السبت، 24 ديسمبر 2005

 Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2042 du 24.12.2005

 archives : www.tunisnews.net


كلمة: لقاء بين زكرياّ بن مصطفى وبعض عائلات ضحايا قانون الإرهاب  يو بي أي: احتفال التونسيين باعياد الميلاد..التقليد والبحث عن فسحة أمـل الصباح:المصادقة على إلغاء الإيداع القانوني للنشريات الصحفيــة الصباح: الوزير: خطة إصلاحية واسعة للمشهد الإعلامي الشروق: إلغاء الايداع خطوة ايجابية ونطالب بمبادرات جديدة أقلام أون لاين: حوار مع البروفيسور المنصف بن سالم أقلام أون لاين:الإعلان عن تشكيل هيئة سياسية تنسيقية تجمع مختلف قوى المعارضة في البلاد سراج هادي: هديّة بن علي لمجتمع المعلومات: قانون لقمع الصحافة الالكترونيّة عبدالحميد العدّاسي: وقفة مع بعض مناسك الحجّ طالب علم: أحاديث الإفراد: رسالة إلى الأخ الماجري أبو البراء المهاجر: دعوة إلى رفض التعصب الحزبي والتنديد به (1 من 2) طارق الشامخي:  من فقه المسألة الجِرويّة والتعصّب والكره.. ومسائل أخرى! ادرار نفوسه: انتحر يا معمر »هدية رأس السنة » الدكتور الضاوي خوالدية: القمة الاسلامية: بدل ان يكحلها عماها! رويترز: أمريكا تُـوبّـخُ مصر بشدة وتحثها على إطلاق سراح أيمن نور رويترز: مرشد الاخوان المسلمين في مصر يقول انه لم ينكر محرقة النازي لليهود


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
 
 

لقاء بين زكرياّ بن مصطفى وبعض عائلات ضحايا قانون الإرهاب

سامي نصر

 

التقى صبيحة يوم الثلاثاء 20 ديسمبر 2005 رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة زكريا بن مصطفى بعض عائلات ضحايا قانون الإرهاب. وعلى الرغم من أن هذه العائلات لا تندرج بشكل مباشر ضمن قائمة مكوّنات المجتمع المدني إلاّ أنّنا اعتبرناها جزءا من المهام الموكولة للسيد زكريا بن مصطفى والمتمثلة في فتح الحوار مع مختلف مكوّنات المجتمع المدني، خاصة وأنّ قضية العفو التشريعي العام وإطلاق سراح المساجين « السياسيين » بما فيهم ضحايا قانون الإرهاب من بين أهم مطالب المجتمع المدني…

 

أمّا من وجهة نظر هذه العائلات فإنّ هذا اللقاء يمثّل حلقة تضاف لبقيّة الحلقات اليوميّة التي يقومون بها لمؤازرة أبنائهم، أو كما عبّر السيد أحمد الغزواني والد السجين غيث الغزواني « … أنا مستعدّ لكي أعلّق أملي حتى ولو كان خرم صغير في باب من الأبواب، ولن أتركه ما دام هناك أمل في الإضاءة على مصير ابني الوحيد ».

 

فما هي انتظار العائلات من لقائهم برئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة؟ وكيف كانت انطباعاتهم بعد مغادرتهم مكتبه؟؟؟

 

للإجابة على هذين السؤالين التقينا بالسيد أحمد الغزواني والسيدة زينب الشبلي والدة السجين خالد العرفاوي لإجراء حوار معهما بخصوص هذا اللقاء.

 

 

السيدة زينب الشبلي:

  « جيت نشكيلو همّي قريب لنزيد انورطّ ابني أكثر مما هو فيه »،

                             

« جيت نشكيلو ولاّ يحقّق معايا » …

 

بهذه العبارات بدأت السيدة زينب حديثها مع أنّها عندما اتصلت بنا لتخبرنا عن موعد لقائها بالسيد زكريا بن مصطفى كان الأمر مختلفا، فلقاء والدة سجين برئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة يعني الكثير بالنسبة لها وبالنسبة لكل عائلات المساجين… فلا أستغرب قدومها مبّكرا للعاصمة وعدم القدرة على انتظار بعض الأولياء الذين كان من المفترض أن تنظره ويذهبا سويّا. وخوفها من نسيان ما توصيات بقيّة العائلة لها خيّرت هذه الأم كتابة رسالة مطوّلة للسيد زكريّا، وكلّها شوقا لما ستجنيه من هذا اللقاء من مكاسب لإبنها، ولكن تأت الرياح بما لا تشتهيه السفن.

 

فبعد أن قدّمت نفسها وقالت أن بلادنا بخير ولا يوجد بها إرهاب ولا إرهابيين قاطعها زكريّا بقوله « إنّك لا تعرفين شيئا فلو لم يقم الأمن بمثل هذه الأشياء لخرّبت البلاد بالأعمال الإرهابيّة » … وعندما شرحت وضعية ابنها وظروف اعتقاله وشرحت له كل وسائل التعذيب التي تعرّض لها لنزع الاعتراف منه وإجباره على التوقيع على محضر البحث لم يجبها بكلمة واحدة، أمّا عندما تحدّثت عن ظروف إقامته داخل السجن المدني بتونس وقيام ابنها بإضراب الجوع قاطعها ثانية ليقول لها: ابنك قام بهذا الإضراب أثناء انعقاد القمّة العالميّة لمجتمع المعلومات ليشوّه صورة تونس وليساند « الخوانجيّة » وهذا وحده دليل على أن الأمن لم يظلمه وأنّه ليس بريء كما تقولين…

 

لم تجد هذه الأم ما ستقوله للسيد زكريّا بن مصطفى بعد هذا المقاطعات بل قالت لنا « جيت نشكيلو همّي قريب لنزيد انورطّ ابني أكثر مما هو فيه ».

 

أحمد الغزواني: « … أنا مستعدّ لكي أعلّق أملي حتى ولو كان خرم صغير في باب من الأبواب، ولن أتركه ما دام هناك أمل في الإضاءة على مصير ابني الوحيد ».

 

لهذه العبارة أكثر من دلالة لأب فقد ابنه الوحيد وأصبح متفرّغا كلّيا لمناصرة ابنه والاتصال المكثّف لكل المنظمات الحقوقيّة ومكاتب المحامون. فإذا كانت السيدة زينب قد أصيبت بالإحباط بعد زيارتها الأخير لمكتب رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة فإنّ السيد الغزواني رأى في زيارته الكثير من المكاسب إذ قال يكف أنّني « تحدّثت وفرّغت قلبي ولعلّ ما قلته يجد صدى في يوم من الأيّام ».

 

ومن بين أهم ما ذكره والد هذا السجين هو أنّ عدم تجاوب الوزارة معه جعله يطرق كل أبواب المنظمات الحقوقيّة بما فيها المجلس الوطني للحريات بتونس (هذه المنظمة الحقوقيّة الغير معترف بها منذ 1998).

 

كما أكّد السيد الغزواني للسيد زكريّا بن مصطفى أنّ محارب الأفكار الإرهابيّة والميولات المتطرّفة لا تحتاج بالضرورة للحل الأمني والإعتقالات العشوائيّة بقدر ما تحتاج إلى التعاون مع الأولياء وكل مؤسسات الدولة، ونوّه بشكل مباشر أن الخيار الأمني عوضا أن يحارب الإرهاب يصبح إحدى أهم المصادر المغذّية له.

 

ولازالت بقيّة عائلات ضحايا قانون الإرهاب تطرق كل الأبواب وتحاول الاتصال بكل الجهات الرسميّة والغير رسميّة لإنارة قضيّة أبنائهم.

 

(المصدر: موقع مجلة « كلمة » الألكترونية بتاريخ 23 ديسمبر 2005)


 

احتفال التونسيين باعياد الميلاد..

التقليد والبحث عن فسحة أم

ـل

 

تونس ـ يو بي أي: مع اقتراب موعد عيدي الميلاد ورأس السنة من كل عام ترتفع وتيرة الحركة التجارية في تونس، وتتزايد زحمة التسوق، حيث يتسابق الاباء علي شراء الهدايا لاطفالهم، فيما يزداد الطلب علي الحلويات والورود بما فيها شجرة الميلاد.

 

وعلي الرغم من ان المجتمع التونسي مسلم هوية وانتماء، واجواء عيد الميلاد بعيدة كل البعد عن ثقافته، فان المواطن التونسي يحرص مع ذلك علي ايلاء اهمية خاصة للاحتفال بالسنة الميلادية.

 

ولئن تعددت اشكال الاحتفال بهذه المناسبة وتنوعت باختلاف واقع الفئات الاجتماعية وامكانياتها المادية، فان ما تشهده التجمعات التجارية الكبري من حركة نشيطة، وما تقوم به الفنادق والمطاعم من اعلانات متنوعة لبرامجها الاحتفالية، تؤكد ان اغلب العائلات التونسية تحتفل بهذا العيد الذي يشكل فرصة اضافية للتجارة والسياحة والمرح في آن واحد.

 

وبحسب المدرس التونسي عبد الفتاح الذي وقف امام شجرة ميلاد عملاقة وسط واحد من اهم مراكز التسوق في منطقة لافييت بتونس العاصمة، زينت بابهي زينة، ورصعت باضواء كثيرة تذكر بدون شك بالصورة النمطية لعيد الميلاد في الغرب، فان عيد الميلاد هو عيد هام في العالم خاصة بحكم تزامنه مع عيد رأس السنة الجديد .

 

وقال لـ يونايتد برس انترناشيونال انه تعود علي الاحتفال بهذه المناسبة منذ ان كان طالبا في فرنسا بدون ان يؤثر ذلك علي هويتي كمسلم ، لانه يعتبر ان هذه المناسبة ترمز الي الفرح والتفاؤل بالمستقبل.

 

ويري ان احتفال التونسي بهذه المناسبة غير مرتبط ببعد ديني، وهو ما تؤكده فاطمة التي تعمل بائعة في متجر لبيع اكسسوارات الزينة في شارع الحرية وسط تونس العاصمة والتي قالت انظر هذه الحركة وهذا الاقبال علي ادوات زينة شجرة الميلاد العادية، ادوات الزينة لا ترتبط بشعائر دينية لها صلة بالمسيحية .

 

وتضيف ان المواطن التونسي عادة ما يحتفل بهذه المناسبة من خلال تنظيم السهرات العائلية مع الاصدقاء حيث تطهي الاطعمة الشهية خصوصا الملوخية حتي يكون العام اخضر، بينما هناك من يفضل السهرات الصاخبة في الفنادق او المطاعم .

 

وقال بائع الورد محمد ان هذه الفترة من العام تزدهر تجارته، حيث يقبل التونسي علي شراء باقات الورود، واشجار الميلاد التي عادة ما يبيعها الي الفنادق والمطاعم والشركات، وكذلك ايضا الي بعض المواطنين الذين يرون في ذلك تعبيرا حقيقيا عن استقبال عام جديد.

 

وأضاف في الماضي كان يقبل علي شراء شجرة الميلاد التي يبلغ ثمنها حوالي 50 دينار (37 دولارا) اشخاص معينون، اما الآن فالكثيرون يعتبرونها رمزا للاحتفال بالعام الجديد، ومظهرا من مظاهر وداع عام انتهي واستقبال عام جديد شعاره الامل والطموح.

 

وبالمقابل هناك في تونس من لا يروق له الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية، ويري في ذلك استسلاما لغزو ثقافي وحضاري وديني، حيث يقول محمد صالح الذي يعمل استاذا للتربية الاسلامية باحد المعاهد الثانوية بتونس، انه كان يأمل لو اهتم المواطن التونسي اكثر بعيد رأس السنة الهجرية بدل تقليد الغرب واللهث وراء عاداته وتقاليده.

 

وقال ليونايتد برس انترناشيونال ان الاحتفال بهذه المناسبة لا يمت بصلة الي ثقافتنا وتاريخنا العربي والاسلامي، وهو يعكس انسلاخا حضاريا بالنسبة لاولئك الذين يبالغون في تقليد الغرب وصولا الي الاصرار علي شراء الديك الحبشي علي سبيل المثال، وكأن عدم اكل الديك سيحول عامه الجديد الي جحيم .

 

الي ذلك، يري الخبير في علم النفس الدكتور سليم العنابي ان الانتماء اللاشعوري الي حضارتين، والبحث اللاشعوري عن الفرح وراء احتفال التونسي برأس السنة الميلادية .

 

واعتبر في تصريح نشر الجمعة ان هناك جملة من الاسباب المتشابكة التي جعلت سلوك التونسي علي هذا النحو مع بداية كل عام جديد، وهي اسباب تتراوح بين التاريخي والثقافي والنفسي يتزاحم فيها الوعي واللاوعي وطلب النفس للفرح كحاجة ملحة لمواصلة الحياة .

 

وبين هذا الرأي وذاك، لاشك ان الاحتفال بعيد السنة الميلادية يبقي بالنسبة الي غالبية الشعب التونسي فسحة امل، ومحاولة لابقاء التفاؤل قائما من خلال استقبال عام جديد بغض النظر عن طبيعة الاحتفال اكان عاديا او مبالغا فيه.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 ديسمبر 2005)

 


في مجلس النواب

المصادقة على إلغاء الإيداع القانوني للنشريات الصحفيــــة

 

النواب: دعم الحريات العامة وخاصة حرية الرأي والصحافة

 

تونس ـ الصباح

 

صادق مجلس النواب يوم أمس على القانون الأساسي المتعلق بتنقيح مجلة الصحافة وذلك بإضافة فقرة جديدة إلى الفصل 3 من المجلة بما يجعل النشريات الصحفية الوطنية، يومية أو دورية ذات الصبغة الإخبارية غير خاضعة للإيداع القانوني المنصوص عليه بالفصل 2 من المجلة. ويوضح القانون أن النشريات الصحفية المعفاة من الإيداع القانوني هي الصحف اليومية والدورية الوطنية ذات الصبغة الإخبارية، والمجلات الصحفية الوطنية ذات الصبغة الإخبارية. وتصبح النشريات نتيجة لهذا الإلغاء غير خاضعة خاصة للالتزامات المنصوص عليها بالفصلين 8 و 9من المجلة ولا تنطبق في خصوصها أحكام الفصل  12 منها والمتعلقة بالعقوبات في حالة عدم القيام بالإيداع القانوني.

 

 حظي هذا القانون باهتمام واسع من قبل النواب من خلال تعدد تدخلاتهم واستفساراتهم لدى فتح باب النقاش العام. وقد ثمن النواب القانون ومقاصده التي يرمي إليها باعتباره يمثل لبنة جديدة في بناء المشروع الاصلاحي الذي جاء به تحول السابع من نوفمبر ويدعم الحريات العامة وخاصة حرية الرأي والصحافة ومزيد تكريس المسار الديمقراطي من خلال حذف وجوبية الإيداع القانوني للنشريات.

 

دعم منابر الفكر السياسي التقدمي

 

وثمن النائب محمد ثامر ادريس (التجديد) بفحوى القانون واهدافه لكنه استفسر عن سبب استثناء الأحزاب غير الممثلة في مجلس النواب من دعم الدولة لصحافة الأحزاب. داعيا إلى دعم منابر الفكر السياسي التقدمي. وأشار النائب رضا بن حسين (ح.د.ش) الى النقاط الايجابية التي ستنتج عن إجراء إلغاء الايداع القانوني لكنه دعا إلى وجوب إحداث آليات جديدة تمكن من جمع نسخ من الصحف والنشريات من قبل الهياكل المعنية قصد حفظ الذاكرة الوطنية (وهو مقترح كانت قد تقدمت به «الصباح» في بحر الأسبوع الجاري) ولاحظ نفس النائب أن مجلة الصحافة مازال لها طابع زجري وطالب بتوضيحات حول دور المجلس الأعلى للاتصال وصلاحياته والخدمات المنتظرة منه.

 

خطوة ايجابية

 

نوه النائب هشام الحاجي (الوحدة الشعبية) بالقانون مشيرا أن الايداع كان يعتبر أداة رقابة على الصحف والصحفيين وجاء إلغاؤه كمنعرج ايجابي من شأنه تطوير المشهد الاعلامي الوطني. وثمن النائب أحمد الاينوبلي (الوحدوي) إلغاء الايداع القانوني للنشريات لكنه لاحظ أنها خطوة تتطلب خطوات أخرى لتفسح المجال أمام الصحافة لتقوم بدورها بموضوعية وتكسر ما وصفها بأغلال رقابتها الذاتية. داعيا إلى إلزامية اعتماد المؤسسات الاعلامية على اهل الاختصاص بنص قانوني والعمل على «إحداث رقابة جديدة لواجهة ما أسماه بصحافة إفساد الذوق العام وثقافة الخرافة والابتزاز المفسدة للعقول والمدمرة للأخلاق».

 

تحسين أوضاع الصحفيين

 

رفض النائب مصطفى اليحياوي(الوحدوي) أن تلقى المسؤولية كاملة في تدني مستوى الإعلام على عاتق الصحفيين بتعلة الرقابة الذاتية  داعيا إلى مزيد تحسين وضعية الصحفيين داخل المؤسسات الصحفية حتى ترتقي الصحافة إلى ما يطمح إليه. ولاحظ النائب اسماعيل بولحية (ح.د.ش) بعد تثمينه لمختلف القرارات والاجراءات الرئاسية الهادفة للارتقاء بالمشهد الإعلامي، ان ما أسماها بأزمة الدواجن تعود بالأساس إلى «الدور الذي يقوم به الإعلام بقنوات أجنبية وتباطؤ معالجة الموضوع إعلاميا على المستوى الوطني مما ساعد على انتشار الاشاعة». مقترحا إجراء حوار وطني حول ملف الإعلام عبر التلفزة الوطنية بعيدا عما أسماها باللغة الخشبية داعيا القطع مع التعامل الوظيفي مع الإعلام الذي لا يخدم صورة تونس التي هي جديرة بها.

 

وفيما تساءل أحد النواب عن دور المؤسسات الصحفية في استقطاب الكفاءات من خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار، أشاد النائب الحبيب عويدة (التجمع) بمستوى الاعلاميين التونسيين الذي لا يرقى إليه الشك. ودعا النائب عبد الحميد بن مصباح (الوحدة الشعبية) إلى إيلاء اهتمام خاص بالصحافة الالكترونية تشريعا وممارسة.

 

رفيق بن عبد الله 

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 24 ديسمبر 2005)


 

الوزير: خطة إصلاحية واسعة للمشهد الإعلامي

تونس ـ الصباح

 

أبرز السيد رافع دخيل وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين في رده على تدخلات النواب بأن القرارات الرئاسية الهادفة إلى تطوير قطاع الاعلام تجسم ما جاء به البرنامج الرئاسي لتونس الغد خصوصا في النقطة 21 منه الخاصة بدعم منابر الحوار، وذلك بهدف تشريك كل مكونات المجتمع في الحوار الوطني بما في ذلك صحافة الأحزاب إلى جانب ما بادر به رئيس الدولة من دعم لصحافة الأحزاب إضافة إلى ما تتمتع من امتيازات أخرى.

 

وأشار الوزير أن القرارات الرئاسية العديدة لتطوير المشهد الإعلامي ستشهد دفعا جديدا بعد توسيع تركيبة المجلس الأعلى للاتصال وما سيضفي عن أشغاله من قرارات ومقترحات.

 

وبعد أن ذكر أهمية تطوير القطاع السمعي البصري وما سيضفي عن نقلة مقر الإذاعة والتلفزة إلى مقرها الجديد من تطوير للانتاج الإعلامي المرئي والمسموع الذي سيعتمد كليا على الثقافة الرقمية، أفاد بأن التعمق في المشهد الاعلامي الذي تقوم به الوزارة بالتعاون والتشاور مع الأطراف المتدخلة على غرار جمعية الصحفيين التونسيين وجمعية مديري الصحف سيضفي إلى خطة إصلاحية واسعة.

