الأحد، 22 يونيو 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N°2952 du 22.06.2008
 archives : www.tunisnews.net   

اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي: نـــــداء الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة قفصة : بيان إيلاف : تونس: اعتقال عدد من قادة الاحتجاجات و الشباب

مثول 22 شخصاً أمام القضاء التونسي بتهمة الانتماء إلى خلايا إرهابية

العرب: لجنة حماية الصحافيين الأميركية تجري تحقيقاً في تونس رويترز: تونس تفتح تحقيقا قضائيا في تسمم 100 شخص ببنزرت مقر كبيرالحومة ممنوع في تونس محيط : تونسيّ يخترع منظاراً الكترونياً لرصد الأشهر القمرية الدستور: اختتام مهرجان الغناء الملتزم في تونس بالاحتفاء بدرويش والشيخ امام الحياة: يحقق نجاحاً على الشاشة التونسية… «ق نات 21» برنامج منوعات ينطق بـ«لغة العصر» العرب: مهرجان قرطاج يُملي شروطه على «روتانا».. وفيروز ترفض المشاركة فيه حمزة حمزة : أستاذ محمد شمام : من الأولى بالتوبة … ؟ النفطي حولة: مدينة الرديف تحت الحصار البوليسي والعسكري شوقي بن سالم: قراءة في ما وراء الأحداث (2/2) غسّان الماجري: الصمود هو وحده الكفيل بهزم الديكتاتورية الصيفي: مساهمة في بيان حقيقة احتجاجات الحوض المنجمي العربي مفضال: البطالة تلهب المغرب العربي أدناه وأقصاه عبد الحميد العدّاسي: بعد البركوكش تأتي الأيادي النسائيّة الرّقيقة ثمّ ماذا بعد؟! بدر السلام الطرابلسي: في تونس .. موجهة جدلية بين أبو يعرب المرزوقي وحسن حنفي أحميده النيفر: محمد الشرفي… المثقف السياسي وريادة النخبة توفيق المديني:  العلاقات الفرنسية السورية أمام ساعة الحقيقة زهير الخويلدي: ما أحوجنا الى تقريب الفجوة – بين العرب والعالم! الأوان: فتحي بن سلامة :” الآن أصبح إسماعيل هو الذي يذبح بدل الكبش” عبد اللطيف الفراتي: بشار الأسد العائد بقوة.. وسوريا قوة إقليمية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش

 

 
 

اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي 22 جوان 2008   نــــــــــــــــــــــــــــــداء
 
اعتقلت عناصر  الشرطة فجر اليوم – الساعة الثانية صباحا –السيد عدنان الحاجي، المناضل النقابي المعروف واحد العناصر البارزة الذين ساهموا بجدية وكثيرا من المسؤولية في المفاوضات مع السلطة. وأعلمتنا زوجته إنها عند اتصالها بمنطقة الشرطة بقفصة صباح اليوم رفض طلبها بتمكينه من الدواء، زاعمين انه لم يكن موجودا هناك أصلا. للعلم فان السيد الحاجي يشكو من أمراض، منها مرض الكلى . كما وقع فجر اليوم اقتحام منازل السادة بشير العبيدي، نقابي ورئس لجنة التفاوض و الطيب بن عثمان وطارق حليمي وعادل جيار وكلهم من النشطاء الذين لعبوا دورا هاما في الحركة الاحتجاجية وكذلك في التفاوض مع السلطة حول مطالب المحتجين. والى حد الآن لم يتأكد خبر إيقافهم . اللجنة الوطنية تدين هذه الاعتقالات والمداهمات وتدعو لإطلاق سراح عدنان  وتحمل السلطات الأمنية التي اعتقلته مسؤولية أي تدهور في صحته . كما تدعو للكف عن مطاردة بقية النشطاء وإطلاق سراح كل المعتقلين. إلى ذلك فهي توجه نداءا عاجلا إلى كل المنظمات الحقوقية للتحرك من اجل مساندة فعلية لكل الموقوفين والمطلوبين.    عن اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي مسعود الرمضاني عبد الرحمان الهذيلي


الحزب الديمقراطي التقدمي
جامعة قفصة
قفصة في 22/ 06/ 2008 بيان

عقدت جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدّمي اجتماعها الدوري و تطرقت إلى بعض المسائل التنظيميّة للجامعة كما استعرضت و تناول أعضاءها بالدرس الأوضاع المتأزّمة و المستجدّات الخطيرة في مدينة الرديّف خاصّة في المدّة الأخيرة حيث بعد تعرّض الشاب حفناوي بن رضا المغزاوي إلى رصاصة قاتلة دخلت قوّات الجيش الوطني إلى المدينة لتعزيز التواجد الأمني المكثّف كما تواصلت عمليّات اقتحام المنازل في ساعات متأخّرة من الليل و إيقاف عدد كبير من الشباب للتحقيق معهم ثمّ محاكمتهم. وقد وصل إلى علم جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدّمي أنّ بعض النقابيين من رموز الحركة الاحتجاجيّة قد تمّ إيقافهم وعلى رأسهم السيّد عدنان الحاجّي . كما علمنا من بعض سكان الرديّف و بعض الشبّان اللّذين تمّ إيقافهم ثمّ إطلاق سبيلهم أنّ: – أغلبيّة الشبّان اللّذين تمّ إيقافهم قد تعرضوا إلى عمليّات تعذيب وحشيّة. – أنّ عددا كبيرا من شباب المدينة قد هجرها متّجها نحو الأرياف و الجبال و المدن المجاورة ولم يبقى في المدينة سو ى الشيوخ و الأطفال و النساء و اللّذين يتعرضون بدورهم إلى  مضايقات و اهانات في كلّ مرّة يخرجون فيها إلى الشارع. – أنّ عمليّات الخلع و النهب الّتي طالت عددا هامّا من المتاجر قد أضرت ماديّا بأصحابها و أجبرت باقي التجّار على إفراغ دكاكينهم ثمّ إغلاقها ممّا تسبب في نقص كبير للمواد الأساسيّة للسكّان. و من ثمّ فإن ّ جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدّمي : 1) تعبّر عن انشغالها الكبير لما آل إليه الوضع الخطير و المأساوي في مدينة الرديّف. 2) تطالب بإطلاق سراح كلّ الموقوفين من كلّ مدن الحوض المنجمي و مدينة فريانة و على رأسهم السيّد عدنان الحاجي. 3)تطالب برفع الحصار الأمني و العسكري على المدينة . 4)تطالب بفتح تحقيق جدّي تقوم به هيئة مستقلّة لتقصّي الحقائق و معاقبة المسئولين عن جرائم القتل الّتي تعرّض لها كلّ من هشام بن جدّو في تبديت و حفناوي بن رضا المغزاوي في الرديّف و جرح أكثر من عشرين شابّا. 5) تطالب بفتح حوار جدّي مع مكوّنات المجتمع المدني للوصول إلى حلول تهدّأ من الاحتقان الاجتماعي في الجهة . 6) تنبّه من مغبّة مواصلة الحلول الأمنيّة الّتي لن تزيد الأوضاع إلّا تعكّرا.     جامعة قفصة           الحزب الديمقراطي التقدّمي كاتب عام الجامعة       عبد الرزاق داعي   


تهاني الحوار نت للناجحين في شهادة البكالوريا

 

 
بسم الله الرحمن الرحيم  علمنا مؤخرا أن عددا من أبناء المساجين السياسيين التونسيين قد حصلوا بفضل الله على شهادة البكالوريا وبمعدلات جيدة. ومعلوم أن هؤلاء الشباب قد كبروا وآباؤهم يقضون ظلما وعدوانا أحكاما بالسجن أصدرتها سلطة السابع من نوفمبر في حقهم. ومع ذلك الحرمان وتلك الأجواء التي عاشوا فيها ، بفضل الله أولا ثم بالعزيمة التي غرستها فيهم الأمهات والعائلة في ظل غياب الأب مع كل تلك الظروف القاهرة يتفوق هؤلاء الشباب. نمدكم بقائمة أولية لبعض الناجحين في شهادة البكالوريا في انتظار حصولنا على بقية الأسماء 1- عماد علي العريض 2- رباب الصحبي عتيق 3- حسام علي الزواغي 4- أصيلة كمال الحجام 5- مريم مصطفى بنحليمة 6- مروى الحاج العكروت 7- إنتصار محمد القلوي ……. والقائمة لا تزال مفتوحة (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 21 جوان 2008)

 

تونس: اعتقال عدد من قادة الاحتجاجات و الشباب

 

إسماعيل دبارة    إسماعيل دبارة من تونس: علمت ‘إيلاف’ من شهود عيان في منطقة الرديف التي تشهد احتجاجات اجتماعية منذ ما يقارب الستة أشهر أن عددا كبيرا من عناصر الأمن قاموا لاعتقال عدنان الحاجي أبرز قادة التظاهرات التي اندلعت في يناير الماضي احتجاجا على تفشي البطالة في المنطقة.   وقالت السيدة ‘جمعة جلادي’ زوجة النقابي المعتقل ‘عدنان حاجي’ في اتصال هاتفي مع إيلاف اليوم إن “عشرات من أعوان الأمن بالزيّ المدني قاموا باعتقال زوجي في حدود منتصف الليلة الفاصلة بين السبت و الأحد.” و تضيف زوجة النقابي :’ يتعرض منزلنا منذ أيام عديدة إلى حصار من قبل أعوان الأمن و البارحة قاموا باعتقاله و اقتادوه إلى جهة مجهولة ، أشك في وجوده حاليا في منطقة الأمن بولاية قفصة و كنت طالبت بإرسال أدوية له لأسباب إنسانية لكن الجهات المعنية رفضت ذلك”.   من جهة أخرى علمت ‘إيلاف’ باعتقال النقابي و القيادي باحتجاجات الحوض المنجمي بشير العمايدي ليلة البارحة. و قال عبد الرزاق داعي كاتب عام جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض إن ‘طوقا أمنيا فرض على المدينة و البلدات المحيطة بها منذ أيام و علمنا بحدوث اعتقالات لعدد من قادة الاحتجاجات و النقابييين و الشباب بالجهة.’ و عبّر ‘داعي’ عن انشغاله الكبير لما آل إليه الوضع في مدينة الرديّف ووصفه بالمأساوي والخطير’.   كما طالب بإطلاق سراح كلّ الموقوفين من كلّ مدن الحوض المنجمي و مدينة فريانة و على رأسهم النقابي عدنان الحاجي بالإضافة إلى  برفع الحصار الأمني و العسكري على المدينة.
 

(المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ 22 جوان 2008)


مثول 22 شخصاً أمام القضاء التونسي بتهمة الانتماء إلى خلايا إرهابية

 
تونس – الحياة مثل أمام دائرتين جنائيتين في العاصمة تونس، أمس (21 جوان) وأول من أمس (20 جوان)، اثنان وعشرون شاباً للاشتباه في انتمائهم إلى خلايا إرهابية. كذلك أحيل على الدائرتين ستة متهمين آخرين يتمتعون بإفراج مشروط، ومتهم آخر هارب من القضاء. ووجه الإدعاء إليهم في أربع جلسات محاكمة منفصلة تهم عقد اجتماعات محظورة والحض على ارتكاب جرائم إرهابية وانتداب عناصر داخل البلد للمشاركة في أعمال إرهابية وتلقي تدريبات في الخارج. وفي سياق متصل، أنهى وفد من منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أول من أمس، زيارة لتونس ناقش خلالها مع وزارة العدل مشروع اتفاق لأداء زيارات إلى السجون، في وقت وصل إلى العاصمة التونسية أمس وفد من «لجنة حماية الصحافيين» الأهلية الأميركية (مقرها في نيويورك) برئاسة مسؤول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جويل كامبانا لتقصي أوضاع الإعلام في البلد. وأفيد أن البعثة ستُعد تقريراً عن أوضاع الصحافة في تونس في ضوء لقاءات ستجريها مع نقابيين وناشطين وكذلك مع مسؤولين، وهي تعتزم نشره لاحقاً. وهذا أول نشاط للمنظمة الأميركية في تونس، إلا أن بعثتين من شبكة «أيفكس» التي تضم عشرات المنظمات الأهلية الغربية زارتا تونس مرتين منذ العام 2005 وأصدرتا تقريرين أثارا جدلاً قوياً مع السلطات في شأن مدى احترام الحريات الإعلامية. ونفت السلطات أن تكون تسعى إلى تشكيل نقابة للصحافيين تنافس «النقابة الوطنية للصحفيين» التي تأسست العام الجاري بعد حل «جمعية الصحفيين التونسيين». وأصدرت النقابة الوليدة تقريراً قاسياً عن أوضاع الصحافيين وحال الحريات لم يلق استحسان أوساط الحكومة. وسعى الاتحاد العام للعمال الذي يحتفظ بعلاقات جيدة مع الحكومة، إلى إحياء نقاباته القديمة في مؤسستي الإذاعة والتلفزيون الرسميتين، ما اعتبره رئيس «النقابة الوطنية للصحفيين» ناجي البغوري محاولة للالتفاف على النقابة وإضعاف دورها. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 جوان 2008)

لجنة حماية الصحافيين الأميركية تجري تحقيقاً في تونس

 

محمد الحمروني   حلت بتونس يوم أمس السبت 21 يونيو الجاري بعثة عن لجنة حماية الصحافيين بنيويورك. وستجري البعثة التي يترأسها جويل كامبانا -منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى اللجنة- تحقيقا عن واقع الصحافة والصحافيين في تونس. وستلتقي البعثة في إطار مهمتها بعدد من المسؤولين التونسيين الحكوميين المشرفين على الإعلام وعلى حقوق الإنسان، كما ستلتقي بعدد من العاملين في القطاع الإعلامي وبعض المنظمات غير الحكومية التي تعنى بأوضاع حرية التعبير والحريات الصحافية في تونس. وتأتي الزيارة في وقت تشهد فيه الساحة الإعلامية التونسية جدلا ما فتئ يتصاعد حول ما قيل عن محاولة السلطة ضرب وتهميش النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين «الشرعية». وفي هذا الإطار اتهم ناجي البغوري نقيب الصحافيين التونسيين اتحاد الشغل (المنظمة العمالية الوحيدة في البلاد) وعددا من المشرفين على المؤسسات الإعلامية الرسمية بالعمل على بعث نقابات موازية بهدف ضرب وشق صف الصحافيين. وجاء اتهام البغوري على خلفية قيام المشرفين على مؤسسة والإذاعة والتلفزة بالتنسيق مع اتحاد الشغل ببعث نقابة موازية لنقابة الصحافيين التابعة للمؤسسة. وكشف نقيب الصحافيين في ندوة صحافية عقدت في وقت سابق من الأسبوع الجاري أن النقابة باتت تتعرض لحملة تضييقات عبر منعها من حقها في التفاوض باسم الصحافيين وسعي بعض الجهات لإنشاء نقابات موازية في المؤسسات الإعلامية. وأضاف قائلا: «وأهم من يظن أنه قادر على ضرب النقابة القوية بالتفاف الصحافيين حولها والغنية بتاريخها العريق… ولذلك فنحن لن نقف مكتوفي الأيدي أمام محاولات ضرب هذا الهيكل». ونفت وزارة الاتصال التونسية هذه الاتهامات، وقالت في بيان حصلت «العرب» على نسخة منه: «إن الإدارة التونسية ملتزمة بالحيادية التام وبمبدأ الحوار مع كافة الأطراف بما في ذلك النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين». وأضاف البيان أن «الإدارة في سائر المؤسسات الإعلامية العامة بما في ذلك مؤسسة الإذاعة والتلفزة لا تتدخل في حق الصحافيين في ممارسة عملهم النقابي وفق ما تنص عليه قوانين البلاد». ويُرجع مراقبون الأزمة التي انفجرت مؤخرا بين السلطة والنقابة إلى فوز المستقلين في المؤتمر الأخير بأغلبية المقاعد القيادية للمنظمة، والبيانات شديدة اللهجة التي أصدرها نقيب الصحافيين وانتقد فيها بشدة أوضاع الحريات وحقوق الإنسان في البلاد، وهو ما أزعج على ما يبدو السلطة، فقررت محاصرة النقابة تمهيدا لتهميشها وبعث أطر بديلة عنها.   (المصدر: جريدة “العرب” (يومية – قطر) بتاريخ 22 جوان 2008)   


تونس تفتح تحقيقا قضائيا في تسمم 100 شخص ببنزرت

 
تونس (رويترز) – قالت مصادر محلية يوم الأحد إن السلطات التونسية فتحت تحقيقا قضائيا بعد تسمم ما لايقل عن 100 شخص بمدينة بنزرت شمالي العاصمة نتيجة تناول طعام فاسد في احد المطاعم الشعبية. وقال بيان تناقلته صحف محلية يوم الأحد “على اثر ظهور أعراض تسمم على بعض المواطنين بمدينة بنزرت نتيجة تناولهم مأكولات بأحد محلات الأكلة الخفيفة السيد أذن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية ببنزرت بفتح تحقيق قضائي لتتبع الأضرار اللاحقة بهؤلاء المواطنين وتحديد المسؤوليات.” وقال مسؤولون بالمستشفى الجهوي ببنزرت يومي الجمعة والسبت إن ما لايقل عن 100 شخص أصيبوا بتسمم نتيجة تناول طعام فاسد. وقالت مصادر محلية أن سلط المراقبة الصحية بادرت بغلق محل الأكلة الشعبية في انتظار استكمال التحقيقات (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 22 جوان 2008)  


فتح تحقيق قضائي بشأن حالات تسمم مواطنين ببنزرت

على إثر ظهور اعراض تسمّم لدى بعض المواطنين في مدينة بنزرت نتيجة تناولهم ماكولات باحد محلات الأكلة الخفيفة بالمدينة، اذن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية ببنزرت حال اعلامه بالواقعة بفتح تحقيق قضائي لتتبع المتسببين في الأضرار اللاحقة بهؤلاء المواطنين وتحديد المسؤوليات.

حول التكفل بالمصاريف المتعلقة بالأمراض السرطانية

بلغت نسبة الخدمات المتعلقة بالأمراض السرطانية من جملة المصاريف المتكفل بها من قبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض خلال سنة 2007، ما يناهز 4،8%. منها 5،5% أدوية خصوصية، فيما تتوزع النسبة الباقية على مصاريف الفوترة الاستشفائية بنسبة 5،1%، وزرع النخاع العظمي بنسبة 7،0% والأمراض المزمنة بنسبة 3،0%، والعلاج بالخارج بنسبة3،0% وأخيرا المصاريف المتعلقة بالتصوير بالأشعة بنسبة 1،0%. نشل! تمكن بعض المارة ظهر أمس من الإمساك بشاب اختطف حقيبة يدوية لفتاة بالقرب من محطة المترو بشارع محمد الخامس بالعاصمة والتي أطلقت عقيرتها بالصياح ورغم تخلصه من الحقيبة ومحاولة الفرار الا أن بعض المارة ضيقوا عليه الخناق وأمسكوا به. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 جوان 2008)


مقركبيرالحومة

بسماللهالرحمانالرحيم

 

كبيرالحومةفيشغله (19)

 

كبيرالحومةممنوعفيتونس

 

رسالةمنتونس:

 

وصلتناالرسالةالكريمةالتالية: ”مبادرتكممهمة،إلاأنهتحتالدكتاتورينبغيفيالبدايةالتفكيرفيوسائلتأمينمتابعةالموقع.فالموقعقبلأنيتمإنجازهتممنعه،فعندطلبالموقعتظهرباللغةالإنجليزيةالعبارةالتالية: (غيرموجود).”

 

المجتمعالأهليلاتوقفهالعراقيل:

 

نحنالمجتمعالأهليمحضنوحضنالمجتمعالتونسيكله،بمافيذلكالمجتمعالسياسيوالحقوقي،وبذلكفنحنعلىوعيبمايحدثفيه.إلاأنالمجتمعالأهليلاتوقفهمثلهذهالعراقيل،فمالايجدهبالطرقالعاديةيبحثعنهبالطرقالشعبية،ولنيعوزناالابتكاروالإبداع.

 

المجتمعالأهليلايصنععادةمنالعراقيلصراعاتسياسيةوحقوقية:

 

نحنأناسعمليونومبادرونبكثيرمنالتلقائيةوالعفوية،لانصنععادةمنمثلهذهالعراقيلمشاكلوخصوماتوصراعاتسياسيةوحقوقيةمعالسلطةوغيرها.وإذاكانتالمشكلةكبيرةفالتكافلوالتظافرالشعبيبالأسلوبالذيبيناهفينصإعلانالافتتاحكفيلبحلهاوتجاوزهابإذناللهتعالى.

 

المجتمعالأهليعالجتهديدهويتهبأسلوبغايةفيالهدوءوالرزانةوالذكاءوالحكمةوالإبداع:

 

إنأخطرمشكلةتعرضلهاالمجتمعالأهليوالمجتمعالتونسيعموماهوتهديدهويتهبخطةتجفيفينابيعالتدين،وقدعالجهابأسلوبغايةفيالهدوءوالرزانةوالذكاءوالحكمةوالإبداع . ولقدرأىالناسكيففصلالمجتمعالأهليفيهذهالمسألة،وتركالسلطةومنوالاهامنناحية،وحركةالنهضةمنناحيةأخرى،فيالتسلل.وقدبذلهؤلاءفيصراعهمهذامالميُبذلمنقبل،ومالمتعرفلهتونسمثيلا،ولكنهملازالوايتخبطونفيهإلىيومالناسهذا.

 

 

للاتصالبكبيرالحومة،منأجلملاحظاتكمعلىشعارمشروعكبيرالحومة،أومقره،أوأيشأنآخرخاصأوعام،يمكناستعمالالعنوانالتالي: kbirelhoma@yahoo.com

 

وإلىالحلقةالقادمةإنشاءاللهوهوالهاديإلىسواءالسبيل

(المصدر:مقركبيرالحومة)

نصإعلانالافتتاحالذىتحدثتعنهالرسالةالواردةمنتونس

 

مقركبيرالحومة

بسماللهالرحمانالرحيم

 

كبيرالحومةفيشغله (18)

إعلانافتتاحمقركبيرالحومة

 

 

علىبركةاللهوبتوفيقه،نعلنافتتاحمقركبيرالحومةفيعالمالأنترنتالذييمكنكمزيارتهالآنعلىالعنوانالتالي : www.kbirelhoma.net .

 

مقركبيرالحومةهومقرالمجتمعالأهليالتونسي،ولكلأنشتطهوقضاياه،مفتوحلكلالتونسيينولكلاهتماماتهموأنشطتهم،بشرطاحترامهويةوأصولومبادئوأخلاقياتالمجتمعالأهليالأصيلة.

