الأحد، 24 فبراير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2832 du 24.02.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 

عريضة : الدفعة الخامسة  من الإمضاءات   – من أجل حق علي بن سالم في العلاج والدواء بيان حركة النهضة التونسية:فتح حوار وطني بدل الإصرار على محاكمة غير عادلة بيان حركة النهضة حول الإيقافات الأخيرة في المغرب الهيئة الشرعية لجمعية القضاة التونسيين:بــيـان منتدى الجاحظ:بــلاغ إعــلامي وكالة قدس برس إنترناشيونال :العفو الدولية تنتقد الأحكام الصادرة على « مجموعة سليمان » وتعتبرها مهزلة قضائية يو بي أي: تونس والمغرب توقعان عددا من الإتفاقيات لتعزيز التعاون الثنائي أ ف ب:تونس ضيفة شرف الدورة 14 لمعرض كتاب المغرب العربي بباريس قدس برس :تونس تطلق حملة توعية لمجابهة ارتفاع سعر البترول عبر الاقتصاد في الطاقة الخليج: تونس تقاطع معرض باريس للكتاب السبيل أونلاين :التقرير الصحفي الأسبوعي السابع – الجزء الأول صحيفة « كلمة » :جبنيانة: « إمّا حرقة ولاّ انتحار » صحيفة « كلمة » :حديث المارد ورخصة الجريدة الصباح: على هامش ندوة «الترجمة إثراء للثقافات ودعم لحوار الحضارات»:الترجمة نقلت المعركة اليوم إلى قلب القرآن والنبوة موقع إيلاف :العنف اللفظي في تونس: »علّم صغيرك يسبّ كبيرك » محمد مواعدة: في الذكرى الخمسين لوفاة العلامة التونسي محمد الخضر حسين شيخ الأزهر السابق (1 من 2) عبد الرحمان الدريدي: ردا على خميس الشماري حول « التفاعل الهادئ والعقلاني حول ترشيح البديل الحضاري » علــــي شرطـــــاني :عندما يصبح الحصار طريقا للإنتصار أحميدة النيفر: أيّ تعليم إسلامي لمجتمع حديث؟ خالد شوكات: نصف ليبرالي صالح بشير: هل نحن موشكون على إغلاق حقبة وافتتاح أخرى؟ محمد الحداد: الشيخ القرضاوي وقضاياه مجدداً توفيق المديني: كوبا بعد كاسترو .. ماذا بعد تنحي الزعيم الكوبي عن الحكم؟ د حسن حنفي: مفارقات العلمانية « السلفية »


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 

عريضة : الدفعة الخامسة  من الإمضاءات

من أجل حق علي بن سالم في العلاج والدواء

 
يتعرض السيد علي بن سالم – 76 سنة – المقاوم للاستعمار الفرنسي ورئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ببنزرت لانتهاكات عديدة ، إذ  يخضع منزله لمراقبة  أمنية مستمرة ويمنع حتى أبنائه وعائلته وأصدقائه من زيارته  رغم وضعه الصحي الذي يتطلب العناية الدائمة . كما أن تعرضه للتعذيب بمركز البوليس بالمنار -1 – في 26 أفريل سنة 2000 قد خلف له سقوطا دائما بعموده الفقري وكتفيه ورأسه ، و رفض وكيل الجمهورية بتونس تسجيل شكواه ضد أعوان البوليس إلا بعد قبولها  من طرف لجنة مقاومة التعذيب التابعة للأمم المتحدة التي اعتبرت في قرارها  عدد 2005/269 : أن ما تعرض له علي بن سالم في مركز البوليس المذكور يعتبر تعذيبا . وطلبت من الحكومة التونسية أن تقوم  بالإجراءات القانونية في قضية الحال وفقا لالتزاماتها الدولية بالميثاق ألأممي.   مع الإشارة أن السيد علي بن سالم الذي أطرد من عمله منذ 11 أفريل 1987 لا تسمح ظروفه المادية بعلاج الضرر الذي تعرض  له من جراء التعذيب المذكور. وإضافة إلى هذا ترفض السلطات التونسية تمكينه ، باعتباره مقاوما سابقا، من حقه في العلاج المجاني الذي أقره قانون عدد 9 لسنة 1974 الخاص بشؤون المقاومين  ورعايتهم ، هذا بالرّغم من صدور حكم عدد 15652 من المحكمة الإدارية – بتاريخ 23 أفريل 1999، الذي يعتبر أن قرار السلطات التونسية منع حق التداوي والعلاج  » خرقا للقانون  »    ويطالبها بإلغائه فورا – إلا أن الحكومة التونسية لم تأخذ بالاعتبار قرار المحكمة الإدارية.   ومن ناحية أخرى لا يمكن للسيد علي بن سالم التّداوي بالخارج على نفقة أبنائه المقيمين بفرنسا وذلك تبعا لقرار قاضي البحث ببنزرت – 3 جوان 2005 قضية عدد 22440 – الذي يمنع عليه السفر خارج البلاد التونسية نظرا لكونه متهما بترويج أخبار زائفة عندما أصدر فرع الرابطة ببنزرت الذي يترأّسه ، بيانا حول تعذيب الحراس لسجين  بسجن الناظور ببنزرت . لذا فان النشطاء الحقوقيين والسياسيين والمواطنين الممضين أسفله يطالبون السلطة التونسية برفع الحصار عن منزل المناضل علي بن سالم وتمكين عائلته وأصدقائه من زيارته دون قيود . كما يطالبون بتمكينه من حقه في العلاج مثل بقية المقاومين ، احتراما لما قدمه ويقدمه من تضحيات في سبيل الوطن.    

الاسم

الصفة

1-   الشاذلي الفارح

2-   عبد الجليل البدوي

3-   منيرة البحري

4-   احمد القلعي

5-   مختار بن حفصة

6-   رياض الحجلاوي

7-   محمد النوري

8-   زهير مخلوف

9-   عمر القرايدي

10-                      حمزة حمزة

11-                      محمد الصانع

12-                      محمد زار

13-                      محمد الحشاني

14-                      شكري رجب

15-                      أحمد المناعي

16-                      جلال الماطري

17-                      رفعت كريستو

18-                      حسين الماجري

19-                      سعاد الغربي

20-                      محمد الصفاقسي

21-                      محمد صالح فليس

22-                      محمد بركية

23-                      محمد بلخشين

24-                      وسام الصغير

25-                      غزالة محمدي

26-                      عبد الرزاق نصرالله

27-                      هشام التستوري

28-                      عمار خليل

29-                      هيثم جماعي

30-                      الهادي الزرلي

31-                      مصطفي الحاج يحي

32-                      زهير بوعبدالله

33-                      جمال عزابي

34-                      عبد الجبار الرقيقي

35-                      أكرم مالك

36-                      عبد الستار بن فرج

37-                      غازي سويد

موظف – نقابي

جامعي وباحث– ناشط حقوقي

معلمة – ناشطة نقابية

أستاذ – ناشط حقوقي

أستاذ – ناشط حقوقي ونقابي

فيزيائي – ناشط سياسي – باريس

محام – ناشط حقوقي

ناشط حقوقي

ناشط حقوقي

ناشط حقوقي

أستاذ – ناشط حقوقي

متقاعد – ناشط حقوقي

ناشط حقوقي

سجين سياسي سابق

كاتب صحفي – ناشط سياسي وحقوقي

جمعية الخضر – سويسرا

مهندس أول – ناشط حقوقي

ناشط نقابي

ناشطة سياسية

ناشط سياسي

ناشط حقوقي

محام – ناشط سياسي

تقني – ناشط سياسي

طالب – ناشط حقوقي

موظفة – ناشطة حقوقية

متقاعد – ناشط حقوقي

ناشط حقوقي

ناشط حقوقي

مهندس – ناشط حقوقي

موظف – ناشط نقابي وسياسي

كاتب وشاعر – ناشط حقوقي

موظف – ناشط حقوقي

جامعي – ناشط حقوقي

أستاذ – ناشط سياسي

محام – ناشط حقوقي

جامعي – ناشط نقابي وسياسي

أستاذ – ناشط حقوقي

ملاحظة: للإمضاء- الرجاء الاتصال ب 97322921 – مسعود الرمضاني  أو 97456541- عبد الرحمان الهذ يلي romdhani.mas@voila.fr   abderrahmenehedhili@yahoo.fr

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

بيان حركة النهضة التونسية

فتح حوار وطني بدل الإصرار على محاكمة غير عادلة

 
أصدرت الدائرة الجنائية 27 بمحكمة الاستئناف بتونس  برئاسة منّوبي بن حميدان حوالي الواحدة فجر يوم الخميس 21 فيفري/ فبراير 2008 أحكاما في قضية ما سمي » مجموعة سليمان »، ظاهرها تخفيف عما أصدرته الدائرة الجنائية الرابعة برئاسة القاضي محرز الهمامي يوم 30 ديسمبر 2007 (الحكم بإعدام اثنين من المتهمين و المؤبد على ثمانية من المتهمين وأحكام تراوحت بين 5 سنوات و30 سنة على بقية المتهمين) بينما حقيقتها تثبيت لأحكام قاسية (إقرار حكم الإعدام في حق صابر الراقوبي، والنزول بالعقاب من الإعدام إلى المؤبد في حق عماد بن عامر، وأحكام بالسجن تتراوح بين 3 سنوات سجنا والمؤبد).   إن حركة النهضة تتابع بانشغال كبير أطوار هذه القضية منذ اندلاع أحداث تبادل إطلاق النار بين أجهزة الأمن ومجموعات مسلحة في أواخر شهر ديسمبر  2006 في ضواحي العاصمة تونس، والتي خلفت عددا كبيرا من الضحايا،  وما تبعتها من حملات اعتقال وتمشيط واسعة في العديد من المناطق وتعذيب للمعتقلين، وسلسلة المحاكمات التي لم  تنته فصولها.   وبناءا عليه، فإن حركة النهضة تؤكد مواقفها من هذه القضية حيث: ـ تدين بشدة هذه المحاكمات التي لم تتوفر فيها مقومات العدالة وشروطها، وتسجل مرة أخرى عدم استقلال القضاء وتسخيره لينفذ أوامر السلطة  التي تتحمل وحدها مسؤولية ما شاب هذه القضية من ملابسات ومن غموض ومن وجوه التلفيق الكثيرة، بدل إقامة العدل بكل أمانة ونزاهة.   – تطالب بعدم إصدار أحكام الإعدام والأحكام الثقيلة في القضايا السياسية وقضايا الرأي،  خاصة  ضد شباب عايشوا « عهد التغيير » وسياسة الانسداد السياسي ومنع القوى  الفاعلة المعتدلة من ممارسة دورها الوطني والثقافي مما أدى إلى احتقان سياسي وأمني واجتماعي أنتج مثل هذه النتائج المؤلمة لشبابنا ولبلدنا، وتدعو إلى عدم تنفيذ حكم الإعدام في الشاب صابر الراقوبي خاصة وأنه لم يثبت تورطه في قتل أية نفس بشرية بشهادة المحامين الذين تابعوا  القضية. كما تنبه الحركة بشدة إلى أن إصدار وتنفيذ مثل هذه الأحكام قد تعطي إشارة الانطلاق لأعمال عنف انتقامية يكون الخاسر الوحيد فيها البلاد بشعبها ومؤسساتها لا قدر الله.    – تدعو جميع الأطراف الوطنية على اختلاف توجهاتها ومواقعها إلى العمل المشترك الجاد من اجل تحقيق الإصلاح الجوهري والضروري لمعالجة حالة الاختناق والأزمة التي تشتدّ في البلاد وتدفعها نحو المجهول.   ـ تدعو السلطة إلى الإقلاع عن المنهج الأمني في معالجة القضايا الفكرية والاختلاف السياسي وتطالب بفتح حوار وطني تناقش فيه القضايا الوطنية والمجتمعية بأسلوب ديمقراطي وحر، تحفظ فيه مصلحة البلاد ويجنبها مخاطر الانزلاق نحو الغلو والتطرف، وتدعوها إلى إعادة النظر في أسلوبها القمعي مع الشباب المتدين.   عن حركة النهضة بتونس الشيخ راشد الغنوشي 16 صفر 1429  الموافق 23 فيفري/فبراير  2008


بسم الله الرحمن الرحيم 

بيان حركة النهضة حول الإيقافات الأخيرة في المغرب

قامت السلطات المغربية يوم 18 فيفري 2008 المنصرم باعتقال مجموعة من القيادات الحزبية الإسلامية  فقد تم إيقاف الأمين العام  لحزب البديل الحضاري السيد المصطفى المعتصم  والناطق الرسمي للحزب الدكتور محمد الأمين الركالة  والأمين العام لحزب الأمة السيد محمد المرواني والسيد العبادلة ماء العينين عضو حزب العدالة والتنمية المغربي على إثر اكتشاف وتفكيك ما قالت السلطات المغربية أنه » خلية إرهابية كانت تخطط لشن عمليات إرهابية في المغرب « ثم قامت السلطات المغربية بعد يومين بحل حزب البديل الحضاري المعترف به قبل استكمال التحقيق ، لتعلق شبهة علاقة بالخلية التي وقع تفكيكها دون انتظار قرار المحكمة مما أثار حفيظة المنتظم السياسي والحقوقي في المغرب وخشيته من تغير سياسية السلطات المغربية مع التيار الإسلامي السياسي مما سينعكس سلبا على الحريات وعلى مسار العملية الديمقراطية في المغرب ـ أن حركة النهضة تعبر عن انشغالها العميق من الأسلوب المستعجل الذي تعاملت به السلطات المغربية مع الشخصيات السياسية الموقوفة مما يخشى معه وجود وضعية تربص بالإسلاميين وعمل دؤوب على ربطهم بالإرهاب ـ تدعو الحركة السلطات المغربية ، التي عودتنا برفض الحلول الأمنية في التعامل مع الحركة الإسلامية السياسية عدم استسهال الانجراف إلى الحلول الأمنية في حل المشكلات السياسية  تطالب الحركة السلطات المغربية بإطلاق سراح القيادات السياسية الموقوفة على اعتبار أن الناس أبرياء حتى تثب إدانتهم لندن في 24 فيفري 2008-02-24 رئيس الحركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي  


 
الهيئة الشرعية لجمعية القضاة التونسيين

تونس، في 16 فيفري 2008 بـــيـــان  

إن الهيئة الشرعية لجمعية القضاة التونسيين الممضية على هذا البيان بعد وقوفها على المستجدات الأخيرة المرتبطة بنشاطها و بالأوضاع المهنية لأعضائها والتداول بشأنها وخصوصا:   أ ) عدم استجابة السيد وزير العدل وحقوق الإنسان لطلبات الترخيص بالسفر الصادرة عن أعضاء المكتب التنفيذي الشرعي لحضور جلسة خاصة معينة ليوم 16 فيفري 2008 بروما تحت إشراف الاتحاد العالمي للقضاة و عدد من أعضاء مجلس الرئاسة ومن بينهم رئيسة الاتحاد ونائبها ورئيسة المجموعة الإفريقية.   ب )استجواب السيد وزير العدل وحقوق الإنسان بواسطة التفقدية العامة لعدد من القضاة من الهيئة الشرعية والمساندين لها  وهم السيدتان وسيلة الكعبي وليلى عبيد والسادة أحمد الرحموني وحمادي الرحماني وتوفيق سويدي .   ج) إنذار السيد وزير العدل خارج إطار العقوبات التأديبية لعدد من القضاة المنتمين للهياكل الشرعية بناء على مقتضيات الفصل 51 من القانون الأساسي للقضاة ويتعلق الأمر بالسيدة وسيلة الكعبي وبالسيدين حمادي الرحماني وتوفيق سويدي .   د ) صدور الإذن من السيد وزير العدل باقتطاع جملة من المبالغ المالية سواء على مستوى الأجر الشهري أو على مستوى المنح الراجعة للقضاة ممن استجوبوا أو أنذروا .   ه) إسقاط عدد من أعضاء الهيئة الشرعية من جداول الكفاءة المعلنة أخيرا والمتعلقة بالترقية المهنية وتواصل حرمانهم من حق التدرج الطبيعي في وظيفتهم.   وإذ تذكربالاجراءات السابقة كالنقل التعسفية وتجميد الترقيات  والاستجوابات والمساس بالمداخيل المالية والمنع من السفر المتخذة منذ سنة 2005 ضد عدد من أعضاء الهيئة الشرعية ومنخرطي الجمعية على خلفية نشاطهم داخل هياكلها :   أولا  : تلاحظ أن الدعوة الموجهة للمكتب التنفيذي الشرعي قد استندت إلى وقوف الاتحاد العالمي للقضاة على جدية النزاع حول تمثيلية جمعية القضاة التونسيين صلب هذا الهيكل الدولي على اثر الوقائع المشهودة التي آلت إلى الانقلاب على الهيئة الشرعية وتنصيب لجنة مؤقتة لإدارة شؤونها وانعقاد مؤتمرين باسم القضاة التونسيين بناء على ذلك .    ثانيا : تلاحظ  أن الاستجوابات والعقوبات المهنية والمالية قد أعقبت بصفة مباشرة الطلبات الموجهة من أعضاء المكتب الشرعي إلى السيد وزير العدل قصد الترخيص لهم بمغادرة تراب الجمهورية طبق مقتضيات الفصل 39 من القانون الأساسي للقضاة وقد أرفقت هذه الطلبات برسالة الدعوة الرسمية الصادرة عن الاتحاد العالمي .    ثالثا : تنبه إلى أن اتخاذ تلك الإجراءات قد اعتمد بصفة أساسية على سلطة السيد وزير العدل استنادا إلى إشرافه المباشر واقعا وقانونا على التفقدية العامة وأعضاء النيابة العمومية إضافة إلى رؤساء المحاكم المعنية و إلى أن مساءلة القضاة قد تعلقت بغيابهم عن مكاتبهم في غير أوقات عملهم القضائي بناء على تقارير سابقة الوضع من رؤسائهم  المباشرين    رابعا : تعتبر أن رفض الاستجابة لطلبات الترخيص المقدمة من أعضاء المكتب التنفيذي الشرعي بهدف منعهم من مغادرة التراب التونسي و من ممارسة حقهم في الدفاع عن استقلالية الجمعية في إطار الاتحاد العالمي للقضاة يمثل تعديا على حرية القضاة في التعبير والتنقل خارج البلاد  كسائر المواطنين ومسّا من حقهم في الانضمام إلى الجمعيات القضائية أو غيرها من المنظمات و في  حماية استقلالهم .   خامسا : تعتبر أن الإجراءات الزجرية المتخذة بحق عدد من أعضاء الهيئة الشرعية  أو من القضاة المساندين لها قد صدرت على خلفية الشكوى المقدمة من المكتب الشرعي للاتحاد العالمي للقضاة وعلى ذلك الأساس تعبر عن رفضها لتلك الأساليب و تنزّه الزملاء المشمولين بتلك الإجراءات عن الإخلال بواجباتهم الوظيفية وتدعو إلى التراجع عن العقوبات الصادرة ضدهم  .    سادسا : تؤكد على أن معالجة أزمة جمعية القضاة لا تتناسب مع استعمال الصلاحيات الواسعة للسيد وزير العدل بحكم إشرافه الإداري على القضاة والمحاكم وجميع المؤسسات القضائية وتدعو إلى وضع الأزمة في إطارها الملائم  ومعالجتها بشكل يحفظ للقضاة هيبتهم واستقلال السلطة التي يمثلون   سابعا :  تشير أخيرا  إلى أن إهدار إمكانات الحل عن طريق الاتحاد العالمي للقضاة  وسد المنافذ أمام الحلول الجماعية والمبادرات الايجابية وتشديد الضغوط على أعضاء الهيئة الشرعية ستؤدي لا محالة إلى تفاقم الأزمة في جميع وجوهها كما تؤكد على أن تغليب فرص الحوار يبقى دائما وفي كل الحالات السبيل الأنسب لإنقاذ الهيكل الموحّد للقضاة   الهيئة الشرعية لجمعية القضاة التونسيين   السيد أحمد الرحموني الرئيس السيدة كلثوم كنو الكاتب العام السيدة وسيلة الكعبي عضو المكتب التنفيذي السيدة روضة القرافي عضو المكتب التنفيذي السيدة ليلى بحرية عضو الهيئة الإدارية السيد محمد الخليفي عضو الهيئة الإدارية السيد حمادي الرحماني عضو الهيئة الإدارية السيدة نورة حمدي عضو بالجمعية

منتدى الجاحظ بـــــلاغ إعـــلامي

 
تونس في 23 فيفري 2008   فوجئ أعضاء الهيئة المديرة لمنتدى الجاحظ و رّواده بالمحاصرة الأمنية التي فرضت على مداخل مقر الجمعية من طرف أعوان أمن بالزي المدني، عمدوا إلى طلب بطاقات هوية كل من كان يمر بالمكان ومنع القاصدين المنتدى من حضور الندوة الفكرية المقررة لمساء اليوم السبت 23 فيفري 2008 على الساعة الرابعة مساء والتي كان من المنتظر أن يلقي خلالها الأب موريس بورمانس مداخلة حول  » المستشرق لويس ماسينيون والعالم الإسلامي » والتي سبق الإعلان عنها في وسائل الإعلام. و بعد لأي شديد لم يتمكن من الوصول إلى المقر عدا أعضاء من الهيئة المديرة وعدد قليل جدا من الضيوف.   والهيئة المديرة الملتئمة في اجتماع طارئ اثر ما حصل إذ تجدد اعتذارها للأب موريس بورمانس الذي سبق أن حاضر في منتدى الجاحظ في مناسبة سابقة ولكل ضيوف المنتدى، فإنها تعبر عن:   1- استغرابها لما حصل وانزعاجها من أي معاملات أو إجراءات قد تؤثر على أداء المنتدى وطبيعة نشاطه. 2- اعتبارها ما حصل منعا غير قانوني   و لا منطقي لنشاط عام للمنتدى دون تعليل أو إشعار مسبقين. 3- دعوتها الجهات المسؤولة إلى تسهيل عمل منتدى الجاحظ الذي تلقى أنشطته منذ استئنافها الاستحسان والتشجيع من قبل المتابعين. 4- تمسكها بالطابع الثقافي للمنتدى ضمن أهدافه المقررة  و في إطار القانون.   عن الهيئة المديرة الرئيس                          صلاح الدين الجورشي


وزير العدل و حقوق الإنسان التونسي على قناة فرانس 24

 

استضاف الصحافي توفيق مجيد، بشير التكاري، وزير العدل وحقوق الإنسان التونسي للحديث عن الصورة السائدة في الخارج، حول مجال حقوق الإنسان في تونس، وبعض القضايا الأخرى التي روج لها في الصحافة الدولية.