 

وفيما يخص إلغاء الايداع القانوني للنشريات قال السيد رافع دخيل أن هذا الاجراء غير معمول به لا في الدول النامية ولا الراقية وهو ما من شأنه أن يدعم حرية الصحافة، لكنه أشار أن إجراء الالغاء لا يمنع الوزارة من اتخاذ كل التدابير اللازمة لحفظ نسخ ونظائر من النشريات قصد حفظها بمركز التوثيق الوطني.

 

وبخصوص الجوانب الزجرية الموجودة بمجلة الصحافة قال الوزير أنه لا يخلو قانون صحافة في العالم من جوانب زجرية حماية للمواطنين وللأخلاق مبرزا في ذات السياق أن عديد الملاحظات والمقترحات التي ذكرها النواب ستكون محل درس ومتابعة خصوصا مع وجود المجلس الأعلى للاتصال.

 

وحول ملف قطاع الدواجن رأى الوزير أنه تم أخذه إعلاميا بحرفية كبيرة خصوصا بعد إحداث مجلس يضم كافة الأطراف المتدخلة وقد أظهرت النتائج ايجابية الطريقة التي تم من خلالها التعامل مع الموضوع إعلاميا واستهلاكيا.

 

وحول تشغيل خريجي معهد الصحافة قال السيد رافع دخيل أنه يتم النظر حاليا بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والمعهد المذكور على الكيفية المثلى لإعانة خريجي الصحافة من الحصول على شغل ذاكرا أنه سيتم إصدار مذكرة في الأسابيع القليلة القادمة حول هذا الموضوع.

 

 رفيق 

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 24 ديسمبر 2005)

 


«الإعلام»… مرّة أخرى في مجلس النوّاب!:

إلغاء الايداع خطوة ايجابية ونطالب بمبادرات جديدة

 

* باردو ـ الشروق :

كان ملف الإعلام محلّ نقاش مرّة أخرى في مجلس النواب بمناسبة المصادقة على مشروع القانون الاساسي المتعلّق بتنقيح مجلة الصحافة والذي يتضمّن إلغاء الايداع القانوني بالنسبة للصحف والمجلات الوطنية ذات الصبغة الاخبارية.

ومع اشارتهم لما سيوفّره الاجراء الجديد من طمأنة للصحفيين ودفعهم للعمل الحر دون خوف من «رقابة مُسبقة» او «صنصرة» وبما يُساهم في تحقيق تطلعات الرأي العام، استعرض النواب عددا آخر من المسائل والقضايا المتّصلة بالمشهد الاعلامي الوطني، من ذلك ما أشار اليه النائب رضا بلحسين من أن فصول مجلة الصحافة مازالت ذات طابع زجري وهو ما يتطلب مراجعتها وإعادة النظر فيها.

وقال النائب ثامر ادريس ان الوضع يتطلب توفير الظروف لانجاح عملية الارتقاء بالاعلام الوطني مؤكدا على دور التلفزة الوطنية في التعريف بمختلف الانتاجات الصحفية، وأكّد المتحدث على أهمية توفير المنابر وتعزيز حضور المعارضة في الملفات التلفزية.

وقال النائب هشام الحاجي ان حزب الوحدة الشعبية يتطلّع الى اجراء المزيد من التنقيحات في مجلة الصحافة وذلك بهدف التخلي عن السلطة التقديرية للادارة خاصة بالنسبة لاصدار الصحف والمجلات الجديدة.

 

* لا إيقاف

وأشار النائب الهاشمي المعلال (التجمع) الى أنه لم يتم ايقاف اية صحيفة منذ تغيير 7 نوفمبر مما يؤكّد سلامة التوجهات الموجودة.

ومن جهته أفاد السيد أحمد الاينوبلي (الوحدوي) أن الأمل يبقى موجودا لاجراء مبادرات أخرى لرفع عدد من الحواجز التي طالما تظلّم منها المشتغلون في القطاع الاعلامي وقال ان الغاء الايداع القانوني هو خطوة تتطلب اخرى لفتح المجال أمام الصحافة كي تلعب دورها وتتحمّل مسؤوليتها كاملة في كسر اغلال الرقابة الذاتية وأشار الاينوبلي الى ضرورة إلزام المؤسسات الاعلامية بالاعتماد على المهنيين وذوي الكفاءات بما يضمن خلق صحافة بعيدة عن الصحافة الصفراء وصحافة الشعوذة والتفسّخ الاخلاقي والخرافة، وقال المتحدّث إن الوضع يتطلب رقابة جديدة لمراقبة مظاهر افساد الذوق العام مؤكّدا ان بعض الصحف قد تطرّقت الى تدمير البنية الاخلاقية للمجتمع.

وقال النائب مصطفى اليحياوي (الوحدوي) إن القانون الجديد قد قطع الطريق امام جهات حوّلت نفسها الى أجهزة رقابة على النشريات وطالب اليحياوي بتوسيع مجال الغاء الايداع القانوني ليشمل كل العناوين وكل الاصدارات.

وأشار اليحياوي الى أن الوقائع أثبتت ان الممارسة وليس القانون هي التي تعيق الصحافة وقال انه لابد من ايلاء أهمية للصحفي الذي تحوّل في كثير من المؤسسات الى ما يشبه الاجير في مصنع وهو ما ابتعد به عن مرتبة المؤلف المبدع الخاضع الى ضميره الحر والمسؤول بعيدا عن أية وصاية، وأشار النائب الى أنه لا تطوّر للصحافة ولا رقيّ لها ما لم يتم اعادة النظر في وضعية الصحفي.

 

* مصداقية

وأشار السيد اسماعيل بولحية الى أن مصداقية الاعلام وحرية الصحافة ليست مجرّد عنصر سياسي ولكنّها جزء من المعركة التنموية الشاملة.

وقال بولحية إنه لابد من ضبط خطّة واضحة بما يخدم صورة تونس واشعاعها وأضاف: «حان الوقت في ظل توفّر ارادة سياسية صادقة في تطوير المجتمع وبلوغ مجالات الحداثة لطرح الملف الاعلامي في حوار صريح بعيدا عن اللغة الخشبية ولا خوف على الجبهة الوطنية، وقال ايضا انه لابد من بلورة توجهات واضحة تقطع مع التعامل الوظيفي مع الاعلام ومع كل ما لا يخدم صورة البلاد.

واقترح بولحية تنظيم حوار مع الحكومة حول ملف الاعلام بقصد اعداد مشاريع قوانين لتحديث القطاع الاعلامي من صحافة وتوزيع واشهار وقطاع سمعي بصري وصحافة الكترونية والتمويل العمومي، وتساءل الامين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين عن عجز القانون لوحده عن وضع حدّ لتردّي الاعلام برغم الدعوات المتتالية لأعلى هرم السلطة.

ودعا النائب الحبيب عويدة (التجمع) المشتغلين بالقطاع الاعلامي الى إلغاء مظاهر الرقابة الذاتية و»الخوف غير المبرّر، وقال إن كفاءة رجال الاعلام في تونس لا يرقى لها شك لكن مع ذلك لابد من التأكيد على ضرورة رفض مظاهر البطولة المزيّفة والاستقواء بالاخر والتهجم والثلب لأن كل ذلك يتعارض مع مبدإ الاستقلالية الذي هو قيمة ثابتة في الرسالة الصحفية التي تهدف الى انارة الرأي العام.

وتحدث النائب صالح الطبرقي (التجمع) عن المكاسب التي تحققت للقطاع الاعلامي مؤكدا أن الارادة السياسية للرئيس زين العابدين بن علي هي الضمانة الاساسية لتحقيق التطوّر المنشود للقطاع الاعلامي.

 

* برنامج متكامل

وفي اجابته عن استفسارات النوّاب عدّد السيد رافع دخيل وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس المستشارين ومجلس النواب الاجراءات التي تم سنّها مؤخرا لفائدة تيسير عمل الصحافيين وهو ما تؤكّده حقائق ملموسة بخصوص تحسينات متتالية في العمل الاعلامي. وقال الوزير انه سيجري العمل حاليا على الانتقال بهذا العمل الى ميادين الاعلامية وسيتم تنفيذ ذلك في كل المؤسسات بعث لقب مجلس خاص على مستوى الوزارة مهتم بهذه المسألة وتحدّث الوزير عن المجهود المبذول من الدولة لاتمام المقر الجديد لمؤسسة الاذاعة والتلفزة التي ستعتمد بصفة كليّة على الثقافة الرقمية.

وأفاد الوزير أن بدء اشتغال المجلس الاعلى للاتصال بتركيبته الجديدة سيوفّر دفعا جديدا بالمقترحات والتصورات تساهم في بلورة خطة واضحة للارتقاء بالمشهد الاتصالي في البلاد.

وقال الوزير: «إننا بكل ثبات امام تأهيل شامل لقطاع الاعلام في تونس بارادة سياسية واضحة» وسيتم العمل على تجسيم الاتجاه التحرري للرئيس بن علي.

وأكّد ان الحكومة تأمل الكثير من المجلس الاعلى للاتصال باعتبار أهمية مكوّناته من كفاءات وممثلي احزاب ومجتمع مدني ومهنيين وذلك في سبيل المساعدة على وضع الخطة التأهيلية الملائمة والشاملة للقطاع.

وفي ما يخص بعض فصول مجلة الصحافة الزجرية قال الوزير انها موضوعة حفاظا على المواطن والمجتمع والقيم الاخلاقية، وأكّد الوزير على أن ما تم ذكره وما يتم تداوله بخصوص العراقيل التي تتعرّض لها الصحافة هي محل دراسة ونظر وسيتم تناولها لاحقا.

وبخصوص خريجي معهد الصحافة قال الوزير ان هناك تنسيقا بين الوزارة ومصالح وزارة التعليم العالي في الجانب البيداغوجي وللنظر في الكيفية المثلى لاعانة الخريجين للحصول على مواطن شغل.

 

* خالد الحدّاد

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 24 ديسمبر 2005)

 

 

افتتاحية العدد 16 من مجلة أقلام أون لاين

 

لا يزال المشهد العربي يعرف تقلبات متعددة فمنذ سقوط الكتلة الشيوعية والعالم يعرف مخاضا لما تستقر موازناته بعد وكتب على العالم العربي وهو في قلب المعادلة الدولية أن يتلظى بنيران الصراعات الدولية، في سعي القوى الكبرى إلى تحقيق مصالحها.

 

والحقيقة أن احتدام الصراع في المنطقة العربية لا يعود فقط إلى كون المنطقة تحتل موقعا استراتيجيا في الخارطة الدولية بل كذلك إلى طبيعة الشعوب العربية المصرة على المقاومة والمتشبثة بحلم التحرر وتحقيق نهضتها. وفي هذا الإطار يعرف العالم العربي انشطارات متشعبة أهمها ما بين أنظمة الحكم والشعوب العربية وبعضها ما بين هذه النخب.

 

فأنظمة الحكم تعرت عن شرعيتها ولم يعد لها من ورق عنب تستر به عورتها وسقطت عنها كل الشعارات فلا هي تحكم بشرعية التحرير ولا هي تحكم بشرعية الدفاع عن الكيان القومي. بل صار أكثرها يسعى إلى مد اليد إلى الكيان الصهيوني العنصري، كما لا يتوانى عن الركض إلى الاستجابة للراعي الأمريكي كي يرضى عنها وهو لا يرضى. وقد أصبحت الأرض العربية سجونا ومعتقلات يعيث فيها عملاء المخابرات الأمريكية مقابل سكوت أو انخفاض صوت الديمبلوماسية الأمريكية عن تواصل الجرائم في حق الشعوب العربية.

 

 تحولت شرعية حكم الدولة العربية وبشكل واضح في هذه المرحلة من شرعية قطرية أو قومية، وان كانت على الورق، إلى شرعية إسرائيلية أمريكية.

 

وفي مقابل هذا المشهد القاتم تقدم لنا الشعوب العربية ونخبها صورة تنبئ عن الطبيعة الحقيقية لشعوب المنطقة في تشبثها بحقوقها وإصرارها على المقاومة بل والقدرة على تحقيق انتصارات وان كانت جزئية إلا أن لها أثرا استراتيجيا إن حققت التراكم المطلوب في الزمان والمكان.

 

وإذا ما استثنينا تشويهات العنف الأعمى الذي تمارسه بعض التيارات العنيفة من هذه الأمة والتي تقابل الإقصاء بالإقصاء والظلم بظلم اشد منه فان شعوب المنطقة عبرت وتعبر عن قيم حضارية أعلى من قيم قوى الهيمنة والغصب التي تدنس الأرض العربية. واليوم انقلبت المعادلة فلم يعد الغازي الأجنبي قادرا على رفع شعار الإعمار والحضارة في وجه الأمة العربية بل إن الجندي الأمريكي بدا فقيرا أمام قوى المقاومة الوطنية في العراق، فقيرا أخلاقيا ومعرفيا وحضاريا. وكذلك وضع الجندي الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية.

 

كما أصبحت الأنظمة العربية عاجزة عن تجنيد النخب العربية في صفوفها ليكون الصف المقاتل عنها ما خلا بعض أنصاف المثقفين والتكنوقراطيين.

 

لقد فقد الاحتلال الأجنبي قدرته على صنع خطاب يخترق به شعوب هذه الأمة وفقدت أنظمة التسلط صوتها وسحرتها فما عادت قادرة على التحدث لشعوبها.

 

وان من أول شروط انتصار الأمم هو مدى قدرتها على إنتاج قيم أعلى وأرقى من قيم القوى التي تصارعها. ولذلك فان وضع جيل هذه الأمة، بهذا المقياس، أحسن حالا من وضع جيل آبائه الذي واجه آباء هؤلاء الذين يعتدون علينا اليوم ولذلك فان هذا الجيل من هؤلاء الذين يعتدون على هذه الأمة اعجز من آبائه عن تحمل الألم الذي تلحقه بهم مقاومة هذا الجيل.

 

وقد تم هذا بعد تجربة الثمانينات والتسعينات التي جربت خلالها النخب العربية صراعاتها السياسية وتحالفاتها مع الدولة لأجل حسم تلك الصراعات وتبين للجميع أن الضحية الأول والأخير ليس طرفا من المجتمع دون الآخر بل الجميع. صحيح أن هذا المسار لا يزال في بداياته وانه لا تزال بيد قوى الهيمنة أوراق تعول على استعمالها مثلما تفعل في العراق من خلال نخب بعض الحركات الإسلامية والعلمانية، إلا أن ما يقع بين النخب السورية وما يقع بين النخب المصرية وما بدأت خطواته الجريئة في تونس يبشر بمعادلة سياسية جديدة في المنطقة لا شك تحتاج إلى أن تقوم على ثقافة جديدة تمكن من تأصيل الآلية الجديدة في التعامل مع الدولة القطرية العربية ومع قوى الهيمنة الدولية. ولا شك انه وفي هذا الاتجاه تحتاج النخب العربية إلى قراءة موضوعية لما مضى تمكنها من البناء المستقبلي الصحيح وتؤسس لأواصر التخاطب والتحاور التي عملت الدولة على قطعها وعلى حفر خنادقها وبناء ثكناتها.

 

(المصدر: مجلة أقلام أون لاين – العدد 16 السنة الرابعة، نوفمبر – ديسمبر 2005)

 


أقلام أون لاين:

حوار مع البروفيسور المنصف بن سالم

 

البروفيسور المنصف بن سالم مهندس أول في الصناعة الآلية، دكتور اختصاص فيزياء نظرية ودكتور دولة رياضيات، متخرج من كلية العلوم بباريس والمعهد العالي للهندسة بباريس. أنهى الدراسة سنة 1976 وهو يبلغ من العمر 23 سنة. باشر بعدها العمل بجامعة صفاقس الناشئة وأسس فيها قسم الرياضيات. التحق للعمل والتدريس بعدة مؤسسات دولية منها المركزية الدولية للرياضيات ببرلين والمركز الدولي للفيزياء النظرية في ترياستي بإيطاليا (تابعة لليونسكو والوكالة الدولية للطاقة الذرية) والمركز القومي للبحث العلمي بفرنسا واتحاد الجامعات الناطقة كليا او جزئيا بالفرنسية بمونريال واتحاد الفيزيائيين والرياضيين العرب وأستاذ زائر بمعهد ميريلاند بأمريكا ومقرر بمركزية الرياضيات بميتشغن بأمريكا.

 

وعلى المستوى الوطني كان الأستاذ المنصف بن سالم أستاذا محاضرا ورئيس قسم وعضو بعدة لجان وطنية تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى حدود سنة 1987 وتحديدا يوم 27 سبتمبر من تلك السنة حين تمت محاكمته غيابيا في محكمة أمن الدولة بتهمة الانتماء إلى حركة الاتجاه الإسلامي آنذاك وتم الحكم عليه بــ 10 سنوات أشغالا شاقة وعشر سنوات مراقبة إدارية. وعند الاعتراض على الحكم تغير إلى 6 اشهر مع تأجيل التنفيذ. ثم تم إيقافه في نوفمبر 87 وبقي رهن الاعتقال ضمن ما عرف آنذاك بالمجموعة الأمنية التي اتخذ بشأنها قرار بإلغاء القضية على اثر مفاوضات دارت بينه وبين رئيس الدولة عن طريق أحد مستشاريه.

 

كما تم إيقافه سنة 1990 على اثر مقال بجريدة المنقذ الجزائرية وتمت محاكمته  بتهمة الثلب النظام ونشر أخبار زائفة وحكم عليه بـ 3 سنوات سجن نافذة. وتعرض خلال فترة إيقافه إلى تعذيب شديد. ثم خرج من السجن سنة 93 وبقي تحت الإقامة الجبرية إلى سنة 2001 مع وقف هاتفه وقطع المراسلات عنه ومنع المساعدات المادية من الداخل والخارج إلى جانب منعه من العمل وضرب حصار كبير على عائلته والتضييق على أبنائه.

 

وفيما يلي نص الحوار

 

ما رأي البروفيسور المنصف بن سالم في إضراب الجوع أو ما بات يعرف بحركة 18 أكتوبر؟

 

يجب أن أبدأ بالملاحظة التالية وهي أن النظام التونسي ما فتئ يتعلل بأن المجتمع التونسي ما زال قاصرا. ولذلك حرم من الديمقراطية. هذه المسالة لا يقولها النظام مباشرة ولكنه يمارسها واقعا. وهذا التحرك الذي جمع اليوم أطيافا ومشارب متعددة اثبت أن الشعب التونسي في مستوى الديمقراطية وفي مستوى الحداثة والنهضة وتبقى السلطة هي المتخلفة ولا تستجيب للحد الأدنى من السلوك الديمقراطي. فما حدث كان له اثر عميق في نفوس التونسيين الذين وبفضل الفضائيات والصحف الشجاعة تابعوا هذا الإضراب وتجاوبوا معه داخليا وخارجيا مما أحيا الأمل في نفوس المضطهدين والمحرومين بعدما كاد اليأس يمحهم.

 

بعض الاحترازات التي قدمت حول التحرك تقول إن الإسلاميين هم أكثر المستفيدين منه؟

 

وأنا أرى أن تونس هي المستفيدة.

 

هناك الآن دعوة للحوار من أجل تكوين جبهة موحدة للمعارضة، ما رأيك في هذه الدعوة وكيف ترى مشاركة الإسلاميين فيها؟

 

الجبهة الموحدة فكرة جيدة ولكن لا بد لها من أسس صلبة وحدود واضحة. ويجب أن تجمع هذه الجبهة إن تشكلت المعارضة حول جملة من القضايا الرئيسية التي يجب أن تدافع عنها وعلى رأسها المطالب الثلاثة التي رفعها المضربون عن الطعام وهي حرية التعبير وحرية التنظم وإطلاق سراح كافة المساجين السياسيين وإعلان العفو التشريعي العام. هذا الشكل من العمل الجماعي يجب أن يجمع المعارضة دون أن ينوب عنها.