 

وللتذكيرنقول :

 

1شخصيةكبيرالحومة:

 

شخصيةكبيرالحومةهيشخصيةاعتباريةيمكنأنيشاركتحتظلالهاالعديدمنالتونسيينبشرطالانسجاممعالفكرةالعامةوالهدفالعام،معإمكانيةالتنوعوالاختلاففيغيرذلك.ولذلكلاينبغيأنينظرإلىمايكتبتحتاسمكبيرالحومةإلىأنصاحبهاهوشخصواحدبلأشخاصعديدونمنغيرأنيكونوابالضرورةعلىمعرفةببعضهم….

 

2شعارنا : ” اهْدِنَاالصِّرَاطَالْمُسْتَقِيم

 

قالاللهتعالى: (اهْدِنَاالصِّرَاطَالْمُسْتَقِيمَ﴿٦صِرَاطَالَّذِينَأَنْعَمْتَعَلَيْهِمْغَيْرِالْمَغْضُوبِعَلَيْهِمْوَلَاالضَّالِّينَ).

 

3أسلوبنا :”الدينالنصيحة

 

قالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم  : ( الدينالنصيحة،قلنا : لمنيارسولالله؟قال : لله،ولكتابه،ولرسوله،ولأئمةالمسلمينوعامتهم ) رواهالبخاريومسلم .

 

4ميثاقنا : “الدينالمعاملة

 

فيالأثر: «الدينالمعاملة»..إذهيالوجهالعمليوالسلوكيلنورالنبوة «الدينالنصيحة».

 

المقرمفتوحمعوجودأشغالبناء :

 

قدفتحإذنمقركبيرالحومة،وهوكماستعاينونلازالفيطورالبناء،بلماأنجزمنهإلانواةمقريمكنأنيتطورويكتملبمشاركةالجميعورأيالجميعوذوقالجميع . مقركبيرالحومةهومقرالمجتمعالأهلي،وأنتمالمجتمعالأهلي .

 

ولهذاالمجتمعأسلوبهفيالحياةوفيإنجازأعماله،ومشاريعه،وهوأسلوبطوبةطوبة،ولبنةلبنة،اسلوبمشاركةالجميع،وتراكممعروفالجميع . وهذاالأسلوبهوفيأصلهأسلوبنبويكماسنرىفيالفقرةالموالية.

 

الأسلوبالتكافليفيالمجتمعالأهلييرتكزعلىقاعدةلايحقرنأحدكمشيئامنالمعروف“:

هذاالأسلوبوهذهالقاعدةنصعليهماالرسولفيمثلقولهصلىاللهعليهوسلم : (لايحقرنأحدكمشيئامنالمعروف،فإنلميجدفليلقأخاهبوجهطلق،وإذااشتريتلحماأوطبختقدرافأكثرمرقته،واغرفمنهلجارك ) ( صححهالألباني)

وقدطبقهماأروعتطبيقكمافيالحدثالتاليكماسجلهالحديثالنبوي :

يقولجريربنعبدالله : [كناعندرسولاللهصلىاللهعليهوسلمفيصدرالنهار،فجاءهأقوامحفاةعراةمجتابيالنمارأوالعباء،متقلديالسيوف،وليسعليهمأزرولاشيءغيرهاعامتهممنمضر،بلكلهممنمضر،فتغير وجهرسولاللهصلىاللهعليهوسلملمارأىبهممنالفاقة . فدخل،ثمخرج،فأمربلالافأذنوصلىالظهر،ثمصعدمنبراصغيرا،ثمخطبفحمداللهوأثنىعليه،فقال : أمابعدفإناللهأنزلفيكتابه : { ياأيهاالناساتقواربكمالذيخلقكممننفسواحدة،وخلقمنهازوجها،وبثمنهمارجالاكثيراونساء،واتقوااللهالذيتساءلونبهوالأرحام،إناللهكانعليكمرقيبا } ،والآيةالتيفيالحشر :{ ياأيهاالذينآمنوااتقوااللهولتنظرنفسماقدمتلغدواتقواالله،إناللهخبيربماتعملون . ولاتكونواكالذيننسوااللهفأنساهمأنفسهمأولئكهمالفاسقون . لايستويأصحابالناروأصحابالجنة،أصحابالجنةهمالفائزون } . تصدقواقبلأنيحالبينكموبينالصدقة،تصدقرجلمنديناره،مندرهمه،منثوبه،منصاعبره،منشعيره ،منصاعتمره،حتىقالولايحقرنأحدكمشيئامنالصدقة،ولوبشقتمرة، فأبطؤواحتىبانفيوجههالغضب . قال : فجاءرجلمنالأنصاربصرةمنورقوفيرواية : منذهبكادتكفهتعجزعنها،بلقدعجزت،فناولهارسولاللهصلىاللهعليهوسلموهوعلىمنبره،فقال : يارسولاللههذهفيسبيلالله، فقبضهارسولاللهصلىاللهعليهوسلم . ثمقامأبوبكرفأعطى،ثمقامعمرفأعطى،ثمقامالمهاجرونوالأنصارفأعطوا ،ثمتتابعالناسفيالصدقات،فمنذيدينار،ومنذيدرهم،ومنذي،ومنذي،حتىرأيتكومينمنطعاموثياب،ورأيتوجهرسولاللهصلىاللهعليهوسلميتهللكأنهمذهبة،فقالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم:منسنفيالإسلامسنةحسنةفلهأجرها،وأجرمنعملبهابعدهمنغيرأنينقصمنأجورهمشيء . ومنسنسنةفيالإسلامسيئةكانعليهوزرها،ووزرمنعملبهامنبعدهمنغيرأنينقصمنأوزارهمشيء،ثمتلاهذهالآية : { ونكتبماقدمواوآثارهم } ،قال : فقسمهبينهم.]

(أخرجهمسلموابنأبيحاتموالترمذيوالألباني)

خاتمة:

1مقركبيرالحومةهومقرالمجتمعالأهلي.

2مقرالمجتمعالأهليهومقركمجميعا.

3مقرالمجتمعالأهليهو مقرمنلامقرلهمنالتونسيين.

4المقرمفتوحمعاستمرارأشغالالبناء.

5البناءمفتوحعلىمشاركةالجميع.

6يمكنكمأنتتجولوافيأيمكانمنالمقر،ولاتقلقواإذاوجدتمأشغالاجارية.

7إذاأردتالمساهمةفاتصلللتنسيقبالعنوانالتالي : kbirelhoma@yahoo.com .

 

للاتصالبكبيرالحومة،منأجلملاحظاتكمعلىشعارمشروعكبيرالحومة،أومقره،أوأيشأنآخرخاصأوعام،يمكناستعمالالعنوانالتالي: kbirelhoma@yahoo.com

 

وإلىالحلقةالقادمةإنشاءاللهوهوالهاديإلىسواءالسبيل

(المصدر:مقركبيرالحومة)

 


تونسيّ يخترع منظاراً الكترونياً لرصد الأشهر القمرية

 

 
تونس  – اخترع عالم تونسي منظارا الكترونيا يرصد الهلال والأشهر القمرية استغرق انجازه عامين بتكلفة بلغت 30 مليون دولار وهو جزء من برنامج متكامل اطلق عليه اسم “الشاهد من أجل عالم جديد”. ويعتزم العالم الدكتور محمد الاوسط العياري الباحث بوكالة الفضاء الامريكية ” ناسا ” عرض اختراعه يوم الاثنين المقبل (23 جوان) بمدينة مرسيليا الفرنسية خلال الملتقى العلمي العالمي الذي سيقام بقصر المؤتمرات بالمدينة في الفترة من 23 الى 28 يونيو الحالي بمشاركة 8 الاف عالم وخبير . وقال الدكتور العياري ان ” الشاهد” هو عين الكترونية متطورة يحتوي منظارها آلة تصوير ومحركا وجهاز اتصال مدعوم ببرنامج تكنولوجي على صلة بأجهزة كمبيوتر..مشيرا الى ان مهمة المنظار تتمثل في متابعة تحركات الهلال مع غروب الشمس لتحديد موقعه في السماء ثم ارسال اشارات ضوئية تتيح لمن يريد رؤية الهلال ان ينظر الى منطقة محددة . وأوضح ان المنظار الالكتروني يسمح برؤية الهلال وتصويره حتى عندما تكون السماء ملبدة بالغيوم او حتى عند الظلام..معربا عن أمله في ان يسهم هذا الاختراع في توحيد المسلمين على تاريخ موحد لشهر رمضان . (المصدر: موقع محيط الإخباري بتاريخ 22 جوان 2008)  
 

 

اختتام مهرجان الغناء الملتزم في تونس بالاحتفاء بدرويش والشيخ امام

 

عمان – الدستور شاركت مجموعات موسيقية تونسية أغلبها لا تزال مغمورة مساء اول امس السبت في حفل أُقيم بمسرح الفن بدار عبد الله بالعاصمة ضمن أول مهرجان “للأغنية الملتزمة” بتونس محتفين باقطاب مثل الشيخ إمام ومحمود درويش.   وبدأ أول مهرجان للأُغنية الملتزمة الذي ينظمه مسرح بن عبد الله بالعاصمة الجمعة الماضي ويختتم اليوم.   وغص مسرح دار عبد الله بالحاضرين الذي جاؤوا لتذوق نكهة مغايرة للموسيقى الجادة والقطع مع أنماط موسيقية مألوفة.   انطلق الحفل بوصلة موسيقية غنائية لمجموعة “عيون الكلام” بقيادة الموسيقي خميس البحري أدت خلالها المغنية آمال الحمروني عددا من أغاني الشيخ إمام مثل “واه يا عبد الودود” و”هم هم” وسط تجاوب الحاضرين الذي رددوا معها الأغاني.   كما قدمت أغنية المنفى وأغنية لأحمد مطر يقول مطلعها “فكرت في أن أكتب شعرا لا يهدر وقت الرقباء.” وقدمت مجموعة أجراس لعادل بوعلاق عرضا موسيقيا راقصا بعنوان “صرخة عطش” أدى خلالها شاب لا يرتدي إلا سروالا أبيض رقصة على أنغام موسيقى حزينة معبرة عن واقع من الآلآم والتهميش والفقر الذي يعانيه آلاف الشبان في العالم العربي.   وقال نور الدين الورغي أحد منظمي المهرجان “أنشأنا هذا المهرجان لنقدم للناس موسيقى بديلة عن التيار السائد.” وأضاف ان الأغاني الملتزمة لا تزال تلاقي رواجا وإقبالا بين الناس المتعطشين لكلمات هادفة وموسيقى معبرة لانهم سئموا أنماطا جاهزة لا تضيف لهم شيئا.   (المصدر: جريدة “الدستور” (يومية – الأردن) بتاريخ 22 جوان 2008 )


مهرجان قرطاج يُملي شروطه على «روتانا».. وفيروز ترفض المشاركة فيه

 

تونس – REUTERS – KNA يعقد الرهان حالياً، وأكثر من أي وقت مضى، على نجاح مهرجان قرطاج في الحفاظ على مكانته وعراقته، خصوصاً بعد الإعلان عن إلغاء مهرجان جرش الذي كان يعتبر المنافس الأبرز له. وتجري الاستعدادات للافتتاح الضخم المرتقب في الحادي عشر من شهر يوليو المقبل، وسط انتقادات شديدة حول قيام اللجنة المنظمة مرة جديدة بإبرام عقد مع روتانا. فرداً على ما وصفته الصحافة التونسية بـ «احتكار روتانا لمسرح قرطاج والتحكم به»، شدد مدير الدورة الحالية سمير بلحاج يحيى على أن المهرجان قد أملى كل شروطه على الشركة المذكورة، لأنه «عريق وكبير جداً». وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته اللجنة للإعلان عن البرنامج، تمحورت الأسئلة حول غياب فيروز عن فعاليات هذا الحدث الذي يعتبر الأضخم في المنطقة العربية ككل، وتقدر ميزانيته بـ 1.5 مليون دولار أميركي. فكان الجواب أن المغنية اللبنانية رفضت اعتلاء مسرح قرطاج قائلة إن صوتها لم يعد يتلاءم مع رطوبة المكان. في المقابل، شدد بلحاج على أهمية الأسماء المشاركة في الدورة الحالية، مشيراً إلى أنه تم في هذا العام استبعاد «مغنيات الإغراء والإثارة» لأن «فضاء قرطاج هو مخصص للإنصات وإنعاش الآذان لا للاستماع بالعين». وبشكل عام، إن المهرجان يضم بدورته الحالية 44 سهرة ثقافية فنية، منها 11 مشاركة تونسية، أي ما نسبته %55 من العروض. أما النسبة المتبقية، فهي تتوزع بالتساوي ما بين المشاركات العربية والأجنبية، والعروض السينمائية. ويصل عدد السهرات الفنية الغنائية وفق برنامج المسرح الأثري بقرطاج إلى 30 سهرة، وتضم 46 عرضا إلى جانب ستة عروض مسرحية و11 عرضا لأفلام حديثة من بينها «الجزيرة» للمخرج شريف عرفة. ومن المتوقع أن تنطلق الدورة الرابعة والأربعون من هذا الحدث مع العرض الاحتفالي «لمة وزهو» في الحادي عشر من شهر يوليو المقبل على مسرح قرطاج، بمشاركة أكثر من 300 نجم يستعرضون مواقف من الحياة اليومية في تونس. كما سيقوم ممثلون ومشخصون وعازفون ومجموعات رقص بتقديم مشاهد حية في مزج بين الجد والهزل على امتداد ساعة ونصف من الزمن. وتستمر الدورة حتى السابع عشر من أغسطس، حيث تختتم بحفل غنائي بعنوان «يا ليل يا قمر»، وهو كناية عن جولة في الأشعار والأزجال والموشحات القديمة والمستحدثة لشعراء تونسيين وعرب. أما ضيوف المهرجان لهذا العام، فأبرزهم الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي التي تقدم حفلاً في الثاني من أغسطس، إلى جانب عدد من النجوم العرب من بينهم وائل جسار، مروان خوري، نجوى كرم، لطيفة، نور مهنا، صابر الرباعي، كاظم الساهر، أنغام، أمينة فاخت، إضافة للنجم السنغالي يوسو ندور والفنان الجمايكي الشهير شاجي والأوركسترا الإيطالية «دي بياتزا فيتوريو». وتشارك كل من نبيهة كروالي ورحاب الصغير ودرة الفوراتي في حفل خاص بعنوان «أم الحسن غنات»، يعقد بمناسبة مرور خمسين عاماً على رحيل الفنانة التونسية الأشهر صليحة. على صعيد متصل، أكد مدير مهرجان «العبدلية» نبيل الباسطي أن حفل افتتاح هذا الحدث سيكون في منتصف شهر يوليو المقبل في ليلة تونسية تتضمن عرضا فنيا متكاملا من الموسيقى والرقص والشعر. وتضم الفعاليات 22 عرضا، تشكل الموسيقى %86 منها، وتستمر حتى السادس عشر من شهر أغسطس المقبل. (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 22 جوان 2008)  

يحقق نجاحاً على الشاشة التونسية… «ق نات 21» برنامج منوعات ينطق بـ«لغة العصر»

تونس – صالح سويسي     يحقق برنامج المنوعات الشبابي «ق نات 21» نجاحاً كبيراً على مستوى المشاهدة في تونس، لاقتحامه «لغة العصر» من خلال الاعتماد على شبكة الإنترنت تعريفاً وتقديماً وتفاعلاً. «ق نات 21» مجلة منوعة تهتم بتبسيط التطبيقات الإعلامية وخدمات الانترنت والوسائل الحديثة للاتصال من خلال استضافة مبدع تونسي في المجال الفني أو الرياضي أو الأدبي أو الثقافي أو العلمي.  كما يرصد البرنامج مدى تعامل الضيف مع العالم الرقمي والانترنت، ليكون بمثابة حلقة الربــــط بين مخــــتلف فقرات الــبرنامج، التي تعرّف كل واحدة منها بخدمة من خدمات الشبكة العنكبوتية. وتحمل هذه الفقرات المشاهد في رحلة فنية وعلمية تطبيقية تبسط الخدمات التي يسديها البرنامج للضيف وتساهم في ترسيخ الثقافة الرقمية للمشاهد من خلال المزاوجة بين الترفيه والإفادة. البرنامج أسبوعي يبثّ كل يوم سبت، وتقدمه المذيعة فاتن الوسلاتي. وإضافة الى الأهداف التي ترمي إلى تقريب الإنترنت من المشاهد ومحاولة دمجه في المنظومات الرقمية، يقدم البرنامج أيضاً مجموعة من الخدمات للضيف، من بينها تمكينه من عنوان للتراسل الإلكتروني وفتح موقع إلكتروني خاص به، وتجميع كل ما كتب عنه عبر هذه الشبكة،  وإهداؤه ألـبوم صور رقمياً، إضافة الى دعم إنتاج هذا الالبوم وتقديمه للجمهور على مجموعة ضخمة من أقراص الليزر. وقد نجح البرنامج في إنجاز عدد لا بأس به من مواقع الانترنت الخاصة بضيوفه، ووصل عددها إلى ستين موقعاً. وتكمن أهمية هــذه الفـــقرة في سعــــيها الـــى تقريب هذه التكنولوجيات مـــن المشاهد والفنان في آن. ولا يخفى أنّ عدداً من الفنانين لا يولون مسألة المواقع الخاصة بهم على الشبكة العنكبوتية أي اهتمام، على رغم أن التجربة أثبتت أن للموقع حسناته في مسيرة الفنان، إذ يساهم في تفاعله المتواصل مع جمهوره.. عموماً، استطاع «ق نات 21» أن يتميز عن البرامج الكلاسيكية في التلفزيون الرسمي التونسي ويقـدم شكلاً جديداً من برامج المنوعات التي تعتمد على التفاعل المباشر مع المشاهد. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 جوان 2008)

توقع استخدام 200 مليون عربي الهواتف المحمولة بنهاية 2008

 
تونس- (د ب أ – وكالة الأنباء الألمانية) – كشف رئيس الجمعية العربية لمشغلي الهاتف المحمول الأربعاء إن عدد مستخدمي الهواتف المحمولة في العالم العربي سيرتفع إلى200 مليون بنهاية العام الحالي مقابل150 مليونا حاليا. وأكد بشر مهنا في افتتاح أعمال الملتقى الدولي الثالث والثلاثين للجمعية بمدينة الحمامات التونسية أن السوق العربية “سوق واعدة” لمشغلي شبكات الهاتف المحمول، مشيرا إلى أن ازدهار استخدام الهواتف المحمولة في العالم العربي دفع العجلة الاقتصادية بالمنطقة. وقال إن ارتفاع عدد مستخدمي الهاتف المحمول بالمنطقة “يدفع المشغلين إلى تقديم مزيد من خدماتهم لتشمل أحدث التقنيات لاسيما خدمات الجيل الثالث والاتصال بالانترنت وغيرها من الخدمات على غرار خدمة التلفزيون على المحمول”. وأشارت الأمينة العامة للمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات خديجة غرياني أن المنظمة تعمل ضمن خطتها للفترة بين 2008 و2011على توحيد القوانين العربية المنظمة لقطاع الاتصالات وإدارة الانترنت وتحرير القطاع. (المصدر: صحيفة “الغد” (يومية – الأردن) الصادرة يوم 22 جوان 2008)


أستاذ محمد شمام :من الأولى بالتوبة … ؟

حمزة حمزة

تونس في الأحد  22/06/2008

لقد استوقفتني رسائل ”التوبة” التي ما انفك يطلقها الأستاذ  محمد شمام و أنا ممن عايشوا المحنة لحركة النهضة في سنوات الجمر ما بين 1990 إلى هذا التاريخ ، إلا أنني لم أكن مقتنعا  بالإطار الذي وردت فيه ”توبة” محمد شمام  و لا بالخطأ الذي يتوب منه و لا بالتنزيل ألزماني و المكاني الذي يفترض أن يكون الذنب جاء في سياقهما.

إن حركة النهضة كانت حركة مؤسسات و بالرغم أنها لم تكن على شاكلة الأحزاب المدنية ”القانونية” يصدع فيها بالرأي على أعمدة الصحف و تدار فيها الآراء مناقشة و حسما في اتجاه القرار النهائي ديمقراطيا و علنيا إلا أنها على خوف من المستبد و أجهزة العسس و الوشاة و الجلادين كانت تجتهد في إدارة الحوار و حسم القرار.

 و لأن الوضع الآن لا يسمح بتقييم المرحلة إلا بما يدفع نحو استشراف المستقبل و تجاوز السلبيات و الاستنهاض بالهمم لترتقي نحو الانعتاق و التحرر، فانه كان على الأستاذ محمد شمام أن لا يشعر بثقل المسؤولية كاملة لمفرده أو بنسب كبيرة لأن الكل شاركوا بأقدار لا بأس بها و اجمعوا على قرارات المرحلة دون استثناء و عليه فقد تساوت المسؤولية .

و سواء أكانت القرارات في مقدماتها التي بنيت عليها صحيحة أم تنقصها الدقة و يجانبها الصواب فهي قرارات ”شورية” مجمع عليها، ومهما كانت النتائج في كارثيتها و سلبياتها و تبعاتها الطويلة المدى، فهي في موروث المحن حصاد مرحلة لا يحق لأي احد أن يتحمله بمفرده أو لأي جهة من داخل الحركة أو مراقبة من خارجها آن تورط فيه شخص بعينه رغم أن هذا لا يمنع من تتفاوت أقدار المسؤولية للأفراد و المؤسسات حسب قربها أو بعدها من موقع القرار.

و بناءا على ما تقدم فالتوبة بمفهومها التربوي ألطهري الخالص هي بين العبد و ربه، أما اجتهاداتنا في الحق و في الدفاع عنه  و في مساهمتنا في إصلاح المجتمع بما ينفع الناس فهو يأخذ الصفة الاعتبارية و من ضمنها المؤسسة و الحزب و الدولة و كلها سياسات و اختيارات و اجتهادات و تقديرات قد تخطأ و قد تصيب محكومة بأبعاد غيبية، فالنتائج التي قد يحالفها النجاح بنسب كبيرة  نقول عنها أنها تقديرات حكيمة و صائبة و التي يحالفها الفشل ا ننعتها بالقصور و الضعف، و في كلا الحالتين  تكون ”التوبة” إن صح المصطلح إما بالشكر و مزيد من شحذ الهمم و الحرص على عدم الوقوع في الخطأ و إلا بالتداول و التغيير في الوسائل و تعديل الاستراتيجيات.