 

لمشاهدة الحوار انقر على الوصلة التالية

 

(المصدر: موقع تونس أونلاين.نت (ألمانيا) بتاريخ 24 فيفري 2008)


العفو الدولية تنتقد الأحكام الصادرة على « مجموعة سليمان » وتعتبرها مهزلة قضائية

 
تونس- لندن ـ خدمة قدس برس   وصفت منظمة العفو الدولية تثبيت حكم الإعدام على أحد المتهمين في قضية ما يعرف بـ »مجموعة سليمان » أول أمس الخميس (21/2) الجاري بأنّه فرصة ضائعة لتصحيح العدالة، وقالت المنظمة الدولية في بيان لها توصلت « قدس برس » بنسخة منه « إنّ محكمة الاستئناف كان أمامها فرصة لتقويم الانتهاكات الفاضحة التي شابت هذه القضيّة منذ انطلاقتها، ولكنّها لم تكن في مستوى هذا الرهان ».   وكان المحامي الفرنسي « دينيس روبيليار » قد تابع وقائع جلسات الاستئناف في تونس كمراقب ممثلا عن منظمة العفو الدولية.   يذكر أن محكمة الاستئناف بتونس قد أدانت ثلاثين شابا بالتورط في الاشتباكات المسلحة التي عرفتها الضواحي الجنوبية للعاصمة تونس نهاية العام 2006 وبداية العام 2007، وقضت بتثبيت حكم الإعدام على الشاب صابر راقوبي (24 عاما)، في حين عدّلت حكما آخر بالإعدام بالسجن المؤبد، وثبّتت سبعة أحكام أخرى بالمؤبّد.   ونقل بيان المنظمة عن مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية مالكولم سمارت قوله « هذا الملف مهزلة قضائية ويجب أن لا تعتمد الأحكام والعقوبات »، وحثّ الحكومة التونسية على « إصلاح الأخطاء القضائية التي حصلت وإعادة القضية من جديد أمام المحكمة حتى يتم تحقيق العدالة بالفعل »، معتبرا أنّ حكم الإعدام في حق راقوبي هو اعتداء على حقه في الحياة.   وتعتبر تونس من الدول التي ألغت العقوبة عملياً منذ 1992 وتحتفظ بها في تشريعاتها، شأنها شأن دول مغاربية أخرى هي الجزائر منذ 1993 وموريتانيا منذ 1987 والمغرب منذ 1993.   من جهة أخرى أحيل أمس الجمعة (22/2) على القضاء أربعون متهما بالإرهاب في أربعة قضايا متفرقة. وقد قضت المحكمة الابتدائية بتبرئة 4 شبان وإخلاء سبيل اثنين آخرين بعد قضائهما مدة محكوميتهما، بعد أن اتهما بالامتناع عن إشعار السلطات. فيما تم تأجيل النظر في بقية القضايا. وتتعلق واحدة منها بستة شبّان كانت قد سلّمتهم السلطات الجزائرية منذ سنتين ووجّهت لهم تهمة محاولة الالتحاق بمعاقل الجماعة السلفية للدعوة والقتال.   يذكر أن العديد من المنظمات الحقوقية حذت حذو العفو الدولية وانتقدت محاكمة المتهمين في مجموعة سليمان، لما طال هذه المحاكمة من مخالفات قانونية رآى فيها هؤلاء هدرا لحقوق المتهمين.  
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 24 فيفري 2008)


تونس والمغرب توقعان عددا من الإتفاقيات لتعزيز التعاون الثنائي

 
تونس / 23 فبراير-شباط / يو بي أي: أنهى رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي اليوم السبت زيارة رسمية إلى تونس استغرقت ثلاثة أيام،تم خلالها التوقيع على عدد من الإتفاقيات والبرامج التنفيذية لتعزيز التعاون بين بلاده وتونس. وقال مصدر رسمي إن الإتفاقيات الموقعة تشمل مجالات النقل والدريب والإعلام والمرأة والشباب والشؤون الدينية وهي إتفاقية تعاون بين وكالة تونس إفريقيا للأنباء ووكالة المغرب العربي للأنباء، وثانية تتعلق بالإعتراف المتبادل برخص السياقة واستعمالها وإستبدالها،وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال الشباب والرياضة للعام الجاري. أما البرنامج التنفيذي الثاني الموقع،فيتعلق بالتعاون في مجال الشؤون الدينية لعامي 2008 / 2009،والثالث يهم التعاون في مجال الدريب المهني لعامي 2008 / 2009 إلى جانب التوقيع على بروتوكول توأمة بين مركز القطاع المهنى في الميكنة البحرية بقليبية (تونس)،ومعهد تكنولوجيا الصيد البحري بالحسيمة (المغرب)،وملحق خاص بالطفولة والمسنين لإتفاقية التعاون في مجال النهوض بالمرأة والأسرة. كما تم الإعلان عن بدء العمل باتفاقية التعاون في مجال الإعتراف المتبادل بشهادات المطابقة بين الحكومة التونسية والحكومة المغربية بداية من أول مارس/آذار المقبل. وأشار المصدر إلى أن رئيس الوزراء التونسي أعرب عن ارتياحه للنتائج التي أسفرت عنها هذه الدورة من إتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم « عكست الحرص المشترك على دفع التعاون في مختلف المجالات ». ونقل عنه أن هذه الدورة أبرزت « تجانس المواقف حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية »،وشدد على دور القطاع الخاص ليكون أكثر جرأة وإقداما للإستفادة من الإطار القانوني القائم لتوفير الإستثمارات وبعث المشاريع المشتركة. ومن جهته،وصف رئيس الوزراء المغربي حصيلة هذه الدورة الجديدة للجنة العليا المشتركة التي تم خلالها التوقيع على ثماني إتفاقيات وبرامج تنفيذية، بـ »الإيجابية ». وأشار إلى أن مباحثاته مع المسؤولين التونسيين تمحورت حول السبل الكفيلة بتفعيل آليات إتحاد المغرب العربي لإخراجه من حالة الجمود التي يعرفها،ومزيد تنسيق المواقف بشأن عدد من القضايا ذات الإهتمام المشترك منها العلاقات مع الإتحاد الأوروبي.


الوفد الليبي طلب قراءة الفاتحة على روحه المحامون الشبان رفضوا تأبين عماد مغنية في تونس

 
كتبت ابتسام سعيد:   سجل وفد جمعية المحامين الكويتية موقفا وطنيا لا يستغرب على أبناء الكويت عندما رفض أعضاؤه تأبين الإرهابي عماد مغنية خلال منتدى المحامين الشبان العرب الذي عقد في تونس الاسبوع الماضي.   وقال امين سر الجمعية المحامي الحميدي السبيعي ان الوفد رفض طلبا ليبيا لتأبين الإرهابي مغنية وقراءة الفاتحة على روحه خلال المنتدى وذلك يوم السبت قبل الماضي (16 فيفري 2008، التحرير).   (المصدر: صحيفة « الوطن » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 24 فيفري 2008)


تونس ضيفة شرف الدورة 14 لمعرض كتاب المغرب العربي بباريس

 
باريس (ا ف ب) – تتواصل في العاصمة الفرنسية باريس السبت فعاليات الدورة 14 لمعرض كتاب المغرب العربي التي تستمر حتى الاحد واختيرت تونس هذا العام ضيفة شرف للتظاهرة التي تنظمها جمعية « كو دي سولاي ».   وكانت التظاهرة افتتحت مساء الجمعة بسهرة في مقر معهد العالم العربي اعلن خلالها عن انشطة الدورة التي تحتضنها بلدية الدائرة 13 بباريس.   ويضم المعرض الذي يقام بالمناسبة نحو الف عنوان جديد نشر في فرنسا في العام 2007 ونحو 500 من اصدار ناشرين في تونس والجزائر والمغرب بين اجمالي 10 آلاف عنوان تتناول شتى مناحي الحياة في المغرب العربي باللغات العربية والفرنسية والامازيغية.   وتنظم هذه التظاهرة في باريس منذ العام 1994.   وتشكل التظاهرة فرصة للاطلاع على التيارات الفكرية والادبية الراهنة في المنطقة والتعرف على المواهب الجديدة وتشهد لقاءات عديدة مع المفكرين والكتاب من المغرب العربي اضافة الى جلسات توقيع الكتب.   ويعتبر المعرض الحدث الثقافي السنوي الاهم فيما يتعلق بالكتاب المغربي ليس في فرنسا فحسب وانما عبر العالم حيث تضم التظاهرة اعمالا شتى حول المغرب لكتاب مغاربة وفرنسيين ومهاجرين.   وبمناسبة اختيار تونس هذا العام ضيفة الشرف يحضر عدد هام من كتابها ومؤلفيها ودور نشرها.   ويشارك في المعرض نحو 150 كاتبا ومثقفا مغاربيا او من اصل مغاربي بينهم محمد اركون وعزوز بيغاغ وطاهر بكري ومهدي شارف وياسمينة خضرا وبشير حجاج وبنجامان ستورا ويوسف صديق وحبيب تنغور ومحمد سحنون وصوفي بسيس ومحمد قاسمي وليلى اوفكير واستير بنباسا ويحيى بلعسكري وجليلة بن الشيخ وبشير بن بركة والفنان فلاق وعبد الكبير جمعي وغيرهم كثير.   وينظم معرض الكتاب المغاربي اربع طاولات مستديرة اضافة الى جلسات تعقد في مقاهي ادبية بهدف النقاش ليس فقط مع الادباء وانما ايضا مع فنانين وصحافيين واكاديميين من المغرب العربي.   ومن بين المواضيع المطروحة على طاولة البحث « المغرب في مواجهة العولمة »   و »الترجمة » و »الهجرة » و »تونس والحداثة » و »النساء المخرجات في المغرب » و »اليهود والاسلام في تونس ».   وكانت الجزائر التي يطغى انتاج كتابها على العناوين المغاربية ضيفة شرف دورة العام الماضي.  
(المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية أ ف ب بتاريخ 23 فيفري 2008)


تونس تطلق حملة توعية لمجابهة ارتفاع سعر البترول عبر الاقتصاد في الطاقة

 
 تونس- خدمة قدس برس   أطلقت الشركة التونسية للكهرباء والغاز مبادرة تهدف إلى الاقتصاد في الطاقة تشرع في تنفيذها اليوم  الأحد (24/2). ودعت الشركة في بلاغ أصدرته الجمعة كافة المواطنين إلى إطفاء فانوس كهربائي أو أكثر عند الساعة السابعة مساء. وأعلنت الشركة في بلاغ وزّع على وسائل الإعلام اطلعت قدس برس على نسخة منه، أنّها « تُعدّ مفاجآت سارة للعموم في ما يخص الطاقة التي يمكن اقتصادها تبعا لهذه العملية ».   وتندرج هذه البادرة في إطار ما أطلق عليه في تونس « المجهود الوطني للتحكم في الطاقة ». وأكّدت الشركة في بلاغها ضرورة توعية المواطن في خصوص الاستعمال الرشيد باعتبار « أهمية المساهمة في التقليص من تكاليف استهلاك الطاقة بالنسبة للبلاد وللمواطن ».   وفي نفس السياق تنتشر في تونس هذه الأيام ملصقات إعلانية كبيرة تطرح مشكل ارتفاع سعر برميل البترول إلى مائة دولار. ويجيب الإعلان عن الإشكال برسوم تشير إلى أدوات التحكم في الطاقة المتاحة للمواطن، وهي صيانة السيارة واعتماد الطاقة الشمسية بدل الكهرباء.   وكانت الحكومة التونسية قد لجأت إلى رفع أسعار المحروقات والغاز السائل ثلاث مرات خلال السنة الفارطة لتخفيف العبء على دعم صندوق الدولة للمحروقات والذي وصل إلى 400 مليون دينار السنة الماضية (1 دينار/0,8 دولار).   وكان مجلس وزاري انعقد الشهر الماضي قد أقرّ برنامجا يهدف إلى تخفيض الطلب على الطاقة بـ20 بالمائة سنة 2011 أي ما يقابل 2 مليون طن نفط، وذلك في عدة قطاعات كأشغال البناء وقطاع النقل.. كما يهدف البرنامج إلى اعتماد الطاقة البديلة كإنتاج الكهرباء عن طريق الرياح والذي من المتوقع حسب أرقام رسمية أن يفضي إلى اقتصاد ما يعادل 134 ألف طن من النفط حتى سنة 2009، إضافة إلى نتائج بيئية إيجابية تتمثل في تفادي انبعاث 330 ألف طن من ثاني أوكسيد الكربون.   وقد دأبت تونس على اعتماد توقيت صيفي بإضافة ساعة على التوقيت الشتوي. وصرّح وزير الصناعة والطاقة التونسي مؤخرا أمام البرلمان أن هذه العملية قد مكّنت خلال السنوات الأخيرة من توفير بين 30 و50 مليون دينار. ومن المقرر أن يتم اعتماد التوقيت الصيفي بداية من آخر مارس المقبل إلى نهاية تشرين أوّل (أكتوبر) من السنة الجارية.   وتستعدّ الحكومة التونسية إلى إقرار إجبارية استعمال الفوانيس المقتصدة للطاقة في كافة المحلات السكنية والتجارية وذلك مع نهاية سنة 2010.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 24 فيفري 2008)


عودة الطيور المهاجرة إلى أوطانها (عبر تونس)

 
تونس – و. أ. س- تحلق أسراب من الطيور المهاجرة هذه الأيام في أجواء العديد من الغابات والمزارع والأحراش المحيطة ببعض المناطق التونسية عائدة إلى أوطانها ومناطق تكاثرها في الشمال بالقارة الأوروبية أو غربي القارة الآسيوية بعد ان قضت عطلتها الشتوية في البلاد التونسية في رحلة بدأت مع أواخر شهر ديسمبر عبر السماء الايطالية وتنتهي في النصف الثاني من شهر فبراير الحالي حيث تتوالى رحلات العودة الى الديار والأوكار من المعبر ذاته .   وتكتسي هذه الفترة أهمية قصوى لأكثر من 140 صنف من الطير يسمى المهاجر الشتوي لأنها تمكنه من تكوين مخزون من الدهنيات التي تساعده على عملية الرجوع الى موطنه الأصلي في أوروبا وغربي آسيا حيث يعشعش ويتكاثر .   وهناك نحو 264 نوعا من من الطيور التي تنتقل إلى الربوع التونسية كل عام تتوزع على ثلاث فترات إذ أن منها المهاجر الشتوي الذي يفسح المجال بعد ذلك لتلك الطيور القادمة في فصل الربيع من القارة الإفريقية حيث تقضي جل الصيف بتونس وتلقب بالمهاجر الصيفي بينما يكتفي بعضها بعبور الأجواء وهو ما يطلق عليه المهاجر العابر .   وتحظى الطيور المهاجرة والمقيمة بتونس التي تصل الى 368 نوعا بحماية خاصة داخل المحميات والمتنزهات وخارجها وذلك في إطار الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس ومن بنيها اتفاقية التنوع البيولوجي واتفاقية // بون // حول المحافظة على الأنواع المهاجرة .   ويعد الوطن القبلي الذي يقع على بعد 70 كلم جنوب شرق العاصمة التونسية الطريق الرئيسية لهجرة كل أنماط الطيور المهاجرة باعتباره اقرب نقطة تربط بين ايطاليا /منفذ العبور/ وتونس عبر البحر الأبيض المتوسط بما يسمح لتلك الكائنات باختصار مسافة الطيران .   (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 24 فيفري 2008)

تونس تقاطع معرض باريس للكتاب

 

قرّر اتحاد الكتّاب التونسيين مقاطعة معرض باريس الدولي للكتاب المقرر تنظيمه من 14 إلى 19 مارس/آذار المقبل بسبب احتفاله بالذكرى ال60 لقيام دولة “إسرائيل”. وقال صلاح الدين الحمادي أمين عام اتحاد الكتاب التونسيين في تصريح نشر امس، إن “موقفنا منسجم ومتناغم مع موقف بقية النقابات العربية واتحاد الكتاب العرب، في رفضه المشاركة في هذه التظاهرة”.

 

واستنكر الحمادي إقدام إدارة معرض باريس الدولي للكتاب على الاحتفال بذكرى قيام “إسرائيل” “في وقت يستهجن فيه الرأي العالمي الممارسات “الإسرائيلية”، التي علاوة على كونها ممارسات وحشية وغير مقبولة فهي تعد بجميع المقاييس انتهاكا للقيم الحضارية والثقافية والتي من المفترض أن ترفع من شأنها المحافل الثقافية الدولية”.

 

وكانت إدارة معرض باريس الدولي للكتاب قد أعلنت في وقت سابق أنها اختارت هذا العام أن تكون “إسرائيل” ضيفة شرف المعرض، بحيث ستتمحور كل أنشطة وفعاليات هذه الدورة الجديدة حول الكتاب وكتاب “إسرائيل”، وذلك احتفالا بالذكرى 60 لقيام “إسرائيل”.

 

وأضاف الحمادي “نحن نضم صوتنا إلى أصوات جميع المستنكرين، وندعو الاتحادات والروابط والجمعيات الثقافية في تونس والوطن العربي لاتخاذ خطوات مماثلة أساسها المقاطعة والتنديد والفضح حتى يتناسب حجم الاعتراض مع جسامة هذه الخطوة التي بدأت تتكرر في أكثر من محفل ثقافي في العالم”.. كما ناشد كل الكتاب والمثقفين التونسيين مقاطعة معرض باريس الدولي للكتاب،غير أن هذه المناشدة لم تجد صداه لدى عدد من دور النشر التونسية، منها دار “أليف” التي أعلنت أنها ستشارك في هذا المعرض.

