الأحد، 26 سبتمبر 2010

Home – Accueil

TUNISNEWS

10ème année, N°3778 du 26 . 09 .2010  

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

وللصحفي الفاهم بوكدوس

ولضحايا قانون الإرهاب


حــرية و إنـصاف:مدير جريدة الموقف يُعلق الإضراب عن الطعام

السبيل اولاين:صحفيون بلا حقوق تتضامن مع “الموقف” والشابي يعلّق اضرابه

هيئة تحرير جريدة الموقف :دعوة لحفل استقبال

كلمة:صاحب المطبعة يؤكد مسألة العطب الآلي وينفي تدخل السلطة لمصادرة الموقف

في اجتماع الكتاب العامين للجامعات والفروع عودة الموقف بعد إضراب مدير الجريدة وإعلان عن فرع جديد بالشابة

الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين:كشف الحساب..لقضاء ..” يكافح الإرهاب ”

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:12 سنة سجنا لخالد بن سعيد :هل يفهم الجلادون الرسالة ..؟!

فرنسا 24:السجن 12 عاما لخالد بن سعيد نائب قنصل تونسي سابق بتهمة ممارسة التعذيب

د.منصف المرزوقي:الحكم على الجلاد خالد بن سعيد والصفعات الثلاث

اللجنة العربية لحقوق الإنسان: الحرية لمعتقلي الرأي في العالم العربي: ندوة تضامن وتعريف

رامي جغام:سوسة هام جدا:من يحمي أبنائنا التلاميذ و الطلبة

طــه البعـزاوي:مَسْجِدُ سِيءَ مَنْ رَأى

كلمة:قفصة غياب الاهتمام بمؤتمرات شعب التجمع وعزوف عن الترشح                                                                                                                      

رويترز:ابنة الرئيس التونسي تطلق رابع اذاعة خاصة

 محيط:بهدف إلغاء جميع أشكال التمييز تونس تمنح الجنسية لأبناء المتزوجات من أجانب لهنّ

الصباح:دموع في يوم ممطر:!سلك «الستاغ» يتدلى.. ويصرع طالبا متميزا

بلقاسم الهمامي:مذكرات سجين سياسي الفصل الأوّل: ظروف الإعتقال

عادل الحامدي:وفاء أم تخونج؟

منير السايبي :في الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي لحركة الإتجاه الإسلامي ( النهضة )

ندوة مع ممثلي الأحزاب المترشّحة انتخابات بلدية فيينا: هل يشّكل الإسلام خطرا حقيقيا؟

 د. محمد بشير بوعلي:معالم في السياسة الشرعية من منظور الوسطية – الجزء السابع

نوال السباعي :دفاعا عن شرف المرأة المغربية

برهان غليون :في مسؤولية النخب عن الحروب الطائفية وآلامها

رأي القدس العربي:غزة والمواجهة الدموية القادمة

د. عبد الله الأشعل:العرب.. ومؤتمر تمزيق السودان

لوفيغارو:فرنسا: اقتصادنا يتعافى بوتيرة متسارعة


Pourafficherlescaractèresarabes suivreladémarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

أوت 2010

https://www.tunisnews.net/20Septembre10a.htm


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 17 شوال 1431 الموافق ل 26 سبتمبر 2010 مدير جريدة الموقف يُعلق الإضراب عن الطعام


قرر الأستاذ أحمد نجيب الشابي مدير جريدة الموقف لسان الحزب الديمقراطي التقدمي صباح اليوم الأحد 26 سبتمبر 2010 تعليق الإضراب عن الطعام الذي شنه منذ ثلاثة أيام بعد أن اتصل المسؤول عن المطبعة بأسرة تحرير الجريدة مقدما الاعتذار على التعطيل الذي تسبب فيه للجريدة مؤكدا أنه وقع إصلاح العطل التقني وأن بإمكان المطبعة طبع العدد 561.

وستنظم جريدة الموقف غدا مساء (الاثنين 27 سبتمبر 2010) بمقرها الكائن بتونس العاصمة حفل استقبال على شرف كل من ساندها وتضامن معها.

 

منظمة حرية وإنصاف


صحفيون بلا حقوق تتضامن مع “الموقف” والشابي يعلّق اضرابه


السبيل أونلاين – تونس أعربت حركة “صحفيون بلا حقوق” عن تضامنها الكامل مع الصحفيين في جريدة “الموقف” الناطقة بلسان الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي و”تشد على يد الزميل أحمد نجيب الشابي المدير المسؤول الجريدة ، والداخل في إضراب جوع غير محدود المدة احتجاجا على تعطيل صدور تلك الجريدة بدعوى خلل فني بالمطبعة التي تتولى طباعتها” .

يُذكر أن الشابي مدير الجريدة علّق صباح اليوم الأحد 26 سبتمبر 2010 اضرابه عن الطعام بعد تلقيه اتصالا من صاحب المطبعة الذي اعتذرعلى التعطيل الذي سببه للجريدة مؤكدا أنه وقع إصلاح الخلل التقني وأنه بإمكانه طبع الجريدة .

وانتقدت الحركة كل الإجراءات “التعسفية والاستبدادية” التي تقوم بها السلطات التونسية ضد الصحفيين التونسيين ، داعية كل الزملاء الصحفيين في تونس وخارجها في العالم العربي وكل دول العالم للتضامن والمؤازرة بكافة الأشكال الممكنة والمشروعة مع الزملاء في الصحيفة .

وأشارت الحركة في بيان الى ما ذكره مدير الجريدة أحمد نجيب الشابي خلال ندوة صحفية عقدها الخميس الماضي بمقر الحزب بأن “هذا المنع المقنع جاء نتيجة عدم رضا السلطة عما تنشره الجريدة عموما وامتعاضها الشديد من بعض ما تضمنه العدد الذي رفضت طباعته والذي كان من المفروض نزوله للأكشاك مساء الخميس ، وخاصة مقالين احدهما بعنوان “تونسيون متورطون في سرقة احمد منصور” والثاني يتعلق بإقالة رئيس بلدية المرسى دون احترام الإجراءات القانونية بعد أشهر قليلة من انتخابه” . (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 26 سبتمبر 2010)

 


دعوة لحفل استقبال


تتقدم أسرة الموقف بجزيل الشكر لكل من وقف معها في مساندة الإضراب عن الطعام الذي خاضه مدير الصحيفة للدفاع عن وجودها والحفاظ على دورها كمنبر إعلامي حر ومفتوح ونخص بالذكر قيادات الأحزاب والهيئة الوطنية للمحامين والنقابة العامة لأساتذة التعليم الثانوي والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة حرية وإنصاف ومختلف هيئات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية في الداخل والخارج ومناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي وهيئاته الجهوية والمركزية والشبابية في الداخل والمهجر والمنظمات الدولية المعنية بحرية الإعلام وحقوق الإنسان ومختلف وسائل الإعلام العربية والأجنبية والعدد الغفير من النشطاء الحقوقيين والنقابيين والسياسيين والقراء في الداخل والخارج ونعتبر عودة الصحيفة إلى الصدور نصرا لحرية الرأي والتعبير ولبنة في بناء صرح الديمقراطية في بلادنا. وبمناسبة هذا الانتصار الجديد لحرية التعبير في تونس، تتشرف هيئة تحرير جريدة الموقف بدعوة كل أنصار الكلمة الحرة في تونس إلى : حفل استقبال يوم الاثنين 27 سبتمبر 2010 على الساعة السادسة مساء بمقر الجريدة : 10 نهج ايف نوهال – وراء ولاية تونس عن أسرة التحرير المدير المسؤول أحمد نجيب الشابي


صاحب المطبعة يؤكد مسألة العطب الآلي وينفي تدخل السلطة لمصادرة الموقف


حرر من قبل معز الباي في السبت, 25. سبتمبر 2010 نفى السيد محمد المنصف بن حليمة صاحب مؤسسة “ميقا بيب” للطباعة أن تكون السلطة تدخلت لإيقاف صدور جريدة الموقف الصادرة عن الحزب الديمقراطي التقدّمي المعارض بالاتفاق معه بتعلّة خلل بآلة الطباعة. وقال أن خللا أصاب آلته عاينته قناة تلفزية ألمانية حضرت على عين المكان، وهو ما دفعه لأن يتصل بهيئة تحرير الجريدة مطالبا إياها بمهلة يوم لطباعة العدد حسب قوله، ذاكرا أن رئيس تحرير الجريدة رفض مقترحه وطالبه بتسلّمها في اليوم المقرر. وقال في تصريح له نشر يوم الجمعة 24 سبتمبر أن جريدة الموقف اتهمته باطلا. وعقد صاحب المطبعة ندوة صحفية ظهر يوم الجمعة الماضي حضرها عدد من الصحفيين التونسيين والأجانب، صرّح فيها بعدم تعرّضه لأيّ ضغط من قبل السلطة للامتناع عن طبع الجريدة.  وقامت عديد الصحف المقرّبة من السلطة بتغطية واسعة لها. وكان الأستاذ أحمد نجيب الشابي مدير جريدة الموقف قد دخل في إضراب عن الطعام منذ يوم الخميس 23 سبتمبر الجاري احتجاجا على ما وصفه بالمصادرة المقنّعة لجريدة الموقف، حيث قال أن صاحب المطبعة تعلّل بعطب أصاب آلته للامتناع عن سحب العدد الأخير من الجريدة، كما امتنعت كل المطابع التي اتصلت بها هيئة التحرير عن سحب العدد.  متهما السلطة بالوقوف خلف العملية واعتبر الشابّي في تصريحات لراديو كلمة أن ما وقع لجريدة الموقف يندرج ضمن سلسلة التضييقات التي تعانيها صحف المعارضة وتكميم الأصوات الحرّة والمخالفة. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 25 سبتمبر 2010)


في اجتماع الكتاب العامين للجامعات والفروع عودة الموقف بعد إضراب مدير الجريدة عن الطعام خطة العمل للثلاثية القادمة وإعلان عن فرع جديد بالشابة


أشرفت الأخت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي يوم الأحد 26 سبتمبر على اجتماع الكتاب العامين للفروع والجامعات الذي تزامن مع فك إضراب الجوع الذي شنه الأستاذ أحمد نجيب الشابي مدير جريدة الموقف والذي تكلل بالنجاح بعودة الموقف للصدور بعد احتجاب قسري دام لأكثر من أسبوع. وحيي المجتمعون إقدام الأستاذ الشابي على هذه الخطوة النضالية دفاعا عن حرية التعبير والإعلام ، وأكبروا فيه روح العطاء الذي لم يتوقف. كما توجهوا بالتحية والشكر لكل الذين عبروا عن تضامنهم الكامل مع الأستاذ الشابي ومع جريدة الموقف وخاصة قيادات الهيئات السياسية والمنظمات الحقوقية والتشكيلات النقابية والشخصيات الوطنية والأقلام الإعلامية الحرة في الداخل والمهجر. وأشادوا بوقفة الحزب في مختلف الهياكل والجهات والقطاعات دفاعا عن جريدة الموقف حتى تقوم بوظيفتها الإعلامية في هذا الظرف الحساس الذي تمر به بلادنا. وأعلنت الأمينة العامة، بهذه المناسبة، عن بعث فرع للحزب في مدينة الشابة ودعت أعضاء هيئته لحضور الاجتماع وأكدت على أهمية هذه الإضافة التنظيمية والسياسية التي أرادها مؤسسو الفرع رسالة أمل وتمسك بحق المواطنة في وقت يخوض فيه الأستاذ الشابي إضرابه عن الطعام من أجل حق التونسيين في إعلام حر ومستقل. وتطرق الاجتماع إلى الخطة التي أقرها المكتب السياسي في اجتماعه الأخير وإلى سبل تفعيلها على الصعيدين الجهوي والقطاعي للوقوف في وجه مخاطر التمديد وإرساء نظام الرئاسة مدى الحياة وللنضال من أجل دستور ديمقراطي يستجيب لتطلعات التونسيين ويقيم أركان النظام الجمهوري ويصالح تونس مع روح العصر. المنجي اللوز الأمين العام المساعد تونس في 26 سبتمبر 2010


الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين aispp.free@ gmail.com 43 نهج الجزيرة تونس تونس في 25 سبتمبر 2010 كشف الحساب..لقضاء ..” يكافح الإرهاب “


* نظرت اليوم السبت 25 سبتمبر 2010 الدائرة الجنائية 4  بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي  محرز الهمامي  في القضية عدد 20940 التي يحال فيها كل من : ياسين بن كمال بن محمد الهذيلي التوزاني ( من مواليد 16/03/1985 ) و أحمد بن عبد الحميد بن أحمد الشطبوري ( من مواليد 24/02/1980 ) و عمر بن خالد بن محمد طريطر ( من مواليد 01/02/1990 ) – بحالة سراح –  و ذلك من أجل الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية  و إلى الانضمام إلى تنظيم إرهابي  و عقد اجتماعات غير مرخص فيها  . و قد وقع استنطاق الشبان المحالين الذين أنكروا ما نسب إليهم و ذكروا أن التصريحات المنسوبة اليهم من طرف الشرطة  ، ثم ترافع عنهم محاميهم الأستاذ سمير بن عمر الذي طلب تبرئتهم لعدم توفر الأركان القانونية لتهم الاحالة حيث لم يحصل بينهم و بين غيرهم اتفاق أو تقارر و عزم بخصوص مشروع جماعي يهدف الى التحول الى العراق أو ارتكاب أعمال إجرامية داخل البلاد من شأنها ترويع الأشخاص و بث الرعب بين السكان و ان مجرد الإبحار عبر شبكة الانترنيت و الاطلاع على مواقع و وثائق التي لم يثبت بأنهم قاموا بترويجها و لا يمكن أن يشكل ذلك عملا إجراميا أو دعوة للغير للانخراط في عمل ارهابي   كما أن اللقاءات التي كانت تجمعهم ببعضهم البعض تعتبر لقاءات عابرة و لا تتوفر فيها شرط العمومية مما تنتفي معه أركان جريمة عقد اجتماعات بدون رخصة . و بعد ذلك صرفت القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم اثر الجلسة . و قد تراوحت الأحكام بين 5 و 7 سنوات سجنا . مع الاشارة الى أن الشبان المحالين متهمون بالدخول الى بعض المواقع الاسلامية الجهادية و تحميل بعض مقاطع عن العمليات القتالية في العراق و أفغانستان و مشاهدتها .

 * *  كما مثل اليوم السبت 25 سبتمبر 2010 أمام الدائرة الجناحية 8  بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي  لسعد الشماخي في القضية عدد 2010/15582 كل من :  محمد بن النايب بن محمد البكاي  و وليد بن الطاهر بن علي الجراي   – بحالة إيقاف –   و قد قررت المحكمة تأخير القضية استجابة لطلب هيئة الدفاع المتكونة من الأستاذين  سمير بن عمر و نجاة العبيدي .

عن لجنة متابعة المحاكمات السياسية الكاتب العام الأستاذ سمير بن عمر 


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 17 شوال 1431 الموافق ل 26 سبتمبر 2010 أخبار الحريات في تونس


1) مساجين الرأي بسجن برج الرومي يدخلون في إضراب مفتوح عن الطعام:

شنّ عشرات من مساجين الرأي ضحايا ”قانون الإرهاب” اللادستوري بسجن برج الرومي (شمال تونس) إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ يوم الخميس 23 سبتمبر 2010 للاحتجاج على المعاملة السيئة والظروف القاسية التي يعانونها بهذا السجن، وللمطالبة بإطلاق سراحهم.

علما بأن المساجين يعانون من اكتظاظ الغرف وقلة التهوية والإنارة والأكلة الرديئة وانعدام الرعاية والمتابعة الصحية بالإضافة إلى ما يلقونه من مساجين الحق العام الذين تدعمهم إدارة السجن من مضايقات واضطهاد.

وتجدر الاشارة إلى أنه سبق لمساجين الراي بسجن برج الرومي أن شنوا إضرابا بدية عام 2009 للمطالبة بنفس الحقوق التي يضمنها لهم القانون إلا أنه تمت معاقبتهم من خلال نقلهم إلى سجون أخرى وإبعادهم عن مقرات سكناهم.

2) حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان:

لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.  منظمة حرية وإنصاف


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispp.free@gmail.com تونس في 25 سبتمبر 2010 12 سنة سجنا لخالد بن سعيد : هل يفهم الجلادون الرسالة ..؟!


أصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بنانسي “فرنسا” أمس  الجمعة 24 سبتمبر 2010 حكما باثنى عشرة سنة سجنا على المدعو خالد بن سعيد النائب السابق لقنصل تونس بـستراسبورغ بتهمة تعذيب المواطنة التونسية زليخة المحجوبي كما أصدرت بحقه بطاقة جلب دولية،و كانت محكمة ستراسبورغ نظرت في القضية بتاريخ 15 ديسمبر 2008 و أصدرت حكما بسجن المتهم مدة ثمانية سنوات إلا أن النيابة العمومية استأنفت الحكم مما ولد مخاوف من توجه لمراجعة الحكم مجاملة للسلطات التونسية . و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إذ تعبر عن ارتياحها لهذا الحكم و تهنئ السيدة زليخة المحجوبي بما حققته من رد للإعتبار فإنها تقدر الأهمية البالغة لهذا القرار القضائي التاريخي عبر الرسالة التي يوجهها لكل الجلادين بأن ما ينعمون به من إفلات من العقاب لا يتجاوز حدود البلاد و أن ضمائرهم التي لم توقظها أنات المعذبين و صرخات المظلومين ستوقظها حتما بطاقات الجلب الدولية و سنوات السجن التي ينالونها بعد محاكمات عادلة أمام ..قضاء مستقل..! عن الجمعيـــة الرئيس الأستاذ سمير ديلو 


السجن 12 عاما لخالد بن سعيد نائب قنصل تونسي سابق بتهمة ممارسة التعذيب


حكمت محكمة نانسي (شرق فرنسا) الجمعة غيابيا بالسجن 12 عاما بحق خالد بن سعيد الذي كان يعمل كنائب في إحدى قنصليات تونس بفرنسا بتهمة ممارسة التعذيب والإساءة إلى المواطنين التونسيين في مدينة جندوبة. وهذاالحكم هوالأول من نوعه في تاريخ الدبلوماسية التونسية. أ ف ب (نص) حكم على نائب قنصل تونس السابق في ستراسبورغ (شرق فرنسا) خالد بن سعيد غيابيا في دعوى استئناف الجمعة في فرنسا بالسجن 12 عاما بتهمة التعذيب، فيما كانت المحامية العامة طلبت تبرئته. وقد صدر على خالد بن سعيد الذي تغيب عن الجلسة امام محكمة الجنايات في نانسي لأنه فار منذ 2002، حكم غيابي بالسجن ثماني سنوات خلال محاكمته في الدعوى الاولى في ستراسبورغ في كانون الاول/ديسمبر 2008. وكانت المشتكية زليخة قربي وهي تونسية أم لخمسة اطفال وتبلغ اليوم السادسة والاربعين من عمرها، قالت ان بن سعيد الذي كان مفوضا في جندوبة (شمال غرب تونس)، هو ابرز الاشخاص الذين عذبوها وشتموها واهانوها في تشرين الاول/اكتوبر 1996 في مركز للشرطة. واوضحت ان ذلك حدث في مركز يسمى “مفوضية التعذيب” لانتزاع معلومات منها حول زوجها الذي يشتبه بانه قام بانشطة معادية للرئيس زين العابدين بن علي. وكانت المحامية العامة مونيك سونرل طلبت البراءة قائلة “ان ليس في وسعهاان تؤكد بدقة جرم المتهم”. والخميس والجمعة جاء الى المحكمة عدد كبير من الخبراء وتحدثوا عن تعذيب “منهجي” في تونس، لانهم لم يتمكنوا من الادلاء بشهاداتهم حول الوقائع التي تعرضت لها قربي. وقال فنسان غيسر الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي ان “تونس تعمل بالعنف، انه احد العناصر المركزية للنظام” الذي يستخدم التعذيب “ممارسة رسمية” ل “الامساك بالمجتمع”. واكدت قربي ان جلادها نزع قسما من ثيابها وعلقها على عمود معدني واهانها وقرصها وخدشها. وعندما عرفت في 2001 ان هذا الاخير نقل الى ستراسبورغ رفعت دعوى ضده بموجب اتفاقية الامم المتحدة للعام 1984 الذي صدقت عليها فرنسا وتتيح محاكمة شخص مقيم في فرنسا بجريمة تعذيب ولو حصلت الوقائع في الخارج. وانتقد محاميها بلوفييه خلال الجلسة تباطؤ السلطات الفرنسية في اعتقال بن سعيد الذي لم يمتثل لاستدعاءات القضاء. وصدرت مذكرة توقيف دولية لكن “الانابة القضائية الدولية لم تنفذ ابدا” كما قال المحامي الذي ذكر بأن النيابة رفعت دعوى استئناف على حكم 2008 “بناء على امر القنصلية الفرنسية”.

