السبت، 6 يناير 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
 ème année, N° 2420 du 06.01.2007

 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفـاع عن حقـوق الإنسـان: بيــــــان المجلس الوطني للحريات بتونس : بعد عملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين يطالب المجلس بوضع حدّ للاحتلال الأمريكي للعراق وتفعيل دور الأمم المتحدة الأستاذ محمد نجيب الحسني: إيقاف أكثر من عشرين شاب من مدينة الكاف المهندس التّومي المنصوري  من السّجن الصغير إلى السّجن الكبير كلمة: أضواء على الأنباء صلاح الدين الجورشي: »أحداث حمام الأنف.. نريد الحقيقة »(تحديث) محمد الحمروني: التيار السلفي الجهادي « يتنامى » بتونس يو بي آي: بريطانيا تحذر رعاياها من الإرهاب بتونس د . عبد المجيد النجار: هل سؤال العنف  أصبح جوابا على أرض الخضراء؟  أمّ زياد: إطلاق نار في بلد الأمن والأمان عبد الرؤوف العيادي: ما هو أخطر من المواجهة المسلحة  الخيارات المفلسة عبدالباقي خليفة: هل يغير النظام الحاكم في تونس سلوكه الأهــوج قبل الطوفان ؟ أبو عمر: ماذا يحدث في تونس ؟ د أبو خولة: القاعدة تفشل مجددا في تونس الصباح: تحصين المجتمع وصون المكاسب الصباح: على هامش حادثة المجموعة الإجرامية الصباح: حول المواجهات الأخيـــرة « الخبر » الجزائرية: رفضت التخلي عن السلاح في رسالة إلى بوتفليقة وزعيم القاعدة – الجماعة السلفية في انتظار توجيهات بن لادن الجزيرة.نت: الجماعة السلفية ترفض مصالحة بوتفليقة التجديد المغربية: هل دخلت تونس دائرة العنف المسلح؟ العربي القاسمي: بلا شماتة: ومن يزرع الشوك يجني الجراح فاضل الســالك: هذيان في ليل غربة صالح عطية:نقابة الصحفيين التونسيين – بيان استقالة… عدنان الحسنـاوي: ملاحظات حول تغطية الإعلام بتونس لمحاكمة صدّام تفاصيل محضر اللقاء بين رامسفيلد وصدام حسين في سجن المطار


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).



الرابطـــة التونسيـــة للدفـــاع عن حقــــوق الإنســـان تونس في 05 جانفي 2007 بيــــــان
   تلقت الهيئة المديرة بقلق شديد أخبار الاشتباكات المسلحة التي أعلنت عنها وزارة الداخلية مساء يوم 23 ديسمبر، والتي تجددت بين أعوان الأمن ومسلحين وصفهم البيان الرسمي ب » مجرمين خطرين « . وقد انتظرت الرابطة طيلة الأيام الماضية أن تقوم السلطة بإعلام الرأي العام بحقيقة ما جرى، غير أن هذه الأخيرة لازمت الصمت، مكتفية بإصدار بيانين قصرين لم يتضمنا سوى معلومات عامة جدا. وهو ما أحدث بلبلة لدى التونسيين، وفتح المجال أمام الشائعات المتضاربة. وبناء عليه فإن الرابطة، تجد نفسها مضطرة إلى التأكيد على المسائل التالية :
– نستغرب استمرار التعتيم الإعلامي الرسمي على ما جرى، ونؤكد من جديد بأن إعلام المواطنين حق أساسي من حقوقهم، وأن إخفاء الحقائق عنهم مضر بسمعة البلاد، ودليل إضافي على ما تعانيه الصحافة من رقابة شديدة ومنع للصحافيين من الوصول إلى مصادر الخبر. ولهذا تطالب الرابطة السلطة بالكشف عن حقيقة المجموعة، وأهدافها، وهويات أعضائها ، والظروف التي دارت خلالها الاشتباكات المسلحة. – تدين الرابطة بقوة لجوء بعض التونسيين إلى العنف كوسيلة للتغيير السياسي. وتعتقد بأن ذلك من شأنه أن يهدد استقرار البلاد، ويعرض أمن المواطنين ومصالحهم للخطر. وفي صورة ما إذا ثبت بشكل قاطع بأن المسلحين لهم صلة بجماعات إرهابية  فإن ذلك يشكل مؤشرا خطيرا يستوجب من الجميع التصدي له بحزم، والتعرف على أسبابه وتداعياته. – تؤكد الرابطة بأن مواجهة خطر الإرهاب، لا يكون فقط بالمعالجة الأمنية، ولكن بتشريك المجتمع بكل مكوناته، وإطلاق الحريات العامة، واحترام الحقوق الأساسية للمواطنين. فالديمقراطية وحقوق الإنسان هما من بين الضمانات الرئيسية لتشكيل رأي عام مضاد للجماعات الإرهابية ولمختلف المخاطر التي تهدد البلاد ومكاسبها. – واعتمادا على ما بلغ إلى علمها تعبر الرابطة عن انشغالها للممارسات المنافية لحقوق الإنسان، خاصة في ضوء المعطيات التي تشير إلى اعتقال العشرات ممن تصفهم أجهزة الأمن ب  » المشبوه فيهم « . وتطالب باحترام الذات البشرية، وعدم اللجوء إلى التعذيب مهما كانت المبررات، وعدم إيقاف أي مواطن دون إذن قضائي، وعدم الاحتفاظ بأي كان خارج الآجال القانونية. كما تدعو الرابطة إلى ضرورة التعجيل بإحالة الموقوفين على القضاء، واحترام كل شروط المحاكمة العادلة. – تحذر الرابطة من مخاطر الخلط بين من يحمل السلاح ويهدد أمن المواطنين وذلك بالاستناد على أفكار متطرفة وتكفيرية، وبين غيرهم من المواطنين بقطع النظر عن توجهاتهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية وعقائدهم الدينية.    عـن الهيئــة المديــرة الرئيـــس            المختار الطريفي


المجلس الوطني للحريات بتونس 

تونس في 04 جانفي 2007

 

بعد عملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين

يطالب المجلس بوضع حدّ للاحتلال الأمريكي للعراق وتفعيل دور الأمم المتحدة

 

بعد عملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين فجر يوم 30 ديسمبر 2006 والتي كانت صدمة لكل المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم، فإنّ المجلس الوطني للحريات بتونس يهمّه أن يسجّل النقاط الآتية :

يدين المجلس بكل شدة عملية إعدام صدام حسين التي تفتقد لأدنى المرتكزات القانونية والتي جرت إثر مهزلة قضائية.

إنّ إنهاء حياة الرئيس السابق صدام حسين هو أقرب إلى عملية انتقامية منها إلى تنفيذ حكم العدالة كما كان اختيار توقيت ذلك في يوم عيد الأضحى دليلا على وحشية قاتليه.

يعتبر المجلس أنّ هذه الجريمة ليست سوى واحدة من النتائج الكارثية للغزو الأمريكي غير المشروع والخارج على القانون للعراق سنة 2003 والذي دمّر كلّ أسس الدولة العراقية وساق البلاد إلى الشلل والتقهقر.

إنّ مشهد إعدام صدام حسين مثلما وقع إخراجه من شأنه إذكاء حرب أهلية لا تزال توقع خسائر بشرية جسيمة وتدمّر البنية التحتية المدنية العراقية.

إنّ الحرب التي قادها الاحتلال العسكري الأنقلو-أمريكي تحصد مائة قتيل من المدنيين يوميّا.

 

والمجلس الوطني للحريات بتونس:

 

   يطالب الأمم المتحدة بإصدار قرار دولي جديد بشأن الانتهاكات والجرائم التي تعرّض لها المواطنون العراقيون يتضمن إنشاء محكمة جنائية دولية وفرق تقصي حقائق حول جرائم الحرب والعنف الطائفي ومختلف الجرائم الكبرى التي يتعرض إليها الشعب العراقي وإسنادها كل الوسائل اللازمة لتتبع ومعاقبة جميع الأشخاص الذين تورطوا في الجرائم المذكورة وإزالة آليات الحصانة التي يتمتّع بها منظوري الولايات المتحدة الأمريكية.

– يطالب بوضع حدّ للاحتلال الأمريكي للعراق وتفعيل دور الأمم المتحدة في جهود المجتمع الدولي الهادفة إلى إنهاء العنف الطائفي وإرساء السلم والمصالحة الوطنية بين العراقيين بما يتناسب مع ميثاقها في تعزيز السلام والأمن وحماية حقوق الإنسان.  كما يطالب مجلس الأمن بإرجاع منصب المقرر الخاص لحقوق الإنسان في العراق لما وصل إليه الوضع الحالي لحقوق الإنسان فيه.

 

عن المجلس ، الناطقة الرسمية سهام بن سدرين


  
 

إيقاف أكثر من عشرين شاب من مدينة الكاف

 
 قبيل عيد الإضحى  و بعده تم إيقاف شبان من مدينة الكاف ، تجازو عددهم العشرين منهم من لم يبلغ حتى الثمانية عشر عاما من العمر . و تم إعتقال غالبيتهم بشكل عشوائي من أمام المساجد . و تأكد أن  هؤولا ء  لا ذنب لهم إلا المواظبة على ممارسة  شعائرهم الدينية . و أنهم نقلوا إلى العاصمة إلى فرقة  » أمــن  » بل تعذيب  الدولة و أبنائها . إن سجن أبناء  الشعب  بدون ذنب وتعذيبهم رغم صغر سنهم وتحطيم مستقبلهم . وشعور أوليائهم بإستحالة  الدفاع عن بنيهم فلذات أكبادهم أمام مؤسسات دستوريةلا يمكن أن يؤول إلا إلى دمار الدولة لا أمنها  الأستاذ محمد نجيب الحسني  الكاف في 2007.1.3
 

المهندس التّومي المنصوري  من السّجن الصغير إلى السّجن الكبير

 

باريس في 05/01/2007

 

محمّد التّومي المنصوري من مواليد 1953 بالقصرين , متزوّج وأب لولدين و بنت, متخرج من كلّيّة الفلاحة بشطّ مريم برتبة مهندس فلاحي حيث تحمّل العديد من المسؤوليّات بالإدارة الفلاحيّة بالكاف منذ تخرّجه سنة 1980 حتى تاريخ اعتقاله سنة 1987 والحكم عليه بعشر سنوات سجن ضمن محاكمات الاتجاه الإسلامي.

ألقي عليه القبض مرّة ثانية سنة 1991 و أودع السجن حيث تعرّض لتعذيب رهيب لا يزال يحمل أثاره إلى يوم الناس هذا.  حكم عليه ب 16 سنة سجنا و 5 سنوات مراقبة إداريّة ضمن محاكمات حركة النّهضة قضّى منها 13 سنة متنقّلا بين سجون البلاد كلّها حيث سامه من التّعذيب و القهر ما لا يمكن وصفه, كما بقيّة إخوانه.

فقد والدته (رحمها الله) خلال فترة سجنه ولم يمكنوه حتى من حضور جنازتها كما أصيب والده بشلل تام أقعده الفراش من كثرة المصائب.

 أطلق سراحه في نوفمبر 2004 و أجبر على الإقامة بقرية القصور ولاية الكاف و التي تبعد 220 كلم عن العاصمة حيث منع من ممارسة أيّ شغل و ألزم بالإمضاء يوميّا لدى السّلط المحلّيّة إلى تاريخ رفع هذا القرار خلال نوفمبر 2006 مع مواصلة منعه من مغادرة القرية حتى لتفقد حال والده الذي يبعد عنه حوالي 150 كلم.

كما منع من حقّه الطبيعي في العمل والعيش الكريم ككل مواطن مسئول عن قوت عياله رغم العديد من الرسائل التي بعث بها إلى رئاسة الدولة والإدارات الوطنيّة والجهويّة قصد رفع التّضييقات  عليه, إلاّ أنها باءت كلّها بالفشل وهو الآن مهدّد بالدّخول إلى السجن للمرّة الثالثة بعد أن أعلم رسميّا أن مغادرته للقرية تعني رجوعه للسجن مؤكدا.

نطلب من السيّد رئيس الدولة و السّيد وزير الداخليّة الإشارة إلى السّلط الجهويّة بمنطقة الكاف كي يكفّوا الأذى عن الرجل ويتركوه في سبيله.  

نطلب من الجمعيّات المهتمة فعلا بحقوق الإنسان التّدخل لدى السلطات المعنيّة لرفع هذه المظلمة المسلّطة على المهندس المنصوري.

 

الطاهر الحسني

عبدالباقي فتحي

باريس

 

 

أضواء على الأنباء

إضاءة أمّ زياد

 

برهان بسيّس والردّ على « الكرطوش« 

 

ها قد صارت تونس تتصدر الصفحات الأولى من نشرات الفضائيات الكبيرة لا بفضل ما أجرى فيها من إصلاحات (حتى مثل موريتانيا) بل لأنّها صارت مسرحا للاشتباكات الدامية بين السلط وجماعة مسلحة.

في يوم 3 جانفي 2007 كاد الأستاذ برهان بسيس أن يطلّ إطلالته الفضائية الأولى في العام الجديد ليقدّم تحليلاته العقلانية والموضوعية وغير المتشنّجة لما حدث في ضاحية العاصمة الجنوبية… ولكن الأستاذ بسيس اعتذر لقناة الجزيرة ولم يتدخل في حصادها لذلك اليوم. وقد تبادر إلى الأذهان أنّ ذلك الاعتذار يدلّ على أنّ محامي السلطة « الجنتلمان » المهذب والمثقف ليس له ما يقول في موضوع غريب عليه مثل موضوع « الكرطوش » وهو الذي اختصّ في الردود ذات الطابع الفكري المعقد على معارضين مساكين لاكرطوش لهم وكل ما يملكونه هو أقلام وألسنة محرومة من الانتشار الإعلامي ومن حقوق الردّ إذا هوجموا في الفضاءات الإعلامية ذات الانتشار الواسع… ولكنّ المفاجأة حدثت باستجابة الأستاذ بسيس لطلب الجزيرة تدخّله في نشرتها المغاربية وإذا به يطلع على الهواء مباشرة وفي موضوع كان من المفروض أن يشغله مسؤول أمنيّ… وهكذا عرفنا أنّ الأستاذ بسيس له أيضا ما يقوله في موضوع « الكرطوش »… »باهية الثقافة الموسوعية« .

 

يوم 3 جانفي في « سليمان« 

 

لقد كانت المعلومات الرسمية شحيحة فيما يخص المواجهة المسلّحة التي وقعت في « الضاحية الجنوبية » للعاصمة يوم الأربعاء 3 جانفي 2007، ولتجاوز هذا التعتيم، ما يلي:

الضاحية الجنوبية هي مدينة « سليمان » وتحديدا حيّان منها وهما حي النيفر وحي الروضة حيث توجد « فيلّتان » تحصّن فيهما المسلّحون. وقد انقطعت المواصلات طيلة ذلك اليوم في المدينة كلّها وعاش سكانها حالة شديدة من الذعر خاصة بعد الظهر الوقت الذي وقع فيه تبادل إطلاق نار عنيف وجالت فيه المدينة سيارات حربية من نوع خاص جدا ولم يسبق للأهالي أن رأوا مثلها. وقد أخلت السلط بعض المدارس من التلاميذ في الساعة الرابعة بعد الزوال وبعض التلاميذ وخاصة منهم من يسكن الحيّين المذكورين بقوا عالقين ولم يستطيعوا العودة إلى مساكنهم. وممّا تذكره مصادرنا أنّ القوى النظامية لم تنبّه على السكّان كما كان من المفروض أن يقع ولم تنبّه خاصة على الجماعة المسلّحة أو تطالبهم بتسليم أنفسهم. الثابت أنّ السلطة قصدت أن تصفّي الموضوع بقتل المجموعة لا بالقبض عليهم وذلك حتى تتجنّب محاكمات ينشر فيها غسيل النظام وتفضح فيها ممارساته وسياساته التي قادت إلى ظهور معارضة مسلّحة… وما بالطبع لا يتغيّر.

 

كتائب الحجاب

لقد كان من ردود الفعل الأولى على الاشتباكات المسلحة في حمام الأنف تفسير الحدث بأنّه ردّ فعل الجماعات السلفية على الحملة الأخيرة التي تعرضت لها المحجبات.

التفسير معقول وقد حذّرت من ردّ الفعل هذا في إضاءة سابقة قلت فيها إنّ النظام يلعب بالنار ويوقظ شيطان الفتنة ولا ينكر أحد أنّ المسألة الدينية ما تزال أقوى من غيرها في إثارة الغضب والحساسيات، غير أنّنا يجب ألاّ نقع في التفسيرات التقليدية السهلة لكلّ ما يحدث فهذا النظام لا يستفزّ الإسلاميين وحدهم بل يستفزّ كلّ ذي حساسية تجاه الظلم

 

آه لو كان بوش

لقد نفذ في صدام حسين حكم بالإعدام لا نظنّ أنّ الإنسانية رأت شبيها لبشاعته وفظاعته منذ أن صارت إنسانية « متحضرة » وقد قيل إنّ جورج بوش الابن قاتل صدام كان يغطّ في سبات عميق لمّا وقع إعدام عدوّه وإنّه أوصى أهل بيته الأبيض ألاّ يوقظوه من أجل رؤية هذا الحدث التافه الذي لا يرقى إلى مرتبة مشاغله الرئاسية مثل مداعبة كلاب البيت الأبيض واستقبال الكلاب البشرية المبصبصة له دوما بأذنابها.

وأنا لا أصدّق هذا الخبر بل أعتقد جازمة أنّ بوش تابع الإعدام بالصوت والصورة ليلتذّ بتنغيص عيد المسلمين وخاصة ليتشفّى في عدوّه صدام ويرى صورة الرعب على وجهه الصارم أمام حبل المشنقة… ولكنّ صدام أبى أن يرحل من الدنيا دون أن يوجّه إلى بوش صفعته الأخيرة فقد راوغه مراوغة منكرة واستقبل الموت بكبر وبات ورباطة جأش… بل بشيء من الدعابة الساخرة.

بالمناسبة، ولو رجعنا إلى منطق الجريمة والعقاب وقلنا إنّ كلّ جرم في حق الإنسانية يقتضي الحكم على مرتكبه بالإعدام فإنّنا سنجد أنّ بوش كان ينبغي أن يتصدر قائمة المرشحين للعقوبة القصوى. وبعضهم طرح هذه الفرضية وتصوّر ردّ فعل بوش لو كان هو الذي واجه حبل المشنقة وقال إنّ بوش كان سيموت ذعرا وبالسكتة القلبية قبل أن يشنق… وهنا أيضا أوافق بل أرى أنّ حكم الإعدام كان سيؤجل إلى وقت لاحق وذلك بسبب وضع المحكوم عليه وهيئة سراويله غير اللائقة.

 

المشكلة في التوقيت

كثير من المعلّقين السذج استنكروا الصمت العربي الرسمي على إعدام صدام واكتفاء العواصم العربية باستنكار توقيت تنفيذ الحكم دون أن تشير إلى سلامة المحاكمة وأن تطعن في مسوّغات الحكم… والله أمر هؤلاء المعلقين عجيب، ماذا كانوا ينتظرون من الحكام العرب ؟ أن يقفوا في وجه أمريكا أم أن يقولوا إنّ قضاء العراق غير نزيه وإنّ حكّامه غير شرعيّين. أنا لم أستنكر شيئا بل تخيّلت ساعة شنق صدّام كثيرا من الأيادي العربية الحاكمة وهي تمتد لتتحسس الأعناق التي أنقذها من الحبل انحناءها لأمريكا… فقط لا غير.

 

 

« مخرنبق لينباع« 

الدكتور فتحي التوزري وهو قيادي في حزب معارض كتب مؤخرا مقالا نشره في جريدة حزبه يطرح فيه المصالحة والمشاركة باعتبارهما الحلّ الأمثل لأزمة السلطة مع المعارضة ويدحض فيه فكرة المواجهة والمقاومة السلمية التي تطرحها أطراف سياسية أخرى.

 

من حق الدكتور التوزري أن يعبّر عن أطروحته وأن يسعى إلى التكثير من مؤيّديها ومن حقه أيضا أن يطالب بالمشاركة في الشأن العام حتى تنتفع البلاد بجميع كفاءات أبنائها وإن كنّا لا نرى جيّدا كيف يمكن أن تتفاهم كفاءته مع « كفاءة » عبد العزيز بن ضياء وسائر عرّابي النظام… وأيضا من حقه أن يدحض المشاريع التي يراها خاطئة مثل مشروع المقاومة. ولكن عندما يتحول دحض فكرة الطرف المقابل إلى تشكيك في مداركه العقلية وحديث عن « العصابية » وغير ذلك من مصطلحات الطبّ النفسي التي استعملها الدكتور فإنّ الأمر يصبح خطيرا على حياة الطرف المقابل وسلامته.

يعرف الناس بلا شك أن « تجنين » المعارضين والرمي بهم في مستشفيات الأمراض العقلية كان الأسلوب المتّبع في الاتحاد السوفياتي الراحل. ومن حسن حظ الدكتور فتحي التوزري لم يكتب في مقاله المذكور أسماء « المؤتمر من أجل الجمهورية » ومنصف المرزوقي المقصودين بكلامه. ولو فعلها وهو طبيب نفساني مرخص له لصار مقاله ذاك شهادة طبّية يمكن أن يعتمدها النظام للرمي ببعض الأشخاص في مستشفى الرازي.

 

(المصدر: مجلة « كلمة »، العدد 49 – جانفي 2007)


 

ملاحظة أولى: أعلمنا بعض السادة القراء أنه قد تم تحديث نص مقال السيد صلاح الدين الجورشي الذي نقلناه في عددنا ليوم أمس عن موقع سويس إنفو. لذلك نعيد نشره اليوم في صيغته المُحينة.

 

صلاح الدين الجورشي:« أحداث حمام الأنف.. نريد الحقيقة »

صلاح الدين الجورشي – تونس

 

هذا ليس شعار حزب معارض، وإنما « مانشات » تصدّرت العدد الأخير من أسبوعية « أخبار الجمهورية »، الصادرة في تونس يوم 4 يناير 2007.

 

مرة أخرى تندلع في تونس حوادث خطيرة، ويكون التعاطي الإعلامي معها محكوما بندرة المعلومات وإخفاء الحد الأدنى من المعطيات. أكثر من عشرة أيام والتونسيون، بمن فيهم رجال السياسة والصحفيون ونواب في البرلمان وقادة أحزاب ورجال أعمال ومثقفون، وحتى أعضاء الحزب الحاكم، لا يملكون معلومات مؤكّـدة عن حوادث تبادل الطلق الناري التي جدّت في أكثر من مكان من البلاد بين « مسلحين مجهولين » وقوات تابعة لأجهزة الأمن والجيش، وقد فتح ذلك المجال واسعا أمام مختلف الإشاعات، بما في ذلك « الأكثر غرابة وجنونا »، على حد تعبير أحد المعارضين للحكم. 