 و نلاحظ هنا انه لا معنى في التقييمات العامة لتوبة الأفراد باعتبار ما اتخذ من قرارات و ما اعتمد من وسائل هو ذو طابع مؤسساتي.  و عليه فما أصاب حركة النهضة في أيام المحنة و سنوات الجمر و من منطلق مرجعيتها التي تدين اليها و تستلهم منها مفهوم النصر والقرح  محكوم بضوابط ثلاث :

1 ـ ‘’ الذين استجابوا لله و الرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا واتقوا منهم أجر عظيم”.

2 ـ ” و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار”.

3 ـ ” قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ”.

فأما الضابط الأول و الثاني فهما طرفي المعادلة في حياة المؤمنين أفرادا و جماعات  فهم بين محن النصر و الهزيمة اجتهادا لا يخلوا من أجر كما ورد في الحديث الصحيح ” من اجتهد و أصاب فله أجران و من اجتهد و لم يصب فله اجر واحد ” حيث تبقى الهمم عالية مهما عظم الكرب و عظمت معها الخسائر البشرية و المادية و النفسية و عليه كان الأجر عظيما مقابل الاستعلاء على الجروح و الاستجابة لإعادة الكرة بعد التصحيح و الاعتراف بالأخطاء و تجنب الركون إلى الظالم و الاعتراف له بظلمه كتبييض المنجزات الوهمية و الاعتراف له بالشرعية و هو فاقدها و السكوت عن تماديه في ظلمه دونما المطالبة بالحق المسلوب و لا بإلانصاف العادل الذي يشفي الصدور.

 بل الأخطر من كل ذلك ان ينبري تجار الخلاص الفردي ينادون و يحثون المصابين بالقرح على التسليم إلى جلاديهم و كتم أفواههم و إنهاء معركة الحرية بفك اشتباك موهوم، الهجوم فيه ذو اتجاه واحد، جلاد يطحن ضحاياه على كل الأصعدة و من كل جانب و الضحايا يكتمون الآهات ويموتون في اليوم مرات و مرات.

موت بطيئ و تجويع  و تيئيس من الانفراج  و حرمان من السفر و إهمال صحي و حقوق مدنية مهدورة و نفي و تشريد و غربة عن الأحبة و مسقط الرأس على خوف من الجلاد ان يفتنهم.

  هي في المجمل مواطنة من الدرجة الرابعة ( على حد تعبير الأستاذ الدمني) و كأنهم لم يعيشوا في البلد الذي ولدوا فيه وحفظوا نشيده الوطني في زهرة طفولتهم و ريعان شبابهم  و قدموا له أغلى ما يملكون  ” و الفتنة اشد من القتل’‘……

 و لا يستحي المتاجرون بالخلاص الفردي من خزي أفعالهم و توليهم يوم كان وجوبا عليهم أن يتحملوا المسؤولية.

أستاذ محمد من أولى بالتوبة و البكاء على شناعة ما اقترف الذين ذبحوا و عذبوا و سجنوا و لم يرقبوا في أبناء وطنهم و إخوتهم في الدين و العروبة ا إلا و لا رحما و لا ذمة ؟؟؟

و من أولى بالتوبة … الذين تولوا عن تحمل المسؤولية بعد القرارات التي وافقوا عليها و اقروها و يا ليتهم صمتوا و نأوا إلى ركنهم نادمين،  بل تمادوا ينادون الضحايا لكي تركع و تقدم القرابين…

 و أشباههم من الطابور الخامس يضعون الفتنة في صفوف المعارضة الوطنية الصادقة و يسعون إلى شق وحدتها  واضعين خلالها يبغونها الفتنة (الآية) رافعين ألوية التبييض و التسويق لمشاريع وهمية نيابة عن المستبد.

أستاذ محمد هون عليك فالخطب عظيم قد أصاب الجميع ، فالتوبة الصحيحة و التي كان عليك أن تدعو إليها هي توبة الاستجابة إلى النضال السلمي و فضح الاستبداد و تصحيح المسار للالتقاء مع الممانعين في مهام فرض الحريات في المجتمع المدني.

 إن حركة النهضة كانت سباقة لرفع  شعار ”فرض الحريات” و هو هدف النبيل و لكنها لم تهدي في الوصول اليه إلى الوسيلة المثلى و أرتكبت الخطأ وتحملت المسؤولية  كاملة و بامتياز فلا يزايد عليها  و على مكوناتها اليوم احد سواء باستدامة تخطئتها أو بالاستفراد بأحد مكوناتها أو قيادتها كقرابين بين يدي مرتكبي الجرائم الحقيقيين و الذين لا يزالون منفلتين من العقال و من حبل العدالة الذي نتمنى أن يطال رقابهم  في الدنيا قبل الآخرة.

  فلنواصل الطريق نحو مجتمع حر و أبي  في خيار التنمية السياسية و البشرية الصحيحة وعلى رأس أهدافنا العفو التشريعي العام و حرية التنظم و حرية التعبير و حق التداول على السلطة لكل مواطن يأنس في نفسه قدرة على خدمة هذا المجتمع العزيز المسالم.

و الأمر لله من قبل و من بعد.


 

مدينة الرديف تحت الحصار البوليسي والعسكري

 
تشهد منطقة الحوض المنجمي انتفاضة شعبية  منذ شهر جانفي   2008  ومدينة الرديف بصفة خاصة  على خلفية التلاعب بنتائج المناظرة التي قامت بها شركة فسفاط قفصه . وإذا كانت المطالب التي رفعها المتظاهرون  في البداية هي  الحق في الشعل  ومحاسبة كل من تسبب في المشكل  فان  ما جاء في ما بعد من محاربة الفساد والمحسوبية والرشوة  ثم الحق في تنمية  عادلة  ومشاريع استثمارية  وبيئية  تقوم بها الدولة رأسا  لامتصاص البطالة و مكافحة مظاهر الفقر والبؤس من جهة ومقاومة التلوث البيئي من جهة أخرى  تدل على الوعي الاجتماعي  والمدني الذي وصل له شعبنا . فالطريقة التي عبر بها أهالينا في الحوض المنجمي هي طريقة سلمية حضارية بأتم معنى الكلمة  فقد توخوا المظاهرات السلمية  الخالية من كل مظاهر العنف واستعملوا طريقة الحوار أسلوبا لمعالجة المشاكل المزمنة  فتكونت لجانا للغرض  توجهت للسلطات المعنية بكل روح وطنية عالية  وقامت بالعديد من الجلسات التفاوضية لحل العديد من الملفات المطروحة  وقد توصلوا في الكثير من الأحيان إلى حلول ايجابية  ومرضية عموما . وساهمت هذه اللجان في التهدئة  وتصدت بحزم لكل من أراد استغلال الحركة سياسيا لأنها آمنت بأن مطالب المواطنين في العيش الكريم  في الجهة أنبل وأسمى  من أن يقع توظيفها سياسيا . وهكذا خاض النقابيون الصادقون نضالهم مع جماهير شعبيا إيمانا منهم بمطالبهم المشروعة و عينتهم هذه الجماهير على رأس اللجنة التي قادت المفاوضات فتطوعوا لإدارتها على أحسن وجه وتحملوا في سبيل ذلك العديد من المضايقات والاستفزازات الأمنية بل تعرضوا للإيقاف و الاهانة بالضرب والشتم من طرف أعوان البوليس . 
إلا أن ذلك الوعي الحضاري  جوبه بالقمع  والمداهمات للبيوت والإيقافات المتعددة في أوساط  الشباب  الذين آمنوا بحقهم في الحياة بكرامة . وأثناء تلك التحركات يسقط الشهيد الأول هشام العلايمي يوم 6 ماي 2008 صعقة كهربائية  في قرية تبديد التي تبعد عشر كيلومترات على مدينة الرديف  . وبعد مرور شهر على سقوط الشهيد الأول يسقط الشهيد الثاني  عثمان بن رمضان المغزاوي بالرصاص الحي  يوم  6 جوان 2008 وينزل الجيش إلى مدينة الرديف وتدخل الجهة في حالة حصار مطبق  وحالة طوارئ . فتصبح مدينة الرديف بين كفي كماشة هذه قوات الجيش من جهة وهذه قوات البوليس من جهة أخرى في أول ظهور للجيش بعد انتفاضة الخبز في جانفي 1984 . ولما تدخل الجيش قالوا إن تدخله كان من اجل بث روح الأمن والطمأنينة لدى الأهالي  وللحيلولة بين الجماهير المنتفضة والبوليس . إلا أن ذلك لم يدم طويلا وظهرت الأحداث بعدها بقليل لتثبت العكس  حيث حوصر أهلنا في  الرديف  في كل حي وكل زنقة وكل شارع  وهرب الشباب إلى الجبال .فكانت مهمة الجيش هي ترويض المواطنين وتهيئة الظروف المناسبة لتدخل البوليس  .  وبدأت قوات البوليس  تداهم البيوت ليلا ونهارا  لإيقاف الشباب  مدعمة بقائمة قدمتها الميليشيا . هذه حالة الرديف  التي ما تزال تعيش على وقع الإرهاب البوليسي  الأعمى الذي بدأ ولم ينتهي بعد . بدأ إرهاب البوليس بالهجوم على الأهالي في دكاكينهم ومتاجرهم فنهبوها والمنازل  والممتلكات فأحدثوا فيها الأضرار المادية الهائلة . أهانوا المواطنين بشتى أنواع الطرق  بالضرب والسب والشتم  . وكان كل ذلك مخططا له ومدروسا لإحداث الخوف والرعب  لدى الأهالي   ومحاولة ثنيهم على التمسك بمطالبهم المشروعة .  

إن معالجة مشاكل الأهالي  في منطقة الحوض المنجمي  بالاسلوب الأمني  والمحاكمات التعسفية وتغيير وجهة الحركة الاحتجاجية  إلى وجهة أخرى  لا تتحملها  أسباب ظهور الحركة و لا طبيعتها يزيد من تعقيد الوضع  وتفاقم  المشاكل  واتساع رقعة التضامن  بين الجماهير ويؤكد عزلة النظام المستمرة  عن واقع الشعب ومعاناته .  فإلى متى يتواصل قمع التحركات الاحتجاجية المشروعة في منطقة الحوض المنجمي  ومحاكمة كل  شاب طالب بحقه في الشغل  أو كان ناشطا  من اجل  الأهداف  النبيلة التي رفعتها الانتفاضة الاجتماعية والحال أن النظام أصم آذاننا بشعار سنة الحوار مع الشباب  ؟ هل الحوار مع الشباب يكون بالإيقافات  والمحاكمات ؟  
 إن الاستجابة لمطالب المواطنين العادلة في الشغل  والتنمية المتوازنة  والحق في بيئة سليمة ونظيفة  واجب الدولة  لا غنى عنه  ولا مفر منه . وان الأسلوب الأمني هو حل ظرفي  ومؤقت  وعاجز  لمطالب غدت ملحة جدا  وتمس أوسع جماهير شعبنا في القطر خاصة أمام الغلاء المفرط في الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية  وأمام تزايد صعوبة الحياة المعيشية .     النفطي حولة :  22جانفي

 

قراءة في ما وراء الأحداث (2/2)

 
بقلم: شوقي بن سالم إعلامي وناشط سياسي أشرت في المقال السّابق إلى جملة من الملاحظات الأساسية المرتبطة بأحداث الحوض المنجمي بجهة قفصة أختزلها في النقاط الثلاث التالية: 1ـ إنّ مشروعية المطالب لا تبرّر بأيّ حال من الأحوال محاولة التعدّي على هيبة الدولة والسعي لتوظيف مطالب اجتماعية لتحقيق أغراض سياسية تهدف إلى التشكيك في المسار الديمقراطي الوطني والتشويش على المنجز السياسي. 2ـ إنّ التعاطي الإعلامي في مجمله مع هذه الأحداث كان ساذجا ومنح البعض فرصة الترويج للإشاعات وقلب الحقائق وتزييف الوقائع. 3ـ إنّ هذه الأحداث قد أسقطت ورقة التوت عن كثير من الأحزاب. فمن جهة استغلت بعض هذه الأحزاب والتيارات السياسية هذه الأحداث لصالح أجندة غير وطنية في عمقها. ومن جهة أخرى وجدت أحزاب أخرى نفسها خارج الموضوع تماما وكشفت أن ما تدّعيه من حضور حزبي في كامل تراب الجمهورية مجردّ بضاعة للاستهلاك الإعلامي والحزبي للتغطية على عديد المشكلات التي تعيشها. ولا شكّ أنّ ما حصل في الحوض المنجمي ليس كارثة كما يريد البعض الترويج له بل يمكن تنزيله في إطار التعبير الاجتماعي العفوي عن بعض المطالب ذات الصلة بالحقّ في توفير فرص العمل وهو مطلب كونيّ. لكن ما هو ثابت في اعتقادي أنّ هذه الأحداث كما انطلقت عفويّا سستوّقف قريبا لا سيّما في ظلّ ما أبدته السلطات من حرص على  معالجة أسباب هذه الاضطرابات وحرص على اعتماد الحوار كمنهج تفاوضيّ بمنأى عن كلّ أشكال الضغط. وبالتوازي فإنّ هذه الأحداث فتحت الأبواب لنقاش عقلانيّ حول وظائف الأحزاب الاعتدال والوفاق المنخرطة في المسار الديمقراطي الوطني ومدى قدرتها على الاضطلاع بمهامها وقدرتها على تعبئة الرأي العام لحماية الاستقرار الاجتماعي وأيضا مدى قدرتها على المحافظة على مسافة واضحة في علاقة بالحزب الحاكم. ولا أنكر أنّ أحد أسباب ضعف هذه الأحزاب هو ما يمارسه البعض من تضييقات على عملها خاصة في المناطق الداخلية. فالعديد من المسؤولين الجهويين لم يستوعبوا بعد أنّ هذه الأحزاب هي جزء متأصل من المنظومة الديمقراطية الوطنية وأنّ المشهد الديمقراطي لا يمكن أن ينفصل عن هذه الأحزاب. كما أنّ الارتباط الذي ما زال قائما بين أجهزة الدولة والحزب الحاكم لا يسمح للمسار الديمقراطي بالنموّ بالشكل المطلوب. غير أنّ هذه الأسباب لا تنفي بالضرورة مسؤولية هذه الأحزاب في حالة الضعف والوهن التي تعيشها ومحاولة تحميل السلطة كلّ الحِمل فيه الكثير من التجنّي. فكثيرا ما اشتكت هذه الأحزاب من ضعف مواردها المالية والتي حالت دونها ودون الاتسّاع والتطوّر. لكن ورغم مضاعفة المنح القانونية لهذه الأحزاب وتمتيع صحفها بامتيازات عديدة فإنّ مستوى أداء بعضها تراجع بصورة مذهلة ومخيفة وباتت منعزلة عن الحراك السياسي واستنزفت قيادتها جهدها ضمن دائرة ضيّقة لا تتعدّى حدود الإقصاء والتهميش والطرد والتجميد لمناضليها. كما حصرت هذه القيادات الأحزاب في إطار رؤية تسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الشخصية ضمن إطار محاصصة داخلية. ومن المفارقات العجيبة أنّ هذه الأحزاب وبقدر ما تحرص الإرادة السيّاسية العليا على توفير كلّ ممهدّات العمل السيّاسيّ أمامها لتشارك في البناء الحضاريّ الوطنيّ تصرّ هذه الأحزاب على تقزيم ذاتها والتعاطي بسطحيّة مخجلة مع الأحداث السياسيّة. إنّ أحداث الحوض المنجمي قد أغرقت هذه الأحزاب في دوّامة من الضيّاع خاصة بعد فشل ” اللّقاء الديمقراطيّ ” الذي كان من المفترض أنْ يكون أداة للنضال ضدّ قوى التطرّف ومعبّرا عن شواغل المواطنين التونسيين. وبالتوازي مع ذلك نجد أنّ أحزابا أخرى لا تتمتع بالتمويل العمومي لأسباب قانونية استطاعت أن تفتكّ مواقع عديدة لذلك فالمشكلة ليست في التمويل وليس في المناخ السياسيّ العام بقدر ما هو خلل جوهريّ في كيفيّة تسيير هذه الأحزاب تتحمله قيادتها التي تفرّغت لكلّ شيء باستثناء ممارسة السياسة. والسؤال المنهجيّ كيف سيستطيع بعض هذه الأحزاب التواجد في منطقة الحوض المنجميّ بعد أن تعاملت مع هذه المشكلة باعتباطية سياسية بدائية واستسلمت لخصومها الإيديولوجيين بسهولة مزعجة وتركت شريكها في وقت دعت فيه الضرورة إلى الوقوف مع هذا الشريك. ما حدث في الحوض المنجمي حدثٌ عابر في التاريخ السياسي لتونس لا يجب تهويله وتحميله ما لا يحتمل ولكنّه أيضا حدث هام لأنّه كشف ضعف بعض الأحزاب وعدم قدرتها على المواجهة السياسية وضعف أدائها. ولم تجد من حلّ للنأي بنفسها عن الشأن الوطنيّ سوى الانشغال بتطورات الملف النووي الكوريّ وتداعيات الأزمة الداخلية في فنزويلا وحظوظ الفريق الوطني لكرة القدم في الترشّح لنهائيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا. ورغم قتامة هذه الصورة فإنّ الأمل ما يزال قائما في ظلّ وجود إرادة سيّاسية صلبة وقويّة كثيرا ما تدخلت لتعيد هذا الأمل بعد أن يستبد بنا اليأس..   

وجهة نظر: الصمود هو وحده الكفيل بهزم الديكتاتورية

 
إيقافات بالجملة، محاكمات على وجه السرعة، تنكيل بالمواطنين، سبّ وشتم للموقفين ولغير الموقوفين، مداهمات للمحلات التجارية وللمساكن، تشفي من ضعاف الحال من أبناء شعبنا، تعذيب وإهانات للذين تجرؤوا على الوقوف في وجه جبروت بن علي وخدمه. تلك هي الأخبار التي تصلنا اليوم من الحوض المنجمي وخاصة من مدينة الرديف بعد إطلاق الرصاص الحي على المواطنين العزل وسفك الدماء وسقوط عديد الجرحى. بعد إغتيال الشاب حفناوي مغزاوي صرّح السيد برهان بسيس على شاشة الجزيرة، مبررا سلوك البوليس ومدافعا عن ديكتاتورية بن علي، أن الدولة كانت في حالة دفاع عن النفس. متناسيا بذلك أن الدولة هي دولة قهر وظلم، دولة عائلات المافيا والعمالة، وأن ضحاياها العديدة تفضح الوجه الحقيقي لهذه الدولة وتعري عورتها. إسماعيل حليمي نزع أعوان البوليس كل ملابسه وجروه على الأرض حتى مركز الشرطة بالرديف، أما رئيس المركز، بوهلال عكرمي، فقد استعمل ضده الضرب والشتم و”الفلقة”. عاطف بن صالح تمّّ التنكيل به في نفس المركز من الساعة الثامنة صباحا إلى الرابعة من صباح الغد: ضُرب على المناطق الحساسة، كما تعرّض للإهانات والحرمان من النوم. عبيد الطبابي سُلّم خوذة بوليس ثمّ انهالوا عليه بالحجارة إلى أن سقط مغشيا عليه. جابر لخضر الطبابي تعرض إلى تعذيب وحشي حيث قام جلدوه بتعليقه في وضع الفروج وأدخلوا عصا في مخرجه عديد المرات. هذا قليل ممّا يُسمّيه برهان بسيس وأمثاله من المنافقين بالدولة “في حالة دفاع عن النفس”. والحق هو أن مثل هذه الدولة وموظفيها من البوليس ووزراءها و”برلمانييها ” و”قضاتها” ورئيسها لا يستحقون فلسا واحدا من الإحترام. كل إناء بما فيه يرشح. ومعناه أن آخر التجاوزات في حق المواطنين، والاعتداء على كرامتهم وإنسانيتهم، ومصادرة حقوقهم والتنكيل بهم في مراكز الشرطة ذلك كل ما يمكن أن تجود به دولة بن علي وخدمها. أما منافقيها من السياسيين والصحفيين فعليهم بالإفتراء على هؤلاء من أبناء شعبنا. ذلك أن تشويه الحقائق هو المكمّل لسياسة العنف التي تمارسها الديكتاتورية ضد شعبنا. فهذا وذاك وجهان لعملة واحدة. يا أهل الرديف والمتلوي وأم العرايس والقصرين وقفصة انتم طالبتم بالشغل والكرامة. بعضكم طالب بأجر زهيد من أجل العيش، بعضكم طالب بإعانة مساعدة لإعاقته، بعضكم طالب بتخليصه من عبء فاتورة الماء أو فاتورة الكهرباء. وطالبتم كلكم بالعزّة والشرف وطالبتم كلكم بالمواطنة. ان يكون موظف الشأن العام منكم لا عليكم وقاضي الحال منكم لا عليكم ونقابي إتحاد الشغل منكم لا عليكم. ومن خيرات أرضكم وترابكم ومائكم طالبتم بقسط يطعم صغاركم وأولادكم ويخفف عنكم أعباء الحياة. فماذا كان ردّ حكامنا غير رصاص ودم، إهانات وسب وشتم، سرقة ونهب، تعذيب وتنكيل وإذلال، وفي الآخر محاكمات وسجن. لقد طالبتم بالكثير يا أهل الخير في الفؤاد لا في الجيب. بن علي على جبروته وشدة سلطانه وطول لسانه لا يملك لا شغلا ولا خبزا ولا منحة لعاطل ولا إعانة لمعاق ولا صيانة لمحتاج أو مريض. وأين له بالعزّة وأين له بالكرامة وهو لا يملك منهما حفنة واحدة. الديكتاتورية لا تملك لأبناء تونس إلا القهر والظلم وتصدير خيرات جنوبها وشمالها. صدق من قال “حاميها حرميها”! أما قضاة تونس فهم مستقلون ولكن عن العدل والإنصاف. مع أنكم لم تطالبوا في مسيراتكم لا بعدلهم ولا بإنصافهم حتى لا تُدانوا بذنب السياسة. وصحافة تونس الضليعة في البهتان والتزييف فعينها، ان كان لها عين، على كأس كرة القدم الأوروبية لا على هموم الرديف و هموم نسائها. مع أنكم لم تطالبوا لا بحرية الصحافة ولا بنزاهتها حتى لا تُدانوا بركوب السياسة وحيل السياسيين. أما جيشنا المغوار فقد أخذ على عاتقه تمشيط البلاد بحثا وترهيبا لشباب أعزل، لا سلاح له غير الحناجر والحجارة أحيانا. هذا العسكر يريد إيهامنا أن بطشه ودعارته أقلّ وطأة من بطش ودعارة فرق البوليس. والحق إن جيشـ”نا” وطني لا في الدفاع عن الوطن بل في التنكيل به وإذلاله. وهو في ذلك لا يشذ عن القاعدة التي تحكم كل جيوش الدول العربية: إنهم أسود في مواجهة شعوبهم فئران أمام الجيوش الإمبريالية وإسرائيل. لا يتقنون فنون الحرب والقتال إلا في مواجهة مواطنيهم العزل. وانتصاراتهم لا يُحققونها إلا في أحياء البطالة والفقر. هذه الجيوش، يوم يرفع أحدها إصبعا واحدا في وجه إسرائيل أو أمريكا أو غيرهما من الإمبرياليين سنكون متأكدين أن قيادة أركانها مثمولة. إن الأحداث الأخيرة بالحوض المنجمي وما تبعها من اشتداد سياسة القمع والتنكيل بالمواطنين لا يجب أن تُصيب معنويات شعبنا ومناضليه بأي نوع من التشاؤم. الديكتاتورية لم تفلح سياسيا في حل الأزمة ولم تقدر على فتح أي آفاق لها وفشلت وفشل أذنابها في ترويض قادة التحرك إلى حدّ الساعة. أما جماهير شعبنا، وخاصة التي واجهت بوليس بن على ولا زالت تواجه، فهي تتعلم بتجربتها الخاصة على أرض الواقع لا في الكتب والخطابات كيف يمكنها أن تواجه الديكتاتورية وكيف يمكنها الإنتصار عليها. صحيح أن موازين القوى لا تزال في الظرف الراهن لصالح الديكتاتورية، لا بفضل الحنكة السياسية لبن علي بل فقط بفضل البوليس والجيش. لمواجهة هذا البوليس وهذا الجيش شعبنا في حاجة لأن يحرك كل سواعده في كل أنحاء البلاد من جنوبها إلى شمالها. لتحقيق النصر شعبنا في حاجة لأن ينتصب بكامل هامته أما الديكتاتورية. فالقوة لا تقهرها إلا القوة. أما جملة المطالب والمناشدات الحالية فإن بعضها لا زال يحتوي جملة من الأوهام. نشير على الأقل إلى اثنين منها: الوهم الأول يكمن في الإعتقاد أن حلّ الأزمة والإستجابة لمطالب متساكني الحوض المنجمي ممكن بالحوار مع السلطة. كل الأحداث الأخيرة تأكد عكس ذلك. عجز كامل للسلطة على تقديم أي حل. أما التنكيل الذي تعرض له أهل الرديف وغيرهم في الأيام الأخيرة فهو يكشف الوجه الحقيقي لهذه السلطة. الوهم الثاني يكمن في الاعتقاد أن الجيش التونسي يمكن أن يحمي المواطنين من بطش البوليس وهمجيته. والحق أن السيناريو لا يتعدى تقاسم الأدوار بين أجهزة القمع التي يتحكم فيها بن علي. وإذا صحّ أن في جيشـ”نا” من له إرادات وطنية حقيقية فإننا لا نودّ غير ذلك، وإذا كان بالفعل في مقدور جيشـ”نا” أن يحرّك ساكنا ضد بوليس بن علي وداخليته فإن نساء الرديف سيستقبلون رجالاته كما أُستقبل نبيّ المسلمين في المدينة: بالأغاني والزغاريد. ولكن الأوهام سمّ قاتل لمن يريد الحياة وضباب كثيف أمام طريق النجاة. فليس أمام شعبنا إلا طريق النضال والتضحية، فليستعد وليعدّ ما يكفي من القوة، لا لترهيب الديكتاتورية بل لدكّ أركانها! غسّان الماجري (المصدر: “البديـل عاجل”، قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 21 جوان 2008)  