 

(المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – الشارقة) الصادرة يوم 24 فيفري 2008)

 


 

التقرير الصحفي الأسبوعي السابع – الجزء الأول

 
السبيل أونلاين – التقرير الصحفي الصحافة الألمانية تشن حملة على لاعب تونسي بسبب تدينه فحسب صحيفة الشروق التونسية الصادرة بتاريخ 21 فيفري 2008 يتعرض نجم المتنخب الوطني التونسي ياسين الشيخاوي الذى يلعب لصالح فريق زوريخ السويسري إلى حملة كبيرة جدا تقودها صحيفة Bild الألمانية التي إتهمته بالتعاطف مع من وصفتهم بــ « المسلمين الراديكاليين ». الهجمة الألمانية على الشيخاوي إنطلقت بعد الحوار الذي أجراه مهاجم المنتخب التونسي مع صحيفة Sonntags Bild إستنكر فيها إساءة الرسام الدنماركي للرسول محمد صلى الله عليه وسلم , وقال أن هذا غير مقبول وأنه لا يقبل الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم أو المسيح عليه السلام , وبأن الدين مهم جدا في حياة الإنسان , وأكد أنه لا يمكنه القول أن الرسام يجب قتله لكنه يتفهم الغضب الذى يبديه المسلمون كردة فعل على الرسوم المستفزة والتى تنال من مشاعرهم . وتشير الصحيفة إلى التعاطف الكبير الذي أبداه الكثيرون مع الشيخاوي عبر مواقع الإنترنت حيث عبر المتعاطفون عن إعجابهم بالاعب وأكدوا أنه لاعب كرة قدم واع وملتزم . مراهقون نرويجون يعتنقون الإسلام تضاعف عدد المسلمين النرويجيين خلال 10 سنوات الأخيرة . هكذا بدأ الصحفي Nilas Johnsen مقاله المنشور بصحيفة VG النرويجية الواسعة الإنتشار الصادرة بتاريخ 12 فيفري 2008 . وحسب الناشطة النرويجية المسلمة كريمة صوليرغ العضوة بالمجلس الإسلامي فإذ ذلك يرجع إلى علاقات طيبة تربط هؤلاء المراهقين بأصدقاء لهم من المسلمين . وحسب نفس الصحيفة فإن هناك العديد من المشاركات في موقع islam.no والتى يكشف من خلالها أصحابها عن إعتناقهم الإسلام ويعبرون في نفس الوقت على عدم قدرتهم إعلان ذلك أمام أولياءهم. أما مدير الرابطة الإسلامية بالنرويج باسم غزلان فإنه يرجع أسباب إعتناق هؤلاء المراهقين الإسلام إلى التركيز على هذا الدين في وسائل الإعلام الأمر الذي أثار إهتمام هؤلاء الشباب , فدرسوه وإقتنعو به وإعتنقوه . أما الخبيرة في الشؤون الإسلامية Kari Vargt فقالت أن هناك توجهان يسلكهما المعتنقون الجدد للإسلام : الأول : التوجه الصوفي , وأما الثاني فهو راديكالي ، وحسب فارقيت ففي الدنمارك مثلا يمكن ملاحظة أن المسلمين الجدد هم أكثر الناس تشددا وأنهم كانو الأكثر نشاطا خلال التحركات المنددة بالرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم. وأما رئيس الإستخبارات البوليسية النرويجية Jirn Holme فيؤكد أنه ليس هناك أي خوف من هؤلاء المعتنقين الجدد للإسلام في النرويج. أما Martin Bernsen المستشار الإعلامي بنفس الدائرة فيقول بأنهم لا يركزون على معتقدات الأشخاص وأن ذلك ليس من إختصاصهم وأنهم لا يتابعون إلا أولائك الذين يقومون بأعمال إجرامية . Wikipedia لن تلغي الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم من وقعها على الانترنت تحت هذا العنوان كتب الصحفي النرويجي Paal Zahl في صحيفة VG بتاريخ 18 فيفري 2008 مشيرا إلى أن حملة توقيعات إنطلقت منذ أسبوع وذلك بهدف إلغاء نشر رسوم للرسول صلى الله عليه وسلم نشرتها موسوعة وكيبيديا , رسمت منذ القرن الرابع عشر ميلادي وقد تمكن المشرفون على هذه الحملة من جمع حوالي 180000 توقيع خلال هذه المدة القصيرة , غير أن مؤسسة Wikipedia والتي تشرف على موسوعة إلكترونية ترفض إلغاء الرسوم المنشورة على صفحاتها وتؤكد المؤسسة أنها لن تخضع إلا للقانون الأمريكي حيث أنشأ الموقع وأنه طال ما أحترم هذا القانون من خلال ما ينشر فإنه لن يقع إلغاء أي مادة لا ترضي طرفا أو مجموعة معينة . ولكنها عرضت طريقة تمكن من تصفح موقعها وقراءة محتويات ما ينشر فيه دون رؤية الصور المصاحبة لمقالاتها . علما أن موقع Wikipedia يعرف نجاحاً كبيرا بإعتماده على مشاركة المتصفحين في كتابة وتغيير محتويات المقالات المنشورة فيه ولكن وفي بعض الحالات المثيرة للجدل لا يمكن تغيير المحتويات إلا بموافقة مجموعة من المحررين ومن هذه الحالات الصفحة المخصصة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم. حسب التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود: التضييق على الصحافة في تونس لم يتقلص خلال 2007 اعتبر تقرير مراسلون بلا حدود المهتمة بشؤون الصحفايين في العالم وبحرية التعبير أن إطلاق سراح المحامي محمد عبو بعد أن قضى 875 يوما في السجن هو الخبر السعيد الوحيد خلال السنة المنصرمة 2007 رغم أنه لا يزال إلى حد الآن ممنوعا من السفر. وقال التقرير أن الصحفي بجريدة الفجر عبد الله الزوايري لا يزال يخضع للمراقبة الإدارية منذ خروجه من السجن سنة 2002 بعد أن قضي به 11 عاما. وأضاف التقرير أن هناك العديد من الصحافيين الذين تعرضو للضرب والتنكيل إضافة إلى منع العديد من النشريات من الدخول إلى تونس مثل Conard enchaine و Charlie Hebdo . كما وقع سجن الصحفي سليم بوخذير بسنة سجنا نافذة وذلك بسبب كتابته لمقال حول مقتل مجموعة من الشبان وذلك إثر حادث تدافع خلال حفل وقع تنظيمه من طرف أصهار الرئيس التونسي بن علي ,  فلفقت له السلطات تهمة الإعتداء على عون أمن أثناء آدائه لواجبه المهني. كما أشار التقرير السنوي إلى التضييق الذي تتعرض صحف المعارضة والصحف التي تسمح للمعارضين بالكتابة ذاكرا مثالا على ذلك المقال الذي كتبه الصحفي توفيق بن بريك بصحيفة Courrier international الفرنسية تحت عنوان « حي الأكراد : الوجه الآخر لتونس العاصمة » والذي يتحدث عن ومعاناة سكان حي شعبي بأحواز تونس العاصمة والتى منعت الصحيفة بسببه من التوزيع . سويسرا تحافظ على توازنها السكاني بفضل المهاجرين حسب الإحصاء السكاني الذى أجراه المكتب الفدرالي للإحصاء بسويسرا (OSF) للعام 2007 فإن نسبة سكان الكنفدرالية قد حقق إرتفاعا بنسبة 1.1 % ويعود الفضل في ذلك إلى الهجرة . وتعرف سويسرا معدل إرتفاع سكاني سنوي بين 0.2 % و 0.9 % , وتعود آخر نسب معتبرة إلى سنة 1991 بمعدل 1.3 % و 1992 بنسبة 1 % . وتوجد 14.200 حالة ولادة زيادة على حالات الوفايات , ويعد سكان سويسرا في نهاية العام الماضي 7591400 نسمة وصل فيه عدد المسنين مليون وربع المليون بما قيمته 16.4 % بعد أن كان سنة 2000 بقيمة 15.4 % , أما نسبة ما دون 20 سنة فهم 21.5 % بعد أن كان 23.1 % . وقد وصفت وسائل الإعلام السويسرية معدل 1.1 % الذى تحقق السنة الماضية بالإنتعاشة الديمغرافية للبلاد وإعترفت بأن الفضل في ذلك يعود أساسا إلى المهاجرين . 11 قاعدة لإنجاز عمل صحفي بفرنسا في ما يلي نقدم القواعد التي يجب على الجميع أخذها بعين الاعتبار عند قراءته للصحيفة الصباحية أو عند مشاهدته للنشرة المسائية . 1- فيما يتعلق بالشرق الأوسط فإن العرب هم المبادرون دوما بالاعتداء في حين أن « إسرائيل » ليست إلا في حالة دفاع عن النفس. 2- ليس من حق العرب قتل المدنيين من الطرف المقابل لأن ذلك يعتبر إرهابا. 3- يحق لإسرائيل قتل المدنيين العرب لأن ذلك يعتبر دفاعا شرعيا عن النفس. 4- عندما تقوم « إسرائيل » بقتل عدد كبير من المدنيين تقوم القوى الغربية بدعوتها لضبط النفس. وتسمى هذه الدعوة بتدخل المجتمع الدولي. 5- ليس من حق الفلسطينيين أو اللبنانيين أسر الجنود الإسرائيليين حتى ولو كان عددهم محدودا لا يتجاوز 3 أفراد. 6- من حق الإسرائيليين أسر عدد غير محدود من الفلسطينيين وليسوا بحاجة لتقديم أي دليل على إدانتهم يكفيها فقط استعمال الكلمة السحرية « إرهاب ». 7- عند نطقك لكلمة « حزب الله » عليك إضافة عبارة « المدعوم من سوريا وإيران ». 8- عند نطقك لكلمة « إسرائيل » عليك تجنب القول « المدعومة من طرف الولايات المتحدة وفرنسا وأروبا » لأنه عندئذ سيذهب بنا الظن أننا تجاه صراع غير متوازن. 9- لا يجب التطرق أبدا إلى « الأراضي المحتلة » أو قرارات الأمم المتحدة أو اتفاقيات جنيف لأن ذلك سيحدث اضطرابا لدى المشاهد الفرنسي. 10- الإسرائيليون يتحدثون الفرنسية أفضل من العرب وهذا ما يفسر سبب إعطائهم والمتعاطفين معهم فرصة أكبر للتعبير عن آرائهم وكذلك يمكنهم شرح القواعد السالفة الذكر ( من 1 إلى 9 ). ويسمى هذا بالحياد الإعلامي. 11- إذا كنت غير متفق مع هذه القواعد أو أنها تميل إلى طرف في الصراع على حساب الآخر فهذا يدل على أنك « معاد خطير للسامية ». (عن مجلة Journal Politis لـ Bernard Langlois – بتصرف ) . سعاد الشرفي : بعض الحكام في الدول العربية أرحم من الإسلاميين تجاه البشر !!!؟؟؟ في حوار نشر على موقع إيلاف الالكتروني بتاريخ 17 فيفري 2008 نفت سعاد الشرفي أستاذة الإعلام وعلم الإجتماع السياسي في الجامعة التونسية أن تكون قد تخلت عن « مبادىء تعمل من أجل تحقيقها منذ سنوات  » , وأرجعت سبب توقف نشر مقالاتها إلى أن الموقع الذي كانت ينشر مساهماتها توقف عن العمل لمدة شهرين تقريبا . وقالت بأنها تتعرض إلى حملة من قبل الذين يخالفونها في الرأي , وترجع سبب ذلك إلى أن مخالفيها  » لم يخرجو بعد من سجن الفكر الإطلاقي الذي يمنعهم من تنسيب الأفكار ووضعها في إطار المحتمل وإخراجها من منطق الحلال والحرام  » وتضيف الشرفي المحسوبة على العلمانيين المتطرفين  » إن بعض اللائكيين يدافعون على قول الله أكثر منهم  » الداعي إلى السلم والتسامح وإحترام الآخر والذى لم ينجر عنه تقاتل بين المسلمين … التقاتل نتج عن البدع الأيديولوجية للإسلاميين المتشددين بحسب وصفها . وحول ما يتعلق برؤيتها للمراجعات التي تقوم بها بعض الحركات الإسلامية في دول كمصر وتونس , وتوقيع حركة النهضة على وثائق علمانية تحترم بموجبها حقوق المرأة وحرية المعتقد أجابت بأنها ليست في حاجة إلى إعلاناتهم لمعرفة حقيقة أفكارهم وعبرت عن تحديها للإسلاميين أن يوردوا موقفا واحدا يعلنون فيه مثلا إيمانهم بالمساوات بين الجنسين . وعبرت الشرفي عن رفضها إصدار قانون يجرّم التكفير خوفا من إستغلاله لتكميم الأفواه. وتسائلت لماذا يواصل الإسلامييون مطالبة الحكام بإرساء الحريات وإحترامها إذا كانو يسعون إلى تعويضها بقيود شتى تصل حد إهدار دم المخالف لهم عن طريق قانون التكفير ؟ حسب تعبيرها . وختمت الأستاذة التونسية المثيرة للجدل بالقول « بصراحة لا أرى في الوقت الحالي فرقا يذكر بين ما يتبناه بعض الإسلاميين وما ينددون به بل إن بعض الحكام في الدول العربية أرحم منهم تجاه البشر » على حد تعبيرها . المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 24 فيفري 2008

جبنيانة: « إمّا حرقة ولاّ انتحار »

 
الصحبي صمارة    » إمّا حرقة ولاّ انتحار  » بهذه العبارة أنهى محاورنا كلامه. وهو شاب في الواحد والثلاثين من عمره من متساكني معتمدية جبنيانة حيث تنتشر رحلات الهجرة السرية عبر البحر من شواطئ المناطق المحيطة بجبنيانة إضافة طبعا إلى شاطئ الشابة التابعة لولاية المهدية والذي لا يبتعد كثيرا عن شواطئ جبنيانة.   ارتفع في السنوات الأخيرة عدد الشبان التونسيين الذين لقوا مصرعهم في أعماق البحار وهم يشقّون طريقهم إلى حلم مليء بالمخاطر، حلم البحث عن شغل بعد أن أغلقت البلاد أبوابها وتحوّل الحقّ في الشغل إلى شعار انتخابي مزيّف.   ومن عمق أرياف جبنيانة تنطق معاناة الآلاف من شباب الجهة برهان ذي وجهين إمّا بلوغ شواطئ إيطاليا أو الانتحار. وإن كان الواقع اليومي نفسه، في هذه المنطقة، بالنسبة إلى الشباب العاطل عن العمل، هو بمثابة انتحار بطيء موزّع ما بين الإدمان على الخمر والكحول ومختلف أنواع المخدّرات بخسة الثّمن، فإنّ ما يعنيه شباب الجهة بالانتحار هو وضع نهاية لحياتهم.   حياة مهدورة   السؤال الذي تكرّر على لسان محدّثنا كان التالي:  » أخي، الواحد علاش عايش؟ عمري آش وثلاثين ومازلت نستنّى في يمّا تعطيني المصروف. » وبهذا السؤال يواجه شباب جبنيانة نفسه في حيرة أمام معنى الحياة التي يعيشونها وهم في سنّ الزّواج ينتظرون أن يتكرّم عليهم أحد الأصدقاء بدعوة لشرب قهوة أو سجائر. فجبنيانة خالية من المصانع وخالية أيضا من فرص العمل في حضائر البناء لأنّ فقر أبنائها وسكّانها لا يسمح بإنجاز مشاريع لتشغيل اليد العاملة سواء في أشغال موسمية أو قارة. والجهة التي قام مزارعوها بتجارب استصلاح أراضيهم الصغيرة وأدخلوا إليها تقنيات الريّ قطرة قطرة وزراعة الباكورات وإنتاج الخضراوات بأنواعها وجدوا أنفسهم عاجزين عن مجاراة المنافسة في السوق كما وجدوا إنتاجهم الضئيل غير قادر على تعويض مصاريف الإنتاج. بقي عزاء البعض منهم في عدد قليل من شجرات الزيتون بعد أن توزّعت ملكية الحقول الشاسعة بين أثرياء ولاية صفاقس وثلّة لا يتجاوز عددها أربعة أنفار أصيلي الجهة.   وعلى الرّغم من أنّ المنطقة ساحلية فإنّه لا أحد فكّر في إنجاز مشروع سياحي يحرّك حالة الموت التي يعاني منها اقتصاد الجهة. بل إنّ الشبان أصيلي الجهة أنفسهم لا تربطهم بالبحر علاقة سوى أنّه يقود إلى السواحل الإيطالية التي تمثّل الفرصة الأخيرة شبه المستحيلة للاستمرار في الحياة حيث يلتجئ البعض منهم إلى تجميع مبلغ ألف دينار مشترك لاقتناء مركب صغير  » شقف » ويركّبون عليه محرّك بنزين مستعمل ليجازفوا بأنفسهم في رحلة بحرية يحشر فيها عشرة شبّان أعمارهم التي يرون أنّها لم تعد تصلح للبقاء.   محدّثنا ذكر أسماء الكثيرين من أصدقائه الذين ماتوا غرقا وهم يشقّون المتوسّط بقارب صيد صغير مجازفين بأعمارهم لبلوغ شواطئ إيطاليا طلبا للرزق ومنهم من وصل التراب الإيطالي ليجد نفسه سجينا في إيطاليا بتهم اجتياز الحدود بطرق غير شرعية ليعاد مطرودا إلى بلده ويقضّي فترة سجن ويدفع خطيّة مالية يلتحق إثرها بالشارع مرّة أخرى ليكرّر المحاولة وعندما يصل به الأمر إلى اليأس يضع حدّا لحياته بقطعة حبل أو بمادّة سامّة.  » عصام شلبي » هو أحد أبناء جبنيانة الذي قرّر الانتحار منذ ثلاث سنوات وهو صديق محدّثنا. فقد ضاقت الدنيا عليه وانسدّت الأبواب ولم يجد من عزاء سوى في الكحول والخمر لكنّه بين يوم وآخر أحسّ بأنّه مجرّد إنسان مهدور لا يساوي شيئا مقارنة مع أصحاب الأرصدة البنكية والمقاعد الفاخرة وأدرك أنّ ما يتحدّث عنه المسؤولون بمختلف مواقعهم من عناية بالشباب وفتح آفاق التشغيل ليس إلاّ مجرّد مسكّنات فقرّر الاحتجاج بأعزّ ما يملك، بحياته، التي أنهاها بقرار دفعه إليه عجزه عن تحقيق أبسط ما يتمنّاه الإنسان وهو الشغل.    البطالة الكمية والنوعيّة   تنتشر في جبنيانة البطالة بدرجة مكثّفة وتتوزّع إلى أنواع منها خرّيجوا الجامعات الذين يعودون بشهائد ورقية لا قيمة لها في نظر السلطات وهم يُقدّرون بألف معطّل من جملة 40 ألف ساكن في كامل المعتمدية.   النوع الثاني هم الشباب الذين انقطعوا عن التعليم إمّا في مرحلة مبكّرة أو في مرحلة متوسّطة وهم أكثر البطّالين عددا في المنطقة ويتميّزون بالهشاشة النفسية لأنّهم لم يكملوا تعليمهم حتّى يجدوا ما يبرّر بطالتهم وانتظارهم كما أنّهم لم يطلبوا راتبا مرتفعا بقدر ما هم ينتظرون القليل غير أنّ هذا القليل يعدّ مستحيلا.   أمّا الفئة الثالثة وهي الأكثر بؤسا فتتمثّل في الكهول المتزوّجين والذين انقطعت بهم السبل إمّا بعد جولات كثيرة بين الأعمال الموسمية أو بعد طردهم من المصانع التي أعلنت إفلاسها في مدن الساحل أو بعد عجزهم عن الجمع بين العمل في مدن أخرى بأجور لا تمكّن الأب من العيش في منزل مستأجر وما يحتاجه هو من مصاريف وما تحتاجه عائلته في جبنيانة. وهو ما يدفع إلى الشعور بالضعف والعجز أمام معادلة مختلّة بين عمل الحضائر المضني وعدم القدرة على تحقيق الحاجيات الأساسية للزوجة والأبناء.   هذه التشكيلات الثلاث تنتشر في مقاهي جبنيانة، علما وأنّ المنطقة البلدية تظمّ 16 مقهى ولا يوجد بها أي محلّ للإنترنت وتشبه فيها وضعية دار الثقافة المقبرة حيث لا يدخلها أحد سواء من الجهة أو الزّائرين إلاّ في أسبوع الاحتفال بـ 7 نوفمبر. وحتّى الشُعَب الحزبية هناك ليس لديها من نشاط سوى مطاردة بعض الكهول المتهاوين من تجارب يسارية لم يبق منها سوى الأطلال وبعض التلاميذ الذين يتعطّشون بشوق إلى حلم تغيير وطنهم.   جبنيانة الخليط العجيب من الطيبة والبساطة والمزيج الغريب بين تاريخ المنطقة الحيوي وحاضرها الميّت هي إحدى مناطق البلاد التي تعاني اليتم الاقتصادي والثقافي والسياسي تقدّم نفسها دليل إدانة للدولة التي عجزت عن تطوير بنيتها الاقتصادية طيلة نصف قرن وتحوّلت إلى وسيط عقاري يقدّم للمستثمرين كافّة المغريات ويتبرّع بأجمل مناطق البلاد له ليرضى بإنشاء مشروع استثماري تنتصب هي حارسة له وضامنة لأرباحه من جهد أبنائها الجائعين.   (المصدر: صحيفة « كلمة » (اليكترونية – شهرية)، العدد لشهر فيفري 2008)

حديث المارد ورخصة الجريدة

 
بقلم صاحب الحمار   حدثتني وساوسي بأنّه يمكن لي أن أكون صيادا ماهرا شاطرا مخاطرا. ولم لا فمثلي لا يهاب الأمواج ولا يهاب الرياح. ولكن ما الذي دفعك إلى هذا المسلك يا صاحب الحمار ؟ قلت : لأجرّب حظّي في الصيد وفي ركوب البحار، ألم يقل صاحبي: وأبي كان بحارا لم يعتل يوما ظهر سفينة   ذهبت لجارنا صحبة حماري. وقد عرفت أتانه حماري فغمَزته. فكاد يغدر بالألفة التي بيني وبينه ويرميني من على متنه. فذكّرته بقول الشاعر : إذا بانت لي جارتي أغضّ طرفي حتى يواري جارتي مثواها فانقاد على استحياء كأسلس ما تقاد الحمير حتى فرغت من حاجة جاري وفرغ جاري من حاجتي- وقد أثقلني بالنصائح والمواعظ وحكايات البحر وعرائسه وعفاريته وقراصنته- حتى كدت أنسى أن أطلب منه أن يمدّني بشباكه، لولا رفقة مَن ذكّرتني. فبارك الله فيها من رفقة. اخترت من الشاطئ مكانا بكرا وصخرة عجوزا وصباحا مشرقا تيمّنا بصباحات البحار. رميت بالشباك المخلّعة أوصالها ولم يدم انتظاري طويلا حتى أوعزت لي بسحبها فسحبتها مستعينا بالحمار لهول ما أوهمتني بعظم الصيد. وقد أيقنت دونما ريب أنّني صيّاد. سحبت الشباك إلى الشاطئ واقتربت من الصيد بحذر، فما أروع الصيد الأوّل. كدت أن أصدم وكاد كذلك يصدم ابن الأتان، لكنّني تداركت الصدمة وأنا أخرج من شباكي قمقما نحاسيا صدئا. لعنت حظّي ولعنت الشباك والقمقم وقلت في نفسي هل يمكن أن أكون علاء الدين وهل يمكن لي أن أقابل السيد المارد حقيقة بعدما خلت القصّة من وحي الخيال ! وما هي إلاّ لحظات حتى كان المارد يملأ سماء الشاطئ ويملأ الرعب صدري وغار الريق في فِيّ. ولم يمهلني المارد كثيرا من الوقت كي أقدّم أمنيتي اليتيمة. استسمحته في التفكير فأبى. فقرّرت أن أختار أمنية الحياة والتي بها الصدر ممتلئ والرأس مرفوع، قلّبت الأمور واستشرت الذاكرة وأوعزت للعقل بالحكمة والتفاني وتمتمت لحماري في أذنه وطلبت من المارد بلهجة الآمر الناهي. فأنا اللحظة السيد لا محالة. صرخت: أريد جريدة ! بهت المارد واصفرّ وجهه وتصاغر وصرخ في ألم : ماذا تريد ؟ قلت : جريدة جريدة… تصاغر أكثر أكثر… أكثر، ثم تحلّل وصار دخانا وسارع إلى العود إلى قمقمه وصرخ من داخله : إيّاك أن تناديني بعد الآن أيّها الشقيّ، ألا تعلم أنّ أمنيتك تلك هي سبب سجني في هذا القمقم.   (المصدر: صحيفة « كلمة » (اليكترونية – شهرية)، العدد لشهر فيفري 2008)
 