بدأ الغموض مع ما أعلنت عنه وكالة إفريقيا تونس للأنباء (رسمية) في برقية لها مساء يوم 23 ديسمبر 2006 الماضي من حدوث مواجهة مسلحة مع مجرمين خطرين، أدّت إلى مقتل اثنين منهم وجرح عونَـي أمن، وظن التونسيون أن المسألة ستقف عند ذلك الحد، مع التطلع لمعرفة هوية هذه العصابة.

 

لكن بعد ذلك، قدمت بعض وسائل الإعلام روايتين مختلفتين، فقد أكدت صحيفة « الشروق » أن العصابة مرتبطة بشبكة دولية لها علاقة بعالم المخدرات، وهي رواية تقبلتها معظم الأوساط بكثير من الشك والحذر، أما الرواية الثانية، فقد كانت أكثر وجاهة، وتبنتهــا صحيفة « الصريح »، التي وصفت العملية بأنها من صِـنف العمليات « الإرهابية »، وقد شكل ذلك، الخيط الذي أمسكت به الأوساط المتعطشة لمعرفة خلفيات الحدث.

 

 مواجهة خطيرة

 

ومما دعم هذه الفرضية، نوعية الأسلحة التي استعملها المسلحون (كلاشنكوف، ومتفجرات يدوية حديثة ومتنوعة، وقيل أيضا بعض قطع من صواريخ الهاون)، وكذلك المهارات القتالية التي أظهرها بعضهم، مما ألحق إصابات بالغة في صفوف رجال الأمن، وحتى بعض العسكريين، حسب بعض الروايات غير المؤكّـدة.

 

كما نجحت المجموعة، بشكل مؤقت، في توسيع دائرة المواجهة، وذلك بالانتقال السريع من مكان إلى آخر (حمام الأنف، حمام الشط، جبل الرصاص، مرناق، وأخيرا سليمان)، وهو ما دفع بخلية الأزمة، التي أشرفت على متابعة مجريات هذه العملية، إلى التعاون مع وزارة الدفاع وإعلان التعبئة الكاملة، ووضع الجميع في حالة استنفار أمني وعسكري غير مسبوق، بلغت حد إلغاء الإجازات ومنع الكثيرين من عسكريين ورجال أمن من العودة إلى بيوتهم إلى أن تنتهي العملية.

 

ونظرا لخطورة المواجهة، التي تعتبر الأولى من نوعها، تمّـت الاستعانة أيضا بطائرات مروحية عسكرية ووضع حواجز ونقاط تفتيش بكثافة في جميع الطرقات، الرئيسية والفرعية، الرابطة بين العاصمة تونس ومدينة بنقردان (في أقصى الجنوب)، وبالأخص بين حمام الأنف ومدينة الحمامات.

 

بعد عشرة أيام من تاريخ البلاغ الأول، أصدرت وزارة الداخلية بيانها الثاني، أكّـدت فيه أنه « مواصلة للأبحاث التي انطلقت على إثر تبادل لإطلاق النار ليلة 23 ديسمبر الماضي بين قوات الأمن ومجموعة خطيرة من المجرمين، تمت صباح يوم الأربعاء 3 يناير بالضاحية الجنوبية، مطاردة عناصر متبقية من هذه المجموعة، نتج عنها تبادل لإطلاق النار أدّى إلى مقتلهم ».

 

وبما أنه قد سبق لمصدر حكومي نفْـيَـه بشِـدّة مقتل 25 مسلحا، وهو الخبر الذي أوردته وكالة « رويترز »، نقلا عن مصدر قريب من الجهات الأمنية، فقد عادت الوزارة لتُـعلن عن حصيلة جديدة، تمثلت في مقتل 12 مسلحا واعتقال 15 آخرين، ويُـفهم من البلاغ بأن العملية قد انتهت وأن الملف قد أغلق.

 

ويفيد مدر طبي أن أحد مستشفيات العاصمة قد تلقى يوم الأربعاء الماضي (3 يناير 2007) تسع (9) جثث لأشخاص مُـصابين بالرصاص، وهو ما يدُل على أن المواجهات التي شهدتها مدينة سليمان كانت ساخنة، حيث استمرت يوما كاملا، حسب روايات بعض الشهود، الذين أكدوا بأن اجهزة الامن حاولت ان تتجنب إطلاق النار بكثافة حرصا على إلقاء القبض على هؤلاء المسلحين أحياء لكن هؤلاء تحصنوا بأحد المنازل طيلة يوم كامل مما أدى في الأخير حسب نفس الشهود إلى اتخاذ قرار بالهجوم على المنزل وقصفه.

 

« الملف أغلق بالكامل »

 

في هذا السياق، وباتصال هاتفي مع الإعلامي التونسي برهان بسيس، أكّـد لسويس انفو أن المجموعة « لها ارتباط بشبكة إرهابية عابرة للحدود ». وفي انتظار استكمال التحريات، فهو يرجّـح وجود عناصر أساسية وثيقة الصِّـلة بمراكز في الخارج، وبالتالي، فهو يعتقد بأن المجموعة « ليس لها وجود طبيعي أنتجه حِـراك داخلي »، لكنه لم ينفِ وجود عددٍ من الشبّـان التونسيين « تم استقطابهم بحُـجّة الجهاد ».

 

وفي إشارة إلى المهارة القتالية، التي أظهرها بعض المسلحين، لم يستبعد السيد بسيس أن « قوة النار المستعملة أكّـدت أن من بين أفراد المجموعة مَـن له تجربة ميدانية سابقة، قد تكون ساحات خارجية قد صهرتها، بينما كان أداء آخرين أقرب على الهواية مما يؤكّـد حداثة انضمامهم لهذا الصنف من الجماعات ».

 

وأكد بسيس بالخصوص على أن « التدخل الحازم والناجع لأجهزة الأمن في اللحظة المناسبة وبالدقة المطلوبة قد فوت وقوع ما لا يُـحمد عقباه ». وبناء عليـه، اعتبر أن « التعاطي، سياسيا وإعلاميا، مع هذه القضية ينبغي أن يرتفع عن منطق المزايدة والتهويل والعجلة والاستثمار السياسي الابتزازي لحدث يتجاوز بشكل كبير، طبيعة ورهانات وصراعات الساحة السياسية التونسية في حجمها التقليدي واحتكاكاتها المعروفة، لأن الضرر لا قدّر الله في مثل هذه الحالات يشمل الجميع سلطة ومعارضة »، على حد قوله.

 

وبسؤاله حول ما إذا كانت هذه المجموعة لها امتدادات أخرى، استند في جوابه على ما أكّـدته الأجهزة الأمنية من أن « الملف قد أغلِـق بالكامل »، وأضاف « لكن التحقيقات المفتوحة ستركِّـز على إمكانية وجود امتداد من نوع مغاير لهذه المجموعة، سواء أكان امتدادا في طور الاستعداد أم فيما يُـعرف اصطلاحا بالخلايا النائمة ».

 

أما المؤكد بالنسبة لبرهان بسيس، فهو أن الحادثة « توقفت عند حدود إشعال الضوء البرتقالي أمام التونسيين ».

 

اختراق سريع.. وقابلية شبابية

 

تتنزّل هذه المجموعة، التي تجنّـبت السلطات الأمنية تحديد هويتها السياسية والدينية، في سياق عام يتّـسم بانتشار لأفكار التشدد والقراءة السلفية للنصوص المرجعية الإسلامية.

 

فلأول مرة في تاريخ تونس الحديث، يتمكّـن التيار السلفي من تحقيق اختراق سريع ولافت للنظر، خاصة في الأحياء الفقيرة والمناطق المهمّـشة، وقد لعبت عوامل متعددة لدعم مثل هذا التيار، من أهمها ما يجري في العراق وما ترتكبه السياسة الأمريكية من أخطاء فادحة وحمقاء، وانتهاكات خطيرة كان آخرها إعدام الرئيس السابق صدام حسين بطريقة بشعة واستفزازية.

 

كما أن الفراغ الديني وأزمة القِـيم وغياب حوار وطني وعلني وحُـر حول القضايا الأساسية التي تشغل الشباب، قد ساعد كثيرا في توفير القابلية لهذا التحول الفكري والنفسي، الذي يتعرض له قطاع واسع من المواطنين، وبالأخص في صفوف الشباب، فالذين حملوا السلاح خلال الأيام الماضية، تتراوح أعمارهم ما بين عشرين وخمسة وعشرين عاما، بل منهم من هو دون ذلك، حسب بعض الروايات.

 

كما يعتقد كثيرون بأن سوء إدارة العلاقة مع ظاهرة التديّـن الجديدة واللّـجوء إلى الحملات الأمنية العشوائية في محاولة للقضاء عليها – مثلما حصل الخريف الماضي في مسألة الحجاب – قد زاد في الطين بلة، واستثمره البعض للقول بوجود عداء للدين في تونس ومقاومة للمتدينين، وهو ما راج خلال الأشهر الأخيرة في عشرات المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت القريبة من دوائر مجموعات السلفية الجهادية.

 

يضاف إلى ذلك، عودة تركيز تنظيم القاعدة على منطقة المغرب العربي، بعد إعلان أيمن الظواهري رسميا في شهر أكتوبر الماضي عن تكليف « الجماعة السلفية للدعوة والقتال » الجزائرية بتنسيق العمليات على نطاق إقليمي.

 

هذه الجماعة، التي تشهد أزمة هيكلية وتراجعا ملحوظا وانقساما داخليا حادا، رغم محاولاتها المتكررة لإعطاء دفع جديد لنشاطها، وهي بالتالي، أصبحت في أشد الحاجة إلى استقطاب مزيد من المقاتلين من داخل الجزائر ومن دول الجوار لتخفيف الضغط عليها، على أن تتولى تدريب مئات العناصر الجديدة، واستعمال الخلايا النائمة لتوسيع دائرة المواجهة مع حكومات المنطقة وضرب المصالح الغربية بها.

 

2006.. بداية المنعرج

 

ويبدو أن أوساط القاعدة تعتقد بأن تونس تشكِّـل الحلقة الضعيفة في المغرب العربي، نظرا لعدم امتلاكها خِـبرة في مجال مكافحة الإرهاب، لكن بعد حوادث الضاحية الجنوبية من العاصمة التونسية، فإن تنظيم القاعدة قد يُـضطر إلى تغيير أسلوبه وخُـططه دون التراجع عن استهداف المصالح التونسية، خاصة في ضوء ما يُـقال عن إدخال كميات كبيرة من الأسلحة إلى البلاد بوسائل لا تزال محل تساؤل واستغراب الجميع، إضافة إلى تردد أخبار أخرى غير مؤكّـدة تحدثت عن العثور على أسلحة فُـقدت من إحدى الثكنات.

 

ومع أنه من الخطأ، الخلط بين موجّـة التديّـن التي تشهدها البلاد، وبين جنوح البعض من الشبان نحو الخطاب السلفي الجهادي إلا أنه – وفي انتظار أن تفصح الجهات الأمنية عما تملكه من معطيات وبالرجوع إلى عدد من المعطيات المتفرقة – يبدو أن السَّـنة المنقضية قد شهِـدت بداية المُـنعرج نحو تشكيل عدد من الخلايا في تونس، حيث تعدّدت عمليات تسلّـل بعض الشبان في اتّجاه الجزائر.

 

ويبدو أن العديد منهم قد نجح في ربط صلات قوية بالتنظيمين السلفيين الناشطين في هذا المجال، وهما الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، والجماعة السلفية المقاتلة الليبية.

 

ومن العناصر التي يبدو انها لعبت دورا محوريا في هذه العملية شخص يدعى « لسعد ساسي » وهو من سكان ضاحية حلق الوادي القريبة من العاصمة وقد كان يعمل سابقا في سلك الحرس الوطني ثم بعد استقالته (قبل عدة أعوام) عُـرف بتردده على الجزائر. كما تفيد بعض المصادر بانه قد سبق له أن ذهب إلى افغانستان وربما قد يكون زار الشيشان ايضا. وتفيد نفس المصادر بانه قد قتل في العملية رغم المحاولات التي تمت لانقاذه من طرف الأطباء وذلك بإجراء عمليتين جراحيتين عليه ولكن دون جدوى.

 

ولا يُـستبعد أنه بعد دخول الجماعة الليبية في مراجعات على إثر الحِـوار الدائر بينها وبين نجل العقيد القذافي سيف الإسلام، واحتمال تخلّـيها نهائيا عن الإرهاب، اتّـجه رهان العناصر التونسية على توثيق الصلة بالجزائريين، ولهذا السبب، تعدّدت حالات اعتقال تونسيين من قِـبل حُـراس الحدود الجزائريين، خاصة خلال السنة الماضية، من بينهم ثلاثة اشتُـبه في قيامهم بتهريب أسلحة إلى داخل تونس.

 

وتفيد بعض المؤشرات إلى أن تركيز الخلية التونسية قد قطع أشواطا من حيث الهيكلة وتوفير نسبة عالية من التسلح والمخابئ الآمنة، بما في ذلك إعداد نفق يسمح بالتخفي والحركة وسرعة التنقل، لكن المجموعة فوجئت بالتدخل الأمني قبل أن تشرع في تنفيذ بعض العمليات، التي كانت « حيوية ومن الحجم الثقيل » مثلما قيل.

 

ويبدو أن عملية رصد المجموعة – التي يزعم البعض بان أغلب عناصرها ينحدرون من منطقة الساحل – قد بدأت على إثر اعتقال شخص من سكان ضاحية صالامبو يحمل لقب « الميلي » حين كان موجودا قبل فترة بإحدى ولايات الجنوب التونسي.

 

ردود أفعال حذرة

 

 في غياب المعطيات الدقيقة، كيف تصرّفت الأحزاب والجمعيات الحقوقية؟ ففي حين اكتفى البعض بانتظار عقد مؤتمر صحفي يسلِّـط الأضواء على الأحداث بشكل رسمي، حاول البعض الآخر الاعتماد على إمكانياته الذاتية ومصادره لجمع المعلومات والإخبار بها مثلما فعل « حزب العمال الشيوعي التونسي » (محظور) عن طريق موقعه الإلكتروني أو « المجلس الوطني للحريات » (محظور) و »الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين » (محظورة) وهي بالمناسبة جمعيات حقوقية بدأت تلفت النظر منذ فترة إلى توسع الإيقافات بشكل غير مسبوق وأن ذلك بدأ قبل عدة أشهر من اندلاع الأحداث الأخيرة.

 

الواضح الآن، أن مختلف الأوساط السياسية والإعلامية أصبحت تعتقد بأن الموضوع لا علاقة له بملف المخدرات، وأن تونس قد انضمت إلى بقية الدول العربية التي تعاني من ظاهرة الإرهاب المنظم.

 

بالنسبة للسيد نجيب الشابي، الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي، فقد انتقد بشدة ما وصفه بـ « التعتيم الإعلامي » الذي تمارسه الأجهزة الرسمية، وذكر بأن الشارع التونسي « يعيش حالة اضطراب وحيرة »، واعتبر أن ذلك من شأنه أن « يزعزع الثقة في الوضع العام بالبلاد، ويغذّي الشائعات الأكثر غرابة، وهو ما من شأنه أن ينعكس بشكل سيّء على قطاعي السياحة والاستثمار الداخلي والخارجي ». وهو إذ يقر بأنه لا يوجد بلد غير معرّض لظاهرة الإرهاب، وأن التونسيين لن يقبلوا أن تتكرر في بلادهم تجربة الجزائر، لكنه حذر مما وصفه بمخاطر الانزلاق الأمني، وعدم الإدراك، بأن هذه الظاهرة تتغذى من « الظلم العالمي، والإقصاء الداخلي، والعوامل الإقليمية »، وألح على المطالبة بإشراك المجتمع في البحث عن طرق المعالجة، ومواجهة كل ما يهُـم البلاد.

 

أما السيد خميس الشماري، الخبير والناشط الحقوقي، فقد شكك في الرواية الرسمية، وأكّـد بأنه لم يستغرب ما حصل « نظرا لانسداد الأفق، وبالتالي، لم يعد بالإمكان استبعاد احتمال انسياق بعض الشباب في المغامرة »، كما أشار في الآن نفسه إلى وجود أكثر من 300 معتقل في السجون منذ أشهر، رغم أن ملفاتهم « خالية من أدلة »، أما الرغبة في التفاعل مع المقاومة « فهي مسألة حقيقية »، واعتبر أن المعالجة الأمنية « قاصرة عن حل الإشكال »، لكنه اعتبر أن ما حدث قد يكون من قبيل رُبَّ ضارة نافعة « لو لجأت السلطة إلى التنفيس السياسي ».

 

بالنسبة لأوساط حركة النهضة المحظورة، فإنها بدورها لا تملك مُـعطيات دقيقة عن الأحداث التي جرت. فلعل أهم ما يُـلفت النظر في ذلك، أن تيار السلفية الجهادية في تونس، ليس هيكلا منظما ولا يملك رؤوسا جامعة ولم تُـعرف له رموز تتحدث باسمه، إنه تيار صاعد وجديد، وليس لأفراده تاريخ أو أثر في مختلف الساحات الدينية أو السياسية.

 

فأوساط حركة النهضة تتعامل بحذر شديد مع هذا التيار، وترى فيه « خطرا عليها وعلى البلاد »، نظرا لاندفاع عناصره نحو المغامرة وتأثر الكثير منهم بنماذج خارجية لها استراتيجيات مغايرة لما تروِّجه قيادة النهضة منذ سنوات.

 

ويعتقد السيد زياد الدولاتلي، القيادي السابق في الحركة بأن « آلاف الشباب في العالم العربي قد أصبح يتفاعل مع خِـطاب بن لادن وأدبيات القاعدة، نتيجة استبداد الأنظمة وانتشار الفساد من جهة، وسياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة من جهة أخرى »، ويُـقر الدولاتلي بأن المسألة في تونس ليست مجرّد مجموعات صغيرة، ولكنها « ظاهرة منتشرة »، وما يأمله النهضويون، هو أن تُـسفر المواجهة التي تمّـت عن تعديل في سياسة السلطة تُـجاه مساجينهم، وأن تتوقف عن رمي جميع الإسلاميين في سلّـة واحدة.

 

تساؤلات عديدة

 

لا يزال الحدث – في ظل غياب المعلومات الدقيقة والموضوعية- يثير من التساؤلات أكثر مما يقدم من إجابات.

 

فهل يمكن القول بأن خلايا نائمة تابعة للقاعدة قد أصبحت حقيقة ميدانية قائمة في تونس أم أن الحالة لا تزال تمر بمرحلة التشكل؟ وهل يوجد من بين أفراد المجموعة أجانب، خاصة بعد أن تبيّـن أن المدعو « شكري »، الذي اعتبر من أخطر العناصر لم يكن موريتانيا وإنما يحمل جواز سفر مُـزيف؟ وكيف تسلل سلاح متطور ووصل بين أيدي هؤلاء وربما غيرهم؟ والأهم من كل ذلك، هل يمكن القول بأن هذا الملف قد أغلِـق أم أن ما تم اكتشافه ليس سوى قمة جبل الجليد؟

 

وأخيرا، هل ستستخلص السلطة دروسا سياسية مما حدث، وتفتح المجال لصفحة جديد في علاقاتها بالمعارضة ومنظمات المجتمع المدني والإسلاميين، أم أن المشهد العام في البلاد مرشح لمزيد من التصلب والتشدد؟

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 6 جانفي 2007)


 

التيار السلفي الجهادي « يتنامى » بتونس

تونس – محمد الحمروني – إسلام أون لاين.نت

 

في الوقت الذي يربط فيه المزيد من المراقبين والمتابعين للشأن التونسي بين مقتل 12 مسلحا الأسبوع الماضي في اشتباكات مع الأمن التونسي وبين إيقاف عناصر منتمية للتيار « السلفي الجهادي » سواء في تونس أو الجزائر، و »تنامي » هذا التيار في تونس، بدأت صحف رسمية تونسية ترسل إشارات في الاتجاه نفسه من خلال حديثها عن « عصابة رفعت السلاح ضد الوطن » وعن « التطرف » و »الانتحاريين ».

 

وبحسب الإعلان الرسمي للداخلية التونسية، فإن « عملية مطاردة المجموعة الإجرامية التي انطلقت على إثر تبادل إطلاق النار ليلة 23 ديسمبر الماضي انتهت يوم الثلاثاء 2 يناير الحالي » وتمكنت خلالها قوات الأمن من « قتل 12 فردا وإيقاف العناصر الـ15 المتبقين من هذه المجموعة الإجرامية ».

 

ورغم أنه لم يتم الكشف حتى الآن عن تفاصيل تلك الحادثة، التي تعتبر سابقة في تونس، ولا عن هوية من وصفتهم وزارة الداخلية بـ »المجرمين الخطرين »، فإن العديد من المراقبين يربطون بين تلك الواقعة وبين إيقاف بعض العناصر المنتمية إلى التيار السلفية الجهادية سواء في تونس أو الجزائر، كما يتحدثون عن تنامي هذا التيار في تونس في السنوات الـ5 الأخيرة لأسباب داخلية وخارجية.

 

وبدأت بعض الصحف، القريبة من السلطة، في تقديم بعض الإشارات والهوامش عن الأحداث الأخيرة بما يفهم منه بداية « تسريب » الأجهزة الرسمية لسيناريو جديد للأحداث بخلاف ما أعلنت عنه يوم 23 ديسمبر الماضي والذي ذكرت خلاله أن المجموعة التي وقع الاشتباك معها ليست سوى عصابة مخدرات. وتربط التسريبات الجديدة الأحداث الأخيرة بما أسمته « عصابة رفعت السلاح ضد الوطن وكانت تريد أن تشعل نار الفتنة وتخلق حالة من التوتر ».

 

وفي معرض تعليقه على ذلك وصف صالح الحاجة رئيس تحرير جريدة « الصريح » اليومية التي تصدر في تونس هذه العصابات بأنها « من النوع الانتحاري »، وربط ما جرى من اشتباكات بـ »الموجة الإجرامية العاتية التي تهدد كل بلدان العالم »، وقال: « هذه تونس.. لا مكان فيها لأي نوع من أنواع التطرف وحتى إن وجد فسرعان ما ينهار ويزول ويتكسر ».

 

ويرى متابعون للشأن السياسي في البلاد أن ما جاء في مقال الحاجة يقطع الشكوك حول الجهة التي نفذت العملية، فرغم أن الكاتب تجنب التصريح بهوية منفذيها ولكنه أرسل من الإشارات ما يكفي ليقول بأن المسالة لا علاقة لها بالمخدرات ولا بعصابة إجرامية بالمعنى التقليدي للكلمة.

 

ويرجح هذا المقال، وغيره مما ورد بالصحف التونسية بعد الإعلان عن انتهاء الاشتباكات، ما تردد في عدد من الصحف ووكالات الأنباء العالمية، من أن الذين يقفون وراء هذه الأحداث هم عناصر من التيار السلفي في تونس بتنسيق مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية.

 

البداية من غزو العراق

 

عبد الرءوف العيادي المحامي المختص في الدفاع عن معتقلي التيار السلفي بتونس ربط بين بروز هذا التيار على الساحة التونسية وبين غزو العراق، مستشهدا بأن أولى المحاكمات التي تعرض لها أبناء هذا التيار يعود تاريخها إلى سنة 2003 تاريخ الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين.