وجهة نظر: مساهمة في بيان حقيقة احتجاجات الحوض المنجمي

 

 
الرديف 12 جوان 2008 Le développement spontané du mouvement ouvrier tend à le subordonner à l’idéologie Bourgeoise- Lenine لقد انطلقت الاحتجاجات الشعبية في الحوض المنجمي منذ 5 جافني على اثر نتائج المناظرة التي نظمتها شركة فسفاط قفصة، لكنه لا يمكن فهم حقيقة دلك باعتباره مجرد ردة فعل لأن ردة الفعل تكون دائما مغرقة في عفويتها فلا تقوم على عمق اجتماعي شعبي بل إنها تنحسر زمانيا ومكانيا. غير أن ذلك يبقى فهما سطحيا وساذجا وغير علمي، فلا يقوم على معرفة بطبيعة المجتمع التونسي من جهة بنيته الاجتماعية والاقتصادية ولا من جهة بنياته السياسية والحقوقية والمؤسساتية والإيديولوجية والثقافية. وهدا يعني أن كل تحليل موضوعي، متمسكا باليات التفسير العلمي، يدرك أن الاحتجاجات الشعبية التي عمت الحوض المنجمي كانت حصيلة تراكمات تاريخية تعود أصلا إلى سنة 1956 فقد خلف الاستعمار بورجوازية تابعة عاجزة فشلت في انجاز مهماتها التاريخية باعتبارها مهمات وطنية ديمقراطية…وهو ما يؤكد ،فعليا، أن مواصلة الاعتقاد في قدرة البورجوازية الوطنية على تغيير المجتمع وتحويله هو اعتقاد زائف، لذلك فقد تحدث منصور حكمت عن أسطورة البورجوازية الوطنية والتقدمية. نعني بذلك أن هده البورجوازية التابعة قد فشلت في تحديث المجتمع التونسي: –  فشل الإصلاح الزراعي وتجربة التعاضد مع احمد بن صالح… –  بناء مؤسسات اقتصادية غير قادرة على المنافسة. –  تنمية ممركزة في جهات محددة : الشمال والساحل. –  التبعية للرأسمال العالمي ومؤسساته البنكية والمالية خاصة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي أي قيام رأسمالية تابعة للامبريالية الاحتكارية العالمية. –  الارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية دون أن يوافقه تحسين للأ جور. –  ارتفاع في نسب البطالة وخاصة لدى أصحاب الشهائد. –  إعادة هيكلة ألاقتصاد وخوصصة مؤسساته منذ 1986. –  فشل المفاوضات الاجتماعية وتخلي الإتحاد العام التونسي للشغل عن دوره الريادي وألمطلبي والنضالي في ظل سيطرة بيروقراطية نقابية فاسدة مهمتها تنحصر في تمرير مشروع السلطة السياسية لتحقيق الوفاق الوطني والسلم الاجتماعية…مثل مشروع مدرسة الغد وصندوق التأمين على المرض. –  سيطرة الحزب الواحد الذي تأكد مند جافني 1963 والتداخل بين الدولة والحزب الدستوري أو التجمع وفق نسخته الحالية. –  قيام نظام ديكتاتوري فاشي يعمل على قمع الحريات العامة : حرية التفكير، حرية التعبير، حرية التجمع، حرية التنظم ويكفي الإطلاع على قانون الصحافة وقانون الجمعيات والمجلة الانتخابية أو كذلك النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل أو المنشورات الصادرة عنه خاصة المنشور83 بتاريخ جافني 2008 الذي يفرغ هياكل الإتحاد من كل نفس مطلبي فعلي ونضالي. –  غياب كلي لمعنى المواطنة دستوريا وحقوقيا وقانونيا وتشويه مفهوم السيادة وتعمق التناقض بين الشعب والدولة في خياراتها السياسية والاقتصادية والثقافية الخاضعة لتوجيهات الإمبريالية العالمية وفق منطقها النيوليبرالي المعولم. –  وجود أحزاب سياسية ديكورية تعمل على خدمة مصلحة السلطة في الترويج لمزاعم الديمقراطية البورجوازية وأكذوبة دولة القانون والمؤسسات. لكن ذلك يبين حيل السلطة وألاعيبها في استثمار هذه الأحزاب لإضفاء المشروعية على سياساتها الليبرالية المعادية للشعب مثلما يتجلى ذلك في الانتخابات التشريعية والرآسية خاصة في العشريتين الأخيرتين. –  منع الأحزاب السياسية الحقيقية والجماهيرية من حرية العمل القانوني باعتبارها أحزابا حاملة لمشروع بديل مجتمعي رغم الاختلاف في تحديد طبيعته أو أسسه النظرية والإيديولوجية… تتبين من ذلك أن في كل مجتمع رأسمالي تابع تنهار مزاعم تقدمية البورجوازية الوطنية ونعلم جميعا أنه بعد الحرب العالمية الثانية انتهت حركات التحرر الوطني إلى إمساك البورجوازية التابعة للحكم في عديد الدول الإفريقية والآسيوية وأنها قد فشلت في تحقيق مهمتها التاريخية خلافا للبورجوازية الوطنية الأوروبية أي في الرأسماليات التقليدية التي أنجزت ثورات وطنية ديمقراطية مثل ثورات 1848 أو1789… التي غيرت بنية هده المجتمعات تغييرا جذريا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وتقنيا علميا وثقافيا. لذلك فانه علينا الإقرار بالحقيقة الأساسية التالية : أن في الرأسماليات التابعة والمستعمرات الجديدة لا يكون انجاز المهام البورجوازية الديمقراطية إلا من خاصة الجماهير الشعبية بقيادة الطبقة العاملة لكن عليها أن تحدد أفقا اشتراكيا لذلك حتى تكشف عن الطابع الطبقي لمهامها التكتيكية. وبمعنى آخر انجاز ثورة شعبية ذات مضمون وطني ديمقراطي وذات أفق اشتراكي ونقصد بذلك انجاز المهام العاجلة والمباشرة المتمثلة في برنامج حد أدنى أساسه ضرب من النضال الديمقراطي لتحقيق إصلاحات عاجلة في مسائل الحريات وحقوق الإنسان غير أن ذلك يشترط تحالفا شعبيا والتقاء سياسيا حول هكذا برنامج باعتباره لا يتخطى حدود اللحظة التكتيكية ومثالنا على ذلك هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات… أن المتتبع لاحتجاجات الحوض المنجمي في المتلوي والمضيلة وأم العرائس وخاصة في الرديف يدرك ،حقا، أنها تعبير كمي ونوعي عن الصراع الطبقي فقد ميزت فعليا بين طبقة حاكمة ومضطهدة وبين أخرى شعبية محكومة ومضطهدة. ويمكن أن نبين ذلك بطريقة مختزلة في النقاط الأساسية التالية: –  تحول هده الاحتجاجات من طبيعتها العفوية إلى أن تتخذ شكلا منظما وواعيا راسمة لتكتيكاتها وأشكالها النضالية المختلفة: الإعتصامات، إضرابات الجوع ،نصب الخيام، المسيرات الحاشدة والمنظمة، التجمعات الخطابية الضخمة، العرائض، البيانات…و محددة، بكل وعي ومسؤولية ،لأهدافها المتمثلة في حق الشغل والحق في التنمية والتوزيع العادل للثروة الوطنية والحق في المواطنة والعيش الكريم ومحاسبة الانتهازيين والسراق الذين كدسوا الثروة استغلالا لنفوذهم السياسي أو النقابي. –  التفاف مجموعة من النقابيين الأحرار والسياسيين والمناضلين حول هده الاحتجاجات الاجتماعية والشعبية لتكسبها عمقا نضاليا واعيا وتجلى ذلك في تشكيل لجان محددة من جهة مهامها خاصة لجنتي الإعلام والتفاوض اللذان حققا مكاسب ونجاحات على غاية من الأهمية. وهو ما جعل من الاحتجاجات في الرديف تتخذ طابع الحركة الاجتماعية. –  اصطفاف الجماهير الشعبية وراء مطالبها ومصالحها الطبقية واضعة حدا لظاهرة “العروشية” التي غذاها الاستعمار واستثمرتها البورجوازية التابعة لتفكيك وحدة المضطهدين من عمال وفلاحين ومعطلين عن العمل. –  توسع الاحتجاجات الشعبية لتمتد إلى ولاية القصرين ويدل ذلك على أن المطالب التي رفعتها الحركة بالرديف هي في حقيقتها مطالب تخص كل الشعب التونسي وليس فقط جهة ما أو فئة معينة. –  تنامي الوعي الطبقي والإجماع على أن تحقيق المطالب لا يكون إلا بتوسل النضال كنهج يستقيم عليه العمل وتقوم عليه الممارسة ويعني ذلك تحقق الوعي الذاتي الذي يمثل أساسا لكل فعل نضالي طبقي لان حركة الشعب بقيادة الطبقة العاملة مثلما بين ماركس في البيان الشيوعي هي “الوعي الذاتي والحركة المستقلة للغالبية العظمى من الناس في مصلحة غالبية الناس”. –  مساندة احتجاجات الحوض المنجمي عامة والحركة الاجتماعية بالرديف خاصة من طرف مكونات المجتمع المدني الحقوقية والسياسية وكان ذلك في شكل بيانات أو زيارات للرديف للتعبير عن المساندة والدعم أو تكوين لجان جهوية ووطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي أو كذلك بيان الهيئة الوطنية للمحامين وتشكيل لجنة الدفاع عن أبناء الحوض المنجمي ولجنة المساندة بفرنسا ونذكر جميعا التحركات الأخيرة في باريس ونانت… –  عجز السلطة عن تلبية مطالب المحتجين الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والاكتفاء ببعض الاجرآت التي لا ترتقي إلى الحد الأدنى تمثلت في وعود ثبت أن هده السلطة غير جادة فيها لذلك فقد مارست شتى أشكال المناورة: الالتفاف على المطالب الشعبية التي صاغتها الحركة بالرديف رغم أنها ،حقا، حركة احتجاجية سلمية مدنية أو تعطيل المفاوضات أو كذلك عدم الاعتراف بشرعية لجنة التفاوض. –  اعتماد السلطة على جهازها القمعي لمحاصرة مدينة الرديف والتنكيل بأهلها واعتقال مجموعة من قادة الحركة والمناضلين الأحرار وتعذيبهم تعذيبا منهجيا لكن استماتة أهالي الرديف البطولية وقدرتهم العظيمة على مقاومة قوات القمع في مواجهات دامية سيخلدها تاريخ هدا الشعب وستحفظها ذاكرته أدت إلى الإفراج عنهم. غير أن القمع لم يقف عند حدود عسكرة المدينة والاعتقالات والمداهمات الليلية للمنازل بل انه اتخذ شكلا أكثر فاشية ودموية تمثل في قتل بعض المحتجين: هشام بن جدو العلايمي على اثر صعقة كهربائية في تبديت وحفناوي بن رضا المغزاوي بعد إطلاق النار على المحتجين العزل في الرديف مما أدى كذلك إلى إصابة العديد منهم إصابات متفاوتة الخطورة. وقد استوجب ذلك تدخل قوات الجيش التي انتشرت فعليا داخل المدينة. ويكشف هدا الوضع الأمني الحرج عن الطبيعة القمعية الوحشية واللاانسانية لهذه السلطة وتهافت مزاعم دولة القانون والمؤسسات الحاملة لشعار حقوق الإنسان. ويمكن مراجعة تقارير الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب حول الاعتقالات بالرديف لمعرفة حجم هده الجرائم في حق كل من ينهض سلميا مطالبا بحقوقه المشروعة. ورغم هذه الأحداث المغرقة في القمع فان موقف السلطة الرسمي على لسان وزير العدل وحقوق الإنسان وأقول جيدا حقوق الإنسان أو حتى كذلك موقفها غير الرسمي انتهيا إلى اعتبار الاحتجاجات غير شرعية وغير قانونية لان منطق السلطة هو المحدد لمعايير الشرعية والقانونية وأن المركزية الدكتاتورية المتمثلة في السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وكذلك الحزب الحاكم والمركزية النقابية والمؤسسات الإعلامية الرسمية جعلت من احتجاجات الحوض المنجمي مجرد عملية شغب تخل بالنظام وبقواعد الانضباط وتحطم المفعول الإيديولوجي السلطوي المتمثل في أسطورة الأمن والسلم الاجتماعية. لكن ذلك، حسب منطق تفكير جان بودريار، لا يتخطى حدود الأسطورة التي تؤبد خيارات السلطة وخيارات رأس المال المعولم اللذان ينتهيان إلى شرعنة الاضطهاد وأنسنة الاستغلال والسيطرة على الشعوب. بل أن الأمن والسلم الاجتماعية هما، في الحقيقة، تعبير صادق عن الايدولوجيا البورجوازية حسب الماركسية اللينينية. وفي الحقيقة أن موقف السلطة هو موقف العدو الطبقي الذي يراهن على القمع كسبيل لتحقيق الأمن ويتفانى في تبرير خرق القانون باسم القانون والحط من كرامة شعب أعزل رافعا راية حقوق الإنسان. لقد اعتمدت السلطة في تبريرها لجرائمها في مدينة الرديف، تحديدا، على الأفواه الرخيصة والأقلام المأجورة وأبواق الدعاية المفضوحة وأشباه المثقفين أي كلاب الحراسة بلغة بول نيزان. ويمكننا اعتبار المدعو” برهان بسيس” نموذجا أمينا لكل مثقف مفلس رغم انه لا يملك من البرهان سرى الاسم، فننصحه،على عجل، بأن يقرأ أرسطو وابن رشد وبريلمان Perelman.. حتى يفقه معنى البرهان وأصنافه وشروطه الابستيمولوجية والمنهجية والاتيقية أولا وحتى يكون جديرا بمحاورة مناضلي الرديف الأبية ثانيا. وقد ركز هدا المثقف المفلس في حواره مع السيد الطاهر بن حسين الذي بثته قناة الحوار التونسي بتاريخ 6 جوان 2008 الموافق دكتاتوريا لبداية التصفية الجسدية للمشاغبين والمعلن ديمقراطيا ونضاليا عن سقوط ثاني شهداء انتفاضة الكرامة ،على النقاط الأساسية التالية : –  أن احتجاجات الحوض المنجمي ليست إلا أعمال شغب وتخريب للمؤسسات وتعطيل للدورة الاقتصادية. –  حق السلطة في قمع المحتجين…؟؟؟ –  النوايا الحسنة للسلطة ووعدها بتحقيق تنمية شاملة تحد من البطالة وتقضي على التلوث. –  اعتبار أن المداهمات للمنازل ومحاصرة المناضلين من نقابيين وحقوقيين مثلما حدث ويحدث للمناضل الحقوقي ومنسق اللجنة الوطنية لمساندة الحوض المنجمي السيد مسعود الرمضاني لا تتجاوز الاجتهادات الشخصية لأعوان البوليس… –  الحديث من جهة أخرى، بحماس، عن دولة القانون والمؤسسات وحرية التعبير. –  إرجاع البطالة والتنمية المتعثرة أو المعدومة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية. –  نقد الأحزاب السياسية المعارضة المساندة لاحتجاجات الحوض المنجمي واتهامها بتوظيفها سياسيا. –  أن هده الأحزاب فاقدة للجماهيرية والشعبية في مناطق الحوض المنجمي. –  التذكير بأن عصر الزعامات والستالينية قد ولى. نحن نعتقد ،بكل مسؤولية، أن هذا المثقف المفلس أو المثقف التقليدي بلغة غرامشي ليست له أدنى معرفة بحقيقة ما يحدث في الحوض المنجمي من حراك اجتماعي سلمي مدني وأنه لم يطلع أبدا على أي بيان من بيانات الحركة الاجتماعية الأهلية خصوصا بالرديف بل انه فاقد لانتمائه الاجتماعي الفعلي. بالتالي فان حديثه عن الاحتجاجات فاقد للوجاهة وهو بكل المقاييس حكم مسبق لكنه مقصود إذ توجهه إرادة تشويه الحقيقة ومصادرة الحق لان خلفيته متأصلة في منطق السلطة وقائمة على ايديولوجيتها البورجوازية البائسة اللاديمقراطية. فالمنطق الداخلي الذي يحكم حديث هدا المثقف المفلس هو مثال لطريقة تفكير مثقفي السلطة من جهة أنه منطق متناقض ومشتت بين فعل مؤسسات السلطة وبين فعل الأفراد أي بين القانوني وبين اللاقانوني أو بمعنى آخر الجمع في ذات الآن بين الشرعي واللاشرعي. لكننا نعلم كل العلم أن الفكر السياسي قد شيد حداثته على التمييز القطعي بين ما هو قانوني وبين ما هو غير قانوني، بين ما هو شرعي وبين ما هو غير شرعي أي الفصل الدقيق في الممارسة السياسية بين العقلاني وبين اللاعقلاني نفيا لكل أشكال العنف والفوضى والاستبداد والحكم المطلق بل إن القول بدولة القانون والمؤسسات يتعارض كليا مع اعتبار أن محاصرة المناضلين وإيقافهم عملا فرديا شاذا قد يكون مزاجيا أو وفق الأهواء والرغبات. فأي منطق هدا الذي يذيب المؤسسة والقانون في رغبة الأفراد؟ أليس هو منطق اللامنطق؟ يبدو أن مثقفنا هدا لا يتحدث عن دولة القانون والمؤسسات إلا على سبيل المزاح الأبله والرديء أو إن شئنا على سبيل الدعاية الجوفاء والمتهافتة لنظام سياسي متداعي. ويبدو كذلك أنه سعيد برأسماله الانتهازي مثل غيره من الانتهازيين، فرغم سلب الحقوق الدستورية والقانونية والإنسانية فانه فخور بحرية التعبير. ويبدو أخيرا أن الحركة الاجتماعية الأهلية التي يعرفها الحوض المنجمي عامة قد بددت أوهامه وأوهام أمثاله من اللاديمقراطيين في “موت هدا الشعب” واستسلامه الكلي للسلطة وخضوعه لخياراتها اللاوطنية أو بكلمة أخرى القضاء على كل حس طبقي. لكن ذلك ،في الحقيقة، ليس إلا أحلاما بورجوازية بيروقراطية لان الأحداث تكذبها والوقائع تظهر زيفها، فنحن لا ننطلق إلا من التحليل الملموس للواقع الملموس أي معرفة علمية جدلية بالواقع مثلما كان لينين، دائما، يؤكد على ذلك. إذا فالفرق شاسع بين النهج الانتهازي وبين النهج الديمقراطي، بين تحليل يحلق في سماء الأوهام وبين أخر يحمل في ذاته لون الأرض ورائحتها. إن احتجاجات الحوض المنجمي وخاصة في الرديف اتخذت شكل حركة اجتماعية أهلية مطلبية ويتجلى ذلك في بياناتها وتجمعاتها الجماهيرية وكذلك في مفاوضاتها مع السلطة، وأكدت بكل ايجابية أنه لا يمكن توظيفها سياسيا غير أن ذلك لا يعني ،إطلاقا، رفض أشكال الدعم الممكنة ومساندة مكونات المجتمع المدني. فادعاء توظيفها سياسيا من جهة لا يعني أنها حركة غير شرعية ومن جهة أخرى فان ذلك لا يمثل إلا تبريرا أحمقا تتوسله السلطة بطريقة بافلوفية عمياء لتشويه المضمون الاجتماعي والمطلبي والديمقراطي لكل احتجاج أو حركة، ويعود هدا الادعاء أولا إلى إرادة تكريس إيديولوجية الحزب الواحد الحاكم باعتباره حزبا جماهيريا بينما يثبت الواقع أنه غير ذلك، ويعود ثانيا إلى رفض الاختلاف والتعددية رغم ان السلطة في خطابها الرسمي أو في خطاباتها الغير رسمية تتحدث، في كل المناسبات، عن خيارات التعددية والتنوع السياسي والديمقراطية، بل إن دولة القانون والمؤسسات تتأسس دستوريا وقانونيا وسياسيا وحقوقيا ونظريا على منطق الاختلاف، ويعود ثالثا إلى خوف السلطة من الأحزاب السياسية الفعلية القادرة على الفعل الاجتماعي والسياسي وأن عملية حرمانها اللادستوري من العمل السياسي القانوني والعلني يثبت جماهيريتها وشعبيتها… وينتهي هدا المثقف المفلس الأبله ،تعريفا، إلى الحديث عن انتهاء عصر الزعامات بلغة متبرجزة ومتبقرطة متهما المناضلين الأحرار الديمقراطيين وحاملي هموم الفقراء والعاطلين عن العمل والمضطهدين بأنهم يطلبون الزعامة، وهو لا يعلم ان كل حركة اجتماعية وفق ظروفها الذاتية والموضوعية تنتج قادة وزعماء يمثلون طليعتها فتاريخ الشعوب يبرهن على ذلك. ونحن ندعوه إلى قراءة هدا التاريخ مثلا : روسيا 1917 / ألمانيا 1919 / المجر 1919 و1956/ ايطاليا 1919 و1920 / اسبانيا 1936/ فرنسا 1968/ البرتغال 1974/ البرازيل 1982… إننا لا نعني بالزعامة عبادة الشخصية الكاريزماتية وإنما لكل مرحلة من تاريخ الشعوب قادتها الديمقراطيين الأقدر على التوجيه والتكتيك والمناورة السياسية وفق موازين القوى وحسب وضعية المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكذلك حسب الوضع الدولي والعالمي. ويبقى النقد والنقد الذاتي هما أساس كل ممارسة سياسية وكل حركة اجتماعية واعية لان معرفة الأخطاء يمثل درسا لتقدم العمل إلى الأمام، ويمثل هدا جوهر الدرس اللينيني العظيم. –  المجد لشهداء الحركة الاجتماعية الأهلية السلمية بالرديف. –  الذل والعار للمواقف الانتهازية والبيروقراطية. الصيفي – الرديف. (المصدر: “البديـل عاجل”، قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 21 جوان 2008)