 

 نص الفيديو الصوتي (هذه المرة الاولي التي تدين فيها محكمة فرنسية دبلوماسيا تونسيا في قضبة تتعلق بالتعذيب حدث ذلك حينما تعرفت الضحية على المتهم بعد ان نقل للعمل في قنصلية تونس في فرنسا و قالت المشتكية زليخة قربي و هي في الأربعينات من العمر انها اعتقلت في مدينة جندوية شمال غربي تونس و استنطقت في مركز للتعذيب تابع للشرطة . خالد بن سعيد كان يعمل بالامن في مدينة جندوبة في تونس و ابرز من عذبوني و شتموني قام بنزع جزء من ثيابي و تعليقي في عمود معدني و أهانني ….. و تضيف ان تعذيبها كان محاولة لانتزاع معلومات منها حول زوجها الذي يشتبه بانه قام بانشطة معادية للرئيس زين العابدين بن علي المدعية العامة مونكس سونرل طلبت البراءة لموكلها الدبلوماسي التونسي السابق خالد بن سعيد و يعتبر هذا الحكم سابقة اولى من نوعها تطال دبلوماسيا عربيا في فرنسا و كانت محاكم فرنسية أخرى نظرت في جرائم حرب و تعذيب و تجدد هذه القضية الجدل حول ما يسمى بالاختصاص في الجرائم الكبرى و الجرائم ضد الانسانية و منها جرائم التعذيب و بحسب ذات الاختصاص صدرت في عدت دول مذكرة توقيف دولية بحق رئيس التشيلي السابق اوغستو بينوشي بتهمة القتل و التعذيب)

 

الرابط

http://www.france24.com/ar/20100925-france-tunisia-strasbourg-justice-khaled-bensaid-torture-twelve-years-in-abstentia

 

 

(المصدر: موقع فرنسا 24 (فرسنا) بتاريخ 26 سبتمبر 2010)

 

 


الحكم على الجلاد خالد بن سعيد والصفعات الثلاث


د.منصف المرزوقي

في البداية كل التهاني للمحامين والحقوقيين وعائلة الضحية والضحايا بهذا الحكم الذي أصدرته منذ ساعتين محكمة نانسي الفرنسية والقاضي بسجن الجلاد خالد بن سعيد 12 سنة كاملة لارتكابه جريمة التعذيب وهي من أبشع وأحقر الجرائم يمن أن يرتكبها آدمي ولا اكتب عمدا إنسان لأن من يعذب ( الآمر والمنفذ والساكت عن الجريمة ) إما لم يرتق لمصاف إنسان أو نزل منه لمرتبة دنيا . المهمّ، بعد التعبير عن الفرحة والاعتزاز، تفحّص حكم ليس من المبالغة تسميته بالتاريخي وفيه لمن يريد أن يذهب إلى ما وراء الخبر ثلاثة صفعات لم تدخل في حسابات القضاء الفرنسي لكن المعنيين بها سيتلقونها 5/5 . صفعة للقضاء التونسي : يا قضاة تونس أليس عارا عليكم أنكم لم تنصفوا معذبا واحدا من المئات الذين مروا بين أيديكم أو قل بين براثنكم ؟ يا قضاة تونس أليس عارا عليكم أنكم سكتم عن التعذيب وعن كل خروقات السلطة لأبسط الحريات ولا نتحدث عن الفساد؟ يا قضاة تونس أليس عارا عليكم أن اهتماماتكم لا تتجاوز النقلة والترقية، أما العدالة فلها كالبيت رب يحميها ، لكنه ربّ لا يستطيع التعويل عليكم وليس فيكم إلا مشارك في الظلم أو ساكت عنه ؟ يا قضاة تونس الم تتعلموا أن العدل أساس العمران والظلم – ولو بالقانون- أساس الخراب ، فهل يرضيكم الخراب الذي الحقتموه بوطننا نتيجة صمتكم وتواطئكم وجبنكم واستقالتكم ورضوخكم للبوليس الذي يفترض أنه يأتمر بأوامركم وجعلكم خدما وملحقات؟ يا قضاة تونس أليس عارا عليكم ألا نجد من ينصفنا نصف قرن بعد ” الاستقلال” إلا محكمة الدولة التي استعمرتنا ؟ صفعة للجلادين : لا أحد قادر اليوم على وقف التوجه الجديد لحركة حقوق الإنسان في الالتجاء للقضاء الدولي لتتبع الجلادين الصغار أصحاب الأيادي الملطخة بالدم . لا أحد سيمنع تكاثر القضايا ضد الجلادين الكبار الذين يحركون ويحمون هذه الأيادي : رئيس النظام الاستبدادي ، وزير داخليته، كبير المسئولين في ” الأمن” . أفلت منا منذ سنين عبد الله القلال الجلاد الشهير للتسعينات ، لكن ثمة مواعيد أخرى معه ومع غيره ، علما وإنهم إن افلتوا من عقاب البشر فلن يفلتوا من حكم التاريخ ولا من حكم القاضي الأعظم . نعم إن الحكم على المجرم خالد بن سعيد رسالة لمن يريد أن يفهم أن عصر عدم المحاسبة ولى وانتهى. لقائل أن يقول لكنه حكم لن يطبق . طبعا سيطبق ابتداء من الليلة والرجل دخل السجن في ذهنه وقلبه ولن يخرج من تونس من اليوم إلى أن ينتصب النظام الديمقراطي فيسلمه للعدالة الفرنسية أو يسمح له بقضاء العقوبة في تونس ،علما وأنه من المؤكد أنه سيحاكم هو وغيره في جلّ الجرائم التي ظنوها قبرت. المساكين لا يعرفون قانون “لو دامت لغيرك لما أتتك” ونسوا انهيار ستازي المانيا الشرقية وسافاك شاه إيران وسكورداد رومانيا . هل لي أن اسرّ في أذن كل ضباط الشرطة أن العاقل لا يغامر بإنسانيته وضميره ومستقبله ليستطيع عماد الطرابلسي سرقة اليخوت وأخته سرقة الجامعات . صفعة للسلطة التونسية : هل تصدقوا أن النظام عيّن الجلاد خالد بن سعيد المسئول الأول عن …مكافحة الإرهاب ؟ مرحى للحرب ضد الإرهاب يقودها جلاّد . على من يدجّلون ؟ طبعا على أنفسهم . الإدانة واضحة لم تنفع فيها الحجج المبتذلة من حرب ضدّ التطرف والإرهاب وأعداء الحداثة . أمام قضاء مستقل مثل القضاء الفرنسي الذي يجب أن نحييه جميعا ، يتضح فراغ النظام من كل القيم التي يدعي الدفاع عنها ويتعرّى ويفضح وتبان حقيقته وأنه ليس إلا استبدادا مقيتا لا يعيش إلا بانتهاكات حقوق الإنسان التي لم تتوقف لحظة وخاصة أبشعها : انتهاك حرمة الروح والجسد للكائن الذي كرّمه الله. نظام لا يصلح ولا يصلح….الحقوق تفتكّ ولا تعطى…ارفعوا رؤوسكم ….انخرطوا في المقاومة المدنية بكل أشكالها ومنها أيضا جمع الوثائق والملفات ضد كبار المجرمين والتوجه بكثرة وتواصل وإصرار للقضاء الدولي بانتظار أن يكون لنا قضاء لا نستحي منه ولا يستح من نفسه. (المصدر: موقع الدكتور منصف المرزوقي بتاريخ 25 سبتمبر2010)


اللجنة العربية لحقوق الإنسان الحرية لمعتقلي الرأي في العالم العربي ندوة تضامن وتعريف


 

يوم الثلاثاء 28 سبتمبر 2010 الساعة السابعة مساء في الصالة الكبرى لبيت الجمعيات في مدينة مالاكوف في الضاحية الباريسية يقدر عددهم ب62 ألف معتقل، أكثر من خمسين ألف منهم دون محاكمة، وبعضهم حكم بالسجن المؤبد عدة مرات اللجنة العربية لحقوق الإنسان تدعوكم إلى سهرة تضامن مع معتقلي السعودية والبحرين وسورية والعراق ومصر والسودان وفلسطين وتونس والمغرب.. بحضور نخبة من المتدخلين العرب وباللغة العربية 26 rue VictorHugo- 92240 Malakoff  Métro -Plateau de Vanves (Ligne13) C.A.DROITS HUMAINS -5 RueGambetta – 92240 Malakoff – France Phone: (33-1) 40921588  Email:  achr@noos.fr    www.achr.nu  & www.achr.eu


سوسة هام جدا من يحمي أبنائنا التلاميذ و الطلبة


تعرض ثلاثة طلبة أثناء عودتهم إلى المبيت الجامعي سهلول عشية الجمعة 24 / 09 /2010 إلى عملية اعتراض سبيل ( براكاج ) من طرف مجهولين تسببت لهم في أضرار بدنية  واضحة و جسيمة حيث أصيب الأول بإصابات خطيرة على مستوى الرأس و الثاني أصيب بجرح عميق في يده اليسرى أما الثالث و الذي أحتفظ به في المستشفى فقد أصيب على مستوى جنبه الأيمن . و قد نظم الإتحاد العام لطلبة تونس اجتماعا عاما جماهيريا مباشرة بعد الحادثة احتجاجا على الاستهداف المتواصل للطلبة و تنديدا بتقصير الأجهزة الأمنية في فرض سيطرتها على المنطقة و توفير المناخ الآمن للطلبة في محيط المبيت باعتبار أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف الطلبة من قبل مجهولين ، و قد انتهى الاجتماع باعتصام في إدارة المبيت .

و غير بعيد عن المبيت الجامعي سهلول فقد تجمعت الأسبوع الفارط مجموعة من السيارات الليبية أمام المبيت الجامعي للفتيات الواقع على الطريق السياحية بحمام سوسة و انطلقوا في مشاكسة مفضوحة و علنية لطالبات هذا المبيت أثناء دخولهم أو خروجهم من المبيت في تعدي واضح على القانون و الأخلاق . و لما حاول بعض المواطنون التدخل لوقف هذا السلوك المشين و نصرة و حماية ” بنات البلد ” عمدت هذه المجموعة من الليبيين إلى رشق المبيت بالحجارة مما أثار حالة من الهلع و الفزع في صفوف المقيمات فاستنجدت إدارة المبيت بقوات الأمن التي استلزم حضورها وقتا طويلا تمكن خلاله الجنات من التحصن بالفرار و رغم ذلك فقد تم القبض على إثنين منهم ليطلق سراحهم بعد ربع ساعة بموجب التعليمات القاضية بضرورة الحرص على حسن معاملة ” الأشقاء الليبيين و الجزائريين “. حادثت علقت عليها إحدى الطالبات الحاضرات بالقول ” لو كان أبي حاضرا اليوم لعاد بي في حينها إلى البلد و منعني من مواصلة دراستي إلى الأبد ” . أما عن التعاطي الأمني مع هذا الموضوع فقد علق عليه شيخ بسؤال أعده على غاية من الأهمية ” هل نلتجأ إلى الأمن الليبي و الجزائري لوقف تهور شبابهم في مدينتنا و دفع إذايتهم عنا ” .

و في نفس الموضوع و في علاقة بالليبيين و الجزائريين و منذ العودة المدرسية فقد لاحظ كل متساكني منطقة سوق السبت و سهلول بعض السيارات الليبية و الجزائرية تحوم حول المعهد الثانوي 7 نوفمبر بحمام سوسة مشاكسة لتلميذاته و محاولة استدراجهن لمرافقتهم قصد ممارسة الجنس و محاولة إغرائهم بمبالغ مالية هامة مقابل ذلك و قد تأكد لدينا تفطن الدوريات الأمنية لهذه الظاهرة غير أنها و بتعلة التعليمات السابقة الذكر لم تتجرأ على وضع حد لها أما إدارة المعهد التي هي على علم بتفاصيل هذه الظاهرة فلم تحرك ساكنا لحماية بناتها في الوقت الذي لمسنا منها جدية و صرامة في منع التلميذات المتحجبات من دخول قاعات الدرس .

و إذا ما أضفنا إلى ذلك مرابطة بعض المنحرفين و العاطلين عن العمل و الصعاليك أمام كل المؤسسات التعليمية في الولاية و مشاكستهم الدائمة و المتواصلة للفتيان و الفتيات على حد السواء و ما يبثونه في أبنائنا من عادات اجتماعية رديئة … كل هذا يجعل أبنائنا الطلبة و التلاميذ في خطر حقيقي متواصل ، و يؤشر على إخفاق السلطة الأمنية في توفير مناخ آمن لهؤولاء ليتمكنوا من انجاز مهامهم في أحسن الظروف .

رامي جغام   حمام سوسة


مَسْجِدُ سِيءَ مَنْ رَأى


تميزت عشرية الثمانينات في تونس بالنضال التلمذي والطلابي من أجل الحصول على قاعات للصلاة في المبيتات والمعاهد والكليات، وهو الأمر الذي لاقى في بدايته صدودا وإعراضا من قبل الإدارة، ولكن الإصرار على المطلب ساهم في انتشار المصليات حتى أنه لم تكد تخل مؤسسة تعليمية من وجود مصلى أو مسجد وعجت تلك الأماكن بروادها وكانت تمثل لهم مراكز ثقافية ودينية يحصلون فيها على أقدار من التربية الدينة والتوازن الروحي المفقود في مناهج التعليم الرسمية، وقد تميز رواد تلك المصليات عموما بالاستقامة والتفوق الدراسي وحسن السلوك، وساهمت تلك الفضاءات رغم حداثة سن القائمين عليها وبضاعتهم المجزاة من الثقافة الدينية في الحد من المشاكل الخُلقية التي كانت ظواهر عامة في المؤسسات التعليمية. ولكن تلك المصليات والمساجد العامرة التي انتشرت في شرق البلاد وغربها أتى عليها حريق  تجفيف منابع التدين في إطار الحملة على الحركة الإسلامية وتم اجتثاثها جميعا رغم أنها  كانت تعد بالمائات ـ إن لم تكن آلافا ـ   وذلك بدعوى مقاومة التطرف وتسييس دور العبادة والمؤسسات التعليمية. ولم يقف الأمر عند ذلك بل ذكر طلبة ثقات أن أعوان التنظيف في المبيتات الجامعية مأمورون بالتبليغ عن أي غرفة يجدون بها سجادة أو مصحف أو أشرطة لخطب أو محاضرات إسلامية.   من يستغل الدين ويسيسه؟

حين توظف الدعاية الدينية لخدمة مآرب سياسية دنيئة يقال بأن ما بني من مساجد زمن الرئيس الحالي يفوق عدد المساجد التي بنيت منذ الفتح الإسلامي! ويقال بأن الرئيس حامٍ للحمى والدين! وتُعلّق صوره وهو مُتعلّق بأستار الكعبة أو متربع في  مسجد أو حاضر في “حضرة”! ويُلهج بذكره على المنابر ولا تُختم خطبة إلا بالدعاء له  وحث المواطنين على السمع له والطاعة في المنشط والمكره والعض عليه بالنواجذ والتمسك به خيارا أبديا لتونس، لا يجوز الخروج عنه أو معارضته لأن طاعته من طاعة الله الذي أمرنا بطاعة أولي الأمر! وإن لم يكن منا! ولكن حين يكتب كاتب ما يخالف تلك الصورة فيذكر أن مساجد كثيرة أغلقت ومصليات أزيلت بدعوى مقاومة الإرهاب والتطرف فهو عدو لبلاده ودينه! وعندما تأتي الصورة صادقة معبرة يبهت من نافق ودجّل وينكشف المكر السيء الذي يحاك بالليل والنهار ضد هوية البلد وثقافة شعبه ودينه!   الصورة أصدق من الحرف والكلمة:

كثيرون شاهدوا الفلم(1) الذي وثّق مأساة مسجد المركب الجامعي بتونس العاصمة وقد تناقلته مواقع كثيرة وبثت قناة الجزيرة الفضائية جزء منه. كنا نعلم بالمآمرة التي حيكت من أجل إخراب المسجد وغلقه. وكان رواده يعلمون أن غلقه يوم 21 جويلية 2002(2) بدعوى القيام بإصلاحات ضرورية مجرد تعلة للقضاء عليه خاصة بعد أن بدأت جموع الطلبة تستفيق من آثار خطة تجفيف منابع التدين وتتعافى من مخلفات الحرب على الشباب الإسلامي بداية التسعينات وتعود إلى الالتزام بشعائر دينها أفواجا كما كانت! وهو مشهد ولا ريب يهزّ نفوس الكائدين والحاقدين على الهوية الذين اندسوا في مواقع القرار ومفاصل الوطن كالسوس يخربون أركانه ويعملون على هدّ بنيانه! وقد كانوا من قبل يتجرعون مرارة الهزيمة الفكرية على”صخرة سقراط”(3) ويعانون من انفضاض جموع الطلبة من حولهم وإعراضهم عن مشاريعهم المنبتة.   مشهد مرعب لهؤلاء أن يروا مسجدا يعج بالشباب الواعي والمتعلم في قلب المركب الجامعي وقد دفعوا إلي ذلك المسجد بعد أن أقفلت كل المصليات داخل الجامعات والمبيتات الجامعية في وجوه أجيال طلابية سبقتهم!

أفاد بعض الطلبة ممن شهد أوج نشاط المسجد قبل غلقه أن يوم الجمعة كان يعد يوما غير عادي بكل المقاييس حيث ترى الشباب ألوانا وأسربا من كل الثنايا والمحطات يبكرون من أجل الحصول على مكان في المسجد ويسبقون موعد الصلاة بساعتين أو أكثر، وذكروا أن المسجد وبهوه وساحاته الخارجية تكتظ بالمصلين الذين يرغبون في حضور خطبة الشيخ حسن السالمي لأنها تختلف عن الخطب التقليدية في المساجد الأخرى دون أن تقع في المحاذير السياسية!

وهو الأمر الذي نقمه منها أصحاب القرار، ولكن  كيف السبيل لتحقيق مأربهم وغلق مسجد يعج بالحركة في دولة يزعم حكامها أنهم يستمدون شرعيتهم من حماية دينها ومقدساتها، لا بد من المكر والدهاء وهو أسلوب تعودنا عليه من “ذوي القرار” في تونس! … المسجد في حاجة إلى إصلاحات ويجب غلقه! دون تحديد لنوعية الإصلاحات المطلوبة ولا إلى المدة الزمنية التي تستغرقها تلك الإصلاحات! … وأغلق المسجد ـ في ظنهم ـ إلى الأبد!   المسجد قبل الدمار المتعمّد

قبل هذا الدمار والتدنيس الذي لحق بمسجد المركب الجامعي كان المسجد يعد تحفة معمارية فريدة، منظره يسر الناظرين، ومئذنته “الملوية” تشد إعجابهم،  كان بحق “مسجد سُرّ من رأى”.

 بني بإشراف المرحوم مختار العتيري مؤسس المدرسة الوطنية للمهندسين  ومديرها السابق أواسط السبعينات من القرن الماضي على طراز المسجد الشهير الذي بناه الحاكم العباسي  المتوكل سنة (245 هـ \ 859م) بمدينة سامرّاء العراقية ـ التي أصلها “سُرّ من رأى” ـ ، وكانت مئذنته  المعروفة عند أهل سامراء  “بالملوية” أحد معالم المدينة لجمالها وضخامتها وتميز شكلها اللولبي المُحَلْزَنُ.    لم يكن مسجد  المركب الجامي يشكو من تصدعات أو يحتاج إلى صيانة أكيدة غير الصيانة العادية التي يحتاجها أي مكان يرتاده الناس دون حاجة إلى إغلاقه. كان شاهدا على بداية المحرقة وحملة تصفية الشباب الإسلامي  حيث قتل في حماه الشاب الطيب الخماسي وهو يوزع منشورا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بداية التسعينات من القرن الماضي. ورحل المرحوم مختار العتيري إلى ربه منذ سنوات قليلة وهو يرى بعينيه شبكة من بيوت العنكبوت قد التفت على مسجده فأغلقته.   حال المسجد اليوم:

الحق أن من شاهد ليس كمن سمع أو قرأ، فالصورة أصدق إنباء وتعبيرا! جلنا كان يعلم ويتابع الكتابات والتحركات لإعادة فتح المسجد، ولكننا لم نكن نعلم أن المآمرة والحقد قد يصلان إلى هذا القدر من الدناءة والحقارة! حتى أن من يشاهد الشريط لا يسعه إلا أن يقول: ” لاحول ولا قوة إلا بالله، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على خراب مسجد المركب الجامعي لمحزونون وغاضبون” ـ وذلك أضعف الإيمان ـ ويذكر مرثية أبو البقاء الرندي وهو يرثي مساجد الأندلس وقبابها: حتى المحـــاريبُ تبكي وهي جامدةٌ * حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ لمثل هذا يــــذوبُ القلبُ من كمــــدٍ * إن كان في القلب إسلامٌ وإيمان   إن الذي وجه رصاصه لصدر الطيب الخماسي ـ رحمه الله ـ هو الذي أصدر القرار بغلق المسجد وألحقه بالمرحوم دون أن “يكرمه” بالدفن فبقي شاهدا على حجم المآمرة، وتحولت أرضه من أرض للساجدين إلى أرض تلطخها قاذورات السكارى والمنحرفين وتدنسها، وبعد أن كان بيتا من بيوت الرحمن العامرة أصبح وكرا من أوكار شياطين الإنس والجن. في وقت تتظاهر فيه السلطة ببناء المساجد وتزعم أنها ترعى بيوت الله وتحميها. إن بناء مسجد “عابدين” أو غيره من المساجد التي يصر أصحابها على بث صورها  لن يغني عنهم من الله شيئا وقد خُرّب مسجد عامر بأمرهم أو بعلمهم، وأين هم من قوله تعالى: [ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذاب عظيم  (البقرة:114)] أليست الآية صريحة في معناها قطعية في دلالتها وانطباق حكمها على من خرب هذا المسجد الذي يشكو إلى الله حاله وما آل إليه أمره بعلم نخب البلاد ومشايخها ومفتيها ووزير شؤون دينها وبقية طغمتها؟   المنشور 108 وغلق المسجد من مكر واحد:

عندما شاهدت الفلم تذكرت قصة المسجد ومحاكاة مئذنته لمئذنة سامراء الشهيرة وخطر في بالي تعليق طريف، قلت من حقهم أن يغلقوا المسجد لأن طرازه دخيل على الطراز المعماري التونسي، تماما كما منع الحجاب وفق منشور 108 بدعوى أنه لباس دخيل عن  تقاليدنا التونسية وغريب عن أدبيات حشمتنا، وتذكرت تصريح وزير الشؤون الدينة في هذا المجال لجريدة الصباح بتاريخ 27 ديسمبر 2005 حين قال “”الحجاب دخيل، ونسميه بالزي الطائفي، باعتبار أنه يخرج من يرتديه عن الوتيرة، فهو نشاز وغير مألوف، ولا نرضى بالطائفية عندنا”

وما كنت أعلم بداية، أنه صرح نفس التصريح فيما يتعلق بالمسجد حتى أعدت مشاهدة الفلم فوجدت أنه تم الإتصال به منذ أسابيع قليلة وسؤاله عن سبب غلق المسجد فأجاب بصريح العبارة: ” إن مسجد المركب الجامعي لا يتماشى مع المعمار التونسي” وربّ عذر أقبح من ذنب لو قال أن الأمر صادر من جهات لا تحسب له حسابا ولا يستطيع أن يرد لها أمرا لكان صادقا، ولو أنه قال الأمر خارج عن إرادته لكان صادقا، ولو أنه صمت لالتمسنا له العذر، ولكنه كابر وبرر الجرم فسيكتب تبريره ويسأل عنه يوم القيامة!   غريب أمر السيد الوزير الذي عرفناه قبل الوزارة أستاذا محترما يدرس أصول الدين ويلبس “الكسوة والكرافات” خلافا لما كان يلبس والده وأجداده في الجنوب التونسي، قد ارتضى لنفسه المذلة وقبل أن يلعب دور “المحلل” لكل التفاهات والعداء لدين الله!  وقد أصبحت دور الدعارة والقمار والخمارات، أصيلة في تونس متصالحة مع ثقافة الشعب ودينه ومتساوقة مع طرازه المعماري، وأما الحجاب ومئذنة “ملوية” فكارثة على الشعب التونسي تهدد عاداته وتقاليده الأصيلة!  