على هامش ندوة «الترجمة إثراء للثقافات ودعم لحوار الحضارات»:

الترجمة نقلت المعركة اليوم إلى قلب القرآن والنبوة

 
يوما بعد يوم تثبت الأيام أن الإصلاحات التي أدخلت على الزيتونة قد أتت أكلها وجعلت منها حقا جامعة عصرية قادرة على تمثّل المعارف الحديثة ومسايرة التغييرات العلمية والتمسّك في نفس الوقت بوظيفتها المركزية المتمثّلة في إنتاج معرفة دينية نقدية قادرة على أن تجعل الإسلام مثل بقية الديانات الأخرى دينا مناديا بالمحبّة والسلام والوئام وتونس من خلال المؤسسة الجامعية عاصمة علمية تخدم باستمرار وتميّز الإسلام والحضارة الكونية في نفس الوقت. وما الندوات العلمية الدسمة التي أصبحت تقليدا علميا سنويا  متميزا معرفيا وتنظيميا يجمع العلماء من كل حدب وصوب وينتظره المختصون سوى ثمرة من ثمرات التجديد الهيكلي الذي حوّل الزيتونة إلى مؤسسة أكاديمية رائدة  قادرة على اكتساح الإشكاليات العلمية الشائكة وجديرة بالمساهمة مثل كبرى مؤسسات التعليم الديني في العالم في بناء المعرفة الدينية الحديثة وتبعا لذلك في تدعيم علاقات الحوار والتواصل بين مختلف الأديان والثقافات.    والناظر في مختلف محاور الندوات يدرك أن إرادة الخروج عن السنة الثقافية التمجيدية والانخراط الواعي في الإشكاليات الفكرية الراهنة ومجادلة السائد وربط الإنتاج الأكاديمي بمتطلبات الواقع الوطني والدولي هي التي تحكّمت في تحديد محاور الاهتمام والتفكير. فانكبت المؤسّسة في ندواتها على دراسة  قضايا الحوار بين الثقافات والأديان ودور الأديان في بناء السلام والوفاق في العالم والتأسيس لقيم المواطنة والسلوك الحضاري وسعت إلى بيان حقيقة الإسلام في التاريخ  فكرا وممارسة بالوقوف عند مظاهر الوحدة والتنوّع  وعند أهم أعلامه الذين كان لهم دور ريادي في المعرفة مثل ابن خلدون. وفي هذا السياق المعرفي تندرج ندوة الترجمة إثراء للثقافات ودعم لحوار الحضارات. فقد تحوّل مدرج ابن خلدون بجامعة الزيتونة طيلة ثلاثة أيام إلى فضاء معرفي تبلبلت فيه الألسنة فنطقت بالعربية والانقليزية والفرنسية والايطالية والاسبانية… وشارك فيه باحثون من مختلف الثقافات والأديان والأقطار. ولئن تعدّدت الألسنة فإن العقول قد اتفقت على أهمية التنوّع  وعلى ضرورة التعايش والتواجد في عالم مبني على المغايرة والاختلاف وألحّت على ضرورة اعتبار الترجمة اليوم أداة من أدوات التواصل والحوار بين مختلف الثقافات والهويات الدينية وأنها خلافا لما يذهب إليه البعض لا يمكن للروحانيات أن تكون إلا أداة تحالف بين الحضارات وتعاون لا تصادم. ولئن كان الجميع واعين بأن أهمية الترجمة اليوم تعود إلى تنامي ظاهرة الانغلاق والإقصاء ورفض الآخر لمجرد كونه مختلفا وأنها حقا أداة من أدوات الحوار والانفتاح، فإن الوعي بالدور المزدوج الذي لعبته الترجمة في التاريخ أمس واليوم كان حاضرا أيضا.فلم تكن الترجمة دائما أداة تقريب بين الشعوب وإخصاب للثقافات والهويات الدينية والروحية المختلفة بل اقترنت بالإيديولوجيات وكانت أداة تشويه وهيمنة واعتداء على المغاير روحيا وثقافيا. ولكن المفارقة هي أنه على قدر اهتمام الغرب بالشرق ثقافة ولسانا ودينا كان إهمال الشرق للغرب ثقافة ولسانا ودينا رغم أن السند العلمي العربي الإسلامي يزخر بالتقاليد والمؤسّسات التي كان هدفها الانفتاح على المغاير والاطلاع على ما أنتجته العقول بمعزل عن هويتها وروحانيتها. ورغم ذلك ينبغي أن نضع اهتمام الغرب بالشرق في سياقه المعرفي الايديولوجي حتى نفهم بالضبط المقاصد العميقة التي رام تحقيقها من خلال إيجاد المؤسّسات المعتنية بالترجمة وتمويل مشاريع البحث الجامعية المتعلّقة بالإسلام قرآنا ونبوة وثقافة…   فقد كانت إرادة المعرفة مكوّنا جوهريا من مكوّنات الغرب الأساسية الدالة على أن هويته العميقة لا تكون إلا بالترجمة والاطلاع على المغاير واعتصار كل ما هو مميّز وطريف في الثقافات وإدماجه في إرثه. ولهذا انكب بعض علماء الغرب وطيلة سنوات عديدة من حياتهم مثل جاك بيرك على ترجمة القرآن فانعزلوا في ما يشبه الأديرة وانقطعوا عن العالم حتى يقوموا حقا بإنجاز عظيم يتمثّل في ترجمة القرآن هذا الكتاب المقدّس الذي صاغ عبر التاريخ جزءا كبيرا من الضمير الإنساني شرقا وغربا قديما وحديثا وفي نقله إلى جمهور لن يستطيع معرفة الإسلام إلا من خلال الترجمة.ولهذا لا يمكن للباحث النزيه إلا أن يعترف بفضل هؤلاء العلماء على الإسلام حين راموا نقل كلام الله إلى الفرنسية والألمانية والأنقليزية… ويتساءل في نفس الوقت لم  لم يترجم المسلمون إلى اليوم الكتب المقدّسة لدى غيرهم ولم لم تنشط بعد الجامعات في العالم العربي الإسلامي لإحياء السند العلمي سند الترجمة والاطلاع على المغاير روحيا لما فيه مصلحة المسلمين وغير المسلمين معا.   غير أن هذا التقدير لترجمة النصوص المقدّسة الإسلامية التي قام بها الغرب منذ القرون الوسطى لا ينبغي أن يجعلنا نسكت عن الوجه الآخر من العملة.فلم يترجم القرآن منذ أن أدرك بطرس العجائبي (ت1156 ) أهمية ذلك، حبا في الإسلام وتقديرا لرموزه بل كان الهدف الصريح المعلن هو صناعة صورة مشوّهة عن الإسلام من داخل القرآن ذاته وبالتركيز على النبي محمد تساعد على تهافت الإسلام ذاتيا وتدريجيا وعلى مقاومة هذا الخصم العملاق المهدّد للمسيحية في عقر دارها. واللافت أن هذه الخلفية قد ظلّت متحكّمة في أحدث الترجمات اليوم وفي جل الأعمال التي درست مظاهر العقل الإسلامي في مختلف المجالات من سنوك هنقروا وقولدزيهر إلى برنار لويس. فإذا كانت الترجمات الأولى قد فهمت عبارة الصمد من سورة الإخلاص على أنها تعني كوكبا معلّقا في السماء وترجمت اسم محمد بمامومات ومومات ومامات حتى تشعر بأن المسلمين وثنيون من عبدة الكواكب وأن نبيهم صنم أو دمية فإن العديد من المترجمين اليوم يواصلون اتّباع نفس الخطة متذرعين بضرورة فهم القرآن انطلاقا من السريانية أو الأرامية والعبرية نظرا إلى اختلاف المسلمين في فهم بعض عبارات القرآن. ولهذا يلتقون في النتائج مع ما رام تحقيقه أسلافهم. فيصبح القرآن من خلال ترجمة سورة القدر والكوثر وبعض الآيات من سورة النور مجرد نسخة من الكتاب المقدّس تفتقر إلى الطرافة والريادية ويصبح المسلمون جاهلين بقرآنهم  ليس من حقهم أن يتكلّموا باسمه لأنهم فقدوا مفتاحه. ولذا عليهم أن يتوجّهوا إلى الغرب سلطة معرفية لفهم قرآنهم وإلى اليهودية والمسيحية مصدرين أساسيين لفهم العديد من مقاطع وحيهم. ومن البديهي أن يتسلّح الباحثون والمؤسّسات الجامعية اليوم بمختلف أدوات المعرفة التي عليها اعتمد هؤلاء المترجمون وبالخصوص معرفة الأرامية والسريانية والعبرية… لمواكبة الأبحاث العلمية ومناقشة مناهج البحث ولفصل العلم عن الايديولوجيا وبيان أن الترجمة لن تكون أداة حوار وتواصل إذا كانت غايتها العميقة الاعتداء على المقدّسات بكل الطرق. وإذا كانت  جامعة الزيتونة قد تمكّنت منذ صدور قانون إحداثها في ديسمبر 1987 من أن تقتحم الإشكاليات الحارقة وتحقّق نقلة نوعية في وظيفتها فالمؤمل أن يكون أفق الإصلاح متعلّقا بالسيطرة على كل اللغات التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأفق التوحيدي وبالكتب المقدّسة ومنها القرآن بالخصوص وأن تكون سباقة بالنسبة إلى نظيراتها في العالم الإسلامي بانفتاحها على دراسة روحانيات مليارات من البشر في آسيا وعلى دراسة كتبهم المقدّسة وترجمتها.   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 فيفري 2008)

العنف اللفظي في تونس

« علّم صغيرك يسبّ كبيرك »

 
إسماعيل دبارة من تونس: « علم صغيرك يقدّر كبيرك » تلك التوصية الانيقة نجدها مكتوبة في اطارات زاهية الالوان جالبة للانظار في عربات المترو بتونس العاصمة وفي الحافلات العمومية.لكن السيد الصحبي بن جميع أستاذ التعليم ثانوي قام بتحويرها الى الاتي: »علّم صغيرك يسب كبيرك. »   والسبب في هذا التحوير تلك المشادة الكلامية الحادة التي نشبت بين شاب وسيدة في احدى عربات المترو بالعاصمة نتيجة تدافع غير مقصود قام على اثره الشاب بإطلاق سباب ساخط مخلا بالآداب التي تعود عليها الأستاذ الصحبي الذي يقول لإيلاف بمرارة: « ليست المرة الأولى التي أركب أعايش فيها مثل هذه المواقف،الكلام البذيء أضحى اعتياديا اليوم  في شوارع تونس ».   ظاهرة العنف اللفظي أو هذا المرض الاجتماعي كما يسمية المختصّون أضحى مستشريا في ثقافة التونسي ، وقد عززته الإحصائية التي صدرت في سنة 2007 عن المرصد الوطني للشباب والتي أثبتت أن 88 بالمائة من الشباب التونسي يمارس العنف اللفظي .   تعريف علم الاجتماع   العنف اللفظي كما يعرفه علماء الاجتماع هو استعمال عبارات مخلة بالآداب والأخلاق الحميدة أو سبّ الذات الإلهية. وهنا يحتار المرء عن الأسباب التي تدفع بشباب في مجتمع عربي مسلم يعتبر إلى حدّ ما محافظا لفعل ذلك.   وترجح الدراسة التي صدرت حول العنف اللفظي في تونس أن تكون هذه الظاهرة إحدى علامات « الحركية والحيوية والنشاط في بنية المجتمع » ويمكن اعتبارها  » مظهرا من مظاهر حركية المجتمع وعلاقة تفاعل وتعبير لاتحمل دوما مخاطر التدمير والإيذان بالتخريب. »   الأسرة والمدرسة في قفص الاتهام   ولئن أشارت الدراسة إلى أن جذور هذه الظاهرة تعود لأسباب ثقافية و اجتماعية وحضارية تميّز المجتمع التونسي، فإن اللائمة ألقيت على دور كل من الأسرة والمؤسسة التربوية المنقوصتين في التصدي للملفوظ العنيف.   وتقول الأستاذة رانيا بحري الباحثة في علم الاجتماع لإيلاف: » الظاهرة لم تكن منتشرة بهذا الحد الى سنوات قليلة خلت.أعتقد أن غياب الردع في المراحل الأولى لتفشيها هو ما عزز إمكانية انتشارها بهذا الحد الذي أضحى مقلقا بالفعل أولا على نفسية شبابنا وثانيا على آداب المجتمع السائدة وأخلاقه المعروف بها. »   وترى الأستاذة » البحري « أن الأسرة التونسية قصّرت بشكل واضح إلى جانب المدرسة في الحد من تنامي ظاهرة العنف اللفظي الكلام القبيح وتضيف:عوّدتنا ثقافتنا العربية والإسلامية على أساليب الوعظ والإرشاد للتحسيس والنهي عماّ يعتبر منكرا ومكروها في مجتمع ما، لقد بدأت المؤسسة الدينية تفقد أساليب التأثير. لذا.فلأمر يتطلب دورا أكبر في مجالي التربية داخل الأسرة من ناحية والمدرسة من ناحية أخرى.   المقاهي وأوقات الفراغ   جيهان 23 سنة طالبة تقول: لمّا تنتشر المقاهي في طول البلاد وعرضها بهذا الشكل ولما يعزف الشاب التونسي عن المطالعة وإتيان عمل مفيد فسيتعلم بالتأكيد الألفاظ النابية ليصمّ آذاننا بها يوميا في الأماكن العامة والمؤسسات التعليمية، بل وحتى في البيت فأخوتي لا تمنعهم حرمة المنزل من التفوه بعبارات يندى لها الجبين. »   أما مالك 27 سنة عاطل عن العمل فيقول:أنا من رواد المقاهي منذ نعومة أظافري يمكنني أن أؤكد إنني في هذا الإطار بالذات تعلمت العبارات النابية والمنافية للأخلاق.ولا يترددّ مالك في التصريح بأنه غير مقتنع اليوم بان الملفوظ العنيف مناف للأخلاق الحميدة او يجرح مشاعر الآخرين ويضيف: »التوانسة كبارا وصغارا يمارسون العنف اللفظي بلا رقيب يذكر وبدون أدنى خوف من العقاب فلم القلق ؟ »   غياب الرادع   ولا يخفى على أحد في تونس أن القانون الذي يجرّم ممارس العنف اللفظي يعتبر إلى حد ما قانونا مهجورا. فالحالات التي يتم رصدها بهذا الشأن نادرة للغاية.   وتقول سهى أستاذة: لو عوقب الشباب الذي يتلفظ بالعبارات القبيحة لما انتشر هذا الوباء ليفسد أخلاق مجتمعنا بهذا الشكل المفزع. أدعو الجهات المعنية إلى إبداء حزم اكبر في هذا الموضوع.   (المصدر: موقع إيلاف (بريطانيا) بتاريخ 24 فيفري 2008)

 

ردا على خميس الشماري حول « التفاعل الهادئ والعقلاني حول ترشيح البديل الحضاري »

 
طالعنا السيد خميس الشماري في مقال في العدد الأخير من جريدة الموقف بحشر أنفه في شؤون حزبية داخلية تهم حزب الوحدة الشعبية ،اضافة الى تهجمه على الرفيق الأمين العام للحزب وكأن به أصبح وصيا على الأحزاب السياسية الوطنية فتراه يدلو بدلوه في مسائل لا تعنيه ولو كانت اراءه صائبة لكنا وجدنا له المبررات لكن يبدو أنه لم يتعض من الرفض الواضح الذي أبداه البعض داخل الحزب الديمقراطي التقدمي من تدخله في شؤون حزبية داخلية لا تعنيه أصلا فتوجه نحونا في محاولة لامتصاص غضب الاخرين. لم أكن أحبذ يوما الدخول في مهاترات مع من يأس الجميع من شطحاتهم اليمينية تارة واليسراوية تارة أخرى لكن تراني مظطرا الى أن أبرز للسيد الشماري اننا بقدر ما نحترم الاخرين فاننا لن نسمح يوما لبعض الغوغائيين ممن احترفوا الفشل ان يتجاوزوا حدودهم معنا وأننا لا نحترم هذه « الشكليات السياسية » التي يحاول البعض من أمثال الشماري استثمارها لغاية في نفس « خميس ».فليتأكد الفاشلون اننا لا نتأثر ببعض الشطحات ومحاولات الارباك واننا أعلنا يأسنا من وقت بعيد من أية امكانية في أن يستطيع « قرضايات » هذا الزمن أن يفيدوا البلاد ولا حتى أن يضيفوا شيئا الى « رصيدهم النضالي المشرف جدا ». لكننا متأكدون أن ملعبك لا يتسع الا لك وللبعض ممن يريد اختزال العمل المعارض الا في شخصه هو فقط فقدم نفسه للناس « بديلا حضاريا وديمقراطيا » رغم علم الجميع بما يمارسه من دكتاتورية على « أخوة النضال ». أردت القول: اننا نعرفك يا سيد خميس يا شماري ونعرف « تاريخك النضالي » فكفاك مزايدات. عبد الرحمان الدريدي عضو المجلس المركزي لحزب الوحدة الشعبية

في الذكرى الخمسين لوفاة العلامة التونسي محمد الخضر حسين شيخ الأزهر السابق (1 من 2)