 

البطالة تلهب المغرب العربي أدناه وأقصاه

 

 
العربي مفضال (*)

لم يعتد مراقبو شؤون المغرب الأدنى، تونس، على تسجيل هبات وانفجارات اجتماعية في هذا البلد المغاربي، خلال العقدين الأخيرين على الخصوص. وكان هؤلاء يفسرون الاستقرار الاجتماعي التونسي من جهة أولى،بالتقدم الفعلي الذي حققته البلاد على صعيد التنمية الاقتصادية عندما تصدرت دول شمال إفريقيا في جذب الاستثمارات الخارجية وتسجيل نسب نمو عالية. وكان المراقبون المذكورون يفسرون الاستقرار الاجتماعي التونسي من جهة ثانية بتحكم النظام في الوضع من خلال أجهزة الدولة القوية والحزب الحاكم المهيمن الذي لم تستطع المعارضة، في حضوره، أن تتجاوز وضعها الهامشي ولا سيما بعد قمع تنظيم حركة النهضة الأصولي في أوائل العقد الماضي. وبالنظر إلى ما سبقت إليه الإشارة، فقد كان الاندهاش قويا خلال الأسابيع الأخيرة حين تحدثت الأخبار عن احتقان اجتماعي شديد في عدد من مدن ومراكز محافظة قفصة في الجنوب الشرقي للبلاد، وحين أدى هذا الاحتقان إلى صدامات بين المتظاهرين ورجال الأمن استخدمت فيها بعض العناصر من الأولين الزجاجات الحارقة، ورد عليهم الأخيرون بإطلاق النار الذي خلف، في السادس من الشهر الجاري، بمدينة الرديف قتيلا وعشرات الجرحى. وكانت مدينة الرديف وجاراتها: أم العرائس والمظيلة والمتلوي مسرحاً لاحتجاجات اجتماعية نظمها شبان عاطلون عن العمل وأهاليهم منذ بداية العام الجاري استنكارا للنتائج الضعيفة التي أسفرت عنها مباراة للتوظيف نظمتها الشركة العمومية لاستخراج الفوسفات العاملة في المنطقة التي تعتبر”حوضا فوسفاتياً”. وعلى الرغم من أن نسبة البطالة في صفوف الشباب، وفي صفوف خريجي المعاهد والجامعات على الخصوص، هي نسبة ارتفعت في تونس خلال السنين الأخيرة بسبب الاتساع الكبير للتكوين المهني والتعليم العالي من جانب، وعدم مجاراة الأنشطة الاقتصادية للعرض المتنامي من الموارد البشرية، فإن الوضع أكثر سوءا وصعوبة في عدد من جهات البلاد التي بقي حظها من التنمية الاقتصادية ضعيفا، وتجاوزت فيها البطالة المعدل العام، وشكل هذا الأمر مصدرا للتذمر والغضب والانفجار. وفي المغرب الأقصى، كاد المراقبون أن ينسوا تلك الانفجارات الاجتماعية الدامية التي كانت تندلع بمناسبة الاضرابات النقابية. أو بمناسبة التهاب الأسعار وتدهور القوة الشرائية لعامة المواطنين. وأصبحت الأحداث الدامية التي عرفتها بعض المدن الكبرى أو انتشرت في معظم جهات البلاد، وتدخلت قوات الجيش من أجل اخمادها في سنوات 1981 و1984 و،1990 أصبحت مجرد ذكريات حزينة. وعلى الرغم من بعض التحسن الذي عرفته الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المغربية منذ أواسط العقد الماضي، فإن العامل الأساسي المفسر لتراجع الانفجارات الاجتماعية في المغرب الأقصى منذ سنة 1990 هو عامل ذو طبيعة سياسية يرتبط بالانتعاش النسبي الذي عرفته الحريات السياسية والنقابية، وأصبحت معه السلطات أكثر تساهلا مع الأشكال الاحتجاجية السلمية من اضرابات واعتصامات ومسيرات. وكان التدخل المتسرع والعنيف لتلك السلطات في السابق. يؤدي سريعاً إلى الاحتقان والانفجار. وتكرس العامل السياسي المذكور خلال السنوات الأخيرة بعد مشاركة الأحزاب، التي ظلت في المعارضة خلال العقود الأخيرة من القرن المنصرم، في الحكومة منذ سنة 1998. ومعلوم أن هذه الأحزاب كانت أكثر ارتباطا بالمجتمع وبتنظيماته وجمعياته، وكانت مهيمنة على التنظيم والعمل النقابيين، وكان طبيعيا أن يؤثر وضعها الجديد في الحركة الاجتماعية المغربية ويدفع هذه الحركة إلى الاعتدال في المطالب وفي أشكال الاحتجاج. وإذا استثنينا ذلك، واستثنينا الوضع الخاص والاستثنائي والملتبس لبعض الاحتجاجات في بعض مدن الصحراء الغربية، فإنه يمكن القول إن المغرب تمكن من التخلص من الانفجارات الاجتماعية المدوية، ويمكن القول كذلك إن انفجار مدينة صفرو القريبة من مدينة فاس في الخريف الماضي، كان استثناء يثبت القاعدة، وأن قلة صبر وحكمة سلطات تلك المدينة أجج الغضب ودفع إلى الانفجار. ولكن ما حدث في مدينة سيدي افني الواقعة على المحيط الأطلسي على بعد 780 كلم جنوب الرباط.. يفرض التساؤل عما إذا كان المغرب قد تعافى حقا من خطر الهبات والانفجارات الاجتماعية. في السابع من يونيو/ حزيران الجاري تدخلت قوات الأمن المستدعاة من عاصمة الجهة، من أجل فك حصار ضربه شبان عاطلون على ميناء المدينة منذ الثلاثين من الشهر المنصرم، وأوقفوا حركة الدخول إلى الميناء والخروج منه، وحبسوا داخل هذا الميناء ما يقارب تسعين شاحنة محملة بالأسماك. وكانت حركة الاحتجاج قد انطلقت على إثر الاستياء والغضب اللذين اعقبا الإعلان عن نتيجة القرعة التي تم اعتمادها لملء سبعة مناصب شغل في بلدية المدينة، واتسعت مطالب المحتجين لتشمل متطلبات تنمية المدينة ومحيطها وتشغيل شبابها، وتوفير الخدمات الاجتماعية لساكنيها، وترقيتها إلى مستوى عمالة (محافظة). وانتظرت السلطات أكثر من أسبوع لحمل محاصري الميناء على فك الحصار، وحاورت المحاصرين، واستخدمت وساطات من الأعيان والمنتخبين. وفي اليوم التاسع من الحصار تدخلت بالقوة لإعادة الوضع إلى طبيعته، وسقط في هذا التدخل أكثر من أربعين جريحا أكثر من نصفهم من رجال الأمن. ووصل عدد الجرحى إلى هذا العدد بعد فك الحصار واتجاه المحتجين إلى جهات أخرى من المدينة لمواصلة المواجهات مع رجال الأمن واستخدام زجاجات المولوتوف الحارقة. وإذا كانت القواسم المشتركة بين الالتهابين الاجتماعيين التونسي والمغربي متعددة نخص بالذكر منها اتساع البطالة في صفوف الخريجين، وتفاقم الفوارق بين الجهات، وتجاوز المحتجين لقواعد الاحتجاج القانونية والسلمية، فإن ردود الفعل على الالتهابين كانت مختلفة. وهكذا، تناولت ردود الفعل في المغرب الأدنى ما سبق الصدامات الدامية، وما عرفته هذه الصدامات، وما يتطلبه المستقبل. ولم تتلعثم قوى المعارضة التونسية التي أصدرت مواقف من أحداث مدينة الرديف. وأكد بعضها أنها “تتفهم تطلع أبناء جهة الحوض المنجمي إلى تحسين أوضاعهم الاجتماعية”، ولكنها أصرت على دعوتهم إلى “التعقل وتغليب المصلحة الوطنية والنأي عن كل أعمال الشغب”. واعتبرت إحدى قوى المعارضة التونسية. أن “النقد والاحتجاج حقوق مدنية أساسية تحتاج ممارستها إلى الانضباط الكامل لأحكام القانون”، وأضافت “أن المطالب مهما كانت شرعيتها لا تتيح لأصحابها انتهاك القوانين واشاعة الفوضى” . أما في المغرب الأقصى فإن معظم مواقف الأحزاب والجمعيات الحقوقية والتغطيات والتعليقات الصحافية قفزت عن كل ما حصل قبل تدخل قوات الأمن لفك الحصار عن ميناء سيدي افني. وكان ذلك التدخل هو “بداية التاريخ” بالنسبة إليها، وابتلعت كل ما أصبح يصل إليها من أخبار موثوقة وزائفة من طرف واحد من طرفي الصدام وهو طرف القوات الأمنية الذي قالت عنه انه عاث فسادا في المدينة ضربا ونهبا واغتصابا. وإذا كانت السلطات في تونس والمغرب مسؤولة عما جرى لأنها لم تقم بالجهد الكافي في الحد من الفوارق الجهوية، وفي التواصل والحوار مع سكان المناطق التي تعرضت إلى التهميش، فإن ذلك لا ينبغي له أن يشكل ذريعة لتهديد الاستقرار الاجتماعي والسياسي. بل ينبغي له أن يشكل مدخلا للاستدراك والتصحيح والتصالح الحقيقي مع السكان المحتجين. (*) كاتب مغربي (المصدر: صحيفة “الخليج” (يومية – الشارقة) الصادرة يوم 22 جوان 2008)


بعد البركوكش تأتي الأيادي النسائيّة الرّقيقة ثمّ ماذا بعد؟!

 

 
عبد الحميد العدّاسي 

في الوقت الذي يتعرّض فيه أهلنا في الحوض المنجمي بقفصة إلى التقتيل والتشريد والحصار والاقتحامات والاختطافات والمحاكمات الجائرة، وفي الوقت الذي تُصمّ فيه الآذان عن سماع صوت الحكمة والمبادرة بإيجاد حلول واقعيّة خادمة للمصلحة العامّة للبلاد تُمَكّن من إطعام الجائع وتشغيل العاطل وسماع صاحب الرّأي لترقيّة السياسية الإجتماعيّة، وفي الوقت الذي تتوالى فيه المظالم داكنة على كلّ دعاة الحريّة في البلاد وأحرارها… يطلع علينا شواذّ تونس بخبر مفاده أنّ فتاة قفصية قد حازت على لقب “صاحبة أجمل يدين تونسيتين”!… ثمّ ماذا بعدُ، أيّها المتجرّؤون على قيم الشعب المسلم: أننتظر منكم تخصيص حفلات لإسداء لقب “صاحبة أحسن ….”!… أم أنّكم قد فعلتموها وتكتّمتم عليها يا ساقطين!… حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا بارك فيكم ولا في سعيكم المخرّب للبلاد!؟… ألم تعجبكم أيادي هشام العلايمي وحفناوي المغزاوي في قفصة قبل أن تباردوا بقتلهما؟! ألم تعجبكم أيادي وفكر منصف بن سالم والصادق شورو وغيرهما ممّن أعلم وممّن لا أعلم من الأحرار الذين ازدحمت بهم السجون أو المنافي والمهاجر أو أمكنة التضييق في تونس (وكلّها ضِيق) حتّى تستعينوا بـ”إحدى الشركات العالميّة للمساحيق ومواد التنظيف” (ومن هي ومن أين هي، هذه الشركة؟!) على تمزيق حُجب ما تبقّى من حياء عندنا… ثمّ أين الأمهات والآباء والأهل؟! ألا تهمّكم أعراضكم؟!… ألا تهمّكم سِيَركم؟!… كيف ستمشي بين النّاس يا أبو صاحبة اليدين ويا أمّها ويا أخوها ويا زوجها ويا عمّها ويا خالها؟!… أم أنّا سنراكم مفتخرين بيدين باشرتا العالميّة وعانقتا خبراءها من الإعلاميين والمجمّلين والمنظّفين، وربّما برزتا في الكثير من الوسائل الإشهارية؟! ألا تعلمون أنّ زواج المثليين عالميّ وأنّ كره الإسلام عالميّ وأنّ العمل على كشف عورات المسلمين عالميّ وأنّ الأمراض الطاعونيّة عالميّة وأنّ الانحدار الأخلاقي عالميّ؟!… فما الذي رغّبكم في العالميّة حتّى تجعلوا شرفكم ورجولتكم ودينكم قربانا لها؟!… ألا تعلمون أنّ الله يغار على حرماته!… وأنّ المسلم يغار على حرماته!… وأنّ العربيّ الأصيل (ما قبل الإسلام) يغار على حرماته!… أهو الجوع فلا تأكل الحرّة بثدييها!… أم هو الخوف فلا يبيع العزيز نفسه من أجل أمنها ولكنّه يحيى باستشهادها!… أم أنّها خسارة الدنيا والآخرة!… أم أنّه ضنك الدنيا وعمى الآخرة، عياذا بالله تعالى!…أم هي ثمرة حصار قفصة الذي تواصل قرابة الستّة أشهر، وإذن لماذا مات مَن مات؟!…  

 

نحن في تونس مستهدفون، وقد تجاوز الاستهداف منطقة التستّر فلم يعد خفيّا… والفاسدون يستعملون معنا الهجومات المضادّة ذات “التأييد” العالمي: فإن دافع أحدُنا عن خُلق رفيع فهو غير قابل بالديمقراطيّة غير مستسيغ لبعض ثمارها، واللاّديمقراطي محارب عالميّا، وإذا دافع عن وطنه أو عن رموز تاريخه فهو إرهابيّ، والإرهابيّ محارب عالميّا، وإذا دافع عن سنّة أو أو شعيرة أو فريضة فهو أصوليّ، و”الأصوليّ الإسلامي” بالخصوص غير مقبول عالميّا، وكيف يقبل، ومنه – عندهم – يولد الإرهاب، وإذا نهر الفاسد محاولا ثنيه عن فساده وضلاله وقلّة أو عدم حيائه (كما في حال المحتفلين بالأيادي) فهو تكفيريّ يُمثّل الخطر الأكبر على أهل البلد!… وهكذا… وغيره كثير!…

 

هذه حالنا في هذه الأيّام التي صار النخّاسون فيها يبيعون أعراض بناتنا بالتفصيل (قطّاعي، كما يقول بعض أهلنا العرب) في أسواق الرّذيلة… غير أنّها ليست ولن تكون حال النّاس الذين أعزّهم الله بالإسلام. فعلينا – إذن – جميعا محاربة “المتنوّرين”، الذين خلت قلوبهم ووجوههم من نوري الإيمان والحياء، بكلّ ما نملك. ونحن نملك على الأقلّ إمكانيّة تربية بناتنا، فلا نجعلهنّ يدلّلن على ما عندهنّ بأيديهنّ الجميلة!(*)… وحسبنا الله ونعم الوكيل….

ـــــــــــــــــــــــ

(*): أصل الجملة التي أردّتها “ونحن نملك على الأقلّ بناتنا”، انطلاقا من المعنى الإسلامي الرّفيع الدّاعي إلى البرّ: “أنت ومالك لأبيك“، غير أنّي خفت من اتهامي بالدعوة إلى الرقّ في زمن الحريّة والتحرّر، فعبّرت عن ذلك بغيرها… وحسبنا الله ونعم الوكيل!…

 

المرفقات: الخبر: حصول فتاة من قفصة على لقب صاحبة أجمل يدين تونسيتين

 

تونس 20 جوان 2008 (وات) بادرت إحدى الشركات العالمية للمساحيق ومواد التنظيف باجراء مسابقة لاختيار اجمل يدين تونسيتين احتضنها احد نزل الضاحية الشمالية للعاصمة وحضرها عدد هام من الخبراء في مجالي التجميل والتنظيف وثلة من الاعلاميين. هذه المسابقة هي الاولى من نوعها في تونس وشاركت فيها فتيات ونساء من مختلف جهات الجمهورية افرزت بعد التصفيات الاولى 10 مترشحات للدور النهائي اغلبهن من ربات البيوت وقع اختيار 3 منهن كصاحبات اجمل ايادي في تونس. وفي اجواء احتفالية تولت المترشحات الثلاث عرض اياديهن على لجنة التحكيم والحضور من الاعلاميين على انغام موسيقية راقية لتسند الجائزة الاولى لصاحبة اجمل يدين تونسيتين الى فتاة من ولاية قفصة. (المصدر: وكالة تونس افريقيا (وات – رسمية) بتاريخ 20 جوان 2008)

 


في تونس .. موجهة جدلية بين أبو يعرب المرزوقي وحسن حنفي الفكران الفلسفي والديني وتحديات اللحظة الراهنة