 

وأضاف العيادي في تصريحات لشبكة « إسلام أون لاين » قائلا: « إن هذا التيار لم يعرف في نشأته أية علاقة بأية جهة كانت بما في ذلك الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، لأن هذه المجموعات لم تطرح على نفسها، في البداية، الدخول في صراع مع السلطة وكان مركز اهتمامها الجهاد في فلسطين والعراق ».

 

وتابع: « عندما نتحدث عن التيار السلفي في تونس فإنّنا لا نتحدث عن مجموعة متجانسة ومنظمة »، وأوضح مضيفا: « إذ يضمّ هذا التيار ما يعرف بالسلفية العلمية أو الفقهية وهي فئة تعتقد أنّ إعادة أمجاد الماضي الحضاري الزّاهر لا تكون إلاّ باستعادة لحظة التأسيس سلوكيا وعمليّا عبر النهل من العلوم الشرعية على طريقة السلف، ومنها ما بات يعرف بالسلفية الجهادية وتتشكل من عناصر يعتبرون أنّ الهجمة التي تمرّ بها الأمّة تمثل لحظة تكالب عليها وأنّ الطريق الوحيد لتجاوز هذا الضعف العارض هو طريق الجهاد المسلح ».

 

ويرى العيادي أن مصطلح « السلفية الجهادية » هو « مفهوم غربي غير محايد معرفيا والقصد منه تشويه الجهاد وفي نفس الوقت النيل من فكرة الانتماء إلى السلف بربط الكلمتين إلى بعضهما وجعلهما تعنيان الإرهاب، فمن يقول اليوم السلفية الجهادية يقول إرهابا في حين أن الانتماء إلى السلف ليس جريمة بل إن أغلب علماء الأمة من أحمد بن حنبل إلى ابن تيمية وصولا إلى زعماء الإصلاح مثل محمد عبده وعبد العزيز الثعالبي هم أبناء هذا التيار ».

 

تيار منتشر بين الشباب

 

وعن حجم هذه الظاهرة في تونس اعتبر العيادي أنه من الصعب تحديد حجمها، ولكنه قال: « استنادا إلى جملة من المؤشرات فإن التيار السلفي بمختلف مدارسه منتشر في تونس بشكل كبير وإن هذا التيار ملأ بشكل ما الفراغ الذي تركته حركة النهضة بعد تعرضها لضربات متلاحقة في التسعينيات من القرن الماضي ».

 

وتؤكد أغلب المؤشرات، رغم عدم وجود إحصاءات ودراسات دقيقة لهذه الظاهرة، أن المنتمين لهذا التيار أغلبهم من الشباب الطلابي الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و26 عاما وهؤلاء يمثلون نسبة 70% من المنتمين لهذا التيّار.

 

وبدوره اعتبر المحامي التونسي سمير بن عمر المحامي في تصريحات لإسلام أون لاين. نت « أن الفضائيات إضافة إلى الأوضاع الدولية التي عاشتها منطقتنا بعد أحداث سبتمبر واحتلال العراق لعبت دورا كبيرا في انتشار هذا التيار الذي لم يكن موجودا إلى حدود سنة 2000 بتونس ».

 

وأكد ابن عمر ما ذهب إليه العيادي من أن مدار اهتمام هذه المجموعات في البداية كان الالتحاق بالمقاومة في فلسطين والعراق، وأن تحولها إلى الاهتمام بالشأن الداخلي بدأ عام 2005.

 

التفاعل مع قضايا الأمة

 

وعن أسباب هذا التحول قال ابن عمر: « هناك أولا الأوضاع العالمية التي غذت مشاعر العديد من الشباب في العالمين العربي والإسلامي وهناك أيضا أسباب داخلية تتعلق بأوضاع الحريات في بلادنا، فتونس تكاد تكون البلد الوحيد في المغرب العربي الذي لا يتوفر فيه الشباب المسلم على أطر قانونية من أحزاب أو جمعيات يعبر من خلالها على آرائه وتصوراته ».

 

ويضيف ابن عمر: « ولا ننسى أن الحملة التي تشن ضد كل مظاهر التدين في البلاد وآخرها الحملة على الخمار قد غذت مشاعر الغضب لدى الكثير من الفئات ».

 

وأشار إلى أن عددا من الباحثين في علم الاجتماع يرون أن الإقبال على هذا الفكر في تونس سببه البحث عن « تحقيق وجوده كما يسميه علماء النفس والرغبة في التفاعل مع القضايا الكبرى للأمة ».

 

ويضاف إلى ذلك « الأزمة التي يعيشها الشباب في تونس والتي تتعلّق « بارتفاع نسبة البطالة وانسداد أفق الترقي الاجتماعي للفئات المحرومة خاصّة، جعلت هذه الفئة تعيش ارتباكا في القيم قد يجرّها إلى ممارسات يائسة » .

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 6 جانفي 2007)

الرابط: http://www.islamonline.net/Arabic/news/2007-01/06/05.shtml

 

بريطانيا تحذر رعاياها من الإرهاب بتونس

لندن ـ يو بي آي

دعت بريطانيا رعاياها الراغبين في زيارة تونس الي اليقظة من تهديد الارهاب وتجنب عبور الحدود باتجاه الجزائر اذا كانوا يسافرون بشكل مستقل.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية الجمعة ان الشرطة التونسية تستمر في اقامة حواجز التفتيش علي نقاط التقاطع الرئيسية داخل تونس وحولها في أعقاب العملية التي قامت بها ضد جماعة مسلحة في الثالث من كانون الثاني/يناير الجاري وتم خلالها قتل 12 شخصا من جماعة مسلحة واعتقال 15 آخرين .

واضافت لا يعرف حتي الآن ما اذا كان المسلحون مجرمين أو ارهابيين .

ونصحت الوزارة البريطانيين الحذر من الجرائم الصغيرة مثل النشل وخاصة في الاسواق المزدحمة .

وأشارت الي أن نحو 500 ألف بريطاني يزورون تونس كل عام وتتم معظم الزيارات من دون مشاكل.

 

(المصدر: موقع صحيفة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 6 جانفي 2007)


بسم الله الرحمن الرحيم

هل سؤال العنف

 أصبح جوابا على أرض الخضراء؟

 

د . عبد المجيد النجار

abdelmajidn@yahoo.com

أستاذ جامعي مقيم بفرنسا 

منذ أشهر كتبت مقالا في الشأن التونسي متعلقا بوضع العلاقات المتوترة بين النظام الحاكم وفصائل المعارضة، وأسباب ذلك في انسداد الآفاق السياسية وفي القبضة الأمنية الغليظة للنظام الحاكم على الوضع التونسي بصفة عامة، ومن بين ما قلته في ذلك المقال:  » هذا وإنّ التونسي الوطني المراقب لما في الداخل والخارج ليمتلكه الرعب حينما يتخيّل سؤالا يمكن أن يولد في بعض الأذهان التي مسّتها المعاناة هو: أكان علينا لكي نصل إلى ما وصل إليه أجوارنا من المصالحة الوطنية والعفو التشريعي العامّ أن نمرّ بما مرّوا هم به من أنهار الدماء؟ وممّا يبرّر هذا الرعب ويقوّيه أنّ إرهاصات لميلاد هذا السؤال بدأت تظهر متمثّلة في أسماء أولئك الشباب من التونسيين التي أصبحت تتردّد في قوائم  العنف الأهوج مشرقا ومغربا، ولم يكن ذلك موجودا حينما كانت الحركة الإسلامية الوسطية المعتدلة حاضرة في ساحة الوطن، فهل هذا مؤشّر إلى أنّنا أصبحنا أمام أحد خيارين، فإمّا مركب متين  من المصالحة الوطنية الحقيقية الجادّة نعبر به إلى المستقبل، وإمّا فنحن مقبلون على عواصف متعدّدة الألوان قد تفضي بنا إلى الغرق، والكيّس من دان نفسه وعمل من أجل الوئام والسلام ». 

و هذا السؤال المرعب الذي أشرت إليه آنذاك لم يكن في حقيقته إلا استشرافا لما قد يؤول إليه الأمر في المستقبل، توقعا للنتائج من مقدماتها وللمسببات من أسبابها، فقوانين المجتمع لا تقلّ صرامة عن قوانين الطبيعة، وهي مثلها لا سبيل فيها للمحاباة لأيّ اعتبار من الاعتبارات، ولأيّ ادعاء من الادعاءات، وإنما هي جارية على سننها الثابتة لا تلوي على أحد كبر شأنه أو صغر، ومما اجتمعت عليه تلك القوانين الطبيعي منها والاجتماعي سنّة أن الضغوط تؤدي لا محالة إلى الانفجار والتفلّت.

وقد حملت إلينا الأخبار من أرض الخضراء في الأيام الأخيرة وقوع أحداث من العنف غير مسبوقة في نوعها، طرفاها السلطات الأمنية من جهة، ومجموعة قيل إنها تنتسب إلى السلفية الجهادية من جهة أخرى، وقد خلّفت تلك الأحداث ضحايا من القتلى والجرحى من الطرفين، وكلهم من أبناء الوطن الواحد الذين لم يعرفوا في الماضي مثيلا لهذه الواقعة التي هي نذير شؤم ما بعده من شؤم.

هل ذلك السؤال المطروح في مقالنا السابق وجد له الآن جوابا على أرض الواقع؟ وإذا كان وهو حبيس الخواطر سؤالا مرعبا فكيف به وقد أصبح جوابا تجري به دماء التونسيين على أرض حمام الشط التي جرت عليها دماؤهم ممزوجة بدماء الفلسطينيين في الهجمة الصهيونية سنة 1986، ولكن شتان بين دماء تجري من أجل قضية شريفة، وبين دماء أخرى تهدر في فتنة لعينة؟                                              

يبدو أن القانون الاجتماعي قد أخذ مجراه حينما لم يقع تدارك مقدّماته، ولم يُستمع فيه إلى النداءات والنصائح، فها هو الضغط بدأ يولّد الانفجار المتفلّت. وإذا كانت الحادثة التي روتها الأخبار حادثة محدودة ـ وإن يكن ليس حادثا محدودا ما تراق فيه قطرة دم واحدة في فتنة ـ إلا أنها تؤذن بشر مستطير، إذ هذا النوع من الأحداث لا يتصف ولو بذرّة من العقل، وإنما هو أعمى يجرّ بعضه بعضا، وهو يتوالد سفاحا فتحمل كلّ حادثة منه بذرة انتقام فيكون المولود التالي أعتى وأشدّ، ألسنا قد رأينا ذلك عيانا على تخوم حدودنا الغربية، ونراه اليوم عيانا في أكثر من مكان من عالمنا القريب والبعيد؟

لقد استمرّ التوتّر الحادّ بين الحركة الإسلامية في أرض الخضراء وبين النظام الحاكم فيها طيلة ما يقارب العقدين من الزمن، وقد بلغ ذلك التوتر أحيانا حدودا حرجة جدا من المعاناة، ولكن لم يسجل فيه تبادل لإطلاق النار ولو برصاصة واحدة على وجه الحقيقة لا المجاز وإن كان قد أُطلقت فيه رصاصات غير كثيرة من طرف واحد، ولم تجر فيه قطرة دم واحدة في تبادل لإطلاق النار، وإن كان قد جرت فيه بعض الدماء بتلك الرصاصات التي أُطلقت من طرف ذلك الجانب الواحد. وإذا كان للإنسان أن يختار بين المآسي، فحري به في مثل قضية الحال أن يقدّم في اختياره دما يسفح من قبل طرف واحد على أنه ظلم في عين المسفوح على دم يسفح بصفة متبادلة بين طرفين، إذ الأول قد تعرف له نهاية كما عُرفت له بداية، وأما الثاني فإنه تتوالد حلقاته فلا تعرف لها نهاية، وتلك هي حكمة العاقل من أبناء آدم إذ قال لأخيه وهو يمدّ إليه يده ليقتله:  » لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله ربّ العالمين » ( المائدة/28).

لقد كان هذا الموقف من الحركة الإسلامية ناشئا مما كانت تتصف به من وسطية واعتدال، ومما تشبعت به من فقه الأولويات والموازنات، فهي سليلة المدّ الإصلاحي السنّي الضارب بجذوره في الماضي البعيد، تشرّبت منه مواقفه الرافضة للفتنة وما ينجرّ عنها من ويلات، والمحذّرة من ذلك أشدّ التحذير، وارتضت أن ترى نفسها في وضع من يُسلّط عليه الظلم دون أن يكون لها بأي حال من الأحوال مدخل في دائرة الفتنة مع شدّة ما يدفع الشيطان إلى ولوجها، وكثرة ما يتوفّر من أسبابها ومعداتها.

لقد قوبلت الحركة الإسلامية الوسطية بالمنع، بل لقد استُهدفت أحيانا بالاستئصال، فخلت ساحة الخضراء إذن للأفكار المتفلّتة التي لا تضبطها ضوابط من فقه الدين في مقاصده وموازناته وأولوياته، فإذا هي تقذف ببعض الشباب في مربّعات الغلو والتنطّع، ثم لا تلبث أن تقذف ببعضهم في أتون العنف وهم يتصوّرون أنهم يمارسون أرقى ما يمليه عليهم طهرهم الديني، صادقين في ذلك مع أنفسهم غير مخادعين وأن يكونوا مخطئين غير مصيبين، يغذّي فيهم ذلك ويؤجّجه أحداث عالمية تُنتهك فيها حرمات الإسلام والمسلمين، وأحداث أخرى داخلية يلهبها بعض السماسرة من الحواشي لا يعنيهم من أمر الوطن إلاّ الربح الحزبي القريب من مثل المنع القسري لـخُمر النساء، والمطالبة بالتسوية في الميراث، كما يزيد من فظاعة المشهد في نفوسهم المقارنة بما يحدث عند الأجوار يمينا وشمالا من انفراج متنام ترتفع به قبضة القمع عن الحركات الإسلامية شيئا فشيئا، بل ينفسح به المجال للمشاركة السياسية والاجتماعية لبناء الوطن دون أن تحرم من ذلك أية فئة من فئاته. وهكذا تتجمع الخيوط في محضن من عقول ضعيفة الفقه وضمائر جياشة العواطف ليستقرّ فيها يقين بأنّ الدين في أرض عقبة هو من أساسه يتعرض لخطر الاستئصال، فماذا يبقى إذن في عيون تلك المحاضن غير واجب العنف لنصرة الدين أن يُستأصل في ربوع الزيتونة والقيروان؟.

وإذا كانت الحرائق تتأجّج في الغالب من مستصغَر الشرر فإن ما روي من أخبار عن الأحداث الأخيرة قد يكون هو مستصغر الشرر الذي قد يؤجّج الحريق لا سمح الله، فالعنف إذا كان فتنةً أخصّ ما يختصّ به صفتان مرذولتان: صفة العمى الذي يجعله يخبط خبط عشواء لا يفرّق فيها بين ما هو من أهدافه وبين ما هو ليس منها، وإن كنا نؤمن بأن لا مُواطنِ على الإطلاق يستحقّ أن يكون هدفا له. وصفة التوالد الفوضوي السريع الذي لا يحكمه منطق متدرج، ولا تضبطه قواعد تسهّل التعامل معه في سبيل التحكم فيه من أجل السيطرة عليه. وإذا كان العنف فتنةً منكرا مرذولا في كلّ الأحوال، فإنه يكون في بلادي أكثر بشاعة وأشدّ إنكارا، إنها تلك العروس الحسناء، الآمنة النفس، الهشّة الطبع فكيف لا يكون عنف الفتنة إذا ما اجتاحها في ذروة البشاعة، وكيف لا يأتي عليها بأقسى الأضرار؟ ويبقى السؤال المهمّ في هذا الشأن هو: كيف يمكن أن تُجنّب هذه العروس الخضراء مآسي الفتنة حتى وإن كان الأمر ما زال في مرحلة مستصغَر الشرر؟

قد يكون الجواب هو أن القبضة الأمنية هي الكفيلة بذلك، ولكن هيهات، فتجارب التاريخ قديمها وحديثها تنطق بخلاف ذلك، فها هي أعتى القوى الأمنية في العالم لم تستطع أن تنهي أحداث العنف، بل تفيد التقارير كلها بأنّ تلك المعالجة الأمنية قد كانت له غذاء نما به واشتدّ، وفي حدودنا الغربية جُرّبت القبضة الأمنية سنوات طويلة حتى استقرّ في أذهان المعنيين بأنّ تلك وسيلة فاشلة، فانحازوا إلى سبل أخرى كانت لها نتائج مرضية، هذا مع أن الوضع غير الوضع والإمكانيات غير الإمكانيات، والقدرة على الصمود في وجه الفتنة غير القدرة، ولو افتُرض أنّ القبضة الأمنية هي القادرة على إخماد الفتنة، فإن ذلك لا يتمّ إلا بعد خراب ما بعده من خراب.

وقد يظنّ القيّمون على الأمن أنّ العنف ليس له في تونس مناخ مناسب، وإنما هي لقطة فريدة سوف تنتهي تلقائيا أو بضربة أمنية قاسمة دون أن يكون لها امتداد، إذ البلاد تنعم بالاستقرار والرخاء والإنجازات العمرانية وخدمات البنية التحتية قياسا إلى ما عليه الوضع عند بعض الجيران، فكلّ ذلك سيكون عامل رفض لهذا العنف بصفة آلية ، إلا أنه مهما يكن عليه هذا المستنَد في بعض مبرراته من بعض الحقّ فإنه لا ينهض مستندا كافيا لمجابهة العنف الفِتَني، فمؤجّجات هذا العنف حينما ينشب أظفاره تتوالد من حيث ذاتها، وتستمدّ قوتها من نفسها، وهي تجد مناخها المناسب في المنع الغليظ الذي تمارسه القبضة الأمنية على أكثر من صعيد من الأصعدة السياسية والاجتماعية.

وقد يُظنّ أن الطبيعة السلمية الناعمة الواعية للشعب التونسي هي التي ستشكّل عامل رفض قاطع لاستشراء العنف، فما أن يكون له نشوب حتى يتلاشى بعقار تلك الطبيعة الرافضة له، ولكنّ ذلك ظنّ خاطئ أيضا فيما نقدّر، فالعنف الفِتَني حينما ينطلق من عقاله فإنه يتلبّس بطبيعة غير منطقية فلا يكون له ضابط، ألا ترى ما وقع في لبنان من فتن سوداء والحال أنّ شعبها من ألين الشعوب وأرقّها؟ وألا ترى كيف انطلق العنف الأهوج في ربوع تونس فيما عرف بثورة الخبز في ثمانينات القرن الماضي من حيث لم يكن يحتسب له حساب. ويظلّ ذلك القانون الاجتماعي القاضي بأن الضغط يولد الانفجار المتفلّت هو سيد الموقف دون أن يجد له شفيعا في صفحات التاريخ، أو في حسن النوايا، أو في منجزات البنية التحتية، أو في سواد العيون وجمالها.

ما هو إذن العقار الذي يمكن أن يحول دون هذه الفتنة العمياء التي يبدو أنها أصبحت جوابا واقعا بعد أن كانت سؤالا في الخيال؟ إنه فيما نقدّر ليس إلا انفتاح التونسيين بجميع توجّهاتهم السياسية والثقافية، ومختلف مواقعهم في الحكم أو في المعارضة على بعضهم بعضا، في حركة حوار ومصالحة ووئام، تُبسط فيها الحرية للجميع ليشاركوا بالرأي وبالعمل في خدمة مصلحة الوطن وتقرير مصيره، ليكون هذا مناخا صالحا للتعاون الجادّ من أجل التصدّي للفتنة التي لا تبقي ولا تذر.

ربما كانت الهوّة في الماضي عميقة بين بعض الأطراف الوطنية، فثمة بين بعضها هوّة إيديولوجية أثمرت ثمارا مرّة من الصراع الفكري الثقافي قد يُظنّ أنها لم تُبق مجالا للقاء، وثمة بين بعض آخر هوّة أعمق أحدثها الخلاف السياسي وعمّقها صراع شابته قطرات من   الدماء وبلّلته كثرة من الدموع، فأثمر ثمارا مرّة من الشعور بالظلم والقهر من قِبل أحد أطرافه وهم في أغلبهم من الإسلاميين، وثمارا مرّة من الشعور بتحدّي أبّهة السلطان وتهديد صلاحياته وربما من الشعور بالخوف من السعي في انتزاعه وذلك من قِبل النظام الحاكم.

 وبالنظر إلى ما يحدق بالوطن من بوادر فتنة ليس من المستبعد أن يكون ما بطن منها أعظم مما ظهر فإن المقام ليس مقام تحقيق لتبيّن من هو المبطل ومن هو المحقّ، وبأي نسبة يتوزع الحق والباطل على كافة الأطراف، سوى أنه يمكن بل ينبغي التسجيل في وضوح أنّ المسيرة الماضية بما اتسمت به من انسداد سياسي، وبما اشتدّت فيه من قبضة أمنية غليظة، وبما وقع فيها من استبعاد لأطراف وطنية فاعلة معتدلة عن ساحة العمل السياسي والثقافي، قد أسهم كله بقدر كبير في احتقان كانت هذه الأحداث بدون شكّ أحد إفرازاته.        

إنّ المقام الآن هو مقام تضافر الجهود من قِبل المكونات الوطنية كافة لتفادي ما عسى أن يتفاقم من أحداث الفتنة. ولعلّ أول ما ينبغي أن يبذل من تلك الجهود هو لقاء هذه الأطراف من كان منها في الحكم ومن كان في المعارضة على صعيد حوار وطني تصالحي يبذل فيه كلّ من جهده بحسب موقعه وبحسب ما يملك من مقدَّرات البذل ليلتقي الجميع على مربّع من التوافق والوئام والتعاون من أجل إطفاء الفتنة واجتثاث أسبابها، ومن أجل الحفاظ على تونس خضراء عقولا وضمائر وقلوبا كما هي خضراء أرضا وسهولا ومروجا.

وإذا كان  أشدّ ما وقع من توتّر بين النظام الحاكم وبين المعارضة إنما هو ذلك الذي وقع بينه وبين الحركة الإسلامية وهي أحد المكوّنات الوطنية الأساسية في تونس حيث بلغ مبلغا حادّا جدا في سعته وفي عمقه، شعرت فيه هي بظلم شديد وقع عليها، وبقسوة بالغة تعرّضت لها، وربما شعر فيه هو بتجرّؤ خطير عليه، وبتهديد جدّي لسلطانه،  فإنّ العلاقة بين الطرفين لم تنقطع بحسم لا رجعة فيه، وأعظم الحسم في هذا الشأن إنما يكون بفتنة من جنس الفتنة التي تطلّ برأسها اليوم، فخطّ الرجعة إذن بقي مفتوحا للّقاء على صعيد من الحوار والمصالحة الوطنية، والنوافذ في هذا الخط عديدة، ليس من شأن هذه الأحداث إلا أن تفعّلها وتزيدها انفتاحا لتمتدّ من خلالها الأيادي إلى بعضها متجاوزة الماضي وإحنه، ومشرئبّة إلى المستقبل تذبّ عنه أن يسقط في الفتنة.