 

هناك بعض الأطراف لا زالت متخوفة من الطرح الإسلامي عموما ولذلك يرفضون الدخول في عمل مشترك مع الإسلاميين، كيف ترد عليهم؟

 

لقد كنت طيلة حياتي المهنية كأستاذ جامعي رئيس نقابة، وفي هذه النقابة كانت تتواجد تيارات عدة وكنت احمل إشارة واضحة كوني إسلاميا ولم تكن للتيار الإسلامي في الأوساط الجامعية أغلبية ولكني كنت انتخب ولأربع مرات متتالية كرئيس للنقابة.. انتخب من طرف أناس يخالفونني في الرأي وهذا هو النموذج الذي يجب ان يسود اليوم. ولولا إيماني بالديمقراطية وإيمان الإسلاميين الكبير بها لما خضنا تلك الانتخابات ولما شاركت فيها. الإسلاميون أخي الكريم هم اكثر ضحايا غياب الديمقراطية في عالمنا العربي والإسلامي وهم أكثر الناس مصلحة في إقامة أنظمة ديمقراطية. وكلما أتيحت لهم الفرصة للمشاركة في أي عملية انتخابية الا وشاركوا فيها ويحققون انجازات انتخابية هامة على غرار ما وقع  في تركيا والمغرب والجزائر سنة 1991 وأخيرا في مصر. إن الأنظمة التي تدعي الحداثة والديمقراطية والبعض من أزلامها هم الذين يعرقلون الآن قيام أنظمة ديمقراطية. ففي الجزائر وبعد أن قاموا بالانقلاب على الانتخابات التي فازت فيها جبهة الإنقاذ وبعد أن أدى انقلاهم إلى دخول البلاد في دوامة من العنف الدموي الرهيب اصبحوا يقدمون التجربة الجزائرية على أنها مثال على خطورة التمشي « غير الرصين »! حسب زعمهم باتجاه الديمقراطية. إضافة إلى ذلك هم جعلوا من هذا الأمر فزاعة يخيفون بها الغرب كلما ضغط عليهم باتجاه المزيد من الإصلاح والديمقراطية. هؤلاء هم الأعداء الحقيقيون للديمقراطية. وأنا أدعو بالمناسبة بكل حب ولطف الذين يرفعون أصواتهم بمثل هذه الادعاءات أن يعيدوا قراءة الأدبيات الإسلامية وأن يتثبتوا منها جيدا. وأكثر ما أخشاه الآن هو أن تنتقل عدوى لاستئصال التي فشل فيها الحزب الحاكم إلى المعارضة.

 

ولكن ألا ترى ان الإسلاميين أو الحركة الاسلامية عليها كذلك أن تقوم ببعض المراجعات في خطابها السياسي وبعض المسائل الفكرية المتعلقة بنظام الحكم والموقف من المرأة …؟

 

مما افتخر به في هذا المجال وفي إطار المراجعة الدائمة التي تقوم بها الحركة الإسلامية عامة ومنها حركة النهضة قيامنا في الثمانينات وفي إطار تقييمنا الداخلي بطلب تقييمات للحركة من جملة من النخب الفكرية والسياسية في البلاد من مختلف المشارب وقد أخذت هذه الآراء بعين الاعتبار. فهل هناك من الأحزاب والتيارات من يطلب رأي خصمه فيه حتى يصلح نفسه. لا شك أن المراجعات يجب أن تكون دائمة ودورية وهي عملية إصلاح دائم وهي التي تمد الحركة أو الحزب بالحياة. والحركة الإسلامية ليست استثناء وعليها أن تقوم دائما بمراجعات مستمرة وهي تقوم بذلك.

 

ما هي الصورة التي ترسمونها للحياة السياسية بعد هذا التحرك؟

 

التجربة علمتنا أن هذه السلطة لا تتجاوب مع مطالب الناس وأنها دائما تستعمل سياسة الهروب إلى الأمام وهي تعلم أنها على باطل وهذا خطر عليها وعلى الشعب. ولذلك في تقديري أن السلطة ستواصل سياستها القمعية من كبت للحريات وهرسلة للمعارضين رغم ما تركه هذا التحرك من صدى في الداخل والخارج. هذه الوضعية قد تستمر طويلا ولكنها قد تؤدي إلى ردود فعل عكسية وضغوطات من الخارج مما قد يؤدي إلى تغيير ما في نظام وسياسة الحكم. تحرك المضربين مثل بداية والبداية عادة ما تكون صعبة وسيقع بعض التلكؤ من هذا الطرف أو ذاك ولكن مع مرور الوقت سيشتد عود هذه المبادرة وستكون بداية لحركة سياسية كبيرة إن صدقت النوايا ووقع الابتعاد عن الحسابات السياسية الضيقة.

 

كيف تقيمون ردة فعل المنظمات والجمعيات الدولية والمحلية تجاه التحرك الأخير؟

 

هناك عامل مهم في هذا التحرك هو انه جامع. جامع في الداخل كما انه جامع في الخارج. فقد جمع التحرك مختلف التيارات والجمعيات في تونس وعبر العالم ووحد بشكل كبير جهود تلك المنظمات. لقد كان الإضراب خلال الـ32 يوما التي عاشها بمثابة المايسترو الذي جعل عمل التنظيمات والجمعيات تتناغم في عزف واحد لأنشودة واحدة عنوانها الحرية. وهو ما أدى إلى هذا النجاح الذي حققه. ولكي يتواصل النجاح لا بد من أن يتواصل نفس التناغم والتجاوب من طرف الجميع.

 

(المصدر: مجلة أقلام أون لاين – العدد 16 السنة الرابعة، نوفمبر – ديسمبر 2005)

 


استجابة لنداء حركة 18 أكتوبر

الإعلان عن تشكيل هيئة سياسية تنسيقية تجمع مختلف قوى المعارضة في البلاد

محمد الحمروني

 

أعلنت مجموعة من الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية في ندوة صحفية عقدت بتونس العاصمة عن تأسيس هيئة وطنية سياسية تنسيقية سميت « هيئة 18 اكتوبر للحقوق و الحريات ».

 

وجاء في البيان الصحفي الذي وزع بالمناسبة أن تأسيس هذه الهيئة يأتي « تفاعلا مع نداء المضربين يوم حلّ إضرابهم في 18 نوفمبر 2005، وتماشيا مع استخلاصات التقويم الختامي للهيئة الوطنية لمساندة الإضراب من أجل الحقوق والحريات » كما أوضح البيان أن الهيئة ستعمل على تحقيق الأهداف التالية:

 

أولا: مواصلة العمل الموحّد بنفس الروح التي طبعت تحرك 18 أكتوبر والمتسمة بالجرأة والميدانية وذلك من أجل تحقيق:

 

أ -حرية التعبير والصحافة وذلك برفع الرقابة المضروبة على المطبوعات وعلى الانترنيت وإلغاء كل القيود والإجراءات الزجرية الواردة في مجلة الصحافة والمجلة الجنائية التونسية ورفع الضغوط المسلطة على الإعلاميين وإطلاق حرية إصدار الصحف وبعث المحطات الإذاعية والتلفزية دون تمييز وإخضاع قطاع الإعلام السمعي والبصري لرقابة هيئة تعددية تضمن موضوعية الإعلام وانفتاحه على كل التيارات الفكرية والسياسية في البلاد.

 

ب-  حرية التنظم الحزبي والجمعياتي وذلك بالاعتراف بكافة الأحزاب والجمعيات الراغبة في التواجد القانوني ورفع جميع القيود المضروبة على نشاط الهيئات السياسية والمدنية والنقابية واحترام استقلاليتها وحرية نشاطها.

 

ج –  إطلاق سراح المساجين السياسيين ووضع حد لكل المحاكمات السياسية بما فيها تلك التي تجري تحت عنوان « مقاومة الإرهاب »، وإصدار قانون للعفو التشريعي العام يشمل كل من طالته، خلال العقود الخمسة الأخيرة، محاكمة أو إجراء تعسفي بسبب آرائه أو أنشطته السياسية ويعوّض له تعويضا عادلا عما لحقه من ضرر مادي ومعنوي.

 

كما أعلن بالمناسبة أيضا عن إنشاء « منتدى 18 أكتوبر »  للحوار بين مختلف الحساسيات الفكرية والسياسية التونسية حول القضايا الأساسية التي يقتضيها الانتقال إلى الديمقراطية في بلادنا، بهدف صياغة عهد ديمقراطي يكفل لكل التونسيين حقوقهم وحرياتهم الأساسية ويحفظ لهم كرامتهم الوطنية ويحدد الضوابط التي تلتزم بها الدولة لتأمين هذه الحقوق والحريات في كل الظروف ومهما كان الطرف الذي يتولى مسؤولية الحكم لمدة زمنية معلومة بتفويض من الشعب. وذكر البيان أن الهيئة ستتولى لاحقا إصدار وثيقة تأسيسية لهذا المنتدى تحدد محاور الحوار وآلياته ورزنامته، وفي مقدمة تلك المحاور قضايا حرية الضمير والمساواة بين الجنسين والحرمة الجسدية والمسائل المتعلقة بهوية البلاد

 

ثالثا: مواصلة الحوار مع مختلف الحساسيات الفكرية والسياسية والهيئات المدنية المعنية بالنضال من أجل الحرية ومن أجل إقامة دولة ديمقراطية ومجتمع مدني قوي وفاعل قصد توسيع تركيبة الهيئة وتأمين مشاركة هذه الأطراف في أعمالها على قدم المساواة وعلى نفس الأسس والأهداف التي قامت عليها.

وتتكون هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات  حسب ما جاء في البيان من ممثلين عن الأحزاب والتيارات السياسية، وتعمل بتنسيق مباشر مع الهيئات الجهوية والمحلية، كما تعمل على التشاور والتنسيق مع كل الهيئات السياسية والمدنية المعنية بأهدافها وأنشطتها.

 

وأمضى على البيان كل من أحمد نجيب الشابي ومنجي اللوز (الحزب الديمقراطي التقدمي) حمه الهمامي (حزب العمال الشيوعي التونسي) وعبد الرؤوف العيادي وفتحي الجربي (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) مصطفى بن جعفر وخليل الزاوية (التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) والبشير الصيد (الوحدويون الناصريون) وأحمد الخصخوصي (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين – الهياكل الشرعية) وزياد الدولاتلي (إسلامي) – سمير ديلو (إسلامي) ولطفي حجي (صحافي) ومحمد النوري (الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين) ومختار اليحياوي (مركز تونس لاستقلالية القضاء والمحاماة) وراضية النصراوي (الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب) وجلول عزونة (رابطة الكتّاب الأحرار و فتحي الشامخي (راد / أتاك تونس) وعبد القادر بن خميس (المجلس الوطني للحريات) وعلي بن سالم (ودادية قدماء المقاومين) وخميس الشماري (مستقل) – العياشي الهمامي (مستقل) – أنور القوصري (مستقل) والحبيب مرسيط (مستقل) – مالك كفيف (مستقل).

 

وكان الناشط الحقوقي خميس الشماري قدم في بداية الندوة عرضا لمختلف المراحل التي مرت بها المفاوضات من اجل تكوين هذه الهيئة منذ الإعلان عن فكرة إنشائها خلال الندوة الصحفية التي أعقبت إضراب الجوع إلى الآن، واعتبر أن الهدف من إنشاء هذه الهيئة هو مواصلة التحرك بنفس الروح والعزيمة النضالية التي قادت إضراب الجوع.

 

وتركزت أسئلة الصحافيين حول مسالتين اثنتين الأولى تتعلق بتفاعل الهيئة الجديدة مع تكليف زكرياء بن مصطفى بالتباحث مع أطراف المعارضة حول مطالبها والثانية تخص أوجه التفاعل والتنسيق التي نجح إضراب الجوع والهيئة الحالية في خلقها بين أطراف مختلفة سياسيا ومتصارعة إيديولوجيا.

 

وبخصوص المسالة الأولى تمحورت الردود حول الطابع الانتقائي لمبادرة زكرياء بن مصطفى حيث أنها على حسب ما جاء في بعض الصحف موجهة بالأساس إلى الأحزاب المعترف بها إضافة إلى كونها مبادرة للاستماع للمطالب وحسب المتدخلين فان المطالب أصبحت معروفة ولا تستحق إلى جلسات استماع.

 

وبخصوص المسالة الثانية أكد المتخلون أن الالتقاء الحاصل اليوم بين تيارات وعائلات سياسية وفكرية مختلفة هو التقاء حول جملة من المطالب السياسية التي لا يمكن أن يختلف حولها اثنان وقال حمة الهمامي أن المطالب المرفوعة اليوم وهي حرية التعبير وحرية التنظم واطلاق سراح المساجين والعفو التشريعي العام لا يختلف حولها اثنان وأضاف أن من يختلف حول هذه المطالب لا يمكن إلا أن يكون نصيرا للقمع والديكتاتورية. وأوضح الهمامي قائلا « عندما كنا نخوض اضربا الجوع  لم نعد نفكر بان هذا إسلامي والآخر يساري بل أصبحنا نفكر في كيفية إنجاح التحرك وتحقيق المطالب التي هي مطالب الجميع دون استثناء ».

 

وردا على سؤال حول عدم توقيعه باسم حركة النهضة، رد زياد الدولاتلي أن حركة النهضة لها مؤسساتها وناطقها الرسمي وان هذه المؤسسات معروفة وناطقها الرسمي في باريس معروف وانه وقع بصفته كإسلامي وكقيادي سابق في حركة النهضة. وشدد الدولاتلي على أن المطالب المرفوعة هي مطالب يتفق عليها الجميع وقال « البلاد في حاجة إلى عقد ديمقراطي يكون ضمانة للجميع في المستقبل حتى لا يزيغ أي تيار عما سيقع الاجماع حوله.

 

(المصدر: مجلة أقلام أون لاين – العدد 16 السنة الرابعة، نوفمبر – ديسمبر 2005)

 

 

هديّة بن علي لمجتمع المعلومات:

قانون لقمع الصحافة الالكترونيّة

سراج هادي

(رسائل مجلّة جدل الالكترونيّة )

 

استقبل زين العابدين بن علي يوم الثلاثاء 20 ديسمبر 2005  رافع دخيل وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين… وجاء في الصحف التونسيّة الصادرة يوم الاربعاء 21 ديسمبر أنّ بن علي جدّد

« حرصه على مزيد الارتقاء بالمشهد الاتّصالي إلى متطلّبات المرحلة موصيا في هذا الصدد بالعمل على تنظيم الصحافة الالكترونية » …

 

ومعنى هذا أنّ السلطة بصدد اعداد مشروع قانون للتصدّي للزخم الإعلامي الالكتروني المنفلت إلى حدّ الآن من قمعها نظرا لغياب نصوص تشريعيّة تطال المجلاّت والصحف الالكترونيّة والتي أصبحت المتنفّس الإعلامي الوحيد بعد أن أحكمت أجهزة الدولة سيطرتها على المشهد الإعلامي والصحفي المكتوب والسمعي البصري…

 

لم تكتف السلطة بإحكام سيطرتها على أرض البلاد وسمائها  بل تحاول بواسطة قانون تنظيم الصحافة الالكترونيّة السيطرة على فضاء افتراضي ازداد تأثيره يوما بعد يوم وأضحى  » مساحة حرّة  » يعيش فيه المواطن ولو على سبيل الافتراض مواطنته كتابة واطّلاعا وفرجة وسماعا…

 

إنّ موقف السلطة لا يمكن تفسيره إلا كردّ فعل على النقاشات والحوارات الحرّة ونشر الأخبار المسكوت عنها المتعلّقة بالحريات وبمظاهر الاستبداد والفساد… التي احتضنتها الصحف والمواقع الالكترونيّة خاصة أثناء قمّة المعلومات الأخيرة ومثّلت إحراجا وفضحا للسلطة لم تقدر أجهزتها على التصدّي له رغم انتشار أعوانها في تفاصيل حياتنا اليوميّة.

 

(المصدر: مراسلة أليكترونية بتاريخ 24 ديسمبر 2005)

 

وقفة مع بعض مناسك الحجّ
 

جمعه: عبدالحميد العدّاسي. 

من البركات التي ساقها الله سبحانه وتعالى عن طريق حسن استعمال الإنترنت، هي هذه الحوارات الجارية بين الاخوة حول الكثير من الموضوعات التي- وإن اتّسمت بارتفاع درجة حرارتها في بعض الأحيان- قد تسهم في إصلاح الشأن و تصويب الخطإ والإقبال على البحث، و لقد أشار الأخ خميس الماجري في مقاله الوارد على صفحات تونس نيوز بتاريخ 16 ديسمبر إلى بعض الأخطاء أو الأكاذيب التي تضمّنها كتاب وزارة الشؤون الدينية التونسية فيما يتعلّق بالإحرام.

ثمّ ما لبث أن ساق لنا الأخ طالب علم مجموعة أحاديث في ذات الباب. وقد رأيت أن أحذو حذو أخي طالب العلم في طلب العلم، ناصحا لنفسي وله وللجميع أن نطلب مع العلم الحقّ، فإنّ علما بلا حقّ لن يكون إلاّ حملا ثقيلا لا نطيقه، وكفى به زاجرا ذلك السؤال الرّهيب:  » وما عملت فيما علمت « ، فالعلم – أخي – وحده لا يكفي، بل لا بدّ له من عمل يحقّقه و لا بدّ له من حقّ يحرسه. وأحسب في هذا الباب أنّ الأخ الماجري إنّما أكّد على أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يفرد في حجّته الوحيدة وهو الصحيح – حسب الكثير من أقوال العلماء – وعلّة ذلك سوقه الهدي وهو لعمري خلاف بين العلماء، ما قاله واضعو الكتاب، عندما قالوا في الفقرة التي أوردها الأخ الماجري ، وأذكّر بها: ( وأنواع الإحرام ثلاثة، هي :أ- الإفراد : وهو الإحرام بالحجّ وحده، إذ يؤدي الحاجّ حجّه أوّلا ثمّ يحرم بالعمرة بعد الفراغ من أعمال الحجّ، وهو الأفضل عند المالكية ولا هدْي فيه، وبه حجّ النبيّ عليه الصلاة والسّلام، وهو المختار بالنسبة إلى الحجيج التونسيين  . )

 

 فالقضيّة إذا ليست في مناقشة أقوال العلماء، أو في أفضلية الإفراد مثلما ذهبت إليه المالكيّة، بل في التوقّف عند قول الكتيّب ( وأنا لم أقرأ الكتاب ولكنّي أورد ما جاء على لسانيكما ): وهو الأفضل عند المالكية ( وهذا صحيح )، ولا هدي فيه ( وهو صحيح ولكنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد ساق هو ومجموعة معه الهديَوبه حجّ النبيّ عليه الصلاة والسلام ( هذه فيها ما فيها، وهي التي قصدها الأخ الماجري أحسب ). ولعلّ سرد الحديث الصحيح عن حجّة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم تغني عن الجدل. فقد بوّب الإمام مسلم رحمه الله:     

باب حجة النبي  صلى الله عليه وسلم:  حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن حاتم، قال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل المَدَني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخلنا على جابر بن عبد الله، فسأل عن القوم حتى انتهى إليّ فقلت أنا محمد بن علي بن حسين (….)، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال بيده، فعقد تسعا.  فقال إن رسول الله  صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذّن في الناس في العاشرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجّ، فقدم المدينةَ بشرٌ كثيرٌ، كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول الله  صلى الله عليه وسلم،  ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحُليفة فولدت أسماء بنت عُميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كيف أصنع؟ قال: « اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي »  فصلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في المسجد ثم ركب القَصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، نظرت إلى مد بصري بين يديه، من راكبٍ وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله  صلى الله عليه وسلم  بين أظهُرنا، وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل من شيء عملنا به، فأهل بالتوحيد:  » لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك  » وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرُدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه، ولزم رسول الله  صلى الله عليه وسلم تلبيته، قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوي إلا الحجّ، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرَمَلَ ثلاثا ومشى أربعا، ثم تقدّم (نفذ) إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: « واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى » فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول – ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم – كان يقرأ في الركعتين: «  قل هو الله أحد  » و  » قل يا أيها الكافرون « ، ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ:  » إن الصفا والمروةَ من شعائر الله  »  » أبدأ بما بدأ الله به  » فبدأ بالصفا، فرقِيَ عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحّد الله وكبّره وقال:   » لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده  » ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبّتْ قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعِدتا مشى، حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخرُ طوافٍ ( طوافه ) على المروة فقال:  » لو أنّي استقبلتُ من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هديٌ فليَحِلَّ وليَجْعَلْها عمرةً « ، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله ألعَامِنَا هذا أم لأبَدٍ؟ فشبك رسول الله  صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال:  » دخلت العمرة في الحج « ، مرتين  » لا، بل لأبَدٍ أبَدٍ  » وقدم عليٌّ من اليمن ببُدْن النبي  صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممّن حلّ، ولبست ثيابا صبيغا،  واكتحلت فأنكر ذلك عليها، فقالت إنّ أبي أمرني بهذا، قال فكان عليٌّ يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم محرّشا على فاطمة، للذي صنعت، مستفتيا لرسول الله  صلى الله عليه وسلم فيما ذكرتْ عنه، فأخبرتُه أني أنكرت ذلك عليها فقال:  » صدقت صدقت، ماذا قلتَ حين فرضتَ الحجّ؟  » قال قلت: اللهم إنّي أهلّ بما أهلّ به رسولُك، قال:  » فإن معيَ الهدي فلا تحلّ  » قال: فكان جماعةُ الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن، والذي أتى به النبيُّ صلى الله عليه وسلم مائةً، قال فحلّ الناسُ كلُّهم وقصّروا، إلا النبيّ صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هديٌ..

