الجمعة، 6 أبريل 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2510 du 06.04.2007
 archives : www.tunisnews.net


 

المجلس الوطني للحريات بتونس: مساجين سياسيّون حياتهم في خطر الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بيان الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: تصحيح تعقيبا على بيان 8 مارس  الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس تقول: إعلان 8 مارس طعنة في الإسلام ودعوة للفتنة!!

محمد النوري: تونس: الرهانات الخاسرة!

صلاح الدين الجورشي : ليس دفاعاً عن «حركة النهضة» ولكنه دفاع عن صناعة الوفاق السلطات التونسية تحجب موقع » تونس أونلاين. نت » عن زواره في تونس  الحياة: اتفاق بين تونس وإيطاليا لتنسيق مكافحة الإرهاب كونا: مؤتمر اجهزة المباحث العربية يدعو الى اعتماد بصمة العين الموقف: حجز مقنّع وضرب لحرية الإعلام مناشدة إلى رئيس تونس الخضراء من طلبة مدرسة الهندسة بالمنستير مراد رقية: قتامة وضعية الجامعي التونسي وفرادتها عربيا ومغاربيا ودوليا بين منظومة انصاف وسخف الظروف المعيشية د. محمد الهاشمي الحامدي: الربيع والسياحة وزيت الزيتون عاشق الحرية:دعوة إلى عصيان مدنى في تونس الجزيرة.نت: سجن 120 جزائريا بتهمة التجنيد للقتال بالعراق ا ف ب:الجزائر تستبعد الإسلاميين المتطرفين من الانتخابات التشريعية القدس العربي: رئيس قضاة الإسكندرية يطالب بالجنسية الموريتانية توفيق المديني: الدرع المضاد للصواريخ  بين الحلم الأميركي والرفض الروسي الصيني عبد الله الحسن: المخدرات القطب الخفي في حروب إمبراطورية « الكاوبوي » عبدالإله بلقزيز: الحاجة إلى التحرر من ثقافة الفتنة أحمد حموش: « أكبر » أحزاب المغرب..لا يتعاطى السياسة!


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


المجلس الوطني للحريات بتونس

تونس في 6 أفريل 2007

 

مساجين سياسيّون حياتهم في خطر

 

يعبّر المجلس الوطني للحريات عن بالغ انشغاله على حياة مساجين سياسيّين بعضهم يتعرض للتعذيب وآخرون مضربون عن الطعام.

فقد أفاد سجين الانترنت علي رمزي بالطيبي المحكوم بأربع سنوات سجنا منذ مارس 2005 أنّه يتعرض لتعذيب منهجي متواصل داخل سجنه من قبل أعوان السجن وأعوان من البوليس السياسي. وكان آخر ما تعرض له بإشراف من مدير سجن بنزرت المدينة مهاجمته بكلب مدرّب يوم 2 أفريل 2007 وقد عضّه هذا الكلب في ساقه ممّا انجرّ عنه أنّه أغمي عليه ونقل إلى مصحّة السجن.

وقد سبق لعلي رمزي بالطيبي أن تقدم مرتين عبر محاميه بشكوى لوكيل الجمهورية ببنزرت في التعذيب الذي يتعرض له في السجن ولم يتم التحقيق في شكاواه.

أحضر السجين وليد العيوني الموقوف في سجن المرناقية في قضية متعلقة بقانون مكافحة الإرهاب بعد إخلاء قاعة الزيارة من العائلات وقد بدا عليه الذهول والانهيار البدني وآثار كدمات حول عينيه ويسنده عونا حراسة في مشيه. ولم يتعرف على والدته وسألها من تكون. وقد قطعت الزيارة فور سؤال والدته عن أسباب تلك الحالة.

وقد أبلغت إدارة السجن والدة وليد العيوني أنّه كان يعالج في مستشفى الرازي للأمراض النفسية بمنّوبة.

والسيد وليد العيوني (27 سنة) هو مهندس ديكور تم احتجازه بشكل غير قانوني في وزارة الداخلية لمدة تفوق الشهر منذ 11 ديسمبر 2006 حتى 16 جانفي 2007 وأودع السجن المدني بالمرناقية في غرفة انفرادية.

تم قطع زيارة السجين غيث مكّي في سجن بلاريجيا بجندوبة بعد حوالي 5 دقائق من بدئها. وقد أحضر للزيارة في حالة إرهاق بدني وضعف شديد ولم يقدر على مواصلة الحديث مع عائلته. وقد دخل غيث مكّي (26 سنة) الموقوف في قضية متعلقة بقانون مكافحة الإرهاب في إضراب عن الطعام منذ 10 مارس 2007 احتجاجا على سوء المعاملة والاعتداء الذي تعرض له من قبل أعوان السجن. كما أفاد أنّه يتعرض لضغوط من قبل مدير السجن بسبب نيابة الأستاذ عبد الرؤوف العيادي في قضيّته.

وقد نقل غيث مكّي منذ جويلية 2006 إلى سجن بلاريجيا بجندوبة التي تبعد 150 كلم عن مقر محكمة تونس المتعهدة بقضيّته.

قطعت زيارة السجين عبد اللطيف بوحجيلة يوم 3 أفريل 2007 بعد أن سقط مغشيا عليه. وقد أحضر لزيارة والده يساعده عونا حراسة للمشي والوقوف. وهذه هي المرة الثانية منذ 4 أشهر التي يتلقى فيها عبد اللطيف بوحجيلة زيارة من عائلته. فقد دخل في سلسلة من إضرابات الجوع منذ ديسمبر 2006 ولم تقع تلبية مطالبه في العلاج كما تعرض لاعتداء بالعنف من قبل أحد أعوان الحراسة بمصحة السجن.

وتتواصل في سجن المرناقية حصص التعذيب الليلية التي يتعرض لها الموقوفون في القضايا المتعلقة بقانون مكافحة الإرهاب وخاصة في القضية 7717/1 حيث يتم تعصيب أعينهم وتعريتهم ويتم ترهيبهم بواسطة الأسلحة النارية وإخضاعهم لمشاهد صورية لتنفيذ حكم بالإعدام وقد استهدف التعذيب موقوفا مختلا عقليا هو محمد أمين ذياب.

كما يتواصل بصورة غير قانونية جلب موقوفين على ذمة قاضي التحقيق بسجن المرناقية إلى فرقة أمن الدولة بوزارة الداخلية حيث يتم التحقيق معهم من جديد، ومن بينهم وائل عمامي وطارق الهمامي.وكذلك شأن السجين محمود التونكتي المحكوم بـ5 سنوات سجنا من قبل المحكمة العسكرية، فقد نقل من سجن مرناق إلى فرقة أمن الدولة يوم 3 أفريل 2007.

والمجلس الوطني للحريات

–       يعبّر عن قلقه الشديد لاستمرار انتهاك كرامة المساجين السياسيين من قبل موظفي الدولة دون أي ردع.

–       يطالب بفتح تحقيق في ظاهرة ممارسة التعذيب داخل السجون التونسية ومعاقبة منفّذيها.

 

 عن المجلس

الناطقة الرسمية

سهام بن سدرين  

 


 

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف /الفاكس:71354984 Email: aispptunisie@yahoo.fr  

تونس، في 06/04/2007

 

بيان

 

  علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ببالغ الأسى بنبأ فقدان السجين السياسي وليد العيوني لمداركه العقلية نتيجة لتعرضه لشتى أنواع التعذيب الوحشي منذ إعتقاله في 11 ديسمبر2006 .

 وهو يُقيم منذ 16 جانفي 2007 إلى الآن في ظروف سيّئة للغاية بسجن المرناقية إذ وقع إيواؤه بمرحاض مساحته متران مربعان ينعدم فيه الهواء و نور الشمس. و قد كان يشكو لعائلته في زيارات سابقة ، من عدم تمكنه من النوم لعدة أسابيع ومن إجباره على البقاء في وضع جسدي غير طبيعي نظرا لضيق الغرفة .

 و قد أخبرتنا والدته اليوم الجمعة 6 أفريل ، و كانت تتحدّث بصوت متقطع و مجهشة بالبكاء من فرط الحسرة ، أنها فُجعت اليوم لدى زيارتها لإبنها بسجن المرناقية ،بفقدانه لمداركه العقلية إذ لم يتعرّف عليها و قد وجدته بحالة هيجان ومُنتفخ الوجه متورّم العينين و كان ينظرإليها شزرا وأخبرها أنه لا يعرفها أصلا و ليست أمه كما تدّعي .

و قد بقيت تترقّب بفارغ الصبر تمكينها من زيارة إبنها كامل النهار، و في المساء علمت من أعوان السجن أنهم أتوا به للتوّ من مستشفى الرازي للأمراض العقلية.

   و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي طالما عبّرت عن بالغ إنشغالها  للظروف القاسية و المعاملات السيئة  وشتّى أنواع التعذيب التي يتعرّض لها سجناء الرأي في الفترة الأخيرة و التي أدّت بأحدهم في فيفري الماضي إلى محاولة الإنتحار راميا نفسه من نافذة الطابق العلوي لمكتب التحقيق و أدّت الآن إلى إصابة أحدهم (وليد العيوني لفقدان مداركه العقلية) ،تُطالب ب :

                                                                                                                                                              – فتح تحقيق حول الظروف القاسية التي تعرّض لها سجناء الرأي .

                                                                                                                                                                                            – محاكمة من تعمّدوا تعذيب السجناء .

                                                                                                                                                                                            – إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين .

 

رئيس الجمعية                                                                                الأستاذ محمد النوري  

 

 

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف /الفاكس:71354984 Email: aispptunisie@yahoo.fr  

 أطلقوا سراح المناضل الحقوقي الأستاذ محمد عبو

تونس، في 06/04/2007

 

بيان

 

 علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسييين أن السيد لطفي حجي مراسل قناة « الجزيرة » في تونس و رئيس نقابة الصحافيين التونسييين ، قد تعرّض فور وصوله بعد ظهر اليوم 6 أفريل 2007 إلى أرض الوطن قادما من الدوحة ، ، إلى مضايقات من طرف البوليس السياسي حيث منعوه بالقوة من أداء رسالته الإعلامية عندما توجّه لتغطية حدث تدشين المقرّ الجديد  للحزب الديمقراطي التقدّمي بأريانة .

 

رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري


الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com تصحيح  
جاء في بيان يوم  الإربعاء الماضي، ان الفتاة فاطمة بنت الطاهر العوني الحرزي تم اعتقالها، و قد تأكد لدينا أن البوليس السياسي اقتصر على السؤال عنها في مقر سكناها بحي الملاحة اريانة دون اعتقالها.
واذ نعتذر عن هذا الخطأ، نشكر كل من يتابع محنة هذه العائلة وبقية العائلات، ونجدد الدعوة للإفراج عن الأخوين ابراهيم وعلي العوني الحرزي، وكل المعتقلين السياسيين، ومن بينهم مئات الشباب المتدين الذين يتعرضون لسلسلة من  المحاكمات الصورية التي تفتقر الى الحد الأدنى من شروط المحاكمة العادلة عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس علي بن عرفة لندن  في 6 أفريل 2007 


بسم الله الرحمن الرحيم   والصلاة والسلام على محمد النبي الصادق الأمين

تعقيبا على بيان 8 مارس  الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس تقول:

إعلان 8 مارس طعنة في الإسلام ودعوة للفتنة!!

طالعتنا وسائط الإعلام ببيان عنوانه (إعلان هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات:

حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الموافق ليوم 8 مارس 2007). عدّد هذا الإعلان ما تحقّق المرأة التونسية من مكاسب – وُصفت بالهامّة – كمنع مجلة الأحوال الشخصية تعدّد الزوجات وإلغاء الولاية في الزواج وجعل الطّلاق من أنظار القضاء…الخ. وأكّد مصدّرو هذا الإعلان عزمهم على  » مواصلة الجهد لتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين نصّا وممارسة والعمل على التنصيص عليها بصفة صريحة في الدستور وفي مختلف القوانين التونسية... »[1] .

وفي معرض تأكيدها على أهميّة هذه الإجراءت والمكاسب، أشادت هيئة 18 أكتوبر بمجلّة الأحوال الشخصية، مع التلميح بالطّعن في الشريعة الإسلامية واصفة إياها بـ  » القيود الثقافية والاجتماعية لعصور الانحطاط  » وعَزَتْ إليها كذلك ما أسمته  » مظاهر الحيف والتمييز، ومن أسباب التوتر في العلاقات الأسرية  » و  » التقاليد البائدة المحقرة للمرأة « . كما دعت إلى  » تخليص المجلّة وسائر القوانين من رواسب التمييز المكرِّسة لدونية للمرأة « 

[2].

إنّه موقف يدعو إلى التساؤل عن دواعي صدور هذا الإعلان من هيئة 18 أكتوبر التي التقى أعضاؤها رغم اختلاف مشاربهم، وتحالفوا في الأصل على مواجهة الاستبداد السياسي المسلّط من حاكم تونس على الرجال والنساء على حدّ سواء؛ وقد أخذوا على عاتقهم مهمّة العمل على تحقيق ما اعتبروه أهدافا أساسية تكتسي صبغة التأكد والأولوية، وهي ثلاثة أهداف:

1 –  حرية العمل الحزبي والجمعياتي

2 – حرية الإعلام والصحافة

3 – إنهاء معاناة المساجين السياسيين

تلك هي المطالب الأساسية التي أُنشئت هيئة 18 أكتوبر من أجل تحقيقها، طبقا لما أعلنته في ندائها الموجّه إلى الرأي العام بتاريخ 18 أكتوبر 2005 . وتلك هي الغاية التي رصدت نفسها لتحقيقها؛ وهي حقّا مطالب مشروعة، وما بذلته الهيئة من جهود في سبيل تحقيقها، جهود مشكورة، تستوجب من جميع الأحرار والشرفاء المساندة والتقدير والمؤازرة.

ولكن ما وجه خروج الهيئة عن مهمّتها السياسية تلك، وجنوحها عن غايتها الأساسية؟! بإصدارها إعلان 8 مارس 2007 داعية إلى تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، مع تعمّدها الغمز في الإسلام والطّعن في أحكام الشريعة الإسلامية!!

إن الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس بعد اطّلاعها على هذا البيان تعلن ما يلي:

أولا:

إنها تُعرب عن استغرابها من إشادة هيئة 18 أكتوبر بمجلّة الأحوال الشخصيّة والاتفاقيّات والمعاهدات الدوليّة – مع أنّها عمل بشري لا يخلو من نقص وقصور – لحدّ تلبيسها بمسوحِ قداسةٍ! تجعل كلّ من يخالفها عُرضة «  للتعقّب بتهمة التمييز ضد المرأة وفتح حقّ التقاضي في شأنه لكلّ المنظّمات والهيئات ذات الصّلة « 

[3] – كما توعّدت بذلك الهيئة! – متعامية في الآن نفسه عمّا جلبته هذه المجلّة ولواحقها القانونية، من بؤس وشقاء على كلٍّ من المرأة والأسرة التونسية. وهو ما بوّأ تونس مبوّأ شرّ بوضعها في المرتبة الرابعة من بين دول العالم من حيث استشراء ظاهرة الطلاق! كما شهد بذلك عالم اجتماع تونسي[4]. ومع تنويه هيئة 18 أكتوبر بهذه المجلّة وملحقاتها، فإنّها لم تتردّد في الجراءة على دين الله بالطّعن في شرعه تلميحا وتصريحا واصمة إياه – وحاشاه – بالحيف والتمييز والتقاليد البائدة! وتكريس دونية المرأة، مُناقضةً بذلك شهادة البارئ سبحانه في كمال الدّين؛ حيث قال تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا ً} [المائدة: 3] .

ثانيا :

أن الهيئة العالمية لنصرة الإسلام تعتقد جزما بأنّ الشرع الإسلامي منزل من عند الله سبحانه بالحقّ، فقال تعالى {

وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105] وهو بذلك مُبرّأ من كلّ خلل، منزَّه عن أي عيب، حيث قال جلّ وعلا { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [الأنعام: 115] وقال أيضا { إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]. وبناء على هذا الأصل؛ فإنّ كلّ ما قرّره الإسلام من أحكام وتشريعات، فإنّها قطعا بَرآءٌ من كلّ حَيف أو تمييز أو قصور أو تقصير أو محاباة أو إهمال. وهي بصفتها تلك غير قابلة لأيّ تعديل أو تنقيح أو تبديل تحت مسمّى الاجتهاد؛ إذ  » لا اجتهاد في مورد النصّ  »  كما تقول القاعدة الأصولية. وكلّ دعوى بخلاف ذلك، فهي رَدٌّ على مدّعيها.

ثالثا :

 إن الهيئة العالمية لنصرة الإسلام تعلن تضامنها مع النساء؛ باعتبارها نُصرة المظلوم – رجلا كان أو امرأة – واجبا شرعيا، كما تُبدي الهيئة مساندتها لكلّ جهد صادق مخلص في تمكين النساء من التمتّع بجميع حقوقهنّ الشرعية في العلم والتعلم والتعليم والعمل، وحريتهنّ في اختيار الزوج عن رضى

[5]، وحقهنّ في ممارسة مختلف المناشط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ونحوها؛ على أن يكون كلّ ذلك وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وهَديِها؛ مثلما كان حال المرأة في عهد النبوّة، وفيما تلاه من عهود الإسلام الزاهرة، بمنآى عن كلّ الأعراف المبتدَعَة المُزرية بقدر المرأة، والتقاليد والعادات المبتذَلَة المُهينة لكرامتها، والمخالفة لشريعتها، وكذلك بعيدا عمّا نشهده اليوم من مهاترات، ومتاجرة بشعار المساواة، والحرية النسوية، وافتعال المعارك والصّراعات الوهمية، أسوة بتجربة المرأة الغربية.

رابعا :

إن الدّعوة للمساواة الكاملة – على ما فيها من إغراء – تحمل السمّ في الدّسم لما تنطوي عليه من مخاطر على المرأة والأسرة والمجتمع على سواء؛ ولا أدلّ على ذلك من تجربة المجتمعات الغربية الماثلة اليوم أمامنا؛ حيث استحالت المرأة فيها سلعة تباع وتشترى في أسواق الدّعاية والابتزاز، والاستغلال بكافّة أشكاله وصنوفه وألوانه، وذلك باعتراف عقلاء الغرب نساء ورجالا. والعاقل من اتعظ بغيره؛ فهل من مدّكر؟!

إنّ مثل تلك المساواة ما هي – في نظرنا – إلا إساءة للمرأة نفسها، وجناية عليها ممّن يزعمون حمايتها والإحسان إليها. إنّها دعوة هدّامة ترمي إلى توهين عُرى المجتمع بتفكيك مؤسّسة الأسرة، وإلغاء نظام الزواج الشرعي، وتحليل زواج المسلمة من غير المسلم، وتشريع المخادنة، ونحوها من العلاقات المحرّمة، المضمَّنة في اتفاقية الأمم المتّحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، التي صادقت عليها الحكومة التونسية

[6]. ورغم احتراز الحكومة على بعض بنودها لمساس بعضها بسيادة الدولة، ومصادمة بعضها الآخر – صراحة – للشريعة الإسلامية؛ فإن رئيسة[7] منظمة النساء الديمقراطيات طالبت بإلغاء هذه الاحترازات قائلة  » ننادي السّلطات التونسية برفع كل تحفظاتها على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة « [8]. كما أكّدت هيئة 18 أكتوبر  » عزمها الراسخ على الحفاظ على كلّ هذه المكاسب والدّفاع عنها في وجه كلّ تهديد وعلى مواصلة الحوار بروح وطنية بنّاءة حول القضايا الخلافية العالقة مثل مسألة المساواة في الإرث أو الموقف من التحفظات التي أبدتها الدولة التونسية حيال بعض الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة « [9].

خامسا :

إن هيئة 18 أكتوبر بإعلانها هذا، قد حادت عن مهمّتها، وتنكّبت عن تحقيق غايتها، وراحت تدعو – باسم تحرير المرأة ومساواتها الكاملة – إلى نبذ الإسلام، ومخالفة أحكامه، جاهلة أو متجاهلة أنه عقيدة عموم التونسيين وشِرعتهم ومنهاجهم، وهو الدّين الرسمي للدّولة التونسية، والركيزة الأساس لهوية البلاد التونسية؛ وإنّ وصفها ما بقي جاريا من أحكامه القليلة بالقيود الثقافية والاجتماعية لعصور الانحطاط، ووصمه بالحيف والتمييز ضدّ المرأة، وتكريس دونيتها! كلّ ذلك يعتبر – في نظرنا – إهانة كبيرة  للإسلام والمسلمين، وطعنا من هيئة 18 اكتوبر في حكم الله تعالى وحكمته البالغة! وهو سبحانه أحكم الحاكمين {

وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50] وإن السّعي لتغيير أي شيء من مُحكماته مهما بدا صغيرا أو جزئيا، هو تشريع في الدّين لما لم يأذن به الله، وهو خروج عن دين الله واعتداء على حدوده، يستوي في ذلك الداعي والفاعل والراضي بالفعل، لقول الله تعالى { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ } [المائدة : 49] . فليس الطعن في شرع الله بردّه أو إنكاره – في قليل أو كثير – إلا دليل على غلبة منزع هوى في نفس الطاعن، وجهل منه بالدين، وسوء فهمه لحكمه { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } [يونس: 39]. وصدق من قال:

وكم من عائبٍ قولا صحيحا    وآفتـُه مـن الفهم السقـيم

سادسا :

 إنّ من حقّ خصوم الإسلام سواء كانوا من بين أعضاء هيئة 18 أكتوبر أو غيرهم، أن يكون لهم فهمهم، أو رأيهم الخاصّ المخالف للإسلام ونهجه القويم، الذي قرّر منذ أربعة عشر قرنا أنه { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } [البقرة: 256] بيد أن وجودهم في مثل هذه الهيئة أو في سواها من الهيئات والمواقع والمنظّمات أيّا تكن حكومية أو شعبية، وطنية أم أجنبية، فإنّ ذلك لا يعطيهم – وهم فئة قليلة – شرعية الاختيار ولا صلاحية التقرير لأغلبية الشعب التونسي.