الحقوق لا تجزأ:

النخبة التي تشن حربا ـ مشروعة ـ من أجل  غلق مدونة أو حجب صفحة على “الفايس بوك” وتصمت أو تصفق لغلق المساجد أولى بها أن تراجع حساباتها ومواقفها، إن لم يكن من باب الإيمان بأهمية المساجد فمن باب احترام مقدسات الناس ودور عبادتهم! كثير من هذه النخبة التي لا يعنيها من أمر المسجد شيئا ما كان لها أن تسكت لو أن بيعة أو كنيسة  لا يرتادها أحد قد أغلقت ـ وهو موقفي ـ ولكن الكيل بمكيالين هو المشكلة، بل إن كثيرا من هؤلاء قد يهتز ويثور من أجل إغلاق خمارة ويصفق لإغلاق مسجد وفي أحسن أحواله لا يبالي. المسجد سيعود ويصان ـ بإذن الله ـ  بعز عزيز أو ذل ذليل، أحب الماكرون أم كرهوا! … ولكن التاريخ لا يرحم والحفظة الكاتبون لا يزوّرون شهاداتهم ويفعلون ما يؤمرون!   أسأل الله أن يقيل العثرات ويغفر الزلات!     ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أعده الصحفي زهير مخلوف لموقع السبيل أون لاين (2)هناك روايات متضاربة حول تاريخ غلقه ولكنها مجمعة أنه في تلك الفترة (3) مكان بكلية الحقوق تعود الطلبة على القاء كلماتهم منه خلال حلقات النقاش والإجتماعات العامة     http://www.islamicity.com/Culture/MOSQUES/Asia/TMp81a.htm   http://www.elqanem.com/vb/showthread.php?t=5624   طــه البعـزاوي 25 سبتمبر 2010

 

 

 


قفصة غياب الاهتمام بمؤتمرات شعب التجمع وعزوف عن الترشح


حرر من قبل التحرير في السبت, 25. سبتمبر 2010 لاحظ مواطنو ولاية قفصة غياب الاهتمام الذي حفّ بتجديد شعب الحزب الحاكم التي أعطى انطلاقتها يوم الثلاثاء الماضي وزير التجهيز والإسكان أثناء إشرافه على اجتماع بلجنة التنسيق بقفصة.

وأمام مديونية عديد الشعب من جراء فشلها في توزيع بطاقات الانخراط على المواطنين ينتظر أن يقع التعويل على رجال الأعمال في أن يقوموا بتسديد ما تخلد بذمة رؤساء الشعب واستغلال ذلك في تعيين المقربين منهم. 

كما ينتظر أن يحافظ جل رؤساء الشعب على مناصبهم. 

في حين تتجه الأنظار إلى الشعبة الترابية بأم العلق من معتمدية السند ويتسائل المراقبون إن كان رئيسها سيعيد ترشحه لدورة أخرى، خاصة وأنه يواصل رئاستها بدون انقطاع منذ فجر الاستقلال. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 25 سبتمبر 2010)


ابنة الرئيس التونسي تطلق رابع اذاعة خاصة


تونس (رويترز) – أعلنت مصادر رسمية يوم السبت اطلاق رابع اذاعة خاصة في تونس مملوكة لسيرين بن علي ابنة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وقال مسؤولون حكوميون ان اذاعة “شمس اف ام” جاءت لتعزز مناخ الانفتاح الاعلامي الذي تشهده البلاد لكن منتقدين قالوا انها تكرس حصر رخص الاذاعات الخاصة لمقربين من السلطات. ويوجد في تونس ثلاث اذاعات خاصة أخرى هي “موزاييك اف ام” وهي أول اذاعة خاصة في البلاد أسسها عام 2003 بلحسن الطرابلسي رجل الاعمال و صهر الرئيس التونسي (شقيق زوجته) واذاعة “جوهرة اف ام” ثاني اذاعة خاصة أسسها سنة 2005 رجل أعمال واذاعة “الزيتونة للقرآن الكريم” أول اذاعة دينية في تونس أطلقها سنة 2007 رجل الاعمال الشاب محمد صخر الماطري صهر الرئيس التونسي (زوج ابنته). ونقلت وكالة الانباء التونسية يوم السبت عن فتحي البحوري المسؤول القانوني عن اذاعة “شمس اف ام” قوله ان الاذاعة الجديدة ” ستكون مراة عاكسة ليوميات المواطن التونسي تطلعه على المستجدات بحرفية وجدية”. ولا تبث كل هذه الاذاعات اي برامج سياسية وتقتصر على برامج رياضية وموسيقية واجتماعية. وانتقد عدد من الصحفيين التونسيين من بينهم زياد الهاني والمعارض رشيد خشانة تجاهل السلطات مطالبهم منح تراخيص انشاء اذعات خاصة ذات توجهات سياسية.

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 26 سبتمبر 2010)


بهدف إلغاء جميع أشكال التمييز تونس تمنح الجنسية لأبناء المتزوجات من أجانب لهنّ


أسماء أبوشال حققت المرأة التونسية خلال هذه الأيام انتصاراً جديداً باتجاه تجسيد الشراكة بين الرجل والمرأة في المجتمع ، من خلال مشروع تونسي جديد من المنتظر أن يري الضوء قريباً يعطي المرأة التونسية المتزوجة من أجنبي حق إسناد جنسيتها لأبنائها حتى المولودين في الخارج.

ويتعلق مشروع القانون الجديد بإدخال تعديلات على أحكام قانون الجنسية ، يعطي بموجبه الأم المتزوجة من أجنبي حق منح جنسيتها لأبنائها ، اعتمده مجلس الوزراء في بداية سبتمبر ، ولكن ينتظر إقراره في مجلس النواب التونسي قريباً بهدف إلغاء جميع مظاهر التمييز بين الجنسين. بدون شروط

ويؤكد”رضا خماخم” المنسق العام لحقوق الإنسان بوزارة العدل التونسية بحسب تقرير لبرنامج “صباح الخير ياعرب” أن هذا القانون سيحد من حالات حرمان بعض الأطفال المولدين من أم تونسية وأب أجنبي من حصولهم على الجنسية التونسية ، وسيتم العمل بهذا القانون الجديد بصفة فورية بالنسبة للمولودين الجدد من أم تونسية وأب أجنبي ، كما يقر القانون أحكاماً انتقالية لتسوية العديد من الحالات العالقة .

يأتي هذا القرار استكمالاً لمسيرة حقوق المرأة فى تونس ، وخاصة بعد وجود بعض الحالات العالقة المتعلقة برفض الأب لتصريح الجنسية ، أو وفاته أو فقدانه للأهلية ، والذي كان يمنع بموجبها حصول الأبناء على الجنسية التونسية ، ولكن المشروع الحالي يساوي بشكل مطلق بين الرجل والمرأة بمنح الجنسية التونسية للأبناء مهما كانت الظروف. وتنتظر كل أم تونسية متزوجة من أجنبي المصادقة على هذا القانون ليتكفلها حق مدني تمنح بمقتضاه الجنسية لأبنائها بغض النظر عن مكان ولادتهم . منح تدريجي

وعن مدي قناعة الحكومة التونسية بالمشروع الجديد تقول السيدة إيمان بالهادي المديرة العامة لمركز البحوث والدراسات حول المرأة بتونس : القانون جاء من  إرادة سياسية قوية نابعة من إستراتيجية ، واعتبار المرأة التونسية عنصر فاعل في التنمية لأنها مواطن مثلها مثل الرجل على حد السواء ، بالإضافة إلى رفع كل أشكال التمييز ضد المرأة فى القوانين ، وهذا القانون جاء تدرجي منذ عام 1993 خلال إمكانية منح الجنسية التونسية بتصريح مزدوج من الأم والأب ، ثم عام 2002 والذي يقضي بمنح الجنسية من أم تونسية متزوجة من أجنبي لأبنائها بتصريح لها فقط في حالة عدم وجود الأب أو استحالة أخذ تصريح منه في حالة غيابه أو رفضه أو فقدانه للأهلية ، أما قانون 2010 يأتي ليسوي حقوق المرأة والرجل كمواطنين تبعاً لحقوق الإنسان التي نهدف جميعاً إلى تطبيقها وتحقيقها.

معوقات عربية أما في لبنان فالأمر يختلف بها تماماً ، حيث تمنعها العديد من المعوقات والحجج التي يطرحها القضاء اللبناني الذي لا يسمح بمنح الأطفال جنسية الأم ، ولعل قضية السيدة اللبنانية “سميرة سويدان” كانت هي الفريدة من نوعها وهي اللبنانية الوحيدة التي استطاعت انتزاع الجنسية اللبنانية لأطفالها الأربع من أب مصري وذلك في يونيو 2009  ، وتم انقاد هذا القرار فيما بعد. وعن المعوقات التى تواجهها المرأة اللبنانية والحجج التي يطرحها القانون لرفض منح أبنائها الجنسية يقول د.بول مرقس رئيس منظمة “جوستيفيا” لحقوق الإنسان : القضاء يستند إلى نصوص قانونية ، والنص القانوني في لبنان مستند إلى قرار تشريعي يعود إلى عام 1925 ،وللأسف لا يعطي للمرأة هذا الحق ، وهذا النص فضلاً عن أنه يظلم المرأة من هذه الناحية ، حاولت محكمة “البداية” أكثر من مرة أن تفسر النص بطريقة فضلى لمصلحة المرأة إلا أن محكمة الاستئناف عادت وفسخت هذا الحكم الابتدائي.

ويري د. مرقس أن المشكلة المعوقات تكمن في النواحي الديموجرافية والاجتماعية والطائفية في لبنان ، والقاضي لا يمكنه أن يتجاوز النص القانوني ، وأن المسألة تعود إلى اختصاص مجلس النواب الذي عليه أن يسن قانوناً للجنسية ليعطي المرأة هذا الحق وفق معايير التجنيس.

وتقدمت منظمة “جوستيفيا” باقتراح مشروع قانون لهذا المطلب ، ولكن يقال أن ثمة خصوصيات يجب ألا يتم تجاوزها ، والمسألة تكمن في كيفية التوفيق بين مصلحة لبنان العليا في عدم الإخلال بتوازناته الطائفية والديموجرافية الاجتماعية والالتزام بالأحكام العالمية والدولية .

ولا يقتنع د. مرقس بالحجج التي تتخذها الحكومة اللبنانية خوفاً من تلاعب الفلسطينيين للحصول على الجنسية اللبنانية بطريقة أو بأخرى ، ولكن في الوقت نفسه يتفهمها حفاظاً على المصلحة اللبنانية ، للمحافظة على البلد الصغير بحجمه وعدد سكانه والحرص على توازنات دقيقة ، لذا يقترح التوفيق بين المعايير الدولية الإنسانية من جهة وبين خصوصيات الوضع اللبناني كأن يوضع شرط للإقامة في لبنان. دعوة إنسانية وأطل د. مرقس على الوضع العربي لتحذو باقي الدول حذو تونس ، مع الأخذ بوضع الإطار العالمي في الاعتبار ، فهناك قانون عالمي لحقوق الإنسان يمنع التمييز بين الرجل والمرأة في مواضيع كثيرة ، وبشكل خاص “العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية” لعام 1966 الذي يفرض تسجيل الطفل وإعطاءه الهوية والجنسية ، وثمة الإعلان واتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة التي تولى المرأة والرجل حقاً متساوياً في إعطاء أولادهم الجنسية ، وهناك قوانين متطورة علي صعيد حقوق الإنسان في الإطار العربي ، منها حالة “الجزائر” و”المغرب” و”الكويت” وكل منهم تعطي هذا الحق للمرأة ولكن بشروط متفاوتة ، وهناك بعض الدول العربية غير ملتزمة بمواثيق حقوق الإنسان ولم تصادق على اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة وتتحفظ على بعض أحكامها . وعن تأثير هذا القانون في حالة تعميمه على الدول العربية يشير د. بول مرقس إلى أن هذا القانون يحفل بالإيجابيات ، لذلك يجب أن ينسحب على بقية الدول العربية التي لم تلحظ إلى الآن مساواة تامة بين الرجل والمرأة في مضمار قانون الجنسية ، لأن الإيجابية لا تعود على المرأة فقط ، ولكنها تعود على الدولة برمتها وللوضع الاجتماعي داخل الدولة ، لافتاً الانتباه إلى بعض الحالات التي وُلدت من أم وأب من جنسيات مختلفة ، ويعيش أبنائها على أي أرض عربية وهم لا يحملون جنسيتها ، فكم سوف يعاني الشخص فى ميدان التعليم والعمل والإقامة ، وهو يشعر بغربة عن وطن ينتمي إليه ولا يعطّي جنسيته ، وبالتالي يؤثر على نفسيته وقد يمتد الأمر إلى سلوكه الاجتماعي من حيث ارتكاب العنف بأشكاله بفعل التسول والتشرد الذي يكون مأزوماً فيه.

ويؤكد د. مرقس على ايجابية المشروع ، ولكن مع الحفاظ علي بعض الخصوصيات كالوضع اللبناني مثلاً  لذلك يقترح وضع اشتراط الإقامة أو الولادة على الأرض لتجنب أي تلاعب من الممكن أن يحدث عند تطبيق المشروع ، بالرغم من أن هذا الأمر منافي لمبادئ حقوق الإنسان التي لا تتجزأ ، ولكن خصوصيات الوضع اللبناني تضع أمامنا خيار من اثنين – بحسب د. مرقس –  إما أن نعتمد تسهيلات معينة لهؤلاء لتنفيس الحالة الاجتماعية الموجودة فى البلاد أو لا نعتمدها ابداً ، وبين خيار مطلق وآخر يمنح الجنسية لهؤلاء المستحقين يجب التوفيق بين المعيار الإنساني والمعيار الخصوصي.

والجدير بالذكر أن مصر أعطت للمرأة حق إعطاء الجنسية إلى أبنائها  إعمالاً بنص المادة الثانية من القانون رقم 154 لسنة 2004، والتي تنص على أنه يكون مصرياً “من ولد لأب مصري أو لأم مصرية”، وأن المشرع أضفى الجنسية المصرية على أولاد الأم المصرية زوجة غير المصري وبقوة القانون طالما أنهم مولودون بعد تاريخ صدوره في 15/7/2005.

أما بالنسبة للأبناء المولودين قبل صدور القانون، يشترط أن يتقدم ابن الأم المصرية إذا كان بالغاً سن الرشد بطلب منحه جنسية والدته “على النموذج المعد لذلك لدى مصلحة الجوازت والهجرة والجنسية”. (المصدر: شبكة الأخبار العربية ( محيط ) بتاريخ 26 سبتمبر 2010 )


دموع في يوم ممطر !سلك «الستاغ» يتدلى.. ويصرع طالبا متميزا


عزيز الدبابي.. طالب جامعي نجح في امتحان البكالوريا هذه السنة بملاحظة حسن.. خطفته المنية مساء أمس الأول الممطر بعد لمسه في غفلة منه لسلك يتدلى من العمود الكهربائي الواقع على مقربة من محل سكناه في سيدي عبد العزيز بالمرسى..

على هذا الخبر المؤلم استيقظ أصدقاؤه وصديقاته بمعهد مرسى السعادة فهرعوا إلى منزله «بزنقة غبارو» وتجمهروا هناك للسؤال عما حدث.. فلم يجدوا له أثرا.. وتأكدوا أن روحه رحلت إلى بارئها وأن الجسد مازال مسجى في المشرحة.. في انتظار تحديد أسباب الوفاة والإذن بالدفن.. بكوه جميعا.. وهم ينظرون بحنق كبير إلى العمود الكهربائي الذي قال لهم شهود عيان إنه خطف منهم أعز الأحباب..

وعلى مقربة من هذا العمود جلس بعض الأجوار وقد بدت على ملامحهم الكآبة.. قال خميس بالصادق وهو يشير بإصبعه إلى العمود الكهربائي: «لقد سبق أن صعق هذا العمود الحديدي العديد من سكان الحي.. فالأسلاك كانت متدلية منه.. وليس هو فقط بل ينسحب الأمر على بقية الأعمدة.. وسبق أن توجهنا إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز لإحاطتها علما بالأمر.. فتدخلت لإصلاح الأعطاب لكن سرعان ما عادت من جديد فأعلمناها مرة أخرى بما يحدث.. ولكنها أتت هذه المرة متأخرة.. أتت بعد فوات الأوان.. لأن الصعقة خطفت منا أعز شباب الحي».

وتضيف جارته: «كان عزيز.. عزيزا على الجميع.. كانت أخلاقه رفيعة جدا.. وكان محبا لدراسته وقدوة لبقية التلاميذ»..

أما أمه هندة فقد كان مغشيا عليها وهي في حالة صحية متدهورة للغاية لا تسمح لها حتى بفتح العينين والكلام.. قالت عمته إن هندة أرسلته يوم الواقعة ليقتني لها بعض اللوازم من الدكان المجاور فأسرع الخطوات ملبيا طلبها لكن في غفلة منه لمس العمود المبلل بماء المطر فصعقه الكهرباء».

وقال صديقة إبراهيم باكيا: «لقد مات عزيز.. لقد كان محبا للجميع.. محبا لدراسته وكان يرغب في مواصلتها في إحدى المؤسسات الجامعية بفرنسا وكان سعيدا للغاية لأن خالته كانت تساعده على إعداد وثائق السفر كما كان سعيدا لأنه تحصل مؤخرا على رخصة السياقة».

وأضافت خالته باكية: اتصل بي أمس لوقت طويل على «السكايب» كان يضحك من الأعماق.. وكان بين الحين والآخر يرسل لي قبلات عن بعد.. لكن بعد ساعات قليلة علمنا بوفاته»..

وتساءلت:» لماذا توجد أعمدة كهربائية غير محمية في مناطق عمرانية آهلة بالسكان.. ولماذا تحصل مثل هذه الحوادث؟ ومن المسؤول؟».. وبسؤال أحد أعوان «الستاغ» بالمرسى عن أطوار الحادثة أجاب أن التوقيت الإداري انتهى.. ولا يمكنه أن يدلي بأية معلومة.. ودعانا للاتصال بالإدارة صباح يوم الاثنين». ولكنه أكد في المقابل على أن الشركة تعمل حتى بعد انتهاء التوقيت الإداري على التدخل السريع لإصلاح الأعطاب في الإبان.

سعيدة بوهلال

(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 سبتمبر 2010)


مذكرات سجين سياسي الفصل الأوّل: ظروف الإعتقال


بلقاسم الهمامي

تعتبر حركة النهضة تواصلا شرعيا لنضالات الشعب التونسي منذ حركة الإستقلال و تمتدّ جذورها الفكرية  إلى حركات الإصلاح المعاصرة التي شهدتها البلاد التونسية  قبل الإستعمار أي في القرن التاسع عشر أيام الوزير خير الدين باشا [1820ـ 1889]  رحمه الله و المؤرخ أحمد ابن أبي الضياف [ 1804  ـ 1874 ] , و غيرهما من المصلحين الذين شهد تهم الساحة التونسية  إلاّ أنّ تشكلها السياسي المبكّر, الذي اعتبره النظام الحاكم جريمة , جلب لها محاولات التصفية منذ الإعلان عن تأسيسها  يوم 6 جوان 1981 ,و خاصة  أنّ بيانها التأسيسي  قد تضمن نقاطا واضحة و محرجة لأعدائها منها: البنود الثلاثة المذكورة في المهام  [ج, د, هـ ] ألآتية :  ج ـ أن تستعيد الجماهير حقّها المشروع في تقرير مصيرها بعيدا عن كل وصاية داخلية أو هيمنة خارجية.