 
بقلم: محمد مواعدة   مرت خلال الأسبوع الأول من فيفري 2008، الذكرى الخمسون لوفاة العلامة التونسي محمد الخضر حسين، شيخ جامع الأزهر السابق (2 فيفري 1958 ـ 2 فيفري 2008).   وفي هذا الإطار، تعتزم الجمعية التونسية للدراسات والبحوث حول التراث الفكري التونسي بإشراف رئيسها المثقف والجامعي المتميز الدكتور كمال عمران، تعتزم تنظيم ندوة علمية خلال هذه السنة بمشاركة باحثين تونسيين وجزائريين ومشارقة للتعريف بهذه الشخصية العلمية التي تجاوزت الحدود وبلغت أوج الشهرة والمجد العلمي والثقافي خلال النصف الأول من القرن الماضي.   ولا يحتاج إلى تأكيد أهمية منصب علمي مثل مشيخة جامع الأزهر الشريف، هذه المؤسسة الدينية والعلمية التي كان مجرد الدراسة فيها والتعلم بها يعتبر شهادة امتياز وتقدير.   ومما يستحق الإشادة في هذا المجال أن الشيخ محمد الخضر حسين لم يطلبها ويعمل من أجلها بل جاءته هذه الخطة ساعية إليه من خلال الوفد الوزاري الذي أرسله إليه الرئيس جمال عبد الناصر في سبتمبر 1952 بقيادة الوزير الشيخ الباقوري عارضا عليه تولي هذه الخطة، فاعتذر فألحّ عليه وهو صديقه القديم بما معناه : إن الثورة تهدف إلى بناء مجتمع جديد وهو أحد جنودها ولا يمكن له أن يعتذر عن المساهمة في هذا البناء…   فقبل عندئذ تولي مشيخة الأزهر وبقي يباشرها إلى سنة 1954، ثم استقال منها متعللا بكبر سنه… لكن السبب الحقيقي كان اختلافه مع مجلس قيادة الثورة في قضايا عديدة منها وضع المحاكم الشرعية. ومما يذكر عنه في هذه المرحلة من حياته، أن اللواء محمد نجيب قد زاره في بيته ـ بحكم العلاقة القائمة بين الرجلين قبل الثورة ـ ثم طلب منه بعض الأصدقاء القيام بزيارة اللواء نجيب في مقر مجلس قيادة الثورة، فكان جوابه : شيخ الأزهر لا ينتقل إلى مقر السلطة… بل على السلطة أن تنتقل إليه لأنها هي التي تحتاجه…   حياة ثرية ونشيطة   إن كل من تعرف على هذه الشخصية من خلال البحث والدراسة يتبين مدى غزارة حياتها وثرائها، إذ هو العالم في القضايا الشرعية وفي اللغة والأدب، وهو الشاعر… والمحاضر… والرحالة… وكاتب المقالة… والمناضل المغاربي السياسي…   فقد قال عنه أحد علماء الأزهر الكبار ـ الشيخ اللبان ـ عند إلقائه درسا في  » القياس في اللغة العربية  » وهو البحث الذي تأهل به للدخول إلى هيئة كبار العلماء… وهي أعلى هيئة علمية بالجامع الأزهر. قال الشيخ اللبان :  » هذا بحر لا ساحل له فكيف نقف معه في حجاج « .   ونظرا إلى أن هذا العلامة هو كما قال عنه أحد زملائه  » هو رجال في رجل « ، فإننا في هذه المناسبة ـ الذكرى الخمسين لوفاته ـ سنكتفي بالإشارة بإيجاز إلى بعض الجوانب (1):   1) إن جذور هذه الشخصية وأصول عائلته هي أصول جزائرية من بلدة طولقة من منطقة الزاب على الحدود الجزائرية التونسية… وهي منطقة واحات النخيل المجاورة لمنطقة الجريد بالجنوب التونسي… وهو ما يجعل المتجول في إحدى هذه الواحات لا يستطيع التفريق بين هاتين المنطقتين : نخيلا، بشرا، عادات، أنواع الأطعمة والمأكولات… إلخ.   2) انتقل جده للأم الشيخ مصطفى بن عزوز إلى بلدة نفطة خلال النصف الأول من القرن 19م، واستقر بها، وبنى بها زاويته الشهيرة القائمة إلى اليوم… وانطلاقا منها قام بنشر الطريقة الرحمانية.   وقد أشار الشيخ إبراهيم خريف (والد الأديبين البارزين مصطفى خريف والبشير خريف) في كتابه  » المنهج السديد في التعريف بقطر الجريد  » (مخطوط) إلى الحظوة الكبيرة والعناية الفائقة التي استقبل بها علماء نفطة ورجالها الشيخ مصطفى بن عزوز.   وكان لهذا الشيخ مكانة خاصة ومتميزة لدى العلماء والشيوخ في مختلف أنحاء البلاد التونسية وكذلك لدى سلطة البايات وهو ما أهله للقيام بدور فاعل للوساطة بين باي تونس وعلي بن غذاهم أشار إليها بتفصيل ابن أبي الضياف في ج5 من كتاب الإتحاف.   3) كان أيضا جد محمد الخضر حسين للأب علي بن عمر من علماء طولقة وشيوخها، وله حاليا زاوية باسمه في هذه المدينة، هي من أكبر الزوايا التي زرتها أخيرا بمنطقة الزاب… وبها مكتبة ثرية جدا بالمخطوطات العلمية والأدبية النادرة… ويشرف على شؤونها عالم جليل هو الشيخ عبد الرحمان العثماني.   4) إذن كانت العائلة التي ينتسب إليها علامتنا من أعظم العائلات وأعرقها علما وورعا… إذ إضافة إلى ما ذكرنا، فإن الشيخ محمد بن عزوز والد الشيخ مصطفى بن عزوز… هو العالم والورع المتصوف المعروف بـ  » نور الصحراء  » وزاويته الشهيرة قائمة إلى اليوم.   ومن أبرز أبناء هذه العائلة أيضا الشيخ المكي ابن عزوز (خال محمد الخضر) الذي كان من علماء جامع الزيتونة وأحد قضاة مدينة نفطة… والذي ارتحل فيما بعد إلى الأستانة واستقر بها للتدريس… وكان من أبرز وجهائها إلى أن توفي بها ودفن هناك.    5) ولد الشيخ محمد الخضر حسين بمدينة نفطة يوم 26 رجب سنة 1293 هـ/21 جويلية سنة 1873م. واسمه الأصلي : محمد الأخضر بن حسين، وقد حدث تحوير في الاسم على مرحلتين :   – الأولى: منذ طفولته، عندما أبدل لفظ  » الأخضر  » بـ »الخضر »، تيمنا بـ »الخضر » الذي رفعه القران الكريم إلى درجة الأنبياء ويحظى عند رجال التصوف بمكانة خاصة.   – أما التحوير الثاني الذي حدث في صيغة الاسم فبحذف لفظ  » الابن  » وذلك عندما هاجر إلى المشرق العربي واستقر به (دمشق ثم القاهرة) مسايرة لأسلوب المشارقة في التسمية مثل: طه حسين…   6) تلقى تعلمه الابتدائي بنفطة على يد خاله خاصة الشيخ محمد المكي ابن عزوز، وعلى مؤدبين وشيوخ من أبرز مؤدبي وشيوخ نفطة في ذلك العهد.   وتجدر الإشارة إلى أن مدينة نفطة التي كانت تسمى بالكوفة الصغرى (في كتب الرحالة العرب)، ومنطقة الجريد عامة : توزر، دقاش، كانت كلها زاخرة بالعلماء والأدباء والشعراء.   7) عندما بلغ محمد الخضر سن 13 من عمره انتقلت العائلة سنة 1307هـ/1886م إلى العاصمة تونس لتمكينه وإخوته من مواصلة الدراسة بجامعة الزيتونة… وكان خاله الشيخ محمد المكي ابن عزوز مدرسا متطوعا بالجامع الأعظم وصاحب منزلة وتقدير لدى أبرز شيوخ هذه المؤسسة العلمية.   8) تخرج محمد الخضر حسين من جامع الزيتونة بنجاحه في شهادة التطويع سنة 1316هـ/1898م. وكان لهذه المرحلة الزيتونية من حياته شديد التأثير في مساره العلمي والفكري والأدبي أشاد به في عديد المناسبات (انظر كتابه  » تونس وجامع الزيتونة « ) وخاصة انبهاره وتعلقه بشيوخه الكبار:   – الشيخ سالم بوحاجب (تـ: 1343هـ/1925م).   – الشيخ عمر بن الشيخ (تـ: 1329هـ/1911م).   – الشيخ محمد النجار (تـ: 1329هـ/1911م).   المرحلة التونسية    أشار العلامة محمد الخضر حسين إلى مراحل حياته في مناسبات عديدة وهي ثلاثة :   I- المرحلة التونسية :    وقد امتدت طيلة 40 سنة، من ولادته بمدينة نفطة بالجريد سنة 1873م إلى هجرته النهائية إلى المشرق العربي سنة 1912م.    وقد قال العلامة محمد الفاضل بن عاشور عن هذه المرحلة التأسيسية لشخصية صاحبنا:   « تميزت هذه المرحلة الأولى من حياته التي قضاها بتونس بالتعلم والتثقف، فتكونت شخصيته ونضجت أفكاره، واشتهر في الأوساط العلمية باعتداله وهدوء طبعه وخلوص نيته وسعة علمه وبراعة قلمه ».   ولئن باشر التدريس بالجامع الأعظم خلال هذه المرحلة، وكذلك بالمعهد الصادقي، وتقلد خطة القضاء بمدينة بنزرت تلبية لطلب صديقه الحميم العلامة محمد الطاهر ابن عاشور ثم استقال منها سريعا لعدم تلاؤم شخصيته وبيئته العائلية والعلمية مع ضوابط الوظائف الرسمية وحدودها، وانشغاله الأساسي بالعلم والأدب والثقافة درسا وتدريسا وتعلما وتعليما.   لئن قام بكل ذلك وبغيره خلال هذه المرحلة التونسية، فإننا نعتقد ـ تأكيدا لما قاله العلامة محمد الفاضل بن عاشور ـ أن من أهم ما يستحق الإشادة والذكر في هذه المناسبة الخمسينية :   أ) بداية بروزه في مجال الدعوة إلى إصلاح المجتمع الإسلامي من خلال المسامرات والمحاضرات والتي من أشهرها:   – « الحرية في الإسلام »: التي ألقاها بنادي « جمعية قدماء الصادقية » سنة 1906م ونشرت سنة 1909م، ونالت اهتمام جميع الأوساط العلمية والثقافية في ذلك العهد.   – « حياة اللغة العربية »: والتي ألقاها بنادي الجمعية نفسها خلال سنة 1909م.   ب) إصدار مجلة « السعادة العظمى » (2) والتي هي في نظرنا أهم إنجاز قام بتحقيقه في مرحلته التونسية والتي قال عنها العلامة محمد الفاضل ابن عاشور :   « … كان ظهورها في معمعة تلك الخلافات كطلوع الحكم العادل تنزهت به المجادلات عن الفحش، وتطهرت من الهمز واللمز وتسامت عن التشهير والأذى الشخصي ».   ويقصد شيخنا ابن عاشور بهذا القول محاولة مجلة  » السعادة العظمى  » وبالتالي صاحبها الشيخ محمد الخضر حسين التعامل بهدوء ورصانة مع الخلاف الذي كان وقتها محتدما بين الإصلاحيين والمحافظين حول قضايا فكرية ودينية عديدة مما جعل أصحاب التيارين وأنصارهم  » المتطرفين  » يخاصمون المجلة وصاحبها (وهو موضوع يحتاج إلى بحث خاص)… باستثناء صديقه الوفي العلامة محمد الطاهر بان عاشور. وقد كانت بينهما مودة استمرت طيلة حياتهما… هذه المودة التي تبرز في الرسائل التي كان يوجهها إمام الجامع الأزهر إلى إمام الجامع الأعظم، جامع الزيتونة…   وأغتنم هذه المناسبة لأشير إلى أن هذه المودة والوفاء والتقدير قد لمستها شخصيا خلال إعداد كتابي عن الخضر حسين والجلسات العديدة التي خصصها لي المرحوم العلامة محمد الطاهر ابن عاشور ببيت ابن عاشور العامر بالمرسى… وتمكيني من معلومات وتدقيقات علمية وتاريخية نادرة لم تكن متوفرة لغيره من العلماء والشيوخ والمؤرخين… فله منا ـ رحمه الله ـ كامل الثناء والتقدير، ولهذه العائلة ـ آل ابن عاشور ـ التي مكنت تونس والعالم الإسلامي ـ وما زالت ـ من خيرة العلماء والباحثين في عديد المجالات العلمية والثقافية والفكرية والقانونية… إلخ.   ج) العناية البارزة بمجال الإصلاح الديني والاجتماعي والتربوي.   وقد تجلى ذلك بالدعوة إلى الإصلاح من خلال المحاضرات والمسامرات والمقالات…   أما في الميدان التربوي فقد كان منشغلا بإصلاح التعليم الزيتوني، منذ حياته الطالبية… وبعد تخرجه من الجامع الأعظم كان من بين شيوخ الزيتونة وعلمائها العاملين على تطوير التعليم مضمونا وأسلوبا ومنهجا.   وفي هذا الإطار، شارك في تكوين جمعية  » تلاميذ جامع الزيتونة  » سنة 1324هـ/1906 م إضافة إلى نخبة من العلماء في مقدمتهم العلامة محمد الطاهر ابن عاشور… وخلال سنة 1325هـ/1907م انحلت هذه الجمعية وتكونت جمعية جديدة باسم  » الجمعية الزيتونية « ، تولى رئاستها الشيخ ابن عاشور وعضويتها العلماء : الطاهر النيفر، محمد رضوان، محمد النخلي، محمد الخضر حسين، أبو حسن النجار…   وفي هذا الإطار الإصلاحي التربوي يتنزل كتاب  » أليس الصبح بقريب  » لشيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور.   IIالمرحلة السورية :   وهي المرحلة الثانية من حياة العلامة محمد الخضر حسين والتي امتدت طيلة 8 سنوات، من سنة 1912م إلى سنة 1920م.   وقد كانت ـ حسب تعبير العلامة محمد الفاضل ابن عاشورـ مرحلة التنقل والترحال والاكتشاف… والنضال السياسي.   وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن أسبابا عديدة دفعت بالشيخ الخضر حسين إلى الهجرة إلى المشرق العربي منها انتقال عائلته إلى دمشق والاستقرار بها سنة 1911م، وهي حاليا من أشهر العائلات علما وورعا وقيمة ثقافية وفي مقدمة هذه الأسرة التونسية السورية الأستاذ الكبير والمحامي المتميز والأخ العزيز علي رضا الحسين التونسي الذي سخر جهوده العلمية والمعرفية وكل إمكانياته المادية لتحقيق وجمع ونشر آثار عمه العلامة الخضر حسين وكذلك آثار والده الشيخ زين العابدين بن الحسين وأعمال آل عزوز والحسين، وهي الجهود التي من أجلها قلده الرئيس زين العابدين بن علي وساما ثقافيا متميزا، ومن أجلها استحق كامل التقدير من أبرز الجامعيين والمثقفين العرب والمسلمين المعنيين بتراث هذه الأمة وبرجالها الأجلاء مثل علامتنا محمد الخضر حسين.   وقد كانت هذه المرحلة السورية مليئة بالنشاط العلمي والثقافي والتنقل والترحال وبالخصوص بالنضال السياسي.   ونظرا إلى ضيق المجال، فإننا سنكتفي بالإشارة إلى أبرز ما تميزت به هذه المرحلة :   1) منذ حلوله بالعاصمة السورية دمشق واستقراره عند اخوته وعائلته، واصل نشاطه العلمي والثقافي بالتدريس بالمدرسة السلطانية، وهي من أبرز المعاهد العلمية ومن أشهر من درّس بها الإمام محمد عبده.   كما واصل إلقاء المحاضرات في الجامع الأموي، وكتابة المقالات بالصحف السورية.   ومن الجدير بالذكر أن قدومه إلى الشام وجد حظوة كبيرة لدى العلماء والمثقفين السوريين.   2) كان من أبرز الداعين إلى تمتين الروابط بين العرب والأتراك في إطار الأمة الإسلامية، وسخر جهده الإعلامي والثقافي في هذا الإطار، وهو ما عبر عنه في قصيدته الشهيرة  » بكاء على مجد ضائع ».   3) كان حاكم سوريا في تلك المرحلة التركي جمال باشا المعروف بتعسفه وجبروته. وقد أدخل العديد من العلماء والمفكرين السجن منهم الشيخ الخضر حسين.   وعند إطلاق سراحه بعد ثبوت براءته، عاد إلى التدريس والمحاضرات العلمية والثقافية.   4) سافر إلى عاصمة الخلافة العثمانية الأستانة حيث عمل منشئا عربيا بوزارة الحربية.   5) كان استقرار خاله وأستاذه الشيخ محمد المكي بن عزوز بالأستانة والمكانة التي كان يتمتع بها لدى الباب العالي ولدى أبرز العلماء والساسة بعاصمة الخلافة الإسلامية وقتئذ، كل ذلك ساعد الخضر حسين على حصوله على ثقة الباب العالي مما جعل السلطة التركية تعهد له بمهمة في ألمانيا التي كانت في الحرب العالمية الأولى حليفة لتركيا ضد فرنسا.   6) سافر الخضر حسين إلى ألمانيا واستقر ببرلين صحبة عدد من العلماء المسلمين منهم الشيخان صالح الشريف وإسماعيل الصفائحي. وكان الهدف من هذه البعثة العلمية تحقيق رغبة السلطة العثمانية في تكوين تنظيمات ثورية شعبية من المغاربة المقيمين بألمانيا ضد الاستعمار الفرنسي في بلدان شمال إفريقيا.   وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى صلة الشيخ الخضر حسين بالأخوين المناضلين محمد وعلي باش حامبة واتفاقهم مع بقية المغاربة المقيمين وقتها بالأستانة وبرلين على ضرورة الدفاع عن الخلافة الإسلامية ومجابهة الاستعمار الفرنسي.   وفي هذا الإطار، يندرج تكوين  » اللجنة التونسية الجزائرية  » التي وجهت إلى مؤتمر الصلح المنعقد بباريس سنة 1917م تقريرا مفصلا تحت عنوان  » مطالب الشعب الجزائري التونسي  » وبإمضاء مجموعة من المناضلين المغاربيين منهم : محمد باش حامبة، محمد الخضر حسين ، صالح الشريف…   7) عندما سقطت تركيا في أيدي الحلفاء، عاد الشيخ الخضر صحبة عدد من زعماء الحركة الإسلامية من ألمانيا إلى الأستانة ومنها إلى دمشق. وقد أثر هذا الحدث في نفسه التأثير البالغ لما كان يعلقه من آمال عريضة على الباب العالي في مساعدة القضايا الوطنية التحريرية بالعالم العربي وخاصة بشمال إفريقيا، وكذلك لما كان يؤمن به من ضرورة تدعيم الخلافة الإسلامية وتقويتها لما في ذلك من دعم للدين الإسلامي وتقوية له.   8) عند عودته إلى دمشق واصل نشاطه العلمي والثقافي والإعلامي. كما وقع تعيينه عضوا مؤسسا للمجمع العلمي العربي بدمشق الذي عقد جلسته الأولى يوم 30 جويلية 1919م. وبقي عضوا عاملا بهذا المجمع مدة إقامته بالعاصمة السورية ثم أصبح عضوا مراسلا عند انتقاله إلى القاهرة واستقراره بها سنة 1920م.   9) عند احتلال الجيش الفرنسي لسوريا إثر معركة ميسلون يوم 24 جويلية 1920م، أصبحت إقامة الخضر حسين بدمشق معرضة للخطر، وهو المتابع من السلطات الفرنسية من تونس، ثم لنشاطه السياسي بالأستانة وبرلين. ولذلك رغم حنينه إلى وطنه تونس، فقد قرر الانتقال إلى مصر والاستقرار بها. فقد كانت القاهرة مقر الجامع الأزهر وكعبة العلماء والباحثين، ولذلك قال في مقدمة كتابه  » نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم »:    » وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وأخذت البلاد العربية والتركية هيأة غير هيأتها، هبطت مصر فلقيت على ضفاف وادي النيل علما زاخرا وأدبا جمّا « .   (يتبــع)   ــــــــــــ   (1) محمد مواعدة: « محمد الخضر حسين: حياته وآثاره » ط1 ـ تونس 1974، قريبا طبعة جديدة مفصلة في جزأين.   (2) نجاة الحامي بوملالة: مجلة « السعادة العظمى »، بحث جامعي متميز عن هذه المجلة وظروف صدورها وتوجهاتها الدينية والفكرية.   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 فيفري 2008)
 


 
 