 
   بدر السلام الطرابلسي من تونس    بدر السلام الطرابلسي من تونس: تعد المناظرة الفكرية تقليدا عربيا إسلاميا أصيلا تمد جذوره الثقافية والحضارية إلى العصور الوسطى حيث عرف العرب القدامى، بمختلف طوائفهم ومللهم ونحلهم، تقدما مشهودا في مختلف الميادين (ذهنية، فلسفية، علمية..) في الوقت الذي كانت فيه أوربا تعيش الاستبداد والفقر والتخلف وتدار عن طريق الكنيسة و محاكم التفتيش. وقد عرفت المناظرات حينها أساليب ديمقراطية في الحوار متقدمة على عصرها، إذ تحترم فيها تقاليد الحوار والجدال وترتكز على  أساليب عقلية ونقلية  متنوعة  وتطرح فيها إشكاليات شتى يدلو فيها المناظر بدلوه ويتطرق إلى مباحث لغوية و  علمية مختلفة موظفا أنساقا حجاجية  ولغوية ودلالية ورمزية ثقيلة حتى يبرهن على طروحاته ويفند مواقف نظيره.. وبعد تعثر تواصل قرونا طويلة، عرف فيه العرب الردة في مختلف الميادين، فاجأنا منتدى الجاحظ الواقع بإحدى الضواحي التونسية، بتنظيمه يوم 4 جوان/حزيران 2008 مناظرة فكرية بين هرمين فكريين من الوزن الثقيل، الأول مفكر تونسي يدعى أبو يعرب المرزوقي صاحب الكتب والمؤلفات العديدة التي تناولت الفلسفة الإسلامية بالبحث والتمحيص، والثاني مصري يدعى حسن حنفي هو كذلك مؤلف للعديد من المؤلفات الفكرية والعلمية التي تناولت مسائل قومية وإسلامية بالدرس المعمق.   تمحورت المناظرة حول ” الفكر الفلسفي والفكر الديني في مواجهة  تحديات الراهن “، كما عرفت حضورا مزدحما غصت بأصحابه قاعة التنظيم مما اضطر الكثيرين منهم إلى الالتجاء إلى الحديقة الخلفية للقاعة في انتظار ما ستمن به عليهم مكبرات الصوت من ترددات للكلام… وللكلام على الكلام.. حضور بارز ولا يفوتنا في هذا المقام الإشارة إلى بعض الشخصيات السياسية والثقافية والصحفية ذات الحضور البارز على الساحة التونسية،والتي تابعت هذه المناظرة، ونخص بالذكر هنا  السادة لطفي حجي ومحمد القوماني وسمير ديلو..وليعذرني البقية لعدم ذكر أسمائهم أو نسيانها لأن المجال لا يسمح..  طبعا، وكما هي العادة، ترأس الجلسة الكاتب الصحافي السيد صلاح الدين الجورشي المشرف على هذا المتدى، وقام بتقديم هذه المناظرة والضيوف الذين أثثوثها بآرائهم ومواقفهم وانتقاداتهم.. المفكر حسن حنفي تناولت هذه المناظرة بالبحث والتمحيص، كما سبق وأشرنا إليه، مسألة الفكر الفلسفي والفكر الديني في مواجهة تحديات الراهن. وقد تطرق كل من المتناظرين إلى إشكاليات هذه القضية بطريقته، فالمفكر المصري حسن حنفي يعود، في عملية تفكيكه لهذا المبحث الفلسفي، إلى أصوله النظرية حتى يلامس تشكلاته البنيوية فيرى بأن الفكر الفلسفي ينبني على مبدأ الحق، والحق بالنسبة إليه حمال لوجهان: وجه نظري متعدد ووجه عملي واحد لأنه يحقق مصالح الناس. ومن ثمة يطرح المفكر إشكاليته عبر استفهام تأسيسي: هل المعرفة لها مصدران أم مصدر واحد ليعود بعد استرسال تحليلي إلى تفعيل إشكاليته عبر حقنها باستنتاجات ذات أبعاد تفسيرية تقييمية ويفصح أن الفكر الفلسفي أو المعرفي له مصدران الأول هو الوجدان والثاني الوحي لينطلق إلى إشكالية ثانية وتتمثل في تعدد الفكر الفلسفي من تأحده وكذا الأمر بالنسبة للفكر الديني ليخرج باستنتاج مفتوح و المتجسد في تعدد فرضيات هذا الطرح الإشكالي الجديد: هل أن للحقل المعرفي القدرة على توحيد الفكرين(الفلسفي والديني..) ؟ ليعود بعد ذلك وينبئنا بالإيجاب.. ابو يعرب المرزوقي أما عن المفكر أبو يعرب المرزوقي، فقد اعتبر أن موضوع المناظرة يوحي للوهلة الأولى وبصيغته المطروح بها بأنه يتكون من لغة طبيعية عادية لا يمكن أن نرى فيها إشكالا لكن بنظرة ثاقبة ومعمقة يلج إلى استنطاقات مخفية بين طيات الموضوع المتناظر عليه ليفككه إلى منطلقين لا يخلوان من وسائط تفعل الحوار بينهما وتلعب دور القناة التفاعلية التي توزع جدلية خفية بينهما  حسب طبيعة كل فكر في مواجهة واقعه ليطرح بذلك إشكاليته المتعددة الأوجه  والتي تفصح عن نفسها في معنى المواجهة التي تحدد العلاقة بين الفكر الفلسفي وتحديات الراهن من جهة والفكر الديني وتحديات الراهن من جهة أخرى ليجد أن الفكر الفلسفي يتحد الراهن بالعلم والفكر الديني يتحد الراهن بالأخلاق، إلا أنه يستدرك فيرى بأن الإشكال الحقيقي يكمن في أنه لا يوجد وسيط علمي يدرس هذه التحديات وكذا الأمر بالنسبة للفكر الديني. ثم إنه لا يقف عند هذا الحد في تمشيه التحليلي ليوضح لنا في هذا المستوى بأن الإشكاليتين السابقتين تخفيان إشكاليتين أعمق وتتجسد في جوهر العلاقة بين المواجهتين وأفقها: هل توجد مواجهة بين العلم (الخبر، الوصف..) والأخلاق (الإنشاء..) ليخلص في النهاية إلى إشكاليات فرعية من قبيل أن الفيلسوف يرى أن من أهم تحديات الواقع  هو مواجهة الفكر الديني والأصلاني” بينما المفكر الديني يرى أن من أهم تحديات الواقع مواجهة الفكر الفلسفي وذلك بناءا على خلفية كل من يدعي أنه يمثل احد الفكرين وهنا يكمن الخلل..! علاقة المواجهتين وكخلاصة لما سبق، يذهب السيد حنفي إلى دفع الإشكاليات التي طرحها في أفق إيجاد صيغة علائقية بين الفكر الفلسفي والفكر الديني على قاعدة التلاقي بين الاتجاهين في مواجهة تحديات اللحظة الراهنة. وبالنسبة لأبي يعرب المرزوقي فإن الصراع القائم  بين الفكر الفلسفي والفكر الديني والمتلازم بطبيعة كل منها يفترض أنساقا فكرية مختلفة الوسائل في معالجة الظواهر والأحداث التي تعيق التقدم الحضاري للمنطقة العربية والإسلامية. هذا وقد تم تناول الإشكاليات التي تم طرحها من قبل كل طرف في هذه المناظرة بالتعليق والنقد والتحليل من قبل الطرف الآخر فالدكتور حسن حنفي في تعليقه على طروحات الدكتور أبو يعرب المرزوقي يعتبر أن لكل اتجاه معرفي يوجد شيء من نظيره المعرفي المقابل فبداخل العلم يوجد بعض من الانشائيات وكذا الأمر بالنسبة للمعرفة الدينية إذ يعتبرها حمالة هي الأخرى لجوانب من الخطاب العلمي ليخلص إلى  في نهاية الأمر إلى إشكال جديد يمتد إلى ثنائية المعرفة وتعدد أبعادها الأنطولوجية، وفي هذا المقام يعقب الدكتور أبو يعرب ليتساءل عن الحلقة الخامسة في الإشكاليات التي طرحها زميلة حسن حنفي، فالفيلسوف في نظره، وهو يوصف العلم، يجعل ذاته جزءا منه عندها يعود ليساءل ذاته فيجد أن العلم غير كاف فيرجع إلى الأخلاقي والديني يجد أن الأخلاقي لا يكفي فيدخل العلم عندها يجد الوساطة اللازمة.. ازمة الفكر الفلسفي خلال هذه المناظرة، وفي مستوى متقدم منها، طرح السيد صلاح الدين الجورشي (منظم هذه المناظرة) تساؤلا خطيرا: هل أن الفكر الفلسفي يمر بأزمة..!؟  لوم يمر هذا التساؤل جزافا، فقد وجد فيه المتناظرين حقلا خصبا للنقاش والتحليل والتمحيص، مرر فيه الأستاذ الجورشي الكلمة للمفكر حسن حنفي للإجابة إلا أن هذا الأخير، وبخطوة استباقية، طلب من زميله الأستاذ أبو يعرب الإجابة أولا، فعلق الدكتور أبو يعرب على هذه “لمناورة” بأنها استراتيجيا مصرية وذلك حتى يعرف الدكتور حنفي موقف نظيره من المسألة وبلائم إجابته عن هذه الإشكالية بناءا على موقف أبو يعرب، وبعد هذا الاستدراك الذي أضحك الجمهور الحاضر،  أجاب الدكتور أبو يعرب بأنه فعلا يمر الفكر الفلسفي بأزمة وينتقي لإجابته مقدمات تأصيلية من قبيل أن الفلسفة عموما سواء في عهد أفلاطون أو الآن هي قول ما بعدي (قول على قول) ويستنجد بالمنهج الخلدوني في دراسة التاريخ ليدعم أطروحته،فبالنسبة إليه، فإن ابن خلدون اكتشف وجود الوسيط بين العلم “الخبر” والحادث إذ أن أسلافه كانوا يمرون للخبر عن الحادث مباشرة مما يضع موضوعية الخبر في الميزان غير أن ابن خلدون أسس لذلك ونظر لعلم التاريخ الذي يأتي في منزلة بين منزلة الخبر ومنزلة الحدث من خلال التمحيص والدرس حتى تكون للرواية مصداقية علمية على نحو ما، ويضيف في هذا الإطار بأن الفلسفة الغربية استغنت عن هذا الوسيط واعتمدت الفينومينولوجيا للولوج لحقيقة الظاهرة والعودة إلى الموضع ومن ثمة فإن هذه المنهجية أعادت الفيلسوف لظاهر الأشياء للولوج لجنس الخبر وهو معنى الحداثة.. حداثة الغرب إن اعتقاد الأستاذ أبو يعرب في أن الفلسفة تعيش أزمة هو محل التقاء مع المفكر حسن حنفي إلا أن آليات هذا الأخير في الحجاج لدعم موقفه تختلف نوعا ما مع تمشي نظيره أبو يعرب إذ يعتبر بأن أزمة الفكر الفلسفي تعد من أزمة حضارة الزمن، ويرى انطلاقا من أناه التي تعود على الجماعة، بأننا في سجن ذو ثلاثة أبواب: الباب الأول هو القديم / المقدس الذي يدخل في حصار الماضي، والباب الثاني الإغراء بما يحمله الغرب من حداثة وتطور(الجديد) يجعلنا مبهورين لدرجة أسرت البعض منا فتغرب، أما الباب الثالث فهو الواقع المعيش والمتمثل في قضايا التنمية والوحدة والعدالة والتحرر. ويعتبر في ذات السياق بأن الغرب يعيش في أزمة وبدأ ينهار وينتهي وأنا مهمتنا أن نبدأ من حيث ينتهي..ويرى في ذات السياق أن الوسيط العلمي بين الفكر الفلسفي والفكر الديني منعدم و يثري في هذا السياق الدكتور أبو يعرب هذه النقطة على اعتبار أننا نعيش تفسخا أخلاقيا وقيميا وعلميا مما يقطع علينا طريق التوسط بين العلم والأخلاق ومن ثمة إنتاج المعرفة الحقيقة ويعقب الأستاذ حسن أنه لا يكفي القول بالقيم بل وأيضا العمل بها.. ويستنجد أبو يعرب في هذا المقام بتوجه الغرب فيستخلص بأن الغرب أدرك أن الوساطات، التي عجزنا نحن إلى حد الآن للوصول إليها، قد تجاوزها لأنها لا تكفيها فبحث عن وسائط أخرى ما بعد الخبر والعلم والأخلاق والقيم وطرح تساؤلا ما الذي يجعل العلم والأخلاق تتطور، واكتشف أن الحرية هي الوسيط لبناء علاقات جديدة بين البشر.. دور الفيلسوف وفي تساؤل لكلا المتناظرين عن دور الفيلسوف وعن مهمته في أن يكون إصلاحيا يوفق بين الفلسفة والدين أو أن ينتهج دورا آخر  أفاد الدكتور حسن حنفي بأن المسألة تقوم على تأسيس وضع جديد يكون فيه العقل هو الأساس إذ من خلاله يمكن تحويل الموروث الديني إلى معرفة  في حين يرى المفكر أبو يعرب المرزوقي أن جوهر الأزمة في الفكر الإنساني الحالي هي اكتشاف القيم والإبداع الجمالي الذي يعطي معنى لسيطرة الإنسان على الكون أو كما يسميه ابن خلدون “الاستخلاف” ويتجلى في نزعات البيئة وأخلاقيات التكنولوجيا والبيولوجيا. ويطرح في هذا المستوى تساؤلا في معنى الإبداع العلمي والقيم الخلقية والعلاقات المثلية مثلا وعلاقات الحب المتنوعة وير ى في ذات السياق أن هذا التساؤل هو جوهر الدين ومجال   من مجالات بحثه ليستدرك كاستتباع لما سبق في مسألة ما إذا كان الدين والفلسفة شيء واحد ويؤكد، باستفهام يحتمل إجابته، بأنه متى كان مختلفين ويشرح أكثر بأن صراعهما دليل على أنهما يتنافسان على نفس الدور، ويضيف في هذا السياق بان الدين يحث على التواصي بالاجتهاد والجهاد.. وفي هذا المقام، يرى الدكتور حنفي بان مشكلتنا هو أننا نعيش فقط على الدين ولجوؤنا إليه بعد فشل التجارب الاشتراكية والقومية في المنطقة العربية دليل على تغييب العقل مثلما فعل الغزالي وغيره من الزهاد حينما تركوا الدنيا وتفرغ للروحانيات ويعتبر أن الفلسفة يمكن أن تقوم بذاتها بدون وجود الدين إذ أنها تنظر للكون في جزئياته في حين الدين ينظر له في شموليته.. وعندما تناول الكلمة، علق أبو يعرب في بداية كلامه على انتقاد زميله للغزالي وقال بأنه مس وترا حساسا له مما سيغضبه ولذلك فإنه لن يرد عليه في هذه النقطة بالذات،  ثم يواصل حديثه عن الفكر الفلسفي والفكر الديني وكيف أنهما يستثنيان نفسيهما. فحسب رأيه فإن العقل له تناقضات مع ذاته  وعليه أن يسترشد بالدين في هذا المستوى حتى يحقق توازنه ويخلص عند فكه لغموض التعارض الجوهري سواء بين الفكر الفلسفي أو الفكر الديني إلى حتمية الدولة التي تحافظ على حرية الإنسان وتحرره ويرى أن الدين يحافظ على تحرره.. وحول وظيفة الفلسفة في الواقع ينظر الدكتور حنفي لهذا المبحث من منطلق التغيير إذ يعتبر أن الفلسفة لها مهمة تغيير الواقع وتحسينه في حين يرى الدكتور أبو يعرب أن وظيفة الفيلسوف تكمن في التفكير وتفسير الواقع وليس من صلاحياتها تغييره إذ أن هذه المهمة مناطة بأناس آخرين لهم وظيفة هضم نظريات الفيلسوف واستثمارها في تغيير الواقع وهو  ما سماه بالتغيير الحقيقي .. في الأخير، تبقى المناظرة الفكرية منبرا حقيقيا للحوار الحر وتداخل الرأي والرأي الآخر وهو ما لمسناه في المناظرة الأخيرة التي نظمها منتدى الجاحظ بتونس ليلج من خلالها إلى قضايا مصيرية تمس المنظومة الفكرية والحضارية العربية والإسلامية وتطرق أبواب الحداثة وما بعد الحداثة بتساؤلاته حول الفيلسوف والمفكر الديني ودور كل منهما في تشكيل الواقع وفهمه أو تغيره لتخلص بنا عدة إشكالات تمحورت حول اللحظة الراهنة وكيفية استيعابها وتحليلها أو تأسيسها كما ذهب إليه المتناظرين كل بطريقته، ولعل لتشخيصيهما لمجمل الأنساق الفكرية والثقافية التي تشق مجتمعاتنا العربية والإسلامية في عمق أزمتها دليل على مدى الانحسار الذي يطبق على عللها ونتائجها، بل وعلى الفاعلين فيها من مفكرين وفلاسفة وعلماء بما أن أساس طوبغرافيتها الفكرية تحتاج للتأسيس والفعل.. لاشك أن في حلول كل من المفكرين العربيين الإسلاميين أبو يعرب المرزوقي وحسن حنفي مقاربات شتى للواقع والحقيقة ليس مجالنا أن نحكم عليها لكن من حقنا أن نتساءل كثيرا حول آفاق رؤاهما للواقع القائم وذلك القادم، فالمتابع للمناظرة يخرج من محتوى خطابها بإقصاءات شتى، فالعلماني بالنسبة لأبي يعرب هو متغرب ومنبت والقومي بالنسبة للدكتور حسن حنفي فاشل ولم يقدم إلا الخور والانهيارات..أما الاشتراكي فهو مرفوض بالنسبة  للجميع وعقيدته صفر وأفكاره إلحادية لا يمكن للمجتمعات إلا أن تلفظها خارج منظومتها.. التساؤلات الكبرى وهنا تطرح التساؤلات الجمة: أقر الدكتور حنفي بفشل التجارب القومية والاشتراكية العربية واعتبر البديل إسلاميا يوفق بين مقتضيات الحادثة والموروث الديني، واعتبر أن التغيير هاجس الفيلسوف والمفكر وتحدث في ذات الإطار عن التفكك والتمزق والتجزيء والطائفية المنتشرة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فهل بإقصاء اليسار يمكن أن نبني مجتمعات متطورة وموحدة ضد التجزئة والاحتلال؟ الدكتور أبو يعرب المرزوقي يرى في العلمانيين زمرة من الملاحدة المغتربين عن عقيدتهم وثقافتهم وتاريخهم، ويرى في الغزالي  مثالا يمكن مقاربته للواقع القائم، فهل أن الأصلانية والعودة للسلف يمكن لها أن تقدم الدواء لمجتمعات تعيش الثورة المعلوماتية وعصور ما بعد الحداثة بمتغيراتها وتعقيداتها، وواكبت الابستومولوجيا ومباحث الفونومونولوجيا والعلوم الوضعية والتركيبية؟ وأخيرا هل أن إقصاء الآخر وتكفيره يمكن أن يحسسنا بالرضاء عن النفس ويقدم لنا حلولا لمختلف مشاكلنا السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها كثير.. *صحافي من تونس essalembader@yahoo.fr  
(المصدر: موقع “آرام”  بتاريخ 22 جوان 2008)


 

محمد الشرفي… المثقف السياسي وريادة النخبة

بقلم: أحميده النيفر ما يحملني على الكتابة في شخصية “محمد الشرفي” الذي غادرنا إلى واسع رحمة الله وجميل عفوه هو أنّه عَلَم من أعلام النخبة التونسية المعاصرة المثيرين للإعجاب والتساؤل في آن. القارئ العربي يعرف الراحل” محمد الشرفي” من زاوية النضال السياسي الحقوقي الذي شارك فيه شابّا في المعارضة اليسارية التونسية ثم أستاذا متميّزا في القانون بالجامعة ومنافحا عن حقوق الإنسان والحريات العامة ثم عنصرا فاعلا في صياغة الميثاق الوطني ووزيرا للتربية مراجعا لسياسة التعليم في تونس ما بعد الاستقلال. هذا إلى جانب مواقفه الفكرية التي أعلن عنها في كتاباته ومحاضراته وعبر نشاطه الجمعياتي. للكتابة عن هذه الحياة الحافلة بالحركة وجديّة الالتزام بقضايا العصر والوطن لا يمكن الاقتصار على مقطع محدد واحد من مقاطع سيرة الرجل. مثل هذه التجزئة التعسفية لا تتيح استخراج حكم موضوعي وتقديري كما لا تساعد على تقويم حركة جيل من النخبة التونسية التي واكبت بناء الدولة القطرية الحديثة في هذا الفضاء المغاربي. لهذا فإني اعتبر أن كل نظر اختزالي لحياة “محمد الشرفي” غير مجدٍ لأنه إمّا ناتج عن معرفة ناقصة بسيرته أو أنّه قصور في رؤية الواقع السياسي والثقافي وما استدعاه ذلك الواقع المتشابك من خيارات في المستويين المحلّي والعربي. ما ينبغي أن نبرزه أوّلا هو السياق التاريخي الاجتماعي، فما كان لرجل وُلد في فترة مابين الحربين في المنطقة المغاربية ومن أسرة مدينية متديّنة أن يتجنّب الخوض والالتزام بقضايا الفكر والسياسة والثقافة الدينية والإصلاح المؤسساتي. في هذا كان “محمد الشرفي” ضمن كوكبة من مشاهير التونسيين المعاصرين الذين تجاوز أثرهم مجال عملهم وإطار تخصصهم العلمي وحدود البلد الذي نشأوا فيه. هو في هذا لا يختلف جوهريا عن محمد الطالبي وهشام جعيط وعبد الوهاب بوحديبة وعياض ابن عاشور وعبد المجيد الشرفي وأبو يعرب المرزوقي. كان مع هؤلاء، رغم أنّ لكلّ منهم خصوصية رؤيته وتميّز مشربه، شاهدا على ما يمكن تسميته بــ”التماسك الثقافي” في تونس خاصة وفي البلاد العربية والإسلامية عامّة. إنّه التماسك الذي تلمسه واضحا في الوطن العربي من خلال ثقة النخب العربية في قدرتها على بناء مستقبل أفضل ومواصلة العمل من أجل تحقيق مشروع للنهضة يبدو كسرابٍ بقيعة. عند التأمل في وضع النخب العربيّة بتنوّعها وتناقضها وأزماتها المتوالية لا يمكن إلاّ أن تشدّك قدرتها على الاستمرار والعطاء بما يدفع إلى السؤال المحيّر: مم تتولّد كل هذه الحيوية وما هو مصدر بقائها؟ مَن عايش رجلا كــ”محمد الشرفي ” يدرك أنّ هناك “مناعة ثقافية” قويّة كان يصدر عنها في مواجهة محبّطات جديّة عديدة محلّية ودولية بعضها سياسي وبعضها اقتصادي اجتماعي وبعضها الآخر حضاري مؤسساتي. في هذا المستوى لا بد أن نتذّكر أن نخبا أخرى في بقاع أخرى من العالم لم تجد حلاّ لمواجهة الإحباط الحضاري والثقافي الذي انتهت إليه إلاّ بالانتحار الحقيقي؛ هذا ما حصل فعلا لبعض النخب اليابانية المشهورة. في الوطن العربي لم يحصل ما يشبه ذلك وكأن النخب الفاعلة عندنا تتمثّل قولة: ” تجوع الحرّة …” فلا تكاد تقرّ بالهزيمة ولا تعلن عن إلقاء السلاح رغم تصريحها المعلن أو الخفيّ بفشلها. لذلك فإنّ حياة “محمد الشرفي” منظورا إليها من هذه الزاوية ليست إلاّ تأكيدا على مكانة النخب المثقفة في واقعنا المحلّي والعربي وأن أي تفكير في مستقبلنا لا بد أن يدخل في اعتباره أن جلّ البلاد العربية هي “مجتمعات نخب” وأن المؤسسات والمنظّمات والجمهور الواسع تظل جميعها رهينة تطوّر تلك النخب وحريتها وتدافعها. من ثم يمكن أن يتنفّس صبح المستقبل العربي؛ أما ما يسرع إليه البعض من آليات الإدانة والتكفير والتخوين والتجريم فهو لا يعدو أن يكون مجرد تشفٍ ساذج متلهّفٍ على تصفية حسابات ضيقة لا تجدي بل تدمّر جهاز مناعتنا المجتمعي. لكن لــ” محمد الشرفي ” بُعدا ثانيا لا يقلّ أهميّة عن البعد السابق هو بعد “المثقف السياسي” الذي عبّر عنه في كافة أطوار حياته. فعل ذلك خاصة عندما تولّى وزارة التعليم نهايةَ الثمانينات في مرحلة حرجة من تاريخ تونس المعاصر. عند ذاك اندفعت أقلام لتصب جامّ غضبها عليه، من ذلك ما كتبه أحد خصومه في مقال شهير ” لا أريدك وزيرا” إضافة إلى بيان إدانة أشدّ لهجة وقّعه خصومه من إسلاميي حركة النهضة مطالبين الرئيس بإقالته. ليس هنا مجال الحديث المفصّل عن المشروع الإصلاحي التربوي الذي قاده ” محمد الشرفي” والذي قمتُ فيه بإدارة مراجعة مناهج الدراسات الإسلامية ومقرراتها مع ثلّة من الأساتذة والباحثين التونسيين. لكن ما أراه جديرا بالذكر في هذا الصدد أنّني لم أتلق مرّة واحدة من الوزير ما يمكن أن يتضمن تعليمات ذات خصوصية إيديولوجية معادية للإسلام عقيدة وسلوكا وحضارة. ما تَمّ إنجازه من كتب وبرامج في تلك الفترة يبقى شاهدا حيّا على ذلك بما فيه من حرص على صفاء المعتقد وسلامة الخلق وثراء الفكر وتنوّع التراث الفقهي والفلسفي للمسلمين. أكثر من ذلك، كان لدى الوزير “محمد الشرفي” تأكيد على إشراك أهمّ الأطراف السياسية والمجتمعية فضلا عن عموم الأساتذة في استشارات واسعة ولقاءات عديدة ضمن ما كان يعرف وقتها باللجان القطاعية لكل اختصاص لإبداء الرأي والاقتراح فيما كنّا نعمل على إنجازه. كانت قمّة هذا السعي الانفتاحي بدعوة أحزاب سياسية معارضة ومنظمة حقوق الإنسان وممثلي نقابات التعليم بل إن هذا التمشّي بلغ حدّ قبول مشاركة أحد رموز حركة النهضة الإسلامية في هذا العمل الإصلاحي رغم مواقف الإدانة والمطالبة بإقالة الوزير. في هذا خاصة وفي غيره من المواقف كان ” محمد الشرفي” أنموذجا للمثقف السياسي الذي يعز طلبه في بلادنا العربية خلافا لما هو متعارف في المجتمعات الغربية. المثقف السياسي هو الذي يعتبر أن احتداد الصراع الإيديولوجي وقيام نقاش حول الخيارات الكبرى المتصلة بقضايا الدولة والمجتمع أساس حيوية المجتمع ومحرك للنخب الحاكمة والمعارضة ومُـثرٍ لها. المثقف السياسي هو نقيض التكنوقراطي الذي لا يملك رؤية تركيبية ناظمة لذلك لا يدرك معنى الحوار ولا يراهن عليه. إنه يرفض اعتماد مرجعية فكرية أو عقدية أو إيمانية معتبرا أن تخصصه الكبير في مجال ما كالمال أو الاقتصاد أو الزراعة أو العلوم التطبيقية كفيل بضبط التوجّهات ونحت الآفاق. أمّا المثقف السياسي فهو لا يتستر على إيدولوجيته ولا يخفي منهجيته إنّما يعتبرهما عنصر تثاقف وتنافذ من أجل إثراء المشاركة في العطاء المجتمعي. بهذا فالمثقف السياسي وطني لا يؤجل الاختلافات الكبرى ولا يتجاهلها بل يعتبرها عناصر ضرورية للبناء والتنمية. إنّه يردد قول الشاعر التونسي المعاصر : ” أُحِبُّ البلاد كما لا يحب البلاد أحد” واعيا بأن ولعا حقيقيا بالوطن يعني اعتناق تعددية الرؤى فيه وإعراضا عن كل استبداد أو إقصاء. لهذا ولغيره، كان الراحل الطيب الذكر رائدا لنخبة بلده بكامل طيفها لأنه كان يرى في تعدد مكونات النخبة وضرورة حوارها مصدر مصداقيتها ومشروعيتها بما يتيح لمستقبل مجتمعها فاعلية وحضورا بين الشعوب والأمم (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 جوان 2008)