ومن هذه النوافذ التي يمكن أن يُستأنف من خلالها التواصل أنّ الحركة الإسلامية مهما استشعر النظام أنها تجرّأت عليه وهدّدته في سلطانه فإنها تجرّعت ما استشعرته من ظلم، صابرة ومصابرة دون أن تسقط في أيّ فعل يمكن أن يكون مقدمة لفتنة، وهو الأمر الذي لا يمكن إلا أن يشهد به كل عاقل منصف، بل هي مع ذلك كانت في مناسبات عديدة تمدّ يدها لتجاوز الماضي والتأسيس للمستقبل، غير متنصّلة من نصيبها من الخطإ الذي كان سببا فيما حدث مسجّلة ذلك في نقد ذاتي منشور، ولا إخال إلاّ أنها مستعدّة لتحمل المسؤولية عن كل خطإ تبيّن لها أنه صدر عنها، ولكنها تزعم أن يدها الممدودة كانت تقابل بالردّ والصدّ فلم يزدها ذلك إلا إصرارا على الصبر. 

ومن هذه النوافذ أن النظام الحاكم مع ما استشعرته الحركة الإسلامية من ظلم سلّطه هو عليها، ومن قسوة عاملها بها، إلا أنّ ذلك لم يبلغ ما بلغته تصرّفات أنظمة أخرى قريبة منا وبعيدة من تنكيل دموي فظيع من شأنه أن يحسم القطيعة ويغلّق الأبواب والنوافذ، وهذا حكم لا يؤرّقه إلاّ بعض من حالات مؤلمة أُزهقت فيها أرواح، ولكن مما يخفف من ذلك الأرق أنه لعلّها كانت فلتات غير مبرمجة ولا ممنهجة. وفي سياق هذه النافذة في خطّ الرجعة تندرج تلك الإشارات والتلميحات التي تصدر عن النظام بين الحين والآخر توحي برغبة في المسك بخيط التجاوز للماضي في العلاقة بالحركة الإسلامية، ولكنّ تلك الإشارات والتلميحات كثيرا ما تقصر عن بلوغ منتهاها، وما أظنّ ذلك إلا بإفساد من سماسرة القطيعة والفرقة والاحتقان المتربّصين لإفساد أيّ التقاء مثمر بين النظام الحاكم والمعارضة ممثلة في الحركة الإسلامية، والموجودين بحواشي النظام وربما  كان  بعضهم نافذا إلى دواخله.

إذا أضفنا هذه النافذة إلى تلك، ووضعنا الكلّ أمام المشهد الحالي الذي يبدو فيه أنّ فتنة دموية تتربّص بالوطن وهو لا قِبل له بتحمّلها، فإنّ المصلحة الوطنية العليا تحتّم أن تصبح تلك النوافذ أبوابا تمتدّ من خلالها أيدي النظام الحاكم وأيدي المعارضة وعلى رأسها الحركة الإسلامية إلى بعضها لتتصافح أولا، ولتصفّي الإرث المأزوم بلقاء على طاولة الحوار والمصارحة والمصالحة، تثبّت فيه الأقدار المشتركة من الحقوق والواجبات المتبادلة، بدء من إطلاق مساجين الرأي الذين يأكلهم الموت البطيء ليلا ونهارا طيلة ستة عشر عاما، وعودة مئات من المهجّرين ـ ولعلهم آلاف ـ تتفطر أكبادهم وأكباد أبنائهم وأكباد آبائهم الذين   ما بقي منهم على قيد الحياة إلا القليل أما الأكثر فقد توفّوا في غيبتهم  شوقا إلى الوطن ورغبة في الإسهام في نهضته، وانتهاء إلى وضع تبسط فيه الحقوق الوطنية وتُحمّل فيه الواجبات لكل تونسي وتونسية على بيّنة، وتتضافر فيه الجهود من أجل تجنيب الوطن الفتنة المقيتة.

 إنّ الأيدي ممدودة، والظرف مناسب بل محتّم، وقانون أنّ الضغط يعقبه الانفجار قانون ساري المفعول في كلّ الأحوال، وسنّة أنّ غيبة أو تغييب الوسطية والاعتدال تفضي لا محالة إلى حلول التنطّع والغلو فالمجتمع كالطبيعة لا يحتمل الفراغ سنّة ثابتة لا تتبدّل ولا تتحوّل. وأما إذا أخذت العزّة بالإثم، وظنّ ظانّ ـ مهما كان من صدقه وحسن نيته ـ أنّ طريق الانسداد والصدّ والإقصاء، وطريق الاقتصار على القبضة الأمنية الغليظة هي الطرق الكفيلة وحدها  باستئصال شافة الفتنة الدموية واستئصال أسبابها، فإنّ قوانين المجتمع وسننه، وتجارب التاريخ البعيد منها والقريب زمانا ومكانا ستنطق كلّها بأن: ياويح الخضراء من أيام قادمة حمراء، وحينئذ فإنّ   التاريخ سيكون له حساب عسير لمن خالف قوانين المجتمع وسننه.  

والله ولي العتوفيق


إطلاق نار في بلد الأمن والأمان

إضاءة أمّ زياد

 

لأوّل مرة منذ أن صارت تونس « بلد الأمن والأمان » نسمع بإطلاق نار وقع تبادله بين قوات نظامية ومسلّحين.

 

الخبر لم تبثه مصادر مشبوهة تريد الصيد في الماء العكر بل بثته جهات رسمية معروفة بتعتيمها الخرافي على الأخبار السيئة حتى المتعلق منها بالكوارث الطبيعية وحوادث السير. ولذلك كان للخبر وقع فاجأ المتلقي وأثار شكوكه في صدقية الخبر وفيما وراءه من المسكوت عنه. واشتغلت « الإشاعة » التي نعرف أنّها كثيرا ما تكون في تونس أصدق من الخبر.

 

وذهبت الحكايات في كل الاتجاهات وخاصة في الكارثي منها وربّما كان ذلك ما اضطرّ المصادر الرسمية إلى تسريب « توضيحات » حول حادثة حمام الأنف مفادها أنّ المواجهة المسلحة تمّت بين أعوان الأمن وعناصر تابعة لمنظمة إجرامية دولية مختصة في ترويج المخدرات. ولكنّ « الإشاعة » لم تتوقف نتيجة هذه « التوضيحات » بل ازدادت تأججا.

 

لقد سبق للتونسي أن لدغ من ذات الحجر إبّان تفجير الكنيس اليهودي في جزيرة جربة الذي قدمته السلطات على أنّه « حادث فاجع » تسببت فيه أنابيب غاز كانت تنقل على متن عربة وقد ذهبت السلط بعيدا في محاولة محو معالم الكذبة فأصلحت ما تهدّم ودهنته على جناح السرعة. ولو لم يدخل الألمان الذين فقدوا في التفجير عددا من مواطنيهم السياح على الخط لما علم التونسيّون أنّ بلادهم صارت مسرحا من مسارح الإرهاب المنتشر في كثير من بقاع العالم. ثم إن التونسيين الذين ليسوا صمّا ولا عميانا لا حظوا بسهولة أن بلادهم تعيش حالة طوارئ بأتم معنى الكلمة: حضور بوليسي مسلّح وإيقافات وحصار مضروب على بعض المناطق إلى آخره من مظاهر « التأهّب القصوى » التي لا توحي بأنّ المسألة مجرد مطاردة عصابة مخدرات ولو كان على رأسها « أسكوبار » بطمّ طميمه. لقد فهم الرأي العام أنّ مصدر السلطة لم يقل الحقيقة كاملة وأنّه صرح بالأمر الخطير ليغطي على الأخطر منه وعلى عادة التونسيين في التعامل مع الأخبار الرسمية جعل المواطن يعمّر الفراغات ويكمّل الناقص ليحصل على صورة أقرب إلى الحقيقة… وهي صورة مفاجئة ومفزعة: في تونس معارضة مسلحة وفيها سلاح رغم الحضور البوليسي المهول ورغم أنّ كل مؤسساتها تحولت إلى مؤسسات مكمّلة للبوليس. فكيف حدث ذلك ؟

 

سؤال في غير محله في نظر من يعرفون حقيقة الأمن والأمان الزائفين وأجوبته يسيرة:

 

– في تونس معارضة مسلّحة لأنّ نظامها لم يسمح بالمعارضة السلمية ولأنّه تجاوز جميع الحدود في احتقار مواطنيه وكبت تطلّعاتهم… والعبث يمقدساتهم. وكان حتميا ومنتظرا والحال هذه أن تبرز له معارضة في مثل شراسته وتطرفه تتكلم معه اللغة الوحيدة التي يستعملها ويفهمها لغة العنف والغلبة.

 

– السلاح خط أحمر في تونس والنظام كان دوما حريصا على خلوها منه (حتى القانوني فيما يقال) ولكن المنع غير التحصن ولا تحصين حقيقي في ظل الفساد والتسيّب. التحصين هو أن لا تخلق في الناس الحاجة إلى حمل السلاح فناس هذه البلاد طيّبون ومسالمون حقا ولا يضطرون إلى اللياذ بالعنف إلا تحت ضغوط نفسية قاهرة. والفساد والتسيب هو ما نراه في حامية الحدود التي كان دورها يقتصر على ملاحقة وابتزاز المهربين الصغار بينما مهربو السلطة قادرون على أن يسرّبوا إلى البلاد حتى البلاء الأسود ودون أن يعرفوا حقيقته فالعمولات هي المهم عندهم وأعوان الديوانة كأنّهم برمجوا لحماية البلاد من الكتب والجرائد التي يحققون انتصارات بائسة بحجزها بينما يبقى شريط طويل من حدودنا البرّية بلا حراسة أو بحراسة تحكمها الرشا.

– البوليس في بلادنا يقمع ولا يحمي. لقد تعوّد على بطولات جبانة وانتصارات حقيرة مثل ملاحقة النشطاء وتعنيفهم وتعذيبهم ومنعهم من الحركة. إنّ حماية البلاد تقتضي وطنيّة وإنسانية وشرفا جرّد منها العدد الكبير من بوليسنا الذي حرّفته الدكتاتورية وأبعدته عن مهمّته الأصلية. وغير متوقع أن تحمي الوطن عند الشدائد الحقيقية أياد اعتادت على إذلال المواطن وعلى تحقيق « انتصارات » جبانة بصفع وجوه النخبة الوطنية واستباحة حرماتهم… بنزع حجاب عن رأس امرأة واستباحة حرمتها البدنية، أجل… ما يزال في جهاز الأمن رجال وطنيّون وشرفاء ولكني لا أراهم ما يزالون مستعدّين للتضحية بأرواحهم دفاعا عن نظام يعرفون أكثر من غيرهم حقيقته وحقيقة الطفيليات النابتة في حقله… ولهذا أخفت عنهم المصادر الإعلامية أنباء موت زملاء لهم في الاشتباكات الأخيرة.

الجيش هو الحامي الحقيقي للأوطان… ولكنّ الجنرال بتره وشلّه وهمّش دوره لكي يبقى في البلاد جنرال واحد.

 

اليوم تزف إلينا الأخبار « النهاية السعيدة » وتقول إنّ أفراد « العصابة » قد قتلوا في ضاحية تونس الجنوبية… ونحن على عادتنا لا نصدّق وحتى لو صدّقنا نقول ليس في كل مرة تسلم الجرّة. فالمعضلة ليست في الجماعات المسلحة ذاتها بل في الأسباب الحقيقية التي كانت وراء تشكّلها وظهورها. وهذه الأسباب لا تزال قائمة ومتمثلة في هذا النظام الذي بقدر ما يتشدق بتحقيق الأمن والاستقرار تعمل ممارساته على تخريب الأمن وتقويض الاستقرار. كلاّ ليست تونس بمنجاة عن القلاقل والهزات طالما بقي هذا النظام الذي يحكمها بالاستبداد والفساد. ووقاية البلاد من العنف والفوضى لا تكون- كما يريد النظام أن يوهمنا- بالقبضة الحديدية وملاحقات ومحاكمات جائرة لأولئك الشباب المسلم (أو حتى الإسلامي) الذي يؤخذ بالظنّة ويعذّب إلى أن يعترف بما لم يفعل.

 

إنّ وقاية البلاد من الهزات رهينة حكم صالح وعادل يبعث الأمل في النفوس ولا يدفعها إلى الحلول القصوى… وهذا ما لن يكونه حكم بن علي لا اليوم ولا غدا.

 

إذا اندلع يوما حريق العنف في تونس فإنّ المسؤول عنه هو النظام الاستبدادي وكل السماسرة الذين تستّروا على حقيقته وشاركوه في الترويج للاستقرار المغشوش. والأكثر كارثية في هذا السيناريو الكارثي- ونحن لا نتمناه- هو أنّ المسؤولين الأصليين عن الكارثة سيهربون إلى جنّات الأرصدة البنكيّة في الخارج ليتمتعوا بالأموال المنهوبة ومن سيعلقون في الجحيم هم الشعب المغرر به وأولئك الذين بحت أصواتهم من التحذير من عواقب الاستبداد دون أن يجدوا آذانا صاغية.

 

هناك سيناريو آخر: إذا ثبت أنّ « النهاية السعيدة » المعلن عنها هي نهاية بالفعل أو تأجيل لسيناريو العنف فإنّ المتوقع بل الثابت أن يقع توظيف ما حدث للمزيد من إحكام القبضة على المجتمع والمزيد من تثبيت حالة الطوارئ غير المعلنة التي تعيشها تونس منذ أوائل التسعينات.

 

(المصدر: مجلة « كلمة »، العدد 49 – جانفي 2007)


 

ما هو أخطر من المواجهة المسلحة :

الخيارات المفلسة

عبد الرؤوف العيادي

 

أسلوب التضليل و التعتيم و المغالطة الذي انتهجته السلطة البوليسية في تعاملها مع الأحداث الخطيرة التي شهدتها البلاد خلال الأسبوعين الأخيرين لم يكن ليفاجئ الملاحظين و المتتبعين لمجريات الشأن العام بتونس الذي حوّلته سلطة 7 /11 إلى شأن خاص بها لا حق للشعب حتى في الإطلاع على ما يتصل به من معلومات ، وهي بذلك تحول دون تشكل رأي عام وطني يمكن أن يكسب قدرة في التأثير على الأحداث التي تعيشها البلاد .

 

فقد أصدرت الجهات الرسمية بلاغا عن المواجهة الأولى التي حصلت بضاحية حمام الأنف يوم 25 / 12 / 2006 تحدثت فيه عن عصابة لتهريب المخدرات تمّ السيطرة بعد تبادل لإطلاق النار سقط فيه اثنان منها قتيلين و انتهى ببلاغ ثان نشر يوم 03 / 01 / 2007 تحدث فيه عن حصيلة من 12 قتيل من  » المجرمين  » و إيقاف 15 منهم ، و بين ذينك التاريخين كانت البلاد تعيش حالة حصار واستنفار لقوات الجيش و الأمن الداخلي قيد من حركة المواطن على الطرقات و امتلأ الفضاء العام و الخاص بالإشاعات و التأويلات عما يجري بالبلاد بعد أن اختارت السلطة التحرك في ظلّ التعتيم المطلق.

 

و لم يكن لهذا السلوك الانقلابي أن يمنع تشكل قناعة لدى عموم الشعب بأن ما يجري يكتسي خطورة بالغة وهو ما يفسر خوف السلطة في مواجهة الشعب بالحقيقة ، حقيقة فشل توجهاتها القمعية وخياراتها في معالجة القضايا الأساسية في البلاد و التي قادت إلى واقع المواجهة المسلحة بينها و بين فئة من الشباب ( الجامعي في أغلبه ) الذي ينتمي إلى التيار السلفي وهو ما ولدّ شعورا بالصدمة و الارتباك لدى اتباع السلطة ذاتها .

 

لقد تحولت سلطة 7 / 11 سريعا في بداية التسعينات إلى سلطة بوليسية قمعية تشيع الخوف و الفساد لوجود قصورّ هيكلي في بنيتها ، إذ أخذت مقاليد البلاد وهي فاقدة للرصيد السياسي بما جعلها غير مؤهلة لتنفيذ ما قطعته على نفسها بالبيان الذي حاولت بواسطته إيجاد شرعية لحركتها الانقلابية ، و لم يكن ما حصل من ارتداد سوى عودة إلى طبيعتها الأصلية كفئة من تقنقراط القمع لا مشروع لها سوى فرض ما اسمته بالأمن الشامل عبر حملات لا تنتهي من القمع و المحاكمات الصورية طالت المجتمعين السياسي و المدني على حدّ السواء .

 

و شكل استهداف البرجين في 11 سبتمبر 2001 الفرصة التي تحينتها السلطة البوليسية لاستبدال الشرعية الوطنية بالشرعية الدولية من خلال الانخراط اللامشروط و التام في إستراتيجية ما يسمّى  » بالحرب على الإرهاب  » فبادرت باستصدار قانون 10 / 12 / 2003 الذي كرس نظام الطوارئ الدولي على المستوى الوطني و دشن حملة قمعية جديدة طالت المئات من الشباب – الجامعي منه خاصة – ممن ينتمون إلى الفكر السلفي و سامتهم ألوان التعذيب ثم دفعت بهم إلى السجون أين يلقون معاملة خاصة ترمي إلى تحطيم معنوياتهم و استصدرت ضدّهم أحكاما قاسية تصل عقوبة السجن فيها إلى ثلاثين سنة!

 

و تجري تنفيذ فصول هذه الحملة القمعية الجديدة في ظلّ انعدام حياة سياسية بالكامل بالبلاد ، إذ جرى اصطفاف السلطة بصورة مطلقة وراء الولايات المتحدّة الأمريكية و جعلت من الحرب على الإرهاب رأس الأولويات .

 

و في هذا السياق حصل ما يمكن تسميته بتدويل الصراع داخل المجال الوطني بعد تخلي السلطة على أي إستراتيجية وطنية و انخراطها التام في  » الحرب على الإرهاب  » و كان منتظرا لكلّ متابع للشأن الداخلي أن تحصل المواجهة بين الأطراف المتصارعة دوليا التي لها امتداداتها بالبلاد ، فهذا الشباب الذي انتمى إلى السلفية لم يكن يستهدف في السابق النظام في تونس و لا هو طرح المواجهة معه بل كان يسعى إلى الالتحاق بصفوف المقاومة بالعراق و التصدي للاحتلال الأمريكي إلى أن حصلت الموجهات الأخيرة و التي تؤشر إلى تغيير في التكتيك ينذر بالويلات و الكوارث .

 

إن النخب باتت اليوم حيال خطورة ما يجري و ما يتوقع أن يجري مستقبلا بالبلاد في مواجهة تحدّي يتطلب خروج البعض منها من سلبيته و تجاوز البعض الآخر للحسابات الضيقة و طرح مسألة الخروج من هذا المأزق الذي آلت إليه الأوضاع في البلاد عبر إعادة الاعتبار للسياسي و إعادة بناء مجاله و التخلص من الاصطفاف الدولي و جعل المصلحة الوطنية فوق كلّ اعتبار و لن يكون ذلك إلاّ عبر خيارات إستراتيجية وطنية يتمّ التحاور في مرتكزاتها و أسسها .

 

(المصدر: مجلة « كلمة »، العدد 49 – جانفي 2007)


 

هل يغير النظام الحاكم في تونس سلوكه الأهــوج قبل الطوفان ؟

 

 « استعملوا عقولكم أيها البشر.. الله خلق لكم عقولا لتستخدموها « . عمانويل كانط

 

عبدالباقي خليفة (**)

 

لي نقطتان أريد استعراضهما في هذا المقال ، الاولى تتعلق بالنظام الحاكم ،و الثانية تتعلق بالتدافع الفكري الثقافي ،فقد نام نظام 7 نوفمبر لمدة 19 سنة على وهم أنه مسيطر على الوضع ،بينما كانت النيران توقد تحت الرماد . 19 سنة من الكبت السياسي والظلم الاجتماعي والحيف الاقتصادي ،والمسخ الحضاري،والنظام يوهم نفسه والآخرين بأن كل شئ على ما يرام . وجاء يوم 23 ديسمبر ليرسم ملامح المرحلة القادمة في تونس وتداعياتها الخطيرة إذا لم يراجع النظام حساباته بدقة،ويكف عن سياسة الارهاب والقمع ومصادرة الحريات وملاحقة الوطنيين الاحرار والتضييق عليهم .

 

 لا يمكن اعتبار ما جرى مجرد حادث عابر ،حتى لو صدقنا رواية النظام لما جرى .إنه تغيير نوعي في الساحة لا نعلم بالتحديد إلى أين سيقود ولكنه بالتأكيد سيخلط الكثيرمن الاوراق على الساحة الوطنية والخارجية . نحن نتمنى أن لا تنزلق بلادنا إلى ما تورطت فيه أنظمة وأطراف كثيرة أخرى في المنطقة والبلاد العربية والخارج .ولا شك فإن النظام الحاكم يتحمل المسئولية كاملة عما آلت إليه الأوضاع في بلادنا ،وإن كان قد واجه كما يقول ( مجموعة اجرامية ) اليوم فإنه لا يضمن ولا يستطيع أن يسيطر في المستقبل على مجموعات من الثوار أو المجاهدين ، فلم يكن أحد يتصور داخل نظام الحكم في الجزائر في عشرية الدم أن الامور ستصل إلى ما وصلت إليه مع فارق كبير بين قوة نظام تونس ونظام الجزائر .

 

إن اليأس من تحسن الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتوفرالحريات ، هو الخطوة الاولى نحو البحث عن بدائل أخرى ،لدى البعض ، وأعني هنا السلاح .

 

 ويعتقد البعض بأن المصالحة الجزائرية لم تتم سوى بعد مقتل نحو 200 ألف جزائري ،وهو ثمن تستحقه الحرية ،أو الاستقلال الثاني ، بتعبير الدكتور منصف المرزوقي ( * ) فما هو موقف النظام في تونس من ذلك ؟

 

لا شك أن سكوت النظام أو استمراره في سلوكه الاهوج دليل على الموافقة ،وعلى أنه يحكم تونس بعقلية العصابات و تجار المخدرات ، كما قيل ، أي سياسة  » أنا أو هم  » وهو ما سيدخل البلاد في المجهول و التدخلات الخارجية كما حدث في الصومال و غيرها من قبل .

 

لقد حذرنا من الطوفان في مقالات سابقة ،و لكن البعض اعتبر ذلك ، أحلاما ، لا .. ستكون كوابيسا يا سادة …

 

يعتقد البعض أن نظم القصائد في مدح انسانية بن علي ستغطي على الجرائم بحق الانسانية التي ارتكبت في عهده . انسانية تجاه الملاحدة ولا انسانية ضد المواطنين الاسلاميين  ، انسانية تطال من ليس له من اسمه نصيب ( العفيف الاخضر ) ومحمد الشرفي ،وهما شيوعيان وملحدان .. وهذا ليس تحريضا عليهما ،فما فيهما يكفيهما و زيادة .وإنما تعرية للتزييف والتزلف والتملق ، فأين الانسانية تجاه علي العريض ،وحمادي الجبالي والعجمي الوريمي والصحبي عتيق والدكتور الصادق شورو والطاهر العيداوي و الزميل عبد الله الزواري و محمد عبو و آلالاف ممن يعلمهم الله و لا نعرفهم  .

