانسان نوزيل عن توظيفه للوزراء الشيوعيين على النحو الذي يضمن التوازن التكتيكي الداخلي واختراقه الآلة الأمنية السوفياتية الرهيبة « كي جي بي »، من خلال عملية سرية أطلق عليها فرويل وتعاونه في المجال النووي مع البيت الأبيض والتزامه بأخذ المسافة المطلوبة أميركيا من الكرملين دوليا وعن بقاء فرنسا في فلك الحلف الأطلسي وتسطيره سياسة فرنسا الخارجية بمفرده.
وأضحى التخوف الأميركي من الشيوعيين ذكرى مضحكة، على حد تعبير الدبلوماسي ألن هولمز الذي تحدث للكاتب معبرا عن دهشة بوش الأب لحديث ميتران عن تقليب الشيوعيين وإرغامهم على تأييد سياسة مضادة لتوجههم الأيديولوجي، ناهيك عن سماحه للغواصات النووية الأميركية باستعمال الموانئ الفرنسية سريا تلبية لمطلب أميركي تقدم به البنتاغون منذ العام 1974، وبذلك تبين للكاتب أن ميتران لم يكن ذلك الرئيس الذي اختلف كثيرا على الصعيد الخارجي عن سلفه الرئيس اليميني السابق فاليري جيسكار ديستان.
« سي آي إيه » واغتيال القذافي
أصبحت « دي أس اتي » حسب الكاتب نوزيل مديرية رقابة الحدود الفرنسية خادمة للبيت الأبيض من خلال توظيفه للمعلومات الأمنية التي ظفرت بها « دي أس اتي » على الصعيد النووي لصالح الأميركيين، واختلقت « دي أس اتي » بالتعاون مع « سي آي إيه » سيناريوهات وهمية عن الجوسسة السوفياتية التي دفعت ميتران إلى طرد 47 دبلوماسيا سوفياتيا من باريس، وبلغ التعاون الأمني الفرنسي الأميركي درجة دفعت الإليزيه إلى المشاركة في بلورة فكرة اغتيال الرئيس الليبي معمر القذافي، ونسجت الفكرة « سي آي إيه » من منطلق اعتبار القائد الليبي أداة في يد الكرملين وإسلاميا مختلا عصبيا وداعما للإرهاب العالمي وللمتطرفين الفلسطينيين والأيرلنديين تحديدا.
تحمست واشنطن لفكرة إزاحة القذافي بالتعاون مع ميتران تعميقا لاستعداد الرئيس السابق ديستان على المشاركة في اغتيال الزعيم الليبي بالتعاون مع الرئيس السادات، ولم تتم عملية الاغتيال التي خطط لها في بنغازي في مطلع الثمانينيات، لأن ميتران فضل أسلوب المحاصرة السياسية على الاغتيال الذي شأنه تأجيج الكراهية والحقد حيال الغرب، على حد تعبيره، واتفق الإليزيه والبيت الأبيض على محاربة القذافي في أفريقيا من خلال تنسيق وثيق بين مخابرات واشنطن وباريس.
بيع الأسلحة لإيران العدوة
خلافا لواشنطن كانت باريس تؤمن بأن الخطر الأكبر يكمن في الإرهاب السوري، وعليه لم تتردد في اتهام دمشق باغتيال السفير الفرنسي في لبنان لوييه دلمار، وبلغ توافق جهاز مخابرات واشنطن وباريس الحد الذي أدى إلى إشراك المخابرات السعودية واللبنانية حسب نوزيل يوم الثامن من مارس/آذار 1985 في محاولة اغتيال الشيخ الراحل محمد حسين فضل الله.
ومن الأسرار التي حفل بها الكتاب في الفصل الخاص بصراع البيت الأبيض والإليزيه مع طهران إبرام صفقة تسريح الرهائن مقابل بيع الأسلحة لإيران، وتمت صفقة البيع من خلال شركة لوشير الفرنسية التي باعت لطهران قذائف إسرائيلية مضادة للدبابات.
إن غزو صدام للكويت ليلة الفاتح من أغسطس/آب 1990 كرّس التعاون الفرنسي الأميركي بإرسال الإليزيه جيشا مدججا قاد عملية أطلق عليها داقية، وحدد تاريخ عملية عاصفة الصحراء لإخراج صدام من الكويت بقرار أميركي خالص لم يعلم به الأميرال لنكساد ووزير الدفاع الفرنسي جان بيار شيفمان، وحسب الكاتب نوزيل الذي حاور الأميرال لنكساد فإن هذا الأخير كان شاهدا على الخضوع الفرنسي التام للبيت الأبيض.
شيراك ديغولي في قبضة واشنطن
في الجزء الثاني من الكتاب الذي تضمن عشرة فصول أيضا, كشف فانسان نوزيل مواقف الإليزيه الانهزامية التي تركت الرئيس شيراك يتفرج على إبادة مسلمي البوسنة الشرقية وسريبرنيتشا تحت رعاية « سي آي إيه » التي سبق أن أكدت في وقت سابق ساعة قدوم إبادة مسلمي سريبرنيتشا في ظل خطة تطهير مسلمين يعطلون مشروع صربيا الكبيرة، على حد تعبير الجنرال ملاديك.