أكتفي بهذا الجزء من الحديث، فإنّه يأتي على الخلاف كلّه فيرجعه إلى الحقّ بإذن الله، و أورد ما قاله  » صاحب بداية المجتهد ونهاية المقتصد  » رحمه الله و أثابه خيرا كثيرا تحت عنوان ( نوع حجّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم ): …والسبب في اختلافِهم: اختلافُهم فيما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ذلك؛ وذلك أنّه روي عنه – عليه الصلاة والسلام –  » أنّه كان مفردا « . وروي « أنّه تمتّع« .وروي عنه  » أنّه كان قارنا « . فاختار مالك الإفراد، واعتمد في ذلك على ما روي عن عائشة؛ أنّها قالت:  » خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام حجّة الوداع، فمنّا من أهلّ بعمرة ، ومنّا من أهلّ بحجّ وعمرة. وأهلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحجّ  » .

والذين رأوا أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان متمتّعا، احتجّوا بما رواه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:  » تمتّع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عام حجّة الوداع بالعمرة إلى الحجّ، وأهدى وساق الهدي معه من ذي الحليفة « .

واعتمد من رأى أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان قارنا أحاديث كثيرة منها: حديث ابن عبّاس عن عمر ابن الخطّاب قال:  » سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول وهو بوادي العقيق: أتاني الليلة آت من ربّي، فقال: أهلّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجّة « . خرّجه البخاري.

وحديث مروان بن الحكم قال:  » شهدت عثمان وعليّا، وعثمان ينهى عن المتعة و أن يجمع بينهما، فلمّا رأى ذلك عليّ ، أهلّ بهما: لبّيك بعمرة وحجّة وقال: ما كنت لأدع سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقول أحد « . خرّجه البخاري كذلك.

وحديث مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت:  » خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام حجّة الوداع، فأهللنا بعمرة. ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: مَن كان معه هديٌ فليهلّ بالحجّ مع العمرة، ثمّ لا يحلّ حتّى تحلّ منهما جميعا « …

أكتفي بهذا القدر، وأحسب أنّه لا خلاف في أنّ المالكيّة قد اختاروا الإفراد وقدّموه على التمتّع و القران كما أنّه لا خلاف في أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد ساق الهدي عند حجّته ( قال في بداية المجتهد ونهاية المقتصد: و يبعد أن يأمر بالقران من معه هدي، ويكون معه الهدي ولا يكون قارنا ). وكنّا نستطيع اجتناب الخلاف و اجتناب تكذيب بعضنا البعض لو اعتمد علماء وزارة الشؤون الدينية التونسية العدالة، فأوردوا كلّ أقوال العلماء والفقهاء من قبلهم ثمّ عقّبوا بأنّنا في تونس نختار ما ذهب إليه المالكية لأنّه الأيسر. أمّا وقد حصروا فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيما اجتهد مالك والمالكية في فهمه واستنباطه فقد دلّسوا على النّاس بعض دينهم، وقد أعطوا لخميس الماجري الحجّة لاتّهامهم!. وما كان منه ذلك – أحسب – إلاّ دفاعا عن سنّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم واجتهادا في فهمها ومحاولة تبليغها دون خلط تفرضه سياسة التغيير…والله ورسوله أعلم !…

 

أحاديث الإفراد

رسالة إلى الأخ الماجري

طالب علم

 

حديث رقم 1231

حدثنا يحيى بن أيوب وعبد الله بن عون الهلالي قالا حدثنا عباد بن عباد المهلبي حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر في رواية يحيى قال

: (أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا وفي رواية بن عون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج مفردا). رواه مسلم

 

حديث رقم

1232

وحدثنا سريج بن يونس حدثنا هشيم حدثنا حميد عن بكر عن أنس رضي الله عنه قال

: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعا قال بكر فحدثت بذلك بن عمر فقال لبي بالحج وحده فلقيت أنسا فحدثته بقول بن عمر فقال أنس ما تعدوننا إلا صبيانا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لبيك عمرة وحجا). رواه مسلم

 

وحدثني أمية بن بسطام العيشي حدثنا يزيد يعني بن زريع حدثنا حبيب بن الشهيد عن بكر بن عبد الله حدثنا أنس

: (رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما بين الحج والعمرة قال فسألت بن عمر فقال أهللنا بالحج فرجعت إلى أنس فأخبرته ما قال بن عمر فقال كأنما كنا صبيانا). رواه مسلم

 

حديث رقم

1487:

حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت

: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة لم يحلوا حتى كان يوم النحر). رواه البخاري

 

738:

حديث رقم

حدثني يحيى عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت

: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فأما من أهل بعمرة فحل واما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر).  الموطأ

 

739:

حديث رقم

حدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين

: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم افرد الحج).  الموطأ

 

740:

حديث رقم

وحدثني عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين

: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم افرد الحج).  الموطأ

 

741:

حديث رقم

وحدثني عن مالك انه سمع أهل العلم يقولون

: (من أهل بحج مفرد ثم بدا له ان يهل بعده بعمرة فليس له ذلك قال مالك وذلك الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا). الموطأ  

1779:

حديث رقم

حدثنا القعنبي عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت

: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر).  

ر ييب ي شضض

 ذكر الإمام أبو داود مصنف هذا الكتاب أن الأحاديث التي في كتابه هي أصح ما عرف في الباب وقال ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح

 

سنن أبي داود

 

1780:

حديث رقم

 

حدثنا بن السرح أخبرنا بن وهب أخبرني مالك عن أبي الأسود

: (بإسناده مثله زاد فأما من أهل بعمرة فأحل).  سنن أبي داود

 

1791:

حديث رقم

حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثني أبي ثنا النهاس عن عطاء عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

: (إذا أهل الرجل بالحج ثم قدم مكة فطاف بالبيت وبالصفا والمروة فقد حل وهي عمرة قال أبو داود رواه بن جريج عن رجل عن عطاء دخل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج خالصا فجعلها النبي صلى الله عليه وسلم عمرة).

 

سنن أبي داود

1781:حديث رقم

حدثنا القعنبي عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت

: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا فقدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة قالت ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك قالت فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا قال أبو داود رواه إبراهيم بن سعد ومعمر عن بن شهاب نحوه لم يذكروا طواف الذين أهلوا بعمرة وطواف الذين جمعوا الحج والعمرة).

 

سنن أبي داود

1792:حديث رقم

حدثنا الحسن بن شوكر وأحمد بن منيع قالا ثنا هشيم عن يزيد بن أبي زياد قال بن منيع أخبرنا يزيد بن أبي زياد المعنى عن مجاهد عن بن عباس قال

: (أهل النبي صلى الله عليه وسلم بالحج فلما قدم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة وقال بن شوكر ولم يقصر ثم اتفقا ولم يحل من أجل الهدي وأمر من لم يكن ساق الهدي أن يطوف وأن يسعى ويقصر ثم يحل زاد بن منيع في حديثه أو يحلق ثم يحل).  سنن أبي داود

المنتقى شرح موطأ مالك( ش )

: قولها خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع وهو عام عشرة من الهجرة ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة غير هذه الحجة حج أبو بكر بالناس عام تسعة وحج النبي صلى الله عليه وسلم بعده عام عشرة , وإنما سميت حجة الوداع ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وعظهم فيها وودعهم فسميت حجة الوداع . ‏ ‏( فصل ) وقولها فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة وعمرة , ومنا من أهل بالحج تريد أن من نسك منهم كان على هذه الثلاثة الأضرب ولا يصح نسك على غير هذه الوجوه الثلاثة وهي كلها مشروعة جائزة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عليها وفي قولها بعد هذا التقسيم أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بالحج تصريح بأنه أفرد الحج لا أنها قد نفت عنه الصفتين الأخريين وجعلته ممن كان نسكه الحج , وقد اختلف الناس في حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب مالك إلى أنه أفرد وهو أحد قولي الشافعي وقال أبو حنيفة والثوري : إنه قرن الحج والعمرة وقال أحمد بن حنبل وإسحاق وتمتع وهو أحد قولي الشافعي واختلفوا على حسب ذلك في الأفضل من هذه الصفات وفي الحديث دليل على صحة ما ذهب إليه مالك وعائشة أقعد بالنبي صلى الله عليه وسلم وأعلمهم بما كان عليه لا سيما وقد تقصت أصناف النسك وقسمته ثلاثة أقسام : قسم قرن الحج بالعمرة وقسم أحرم بالعمرة وذلك يقتضي إفراده لها وإلا كان من القسم الأول وهو قسم القران وقسم أحرم بالحج وذلك يقتضي إفراده له وإلا دخل في القسم الأول وجعلت النبي صلى الله عليه وسلم ممن أحرم بالحج وذلك يقتضي إفراده له وقد أجمعنا على أن ما فعله من صفات الحج فهو الأفضل . ‏ ‏( فصل ) وقولها فأما من أهل بعمرة فحل تريد بعد أن طاف وسعى بمكة وأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحل حتى كان يوم النحر وهو وقت كمال الحج ; لأن أول وقت تحلل الحاج يوم النحر ومن أهل بالحج والعمرة فلا ينفعه تمام طوافه وسعيه في جواز تحلله من عمرته ; لأنه لما قرن بين النسكين لم يصح تحلله من أحدهما إلا بتحلله من الآخر ; لأنه قد صار حكمهما حكم النسك الواحد والله أعلم . ‏

 

بداية المجتهد ونهاية المقتصد  – للإمام ابن رشد القرطبي

وقد اختلف العلماء أي أفضل هل الإفراد أو القران أو التمتع؟. والسبب في اختلافهم اختلافهم فيما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، وذلك أنه روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان مفردا وروي أنه تمتع وروي عنه أنه كان قارنا فاختار مالك الإفراد، واعتمد في ذلك على ما روي عن عائشة أنها قالت « خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج » ورواه عن عائشة من طرق كثيرة قال أبو عمر بن عبد البر: وروى الإفراد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جابر بن عبد الله من طرق شتى متواترة صحاح، وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وجابر. والذين رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متمتعا احتجوا بما رواه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال « تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى وساق الهدي معه من ذي الحليفة » وهو مذهب عبد الله بن عمر وابن عباس وابن الزبير. واختلف عن عائشة في التمتع والإفراد. واعتمد من رأى أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنا أحاديث كثيرة، منها حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بوادي العقيق « أتاني الليلة آت من ربي فقال: أهل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة » خرجه البخاري، وحديث مروان ابن الحكم قال « شهدت عثمان وعليا وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى ذلك علي أهل بهما: لبيك بعمرة وحجة، وقال: ما كنت لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد » خرجه البخاري، وحديث أنس خرجه البخاري أيضا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « لبيك عمرة وحجة » وحديث مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت « خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله: من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا » واحتجوا فقالوا: ومعلوم أنه كان معه صلى الله عليه وسلم هدي، ويبعد أن يأمر بالقران من معه هدي ويكون معه هدي ولا يكون قارنا. وحديث مالك أيضا عن نافع عن عمر عن حفصة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال « إني قلدت هديي ولبدت رأسي فلا أحل حتى أنحر هديي » وقال أحمد: لا أشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قارنا، والتمتع أحب إلي، واحتج في اختياره التمتع بقوله عليه الصلاة والسلام « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة » واحتج من طريق المعنى من رأى أن الإفراد الأفضل أن التمتع والقران رخصة ولذلك وجب فيهما الدم. وإذ قلنا في وجوب هذا النسك وعلى من يجب وما شروط وجوبه ومتى يجب وفي أي وقت يجب ومن أي مكان يجب وقلنا بعد ذلك فيما يجتنبه المحرم بما هو محرم، ثم قلنا أيضا في أنواع هذا النسك يجب أن نقول في أول أفعال الحاج أو المعتمر وهو الإحرام.

 

المدونة

كِتَابُ الْحَجِّ الْأَوَّلُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَانِ وَالْغُسْلِ لِلْمُحْرِمِ قُلْتُ

لِابْنِ الْقَاسِمِ : أَيُّ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَى مَالِكٍ الْقِرَانُ أَمْ الْإِفْرَادُ بِالْحَجِّ أَمْ الْعُمْرَةُ ؟ قَالَ : قَالَ مَالِكٌ : الْإِفْرَادُ بِالْحَجِّ أَحَبُّ إلَيَّ . قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ : هَلْ يُوَسِّعُ مَالِكٌ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ لِلرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ ؟ قَالَ : لَا إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ . قَالَ : وَقَالَ مَالِكٌ : وَالنُّفَسَاءُ تَغْتَسِلُ وَالْحَائِضُ تَغْتَسِلُ إذَا أَرَادَتْ الْإِحْرَامَ وَلَا تَدَعُ الْغُسْلَ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ ، وَكَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ الْغُسْلَ وَلَا يَسْتَحِبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ مَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ وَيَدَعَ الْغُسْلَ . قَالَ مَالِكٌ : إنْ اغْتَسَلَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ ثُمَّ مَضَى مَنْ فَوْرِهِ إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَحْرَمَ ، قَالَ : أَرَى غُسْلَهُ مُجْزِئًا عَنْهُ ، قَالَ : وَإِنْ اغْتَسَلَ بِالْمَدِينَةِ غُدْوَةً ثُمَّ أَقَامَ إلَى الْعَشِيِّ ثُمَّ رَاحَ إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَحْرَمَ ؟ قَالَ : لَا يُجْزِئُهُ الْغُسْلُ ، قَالَ : وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْغُسْلُ بِالْمَدِينَةِ لِرَجُلٍ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَرْكَبُ مِنْ فَوْرِهِ ، أَوْ رَجُلٍ يَأْتِي ذَا الْحُلَيْفَةِ فَيَغْتَسِلُ إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ

 

المجموع شرح المهذب

 

قَالَ

الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( وَيَجُوزُ إفْرَادُ الْحَجِّ عَنْ الْعُمْرَةِ ، وَالتَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَالْقِرَانُ بَيْنُهُمَا ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ : { خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنَّا ، مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ : وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ } وَالْإِفْرَادُ وَالتَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ ، وَقَالَ الْمُزَنِيّ الْقِرَانُ أَفْضَلُ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمُفْرِدَ وَالْمُتَمَتِّعَ يَأْتِي بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النُّسُكَيْنِ بِكَمَالِ أَفْعَالِهِ ، وَالْقَارِنُ يَقْتَصِرُ عَلَى عَمَلِ الْحَجِّ وَحْدَهُ ، فَكَانَ الْإِفْرَادُ وَالتَّمَتُّعُ أَفْضَلُ ، وَفِي التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ قَوْلَانِ ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : { تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ } ( وَالثَّانِي ) : أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ : { أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَجٍّ لَيْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ } وَلِأَنَّ التَّمَتُّعَ يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ دَمٍ ، فَكَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ مِنْهُ كَالْقِرَانِ ( وَأَمَّا ) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَمَرَ بِالتَّمَتُّعِ كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ رَجَمَ مَاعِزًا وَأَرَادَ أَنَّهُ أَمَرَ بِرَجْمِهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ هُوَ الرَّاوِي ، وَقَدْ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَفْرَدَ بِالْحَجِّ } )

 