 

لقد اعتبر النظام أن البلاد دانت له و أنه بامكانه أن يفعل ما يريد ، بل أن يصدر تجربته الفاشلة إلى الخارج فيما يعرف بالنموذج التونسي ، هذا النموذج الذي أثنى عليه الصهاينة كثيرا في أكثر من مناسبة وموقع .

 

ولم يدر النظام أن حماقاته واعتداءاته على المقومات الحضارية لشعبه وأمة الاسلام قد بنت في نفوس الاجيال و نفوس الشباب ( حتى غير الملتزمين ، بل تاركي العبادات ومتعاطي المعاصي ) داخل تونس ودول الجوار والعالم الاسلامي والعالم قاطبة مواقف مشمئزة وفي أغلب الاحيان مستهجنة ، بل أكثر من ذلك ،لما يقوم به النظام من اعتداءات على الحجاب وعلى الملتزمين بالاسلام ، مقابل تكريم منطقع النظير للملاحدة ومن في ركابهم بتوصية من هذا الطرف الدولي وذاك ( أو بتعاطف شخصي ) حبا فيهم وهياما بهم ، كما يصور البعض ، والرجل مع من أحب .

 

ويظن النظام الحاكم في تونس أن اختلاق الاكاذيب حول الاوضاع في تونس بالارقام المزيفة ستقنع الشعب بأن الحصى الذي يطبخ له هو بالفعل النعيم الذي يتحدث عنه النظام فيكذب واقعه ،و يصدق ادعاءات الاعلام الرسمي . !!!

 

لقد فاقت جرائم النظام الحاكم كل التصورات و تخطت كل الخطوط ، في حملة منظمة ضد التدين ومظاهر التدين حتى أن الكليات والمسشفيات والثكنات العسكرية فضلا عن مراكز تدريب الشرطة و أقسامها خالية تماما من أي أماكن للصلاة ، فالجيش التونسي و الشرطة التونسية هما المؤسستان الوحيدتان ليس في العالم الاسلامي فحسب بل في العالم – باستثناء فرنسا – التي تخلو من وجود مرشدين دينيين أو مراكز عبادة . ففي الجيش الاميركي مثلا يوجد قساوسة وأئمة مسلمون يقدمون الارشاد الديني للجنود ،وفي اسرائيل يقوم الحاخامات بمرافقة الجيش حتى في عدوانه على لبنان ، أما في تونس فالتدين داخل الجيش والشرطة خيانة حكمها الفصل الفوري من المؤسسة وفي أغلب الاحيان تقديم ( المتهم ) إلى المحكمة العسكرية . !!!

 

يتحدثون في صفاقة عن عزوف الشباب عن السياسة ، بعد أن حولوا السياسة إلى تهمة ، فيسأل البوليس المتهم ( اش دخلك في السياسة ) . يتحدثون عن الاعلامية والانترنت وهم متهمون من قبل الجهات الحقوقية في العالم و ليس المعارضة فقط ، بأنهم من أعتى أعداء الانترنت . 50 ألف خط فقط موجود في تونس ،ذات العشرة ملايين نسمة ، حسب المصادر الرسمية ، أمر مخجل . هذا العدد نجده في قرية صغيرة من قرى أوربا الشرقية .

 

يتحدثون عن النجاح الاقتصادي والبلديات لا تجد ميزانيات لحمل القاذورات من الشوارع ، والشباب لا يجد أماكن العمل ، والحل الذي وجده النظام لذلك هو دعوة الشباب للبحث عن  » المبادرة الفردية  » أي  » دبر رأسك  » بطريقة أخرى  » ارم نفسك في البحر .. احرق  » و في نفس الوقت تشدد القوانين والاحكام القضائية ضد الشباب الذين يفشلون في الوصول إلى الضفة الشمالية « !!!

 

ويبدو أن الناس الذين كلفوا بالبحث عن مشاكل للشباب التونسي ،لا يعلمون حقيقة ما يعانيه الشباب ،أو يتجاهلون ذلك ، فيسرفون في الحديث عن دور الشباب والشاشات الكبيرة ،والشعب التونسي يشكو من عدم توفر وسائل النقل الجماعي والسلوكيات الهابطة التي غذتها ثقافة تجفيف اليانبيع ،وثقافة المرحلة الانتقالية من الفوضى إلى الحداثة ، أي الفوضى الخلاقة التي أدت إلى ما أدت إليه اليوم في العراق ، بل في تونس منذ 23 ديسمبر الماضي ،وعلى الباغي تدور الدوائر .

 

المضحك المبكي هو أن المؤسسات البحثية والخاصة بالشباب تشارك في صناعة الزيف وتعتقد مخطئة بأن الناس يصدقون ما تقوله ، من أين لشاب تونسي عادي أن يمتلك ادوات معرفة حالة الصورة التونسية في الخارج حتى يختلق مدير المركز الوطني للشباب  ابراهيم الوسلاتي رقم 75 في المائة من الشباب يعتقدون بأن صورة تونس ناصعة في الخارج ،و 62 في المائة يعتقدون بأن لتونس علاقات دولية متطورة ،و هل هذه أسئلة حقيقية تطرح على الشباب ؟!!! و كيف يمكن لشباب يعلمون أن السياسة تهمة في تونس وأنها حكر على النظام و مستلزمات الديكور الديكتاتوري أن يفصحوا عن آرائهم بحرية في فضاء يفتقد للحريات الاساسية ، لذلك جاءت نتيجة استبيان حكومي أن 83 في المائة من الشباب غير منظمين لاحزاب سياسية ، كارثة حقيقية لو كان الرقم صحيحا إنه دليل حقيقي على موت السياسة في تونس …

 

كيف أن 83 في المائة غير منخرطين في الاحزاب والجمعيات السياسية ولا يتعاطون السياسة و مع ذلك يعلمون الاوضاع الدولية واشعاع تونس في الخارج وبنسب كبيرة جدا بين 62 و75 في المائة ، هل تعلموا ذلك عبر ، البلاي ستيشن ، الذي اقترحه النظام لدور الشباب ؟!!!

 

ومع ذلك فشبابنا « سعيد جدا وراض جدا « و يعود إلى بيته فرحا مسرورا !!!

 

والحقيقة أن تلك الارقام التي تم عرضها على القنوات الرسمية لا تمثل الحقيقة وإنما ما يتمناه النظام وأزلامه  » نمط مجتمعي نطمح إليه  » نمط مجتمعي يدمر المجتمع ،ويقود البلاد إلى صراعات داخلية وكبت سياسي و اجتماعي مزمن ،تكون نتائجه ما بدا نهاية الشهر الماضي و لا يعلم نهايته إلا الله  . فهل يغير النظام الحاكم من سياسته المدمرة و يعود إلى رشده أم يهرب إلى الأمام ويواصل تخبطه الاعمى ؟

 

            **             **                **                     **                       **

 

2 )- يؤكد ابن رشد في تلخيص السفسطة، على أن أصناف الحوارات أربعة ،هي الحوارات الدلالية ، والحوارات الجدلية ،والحوارات الخطبية ،والحوارات السوفسطائية ،وهذه الحوارات كما يقول ابن رشد إذا تشبه بها مستعملها بالحكماء خصت بهذا الاسم ، وإذا تشبه بها بالجدليين ، سميت مشاغبية . فالحوارات الدلالية التي يستخدم فيها الدليل هي التي تكون من المبادئ الأولى الخاصة بالفهم والتعلم ، ومنها تلك التي تكون بين عالم ومتعلم . والحوارات الجدلية هي التي تتكون من المقدمات المشهورة المحمودة عند الجميع أو الأكثر. والحورات الخطبية هي التي تكون من المقدمات المظنونة في بادئ الرأي. والحوارات المشاغبية هي المخاطبة التي توهم أنها جدلية من مقدمات محمودة، من غير أن تكون كذلك في الحقيقة.

 

وحوراتنا الاعلامية مع النظام الحاكم ومع ( خصومنا ) لا تهدف إلى ما ذكره ابن رشد من سفسطة ومراء ، كما هو حال البعض ، وإنما إلى الوصول إلى قواسم مشتركة لتجنيب بلادنا ويلات ما عاشته وتعيشه دول أخرى اكتوت بنار الفتنة والتدخلات الخارجية بما فيها التدخل العسكري . مرددين مع عمانويل كانط « استعملوا عقولكم أيها البشر.. الله خلق لكم عقولا لتستخدموها « .

 

لقد فقد العالمانيون صفة النخبة ، بعد ظهور نخبة مثقفة من الاسلاميين المتنورين ، وأصبح العالمانيون قيعان هنا وهناك،ومع فقدهم لصفة النخبة ،وابتعادهم أكثر عن الجماهير،فقدوا عقولهم ،وأصبحت الجماهيرية التي حاول ركوبها اليساريون في السابق وفشلوا ( بفشل مشروع الاممية الاشتراكية ) ،مسبة وعارا ،الامر الذي يجعل المرء في حيرة مبهمة ،إذ كيف لشخوص تزعم أنها ليبرالية ومدافعة عن الديمقراطية ،ومع ذلك تستهجن الجماهيرية وتسميها شعبوية ،وذلك في صورة من أبشع صور التماهي الفضيع مع الانظمة الديكتاتورية القائمة في أكثر من بلد و بالتحديد تونس !!!

 

فهل نحن أمام ليبرالية بدون انتخابات وبدون صناديق اقتراع أي بدون جماهير – عفوا – شعبوية . هل نحن أمام ذلك المثل الشعبي مجسدا في الثعلب الذي عاب النخلة لان تمرها بعيد المنال ،أم ليبرالية بدون ديمقراطية ؟! وهل يمكن أن تكون هناك ليبرالية بدون ديمقراطية ، أواشتراكية بدون تأميم وسائل الانتاج ،هل يمكن قيام اشتراكية بدون اشتراكية و ليبرالية بدون ليبرالية ؟!!!

 

لقد كان للبعض شجاعة نادرة ، قد تكون زلة لسان ، عندما اعترف (    ) بصريح العبارة بأن ما كتبه أملي عليه من جهات أجنبية ،ولذلك أعتبر الاساتذة الكرام ، الاستاذ فتحي النصري ، والاستاذ نجيب الشابي ،والاستاذ ناجي الجمل ، الذين ردوا عليه باسلوب قانوني وفكري وسياسي رصين ، يحاولون تقديم العقار لمن اختار بمحض ارادته الانتحار.لمن جعل من المشاغبة أسلوبا في التقييم والحكم على الاشخاص والافكار .لمن استعاض عن المحاججة بالملاججة ،واستبدل الحقائق بالتهويل والمبالغة والمباهتة .

 

لقد رد الشيخ راشد الغنوشي في وقت سابق على ذلك الشخص ،و لو أني اطلعت على ذلك في حينه لما تجشمت عناء الرد عليه قبل فترة .

 

لا شك إنه يفرح بالردود، فلديه أزمة مراسلة، أعاد الله غربتنا جميعا . 

 

(**) كاتب و صحافي تونسي

 

(*) تنويه : الدكتور منصف المرزوقي دعا لعصيان مدني و ليس المعارضة المسلحة

 

(المصدر: موقع الحوار نت بتاريخ 6  جانفي 2007)

 


 

ماذا يحدث في تونس ؟

أبو عمر – تونس

 

إن المتتبع للعمليات الأخيرة التي جرت في تونس العاصمة و بعض المدن الأخرى ، و التي تمثلت في تبادل لإطلاق النار بين المؤسسات الأمنية التونسية  و بعض الأفراد التونسيين و التي قالت السلطات أنها « عصابة إجرامية خطيرة » ثم تطور ذلك ليصبح شبه إعلان لحالة الطوارئ فأصبحت الحواجز بين المدن و في الطريق العام حتى أنه يخيل إليك أنك في كابول أو بغداد بل قل في تل أبيب.

 

 و قد كشفت هذه الحوادث أشياء كبيرة و هامة و تتمثل أساسا في :

 

1. هشاشة الحالة الأمنية التونسية و ذلك في قدرة هؤلاء « النفر » كما ادعت السلطات على إدخال الأسلحة و التي اعتبر  أسلحة جد متطورة كالكلاشنكوف و قذائف الهاون و استعمالها دون كشفها من قبل الجهات الأمنية التي ما انفكت تقنع الداخل و الخارج بأن قبضتها على البلاد ليست مجال للشك.

 

2. إن احتكار السلطات التونسية لمجريات الأحداث و تكتمها الإعلامي يجعل التونسيون يشعرون بعدم الثقة فيما يقال لهم و فيما يراد أن يعلموه لأن في أي بلد ديموقراطي ينقل الخبر إلى الشعب صورة و صوتا إما مباشرة أو في حين وقوعه لا أن ينتظر الشعب ما ستجوده عليهم السلطات من فتات الأخبار بعد دراستها و تجهيزها لخدمة مصالحها لا لخدمة مصلحة الشعب.

 

3. في ظل التكتم الإعلامي فان كل الاحتمالات باتت سيدة الموقف فمن ذهب إلى اعتبار الأحداث الأخيرة صراع بين مجموعات المخدرات و التي تجد في النظام التونسي غطاءا لأنها من العائلة الحاكمة إلى من ذهب لاعتبار ذلك مسرحية للنظام حتى يخلق الفرصة لتغيير رأسه بالطريقة التي يريدها خاصة بعد توارد الأخبار عن صحة الرئيس و صراع القصر، بالرغم من أن الأغلب ذهب إلى اعتبار جماعة  » السلفية الجهادية » وراء ذلك.

 

4. إن النظام التونسي وحده الذي يتحمل المسؤولية على تردي الأوضاع الأمنية في البلاد بالرغم من أن الفتنة لو كتب لها – لا قدر الله – النجاح فإنها ستأتي على الأخضر و اليابس، و لكن النظام التونسي لا يزال يسد آذانه أمام الدعوات الداخلية و الخارجية لإحداث انفراج سياسي يمكن بموجبه بعث الروح في البلاد بعدما أصبحت و كأنها شبه جزيرة في منطقة نائية من العالم فداخلها مفقود والخارج منها مولود، و أصبح الشعب التونسي يصنف لدى النظام من ليس معي فهو ضدي و ما الحرب الأخيرة على الحجاب و التدين عنا ببعيد.

 

5. إن على الأحزاب الوطنية و القوى السياسية و مؤسسات المجتمع المدني أن لا تنتظر عما ستسفر عليه هذه الأحداث، و إن كانت ستخمد أم ستتطور إلى المجهول، بل عليها أن تساهم في إجبار النظام على تغيير سياسته المنغلقة لأن البلاد ليست ملكا خاصا لأحد  أو لمجموعة دون غيرها و من يموت سواء من القوى الأمنية أو غيره ما هو إلا مواطن تونسي، و ألا تترك الفرصة للاستئصاليين من أي موقع كانوا أن يستغلوا الأحداث لتسجيل مزيد من الكبت للحريات و للمحاكمات العشوائية، و لا يتم ذلك إلا بمزيد من التنسيق و العمل المشترك مترفعين عن الاختلافات الجزئية فتونس لكل التونسيين بدون استثناء.

 

6. إن هذه الحوادث ليست محل شماتة في النظام و لكنها فرصة للتونسيين لكي يبينوا له أنه أعجز من أن يقنع غيره بأن البلاد تنعم بالأمن و الأمان.

 

و أخيرا أسأل الله أن يجنب بلادنا و سائر بلاد المسلمين شر الفتن ما ظهر منها و ما بطن.


القاعدة تفشل مجددا في تونس

د أبو خولة (*)

 

حصلت اشتباكات متكررة بين قوات الأمن التونسية و مجموعات إرهابية تسللت للبلاد من الجزائر، تنتمي لــ « الجماعة السلفية للدعوة و القتال »، التي انضمت سنة 2006 لــ « القاعدة ». و كتبت « الوسط » التونسية :  » أكد وزير داخلية تونسي سابق بأن عدد القتلى والجرحى في حادثة الاشتباك المسلح بمنطقة سليمان القريبة من مدينة نابل التونسية-حوالي 30 كم جنوبي العاصمة تونس- كان حوالي خمسين قتيلا وجريحا في صفوف المجموعة المسلحة ومختلف الفرق الأمنية التي شاركت في التصدي للمجموعة يوم 3 جانفي 2007. »

 

في تقديري توجد ثلاثة دوافع أدت بالقاعدة لمحاولتها البائسة هذه: (1) التغطية على فشلها الذريع السابق بمناسبة انعقاد قمة المعلومات في تونس في نوفمبر الماضي، حيث أعلنت نيتها نسف المؤتمر (انظر مقالي السابق بعنوان: فشل القاعدة الأخير في تونس)، (2) الدعاية لتنظيمها المغاربي الجديد (الجماعة السلفية للدعوة و القتال )، و (3) محاولة التستر على الضربة القاضية التي ستلحق بهذا التنظيم اثر المعلومات المتواترة عن استسلام قريب لزعيمه و حوالي 100 من اتباعه.

 

تبقى تونس هدفا أساسيا للإرهاب، إذ كما أكدت في مقالي السابق :  » تحديد تونس على راس قائمة الدول المستهدفة من طرف القاعدة ليس بغريب نظرا لأهميتها كأكثر الدول العربية حداثة في مجالي حقوق المرأة و تحديث و ترشيد التعليم، الديني منه خاصة، وهو ما يتناقض أساسا مع ثقافة التخلف وفقه الظلام لهذه المنظمة الشريرة « .

 

أما ما نقلته « الوسط التونسية » بخصوص « حديثها مع قطب معارض بارز بأنه قد يكون وقع توظيف بعض المجموعات المسلحة ضمن خطة لزعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد التونسية كتمهيد لاعلان حالة انتقالية تشهدها البلاد عبر إعلان حالة الطوارئ وتولي جهات « غير معلومة  » لمقاليد الأمور على خلفية انفلات الأمن وانهيار عنصر الاستقرار والسلم الأهلي والاجتماعي »، فهو يعكس كيف أن « الوسط » هي ناطقة غير رسمية باسم « نهضة » الغنوشي تدس السم في الدسم باطلاقها لشائعات تعبر عن مخططات و أمنيات الغنوشي الإجرامية اكثر مما تعبر عما يقع فعلا على الأرض. بل لا نستبعد أن يكون هذا « القطب البارز » الذي أبقت « الوسط » اسمه طي الكتمان هو راشد الغنوشي نفسه.

 

لا شيء يبرر هذا السيناريو اللامنطقي: مخاطرة أطراف تونسية – إن وجدت – بالاتصال بتنظيم إجرامي خارجي، يرصد الأمن الجزائري تحركاته بعين لا تنام، خصوصا و انه توجد طرق أخرى لإرسال نفس الرسالة – من داخل البلاد – دون اللجوء إلى خدمات هذا التنظيم الإرهابي.

 

و يمكن أن نوجه نفس الرد للدكتور منصف المرزوقي، الحليف السياسي للرئيس الأبدي للنهضة -راشد الغنوشي-، الذي دعا بالمناسبة لــ » حكومة تونسية مؤقتة تعيد للحوار مكانته « ، كما لو كانت تونس صومال ثانية، وهو نداء بلا معنى لان ظروف الإرهاب ليست بالتوقيت المناسب للحوار، بل غالبا ما تؤدي هذه الظروف إلى عكس ذلك، إذ أدت المجازر التي ارتكبها الإخوان المسلمون في سوريا في بداية الثمانينات من القرن الماضي إلى زيادة سطوة النظام الأمني في هذا البلد – لا العكس -، كما قدمت عمليات التنظيمات الجهادية الخارجة من عباءة الإخوان في مصر تبريرا لاطالة حالة الطوارئ. و قس على ذلك في الجزائر و السعودية و دول أخرى.

 

ادعى د. منصف المرزوقي أيضا بان هذا التحول للعنف و الإرهاب  » شبه حتمي ». و هذا يعبر عن أماني صديقي المنصف اكثر مما يعبر عن احتمال جدي، إضافة إلى أن الديمقراطية ليست ترياقا للإرهاب. ضربت القاعدة في الولايات المتحدة و إسبانيا و بريطانيا و تهدد بالضرب في فرنسا، فلماذا لم تحم هذه الديمقراطيات العريقة شعوبها من إرهاب الحركات الإسلامية العابر للقارات؟

 

أما بخصوص تفسير مدى الفشل الذريع الذي منيت به هذه العصابة المتسللة من الجزائر، ما أن انتقلت من المناطق الجبلية التي تغطيها الأشجار إلى المناطق الحضرية بضواحي تونس العاصمة، فليس لي ما أضيف على تفسيري لفشل القاعدة السابق في تونس بمناسبة انعقاد قمة المعلومات، عندما كتبت:  » الجواب هو أن نجاح عملية إرهابية كبرى يتطلب أكثر من تهريب متفجرات عبر الحدود، حيث يقتضي توفير دعم لوجستي لإيواء الإرهابيين. و هذا لا يتم إلا بوجود عناصر محلية مستعدة لمد يد العون… مثل هذا الاستعداد متوفر في دولة مثل الأردن، حيث كان أسامة بن لادن يحظى بتأييد نسبة اكثر من 65% من المواطنين، حسب الاستطلاعات التي أجريت قبل تفجيرات عمان… مثل هذا الدعم الجماهيري غير متوفر في المجتمع التونسي، الذي هو مجتمع طبقات وسطى تحميه من اللجوء للعنف ».

 

كما أن البحر علم التوانسة الانفتاح على الخارج و على الثقافات العالمية، و ساعدت القنوات التلفزية و الانترنيت هذا الانفتاح، و ساهمت السياحة بقوة في هذا التلاقح الثقافي: ما يزيد عن 6 مليون سائح أجنبي سنويا تضاف إليهم قرابة 3500 شركة أجنبية تعمل في البلاد.

 

هزيمة « غزوة » القاعدة لتونس خبر سعيد للجميع باستثناء حاقدي « النهضة » و حلفائهم ». لكن مما لا شك فيه إن على تونس أن تكون اكثر انفتاحا إعلاميا و اكثر رعاية للمعارضة -المعترف بها و الاعتراف بتلك التي لم يعترف بها بعد- و في مقدمتها جمعيات المجتمع المدني مثل « الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات » التي تعي اليوم الدرس نفسه الذي نعيه.

 

على الدول العربية و الإسلامية التي تحاول جاهدة التصدي للفكر التكفيري أن تعي انه كما تتطلب الانتخابات ترشيح مرشح يميني لمنافسة مرشح يساري و العكس، و كما يتطلب هدم نظرية قديمة في العلوم تطوير نظرية جديدة تتفوق عليها، يتطلب القضاء على الفكر التكفيري الإرهابي تطوير فكر جديد معادي له، و لا يتم هذا إلا بدعم قوى الحداثة و التقدم في المجتمع، و هذا للأسف عكس ما قامت به معظم دول المنطقة خلال العقود الخمسة الماضية.