إن هيئة 18 اكتوبر بهذا الإعلان، تفرض خيارها العالماني على الشعب التونسي المسلم، دون استشارته ولا استطلاع موقفه في أمر شرعي من متعلّقات الدّين، يهمّ كلّ فرد فيه، رجلا كان أو امرأة. فهل الشعب التونسي – على ما به من وعي وإدراك وفهم ونضج – شعب فاقد الأهلية أو محجور عليه، أو مجرّد من كلّ صلاحية في عين هيئة 18 أكتوبر حتى تفرض هي عليه رأيها أو تُلزمه برؤيتها واتّباع خطتها؟! إنّ فرض مثل هذه الخيارات المتعارضة مع أحكام الدّين الإسلامي يُمثّل وصاية غير مقبولة – كوصاية الحكومة التونسية عليه بغير وجه شرعي – تمارسها هيئة 18 أكتوبرعلى الشعب التونسي الشهم الأبيّ؛ وهو ما يسوّغ لكلّ تونسي رجلا كان أو امرأة أن يسائل هيئة 18 أكتوبر ، كما يسائل الحكومة التونسية عمّن فوّض إليهم حقّ فرض تلك التشريعات، وتقرير هذه الخيارات، وحشد الجهود لتحقيقها، دون رضاه أو موافقته، بل قَسْرَ إرادتِه؟! فهل يتفّق مثل هذا السلوك التحكّمي الغريب مع القواعد الأساسية للديمقراطية التي يدعونها؟!

سابعا :

إنّ هيئة 18 أكتوبر، ومن يعمل على شاكلتها بإعلان موقفهم هذا المصادم للإسلام وشرعه – باسم تحرير المرأة – يكونون قد تنكّروا لأخصّ خصوصيّات الشعب التونسي؛ وهم يسعون بهذا في تقويض أساس هويته، وهدم مقوّمات شخصيته. كما يسعون في الآن نفسه – من حيث يدرون أو لا يدرون – إلى العبث بالمرأة وتلويث كرامتها، وتدنيس شرفها، وتزيين سبل الشرّ لها، والرّمي بها في مهواة الرذيلة والفساد! فلقد كان من آثار تلك التشريعات السلبية سقوط عديد النساء والفتيات في حمأة الفسق والرذيلة والمخادنة والتمعّش من الخناء! والتدخين وشرب الخمر!! بما لا عهد للمجتمع التونسي به من قبل. ولعلّ في هذه الواقعة دلالة على مدى الانهيار الخُلقي في صفوف الفتيات:  » فهذه فتاة تونسية، في العشرين من عمرها، أحيلت أمام المحكمة، بعد اتهامها بالاعتداء بالضّرب على والدها!! بسبب احتسائها كمية من الخمر!! وقالت جريدة الصباح التونسية: إن أبًاً سجّل شكوى ضدّ ابنته الوحيدة، بعد رجوعها إلى البيت في وقت الفجر، مخمورة! مع أصدقائها! وعندما عاتبها والدها انهالت عليه ضربا!! وبعد جلسة أولى للمحكمة، قرّرت سجن الفتاة لمدّة سنة، غير أن والدها عاد وقدّم طلبا، بإسقاط الحكم، فاكتفت المحكمة في جلستها الثانية بسجنها 15 يوما بسبب السّكر الواضح!« 

[10]. وكيف لا تجرؤ هذه الفتاة على لطم أبيها وصفع وجهه! وقد سبق للحكومة التونسية أن مهّدت لها ولأمثالها الطريق إلى التمرّد والعقوق والتنكّر لما للآباء والأمهات على أولادهم من الحقوق! حيث جاء في تقريرها المقدّم إلى الأمم المتحدة «  ويسمح هذا الإصلاح الجديد بما لا مجال فيه للشكّ للحدّ من سلطة الأب التّي كانت سائدة حتى الآن « [11].

ولا أدلّ على ذلك الوضع البائس الذي آلت إليه حال المرأة، من الاحصاءات المُفزعة المتعلّقة بحوادث الزنا والاغتصاب! حتى غدت ثمارها النّكدة من الأنغال

[12] مبعثرة في حاويات القمامات! تماما كما تُبعثر فراخ القطط والكلاب الميتة. إذ تقول صحيفة الشروق  » إنه عُثر في مدينة منزل بورقيبة، على أعضاء بشرية مودَعة في حاويات بلاستيكية! وعلى ستّة أجنّة لأطفال صغار! لم يكتمل نموّهم بعدُ، تمّ التخلّص منها عن طريق الإجهاض، وذلك في مصبّ للفضلات بالمنطقة « [13]. وكيف لا يُعثر على الأجنّة الآدمية في حاويات القمامات ومصابّ الفضلات، وحتى في الأزقة والطرقات؟! بعد أن شرّعت الحكومة بمقتضى القانون حرية الزنى والإجهاض مسوِّغة ذلك بقولها حرفيّا  » إنّ المشروع ـ أي قانون الإجهاض[14] ـ  قد أخذ في اعتباره فعلا الظروف الخاصّة التّي قد توجد فيها بصفة خاصّة فتيات حُبالَى دون الزواج، هنّ في أغلب الأحيان ضحايا جهلهنّ للتشريع الذي يحميهن بتوفير إمكانيّة الإجهاض في مراكز عامّة مناسبة« [15].

وكذلك هذه الأرقام المُفجعة التي تكشف الغطاء عن تنامي ظاهرة (الأمهات العزبوات)!! حيث تقول باحثة تونسية في علم الاجتماع  » إنّ عدد هذا النّمط من الأمّهات في تونس بات يبلغ حوالي 1060 أمًّاً كلّ سنة!! مقدِّرة أنّ هذا الرّقم يشهد ارتفاعاً ملحوظاً! من سنة إلى أخرى. واعترفت الباحثة بأنّ هذا المؤشّر لا يعكس الأرقام الحقيقة، وذلك لأنّ بعض الولادات غير معلن عنها، وتتمّ في المصحّات الخاصّة والبيوت، كما أنّ هناك تصاريح خاطئة؛ وهو ما يجعل العدد الحقيقي (لأمّهات الظلّ)! أكبر من ذلك بكثير!!« 

[16].

أضف إلى ذلك استشراء ظاهرة العزوبة وعزوف الشباب عن الزواج، واستفحال العنوسة في المجتمع التونسي التي تتكتّم الحكومة عن نشر بيانات صادقة بشأن تعاظم نسبتها، وتنامي خطورتها؛ وهي ظاهرة يتفاقم أمرها يوما بعد يوم؛ وما لم تُعالج بحكمة وصدق وجرأة وشجاعة بعيدا عن تلك الشعارات الجوفاء، فإنها تؤذن لا محالة بشيخوخة مبكّرة للشعب التونسي، ومن ثمَّ اندثاره على مدى الزمن.                                                            

كلّ تلك الوقائع وهذه الأرقام، تقوم شواهد على عظم الكوارث الواقعة اليوم على المرأة التونسية البريئة، التي راحت ضحيّة هذه الشعارات الزائفة وتلك التشريعات الخاطئة؛ وهو ما يدعو الى التساؤل عن مدى صلاحية مجلّة الأحوال الشخصية وملحقاتها القانونية، وعن مظهر حمايتها لحقوق المرأة التونسة ومكاسبها؟! أم أن أنصار هذه المجلّة ودعاة الحرية النسوية يعدّون تلك المَساخِرَ مَفاخِرَ! وهذه الكوارث من الحقوق والمكاسب؟!  

ثامنا :

إن حقوق المرأة ومكاسبها لا تتوقّف – في نظرنا – على سنّ القوانين والتشريعات، فقط، ولا تتحقّق بالتصديق على المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات، وحسب؛ فهذه وتلك مع وجودها وكثرتها قد لا تغني المرأةَ عمّا يحيق بها من مخاطر، ولا تدفع عنها ما يقع عليها من مظالم؛ بل لعلّ من هذه التشريعات ما يكون على بعض النسوة نقمة، ومن تلك المعاهدات ما يزيدهن على محنتهنّ محنة! لما قد تشيعه هذه القوانين والتشريعات في نفوس بعض الرجال من شعور بالغبن، وما قد تثيره في قلوبهم من ضغن! يصدّ بعضَهم عن الزواج خوفا من تكاليفه وتبعاته ومصاريفه. وهو ما قد يعرّض عديد النساء لمخاطر العنوسة، والوحدة، والوحشة والتحرّش الجنسي! والاغتصاب. كما قد يدفع بعض الأزواج إلى مضارّة النساء لحملهنّ على طلب الطلاق والفُرقة، أو الاعتداء عليهن بالعنف – خصوصا عند احتدام النزاع واشتداد الخصام – ما قد يحمل بعضهم على قتل زوجته على سبيل الثأر! والانتقام!

[17].

إنّ تحسين وضع المرأة وضمان حقوقها، يقتضي – في تقديرنا – حركة إصلاح شامل للمجتمع التونسي كلّه برجاله ونسائه، وكافّة مؤسّساته وتشريعاته، على وفق المنهاج الإسلامي من الإيمان والحقّ والعدل والاستقامة والصلاح والتقوى والإيثار والرحمة. وصدق الله العظيم حيث يقول {

مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النحل : 97] .

تاسعا

:

 إنّ إعلان 8 مارس يُظهر الإسلام – وإن لم يسمّه صراحة – بمظهر العدوّ الألدّ للمرأة وحقوقها، وأنه المتسبّب فيما جرى ويجري عليها من حيف وتمييز! وهي دعوى باطلة، من شأنها – متى ما رُوّجت – أن تُغريَ الجاهلين بأحكام الإسلام وخصومه من الرجال والنساء بالتنكّر له والدّعوة لنبذه، والانسلاخ عن الهوية الإسلامية للبلاد التونسية. وهذا عين ما دعا إليه عضو بمجلس النواب المدعوّ (عبد الحميد بن مصباح):  » مؤكّدا أن حلّ إشكالية المساواة في الإرث سيفتح إشكاليات أخرى مع السؤال حول هوية الدولة (الفصول 1 و 5 و8 والديباجة من الدستور) وهو ما يتطلب ثورة في القانون الدستوري للتخلص من شوائب الماضي ويؤكد أننا في حاجة إلى دولة علمانية « 

[18].

إن الهيئة العالمية لنصرة الإسلام تستنكر هذه الهجوم الظالم بمختلف مظاهره ومضامينه على الشرع الإسلامي ودعاته؛ حيث يوصف مرّة بالخطاب الرجعي! وأخرى بالردّة! والتخلّف! ومعاداة المرأة! وتهديد حقوقها وتبديد مكاسبها

[19]…الخ.

كما تحذّر الهيئة من عواقب هذه الدّعوة الخطيرة المنادية بتعديل الدستور لإلغاء الإسلام أن يكون دين الدولة التونسية مع إعلان صفتها العالمانية! إن مثل هذه الدعوة سعي منكور لوأد الإسلام من تونس بلاد الإسلام، وهي تُنذر – لا قدّر الله – بإشعال نار فتنة بين التونسين، لا تُحمد عقباها. وهي فتنة يحمل أوزارها من أوقدوا نارها، من دعاة العالمانية وأنصار المشروع العالماني سواء كانوا من أعضاء هيئة 18 أكتوبر أو سواهم ممّن هم داخل الحكومة وخارجها.  وعلى الله قصد السبيل. والسلام.

{

رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89] .

عن الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس

محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي

بون في: 15 ربيع الأنور 1428هج / 03. 04. 2007


[1]  – راجع نصّ  بيان 8 مارس.

[2]  – راجع نصّ  بيان 8 مارس.

[3] – راجع نصّ  بيان 8  مارس.     

[4] – وذلك بشهادة عالم الاجتماع بلعيد أولاد عبد الله الذي أورد في تصريحه لجريدة «الصباح» أن تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث نسبة الطلاق.. وعدد الملفات التي تحال سنويا الى المحاكم بحوالي 15 ألفا. انظر جريدة الصباح.

[5]  –  فقد قال رسول الله  » لا تُنكح الأيّم (الأرملة) حتى تُستأمر ولا االبكر حتى تُستأذن »  رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.

[6]  – صادقت الحكومة التونسية على هذه الاتفاقية بموجب القانون عدد 68 لسنة 1985 المؤرخ في 12 يوليو 1985.

[7]  –  وهي خديجة الشريف.

[8]  – وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 8 مارس 2007.

[9]  – راجع إعلان 8 مارس 2007.

[10]  – وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 11 جوان 2006.  

[11]  –  تقرير الحكومة إلى منظمة الأمم المتحدة المؤرخ في 23. 5. 1993 المتعلّق بالعهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة ص126

[12]  – الأنغال: جمع نغل: وهو ولد الزنا.

[13] – صحيفة الشروق التونسية  في عددها الصادر في 20/06/ 2006.

[14]  – إذ جاء في الفصل 214/ فقرة: 3 من المجلة الجنائيّة  » للمرأة حق إجهاض جنينها وإيقاف الحمل بصورة طوعيّة خلال الثلاثة الأشهر الأولى بشرط أن يقع الإجهاض في مستشفى أو مؤسسة صحية أو في عيادة مرخص فيها وعلى يد طبيب يمارس مهنته بصفة قانونيّة  » أنظر المجلة الجزائية التونسية.

[15] –  راجع تقرير الحكومة إلى منظمة الأمم المتحدة المؤرخ في 23 ماي 1993 المتعلّق بالعهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة.      

[16] – راجع جريدة الصباح الصادرة يوم 20 جوان 2006.

 [17] – وقد ظهرت بوادره فيما يشهده مجتمعنا التونسي اليوم من جرائم الاختطاف والقتل لعديد الفتيات من النساء والزوجات.

[18]  –  ندوة حزب الوحدة الشعبية حول حقوق المرأة بمناسبة يوم 8 مارس العيد العالمي للمرأة.

[19]  – راجع تصريحات المشاركين في الندوة التي عقدها حزب الوحدة الشعبية وسواها من التصريحات والأقوال والبيانات.

(المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 6 أفريل 2007)


تونس: الرهانات الخاسرة!

محمد النوري – باريس. تمر تونس اليوم بأسرها – سلطة و معارضة/دولة و مجتمع- بمرحلة سيئة للغاية، تمثّل حصاد حقبة من الإنغلاق والتكلس ومحصلة لمتوالية من الإنتكاسات السياسية التي وضعت البلاد خمسين سنة إلى الوراء قياسا بما كان سائدا قبيل الإستقلال من حراك إجتماعي وسياسي في مواجهة المستعمر المباشر و من حيوية ثقافية و فكرية نادرة.  

ليس هذا من باب الترحم على الإستعمار، كما قد يفهم ، لكنها الحقيقة المرة التي يصعب استساغتها وفهم دواعيها.  

المتأمل في الحالة السياسية الراهنة مقارنة بما يحدث من حراك نسبي في الأوضاع المجاورة،يجد نفسه مدفوعا للتساؤل: ماذا أصاب تونس حتى تصير سياسيا خلف موريتانيا وليبيا والجزائر و المغرب وحتى وراء بلدان إفريقية عديدة كانت بالأمس تعيش تحت كابوس الإستبداد وربما تطلعت في وقت من الأوقات للوصول إلى ما وصلت إليه تونس من انفتاح نسبي وحركية فكرية وإجتماعية منذ سنوات خلت ؟ من المسؤول عن هذا التردي و الإنحدار؟ هل هو فقط تحجر السلطة وإمعانها في الإنغلاق ورفضها لكل الأصوات الوطنية المخلصة المطالبة بالتعقل و الحوار؟ أم أن المسؤولية تعود أيضا إلى طيش المعارضة و تذبذبها و اضطرابها وتمزقها وغياب البوصلة السياسية للعديد من قياداتها الذين وصلوا إلى درجة من غياب الوعي والتنطع السياسي لإدراك المأزق الذي وصل إليه الجميع من جراء الحسابات السياسية الضيقة والمصالح الحزبية المقيتة؟ لقد وصلت العلاقة بين السلطة و المعارضة أو قل بين الدولة والمجتمع،إلى القطيعة التامة و بلغت البلاد مرحلة من التعفّن والإحتقان بما يؤذن بعواقب يصعب معالجتها عند فوات الأوان. ويستند هذا الوضع إلى جملة من الرهانات والرهانات المضادّة وهي رهانات خاسرة بالمنظور السياسي البعيد والتي تقوم عليها مواقف وتقديرات جلّ الأطراف السياسية بدءا بالسلطة ومرورا بالمعارضة التي تأطّرت ضمن ما أصبح يعرف بهيئة 18 أكتوبر بما في ذلك الحركة الإسلامية. الوهْم : هنالك حالة من الوهْم أضحى يهيمن على التفكير السياسي لمجمل الطبقة السياسية في الحكم و المعارضة على حدّ سواء. الماسكون بزمام الأمور من جهة، يتعامون على حقيقة المأزق الذي قادوا إليه البلاد طيلة العقدين الماضيين ولا يزالون يعتقدون أنه بالإمكان الإستمرار في سياسة الضبط الأمني والترويض السياسي والمراهنة على سياسة « فرّق تسد » التي آتت أكلها في تمزيق صف المعارضة إلى حين، والتعويل على التناقضات التي تشق صفوفها بالإضافة إلى الإطمئنان إلى عزوف عموم الشعب عن الشأن العام لانهماكه في الجري وراء لقمة العيش التي أضحى تأمينها يستوجب التعبئة العامة على مدار الساعة! لكن أحداث العنف التي شهدتها البلاد في مطلع العام الحالي، أحدثت رجّة هامة وإن

 

 كانت غير معلنة في صفوف السلطة وأصدقائها جعلت الجميع في ما يشبه حالة الإستنفار والتأهب لما قد يطرأ من جديد لا يمكن لأحد التنبؤ به. ولئن لم تسفر هذه الرجّة إلى حدّ الآن عن انتقال نوعي في التفكير في أسباب ما حدث والأساليب الفعالة لمعالجته حيث لا تزال مصرّة على ممارسة ما يسمّى بسياسة « الإباء المصطنع »  وإضاعة الوقت وهدر الفرص بدلا من جمع التونسيين جميعا على طاولة الحوار الوطني لمواجهة التحديات،إلا أن العديد من المؤشرات ،تدلّ على أن هذه الرجّة ستكون لها تداعياتها طال الزمن أم قصر ! ومن جهة أخرى،لا يزال يغلب على المعارضة بكل أطيافها،مع تباين محدود،وهْم المغالبة وتسجيل أكبر قدر من الإيلام وكسر شوكة السلطة وكبريائها و تجبّرها.بل بلغ الأمر بالبعض إلى حدّ درجة إعلان القطيعة التامة والدعوة إلى العصيان المدني ورفض أي تواصل مع السلطة القائمة، حتى ولو قبلت، إلا بعد رحيلها!!! المتابع لهذه المواقف والرهانات المتضاربة،يلحظ أنّ هناك خطأ في التقدير السياسي في الطرفين. على صعيد المعارضة، تراهن أطراف عديدة على قرب التغيير وتبشّر به وتعمل جاهدة على إنجازه برغم أنّ كل المؤشرات والعوامل الداخلية والخارجية،لا تقود إلى ذلك، وأنّ أقصى ما هو مسموح به دوليا هو إنفتاح جزئي دون ديموقراطية حقيقية، وفي أحسن الأحوال،ديموقراطية جزئية دون تداول حقيقي على السلطة!  

هذه المعادلة السلبية ،للأسف الشديد، هي التي تحكم الوضع التونسي باعتبار ارتباطه الوثيق بالعوامل الخارجية. وهو لا يعني بالطبع الاستسلام لهذا الواقع الغلاّب واليأس من الإصلاح و التغيير، ولكن التقدير الصائب والتدبير السليم يستوجبان فهم هذه المعادلة فهما دقيقا والعمل إما على تقويضها عند الإمكان وهو مشروع غير واقعي في الظرف الحالي، أو التأطّر ضمن سقفها المحدود عند الإقتضاء. أما المراوحة والتأرجح بين هذا وذاك، ما هو إلا دليل على غياب البوصلة وفقدان الإتجاه. في إطار هذه الرهانات العامة،يبني كل طرف من الأطراف السياسية رهاناته المرحلية وحساباته الخاصة من منطلقات سياسية أو حزبية أو إيديولوجية بما لا يتماشى بالضرورة مع التقدير العام للموقف. وفي هذا السياق، نجد مثلا أن بعض الأطراف المنضوية تحت هيئة 18 أكتوبر، تراهن على جرّ الحركة الإسلامية إلى ساحة الصراع الفكري والثقافي للحصول على تنازلات تعدّ لحدّ الآن من الثوابت أو الخطوط الحمراء التي تفصل بين الطرفين. وتدرك هذه الأطراف جيّدا الوضع الذي عليه الحركة الإسلامية من إقصاء و مطاردة و تضييق، يصعب فيه إدارة الحوار الإيجابي المطلوب للحسم في مثل هذه القضايا وغيرها.  كما تدرك أيضا تمام الإدراك، أنّ مثل هذه التنازلات، من شأنها إرباك حضور الحركة في الساحة الإسلامية وتحويل الصراع بينها وبين التيّارات الدينية الجديدة التي تشكّل رافدا إستراتيجيا لها بشكل من الأشكال.  