عندما يصبح الحصار طريقا للإنتصار

 
بقلم: علــــي شرطـــــاني (*)   لقد ساهم العالم « المتحضر » كله ولمدة ثمانية شهور كاملة في حصار « غزة ». وإذا كان يمكن اعتبار حصار التحالف الصليبي الصهيوني اليهودي طبيعيا، باعتبار أن الصليبيين الجدد واليهود الصهاينة هم أعداء تقليديين قدامى للإنسان عموما ولأمة العرب والمسلمين خصوصا. وإذا كان طبيعيا أن يكون الحكام الفاسدين في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين طرفا استراتيجيا ونشيطا في هذا الحصار، فإن غير الطبيعي، والذي يرتقي إلى مستوى الجريمة التي لا تغتفر حقا والتي لا يجد العاقل لها تبريرا، هو أن تكون الشعوب العربية الإسلامية والكثير من أحرار العالم على أي نحو من الأنحاء طرفا فيه.   – كيف كانت شعوب الأمة طرفا في الحصار الخانق على « غزة »؟   في ظل الإنقسام الشديد، الذي أوجده الغرب الإستعماري الحليف الإستراتيجي لحركة اليهود الصهاينة في شعوب الأمة والتي فرض لها الإستعمار البريطاني، بمساعدة فرنسا والحركة القومية العربية،من حيث كانت تقصد أو لا تقصد،  ومن حيث كانت تريد أو لا تريد، ومن حيث كانت تعلم أو لا تعلم وطنا قوميا لليهود في قلب الأمة العربية والإسلامية، وفي ظل الإختلاف الثقافي والفكري في أوساط النخبة مختلفة المشارب والمنابع، وفي ظل هيمنة الطائفة العلمانية اللائكية خاصة على السلطة، والتي لا تقل خطورة عن النخبة التقليدية الداعمة للأنظمة التقليدية في المنطقة العربية خصوصا، استمرارا لثقافة وسياسة وإدارة القوى الإستعمارية في الوطن العربي والعالم الإسلامي والعالم، وفي عالم عربي وإسلامي أصبح فيه النظام العلماني العبثي الهجين والنظام التقليدي العدمي هما الأصل، والنظام الإسلامي الذي هو النظام الطبيعي لشعوب الأمة هو الإستثناء، وغير معترف له بالوجود أصلا، كانت هذه الشعوب محبة أو كارهة طرفا في الحصار الخانق المضروب على غزة من فلسطين المحتلة.   نعم لقد كانت كذلك، وهي التي تتابع الأحداث أو تستطيع أن تتابع الأحداث كل يوم بل كل لحظة من اليوم، وليست الأحداث التي تتابعها أو تستطيع أن تتابعها أو لا تريد متابعتها أحيانا أو دائما، أحداثا عادية. وليست بعيدة عنها. إنها أحداث قصف من البر والبحر ومن الجو بالليل وبالنهار تقتل فيه الأطفال والنساء والشيوخ والرجال وتهلك فيه الماشية وتهدم البيوت والمستشفيات والمساجد وكل ما علا من البناء، وتقلع فيه الأشجار وتدمر البيئة من حول كل هذا الذي تقصفه وتهدمه وتقتله وتقلعه وتدمره في فلسطين المحتلة غير بعيد من كل وطن من أوطان شعوب هذه الأمة، ويقدم العدو الصهيوني المؤيد والمدعوم أمريكيا وغربيا صليبيا لكل أسرة وعائلة وقبيلة وعشيرة وحزب وحركة وجمعية وفرد ومجموعة، في كل وقت من أوقات النهار والليل ومع كل وجبة، أشلاء الشهداء من الرجال والشيوخ والنساء والأطفال، بذريعة الدفاع عن النفس ومحاربة الإرهاب وفرض السلام والأمن والإستقرار، باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، تماما كما تفعل الأنظمة العلمانية اللائكية العبثية الهجينة والتقليدية العدمية المنحرفة التابعة كلها، بشعوب الأمة العربية والإسلامية التي لها عليها السيطرة والنفوذ في أوطانها، وهي لا تحرك ساكنا، ولا تحرك نخبها ولا مثقفوها ولا مفكروها ولا علماؤها ساكنا على امتداد ثمانية شهور على الأقل، إذا لم نأخذ بالإعتبار ما كان يحصل قبل ذلك على امتداد عقودا من الزمن، وقبل أن يتضح الإنقسام الفكري والثقافي والحضاري، وقبل أن يلتحق التغريبيون صنائع الإستعمار والصهيونية فكرا وعقلا وثقافة وحضارة بالغرب والصهيونية، أي قبل أن تلتحق وبوضوح لا سابقه له من قبل، عصابات الغدر والخيانة والعمالة من السماسرة بقضايا الأمة، بالغرب الأوروبي الأمريكي، وبالصهيونية العالمية، وتعانقهما وتعلن مهادنتهما والتحالف معهما مقابل السلامة والوعود الكاذبة، والعطاء السخي على حساب قضايا الحرية والتحرر والإستقلال والكرامة والعزة، وعلى حساب الأرض والعرض والوطن والدار والأهل والسيادة والدين والتاريخ والحضارة والحقوق.   يحصل كل هذا على مرأى ومسمع من كل هذه الشعوب بكل علمائها ومثقفيها ومفكريها ورؤسائها وزعاماتها ورموزها المختلفة، وبكل أموالها وثرواتها وكنوزها وبكل جيوشها وأسلحتها…   ولا أحد يتحرك، ولا أحد يحتج، ولا أحد يبادر بكل ما هو قادر عليه للمساندة والدعم والإغاثة ورفع المعاناة، والصياح في وجه هذا العالم « المتحضر »، ليقول لا للظلم لا للقهر لا للقتل لا للإستعمار والإعتداء لا للنهب لا للعنصرية والتمييز لا لقتل « الإنسان » لأخيه الإنسان.   – وكانت ذريعتنا في ذلك استبداد الأنظمة الفاسدة؟ !   كل الذي أخشاه أن يكون الموروث البربري الهمجي الغربي هو الذي تستمد منه الشعوب الغربية من حولنا قدرتها على التحرك الشعبي والجماهيري لإحداث النقلة المناسبة في حياتها، وعلى إقامة الأوضاع السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية على النحو الذي تراه مناسبا، والذي تتحقق لها من خلاله السيادة والحرية والديمقراطية والعدل والمساواة في الحدود الممكنة والمتاحة، وأن يكون الموروث الثقافي السياسي الحضاري العربي الإسلامي هو الذي مازالت تستند إليه شعوب أمة العرب والمسلمين في الخضوع للظلم والإستبداد والحيف والفساد، والقبول بالدون وبالقهر والمهانة والإستضعاف، استنادا إلى ما استقر عليه أمر الملك العضوض من الطاعة العمياء لما يسمى ولي أمر المسلمين، وإلى ما دأب عليه أكثر علماء المسلمين للأسف الشديد من تأكيد على وجوب طاعة الحاكم وإن كان ظالما مستبدا وجائرا، ولا يجب أن يتجاوز الأمر في مواجهته والتعامل معه حدود النصح له بالتي هي أحسن اجتنابا للفتنة كما يقولون، عندما استحال أمر الحكم في الأمة على خلاف ما قال به الله سبحانه وتعالى، وعلى خلاف ما كان عليه أمر المسلمين على عهد النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وما كان يقول ويوصي ويعمل به، وعلى خلاف ما استمر عليه الوضع بعد ذلك حتى خلافة الإمام الشهيد علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه، أي على خلاف ما تقول به القاعدة الأصولية الواردة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من وجوب الشورى سبيلا لسياسة الحكم في الإسلام.   وأن المؤكد أن ذلك الموروث نفسه، هو الذي تستند إليه الأنظمة اللإسلامية العلمانية اللائكية منها والتقليدية للإستمرار في الحكم الذي لا يغادره الرؤساء والملوك والأمراء عادة…إلا بالموت، أو بقلب النظام الذي هو نظام الواحد منهم، ولاعتبار طاعته واجبا شرعيا، ومخالفته أو عصيانه جريمة لا تغتفر، وكبيرة من الكبائر، وخيانة عظمى، ولا يكون جزاء من يفعل ذلك إلا القتل أو الحبس أو النفي، وذلك أضعف الإيمان.   لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هو :   – لماذا لم تأخذ نخبنا وشعوبنا من الغرب الذي أخذت منه كل شيئ، أو تريد أن تأخذ منه كل شيئ وتعمل على ذلك وتسعى إليه، مما كان منه رديئا وسيئا وضارا خاصة، وما كان منه جميلا وحسنا ونافعا، وإن كان مما قل من كل ذلك، وآلية التداول السلمي على السلطة، وحرية الترشح والإختيار والمشاركة الإيجابية في إدارة الشأن العام؟   – ولماذا لم تأخذ منه قيمة المواطنة الكاملة التي للفرد الغربي في الديمقراطيات الغربية على ما فيها من سلبيات وما يتخللها من أمراض ونقائص؟   – ولماذا لم نأخذ من الثقافة الغربية القيمة التي يعطيها الغرب الصليبي الصهيوني للإنسان الغربي الأبيض خاصة، والتي مازال الإنسان في حاجة لمن يعطيها لكل البشر أين ما كانوا ومهما كان لونهم أو عرقهم أو دينهم أو حسبهم أو نسبهم أو لسانهم؟   – ولماذا لم نأخذ منه العلوم والتقنية؟    علما وأن هذا الذي نبحث عنه لدى الغرب، هو ما نسفه إسلافنا منذ وقت مبكر. ولكن وبالرغم مما ورث ذلك في الأمة من خور، وما انتهى بها إلى ما انتهى بها إليه، كان أقل خطرا عليها من هذا الذي ألحقته وتلحقه بها الأنظمة العلمانية الهجينة المغشوشة، والأنظمة التقليدية المزورة.    إن اعتماد مبدإ الشورى وحده كافيا لحل مشكلة التداول على الحكم مثلما كان يتداول عليه الخلفاء الراشدون من قبل، ومثلما آل إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه من بعد.   وإن اعتماد القاعدة القائلة الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، كافيا لأن لا نأخذ من الغرب إلا ما نحن في حاجة إليه، وإلا ما فيه نفع وصلاح وما تتحقق به المصلحة وتدرأ به المفسدة.   وإن اعتماد القاعدة المتمثلة في قول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته … »لكافيا أن لا نكون في حاجة إلى الأخذ بقيمة ومعنى المواطنة، لما يجعل الإسلام في معنى الرعية من مسؤولية إضافة إلى ما فيها من معنى الحق والواجب، والمساواة بين الناس من ذكر وأنثى، ومن مسلم وغير مسلم، ومن كل الأعراق والألوان والديانات…   وأن الناس في الإسلام متساوون كأسنان المشط، لا فرق في ثقافته ومبادئه وأحكامه بين عربي وأعجمي في المجتمع الإسلامي وفي النظام الإسلامي إلا بالتقوى، وكلكم من آدم وآدم من تراب، والناس متساوون فيه في كل شيئ ولهم نفس القيمة، بقطع النظر عن معتقداتهم وعن ألوانهم وعن أعراقهم، وعن ألسنتهم وعن بيئتهم  وموقعهم الإجتماعي، وبقطع النظر عن فقرهم وثراهم وكثرتهم وقلتهم…    وأنه ليس ثمة أقدس في الإسلام من العلم والعقل. وهما الأداتان المناسبتان لامتلاك العلم والتقنية والمعرفة إنشاء وإبداعا، وأخذا من الغير وعطاء له في غير احتكار ولا منع. ومع ذلك كله، أصبح الإستبداد هو الأصل، والشورى والصلاح هو الإستثناء. وكان من سوء طالع العرب والمسلمين أن لا يكون لهم حظ في الديمقراطيات الغربية، ولا في نظام الشورى الإسلامي. وبقي عذر الشعوب والجماهير وذريعتها دائما في عدم إحراز تقدم في مختلف مجالات الحضارة المعاصرة، هيمنة الإسبداد وسيطرته على الأوضاع بكل أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين، وهي التي لا حول ولا قوة لها.    (يتبع)   (*) يمكن مكاتبة صاحب المدونة على العنوان التالي: chortani@wordpress.com


أيّ تعليم إسلامي لمجتمع حديث؟

بقلم – أحميدة النيفر (*)

 

ليس من قبيل المبالغة القول إن إحدى المعضلات الكبرى التي تطبع الفترة الراهنة في العالم العربي – الإسلامي تتمثل في تكوين النخب التي تخرجها المؤسسات التعليمية الجامعية عامة والإسلامية خاصة. تلك معضلة لا توضَع عادة في مصاف التحديات الجسام كأنها من القضايا الثانوية التي لا تستدعي إلا عناية اللجان الفنية ورجال الاختصاص في نطاق ضيق، على الرغم من أنها في العمق لا تقل خطورة عن مسائل الحكم وتوزيع الثروة والتحولات الاجتماعية والاختيارات الإستراتيجية.

 

عند التأمل يتبين أنه على عاتق تلك النخب المتعلمة تقع مسئولية اتخاذ القرارات المهمة التي تصوغ المستقبل، ذلك أننا – على الرغم من كل ما يقال – لا نزال «مجتمعات نخب» ليس للجمهور الواسع فيها أثر يُذكر في ضبط التوجهات ونحت الآفاق.

 

لا أدل على خطورة المؤسسات الجامعية عندنا مما يظهر من نشاز أو قطيعة إبان الأزمات الكبرى بين النخب التي تخرجها وبين مجتمعاتها. مع التحديات الجسيمة يبرز التناقض المفضي إلى الاصطدام بين توجهات عموم المواطنين وطبيعة مطامحهم وبين رؤى النخب وما تؤدي إليه من سياسات يعتمدها الحكام. إلى هذا يمكن أن نعزو جانبا من أزمة الحكم العربي المتمثلة في التوجس المتبادل بين من يمتلك السلطة (السياسية والمعرفية) وبين مجتمعات لا تُستشار ولا يُطمأَنُ إلى وعيها. يحصل هذا في ظل تراجع هائل لمكانة المثقف (ذلك العنصر الرئيسي) في إزالة الفجوة الهائلة بين أصحاب السلطة وبين من تُمارَس عليهم.

 

تشخيص الأزمة

 

ثم إن معضلة المؤسسات التعليمية قديمةٌ قِدمَ تنافس شيوخ العلم وما أورثه من تمذهب، ثم صراع بين أطراف الملة الإسلامية. فوراء جانب من ذلك السجال وتلك المناظرات تكمن تصورات متباينة للسبل المُحَقـقة للمشاركة في العلوم. تأكد ذلك مثلا فيما بين المغاربة والأندلسيين من اختلاف في مناهج التعليم نبه إليه ابن خلدون مرجحا ما اعتمده أهل الأندلس لتحقيق نسبة عالية من نباهة أبنائهم واقتدارهم على تحصيل المَلَكات.

 

أما في المشرق فمن الشواهد على اختلاف النظر إلى المسألة ما نقله بعض المتقدمين في تقييمه لظاهرة «المدارس» التي أُنشئت على نمط المدرسة النظامية، معتبرا أن ظهور «تلك المدارس أفسد العلم» إذ أبعده عن التخصص الذي كان عند العلماء.

 

ففي الفترة الحديثة تفاقمت أزمة التعليم لتبلغ حدا غير مسبوق، بعد أن كان التعليم – كما قرره النظر الخلدوني – مجالا موحدا و«صنعة أساسية من صنائع العمران» تصاغ ضمنه الشخصية الحضارية للجماعات، وانشطرت المؤسسة التعليمية إلى شقين: شق مدني يرمي إلى سعة الفكر في وجيز الوقت، وغايته القصوى التنمية، وشق ديني قاعدته تركيز قيم التراث ونظامه الاجتماعي ومقصده عقدي وخُلقي.

 

ولقد حاول التصدي لهذا الفصام رجال الإصلاح في البلاد العربية منذ منتصف القرن التاسع عشر بدرجات متفاوتة من الاهتمام.

 

لعل من أفضل ما دُون في هذا الباب تأليف نادر المثال للعلامة التونسي محمد الطاهر ابن عاشور الذي اختار له عنوان: «أليس الصبح بقريب؟».

 

ولقد اهتم المؤلف بهذا الموضوع في مطلع حياته العلمية قبل أن تتجه عنايته إلى تفسير القرآن والأصول والمقاصد إدراكا منه لمدى حساسية القضية وبالغ أثرها في حياة الناس ومستقبلهم.

 

وإذا كان الكتاب قد وُضع سنة 1910 إبان اضطرابات شلت التعليم لأشهر عدة في الزيتونة أقدم جامعة عربية إسلامية، فإنه لم يلمح إلى تلك الأزمة إلا لماما. وحرص المؤلف على معالجة فلسفية وحضارية لمسألة التعليم مع استيعاب لتاريخ المؤسسة لدى المسلمين والفرس واليونان وأوروبا الحديثة.

 

أليس الصبح بقريب؟

 

لكن السؤال الناظم لهذا الأثر بكل فصوله هو البحث عن أسباب فساد التعليم في بلاد المسلمين وكيف تتم معالجتها.

 

إننا إذا أردنا التركيز فإن هذا العمل الجليل الذي مر عليه اليوم ما يقارب القرن يظل معاصرا لأسباب عدة:

 

 – اعتماد معالجة خلدونية لقضايا المؤسسة التعليمية الإسلامية في سياقها الحديث. لذلك جاءت الرؤية متكاملة وغير مقتصرة على الاعتبارات المحلية بل منزلة ضمن سُنة حضارية تربط بين التعليم والعمران.

 

– التوصل من خلال هذه المعالجة إلى زوايا تحليل تتيح فهما أعمق وحلولا أكثر جرأة. إن أهميةُ هذا التمشي تكمن في ما يقدر عليه من تمييز في مستويات النظر بين المتعلق بنظام التعليم وإدارته وبين أساليب التعليم وطرق التبليغ وبين الخاص بطرق التفكير والمناهج.

 

– إقرار واضح بمركزية مسألة المؤسسة التعليمية ضمن التوجه الإصلاحي العام المنطلق من مبدأ: «تكرار الأصل ليس أصالة بل نسخ وتشويه». لذلك يثبت الشيخ ابن عاشور حدا للعلم فيقول: «هو ليس رموزا تُحَل ولا كلمات تُحفظ ولا انقباضا وتكلفا، ولكنه نور العقل واعتداله وصلاحيته لاستعمال الأشياء في ما يحتاج منها، فهو استكمال النفس والتطهر من الغفلة والتأهل للاستفادة والإفادة».

 

ظل هذا التأليف مخطوطا عند مؤلفه لم يُنشر على الناس إلا سنة 1968 بعد أن تغيرت أحوال المؤسسة بصورة كاملة، إذ ظهر تعليم مدني عالٍ همش المؤسسة العتيقة مُعرِضا عنها وعن مناهجها ومرجعيتها وعما بذله الشيخ من جهود إصلاحية غايتها الارتقاء بالتعليم.

 

اعتنت الكليات الجديدة ذات الاهتمام بـ «الإنسانيات» بـ «عبقرية المُحدَث» وحذق أفنان المعرفة الحديثة وبالاطلاع على إنتاج الفكر الكوني اطلاعا مباشرا؛ في حين انزوت الدراسات الإسلامية فيما تبقى من الزيتونة في معارف تقليدية تقتصر على نقل ما قاله المتقدمون مع إضافة بعض الفنون الجديدة كالفلسفة والتاريخ ظنا بأن ذلك يوجد مَلَكة علمية ويحصن الهوية الوطنية.

 

ما تحقق فعلا مع المؤسسة الناشئة هو استحكام أزمة النخب الجديدة التي تؤكد مفارقة المؤسسات التعليمية الحديثة في عجزها عن تجاوز الفصام الثقافي الذي يطالَب معه الخريجون ببناء روح وطنية تتمثل التراثَ وتجاربَ الماضي لكنهم يكونون في ذات الوقت مندفعين إلى ولوج الحضارة العصرية في ظروف استثنائية تلزم استغناءهم عن جانب مهم من خصوصياتهم الثقافية.

 

في الجانب الآخر لم يثمر حشد معارف جديدة إلى جانب أخرى تقليدية في توليد ملكة علمية وفكر معاصر، لم يظهر جدل بين الداخل والخارج المعرفيين والثقافيين، ولم تظهر معرفة متسقة تتجاوز النسيج المعرفي السابق من حيث التمكن والراهنية.

 

بين هؤلاء وأولئك لم يعر أحد اهتماما لمشروع «أليس الصبح بقريب؟»، على رغم النزعة التفاؤلية العالية التي حملها العنوان بخصوص إمكان التغلب على علل المؤسسة التعليمية الوطنية. لقد بقي هذا التوجه مغمورا في الأدراج طوال حياة المؤلِف ثم صار مهملا بعد وفاته.

 

أسس إصلاح المناهج التعليمية

 

اليوم حين ترتفع أصوات مطالبة بإصلاح التعليم الإسلامي توقيا من التطرف والتكفير لا نملك إلا أن نستحضر فذاذة هذا الرجل الذي بنى رؤيته الإصلاحية للمناهج التعليمية منذ زهاء القرن على مفاهيم ثلاثة: الغاية الحضارية – الإبداع – الموضوعية.

 

في المفهوم الأول يتـأكد التـلازم بـيـن عـنصرين في كل تـعليم سليم: تـكوين المَلَكة العلمية ضمن منظومة ثقافية منفتحة على الأفق العمراني. وفي هذا يقول ابن عاشور: «بإهمال الآداب والأخلاق اعتقد الناس أن العلم منحصر فيما تتضمنه القواعد العلمية كالنحو والفقه… فمالت طائفة من العلماء إلى الحفظ والاستكثار من فروع المسائل ومن عدد العلوم».

 

يرتبط ثاني المفاهيم بالوعي بأحد أهم أسباب تأخر التعليم في العالم الإسلامي: إنه «غياب حرية النقد الصحيح في المرتبة العالية وما يقرب منها، وهذا خلل بالمقصد من التعليم، وهو إيصال العقول إلى درجة الابتكار ومعنى الابتكار أن يصير الفكر متهيئا لأن يوسع المعلومات ولا يكون ذلك إلا بإحداث قوة حاكمة في الفكر».

 

أما الموضوعية فهي لا تنبثق إلا عند التمييز بين ما هو من متطلبات الأهداف القريبة للتعليم وما هو من لوازمه الغائية. يقول صاحب الصبح القريب: واجب التعليم هو «التدريب على العمل وحب التناسب في المظاهر كلها وإدراك الأشياء على ما هي عليه والتباعد عن الخفة والطيش وعن الجمود والكسل وسوء الاعتقاد في الأمور الوهمية بحيث يكون العدل في جميع الأشياء صفة ذاتية».

 

من هذا المفهوم الثالث بالذات تبرز حقيقة التحدي الذي يواجه النخب الجامعية اليوم في تعاملها مع ثقافتها وخصوصياتها في سياق عولمة متوحشة.

 

أخطر ما في هذا الفصام التعليمي – الثقافي هو عدم الاتفاق على دلالتي الموضوعية العلمية والانتماء الثقافي.

 

في هذا المستوى من البحث تُطرح جملة أسئلة، منها قسم للنخب الحداثية:

 

* لأي غاية نؤطر تعليم الدين أو الظاهرة الدينية بعلوم الحداثة في البلاد الإسلامية؟

* حين ننطلق من مقولة: النص المقدس نص تاريخي أساسا معتبرين أنه يحول بين عقول المسلمين وبين الانفتاح على العصر بمعارفه ومناهجه، حين نفعل هذا ألا نكون قد اعتمدنا موقفا قبْليا من الإسلام، وهل نكون عندئذ ملتزمين بشروط الموضوعية والحياد العلمي؟

* هل كل ولاء ثقافي وكل انتماء عقدي مناهض للبحث العلمي الجاد؟

 * أليس من التعسف القول إن هناك مستوى واحدا من الموضوعية؟

 

أما النخب التراثية فينبغي توجيه ما يأتي إليها:

 

*      هل الحرص على الهوية الثقافية يستلزم إنكار القول إنها مكونة من جملة عناصر مختلفة وإنها دوما في حالة تشكل وحراك؟

* أيجوز لنا علميا أن نعتبر أن التراث حاوٍ للتاريخ والواقع المستجد في آن؟ وكيف يتأتى عندئذ تفسير حالة تعطل المؤسسات الجامعية التقليدية وعجزها عن الإبداع الفكري والعلمي؟

*      أليس من الخلط اعتبار المطالبة بالتجرد لاكتشاف «تاريخية» فَهْمٍ ما لنص مقدس اعتداءً على إيمان المؤمنين؟

    * أليس من جوهر الإيمان النظر إلى أن النص لكونه مقدسا فإنه يظل أوسع من فهم واحد؟

 

في كلمة.. إن تحري الموضوعية المعرفية في التكوين الجامعي أمر أساسي لكن اشتراط التجرد من كل أثر للمقدس عند إنجاز أعمال جامعية وفكرية حديثة تعسفٌ باسم العلم. إنه إقرار بأن الموضوعية لها وجهة واحدة، وهو إصرار على الفصام النكد الذي لا يسعى إلى تقريب ساعة الصبح من مؤسساتنا الجامعية.