العلاقات الفرنسية السورية أمام ساعة الحقيقة

 توفيق المديني   المتابع لتطور الأحداث في منطقة الشرق الأوسط يلمس بوضوح أن السياسة السورية وبالتنسيق مع المعارضة اللبنانية، ومع حليفتها الإقليمية إيران حققت نجاحاً ملموساً وواقعياً في إطار الصراع الذي تخوضه منذ غزو العراق ضد الولايات المتحدة. فها هي سوريا اتخذت موقفاً إيجابياً من الأزمة اللبنانية لجهة وفائها بتعهداتها حيال لبنان، الذي أسهم في انتخاب الرئيس ميشال سليمان كثمرة للتسوية التاريخية المتمخضة عن اتفاق الدوحة في شهر مايو/ايار الماضي. هذه الإيجابية في الموقف السوري تلاقي المطالب الدولية،وهو ما جعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يعاود الاتصال الهاتفي بنظيره السوري بشار الأسد، ويكسر بذلك الجليد بين الطرفين، وينتقل من الإشادة بالدور السوري في اتفاق الدوحة، إلى الحديث عن تزخيم العلاقات السياسية والاقتصادية وإعادة قنوات التشاور السياسي. ويتساءل المحللون الغربيون هل زيارة المستشارين الرئاسيين الفرنسيين كلود غيان وجان دافيد ليفيت الى دمشق، ولا سيما في هذه المرحلة الحساسة من الأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، يجب النظر إليها في سياق بداية حلحلة الأزمة اللبنانية، أم في سياق المراجعة النقدية للعلاقات الثنائية الفرنسية – السورية، او إلى مراجعة سياسة فرنسا الشرق أوسطية؟ علينا أن نميز بوضوح بين الانفتاح الفرنسي على سوريا بعد انتخاب الرئيس اللبناني وبين التحرك في مناخ مراجعة العلاقات الدولية الذي يحتاج إلى تطبيع العلاقات السورية مع الولايات المتحدة. وبالفعل تعتبر زيارة المستشارين الرئاسيين الفرنسيين كلود غيان وجان دافيد ليفيت الى دمشق منذ يومين، خطوة انفتاح وحوار تجاه سوريا مهمة، بل ربما تشكل انقلاباً في السياسة الفرنسية، وإن كان معظم المحللين الغربيين ينظرون إلى هذه الزيارة بواقعية شديدة. فإذا كان من المبكر القول: “إن المياه عادت الى مجاريها بين باريس ودمشق، لكن يمكن الجزم من دون أي حرج أن العمل بدأ من جانب فرنسا لطي صفحة الجفاء التي طبعت العلاقات الثنائية منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولا سيما أن أي مسؤول فرنسي لم يزر العاصمة السورية منذ سنتين”. الزيارة التي قام بها المستشاران الفرنسيان إلى دمشق جاءت بعد اللقاء الذي حصل بين الرئيسين الفرنسي نيكولا ساركوزي والأمريكي جورج بوش في باريس الأسبوع الماضي، حيث إن الولايات المتحدة طلبت التريث في عملية التطبيع بين فرنسا وسوريا، وإن كانت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس التي تقود الدبلوماسية الأمريكية اشترطت أن يكون مضمون الرسالة الفرنسية – الأمريكية إلى القيادة السورية “مشابهاً للرسائل ذاتها التي يرسلها العالم إلى سوريا”. والمدقق في البيان المشترك الفرنسي – الأمريكي عن لبنان، الذي أشرف غايان ورايس على صياغته، يرى أن الولايات المتحدة تريد أن تلجم الاندفاعة الفرنسية تجاه سوريا، بتصدير الإعلان “تمسكاً بشراكة فرنسية – أمريكية تجاه لبنان المسالم والسيد المستقل الديمقراطي، وتنفيذ كل القرارات الدولية المتعلقة بلبنان من دون تفصيلها”، ما يشكل خريطة طريق أمريكية للمبعوثين الفرنسيين إلى دمشق. لا شك أن هناك دوافع فرنسية لهذا الانفتاح على سوريا الذي يلقى بعض المعارضات سواء في فرنسا ذاتها أو في لبنان من قبل قوى 14 آذار المتناقضة مع دمشق. وعلى الرغم من الخلافات الفرنسية – السورية المعروفة، فإن الرئيس الفرنسي ساركوزي يلمس نوعاً من المرونة وبعض “الإشارات الإيجابية”. ومن المعلوم أن هناك لازمتين في السياسة الفرنسية بقيتا تترددان في الخطاب الدبلوماسي الفرنسي، منذ تدهور العلاقات مع سوريا: الأولى هي “الإشارات الإيجابية” والثانية، هي “الحكم على الأفعال”. ومن الأجوبة أو التبريرات التي قفزت إلى ألسنة المسؤولين الفرنسيين في رؤيتهم للتطورات الإيجابية في السياسة السورية: * أولاً: في العراق تخفيف الضغط الأمريكي والدولي على سوريا بعدما تأكد المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون والعالم تعاون سوريا في مكافحة الإرهاب، وأن المشكلة الأساسية في هذا البلد هي مع الشعب العراقي الذي بات يرفض الاحتلال، ومع إيران التي تستطيع وبتفاهم مع واشنطن أن تمكن القوات الأمريكية من القضاء على تنظيم القاعدة. * ثانياً: التطور الإيجابي الثاني ويتمثل في بداية المفاوضات الرسمية ولكن غير مباشرة بين “إسرائيل” وسوريا برعاية تركية، وإعلان سوريا عزمها على الاستمرار فيها وتحويلها إلى مفاوضات رسمية مباشرة.علماً أن الولايات المتحدة كانت تضغط على “إسرائيل” طيلة السنوات الماضية من التجاوب مع دعوات سورية للتفاوض، مخافة من أن تستغلها دمشق لفك عزلتها الدولية. * ثالثاً: حصول الانتخابات الرئاسية في لبنان، ولا سيما أن الرئيس الفرنسي حين قطع الاتصالات السياسية مع دمشق في 27 ديسمبر الماضي ربط ذلك بموضوع انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للبنان. وإضافة إلى هذا التطور الإيجابي، هناك معطيات معينة لدى الفرنسيين تفيد أن الرئيس الأسد نزع الملف اللبناني من أيدي المخابرات وتسلمه هو شخصياً. بيد أن الانفتاح الفرنسي على سوريا يجب البحث عنه في رغبة الرئيس الفرنسي الجامحة لإنجاح مشروعه “الاتحاد من أجل المتوسط” الذي ستعطي القمة الأوروبية – المتوسطية التي ستعقد في باريس يوم 13 يوليو/تموز المقبل إشارة انطلاقه. وهذا ماجعل الرئيس ساركوزي يوجه دعوة رسمية للرئيس السوري بشار الأسد للمشاركة في هذه القمة، وأيضا لحضور الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي الذي سيقام في ساحة الكونكورد يشارك فيه رؤساء خمسين دولة أخرى، في 14 يوليو المقبل. ويعتبر الرئيس ساركوزي أن هذه المشاركة السورية “ستكون نقطة الانطلاق الأساسية لانفتاح العلاقات السورية – الفرنسية”، من دون أن يعني ذلك أن التطبيع (بين الدولتين) سيحصل في المستقبل القريب، وبالتالي فإن دعوة سوريا للمشاركة في “الاتحاد من أجل المتوسط” لا تمثل خطوة في عملية التطبيع مع “إسرائيل”. أما سوريا، فلاتزال ترفض أن يتحول مشروع “الاتحاد من أجل المتوسط” إلى مدخل للتطبيع المجاني بين الدول العربية والكيان الصهيوني، وهي ترى أن هذا المشروع يتطلب تحقيق التوازن في المصالح بين ضفتي المتوسط، إضافة إلى تحقيق السلام العادل وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومرجعية مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام. (المصدر: جريدة “االخليج” (يومية – الامارات) الصادرة يوم 22 جوان 2008)  


ما أحوجنا الى تقريب الفجوة بين العرب والعالم!

 

 
زهير الخويلدي   أثار رفض بعض الدول العربية وعلى رأسها الجزائر وليبيا مشروع “الاتحاد من أجل المتوسط” مشكلة العلاقة بين الغرب والعالم العربي من جديد بعد أن كاد الجميع ينسى مخلفات الحرب التي شنها الحلفاء الغربيين على العراق عام 2003 وآثار العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006 وطرح مجددا السؤال عن الكيفية التي ينبغي أن ينظر بها دول الجنوب الى دول الشمال وعن آليات التواصل بين الطرفين وان أكد البعض على ضرورة مساندة المجتمع المدني الغربي للمجتمع المدني العربي ان استحال ايجاد شراكة مع الأنظمة الرسمية فان البعض الآخر نصص على حاجة جنوب المتوسط الى المزيد من فرص الاستثمار والتحديث وذلك بالتعاون مع الأنظمة السياسة القائمة وبتفعيل المنظمات غير الحكومية على السواء وتشجيع مبادرات الفاعلين الاجتماعيين التائقة نحو الإصلاح الديمقراطي والتنمية الاقتصادية.  لكن المثير للاستغراب أن هؤلاء الفاعلين الاجتماعيين انقسموا الى فريقين:  الأول يعتمد على التحديث الغربي عن طريق التبشير بالعلمانية والمبادئ الديمقراطية وتربية الناس على ثقافة الاختلاف وحقوق الانسان.  والثاني يتشبث بالنموذج التقليدي في التغيير الاجتماعي عن طريق الإحياء الديني وتربية الناس على القيم الأخلاقية والأصول التراثية السمحة. انه من البديهي بالنسبة للبعض من التحديثيين أن يلتفت العالم العربي الى الشمال من أجل اعتماد النموذج الغربي قصد القيام بالتطوير والتنمية خاصة وهو مفجر الثورات العلمية والصناعية والرقمية والإنسانية ومؤسس الحداثة والتنوير والمدنية والتي وصل صداها الى قلب الذرة وأقصى حد من الفضاء الخارجي. كما أنه من البديهي بالنسبة للبعض من التقليديين أن يدعوا الى تعويل العالم العربي على ذاته والانطلاق من الضاد والقرآن وأن يلتفتوا الى الماضي المجيد وأن يستلفوا شروط نهضتهم من تراثهم الزاخر ويعتمدوا على ما تركه السلف من وصايا وتجارب وأن يكتفوا باستنساخها والسير على خطاهم وأن ينظروا الى الغرب نظرة عدائية وموقف رافض. لكن ثمة إشكال وراء هذه البداهة وتوجد معضلة خلف المسلم به إذ يا ترى كيف نفسر فشل مشاريع التحديث في العالم العربي على الرغم من تبنيها النموذج الغربي برمته ومحاولتها محاذاته حذو النعل بالنعل؟ ولماذا سببت جميع المشاريع التقليدية التي تعتمد على شعار الهوية الدينية أو الثقافية الجمود والانغلاق وفوت على العرب فرص اللحاق بالآخر المتقدم وساهمت في اتساع الفجوة بين الثقافة العربية وروح العصر؟ ربما إشكال التحديثيين أنهم لا يحترمون خصوصية الواقع الذين يسعون الى تطويره ولا يبحثون على طرق ملائمة بين المناهج الغربية العلمية والثقافة العربية التراثية وأنهم يظهرون للرأي العام وكأنهم مجرد خادمين مبشرين بالعولمة والثقافة الغربية فينتهي بهم الأمر الى الإسقاط والتغريب ويكتفون بإجراء عمليات جراحية تجميلية على البنية الفوقية دون أن يطال التغيير البنية التحتية وهو ما يعرض محاولاتهم الى الفشل ويحكم على مجهوداتهم بالمحدودية. ربما إشكال التقليديين أنهم لا يحترمون روح العصر ويرفضون الانخراط في تجربة الكوني ويسعون الى تجنيد الناس وتجييشهم من أجل مشاريعهم المفلسة والماضوية وبالتالي يظهرون أمام الرأي العام على أنهم حراس الهوية والأمناء على العقيدة ولكنهم يفشلون في بناء مشروع مجتمعي تقدمي يوفر الشغل والسكن والصحة والتعليم للجميع ويعجزون عن بناء دول تتمتع بالسيادة وتتصف بالعصرنة والمدنية ولذلك ينتهي بهم الأمر الى التقوقع والخروج من التاريخ. بينما المطلوب هو  التخلص من الحنين الى الأصول المكتملة وتجاوز حالة الانبهار بالغالب والعمل على تقريب العالم العربي من عصور الازدهار والتفتح التي عرفتها حضارة اقرأ على مستوى إبداع الأفكار وإنتاج العلوم والعناية بالفنون وتدبير أمور العمران وحفظ الأبدان  خاصة لحظة ما سمي بظهور الإنسية العربية، علاوة على ذلك يحتاج العالم العربي الى الاستفادة من آليات التقدم التي حازت عليها البشرية لمقاومة الفقر والظلم والقمع والجهل وهي الأسوار الأربعة التي تحجب عن العرب أنوار التحضر والترقي. ان الوصفة السحرية ليست التوفيق بين التقليد والتحديث وبين التراث والمعاصرة وبين الهوية والعولمة بل تجاوز هذه الثنائيات والعود على بدء والعمل على تقريب الفجوة بين العالم العربي الإسلامي والغرب لأن دين الإسلام لا يحرم على المسلمين الأخذ بناصية العلم والاستفادة من تجارب الآخرين في تدبير شؤون الدنيا وتطوير قدراتهم الذهنية من أجل حسن التعامل مع الكون بل على العكس من ذلك حثهم على اعتبار الطبيعة والنظر في المجتمعات الغابرة وأخذ العبر والدروس منها حول أسباب الاندحار والتراخي وشروط اليقظة وامتلاك ناصية التحضر. من هذا المنطلق يلزم إنهاء حالة الاحتقان والتحرش والتهديد بين العرب والغرب وتحييد المعتقدات الدينية عن التسويغ السياسي لشبهة الصراع بين الثقافات وذلك بنقد التمركز على الذات والكف عن النهج الاستعلائي الاختراقي والاعتذار عن جرائم الاستعمار وإبرام صلح شامل يحفظ الحقوق  ويؤسس علاقة قوامها الاحترام والفهم المتبادلين ويعمل على تحقيق المساواة بين الشعوب لأن ذلك أمر لازم اذا ما أردنا بناء شراكة اقتصادية ومنظمات سياسية مشتركة مثل فكرة الاتحاد من أجل المتوسط التي دعا إليها الغرب ورفضتها بعض الدول العربية الرافضة للهيمنة والمتعطشة الانعتاق والكرامة والسيادة  حتى في ظل الحرمان من منافع العولمة ورفاهة العصرنة. ان المجدي اليوم هو أن يقف العرب الند للند مع الغرب وأن يستجمعوا قوتهم من أجل التوحد والتكامل والانصهار في ذات واحدة وليس أن يرفضوا كل أشكال المشاركة والتواصل معه وتبرير ذلك بالاحتكام الى أحداث الماضي وقيمه رغم صحتها ووجاهتها ولكن من المفيد للعرب اليوم أن ينفتحوا على العالم المتحضر وأن يستفيدوا من طرق التنمية والطفرة الرقمية وأن ينخرطوا معه في تجربة تنافس حضاري ومزاحمة ثقافية.  ما أحوجنا عندئذ الى مصالحة حقيقية بين العرب وتراثهم النير والقيم المشتركة الانسانية الحاضرة حتى يفعلوا في التاريخ ويسترجعوا البوصلة التي فقدوها منذ حروب الروح الكبرى وصولات وجولات الفرسان الغازية، فمتى يفهم العالم الغربي أن من مصلحته أن يكون العالم العربي متقدما حداثيا خاليا من الحالمين بالهجرة غير الشرعية اذا ما أراد أن يحمي نفسه من رياح العدم ؟ وأليس من الضروري للعرب أن يتفاعلوا توليديا مع العالم الغربي عوض أن يناصبوه العداء ويعملوا على تخريب الحضارة التي شاركوا منذ ابن رشد في بعثها من الرماد؟ ألا ينبغي أن يتوقف العرب عن تقليد الوافد والاكتفاء بالموروث والحنين البدائي حتى يمكن لهم أن يوجدوا في العالم ومع الآخر؟   * كاتب فلسفي
 
(المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ 19 جوان 2008) http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2008/6/340596.htm

فتحي بن سلامة :

الآن أصبح إسماعيل هو الذي يذبح بدل الكبش

 