وربما تكمن مراهنة هذه الأطراف على مثل هذه الظروف والمناخات للحصول على ما تريد! وبالمقابل، يجد الطرف الإسلامي نفسه في مثل هذه الأوضاع، في حال لا يحسد عليه،بين المطرقة والسندان! سندان السلطة الممعن في التضييق وغلق أبواب الحوار وعدم القبول ولو بالحدّ الأدنى من الوجود والتعايش الذي يتمتع به بقية أطياف المعارضة حتى تلك الموغلة في التشدّد ومقارعةنظام الحكم، ومطرقة الأطراف العلمانية »الحليفة«  التي تبحث عن مقايضة إيديولوجية قبل فوات الأوان!

 

وقد شكّل الإعلان الأخير لهيئة 18 أكتوبر حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، مثالا صارخا على هذه المقايضة المستترة بشكل بعيد كل البعد عن احترام الثوابت والدستور وكأنّ البلاد تخلّصت من كل  القضايا والعقبات وحلّت كل الملفات العالقة وفتحت أبواب الحوار بين التونسيين جميعا للخوض في مثل هذه المسائل الفكرية التي تتباين حولها القناعات والأفكار منذ أمد بعيد!  

إنها مغالطة مكشوفة لا يمكن أن تنطلى على أصحاب العقول النيّرة فضلا عن محترفي السياسة في هذا الزمان! لقد أحدث هذا الإعلان، موجة واسعة من الضجر و الإستياء داخل صفوف التيار الإسلامي بكل أطيافه و أدّى إلى حالة من التوجّس من طبيعة التوجّهات التي تقاد بها حركة 18 أكتوبرودور بعض الأطراف فيها تلك التي تحمل عداءا إيديولوجيا للإسلام  والتيارات الإسلامية بشكل خاص. مردّ هذا الإستياء والضجر،ليس من باب رفض الحوار الفكري أو العقائدي . فتاريخ الإسلام يشهد بعكس ذلك، وهو حافل بتراث فريد من نوعه في المناظرات والمساجلات مع المخالفين في الرأي والعقيدة والإيمان. وإنما مردّه، عدم تقدير الظرف الذي عليه البلاد والطرف الإسلامي خاصة، وعدم احترام الأولويات والقضايا الملحّة التي قامت من أجلها الهيئة المذكورة بالأساس،والتي لا تزال عالقة تنتظر الإنجاز،بالإضافة إلى ما تضمّنه هذا الإعلان من محاولة للمسّ من ثوابت البلاد الدينية والوطنية!!! الحقيقة: المشهد السياسي الراهن برهاناته تلك، يضع السياسة في تونس كلها في مأزق: سياسة السلطة  وسياسة المعارضة على حدّ سواء.  

السلطة وإن كانت تعتمد في تثبيت دعائمها على السند الخارجي الذي منحها التفويض المطلوب لإدارة الوضع الداخلي والتحكم فيه بالشكل الذي يدعم الإستقرار ويحفظ المصالح، قد أفرطت في استخدام هذا التفويض بمحاصرة الحريات وإسكات كل صيحات الإصلاح التي تتعالى تبرّما بالكبت و الوضع الفاسد الذي يسود البلاد.  

إنها بهذا الإفراط والتشدّد والمراهنة على تشتيت المعارضة والإيقاع بينها، وإقصاء الجميع، وعدم السماح لأي ندّ سياسي بالتواجد على الساحة فضلا على أن يطمح أن يكون بديلا عنها. إنها بهذا السلوك المتكلّس لا تدفع إلا لإحلال معارضة أكثر تشدّدا وانغلاقا لملء الفراغ الذي تسعى إليه، من قبيل ما بدأ يظهر للعيان منذ أحداث العنف التي عاشتها البلاد لأوّل مرة في تاريخها المعاصر بذلك الحجم وتلك الصرامة، والتي لم تفلح الإجراءات الأمنية المشدّدة في منعها . المعارضة القائمة تعاني بدورها من مأزق مزدوج، يتمثل طرفه الأول في تفاقم ضغط السلطة ومحاصرتها والحيلولة دون وصولها للمجتمع وعموم فئات الشعب. ويتمثل طرفه الثاني في حالة الجمود الفكري والحركي والتقوقع السياسي والعجز على الفعل والفاعلية وزحزحة مواقف الطرف المقابل بمبادرات نوعية تخرج بالبلاد من هذا الوضع البائس الذي انتهت إليه. بدلا من ذاك، تطرح أطراف رئيسية في هذه المعارضة أولويات خاطئة بعيدة كل البعد عن هموم الناس وتحديات الواقع ، و تسعى إلى التوحّد من الباب الخلفي وهي مهمّة مستحيلة في غياب المناخات الملائمة للحوار الفكري والثقافي الحرّ.

 

الواجب: كيف يمكن الإنتقال من مرحلة المأزق السياسي إلى مرحلة الحوار الوطني؟  

هذا هو السؤال الكبير والتحدّي الجوهري الذي يحتاج إلى توحيد الجهود والأفكار لبلورة إجابة أو إجابات في إطار برنامج سياسي جامع يهدف إلى جرّ السلطة إلى مائدة الحوار بدلا من الإستمرار في الإشتباك الخاطئ و اللآمتكافئ معها.  

إن العلاقة بين السلطة والمعارضة من العوامل المهمة في استقرار الأوضاع وضمان السلم الإجتماعي.ولكن الحالة التونسية تشير إلى تدهور هذه العلاقة و تحولها من علاقة تنافسية إلى عدائية وقد زاد تشبّث كل طرف بتمشّيه ومواقفه من تعقيد هذه العلاقة وزيادة حالة الاحتقان التي وصلت إلى حد التخوين وتطبيق أجندة خارجية.وهو الحلّ السهل والمفضّل للسلطة للتخلّص من كل صوت معارض.  

وبالمقابل تلجأ بعض الأطراف المعارضة إلى محاولة الإستقواء بالخارج من أجل تكثيف الضغط على السلطة ظنّا منها أن ذلك هو المدخل الوحيد المتبقي للحصول على تنازلات وتحقيق المطالب.

إن الخروج من هذا المأزق،مأزق الرهانات الخاسرة، لن يتمّ إلا من خلال مراجعة جدّية واعية للمنهج والخطاب السياسي لكل الأطراف والإعتراف بحقيقة المأزق الذي انتهى إليه الجميع وإدراك حجم الخسارة التي لحقت بالبلاد من جرّاء التقدير غير السليم للواقع وإصرار الكل على سياسة الهروب إلى الأمام وإفناء الخصم بكل الأشكال.

السلطة بدأت تشعر باحتشام شديد بمخاطر هذا المأزق، من خلال ما يكتب وما يقال من حين لآخر وإن كان بشكل غير مباشر، ولكنها لا تريد الذهاب إلى الحل أوهي غير قادرة على ذلك نظرا لما وصلت إليه من تشابك المصالح وتقاطع مراكز النفوذ لفئة المستفيدين من الوضع القائم من جهة، وغياب معارضة واقعية وفاعلة، تطرق أبواب الحوار وتصرّ عليه، وتصنع الحدث ولا تكتفي باستهلاكه .

إن مسؤولية المعارضة الوطنية الفاعلة في إحداث هذه النقلة النوعية بالبلاد هي أكثر إلحاحا من أي وقت مضى لأن المستفيد الوحيد مؤقتا من استمرار الأوضاع على ما هي عليه هو السلطة والخاسر الأكبر على المستوى البعيد هو البلاد برمتها.  

أما بالنسبة للحركة الإسلامية، فعليها في نظري،أن لا تخطئ مرة أخرى في سياسة التقدير والتدبير، فتراهن مراهنات خاطئة وتنفق من رأسمالها الديني وثوابتها الفكرية، من أجل مرامي سياسية محدودة،قطعية الخسائر ظنية المكاسب. الرهان الآخر الذي يظل يبحث عن فرسان السياسة النبيلة هو رهان الحوار والتواصل والبحث عن الحدّ الأدنى من الوفاق ووضع المصلحة الكبرى للوطن فوق كل الاعتبارات.


 

ليس دفاعاً عن «حركة النهضة» ولكنه دفاع عن صناعة الوفاق

صلاح الدين الجورشي     البيان المشترك عن المرأة، الذي وقعته «حركة النهضة» مع بقية مكونات ما يعرف في تونس بـ «حركة 18 أكتوبر»، شكل حدثاً نوعياً غير مسبوق في تاريخ الحركات الإسلامية التي اتخذت عند تأسيسها من «الإخوان المسلمين» مرجعاً ونموذجاً. كما أنه في الآن نفسه، يعتبر حالة نادرة في تجارب العلمانيين العرب، أن يؤسس بعضهم حواراً معمقاً مع فصيل إسلامي، تجاوز مجال التنسيق الظرفي أو التحالف السياسي، ليرتقي إلى مسائل فكرية شديدة الحساسية، وأن يفضي ذلك إلى وفاق نظري مترجم في نص متقدم وجريء في مضامينه ودلالاته مثلما حصل في تونس.
ان طبيعة الدولة وحقوق النساء، قضيتان شائكتان لا يزالان مثار جدل وتردد وغموض في الفكر الإسلامي الحديث، وبالأخص في أدبيات الحركات السياسية الإسلامية. فالتراث الفقهي والأصولي، الذي تنهل منه هذه الحركات، يتطور ببطء شديد للحسم في عديد الإشكاليات المرتبطة بهاتين المسألتين. بناء عليه كان من الطبيعي أن تحتل هاتان القضيتان أولوية قصوى في النزاع القائم بين الإسلاميين والعلمانيين، والذي مرت عليه فترة طويلة.
لهذا السبب، عندما انتقلت مبادرة 18 أكتوبر في تونس من مستوى الإضراب الاحتجاجي إلى التمهيد لإقامة تحالف سياسي بين أحزاب وشخصيات علمانية من جهة و «حركة النهضة» من جهة أخرى، تم اقتراح تأسيس منتدى فكري ينشط بشكل مواز مع هيئة التنسيق السياسي، وذلك بهدف التوصل إلى رؤية مشتركة حول قضايا لها صلة وثيقة بالمشروع المجتمعي والبديل الديموقراطي الذي يمكن أن يتوافق عليه جميع الأطراف، وفي مقدمها: الدولة وحقوق المرأة وحرية المعتقد.
عندما وقع الإعلان عن تأسيس «حركة الاتجاه الإسلامي» عام 1981 (حركة النهضة حاليا)، تمت مطالبتها منذ البداية بتحديد موقف واضح من مجلة الأحوال الشخصية التي أحدثت نقلة نوعية في الأوضاع التشريعية والاجتماعية للنساء التونسيات. فباستثناء مجموعة (الإسلاميين التقدميين) الذين انفردوا منذ بداية ظهورهم في مطلع الثمانينات كتيار فكري بدفاعهم عن كل المكاسب القانونية التي تحققت للتونسيات، ووصفوها بالاجتهاد الإسلامي الثوري، فإن مواقف بقية التيارات الإسلامية التي ظهرت في تونس كانت متأثرة بالخطاب الحركي والفقهي السائد يومها في المنطقة، والذي كان شديد المحافظة والتوجس من المسائل الخاصة بتغيير أوضاع النساء القانونية.
لهذا الاعتبار، لم يكن يومها موقف «حركة النهضة» واضحا، ومما زاده غموضاً الدعوة التي أطلقها أحد قادة الحركة حول تنظيم استفتاء شعبي حول مجلة الاحوال الشخصية، وهو ما أثار رد فعل واسع النطاق داخل أوساط النخبة عموما والحركة النسوية خصوصا. ويعود غموض الموقف يومها إلى عائقين. الأول فقهي، حيث لم يكن خطاب الحركة قد هضم من الناحية المنهجية والأصولية ما نصت عليه المجلة من مسائل مثل منع تعدد الزوجات الذي يعتبر في الفقه السائد رخصة لا يجوز منعها، أو تقنين إجراء التبني الذي لا يزال يثير تحفظات لها صلة بالخوف من اختلاط الأنساب. أما العائق الثاني الذي كان يشد موقف الحركة إلى الخلف فهو عامل سياسي ونفسي، حيث ارتبطت المجلة بشخصية بورقيبة ومشروعه التحديثي، في حين أن قيادة الحركة، وبالأخص زعيمها الشيخ راشد الغنوشي يرى فيه «رمزا للتغريب والعداء للإسلام». وبالتالي فإن إقرار شرعية ما تضمنته المجلة من حقوق يشكل في حد ذاته اعترافا بشرعية بورقيبة، وبصحة ما اتخذه من قرارات تخص النهوض بالمرأة التونسية.
بعد العفو الذي أصدره الرئيس بن علي عن رئيس الحركة عام 1988، واتجهت نية السلطة نحو تطبيع العلاقة مع الإسلاميين، حصل اختبار ثان للحركة حول الموضوع نفسه، حيث تم الإيعاز لصحيفة «الصباح» بإجراء حوار مع الغنوشي، وسؤاله عن موقفه من مجلة الأحوال الشخصية. وجاءت الإجابة يومها أكثر وضوحا من تصريحات سابقة، لكنه لجأ إلى مرونة اللغة العربية ليبقي الباب مفتوحا أمام احتمال التأويل في الاتجاه المحافظ. ورغم أن الأوساط السياسية رحبت يومها بذلك التطور في الموقف، لكن الصدام السياسي بين النظام و «حركة النهضة» أدخل البلاد في منعرج خطير وسلبي.
إن إعلان 18 أكتوبر جاء هذه المرة مغايراً تماماً لما سبق طرحه. فالنص محكم في مجمله، غير قابل للتأويل المضاد لروح المجلة ومنطوقها. وقد تعمد الذين صاغوه أن ينصوا على أبرز الحقوق التي وردت في المجلة: مثل منع التعدد وحق المرأة في الطلاق وتحديد سن زواج البنت، وأهليتها في أن تزوج نفسها، وحقها في الانتخاب والترشح. فبعد 27 عاماً أكدت الحركة مع بقية الأحزاب الأخرى «عزمها الراسخ على الحفاظ على كل هذه المكاسب والدفاع عنها في وجه كل تهديد». ولم يقع الاكتفاء بذلك، بل أيدت «حركة النهضة» مطلب النص على مبدأ المساواة الكاملة بين الجنسين في الدستور والقوانين التونسية، وهو أحد مطالب الحركة النسوية. كما قبلت الحركة الدخول في نقاش حول المسائل الخلافية التي لا تزال معلقة مثل «المساواة في الإرث» ومراجعة «تحفظات الدولة التونسية على بعض ما ورد في الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة». إنها نقلة نوعية ودخول في مغامرة فكرية ليست هينة، وستكون لها بالتأكيد تداعيات على أكثر من صعيد. ولهذا السبب بالذات طلبت قيادة الحركة وقتاً إضافياً للتأمل في بنية النص، ووسعت الاستشارة حوله بين قيادة الداخل وقيادة الخارج. ورغم تحفظات البعض وتململهم، إلا أن النص قد قبل رسميا، وتشكل حوله موقف سيصبح بمثابة «الرأي السائد» داخل أجهزة الحركة. ولعل الذي حسم الأمر هو طرح السؤال التالي: هل هناك فيما تضمنته مجلة الأحوال الشخصية ما يتعارض مع ما هو معلوم في الدين بالضرورة؟ أم أن النقاط الخلافية التي وردت فيها تدخل في نطاق المسائل الاجتهادية؟ ولما مالت الآراء نحو الصيغة الثانية، اعتبرت الحركة أن كل الحقوق التي تضمنتها المجلة جاءت «ثمرة حركة الإصلاح».
لا شك في أن «حركة النهضة» بحاجة مؤكدة لإنهاء حالة الاشتباك الدائر بينها وبين قطاعات مهمة من النخبة التونسية، وقد عملت منذ سنوات على إنهاء العزلة السياسية التي تعاني منها، لكن ذلك وحده غير كاف لتقدم تنازلات ذات طابع جوهري. إن شيئا ما حصل في عقول البعض، غيّر نظرتهم للأشياء. إضافة إلى أن البيان الأخير أثبت بوضوح قدرة التونسيين على تجاوز خلافاتهم، وبناء وفاقات جديدة بقطع النظر عن ماضيهم المليء بالتنازع والصراع. ولكي ندرك المسافة المهمة التي قطعتها «حركة النهضة» في اتجاه الخروج من ضبابية الفكر الإسلامي حول قضايا المرأة، علينا أن نستحضر المعارك الطاحنة التي خاضتها ولا تزال حركات إسلامية أخرى في بلدان عربية وإسلامية عديدة للحيلولة دون مراجعة قوانين الأحوال الشخصية، بما في ذلك تفاصيل تجاوزتها المرحلة التاريخية، مثل حق الطلاق، وتحديد سن الزواج دون النزول عن 18 سنة، واشتراط موافقة الزوجة الأولى عند نية الزوج في التعدد، فضلاً عن الاختلاط وحق الانتخاب والترشح لجميع المناصب السياسية بما فيها رئاسة الدولة، وغيرها من المسائل التي كان يفترض أن تحسمها الحركات الإسلامية منذ الثلاثينات، وأن تدرجها ضمن برامجها السياسية. صحيح أن العديد من هذه الحركات طورت مواقفها خلال العشرين سنة الماضية، لكن ذلك تم بشكل متأخر وبعد تردد وخوض معارك ضد حركة التاريخ، إضافة إلى أنه برغم التقدم الذي سجل إلا أن الأمور لا تزال تحتاج إلى جرأة أكثر واجتهاد أوسع نطاقا وأكثر جذرية.
كيف سيكون موقف بقية الحركات الإسلامية، خاصة الحليفة، من الاجتهاد الذي قبلت به «حركة النهضة»؟ هل سيناقشه قادتها ويقتدون به أم أنهم سيعتبرونه سلوكا تكتيكيا اضطرت له حركة صديقة لتجاوز ضرورة ظرفية وتحقيق مصلحة سياسية؟ على كل حال ما حدث في تونس لن يضيف شيئا بالنسبة لواقع تشريعي واجتماعي سابق لهذه المبادرة، لكنه ينهي التشكيك الديني في شرعية الإصلاحات التي جاء بها المشرّع التونسي، أو على الأقل يخفف من نطاقه، حيث ستبقى تيارات أخرى، مثل التيار السلفي الذي انتشر أخيراً بشكل ملحوظ، تعتبر أن حقوق المرأة «مقولة غربية هدفها تقويض المجتمعات الإسلامية من داخلها».
الدلالة الأخرى الأكثر أهمية لهذا الحدث، هو ما أظهرته الممارسة من أن القطيعة بين الإسلاميين والعلمانيين ليست حتمية أو أبدية، وأن بناء وفاق بين الطرفين مسألة ليس فقط ممكنة ولكنها ضرورية. فالإقصاء المتبادل الذي استمر عشرات السنين لم يخدم الطرفين والأهم من ذلك لم يخدم الشعوب ولم يساعد على انضاج وتوفير شروط التحول الديموقراطي السلمي في المنطقة. بل على العكس من ذلك، وفّر هذا الصراع مناخات ملغومة، عطلت في أحيان كثيرة جهود الإصلاح، وشغلت المجتمعات والنخب بصراعات وهمية حول قضايا لا طائل من ورائها. والتوافق بين هذين التيارين لا يعني انتهاء الخلافات بينهما. فالصراع سيبقى مستمراً، لكنه سيتأسس على أرضية جديدة. فلن يكون صراع الكل ضد الكل، وإنما ستختصر حدود الصراع، وسيجد الطرفان أنهما مدعوان لحماية قواسم ومصالح مشتركة تم الاتفاق عليها، مع بقاء تباينات حول مسائل أخرى، جزئية كانت أو مهمة، لكنها لا تشمل أساسيات المشروع المجتمعي، وبالتالي لن تكون مقدمات لحروب أهلية قادمة. المهم إنهاء حالة الإقصاء المتبادل، أو على الأقل التخفيف من حدته، حيث لا يزال بعض الأوساط العلمانية في تونس يعتبر أن المعركة مع الإسلاميين حتمية وضرورية. ويعمل هؤلاء حاليا على بناء «جبهة مضادة» لما أنجزته «حركة 18 أكتوبر»، لكن مع أهمية ذلك، فقد سقط الآن القول بوجود «إجماع علماني». وإذ يشكك هؤلاء في صدقية مصادقة قيادة «حركة النهضة» على هذا النص، ويقللون من أهمية ما حصل، ويرى آخرون أن ما تم كان على حساب اليسار ونتيجة تنازلات قامت بها بعض أطرافه، إلا أن ما يتغافلون عنه هو أن المناورة في مجال الفكر أصعب بكثير من المناورة في مجال السياسة. فالذي يتراجع في مسائل مبدئية لها علاقة بأصول الفكر الديني، يفقد صدقيته نهائياً. وعلى كل حال مهما كانت التداعيات المحتملة وطبيعة التوقعات، فإن الذي تم يصب في صالح المشروع الإصلاحي التونسي الذي بدأت معالمه الأولى تتحدد مع خير الدين وصولاً الى اللحظة الراهنة. وهي لحظة ساهم فيها مثقفون كبار وأجيال وقوى سياسية متعددة بما في ذلك اليسار واللبراليون، دون أن ننسى أثر بورقيبة الذي رغم أبوته الخانقة واستبداده السياسي، إلا أنه دفع بالمجتمع التونسي في وجهة لم يعد بالامكان التراجع عنها أو تغيير مسارها.
كاتب وصحافي تونسي (المصدر: صحيفة الحياة (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أفريل 2007)  

 


السلطات التونسية تحجب موقع » تونس أونلاين. نت » عن زواره في تونس

تونس أونلاين . نت
بعد حجبها لموقع « صحيفة الوطن » الأسبوع الماضي، اتخذت السلطات التونسية قرارا بحجب موقع « تونس أونلاين. نت » دون تقديم أي توضيح لأسباب قرار الحجب. فقد توالت علينا  خلال الأسبوعين الماضيين المراسلات بالبريد الإلكتروني من تونس تعلمنا باستحالة إمكانية زيارة الموقع في كامل تراب الجمهورية.
هذا الاجراء التعسفي إزاء  » تونس أونلاين. نت  » وقرائها في تونس، لن يضيف شيئا جديدا إلى السجل الأسود للنظام التونسي في مجال قمع حرية الرأي والتعبير . فقد أصبح من النادر جدا أن تخلو الأخبار القادمة من تونس عن انتهاكات في هذا المجال. وليس غريبا أن تصنف « منظمة مراسلون بلا حدود » النظام التونسي على رأس قائمة أعداء الانترنت.
تونس أونلاين. نت
 