 

(*) كاتب وجامعي تونسي

 

(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 24 فيفري 2008)

 

نصف ليبرالي
 
خالد شوكات (*)   ما يزال تعامل العرب, عامة وخاصة, مع الأفكار والايديولوجيات والتوجهات السياسية, غير مختلف بعد عن تعاملهم, منذ ظهورهم كشعب وأمة قبل آلاف السنين, مع انتماءاتهم القبلية والطائفية والطرقية, فالتيار الفكري أو الحزب السياسي أو التوجه الايديولوجي, ليس في نظر القادة والأعضاء, أو بالأحرى في وجدانهم العميق ولا وعيهم, إلا شكلا جديدا معاصرا للقبيلة, الشيخ والرعية والتعصب الأعمى.   هذا المرض العضال الذي يعاني منه بشكل مزمن العقل السياسي العربي, لم يمس فقط أصحاب الأفكار والعقائد الشمولية, القومية والإسلامية مثلا, بل أيضا أصحاب الأفكار الحداثية والعلمية والليبرالية كذلك, فعلى الرغم من أن هذه الأفكار نسبية كما هو مفترض فيها, وكما هو عنصر تميزها عن غيرها, فقد تحولت عربيا إلى أفكار إطلاقية, لها حدود معروفة لا يجوز الخروج عليها, أو لقادتها أحكام صارمة يكفر من ينتقدها.   الانتماءات الفكرية والسياسية عربيا, هي انتماءات قبلية, الحدود بينها نهائية وصارمة, والتداخل بين مكوناتها مستحيل, فصاحب الفكر والموقف السياسي يجب أن يكون كالفرد في القبيلة, من عبس أو من غطفان, من بني عامر أو من ذبيان, أما أن يكون جامعا بين قبيلتين, خؤولة وعمومة مثلا, فخيانة لولاء لا يتجزأ, وتخل عن عداوة ضروس لا عيش من دونها, و العرب المعاصرون مخيرون بين أن يكونوا ليبراليين أو إسلاميين, شيوعيين أو قوميين, وأي محاولة لتعديل الحدود جازمة الترسيم بين القبائل الفكرية والسياسية, لا يمكن أن يكون إلا عملا من أعمال العملاء والشياطين.   والانتماءات الفكرية والسياسية العربية, هي انتماءات جينية ودموية, تماما كما الانتماءات القبلية التليدة, لا يمكن تغييرها أو مراجعتها, فكل عربي إنما يولد إسلاميا أو قوميا عربيا أو شيوعيا أو ليبراليا, وليس له إلا أن يستمر كذلك طول حياته مخلصا وفيا, فإذا ما حدثته نفسه بمراجعة أو تغيير, جزئي أو كلي, أو بنقد ذاتي أو موضوعي, فجزاؤه الويل والثبور والعار, يلاحقه من الأصدقاء والأعداء ما بقي من أيام في حياته.   وخلافا لعلاقات القبول المشترك والتسامح الذي يحكم الصلة بين التيارات الفكرية والسياسية في الدول الديمقراطية, الغربية وغير الغربية, فإن الأصل في الصلة التي تحكم العلاقات بين القبائل الفكرية والسياسية العربية, هي العداوة والثأر والتخطيط المتواصل لإبادة الخصم, فإذا ما استبد تيار ما بالسلطة فإن سيرته ستكون العمل على اجتثاث الآخرين, و إذا ما صور زعيم تيار لأتباعه الآخر, فإن القاعدة هي أن نكون أو يكونوا, ولا مجال لتعايش  أبدا بين الاثنين.   وقد أضحى حال الكثير من المثقفين العرب في صلتهم بالتيارات الفكرية والسياسية التي ينتمون إليها, حالة احتماء, فمن لا تيار أو حزب له, صعلوك لا قبيلة له, ولا أحد يجيره, ومفارقة القبيلة الفكرية أو السياسية, تعني التيه في الصحراء بلا مأوى أو حماية, عرضة لإغارة المغيرين واستباحة المستبيحين, ولهذا فإن المراجعة الفكرية أو النقد السياسي تضحي مغامرة مكلفة عمليا تهدد بحرمان المريد من عطف الشيخ, وبتجريد العاصي من كافة امتيازات الحماية والولاء والانتماء.   وسلوك أتباع القبائل الفكرية والسياسية العربية, محكومة أيضا بذات قواعد النصرة القبلية ذائعة الصيت, انصر أخاك ظالما أو مظلوما, وأنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب, وشيخي لا ينطق عن الهوى, والعرب إما مقاومون أو خونة, وإما أعداء للولايات المتحدة أو عملاء لها, و إما مأجورون لواشنطن أو قابضون من طهران.   وقد وجدت لدى التيارات الفكرية والسياسية العربية الرئيسية, أي الإسلامية والقومية والشيوعية والليبرالية, منطلقات التفكير ذاتها تقريبا في تعاملها مع بعضها, فهي جميعها نشأت من مؤامرات خارجية, الإخوان المسلمون صنيعة المخابرات البريطانية, والشيوعيون صنيعة المخابرات الروسية, والقوميون صنيعة أعداء الخلافة الإسلامية, والليبراليون عملاء ومأجورون, وفي نسختهم المتأخرة موظفون لدى دوائر الاستخبارات الأميركية.   لا أحد لدى العرب في نظر العرب, يكتب تعبيرا عن نفسه, فالكل مأمور مدفوع له من الداخل أو الخارج, و لا أحد لدى العرب في نظر العرب, يفكر من ذاته ووفقا لقناعاته, بل سعيا وراء دولارات أو تومانات أو ريالات, والذي ينشر مقالا في جريدة يتحول إلى عميل لبلد الجريدة, والذي يطبع كتابا أو يشرف على موقع إلكتروني أو قناة تلفزيونية يصبح أجيرا لجهة أجنبية, بلا شرف أو ذمة.   الأفكار والتوجهات السياسية في العالم العربي, ليست كما في بقية أنحاء العالم, تعبيرات عن مكونات ثقافية وتراكمات تاريخية وتأملات عقلية ومصالح اقتصادية واجتماعية, بل هي مخططات مخابراتية وأجندات أجنبية ومؤامرات إستعمارية ودسائس امبريالية, وكأن العرب أمة بلا تراث ديني أو أساس قومي أو مسعى طبيعي للعدالة الاجتماعية أو تطلع لنهوض حضاري وتحرري.   والعرب خلافا لشعوب كثيرة لا يحترمون من لديه رغبة دائمة في المراجعة والتغيير والنقد, مسكونون في غالبيتهم بهواجس ومخاوف وعدم ثقة في النفس والآخر معا, ولهذا فإن مقاييس الفكر والسياسة عندهم بالكيلوغرام والسنتيمتر, وأصحاب الفكر والسياسة بالوزن والطول يقيمون, فمنهم الأشراف والمنبوذون, ومنهم الخاصة والعامة, ومنهم الموقرون والمذمومون.   ومن أطرف التعليقات التي قرأتها, وهي لأحد أشراف مكة « أبو سفيان », الذي نهض من قبره المجهول في شعاب مكة ليقرأ مشكورا أحد مقالاتي, أنني  » إسلامي سابق » و »نصف ليبرالي » و » قد استيقظ ضميري مؤخرا » لأنني كتبت ذاما لإسرائيل مناصرا لفلسطين, وعلى نحو الملحوظ فإن الرجل يستبطن كعرب كثر ثلاثة أمور, أولها أن « الإسلاميين » لا يتغيرون, و »أن الليبراليين الأقحاح معروفون », و » أن من رأى في إسقاط صدام بعض الخير » قد تخلى عن ضميره وباعه شيكا على بياض للأميركان.   وفي التعليق فرصة على أية حال لإيضاح ثلاثة أمور أيضا, لا مناص من إيضاحها: أولها أن مراجعتي لانتمائي الإسلامي شيء يحسب لي لا علي, فقد وجدت في نفسي الشجاعة الكافية لكي أكون نفسي لا مريدا مقلدا, ولكي أحتمي بفكري وقلمي وهما حسبي, ولا أحتمي بحزب عقائدي يجيرني, وقد أعدت بناء فكري من منطلق ذاتي صرف, لا طلبا لحماية قبيلة جديدة, ولا سعيا لنيل اعتراف من أحد, كما أنني لست أخجل حين أقول إنني ما أزال فخورا بكوني مسلم, أرى في الإسلام قناعة دينية شخصية وصلة بيني وبين ربي, أما الوطن فللجميع, وأما السياسة فللناس, هم أدرى بشؤون دنياهم.   وثانيها, أن الليبرالية, ليست أنصافا وأثلاثا وأرباعا, إنما هي أسس عامة جوهرها الاقتناع بمبادئ أساسية هي العقلانية والنسبية والديمقراطية والعلمانية, أما تطبيقاتها على القضايا العربية فلا شك أنها ستظل محل خلاف وجدل بين الليبراليين العرب, المنقسمين انقساما طبيعيا, كما في سائر أنحاء الدنيا, حيث يوجد ليبراليون, وكما هو شأن غيرهم من التيارات الفكرية, فالقوميون أو الشيوعيون أو الإسلاميون العرب, ليسوا أيضا من صنف واحد أو على قلب رجل واحد.   أما آخرها, فمتعلق بفرية اتهام الليبراليين بالتخلي عن القضية الفلسطينية, وهي فرية ناتجة عن عقل عربي مانوي سقيم, ينظر إلى قضايا الناس وفقا لمعايير ثنائية عقيمة, فالليبراليون للتاريخ هم من قاد حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار في سائر أنحاء العالم العربي, ولا أحد بمقدوره أن يزايد عليهم في هذا المجال, تماما كما أن الخلاف بين الليبراليين وغيرهم فيما يتعلق بقضية تحرير فلسطين, لا يكمن في النظر إلى جوهر القضية باعتبارها حالة تحرر وطني, إنما يكمن في إدراك الأساليب والوسائل المتبعة في تحقيق أهداف هذه القضية, وهو خلاف صاحب كل حركات التحرر في كل مكان في العالم.   (*) كاتب تونسي   (المصدر: صحيفة « السياسة » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 24 فيفري 2008)

هل نحن موشكون على إغلاق حقبة وافتتاح أخرى؟

 
صالح بشير (*)   هناك إذاً حياة خارج استبداد العسكر وإرهاب المتطرفين (انتخابات باكستان). هناك إذاً مآل وأفق غير دمار العنف الأهلي المتمادي بلا قرار والوقوع بين براثن دولة كاسرة (استقلال كوسوفو). هناك إذاً حيز ثالث، يعيد اختراع الطوبى، بين يسار نظيرٍ مطابق لليمين أو يكاد، ويمين نظير مطابق لليسار أو يكاد (حملة الانتخابات التمهيدية الأميركية وبروز ظاهرة أوباما)…   لسنا ضرورةً على أبواب انعتاق، يعيد إلى السياسة بعض ألق (لم يكن، على أية حال، سمتها الفارقة إلا نادرا ولماما) ويربأ بها عن أن تكون محض تسيير أو مسايرة لحالة قائمة، لجمود ليس مشرعا، تغييرا، إلا على احتمالات الكارثة، ولكن أمارات بدأت تلوح، جاءت بها الوقائع الثلاث الآنفة الذكر وأخرٌ بدأت تتبدى هنا وهناك، توحي بأن حراكا ما بدأ يدبّ في هذا العالم.   صحيح أن المستجدات المذكورة قد يشوبها ألف استدراك وقد يعكرها ألف تحفظ، ولكن مزيّتها أنها تقدم الدليل على أن التاريخ أو الاجتماع البشري، محليا كان أم معولما، ليسا عديميْ الخيال بالقدر الذي خُيّل لنا في السنوات الماضية، والتي تمادت حتى بدت لنا أبدا، منذ الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) أو منذ خروج البوشية إلى العالم أو وفق أي تحقيب آخر نرتئيه. صحيح أنه كان يمكن لانتخابات باكستان أن تكون صريحة النتائج أكثر، تمعن في إضعاف الجنرال مشرف حتى إخراجه، تمدّ معارضيه بأغلبية ناجزة ترسي تحوّلا، ولكن الناخب الباكستاني اجتهد في حدود المتاح، فكسر حتمية كان يبدو أن لا فكاك منها، قوامها الاختيار بين استبداد العسكر وتمكين التطرف والحرب الأهلية، واجترح طريقا ثالثة وأعاد إلى الواقعية بعض نبلها وهي التي كثيرا ما امتُهنت، في زمننا هذا، مفاضلةً كالحة بين شرّيْن.   وصحيح أن استقلال كوسوفو كان يمكنه أن يكون افتراقا بالتراضي لا فعل أمر واقع، مخالفا للقانون الدولي (إن أخذنا هذا الأخير بحرفيته) يتوجسه حتى بعض من قد يتعاطفون معه، دولا وبلدانا تخشى تبعاته مثالَ انفصالٍ يلهم أتراكها (قبرص) أو باسكها (إسبانيا)… الخ. ولكنها المرة الأولى، منذ أمد، التي يظهر فيها شعب جديد إلى الوجود، دولة وسيادة، فيحتفي العالم، أو جله الفاعل، بظهوره ذاك، معيدا إلى مبدأ «تقرير المصير» اعتباره في الحياة الدولية بعد أن كانت سياسات القوة قد استتبت سافرةً فنالت منه وازدرت به.   وصحيح أن مسعى باراك أوباما قد لا يصل إلى منتهاه وأنه إن نجح في نيل ترشيح الديموقراطيين فإنه من المستبعد، إلى درجة التعذر ربما، أن ينال تفويض الأميركيين، عندما يجد الجدّ، أي في الرئاسيات، وصحيح أن قوله قد لا يتعدى حرارة الخطابة وأن برنامجه فقير أو غير محدد المعالم وغير مقنع، ولكن ما يبدو متحققا حاصلا أن مغامرة المرشح الخلاسي قد أفصحت عن أميركا لم تكن متوقعة، أميركا ما عادت تتعرف على نفسها في رجال المؤسسة ونسائها، في ثنائية حزبية ضمرت الفوارق بين طرفيها، رؤية ووعودا، فاستحال الصراع بينهما من مقارعة أفكار إلى تنافس على الإغراء بواسطة «الصورة» وفنون الاتصال، أميركا تسعى إلى تجاوز واقع الانقسام العرقي وإجحافه المقيم، عاد إليها، أو إلى بعض أوساطها التي التفت حول أوباما، نفس من تحرر واستعادت توقا إلى السخاء، يستحضران ستينات القرن الماضي، حقوقها المدنية وانفتاحها الكوني.   هي إذاً تباشير عودة إلى التاريخ، أو عودة التاريخ، بما هو ارتياد لغير المألوف، ومغامرة اجتراح مصير. إذ لم يكن خاطئا تماما الخطأ فرانسيس فوكوياما عندما أطلق نبوءته الشهيرة حول «نهاية التاريخ» فأثار سخرية كل ذي حس سليم وحماس جموع الانتلجنسيا الرثة، تستهويها الوصفات الجاهزة. لقد عشنا شيئا من ذلك خلال العقد المنصرم أو ما يدانيه، وإن لم يكن على نحو ما توقعت يوتوبيا المفكر الأميركي-الياباني، رخاء اقتصاديا عميما وديموقراطية مستتبة في أرجاء الكون، ولكن واقعا كابوسيا أو أقرب إلى الكابوس.   لقد شهد ذلك العقد ما يمكن وصفه بـ»تعليق التاريخ»: استتب أنموذج واحد وحيد، فلا وجود ولا خلاص خارجه، فانعدمت ملكة الاختيار أمام الأفراد والجماعات، وتمكنت حتمية السوق، غاشمة صارمة وملزمة أكثر من أية «حتمية تاريخية» كانت الإيديولوجيات السابقة قد زعمت أنها أداتها، فحيث كانت الأخيرة فعلا قسريا مسلطا على الأفراد والجماعات من خارجها، استوت الأولى شرطا إنسانيا، أو ما يقوم مقامه، للبشرية المعاصرة، لكائن وحيد البعد هو «الكائن المستهلك»، الموغل في الفردية، وهذه أضحت مجرد نهم متعوي، حتى اهتزاز أواصر الاجتماع أو انصرامها. استبدت الرتابة بالفضاء العام حتى فقدت السياسة معناها، إذ أضحت لا تتيح خيارا، أي كفت عن أن تكون آية امتلاك الفرد لمصيره، فإذا هذا الأخير يقبل عليها إقباله على البضائع، يتوهم أنه يختار في حين أنه نهب لردود فعل تستثيرها لديه تقنيات التسويق. سادت وهيمنت على الصعيد الكوني قوة عظمى وحيدة، تنفرد بالسيادة على العالم، وبقرار الحرب والسلم، وبإملاء القانون وبالنطق بالشرعية، واستوت في كل ذلك مرجعية ومرتبة معيارية، وإن بالقوة السافرة، فأضحى الاعتراض عليها انشقاقا وإجراما يُعاملان بصفتهما تلك، أي خارج ما استقر أعرافا وقوانين دولية، من احتلال العراق إلى معتقل غوانتانامو. كف المعترض عن أن يكون عدوا، بالمعنى التقليدي في العلاقات وفي الصراعات الدولية، يقترح شيئا مغايرا أو يصدر عن موقف مختلف، لا سبيل إلى حسمه إلا بقوة السلاح، «امتدادا للسياسة» (وفق قول شهير)، كي يصبح مجرما خارج القانون، أي لا سياسيا، أي مارقا حيال نصاب مرجعي ويزعم انفراده بالمرجعية (ومن هنا مصطلح «الدول المارقة»)، يضع المعترضين عليه خارجه، فيجرمهم أو يوكل أمر الاعتراض ذاك إلى من يتوخون الإجرام ويحصره فيهم، شأن تنظيم القاعدة.   نتاج كل ذلك، كان زوال السياسة و»تعليق التاريخ»، ضيّقا مجال الاختيار أو ألغياه… وطبعا هذه الحقبة. حقبة قطباها إدارة جورج بوش وتنظيم القاعدة، رمز الانفراد بمقدرات العالم ورمز المروق عليه إجراما…   فهل ترانا مقبلين على نهاية تلك الحقبة؟ بعض ما يعتمل في العالم، ضامرا جنينيا، قد يبشر بذلك.   (*) كاتب تونسي   (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 فيفري 2008)

الشيخ القرضاوي وقضاياه مجدداً

 
محمد الحداد (*)   عادت قضية الرسوم الدانماركية إلى واجهة الأحداث من جديد، ومعها قضية النائبة الهولندية السابقة أيان هيرسي علي التي عرضت قضيتها أمام البرلمان الأوروبي، ومعها قضية الكاتبة البنغالية تسليمة نسرين التي حجبتها السلطات الهندية عن الأنظار بعد مظاهرة عنيفة نظمتها ضدها مجموعات متشددة تنديدا بالسماح لها بالإقامة في الهند. وليس من المستبعد أن تنبش قضايا أخرى عديدة في الأيام القادمة. وقد بات واضحا أن الخطط التي اعتمدتها الأوساط الإسلامية النافذة لم تكن مجدية وآلت إلى الفشل الذريع. وقد اخترقت خطوط الدفاع بسبب إصرار بعض رجال الدين على قيادة معركة لم يكونوا مؤهلين لها. يمكن أن تدافع عن حقك في الغرب بالالتجاء إلى القوانين والمحاكم والتظلم من العنصرية ومن إثارة الأحقاد بين البشر، كل ذلك بعيدا عن العنف بكل أنواعه. إما إذا جئت ملوحا بأحكام الشريعة وحاملا كتاب «الصارم المسلول على شاتم الرسول» فستفشل حتما لأن المجتمعات الغربية مجتمعات علمانية قائمة على القوانين العقلية، والأحكام الكنسية ليست مرجعا في قضاياها العامة، فما بالك بالأحكام الفقهية التي لم تعرفها هذه المجتمعات إلا مع موجات الهجرة، وما زالت تنظر إليها برواسب قرون من الحروب والمنازعات.   فارقٌ أن تكون عالما بحواشي الفقهاء وأقوال الأقدمين وأن تكون عارفا بالمجتمعات الغربية وأنظمتها وآليات التأثير فيها. كان الدفاع عن العرب والمسلمين يتم حتى التسعينات ضمن منظمات حقوق الإنسان وجمعيات مناهضة العنصرية، لكن المد الإسلامي الذي اكتسح أحياء المهاجرين ألبس التمثيلية الاجتماعية لبوسا دينيا فتعقّد الوضع. خرج من كتب التراث قادة الغوغاء الذين لم يزدهم تبحرهم في كتب القدامى إلا عجزا عن فهم أوضاع المحدثين. منذ قضية سلمان رشدي إلى اليوم لم تكن نتائج ردود الفعل إلا بعكس المطلوب. الردود العنيفة أصبحت أفضل دعاية لانتشار النصوص والرسوم وإشهار أصحابها، ناهيك عن أن البعض أصبح يمارس لعبة إثارة الفتاوى ضد نفسه عن روية وقصد كي ينعم بالشهرة والمجد.   رسم صدر في صحيفة دنماركية مغمورة أصبح معروضا على أنظار عشرات الملايين من البشر بسبب الضجة التي أحدثها بعض المسلمين بأنفسهم. وبدل الصحيفة الواحدة بادرت 13 صحيفة أخرى لإعادة نشر الرسوم. كتابات تسليمة نسرين وهيرسي علي وغيرهما لم تكن لتتجاوز بعض المئات من النسخ لكن الغوغائية قامت بما تعجز عنه أكبر وسائل الدعاية في العالم. جملة عرضية وردت في محاضرة البابا أصبحت تحدد مسار العلاقة بين المسلمين والمسيحيين.   ما من شخص مغمور يعبر عن رأيه إلا ويهب دعاة الغوغائية لتحويله بطلا للفكر وحرية التعبير. ألا تكفي كل هذه الخيبات لتبدأ عملية المراجعة والتقييم؟   استمعت إلى الشيخ القرضاوي في حصته الدينية الأسبوعية (17/02/2008) يدعو إلى الهدوء ويطلب من «الأمة» أن لا تنزل هذه المرة إلى الشوارع، وأن لا تستعمل العنف، ويراهن على «عقلاء» الغرب لإيقاف الإساءات المتكررة للمسلمين. تذكرت الموقف الذي اتخذه سابقا حول الرسوم وكنت قد علقت عليه بالاعتراض على هذه الصفحات. فهل الكلام الجديد دليل وعي وتقييم ومراجعة؟ ربما. لكن لا يكفي أن يقال اليوم عكس ما قيل بالأمس، لأن الضرر قد حصل وعم وانتشر. على المتسببين فيه أن يعلنوا صراحة أنهم أخطأوا المرمى وورطوا المسلمين بدعوى الدفاع عنهم. ولا نطلب الاعتراف بالخطأ السابق من باب النكاية ولكن لسبب تربوي. نريد أن يفهم المتحمسون من الشباب أنهم غير مطالبين بالاقتناع بكل ما يعلنه شيوخ الفضائيات وما يقولونه وأنهم غير مطالبين بتنفيذه. فهؤلاء بشر يصيبون ويخطئون في آرائهم، وكثيرا ما يؤهلون أنفسهم للخوض في قضايا تتجاوز معارفهم، حتى أننا نراهم يفتون في الطب وعلوم الفضاء. إنهم يوهمون بأن كتبهم التي حُررت في عصور بائدة تحتوي على كل العلوم ويمكن أن تحل مشاكل العصر الحديث. والانصياع لكل ما يقال ويعلن دون استعمال الروية وتغليب العقل سوف يزيد من التأليب على المسلمين والإساءة للإسلام وتوسيع دائرة الخصوم، بل سيزيد من الفتن داخل المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة نفسها.   وهذا جميعا يصرفنا عن قضايانا الرئيسية مثل التنمية ورفع الأمية ونشر العلم ومحاربة الفقر ودعم المواطنة والاستقلال. وهذا جميعا يزيدنا تهميشا في الحضارة الحديثة التي ستعادينا بقدر إصرارنا على معاداتها.   كلمة أخيرة حول تصريحات أسقف الكنيسة الانغليكانية الأخيرة: إني لم أر فيها تمجيدا للمسلمين ولا تعاطفا معهم، بل هي أقرب إلى أن تكون عكس ذلك. الخلفية واضحة: المهاجرون المسلمون عجزوا على أن يندمجوا في قوانين المتحضرين والمتمدنين، اتركوهم يطبقون قوانينهم وامنحوهم هذا الاستثناء كما تمنح الاستثناءات إلى أصحاب العاهات. هذا موقف لا يمكن أن يسرني ولا أن اعتبره مكسباً لي.   (*) كاتب تونسي   (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 فيفري 2008)