د ـ إعادة بناء الحياة الاقتصادية على أسس إنسانية وتوزيع الثروة بالبلاد توزيعا عادلا على ضوء المبدأ الإسلامي “الرجل وبلاؤه، الرجل وحاجته” أي (من حق كل فرد أن يتمتع بثمار جهده في حدود مصلحة الجماعة وأن يحصل على حاجته في كل الأحوال) حتى تتمكن الجماهير من حقها الشرعي المسلوب في العيش الكريم بعيدا عن كل ضروب الاستغلال والدوران في  فلك القوى الاقتصادية الدولية.

هـ ـ المساهمة في بعث الكيان السياسي والحضاري للإسلام على المستوى المحلي والمغربي والعربي والعالمي حتى يتم إنقاذ شعوبنا والبشرية جمعاء مما تردت فيه من ضياع نفسي وحيف اجتماعي وتسلط دولي

 و أمّا على مستوى الوسائل فقد ورد في البيان ما يدحض كل ادّعاءات الميل إلى العنف من ذلك:

– رفض العنف كأداة للتغيير، وتركيز الصراع على أسس شورية تكون هي أسلوب الحسم في مجالات الفكر والثقافة والسياسة. – رفض مبدأ الانفراد بالسلطة “الأحادية” لما يتضمنه من إعدام لإرادة الإنسان وتعطيل لطاقات الشعب ودفع للبلاد في طريق العنف. وفي المقابل إقرار حق كل القوى الشعبية في ممارسة حرية التعبير والتجمع وسائر الحقوق الشرعية والتعاون في ذلك مع كل القوى الوطنية. مثل هذه الوسائل و تلك المهام و خاصّة منها بند [ رفض مبدإ الإنفراد بالسلطة ] لا يمكن أن تترك الحركة تنمو و تتطور بمعزل عن المحاكمات و المؤامرات  سواء أكان ذلك من النظام القائم أو من الأحزاب الأخرى المغايرة لحزب النهضة حتّى و إن كانت أحزابا تقول أنها ذات صبغة إسلامية من أمثال حزب التحرير و اليسار الإسلامي[ إن كان في الإسلام يمين و يسار ] والحركة الشيعية و الجماعات السلفية و غير ذلك من الأسماء التي تشكل فسيفساء العمل السياسي السّري  في تونس. لا غرابة إذا أن تصطفّ كل التيارات, إلاّ ما رحم ربّك, وراء النظام مشجعة إيّاه على ضرب الحركة آملة منه مقعدا في البرلمان أو اعترافا للعمل القانوني.

2. القوى السياسية في الساحة التونسية سنة 1987

ـ الحزب الحاكم

لا نزاع أن نقول أنّ الحزب الحاكم هو أقوى تشكيلة سياسية موجودة على الساحة التونسية لا من حيث عدد المنخرطين طواعية و إنّما من حيث سيطرة هذا الحزب على أجهزة الدولة و خاصة منها الجهاز التنفيذي ففي تونس كما في كل الدول العربية, ما عدى لبنان, هناك اندماج أو لنقل خلط بين أجهزة الدولة و بين الحزب المسيطر على الحكم. و يصل هذا الخلط إلى ميزانية الدولة نفسها و لا يمكن تعيين مسئول ما في إيّ موضع, حتى و إن كان عمادة قرية, ما لم يكن منتميا إلى الحزب الحاكم و يحظى بتزكية من شرطة المكان  و طبعا الشرطة لا تزكي إلاّ من كان يتعامل معها و بهذه الطريقة تمكّن الحزب الحاكم من السيطرة على الشعب باستعمال أجهزة وزارة الداخلية.الحزب الحاكم نفسه ضحية من ضحايا الدكتاتورية ولم تشفع له حتى تركيبته المنقولة على الأحزاب الطلائعية في أوروبا زمن ما بين الحربين, هذه التركيبة أصبحت عاجزة عن احتواء الشعب لأنها فقدت صبغة الطّلائعية الحزبية و أصبحت أقرب إلى الأجهزة الخاصة (S.S= Service Spécial) التي برزت عند ظهور الفاشية و الوظيفة في هذا الحزب أصبحت عبارة عن عين لوزارة الداخلية و بهذا زاد بعدا عن الشعب و زاد الشعب كراهية له. أمّا البناء الفكري العام لرجال هذا الحزب و مفكّريه فإنه يتميّز بالتشتت و التشوّه و في كثير من الأحيان بالتفاهة لأنّهم مدعوون للتفكير فيما يقوله رئيس الدولة و تعظيمه و ليس فيما هو كائن أو يجب أن يكون  و كما كانوا يفعلون مع الرئيس السابق الحبيب بورقيبة يفعلون اللآن مع الرئيس الحالي ذلك لأنّ الخوف قد دمّر فيهم كلّ إمكانية للإبداع الحرّ و أحسن مثال على ذلك مداخلة الوزير الأوّل السابق في ندوة البرلمانيين التونسيين حول حوار الحضارات والتضامن الدولي: ساعة يستحكم الظرف في التاريخ ,  ذكر الهادي البكوش الوزير الأول التونسي الأسبق أن تونس لم تكن بعيدة عن الحوار الواسع حول 11 سبتمبر وتداعياته، وليس غريبا أن تهتم النخب السياسية والفكرية وعلى رأسها الرئيس بن علي بهذا الموضوع لأن تونس تمثل ملتقى الحضارات والثقافات وهي بسياستها الحالية تنبذ العنف وتدعو الى التفاهم والتآخي، وليس أدلّ على ذلك من مبادرة الرئيس بن علي ببعث كرسي للحوار بين الحضارات والأديان..ـ انتهى ـ الملاحظ يرى جيدا حشر اسم الرئيس في جميع المحافل و إلاّ فويل لمن تكلم و لم يذكر سيّده  بخير  و لكن ذكر اسم الرئيس هنا هو من قبيل السخرية و لا المجد فما دخله في صراع الحضارات؟ ذلك هو مستوي السخافة الفكرية لدى من اعتبر مفكّرا.

 لانزاع بأنّ هذا الحزب هو مشكلة تونس الكبرى و مصيبتها فلا هو قادر على التطوّر و لا هو تارك البلاد لتتطور اقتصاديا و سياسيا. . جاء في مقال  بقلم جلّول عزّونة بعنوان الديكور الديمقراطي قوله ”   – إن غياب الديمقراطية داخل الحزب الحاكم يمثل نقصا فادحا في المشهد السياسي ببلادنا، ومرضا عضالا يشي بفقدان ثقة قيادة الحزب الحاكم في قواعده. ولو مارس الحزب الحاكم التعامل الديمقراطي الحقيقي داخله وطبّقه لتقدّم الحزب الحاكم وصحّ جسمه وصَلُبَ في العشرين سنة الماضية، وحيّد وجود عديد الوصوليين والمنتفعين والمتربصين داخله، ولكانت تونس عامّة وكافة أحزابها ومنظماتها رابحة ولا شك من المناخ الديمقراطي داخل الحزب الحاكم، ولاعتبِر ذلك مثالا يحتذى ودرسا مطبّقا يفرض نفسه على المترددين والمشكّكين. ولكن لا يتحقّق كلّ ما يتمنّاه المرء والمواطن![1]

  كان هذا الحزب قد وصل إلى قمّة الإهتراء سنة 1987 عندما وقع انقلاب الرئيس الحالي و قد يتوارد إلى الذهن من خلال بعض الكتابات  آنذاك أنه كانت نية الرئيس الحالي  التخلص من الحزب بأكمله ثمّ بناء تشكيلة سياسية جديدة تعوّضه و لكن بعد تعيين الهادي البكوش وزيرا أوّلا تغيّرت موازين القوى     و أتخذ قرار إصلاح الحزب جاء في مقال لناصر الخشيني بعنوان انجازات تونس في عهد التغيير قوله  : ” بدأ إصلاح الحزب بتغيير تسميته إثر النقد الذاتي الذي شخص ملامح الوهن فيه وأسبابه فكانت التسمية الجديدة : التجمع الدستوري الديمقراطي [2]1988]  إذا ركزنا جيّدا على عبارة بدأ إصلاح الحزب فسنفهم من ورائها قرار العدول عن حلّ الحزب الحاكم إلى قرار إصلاحه و ذلك لعدّة أسباب منها .

1 ـ إنّ الرئيس الحالي لم يكن في مأمن من الغدر أو الانتقام من طرف مجموعات موالية لبورقيبة و على رأسها زعامات تطمح في رئاسة البلاد و قد برزت في الأيام الأخيرة بتناحرها في ما بينها من أمثال منصور السخيري و محمد الصياح والهادي البكوش و عبد الوهاب عبدا لله و سعيدة ساسي و غيرها   و كل هؤلاء سيقضي عليهم بن علي فردا فردا ما عدى البكوش فإنه سيؤجله إلى فرصة أخرى أي بعد أن يأمن أنصار بورقيبة و هذا ماتمّ بالفعل  يوم 27 سبتمبرمن سنة 1989 يوم أقاله من الوزارة الأولى بعد أن ولاّه إياها فجر الانقلاب.

2 ـ إنّ المجموعة المحيطة بالرئيس الحالي لم تكن متجانسة و لا متفقة حول إمكانية نجاح الانقلاب على بورقيبة و قد ذكر أحمد القديدي في كتابه عن انقلاب 7 نوفمبرفقال: ”   وفي مساء السادس من نوفمبر سنة 1987، كان الزين بن علي في مكتبه بوزارة الداخلية مصحوبا بوزير الدفاع صلاح الدين بالي وسعاد اليعقوبي أستاذة الطب ومقديش المسئول عن الطب العسكري والجنرال الكاتب والجنرال سليمان، والتحق بهم الوكيل العام للجمهورية الهاشمي الزمال…ليتجه بعدها الجنرال الحبيب عمار وعلى الساعة الواحدة صباحا إلى قصر قرطاج مع مساعده الغوالي، قصد تغيير الحراسة وقطع الخطوط الهاتفية, وبعد نجاح الانجاز، خاطب الجنرال عمار زوجته راضية حوالي الساعة الثانية صباحا مطمئنا إياها على صحته وأحواله، كما خاطب من سيارته الرئيس الحالي لتونس ليقول له: “لقد تم كل شيء حسب الاتفاق 5 على 5 ومبروك سيدي الرئيس..”، وهو أول توقيت تاريخي أصبح فيه الزين بن علي رئيسا فعليا لتونس “[3]

3 ـ النتيجة التي أفضى إليها هذا الإختيار هو اندثار الحزب الدستوري نهائيا و حلول التجمع تدريجيا محلّه إلاّ أنّ هذا التجمع قد فقد كل الميزات السياسية التاريخية التي اكتسبها الحزب الدستوري من نضاله ضد الإستعمار وأصبح وكرا جمع متناقضين أوّلهما اللصوص الوصوليون و ثانيهما صنف  ادّعى الشيوعية في حين أنّه لا يمتّ لها بصلة و إنما هدفه تحقيق مآرب غرائزية وهما صنفان لايدوم تحالفهما   ———-ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] انظر نشرية تونس نيوز بتاريخ 15 أوت 2010 نقلا عن صحيفة مواطنون العدد 135 أوت2010 http://naceur56.maktoobblog.com/abou [2]

[3]أحمد القديدي : ذكرياتي من السلطة إلى المنفى: أسرار وخفايا في كواليس السياسة العربية وصنع القرار نشر: مركز الراية للتنمية الفكرية- دمشق

إنّ هذا التجمع , بحكم التفرّد بالرأي داخله, قد أفضى به المطاف من جرّاء تصرّفات بعض عناصره إلى العزلة عن الشعب و لم يبق له من وسيلة لاستعادة شعبيته إلاّ استعمال القوّة و “البلطجة” ولنا عينة من تصرّفات المسؤولين المباشرين للشعب في ما نشرته مجلّة كلمة الإلكترونية بتاريخ 18 أوت 2010 حيث ورد:  “حرر من قبل المستير في الإربعاء, 18. أوت 2010

عمد رئيس شعبة بخنيس-المنستير إلى طرد مجموعة من مرتادي مائدة إفطار تبرع بها أحد رجال الأعمال وتشرف عليها الشعب الدستورية. 

وقد أطرد رئيس الشعبة المذكور خمسة من ضعاف الحال جاؤوا للإفطار بتعلة أنهم لا ينتمون إلى التجمع وأنهم أصدقاء لمعارضين معروفين في المدينة.  

وكنا قد أشرنا في نشرات سابقة إلى سيطرة التجمع الدستوري الديمقراطي على مسألة توزيع المساعدات التي تقدمها الدولة لضعاف الحال وتعامله بسياسة الكيل بمكيالين عبر إقصاء من لا ينتمي الى صفوفه.” مثل هذه التصرّفات تكاد تكون يومية سواء في ذلك داخل هذا التجمّع أو في إدارة دواليب الحكم نفسه حتّى أن المواطن التونسي يعرف جيّدا أنّه لا يمكن أن تقضى له حاجة إلاّ بواسطة أو برشوة و خاصّة إذا كان الأمر يتعلّق بوثائق لإقامة مشروع إقتصادي

4 ـ إنّ الذي اتخذ قرار إزاحة بورقيبة و أنجز قراره إنما هو الحبيب عمار و ليس زين العابدين بن علي ذلك لأنّه هو الموجود في القصر و لو فشل الإنقلاب فلا يمكن للحبيب عمار الفرار أبدا في حين أنّ المجموعة المرابطة بوزارة الداخلية يمكن لها أن تغادر البلاد في أيّةّ لحظة بل و يمكن لها حتى أن تظهر ولاءها لبورقيبة و تزعم سيطرتها على الوضع و المسك بزمام الأمور, ذلك لأنّ بورقيبة كما قال أحمد القدّيدي ” كان يغفر لمن خان الوطن و لا يغفر لمن خانه شخصيا لأنه يرى نفسه فوق القانون ونتيجة الشعور بخطر المهمّة التي توجّه للقيام بها خاطب الحبيب عمار زوجته أوّلا و لم يخاطب مجموعة وزارة الدّاخلية إلاّ بعد أن طمأن زوجته و يبدو أنّه اتخذ إجراءات عائلية احتياطية في صورة فشل الانقلاب لأنه يعتقد أنّ بورقيبة سوف ينكّل بكل عائلته

ـ القوّة السياسية الثانية

القوّة السياسية الثانية الموجودة على الساحة التونسية فجر 7نوفمبر 1987 هي قوّة حركة النهضة و كانت معروفة باسم الإتجاه الإسلامي منذ 1981 سنة انعقاد المؤتمر الثاني للحركة ثمّ في فيفري 1989 تسّمت نهائيا باسم حركة النهضة.من الملاحظ أنّ هذه الحركة لم تستغرق الوقت الكافي للنموّ الطبيعي بل سرعان ما وقع التراكم الكمي داخلها وذلك نتيجة طبيعية لطموحات التغيير الحاصلة لدى الشباب عموما و كان لزاما أن يقع التحوّل النوعي في صلب هذا التجمع البشري الكبيرالذي شكّل كما ذكرنا تراكما كمّيا. وقد حصل ذلك في المواجهة الأولى و المبكّرة مع النظام إذ في سنة 1980 نسي أحد العناصر القيادية حقيبة في سيارة أجرة و قد ملئت وثائق تهمّ تنظيم الحركة و أدبياتها و قد كانت آنذاك قد اعتمدت مبدأ السرية التنظيمية خوفا من انتقام النظام العلماني. كان هذا الانكشاف هدية قدمتها الحركة عن نفسها للنظام و هو نتيجة لانعدام التجربة في الميدان و عدم التنسيق مع الحركات الشيوعية السابقة في العمل السري ذلك لأنّ العداء المبدئي بين النموذجين الحركيين قد انتصب و يجب انتظار ازمة 1991 واستفحال الدكتاتورية  حتى تبدأ المراجعات في العلاقة بين الشيوعيين و الإسلاميين في تونس كما سيأتي ذكرها.  

يتبع


وفاء أم تخونج؟


عادل الحامدي 2010-09-24 في أواخر شهر رمضان الكريم، كتب الإعلامي المصري الأستاذ محمد طعمة مقالا في صحيفة ‘العربي’ الناصرية بعنوان ‘حلم عابدين’، حذر فيه من صفقة سياسية بين الحزب الوطني الحاكم في مصر وجماعة الإخوان المسلمين تمكن للتوريث أن يمر، وبعد أن أورد سلسلة من النماذج التاريخية بدءا بالتحالف التاريخي بين أتباع محمد بن عبد الوهاب والعائلة الحاكمة في السعودية وصولا إلى تجارب الإخوان في مصر مرورا بتجربتهم في الأردن، وانتهى إلى القول: ‘البنّاوية مهدوا لعرضهم بمقال للإخوانجي التونسي عادل الحامدي في ‘القدس العربي’ نيسان/أبريل 2008، عن ‘زواج مُكره’ لن يحقق ‘نموذجية’ زواج الجزائر، لكنه ‘مدخل جمال مبارك إلي الحكم على جواد ابن العاص’، ويحمي من ‘الدهماء’.. ويقي الحياة السياسية ‘الرافضة والخوارج والأزارقة’. ومع تذكيره بأن الغرب ضد التصعيد مع الإخوان، يوضح الحامدي أن العرض ليس فقط تقاسم سلطة ‘لكن أيضاً مغارمها’، فـ’البابا بنديكت الثاني، ممثل مليار من إخواننا الكاثوليك، دعا للتحالف مع الإسلام المعتدل ضد المتشددين الإسلاميين والعلمانيين’، والخلاصة ‘وزارات السيادة للحزب الحاكم، وللإخوان باقي الوزارات مع الفائزين في الانتخابات القادمة’.

شغلتني صوارف الزمن البريطاني ومتطلبات العام الدراسي الجديد عن الكتابة، ونظرا لأهمية المقال، وخطورة التهمة الزور، وجدية المخاوف التي عبر عنها الزميل محمد طعيمة، الذي أكن له كل الاحترام والتقدير، وجب التوضيح تعميقا للنقاش وتعميما للفائدة.

وُلد محسوبكم على مرمى صاروخ قصير المدى من عاصمة الأغالبة، فلما كبُرت بي سني وأينع مني الوجدان الحضاري أبى علي العرق والدين إلا شد الرحال إلى قبر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي زمعة البلوي، أتنسم روح ما غبر من معالم وما بلي من صروف وتواريخ. ولعل قبره رضي الله عنه ينسيني ولو إلى حين كدارة عروبتنا ودخانة إسلامنا المتواضع، زمن شرم الشيخ والفاتح والتحول والـــجوال والفلوجة، وأشياء أخرى أشبه بأحلام الكلاب وشخير بيريس على مخدة السلام الغابر والمتجدد، الذي سرط كل الزعامات العربية وخنث كل المعارضات العربية وصلب كل الفكر العربي والرموز العربية والسياسة العربية، ولولا أنهار الدم العراقي وشفاعة آبار نفطه لطمع إبرهة في البيت وفيما تبقى من إبل عبد المطلب السعودية…

قالت النفس: ثم ماذا يعد أصحاب القبور الدارسة والمعالم الحزينة رحم الله زمانها؟ وألفيتني موليا وجهي شطر البرّوطة: زمزم القيروان التي لم ينبع ماؤها العذب البارد بضربة من جناح جبريل عليه السلام رحمة بالمصرية واسماعيلها، وإنما ارتوى حجاج البرّوطة من مائها الذي يخرج من جوف الأرض جرارا في بناية ذات فرجة ضيقة يلجها الآدميون من حجمي، وجمل حدث يدخلها صغيرا ويظل حياته يدور في حلقة مفرغة دورة الإسلام السياسي في الأروقة العربية، فلا يخرج منها إلا لحما غير طري لا تأكله إلا الشرط العربية! وهو لعمري (الحاشي كما يسميه كسيلة البربري) أشبه بمن نسبني إليهم الكاتب المصري محمد طعيمة من الإخونج، وهي تسمية لفصيل عربي معارض إسلامي من رتبة القوارض، يصف نفسه بالإسلامي ويسميه من ألحقه بالأغالبة وشرد به في غياهب التاريخ والجغرافيا: الإخونج على وزن إسفنج، أو لنقل، لإثبات التهمة الزور: إسفين معارض يحول عندنا في الغرب بين الدولة والمجتمع فيكون المعارض، حتى لو كان نيك ‘Nick Griffin‘ (أقصى اليمين البريطاني) برزخا بينهما فلا يبغيان (الدولة والمجتمع).

وهكذا أتحول بجرة قلم مصري معارض من قارض للخبز بنفس أداة صاحبي، أعني القلم وما يكتب البصاصون، إلى جمل إخواني (وهذا هو مربط كل مستقل) معارض يصبر على تحمل جمالي وحسني وربما على جمال آخر عل مصيره يغاير مصير جمل البروطة عند بني تغلب!