 

اتفاق بين تونس وإيطاليا لتنسيق مكافحة الإرهاب

تونس      الحياة     أكد مصدر إيطالي أمس أن تونس وروما اتفقتا على رفع درجة التعاون الأمني بينهما «في ظل تزايد المخاطر التي تشكلها الشبكات الإرهابية في المنطقة». لكن وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما الذي أنهى أول من أمس زيارة رسمية لتونس استمرت 24 ساعة، نقل عن المسؤولين التونسيين الذين اجتمع معهم أنهم يُقللون من تهديدات تنظيم «القاعدة» لبلدان شمال أفريقيا.
وقال داليما قبل مغادرته تونس إن الرئيس زين العابدين بن علي يرى أن المعلومات التي تتناقلها الصحف عن أن خطر «القاعدة» يُوحد المغرب العربي لا أساس لها «ولا تعكس الواقع»، لكنه أكد أن البلدين يعتزمان تكثيف التنسيق الأمني على الصعيدين الثنائي والإقليمي. وأشار إلى أن هناك تطابقاً في وجهتي نظر البلدين في شأن مكافحة الهجرة غير المشروعة، إلا أنه شدد على «ضرورة مقاومتها والتصدي للجريمة التي تتغذى منها».
وأشار المصدر الإيطالي إلى أن محادثات داليما شملت كذلك «وسائل تنشيط مسار 5 زائداً 5» الذي يضم عشرة بلدان عربية وأوروبية مطلة على الحوض الغربي للمتوسط، في ضوء الاجتماعات الأخيرة لوزراء الدفاع والخارجية والداخلية في البلدان العشرة التي تمت في الأشهر الماضية.
ويُذكر أن إيطاليا سلمت السلطات التونسية في السنوات الأخيرة عناصر يُشتــبه في انتـــمائها إلى جـــماعات متــشددة، خصوصا «أنصار الإسلام»، وكان آخرها حبـــيب لوبيري والأزهر بن خليفة اللذين تسلمهما الأمن التـــونسي من إيـــطاليا في آب (أغسطس) الماضي، فيما رفضت تسليم عــبدالعزيز بويحيى وعلي التومي بسبب عدم توافر حــجج تدينهما بالضلوع في أعمال إرهابية، لكنها قررت سجنهما ثلاثة أعوام بتــهمة الانتماء إلى جمعية محظورة.
وكانت محكمة الجنايات في مدينة ميلانو أصدرت العام الماضي قراراً بسجن ثلاثة مواطنين تونسيين دينوا بالانتساب إلى «منظمة إجرامية بهدف تنفيذ عمل إرهابي» لم يتسن معرفة اسمها، لكن يُرجح أنها متفرعة من «أنصار الإسلام». وقضت المحكمة بسجن سمير ساسي وشريف بن عبدالحكيم ست سنوات لكل منهما، ومحمد مناع خمس سنوات وأربعة أشهر. وبحسب قرار الاتهام، فإن المنظمة خططت لتنفيذ اعتداء ضد مترو الأنفاق في ميلانو وكاتدرائية في لومبارديا شمال إيطاليا. (المصدر: صحيفة الحياة (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أفريل 2007)


مؤتمر اجهزة المباحث العربية يدعو الى اعتماد بصمة العين

 

تونس – 6 – 4 (كونا) – دعا المؤتمر العربى ال11 لرؤساء اجهزة المباحث والادلة الجنائية الى اعتماد نظام بصمة العين فى مجال التعرف الى الشخصية بما يساهم فى تحديد هوية المطلوبين ومنع المبعدين من البلاد من العودة اليها بوثائق مزورة.

واوصى المؤتمر فى بيانه الختامى الصادر عن الامانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب هنا اليوم بانشاء قاعدة بيانات عربية موحدة لتبادل بصمات الاشخاص المحكومين غيابيا والمطلوبين جنائيا فى الجرائم الخطرة والمنظمة.

كما اوصى المؤتمر فى ختام اعماله التى استمرت يومين فى مقر المجلس بتونس بمشاركة وفود الدول الاعضاء بدعوة الجهات المعنية فى الدول العربية الى العمل على تعزيز اجهزة الادلة الجنائية بالخبرات والكفاءات البشرية وتوفير التجهيزات والتقنيات الحديثة والمتطورة لها لمساعدتها على كشف الجرائم الارهابية وتوفير متطلبات العدالة.

ومن المنتظر رفع التوصيات الى الدورة المقبلة لمجلس وزراء الداخلية العرب المقرر عقدها فى اواخر يناير المقبل للنظر فى اعتمادها.

 

(المصدر: وكالة الأنباء الكويتية كُــونا بتاريخ 6 أفريل 2007)


الرئيس زين العابدين بن علي يشرف على موكب إحياء ذكرى وفاة الزعيم الحبيب بورقيبة

 

تحول الرئيس زين العابدين بن علي يوم الجمعة الى المنستير حيث أشرف علي موكب خاشع بروضة آل بورقيبة إحياء للذكرى السابعة لوفاة الزعيم الحبيب بورقيبة. وتلا رئيس الدولة بضريح الزعيم فاتحة الكتاب ترحما علي روحه الطاهرة ووضع إكليلا من الزهور .

وحضر هذا الموكب أعضاء الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي وعدد من المناضلين وإطارات ولاية المنستير .

وكان الرئيس زين العابدين بن علي محل استقبال حار وحفاوة كبيرة من قبل جموع المواطنين والمواطنات من ولاية المنستير الذين رحبوا طويلا بسيادة الرئيس أثناء توجهه من ساحة الروضة الى ضريح الزعيم الراحل ليرد علي تحيات وهتافات مستقبليه ويصافح مناضلي وإطارات الجهة .

 

(المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي) بتاريخ 6 أفريل 2007)


تونس: «الفاو» تتابع انفلونزا الطيور

 

تونس – واس : يقوم خبراء من منظمة الأمم المتحدة للاغذية والزراعة « الفاو » بزيارة الى تونس الاسبوع القادم لمتابعة الترتيبات والاجراءات التى تتخذها الحكومة التونسية للوقاية من مرض انفلونزا الطيور ومنع تسربه الى البلاد. وذكرت مصادر فى وزارة الفلاحة التونسية ان نتائج التحاليل التى اجريت على عينات من منشآت صناعية وعائلية لتربية الدواجن، بالاضافة الى الطيور المهاجرة العابرة اثبتت خلو تونس من مرض انفلونزا الطيور. واوضحت ذات المصادر ان تونس وفى اطار مساعيها لمكافحة تسرب المرض قد منعت توريد الدواجن ومنتجاتها من كل البلدان التى ظهر فيها المرض التي بلغ عددها حتى اليوم 45 بلدا وتواصل التعاون مع منظمة الاغذية والزراعة فى مجال اخذ عينات من الطيور المهاجرة والبرية لمراقبة الوباء.

 

(المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 6 أفريل 2007)


 

افتتاحية الموقف

حجز مقنّع وضرب لحرية الإعلام

 

فوجئت هيئة التحرير يوم الجمعة الماضي بجمع نسخ العدد 398 من « الموقف » من جميع الأكشاك بالعاصمة ،كما تكررت هذه العملية في الولايات في الداخل مما دلّ على وجود قرارحكومي بحجزالعدد المذكورالذي تضمن على صفحته الأولى خبرا معززا بصورة عن اجتماع برلماني تونسي- اسرائيلي على هامش اجتماعات المجلس البرلماني الأورومتوسطي الأخير ومقالا للسيد حمادي الجبالي مدير صحيفة « الفجر » ودعوة ليوم احتجاجي على محاصرة حرية الإجتماع انعقد يوم الجمعة الماضي(انظر ص 2) في مقر الحزب الديمقراطي التقدمي.

 

وبناء على ذلك عقدت هيئة التحرير مساء اليوم نفسه اجتماعا طارئا للغرض وأصدرت في أعقابه بيانا اعتبرت فيه أن جمع النسخ من الأكشاك هو قرار مقنع بمصادرة العدد الجديد من جريدتنا مما يدل على ضيق صدر الحكومة بحرية الصحافة وعدم تحملها الإخبار عن وقائع حجبها الإعلام الرسمي(الحكومي والخاص ).

 

واستنكرت الهيئة امتناع السلطة عن اتباع الإجراءات التي ضبطها القانون لحجز الصحف مما جعلها تتصرف خارج القانون غير محترمة للحقوق المضمونة للصحافة ،وفي انتهاك صارخ لحرية التعبيرالتي كفلها دستورالبلاد. ومعلوم أن استعمال طريقة الجمع من الأكشاك تكرر مع جريدتنا عدة مرات آخرها لدى إعادة نشرنا افتتاحية الزميل عبد الباري عطوان في « القدس العربي » على صفحات عدد « الموقف » المؤرخ ب 14 جويلية الماضي والذي تعرض فيه لكثرة مصادرة جريدته في تونس مهددا بالتوقف عن إرسالها إلى بلادنا. ومن المضحكات المبكيات أن قرار حجز جريدتنا جاء تصديقا لشكوى الزميل عطوان .

 

وأدانت هيئة التحريربأقصى الشدة هذا الإعتداء الجديد على حرية الصحافة في بلادنا الذي يستهدف إرباك صوتنا الحر، كما دعت كل القوى الحية صحفا وأحزابا وجمعيات وأفرادا إلى الوقوف في وجه الإنتهاكات المتكررة لحرية التعبيرومواجهة التصحّر الإعلامي الذي تسعى الحكومة لفرضه على مجتمعنا الحي وبلادنا الخصيبة كى يخلو لها المجال بلا رقابة شعبية ولامساءلة من الرأي العام ومن النّخب الوطنية . ولايفوتنا هنا أن نتوجه بالشكر لكل من تضامن معنا سواء بالإتصال المباشر أوالمهاتفة من الداخل والخارج ،ونقول لهم إننا دوما على العهد.

 

هيئة التحرير

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 399 بتاريخ 30 مارس 2007)


 

مناشدة إلى رئيس تونس الخضراء من طلبة مدرسة الهندسة بالمنستير (ENIM)

 

نحن طلبة الهندسة بالمدرسة القومية للمهندسين بالمنستير جميع الاختصاصات نعلن ما يلي:

 

والله إن العين لتدمع و إن القلب ليحزن و نحن على فراقك يا ماهر لمحزونون

قام البوليس السياسي بما قام به ولكن ذكرى ماهر سنظل نعيش بها حتي يقضي الله أمرا كان مفعولا.

 

-نناشد رئيس الدولة بان ينظر في قضية الطالب ماهر بزيوش لانه مظلوم و لا ناقة له و لا جمل في الموضوع سوى أنه شاب ملتزم بدينه وليس كما يقولون إرهابي.

 

-سيدي الرئيس شباب ستار أكاديمي أصحاب البطون العارية يستقبلون إستقبال الفاتحين و شباب البحث العلمي والهندسة و الإلتزام يزج بهم في السجون ..

-سيدي الرئيس إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ و يعيد

-سيدي الرئيس إن دعوة المظلوم مستجابة ليس بينها وبين الله حجاب فإياكم و الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة .

-سيدي الرئيس نحن طلبة المدرسة القومية للمهندسين بالمنستير نقول و نكرر ونعيد إن ماهر بريء بريء بريء بريء

-سيدي الرئيس خذ من نبيك محمد صلى الله عليه وسلم قدوة عندما دخل مكة فاتحا فقال ماتروني فاعل بكم « قالوا أخ كريم وإبن أخ كريم »قال إذهبوا فأنتم الطلقاء .

-سيدي الرئيس نرجو أن تصلك الرسالة وتقرأها ويكون موقفك تاريخيا ومفرح لعائلة ماهر وأصدقائه

 

المنستير في 05 أفريل 2007

 

طلبة المدرسة القومية للمهندسين بالمنستير (ENIM)

(المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 5 أفريل 2007)


قتامة وضعية الجامعي التونسي وفرادتها عربيا ومغاربيا ودوليا بين منظومة انصاف وسخف الظروف المعيشية

مراد رقية *حضرات الاخوات(الاخوة)(الزميلات والزملاء حضرات الاخوات والاخوة متتبعي بوابة النور،
لقد جال بخاطري مثلما لعله جال بخاطر الكثيرين من الزملاء الأفاضل منتسبي السلك التدريسي الجامعي التونسي(ملحقين ومؤقتين ومثبتين)وأنا أتأمل البطاقة البيانية في الأجر التي وان لا نتلذذ بطلعتها البهية الا نادرا عند حدوث طارىء حميد(تطور هزيل في الأجر)أو طارىء مقيت(الخصم من الأجر بعد الاضرابات الشرعية بحساب الأجر الجملي)فقابلت بين البطاقة الورقية المحدودة القيمة المادية ،وذلك الكم الهائل من المعاناة المعنوية والمادية الذي تحمله في طياتها محوصلة قتامة وهشاشة وبؤس مصير الجامعيين التونسيين(في معظمهم أساسا المبرزين والملحقين والمساعدين والأساتذة المساعدين)في ماعدا القلة العددية المتمتعة بالحقوق والامتيازات(ماظهر منها ومابطن)المحتكرة للخطط واصدار المراسيم على أنواعها الظافرة برضى الادارة والهياكل القائمة على تنويعاتها مما يؤهلها للارتقاء في « السلاليم »الوظيفية والادارية والسياسية…والاجتماعية؟؟
لقد اطلعت على الجانب الأيمن من البطاقة البيانية  تسمية المنظومة المكلفة باصدار هذه البطاقة »العجائبية »وهي منظومة »انصاف »،ونعلم جميعا مدلول هذه اللفظة لدى المتعلمين وغير المتعلمين بما تختزله من قيم العدالة والمساواة وعلوية القانون واسداء الحقوق على اختلافها بالنسبة لسلك أفنى ويفني عمره،ويقدم عصارة فكره وابداعاته لبناء أجيال متعاقبة يفخر بها القاصي والداني،تعلي راية تونس ارادة الحياة عاليا في كل المحافل الدولية فتحرز على الجوائز والمكافئات وبراءات الاختراع،وبين ماتعلنه هذه البطاقة عبر أوديتها العمودية والأفقية من مظاهر المعاناة والتعاسة المادية أساسا باعتبار مادية المجتمع الذي نعيش فيه(بكل أسف)ولوأتيح لنا شكر هذه البطاقة على ماتسديه من خدمات جليلة على مدى سنوات العمل المضني لشكرناها وبصوت عال على ماتكشفه وبالأرقام عن المعاناة المتصلة المقننة التي يراد اقناعنا بأن لا سبيل للخوض في تفاصيلها الا عبر ا »المفوضات الاجتماعية »،عبر السنوات وعبر الرتب تحت مسميات مختلفة خصوصا مايتعلق منها ببنود الفصل والخصم والضريبة،ولعل أبرز مظهر لهذه المظلمة القائمة »التي يراد لها أن تكون قضاء وقدرا « النسبة العالية من الضريبة فعلى أجر جملي بلغ1818.487ديارا(بعد ثلاثين سنة خدمة وظيفية)تخصم مني ضريبة تقدرب287.941دينارايضاف اليها الخصم المتعلق بالتقاعد وبالحيطة وبقرض السيارة فيبلغ عند ذلك الخصم الجملي569.053دينارا فتساءلت من من الأصناف الوظيفية وحتى بعض المهن الحرة »المجزية »يدفع مثل هذه النسبة من الضريبة؟؟؟  
أصبح الجامعي يعاني من جمود الأجر وعدم تطوره(الا بعد المفاوضات ورضى أولي الأمور من رؤساء وأعضاء اللجان السيادية بأنواعها)مقارنة بأجور الجامعيين في البلدان العربية وحتى المغاربية،وبين الارتفاع غير المقبول للضريبة مما أثر وبصفة جلية على المستوى المعيشي للجامعي وجعله(على الأقل للقاعدة العريضة من المساعدين والأساتذة المساعدين برغم تحملهم جل الأعباء التدريسية الأساسية)يقترب شيئا فشيئا من صنف « المعدمين »مقارنة بمنح البطالة التي يتقاضاها الأوروبيون(مع اعتبار فارق العملة بين اليورو والدينار) دون اعتبار التكاليف الضروريوة التي يحتاجها الجامعي للاطلاع على آخر الاصدارات واقتناء ما يحتاج اليه من الوسائل المعلوماتية والالتزام قدر المستطاع بالمظهر اللائق(على الأقل الخارجي؟)باعتباره حامل رسالة يراد التشكيك في قدسيتها وعدم رمزية حاملها؟؟  
أصبح الجامعي لكل هذه الاعتبارات »معدما متنورا حالما »يتأرجح بين البؤس المادي (الذي يحاول التغلب عليه بالقروض الاستهلاكية المختلفة)والطموح الفلسفي المشروع بحكم رسالته العلمية المجتمعية التي يراد »تشليكها »ب »تشليك »حاملها الراعي لقدسيتها،فشكرت البطاقة البيانية في الأجر على توفير هذه الفرصة السانحة وعلى هذه المطابقة الجلية بين انصاف المنظومة المعلوماتية للمركز الوطني للاعلامية وبؤس حياة الجامعي التونسي المختزلة بالأرقام الحسابية وبالبيانات التي يمكن حوصلتها في مقولة »الجامعي معدم متنور لا يحق له الحلم بالغد الأفضل »؟؟؟؟؟؟.


الربيع والسياحة وزيت الزيتون

د. محمد الهاشمي الحامدي
قيل لي اليوم إن الطقس في تونس ربيعي وفاتن، كأنه طقس أهل الجنة، فهاجت أشواقي إلى الوطن. قد برّح بي الشوق إلى تونس، وأهلها، وربوعها، ومروجها، وورودها، وربيعها الذي ما أزال أحلم به منذ غادرت وطني قبل اثنين وعشرين عاما.
بي شوق عارم وظمأ كبير وأسئلة أقتبس للتعبير عنها أبيات شاعرنا الفذ أبي القاسم الشابي:
تسائل: اين ضباب الصباح                 وسحر المساء، وضوء القمر وأسراب ذاك الفراش الجميل               ونحل يغني، وغيم يمر ظمئت إلى النور فوق الغصون             ظمئت إلى الظل تحت الشجر ظمئت إلى النبع بين المروج               يغني ويرقص فوق الزهر ظمئت إلى الكون.. أين الوجود             وأين أرى العالم المنتظر؟
وقد خطر لي أن أعود إلى ربيع تونس ولو بمقالة.
قيل لي أن البلاد كلها خضراء تقريبا بفعل موسم أمطار جيد وغيث نافع هطل في الأسابيع الماضية على شمال الخضراء وجنوبها. وتذكرت هنا مديح كثير من العرب لبلادنا، وتساءلت: هل بالإمكان بذل المزيد من الجهد لتسويق تونس كوجهة أساسية للسائح العربي؟ ملايين العرب، وخاصة في الخليج، يغادرون بلدانهم في الصيف للسياحة والتسوق، ويقصدون أوروبا وماليزيا، بالإضافة إلى لبنان وسوريا ومصر. وعندما يقدم هؤلاء إلى تونس فإنهم يجدون بلدا عربيا أصيلا، وشعبا كريما مضيافا، ومعارف وتجارب توسع آفاق الإنسان ومعرفته بالحياة وبالتاريخ. لا أعرف الكثير عن خطط الجهات المختصة بالترويج السياحي في العالم العربي. لكنني أسمع من إخوتي العرب وأعرف أن الأمر يحتاج إلى المزيد من الجهد من أجل تعريف أكبر عدد منهم بحقيقة بلادنا الجميلة التي ما غيرت يوما هواها العربي الإسلامي منذ تلاقت إرادة الخير والحب والسلام الراسخة في نفوس أهلها مع تعاليم الخير والحب والسلام التي جاء بها أصحاب نبي التوحيد والعدالة الحرية محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عن أصحابه الكرام وأرضاهم. وأظن أن من واجب المواطنين التونسيين في الخارج المساهمة الطوعية في هذا الحملة بحماس، لأن إقبال السواح العرب على بلادنا فيه منفعة أكيدة لهم ومصلحة لاقتصادنا الوطني.
علامة تجارية لزيت الزيتون
أحب زيت الزيتون ولا أرضى عنه بديلا في المنزل، وأحتفظ بقارورة منه في مكتبي دائما.  وقد قرأت في موقع « أخبار تونس » اليوم أن بلادنا رابع مصدر عالمي لزيت الزيتون، لكن بالرغم من ذلك، يتم تسويقه في الخارج سائبا دون هوية ويعاني نقصا في علامة تميزه في الأسواق الخارجية ذلك أن 1 بالمائة فقط من زيت الزيتون التونسي يروج معبئا فيما تروج البقية سائبة وتسوق تحت علامات أجنبية . نوقشت هذه المشكلة في يوم إعلامي نظمه المركز الفني للتعبئة والتغليف ووزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة يوم الخميس بتونس لفائدة منتجي ومصدري هذا المنتوج .
ومن بين التوصيات المنبثقة عن هذا اليوم الدعوة إلى بعث نماذج وتسميات تونسية وتشريك القطاع السياحي في النهوض بهذا المنتوج داخل الوحدات الفندقية وفي الفضاءات السياحية . تجاوبا مع هذه التوصيات أقترح على أهل القطاع اعتماد علامات تجارية تونسية فيها أصالة تونس وخصوصياتها. من ذلك مثلا اسم « زيتونة »، واعتماده بالعربية والفرنسية والانجليزية ليدخل قاموس كل محبي زيت الزيتون في العالم.
« زيتونة » اسم مبارك، ذكر في القرآن الكريم، وهو اسم ارتبطت به بلادنا من جهة إطلاقة على أول جامعة علمية بنيت في التاريخ الإسلامي، جامعة الزيتونية. كما أن نطقه بالفرنسية أو الانجليزية سهل. ويمكن الدعاية له بالقول: إذا كنت تبحث عن زيت الزيتون الحقيقي، الصافي، والنقي، فعد إلى مصدره الأصلي، إلى شجرته: زيتونة. ويضاف: مستخلص من شجر الزيتون في بلاد الزيتون: تونس.
ليس من الضروري أن نعتمد تسميات لاتينية أو فينيقية لترويج منتجاتنا. دقلة « نور » مثلا أصبحت إسما تجاريا مشهورا للتمر التونسي عالي الجودة. ومن الممكن استحدام هذه العلامة التونسية الأصيلة لتسويق زيت الزيتون عالي الجودة في بلادنا. يقال مثلا: زيت « نور ». زيت الزيتون الصافي النقي من حقول الزيتون التونسية. هذان اسمان على الحساب، وأدعو محبي زيت الزيتون للتفكير في أسماء أخرى، والمشاركة كل حسب إمكانياته في الترويج لزيتنا التونسي ولاقتصادنا الوطني.  