( فَرْعٌ ) قَالَ الْإِمَامُ

أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ : طَعَنَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْجُهَّالِ وَكَفَرَةٌ مِنْ الْمُلْحِدِينَ فِي الْأَحَادِيثِ وَالرُّوَاةِ ، حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا ؟ وَهِيَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَفْعَالِ ، وَلَوْ يُسِّرُوا لِلتَّوْفِيقِ وَاغْتَنَوْا بِحُسْنِ الْمَعْرِفَةِ لَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ ، وَلَمْ يَدْفَعُوهُ ، قَالَ : وَقَدْ أَنْعَمَ الشَّافِعِيُّ – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى – بِبَيَانِ هَذَا فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ . وَجَوَّدَ الْكَلَامَ فِيهِ ، وَفِي اقْتِصَاصِ كُلِّ مَا قَالَهُ تَطْوِيلٌ ، وَلَكِنَّ الْوَجِيزَ الْمُخْتَصَرَ مِنْ جَوَامِعِ مَا قَالَ أَنَّ مَعْلُومًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ جَوَازُ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى الْآمِرِ بِهِ ، لِجَوَازِ إضَافَتِهِ إلَى الْفَاعِلِ ، كَقَوْلِكَ : بَنَى فُلَانٌ دَارًا إذَا أَمَرَ بِبِنَائِهَا ، وَضَرَبَ الْأَمِيرُ فُلَانًا إذَا أَمَرَ بِضَرْبِهِ ، وَرَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاعِزًا وَقَطَعَ سَارِقَ رِدَاءَ صَفْوَانَ ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ . وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ ، وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ الْقَارِنُ وَالْمُفْرِدُ وَالْمُتَمَتِّعُ ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَأْخُذُ عَنْهُ أَمْرَ نُسُكِهِ وَيَصْدُرُ عَنْ تَعْلِيمِهِ ، فَجَازَ أَنْ تُضَافَ كُلُّهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ أَمَرَ بِهَا وَأَذِنَ فِيهَا . قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَمِعَهُ يَقُولُ : لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ ، فَحَكَى أَنَّهُ أَفْرَدَ وَخَفِيَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : وَعُمْرَةٍ ، فَلَمْ يَحْكِ إلَّا مَا سَمِعَ ، وَسَمِعَ أَنَسٌ وَغَيْرُهُ الزِّيَادَةَ ، وَهِيَ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ، وَلَا يُنْكَرُ قَبُولُ الزِّيَادَةِ ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ التَّنَاقُصُ لَوْ كَانَ الزَّائِدُ نَافِيًا لِقَوْلِ صَاحِبِهِ ، فَأَمَّا إذَا كَانَ مُثْبِتًا لَهُ وَزَائِدًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَنَاقُضٌ . قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي سَمِعَهُ يَقُولُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ ، فَيَقُولُ لَهُ : لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ عَلَى سَبِيلِ التَّلْقِينِ . فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ فِيهَا تَكَاذُبٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا سَهْلٌ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَقَدْ رَوَى جَابِرٌ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إحْرَامًا مَوْقُوفًا ، وَخَرَجَ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَهُوَ عَلَى الصَّفَا ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ عُمْرَةً ، وَأَمَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحُجَّ } هَذَا كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ . وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : ( قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ عُلَمَاءَ وَغَيْرِهِمْ ، فَمِنْ مُجِيدٍ مُنْصِفٍ وَمِنْ مُقَصِّرٍ مُتَكَلِّفِ ، وَمِنْ دَخِيلٍ مُكْرَهٍ ، وَمِنْ مُقْتَصِرٍ مُخْتَصِرٍ ، وَأَوْسَعُهُمْ نَفَسًا فِي ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ الْحَنَفِيُّ ) وَإِنْ كَانَ تَكَلَّفَ فِي ذَلِكَ فِي زِيَادَةٍ عَلَى أَلْفِ وَرَقَةٍ ، وَتَكَلَّمَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ . ثُمَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ بْنِ الْمُهَلِّبِ ، وَالْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُرَابِطِ ، وَالْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَصَّارِ الْبَغْدَادِيُّ وَالْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمْ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَأَوْلَى مَا يُقَالُ فِي هَذَا مَا لَخَّصْنَاهُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاخْتَرْنَاهُ مِنْ اخْتِيَارَاتِهِمْ مِمَّا هُوَ أَجْمَعُ لِلرِّوَايَاتِ وَأَشْبَهُ بِمَسَاقِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لِلنَّاسِ مِنْ فِعْلِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ لِيَدُلَّ عَلَى جَوَازِ جَمِيعِهَا إذْ لَوْ أَمَرَ بِوَاحِدٍ لَكَانَ غَيْرُهُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ ، فَأُضِيفَ الْجَمِيعُ إلَيْهِ ، وَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَأَبَاحَهُ لَهُ ، وَنَسَبَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا لِأَمْرِهِ بِهِ ، وَإِمَّا لِتَأْوِيلِهِ عَلَيْهِ . ( وَأَمَّا ) إحْرَامُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ فَأَخَذَ بِالْأَفْضَلِ فَأَحْرَمَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ ، وَبِهِ تَظَاهَرَتْ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ ، وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ بِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا فَمَعْنَاهَا أَمَرَ بِهِ ، وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ بِأَنَّهُ كَانَ قَارِنًا فَإِخْبَارٌ عَنْ حَالَتِهِ الثَّانِيَةِ لَا عَنْ ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ بَلْ إخْبَارٌ عَنْ حَالِهِ حِينَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّحَلُّلِ مِنْ حَجِّهِمْ ، وَقَلَبَهُ إلَى عُمْرَةٍ لِمُخَالِفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ ، فَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْهَدْيِ فِي آخِرِ إحْرَامِهِمْ قَارِنِينَ ، بِمَعْنَى أَنَّهُمْ أَرْدَفُوا الْحَجَّ بِالْعُمْرَةِ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مُوَاسَاةً لِأَصْحَابِهِ ، وَتَأْنِيسًا لَهُمْ فِي فِعْلِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُنْكَرَةً عِنْدَهُمْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّحَلُّلُ مَعَهُمْ لِسَبَبِ الْهَدْيِ وَاعْتَذَرَ إلَيْهِمْ بِذَلِكَ فِي تَرْكِ مُوَاسَاتِهِمْ فَصَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِنًا فِي آخِرِ أَمْرِهِ .

 

السّلطة في تونس تكذب على رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم

وممّا يدلّ على ذلك ما جاء في كتاب وزارة الشّؤون الدّينيّة التّونسيّة حيث زعمت السّلطة أنّها دراسة مرجعيّة أنجزها نخبة من العلماء وممّا جاء في هذا الدّليل :

 

وأنواع الإحرام ثلاثة، هي

 : أ- الإفراد : وهو الإحرام بالحجّ وحده، إذ يؤدي الحاجّ حجّه أوّلا ثمّ يحرم بالعمرة بعد الفراغ من أعمال الحجّ، وهو الأفضل عند المالكية ولا هدْي فيه، وبه حجّ النبيّ عليه الصلاة والسّلام، وهو المختار بالنسبة إلى الحجيج التونسيين  .

 

وهذا كذب رسميّ واضح من مؤسّسة دينيّة في زعمهم أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حجّ بالإفراد

وهذا مخالف لما عند الأمة كلّها المجمعة لما ثبت لديها أنّ حجّته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كانت قرانا:

 

أين الإجماع؟

 

طالب علم


 

على هامش مهرجان ردود تلامذة الأمس على الشيخ خميس الماجري أحد مؤسسي حركة النهضة

دعوة إلى رفض التعصب الحزبي والتنديد به (1 من 2)

بقلم: أبو البراء المهاجر

 

فوجئت كما فوجئ غيري من قراء تونس نيوز بمهرجان المقالات ضد الشيخ خميس الماجري, لأنه تجرأ  باعتباره طالب علم و من تلامذة العلماء ,على مخالفة اختيارات قيادة نهضة المهجر بالأدلة الشرعية, بدل التطبيل لها كما هو المطلوب , كما فوجئت أيضا و معي قراء تونس نيوز بمقال طويل للهادي بريك, خلط فيه بين اضراب الجوع و الجهاد في سبيل الله!!, و لكن عفوا أيها القراء من خول لي أو لغيري التحدث باسم قراء تونس نيوز؟!! لماذا لا أعبر عن رأيي بالدليل و البرهان و أترك هذه الأساليب الديماغوجية  التهويلية والمضحكة؟, و لكن أخانا علي بن عرفة ـ سامحه الله ـ { و أرجو ألا يضيق صدره من هذا الحوار الأخوي, الذي لا يقصد شخصه المحترم} اختار هذا الأسلوب التهويلي للرد على مقال الشيخ خميس الماجري, إذ افتتح مقاله بالقول : بأنه فوجئ كما فوجئ قراء تونس نيوز بمقال الشيخ خميس الماجري الذي وصف فيه اضراب الجوع بأنه انتحار! فكيف سمحت لنفسك يا أخي أن تتكلم باسمي و باسم اخوة آخرين بعضهم أعرفهم بالاسم لم يتفاجئوا بمقال الشيخ خميس الماجري ـ حفظه الله ـ و لا يشاطرونك الرأي ؟ !!

فقليلا من الموضوعية و الصدق ـ يرحمكم الله ـ  ثم هل كفر الشيخ خميس الماجري بالله العظيم , حتى ينظم ضده هذا المهرجان ؟!!!! أقول هذا مع اعترافي بأن مقال الأخ علي بن عرفة, اتسم بالأدب و البعد عن تشخيص الخلاف  بخلاف بقية المقالات و خاصة مقال الأخ هادي بريك ـ هداه الله و أصلحه ـ , وهو ما يحمد للأخ علي بن عرفة, بقطع النظر عن اختلافي العميق معه في موقفه من اليسار الملحد و المجرم في حق الدين و العباد و البلاد, الذي يصفه في مقاله ذلك بالمظلوم!! و أن من واجبنا الدفاع عن المظلوم مهما كان! فمن الذي ظلم اليسار المسكين؟!!! و ما هي المرجعية التي أملت عليك هذا القول الإد و الظالم أخي المسلم؟ هل هي مرجعية الكتاب و السنة؟ أي مرجعية الإسلام, أم مرجعية أسطورة  حقوق الإنسان الغربية التي عرتها حتى من ورقة التوت معتقلات غوانتناموا وغيرها و الحملة الصليبية الأمريكية على الأمة الإسلامية, و ممارسات الجمهورية الفرنسية و غيرها!!! أفيقوا يا قومي ـ يهديكم الله ويصلح بالكم ـ و كفى غفوة, فقد حان زمان الصحوة و العزة, إذ كيف يكون اليسار الملحد مظلوما في بلد الإسلام!! فهل كان أجداد هؤلاء اليساريين المجرمين من القرامطة و الحشاشين مظلومين؟!! و من الذي ظلمهم؟!! حددوا لنا موقعكم يهديكم الله ـ ‍‍!!

 

إنها الهزيمة الروحية و الفراغ العقدي هي التي حولت  قضية قسم من أبناء الدعوة الإسلامية العاصرة في تونس, من الدعوة إلى التوحيد و تعبيد الناس إلى الله الواحد الأحد و اخراجهم من جور الأديان إلى عدل الإسلام, إلى الدفاع عن الملاحدة المظلومين المساكين  الذين يقوم مشروعهم أساسا على رفض حكم الشريعة الإسلامية و محاربة الإسلام, و تنظيم اضرابات الجوع لشد أزرهم!! فما الذي يجمعنا بهؤلاء!! إن هؤلاء أنفسهم لا يقولون أنهم مسلمون و يجاهرون بالحادهم و أسألوا حمة الهمامي.

 

إنني أتوجه بالسؤال إلى أتباع و مقلدي الأستاذ راشد الغنوشي ممن يناضلون من أجل حريات اليسار في تونس بما فيها حقه في تولي الحكم و المشاركة فيه!! و قد قال الغنوشي : » إذا ما اختار الشعب الشيوعية فله ذلك  » !!! ما هي مرجعيتكم في هذاا لقول و المسار المنكر الذي لم تسبقوا إليه, هل هي مرجعية الشريعة الإسلامية أم ديمقراطية غوانتناموا الآنفة الذكر؟ و هل التحاكم إلى الله أم إلى الطاغوت؟ و قد قال تعالى  » يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به  » و الطاغوت كما قال ابن القيم :  » هو كل معبود أو مطاع من دون الله أو في غير طاعة الله ».

 

فقد أجمع علماء الإسلام قاطبة لتظافر الأدلة في ذلك من الكتاب و السنة, بأن الأراضي الخراجية أي الأراضي التي فتحها المسلمون عنوة بالسيف { و منها أرض فلسطين و سائر بلاد الشام و العراق و أرض تونس و سائر بلاد المغرب العربي} هي أراضي و قف على المسلمين إلى يوم القيامة لا يجوز أن تسلم إلى غيرهم أو تحكم بغير الإسلام, و قد حكم المسلمون العراق  بالإسلام بعد أن فتحوها عنوة بالسيف, و كان أغلب أهلها على غير دين الإسلام,و لم يفكر عمر الخطاب ـ رضي الله عنه ـ و لا غيره في استفتاء أهلها عن الحكم الذي يرتضونه. كما أجمع علماء الاسلام على بطلان امامة غير المسلم لبلد الإسلام , وأتحدى من يأتيني بقول واحد يخالف هذا القول المجمع عليه و الذي يخرقه خط الأستاذ راشد الغنوشي. حتى الشيخ يوسف القرضاوي الذي تترسون به و تستغلون زلاته لا يقول بهذا القول المنكر. فكيف أجزتم لأنفسكم يا  » دعاة الإسلام » ‍‍‍‍!! أن تناضلوا من أجل حق اليساري أوالملحدالرافض لتحكيم شريعة الله,في الحكم أو المشاركة فيه أو حتى بالدعوة إلى أفكاره المفسدة في بلد الإسلام !!

 

نعم, إن ما يدعو إليه الإسلام صعب التطبيق في ظروفنا الراهنة, و أمامه ما لا يحصى من العقبات الدولية و التحديات , إلا أن هذا لا يبرر لنا معشر المسلمين أن نبدل شريعة رب العالمين,تلهفا منا على كرسي الحكم أو حتى يرضى عنا الشرق و الغرب و المشرقون أو المغربون معهم في بلادنا, إذ لا يكلف الله نفسا إلا و سعها , و من يقوم بلبرلة الإسلام اليوم, هم فئام من غير أهل العلم و الكثير منهم قوميون سابقون أو يساريون سابقون لم يتشبعوا بالتصور العقدي الإسلامي الصحيح, فخرجوا علينا بهذه التلفيقات المتهافته , إنهم اخوان الصفا الجدد الذين يريدون التوفيق القسري بين شريعة رب العالمين و فلسفات و أهواء الذين لا يوقنون, حتى يسمح لهم بالمشاركة في الحكم….إنها عملية تحريف يهودي للإسلام كماوصفها بعض العلماء و المفكرين المسلمين.

 

أعرف أن هذا الكلام يستفظعه اخواننا ممن يئنون تحت وطأة الهزيمة الروحية و العقدية و الخجل من الإسلام اللاديمقراطي , الذي يحتاج إلى حركة تجديدية بروتستنتية ترابية أو غيرها {لا كلفينية و لا لوثرية, محافظة على الهوية} حتى يواكب العصر و حتى يرضى عنا سدنة الديمقراطية المزعومة { لقد بانت هذه الديمقراطية في موقف الاتحاد الاروبي و واشنطن من احتمالات فوز حماس في الانتخاابات البرلمانية الفلسطينية} فيسهل وصولنا إلى سدة الحكم أو المشاركة فيه بأشخاصنا دون ديننا { مشروعنا كما يقال} وأردوغان نموذج لذلك. لكنني أقول لهؤلاء الاخوة هذا هو الإسلام  فاقبلوه أو ارفضوه  » أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض » !! و أكرر القول مجددا أتحدى أي أخ من مقلدي الأستاذ راشد الغنوشي أن يأتيني بقول عالم و احد يبيح لمن لا يؤمن بتحكيم الشريعة الإسلامية أو التحاكم إليها أن يتولى الحكم في بلد الإسلام أو أن يدافع مسلم  , فضلا عمن يصف نفسه بالداعية إلى الإسلام !!عن حقه في تولي الحكم أو دعوة المسلمين إلى أفكاره تلك كالدعوة إلى العلمانية مثلا{ فصل الدين عن الدولة}.

 

اخوتي المسلمين يا أتباع محمد بن عبد الله   ـ صلى الله عليه و سلم ـ : » لا يكلف الله نفسا إلا و سعها  »  و الإسلام ليس مجرد مشروع سياسي للاستيلاء على الحكم, كما حوله من سيسوا الإسلام و اختزلوه في بعده السياسي , ليسلطوا عليه بعد ذلك المطرقة و المقص و المنجل   » ليهذبوه » حتى  » لا يخجلهم أمام  الأجانب » بعد أن تورطوا في مسار التنازلات المبدئية تلهفا نحو كراسي السلطة…, فما دمنا عاجزين فلنحافظ على الإسلام كما أنزله الله و لنعمل ما نحن قادرين على تحقيقه من الدعوة إلى التوحيد بشتى أقسامه و اقامة أركان الإسلام و الإيمان و تربية أنفسنا و الناس على ذلك, و لتبقى الراية مرفوعة جيلا بعد جيل حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا و تتهيأ شروط نهضة الأمة , دون أن نسقط في مستنقع تحريف الإسلام, الذي يعني انتحار صاحبه لا غير, و المساهمة في  تعطيل حركة الدعوة الإسلامية والتغيير الإسلامي ودونكم و تقرير مؤسسة  » راند ».

 

إن ما يقوم به خط الأستاذ راشد الغنوشي اليوم من تلميع لليسار  » التونسي » الذي هو على حافة الانقراض باسم قضية المساجين التي ترفض نهضة المهجر الحل الصحيح لها و تصر على الهروب إلى الأمام عبر اضرابات الجوع واللهاث و راء اليسار المجرم , إنما هو تلميع لهذا اليسار البائس و المجرم و مساهمة في اعطاءه الشرعية و المصداقية المزعومة, و من يصدق أن حمة الهمامي  وحزبه الستاليني يناضلون من أجل الحريات في بلادنا!! آه ثم آه , فليشفك الله أيها الدكتور صالح كركر و ليعافيك , فقد تركت مقعدك شاغرا, و أنت الذي طالما كتبت بأن اليسار المجرم في تونس بشقيه المتحالف مع السلطة و » المعارض لها » و جهان لعملة واحدة, و أن بينهم تنسيق و تعاون أثبتته الأدلة والوثائق, لكن كيف يمكن اقناع حركة جعلت نفسها رهينة رضى الحكومات الغربية عنها بهذا الخطاب!!؟

 

أخوة الإسلام, كفى غفلة وهرولة فقد حان أوان العزة : « و لله العزة و لرسوله وللمؤمنين و لكن المنافقين لا يعلمون ».

 

يتبع


من فقه المسألة الجِرويّة

 والتعصّب والكره..

ومسائل أخرى!

طارق الشامخي

 

حفيفُ الشجر من حولي معتلجٌ بالهسهسات.. وسكونُ ليلٍ ولسعات برد قارس في ليل يفترض ان يكون صيفيا قائضاً هنا في اواخر شهر ديسمبر\كانون أول.. ونطنطات الكنغارو الأليف من هنا وهناك بين الشجر يزيدني ألفة للمكان واطمئناناً لرحمة الواحد الديّان رغم عزلتي وانقطاعي عن الناس.. ويخرق الصمت بين الفينة والأخرى مواء حيوان غريب لم استطع تحديد كنهه إلى الآن!

أكتب هذه الشذرات على عجل من مقر عملي في أحد غابات أستراليا، معزولاً عن كتبي ومصادري التي تركت معظمها أصلاً خلف البحار، لذا اعذروني في إرسال مقالي من السند الموثّق، مكتفيا بما ترسّخ لي في ذهني من علم تلقيته على ضنك وفي كبد لسنين عدة تجاوزت الآن عقداً ونصف هي عمر غربتي وكربتي وضعف نفسي وهواني على الناس.. فاعذروني مرة اخرى ولمن وجد لديّ خطأً أو سهواً فليستدركه بامانة العلم ومسؤولية التحضّر ووعي المرحلة، ولا يصرخنَّ في وجهي أو يشدد برأسي، فانما انا عبد ضعيف يهاب زئير الأسود ويتهوّل فحيح الأفاعي، ولا يحب الصّخب والوصب والنصب، ويتمنّى في الجنّة قصراً كالذي لخديجة بسيطاً من قصب.. إنما انا ابن امراة من تونس كانت -ولا تزال- تأكل القَدِيد!.. أطال الله في عمرها وعمر القَدِيد في مخازنها. آمين.

والله الموفّق لنا جميعاً لما يحبّه ويرضاه.

أعود بعد مقال لي قبل أشهر عديدة او ربما أكثر من السنة عن« النهضة واخواتها .. » تناولت آنذاك فقه الحركة الاسلامية ومذاهب الاختلاف والتحرك الفكري منه والتنظيمي.. ولا أظن أن ما كُتب مني آنذاك قد استُدرك تصحيحاً –بحسب ما أُرى (بضم الالف ومعناه اي ما ارجح من نظر فقهي..) والله أعلم بالطبع- لذا سأحاول في هذه الاسطر ان اعالج الموضوع من زاوية مخالفة تماماً.