مع أن محسوبكم لم يدع قط أن تسبيح عمر التلمساني قد يرخص حتما أسعار خبز السادات المدعوم (رحم الله الزعيمين) رغم أن بعض المغرضين من خبراء الحياة يدعون أن الجسم المصري الثخين إذا امتزجت به روح إخوانية أكبر من أسعار غاز الشعب المصري الذي ما يزال يباع إلى بني عمومتنا من بني قينقاع وبني المصطلق بأسعار أيام المخيم الداوودي، علاوة على تمرير الموروث إلى مسالك القلوب ودارج جيوش الأيوبي وأصحاب روما وهرقل وأتحاشى ذكر بوش…

أشهد أن ما بي من تخونج وإنما علتي أن العرق دساس بشهادة أحمد: الأمين ارتضيناه الأمين ارتضيناه، وبشهادة البيولوجيا الحديثة، فالمهلهل جدي، والمهلهل كان من ولد اسماعيل، ومحسوبكم يعود نسبا وعرقا إلى أوغاد الجاهلية العربية وكان هؤلاء الأوغاد الشرفاء يعانون من أمراض مزمنة، رأس هذه الأمراض الوفاء وصدرها الشجاعة زمن شنق الرؤساء وأدناها التمنع من الفتك بالجرحى والعجز من جمال البروطة.

ويعجبني الرأس لما حوى من عجائب أعلاها الوفاء للمهلهل (الوطن العربي) ومن لا يعرف المهلهل لا يمكن أن يكون قوميا، فقد ورد في كتب التاريخ أن الحارث بن عباد قاد قبائل بكر لقتال تغلب وقائدهم المهلهل الذي قتل ولد الحارث، فأسر الحارث مهلهلا وهو لا يعرفه، فقال: دلني على مهلهل بن ربيعة وأخلي عنك، فقال له: عليك العهد بذلك إن دللتك عليه، قال: نعم، قال: فأنا هو، فحز ناصيته وتركه.

ولقد عفا قلم المهلهل الصغير عنك فإنما لمصر وللقارئ أكتب، مصر تلك التي قال فيها أحمد صلى الله عليه وسلم يوما: ‘… فإذا دخلتم مصر فاتخذوا منها جندا كثيرين فإنهم خير أجناد الأرض وإنهم في رباط إلى قيام الساعة’، (حتى لو جاعوا)، ومصر رغم الساسة والسياسة ورداءة الحاضر ليست ولن تكون يوما أبا رغال رمز الخيانة والعمالة دليل ابرهة إلى البيت الحرام، والذي مازال قبره يرجم حتى اليوم. ومن القوميين العرب من يعرف البيت الحرام لكنهم جميعا يعرفون أبا رغال، ولا يغرنك من رداءة الأزمان طول، وإذا تراءى لك من مقالي ‘تخونج’ فـ ‘بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان بالله’ وبالأوطان وشعوبها. ‘ كاتب وإعلامي تونسي مقيم في بريطانيا القدس العربي 24 سبتمبر 20


في الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي لحركة الإتجاه الإسلامي ( النهضة )


لا شك أن إعلان انبعاث حركة الإتجاه الإسلامي كحركة سياسية وثقافية في تونس بعد عقد مؤتمرها الصحفي في 06 / 06 / 1981  قد وضعها أمام تحديات فكرية وسياسية كبرى كان لزام عليها أن تتفاعل معها وأن يكون لها فيها رأي وموقف يروي عطش أبنائها الذين كانوا في حالة تدافع مع العلمانية البرقيبية التي اختارت الثقافة ونمط العيش الفرنسي نموذجا تسقطه على المجتمع التونسي من ناحية ،  ومع المعارضة اليسارية التي كانت ترفع شعار الإشتراكية المغلفة بالإلحاد من ناحية أخرى،  بالإضافة إلى تفاعل أبناء الحركة مع ما كان سائدا آنذاك من رُؤى فكرية وسياسية على الساحة الإسلامية ، فكان ميلاد الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي لحركة الإتجاه الإسلامي في بداية الثمانينات محاولة من أبنائها في اتجاه تصحيح  تصوراتهم  للكون والحياة من جهة ، ورسم معالم منهجية عقلية  في تعاملهم  مع نصوص الوحي فهما وتطبيقا من جهة أخرى . فما هي طبيعة هذه الرؤية ؟

وما هي حدود إجابتها عن الأسئلة الفكرية والتحديات الواقعية التي كانت تواجه المسلم التونسي في علاقته بالقوى الفكرية والسياسية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي آنذاك ؟ .

يتضح من خلال عنوان هذه الرُؤية أن مجالها ينحصر في محورين أساسيين هما : المحور الفكري العقائدي والمحور الأصولي المنهجي .

المحور العقائدي :

تعتبر حركة الإتجاه الإسلامي أن العقيدة الإسلامية هي ” الأساس الذي تنساب منه بقية التصورات والأفكار والأحكام ” . فكلما ” صحت العقيدة وسلمت من الشذوذ والإنحراف ، كلما استقامت صورة الحياة واندفعت نحو الأفضل والأكمل ” وتُستقى أركان هذه العقيدة ” من القرآن الكريم والسنة المتواترة ” كما تُستقى فروع هذه العقيدة “من ظواهر الكتاب المعضٌدة بما صح من أحاديث نبوية ” . وأركان العقيدة ستة ، وهي : الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقضاء والقدر . “وقد ورد ذكرها جميعا في آيات محكمات “.

 1 ـ الإيمان بالله : ” الإيمان والتصديق الجازم بوجود الله ” . بمعنى أن الله  ” واحد ليس كمثله شيء ..وأنه خالق كل شيء ومدبر أمره .. المتصف بكل صفات الكمال .. التي وصف بها نفسه ..المتفرد بالحاكمية المطلقة وبالعبادة له دون سواه ” .

2 ـ الإيمان بالملائكة : ” وهم مخلوقات من نور غيبية محضهم الله تعالى للخير والعبادة وتنفيذ أمره القاهر ” .

3 ـ الإيمان بالكتب : الإيمان بأن الله تعالى قد أنزل على رسله ” كُتبا مقدسة لهداية الناس والتشريع لهم ..وأن القرآن الكريم جاء مُهيمنا عليها ومُلغيا لاعتبارها ، فكان هدى خاتما وحجة قائمة على الناس كافة إلى قيام الساعة .. والقرآن هو كلام الله الأزلي الذي نزل به الروح الأمين على قلب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بألفاظه العربية ومعانيه الحقيقية من الله عز وجل ” الذي تكفل ” بحفظه من التحريف والتزييف ” .

4 ـ الإيمان بالرسل : ” وهم بشر اصطفاهم المولى سبحانه من بين عباده ، وخصهم بالوحي ، وعصمهم دون سائر الناس من النقائص ، وحفهم بالرعاية والعناية الربانية ” . وعليه فإنه ” لا يُقبل عمل إذا لم يكن وراءه هذه العقيدة كدافع للعمل وواقع حسبما تقتضيه هذه العقيدة ” . وأصحاب هذه الرِؤية لا يكفرون مُسلما ” أقر بالشهادتين وتوابعها مما سبق ذكره ، وعمل بمُقتضاها وأدى الفرائض ، برأي أو معصية ، إلا إن أقر بكلمة الكفر أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أو كذب صريح القرآن أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال أو عمل لا يحتمل تأويلا غير الكفر ” .

والعقيدة في هذا التصور ” ليست مجرد معرفة تجريدية طبيعتها التأبي عن معالجة الواقع ..بل هي نظام كامل متناسق في حياة الإنسان والكون ، وهي توحيد الطاقات والقوى والميولات والنوازع في اتجاه الخير والعدل والحق ، ولها صور عملية واقعية وأبعاد في حياة الفرد والمجتمع ..وعلى هذا الأساس من التوحيد ، فنحن لا نفرق بين التوجه لله بالشعائر والتلقي منه في الشرائع ..لأن الإنحراف عن أي منهما يُخرج صاحبه من الإيمان والإسلام قطعا “. فالتوحيد إذن هو منهج كامل للحياة ” يقوم على تكريم الإنسان وعلى إطلاق يديه وعقله وضميره وروحه من كل عبودية ، وعلى إطلاق كل طاقاته لينهض بالخلافة عن الله في الأرض ” .

المحور الأصولي المنهجي :

يرى أصحاب هذه الرؤية أن ” قضية العقل والنص يجب أن توضع في سياق التأصيل المنهجي والعقدي والمعرفي ، حتى لا تُطرح ببساطة وانبتات “، من أجل ” تحديد ما لكل منهما من دور في إنجاز مهمة الإنسان في الوجود ” .

منزلة الإنسان في العقيدة الإسلامية : ” تُفسر العقيدة الإسلامية الوجود على أنه يشمل طرفين : الأول هو الله جل جلاله والثاني ما سواه من عناصر الكون جميعا ” والإنسان كائن ينتمي إلى الطرف الثاني ويشترك مع سائر المخلوقات في المأتى وفي المصير ” . غير أن الإنسان في وحدته مع عناصر الكون ، يمتاز عنها بالرفعة في مظهرين هما : التكريم والتسخير ” وبتكون الإنسان من عنصرين أساسيين هما : العنصر المادي والعنصر الروحي العقلي ، والعنصر الثاني هو الذي يميزه على غيره من المخلوقات ، إذ من آثاره : القدرة على معرفة العالم الخارجي ، كما يجعله حر الإرادة والإختيار ” ويتبع هذه الحرية مسؤولية في تحمل تبعات الأعمال ( الثواب والعقاب )..وهو مقتضى العدل الإلهي الذي وسع كل شيء . ومن شأن إدراك هذه المسؤولية والأيمان بما يتبعها من ثواب وعقاب ، أن يجعل لحياة الإنسان غاية سامية هي التعلق بالخير وفعله ونبذ الشر وتركه وتحقيق خلافة الإنسان على الأرض ..متجردا من كل شعور آخر ، ومن كل معنى غير معنى الخضوع لله ..وقد زود الله هذا الإنسان بالعقل وجعله أساسا للتكليف بالخلافة لما ركب فيه من قدرة على إدراك الحق وتحمل الأمانة “.

” فكيف يكون تعامل العقل مع الوحي في سبيل استجلاء  مضمون المنهج الخلافي أولا ، وفي سبيل تنزيله في الواقع ثانيا ؟

1 ـ حقيقة الوحي وخصائصه : ” الوحي ..هو جملة التعاليم الهادية التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم مُبلغا إياها عن ربه ، ومنضبطة في النص القرآني ونصوص الحديث الشريف “. فمصدر الوحي هو الله ، والوحي هو ” كلي عامٌ للناس كافة إلا ما جاء دليل بتخصيصه ” ، كما أنه خطاب شامل ” يتناول مظاهر الحياة جميعا ” ، وحقائقه مطلقة ” لأنها صادرة عن علم إلهي مطلق .. وحقائق الوحي لا تنافي حقائق العقل ومبادئه وإنما هي جارية على مقتضاها ، لأن مناط التكليف هو العقل ، وإذا افتقد العقل ارتفع التكليف أصلا ” .  و” أحكام الوحي راجعة غالبا إلى الحكم على أجناس الأفعال ..وبالنظر العقلي الخالص يتم إلحاق أفراد الأفعال بأجناسها حسب الزمان والمكان ” . أما في مجالي العقيدة والعبادة فإن الوحي ” يحدد مبادئ وأحكاما تفصيلية نهائية لا مجال لتغييرها عملا بالقاعدة الأصولية ” لا يُعبد الله إلا بما شرع ” . كما أن الوحي ” لا يُقدم مبادئه التشريعية للحياة بوصفها علاجا موقوتا ..ولكن يُقدمها دائما باعتبارها الصورة النظرية الصالحة لجميع العصور ، والقادرة على التكيف وفقا لظروف مختلفة ” . ويشتمل الوحي على ” نصوص قطعية الدلالة ، لا تحتمل إلا معنى واحدا ، ونصوصا ظنية الدلالة يتردد معناها بين وجوه مُختلفة ..كما يشمل نصوصا قطعية الورود وهي القرآن والحديث المتواتر ، ونصوصا ظنية الورود وهي أحاديث الآحاد ” .

2 ـ حقيقة العقل وخصائصه : ” العقل وسيلة إنسانية للإدراك والتمييز والحكم .. حمل على أساسها الإنسان أمانة الخلافة وخوطب على أساسها بالوحي ليتحمله فهما وتطبيقا “. فهو وسيلة بوسعها إدراك الحقيقة إذا التزمت بالموضوع والمنهج “، كما أن للعقل دور هام في ” إثبات قضايا العقيدة بالنظر في الآيات الكونية “. ولا يصل العقل إلى ” الحقيقة مباشرة ، وإنما يسلك طريقا أساسها النظر أو الفكر ” أي طريق ” المقايسة والموازنة والإنتقال من المقدمات للوصول إلى النتائج “. كما أن العقل الإنساني ” محكوم بظروف المادة زمانيا ومكانيا ، لأنه يعتمد معطيات الحس ، وهذه المعطيات لا تمكن من إصابة الحق المطلق في تقدير ما ينبغي أن تكون عليه الحياة الإنسانية فعلا وتركا ، وغاية ما في الأمر أنها تمكن العقل من الإدراك النسبي للحق والخير “.

3 ـ تحديد قيمة الأفعال الإنسانية بين الوحي والعقل : الوحي هو المصدر الأول الذي يحدد قيمة الأفعال الإنسانية ويُخبر عنها ، والعقل الإنساني هو الذي يكشف عن قيمة هذه الأفعال . بمعنى أنه ” إذا كان دور الوحي الإخبار بقيم الأفعال ، فإن دور العقل استيعاب ذلك الخبر وتمثل التقدير الشرعي ” . منهج التعامل مع الوحي فهما وتطبيقا :

في إطار سعيها لتحقيق مصالح الناس تسعى حركة الإتجاه الإسلامي  إلى هذا الهدف ” دون إهدار أو تعطيل لنصوص الكتاب والسنة ، ودون إلغاء لدور العقل في فهمها وتنزيلها في واقع الحياة ” . وهذا منهج ذو مرحلتين : مرحلة الفهم ومرحلة التطبيق الواقعي .

1 ـ منهج فهم الوحي : مرحلة الفهم تعني ” البحث عن مراد الله تعالى فيما أمر به ونهى عنه في نصوص الوحي ” من خلال اتباع جملة من الأسس هي :

ـ الأساس اللغوي : ” نفهم نصوص الوحي طبقا لمنطق اللغة العربية وقواعدها وأساليب استعمالها وصيغ تراكيبها في البيان وقت التنزيل ” .

ـ الأساس المقاصدي : ” نفهم نصوص الوحي على أساس المقاصد الشرعية وهي المعاني والحكم والغايات التي وردت في التشريع ” ، وهذه المقاصد  ليست بمعان خارجة عن نصوص الوحي حتى نطلب إدراكها من جهة غير جهة تلك النصوص ” .

ـ الأساس الظرفي : ” نفهم نصوص الوحي ..على أساس معرفة ما صح من مناسبات النزول ” للمساعدة ” في فهم المراد من النصوص .

ـ الأساس التكاملي : ” نفهم نصوص الوحي على أساس التكامل بين أحكام الشريعة ، فالتناقض فيها محال ، كما نراعي في ذلك توقف بعض النصوص على بعض في تبيين المراد الإلهي منها ” .

ـ الأساس العقلي : ” نفهم نصوص الوحي على أساس ما توصل إليه العقل الإنساني من معارف وحقائق علمية ، إذ أن النص القطعي الثبوت الدلالة لا يُناقض الحقيقة العلمية الثابتة ” . وفهم العقل لنصوص الوحي نوعان :

*  أفهام قابلة للتغيير : وهي تلك التي ” نشأت من النظر في نصوص ظنية في ثبوتها أو دلالتها ما لم يرد فيها إجماع من الصحابة ” * أفهام تتصف بالإطلاق وهي على ضربين : ـ ” الأفهام الناشئة من النظر في نصوص ظنية ولكنها حظيت بإجماع الصحابة عليها “

ـ ” الأفهام الناشئة من النظر في النصوص القطعية ، فهذه النصوص لما كانت الدلالة فيها منحصرة في وجه واحد من المعاني ، كان الفهم فيها منحصرا في ذلك الوجه دون أن يناله التغيير على مر الزمن ” .

ترى حركة الإتجاه الإسلامي أن ” الإجتهاد في الفهم مفتوحا بابه وليس قصرا على جيل دون جيل ولا زمن دون آخر إذا توفرت شروط الإجتهاد ” من أجل ” تحقيق مقاصد الشريعة وإقامة مصالح الأمة “.

2 ـ منهج تطبيق الوحي : ترى حركة الإتجاه الإسلامي أن مرحلة فهم نصوص الوحي هي مرحلة ” أساسية تمهد لمرحلة التطبيق التي تصل الأحكام بالواقع الإنساني بغاية الإنسجام بينهما ” . فالوحي لم ينزل لمجرد فهمه فحسب بل ” نزل بغاية إجراء أفعال الإنسان على أحكامه ” من خلال الإلتزام بمنهج تطبيق على الواقع ” يحقق صلاح نظم الشريعة لكل زمان ومكان ..إذ أن تطبيق أحكام الوحي تطبيقا آليا بدون وعي بمقاصدها وطبيعة الواقع المنزلة فيه قد يِؤدي إلى فوات مصلحة أو إلحاق ضرر بالناس من حيث قصد الشارع تحقيق النفع لهم ، ولذلك فإننا نقيم منهج تطبيق الوحي على أساسين رئيسين هما :

أ ـ العلم بعلل الأحكام :” العلل هي مقاصد قريبة تنتهي إلى تحقيق المقصد العام ..لذلك فإننا نعمل على تحري مقاصد الأحكام في نصوص الوحي قدر الطاقة ، باعتباره أصلا في تنزيل الأحكام على الواقع ” .

ب ـ العلم بالواقع : إن ” تطبيق الأحكام الشرعية على الواقع يجب أن يسبق بعلم واسع بواقع الأفعال الإنسانية المعينة ، يشمل مختلف أحوالها وأسبابها ودوافعها وتأثرها وتأثيرها ” لتحديد ما إذا كان ” الفعل يندرج تحت الحكم المعين ليُطبق عليه أو يندرج تحت حكم آخر ..وما إذا كان هذا الفعل مستجمعا للشروط التي تجعل تطبيق الحكم عليه مؤديا إلى تحقيق المقصد القريب فيُطبق ، أو غير محقق فلا يُطبق ” . كل ذلك في إطار تصور للتراث يعتبر أن ” ماضي الأمة متشابكا مع حاضرها ، وأن فهم الكثير من قضايا الأمة المتنوعة ” يمر عبر فهم التراث واستيعابه بدرجة أولى بدل إهماله أو احتقاره ” ، أي أن ننظر إلى التراث بمنظار ” تحليلي نقدي يفهم عوامل التخلف والإنحطاط ” فيه فيتجاوزها، ويستلهم من جوانبه الإيجابية ” ما يؤصل هويتنا ويُطور واقعنا ويُثري نهضتنا ” .   

ملاحظات حول هذه الرؤية :

ـ إن النص الأصلي لهذه الرؤية هو نص مركز ومترابط المعاني والأفكار ،  الأمر الذي يجعل أي شكل من أشكال التصرف فيه هو أمر يوقع في الإخلال بنظام هذه الأفكار والمعاني . لهذا أنصح كل قارئ يريد أن يقترب أكثر من روح الأفكار الواردة في هذه الرؤية أن يعود لنصها الأصلي ليقف على حقيقتها كما هي .

ـ هذه الرؤية هي تفصيل مُتميز لأركان العقيدة الإسلامية من وجهة نظر أبناء ” حركة الإتجاه الإسلامي ” ، وهي كذلك رسم جيد لطبيعة نصوص الوحي وخصائصها ولطبيعة العقل الإنساني وخصائصه والمنهج الذي يجب أن يسلكه هذا الأخير لفهم هذه النصوص  وتنزيلها على الواقع الإنساني .

ـ المنهج الذي رسمه أبناء الحركة في فهم نصوص الوحي وسبل تنزيلها علي واقع الحياة جنب أبناءها السقوط في جُب الغلو ، كما جنبهم الوقوع في نقيصة التطبيق الدغمائي الآلي لنصوص الوحي الذي وقعت فيه العديد من الحركات الإسلامية ماضيا وحاضرا وأعطت بذلك  صورا مشوهة عن الإسلام والمسلمين في العالم .

ـ بدت لي هذه الرؤية في حاجة إلى مزيد التفصيل والتدقيق فيما يتعلق بكيفية تزويد العقل للفرد المسلم بيقين إيماني ” لا يرتقي إليه احتمال ، ولا يداخله ظن ” ، أي هناك حاجة لمزيد تدقيق علاقة العقل بالحقائق المُطلقة . كما أن القضاء والقدر رغم وروده في هذه الرؤية كركن من أركان العقيدة لم يرد فيه أي تفصيل رغم تأثيراته المباشرة في دفع الفرد والمجموعة  لتغيير الواقع أو الإستسلام له . كما يُستحسن ـ من وجهة نظري ـ مزيد تفصيل ضوابط التكفير نظرا لخطورة هذه المسألة  وتبعاتها على وحدة المجتمع والأمة . كما أن  انعكاسات الإجتهاد على حاضر الأمة ومستقبلها يتطلب من أبناء الحركة رسما جديدا لمعالمه من أجل توسيع مجاله وحسن استثمار نتائجه .