عاشق الحرية:دعوة إلى عصيان مدنى في تونس

بسم الله الرحمن الرحيم تحية إلى المعتقلين و عائلات المعتقلين في تونسنا الحبيبة
أدعوكم وأدعوا كل من ظلم في يوم من الأيام من قبل أعوان وزارة الداخلية والبوليس السياسي أدعوكم أن تهبوا وتفزعوا على قلب رجل واحد وتقتحموا وزارة الداخلية مطالبين بإطلاق سراح أبنائكم فلا مجال للخوف واليكن ما يكن .
هل يريد التمسك بالسلطة على أجساد أبنائنا .
والله إنا هذا السفاح و زبانيته ظلمنا و أطنب في ذلك فاللهم أهدمه اللهم عليك به فلو كان رجل ذو مروئة ما فعل الذي فعله بشعبه حتى يرضى عليه بوش .
يا رئس الدولة ما أحقرك و أنت جالس إلى جانب بوش والله ذاك المشهد إلى الان في ذهنى عندما كان المجرم في زيارة لسيده بوش .
أعود و أكرر يا شعب الحرية المفقودة كونوا كشعب أكرانيا الذي سير و يسير مصيره بنفسه لا من قبل البوليس و القوادة والدساترة ………. و أخيرا ما ذنب طالب في كلية الهندسة على أبوب التخرج يحكم عليه بعشر سنوات سجن لا لشيء سوى لأن أخاه أستشهد في الفلوجة .الله يهدمك يا بن عاي الله بهدمك يا بن علي الله ينتقم منك يا بن علي .
وللحديث بقية
سأعيش رغم الداء و الاعداء *** كالنسر فوق القمة الشماء عاشق الحرية الذي حير بوليس الأنترنات و أقول لهم أن فوق كل ذي علم عليم (المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 6 أفريل 2007)
 


 سجن 120 جزائريا بتهمة التجنيد للقتال بالعراق

               

قال مصدر قضائي جزائري إن 120 جزائريا يوجدون في سجنين بالجزائر العاصمة تحت طائلة محاولة دخول العراق لقتال القوات الأميركية.

ونقلت صحيفة الخبر الجزائرية عن المصدر الذي رفض الكشف عن هويته قوله إن المعتقلين على علاقة بالجماعة السلفية للدعوة والقتال -المسمى حاليا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي- وإن بعضهم اعتقل فقط بسبب شبهة التخطيط للسفر إلى العراق.

 

وأضاف المصدر أن أعمار المشتبه بهم في ما بات يعرف « بشبكة العراق » تتراوح بين 18 و35 عاما, بعضهم انتهت رحلته قبل أن تبدأ بعدما اعتقلوا على الحدود الجزائرية التونسية, فيما اعتقل البعض الآخر بعيد عودته من سوريا للاشتباه في دخوله العراق ونشاطه في « الجماعات الجهادية ».

 

وتخضع قوائم المسافرين على متن الخطوط الجوية الجزائرية والسورية بمطار الجزائر الدولي لمراقبة صارمة, مع تركيز على من تقل أعمارهم عن 35 عاما, ومن تطول إقامتهم في سوريا.

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 5 أفريل 2007)


الجزائر تستبعد الإسلاميين المتطرفين من الانتخابات التشريعية

الجزائر ـ ا ف ب: دعي 18 مليون ناخب جزائري للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقررة في السابع عشر من ايار/مايو التي اقصي عنها الاسلاميون المتطرفون، وتتنافس فيها اغلبية من النواب المنتهية ولايتهم اضافة الي وزراء وزعماء احزاب ونسبة متدنية من الشبان والنساء.

وهذه ثالث انتخابات تشريعية تعددية منذ تلك التي فازت بها الجبهة الاسلامية للانقاذ المنحلة في نهاية 1991 والغيت نتائجها مما ادي الي اندلاع اعمال عنف طوال 15 سنة.

وسيختار الناخبون 389 نائبا في اقتراع علي اساس لوائح في دورة واحدة في 48 دائرة انتخابية وسيتم توزيع المقاعد حسب النظام النسبي علي مستوي الولايات.

ورفضت وزارة الداخلية مشاركة القادة الاسلاميين المتطرفين الذين رفعوا السلاح، في الانتخابات مباشرة او تحت راية الاحزاب الشرعية. ومن بين التائبين مدني مزراق قائد الجيش الاسلامي للانقاذ الذي استسلم عام 1997 وعفي عنه في اطار قانون الوئام المدني عام 1999.

كما لم يسمح لشخصية معروفة من التيار الاسلامي المتشدد عبد الله جاب الله بالترشح الي الانتخابات بعد ان اقصي عام 2004 من قيادة حزبه الاصلاح الذي كان يمثله 43 نائبا في مجلس النواب المنتهية ولايته.

وكان جاب الله يطمح في ملء الفراغ الذي تركته الجبهة الاسلامية للانقاذ لكنه اضطر الي التراجع والدعوة الي مقاطعة الانتخابات في حين يقول منتقدوه انهم من الاسلاميين المعتدلين.

من جانبها رشحت الاحزاب الثلاثة في التحالف الرئاسي وهي جبهة التحرير الوطني (قومي) والتجمع الوطني الديمقراطي (ليبرالي) وحركة مجتمع السلم (اسلامي) اغلبية من نوابها المنتهية ولايتهم وبينهم وزراء والحرس القديم في هيئاتها التنفيذية.

ويهيمن هذا التحالف علي الاغلبية المطلقة في المجلس المنتهية ولايته وهو يؤيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تنتهي ولايته عام 2009.

ويقول زعماء هذه الاحزاب انهم سيحتفظون بالاغلبية البرلمانية في حين تدور بينهم معركة صامتة من اجل الهيمنة علي المجلس المقبل.

وتتمتع جبهة التحرير الوطني (208 نواب) وحدها بالاغلبية في المجلس الشعبي الوطني يليها التجمع من اجل الديمقراطية (46 نائبا) وحركة مجتمع السلم (39 نائبا) التي يتطلع زعيمها بوقرة سلطاني الي الفوز بنحو 30% من مقاعد البرلمان الجديد.

وتشهد الانتخابات الجديدة عودة التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية (علماني) بزعامة سعيد سعدي الذي قاطع انتخابات 2002 احتجاجا علي قمع التظاهرات في منطقة القبائل في 2001 للمطالبة بالدفاع عن اللغة والثقافة الامازيغيتين.

ويقدم التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية لوائح له في 48 دائرة انتخابية في الجزائر ويطمح بالفوز بالمقاعد الثمانية التي تمثل المهاجرين في الخارج. وتمثل النساء نحو 10% من المرشحين.

لكن جبهة القوي الاشتراكية بزعامة حسين آيت احمد المتجذرة في منطقة القبائل قررت مقاطعة عملية الاقتراع علي غرار 2002.

ويقدم حزب العمال (يسار متطرف) بزعامة لويزة حنون، وهو الحزب الوحيد الذي تتزعمه امرأة في الجزائر، 16 مرشحة علي راس لوائحها و40% من المرشحات في اعلي نسبة مقارنة بكافة منافسيه. ويتمثل حزب العمال بـ11 نائبا في المجلس الحالي.

ويخوض الحملة الانتخابية نحو 15 حزبا صغيرا لا يتمتعون بحظوظ كبيرة للفوز بمقاعد.

 

(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أفريل 2007)


 

رئيس قضاة الإسكندرية يطالب بالجنسية الموريتانية

عرض الصحف المصرية من القاهرة من حسنين كروم:

 

… وأخيرا إلي استمرار البعض في عقد المقارنات بين مصر وموريتانيا، ولوحظ أن الحسرة انتابتهم بعد أن انسحب العسكريون من الساحة، وأوفي العقيد ولد فال بوعده بإجراء انتخابات نزيهة لا يشارك فيها أي من أعضاء المجلس العسكري، وهو ما دفع زميلنا وصديقنا والمؤرخ وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد جمال بدوي أن يتقدم يوم الأربعاء في عموده اليومي ـ كلام في العضم ـ بالاقتراح التالي: نرجو من القائمين علي شؤون الفكر السياسي في بلدنا توجيه دعوة مماثلة إلي رئيس موريتانيا الجديد، سيدي ولد الشيخ عبدالله الذي اعتلي مقعد الرئاسة في بلاده بعد أحداث وتحولات وتطورات شدت أنظار العالم إلي هذا البلد الصحراوي الذي يرقد علي الطرف الغربي من بلاد العرب.

 

* نعم، نريد أن نستمع الي ظروف التحولات في هذا البلد الذي لا يعرف البعض أنه عضو في جامعة الدول العربية، وأنه يقع في قعر القفة الاقتصادية حتي أنه اضطر للاعتراف بدولة إسرائيل ليتلقي معوناتها المالية، ثم ابتلي بداء الانقلابات العسكرية حتي وقع فريسة لمجموعة من الضباط المغامرين مثل كثير من البلاد العربية، إلي أن قام آخرهم بإنهاء الحكم العسكري، ووضع موانع وكوابح تحول دون اقترابهم من الحكم، وحال بينهم وبين الترشيح في انتخابات الرئاسة، وقبلها أدار هذا القائد الفذ انتخابات برلمانية شهد بنزاهتها العالم ، وأسفرت عن تنوع سياسي فريد، ثم دعا إلي انتخابات للرئاسة شارك فيها أكثر من عشرة مرشحين ـ ليس بينهم مرشح عسكري ـ وجرت التصفية بين اثنين قامت بينهما مناظرات علنية تحت إشراف السلطة العليا للصحافة وأدوات الإعلام البصرية والسمعية وهي هيئة لم نسمع عن مثيل لها في عالمنا العربي المتقدم، ودارت المناظرات في مناخ صحي لم تلوثه هتافات الروح والدم، ولا الصراخات الاستفزازية المعهودة لدينا في الشرق العربي.

* لقد دارت التجربة الموريتانية والمصريون مشغولون في زوبعة التعديلات الدستورية، فلم يتابعوها بدقة، وسيكون من المفيد أن نعرف المزيد عن هذه المعجزة حتي نزداد علما ومعرفة، ولعلنا نجد فيها درسا مفيدا ينفعنا في قابل الأيام .

 

لكن الغريب انه في نفس اليوم ـ الأربعاء 4 أفريل 2007 ـ كتب المستشار محمود الخضيري ـ رئيس نادي القضاة في الاسكندرية، وعضو مجلس إدارة نادي القضاة ونائب رئيس محكمة النقض، مقالا في الدستور تقدم فيه بطلب لرئيس موريتانيا بمنحه الجنسية الموريتانية وكانت مبرراته في هذا الطلب هي: لم أفكر يوما ما في حياتي أن أتنازل عن جنسيتي المصرية أو أضيف إليها جنسية دولة أخري مهما كانت تلك الدولة، وكنت ألوم من يتجنس بجنسية دولة أجنبية قوية طمعا في الحماية أو الثروة إلا هذه الأيام بعدما حدث في الشقيقة الصغري موريتانيا وما قام به الأخ ولد فال من وفاء بوعده بإجراء انتخابات حرة نزيهة لاختيار رئيس الدولة وعدم ترشيح نفسه فيها وهذا نفس ما فعله سوار الذهب في السودان . فقد وجدت في نفسي رغبة عارمة في أن أحصل علي الجنسية الموريتانية، ما هذه النوعية من الناس وهل عقم شعب مصر وباقي الشعوب العربية من أن تلد نساؤهم مثل هؤلاء الرجال؟!، أخي الرئيس الجديد للشقيقة الصغري موريتانيا لم أعرف الحسد يوما ما ولا أحب الحاسدين وقانا ووقاكم الله شر أعينهم ولكن أعرف الغيرة الدافعة للتقدم والرقي سواء عند الأفراد أو عند الشعوب، ولذلك فإني أغار من شعبكم ومن شعوب العالم الحر المتقدم علي ما ينعم به من حرية وإرادة في اختيار حكامه .

(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أفريل 2007)

 

 
 