واعود الى موضوعين حديثين جديرين بالمعالجة عندي، أولاهما ما أثاره مقال الماجري –حفظه الله وزاده علما وبعد نظر وابتعاد عن الهجوم الحادّ على الآخرين ولو مدافعاً عن نفسه..-، ثم موضوع المسلمين الجدد الذي يتقاطع مع موضوعنا لاسيّما فيما أعايش هنا في استراليا وذلك لجهة ازدحام التعصب المذهبي والفهم التجزيئي للإسلام بموضوع دعوة المسلمين الجدد وتثبيتهم – أو تأليفهم- على دينهم الجديد،.. مع موضوع التعصف نفسه للفكرة والرأي الحزبي أو الفقهي الذي احتدم ويحتدم بشكل منتظم (على صفحات تونس نيوز منبر حوار المغتربين الاسلاميين التونسيين الممتاز) بين الفينة والاخرى، محدثا بلبلة في بعض المفاهيم كما أشار الى ذلك جميعهم تقريبا.. كما او المعالجين ليسوا على درجة واحدة من تحمل مسؤولية العلم الشرعي (أي أن ان يكون ضليعا بالشريعة قبل ان يسمح لنفسه بالافتاء الشرعي..) وهو مطلوب وملحّ – كما أشار الى ذلك باتفاق منهجي: الاخوة الهادي بريك، خميس الوسلاتي وودّ الريس.. وان اختلفوا او شبه اختلفوا في النتائج، وهو وارد في الفقه بشكل عام.

في المسألة الجِروِيّة:

  أعود الى قصة الأخت الدكتورة الاسترالية الجديدة في عالم الاسلام التي حدثتكم عن بعض اخبارها قبل ثلاثة أيام.. كنت في سياق مطالبتها بالالتزام الشرعي ببعض ما أراه ملحا ولا يحتمل التأخير –مع اغفال ذكر تفاصيلها ستراً شرعياً لخصوصية الأخت، وهو مطلب شرعيٌ، كما طلب منا عدم الجهر بالسوء من القول وعدم الجهر بالاثم والفواحش، وحفظ بواقي عورات المسلمين.. حتّى فاجئتني ببكاء مر طويل…

احترت لأمرها ابتداءًا وسألتها كما سألت نفسي هل أني لم أحسن الطلب؟؟ لم أحسن تنزيل النصوص الشرعية؟؟ لم احسن اختيار زمان ومكان الدعوة او التذكير الشرعي؟؟ أم اني مخطئ ابتداءًا في طلب هكذا أوامر شرعية لمسلمة في هذه المرحلة المبتدئة من الإسلام..؟؟ وطلبت منها العفو إن أسات لها.. وحزنت للحظات ريثما أنهت بكاءها المحيّر!

قالت لي بعد تردّد بأن المطلوب منها بسحر ساحر أن تنسى كل ماضيها المسيحي في لحظات.. من تقاليد وعادات وعقائد وأن تلتزم كالمسلمين المولودين مسلمين .. بل يجب ان تكون أحسن منهم.. واسترسلت: بأن ليس هذا هو سبب بكائها بل الذين قاطعوها.. خاصموها.. في الله.. وفي الدين الجديد! ولم يعودوا يتكلموا معها وهم الذين أسهم منهم من أسهم في هدايتها (أطباء زملاء لها، عرب مسلمون ) والإجابة على امتداد اشهر عديدة حول استفساراتها وإشكالاتها العقائدية والفكرية المتعلقة بعالم ومنظومة وعقيدة الإسلام.. والسبب؟؟

اذا عرف السبب بطل العجب عادة.. ولكن السبب هنا يزيد في العجب بلّةً (ويصبح حاله حال « الكرموس في العديلة »..) السبب هو احتفاظها الى الآن في مسكنها بجرو صغير لا يكاد يتجاوز حجمه القط إلا قليلا.. وأرتني صورته في هاتفها المحمول مضيفة: أنا بصدد البحث عمن يكفله ويتحمل عبئه عني ولكن لم أجد الى الآن.. لقد نصحوني -اي هؤلاء الدعاة المفترضون بتسليمه لجهات مختصة في تصفية الحيونات.. وهو عمل مرعب في نظرها لا يمكن أن يكافي اخلاص هذا الحيوان ووفائها وونسته لها في ليال طوال قبل إسلامها..وبعد عِشرة ليست بالقصيرة مع هذا الحيوان الوفي الاليف.. وشاركتها جزئياً في رأيها هذا بأنه عمل غير مستساغ من زاوية الفقه الإسلامي..لانه ليس بحيوان مؤذ في الجملة. واسترسلت لها في قصة المرأة التي دخلت النار في هرة لأنها لم تطعمها وقول الحبيب المصطفى بأنه: « في كل كبدٍ حرّى أجرٌ« ..واستنكرت ذلك منهم وشدّدت الإنكار في عملية مقاطعتها في حد ذاتها. وهممت بأن اخبرها بتفاصيل الآراء الفقهية في اتخاذ اللكلب للحراسة في بيوت المسلمين وموقف الامام ابن ابي زيد القيرواني الذي اتخذ كلبا لحراسة منزله بعدما كثرت عمليات السطو والنهب في زمنه بحاضرة القيروان، ولما ووجه بالملامة وبأن مالكا كره ذلك او منعه أجاب بحدة ضربت مثلا ونكتة: « لو كان مالكا موجوداً لاتخذ أسداً! ». أي لحراسة بيته من الخارج وهذا التحول هو من فقه المصالح على اية حال ولا حرج في ذلك. هممت بتفصيل كل ذلك ولكنها خانتني لغة شكسبير.. « بيها وعليها »! ولم أعدم على أية حال التنبيه الى ضرورة الاحتياط في ولغ الكلب في آنيتها وانه حتى لو حصل فالمسألة بسيطة ولا تتطلب أكثر من غسل الآنية سبعاً إحداها بالتراب.. وكانت متيقظة لكل ذلك ونافرة بطبعها من نقع الكلاب ولعابهم..

 « إن دين الله يسر وما شادّ أحدٌ هذا الدين الا شادّه » (الحديث) ولهذا دخلت هي في الإسلام وسيدخل غيرها بإذن الله.

 ولكن.. تصوروا لو أنها -لا قدّر الله- ترتد عن الاسلام بعد تجربة مازالت هزيلة في الايمان والتدين.. وبسبب ماذا؟؟ بسبب كلب أو جرو صغير لم يحسن – المولودون افتراضاً على فطرة الاسلام- ان يفقهوا تنزيل مسألته وهي في غاية البساطة ولا تتطلب حتى استفتاءًا من مستفتي لوضوح المسلك فيها. ماذا لو حصلت عملية الردة؟؟ هل سيسلمون من سؤال الواحد الأحد في الموضوع؟؟ لا أظن ذلك.

وهذا مما ذكرني بما رواه احد الثقات عندي من قصة شاب تونسي تزوج فرنسية واقنعها بالحجاب وتحجبت.. ولكنها كلما تشاجرت مع زوجها الا ورمت في وجهه بالحجاب وسبّته وسبّت دينه، أي دينها الجديد والعياذ بالله.

قال الرسول الخاتم – صلى الله عليه وسلم لعلي ومعاذ لما أرسلهما قاضيين الى اليمن: « بشّرا ولا تنفّرا ويسّرا ولا تعسّرا وتطاوعا« . وفحوى عملهما القضائي كان بالأساس المسلمين الجدد في بلاد اليمن.

أوضحت للأخت – التي تمكّن توحيدها وترسخت عقيدتها ولله الحمد والمنة، كما انها قطعت المحارم في الماكولات والمشروبات مقاطعة صارمة حازمة.. رغم العنت الذي تلاقيه من محيطها خاصة حول شرب الخمر..- بأن المسألة بسيطة ولتبحث على مهلها من يكفله ولتشدّد عليهم في الاعتناء به إن لزم الامر (وهي عادة الغربيين في الاشتراط على من يهبوه حيواناً منزلياً بالمجّان وقد حدثت معي في أرانب رغبت زوجتي في تربيتها في حديقة بيتنا الخلفية) وأن المسالة مضخّمة- سامحهم الله الذين اظن انهم من اصحاب التوجّهات السلفية وان كان الشافعية يشدّدون هم الآخرون في موضوع النجاسات ونجاسات الكلاب خاصة- المهم ان الموضوع وضح لها في سياقه الطبيعي من التيسير ورفع الحرج والتبشير بدل التنفير.. والأهم من كل ذلك:

التدرج في الالزام بالأحكام بالنسبة للمسلمين الجدد، قياساً بفعل الإسلام في صدره الاول من تنزيل منجّماً على المسلمين اعتنى بالعقائد والمفاهيم والكليات في معظم العهد المكي الذي تجاوز الثلاثة عشر سنة، في حين اختص العهد المدني بالتفصيلات الفقهية والقانونية اللازمة للاجتماع الاسلامي الجديد. وأخبرت الأخت ان الخمر لم تحرّم مباشرة على المسلمين وكذلك جميع المحارم الأخرى التي احتاجت سنوات وسنوات .. ومن باب اولى ان تحتاجي أشهر حتى تحلّي قضايا اسلامك المستعصية عليك.. وأوصيتها بأخذ اليسر ورفع الحرج وإن كانت لغتي الانجليزية تخونني أحيانا لجدّتي فيها ولجدّتي في عالم الدعوة بلغة شكسبير.. لهذا شددت عليها بالعمل بالمثل الاسترالي الدارج على كل لسان في كل محادثة تقريباً: « take it easy » أي: خذ الأمور ببساطة.. وهكذا اخذت الاخت الموضوع -المسالة الكلبية أقصد! قياساً على مسالة عمر الحمارية في الفرائض..- ببساطة انجليزية استرالية نفتقدها أيما افتقاد في اجتماعنا العربي الاسلامي. وعاد اليها فرحُها بالإسلام من جديد!

وانفرجت أساريرها وازداد فرحها بنور الإسلام وبسماحته، عندها.. اغتنمت معها الفرصة لأحدثها عن هموم المسلمين الكبيرة التي كان أولى بهؤلاء الأبطال المستقوين على جرو صغير ان يركّزوا عليها: من مثل ما يحدث عندنا في تونس من منع للحجاب ومحاربة للمسلمين، وسرقة الامريكان وحلفائهم بما فيهم الاستراليون طبعا، لبترول المسلمين في العراق .. وعن قضايا التجهيل والقتل البطيء التي يتلقّاها « الأبورجينز » في الداخل الأسترالي.. فعاد حزنها من جديد ولكن مرفقاً هذه المرة بشعور حقيقي لإنتماء لأمة تتمزّقها مخالب الطغيان والحقد والأطماع بين شرق وغرب.. وهو حزن مطلوب شرعاً:  » من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم! » الحديث.

وبالمقابل فقد ارتحت جداً من طرفي لهذه النتيجة التي توصلت اليها في موضوع المسألة الجروية المجيدة! والأهم أني لم ابدوا لديها متزمّتا أو إرهابياً (extremist or terrorist) كما ينشر الاعلام هنا  وفي كل مكان لا سيما فيما يتعلق بموضوعات مزلزلة كالحرب في العراق. ولله الحمد والمنّة على هذا التوفيق. ثم تنبهت لظاهرة الحقد والتعصب للرأي والشحن في النفس من أثر ذلك.. كم هي شائعة بيننا – يا إلاهي!- وكم هي نادرة بينهم بتجربة ما أراه في الحياة اليومية هنا.. وكم يرونها حدثاً عظيماً أن يقاطعهم شخص ما أو يحقد عليهم بسبب رأي ما ولو كان – بالطبع دينيا كفرياً من منظورهم.. – أي ولو كان إسلام هذه المراة وأخواتها في حد ذاته.. وتساؤلت: ألم يحن لمثقفينا وإخواننا ودعاتنا المقيمين في الغرب أن يتعلموا منهم هذا الأمر ان كانوا قد عدموا الرجوع الى الدين واستدراك الموضوع في مظانّهِ وهو من باب أولى؟؟ ولقد قلت مرة بعد شكوى مني من شخص أساء الي كثيراً رغم رابط الاخوة والعمل الاسلامي- والشكوي لربي وحده-.. وذلك لشيخ منّا في بيروت ذات يوم بأننا أي التوانسة « خايبين مع بعضنا ».. فطأطأ رأسه مطرقاً وردّد معي نعم: « خايبين برشة ».. فيا حسرة على العباد!

طلب العلم وعدم التجرؤ على الفتيا:

من باب المعلوم من الدين بالضرورة أن من تجرأ على الفتيا بغير علم فقد تجرّأ على الناركما هو الحال ب « من كذب علي عامداً متعمدا فليتبوأ مقعده من النار » الحديث. وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من « الرويبضة » وهم المتطفلين على العلم الشرعي من دون استعداد لذلك والمفتين بغير علم فيه، فمن منكم يجرأعلى ان يكون من الرويبضة؟؟؟.

         ويقول عمر الإمام في هذا المضمار: « أي ارض تظلّني وأي سماء تقلّني إن قلت في كتاب الله بما لا أعلم؟؟ ». وفي الباب احاديث كثيرة ونقول غزيرة تدرك في مظانّها لمن أراد التوسّع. كما ان العلماء اشترطوا الصحبة في طلب العلم ولا عمدة بمن يتفقه من الكتب والمجلدات العظام مهما طال باعه فيها، حتى قال الأئمة محذّرين: « لا تأخُذِ القرآنَ من مِصحَفيٍّ ولا العلم من صُحفيٍّ! » (المصحفي هو المتعلم القرآن من دون شيخ خصوصاً فيما يتعلق بسند التلاوة وقواعد التجويد والصُّحُفِي هو آخذُ بقيةَ العلم الشرعي من الصحف، اي الكتب من دون معلم وشيخ). وتنطبق هذا القاعدة على معظم العلوم الأخرى بما فيها الدنيوية كالطب والهندسة ونحوها كما يتشدّد الامر في موضوع الحديث النبوي الشريف.

 وقيل: « إن العالِمَ يفيدُك لحظَهُ(اي نظراته والتقاء العين بالعين تربيةً وألفةً ومودةً..) كما يفيدُك لفظَهُ »، ولهذا عاب جمع كبير من العلماء على ابن حزم أنه كان شديدُ مضاءِ اللسان على المخالفين حتى قالوا: » سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقان » وذلك بسبب طبيعة تكوين ابن حزم: أي العصامية بلغة اليوم وتعليم نفسه بنفسه من الكتب. ولكنَّ لي راي آخر في مسألة ابن حزم وهو ان ما يشاع عليه في هذا المضمار، أي العصامية في العلوم الشرعية، مضخّم جدا بدليل السند العالي لأحاديث ابن حزم في « المحلى » و »احكام الفصول في الاصول » و »مراتب الاجماع » وغيرها من كتبه، ولا يتسنّى اخذ السند الا على يد شيخ ما نتتلمذ عليه مهما طالت أو قصرت الملازمة.

أمر آخر كان شائعاً هو تبيان السند وذكر المشايخ المُتلقّى عنهم في طلب العلم، وهو ليس من حظوظ النفس وهوى متّبعاً بقدر ما أنه تأمين للعلم من المتطفلين عليه وترسيخ لأمانة النقل وتوكيد لحرارة الصحبة العلمية وعظيم  دورها. وعليه، أذكر لقرائي بعضاً ممن علمّني وشرِفتُ بصحبته من مشايخي الفضلاء وذلك في بيروت ودمشق من عام 1991 إلى غاية عام 2001 تقريباً، ومنهم الأصولي الفذّ أحد مفتيي لبنان الشيخ خليل الميس والأصولي الضليع الدكتور الشيخ أسامة الرفاعي والعقدي المتكلم المتبحّر الشيخ أحمد الرفاعي والمحدث المختص في مصطلح الحديث والرجال الدكتور الشيخ علي البقاعي .. ومنهم من كان مجازاً في القراءات الاربعة عشر بمتواترها وآحادها وشاذّها جميعاً يعلمنا ممّا علّمه االه، ومما ورثه عن شيخه امام المقرئين في القرن الماضي: الشيخ العلاّمة حسن دمشقية رحمه الله. كما الشيخ أحمد العجوز علامّة اللغة العربية رحمه الله رحمة واسعة وقد كان يعلمنا العربية والنحو والصرف وهو يشارف التسعين من العمر ويصعد الى بيته عبر السلم او الدرج (في بناية عتيقة من دون مصعد في وسط بيروت) لسبع طوابق على ما أذكر.. وكان يفتخر بصحته التي حفظها بتوبته: « احفظ الله في الصغر يحفظك في الكبر » كان يوصي أولاده- اي نحن طلاب العلم لديه- وهو الذي لاقى عشرات من زعماء العالم وصناع قراره عبر سني حياته الطويلة كما ساهم في إنشاء وترميم ما يفوق ثلاثمائة وستين مسجداً وجمعية في كل لبنان. ولا أنسى من شذراته البلاغية التفريق بين « اسطاعوا » واستطاعوا » في قوله تعالى: (فمااسطاعوا ان يظهروه وما استطاعوا له نقبا). هذا دون ذكر مشايخنا الذين مررنا على دروسهم لأيام او اسابيع في مساجدهم في دمشق مثل العلامتّان: الشيخ البوطي والشيخ البغا، حفظهما الله وكان مجمل ما اخذناه عنهم في الأصول خاصة، كما لا أنسى الفروضي الشاب الألمعي: بسام الطراس.حفظ الله ورحم الله جميع أولائك وعذراً منهم لمن منعتني الغربة الكريهة من ذكرهم أو أنساني الشيطان بعضاً من اسمهم، ولهم الفضل والوفاء مني ولله الفضل والمنّة اولاً وأخيراً.

ما هو المجال الذي يسمح بالاختلاف به؟ ومتى؟ وكيف؟؟

الاختلاف ومجاله مسالة أصولية بامتياز تكلم فيها الأصوليون وأسهبوا ولمن لا باع له في علم الاصول فليتأخر الجمع وليفسح المجال لمن هو أعلم منه بالمجال. وأظن في نفسي -وما أبرئ نفسي من الهوى- القدرة على خوض الغمار وقد أسلفت فيه كتابة لم تلق الى حد كتابة هذه الأسطر تشنيعاً على ما أذكر وقد مرّت على علماء أجلاء ولم يُعرف من كتاباتي في الجملة مٌنكرٌ أُنكر علي والحمد لله، والفضل من لدنّ الله وحده.

الفقه الاسلامي إخواني: قطعيٌ وظنيٌ. القطعي هو ما ثبت مقطوعاً بثبوته او دلالته أو أحد الاثنين. وفي المجال تفصيل طويل بما يتعلق بالثبوت الذي يختص عادة في المسانيد والدلالة التي تختص بمعاني النصوص الجوّانيّة (المتن).

وقد قرر العلماء في شبه اجماع: لقد تعبدنا بغلبة الظن.. أي أنّ معظم مسائل الفقه التشريعية هي من الظنيات التي ثبتت في الغالب بأحاديث آحاد لم تتواتر وفي الغالب بأحاديث متنوعة وقد تبدوا للمتبحّر جديداً في العلم  أشبه بالمتناقضات وما هي كذلك، بل فيها لباب الرحمة والسماحة التي اتّسمت بها هذه الأمة: « اختلاف أمتي رحمة« . ولولاها لتحولنا إلى دين قابل للتحريف كحال الاديان السابقة التي لا يجد أصحابها بداً من تحريف الكلم عن مواضعه، بعدما أعياهم تاويلاً أو أنهكهم بما يبدوا عليه من مشقّة وعنتٍ وتعسير.

وفي الغالب وبحسب ما يبدو لدي بأن كل او معظم ما يثبت قطعاً يتحول الى موضوع قطعي ينعدم في الغالب معه الاجتهاد: » لااجتهاد في مورد النص » كما نصت القاعدة الفقهية الشهيرة. وهنا أنبه أنه المقصود بمنع الاجتهاد ليس مطلق اجتهاد الفهم والتثبت في السند او لغة المتن ومعانيها حمالة الاوجه في الغالب.. فإن ذلك مطلوب بإجماع! ولكن الاجتهاد الممنوع هو النظر العقلي المجرد من النص المباشر المعبّر عنه بالمصلحة او الاستحسان او الاستصحاب ونحوها وفي كل ذلك تفصيل.