 

الأولوية المطلقة في العالم العربي الإسلامي اليوم -مسقط راس الحركات السلفية الإرهابية- تتمثل في إيجاد تربة مجتمعية جديدة غير صالحة لنمو هذه النبتة الخبيثة. و لن يحصل هذا إلا بإقرار ثقافة عصرية جديدة تقر بحقوق المرأة و الاقليات الدينية، و تعتمد على مناهج تعليمية حداثية تشيع مبادئ التسامح و الانفتاح على الآخر. حصل هذا -إلى درجة كبيرة في تونس- بصدور قانون المرأة و تعميم التعليم الحداثي العصري منذ حصول الدولة على الاستقلال، و إلغاء جامعة الزيتونة بدمج طلابها في مدارس التعليم العام. و عندما تم افتتاحها بنفس الاسم في بداية التسعينات من القرن الماضي، جاءت في حلتها الجديدة مؤسسة تعليمية رائدة و مثالا حيا لما يجب أن تكون عليه كليات الشريعة في سائر دول العالم العربي-الإسلامي. و عندما يحصل نفس الشيء في باقي الدول العربية و الإسلامية، ستستعصي هذه الأخيرة بدورها على الإرهاب و المحرضين عليه، تماما كما استعصت تونس على إرهاب القاعدة هذه المرة أيضا.

 

(*) كاتب المقال منسق اللجنة الدولية للدفاع عن العفيف الأخضر، منسق سابق للجنة الدفاع عن د. منصف المرزوقي في سنة 2000، و رئيس سابق لفرع تونس لمنظمة العفو الدولية.

Abuk1010@hotmail.com

 


 

متابعة لتعليقات بعض المدونات التونسية على الأحداث الأخيرة

 

مـن الـعــلّـوش لـلـكــرتــوش

بقلم: Big Trap Boy

 

السلام والإحترام للسادة والسيّدات قرّاء المدوّنة الكرام، أمّا بعد هذه التحيّة، واللغة المضروبة الخشبيّة، ننتقلو بيكم إلى صلب الموضوع، وإلى هذا الخبر اللّي لا فهمناه لا مخلوق ولا مصنوع. قالّك يا سيدي بعد ما كلينا العلّوش، البلاد قام فيها الكرتوش. إي نعم كرتوش موش فوشيك والحكاية جدّ وماهيش تفدليك، في قلب الضاحية الجنوبية، من حمام الأنف لبرج السدرية ، ومن سليمان للجبال والوديان، عشنا وشفنا يا الأولاد الكرتوش يخيّط في البلاد!

 

ماعدى البلاغ الرسمي، اللّي ما عطى كان الرسمي في الرسمي، واللّه أعلم كانو يحكي بالرسمي، الصحافة عملت روحها مقيّلة ولاّ موش لاهية، وجماعة الإشاعات كي العادة خدمو خدمة باهية، قالّك يا سيدي الهمهاما ولاّت الكوسوفو، وناس تقول عصابة وناس إرهاب وناس كوموندو ، و النبّارة نساو حكايات صدّام والكورة، وما عاد الحديث كان على جبل بوقرنين و جماعة تورا بورا. ماكم تعرفو في بلادنا حتّى شيء ما يتخبّى، أما زادة في أغلب الوقت الحبّة تولّي قبّة، والأخبار في إذاعة « قالو » توصل شطرها من وحي الخيال ، وربعها من مصادر غير موثوقة، ويزيد كلّ بطّال في كلّ قهوة يشمّر على ذراعو، ويعطي المساهمة الشخصية متاعو، يعني في النهاية صعيب باش تفرز الصحيح من البلّوط، وتولّي الحكاية خرافة كيما خرافة بوشلّوط.

 

حاسيلو آش باش نقوللكم يا مرحومي الوالدين؟ أنا زادة عندي مصادر متاع معلومات كيفي كيف الناس الكلّ ويمكن أحسن شويّة على اللّي صار، أما ما إنّجّم نقول لي وليكم كان أستر يا ستّار. توّة نحنا بلاد توريستيك و معروفة في العالم أنّها ديما سيمباتيك، وكيما تعرفو في الدنيا هاذي اللّي يسمّيك يغنيك واللّي يحكي بيك كلام كيما هذا يقضي عليك وينحّيلك جدّ والديك. عادة إنتي يا خويا لواش عليك تجيب البلاء لينا وليك وتقطع في رزق أمّاليك؟ حتى كي تشوفو الكرتوش بعينيك، إبتسم وقول « إنّه فوشيك، ولعب وتفدليك »، وأشطح ربّي معاك هاو جاك الجينيريك!

 

(المصدر: مدونة Extravaganza بتاريخ 6 جانفي 2007)

الرابط:  http://trapboy.blogspot.com/2007/01/blog-post_06.html

 

ارحموا عقولنا يرحمكم الله

بقلم: Chanfara

 

عدت من تونس و ليس من حديث هناك سوى عن الأحداث الأخيرة المتمثلة في المواجهات المسلحة التي وقعت بين الشرطة و جيشنا الوطني من ناحية و « عصابة مجرمين » من ناحية أخرى.

 

و كالعادة كثرت الأحاديث و الشائعات و القصص. الملفت للنظر هو غياب الحقيقة حتى عن أقرب المقربين للنظام من نواب برلمان و حتى بعض قيادات الشرطة المستنفرة. فالكل متفق على أن البلاد في حالة طوارئ غير معلنة دون معرفة الأسباب الحقيقية و لا ماهية هذه « العصابة » وانتماءاتها إجرامية كانت أو دينية أو سياسية.

 

المعلومات المؤكدة تقول بحصول مواجهات مسلحة في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة (حمام الأنف) في ليلة 23 ديسمبر لتمتد إلى مناطق أخرى أشدها ضراوة كانت في محيط مدينتي قرنبالية و سليمان. وهناك أيضا بعض الروايات الرسمية التي تحدثت عن مواجهات بين وقعت في محيط مدينة سيدي بوزيد في الوسط التونسي.

 

الروايات المكتوبة في الصحافة الرسمية و شبه الرسمية تباينت بين ما كتب عن كون هذه العصابة هي عصابة مخدرات (جريدة الشروق) و بين كونها مجموعة إرهابية (جريدة الصريح) و لعل ما يؤكد الاحتمال الثاني هو نوعية الأسلحة المستعملة من بنادق كلاشنكوف و أم6 المتطورة و متفجرات يدوية.

 

وزارة الداخلية أعلنت مؤخرا في يوم 4 جانفي أن هذا الملف أغلق بعد قتلها 12 مسلحا و اعتقالها 15 في محيط مدينة سليمان و لكن كل المؤشرات تعلن عكس ذلك فالاستنفار الأمني لا زال متواصلا, لا بل توجد معلومات مؤكدة عن عمليات إعتقال موسعة في كامل تراب الجمهورية.

 

إن مثل هذه الأحداث مرفوضة في بلدي و رغم اختلافي مع نظام الحكم فيها أرى أن على الجميع العمل جنبا إلى جنب من أجل إرساء الأمن في بلادنا.

 

ما أريد قوله أني لا أريد أن أتحدث الآن عن الأسباب التي جعلت مثل هذه المجموعات تتواجد في بلدنا و لكن أريد أن أعرف الحقيقة كاملة عما يحصل هناك فهو وطني كما هو وطن كل التونسيين.

 

ارحمونا يرحمكم الله و أعطونا الحقيقة

 

(المصدر: مدونة  Chanfaraبتاريخ 6 جانفي 2007)

الرابط: http://chanfara.blogspot.com/2007/01/blog-post_06.html


 

الصباح:

تحصين المجتمع وصون المكاسب

علي التليلي

 

على مدار الأيام القليلة الماضية حاولت مجموعة إجرامية مسلحة زعزعة أمن واستقرار البلاد وتمت ملاحقتها والقضاء عليها وتطويق تداعياتها الأمنية والاجتماعية.

وكان يفترض أن تحظى هذه الحادثة بتسليط الأضواء والمتابعة الاعلامية اليومية وإنارة الرأي العام في بلد آمن ومستقر ولكن ليس بمنأى عن مثل هذه الظواهر الخطيرة لأنّها تتفاعل مع محيطها الإقليمي والدولي، ومثله مثل أي بلد في المعمورة قد يتعرّض لمثل هذه الحادثة الإجرامية نظرا إلى أنّ الارهاب ليس له هوية ولا وطن إنّما هو ظاهرة عالمية اكتوت بنارها عديد الدول وخلفت دمارا وخرابا وضحايا.

ومع الإقرار بذلك فإنّ تونس سعت منذ سنوات طويلة إلى استباق هذه الظاهرة المقيتة بانتهاج سياسة الاعتدال والوسطية وتعزيز مقوّمات حقوق الإنسان في معناها الشامل وانتهاج التعددية وترسيخ أسس المجتمع المدني وتجذير الهوية والانتماء لدى الناشئة والشباب لتحصين المجتمع من مثل هذه الآفات وصون الإرث الحضاري ومكاسب النظام الجمهوري.

ولا شك أن عدم الاقتصار على الجانب الأمني في معالجة التطرف والارهاب  وبقية الظواهر الاجتماعية السلبية مثّل توجها ايجابيا يتعين تعزيزه ومواصلته بما يحصّن المجتمع من أية انزلاقات خصوصا أن بؤر التوتر في العالم كثيرا من «تصدّر» ممارسات وأفكارا تتناقض كليا مع اختيارات وتوجهات الشعب التونسي.

إنّ بناء المجتمع المتوازن والمتماسك والمتمسّك بقيم الجمهورية وبمبادئ العدل والحرية والمساواة يعدّ صمام الأمان ضد كل ما يتناقض مع خيارات التونسيين وما جبلوا عليه من تفتح وعقلانية واعتدال وهو ما يعني مزيد دفع المسار الديموقراطي وتوسيع مشاركة مكونات المجتمع المدني من أحزاب ومنظمات وجمعيات وكل المواطنين في الشأن العام حتى تكون المسؤولية جماعية وكذلك مواصلة الارتقاء بالمشهد الاعلامي بما يتماشى مع ما بلغه المجتمع التونسي من نضج وتطور وبما يعكس مشاغل وتطلعات المواطن.

وفي سياق النظرة الشمولية لحقوق الانسان لا يمكن الا تثمين ما يتوفر من آليات لتعزيز مقومات العيش الكريم لدى الفرد واجراءات لدفع عجلة الاقتصاد إلا أنه لا بد من توسيع قاعدة هذه الآليات والاجراءات تعزيزا للجبهة الداخلية أمام مخاطر التهميش والانخراط في التطرف إذ أن من يجد نفسه في أوضاع صعبة مثل حالات البطالة والانقطاع المبكر عن التعليم يكون فريسة سهلة للاستقطاب.

فالتشغيل يبقى إذن رهانا أساسيا سواء بالنسبة للحاضر أو المستقبل وهو ما يدعو إلى مضاعفة الجهود لمزيد تشجيع الاستثمار واقامة المشاريع وخلق مواطن الشغل بتقديم التسهيلات للمؤسسات الاقتصادية ذات الطابع الانتاجي أو الخدماتي والحد من بيروقراطية الادارة المكبلة في أحيان كثيرة للمبادرة الخاصة.

إن السياسة الاجتماعية ذات الطابع الإنساني التي تنتهجها تونس ساهمت إلى حدّ بعيد في تأمين المجتمع التونسي ضدّ الهزات ومخاطر التطرف والإرهاب وعززت مكانة تونس بين الأمم. ومع ذلك فإنّ الحذر واليقظة يجب أن لا يغيبا عن الأذهان كما أنّ التوقف عند تعداد المكاسب والانجازات لا يكفي لتأمين مستقبل الأجيال.

 

(المصدر: افتتاحية جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 6 جانفي 2007)


 

على هامش حادثة المجموعة الإجرامية

بقلم: صالح عطية

 

لا يشك اثنان، في أن ما حصل خلال الأيام العشرة الأخيرة في بلادنا، على خلفية الاشتباكات بين المجموعة المسلحة وقوات الأمن، أمر خطير للغاية لاعتبارات كثيرة أهمها:

 

* حجم هذه المجموعة من الناحية البشرية ومن حيث العتاد الذي تمتلكه.. إذ وفق ما تردد من أنباء تداولتها بعض الأطراف القريبة من الحكومة، فإن عدد هؤلاء بلغ نحو الثلاثين نفرا، كانوا يملكون أسلحة «كلاشينكوف»، وهم مدربون على السلاح واستخدامه في معارك من هذا القبيل..

 

* أن هذا الحجم الذي تردد حول المجموعة المسلحة، يعكس وجود مخطط كانت تنوي تنفيذه في البلاد، يستهدف منشآت ومواقع مهمة، اقتصادية وسياحية، كان يمكن ان تحوّل بلادنا الى بؤرة للعنف والعنف المضاد، والارهاب المنظم، ربما أخرتنا لسنوات الى الخلف، بعد الجهود الجبّارة التي بذلت على صعيد التطور الاقتصادي والاجتماعي والعمراني..

 

 * أن بلادنا لم تعرف في تاريخها أثرا لمثل هذه الأعمال الارهابية، وعلى الرغم من تمركزها الجغرافي على الحدود مع الجزائر الشقيقة، فإنها لم تتأثر بموجة العنف و«عشرية الدم» التي عرفتها الجزائر خلال عقد التسعينات من القرن المنقضي.. استطاعت البلاد أن تنأى بنفسها عن تداعيات موجة الإرهاب التي شهدها أكثر من قطر عربي ومغاربي، وساهمت الذهنية الوسطية ورغبة التونسيين في قدر من الاستقرار الاجتماعي والسياسي، في استبعاد انخراط أي منهم في هذه الموجة العنيفة والارهابية التي عرفتها عواصم عربية بل وغربية عديدة خلال الخمسة عشر عاما الماضية..

 

 * أن مواجهة هذه الجماعات، مهما كانت هويتها وانتماءاتها وأجندتها، ربما احتاجت لإمكانيات أمنية وعسكرية ولوجستية ومالية ضخمة، قد لا تكون بلادنا مهيأة لها، بحكم رهانها التاريخي منذ الإستقلال على التنمية، وليس على الخيار العسكري والنفقات العسكرية، مثلما فعلت دول عربية عديدة، لم تتمكن رغم كل ذلك من تجنب «ضربات إرهابية» مختلفة..

 

 * من خلال بعض المعلومات التي تسربت عبر مصادر إعلامية مختلفة، فإن هذه المجموعة التي تنتمي الى «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، على الأرجح، تعد جزءا من مخطط إرهابي يستهدف منطقة المغرب العربي، ومن بينها تونس، على اعتبار انها لم تواجه أحداثا مماثلة، على غرار ما حصل في الجزائر او المغرب، وبالتالي، فإن الأمر قد يتجاوز هذه المجموعة ليرتبط بأجندا ارهابية دولية، لا بد من أخذها بعين الإعتبار والتحسب لها بأقصى حالات الحذر والحيطة واليقظة..

 صحيح أن السلطات الأمنية تكتمت حول بعض المعلومات التي تخص هذه المجموعة، وصحيح أيضا ان ثمة قلقا اجتماعيا واسعا من تداعيات هذا الموضوع وتأثيراته الممكنة على البلاد والعباد، لكن هذا الأمر لا يمكن ان يبرر ـ بأي حال من الأحوال ـ وقوف البعض موقف «الشامت» مما يجري، في شكل مزايدات سياسية، لا نعتقد ان التوقيت ولا الظرف ولا خطورة هذه التطورات، يمكن ان تبررها.. نعتقد ان المطلوب اليوم، الإلتفاف، حكومة واحزابا ومجتمعا مدنيا، على قاعدة «عقد اجتماعي وسياسي» جديد، لمواجهة مخاطر تحدق بالبلاد، عقد يؤسس لمرحلة جديدة من التوافق الوطني على اجندا سياسية وثقافية وفكرية واجتماعية، تضع حدّا لحالة الإحتقان الموجود، وتجعل الجميع في مواجهة خطر، لايبدو ان أحدا من المعارضين او النخب، يشكك في تداعياتـــــــه على استقرار البلاد وأمنهــــا المستديم..

إنه تحدّ يواجه الطبقة السياسية التونسية بجميع مكوناتها إلى جانب المجتمع المدني. فهل يجعل الجميع من هذا الموضوع، دافع تأسيس لقوة تحصّن المجتمع من مخاطر حقيقيـة، أم يتــــم الإبقـــاء على التجاذبـات السياسـية بين هذا الطـــرف وذاك؟

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 6 جانفي 2007)


 

حول المواجهات الأخيـــرة

بقلم: آسيا العتروس

 

لا حديث للعامة هذه الايام في المقاهي او في الشوارع او غيرها من الاماكن العمومية الا عن المواجهات المسلحة التي دارت بين اعوان الامن ومجموعة مسلحة خطيرة غير بعيد عن العاصمة وقد لا يخفى على احد ان لكل طريقته في نقل الخبر وتحميله ما يحتمل وحتى ما لا يحتمل من تاويلات وقراءات كثيرة و متباينة قد لا تخلو في احيان كثيرة من تناقض صارخ وتباين واذا كان البعض يميل الى التقليل من اهمية الحدث والاستهانة به فان الاغلبية تتخذ في العادة في مثل هذه الحالات وجهة مغايرة نحو المبالغة والتهويل وهو امر يصبح عاديا

 

جدا عندما تغيب المعلومة المطلوبة لتفسح المجال لتغذية الشكوك والمخاوف التي ستجد الارضية المطلوبة.

 

وقد لا نكشف سرا اذا اعتبرنا ان  ما زاد في انتشار حالة الغموض  مشاهد الحضور المكثف لقوات الأمن على الطريق السيارة كما حول محطات بيع البنزين او غيرها او كذلك عمليات تفتيش سيارات الاجرة الاسبوع الاخير من العام المنقضي وهو الامر الذي وان كان اثار الكثير من مشاعر الارتياح لدى افواج المسافرين لقضاء عطلة العيد مع ذويهم  فانه قد خلف من دون شك الكثير من التساؤلات ونقاط الاستفهام حول اسباب الاستنفار وحول حقيقة هذه العصابات واهدافها.

 

لقد كان لاعلان خبر تبادل اطلاق النار لاول مرة في الثالث والعشرين من ديسمبر المنصرم وقعه في النفوس وبدون شك ان في مثل هذه الاخبار ما يمكن ان يدفع بالمواطن الى البحث عن المعلومة الاضافية ايا كان مصدرها و بالتالي التعلق بكل ما يمكن ان تقدمه مصادرالخبر الاخرى من وكالات او فضائيات او حتى الالسن الكثيرة بصحيحها وباطلها والتي يمكن ان تطلق العنان لخيالها في ترجمة ما حدث وتاويله على طريقتهـــــا وسد الفــــراغ القائم حولها.

 

 وفي كل الاحوال فان ما حدث يبقى امرا طبيعيا وهو يحدث في كل حين وفي كل بلد ايا كانت قدراته الامنية والاستخبارية ولا شك ان للعصابات الاجرامية المنظمة لترويج المخدرات او السلاح او نشر الفساد وتجارة البشر او غيرها من الجرائم التي تستهدف المجتمعات الامنة والشعوب باتت تجد اليوم امامها اكثر من قناة واكثر من طريقة للتوسع والانتشار في ظل نظام العولمة وما يوفره مع الاسف من خدمات مجانية لنشر المعلومة السريعة  المطلوبة لتلك العصابات في تحديد اهدافها وعملياتها..

 

 صحيح ان التونسيين قد  تعودوا على العيش في مناخ امن  و هي نعمة لا تقدر باي ثمن  وصحيح ايضا ان اطفالنا وابناءنا لم يعرفوا تلك المظاهر الامنية المكثفة الا  في الافلام  ولكن هذا  ليس سببا بالمرة  لتجاهل ما  يحدث او التقليل من شانه  وتوعية المواطن في مثل هذه الحالات جزء من الوقاية المطلوبة من الخطر وحماية ارضه و بلاده واهله… نعم قد يقتضي نجاح التدخلات الامنية الحفاظ على طابع السرية ومنع تسريب المعلومات وتقييد محاولة هروب الجناة او تؤثر على سير العمليات باي شكل من الاشكال ولكن ذلك لا يمكن ايضا ان يلغي او يصادر حق المواطنين في الاطلاع على ما يحدث ومتابعة الحقائق بما يمكن ان يريحهم ويجنبهم الوقوع في الهواجس ويجعلهم في موقع يمكنهم من الرد على تساؤلات ابنائهم  والقضاء على مخاوفهم و عدم الانسياق وراء ما يروجه هذا الطرف او ذاك من انباء…

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 6 جانفي 2007)

 


رفضت التخلي عن السلاح في رسالة إلى بوتفليقة وزعيم القاعدة

الجماعة السلفية في انتظار توجيهات بن لادن

حميد· يس

 

أصدر عبد المالك دروكدال، أمير الجماعة السلفية، رسالة طويلة وزعها التنظيم الإرهابي على شبكة الأنترنت وحصلت  »الخبر » على نسخة منها، جاء فيها رفض لنداء الرئيس حينما قال لأعضائها  »إن قلوبنا ما زالت مفتوحة لكم »·

 

وذكرت الرسالة المؤرخة في 3 جانفي الجاري، أن التنظيم مصمم على مواصلة نهجه  »فنحن مطبقون لفريضة عينية واجبة ومتحتمة علينا منذ أن سقطت الأندلس وبيعت فلسطين وفرقتنا الحدود التي افتعلها الغزاة »·

 

وأوضحت الرسالة المسماة  »كلمة » والمرفقة بصورة حديثة لأمير الجماعة، أن التنظيم الإرهابي الذي خرج من عباءة الجماعة الإسلامية المسلحة في خريف 1998، لم يتلق دعما خارجيا أبدا· وأشارت إلى تلقي شحنات جديدة من السلاح، حيث تحدثت عن  »فتوح من الأسلحة والذخائر في المدة الأخيرة »·

 

واعترفت الجماعة السلفية، لأول مرة، باستعانتها بعناصر أجنبية في ممارسة الإرهاب، حيث قالت الرسالة في شقها الموجه للرئيس:  »لقد بدأ الشباب يصحو من غفوته وينهض من كبوته ويتشوق لحمل السلاح ويتوافد على الجبال من داخل البلاد وخارجها »· ووجه دروكدال نداء للأجانب للالتحاق بالصفوف، ووسع الدعوة إلى المحليين· وسبق لـ »الخبر » أن كتبت عن تونسيين وليبيين ومغاربة وأشخاص من الساحل الإفريقي، كانوا في التنظيم ولا زالوا ينشطون به إلى اليوم· وتناولت في أعداد سابقة التحاق عدد من الشباب بالجماعات الإرهابية·

 

ودعت وثيقة دروكدال، المعروف حركيا باسم  »أبو مصعب عبد الودود »، وزير الداخلية، يزيد زرهوني، لأن  »يعلن العدد الحقيقي للشباب الذي نفر إلى ساحة الجهاد والتحق بثغور القتال في الأشهر الأخيرة »· ونفت أن يكون عناصر التنظيم  »بقايا إرهاب »، مشيرة إلى الأعمال الإرهابية التي وقعت مؤخرا في بعض المناطق·

 

وخصص دروكدال في رسالته مقطعا لـ »أميرنا الغالي الحبيب أبي عبد الله أسامة بن لادن »، مجددا له الولاء، فطمأنه على حال أفراد الجماعة السلفية الذين وصفهم بـ »رجال وجنود » بن لادن· وورد في الرسالة أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي  »بدأوا يجيّشون دول الصحراء ويمدونهم بالمال والدعم اللوجيستي والتدريب لحربنا »·

 

وقال دروكدال إن تحرك ما أسماه  »حلف الشر » جاء بعد إعلان انضمام الجماعة السلفية إلى القاعدة في منتصف سبتمبر الماضي· وأضاف أمير التنظيم متوجها إلى بن لادن:  »طب خاطرا وقر عينا ونحن على أحر من الجمر في انتظار توجيهاتكم وتوصياتكم للمرحلة القادمة »· أكثـر من ذلك، قال  »عبد الودود » إن  »إدخال السرور على قلبك يا شيخنا وعلى قلوب إخواننا المستضعفين أحب إلينا من نعيم الدنيا »·

 

واللافت أن الرسالة تجاهلت حادثة إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، عندما تناولت التطورات في العراق· ومما جاء فيها  »تهنئة إخواننا في العراق خاصة وأمة الإسلام عامة بهزيمة حلف الشر الصليبي في العراق »·

 

(المصدر: صحيفة « الخبر » الجزائرية الصادرة يوم 6 جانفي 2007)

الرابط:http://elkhabar.com/quotidien/lire.php?idc=30&ida=55671&key=2&cahed=1

 


 

الجماعة السلفية ترفض مصالحة بوتفليقة

 

أعلنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال رفضها المصالحة التي كرر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة دعوته إليها.