 
فتحي بن سلامة، محلّل نفسانيّ تونسيّ مقيم بفرنسا. وهو حاليّا أستاذ علم النّفس العلاجيّ وعميد وحدة التّكوين والبحث في علم النّفس السّريريّ والمرضيّ في جامعة باريس 7، دنيس – ديدرو.  وقد نشر فتحي بن سلامة أبحاثاً كثيرة عن التّحليل النّفسيّ السّريريّ، وعن الإسلام وأوروبّا في العصر الحاليّ، وساهم في عدّة كتب جماعيّة. التقينا به بمناسبة صدور التّرجمة العربيّة لكتابه “الإسلام والتّحليل النّفسيّ” (دار السّاقي ورابطة العقلانيين العرب، لندن، 2008)، فكان هذا الحوار: – نصف مشاكل العرب المسلمين اليوم، من النّاحية الفرديّة والجماعيّة هي مشاكل نفسيّة.. – “تكريم المرأة في الإسلام” هو فعلا تكريم، ولكنّه  تكريم السيّد لعبده.. – الإسلام وحده لا يفسّر الإرهاب.. – العلمانيّة: تواضع حقيقيّ يحدّ من النّرجسيّات المتمتّعة بالسّلطة ويحمي النّرجسيّات الجريحة في الوقت نفسه… – ماذا يمثّل بالنسبة إليك صدور كتابك بالعربيّة ؟     صدور هذا الكتاب بالعربيّة حدث يضاهي حدث ظهوره باللغة الفرنسيّة، فكأنّه صدور أوّل. ذلك أنه يمثّل مشروعا يخاطب الناطقين بالفرنسية وبالعربيّة. يمكن أن نقول إنه بهذه الترجمة وصل إلى مقصده. كما أنّ الترجمة إلى العربية هي حقيقة في مستوى الكتاب الأصليّ، بل يمكن أن أقول إنها أحيانا تفوق – من حيث مرمى العمل- النسخة الأصلية الصادرة بالفرنسيّة. وكانت مراجعته بالنسبة إليّ تجربة لما نسميّه في التحليل النفسيّ بالأليف الغريب unheimlich ، لأنّ اللغة المترجَمة أصبحت هي اللغة التي تترجم، فعادت الدّوالّ العربيّة إلى فاعليّتها على نحو مدهش. ألاحظ كذلك أنّ الترجمة العربيّة أتت متأخّرة بالنسبة إلى ترجمات أخرى، ولهذا الأمر دلالة ولا شكّ على منزلة الترجمة في العالم العربيّ، ومنزلة التحليل النفسيّ فيه، فهو  يظلّ مهمّشا في الثّقافة وفي  المنظومة الجامعيّة، والحال أنّ نصف مشاكل العرب المسلمين اليوم، من النّاحية الفرديّة والجماعيّة هي مشاكل نفسيّة. وهامشيّة التحليل النفسيّ تدلّ على قسط من رفض المعرفة التي هي في صميم بشريّة الإنسان. أعتبر الكلمة القرآنيّة “لا يغيّر الله ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم” من أسمى الحكم التي جاء بها الإسلام، وأعتبر تبعا لذلك أنّ رفض معرفة التّحليل النّفسيّ هو رفض لتغيير النّفس بالنّفس، والحال أنّ التّعاسة النّفسيّة بلغت درجة تقضّ أسس الحياة والثّقافة في هذا العالم. – تتحدّث في كتابك عن علاقة خاصّة للمسلمين بالجدّة هاجر أمّ إسماعيل، وعن عمليّة كبت لصورة هذه الجدّة، ما هي أبعاد هذه العلاقة وإلى أيّ حدّ تفسّر منزلة النّساء في العالم الإسلاميّ اليوم؟ أسباب التّعاسة النّفسيّة الحاليّة هي سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة وكذلك ذاتيّة. أعني بذلك أنّ عدم إعادة قراءة الجذور اللاشعوريّة للنّظام الرّمزيّ والخياليّ يسبّب انقطاعا في الوجود يجعل النّاس غرباء عن مكوّناتهم. هاجر تمثّل اسم جذر أوّليّ لا وجود له في القرآن، ولو حتّى بالإشارة. فأردت استقصاء أسباب هذا المحو الذي سمّيته بـ”الطّلاق الأصليّ”، فوجدت له آثارا في الأسطورة الإبراهيميّة كما جاءت في سفر التّكوين وامتدادا في النّشأة الإسلاميّة. لا يتّسع المجال لذكر تفاصيل هذا المبحث، ولكن يمثّل هذا الأمر كبتا في البنية الإسلاميّة استقطب ككلّ مكبوت الإقصاءات التي تخصّ المرأة في هذه المنظومة. محو الأمّ الأصليّة يشعّ على الحضارة بأكملها، ويطبعها بطابع خاصّ. إخراج هذا المكبوت إلى السّطح من شأنه أن يساهم في تفكيك البنى البطريركيّة في مظاهرها القمعيّة التي تنوء تحت ثقلها النّفوس.  إنّ ما يسمّى بـ”تكريم المرأة في الإسلام” هو فعلا تكريم، ولكنّه  تكريم السيّد لعبده، حتّى يديم سيادته الرّمزيّة وسلطته  على عبده. تفطّنت أثناء قيامي بهذا البحث إلى أنّ الرئيس العربيّ العظيم الحبيب بورقيبة لم يكتف بوضع مجلّة الأحوال الشّخصيّة سنة 1956، بما فيها من مظاهر إحلال المساواة بين الجنسين، بل ذهب في حياته وفي فعله الرّمزيّ إلى صميم الموضوع، عندما تبنّى بنتا وسمّاها هاجر. مع التّذكير بأنّ بورقيبة هو الزّعيم الوحيد الذي سمح بالتّبنّي الكامل، وكأنّه بهذه العمليّة أراد أن يستقبل في الوعي وفي الحاضر تلك التي تمّ تغييبها وإقصاؤها في الأصل. هذا المثال يدلّ على وجود توافق بين العمل الفكريّ والسّياسيّ والعمل النّفسيّ. إنّ كتابة التّاريخ هي أيضا كتابة روحيّة في الوجود. -أنت تمارس العلاج النّفسيّ وتدرّس علم النّفس العلاجيّ في جامعة باريس7، ما العلاقة بين ممارستك العلاجيّة وفرضيّاتك في هذا الكتاب؟ التّحليل النّفسيّ الفرويديّ لا يرى أيّ قطيعة بين النّفس الفرديّة والنّفس الجماعيّة، لأنّ كلّ فرد يحمل في لاشعوره مكوّنات الحضارة التي ينتمي إليها ومكوّنات الحضارة الإنسانيّة بصفة عامّة. فهناك أعراض نفسيّة شخصيّة، هي مرتبطة بأحوال مجموعة حضاريّة مّا. فأنا أرى في عملي العلاجيّ وبصفة دائمة كيف أنّ الرّجل المسلم كثيرا ما يكون مريضا بالمرأة في نفسيّته: بالمرأة المقموعة، وأرى كيف أنّ المرأة مريضة بالرّجل القامع. نجد ذلك حتّى عند الكثير من  أبناء المهاجرين، رغم أنّهم يعيشون في مجتمعات أوروبّيّة، وكأنّهم ورثوا عن آبائهم وأجدادهم “أنا أعلى” قاسيا يجعلهم يعيشون معذّبين، والحال أنّهم يصبون إلى التحرّر من هذا العبء، يصبون إلى علاقة بالآخر الجنسيّ قوامها الاعتراف واللاّعنف. لكنّ هذه الوضعيّة لا يمكن أن تجعلنا نقول بوجود حتميّة بين الإسلام وهذا الوضع. فالكثير من المسلمين أو ممن ينتمون على نحو مّا إلى الإسلام خرجوا من وضعيّة القمع الذّاتيّ هذه. إنّ وجود التّحليل النّفسيّ في الثّقافة وفي الخطاب الجماعيّ يفتح الباب أمام التّحرّر الفرديّ سواء كان هذا التّحرّر ذاتيّا أم سياسيّا. – كيف تنظرون إلى ظاهرة الإرهاب الإسلامي اليوم، وهل يمكن أن يكون للعامل النفسي دور في تفسيره؟ الإرهاب وخاصّة العمليّات الانتحاريّة هو بالفعل العرض الذّاتيّ والسّياسيّ النّاتج عن الإخفاق التّاريخيّ للمجتمعات العربيّة الإسلاميّة. لا يمكن التّطرّق هنا إلى كلّ أبعاد كلمة “الإرهاب” واستعمالاتها المختلفة. عمليّات العنف ضدّ المدنيّين في جميع الحالات جرائم لا تبرّرها أي قضيّة. لنتطرّق بالأحرى إلى عمليّات تفجير النّفس، والدّعوة والتّوق إلى تفجير النّفس عند الكثير من الشّبّان. هذه الظّاهرة هي حقيقة مرتبطة بدوافع الموت التي أدّى إلى استفحالها نوع جديد من السّلطة والخطاب يدعوان إلى الانتحار أو يبعثان بالأحرى على المتعة الانتقاميّة بالانتحار سبيلا إلى الحياة، وسبيلا إلى استرداد الكرامة.  أذكّر بأنّ الاحتلال والقمع لا يفسّران  لوحدهما هذه الظّاهرة، والإسلام لوحده لا يفسّر هذه الظّاهرة. لنأخذ على ذلك مثال الاحتلال الفرنسيّ للجزائر، وقد دام قرابة قرن ونصف القرن، وكان حقيقة احتلالا بشعا استعملت فيه كلّ وسائل الإهانة والتّعذيب والقتل، ونذكّر أنّ حركة مقاومة هذا الاستعمار ككلّ حركات المقاومة في العالم الإسلاميّ لم تستعمل تفجير النّفس ولم تدع إليها. فلو فرضنا أنّ الإسلام في حدّ ذاته يدعو إلى ذلك، فلماذا لم يدع إليه قبل العشرين العام الأخيرة؟ ما الذي حصل في هاتين العشريّتين الأخيرتين؟ هناك أمر جديد حصل لا ينتمي إلى النّموذج المقاتل أو المجاهد في الإسلام وفي الحركات الوطنيّة، ولا يغرّنا إطلاق هذه الأسماء على عمليّات تفجير الذّات كما يقع الآن.  أرى أنّ ما حصل هو تحطيم  جذريّ للمثل العليا المكوّنة للإنسان العربيّ المسلم. وهذا التّحطيم وقع نتيجة تضافر عاملين، هما أوّلا مسار تحديث  وثانيا وضعيّة للقوى الحاكمة الدّاخليّة في ائتلافها بمصالح خارجيّة. المقصود بالتّحديث الوحشيّ هو تدمير التّماهيات القديمة دون خلق تماهيات جديدة تعوّضها، ودون خلق عمل ثقافيّ كاف يجعل هذا التّحوّل ممكنا ومفهوما ومعبّرا عنه. أمّا في ما يتعلّق بالقوى الحاكمة في العالم العربيّ فإنّ أهدافها عموما هي المتعة اللاّمتناهية بالسّلطة، وهذه المتعة تدفعها إلى أن تمتّع  القوى الخارجيّة من نفسها، وهو ما أدّى إلى تدهور نرجسيّ عند الشّعوب، أي إلى فقدان المستوى الضّروريّ من حبّ النّفس لنفسها، وهو مكوّن أساسيّ للإنسان يجعله لا يندفع إلى الموت قبل الأوان. فأصبحت هذه المجتمعات وكأنها فاقدة للمناعة النّفسيّة، وأصبحت في وضعيّة يمكن أن نطلق عليها تعبير “النّهم إلى المثاليّ”. إن التّحليل النّفسيّ يبيّن كيف تؤدّي الرّغبة المثاليّة إلى انتزاع للجسديّ désincorporation. فالمثاليّ نفي للجسديّ قد يتّخذ أشكالا مختلفة منها تفتيت الجسد، أو تطهيره. انظر ما يقع اليوم في هذه المجتمعات بصفة عامّة، فكلّ مظاهر التّطهّر الدّينيّ المبالغ فيه تدلّ على هذا النّهم الذي يؤدّي بها إلى كلّ أنواع التّضحية المرعبة. فالتّضحية تقوم على عمليّة تعويض شيء بشيء آخر، كتعويض إسماعيل بالكبش. الآن أصبح إسماعيل هو الذي يعوّض الكبش. انظر مشهد إعدام صدّام حسين يوم عيد الأضحى، فصدّام حسين هو من الحكّام العرب الذين أدّى بهم الاستمتاع بالسّلطة إلى اقتراف أكبر الجرائم ضدّ الإنسانيّة، ولكنّ مشهد قتله يوم العيد الذي هو ذكرى لتعويض الإنسان بالكبش يدلّ على هذا الاختلال الفظيع الذي طال الأسس الرّمزيّة للحضارة عندنا. – هل هناك مقاربة لمسألة العلمانيّة من وجهة نظر التّحليل النّفسيّ؟
المشكلة ليست العلمانيّة أو الدّين في حدّ ذاتهما. التّحليل النّفسيّ يقرّ بأنّ النّفس البشريّة لها ارتباط طفوليّ وثيق بما يسمّى بالإحيائيّة، بكافّة أنواعها. وما نسمّيه الدّين هو نوع من الإحيائيّة سواء كان هذا الدّين توحيديّا أم وثنيّا. فالطّفل يحيي كلّ الأشياء ويمنحها روحا، ويكلّمها، ويلعب معها، وينزعج منها ويضع على لسانها حكايات عجيبة، فهو بطبيعته هذه خالق. ولكنّه في الوقت نفسه، من حيث أنّه ضعيف وعرضة إلى الجزع، يحتاج إلى من يحميه، ويتخيّل أنّ هناك خالقا له مثل أبيه أو أمّه. فهو خالق مخلوق، أو كما يقول ابن عربيّ خالق لخالقه. إذن النّفس الطّفوليّة هي خالقة الآخر، وخليقته في آن واحد، وهنا تكمن كلّ القوى الدّينيّة النّفسيّة، وهي قوى جامحة لا حدّ لها، ولا تعرف الفاصل بين الحياة والموت.  أمّا الدّين كمؤسّسة، فهو يستعمل هذه القوى ليحدّ منها، ويقلبها تماما ليجعل هذا الطّفل الخالق مخلوقا وعبدا فحسب. وهذه العمليّة تجعل الطّفل يكبر ويضطرّ إلى الحدّ من أوهام عظمته، وتقحمه في العلاقة الاجتماعيّة مع الآخر، بأن يجعل القوّة العظمى في مكان لا يستطيع أيّ إنسان أن يتحصّل عليه. فالإله هو موقع القوّة التي تمّ إقصاؤها، فهي ليست بيد أحد. ولكنّ رجال الدّين من خصائصهم أنّهم يتكلّمون بلسان هذه القوّة ويزعمون أنّ لهم معها علاقة حقيقيّة، بل أكثر من ذلك، يزعمون على نحو ما بأنّهم آباء الإله أو أرباب الرّبّ، ويقحمونه في مخارج الجسد البشريّ وفي الدّوافع الجنسيّة، ويخلقون ما يمكن أن نسمّيه بـ”الإفحاش المقدّس” الذي يؤدّي إلى بؤس الشّعور بالإثم والقمع. إذن بالنّسبة إلى التّحليل فإنّ الدّين هو في الوقت نفسه قوى نفسيّة لا حدّ لها، ومؤسّسة تحدّ منها. فهو أمر ذو حدّين متناقضين. تاريخ الدّيانات يبيّن لنا كيف يوجد داخل كلّ دين صراع بين هذين النّقيضين، وغلبة لأحدهما على الآخر بحسب الفترات التّاريخيّة المختلفة. ما نسمّيه العلمانيّة هو محاولة لإخراج النّظام الاجتماعيّ من هذا التّناقض الرّهيب. في الحقيقة، لا يمكن القضاء على هذه القوى، لذلك فإنّ العلمانيّة ليست مطلقة، بل هي مشروع لا ينفي وجود هذه القوى، وحقيقتها النّفسيّة البشريّة، بل يرمي إلى وضع المعاملات الاجتماعيّة والسّياسيّة في مجال يحميها من هذا التّضارب بين النّقيضين. إنّها لا تلغي بل أكثر من ذلك، تقول إنّ في المجتمع السّياسيّ الواقعيّ، يجب أن يكون مكان القوّة المطلقة فارغا، ولا أحد بإمكانه أن يحلّ فيه أو يتكلّم باسمه، سواء كان فردا أم مجموعة. العلمانيّة هي في الحقيقة تواضع حقيقيّ يحدّ من النّرجسيّات المتمتّعة بالسّلطة ويحمي النّرجسيّات الجريحة في الوقت نفسه.
 
(المصدر: موقع ” الأوان”  بتاريخ 22 جوان 2008)  

بشار الأسد العائد بقوة.. وسوريا قوة إقليمية

عبد اللطيف الفراتي (*) بقدرة قادر أصبح الرئيس بشار الأسد ـ الذي كان منبوذا ـ مدعوا رسميا إلى باريس، بمناسبة القمة من أجل المتوسط، ولحضور احتفالات العيد الوطني الفرنسي في 14 يوليو، العيد الذي يذكر بفتح أبواب سجن الباستيل قبل220 سنة، والذي يذكر بحقوق الإنسان التي كانت أقرت في فرنسا قبل أي دولة أخرى. كان الرئيس السوري متهما هو أو أعوانه بأنه وراء اغتيال رفيق الحريري وعدد آخر من القيادات اللبنانية والمثقفين اللبنانيين، كان متهما بأنه يرفض الاعتراف بلبنان دولة ذات سيادة، ولا يعترف لها بحدود مرسومة، ولا يقبل بتبادل السفراء معها لا هو ولا من جاء قبله من القيادات السورية منذ الأربعينيات أي منذ استقلال بيروت، وكان يعتبر رأس الحربة العربية في معاداة إسرائيل، وكل من يهادنها، في وقت أغمدت فيه السيوف والحراب العربية واستكانت الطائرات والدبابات والمدافع. كل هذه المواقف مضاف إليها تحالف قوي وصلد مع طهران العدو الألد للغرب منذ قيام ثورتها في 1979، إلى الحد الذي تم فيه من طرف الغرب وبعض العرب دفع صدام حسين لإعلان الحرب ضد النظام الإيراني، فكانت حرباً مدمرة استمرت ثماني سنوات وانتهت بلا غالب ولا مغلوب، وعانى منها الشعبان العراقي والإيراني الأمرين، وهي حرب كانت سوريا الوحيدة بين العرب التي وقفت فيها مع طهران ضد بغداد “الشقيقة”، وجعلت من بشار الأسد ومن قبله والده في عداد الأعداء الألداء للغرب عموما وفرنسا خصوصا، التي تعتبر نفسها راعية للبنان منذ نهاية الحروب الصليبية، ونتيجة لما مارسته من وصاية على هذا البلد العربي المتميز. بقدرة قادر إذن أصبح بشار الأسد قابلا للمعاشرة، والاستقبال والسير على السجاد الأحمر للإيليزيه جنبا إلى جنب مع الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي ما فتئ يفاجئ الفرنسيين ويفاجئ العالم بمبادراته، خاصة وبمصادفة مناسبة غالية جدا عند الفرنسيين، مناسبة عيدهم الوطني. وبقدرة قادر بات بشار الأسد نجم القمة المتوسطية وكل زائري فرنسا بالمناسبة. قبل أسابيع قليلة فقط كان بشار الأسد رجلا غير قابل للاستقبال ولا للتحادث، وكما يقال في فرنسا ( non fréquentable)، ولكن الأمر تغير فجأة، وأصبح يستعد لأن يستقبل كصديق، ويمدون تحت رجليه، البساط الأحمر المخصص للأصدقاء المقربين، ومن يتمتعون بثقة ومحبة الفرنسيين. ما هو سر هذا التغيير الكبير إزاء رجل اتهم بكل النعوت، ومنها أنه ديكتاتور، وأنه يمارس ضد شعبه كل أنواع البطش تماما كأبيه، وأن عداءه للغرب وخاصة لفرنسا ـ التي تعتبر نفسها حامية للبنان والذي كان يتدخل في شؤونه باستمرارـ بلا حدود ؟ إن العلوم السياسية تبرز لنا، أنه ليس هناك تغييرات سياسية جذرية، تأتي بلا أسباب ومسببات، ولذلك فإنه من السذاجة الاعتقاد، بأن الساسة الفرنسيين قد غيروا توجهاتهم إزاء الرجل وبلده بين يوم وليلة بلا سبب، وسبب كبير أيضا. من المحللين من رأى أن انفتاح الرجل على إسرائيل، وفتح مفاوضات غير مباشرة معها، بوساطة تركية وفي أنقرة عاصمة تركيا، هو سبب كاف ليعود الاطمئنان للغرب، وخاصة للفرنسيين، فينفتحوا عليه مثلما أبدى بوادر انفتاح من جهته على إسرائيل. ومن المحللين أيضا من رأى أن ترحيب دمشق باتفاق الدوحة اللبناني اللبناني لا يمكن أن يكون غائبا عن ترطيب الأجواء بين باريس ودمشق، ولكن أولئك المحللين أنفسهم لا يعتقدون لحظة أن ذلك يشكل سببا كافيا لهذا التطور الذي يعتبر دراماتيكيا في العلاقات الفرنسية السورية. من المؤكد أن لذلك الحدث دوراً في تقرير فرنسا استقبال الرجل ـ علاوة على انعقاد قمة بادرت للدعوة إليها باريس وتعمل على إنجاحها، ولكن ذلك وحده لا يمكن أن يقوم سببا كافيا لتغيير بهذا الحجم في السياسة الفرنسية، إلى الحد الذي ينتهي بدولة مثل فرنسا كل سياساتها قائمة على حسابات مضبوطة، لا كما هو شأن العرب حيث تحفل السياسات بالقرارات العاطفية، وحيث نرحب يوما، ونتخاصم أياما ثم نعود للعناق والتبويس وكأن شيئا لم يحصل. ومن المؤكد أن قرار فرنسا باستقبال الأسد كضيف خاص ونجم ليس قرارا اتخذته على انفرد، ودون تشاور مع “الأشقاء” في الاتحاد الأوروبي، والأصدقاء الأمريكان. فما هي الأسباب والمسببات؟ إن استقراء التصريحات الرسمية الفرنسية، ومقالات الصحف الفرنسية وغير الفرنسية المطلعة عادة لا ينبئ بشيء، ما يزيد في الاعتقاد أن وراء الأكمة ما وراءها، هل يكون توجها عاما جديدا قد حصل الاتفاق بشأنه إيرانيا- سوريا فرنسيا، وباعتبار فرنسا هي المسؤولة أساسا في الغرب عن التعامل مع الملف اللبناني، وإن تدخلت أمريكا على الخط حيث إنها لا تريد أن تكون غائبة عن أي ملف، ولا تريد أن تترك لأحد مهما كان صديقا أمر العناية منفردا بملف معين. في هذه الحالة، ربما كان الفرقاء المعارضين في لبنان الذين كانوا يعرقلون أي حل قبل الدوحة، قد دفعتهم دمشق ومن ورائها طهران للتخلي شيئا ما عن التصلب الذي مارسوه على مدى أشهر طويلة، ووصل إلى حد عرقلة اجتماعات البرلمان اللبناني ومنع انتخاب رئيس جديد للدولة. ربما.. وربما كان ذلك مؤذنا بسياسة سورية جديدة تجاه لبنان، يمكن أن تتأكد من خلال ما يقال عن استعداد سوريا ـ وهو ما وقع التعبير عنه لأول مرة ـ الآن، لترسيم الحدود مع لبنان، وتبادل التمثيل الدبلوماسي، وإعادة مزارع شبعا لبيروت أو على الأقل لتصرف أممي، ما ينهي مشكلة احتلالها الإسرائيلي، إذا صح أن إسرائيل ستنجلي عنها إذا ما عادت تلك الأرض للسيادة اللبنانية وأعلنت دمشق أنها ليست سورية، على اعتبار أنها إذا كانت سوريا تريد أن تحتفظ بالسيادة عليها، فإن الحل بشأنها سيكون منضويا تحت حل إسرائيلي سوري شامل. لكن إذا كانت سوريا قدمت أو ستقدم كل هذه التنازلات التي تعني رفع يدها عن لبنان ـ إذا صح ذلك طبعا ـ فما هو الثمن الذي سيدفع لها ـ طبعا الثمن السياسي ـ؟ هل يكون متمثلا في، التخلي الغربي عن المحكمة الدولية، وعن التحقيق الجاري بشأن اغتيال رفيق الحريري ؟ ربما يكون ذلك هو الثمن، وعندها لا تجري محاكمة ،ولا تعقب لسوريين من أي مستوى ؟ وتقبر قضية رفيق الحريري على مذبح الوفاق الدولي، كما جرى مرات ومرات في التاريخ الحديث. وهذا يبرز أمرا معينا، وهو أن سوريا مثلت وتمثل بحق قطبا إقليميا لا غنى عنه، يستطيع أن يفرض لا فقط وجوده، ولكن أيضا إرادته. (*) كاتب تونسي (المصدر: ملحق “تيارات” بصحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 جوان 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

17 février 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année, N° 3557 du 17.02.2010  archives : www.tunisnews.net  Assabilonline: Bassam Jarray retourne en prison

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.