ـ في هذه الرِؤية حضرت العقيدة والنص والعقل وغاب الواقع الذي هو ميدان التفاعل بينها . بمعنى أن أبناء حركة النهضة اليوم هم في حاجة لاستكمال هذه الرؤية وتوسيعها لتشمل رؤية سياسية واضحة المعالم يتحدد فيها موقف الحركة من القوة والعنف كأداة لتغيير الواقع . وتشمل كذلك رؤية إقتصادية تتخذ موقفا واضحا من العولمة واقتصاد السوق وسبل التعامل مع البنوك الربوية والإسلامية خاصة بعد تهجير العديد من أبناء الحركة إلى بلاد الغرب التي طرحت عليهم قضايا ومسائل جديدة في حاجة إلى إجابات واضحة . ورؤية اجتماعية تتخذ موقفا واضحا من العمل النقابي وضوابطه الفنية والأخلاقية وإيجاد حلول ممكنة للقضاء على الفقر والبطالة ، واستكمال هذه الرؤية برؤية ثقافية يحدد فيها أبناء الحركة موقفهم من الفنون المختلفة  وكذلك موقفهم من التراث ومن الثقافة الغربية .

ـ هذه الرؤية  لم تتطور منذ ظهورها إلى يومنا هذا بسبب ما سلطه الإستبداد الغاشم من تضييق سياسي وفكري ومعنوي على أبناء حركة النهضة الذين هم مدعوون بعد هذا التعافي النسبي لجسم حركتهم  إلى مزيد تدقيق هذه الرؤية وتوسيع مجالاتها كي تصبح نص أو كتاب  ” مرجعيا شاملا ومتكاملا ” للقضايا الفكرية والواقعية التي تواجه أبناء الحركة محليا وإقليميا ودوليا .

ـ أعتقد أنه قد حان الوقت للإسلاميين عامة ولإبناء حركة النهضة في تونس خاصة أن يتجاوزوا حالة الإنتظارية والمثالية والإنعزالية وإصدار الأحكام الأخلاقية المتسرعة على قضايا الواقع المعقدة ،  إلى حالة أخرى يقع التعامل فيها مع هذه القضايا بروح أكثر واقعية  والأنخراط  الميداني الجاد مع غيرهم من أبناء وطنهم في إيجاد حلول عملية للمشاكل اليومية ” التي يحس بها الناس ويتألمون منها ” ، كل ذلك في إطار مراجعة شاملة للفكر والممارسة هدفها رسم معالم النهوض للمجتمع والأمة . منير السايبي ـ سويسرا ـ 26 / 09 /  2010 (المصدر: موقع “الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 26 سبتمبر 2010)


ندوة مع ممثلي الأحزاب المترشّحة انتخابات بلدية فيينا: هل يشّكل الإسلام خطرا حقيقيا؟


ندوة وحوار في الندوة التي ينظمها المركز الثقافي العربي النمساوي مع ممثلي كافة الأحزاب المترشّحة لانتخابات بلدية فيينا يجيب ممثلون عن الأحزاب المترشحة على الأسئلة التالية: 1. هل يشكل الإسلام فعلاً تهديدا للمجتمع وللهوية النمساويين؟ 2. هل تشكّل حرية ممارسة الأديان فعليّاً جزءاً من القيم الديمقراطية الأساسية التي يجمع عليها المجتمع؟ 3. ما دور العولمة والأزمة الاقتصادية والفقر في مختلف أنحاء العالم في تنامي دور الإسلام السياسي؟ 4. ما هو تصورحزبكم حول الدور الذي يجب أن يلعبه المسلمون في النمسا وفي فيينا تحديدا؟ يشارك في هذه الندوة كل من: عمر الراوي، سيرفان أيكيشي، يوهان هيرتصوغ، ظريفة ياتكين، غونتر بارنت، ديدي تساخ، محمد أبو الروس، ألفرد ألميدر الزمان: الجمعة، 1. تشرين أول (أكتوبر) 2010، الساعة السابعة مساء المكان: المركزالثقافي العربي النمساوي، Österreichisch-Arabisches Kulturzentrum – OKAZ Gusshausstr. 14/3 1040 Wien للتفاصيل أنظر http://www.antiimperialista.org/ar/node/6604

 


معالم في السياسة الشرعية من منظور الوسطية – الجزء السابع


إعـداد : د. محمد بشير بوعلي تقييم نظريات العقد الاجتماعي: من أهم ما واجهته النظريات السالفة ما يلي:

1- أنّ التاريخ لا يؤيد فرضية التعاقد كمنطلق لوجود الجماعة تأسيس الدولة، إذ لا توجد أدلة على صحتها ووقوعها فعلا. خصوصا وأنّ حياة الإنسان الأول كانت بدائية همجية لا ترقى إلى مستوى هذا العقد. وروسو نفسه لم يدع علمية نظريته، بل هي فرضيات نظرية تسعى لتحقيق أهداف وعملية.

2- عدم إمكانية رضا جميع الأفراد في العقد، يجعل فرضية العقد نفسها غير متصورة الوقوع، والحال أنّ الرضا ركن أساسي في العقد. كما أنّ افتراض قبول ضمني لشروط العقد من قبل الجماعة، يفتح المجال لتصرف الحاكم وتحديده لتلك الشروط، مما يؤدي إلى الاستبداد حتما.

3- أنّ ما توصل إليه علماء الأنثروبولوجيا من معلومات لا تدعم نظرية العقد، وأنّ المجتمعات في التاريخ تأسست بدون عقد.

4- أنّ نظرية العقد نظرية ميكانيكية تؤسس الدول بشكل آلي، في حين أنّ الدول نظم طبيعية تنمو وتتطور، والدولة هي أحد هذه النظم المتحركة.

5- أنّ نظرية العقد نظرية ثورية تجعل حق الأفراد في الانقلاب والثورة حقا طبيعيا، وهو ما يمثل خطرا على المجتمع يؤول به إلى الفوضى.

6- قيام هذه النظرية على افتراض أنّ الإنسان كان يعيش حياة العزلة قبل تأسيس الدولة، وهذا افتراض خاطئ تبطله حقيقة أنّ الإنسان مدني بطبعه لا يميل إلى العزلة بل إنّ حياة الجماعة متأصلة فيه.

“ورغم سلبياتها فقد حققت نظريات العقد الاجتماعي مكاسب سياسية جمة للمجتمعات الأوروبية عموما. حيث عارضت الحكم المطلق، وجرّأت الشعوب على حكامهم المستبدين، وحققت لهم الحريات ومكنتهم من حقوقهم ومكنت الشعوب الغربية من السيادة، ولذلك قيل: “إنّ نظرية العقد الاجتماعي كانت أكبر أكذوبة سياسية ناجحة”1، ولا شك أنّ هذا الكلام تعوزه الدقة، إذ أنّ أصحاب هذه النظرية لم يكونوا كاذبين، بل كانوا فقط واهمين أنّ نظريتهم واقعية، لذلك فالأدنى إلى الصواب القول أنّ نظرية العقد الاجتماعي كانت أكبر وهم سياسي ناجح، إذ أنه وهم حقق للأروبيين ما ينعمون فيه اليوم من حريات ومكاسب سياسية جمة تفوّقوا فيها علي أمم الأرض قاطبة.

نظام البيعة الإسلامي:

وهو أول عقد يؤسس لدولة القانون “باعتماد أسلوب البيعة في اختيار الخليفة والذي يقوم على مضمون تعاقدي، يكون النظام الإسلامي الجديد في ذلك… قد عمل على إقامة إحدى ركائز “الدولة القانونية” بإشراك الأمة في اختيار حكامها مع ما يتضمنه الأسلوب التعاقدي من أحكام ترعى حقوق الطرفين المتعاقدين وواجباتهم…ففي بعض المراحل التاريخية للخلافة الراشدة…قد تم استيعاب النظرية السياسية للدولة والسلطة في تحديد عقد البيعة بين الحاكم والمحكومين مصدرا لنشوئها والعمل على إرساء دعائم هذه النظرية التي جاءت بدورها لتهدم مختلف النظريات السياسية السائدة آنذاك في الشرق كما في الغرب التي تحيل على مبدأ السيطرة والقوة والغلبة لتفسير انبثاق السلطة في المجتمع ولإنشاء نظام سياسي فريد له خصائصه المميزة، وهذا ما حمل بعض المفكرين وأخصهم “أرنولد” على القول بأنّ الحكومة الإسلامية التي قامت على أساس العقد لم تكن تقليدا لشكل سياسي سبق وجوده من الحضارة أو التنظيم السياسي بل كانت وليدة زمانها، والنظام الإسلامي كان نظاما فريدا بين مؤسسات العصر القديم وكان نظاما مستحدثا من حيث الشكل والمضمون”2.

الفرق بين نظام البيعة ونظرية العقد الاجتماعي:

ويمكن إجمال أهم وجوه المفارقة بين نظام البيعة الإسلامي ونظرية العقد الاجتماعي فيما يلي:

1- عقد البيعة في الإسلام لا يقوم على الافتراض، بل هو عقد حقيقي يتم بين الأمة والخليفة برضاء الطرفين.

2- أنّ عقد البيعة عند المسلمين لا يتضمن تنازلا عن حقوق الأفراد وحرياتهم، لأنها حقوق ثابتة بالشرع فلا تبطل بالعقد، خلافا لنظريات العقد الغربية – على اختلافها – فهي تفترض تنازلا حتميا عن الحقوق والحريات العامة للحاكم (هوبز) ولا للمجتمع (روسو)3.

شروط الإمام في السياسة الشرعية:

يقول العلامة ابن خلدون في تعداده لشروط الإمام: “وأما شروط هذا المنصب فهي أربعة: العلم والعدالة والكفاية وسلامة الحواس…فأما اشتراط العلم فظاهرٌ؛ لأنه إنما يكون منفّذا لأحكام الله تعالى إذا كان عالما بها، وما لم يعلمها لا يصح تقديمه لها… ولا خلاف في انتفاء العدالة فيه بفسق الجوارح من ارتكاب المحظورات وأمثالها. وفي انتفائها بالبدع الاعتقادية خلاف. وأما الكفاية فهو أن يكون جريئا على إقامة الحدود واقتحام الحروب وبصيرا بها، كفيلا بحمل الناس عليها، عارفا بالعصبية وأحوال الدهاء، قويا على معاناة السياسة؛ ليصح له بذلك ما جُعل إليه من حماية الدين، وجهاد العدوّ، وإقامة الأحكام، وتدبير المصالح. وأما سلامة الحواس والأعضاء من النقص والعطلة، كالجنون والعمى والصمم والخرس، ومما يؤثر فقْدُه في الأعضاء في العمل، كفقد اليدين والرجلين والأنثيين، فتُشترط السلامةُ منها كلِّها، لتأثير ذلك في تمام عمله وقيامه بما جُعل إليه”4.

شرط القرشية:

تباين مذاهب المسلمين في مسألة شرط القرشية هو من أظهر مواطن الخلاف بينهم، ويمكن إرجاع تلك المذاهب إلى ثلاثة: أولها رأي الخوارج قديما (وهو رأي الإباضية إلى اليوم) المنكر لهذا الشرط ابتداءً والقائل بأنّ الإمامة تصح لمن تحققت فيه الشروط المذكرة ولو كان أعجميا، حيث بنى هؤلاء على إنكار شرط الإمامة توسعهم فيمن يكون إماما من بين سائر المسلمين دون قيد في النسبة القبلية أو العرقية.

ويلي هؤلاء من حيث التوسع في نسبة الإمام أهلُ السنة القائلون بشرط القرشية وأن لا يكون الإمام إلا من قريش، إلا أنّ هؤلاء تفرقوا بعد تلاشي عصبية قريش بين من ظلوا متمسكين بهذا الشرط إلى اليوم، وبين من أقرّوا به قبل التلاشي ركونا إلى الآثار الواردة في ذلك، ومن أشهر هؤلاء الإمام الباقلاني والعلامة ابن خلدون5.

أما المذهب الثالث فهو رأي الشيعة بمختلف فرقهم، وهم يقصرون الإمامة على ذرية الإمام علي من أهل البيت، دون غيرهم من المسلمين من قريش ولا غيرها، وقد أحال هؤلاء مسألة الإمامة من كونها مسألة فقهية من الفروع العملية، إلى اعتبارها مسألة من أصول الدين التي يجب اعتقادها والتسليم بها، فالأئمة من ذرية الصحابي عليّ بن أبي طالب معيّنون ليكونوا أئمة بأمر الله من الأزل، فلا يجوز مخالفة أمره تعالى بحسبهم.

هـل حدد الإسلام مواصفات دستورية معيّنة لنظامه السياسي؟:

لا شك أنّ التشريع الإسلامي هو تشريع شامل متكامل يتضمن مختلف مجالات الحياة الإنسانية ونظمها الاجتماعية بما في ذلك النظام السياسي، فهو مستوعب للدولة ونظام شامل للحياة السياسية. ولكن كون الإسلام دينا يشمل الدولة هل يعني أنّ له نظاما سياسيا معلوما ثابت المواصفات لا يمكن مخالفتها؟ الجواب: لا، فالله سبحانه وتعالى قد كلف المسلمين بإقامة دولة تضمن الأمن والاستقرار الاجتماعي، وتشرف على رعاية مصالح الناس، وتضمن لهم حرية إقامة شعائرهم، وتسهّل لهم مهمة السعي في الأرض لإقامة مظاهر العمران فيها. فهي دولة تتحقق فيها القيم الإسلامية السامية التي من أهمها: قيم “الشورى” و”العدل” و”المساواة”، ولكن ليس من شروط شرعية تلك الدولة أن تتوفر فيها مواصفات دستورية محددة وثابتة. كأن تكون نظاما ملكيا دستوريا أو جمهوريا رئاسيا أو برلمانيا أو غيرها من النظم الدستورية المعتمدة في هذا العصر. كما لم يبين الشرع الإسلامي عما إذا كان الحاكم الأعلى للمسلمين يجب أن يُلقب بخليفة المسلمين أو أمير المؤمنين أو السلطان أو رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء أو غيرها من الألقاب السياسية المعهودة في هذا العصر. ولا أن تكون الدولة الإسلامية مركبة (فدرالية) أو موحّدة (مركزية).

ذلك كله لا أهمية له باعتباره من أشكال الأنظمة السياسية ومظاهرها، لا من جوهرها وحقيقتها. بل إنّ جوهر النظام السياسي الإسلامي هو تحقيق المبادئ الإسلامية الثابتة المذكورة، فيكون حاكمها ونوابه عادلين في معاملتهم للرعية، حريصين على استجلاب المصالح والمنافع لها، وفي دفع المضار والمفاسد عنها، مساوين بين الجميع في تطبيق القانون دون محاباة ولا تمييز بين مختلف مكونات المجتمع المسلم، فلا طبقية اجتماعية أو دينية أو عرقية… وذلك بدوره لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل مبدأ الشورى، لأنّ الحاكم الذي يستعلي على استشارة شركائه ومساعديه في مسؤولية الحكم وأهل العلم والخبرة في مختلف ميادين المعرفة، لا يمكن أن يكون عادلا بحال من الأحوال.

فالمهمّ إذن هو احترام الحاكم المسلم لتلك المبادئ وحرصه على تطبيقها في سلوكه السياسي دون تجاوز. أما الأشكال الدستورية في ذاتها، فليست محددا لشرعية السياسة في الإسلام. بل قد يسمي الحاكم دولته إسلامية، ولكنه لا يحترم في الواقع قيم الإسلام السياسية، فلا تكون سياسته شرعية بذلك لعدم تحقق المبادئ الإسلامية فيها. وقد لا يطلق الحاكم المسلم الصفة الإسلامية على دولته، ولكنه مع ذلك يلتزم بكل مبادئ السياسة الشرعية، فتكون بذلك حكومته إسلامية شرعية يبارك الله جهوده فيها ويجازيه خيرا في الآخرة على التزامه بشرع الله وعدم انسياقه وراء مفاتن الحكم وملذاته وإغراءاته في السلطة والمال والجاه. يتبع… وسوف نتوقّف في الحلقة القادمة بإذن الله، مع مبادئ الشورى والعدل والمساواة في السياسة الشرعية… ………………………………………………………………………………………………………………. 1 – فضل الله محمد إسماعيل، فلسفة السياسة، ص67. 2 – عدنان نعمة، دولة القانون في إطار الشرعية الإسلامية، المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت، ط1، 1987م، ص66. 3 – فضل الله محمد إسماعيل، فلسفة السياسة، مكتبة بستان المعرفة، 2006م، مصر، ص67. 4 – ابن خلدون، عبد الرحمن أبو زيد ولي الدين، مقدمة ابن خلدون، دار الفكر، بيروت، 1424هـ، 2004م، ص191 5 – يقول ابن خلدون:”الأحكام الشرعية كلها لابد لها من مقاصد وحكَم تشتمل عليها، وتُشرع لأجلها. ونحن إذا بحثنا عن الحكمة في اشتراط النسب القرشي ومقصد الشارع منه، لم يُقتصرْ فيه على التبرّك بوُصْلة النبيّ صلى الله عليه وسلم كما هو في المشهور، وإن كانت تلك الوُصلة موجودة والتبرّك بها حاصلا؛ لكن التبرّك ليس من المقاصد الشرعية كما علمتَ. فلابد إذن من المصلحة في اشتراط النسب وهي المقصودةُ من مشروعيتها. وإذا سبرنا وقسمنا لم نجدها إلا اعتبار العصبية التي تكون بها الحمايةُ والمطالبةُ، ويرتفع الخلافُ والفرقة بوجودها لصاحب المنصب فتسكن إليه الملةُ وأهلُها وينتظم حبلُ الألفة فيها…فإذا ثبت أن اشتراط القرشية إنما هو لدفع التنازع بما كان لهم من العصبية والغَلَبِ، وعلمنا أن الشارعَ لا يخص الأحكامَ بجيل ولا عصرٍ ولا أمّة، علمنا أن ذلك إنما هو من الكفاية فرددناه إليها، وطردنا العلةَ المشتملةَ على المقصود من القرشية وهي وجود العصبية، فاشترطنا في القائم بأمور المسلمين أن يكون من قوم أولي عصبية قوية غالبة على من معها لعصرها، ليستتبعوا من سواهم وتجتمع الكلمةُ على حسن الحماية” انظر: ابن خلدون، المقدمة، ص193. للاطلاع على الجزء الاول انقر على السطر http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8305&Itemid=28 للإطلاع على الجزء الثاني انقر على السطر http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8322&Itemid=28 للإطلاع على الجزء الثالث انقر على السطر http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8345&Itemid=55 للإطلاع على الجزء الرابع انقر على السطر http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8369&Itemid=55 للإطلاع على الجزء الخامس انقر على السطر http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8398&Itemid=55 للإطلاع على الجزءالسادس انقر على السطر http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8446&Itemid=28

(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 26 سبتمبر 2010)


دفاعا عن شرف المرأة المغربية


نوال السباعي ترددت في الآونة الأخيرة إلى حد لم يعد من الممكن التغاضي عنه الاتهامات الأخلاقية الخطيرة، المبطنة حينا والمعلن عنها حينا آخر، للفتيات وللنساء المغربيات خارج وداخل بلادهن. فما حقيقة هذه الاتهامات للمرأة المغربية؟ وما حقيقة الأوضاع الاجتماعية والسياسية التي تعيشها النساء المغربيات التي أدت إلى تفشي هذا الوباء؟ وهل هذه حال تخص المرأة المغربية من دون سائر نساء المنطقة العربية؟

وإذا كان الأمر كذلك فلماذا ظهرت هذه القضية على الساحة الإعلامية بمثل هذه الكثافة، بينما لا يتجرأ أحد على فتح هذا الملف المخزي في بقية الدول العربية؟ إنه لمن المؤسف أن يتركز الكلام عن بلد واحد فيم يخص هذا البلاء، بينما -على أرض الواقع- تشترك كل دول المنطقة بالآفات نفسها والأمراض عينها.

فظاهرة البغاء عمّت المنطقة العربية كغيرها من مناطق العالم في زمن الانهيار الإنساني الذي نعيشه، لأسباب على رأسها الحروب والغزوات والاستعمار بكل أشكاله، وسقوط أنظمة فكرية وسياسية وعسكرية “عظمى” لتصبح دولها تابعة للغالب، وشعوبها متسولة على أبواب جحيم عالم لا يرحم.

أما في المنطقة العربية على وجه الخصوص وإضافة إلى هذا السبب الأساس فهناك أسباب خاصة، منها:

– الفقر المدقع بشعبه الثلاث المادي والفكري والأخلاقي، وهو من أهم الأسباب السياسية الإدارية التربوية التي تدمر البلاد.

– التفسخ الاجتماعي الحاصل بسبب جملة العلاقات غير السوية التي تحكم السلوك العام في مجتمعاتنا في هذه المرحلة بالغة الحرج من تاريخ منطقة تنخرها أوبئة الاستبداد السياسي والظلم الاجتماعي.

– ارتكاس الحس الأخلاقي لدى الناس إلى الحضيض بسبب تمسكهم بالعادات والتقاليد وظاهر أوامر الدين بعيدا عن روحه وفلسفته التربوية وما يترتب عنها من رادع أخلاقي شخصي لدى الأفراد

– عدم احترام الإنسان لنفسه، وهو الذي لم يعتد أن يحترمه أحد، فالإنسان في منطقتنا هو مجرد “شيء” على آخر لائحة اهتمام الجميع في الأسرة والمجتمع والمدرسة والمؤسسة الدينية والدولة، وهذا يسهل عليه السقوط في مهاوي الرذيلة والجريمة، إذا لم يجد من يعزز لديه الشعور باحترام الذات وتقديرها

– اختلال دور الأسرة في المجتمع، واضطراب دور كل من الأم والأب في الأسرة، خاصة دور الأب الذي أصبح في أيامنا هذه دورا بعيدا عن التأثير رغم السيطرة الذكورية العارية عن الفعل الحقيقي في حياة الأسرة، إذ يبدو وكأن معظم الرجال قد استقالوا من مهمة القوامة في بيوتهم، القوامة بما تعنيه من “قيام مادي ومعنوي وتربوي بحق أسرة، من واجب ربها وراعيها القيام بشؤونها وحمايتها، وإكرام أفرادها والقيام على خدمتهم وتلبية احتياجاتهم”.