وقالت الجماعة، في رسالة نشرتها صحيفة « الخبر » الجزائرية السبت، إنها تنتظر « توجيهات » تنظيم القاعدة لمعرفة كيفية التحرك في « المرحلة المقبلة ».

وأعلنت الجماعة السلفية للمرة الأولى أنها تضم عناصر أجنبية في صفوفها.

وقالت في رسالتها التي تحمل توقيع أمير الجماعة عبد المالك دروكدال -المعروف حركيا باسم أبو مصعب عبد الودود- « لقد بدأ الشباب يصحو من غفوته وينهض من كبوته ويتشوق لحمل السلاح ويتوافد على الجبال من داخل البلاد وخارجها ».

ووجهت الرسالة نداء إلى المقاتلين الأجانب للالتحاق بصفوف الجماعة السلفية.

وحيا دروكدال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وخصص له مقطعا في رسالته واصفا إياه بـ »أميرنا الغالي الحبيب ». وجدد له الولاء وطمأنه على حال أفراد الجماعة السلفية الذين وصفهم بـ »رجال وجنود بن لادن ».

وورد في الرسالة أيضا أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بدؤوا يجيشون دول الصحراء ويمدونها بالمال والدعم اللوجيستي والتدريب لمواجهة الجماعة بعد إعلان انضمامها إلى القاعدة منتصف سبتمبر/أيلول الماضي.

ووردت في الرسالة فقرة قصيرة عن العراق تجاهلت إعدام صدام حسين، وقال دوركدال إنه يريد « تهنئة إخواننا في العراق خاصة، وأمة الإسلام عامة، بهزيمة حلف الشر الصليبي في العراق ».

وتؤكد السلطات الجزائرية أن الجماعة السلفية هي آخر مجموعة مسلحة لا تزال تنشط في الأراضي الجزائرية.

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 6 جانفي 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية)

 


هل دخلت تونس دائرة العنف المسلح؟

 

هذه أول مرة تعترف فيها الحكومة التونسية بوقوع اشتباكات مسلحة عنيفة داخل أرضها. فقد ظل النظام التونسي لمدة طويلة يعلن في خطاباته الرسمية أن تونس محصنة، وأن ذلك يرجع إلى السياسة الحكيمة التي اعتمدها في مواجهة الحركات الأصولية في إشارة منه إلى حركة النهضة المحظورة، وفي الوقت الذي كانت جميع مكونات الطيف السياسي في تونس تطالب النظام السياسي بمصالحة وطنية شاملة، وتكريس ديمقراطية حقيقية، وفسح المجال للأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني بالتعبير عن رأيها والمشاركة في الحكم، وكانت تحذره من عواقب التفرد بالسلطة وقمع المعارضين السياسيين، كان النظام السياسي التونسي وقتها يقدم نفسه كنموذج ناجح في التعامل مع الحركة الأصولية.

 

ويرى متتبعون أن ما يحدث اليوم في تونس هو نتيجة لدرجة الاحتقان السياسي الذي تشهده البلاد بفعل المضايقات وقمع الحريات ومصادرة المعارضة. ويحدث ذلك رغم الإحكام البوليسي للبلاد.

 

فلأول مرة تفيد الوكالة التونسية الرسمية للأنباء أن عددا من الأشخاص وصفتهم بأنهم  »مجرمون خطرون » قتلوا يوم الأربعاء خلال تبادل إطلاق نار مع قوى أمنية كانت تطاردهم جنوب تونس العاصمة. ونقلت الوكالة عن  »مصدر رسمي في وزارة الداخلية والتنمية المحلية » قوله  »مواصلة للأبحاث التي انطلقت إثر تبادل اطلاق نار ليلة 23 ديسمبر بين قوات الأمن الوطني ومجموعة خطيرة من المجرمين تمت الأربعاء في الضاحية الجنوبية للعاصمة مطاردة عناصر متبقية من هذه المجموعة ». وذكر المصدر  »نتج عن المطاردة تبادل لإطلاق النار أدى الى مقتلهم ». يأتي الإعلان عن هذا الخبر في وقت شوهد فيه انتشار استثنائي للقوى الأمنية بمن فيها عناصر من الحرس الوطني وجنود على الطريق السريعة التي تصل تونس بجنوب البلاد.

 

وانتشرت حواجز للشرطة على مداخل كل المدن في البلاد وفي العاصمة تقوم بتفتيش السيارات والركاب، بحسب ما أفادت مصادر متطابقة.

 

وكانت الوكالة قد أفادت في 24 ديسمبر أن شخصين قتلا وجرح شرطيان في تبادل إطلاق نار وقع في ضاحية تونس الجنوبية.

 

وأعلنت وزارة الداخلية التونسية من جانبها أن قوات الأمن قتلت 12 مسلحا واعتقلت 15 آخرين في اشتباكات بالأسلحة النارية بدأت قبل 12 يوما.

 

وبحسب ما ورد في بعض الصحف التونسية المحلية فإن  »المجرمين » هربوا أسلحة إلى تونس، واختبؤوا بمنزل في مدينة حمام الأنف التي تبعد 15 كيلومترا جنوبي العاصمة. ويجهل لحد الساعة الجهات التي تقف وراء هذا الحدث، ففيما تعزو بعض المصادر الإعلامية الأجنبية الحدث إلى بعض العناصر ذات الصلة بجماعات جزائرية مسلحة، ترجح مصادر أخرى أن تونس دخلت بالفعل إلى دوامة العنف. وبحسب بعض المحللين فإن تونس يمكن أن تعرف موجة عنف أكثر وتيرة من بقية دول المنطقة، ويرجع ذلك إلى جو القمع السياسي الذي يفرضه النظام السياسي الحاكم، ومصادرة حق الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني من حريتها في التعبير.

 

(المصدر: صحيفة التجديد المغربية بتاريخ 5 جانفي 2007)

الرابط:

http://www.attajdid.ma/def.asp?codelangue=6&po=2


بلا شماتة: ومن يزرع الشوك يجني الجراح

 

بعد المواجهات الدامية الأخيرة بين « رجال الأمن » التونسي، الذين تفقد الشعور بالأمن لمجرد رؤيتهم وما سمي بـ« عصابة من المجرمين » وقد يكونون أصفياء أتقياء ضاقوا ذرعا بما يحدث في بلاد الزيتونة جاءت هذه الخواطر.

 

 

تطالعنا اليوم من موطنـــــي

بوادر فتنةْ و ضرب ســــلاح

و قتل العشيرةِ لابن العشيرة

و هرْج و مرْج و غادٍ و راحْ

فعضّوا الأنامل عن « نهضة »

تنادي إلى السلم ليل صبــــاح

أذقتم رجالاتها كل ويـــــــل

و قتّلتموهم بحدّ السّـــــلاح

تداعوا لتكوين حزب سياسي

يُنافس سلما لأجل الفـــــلاح

فقلتم جناة و قلتم بغــــــــاة

و كدتم و صلتم بغير صــلاح

قتلتم، سجنتم و لم ترعـــووا

و دستم كرامة قوم مـــــلاح

و لم ترقبوا ذمّةً مؤمـــــــن

و شرّدتم القوم في كل ســـاح

و قلتم بأننا إرهابيــــــون

و أرسلتم السفراء للنبــــاح

و لم ينج عِرض امرئ مؤمن

يعارضكم من فعال قِبـــــاح

و دستم على المُصحف يا طغاة

و مزّقتم الخُمُرَ في البطــاح

زرعتم بويلاتكم نبْت شـــــرّ

فأثمر عنفا كأعتى الريــــاح

ظننتم بأن الأمور استتبـــت

و فاخرتم الكون هذا « النجاح »

فهلّت عليكم كتائب قـــــوم

تسابيحهم و الصلاةْ بالسلاح

أمانيُهم نيل أرواحكـــــــم

أعدّوا لذا العدّةَ و الرّمــــاح

يجيبهمُ كُثَر إن تنـــــــادوا:

« فمن للضحايا يواسي الجراح؟ »

فلا بأس إن رُدّ بأس ببــأس

فهذا نتاج لذاك اللقــــــاح

حذار فتحت الرماد اللــهيب

و من يزرع الشوك يجني الجراح

 

 

العربي القاسمي ـ سويسرا ـ 6 جانفي 2007

 


 

هذيان في ليل غربة

 

قد تراني يا صديقي …

ذات يوم … أمسك الحرف

وأبكي …

قد تراني يا صديقي

ذات وجع … أحمل الموت بين يديّ

وأبحر خلفي …

قد تقول أنّها رقـّة الإحساس

أو لعله ضعفي …

قد تقول لعله حنين لذكرى حب

ظلّفي الشرايين يسري

أو تقول لعله موت حلملم تخمد نيرانه

فباتت بين الضلوعتصبح وتمسي

وجراح العمر … ظلت عبر السنين

تمضي …

***

قد تقول يا صديقي … عمّا يؤرق العقل أفصح

وعن الخليل لا تخفي …

أفصح عمّا يشقي الروح

وبقايا القلب يدمي …

***

يا صديق العمر … ماذا أقول ؟

وماذا سأحكي …؟

قد ضاعت منّي  روحي …

قبل روحي …

فالعمر معنّى … والسنوات

باتت طويلة …

إنّها قصة أرض … قتيلة

إنّها أحزان أرض … يا صديقي

أضنت القلب … والروح

باتت عليلة …

إنّها أوجاع أرض سلبت كرامتها

فامتدّت جراحها بقلبي

فباتت … مع الدم

في الشرايين تسري

***

عندما تولد فيك القصيدة

قبل بدء القصيدة …

عندما تموت قبل موتك

وتبحث عن الموت …

ولا تجد إليه الوسيلة

لا تقل … ضاع العقل منّه

فمضي بين الشوارع يهذي

إنّ أحزانها صارت كالطوفانيمضي

ولم يجد سوى أحزاني

وجرحي …

إنّها قصّة أرض مات فيهاصوت الحقّ

وأخرس فيها الأنين

في الليل … كنت أسمع أنّاتها

فأظلّ الليل أبكي …

فررت من هزائمي … إلى النسيان

حتى لا أحرق بلهيب أنّاتها

ولا يظلّ … سوط صراخها

يتردد على مسمعي …

غير أنّ الجرح … يمتدّ بداخلي

والأوجاع … فيه تسري

عندما مات الأبيّ بها

إلى ضياع العمر … كنت أدفع نفسي

ودفعت في سبيلها … ما كنت أخاله

أجمل أيّام عمري …

غير أنّها كانت أكبر منّي

أكبر من كلّ أحلامي

أكبر من يومي وأمسي

إنّها … فرحة العمر

إنّها ما هانت بداخلي

ولا أعرف كيف تسكن

بين نفسي … ونفسي !!!

إنّها حزني … وحزني … وحزني

إنّها يومي وأمسي وعمري

إنّها روحي المهاجرة في الصبح

إنّها أحلامي الموءودة في الجرح

لذاك تراني دوما … هائما

حزينا … مكلوم الفؤاد

وسأظلّ العمر أبكي …

فلن تبعث روحي

في روحي …

ولن تدب الحياة في رمسي

***

آه يا ليلي الطويل … لماذا ألعنك

فلا تخشى اللعنة … وتشدني إليك

رغم أنفي …

ليتك … يا روحي تبعثين

فيورق غصن الزيتون في حقلي

وتهطل الأمطار في قلبي

فتنعش فيه بعض الأزهار

بعد الجدب …

وتنسى أغصاني … مرارة الانحناء

آه يا الساكنة في عمق أوجاعي …

آه يا الغارقة في بحر آلامي

موتي … أو ابعثيني

من الموت …

ولا تنامي … فتموت بعدك أحلامي

يا تونس … الوجع

يا تونس … الروح

والأحلام …

لماذا تنام العيون

وأنا عنك لا أغفل

وعيوني لا تنام …

نام الجميع … وتلطخت أيديهم

بالدماء … والآثام

أيا عمري قبل عمري

أيا روحي قبل روحي

ابعثيني … أو أقتليني

فأنا عاشق … معنّى

والروح عليلة …

أقتليني … قبل أن تغمضي عينيك

عن الحياة … وتنامي قتيلة

يا تونس الخضراء … أنت الروح

أنت الحبّ … أنت العمر

وأنت أحلى وأغلى قتيلة

أقتليني … وانبعثي كما عهدتك

كالنخلة الوارفة

الأصيلة …

 

فاضل الســالك  » عاشق البحر »

 


نقابة الصحفيين التونسيين

بيان استقالة…

بعد نحو ثلاثة أشهر من الآن، تدرك نقابة الصحفيين التونسيين عامها الثاني منذ إنشائها..

 

ورغم أن هذه المدة قصيرة في عمر المنظمات والجمعيات، فإن نقابتنا الفتية استطاعت خلال هذه الفترة الزمنية، أن تحقق الكثير من المكاسب لعل أهمها، نجاحها في أن تصبح رقما مهما في المشهد الجمعياتي ببلادنا، ولدى الصحفيين التونسيين، سواء المختلفين معها أو المتفقين عليها، أو أولئك الذين نجحت دوائر السلطة في استبعادهم وجعلهم أعداء لها منذ اليوم الأول لنشأتها..

 

صحيح أن النقابة ارتكبت أخطاء عديدة، سواء في أسلوب عملها أو في مواقفها أو في تحالفاتها أو في مستوى تقديرها لبعض الأمور، لكنها لم تكن تتحرك ـ وهذا ليس من باب التبرير ـ بحرية، بل عانت الحصار منذ يوم الإعلان عن تشكيلها، حصار جاء من عديد الأطراف، بل حتى من بعض الصحفيين ذاتهم قبل غيرهم، بحيث منعها ذلك من أداء دورها الذي نذرت نفسها من أجله، وهو الدفاع عن الصحفيين وحقوقهم، والذود عن  » حرمة  » الإعلام الذي لم يشهد تقهقرا مثلما شهده خلال الأعوام العشرة الماضية على الأقل..

 

وبالنتيجة، فشلت النقابة ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ حتى في الاجتماع ولو لمرة واحدة بمنظوريها من الصحفيين المنخرطين ضمنها، كما لم تنجح في أن تكون صوتهم لدى المؤسسات الصحفية، على الرغم من تراكم المشاكل والملفات، وإن بدرجات مختلفة صلب هذه المؤسسات…  

ورغم أنها نجحت في تشكيل شبكة علاقات عربية ودولية مع منظمات وجمعيات وشبكات معنية بالإعلام والصحافة، في وقت قياسي للغاية، كما كانت حاضرة بمصداقية مواقفها واستقلاليتها، في جميع التطورات التي عرفتها الساحة الإعلامية المحلية والعربية والدولية، عبر البيانات التي كانت بمثابة خيط الربط بينها وبين الساحة الصحفية في بلادنا وخارجها، فإن النقابة، تقف اليوم في مفترق طرق خطير للغاية، في تقديرنا ..

 

فهي تتهيأ ـ من ناحية ـ لكي تصبح جزءا من هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو السقف الذي رفضته النقابة في وقت سابق، على اعتبار أنه ليس السقف الذي يمكّن الصحفيين من حقوقهم أو الدفاع عنها، خصوصا في ضوء وجود نقابة للإعلام صلب اتحاد الشغل، لم تفعل شيئا للصحفيين، ولم تغير شيئا من معادلة الإعلام والمؤسسات الصحفية في علاقة بالسلطة..  

لقد طرح علينا الانخراط صلب اتحاد الشغل منذ بداية التأسيس، لكننا رفضنا ذلك ليقيننا بأن العملية لا تعدو أن تكون مجرد احتواء لهذه المنظمة، التي لم يقدر الاتحاد على بعثها بالرغم من كونها مطلب الحركة النقابية على عهد الزعيم فرحات حشاد، الذي رفع شعار  » نقابة للصحفيين التونسيين « ، وهو الشعار الذي استبطناه عند التأسيس.. ولذلك فإن العودة إلى سيناريو  » الانخراط في المنظمة الشغيلة « ، ( رغم الاحترام الذي نكنه لاتحاد الشغل )، هو خطوة إلى الخلف في تقديرنا،  لأنها ستمس من استقلالية النقابة، وستحيل المكاسب التي راكمتها النقابة منذ نحو العامين، إلى المجهول، بل إنها ستعيد النقابة إلى نقطة الصفر .. 

 

بالإضافة إلى ذلك، وقعت النقابة في مطب خطير، وهو التجاذب السياسي والحزبي الذي غلب على ممارسة بعض أعضائها، الذين حرص البعض منهم على ربطها ببعض الأجندات السياسية، فيما عمل البعض الآخر على ارتهانها لأغراض ظاهرها نقابي، وباطنها حزبي ضيق، كنا نظن أن أصحابها قد ولوا وانقضوا بمجرد انهيار الاتحاد السوفيتي، وانتهاء الفكر الانتهازي والشوفيني بلا رجعة، فيما يستمر البعض الآخر في لعب دور  » النعجة الذكية  » أمام ما يفتقدونه من رصيد صحفي في الساحة، وفقر بيّن من حيث الإطلاع والمعرفة، بل حتى الحد الأدنى من الأخلاق الضرورية في علاقاتهم وأسلوب تعاملهم مع الزملاء الصحفيين…

 

وانزلقت النقابة من جهة أخرى، في ممارسات كنت شخصيا نبهت إليها في الإبّان صلب النقابة بالذات، مثل إصدار بيانات من دون علم أعضاء النقابة، أو سفر البعض باسم النقابة دون علم البعض الآخر، أو القيام باتصالات باسم النقابة والنقابة منها براء، أو محاولة تكريس الأمر الواقع أمام بقية الأعضاء، أو بلورة مواقف في مقاهي صلب العاصمة، سيما وأن أحد الأعضاء كان في حل من كل الالتزامات المهنية المعروفة بالنسبة للصحفي، أي صحفي..

 

ولأن مشروع النقابة كان الأهم بالنسبة إلينا، وليس الخلافات على موقع أو موقف، واعتبارا لكون النقابة كانت تعاني الضغوط من هنا وهناك، وحوصر رئيسها وتمت ملاحقته أمنيا باسم النقابة، فقد أجلت لمرات عديدة تقديم هذه الاستقالة، والزميل لطفي حجي على علم بذلك، بل إنه هو الذي طلب في مناسبات مختلفة تأجيل هذا الموقف، خشية منه على انقسامها أو تشتتها، في ضوء رغبة البعض من أفرادها، المضي بها باتجاه التشتت والتقسيم و » الانقلاب  » عليها بشكل غير أخلاقي، للاستحواذ عليها والفوز برئاستها، وهي ممارسات رفضها الصحفيون المنخرطون فيها بشكل سريع، وتم الالتفاف على النقابة في التوقيت المناسب ..

 

ليس معنى هذا الانخراط في جوقة النقد السلبي للنقابة، لأن مسار هذه المنظمة يتحمل مسئوليتها جميع أعضائها، ومنهم كاتب هذه السطور..

 

لكن الإصرار على الخطإ، كفيل بتكراره والاستمرار فيه، إضافة إلى أن حرص البعض على إلحاقها باتحاد الشغل، عبر مناورة خسيسة من وراء أعضاء النقابة ومنخرطيها، أمر لم يعد يحتمل السكوت أو الصمت عنه..

 

لكل هذه الاعتبارات وغيرها، من الأسباب التي لا طائل من ورائها في الوقت الراهن، وبالنظر إلى جهود بعض الزملاء في النقابة ممن قدموا الكثير لهذه المنظمة، وحفاظا على عوامل عديدة مختلفة ليس الآن وقت الإفصاح عنها… أعلن عن استقالتي من عضوية الهيئة التأسيسية لنقابة الصحفيين التونسيين، بشكل رسمي، مع الإبقاء على صفتي كمنخرط في هذه النقابة التي تعد حلم أجيال من الصحفيين ..