الدرع المضاد للصواريخ  بين الحلم الأميركي والرفض الروسي الصيني

توفيق المديني
ليس من شك أن الدرع المضاد للصواريخ التي تريد الولايات المتحدة الأميركية أن تتزود به يشكل أزمة جيوبوليتيكة كبيرة في بداية هذا القرن . وتشير كل الدلائل الآن أن الولايات المتحدة الأميركية ماضية في وضع خطط نشر نظام الدفاع المضاد للصواريخ المثير للجدل ، وفي تحديث وتطوير أنظمة عسكرية جديدة لتشمل الفضاء الخارجي بالحديث عن مخاطر تواجه الولايات المتحدة الأميركية في الفضاء .
وكانت الولايات المتحدة قد اعلنت رسميا يوم 20 كانون الثاني 2007، أنها بدأت مفاوضات مع الجمهورية التشيكية، لإقامة محطة رادارات على أراضيها، ومع بولندا لنصب عشرة صواريخ قادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية ، حيث تقول الولايات المتحدة ان نشر هذه المنظومة يستهدف حماية أراضيها وأراضي حلفائها من أي هجوم إيراني أو كوري شمالي محتمل .
وأعلنت الولايات المتحدة أن منظومة الدفاع الصاروخي التي تعتزم نشرها في شرق أوروبا، والتي تعارضها روسيا، ستشمل محطة رادار يمكن نصبها في منطقة القوقاز.و تحولت قضية الدرع الصاروخية الاميركية في اوروبا الى مادة سجالية بين واشنطن وموسكو، بعد إعلان رئيس الوكالة الاميركية للدفاع المضاد للصواريخ هنري اوبيرينغ الخميس الماضي  في بروكسل أن رادار القوقاز سيكون « متنقلاً »،وان الدرع « تشمل راداراً محمولاً يمكن نصبه في أي منطقة، خلال أيام، وبسرعة كبيرة جداً ».وسيلتقط هذا « الرادار المتنقل »، الذي سيتم نصبه في منطقة القوقاز، الاشارات الاولى لأي صاروخ « معادٍ »، ليبثها الى المحطة الاميركية الرئيسية للرادارات، التي تنوي واشنطن اقامتها في تشيكيا، للتصدي لأي هجمات محتملة من ايران، أو كوريا الشمالية.
في المقابل، قال قائد القوات  الجوية الروسية فلاديمير يخايلوف ، إن نصب أنظمة رادار أميركية مضادة للصواريخ في القوقاز « لن يؤثر على قدرات روسيا الدفاعية »، لكنه أشار إلى أن بلاده « قادرة على تقديم رد مناسب على نشر درع الدفاع الصاروخي » الأميركي.
وتابع ميخايلوف إن الاميركيين « لديهم الكثير من الأموال، فلندعهم ينفقونها »، موضحاً أن أنظمة صواريخ « أس ــ 400 » الروسية، التي يزيد مداها على 400 كيلومتر، « تضمن الأمن، بما في ذلك من ناحية الدفاع الجوي الفضائي ».بدوره، أعرب النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون رابطة الدول المستقلة وأبناء الوطن في الخارج، أحمد بلالوف، عن اعتقاده بأن « تورط أوكرانيا وبلدان منطقة القوقاز في خطط إنشاء نظام الدرع الصاروخي المضاد للصواريخ قد يتمخض عن أزمة سياسية داخلية جديدة »في هذه الدول، مشيراً الى الاحتجاجات التي جرت العام الماضي في بعض المناطق الأوكرانية على إجراء المناورات العسكرية الأميركية ــــــ لأوكرانية.
وفي برلين، قال وزير الدفاع الألماني فرانتس يونغ، على هامش اجتماع لوزراء دفاع دول الاتحاد الاوروبي في مدينة فيسبادن، إنه « ينبغي لنا أن نناقش تطوير إجراء دفاعي في إطار حلف شمالي الاطلسي »، مضيفاً أن مخاوف روسيا بشأن هذا الدرع « يمكن تهدئتها، من خلال إجراء محادثات داخل مجلس حلف الاطلسي وروسيا »، وهو منتدى لمناقشة القضايا الاستراتيجية والدفاعية بين خصوم الحرب الباردة السابقين.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية رايس رفضت  ما يتردّد عن عدم قيام واشنطن بإبلاغ موسكو بالخطط الرامية لإقامة نظام مضادّ للصواريخ في بولندا وتشيكيا، مشدّدةً على أنّ الموضوع لا يمثّل تهديداً لروسيا. وأوضحت، عقب لقاء مع نظيرها الألماني فرانك شتاينماير في برلين، أنّ موسكو على علم بالاستراتيجية الأميركية في هذا الصدد منذ ربيع عام 2006، مشيرةً إلى أنّه تمّ إجراء 10 اتصالات على المستوى الرسمي بين الجانبين.
وقالت رايس إنّ بولندا وتشيكيا دولتان مستقلّتان، رافضةً، في الوقت نفسه، فكرة أن تكون واشنطن تهدف من وراء هذا البرنامج إلى السيطرة على هاتين الدولتين. وأوضحت أنّ الهدف الأساسي منه هو مكافحة التهديدات التي ظهرت عقب هجمات 11 أيلول 2001. وتابعت رايس، التي وصفت تعليقات قائد القوّات الاستراتيجية الروسية الجنرال نيكولاي سولوفتسوف في شأن قدرة روسيا على تدمير الأنظمة الصاروخيّة الأميركيّة بـ »المؤسفة »، إنّ الجميع يعلم « بتزايد التهديدات التي تمثلها إيران ».
1-     أميركا وتطوير برنامج الدفاع المضاد للصواريخ
يثيرالمحللون في الغرب التساؤلات حول المغزى الحقيقي لإدارة بوش من وراء إقامة نظام الدرع الصاروخي الأمريكي . فالفكرةليست جديدة، بل  بدأت مع الرئيس الأسبق نيكسون وكذلك الرئيس ريجان أثناء فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي السابق، ثم أخذت في التبلور في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، الذي تحمس لها لكنه واجه تحديات ومعارضة داخلية نتيجة للتكلفة الهائلة لهذا البرنامج والتكنولوجيا البدائية، وخارجية، خاصة من روسيا والصين وتحفظ الحلفاء الأوروبيين الذين اعتبروه تخليا من جانب واشنطن عن حمايتهم، لذا قرر إرجاء تنفيذ هذا البرنامج وتركه لخلفه الرئيس بوش الابن ليأخذ قرارا فيه. والبرنامج ببساطة يرتكز على إقامة درع من الصواريخ الدفاعية مضاد للصواريخ الباليستية طويلة المدى، وذلك على المستوى القومي، الذي يحمي الولايات المتحدة بكاملها، وكذلك على المستوى العملياتي أي حماية القواعد والقوات الأمريكية سواء داخل أمريكا أو خارجها، ويأخذ هذا النظام أشكالا عدة منها إقامة أنظمة صواريخ برية وكذلك بحرية على السفن الحربية، وكذلك استخدام الليزر، ويحتاج هذا البرنامج إلى تكلفة مالية باهظة وتقنيات تكنولوجية عالية، وقد تبنى الرئيس بوش هذا البرنامج وحصل على دعم مالي إضافي من الكونجرس لسد العجز في ميزانية الدفاع خصصه بالكامل لبرنامج الدفاع الصاروخي، ونجحت إدارة بوش بالفعل في إقامة جزء من هذا البرنامج في ولايتي ألاسكا وكاليفورنيا، وتحاول استكماله في أوروبا، غير أن اقامته في أوروبا وبالقرب.
بعد ثلاثة أشهر من وصوله إلى البيت الأبيض ، أعلن الرئيس جورج بوش الابن في خطابه الذي ألقاه أمام جامعة الدفاع القومي في واشنطن في أول أيار 2001، عن تصميم الإدارة الأميركية على تطوير ونشر النظام القومي للدفاع المضاد للصواريخ (NMD ) . ويتضمن هذا البرنامج التسليحي الضخم جداً ، الدفاع عن أراضي ومصالح الولايات المتحدة الأميركية ، ومهاجمة وتدمير الصواريخ البالستية عابرة القارات (ICBM) الاستراتيجية المعادية ، سواء كانت ذات رؤوس نووية أو جرموثية ، باختصار إنه  » درع مضاد للصواريخ  » .
ويتشكل هذا النظام الدفاعي الضخم من 100 صاروخ صممت للتعقيب ووضعت في قاعدة في منطقة ألاسكا يدعمها رادار خاص بعملها وخمسة رادارات للتحذير المبكر ، وتقرر إضافة مرحلة أخرى لهذا النظام من خلال زيادة 100 صاروخ تعقب آخر سيتم بالطبع ربط هذه الرادارات جميعها بمجسات وأجهزة التقاط حساسة تعمل في الفضاء على الأشعة ما تحت الحمراء.   وأصبح هذا النظام جاهزاً للعمليات منذ عام 2005  ، وسوف يصل إلى المقدرة العملياتية الكاملة في عام 2008 .
ويقود الرئيس جورج بوش المتشدد والحريص على حماية المصالح الأميركية أينما وجدت والسائر على خطى والده ، الحملة الآن لإنجاز برنامج الدفاع المضاد للصواريخ ، الذي وصلت كلفة المرحلة الأولى منه إلى 29.5 مليار دولار ، في عام 2005 ، ثم إلى 60 مليار دولار في المرحلة التالية .  ومن الطبيعي أن الشروع في إنجاز هذا النظام يتطلب زيادة في ميزانية وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون ) ، التي ارتفعت من 290 مليار دولار العام 2000 إلى 356 مليار دولار خلال عام 2001.   ومن المتوقع أن تبلغ 390 مليار دولار لتنفيذ هذا البرنامج ، الذي سيستأثر بحصة الأسد من الاهتمام والمال والتجهيزات التكنولوجية .
ليس من شك أن قرار الولايات المتحدة الأميركية المضي قدماً بنشر نظام الدفاع الصاروخي الآن سيكون له مضاعفات سياسية وعسكرية على العلاقات مع روسيا والصين والحلفاء الأوروبيين .  ثم إن نشر هذا النظام الصاروخي يضرب صفحاً عن معاهدة حظر الصواريخ المضادة (ABM) لعام 1972 ، ويقلب رأساً على عقب العقيدة النووية للحرب الباردة التي تقوم على توازن الرعب بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي .  وقد ندد الرئيس بوش بمعادة حظر الصواريخ المضادة للصواريخ (ABM) الموقعة بين ريتشارد نيكسون وليونيد برجنيف والتي استهدفت ضمان أن لا تؤدي أنظمة الدفاع الصاروخية المضادة إلى تقويض الردع النووي السوفياتي – الأميركي ، حيث قال بأن هذه المعاهدة  » تجسد الماضي  ونحن مطالبون بتجاوز إكراهات هذه المعاهدة القديمة منذ ثلاثين عاماً  » .  وأضاف بوش بأنها  « تؤبد وضعاً قائماً على الحذر وعدم الثقة .  وهي تقلل من شأن التقدم الأساسي في مجال الثورة التكنولوجية للعقود الثلاثة الأخيرة  » .  وهي تمنعنا من تفحص كل الخيارات .  والحال هذه يجب استبدالها بإطار جديد يجسد القطيعة الواضحة والصريحة مع إرث العداء للحرب الباردة  » .
وإذا ما تناولنا معاهدة النظام الدفاعي المضاد للصواريخ (ABM) والتي تدعو الحكومة الروسية إلى عدم تغيير مبادئها وبنودها المتفق عليها منذ حوالي ثلاثين عاماً ، فإننا بسهولة نتلمس بأن الحديث حولها يجري عن شيخوخة بعض مبادئها وبنودها ، علماً بأنها ما زالت حيوية وهامة جداً كأساس للأمن النووي العالمي . ولكن من خلال مهاجمتها وتغليب النظام القومي الأميركي الدفاعي المضاد للصواريخ ، فإن الإدارة الأميركية تسعى لرد الدين للمجمع الصناعي العسكري الأميركي الذي دعم الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة .
  وكان الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان قد اتخذ إجراءات مشابهة عندما بادر إلى حرب النجوم قبل عشرين سنة ، وها هو الرئيس بوش الابن يحاول إحياءه وتعويمه ، للحفاظ على المرتبة الأولى التي بلغتها الولايات المتحدة الأميركية ، خصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، المرشح الوحيد على المسرح العالمي لمنافسة الولايات المتحدة الأميركية في مد الهيمنة والنفوذ والمصالح في جميع أنحاء العالم .
ولم تبد واشنطن أي اهتمام لتلك المخاوف التي أبداها حلفاؤها في حلف شمال الأطلسي وبريطانيا وألمانيا وكندا من مسألة حرب النجوم الأميركية التي يمكنها أن تجعل هذه الدول أسيرة ما يسمى الأمن القومي الأميركي .  وليس مصادفة أن يعلن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني بأن الإدارة الأميركية الجديدة لن تسمح لأحد أن يملي على الولايات المتحدة الأميركية ما الذي يجب أن تفعله من اجل ضمان حجة المصالح الذاتية بهدف إملاء سياستها على العالم بأسره ابتداء بأميركا اللاتينية وصولاً إلى العالم العربي .
وينبع الخوف والمعارضة الروسية لتعديل معاهدة 1972 ، من خشيتها أن يؤدي أي تغيير أو إلغاء للمعاهدة إلى إفساد قدرة روسيا على توجيه الضربة الثانية الانتقامية ضد الولايات المتحدة الأميركية في حال نشوب حرب بين الدولتين ، فضلاً عن أن روسيا أصبحت عاجزة تكنولوجيا ومالياً على مجاراة الولايات المتحدة الأميركية في سباق تسلح في الفضاء ، جراء
ما تغزوها من حروب ونزاعات وفقر .
وبالمقابل ينبع الخوف الأميركي من أية هجمات صاروخية مفاجئة سواء كنت نووية أو جرثومية تستهدف الأراضي الأميركية ، من تنامي القدرات الصاروخية البالستية عند دول أخرى ، تصفها بالمتمردة على النظام الدولي الجديد ، أو الخارجة على القانون.  وكان أول إنذار نبه الولايات المتحدة الأميركية إلى الخطر الجديد من كوريا الشمالية التي أطلقت صاروخاً بالستياً بعيد المدى في 31 آب 1998 .
 وفي الوقت الحاضر لا يوجد نظام صاروخي بالستي كبير إلا عند كوريا الشمالية هو ( تايبو دونج ) القادر على الوصول إلى أراضي الولايات المتحدة الأميركية . و الحال هذه تريدواشنطن حماية أراضي  الولايات المتحدة وحلفائها من أية هجمات صاروخية، لا سيما من جانب الدول التي يسميها بوش ب »المارقة » مثل كوريا الشمالية وإيران. وتبرر واشنطن مزاعمها هذه بتطوير بيونج يانج لصاروخ « تايبو دونج 2 » الذي يصل مداه إلى 3500 كيلومتر بما يهدد الأراضي الأمريكية، وكذلك تطوير إيران للصاروخ « شهاب 3 » الذي يصل مداه إلى 2500 كيلومتر، وتزداد خطورة هذا التهديد مع امتلاك كوريا الشمالية للقنبلة النووية بعد تجربتها النووية الأخيرة، كذلك مساعي طهران لامتلاك أسلحة نووية، غير أن هذا المبرر يمكن الرد عليه، فمن ناحية فقد وافقت كوريا الشمالية بعد محادثات اللجنة السداسية مؤخرا على بدء تفكيك برنامجها النووي مقابل معونات ومساعدات دولية، كما أنه لم يثبت حتى الآن أن إيران تمتلك السلاح النووي .أما إيران فستتمكن من امتلاك نظام كهذا،في عامي 2010 و 2015 ستكون قد حصلت تماماً على أنظمة صاروخية بعيدة المدى .  وبالنسبة للدول الأخرى مثل الهند وباكستان و الكيان الصهيوني التي تملك الآن صواريخ متوسطة المدى (1000 – 5000 ) كلم من أنظمة الصواريخ البالستية فربما ستتمكن من تطوير أو شراء صواريخ عابرة للقارات يزيد مداها على 5500 كلم .
ويقدر الخبراء الاستراتيجيون الأميركيون بأنه إضافة إلى الصين وروسيا ، يمكن لكوريا الشمالية وربما لإيران أن تمتلك القدرة على مهاجمة الولايات المتحدة الأميركية بالصواريخ عابرة القارات قبل عام 2015 .
وجاءت حادثة التصادم الجوي الأميركي – الصيني داخل المجال الجوي الصيني لتعطي وقعاً قوياً لدعاة متابعة تنفيذ مشروع الدرع المضاد للصواريخ ، وعلى رأسهم الرئيس جورج بوش الابن ، بعد سنوات من توقفه .   فأزمة طائرة التجسس نبهت الأميركيين إلى أن الصين هي القوة العظمى التي بدأت تأخذ دور الاتحاد السوفياتي السابق ، وهي مصدر التهديد للمصالح الأميركية على امتداد العقود المقبلة بدل روسيا الغارقة في المعاناة الاقتصادية و السياسية والأمنية .  ولقد جاء في تقرير رامسيفلد وزير الدفاع السابق في البنتاغون بأن  » هناك تهديدات كبيرة موجهة إلى الأمن والمصالح الأميركية وهي تستدعي رداً بمستوى  حجمها وضخامتها ، حتى لا تتعرض الولايات المتحدة الأميركية إلى خسارة الكثير من نفوذها وموقعها كقوة عظمى في العالم  » .
وجاء في أحد التقارير الأميركية حول هذا الموضوع إن  » السلاح النووي لم يعد محصوراً بين الدول الخمس الكبرى وهي ( الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا ، بل هناك 30 دولة تملك صواريخ بالستية قصيرة ومتوسطة . . المدى هي مصدر تهديد جدي في المستقبل للأمن العالمي  » .
وهكذا ، فإن الولايات المتحدة الأميركية الذاهبة قدماً في تنفيذ برنامج تسليحي غاية في الضخامة تفسح في المجال من جديد نحو سباق تسلح عالمي شامل ، لأن روسيا والصين لا يمكنهما تحمل اختلال التوازن القائم على امتلاك الولايات المتحدة الأميركية وحدها صواريخ مضادة للصواريخ ضمن تحقيق برنامج الدرع المضاد للصواريخ أو الترسي الفضائي .
وقد بدأت الولايات المتحدة الأميركية في دراسة الصواريخ التي ستعوض صواريخ مينوتيمان 3 في سلاج الجو ، وصواريخ تريدينت 2D -5  التي تحملها الغواصات النووية .  وهي تبحث الآن في تحسين وتنويع ترسانتها الحالية من الصواريخ العابرة للقرارات من نوع توما هوك، والى صنع صاروخ أسرع من الصوت من نوع كروز ، يلقب منذ الآن بفاستاوك من قبل البحرية .
 اما روسيا ، فعلى الرغم من مصاعبها المالية ، التي تجعلها تؤجل مشروع راك للصاروخ المبحر ، إلا انها مستمرة في نشر صواريخها العابرة للقارات من نوع كروز ذي الرأس الكلاسيكي ( ك هـ –101 ) أو ذي الرأس النووي ( ك هـ – 102 ) .  وانطلقت فرنسا في تحقيق ثلاثة برامج : الصواريخ أم 51 المحمول من قبل الغواصة النووية بعد 2008 ، والصاروخ المحمول جواً ( أس م ب ASMP Plus ) بالنسبة للمهمات النووية التي تقوم بها طائرة رافال ، وصاروخ كروز من نوع سكالب الذي تنتجه بالتعاون مع بريطانيا تحت اسم ستورم شادوي .
وتستعد الصين إلى تطوير جيل جديد من الصواريخ العابرة للقارات أو الصواريخ التكتيكية ذات القدرة الإقليمية في آسيا.   وهناك عدة دول أخرى لم تظل مكتوفة الأيدي ، مثل الباكستان التي طورت نظاميها من الأسلحة اللذين يحملان اسم غوري المصمم بمساعدة كوريا الشمالية ، وشاهين المصمم بمساعدة الصين ،  أو الهند التي تسعى إلى تطوير برنامج للصواريخ أجيني بوساطة التعاون مع موسكو .
ويخلص المحللون الاستراتيجيون إلى نتيجة أن توجهات السياسة الأميركية للسنوات الأربع القادمة ستركز بشكل رئيسي حول الحفاظ على مكانة القطب الواحد ، وبالتالي تدخل قوة أميركا الضاربة أينما كان وكيفما شاء البنتاغون .  ومن هنا أفاد هؤلاء المحللون الدوليون بتسريع عمليات تطوير نظام الدفاع الصاروخي الأميركي ، وتحقيق سباق للتسلح من نوع جديد يقطع الطريق أمام تبوؤ الاتحاد الأوروبي أو الصين مكانة الصدارة عالمياً على الصعد الدبلوماسية والتجارية وحتى الثقافية .  وقد التزم مستشارو بوش الابن بالدعوة إلى عسكرة الفضاء ، وتؤيد القوات الجوية الأميركية استراتيجية تطوير السبل الكفيلة بالردع والدفاع ضد ما تسميه الأعمال العدائية في الفضاء والتي تشن منه مبينة أن ذلك يحتاج قدرات متفوقة في الفضاء ، وكذلك أيضاً نشر نظام الدفاع المضاد للصواريخ .   
والحال هذه ، فإن سعي واشنطن لاحياء مشاريع عسكرية فضائية وتطويرها ، سيؤدي إلى مزيد من التوتر في العلاقات الدولية ، المتوترة أصلاً بسبب الخلاف مع روسيا والصين وحتى مع أوروبا بشأن مشروع الدرع الصاروخي الأميركي ، والذي أعلنت موسكو أنه بإمكانها المساعدة في بناء ونشر درع صاروخي مضاد بمساهمة أوروبية مؤكدة أن باستطاعتها من الناحية التقنية بناء مثل هذه المنظومة الدفاعية الصاروخية .
المفارقة الآن في الولايات المتحدة الأميركية في نظرتها وطرحها لمشروع متعالٍ لنظام مضاد للصواريخ ، هي أنها تعطي الأولوية المطلقة للسياسة الداخلية ، ذلك أن إدارة جورج بوش الابن ترّد الدين للمجمع الصناعي العسكري الذي دعم الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وكان الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغن ، وهو جمهوري ، قد قام بمثل هذه الخطوة ليدعم المجمع الصناعي الحربي عندما أعلن برنامج حرب النجوم ، الذي غذى بالمال السهل مئات الصناعيين الصغار في مجال المعلوماتية والالكترونيك .
ومع أن هذا المشروع فشل ، إلا أن منتجي الأسلحة جمعوا مليارات الدولارات على حساب دافعي الضرائب الأمريكيين ، والهدف الرئيس من المشروع يكمن في مساع الولايات المتحدة الأميركية نحو إنتاج جيل جديد من أحدث الأسلحة ، وإلى امتلاك التفوق العسكري المطلق دون الاكتراث بتعهداتها الدولية .  ويبدو أن واشنطن غير معنية أبدأً بمخاوف كندا وألمانيا وبريطانيا والعديد من الدول الأخرى حليفتها في حلف الناتو من أن العاب النجوم الأميركية يمكن ان تجعلها رهينة ما يسمى مشروع الأمن القومي الأميركي .  وقد جاء مشروع حرب النجوم في سياق ثورة إحياء إنتاجية المشروع الرأسمالي الفردي ، المرتبط عضوياً بثورة الاتصالات ، والثورة المحافظة الملقبة بالليبرالية الجديدة بقيادة ريغن التي استهدفت القضاء على الدولة الكينيزية، لمصلحة المقاول الصناعي النيوريكاردي ، المتمركز في ولاية كليفورنيا ، قلب الثورة التكنولوجية والصناعية الثالثة في العالم .
إن انخراط الجمهوريين في هذا المسار المتسارع ، هو الذي جعل الولايات المتحدة الأميركية تعيد النظر في أساس الوفاق الدولي الذي تحقق بين النخب الأميركية والنخب الروسية في عقدي الستينات والسبعينات ، والذي تمخضت عنه اتفاقيتي سالت اللتين وقعتا في السبعينات .  ويأتي الهجوم الأميركي على الاتفاقية السوفياتية – الأميركية حول الدفاع المضاد للصواريخ (ABM) الموقع في موسكو عام 1972 ، ضمن هذا السياق الجديد للسياسة الأميركية .  فإدارة بوش تعتبر هذه المعاهدة قديمة ، وليست بحاجة إلى تجديد .  وهنا يتساءل المرء لماذا تصر واشنطن على الاستمرار في انتهاج سياسة الكيل بمكيالين ، أي أن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر الاتفاقية الآنفة الذكر قديمة وبحاجة إلى تغيير ، لكنها لا ترى ان العقوبات المفروضة على كوبا والعراق منذ سنوات طويلة بحاجة إلى إعادة نظر ؟ .  
إن موضوعاً أساسياً وهاماً يلحظ من خلال السياسة الازدواجية التي تنتهجها واشنطن أي سياسة الكيل بمكيالين ،  هو القديم كل ما هو غير مفيد لأميركا ، والحيوي جداً هو كل ما يخدم مساعيها السياسية .  وبناء على هذه السياسة ، فإن إدارة بوش تنوي الاستمرار بمحاولات سابقيها لحل المسائل الإقليمية والدولية إنطلاقاً من مصالح أميركا فقط دون الالتفات أو الاكتراث بباقي الدول. 
وإذا كانت العلاقات الأميركية الروسية سوف لن تخرج من المرحلة الصعبة التي تمر بها منذ عشر سنوات بسبب اصرار واشنطن على فرض إملاءاتها على موسكو ، سواء لجهة الضغط المكشوف على موسكو بهدف إجبارها على التخلي عن تعاونها مع إيران في المجال العسكري – التكنولوجي  ، وفي مجال القدرة النووية لأهداف سلمية ، أو الضغط على مواقف روسيا من مسائل إقليمية أخرى ، فإن المستهدف من نشر نظام الدفاع الصاروخي الأميركي هو الصين وحدها .
وينبع القرار الاستراتيجي من تحديد الصين المستقبلية العدو الرئيسي للولايات المتحدة من إرادة فريق عمل إدارة بوش ، الذي يريد إحياء العلاقات القائمة مع حلفاء واشنطن التقليديين ، خاصة اليابان ، ودفعها إلى الأمام بحيث تنشط أكثر من ذي قبل على حساب الروابط الأطلسية الأوروبية والأميركية.  وتستهدف واشنطن من خلال لعب ورقة اليابان هذا الشريك الاستراتيجي الوفي محاصرة الصين ، هذه القوة العظمى الصاعدة .  علماً أن الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بسياسة كسينجر المنظر لأهم نظرية استراتيجية حديثة والقائمة على أن لا يجوز السماح لموسكو وبيكين من إقامة تحالف استراتيجي بينهما .
وسوف تعمل إدارة بوش على الوقوف في وجه التهديدات العسكرية الصينية الموجهة لتايوان ( خصوصاً أن أزمة 1996 لا زالت ماثلة للعيان ) . وتعتبر تلك القضية من اخطر القضايا التي ستترك إنعكاسات سلبية على مصالح الولايات المتحدة الأميركية الأمنية .  وكانت الصين قد عارضت بشدة خطة واشنطن الرامية إلى إنشاء مظلة الدفاع الصاروخي خشية أن تشمل تايوان ، وتأمين حماية أميركية لها  .
2-الشراكة الاستراتيجية الروسية – الصينية في مواجهة الهيمنة الأميركية
هناك عدة تحولات مهمة طرأت على مفهوم قوة الدولة بالمعنى المعاصر , يعبر عنه بالانفصال التدريجي بين القوة العسكرية والقوة الاقتصادية , وعلى مفهوم توازن القوى في ظل تحديات نظام القطب الواحد بزعامة الولايات المتحدة الأميركية , حيث أصبحت توجهات الدبلوماسية الأميركية للسنوات الأربع القادمة تركز بشكل رئيسي حول الحفاظ على مكانة القطب الواحد , وبالتالي تدخل قوة أميركا العسكرية الضاربة أينما كان وكيفما يشاء البنتاغون , وتسريع عمليات تطوير نظام الدفاع الصاروخي الأميركي , وتحقيق سباق للتسلح من نوع جديد يقطع الطريق أمام تبوؤ الاتحاد الأوروبي أو روسيا أو الصين مكانة الصدارة عالمياً على الصعد الدبلوماسية والتجارية وحتى الثقافية .
   في إطار هذه المتغيرات الجديدة التي أدت إلى اختلال التوازن الاقليمي والدولي نتناول موضوع الشراكة الاستراتيجية الروسية – الصينية , خصوصاً أن مخططات إدارة الرئيس بوش المتعلقة بنشر نظامها المضاد للصواريخ , وإعادة النظر في معاهدة الحد من الصواريخ الباليستيه الموقعة مع السوفيات عام 1972 , وإعلان عن نيتها بعسكرة الفضاء وتجميد العلاقات العسكرية الثنائية مع الصين , هي التي دفعت إلى بروز علاقات حوار جيدة جداً بين موسكو وبكين , حيث عززت زيارة الرئيس الصيني جيانغ زيمين إلى موسكو في عام 2001، توجه التحالف بين الصين وروسيا , وترجمته إلى أرض الواقع عبر المعاهدة الروسية الصينية  لاحتواء البرنامج الأميركي .
ويشير المحللون الاستراتيجيون إلى أن معاهدة التحالف التي وقعها الرئيسان الروسي والصيني ربما تكون رسمت خطوطها العريضة منذ أيام الاتحاد السوفياتي , وما جرى في موسكو لم يكن سوى إحياء لهذه الخطوة ودمجها في معاهدة تحالف وحسن جوار , وبالتالي فإن المعاهدة الموقعة  بين روسيا والصين هي ثمرة روابط حارة بين الجانبين تطورت خلال السنوات الأخيرة كرد فعل على سياسة الهيمنة الأميركية على العالم , والقرار الدولي ومؤسساته . وبذلك , طوت روسيا والصين صفحة الماضي للمضي في تشكيل جبهة موحدة ضد واشنطن ودرعها الصاروخي , والتمسك بمعاهدة  » أي بي أم » للحد من انتشار الصواريخ المبرمة عام 1972 , بوصفها تشكل حجر الزاوية في الاستقرار الاستراتيجي وخفض الأسلحة الاستراتيجية . وتشكل المعاهدة قاعدة انطلاق قوية نحو بناء ركيزة لإعادة التوازن للنظام الدولي الذي تحتل فيه واشنطن القوة العظمى الوحيدة , وتمتد على 20 سنة , وهي أول وثيقة من نوعها يجري توقيعها منذ عام 1950 .
   وفي رسالة واضحة الدلالة والإشارة قبيل ساعات من انعقاد القمة الروسية الصينية التاريخية , أعلنت واشنطن عن الإطلاق الفعلي لتطبيق برنامج الدرع الصاروخي عبر تجربة ناجحة لإعتراض صاروخ عابر للقارات بصاروخ آخر أطلق من جنوب المحيط الهادي , كجزء من استراتيجية عرض العضلات وابراز القوة التي تنتهجها واشنطن , التي أصرّت على أن تذكر بها بوتين وزيمين من خلال تجربة إطلاق صاروخ عابر للقارات عند بدء اجتماعاتهما , ولتثبت للجميع أن أذرعها الطويلة قابلة للتحريك في أي وقت . وكانت الولايات المتحدة أعلنت في 10 تموز 2001أنها تنوي توسيع حقل برنامج تجارب نظام الدفاع المضاد للصواريخ , ليشمل مناطق واسعة في ألاسكا , ويتضمن المشروع إقامة منشئات جديدة للتجارب وسيتم تطويرها العام القادم إلى أن يتم العمل بها في عام 2003 .
. وعلى الرغم أن روسيا تحاول جاهدة مغالبة المشاكل الداخلية المعروفة للجميع , إلا أنها في الوقت عينه تتلمس بالاحتفاظ بالمجالات التي تمكنها من استعادة بعض صورتها القديمة كقطب عالمي كما كان في عصر الحرب الباردة , خاصة وأنه على مقربة منها دولة بازغة عملاقة , يفوق سكانها المليار نسمة , ويثور التساؤل بشأنها حيث من المحتمل أن تكون إحدى القوى العالمية المهيمنة في غضون القرن الحادي والعشرين . ومن هنا جاءت إحدى الدوائر الرئيسية في سياسة روسيا الخارجية وهي البحث عن صيغة جديدة للتوازن مما دفعها للتحرك استراتيجياً نحو الشرق وبصفة خاصة نحو الصين , التي تشهد نهضة اقتصادية جبارة , وثورة صناعية حقيقية , وقوة عسكرية نووية متنامية .
   لقد أصبح التقارب الروسي مع الصين الذي دشنه رئيس الوزراء الروسي الأسبق يفغيني بريما كوف أحد الأعمدة الأساسية للسياسة الخارجية الروسية في عهد بوتين , الذي عاش تجربة أضعاف روسيا المريرة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي , ووعى جيداً أن السياسة الأميركية ترمي بشكل أساسي إلى الحيلولة دون انبثاق قوة منافسة مماثلة لقوة الاتحاد السوفياتي سابقاً , ولم تتردد في الاجهاز أنها تبحث في إبقاء روسيا على وضعها الراهن من الضعف بل واضعافها أكثر . والحال هذه , أبدت روسيا والصين اهتمامات مشتركة إزاء الولايات المتحدة ومسألة تفوقها التي خلقت أجواء من عدم التوازن على الصعيد العالمي , وكذلك إزاء اليابان التي تشكل امتداداً للسياسة الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأقصى .
   هذا التوجه الصيني – الروسي صعدته الحكومة الأميركية بإجراء مناقشات مع السلطات التايوانية الرامية إلى تعزيز القدرات العسكرية لتايوان بتخصيص مبلغ 50 مليار دولار لعشر سنوات مقبلة . وكان الرد الصيني على قضية الدعم الأميركي لتايوان بأن توجهت إلى روسيا بكافة صنوف الأسلحة ذات التقنية العالمية , لا سيما السلاح الجوي والصواريخ الباليستية طويلة ومتوسطة المدى والدبابات . وقد أنتجت الصين سابقاً بامتياز روسي طائرات من نوع سوخوي , ويمكنها لاحقاً إنتاج جيل جديد من الدبابات الروسية ت 90 المزودة بصواريخ أرض أرض موجهة بأشعة الليزر . وليس مبالغاً القول أن روسيا سوف تصبح مستقبلاً   » ترسانة  » الصين . 
   وتدرك الولايات المتحدة الأميركية جيداً بأن الصين تمتلك أحد أقوى الجيوش في العالم والذي يصل تعداده حوالي 2,6مليون مقاتل وهو مزود بأحدث أنواع الأسلحة البرية والبحرية والجوية بجانبها الصواريخ النووية والعابرة للقارات . وبدأت الصين منذ سنوات قليلة سياسة إصلاح في الجيش تهدف إلى تحويله إلى جيش حديث من حيث التجهيز والكفاءة العملياتية . وتمضي الصين في سياستها هذه في وقت تتمسك فيه الإدارة الأميركية الجديدة بنظام الدفاع الصاروخي الذي يلقى معارضة عالمية وحتى من الحلفاء الأوروبيين في الناتو . وتعتبر الصين هذا المشروع ذو آثار مدمرة خشية أن يمتد ليشمل تايوان وتأمين حماية أميركية لها .
وكان قيام الصين في 11 يناير/كانون الثاني الحالي بتجربة تدمير قمر صناعي بواسطة صاروخ، قد ترك صدى كبيرا في واشنطن، التي اعتبرت العملية بمنزلة تجربة وتحذير، في اللحظة التي تمر فيها الولايات المتحدة بحال من الضعف والتراجع، بسبب الإخفاق العسكري والسياسي في العراق والشرق الاوسط بصورة عامة. واعتبرت العملية من جانب أمريكا تجاوز الجيش الصيني لعتبة مهمة، على مستوى قدرته على شطب عامل التفوق الأمريكي، في حال حصول مواجهة بشأن تايوان.
واذا كانت الاستخبارات الأمريكية تتابع عن كثب، ومنذ وقت طويل المساعي التي يقوم بها الجيش الصيني على مستوى تطوير انظمة اسلحته المضادة للاقمار الصناعية، فهي لم تستطع ان تعرف او تخمن المدى الذي قطعه الصينيون في هذا الميدان، وها هو التقرير السنوي الاخير الذي صدر عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في مايو/ايار الماضي، يقدم تقييما لايحيط بما وصلت اليه الصين على مستوى تطوير قدراتها الفضائية. يقول التقرير « تستطيع الصين اليوم ان تدمر او تلحق الضرر بقمر صناعي، فقط عن طريق اطلاق صاروخ بالستي، او مركبة فضائية مزودة بسلاح نووي ». إن هذا يختلف كليا عن التجربة الاخيرة، التي برهنت خلالها بكين انها قادرة على اصابة قمر صناعي يحلق على ارتفاع 850 كلم، وهو مدى يتجاوز ارتفاع كافة الاقمار الصناعية الأمريكية العسكرية.
لقد توقف سباق التسلح الفضائي في نهاية الحرب الباردة، وهاهو يبدأ من جديد. وحسب مصادر أمريكية فإن الصين أرسلت في سبتمبر/ايلول الماضي، اشعاعات « لايزر » من الارض في اتجاه قمر صناعي أمريكي. وبالنسبة لوزارة الدفاع الأمريكية ان تدمير الصين لاقمار المراقبة الأمريكية، سوف يكون المرحلة الاولى في هجوم صيني، تحتفظ فيه بكين بموقع افضل لتواجه اسطولا أمريكيا أعمى. ووفقا لهذا السيناريو، فإن الصين سوف تستخدم فريقا معلوماتيا لاختراق شبكات كومبيوترات الدفاع الأمريكية وشلها، ونشر كمية كبيرة من صواريخ ارض – بحر، لمنع حاملات الطائرات الأمريكية من الاقتراب من السواحل الصينية.
تعتمد القوة العسكرية الأمريكية الى حد كبير على التكنولوجيا، وخصوصا الفضائية. وفي مناورات مشتركة بين سلاحي الجو الأمريكي والهندي، تمكنت الطائرة المقاتلة “سوخوي” المصنعة في روسيا من السيطرة على طائرة إف 15 الحربية الأمريكية، حين انقطعت عن نظام القيادة عبر الاقمار الصناعية، والرادارات الموجهة من خلال طائرت الاواكس.
وفي مقال نشرته في صحيفة « واشنطن بوست » في 25 يناير ،2007 الاختصاصية الأمريكية في الشؤون الآسيوية في مجلس العلاقات الأمريكية الخارجية « اليزابيت ايكونومي »، قالت محذرة بأن « صعود القوة الصينية سوف يصبح أكثر صعوبة وإثارة للاضطراب، أكثر من أي قوى دولية أخرى ». ويقول خبراء اوروبيون انه ليس مصادفة ان تطلب الولايات المتحدة، في هذا الوقت بالذات من تشيكيا وبولونيا، السماح لها بإقامة قواعد عسكرية في اطار برنامج « الدرع الصاروخي » الأمريكي المضاد للصواريخ.
   ويرى المحللون أن هيكل القوة النووية في أسيا سيشهد تغيرات هائلة خلال السنوات القادمة , مما سيؤثر على صيغة التوازن الاستراتيجي في قارة أسيا , ويأتي في مقدمة العناصر المؤثرة في ذلك اتجاه الصين على وجه التحديد لتعزيز قدراتها النووية لردع الولايات المتحدة من ناحية وتعزيز مكانتها الدولية من ناحية أخرى . وتبرز الآن مصلحة مشتركة روسية – صينية في مواجهة سياسة الهيمنة الأميركية . فروسيا تحتاج إلى مساندة الصين في موقفها ضد توسعات حلف شمال الأطلسي وسياسات الولايات المتحدة المتعنتة والمهيمنة على الحلف , ونظام الدفاع الصاروخي الأميركي , والصين تحتاج إلى تأييد لموقفها تجاه تايوان حيث تخشى الصين تطور العلاقات التايوانية الأميركية في إطار اتساع دائرة النفوذ الأميركية بعد انتهاء الحرب الباردة .
وأمام هذا الاتجاه العام للسياسة الأميركية نحو نشر نظام الدفاع الصاروخي, والزيادة الضخمة في انفاقها العسكري خلال السنوات الخمس القادمة ,حيث وصلت الميزانية إلى 380 مليار دولار في عام 2005 , ونظرة واشنطن إلى العالم كله باعتباره ساحة حرب محتملة ومسرحاً يجب أن تكون قادرة على التحرك فوقه , وتأكيد واشنطن بأن الفضاء سيحتل من الآن فصاعداً مكاناً بارزاً في التخطيط الاستراتيجي الأميركي , جاء الرد الروسي – الصيني على الهيمنة الأميركية بطريقتين , الأولى هي الاستمرار في تطوير قدراتهما العسكرية واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية خاصة في مجال الصواريخ بعيدة المدى , والطريق الثاني هو إبرام المعاهدة الروسية  –  الصينية لإقامة تحالف استراتيجي قادر على الوقوف بالمرصاد في وجه الهيمنة الأميركية على المسرح الدولي .
فهل سيشهد العالم حرباً باردة جديدة ؟
أظهرت أحداث الأعوام الأخيرة أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع بشكل انفرادي الهيمنة على العالم. ففشل الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط وعدم التمكن من معالجة وفرة من المشكلات في أفغانستان والعراق، ووصول السياسة الأمريكية المتوجهة لعزل إيران وسوريا إلى مأزق، وممارسة ضغط شديد على كوريا الشمالية وصلت إلى طريق مسدود، كل هذه العوامل اقتضت المجاهرة بالحالة التي أصبح عليها العالم في ظل السعي الأمريكي لإقامة امبراطورية عالمية جديدة.
وهذا ما جعل الرئيس الروسي بوتين في مؤتمر الأمن بميونيخ يجاهربرأيه، وهو الأمر الذي أمكن للكثيرين من قادة أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا أن يدلوا بتصريحات مماثلة، ولكنهم لم يصلوا إلى المدى الذي وصل إليه بوتين لأسباب متعددة، ولكن بوتين استطاع بصفته رئيسا لدولة وحيدة تملك القدرة العسكرية النووية الضرورية لمواجهة الولايات المتحدة إفهام الطبقة السياسية الأمريكية بأن هناك وجهة نظر مغايرة وعلى قادة الولايات المتحدة أن يأخذوا في الاعتبار الرأي البديل لكنه لم يدع إلى بدء حرب باردة جديدة، وإن ما قاله يعبر عن رؤيته للنظام العالمي القائم وأعمال الدولة التي تطمح للسيطرة على العالم.
وتحمّل روسيا أمريكا التصعيد الحالي بشأن الدرع المضاد للصواريخ .وهي  ترى أن واشنطن تعتمد على معايير مزدوجة في التعامل معها ،لاسيما في الاتفاقيات الموقعة بينهما، وتشدد على أن واشنطن هي التي تخرق هذه الاتفاقيات، ومثال على ذلك نيتها في نصب منظومات صواريخ في أوروبا الشرقية والتي تعتبر خرقا فاضحا لاتفاقية تقليص الأسلحة الموقعة بين البلدين والتي تهدد روسيا بالانسحاب منها لعدم مصادقة واشنطن عليها حتى الآن.
و تسخر روسيا من الذرائع الأمريكية المقدمة بشأن نصب صواريخها في تشيكيا وبولندا مؤكدة في الوقت نفسه أن لا إيران أو كوريا الشمالية لديهما من الصواريخ التي يمكنها الوصول الى المناطق الأمريكية، وان مواقع عناصر منظومة الدفاع المضاد للصواريخ لا يتطلب وجودها هناك، محذرة في الوقت نفسه من ان مثل هذا السباق في التسلح سيخلق حالة خطيرة في إشاعة عدم الاستقرار في العالم.