ولنضرب مثلا للقطعي مطلق ذكر الحجاب والصلاة والصيام والحكم بما أنزل الله وضرورة الموالاة في الله (وهو شان سياسي فقهي: أي التحالفات السياسية والنصرة الحزبية.. كما هو من صلب العقيدة) ونحوها المذكورة في القرآن الكريم هي قطعية بقطعية ورود القرآن في قوله مثلا: (وليضرِبنَ بخمرهن على جيوبهن) (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (ان المؤمنين بعضهم اولياء بعض..)* الآيات.

ولكن هذه الايات بشكل عام ولئن تعطينا فرضية الشيء أو حرمته او إباحته، قطعاً من دون مجال للخوض في ذلك.. بيد أنها تترك التفصيل التقني أو الفني – ان صحت عبارة اليوم- الى السنّة المشرفّة. وهذه السنة بدورها غالباً ما تاتينا في أحاديث آحاد ، بل تأتي التفاصيل في احاديث عدة إحداها مثلا أخذ بها ابو حنيفة والثانية مالك والثالثة يأخذ بها الايمة: الشافعي والثوري وابن حنبل في مسألة واحدة مما يُشكل عند المبتدئين في الشريعة إيهاماً بالتناقض أو عدم اليقينية وهو مدخل التشكيك الاستشراقي في الجملة، وما الأمر كذلك.

      إنا نفهم من ذلك التالي: ان التي نُصَّ عليها في القران وهي تالياً قطعية، هي في مقام المقدار الضروري لكل مسلم من ذلك الموضوع و( الضروري هو: ما يكفر منكره ويعتبر من العقائد أو مستلزمات العقائد فضلا عن أصول الفقه وكليات الشريعة..) وانه من المقاصد الجزئية الكلية في الشريعة.. بينما تفاصيل الصلاة مثلا هي مواضيع شبه نافلة للموضوع الأصلي الذي هو قصد الله بالعبادة في أوقات معلومة .. لقوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) بيد ان القرآن ترك للسنة تبيان تفاصيل الصلاة الزمنية الطهورية ونحوها وهو ما يعرف بشروط الصلاة واركانها واسبابها.. وللعلماء جميعهم اختلاف في كل ذلك، لم نرى احداً ممن يعتدّ بعلمه منذ عصر الصحابة ينكر عليهم ذلك باستثناء جهلة المسلمين في عهد الظلمات الوسيط حتى القرن ما قبل الماضي الميلادي حيث كان الجامع الواحد يحوي على اربعة محاريب تستولي كل عصابة مذهبية (من اتباع الايمة الاربعة وهم برآء ولا شك من صنيع اتباعهم) بمحراب يخصّها تقيم فيه طقوسها الخاصة التي هي بالاساس مسائل فقهية ظنية تعبدنا بها ولا مشاحة او حرج في الاختلاف فيها بعدما كان الرسول قد فعل او قال أحوالها وأقوالها جميعاً (البسط والقبض في الصلاة او البسملة في الصلاة او القنوت ونحو ذلك كثير..).

     وابرز المسائل القطعية ما اختص بالعقيدة أو التوحيد وفيها تنصيص مهمّ أُشكل على سيدي الشيخ الوسلاتي** عندما لم يحسن سيدي الهادي بريك تبليغه له والتعبير عنه بوضوح (راجع رد بريك على الوسلاتي ورد الاخير على الاول .. حبّبهما الله في بعضهما البعض ورفع ما في صدورهما من غلّ وجعلهم في يوم عظيم لا ينفع فيه مال ولا بنون: اخواناً على سررٍ متقابلين- آمين). من المسائل العقدية ما ورد ظنياً في آحاديث وهي كثيرة جداً لا تعد ولا تحصى ولهذا لا يكفر منكرها اتفاقا اذا شك في ورود الحديث، ومجملها يتعلق بصفات اضافية اضافها المتكلمون وأثبتوها صفا نفسية أو معنوية واوّلها بعضهم الآخر وسرى الخلاف الى يوم الناس هذا حولها وهي محور الخلاف بين اهل الحديث (الوهابية اليوم) والاشاعرة والماتريدية (هم عموم الامة الى اليوم وان خفّ وهج مذهبهم). فأمَرَّ أهل الحديث والحنابلة الصفات كما هي والزموا لله صفة بكل ما سمعوا من احاديث وان كان بعضها ضعيفاً او لا يصح وهي كثيرة جداً لا أستذكرها بتفاصيلها الآن ولكن يمكن الرجوع اليها لمن أراد التفصيل وتبقى من موضوع العقيدة.

       وهناك اختلاف في المتن في موضوعات عقائدية كثيرة يعاملها البعض بالتأويل والآخر بالإمرار كما جاءت، مثل قوله تعالى: (والسماوات والارض مقبوضات بيمينه)*** الآية. فأثبت البعض لله سبحانه وتعالى يميناً وقال الآخر باليدين لأن اليمين تستوجب الشمال لغة، فيما أوّل الاشاعرة وجمع من المتكلمين اليمين بالقدرة كما أولوا أشياء أخرى كثيرة. و منهم من أثبت الأيدي : في قوله تعالى(إنا بنيناه بأيد وانا لموسعون)**** ، بينما  أثبت طرف ثالث الوجه في قوله صلى الله عليه وسلم: »لا يضرب المسلم اخاه المسلم على وجهه فان الله خلقة على صورته« .  وفي الجملة اختلفوا دراية في كثير من مسائل العقيدة غير: التوحيد والملائكة والقضاء والقدر والرسل.. وهذه الاخيرة قطعيات في العقيدة وروداً ودلالة من دون منازع، ولكن ليس معظم الصفات الواردة بأحاديث آحاد. وهو مما لم يحسن الشيخ الهادي بريك في إيصاله للقاريء، او على الاقل للماجري – وان كنت افهم عليه من دون اشكال-، كما ان الشيخ الماجري لم يوفق في نفي الاجتهاد في القطعيات او ممّا يفترض ان يكون قطعيات. والاجتهاد سيديَّ بريك والماجري: حمّال أوجه.. بمعنى ان اجتهادي في اعتبار عدد الجمع الغفير عن الجمع الغفير.. في سند حديث قطعي معين (والمتواتر هو رواية الجمع الغفير الثقات عن الجمع الغفير الثقات من غير شذوذ ولا علة)، وتالياً: تقريري هل هو قطعيٌ أم لا.. هو اجتهاد بحد ذاته وإن لم يطل المتن تأويلاً او تفسيراً.. وهكذا دواليك. فالاجتهاد لا ينقطع في طلب العلم وتبليغة وتقريره وتحرير مسائله، وان تختلف وتتفاوت مقادير ودرجات كل ذلك. والله اعلم.

ملخص قولي لليوم:

* ان الاجتهاد ممكن في الظنيات ومعظم المسائل العبادية من صلاة وزكاة وصيام هي ظنية في تفاصيلها، ولكنها قطعية في كليات وجوبها.

* أن الاجتهاد في هذه المسائل مناط بأهل العلم خاصة، الذين سبروا أغوار النصوص رواية ودراية، وتحقيقاً للمناط وتنزيلاً وسبراً وتقسيماً ومناسبةً، فضلاً عن العلل وأنواعها (المنصوص عليها والمستنبطة) ومتعلقاتها.. وهذا يستلزم دراية ومِراساً بعلم الأصول وتابعِه مقاصدِ الشريعة والقواعد الفقهية فضلاً عن التمكن في العربية..ونحوها كثير.

* الخوض في المسائل الشرعية لا بد له من أستاذية مباشرة على يد مشايخ او أساتذة من أهل الاختصاص وفي الجملة يحذر ممن لم يعرف عنه طلب للعلم الشرعي من مداركه المعلومة، وقد يحذر منه او يحجر عليه احيانا ان خيف منه الافساد عى عامة المسلمين: أي غير المختصين في الشريعة والفقه. وهذا مما دأب عليه فقه العلم الإسلامي منذ بزوغه كما سار عليه رواد الفقه الاعلام منذ فجر الاسلام. وللتنبيه، فلا دخل للموضوع بتطورات العصر او الحداثة في فهم الإسلام أو سهولة الحصول على المعرفة الرقمية.. من قريب ولا من بعيد فما زالت جامعات الغرب الكبيرة المشهورة تنشر العلم بالأستاذية ومناهجها (أي مناهج التدريس) الموروثة منذ آلاف السنين، وإن كانت بما سلف من تقنيات العصر تستعين.

 همسة أخوية لطيفة: وهنا ألوم وأعتب على الأخ الماجري في اتهامه للشيخ الهادي بأنه من اصحاب المكاتب اذ على حد علمي انه من هولاء الذين درسوا العلم من موارده.. وانه يسكن- على حد علمي المانيا وليس بلندن كما لا ضرورة أخي بالغمز من قناة سكان لندن لأنها مضاءة ببترول العراق.. فلا يخلوا بلد من بلدان مهاجرنا من عيوب الاستعمار والنهب لخيرات بلاد المسلمين في الجملة؟، ولا أظن ملجأك أخي الكريم ألطف بذراري المسلمين من ملجأ الأخ الهادي.. ولطفا على النصح على رؤوس الملأ .. في مسألة تتكرّر كل يوم تقريباً. ولا تنسوا أن الله عز وجل قال: (لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب الى التقوى).

ثم كما اني عبت على الهادي هداه الله في التجريح بك وتسفيه علمك وحقك في النظر.. الومك نفس الملامة في نشر غسيل إخوانك بغير حق والانتصار لنفسك من دون خوف من عواقب الامور.. فهل تتحمّل مسؤوليتك اخي خميّس امام الله عز وجل في مهاجمتك لمن يعدّد زوجاته وقد أتوا مباحاً لا ينكره عليهم إلاّ جاهل بالشرع متحيز لفئة مشككا في إباحة ذلك وعمل المسلمين بها الى قيام الساعة..؟؟

 ثم ما ضرّك ان اخواناً لك اغتنموا غربة فيها هامش من حرية وعدّدوا زوجاتهم بعدما مُنع ذلك بالقانون البورقيبي حتى غدا والعياذ بالله لدى كثير من أبنائنا كأنه هو الشرع منسوخاً من جديد؟؟.. ما العيب في ذلك؟؟ بل ما ضرك في تكثير سواد المسلمين وتكثير ذراريهم لمواجهة استحقاقات الحروب المقبلة على عالم الاسلام وأمة المسلمين والقتل فينا شرقاً وغرباً، ألم ترى أن الغرب يسعى لتكثير سواده حتى بتشجيع اتخاذ الخليلات (partners & boyfriend or girlfriend) ويرعى هذه المؤسّسات الخنائية الموازية لمؤسسة الزواج بالقانون..؟ ثم ما دخل كل ذلك بمساجين الوطن الغالي؟؟؟ لم يصل الى علمي قط ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد ترك تعددّ الزوجات أو طلق ما زاد عن حاجته.. أو فعل ذلك الصحابة إبان قتل القرّاء مثلا أو هزيمة بدر أو مؤتة.. ؟؟ بل انه على العكس من ذلك كان عليه السلام ومثله صحابته يتزوجون معددين في السرايا والغزوات ذاتها وهو ثابت بلا شك عندي؟؟ فضلا عن ان المسالة هي في غاية البساطة وتفوق بساطة « مسألتي الجروّية » آنفة الذكر عندما نجد صحابياً مثل ابن مسعود او ابن عباس أنه كان مزواجاً مطلاقاً؟؟.. وكنت قد سمعت مثل هذا التشنيع مراراً .. وما عجبت لشيء عجبي من طلاب علم او مشايخ ينكرون على مسلم نهله من مباحات شرعه.. راجعوا إخواني كلام الشاطبي المليح المثلج للصدر حول المباحات في « موافقاته ».

وبالمقابل افتخر بعلم الأخ الماجري الذي لم تلده أمي بأنّه تلقى العلم في جامعة الزيتونة وانه من أصحاب السبق ومن الرعيل الأول في العمل الاسلامي.. فثبته الله ونوّر به ونفع.

مثالا للتسامح من السلف الاندلسي:

 وأسوق لكما وللقراء بالضرورة، قصة ابن حزم رحمه الله المتهمُ لسانَه بأنه شقيقُ سيفَ الحجاج وهو الامر الذي لم يصل اليه لسانكما أخوي العزيزين: الهادي وخميس بأية حال..فالحمد لله. كان ابن حزم المتقوي ببلاط أحد أمراء الأندلس يصول ويجول ذات يوم بفقهه الظاهري.. تماما كما يصول ويجول اصحاب الفقه الظاهري الجديد هنا اليوم في استراليا وبلاد الخليج ومعظم بلدان العالم على حد علمي ولهم الآن غلبة ملحوظة لا ينكرها الا مكابر.. وكان أن صادف أمامه مشائخ مالكية تعساء الحظ في التحصيل العلمي: فقراء في فنّ المحاججة، هزلاء في أصول الفقه ومقاصد الشرع.. وما هم عند التحقيق غير حفاظ متون وحواشي بامتياز..فأفحمهم جميعاً وضحك عليهم بمباركة من الامير او السلطان آنذاك فلقيَ الجمعُ المالكي في بلاد الاندلس تعَساً ونكداَ..

      وكان ان قدر الله في ذلك العهد أن رجع طالب علم في اول كهولته من بلاد المشرق بعدما مكث هناك سنينا طويلة ممتلأً علماً وعزماً وكلاما واصولا ومقاصد شرعية.. اسمه أبو خلف سلمان ابن الوليد الباجيُّ صاحب التواليف النافعة ومنها: « المنتقى في شرح الموطأ » و »المنهاج في ترتيب الحجاج » وكتابه في الأصول : « احكام الفصول في الاصول » عى ما أذكر. (معظمها مطبوع بدار الغرب الاسلامي فجزى الحاج الحبيب اللمسي عنا كل خير). ارتاح العالم الشاب من سفره هنيهة ريثما أتته الإذاعات الحزبية بتفاصيل أخبار مسقط رأسه وساق اليه الركبان خبر العلامة الفهّامة: ابن حزم وما فعل بعلومهم الموثوقة وما هي بموثوقة وباحلامهم المسفهة من لدنه وما هي بمسفّهة بقدر ما أنها عالة على التقليد والإتكال وقلّة العلم.. فقرّر الرجل المنازلة.. ولكنه كان قرار الفرسان الشرفاء الخلصاء وليس بقرار أهل الأهواء والشهوات والانتصار للنفس والعجب بالرأي.. (وعجب كل ذي رأي برأيه) من المهلكات الواردة في الحديث الشرف.

 وتمضي أيام بل اسابيع من الجلسات والمناظرات شبه اليومية في بلاط السلطان وبحضور جمع غفير من القضاة والعلماء.. لتختتم بقرار فاصل: رفع ابن حزم للعلم الأبيض! (لمعرفة تفاصيل المناظرة يمكن الاطلاع على كتاب « مناظرات في مقاصد واصول الشريعة بين ابن حزم والباجي »- عبد المجيد التركي – دار الغرب الاسلامي)

محل الشاهد: يورد لنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدّة عن ياقوت الحموي صاحب « معجم البلدان » (ان لم تخنّي ذاكرتني وكما اسلفت لكم أكتب كل شيء من ذاكرتي فاعذروني ان حصل سوء نقل أو خطأ في بلاد الاغتراب.. والعذاب) وذلك في كتابه: »صفحات من صبر العلماء » بأن أبا الوليد الباجي اعتذر من أبي محمد بن حزم عند انتهاء المناظرة اعتذاراً لطيفا ذليلاً بين أخوين فهما روح اخوة الاسلام وذاقا طعم التحابب في الله بعدما رضعا من مناهل الشريعة حتى .. الإمامة فيها الى يوم القيامة ذكراً وترحّما عليهما بين العالمين.. (اذلاء بينهم) اللآية، في وصف المؤمنين.

قال ابو الوليد: اعذرني اخي ان معظم مطالعاتي كانت على سُرُج الحراس في الشارع!

رد ابن حزم: واعذرني أنا الآخر لأن معظم قراآتي كانت على المنائر (أي الفوانيس) المصنوعة من الذهب والفضة!.

ويعلق المعلق: أرادا ان الغنى أضيع لطلب العلم من الفقر. والمسألة خلافية، لن تحسم بالضرورة، وقد يكون راي العبد الضعيف الذي حُرم طويلا من الرخاء المادي مما منعة مراراً من مواصلة طلب العلم عكس هذا الرأي.

وأعلقُ: كونَا – أخويَّ الهادي بريك وخميّس الوسلاتي – على الأقل باجياً وأبا محمداً..  ولا ضير عندي وعند الإسلام فيمن يكون هذا وفيمن يكون ذاك بقدر ما يهم أن تقتبسا روحية التآخي وتحبّا لبعضكما البعض كما تحبان لنفسيكما فهما ونوراً وأدباً وتواضعاً وذلة .. بين المؤمنين،.. وذلك غداة كل اختلاف في الراي بينكما وتساجل على صفحات تونس نيوز الالكترونية.

لم أجد بنت السلطان لأتزوجها!

وأهمس للأخ: ود الريّس الذي احترمَ نفسه ولم يقبل الدخول في معترك العلم بلا سلاح و »رحم الله عبدا عرف حده فوقف عنده » الحديث… حياك الله أخي وسلك الله لك درباً الى العلم عاجلآ غير آجل حتى تتمكن في يوم قريب بإذن الله من مقارعة الرأي بالرأي والعلة بالعلة والدليل بالدليل. وما ذلك على الله بمستحيل.

يذكرني شوق الاخ العزيز لطلب العلم وشوق عشرات وربما مئون وألوف منهم لطلب العلم في جو حر اصيل.. بما علمته في أول طلبي للعلم من تقرير العلماء بأن طالب العلم الشرعي –بغض النظر عن اصله وفصله ولونه ومستواه الاجتماعي..- هو كفؤٌ لبنت السلطان ذلك انه يشرف حكما بشرف ما يحمل من علم شرعي.. وتاليا فان طلب العلم الشرعي والمشايخ هم انبل الناس مهنة وتبجيلاً وقدراً.. ومذّاك..

وأنا أبحث عن بنت السلطان لأطلب يدها وأتزّوجها… ولكن حسرة عليَّ وعلى طلاب العلم إخواني الآخرين .. فإنّا لم نجد للسلطان ولا لبنته اثراً.

 

للاتصال لمن اراد الاستفسار عن قرب:

chamkhi@gmail.com

 

 

ملاحظات من هيئة التحرير:
*يبدو أن كاتب المقال يقصد هذه الآية: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)  سورةالتوبة الآية71 و الله أعلم
**يبدو أن الماجري هو القصود ب( سيدي الشيخ الوسلاتي ) و الله أعلم
***يبدو أن كاتب المقال يقصد هذه الآية: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) سورة الزمر الآية67  و الله أعلم
****نحسب أن المقصود هذه الآية: (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) سورةالذاريات الآية 47 و الله أعلم

 

انتحر يا معمر

« هدية رأس السنة« 

 

« فانتحر رائد الفضاء بعد أن أيس من الحصول على عمل يعيش به فوق الأرض »-

 الصورة والاقتباس من رائعة معمر المبتذلة « القرية.. القرية، الأرض.. الأرض وانتحار رائد الفضاء »/ 1993

 

 

يا معمر، لست وطنيا لأخاطبك بالأخ، ولست ضابطا يراعي الشرف العسكري لكي أصفك بالعقيد، ولست زعيما لثورة لأنعتك بالقائد، ولست رئيسا لتكون صاحب فخامة. لست أي شيء سوى ديكتاتور فاشي بجدارة وفاشل باستحقاق. ولهذا يا « معمر »، ومراعاة لسجل النفوس أتوجه للحديث إليك باسمك المجرد الذي اختاره والديك لك، رغم انعدام انعكاس الاسم على المسمى.