 

صالح عطية

أحد مؤسسي النقابة وأمين مالها        تونس في 6 جانفي 2007


ملاحظات حول تغطية الإعلام بتونس لمحاكمة صدّام

أن تقوم بعض الصحف غير المستقلة والتي لا تقوم بأي نقد لأداء الحكومة وبأسلوب خبيث وببراعة في التمويه والخداع على إثارة مشاعر العداء والكراهية ضد أمريكا والحرية. ودون عقاب على هذا الفعل الإرهابي والإجرامي وفقا لما جاء في الفصل 52 مكرر من القانون الجنائي التونسي الأمر الذي يؤكد ما ذهبت إليه تقارير منظمة العفو الدولية من أن تطبيق القانون كان في خدمة المصالح الحزبية. ونريد أن نفهم لماذا فقط تمت محاسبة النقابي أحمد الكحلاوي الذي تورط في جريمة التحريض على الكراهية ؟ وعدم العفو على المحامي محمد عبو سجين الراي بعد صدور قرار من اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة حول الشكوى الفردية التي قدّمت؟
وكل هذا مسألة لكن أن يصدر موقف عن وزارة الخارجية مع حملة إعلامية تتناقض وما جاء في الالتزامات الدولية والأسس والمبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية المعتدلة لتونس خاصة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الشقيقة والتي من أجل صيانتها وقع استدعاء سفيرنا من قطر بعد بثّ قناة الجزيرة تصريح لمعارض سياسي تونسي. ولأن هذه الثقافة السياسية التي تروّج لها وسائل الإعلام هي عامل لنمو التطرف والإرهاب وتساهم في زيادة عدد المورّطين من الشباب في قضايا تتعلّق بمخالفة أحكام قانون مكافحة الإرهاب. فالأمر لم يعد فقط مشكل « جهل » الصحافيين وإنما هو السيّاسة الإعلامية التي تهدف الإبقاء على سيطرة الحزب الحاكم وتبرير أسلوب المعالجة الأمنيّة في التعامل مع الخصوم السياسيين.
لذا من الواجب اليوم التصدي لهذا الانحراف عن وظيفة الإعلام الذي عليه العمل وفقا للدستور وللمبادئ الدولية الهادفة مكافحة الدعاية للحرب والتحريض على الكراهية والعنصرية والمساهمة في إرساء التفاهم الدولي وتحرير المواطن من الخوف ونشر ثقافة السلام وحقوق الإنسان الكونية والترويج للديمقراطية ومكافحة الفساد والرشوة والتمييز بكل أشكاله.
تنفيذ حكم الإعدام على صدام يوم العيد يثير المشاعر لكن على الحكومة الالتزام بالقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها. وبالتالي عليها القيام بالإجراءات الضرورية لتنمية العقل لدى المواطن ومصارحة الرأي العام بالحقائق.
وهذا بالطبع لا يلغي تحمّل أي مواطن وخاصة السياسيين من مكونات المعارضة الوطنية المسؤولية بصفة فردية وعليهم الابتعاد على إعادة ما هو سائد في الثقافة السياسيّة الملوّثة بغوغاء الإيديولوجيات المهزومة وأفكار الفاشلين. نعم لكم حرية التعبير بمقتضى القانون الوطني والدولي وشخصيا كمدافع عن حقوق الإنسان أعمل على صيانة هذا الحق من أي انتهاك من أي كان لكن ليس بالبكاء على واحد مثل صدام تتحصلون على الاعتراف بأنكم الأجدر على تحمّل مسؤولية قيادة تونس.
تنفيذ حكم الإعدام كان على مجرم ورئيس سابق ومثل أي مجرم يطبّق عليه القانون. بعد أن أصبح الحكم القضائي نهائي. الديكتاتور صدام وصل مع حزب البعث إلى الحكم بانقلاب عسكري بقيادة أحمد حسين البكر في 17 جويلية 1968. حكم البلاد من تحت الستار بعد نجاحه في فتح السبيل للقيام بمفاوضات عسكرية مع الروس بعد زيارته إلى الإتحاد السوفياتي في 1970 وانتهت في ديسمبر1971 بقدوم الماريشال غريشكو لبغداد وتوقيع اتفاق المساعدة العسكرية للعراق. وبعد أن استقبل كبطل في موسكو سنة 1972. تحدث البيان الختامي للزيارة عن حلف استراتيجي والذي نشر بالصحيفة الروسية الشهيرة « البرافدا » بتاريخ 18 مارس 1972. وبعد الاستقالة المفاجئة للرئيس بدأت رئاسة صدام للعراق ومسلسل القتل والتصفية الجسدية للخصوم السياسيين. قام باضطهاد المعارضة العراقية من الشيعة والأكراد والحركات الإسلامية والشيوعية وكذلك من بعض عناصر حزب البعث التي تختلف معه. قام بحرب ضد إيران وقام بغزو الكويت ثم قمع انتفاضة الشيعة والأكراد واستعمل السلاح الكيمياوي ضد شعبه. صدام رفض الخروج من الحكم وأراد أن يكون ثمن إزاحته من السلطة الموت للعراقيين على يد الإرهابيين الذين فتح لهم العراق لتدميره بدعوى التصدي للاحتلال الأمريكي الذي جاء للعراق كنتيجة لسياسة صدام الإجرامية ضد شعبة ودول الجوار. الرئيس السابق المجرم صدام ليس أول مسؤول سياسي الذي تتم محاكمته على الجرائم التي قام بها. فقد تم إلقاء القبض على الجنرال بيونشي الرئيس السابق للشيلي وعلى الرئيس التشادي السابق علي حسين هبري.
وبعد إحداث المحكمة الجزائية الدولية بيوغسلافيا والتدخل العسكري بكسوفو لحماية المسلمين من جرائم الصرب في 24 مارس 1999 وبقيادة أمريكا. تمت بعد ذلك محاكمة الرئيس ميلوزفيتش. لأنه وبعد سقوط جدار برلين لا يمكن لأي رئيس أو مسؤول سياسي أو عسكري أو أمني أي كان الإفلات من العقاب على الجرائم التي يقوم بها وانتهاك حقوق الإنسان والتهرب من المسؤولية باسم السيادة الوطنية. وفي النظام العالمي الجديد – الذي يتشكل الآن بالنضال التاريخي من أجل النصر في الحرب على الإرهاب في مختلف جبهات القتال وميادين المعارك من القوات المتعدّدة الجنسيات بقيادة أمريكا  – لا فرق بين مواطن أو رئيس أمام القانون. مات صدام وبقي العراق وشعب العراق الذي يريد الحياة والتنمية وينبذ التسلّح والحرب والإرهاب.
العراقيين – إلا أعداء العراق الحرّ وقبيلة صدام – مؤمنون بأن الطريق لخروج الإحتلال وعودة السيادة للعراقيين هو النصر على الإرهاب وكسب معركة الاستقرار. وعلى المواطنين السنة في العراق الانخراط في العملية السياسية وإعادة إعمار العراق إذا أرادوا عدم إنفراد الشيعة والأكراد بحكم العراق. واستغلال وجود القوات المتعددة الجنسيات لتثبيت حقوقهم ومصالحهم. وعلى الدبلوماسية التونسية وبالتعاون مع الجامعة العربية ومصر والمملكة العربية السعودية التحرك في هذا الاتجاه الذي هو في انسجام مع وعد الرئيس زين العابدين بن علي بأن تقوم تونس بدور طلائعي في تكريس الأمن والإصلاح في هذا الجزء من العالم أثناء استقباله في البيت الأبيض من الرئيس الأمريكي ومع ما جاء في وعود رؤساء وملوك الدول العربية في القمة العربية الأمريكية في شرم الشيخ سنة 2003. صدام كان من الطغاة ولم يكن من الذين الرئاسة عندهم وظيفة ومسؤولية ووسيلة للعمل الصالح وخدمة الشعب. بل استغل حكمه للعراق للتسلّح والقتل والنهب وتكديس خيرات العراق في تكريت مسقط رأسه. وقام بتعيين أهله في المناصب العليا بدون مساءلة وطنية. ولم يدرك بعد انهيار الإتحاد السوفياتي أن العالم يتغير فكان مصيره حبل المشنقة.
محاكمة صدام دليل آخر على التزام واشنطن بنشر الديمقراطية والسلام ومكافحة التسلح والإرهاب والاستبداد. وتزامن تنفيذ حكم الإعدام مع يوم العيد هو شأن عراقي داخلي وأين هي الدموع حين كان صدام يقتل الأبرياء وضحاياه؟ والدرس من تجربة صدام هو أنه وكما جاء في خطاب المصلح كمال أتاتورك بأزمير في 1923 في حديثه على الذين يصلون إلى الحكم بانقلاب عسكري : »من أن أولئك الذين ينتصرون بالسيف يلقون الهزيمة حتما على يد من أخضعوهم بالخديعة ويتركون لهم أماكنهم في النهاية ».. وإن أقْوم المسالك لحماية والمحافظة على الاستقلال هو العمل على تكريس الديمقراطية وحقوق الإنسان الكونية والتنمية الاقتصادية والسلام الدائم.
وعليه نطالب بمراجعة مجلة الصحافة قصد تعديل ما فيها من أحكام وفقا للمبادئ التي جاءت في الإعلان العالمي المتعلق بالمبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة في 28 نوفمبر 1978. وأهداف الألفية للأمم المتحدة ومبادئ وأهداف قمّة برشلونة 2005 والدستور التونسي. وفتح حوار وطني بمشاركة كل الأطراف التونسية والجهات الدولية المانحة والمنظمات الدولية والإتحاد الأوروبي لوضع إستراتيجية عمل مستقبلية للنهوض بالإعلام بتونس. الإمضـاء عـدنـان الحسنـاوي


تفاصيل محضر اللقاء بين رامسفيلد وصدام حسين في سجن المطار

واشنطن تعرض على صدام الظهور تليفزيونيا لوقف المقاومة مقابل الإفراج عنه

محضر الحوار بين صدام ورامسفيلد من مصادر أمريكية موثوقة، وهذا هو نص المحضر:  

في بداية الحديث كان الرئيس صدام يبدو هادئاً للغاية، ربما يكون قد فوجئ بأن ضيفه هو رامسفيلد، إلا أنه لم يبد عليه أي توتر عصبي، بدأ رامسفيلد الحديث بالقول:

§          رامسفيلد: لقد جئت للقائك لأتفاوض معك حول الموقف في العراق، لقد أجرينا اتصالات مع بعض أنصارك داخل وخارج العراق، وقد نصحونا بأن نستمع إليك.

صدام حسين: وماذا تريدون؟ لقد احتلت قواتكم أرض العراق الأبي، وأسقطتم نظام الحكم دون سند من شرعية واعتديتم علي سيادة بلد حر مستقل ذي سيادة، وارتكبتم جرائم سيسجلها التاريخ ليكون شاهداً على حضارتكم المخضبة بالدماء، فماذا تريدون بعد كل ذلك.

§          رامسفيلد (يحاول أن يكتم غيظه): لا داعي للخوض في الماضي لقد جئت خصيصاً لأعرض عليك عرضاً واضحاً ومحدداً، وأريد أن أسمع منك إجابة واضحة ومحددة.

صدام حسين (ساخراً): أظنك جئت للاعتذار وإعادة السلطة للعراقيين. ­

§          رامسفيلد: ليس هناك ما نعتذر عنه، لقد شكلت خطراً على جيرانك وسعيت لامتلاك أسلحة دمار شامل ومارست الديكتاتورية على شعبك وكان طبيعياً أن نمد أيدينا لشعب العراق لنخلصه من المخاطر التي واجهته على مدي أكثر من ثلاثة عقود.

صدام حسين: أعرف أنك جاهل بالتاريخ، وأعرف أن رئيسك لا يقل جهلاً، ولكن يبدو أنكم ظللتم تكذبون حتى صدقتم أنفسكم، إذا كنت تقصد بجيراننا الكيان الصهيوني فنحن فعلاً كنا نشكل خطراً ونعد العدة لتحرير أرضنا المغتصبة في فلسطين، وهذه أمنية كل إنسان عربي وليس عراقي فهذه الأرض عربية وشعبها عربي والصهاينة هم الذين احتلوا الأرض وجاءوا إلينا من كل أنحاء العالم بمساندتكم أنتم وقوى الاستعمار القديم أما إذا كنت تقصد الكويت، فأريد أن أسألك: هل انسحبتم من الكويت أم لا؟

§          رامسفيلد: هذه قضايا أمنية، ثم إنه بيننا وبين الكويت ودول الخليج الأخري اتفاقات أمنية.. لقد جئنا بناء على طلب منهم، لحمايتهم من تهديداتك.

صدام حسين: أليس مضحكاً أن يؤتمن الذئب على الخراف، إن شعب الكويت شعب عربي، والكويت هي أرض عراقية، ولذلك أدعوك أن تقرأ التاريخ جيداً، وإن كنت علي ثقة أنك لن تستوعبه.

§                              رامسفيلد: دعك من هذا الهراء، أنا أعرض عليك

صدام حسين (مقاطعاً): قبل أن تعرض عليٌ بضاعتك الفاسدة أنا أسألك: هل وجدتم أسلحة الدمار الشامل في العراق أم لا؟

§          رامسفيلد (مرتبكاً): لم نعثر عليها حتى الآن، لكن حتماً سنعثر عليها في يوم ما، هل تنكر أنه كانت لديك نوايا لصناعة قنبلة نووية؟

صدام حسين: لم تكن لدينا أسلحة دمار شامل منذ عام 1991 لقد كنا صادقين ونحن نتحدث مع بعثة التفتيش الدولية، وكنا صادقين في رسائلنا إلي كوفي عنان، وكنتم تعرفون هذه الحقائق، لكنكم كنتم تبحثون عن أية ذرائع كاذبة لاحتلال العراق وإسقاط سلطته الشرعية.

§          رامسفيلد: لقد استقبلنا العراقيون بسعادة بالغة ورحبوا بنا، وكان السبب هو ممارسات نظامك الدموي على مدى كل هذه السنوات التي حكمت فيها العراق.

صدام حسين: أرجوك يا سيد رامسفيلد.. كفاك كذباً، فأنتم الذين فجرتم شلالات الدماء على أرض العراق، لقد تآمرتم علينا وجئتم ببعض الخونة ليحتلوا السلطة على أرض العراق العظيم.

§          رامسفيلد: من تسميهم خونة اختارهم الشعب العراقي كقادة له بطريقة ديمقراطية وانتخابات نزيهة لم تحدث في ظل حكمكم للبلاد.

صدام حسين: لقد عرفت أنكم جئتم بجوقة الخونة وفي مقدمتهم الطالباني، (ضحك ساخراً)، العراق العظيم يحكمه الطالباني والجعفري، ألا يدعو ذلك للسخرية؟!.. ثم عن أي انتخابات تتحدث.. هل يجوز أن تجري انتخابات حرة كما تقول في ظل احتلالكم لبلدنا؟ يا سيد رامسفيلد لقد تعلمنا من التاريخ أن المحتل لن يأتي إلا بأعوانه وعملائه، ثم تريد بعد كل ذلك أن تقنعني بأن شعب العراق يتمتع بالحرية والديمقراطية، إنك حقا تهذي.

§          رامسفيلد (يكتم غيظه بشدة): أنت معزول ولا تعرف حقائق ما يجري في الخارج، إن الشعب العراقي تحرر من ظلمك، ولو رأوك أنت أو أيا من رجالك في الشارع لفتكوا بك..!!

صدام حسين: وأنا أراهنك إذا استطعت أن تعلن عن مكان تواجدك في العراق، لو علمت المقاومة العراقية بمكانك لما استطعت أن تخرج حياً، إنني أريد أن أسدي نصيحة إلى رئيسك « الغبي »، عليك أن تبلغها له وهي أن ينقذ ما تبقي من جنوده، إن الموت يحاصرهم من كل مكان، والتاريخ لن يرحمه.

§          رامسفيلد: لقد جئت للحديث معك حول عمليات « الإرهاب » التي يحرض عليها رجالك وينفذونها.. لقد قام رجالك مؤخراً بعملية دنيئة استهدفت سجن أبو غريب، حيث أصابوا وقتلوا أكثر من خمسين أمريكياً، كما أنهم قتلوا عددا من المقبوض عليهم بتهم مختلفة، إن رجالك يستعينون بالإرهابيين من كل أنحاء العالم وهم يهددون التجربة الديمقراطية في العراق,

صدام حسين: وما هو المطلوب بالضبط؟.

§          رامسفيلد: أنا أعرض عليك عرضاً واحداً وهو أن يفرج عنك وتختار لنفسك منفىً اختيارياً في أي بلد تشاء بشرط أن تظهر على شاشة التلفزيون لتعلن إدانة الإرهاب وتطالب رجالك بالكف عن هذه الممارسات.

صدام حسين: وهل حصلت على موافقة رئيسك على هذا العرض؟

§          رامسفيلد: نعم هذا العرض تم الاتفاق عليه في جلسة شارك فيها الرئيس ونائبه ووزيرة الخارجية ورئيس جهاز الاستخبارات، وقد كلفت بإبلاغك بهذا العرض.

صدام حسين: إنه ثمن بخس.

§          رامسفيلد (بلهفة): مستعدون أيضاً لإشراك عناصر مقربة منك في الحكم.  

صدام حسين: وماذا أيضاً؟­

§                              رامسفيلد: سنقدم لك إعانة مالية محترمة وسوف يحفظ أمنك وأمن أسرتك في البلد الذي ستختاره.

صدام حسين: هل تريد أن تسمع شروطي؟. ­

§                              رامسفيلد: يا حبذا.

صدام حسين (بلغة فيها كثير من الغرور والتعالي): أنا أريد أولاً منك أن تحدد لي جدولاً زمنياً للانسحاب من العراق، وأن تلتزم به حكومتكم أمام العالم، وأن تبدأوا عملية الانسحاب علي الفور.

وأنا أطلب ثانياً.. الإفراج فوراً عن كافة المعتقلين العراقيين والعرب في السجون التي أقمتموها أو تلك التي قيدتم فيها حرية عشرات الألوف من شرفاء العراق.

وأطلب ثالثاً منكم.. التعهد بتقديم التعويضات الكاملة عن الخسائر المادية التي لحقت بالشعب العراقي من جراء عدوانكم على بلدنا منذ أم المعارك في عام 1991 وحتى اليوم، وأنا أقبل بالاستعانة بلجنة دولية وعربية لتقدير هذه الخسائر.

وأطلب رابعاً.. أن تردوا الأموال التي نهبها رجالكم من خزائن العراق ونفطه خاصة هذا المجرم بريمر وأزلامه من الخونة والمارقين.

وأطلب خامساً.. إعادة الآثار التي سرقتموها وسلمتوها لمافيا الآثار، فهذه كنوز لا تقدر بمال الدنيا، لأنها تحمل تاريخ العراق وحضارته صحيح أنكم لا تملكون حضارة ولا تاريخاً وأن عمر بلدكم لا يتجاوز بضع مئات من السنين، ولكن كل ذلك لا يجب أن يبرر سرقاتكم وحقدكم على حضارة العراق وثروة العراق.

وأطلب سادساً.. أن تسلموني أسلحة الدمار الشامل إذا كنتم قد عثرتم عليها وأن تعيدوا إلينا حياة كل الشهداء الذين أزهقت أرواحهم، وأن تردوا شرف الماجدات العراقيات الذي سلبتموه.

§                              رامسفيلد: هل هذا نوع من السخرية؟

صدام حسين: لا، بل هذه هي الحقيقة المرة، التي تعرفونها.. يا سيد رامسفيلد أنتم ارتكبتم أكبر جريمة في التاريخ ضد بلد عربي مسالم.. لقد التقينا سوياً في الثمانينيات، هل تذكر عروضك؟

§          رامسفيلد: دعنا من الماضي، نحن بصدد إعادة تقييم مواقفنا منكم ومن العديد من القوى التي ناصبتنا العداء في الماضي، نحن قررنا أن نتحاور مع الإسلاميين المعتدلين، وليس لدينا مانع في وصولهم للسلطة عبر صندوق الانتخاب بل الأهم من ذلك أننا قررنا أن نفتح قنوات للحوار مع منظمات « إرهابية » مثل حماس والجهاد وحزب الله الموالي لإيران، وأيضاً منظمات أصولية أخرى في العالم كله، بل حتى لدينا مشروع للاتصال بحركة طالبان في أفغانستان لدراسة مشاركتها في السلطة مقابل التخلي عن السلاح.

صدام حسين: إذن بدأتم تعيدون التفكير في نهجكم الخاطئ؟

§          رامسفيلد: إنه التطور الطبيعي للأمور، نحن نسعى إلى نشر الديمقراطية في كافة البلدان والحركات الخاضعة للاستبداد.

صدام حسين: أفلحتم إن صدقتم، أنا أعرف حقيقة أهدافكم، وإذا كنتم صادقين حقاً فعليكم أن تبدأوا فوراً أنتم وحلفاؤكم الانسحاب من العراق، وعليكم أيضاً أن تراجعوا موقفكم الداعم لإسرائيل. إنني أعرف أن رئيسك عنيد ومكابر وليس صادقاً.

§                              رامسفيلد: إنه رئيس ديمقراطي منتخب، وليس حاكماً دموياً مثلك.

صدام حسين: الإرهاب صناعتكم والكذب أسلوبكم. ­

§          رامسفيلد: إن هذا العرض هو فرصة تاريخية لكم، سنفرج عنك وسنتشاور معك في كل ما يخص شئون الحكم في العراق، إذا رفضت هذا العرض فالفرصة لن تعوض.

صدام حسين : أنا لا أبحث عن الفرص، ولا أبحث عن طريق لإنقاذ رقبتي من حبل المشنقة التي نصبتموها للعراق كله، لو أردت ذلك لقبلت بالعرض الروسي وأنقذت ولديٌ وحفيدي من الشهادة، أنا لا أعرف ما هو مصير أسرتي وبناتي وأحفادي، ولكن ثق أنني مهتم بكل مواطن عراقي وبمستقبل العراق العظيم أكثر من اهتمامي بنفسي وأسرتي.

لقد سبق أن عرضتم عليٌ قبل ذلك عن طريق رجالكم أن أقرٌ بأن أسلحة الدمار الشامل هربت إلي سوريا وقلتم إن الثمن هو الافراج عني، فرفضت وها انذا أكرر الرفض مرة أخرى.

§          رامسفيلد: أنا لا أريد منك رفضاً، أنا أريد منك التفكير، نحن نعاود تقييم مواقفنا في الوقت الراهن، نحن نريد وقف الدماء التي تتدفق من كلا الجانبين، ولذلك يأتي عرضنا من منطق القوة وليس من منطق الضعف.

لقد طلبنا من جلال الطالباني أن يدلي بتصريح ينفي فيه أية نوايا لإعدامكم كبادرة حسن نوايا منا، ونحن لدينا استعداد لمراجعة موقفنا كاملاً من العملية السياسية في العراق بأكملها وأن نتحاور معك ومع رجالك في هذا الأمر.

صدام حسين : هل أنتم مستعدون للانسحاب أم لا؟

§          رامسفيلد: يمكن أن نبحث إعادة الانتشار، إن قواتنا أعدت قواعد للبقاء فترة طويلة يمكن أن ننسحب من الشوارع والمدن ولكن سنبقى في القواعد لفترة من الوقت.

صدام حسين : إذن أنتم تريدون عميلاً جديداً يضاف إلى هذا الطابور من العملاء، لا يا سيد رامسفيلد.. لا تنس أنك تتحدث مع صدام حسين رئيس دولة العراق.

§                              رامسفيلد: لكنك خسرت السلطة.

صدام حسين : لم يبق لي سوي الشرف، والشرف لا يباع ولا يشتري.

§                              رامسفيلد: لكن الحياة لها قيمة لا تقدر.

صدام حسين : لا قيمة للحياة بدون الكرامة، وأنتم سلبتم العراق كرامته عندما دنستم أرضه وسوف نسترد كرامتنا سواء بقي صدام حسين أو استشهد.

§          رامسفيلد: إن أنصارك الذين تحاورنا معهم قالوا لنا إنك صاحب القرار الأول والأخير، هل كانوا يتوقعون رد فعلك؟

صدام حسين : بالقطع هم يعرفون أن صدام حسين لا يستطيع أن يتراجع على حساب وطنه وكرامته.

§                              رامسفيلد: التاريخ سيحملك مسئولية الدماء التي تسال في العراق.

صدام حسين : بل التاريخ سيحاكمكم على جرائمكم.. لقد حذرتكم من قبل وقلت لكم ستنتحرون على أسوار بغداد، وها أنتم تدفعون الثمن، أرجوك أن تذهب إلى لندن وتقرأ سجلات وزارة الخارجية البريطانية لتعرف بعضاً من ملامح كفاح الشعب العراقي في مواجهة أصدقائكم البريطانيين الذين تكررون أخطاءهم وتشركونهم معكم.. الشعب العراقي شعب عنيد ولا يخاف الموت.. والمقاومة أقوى مما تتصورون ولذلك أبشركم بالمزيد.

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

16 février 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2096 du 16.02.2006  archives : www.tunisnews.net AFP: Un groupe parlementaire US

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.