(المصدر: مجلة الوحدة الإسلامية الشهرية (بيروت)، العدد 64، أبريل /نيسان 2007)


المخدرات القطب الخفي في حروب إمبراطورية « الكاوبوي »

عبد الله الحسن ثمة قطب خفي في تسويغ حروب إمبراطورية « الكاوبوي » تقف على نفس المنصة أو المستوى من حيث الأهمية مع النفط، هي المخدرات، وتزيد عليه في الوظيفة القيمية والفلسفية السلبية المتمثلة في تدمير العامل الأساس في رزمة عوامل القوة والنهوض لدى الشعوب.
هذا القطب يدمر رأس المال البشري من خلال توفير المناخات المؤاتية ويترجم مقولات الفلسفات العدمية واقعا، تلك الفلسفات التي تحدثت عن « موت الإله »، كما هو حال فلسفة « نيتشه » ثم « موت الإنسان » كما هو الحال مع الفلسفة البنيوية، وما بعد البنيوية والتفكيكية، وتيار ما بعد الحداثة على العموم الذي يقوض كل المرجعيات الإنسانية الكبرى السماوية والوضعية، ويحول الإنسان إلى كائن هلامي متحلل من أي مرجعية أخلاقية أو فكرية، وبالتالي يصبح الإنسان ذئب الإنسان الآخر، كما يقول الفيلسوف توماس هوبز.
الإمبراطورية.. والمخدرات
في الوقت الذي تتعاطى فيه المجتمعات الإنسانية مع المخدرات كآفة وجائحة مدمرة للإنسان والمجتمع والصحة والقيم والاقتصاد الفردي والوطني، فإن الولايات المتحدة تنظر إلى المخدرات أو بالأحرى إلى تجارة المخدرات كغنيمة تدر أرباحاً وفيرة لا تدانيها أرباح أي سلعة أخرى حتى النفط. ولا يغرننا ما تبديه الولايات المتحدة من سلوك معاكس، وعزم على شن الحروب على زراعة وتجارة المخدرات، حتى إن تجارة المخدرات باتت عاملا مهما في رسم وتوجيه السياسة الداخلية والخارجية الأميركية.
ويذهب البعض في تشبيه علاقة الولايات المتحدة بتجارة المخدرات إلى استحضار العلاقة بين القرصان الأكبر والقراصنة الصغار، إذ يقوم الأول بالاستيلاء على أسلاب القراصنة الصغار، وتلك تقاليد متأصلة في السلوك الأميركي، فمورغان مثلا، وهو أحد أقطاب الرأسمالية الأميركية، هو رأس أو مؤسس أسرة اعتمدت ثروتها في الأصل على جد من كبار القراصنة خبأ كنزه في إحدى جزر البحر الكاريبي ثم ترك لأسرته خريطة تدل على موقعه. وعندما تمكن الورثة من فك الرموز أصبح الكنز في العصر الحديث، أهم أصول واحد من أكبر البنوك الأميركية.
هذه الحقائق جعلت الرئيس الأميركي في أوائل القرن العشرين، ثيودور روزفلت يطلق على هؤلاء البنائين الكبار وصف « البارونات اللصوص ». لكن ما يكسب هذه العلاقة مشروعية في الوقت الراهن، وفق المنظور الأميركي، هو التحول في اقتصاد العالم من اقتصاد العمل والإنتاج إلى اقتصاد الكازينو القائم على المضاربات المالية، بفعل السياسات النيوليبرالية، حيث تقدر الأموال الموظفة في مجال المضاربات بحسب بعض الإحصاءات بثلاثة تريليونات دولار، بينما المبالغ الموظفة في القطاع الإنتاجي بالكاد تصل إلى سدس هذا الرقم، أي نصف تريليون دولار.
علاوة على ذلك يمكن أن نضيف إنتاج وتعميم الفساد الذي من خلاله تقوم السلطة الإمبراطورية بنشر ستار من الدخان على العالم، يتيح ممارسة الحكم. ولا ننسى في هذا السياق خطة هنري كيسنجر المسماة (NSSM200) التي لخصها بالقول: « إن معدلات النمو السكاني في الدول النامية الغنية بالمصادر الخام الإستراتيجية، تشكل مبعث قلق للأمن القومي الأميركي، ويجب أن تحظى بالأولوية القصوى في اهتمامات الولايات المتحدة ». وقد ارتكزت هذه الخطة على تقرير عمل لجنة جون دي روكفلر الرئاسية حول « السكان والمستقبل الأميركي » عام 1972 التي دعت صراحة إلى تجميد تام للنمو السكاني في العالم، وهي عبارة تعني في الواقع برامج لإبادة جماعية منظمة، ولا شك أن المخدرات من أهم أدوات تلك الإبادة.
وقائع العلاقة
منذ أوائل الخمسينيات من القرن المنصرم كانت علاقة المخابرات المركزية الأميركية CIA بالمخدرات تمتد من تحالفات مع مهربين مجرمين للهيروين، إلى إجراء أبحاث على العناصر الكيمياوية المميتة أو المغيرة للعقل وتطبيقاتها. وقد أماطت اللثام عن ذلك عام 1988 الصحفية الأميركية إلين شانون من خلال مقابلات أجرتها مع عشرات من عملاء وكالة مكافحة المخدرات وثقتها في كتاب بعنوان « المتهورون »، أكدت فيه أن العملاء أبلغوها أن مهربي المخدرات من جنوبي شرق آسيا ووكالة الاستخبارات المركزية « حلفاء طبيعيون ». كما كتبت « إن عملاء مكافحة المخدرات الذين كانوا يقومون بالخدمة في جنوب شرق آسيا في أواخر السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين ذكروا أنهم اكتشفوا مرارا أنهم كانوا يقتفون أثر مهربي المخدرات الذين كانت أسماؤهم مدرجة ضمن كشوف رواتب CIA ».
وفي أثناء حرب أفغانستان ضد الوجود السوفياتي، والدعم الأميركي للمجاهدين، أبلغ عضو المجلس الإستراتيجي لإساءة استعمال المخدرات في البيت الأبيض ديفد موستو، الحكومة الأميركية بأن قرار تسليح المجاهدين سيكون له أثر عكسي. وقال « أخبرت المجلس أننا ندخل أفغانستان لدعم زراعة الأفيون، ألا ينبغي أن نتحاشى ما فعلناه في لاوس؟ ألا ينبغي أن نحاول دفع المال للزراع، إن هم قضوا على إنتاجهم من الأفيون؟ وكان السكوت هو الرد! ». من المعروف أن الإنتاج الأفغاني من الهيروين تضاعف ثلاث مرات في الفترة ما بين 1979 و1982 وبحلول عام 1981 كان منتجو الهيروين الأفغان قد استولوا على 60% من سوق الهيروين في غرب أوروبا والولايات المتحدة. تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة، وخلال عملية الإنزال الأميركي في جزيرة صقلية عام 1942، تعاونت مع عصابات المافيا على اختلاف أسرها في تنفيذ عملية الإنزال تلك، مقابل صفقة مقايضة جرت بين الطرفين تضمنت الآتي:
1- أن تحصل عصابات المافيا مقدماً على 25 مليون دولار 2- أن تكون للمافيا (حقوق حماية) بعد تحرير إيطاليا، لا تقتصر على مجرد التغاضي عن نشاط هذه العصابات في أميركا وحدها، وإنما تضمن فوق ذلك وزيادة عليه مشاركة فاعلة في النشاط الإيطالي. 3- أن تتشاور الجهات الأميركية المعنية مع زعماء عائلات المافيا في ترتيب « علاقة عمل » مع أجهزة الأمن الأميركية، تكفل كذلك تغطية نشاط عصاباتها في الولايات المتحدة ذاتها، بما في ذلك أن يكف مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) عن الوقيعة بين عائلاتها وتحريض بعضها على بعض وبموجب هذه الصفقة زودت عصابات المافيا الصقلية قوات الغزو الأميركي بخرائط وجداول المد والجزر ومواقع وأرصفة الموانئ والمعلومات الاستخبارية والطبوغرافية ذات الصلة بذلك. وقد بلغ عدد الملفات التي قدمتها المافيا خمسة آلاف ملف أرسلت نسخ منها إلى مخططي الغزو في واشنطن. وأثناء عملية الغزو قام أفراد المافيا بتأمين مدارج الهبوط للطائرات، كما قادوا قوات الغزو عبر الشعاب والممرات، وأرشدوهم إلى مواقع القوات الإيطالية. وقد تواصل هذا التعاون بعد ذلك، ففي عام 1948 كانت المافيا الصقلية قد أبدت في طموحاتها السياسية نزعة انفصالية، لكن CIA نصحت بالتخلي عن هذه النزعة، مقابل أن تتمتع المافيا بترخيص مستقل في عملياتها لكن تحت حكومة متفاهمة في روما. وشمل التحالف أيضاً مكافحة الشيوعية، وفي هذا الصدد يقول مايلز كوبلاند « إنه لولا المافيا لكان الشيوعيون يسيطرون الآن على إيطاليا، حيث كان للتنظيم الإجرامي دور في غاية الأهمية في قتل منظمي العمال وترهيب العملية السياسية ».
فضائح وأرقام
في ضوء ما تقدم لا نجد غرابة في أن يغض الرئيس السابق بيل كلينتون الطرف عن عملية تهريب كمية من مخدر الكوكايين، مصدرها كولومبيا، تبلغ قيمتها (750) مليون دولار، جرى تهريبها إلى ولاية أركنسو، حينما كان حاكماً لها. وهناك ما يشير إلى أن حملته الانتخابية حصلت في مقابل السكوت عن تلك العملية على ملايين عدة (غير محددة بالضبط) من الدولارات، وضعت تحت تصرف كلينتون نفسه.
ومعروف أن عائلة الرئيس جون كينيدي جمعت ثروتها الطائلة من عمليات المضاربة والتهريب، والتعامل خفية مع عصابات المافيا، واستدعاء ذكر عائلة كينيدي يعود إلى كونه المثل الذي احتذاه كلينتون.
تجدر الإشارة -وهنا المفارقة العجيبة في سلوك كلينتون- إلى أنه في الذكرى 50 لإنشاء CIA حين حدد الخطوط العريضة لرؤيته الخاصة بمستقبلها، وضع الأولوية الثالثة لرؤيته « حماية المواطنين الأميركيين من التهديدات الجديدة المتعدية للقومية مثل تجارة المخدرات والإرهابيين والمجرمين المنظمين وأسلحة الدمار الشامل ». وليس هذا فحسب، بل إن الإدارة الأميركية برمتها وكذلك القوة المصرفية المتنفذة في كبار بنوكها، متورطتان في الصفقات المالية الهائلة التي وصلت في الثمانينيات إلى تريليون ونصف تريليون دولار ناجمة عن تجارة المخدرات.
وقد أشار تقرير بثته شبكة ABC التلفزيونية الأميركية عام 1983 إلى أن أصابع الاتهام وجهت لأكثر من 250 مصرفاً أميركياً بالتورط في نشاط غسل أموال المخدرات. وقد برزت من بين هذه المصارف أسماء بنوك عملاقة، وطبقاً لشهادة كبير المحاسبين والمشرف على عمليات غسل الأموال لدى عصابة ميدلين للمخدرات المدعو رامون ميليان رودريغيز، أمام لجنة فرعية في الكونغرس عام 1988، فإن « البنوك الأميركية كانت على علم بمصدر الأموال وبحقيقة مع من كانت تتعامل ». وفي عام 2000 ارتفع حجم الصفقات المالية الناجمة عن تجارة المخدرات إلى ثلاثة تريليونات دولار.
حروب المخدرات
ما تقدم يفسر حرب احتلال أهم بلدين في زراعة وتجارة المخدرات، باناما عام 1989، وأفغانستان عام 2001، حيث جرى الاحتلال لخدمة بارونات المال من تجار المخدرات الأميركان.
فالجنرال إيمانويل نورييغا حاكم بنما السابق المتهم أميركياً بالاتجار في المخدرات الذي اعتقلته القوات الأميركية بهذه التهمة لدى احتلال باناما يوم 20-12-1989، وحكم عليه بالسجن لمدة 45 سنة، معروف بارتباطه بـCIA، حيث كان المسؤول عنه في إحدى الفترات جورج بوش الأب. ومما لا شك فيه أن احتلال باناما واعتقال نورييغا يعود إلى خروجه على تعاليم أسياده، ومحاولة إجراء صفقات لحسابه بلغت 45 ألف شحنة مخدرات.
وكان الصحفي الأميركي الشهير سيمور هيرش قد أماط اللثام عن قصة ارتباط نورييغا باتحاد المخدرات الكولومبية الذي دام 20 سنة، وقد نشر القصة في عدد نيويورك تايمز الصادر في 12-6-1986، بينما كان نورييغا في واشنطن لتسلم وسام الشرف من مجلس دفاع الدول الأميركية. الجدير بالذكر هو أن استخبارات الدفاع الأميركية جندت نورييغا للعمل معها 1959، بينما بدأ العمل مع CIA عام 1967. أما بالنسبة لأفغانستان فإن إحدى الشخصيات العربية القريبة من زعيم طالبان الملا محمد عمر تقول إنه لدى اتخاذ الملا قراره بمكافحة وتحريم زراعة الأفيون في آب عام 2000، أدركنا أن الحرب مع أميركا واقعة لا محالة.
وقال إنه نقل هذا التقدير للملا عمر، وقد أوضحت هذه الشخصية الأمر بالقول إن بارونات المال الأميركيين لن يقبلوا بفقدان هذه الموارد. لذلك ما إن سقطت أفغانستان تحت الاحتلال الأميركي حتى عادت زراعة وتجارة الأفيون إلى الازدهار، وتضاعفت عما كانت عليه قبله.
لحروب المخدرات الأميركية سابقة في التاريخ الاستعماري، فعلى سبيل المثال تسبب قرار الإمبراطور الصيني تاو كوانغ عام 1839 بإغلاق ميناء كانتون أمام سفن الأفيون البريطاني، في إشعال نار حرب الأفيون في الفترة ما بين 1839-1840، وكذلك عام 1856. وفي تلك الحملات الدموية أجبر البريطانيون الصين على فتح موانئها وأسواقها لتجارة الأفيون، وقد استمرت الحكومة البريطانية في إغراق الصين بالأفيون حتى العقدين الأولين من القرن العشرين.
لذلك جعل هوشي منه من معارضة الأفيون ملمحا أساسيا من ملامح حملته لتحرير فيتنام من الفرنسيين، حيث قال « إن الفرنسيين يفرضون الأفيون على الناس في فيتنام كوسيلة للضبط الاجتماعي » لأن « الشعب المخدر أقل احتمالا لأن يهب ويتحرر من الطاغية ». مما لا شك فيه أن حروب المخدرات هي الابن الشرعي للقانون الأميركي، قانون المصلحة الذي يقضي بأن كل ما هو نافع لأصحابه قانوني بالضرورة، وعليه تصبح القوة كاتب النصوص وفق تعبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، وبالتالي يصبح الواقع الذي تفرضه هذه القوة هو الحقيقة والحق في آن معا. __________________ كاتب سوري (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 5 أفريل 2007)