كوبا بعد كاسترو .. ماذا بعد تنحي الزعيم الكوبي عن الحكم؟

 
توفيق المديني القائد التاريخي للثورة الكوبية فيدل كاسترو  أعلن يوم الثلاثاء الماضي ، تنحيه النهائي عن الحكم، في رسالة هادئة لم يشأ أن تكون وداعاً، طاويا بذلك  صفحة طويلة من حياته ومن تاريخه، بل لنقل فصلاً من تاريخ كوبا والعالم المعاصر.واستقبلت واشنطن هذا الإعلان بفتور حيث اعتبر الرئيس الأميركي جورج بوش أنّ « هذا الانتقال (للسلطة) يجب أن يؤدي في نهاية الأمر إلى انتخابات حرة ونزيهة… وليس ذلك النوع من الانتخابات المعدة سلفا، التي كان الأخوان كاسترو يحاولان خداع الناس بها على أنها انتخابات حقيقية ». قليلون هم الذين يعلمون  أن الولايات المتحدة كانت الدولة الأولى التي اعترفت بالثورة الكوبية. لكن ذلك الاعتراف تحوّل إلى عداء كامل نتيجة الأسلوب القمعي الذي اعتمده كاسترو في التعامل مع الذين اعتقلهم من أنصار الدكتاتور المخلوع باتيستا، ثم بأسره أكثر من ألف جندي أميركي خلال أزمة « خليج الخنازير »، وهو ما دفع واشنطن الى فرض حصار عليه لا يزال قائماً. و كان الزعيم الكوبي فيديل كاسترو البالغ من العمر 82 عاماً قد تنحى « مؤقتاً » عن الحكم نتيجة الحادث الصحي  الخطير الذي تعرض له  في26 يوليو/تموز2006 ،وخضوعه  لعملية  جراحية « معقدة » في الأمعاء ،حيث لم يعلم بذلك إلا شقيقه وأطباؤه ، فتسلم  السلطة مؤقتا  شقيقه  راوول كاسترو. و كانت هذه أول مرة منذ الإطاحة بالدكتاتور السابق باتيستا حليف أمريكا ، و دخوله المنتصر إلى هافانا مطلع عام 1959، و استلامه  مقاليد السلطة فيها بعد نجاح الثورة الكوبية ، يسلم كاسترو قيادة الحزب الشيوعي الحاكم، ومنصب  قائد القوات المسلحة، و رئيس  المجلس التنفيذي  للدولة لراؤول شقيقه. من المتوقع أن ترشح الجمعية الوطنية ( البرلمان) راؤول كاسترو 76 عاما ليخلف شقيقه, رغم أن احتمالات ترشيح آخرين بينهم رئيس البرلمان ريكاردو الاركون ووزير الخارجية فيليبي بيريز روكي وسكرتير مجلس الدولي كارلوس لاخي مازالت قائمة.‏ طيلة 48 سنة من حكمه ،تحدى الزعيم الكوبي  واشنطن و الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية على بلاده لأكثر من أربعة عقود.ولم يتمكن عشرة رؤساء أمريكيين و 13 إدارة حيث  أن بعضهم انتخب مرتين- من إسقاط فيديل كاسترو المتحصن في جزيرته البعيدة عن السواحل الأمريكية  بنحو 60 ميلا بحريا، يتحدى و يقارع الإامبريالية الأمريكية بنفس الحماس الثوري ، الذي كان يتمتع به عندما دخل مظفرا  إلى هافانا في كانون الثاني 1959، قبل أن يفرض حكما ثوريا على ثلاثة أجيال من الكوبيين. لقد استطاع أن يهزم عشرة رؤساء أميركيين من دوايت ايزنهاور إلى جورج بوش الابن لمجرد أنه بقي في هافانا على رأس الثورة التي عبر عن التزامه المطلق بها ذات يوم بشعاره الشهير: الاشتراكية أو الموت. لكنه لم يستطع في النهاية أن يقاوم هزيمته أمام المرض رغم اعترافه في كلمة التنحي عن السلطة أن هذه المعركة الصحية التي يخوضها هي جزء من معركته مع الولايات المتحدة التي يصفها بالخصم الذي فعل كل شيء ليتخلص مني ولذلك كنت مترددا في التجاوب مع رغبته.‏ يتذكر جيلان من القرن العشرين على الأقل  أسبوعا حاسما بين 22 و 28 أكتوبر /تشرين الأول عام 1962، كاد أن يقود إلى نشوب نزاع نووي بين القوتين  الأعظم: الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفياتي. فتم احتواء أزمة الصواريخ السوفياتية  الموجهة على الولايات المتحدة الأمريكية من الجزيرة بفضل  تحلي الرئيسين جون كينيدي و نيكيتا خروتشوف بضبط النفس. و في المقابل  تخلت واشنطن عن استخدام  القوة لقلب نظام الحكم الثوري في كوبا، و ذلك بعد سنة  من محاولة قامت بها وكالة المخابرات المركزية(سي.آي.إيه)و آلت إلى فشل ذريع في عملية خليج الخنازير لإنزال قوات قوامها 1400 من مناهضي كاسترو. لم يكن كاسترو قائدا شيوعيا في بداية حياته الثورية بل كان محاميا وطنيا مناهضا للسياسة الأمريكية و متأثرا كثيرا بأفكار الثورة الفرنسية ، ولا سيما أفكار مونتسكيو. وقاد الحماس الثوري لهذا المحامي الشاب أن يقتحم المجال السياسي  في السادسة و العشرين من عمره، ما دفعه في 26 تموز 1953 إلى تنظيم عملية الهجوم على ثكنة مونكادا انتهى بمقتل عدد كبير من رفاقه.  لكن يبدو أن العداء البهيمي الذي تكنه أمريكا للثورة الكوبية دفعه لاعتناق الشيوعية وهو في بداية حكمه، الأمر الذي جعله يقيم تحالفا استراتيجيا و قويا مع الاتحاد السوفياتي دام ثلاثين سنة.وانتهت عملية تصدير الثورة الكوبية إلى بلدان أمريكا اللاتينية ، و تصدير الجنود الكوبيين لنصرة الحركات الوطنية التحررية التي استلمت السلطة في كل من أنغولا و الموزامبيق وأثيوبيا و الصومال إلى الإخفاق الكامل في نهاية الثمانينيات و التسعينيات، إذ تحولت تلك البلدان الإفريقية التي اعتنقت الإيديولوجيا الماركسية  إلى بلدان حليفة لأمريكا.  مع نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي ومعه تجربة الاشتراكية المشيّدة، لم يستلهم كاسترو الدروس من تجربة « الأحزاب الشقيقة » في الصين و فيتنام ، بل أصر على عدم تقديم تنازلات للرأسمالية في حين يرزح الا قتصاد الكوبي الذي يعاني من حصار أمريكي شديد منذ العام 1962، تحت بيروقراطية قمعية تقنن النقص المستمر في المواد الأساسية. لقد وجدت كوبا رئة جديدة تتنفس منها الأوكسيجين متمثلة بفنزويلا هوغوشافيز، التي تحولت إلى حليف رئيس، و شريك تجاري للجزيرة الشيوعية ، إذ يقدم الريئس شافيز نفسه أنه الوريث الروحي  لفيديل كاسترو.  من الناحية النظرية ، الخلافة للزعيم الكوبي تمت تسويتها منذ زمن بعيدلمصلحة شقيقه الأصغر راؤول كاسترو ، الذي يعتبر ساعده الأيمن ، بوصفه وزيرا للدفاع  الذي يسيطر على الجيش البالغ قوامه 150 ألف فرد ،و الشرطة. ومعروف عنه أنه أكثر قسوة من شقيقه، ولكن أكثر عملية.و منذ عام 1956، الشقيقان كاسترو لا ينفصلان. ومنذ نجاح الثورة الكوبية  عام 1959 ، توزعت أدوارهما بوضوح ، إذ أشرف راؤول  على جهازالاستخبارات، والقيام بالأعمال الحقيرة ،ومراقبة شقيقه الأكبر الذي كان ضحية نحو 650 محاولة اغتيال من قبل الـ »سي أي ايه »،   والقضاء على « أعداء الثورة ». وتولّى فيديل، الخطيب البارع، وعظ الحشود وتحريض الشعب ضد   الأميركيين. وكان  راؤول في تكوينه الأساسي شيوعيا منذ أن كان طالبا،على عكس فيديل الذي كان اشتراكيا. فقد تعرف راؤول إلى بعض الجواسيس الروس عندما تدرب  مع بقية الثوار في المكسيك، وكانت تلك بداية التعاون الوثيق بين كوبا و الاتحاد السوفياتي.و بينما ركز فيديل على الجانب الإيديولوجي في العلاقات مع الاتحاد السوفياتي ، ركز راؤول على الجانب الاستخباراتي.وعندما أصبح فيديل أمينا عاما لحزب الثورة الاشتراكية، أصبح راؤول نائبا له.وبعد عشر سنوات من الثورة، عندما تحول الحزب إلى الشيوعية، أصبح فيديل أمينا للحزب الشيوعي الكوبي،و أصبح راؤول نائبا له.و عندما وضع دستور جديد في السنة عينها، أصبح كاسترو رئيسا للجمهورية،و أصبح راؤول نائبا له. عاشت كوبا 45 سنة من الحصار مع فيديل ، و أصبحت حياة الكوبيين تقتصر على ثلاثة أفعال:السرقة،والهروب بحرا، و الرضوخ.  وبعد تنحي كاسترو،من الضروري أن يعطي راؤول نفحة جديدة من الحرية الاقتصادية للكوبيين على الطريقة الصينية. إن كلمة « إصلاح » ممنوعة هناك. فسيضمن راؤول بقاء الحزب الشيوعي حزبا وحيدا و حاكما، لكنه سيعلن سياسة السوق المفتوح، و يطلق أيدي المستثمرين الكوبيين، و يفتح الباب أمام رؤوس الأموال الأجنبية. لكن راؤول  بسبب كبر سنه، و مرضه، و إدمانه على الكحول ، لن يقدر على أن يستمر في الحكم لمدة طويلة.فهو رجل مرحلة انتقالية. هناك علامات استفهام كثيرة تحيط بمصير النظام الذي يتركه فيديل كاسترو وراءه في هافانا، وكذلك مصير اشتراكية الفقر،إذ ينبع الخوف الحقيقي لفيديل كاستروبعد رحيله من  ابتعاد الشباب الكوبي عن الثورة ونزوله إلى الشوارع مطالبا بالحريات السياسية، التي قد تؤسس لثورة ديمقراطية جديدة على غرار ما شهدته عدة بلدان أوروبية شرقية عندما انهارت فيها الشيوعية.  كاتب تونسي‏  (المصدر: صحيفة « الثورة » (يومية – سورية) الصادرة يوم 24 فيفري 2008)

مفارقات العلمانية « السلفية »

 
د حسن حنفي
تعني العلمانية « السلفية » العلمانية الجذرية التي لا تقبل نقيضها أو أي حوار معها. وعندما تتحول إلى عقيدة بديلة وتعصب مضاد لكل الأيديولوجيات والمذاهب المعارضة، وعندما تصبح مذهباً مغلقاً طارداً. تجمع بين النقيضين، العلمانية نظرياً بمعنى الانفتاح وقبول الرأي الآخر، وفصل الدين عن الدولة وتحكيم العقل والاعتزاز بحرية الإنسان وبحقوق المواطن، و »السلفية » عملياً وتعني الحرفية والعقائدية والمذهبية والانغلاق، ورفض الرأي الآخر، وتأسيس الدولة على العلمانية كدين جديد، والثبات دون التغيير، وفرض رأيها على كل الناس، وإنكار حقوق المواطن في حرية الاختيار وتعددية الآراء. وهو ما يحدث في تركيا هذه الأيام بتصديق البرلمان على سن قانون يسمح بحرية ارتداء الحجاب في الجامعات وقيام العلمانيين، وهم أقلية في البرلمان، بتنظيم احتجاج داخله وخارجه ضد قانون وافقت عليه الأغلبية، مع أن الديمقراطية من ركائز العلمانية ومكوناتها. وقد اعتبروها خطوة لأسلمة المجتمع، والتوحيد بين الدين والدولة من جديد، وهدماً لأسس الدولة التركية الجديدة والثورة الكمالية التي قضت على الخلافة العثمانية، وأقامت بدلاً منها الجمهورية التركية الجديدة على أسس علمانية خالصة . والحقيقة أن العلمانية تعني أن الدولة لا دين لها. تقوم على القوانين الوضعية والدستور والمواطنة ومساواة الجميع في الحقوق والواجبات. الدين علاقة خاصة بين الإنسان وربه، وليس علاقة عامة بين المواطن والدولة، عبادات وليس معاملات، دين وليس دنيا. والعلمانية على هذا النحو دين جديد، تريد إقامة الدولة عليه. وهو ما يناقض روح العلمانية، وأن الدولة لا دين لها. علمانية في الظاهر و »سلفية » في الباطن. فقد استمرت العقلية « السلفية » عند العلمانيين الأتراك أكثر من استمرارها عند الإصلاحيين في « حزب العدالة والتنمية » الذي يقبل الرأي الآخر، ويحتكم إلى المعايير الديمقراطية، الانتخابات البرلمانية والدستور واحترام الأقلية لرأي الأغلبية. الدولة لها رؤية استراتيجية تعبر عن أمنها القومي طبقاً للجغرافيا والتاريخ والموقع وعبقرية المكان، وليس لها دين واحد بل قد تتعدد فيها الأديان. والدين مثل الأيديولوجيا تعبير عن ذلك. لقد كانت العلمانية المتوحشة اختياراً طبيعياً لتركيا بعد سقوط الخلافة، وكرد فعل على ضعفها وفسادها وتخلفها. وكانت أساس قيام الدولة الوطنية التركية الحديثة المستقلة التي استطاعت تحرير الوطن من الاحتلال اليوناني، وبناء الدولة الوطنية، بعد أن عجز التيار « السلفي » عن إنقاذ الخلافة، وعجز التيار الإصلاحي عن إصلاحها. ومنذ عشرينيات القرن الماضي وحتى الآن تغير الشعب التركي. وبرد قانون الفعل ورد الفعل. واستحال تغيير تركيا عن طريق الانقطاع عن الماضي. وظل قابعاً في اللاوعي السياسي. فإذا ما ضعفت الدولة الوطنية وتعثر اقتصادها ولم تستطع الاندماج كلياً في النموذج الأوروبي الجديد والتردد في قبولها عضواً في الاتحاد الأوروبي قويت جماعات المعارضة الإسلامية والماركسية والليبرالية. وحدث رد فعل آخر عند أربكان بالعودة إلى اللاوعي الإسلامي الذي لم ينطفئ. وظن الناس أنه يعود إلى خلافة جديدة بعد أن طاف العالم الإسلامي كما فعل محمد نجيب في بدايات الثورة المصرية. فأطاحت به العلمانية التي لم ترض لغيرها أن يكون بديلاً لها، وحرمت عليه العمل بالسياسة لمدة خمس سنوات حتى شاخ الرجل. ثم استطاع « حزب العدالة والتنمية » أن يستثمر هذا التغيير في رؤيته للإسلام الحضاري الذي يضم الإسلام العقلاني المستنير، والإسلام الليبرالي، وإسلام العدالة الاجتماعية، في آن واحد. وإذا كانت العلمانية عملة العصر فقد تحجَّرت وأصبحت عقيدة تتجاوز كل العصور. في حين أن أصبح الإسلام رؤية تتجدد بتجدد العصور. وكان من جراء تحجرها وتجاوزه الزمان والمكان أن سقطت الخلافة كما تسقط العلمانية الآن . إنما الخطورة في كسب المعارك الصورية مثل حرية ارتداء الحجاب في الجامعات. صحيح أن الحجاب رمز لحضارة، وعلامة لهوية كما هو الحال في « الشادور » في إيران ولا يزال ضد محاولات الشاه في التغريب، ولكنه صوري حتى ولو كان مقدمة لرموز أخرى، وبداية لأسلمة المجتمع. فالحجاب مسألة شخصية، وزي مثل باقي الأزياء الوطنية. ليس له هذه الأهمية القانونية والتشريعية. لا شأن للدولة به، سلباً أم إيجاباً. هو جزء من الحريات العامة وحق المواطنة. صحيح أن الرمز يعبر عن واقع، لا مع ولا ضد، ولكن الواقع أيضاً يعبر عن نفسه في القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. هو الواقع المباشر الذي يمس حياة الناس، سعادتهم وشقاءهم، وليس مجرد رموز وعلامات صورية. المهم هي معارك الاستقلال الوطني، ورفض سياسة الأحلاف، والتفكير في الخروج من حلف شمال الأطلسي بعد أن فقد وظائفه بعد انهيار المنظومة الاشتراكية و »حلف وارسو »، وغلق القواعد العسكرية مثل قاعدة « إنجرليك ». المعركة هي عثور تركيا على أحلاف من دول الجوار تعبيراً عن أمنها القومي في الشرق، العراق وإيران والجمهوريات الإسلامية في أواسط آسيا، وفي الجنوب، مصر والشام، وفي الشمال روسيا، وليس في الغرب الأوروبي أو الأميركي وحده، والتأكيد على أن جناحها الشرقي الممتد إلى آسيا لا يقل أهمية عن جناحها الغربي الممتد في أوروبا عبر البلقان. المهم هو الابتعاد عن إسرائيل والاقتراب من العرب، والعمل المشترك على تحرير القدس. المهم أيضاً معارك التنمية والتقدم والتصنيع. وقد سارت في هذا المجال على طريق إندونيسيا وماليزيا. والمهم ثالثاً القضايا الاجتماعية في العدالة والمساواة، والقضاء على البطالة. هذا هو الصراع بين « حزب العدالة والتنمية » والعلمانية على الأمد الطويل، ومن الباب العريض وليس من الباب الضيق، باب الحجاب. هذه هي الأرض المشتركة التي يقف عليها الإسلام والعلمانية والتي تسمح بالكشف عن التماهي بين الإسلام والوطنية، وبين العلمانية والتغريب. أما أرض الرموز مثل الحجاب فهي « سلفية » مشتركة في الوعي الإسلامي في « حزب العدالة والتنمية » وفي اللاوعي السياسي عند العلمانيين . ويتكرر نفس الشيء في كافة أرجاء الوطن العربي والعالم الإسلامي. ففي دولة عربية بدأ البرلمان يناقش ضرورة منع الاختلاط في الجامعات الخاصة بعد أن تأسست جامعة تلك الدولة الوطنية على مبادئ الليبرالية. وإذا كان الاختلاط قد وقع في مراحل التعليم الأولى فكيف يُمنع في المرحلة الجامعية؟ وإلى متى سيظل النظر إلى المرأة كأنثى، والرجل كذكر، وليس كمواطن يطلب العلم بصرف النظر عن جنسه؟ وهل قامت مناقشات مماثلة حول مذابح العرب في فلسطين والعراق واحتلال القدس؟ إن الطريق الثالث الذي يقيم الجسور بين الإسلام والعلمانية كما يفعل « حزب العدالة والتنمية » في تركيا والمغرب والذي اشتقته ماليزيا وإندونيسيا من قبل، هو الذي يساعد على تقوية الجناح الإصلاحي في المجتمعات الإسلامية، والعلمانية المستنيرة في مقابل العلمانية المتوحشة. فالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي هو المعيار. أي الفريقين أقدر على التعامل معه؟ ليست العبرة بالمنطلقات النظرية بل بالنتائج العملية. ليس المقياس هو البدايات بل النهايات. نشر في موقع التجديد العربي بتاريخ 23/02/2008

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.