شيراك الذي كان يدعي الحفاظ على الإرث الديغولي الفرنسي تعهد بتعزيز مكانة باريس في الحلف الأطلسي بإرساله سريا سفيره في واشنطن فرانسوا بوجو دوليستو إلى البيت الأبيض، رغم رفض الأخير إعطاء أي دور للأوروبيين في التحالف الغربي وإصراره على إزاحة بطرس بطرس غالي المدعوم فرنسيا وتزكية كوفي أنان على رأس الأمم المتحدة، ولم تشفع تبعية الإليزيه للبيت الأبيض حينما حاول شيراك نزع موافقة أميركية على قيادته بارجة الحلف الأطلسي السادسة في المتوسط وإبداء رأي مخالف لواشنطن حيال فكرة ضرب العراق إثر تعرض الأكراد المدعومين من « سي آي إيه ».
أعلنت واشنطن الحرب يوم 19 مارس/آذار 2003 على العراق متجاوزة الأمم المتحدة وساخرة من تنبؤ شيراك بتنامي إرهاب القاعدة بسبب غزو العراق ووقوعه في أسر الشيعة، وتمادت واشنطن في عنجهيتها حسب الكاتب نوزيل، وراحت تعاقب شيراك، رغم استعداده للمشاركة عسكريا في ضرب العراق تحت الوصاية الأممية وفرضت عليه مسح الديون العراقية وإنشاء قاعدة أمنية سرية مع « سي آي إيه » في ضاحية سان كلو المخملية بمشاركة مخابرات الحلف الأطلسي واستعمال القاعدة الفرنسية الواقعة في جيبوتي لإقلاع الطائرات الأميركية بريداتور درون.
وتكلل مسار الانبطاح الفرنسي حيال واشنطن على الصعيد الأمني بعد أن قررت غزو العراق رغم تأكيد باريس عدم صحة حيازة صدام للأسلحة النووية عن طريق « المخبر » ناجي صبري وزير الخارجية، كما أكد ذلك من قبل هانز بليكس كبير المفتشين الدوليين.
شيراك ينتقم لاغتيال الحريري
في الفصل الثامن عشر أبرز الكاتب نوزيل أسلوب شيراك في شن حرب دعائية على النظام السوري الذي وصفه بالسوفياتي قبل المطالبة بحتمية تحرير لبنان من الهيمنة السورية، وأصر على الانتقام لصديقه الحريري بعد أن جسد نبض الرئيس السوري الذي استقبل مستشار شيراك موريس غوردو مونتاني سريا في دمشق في نوفمبر/تشرين الثاني 2003، وتمثلت أسباب التعاون الفرنسي الأميركي أمنيا وسياسيا ودبلوماسيا لتضييق الخناق على دمشق في استياء واشنطن مما تسميه بالدعم السوري لإرهابيي القاعدة واستيلائها على الأموال العراقية المودعة في البنوك السورية ودعمها لحزب الله والحركات الفلسطينية الراديكالية ضد إسرائيل.
ومكن شيراك صديقه الحميم الراحل رفيق الحريري من قراءة التوصية 1559 على يخته أثناء قضائه العطلة الصيفية في جزيرة سردينيا في أغسطس/آب 2004 بعد لقاء جمعه بكوندوليز رايس ومسؤولين أميركيين.
وكما كان متوقعا -يقول الكاتب نوزيل في الفصل الثامن عشر– اعتبرت واشنطن وباريس اغتيال الحريري إعداما سوريا للرجل الذي تحداها بتشجيع من الإليزيه والبيت الأبيض، الأمر الذي عجل بتطبيق التوصية الأممية بكل أبعادها والشروع في تنفيذ الدعوة الفرنسية إلى إنشاء لجنة دولية لمحاسبة قتلة الحريري بدعم من الأسرة الدولية بقيادة واشنطن ودعم تل أبيب.
بلغ اندهاش بوش لحقد شيراك حيال الأسد درجة تناغم غير مسبوق رغم عدم سقوط النظام السوري من تلقاء نفسه إثر انسحاب جيشه من لبنان، كما قال شيراك لبوش في سياق تصوره الشامل للإطاحة بالأسد، وتمادت باريس في الانتقام من دمشق من خلال التشنيع بطهران حليفها الطبيعي والمتعنت نتيجة سعيه الدؤوب إلى صنع القنبلة النووية واتصل ببوش يوم 22 فبراير/شباط 2006، ليقول له إن محور دمشق وطهران أصبح قويا أكثرمن أي وقت مضى إثر تغلغل الشيعة في العراق وفي المنطقة العربية كلها. في الجزء الثالث الأخير الذي تضمن الفصلين التاسع عشر والعشرين.. أكد الكاتب نوزيل الولاء الفرنسي الجديد حيال واشنطن من خلال الرئيس نيكولا ساركوزي، وبين أن المرحلة الجديدة من العلاقات الفرنسية الأميركية لا تقوم على النفاق، لأن ساركوزي لا يخجل في الجهر بتشربه قيم العم سام وبتأييده غير المشروط لإسرائيل، كما يبين ذلك اتفاق التحالف التكتيكي بين الإليزيه والبيت الأبيض عشية العام 2011 واختلاف مزاج الرئيس أوباما الهادئ والرزين مقارنة بمثيله عند الرئيس الفرنسي العصبي والمتسرع لا يشكل عائقا في وجه مصالح بلديهما.
الأهمية القصوى للكتاب لا تحجب نقطة ضعف تمثلت في حشو غير ضروري كان باستطاعة نوزيل تفاديه، لأنه لم يصب بالضرورة في صلب إشكالية الكتاب وتناول جوانب شخصية وحميمية عدة زادت من وزنه وحجمه.  
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 22 ديسمبر  2010)
 

 

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.