 

يا معمر، قالها طارق قديما « العدو من أمامكم والبحر من خلفكم »، وقالها لك بالأمس الأمير (الملك السعودي حاليا) عبد الله بن العزيز « الكذب أمامك والقبر قدامك »، والمعارضة تخيرك « التنحي مصيرك والرحيل مسارك »، أما الشعب الليبي فيكتمها لك بان « الجرم ظلك والملاحقة مآلك« ،

 

انتحر يا معمر، نصيحة خالية من الشفقة المتعاطفة وبعيدة عن الشماتة المذمومة ونائية عن التشفي المستهجن، بل هي إلى التوصية المنبه اقرب، لوجود أسباب كافية ومبررات منطقية تدفعك للانتحار، وتجعلك منتحرا.

 

سألخص المبررات والدوافع في ثلاث ليس إلا، وسأبدأ بأخرها، وألا وهو أن انتحارك سيكون خبرا سعيدا للجميع، وهدية مبشرة لبداية سنة شمسية جديدة. يا معمر، اعتقد انك ستوافق- إذا أمعنت التفكير العقلي، إن تمكنت- بأن الحزانى عليك سيكونون قلة، وكلهم من فئة المجرمين والمرتزقة، أما العالم، ومنهم بعض أبنائك فإنهم سيسعدون برحيلك السهل بهذه الطريقة المريحة. إلا أن الأسعد سيكون الشعب الليبي، الذي ينتظر بشغف ولهفة، ومنذ عقود، حدوث معجزة اختفائك الأبدي، لأنك كابوسهم المؤرق الجاثم على صدروهم والكاتم لأنفاسهم.

 

المشكلة، في الدافع المساق، إن سعادة الليبيين لا تهمك ورغباتهم لم تعنيك أبدا، وبالتالي فلن تدفعك للانتحار. ولهذا فعساك تجد في المبررين التاليين حافزا كافيا ومقنعا للانتحار.

 

يا معمر، أنت دجال خارق، والمصيبة أن نعتك بالدجال لا تثير أخلاقياتك السقيمة، المجبولة على استمراء واستحسان كل خسيس غريب، والاستمتاع به. فالمعروف، انك شخص مريض تتلبسه كومة من العقد والمتناقضات النفسية، على رأسها عقدتي « جنون العظمة والشهرة »،  » والإحساس بالاضطهاد » يجمعهما وعاء الجبن وفوبيا الرهاب. لا تحزن كثيرا يا معمر، فالكثير لا يجادلون في استحقاقك لمرتبة عظيم الفاشلين، مع تضمن عظمتك المنحطة لكل عناصرها القياسية. فمرحى لك كعظيم بليغ في الفشل والإخفاق، فقط لا غير، وطوبى لك بلقب « الفاشل كبير« .

 

وحتى لا أكون متحاملا، دعني أجادلك لأثبت »خيبتك » الثقيلة- على قول جيرانك المصريين:

ألست أقدم ديكتاتور في العالم، ولا يسبقك في الأقدمية سوى فيديل كاسترو- المقارنة بينكما لا تستقيم، فكاسترو، رغم دكتاتوريته، قاد حرب أنصار شعبية حقيقية، وأنت غدرت فتآمرت وانقلبت. كما أن كاسترو لا زال زعيما عالميا ثابتا في توجهاته، ويحظى بتأييد المهمشين في بلده وقارته وضمن مناهضي العولمة، في حين انك بعد « السيف علقت منجل » وأضحيت بذلك رمزا للجبن والعهر السياسي، لدرجة أن نظريات العلاقات الدولية، عممت سلوكك كحالة دراسية وسياسية نموذجية لظاهرة الانبطاح السياسي.

ألم تقدم نفسك يا معمر، كداعية لحرية الليبيين والمستضعفين في العالم، لتنتهي معتديا ومدعيا عليها، وليصنف نظامك كأسوأ الديكتاتوريات المعاصرة.

ألم تقدم نفسك كاشتراكي، لتنتهي كزعيم عصابة تستغني بإفقار شعبها- دعني بالمناسبة أذكرك باللغز العربي الشهير والمتسائل عن ماهية أغنى دولة وأفقر شعب، والذي إجابته: ليبيا والليبيون.

ألم تقدم نفسك كتقدمي تنموي، للتحول ليبيا بعد 36 سنة من حرثك إلى خربة متخلفة، لا ينعق فيها سوى بومك المشئوم.

ألم تفرض نفسك أمينا للقومية العربية لتتحول إلى كافر بها.

آه يا معمر، الم تسبغ على نفسك لقب قائد النصر والتحدي لتخسر كل معاركك، وتفر إلى قبوك مع أزيز أول رصاصة- للأهمية التاريخية، أتمنى عليك الاحتفاظ.بتسجيلات خطبك النارية وبدلاتك الماريشالية، لتوضع في متحف خيباتك بجانب صور جرائمك.

ألم تقدم نفسك كموحد لإفريقيا، ليحجمك القادة الأفارقة ويحصروا دورك في الإنفاق، مع السماح لك بلامع الثوب وأحمق الكلام.

ألم تسوق نفسك كزعيم أممي همام، تصغر ليبيا عن همة عبقريته، الست صاحب العبارة: « أنا زعيم بلا شعب »، لتتحول إلى شيخ عشيرة صغيرة، يبحث عن نسب له في العراق.

ألست مصرا على تقديم نفسك كمفكر وكاتب، رغم استهزاءات المثقفين الساخرة، ولولا تجارتك الفالحة بالتبذير من محفظتك المنفوخة لم حج إليك شداد الأفاق من الطامعين والمبتزين.

 

بلا مزايدة وبدون إطالة، اعتقد يا معمر انك توافق أولا على فشلك وإخفاقك، وتوافق لاحقا على أن فشلك عظيم وإخفاقك ذريع. والسؤال آلا يكفي كل هذا الفشل ليدفعك للانتحار؟ بالتأكيد، سمعت بقصص لطلاب انتحروا لمجرد رسوبهم في امتحان، فما بالك وأنت للفشل رفيق وللإخفاق لصيق. فحاول الانتحار، لعلك تنجح ولو مرة يا عظيم الفاشلين.

 

يا معمر، إدمان الفشل قد يزرع فيك سرطان المهانة ويقتل فيك نخوة الترجل وشهامة الانسحاب، وبالتالي لن ترى في فشلك المتراكم دافعا جديرا بان يقرب منك فكرة الانتحار.

 

إما الدافع الأكبر، فهو جبنك.يا معمر. كل الليبيين يتفقون على انك جبان رعديد، ويعلمون أيضا أن قسوتك وشراستك، وصلفك وغرورك هي اعرض جبن مستفحل، لا تمت للشجاعة بصلة، إلا في مخيلتك المريضة. وحتى ارغب لك الانتحار بتوظيف واستثارة جبنك المتمكن والغائص، دعني أذكرك متسائلا بمواقف من التاريخ المعاصر:

هل عايشت لحظات القبض على صدام حسين في جحره، وهل تشاهده وهو يتمرغ متمسكنا في المحكمة؟

هل تتابع ذل سلوبودان ميلوسوفيتش أمام « المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة »؟

هل رأيت أرذل عمر الجنرال اوجوستو بينوشية، وهو يساق من محكمة إلى محكمة، ويجر من مختبر طبي إلى أخر؟

هل سمعت عن الملاحقات القضائية ضد غريمك وهازمك حسين حبري المرتهن في السنغال؟

هل تعرف رقم الزنزانة الأمريكية التي يقضي بها صديقك البنمي نورييغا بقية عمره؟

 

يا معمر، تذكر جيدا:

إعدام صديقك تشاوسيكو برفقة زوجته في ذبابة،

موت وحرق زعيم الخمير الحمر الكمبودي، بول بوت، في كوخ حقير في الأدغال بعد 20 عاما قضاها متخفيا وفارا من العدالة؟

حشر إمبراطور الحبشة هيلا سيلاسي وطمره بالاسمنت في دورة مياه،

تعليق وتدلي موسوليني وعشيقته كلا را من رجليهما من شجرة كخرفان العيد.

تذكر، ولا تنم بسلام، فلا نامت أعين الجبناء ولا قرت أفئدة الطغاة.

 

قد تهرب بك أضغاث خيالك لأشباهك، ممن وجدوا أوكار تأويهم وتخفيهم وتحتقرهم كشاه إيران، وماركوس الفليبيني، موبوتو الزائيري، ساهارتو الاندونيسي، ولكن لا تنسى أن الموت السريع أنقذهم من عدالة شعوبهم، إضافة أن أيام الفرار والتخفي من العدالة قد ولت إلى غير رجعة. ولا تنسى كذلك لعنة شعوبهم القائمة، وذاكرة التاريخ الحافظة، ومحاكم الطغاة الناظرة.

 

يا معمر، ألست المسئول عن:

مجزرة سجن بوسليم، يونيو 1996، التي راح ضحيتها قرابة 1200 من السجناء العزل،

جريمة « ضحايا كارثة الإيدز » ببنغازي، سنة 1998، المرتكبة في حق 450 طفل وأمهاتهم،

إسقاط طائرة الركاب، ديسمبر 1992، والتي غدر فيها 157 ضحية،

ألاف الضحايا من مدنيين وعسكريين، الذين سقتهم في مغامرات حروبك الجائرة في تشاد وأوغندا ولبنان،

وفاة عشرات المشجعين في حادث إطلاق نار بين حراس ابنيك اللدودين (محمد والساعدي) بالمدينة الرياضية بطرابلس، 1996،

عشرات الإعدامات التعسفية بحق طلبة والأساتذة في حرم الجامعة الليبية، في الفترة 1975- 1987

عشرات المختطفين والمخفيين قسريا، وعشرات من اغتيالات الغدر؟

 

واأسفاك يا معمر، فبعد ما سلف، يصعب وبل يستحيل عليك الفرار والرحيل. نعم قد غادر العديد من زعماء من العالم الثالث الركح السياسي بسلام، من أمثال رولينغز الغاني، ونيرري التنزاني، وسنغور السنغالي، واورتيغا النيكارغوي، ليس لأنهم غير ديكتاتوريين بل لأنهم كانوا وطنيين وغير دمويين، ورضوا بالديمقراطية والتصويت الشعبي.

 

ولان الجرائم لا تموت بالتقادم، ولا حتى بالاعتذار دون قصاص، فخيارك الأسلم والوحيد هو الانتحار. فانتحارك حل لك ولأهلك. ولك في شبيهك أدولف هتلر، أسوة حسنة. انتحر واحرق نفسك ومن تعشق معك، لعل بعض من حليقي الرؤوس يحيون ذكراك يوما. الإشكالية، يا معمر، انك لست بشجاعة هتلر، وهو ليس بجبنك، لتنتحر. فما البديل؟!

 

البديل، الانتفاضة الشعبية الديمقراطية الزاحفة لا محالة، وحينها سيكون القفص محلك كما هو الفشل موقعك. وفرعون أغرقه الله في اليم.

 

ادرار نفوسه

المهجر، 24 ديسمبر 2005

igrada@yahoo.co.uk

 


 

القمة الاسلامية: بدل ان يكحلها عماها!

الدكتور الضاوي خوالدية

قفصة ـ تونس

 

انعقد مؤتمر مكة في ظرف مأساوي قل نظيره في التاريخ يعيشه المسلمون داخل اوطانهم وفي علاقتهم بالآخر الأقوي والمتوسط القوة أقر به المؤتمرون وألموا به في فقرات داخلية مختزلة من بيانهم الختامي، هذا ودون ان ينسوا في المامتهم قضيتي فلسطين والعراق مكررين التماسهم من مجلس الامن والقوي العظمي النظر اليهما بعين الرحمة والعطف ومذكرين بمبادرتهم لحل المعضلة الفلسطينية تلك المبادرة التي اشبعها شارون وحلفاؤه تمزيقا وحرقا.

 

لكن متن البيانين او اساسهما يكشف للقارئ العادي ان المؤتمر الاستثنائي لم ينعقد ليشخص الداء ويضع الدواء وانما انعقد ليحصن الانظمة القائمة ويقيها من تحرك شعوبها الرافضة لها، بل ويجعلها تيأس من تغييرها او ترشيدها، ويقنع الدول الحامية بأنها ما زالت قوية وماسكة بزمام امورها.

 

ولعل ما يؤكد ذلك و يشدده كما كرر المؤتمرون عشرات المرات احتكارهم الحقيقة الاسلامية من ذلك وضعهم تعريفا للاسلام جامعا مانعا كأنهم هم المؤهلون شرعا ليحددوا لأكثر من مليار مسلم معني الاسلام النقي الصافي، وكل من يري تعريفا مخالفا هو مغال ومتطرف ومنحرف ومنغلق محاربته بالاستئصال المادي وتجفيف ينابيعه (تطوير مناهج الدراسة…) فرض أداء الانظمة السياسية له يضع الرعية في عالم ينعم بالتفاهم والتسامح والحوار (يعني ان لا تسامح ولا حوار ما دامت المعارضة موجودة وقراءات اخري للنص الديني متداولة) كما يؤهلها للانخراط في حوار الحضارات، لكن قلق الزعماء المجتمعين سرعان ما كشف عن نفسه بوضوح وذلك بتكرار تعريفهم للاسلام الأنقي ومكافحة من يري تعريفا آخر باعتباره متطرفا متسترا بالدين مكفرا مشددين في مرات عديدة علي وجوب محاربة كل من يجرؤ علي ابداء رأيه في اي قضية دينية او مدنية اذ ذلك من اختصاص الانظمة ورجال الفتوة تابعيها. وباختصار يؤكد المؤتمرون ان المسلمين سبب مآسي العالم: اخضاعهم لأنظمتهم يجعل العالم جنة.. اما الغرب والفساد فبريئان مما نحن فيه.

 

وهكذا حشي البيانان بتطرف سياسي وارهاب فكري رسميين (استمرار الاستبداد واحتكار الحقائق جميعا)… فما احوج الامة الي بيان قصير يصدع بحقها في تقرير مصيرها وحريتها التامة في بناء ذاتها واحتلالها الموقع الذي هي جديرة به في هذا العالم عملا بالخطاب الإلهي الذي خص الأمة بـ وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر لأنها ليست في حاجة الي وصي، والخطاب المحمدي الذي قال للأمة يوم وداعها: قد تركت فيكم ما لن تضل بعده، ان اعتصمتم به: كتاب الله لأنها اصبحت بفضل القرآن المشعل أسمي من ان يتسلط عليها مستبد.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 ديسمبر 2005)

 

أمريكا تُـوبّـخُ مصر بشدة وتحثها على إطلاق سراح أيمن نور

 

واشنطن (رويترز) – دعت الولايات المتحدة مصر يوم السبت الى الافراج عن أيمن نور السياسي المعارض والمرشح السابق في انتخابات الرئاسة قائلة ان حكم السجن الذي صدر في حقه يلقي شكوكا على التزام مصر بالاصلاح الديمقراطي وحكم القانون.

 

وفي توبيخ شديد اللهجة لواحدة من أقرب الاصدقاء العرب لواشنطن قال سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الابيض ان الولايات المتحدة تشعر « بضيق بالغ » لان محكمة مصرية حكمت في وقت سابق من يوم السبت على نور بالسجن خمس سنوات بتهم التزوير.

 

واضاف مكليلان قائلا في بيان « ادانة السيد نور المرشح المنافس في انتخابات الرئاسة في مصر في 2005 تثير شكوكا بشأن التزام مصر بالديمقراطية والحرية وسيادة القانون. »

 

ومضى قائلا « الولايات المتحدة تناشد الحكومة المصرية ان تعمل بمتقضى القوانين في مصر في اطار رغبتها المعلنة لزيادة الانفتاح السياسي والحوار داخل المجتمع المصري ..وانطلاقا من الاهتمام الانساني.. أن تطلق سراح السيد نور من الاعتقال. »

 

ونور (41 عاما) هو زعيم حزب الغد ذي الاتجاه الليبرالي. وهو يقول ان محاكمته محاولة لابعاده عن الحياة السياسية. وحصل نور على حوالي ثمانية بالمئة من الاصوات في الانتخابات التي جرت في السابع من سبتمبر ايلول ليأتي في الترتيب الثاني بعد مبارك الذي حصل على 89 بالمئة من الاصوات.

 

وقالت وزارة الخارجية في بيان منفصل ان محاكمة نور »شابتها تجاوزات وتناقضات وافتقدت المعايير الدولية من الشفافية واحترام حكم القانون الذي تؤيده الحكومة المصرية علنا. »

 

ولم يكشف البيان عن التجاوزات المزعومة.

 

وتعتبر مصر محورا للجهود الامريكية لاشاعة الاستقرار في الشرق الاوسط على مدى نحو 30 عاما منذ توقيع اتفاقات كامب ديفيد للسلام بين مصر واسرائيل عام 1978.

 

والاصلاح السياسي واحد من عدة قضايا رئيسية في العلاقات المصرية الامريكية والتي تشمل التعاون الامني وتبادل معلومات المخابرات وتشجيع السلام والاصلاح السياسي والتعددية في العالم العربي.

 

وتحصل مصر على نحو ملياري دولار سنويا من الولايات المتحدة من بينها 1.3 مليار لتمويل شراء أسلحة أمريكية وهو ما يجعلها ثانية أكبر متلق للمعونات الامريكية بعد اسرائيل.

 

وقال مكليلان ان الولايات المتحدة منزعجة لتقارير تقول ان صحة نور تدهورت بشكل خطير بسبب اضراب عن الطعام بدأه قبل اسبوعين احتجاجا على ملابسات محاكمته واعتقاله.

 

من جيم وولف

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 24 ديسمبر 2005 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


مرشد الاخوان المسلمين في مصر يقول انه لم ينكر محرقة النازي لليهود

 

القاهرة (رويترز) – قال محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة (الاخوان المسلمون) في مصر يوم السبت انه حينما وصف المحرقة النازية لليهود بأنها اسطورة لم يكن يقصد انها لم تحدث ابدا.

 

وقال مكتب عاكف الذي يتزعم اكبر جماعات المعارضة الاسلامية في مصر في بيان ان تعليقاته التي ادلى بها يوم الخميس كان الغرض منها ايصال فكرة محددة بخصوص موقف الغرب من الديمقراطية والفلسطينيين.

 

وقال عاكف يوم الخميس « حملت الديمقراطية الغربية على كل من يرى غير رؤية بني صهيون فيما يخص أسطورة الهولوكست أو المحرقة. »

 

ودلل على عدم تسامح الغرب بمحاكمة الكاتب الفرنسي روجيه جارودي الذي أدين في عام 1998 بالتشكيك في محارق النازي والمؤرخ البريطاني ديفيد ايرفنج الذي يواجه اتهامات مماثلة في النمسا الشهر القادم.

 

لكن مكتب عاكف قال يوم السبت « اقتطعت بعض وسائل الاعلام عبارة من سياقها…وحملوها معنى لم يقصده وهو انه ينكر المحرقة التي اقامها النازي لليهود ابان الحرب العالمية الثانية والحقيقة انه لم ينكر وقوعها وانما استشهد بما حدث لروجيه جارودي… في الوقت الذي يتغاضى الغرب عن ضحايا الدولة الصهيونية وجرائمها اليومية ضد الفلسطينيين. »

 

واضاف البيان « استشهد (عاكف) بذلك على سياسة الغرب في الكيل بمكيالين وعلى ديمقراطية الاقصاء التي يمارسها على اوسع نطاق. »

 

وحصلت جماعة الاخوان على 88 مقعدا في مجلس الشعب (البرلمان) البالغ عدد مقاعده 454 مقعدا في الانتخابات التي جرت في نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الاول مما يجعلها أكبر جماعة معارضة في المجلس.

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 24 ديسمبر 2005 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

24 août 2009

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année, N° 3380 du 24.08.2009  archives : www.tunisnews.net   CPJ: After advocacy, Tunisian sees end

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.