– إنه خلل خطير جدا في دور الزوج والأب ودور الأسرة في المجتمع أدى إلى انفلات الأمور وضياع الأبناء والبنات، في ظل أوضاع سياسية خانقة وظروف اقتصادية مدمرة ومشهد اجتماعي مؤسف، ولا يمكن لعاقل أن يقول إن هذا وضع تختص به المملكة المغربية من دون سائر بلاد المنطقة العربية!

إن أمراضنا من المحيط إلى الخليج واحدة، وإن معاناة الإنسان في المنطقة العربية واحدة، وإن الثقافة السائدة في المنطقة ثقافة واحدة مريضة مهترئة، قد آن الأوان لتجديدها وتشذيبها وتحديثها بإعادتها إلى أصول الحضارة العظيمة التي تنتمي إليها هذه المنطقة، خاصة فلسفتها الأخلاقية في تعاملها مع الإنسان رجلا كان أم امرأة، لنستطيع إعادة الأمور إلى نصابها في تحرير إنساننا من الذل والهوان والضياع.

إن الإحصائيات الموجودة على الشبكة لكل من يريد مراجعتها، التي تنشرها دوريا الهيئات الاجتماعية والمنظمات الدولية عن أوضاع البغاء في مجمل دول المنطقة العربية لهي إحصائيات مفزعة، ولا تختص بالمغرب ولا بنساء المغرب، وإن العفة والستر على عباد الله يمنعاننا من إيراد أسماء دول أو شعوب المنطقة التي ينتشر فيها البغاء انتشار النار في الهشيم ولنفس الأسباب المذكورة أعلاه.

ولن نقع في نفس المطب الذي وقع فيه من شهر بالمغرب ونساء المغرب، وكأن كل نساء المغرب ينتمين إلى هذه الفئة المسحوقة المظلومة من شعوبنا المغلوبة على أمرها، مرة بسطوة الاستعباد الذي ضيع البلاد، وأخرى بسلطة مجتمعات ظلمت العباد، وثالثة بحمق هيئات تربوية دمرت شعور الإنسان بالكرامة، ورابعة هي مؤسسات إعلامية لا تمتلك رؤى حضارية لتوجيه الشعوب نحو النهضة والخروج من النفق، ولا تكف عن التحريش بين أبناء المنطقة الواحدة، الإخوة في العقيدة واللغة والتاريخ والهم والألم والأمل والحلم بالمستقبل.

إن المراقب والمتابع لهذه النشرات الدورية يعلم حجم المصيبة الحقيقية التي لحقت بأعراضنا المستباحة في المغرب والمشرق على السواء، ولم تنج من هذه المعضلة واحدة من بلاد المنطقة.

وقد نسينا أمرين على غاية من الأهمية:

أولهما: اعتبار البغاء مرضا اجتماعيا ينبغي على الدول والأفراد والمجتمعات والمؤسسات الدينية والاجتماعية العمل الحثيث لاستنقاذ بناتنا منه، وأقول “بناتنا” لأن هؤلاء النسوة هن بناتنا وأعراضنا، وقد دفعت بهن الظروف المؤلمة في بلادنا إلى سوق الاتجار بالإنسان، سوق الرقيق الحديث، في زمن لم يعد فيه للإنسان أي احترام ولا للمرأة أية قيمة، ليس في الغرب فحسب -كما يعجبنا أن ندندن- ولكن في الشرق والغرب والشمال والجنوب.

وثانيهما: المسؤولية الواقعة على عاتق الرجال وفي عدة اتجاهات في هذه المجزرة، مجزرة الشرف والأعراض -التي لم تعد مقتصرة على الإناث بل شملت الذكور كذلك-، أولئك الرجال الذين ضيعوا أسرهم، بالمبالغة في سوء المعاملة حينا، مما دفع الفتيات والفتيان إلى مغادرة البيوت والهرب، أو بالاستهانة بالمسؤولية التي كلفوا بها دينيا واجتماعيا وأخلاقيا وإنسانيا وقانونيا، فضربوا بها عرض الحائط وانصرفوا عنها بعيدا عن البيت الذي دُكّت حصونه وقد بقي مشرع الأبواب دون حارس حريص ولا راع أمين.

– لا يقتصر دور الرجل -المقصود فئة من الرجال وليس كلهم بالطبع- في هذه القضية على التخلي عن مسؤولياته والإسهام بصورة غير مباشرة في دفع أهل بيته إلى البغاء. فهناك فئة من الرجال يعدون مسؤولين مشاركين في هذه الجريمة، وتقوم بعض الدول المتقدمة بتجريم الرجال الذين يطلبون هذه “الخدمات الجنسية” -كما تسمى في الغرب- فهم الذين يدفعون المال للحصول على ما يبتغون!

أما في المنطقة العربية والثقافة العربية المعاصرة فإن التجريم واقع على المرأة فحسب، وقد ثبت تاريخيا أن الغالبية العظمى من هؤلاء النساء هن فتيات مُغرر بهن، أو قد اختطفن وأرغمن على ممارسة الدعارة تحت التهديد الذي قد يصل إلى القتل، فكيف نجرم الضحية ونترك الجلاد؟

ولماذا لا تقوم الدول العربية التي تريد منع الفتيات المسلمات من هذه الجنسية أو تلك بدخول أراضيها، بملاحقة ومعاقبة رجالها ممن يفتقرون إلى الضمائر والأخلاق والدين والشرف؟

ولماذا تعد هذه الفتيات محرضات على الرذيلة بينما يسكت المجتمع والإعلام والدول عن دور هؤلاء الرجال من زبائن الشيطان ممن لا يتورعون عن هتك أعراض المسلمات وغير المسلمات، ممن يعرفون يقينا أن الغالبية العظمى منهن يمارسن هذه الرذيلة مرغمات مقهورات؟

وفي الحالة الثالثة يصبح الرجل مسؤولا رئيسيا مباشرا، حيث يلجأ بعض “الرجال” إلى دفع نسائهم إلى ممارسة البغاء طلبا للمال، وهذه حقيقة لا يمكن الإغضاء ولا السكوت عنها، لأنها معروفة لدى كل مُطلع، وليس إلا مراجعة ملفات الشرطة الاجتماعية وهيئات المساعدة الاجتماعية في الغرب والشرق على السواء لنتأكد من حجم الفاجعة! وكثيرا ما عرضت الأفلام والمسلسلات والروايات العربية هذه الحقيقة الاجتماعية المرعبة، في محاولة منها لكشف المستور الجارح المؤلم، وليس في هذه الفنون ولا الآداب ما يختص بأهل المغرب ونسائهم، بل إنها صادرة متحدثة عن دول أخرى وشعوب أخرى في المنطقة العربية لا يجرؤ كثيرون على ذكرها في هذا الباب الذي لا مرحبا بداخليه.

– لقد عشت في إسبانيا ثلاثين عاما، تعرفت خلالها على أبناء الشعب المغربي بكل طبقاته وفئاته الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية، ولا أستطيع أن أشهد بما تتناقله وسائل الإعلام وبعض الجهات الحكومية اليوم من اتهام فتيات المغرب بنواياهن المشبوهة المبطنة ومن التشهير بهن وبشرفهن.

لقد عرفت ورأيت وعاينت حياة المئات من الفتيات المغاربة ممن يلتزمن الدين أو لا يلتزمنه، ومن طالبات الدراسات العليا الاختصاصية أو الأميات الجاهلات، من بنات الأسر الغنية غنى فاحشا، ومن بنات الفقر والحرمان، فلم أر خلال ثلاثين عاما ما يؤشر إلى أن الشعب المغربي شعب يسمح بالدعارة، ولا أن نساءه وفتياته ممن يتساهلن في مسألة الشرف والعرض، ولكنه شعب منفتح مثقف حر.

وفي المغرب لا قيود على الحريات الشخصية للأفراد والمجتمع، مما يعطي انطباعا بأنه شعب متفلت، وهذه حقيقة منقوصة، فليست الحرية رديفا للفساد، ولكنها تعبر عن فلسفة دولة تفهم أن فرض القيود على الناس لا يعني أنهم لا يمارسون “حرياتهم” في الخفاء.

وإن انتشار البرقع وفرض الحجاب بالقوة ومنع الاختلاط في العلن وتشجيع جرائم العار التي يسميها المجتمع جرائم الشرف في بعض المجتمعات العربية و”الإسلامية” لا يمنع من انتشار الفاحشة حتى في بعض الأماكن المقدسة، حتى صارت الرذيلة خبرا متواترا يسير به الركبان في عصر الصاروخ والإنترنت وفيسبوك.

ليس من الحصافة والحكمة اتهام شعب كامل بمثل هذه التهمة بسبب حفنة من أبنائه سقطوا في مهاوي البغاء لأسباب سياسية واقتصادية وتربوية أخلاقية عمّت المنطقة العربية كلها، تتعلق أولا بفشل دولنا في تأمين فرص العمل للملايين من شبابها، مع اختفاء الخطط التنموية التي تستطيع استيعاب ما تدفع به الأرحام من عشرات الأبناء لكل أسرة تفتقر إلى الحد الأدنى من أسباب العيش الشريف.

وليس من الإنصاف أن توجه كل السهام إلى الشعب المغربي وحده من بين شعوب المنطقة المتلبس معظمها بنفس الأعراض والأمراض، لا لشيء إلا لأن لشعوب أخرى حصانة دبلوماسية وإعلامية لا يتمكن معها أحد من الإشارة إليها إلا بكل جميل.

دفاعا عن الشعب المغربي، وعن شرف غالبية نسائه وفتياته المؤمنات ينبغي أن نترك شهادتنا للتاريخ ولهذه الأمة، هؤلاء الفتيات اللاتي يزلزلن ساحات مدريد وباريس وروما وبروكسل بحناجرهن الندية تهتف لفلسطين والعراق، تهتف بحب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ودفاعا عنه في كل ملمة وحدث جلل، تهتف دفاعا عن الحجاب ونصرة للإسلام، تهتف لأمة لم تتردد في اتهامهن، وبأي شيء؟ بأغلى ما تملكه أمة، شرفها.

فإن شرف الأمم لا يقاس بسقوط فئة من أبنائها بين براثن الذئاب البشرية، ولكن شرف الأمم يعرف بقدرتها على حماية أبنائها من السقوط، والوقوف إلى جانبهم إذا سقطوا وانتشالهم من الهاوية وردهم إلى الحياة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 سبتمبر  2010)


في مسؤولية النخب عن الحروب الطائفية وآلامها


برهان غليون لا يزال الكفاح ضد الطائفية يشكل محور الأفكار التحررية التي تنادي بها الحركات القومية واليسارية التي ترى في استمرار وجودها عائقا رئيسيا أمام تطور الولاءات الوطنية.

ويقدم الوضع القائم في لبنان والعراق واليمن والنزاعات العنيفة التي شهدتها هذه المجتمعات ومجتمعات عربية عديدة أخرى في نظرهم نماذج حية للدور السلبي الذي تلعبه الطائفية في قطع الطريق على نشوء الدولة القومية، وفي التمكين للاحتلال وسحب البساط من تحت أقدام الحركة الوطنية وفشل التحولات الديمقراطية.

لقد تحولت الطائفية في اللغة السياسية التقدمية العربية من ظاهرة تاريخية اجتماعية متحولة إلى لعنة أبدية وعاهة مجتمعية لا يعرف أحد كيف يمكن احتواء تأثيراتها السلبية ولا التخلص منها.

وأصبح الخوف من تفجراتها المحتملة عقبة أمام تطور المناقشة السياسية نفسها، فهي فتنة نائمة لا سيطرة لنا عليها والحديث فيها بأي شكل جاء لا يمكن أن يكون إلا إيقاظا ملعونا لها وإطلاقا لبراكينها الكامنة.

ولا يعادل الكره الذي تراكمه الثقافة السياسية العربية ضدها، بكل تياراتها اليسارية واليمينية، الاستبدادية والديمقراطية، سوى الخوف من التأمل الموضوعي فيها وفي أسباب بقائها وانتشارها.

ولذلك قر السلوك العربي على نوع من الانفصام في السلوك السياسي إزاءها. وهكذا نجد الفرد الذي لا يكف عن إدانة الطائفية والتبرؤ من شرورها لا يتردد في أغلب الأحيان في الانصياع لقانونها والاندفاع في أحيان أخرى، بإرادته وأحيانا من دون إرادة، وراء رهانات وتلاعبات وحسابات طائفية لا حدود لها.

يخلق الحديث المتكرر عن الطائفية وعيا شقيا لدى المجتمعات العربية التي تشعر بأنها ضحية آلية عمياء جبارة تفرض عليها الانقسام بين عصبيات متنافرة وتغلق أمامها أبواب التحولات السياسية الديمقراطية والوطنية.

وبقدر ما يفقد هذا الشعور الثقة المتبادلة بين أبناء الطوائف المختلفة التي تتبارى في اتهام بعضها بعضا بإخفاء النوايا والرهانات الطائفية يزرع الشك واليأس عند المجتمع بأكمله بإمكانية التعايش داخل الوطن الواحد، بل بإمكانية بناء مثل هذا الوطن الذي يفترض التضامن والتكافل والتعاون بين جميع أفراده بقدر ما يجمعهم تحت سقف واحد ويفرض عليهم مصيرا مشتركا.

والواقع أن التركيز على الطائفية والبنيات العشائرية في البلدان العربية لا يعكس إدراكا لمخاطر حقيقية وحتمية بقدر ما يعبر عن الكسل والبؤس اللذين اتسم بهما الفكر القومي والوطني المحلي الذي اتجه في سعيه لإقامة دولة وطنية حديثة وإضفاء المشروعية السياسية عليها إلى التركيز على مسألة الهوية والتجانس والاندماج بدل بناء مفهوم المواطنية والتأكيد على واجب الدولة الحديثة في تأمين شروط الممارسة القانونية لها، وبالتالي تأمين حرية أبنائها ومساواتهم.

فقد سعت الدولة المحلية إلى التعويض عن غياب برنامج بناء المواطنية في مشروعها، أي عن غياب مشروع الدولة الوطنية الحديثة بالفعل عنها، بتضخيم الحديث عن الهوية والانتماءات الثقافية والتاريخية الأحادية.

وكانت النتيجة توليد نزعة وطنية انصهارية صماء تتطابق مع مفهوم العصبية الطبيعية أكثر مما تعبر عن نشوء فكرة وطنية وشخصية سياسية حقيقية.

وهكذا أصبح التعدد الطائفي الذي ينبغي أن ينظر إليه على أنه ثروة وطنية بدل أن يعاش كعاهة مجتمعية يبدو وكأنه نقمة إلهية أو طبيعية.

وأصبح الوضع الاعتيادي الذي عرفته المجتمعات منذ قرون وبنت من حوله نظمها الأخلاقية الرئيسية بما تعبر عنه من قيم التعايش والتسامح التاريخية التي ميزت المجتمعات العربية والإسلامية، وضعا نشازا أو تعبيرا عما ينبغي تسميته الخطيئة الأصلية، يميز المجتمعات العربية ويفصلها عن المجتمعات الأخرى الطبيعية ويحط من قدرها وقيمتها الجوهرية.

والحال، ليس تعدد الطوائف ولا استمرار البنيات العشائرية هو السبب في تخلف بنية الدولة الوطنية العربية ولا هو المسؤول عن تعثر مشاريع الاندماج الوطني وتقدم مشاريع التحويل الديمقراطية، ولا يشكل كلاهما أي لعنة أبدية أو تاريخية. فجميع المجتمعات مكونة من جماعات متعددة ويمكن تخفيضها جميعا إلى مجموعة لا نهائية من الأقليات الثقافية والدينية والعرقية والمهنية والجنسانية والحضرية والريفية وغيرها.

والمجتمعات الصناعية المتقدمة أكثر تعددية اليوم طائفيا وعرقيا من المجتمعات العربية. وما تتميز به مجتمعات الصين والهند وغيرها من المجتمعات الآسيوية عموما يفوق بما لا يقاس ما تعرفه المجتمعات العربية التي تبدو في هذا المنظور مجتمعات شديدة التجانس والأحادية الثقافية.

وهذا التعدد الواسع في المجتمعات الآسيوية يعبر، بعكس ما هو شائع، عن درجة الازدهار الحضاري الذي عرفته هذه المجتمعات في الماضي. فهذا الازدهار الحضاري وما يرتبط به من نمو قيم التسامح والتعايش وما يتيحه من إمكانيات التفاعل والتبادل والتواصل بين الثقافات وما يفرزه من حريات فردية وجمعية هو الذي يدفع إلى نشوء التعددية بقدر ما يسمح بنشوء الهويات المتمايزة أي بالتغاير داخل المجتمع الواحد بين مجموعات الرأي والثقافة وكذلك بقدر ما يؤلف قوة جذب جبارة للجماعات البعيدة خاصة للجماعات المضطهدة والمقهورة في المناطق الأخرى “البدائية”.

ولا حاجة للذهاب بعيدا لمعاينة هذه الديناميكية التاريخية الحضارية، فالعالم العربي هو اليوم أكبر منطقة طاردة للجماعات الأقلية المتميزة أو المغايرة سواء أكانت جماعات دينية أم جماعات عرقية أم جماعات رأي وثقافة سياسية ومعارضة.

وجميع هؤلاء يقصدون الدول الصناعية الكبرى المتقدمة، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية التي تستقطب القسم الأكبر من مهاجري جميع الجنسيات، بسبب ما يسود في هذه الدول من ازدهار اقتصادي وتسامح فكري وتنوع عقائدي. وهم يعززون من طابعها التعددي في الوقت الذي تنحو فيه المجتمعات العربية، مثلها مثل المجتمعات المتأخرة الأخرى، إلى التجانس وكبت التنوع والخوف من التعدد حتى داخل الطائفة أو الجماعة العرقية الواحدة.

وليس هذا من علامات التقدم الحضاري ولا التشكل الوطني ولا التسامي الديني بأي حال. إن استقبال المهاجرين والجماعات المغايرة يعكس ثقة المجتمعات بنفسها، أي بثقافتها ومستقبلها وقدراتها على الدمج ومتانة مؤسساتها السياسية والاجتماعية، بينما يعبر طرد الأقليات بصورة واعية أو غير واعية عن استبداد القلق والشك وغياب الثقة بالنفس عند المجتمعات وتهافت مؤسساتها الدستورية والاقتصادية والاجتماعية.

فكما أن لوجود أغلبية ثقافية أو دينية متجانسة دورا كبيرا في خلق شعور بالاستقرار والاستمرارية والثبات عبر التاريخ، وبالتالي لنشوء الدول ورسوخ الحضارة في منطقة من المناطق، تشكل الأقليات المنفتحة باستمرار على الخارج، والعابرة عادة للبلدان، ناقلا استثنائيا للمكتسبات التقنية والعلمية والفكرية، وبالتالي حاملا رئيسيا لديناميكية التفاعل والتواصل بين الثقافات والحضارات. باختصار، إن التعددية بكل وجوهها وأشكالها ليست خطأ تاريخيا ولا بنية نشازا ولكنها الأمر الطبيعي والشائع أيضا في أي مجتمع متمدن لا يمكن أن ينحدر في منطق انتظامه إلى مستوى منطق الأسرة أو العشيرة أو الطائفة الواحدة. وقد كانت الطوائف موجودة دائما في المجتمعات العربية، وستظل موجودة في المستقبل. وهي موجودة أيضا في بلدان عديدة تعيش في ظل نظم ديمقراطية. وهي لا تشكل، كما تبين ذلك تجربة الهند التي تعج باللغات والأقليات الدينية والعرقية على حد سواء، عائقا أمام قيام نظام ديمقراطي. فهي تستطيع أن تتعايش معه وتجد التسويات الضرورية للحفاظ على ما تمثله من عصبيات محلية وما تمثله الدولة الديمقراطية من علاقات سياسية وطنية.

لا تتحول التعددية الطائفية إلى مشكلة تهدد الديمقراطية كما تهدد الحياة الوطنية، حتى في الدول الاستبدادية، إلا عندما يتغلب الانتماء للطائفة أو العشيرة على الانتماء للجماعة الوطنية أو يمحوه أو يتنازع معه ويصبح عائقا أمام التفاعل بين الأفراد والتعاون في ما بينهم في ما وراء الحصن الطائفي أو الإثني. ولا يحصل ذلك إلا بسبب عجز النظام السياسي والقانوني العام عن استيعاب التعددية وإدارة التناقضات والاختلافات الاجتماعية.

ولذلك أكثر ما تترسخ العصبيات الطائفية والعشائرية وتتحول إلى بديل للانتماء الوطني في ظل النظم الاستبدادية التي تقوم على نفي التعددية ولا تملك أي مفهوم أو سياسة لاستيعابها وإدارتها بالطرق السلمية وتنزع إلى كبت الاختلافات والتمايزات بالقوة والقهر بدل التعامل السياسي والثقافي والاجتماعي معها.

بيد أنه حتى في هذه الحالة من الصعب للتمايز المذهبي أو الإثني أن يتحول إلى عصبية مناقضة أو معادية للوطنية الجامعة، وبالتالي أن يحظى بقيمة تبادلية سياسية إلى جانب قيمته الأصلية كمكون لهويات خصوصية، من دون أن يحظى بدعم من قبل النخب الثقافية والسياسية التي تسعى إلى استخدامه وسيلة للتعبئة السياسية في معركة التنافس من أجل السلطة المركزية أو سلطة الدولة.

لذلك ينبغي التمييز أيضا بين المللية أو التنوع الديني والمذهبي كما عاشته البلاد الإسلامية خلال حقب طويلة ماضية، وبين الطائفية التي ولدت مع نشوء السياسة الحديثة وتطور مفهوم المشاركة الشعبية في انتخاب القيادات السياسية.

فالعصبية الطائفية تتميز عن الشعور بالهوية المذهبية في أنها عصبية موجهة نحو هدف سياسي واضح لم يكن عند الأولى، وهو تعزيز فرص نخبها الخاصة في معركة السلطة السياسية المركزية التي ترتبط بنشوء الدولة الحديثة. فهذه النخب هي التي تشحن التمايز الطائفي والقبلي بمفاعيل ومدلولات سياسية وتستخدمه في النزاع على السلطة. ومن دون ذلك لا تنتج الاختلافات الثقافية والأقوامية نزاعات خاصة مختلفة عن النزاعات الاجتماعية العادية أو الطبيعية.

فلا تشكل هذه الاختلافات ولا تنتج مشاعر أو انتماءات طائفية متضاربة من تلقاء نفسها، وليست هي التي تفسر ظهورها. فلا يتقدم الولاء الطائفي على الولاء للدولة، لا في الماضي ولا في الحاضر، بشكل تلقائي وعفوي.

وحتى يحصل ذلك لا بد من شحنه بقيم ومفاعيل إيديولوجية لتحقيق مآرب سياسية، وهذا ما تقوم به النخب الاجتماعية.

والسؤال الذي يطرح عندئذ هو ما الذي يفسر تفكك النخبة الوطنية في ظرف ما وانقسامها على أسس طائفية بدل سعيها إلى تكوين نخبة وطنية واحدة تعكس في وحدتها مشروع توحيد المجتمعات المتعددة الطوائف على أسس سياسية، أي تكوين رابطة وطنية؟

الجواب هو أنه لا توجد أسباب واحدة لتفكيك النخب الوطنية، فقد يحصل هذا التفكيك نتيجة انهيار الدولة وسقوطها كما كان عليه الحال في أوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية ونهاية عهد الوصاية السوفياتية.

وقد يحصل بسبب ضعف الدولة وسهولة اختراقها من القوى الخارجية دولا أو جماعات دينية أو إثنية، كما هو الحال في لبنان.

وقد يكون نتيجة نزوع نخبة خاصة إلى احتكار السلطة والقرار وحرمان النخب الأخرى من حقها في المشاركة أو الانتقاص الواضح من ممارسة هذا الحق، كما هو الحال في معظم الدول العربية التي تسيطر فيها نخبة قبلية أو عائلية أو مذهبية على القرار، بواجهة وطنية وأحيانا من دون أي واجهة على الإطلاق.

والنتيجة أن آليات توحيد النخب الوطنية ودمجها في إطار واحد مرتبط هو نفسه بوجود مشروع بناء أمة ووطنية سياسية. وهذا المشروع لا يوجد من تلقاء نفسه ولا نعثر عليه في الطبيعة كما هو، وإنما هو ثمرة جهد فكري وسياسي منظم لبناء علاقات الوحدة من قبل النخب أو أجزاء منها، ومن قبل القادة الوطنيين الكبار.

ولا يمكن أن يتقدم إلا بمقدار ما ينجح هؤلاء في تأسيس قواعد هذه الوحدة الوطنية، من أسس دستورية ومساواة قانونية ومشاركة فعلية لجميع أبناء الطوائف والعشائر على قدم المساواة.

فالمواطنية أو الوطنية المرتبطة بها هي الثمرة المباشرة للمشاركة في بناء الدولة المواطنية كمشروع مشترك لجميع النخب ومن جميع الطوائف والمذاهب.

وأصل توحيد النخب المنحدرة من مناطق ومذاهب وبيئات اجتماعية مختلفة ومتعددة في كل البلدان هو الاشتراك في هذا المشروع نفسه، فهي موحدة عليه ومن أجله وفيه. والحال أن مثل هذه المشروع يصطدم في معظم الأقطار العربية بإرادة السيطرة التي تتجلى عند بعض الفئات الاجتماعية، عسكرية أو أمنية أو بيروقراطية أو مذهبية، وتدفعها حتى عندما لا تكون ذات نزعة طائفية إلى اللجوء إلى التعبئة الطائفية، أو تقسيم الرأي العام إلى طوائف متناحرة على مبدأ “فرق تسد”، من أجل الاحتفاظ بالسلطة واحتكار القرار السياسي، وتجيير الدولة لخدمة مصالحها الخاصة.

ويكفي للبرهان على ذلك معاينة ما حصل ويحصل في العراق من تفتيت متعمد بل تحطيم للنخبة الوطنية السياسية لحساب زعماء الطوائف والأحزاب الطائفية، ومن حروب دموية مصممة بصراحة لشحن العصبية الطائفية، والمطالبة العلنية لبعض الفرقاء باحتكار السلطة والاحتفاظ بها في يد نخبة طائفية ضد أخرى.

إذا دلت عملية تقويض الدولة هذه من الداخل على شيء، وهذا هو مضمون ما حصل للدولة العراقية، ولدولة ما بعد الاستقلال الوطنية عموما في العالم العربي، فإنها تدل على هشاشة ركائز هذه الدولة الدستورية واهتزاز قاعدتها الاجتماعية من جهة وعدم نضج النخب السياسية أو تأخرها من جهة ثانية. من دون أن يعني ذلك نفي عوامل الاختراق الداخلية والخارجية.

فمشروع بناء الدولة الوطنية بمعنى دولة المواطنية المتساوية والممارسة السياسية الشعبية ليس مشروعا وطنيا معزولا تماما عما يجري حوله وفي العالم. إنه جزء من المصير العالمي، وهو يخضع أيضا لصراعات وتوازنات القوة على الصعيد الإقليمي والدولي.

ولا أرى مخرجا من هذا المصير السياسي المؤلم للمجتمعات العربية سوى ظهور نخب سياسية تضع مشروع بناء الدولة قبل مصالح الطوائف والفئات الخاصة من جهة، وتقبل بألا تكون السلطة حكرا لها، ومبررا لتهميش النخب الأخرى أو أطرافا منها وتعطيل مبدأ تداول السلطة على أسس دستورية وقانونية من جهة ثانية، وتسعى إلى تعزيز استقلال قرارها عن الدول الأجنبية وتحصينه ضد الضغوط والاختراقات الخارجية من جهة ثالثة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 سبتمبر  2010)


غزة والمواجهة الدموية القادمة


رأي القدس العربي تتصاعد التهديدات الاسرائيلية بشن عدوان على قطاع غزة لانهاء سلطة حركة حماس مع تواصل المفاوضات السلمية المباشرة بين السلطة الفلسطينية والطرف الاسرائيلي. الجنرال ايال ايزنبرغ المسؤول عن لواء غزة في الجيش الاسرائيلي هدد في حديث مع صحيفة ‘يديعوت احرونوت’ الاسرائيلية بان المواجهة القادمة مع حكومة حماس ستكون اكثر دموية من السابقة، حيث سيتم استهداف قادة الصف الاول في الحركة، واستخدام اسلحة جديدة اكثر قدرة على الدمار

توقيت هذه التهديدات يبدو مريباً، فقطاع غزة يعيش حالياً مرحلة من الهدوء، حيث توقفت عمليات اطلاق الصواريخ على المستوطنات الاسرائيلية، وابدت حركة حماس ‘مرونة سياسية’ تتمثل في استعدادها للقبول بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967.

ربما تكون هذه التهديدات من قبيل الحرب النفسية التي يشنها الجيش الاسرائيلي بين الحين والآخر، لاضعاف الروح المعنوية للفلسطينيين، خاصة ان اجهزة الامن التابعة لحركة ‘حماس’ حققت نجاحات كبيرة على صعيد اعتقال اعداد كبيرة من العملاء العاملين لصالح الجيش الاسرائيلي.

الامر المؤكد ان مثل هذه التهديدات لن تخيف الحركة، ولن تؤثر في معنويات مقاتليها، لسبب بسيط وهو ان هؤلاء طلاب شهادة في الاساس، ولا يخافون الموت، بل يتطلعون شوقاً اليه ويستعجلونه للانتقال الى دار البقاء، والشيء نفسه يقال ايضاً عن قيادات الحركة ايضاً.

لا بد ان هناك خططا اسرائيلية لغزو القطاع مرة ثانية او ثالثة، واللجوء الى الحل العسكري لاسقاط سلطة حماس بعد ان فشلت الحلول الاخرى مثل الحصار، والغارات الجوية المتواصلة، لتدمير الأنفاق وحرق المزروعات وقتل الصيادين في عرض البحر.

المواجهة لو وقعت، ستكون من جانب واحد، اي عدوان اسرائيلي في مواجهة مقاومة محدودة التسليح. والمقارنة هنا على الصعيد العسكري معدومة. فماذا يمكن ان تفعل قوات حركة حماس بأسلحتها الفردية اذا ما بدأت الدبابات وطائرات الاباتشي واف 15 الامريكية الصنع، في مهاجمة القطاع؟

صحيح ان حركة ‘حماس’ تملك صواريخ من طراز قسام ربما تطلقها بكثافة في اتجاه المستوطنات الاسرائيلية، وصحيح ايضا ان شباب المقاومة سيتصدون للدبابات بكل ما يملكون من وسائل دفاعية في حوزتهم، ولكن الصحيح ايضا ان اقدام اسرائيل على مجزرة جديدة لن يمر بسلام خاصة ان مثل هذا العمل الاجرامي قد يقود الى تفجير حرب اقليمية في المنطقة بأسرها.

الاسرائيليون جربوا غزو القطاع واحتلاله في اواخر عام 2008، ولكن النتائج جاءت كارثية عليهم، وما زالوا يعانون حتى هذه اللحظة منها، فقبل يومين فقط صدر تقرير الامم المتحدة عن مجزرة اسرائيل ضد سفن كسر الحصار عن القطاع، وجاء ليفضح الهمجية والبربرية الدموية الاسرائيلية، ويتهم اسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد ناشطين عزل، وانتهاك القوانين الدولية. ولا ننسى ايضا تقرير غولدستون حول العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، والآثار المترتبة عليه من حيث تعبئة الرأي العام العالمي ضد اسرائيل، وفضح كل ادعاءاتها حول احترام حقوق الانسان.

قطاع غزة سيظل كابوسا يقض مضاجع الاسرائيليين، ولعنة تطاردهم اينما كانوا، لانه بات مخزنا للمقاومة والكرامة الانسانية، وابناء القطاع الذين عرفوا بالبأس والشجاعة سيتصدون لاي عدوان بصدورهم العامرة بالايمان، ولن يتورعوا عن تقديم المزيد من الشهداء دفاعا عن ارضهم وعرضهم وحقوقهم الوطنية المشروعة في العيش الكريم والعودة الى وطنهم. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 سبتمبر 2010)


العرب.. ومؤتمر تمزيق السودان


د. عبد الله الأشعل

يتقدَّم أوباما رفاقَه في مؤتمر دولي يُعقد في واشنطن لمساعدة جنوب السودان على الانفصال ودعْم ما أسمَوْه خيار الانفصال والاستقلال، وذلك عقبَ سلسلة طويلة من الإجراءات والسياسات الأمريكيَّة في هذا الاتجاه.

فواشنطن التي تسعى إلى تفتيت السودان هي نفسها التي ترعى المفاوضات المباشرة الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينيَّة.

في السودان صارت الصورة أشدّ وضوحًا لتبديد شكوك المراقبين وتحفّظهم، ذلك أن موقف طرفي المعادلة واضح تمامًا، ويحاول كل منهما أن يفرض إرادته على الآخر. الطرفُ الأول هو الحكومة السودانيَّة التي تريد المحافظة على وحدة السودان، والطرف الثاني هو الحركة الشعبيَّة لتحرير السودان التي أعلنت صراحةً مئات المرات أنها أنشئتْ أصلًا إما للاستيلاء على حكم السودان كله على أساس أن السودان إفريقي أصلًا، ولكن أغلبيتَه صارت عربيَّة إسلاميَّة، وإما فصل الجنوب لكي يكون دولة إفريقيَّة خالصة لا أثر فيها للعروبة أو الإسلام.

تذرعت الحركةُ بما هو معروف ومتكرِّر من أن الشمال استحوذ على السلطة والثروة، وأنه العربي المسلم الذي يستذلُّ الشعب الإفريقي الجنوبي؛ ولذلك فإن الثورة على الشمال هي ثورة عادلة، ومن حقِّها أن يساعدَها الجميع على رفع الظلم والاحتلال الشمالي للجنوبيين، وقالت أيضًا إن الذي أشعل الثورة هو محاولة الخرطوم أسلمة الجميع بعد وصول حزب المؤتمر الوطني في انقلاب البشير عام 1989م.

لم يساند الخرطوم أحد، ودخل الجيش السودانيّ في معركة طويلة مع الجبهة التي ساندتْها الكنيسة العالميّة والولايات المتحدة وبريطانيا وإثيوبيا وأوغندا وغيرها حتى أجبرت الحكومة على إبرام اتفاق في نيفاشا في كينيا عام 2005م، أقرَّ فيه بأن للجنوب وحدَه حق تقرير مصيره بالبقاء مع السودان الموحَّد أو الانفصال عبر استفتاء يُجرى خصيصًا فيه، وأن يتمَّ إنشاء حكومة انتقاليَّة لمدة ستّ سنوات وتقتسم الثروة والسلطة في الجنوب والشمال.

منذ تلك اللحظة أيقَنَت الحركةُ الشعبيَّة أنها وضعتْ في بداية الطريق لدفْع الجنوب على الانفصال، بينما استراحَ الشمال إلى تسوية أرضتْ شركاء الحكم، وظنَّ أن هذه التسوية يمكن أن تجذبَ الجبهة وليس الجنوبيين الذين تتحكَّم فيهم الجبهة على الوحدة، رغم أن الجبهة قامتْ أصلًا كما ذكرنا ضدّ الشمال المسلم العربي بزعْم أنها إفريقيَّة، ولا بقاء في بلد واحد بين الإفريقانية المسيحية والإسلام خاصّة العربي.

منذ اللحظة الأولى اتخذت الجبهة بالتعاون مع واشنطن والكيان الصهيوني كل الإجراءات للتحضير للانفصال، مع استمرار خطابِها المخادع بأنها أحرص على الوحدة من الشماليين، منذ انتخابات إبريل الشاملة في السودان انكشفَ كل شيء، وهو تصريحُ الجبهة بأنها تريد نهائيًّا فصل الجنوب، ثم فصل دارفور والشرق عن السودان، واشتدَّ الضغْط على حكومة الخرطوم التي وقفت وحدها، والسبب الظاهر هو أنها لم تبذل الجهدَ الكافي حتى تجعلَ خيار الوحدة مُغريًا، والسبب الحقيقي هو المضيّ في مخطط تفتيت السودان، وهي الساحة الجديدة التي يلعب فيها الكيان الصهيوني دورًا فاعلًا، ولا أظنُّ أن الموقف الأمريكي الضاغط صراحة لفصْل الجنوب وإغرائه بالانفصال يحتاج إلى بيان، كما لا أظنُّ أن أهداف واشنطن والصهاينة خافية على أحد، فاليوم السودان، وبالأمس فلسطين والعراق وغدًا قُطْر عربي جديد.

الذريعة التي هي هدف هذا المؤتمر الدولي الذي تقوده الأمم المتحدة؛ هي أن الخرطوم يجب أن تفيَ بالتزامها، وهو تهيئة الأجواء لاستفتاء حرّ في الجنوب لتقرير مصيرِه، ولكن هل هذا الالتزام يقابلُه التزام الجبهة بالكفّ عن الإعلان مع واشنطن عن العمل على فصل الجنوب، وبأن الانفصال لا يحتاجُ حتى إلى استفتاء؛ لأنه قرار استراتيجي. إذا كان هذا هو قرار واشنطن، فكيف تتذرَّع بأنها تدفع نحو وفاء الخرطوم بالتزام قانوني مشكوك في صياغتِه، واستخدام مناورة لهذه المؤامرة الكبرى لتفتيت السودان.

أين العالمُ العربي من هذه المؤامرة الكبرى؟ وهل ينفصل هذا الفصل من المؤامرة عن مفاوضات السلطة مع الكيان الصهيوني لتصفية الحقوق الفلسطينيَّة؟ ولماذا ساعد البعضُ الجنوب في هذا المخطَّط بحجَّة أنه يعرف أن الانفصال قدر مقدور، وأنه يبني جسورًا مع الجنوب، ضمانًا لمصالحِه المائيَّة معه بعد الانفصال، وهي تعلم أن تلّ أبيب التي تتآمر مع دول المنبع على حصة مصر من المياه، وتساومها على مياه ترعة السلام هي نفسها التي عملتْ منذ البداية على إنشاء الجبهة الشعبيَّة ومساندتها، وعلى إنشاء تمرُّد دارفور واحتضانه، لأنها تعلم أن السودان جزء من أمن مصر القومي!

إذا سكت العالم العربي عن تقسيم السودان لصالح الكيان الصهيوني، فيجب على مصر ألا تسكت، وإذا كانت الخرطوم تخشى من الضغط الدولي حتى تكفّ يدها عن منع الانفصال، وهي لا تقدر عليه وكذلك حذرًا من الدخول مرةً أخرى في صراعٍ مكشوف مع الجبهة وحلفائها ومعهم دارفور والشرق دون أن يناصرَها أحد؛ فإن النتيجة واحدة، وهي أن انفصالَ الجنوب سوف يؤدي إلى صراع مستمرّ مع الشمال، الذي سيجد نفسه أمام موجات جديدة من الصراع الأشد مع الشرق ودارفور.

إنها معركة العرب الكبرى، والتخلي عن السودان سيكون الضوء الأخضر لتفتيت بقية الأوطان العربية، ألم أقلْ لكم إن الديمقراطية هي حصن الأمان لصيانة الأوطان العربيَّة من هذه المؤامرة التاريخيَّة؟!

( المصدر: البشير للأخبار بتاريخ 26 سبتمبر 2010)


تتوقع ارتفاع النمو إلى 2.5% في 2012 فرنسا: اقتصادنا يتعافى بوتيرة متسارعة


قالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية الأحد إن اقتصاد بلادها يتعافى من الركود بوتيرة متسارعة, وتوقعت خفض العجز في الموازنة إلى الحد الأقصى المسموح به أوروبيا خلال ثلاث سنوات.

وفي مقابلة أجرتها معها إذاعة “أوروبا 1” الخاصة, تحدثت الوزيرة كريستين لاغارد عن “مفاجأة طيبة” بشأن نمو الاقتصاد الفرنسي هذا العام, مشيرة إلى أنه لن يقل عن 1.5% مقارنة بما لا يقل عن 3% في ألمانيا.

وأكدت تقديرات سابقة بأن معدل النمو سيرتفع عام 2011 إلى 2%, متوقعة أن تتسارع وتيرة النمو لتبلغ 2.5% عام 2012.

ونقلت عنها صحيفة لوفيغارو قولها إن الوتيرة التصاعدية للنمو تعود إلى الانتعاش العالمي, وإلى الإصلاحات التي تقوم بها حكومة بلادها, في إشارة تخص أساسا الإجراءات التقشفية الرامية إلى توفير 100 مليار يورو (134 مليار دولار) في ثلاث سنوات.

وتوقعت في الوقت نفسه أن يتراجع العجز في الموازنة الفرنسية بحلول 2013 إلى 3%, وهو الحد الأقصى الذي تسمح به لوائح الاتحاد الأوروبي, والذي تجاوزته فرنسا ومعظم دول الاتحاد بعدة أضعاف جراء زيادة الإنفاق بسبب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.

وأكدت في المقابلة ذاتها تقديرات سابقة بأن العجز سيتراجع هذا العام إلى ما دون 8%, إلى 6% في 2011, ثم إلى 4.6% في 2012 قبل أن يهبط إلى 3% في 2013. وهوّنت الوزيرة الفرنسية من ارتفاع أعداد العاطلين في أغسطس/آب الماضي بأكثر من 15 ألفا, وقالت إن ذلك الارتفاع لا يغير من التحسن المطّرد لسوق العمل.

وأشارت في هذا الإطار إلى تراجع معدل البطالة من 9.6% في مايو/أيار الماضي إلى 9.5% ثم إلى 9.3% الآن، وقالت إنه سيكون “رائعا” خفض معدل البطالة إلى ما دون 9% بنهاية هذا العام.

وفي تصريحاتها لإذاعة “أوروبا 1” علقت الوزيرة لاغارد على الارتفاع السريع لسعر صرف العملة الأوروبية الموحدة فوق مستوى 1.34 دولار وهو أعلى مستوى لليورو في خمسة أشهر، مشيرة إلى أن تقلب سعر صرفه ليس جيدا للمصدرين الأوروبيين.

المصدر:لوفيغارو (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 سبتمبر  2010)

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

19 septembre 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2311 du 19.09.2006  archives : www.tunisnews.net Le Maghrébin :Sommaire de l’édition

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.