الحاجة إلى التحرر من ثقافة الفتنة

عبدالإله بلقزيز (*)

 

لم تشهد البلاد العربية كمّاً من النكبات والكوارث والنوائب في بحر أشهرٍ معدودة بحجم ما تشهده في المرحلة الراهنة. كانت كوارثها في ما مضى ناجمةً في الغالب عن حروب عدوانية تنزل على رؤوس أبنائها قتلاً وتشريداً ودماراً ومهانةً تعيد عقارب الحياة إلى الوراء، أو تحوّل ما بني إلى حطام، و – قطعاً – ترفع في الأنفس والمشاعر منسوب الغضب أو اليأس أو عدم الرضا عن الذات. أما اليوم، في هذه اللحظة، فتختلف طبيعة الكوارث ومصدرها: إنها تنجم – في المقام الأول – عن فعل عدوان ذاتي تقوم به البلاد العربية ضد نفسها ويقوم به أبناؤها ضد بعضهم في جولاتٍ متلاحقة من الفتنة والاقتتال الأهلي لا تكاد وقائعها تتوقف حتى تبدأ من جديد!

 

حروب العدو الخارجي قاسية من دون شك، ومدمّرة في المعظم منها، وهي قد تكلّف مجتمعاتنا – وقد كلّفتها فعلاً – أثماناً إنسانية باهظة وعودة اضطرارية إلى المربَّعات الأولى: في الاستقلال والسيادة، وفي الاقتصاد والمقدّرات، وفي التماسك الوطني والتوازن الاجتماعي. لكنها في الغالب – وعلى عظيم مفاعيلها السيئة وهولها – تتحول إلى مناسبة لإعادة شحن الهمم وصياغة روح التضامن وإطلاق الإرادة من قيود الصدمة ومقاومة روح الهزيمة. بل كثيراً ما كانت سبباً في توليد دينامية تغييرات عميقة في النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي أفضت إلى تحولات كبيرة على نحو ما شهدنا بعد حروب الأعوام 1947، 1967، 1982 وهزائمها. إنها غالباً ما قدمت نفسها في صورة ابتلاءات امتحنت مجتمعاتنا وثقافتنا وضمت فيهما إرادة التحدي والممانعة.

 

ليست هذه حال حروبنا الداخلية (العربية – العربية). فهي حروب من طينةٍ أخرى في الطبيعة والمعنى والنتائج. إنها أشبه ما تكون بالانتحار لشدّة ما ينتج عنها وهوله. وهي تذهل عن العدو الفعلي لتستعير عدواً وهمياً ليس شيئاً غير الذات نفسها. وهي تكلف المجتمع والشعب والأمة كثيراً من أمنه ورزقه وحياة أبنائه. وهي فعل يفرضه على الناس فرضاً جمع صغير من ذوي المصالح الخاصة الذين يأخذون المجموع الاجتماعي إلى حتفه على مذبح تلك المصالح.

 

هي، باختصار، الدينامية الأفعل لتفكيك المجتمعات وتفتيتها وإضعافها. ولقد جرّبت مجتمعاتنا أشكالاً مختلفةً من هذه الحروب الداخلية في العقود الأخيرة كالحروب الأهلية الطائفية بين المسلمين والمسيحيين (في لبنان والسودان، والحروب السياسية على السلطة بين الإسلاميين والعلمانيين (في الجزائر) أو بين شركاء السلطة أنفسهم (في اليمن، أو بين القبائل المتناحرة (في الصومال)…، وكانت أكلافها باهظةً على الأنفس والأبدان والمقدرات واستقرار الكيان. لكن أشدّ تلك الحروب خطورةً تلك التي تجري في العراق اليوم بين أهل السنّة والشيعة، أو تلك التي توقد لها المواقد في لبنان لا قدّر الله ويجري إنضاج شروطها في غير مكان! ذلك أن هذا النوع من الحروب والفتن هو أفتك ما يمكن أن يفتك بوحدة الجماعة الوطنية فيطيح بالكيان، فهو ينقل خنادق القتال والمتاريس من حدود الوطن، ومن حدود المدينة والبلدة والقرية إلى داخل الحارة، بل إلى داخل البيت الواحد، ليعمل تمزيقاً في النسيج الاجتماعي.

 

ويفاقم من مشكلة هذا النوع من الصراعات الأهلية المذهبية المدمّرة أنها تجد لتطرفها مخزوناً هائلاً من الحوافز الشعورية واللاشعورية المتولدة عن استبطان روايات (مكتوبة أو مسموعة) عن حوادث وأيام ثاوية في الذاكرة الجمعية تصبح – في لحظات الأزمة – قابلة للاستدعاء والتوظيف في الصراعات السياسية أو الاجتماعية. والمشكلة في هذا المخزون أنه لا ينضب لسبب بسيط ومعلوم، هو أنه يتجدد – مع كل جيل – بالتربية والتلقين من خلال مؤسسات التنشئة كافة: الأسرة، المدرسة، المسجد والحوزة، الصحافة والإعلام، النشاط الديني الدعوي عبر التأليف… الخ. والنتيجة أن الحاضر يجد نفسه محاصراً بمشكلات الماضي وأزماته ونوائبه يعيشها ويعيد إنتاجها والانخراط في صراعاتها وكأنها مشكلاته!

 

ومع أن ظاهرة الصراعات المذهبية ظاهرة سياسية في المقام الأول، وتعبّر عن حالٍ من الانسداد السياسي – أو من الانسداد في الحقل السياسي – في المجتمع الذي يعيش مثل هذه الظاهرة، ومع أن عوامل أخرى (خارجية) مثل السياسات والاستراتيجيات الدولية والإقليمية لها أدوار كبيرة في تغذية مثل تلك الصراعات، إلا أن الالتفاف إلى جوانبها الثقافية والتربوية والدّعوية لا يدع مجالاً أمام التردد فيه وذلك لاتصال هذا الاهتمام بالحاجة إلى تحرير السياسة من الموارد الرمزية التي تحول المنافسة المدنية إلى فتنة واقتتالٍ أهلي. وهذه مهمة ثقافية من أجل تحرير الوعي من قيود الذاكرة المثخنة بجراحات الماضي، وتصفية النفوس من نزعات الثأر والقصاص التي تعود الى القرون الوسطى.

 

(*) كاتب مغربي

 

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أفريل 2007)

 


« أكبر » أحزاب المغرب..لا يتعاطى السياسة!

أحمد حموش

 

مداغ (المغرب) –  « حقا.. إن أكبر أحزاب المغرب ليس حزبا سياسيا »، مقولة يتداولها كثير من المغاربة هذه الأيام  بعد أن تابعوا احتشاد ما يقرب من 100 ألف شخص من مريدي الطريقة « البودشيشية » هذا الأسبوع في مقر الزاوية بمدينة « مداغ » بإقليم بركان، شرق المغرب.

 

فقد غصت جنبات مقر الزاوية « البودشيشية » بمدينة « مداغ » القريبة من الحدود الجزائرية بعشرات الآلاف من المريدين، الذين جاءوا من مختلف بقاع العالم لحضور الاحتفالات العالمية التي أقامتها الزاوية مطلع الأسبوع الجاري بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.

 

وقدر أحد المشرفين على تنظيم اللقاء في تصريح خاص لإسلام أون لاين.نت عدد الحضور بحوالي 100 ألف « فقير »، وهو اللقب الذي يطلق رسميا على مريدي الطريقة. وأعرب عن سعادته بوجود هذا الحشد الكبير، معتبرا أن أكبر الأحزاب السياسية بالمغرب لا تقدر على أن « تأتي بمثله ».

 

واختتم الاحتفال بندوة صحفية، كانت هي الأولى من نوعها، وتحدث خلالها منير نجل شيخ الطريقة الذي يعيش بفرنسا عن أهمية التصوف والدور الذي يضطلع به في نشر الإسلام عبر مختلف القارات.

 

وحسب الإعلامي جمال الصنهاجي الذي حضر الحفل، فإن أغلب المنظمين هم من أعضاء الزاوية المنتشرين بأوروبا، وقد سيطرت اللغة الفرنسية على الأجواء.

 

وإلى جانب أتباع الزاوية من المغاربة، حج العشرات من العرب والمسلمين الأجانب من دول من بينها فرنسا وبلجيكا ومالي وإسبانيا والهند وباكستان والبحرين وقطر والإمارات وتايلاند وبريطانيا والولايات المتحدة، إلى المقر الرئيسي لحضور الحفل والتبرك بلقاء الشيخ « سيدي حمزة القادري البودشيشي » (85 عاما) كما يناديه أتباعه.               

 

قارات مختلفة

 

وقال لإسلام أون لاين.نت « جوزيف جرينيار » ،المهندس البلجيكي الذي تعرف على الطريقة منذ 20 عاما خلت وبسببها اعتنق الإسلام، إن: الطريقة البودشيشية استجابت للعطش الروحي الذي يفتقده الأوروبيون، الأمر الذي جعلها تنتشر في دول أوروبا بشكل متسارع ».

 

وأضاف المتحدث: « إن تأثير الطريقة على الإنسان يحدث فجأة، حيث تصيب القلب نفحات وجدانية خالصة تجعله ينعم بطمأنينة بالغة »، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن « الأمر لا علاقة له بالعقل، وإنما يرتبط ارتباطا مباشرا بشعور الإنسان ».

 

 أما الشاب « إبراهيم » من مالي فيشير إلى أنه كان مسلما محافظا على أداء صلواته قبل تعرفه على الزاوية « البودشيشية » التي بعثت فيه « الشعور بالأمان والقربى من الله ». ويلفت إلى أن الطريقة تشهد انتشارا بدولة مالي إلى جانب الزوايا والطرق الأخرى.

 

« جبيوم » – فرنسي من أصل مغربي- ويوضح من جانبه أن المنتمين إلى الزاوية باتوا ينظمون ملتقيات يحضرها الأجانب في فرنسا وباقي الدول الأوروبية، حيث يثير زهد « الفقراء » وطيبتهم وتلاحمهم ، بجانب تركيزهم على قيم التسامح والتعايش بعيدا عن الصراعات السياسية، الإعجاب في نفوس الأجانب خصوصا الذين يعانون من فراغ روحي.

 

الخليج أيضا

 

ولم يقتصر الأمر على حضور « الفقراء » من أوروبا وأمريكا وإفريقيا، بل تجاوزه إلى منطقة الخليج التي بدأت الزاوية البودشيشية تستقطب بعض المريدين منها بشكل لافت في الأعوام القليلة الماضية.

 

ومن الإمارات، حضر كل من « أبو محمد » مهندس بترول و »أبو فاضل » مهندس طيران – وكلاهما من الإمارات العربية المتحدة – إلى المقر الرئيس للزاوية، وقالا لإسلام أون لاين.نت  إنهما منتميان للزاوية « القادرية » منذ سنوات، ويحاولان إشاعتها وسط الشعب الإماراتي. وأكدا معا « أن ما يساعد الطريقة على الانتشار في الخليج هو ابتعادها عن السياسة وتركيزها على ما هو روحي إنساني.

 

ويلتزم « الفقراء » بتلاوة الأذكار الخاصة بالزاوية البودشيشية، وترديد الأدعية التي أنتجها شيوخ الزاوية، ويشاركون في جميع الاحتفالات التي تنظمها فروع الزاوية المنتشرة عبر العالم والتي تحتضن فرق المدائح الدينية والأهازيج الخاصة بالطريقة.

 

وتعتبر رؤية الشيخ « حمزة » أمنية الأماني بالنسبة للمريدين، الذين يضطرون للاصطفاف في طوابير طويلة وسط حراسة دقيقة من طرف أتباع الزاوية من اللجنة التنظيمية، للدخول عند الشيخ وفق طقوس مشددة. ويجلس شيخ الطريقة حمزة البودشيشي في صدر المجلس، وبجانبيه أولاده وأحفاده، في الوقت الذي يشرع فيه « الفقراء » في إنشاد المديح وترديد الأناشيد الخاصة بالزاوية.

 

في غضون ذلك، لفت الانتباه سقوط بعض المريدين من حين لآخر مغشيا عليهم ضمن ما يعرف بـ »الحال »، وهي الوضعية التي يعتبر فيها البودشيشيتيون أن « الفقير وصل فيها إلى درجة من الكشف ويصير غير عابئ بما يجري حوله »، ليشرع في الصراخ ثم السقوط بعد ذلك.

 

زاوية « فرانكفونية »!

 

وحرص ممثلو الزاوية في لقاءاتهم بالمريدين على نفي كافة تهم الدجل والشعوذة التي ترتبط في أذهان البعض بالزاوية.

 

وبدا الأعضاء والمشرفون أكثر انفتاحا على وسائل الإعلام التي بدأ عددها يتزايد في كل مناسبة لتغطية أنشطة الطريقة.

 

وكان لافتا أن تمتزج هالة التبجيل التي يحظى بها أبناء الشيخ الذين يحيط بهم المريدون أينما حلوا وارتحلوا، وبين انفتاح هؤلاء على الجميع وتحدثهم بالفرنسية في الغالب، إلى جانب تناولهم جميع المواضيع بروح مرحة.

 

ويقول الصنهاجي لإسلام أون لاين.نت إن: « الزاوية البودشيشية تحاول تبني خطاب مقبول من طرف فئات الشباب المتعلم المثقف الذي يصعب عليه أن ينتمي إلى زاوية بفكرها التقليدي ».

 

ويضيف: « الملاحظ أن أبناء الشيخ الآن وباقي الطبقة المثقفة في الزاوية يتحدثون فقط عن إصلاح القلوب وتبني فكر التسامح والتعايش، وسط غياب تام للإيديولوجيا التي انبنت عليها الزاوية من تقديس للشيخ ذي البركات الجمة والاستغاثة به وتبني ممثلي الزاوية للأفكار التي تتحدث عن « المشاهدة » والأقطاب والأغواث وغيرها من الأشياء التي تجلب انتقادات واسعة ».

 

ويرى بدوره الباحث في العلوم الاجتماعية العمراوي نبيل أنه « باستثناء مظاهر تبجيل الشيخ في مثل هذه المناسبات الدينية، إلى جانب أبنائه، لم تعد الزاوية قادرة على تسويق معتقداتها ورؤيتها التي تأسست عليها، حيث إن المقارنة بين طقوس الزاوية وطبيعة تفكير أعضائها قبل عقود وبين الوضع حاليا تبرز الفرق ».

 

العلاقة مع الدولة

 

ويؤكد « منير القادري بودشيش » لإسلام أون لاين.نت إن « الطريقة لا علاقة لها بالسياسة وبالأوضاع الحالية في البلاد »، مشيرا إلى أن « كل ما تركز عليه الطريقة هو « القلب وكيفية جعله في أفضل أحواله من خلال تلاوة الأذكار والأمداح والسماع ».

 

ويرفض نجل شيخ الطريقة ما تردده من وقت لآخر وسائل الإعلام من أن الدولة شرعت خلال الآونة الأخيرة في دعم الطرق الصوفية، سعيا منها لضرب تنظيمات « الإسلام الحركي »، وتابع قائلا: « نحن لا نتدخل في معطيات السياسة المتقبلة، وكل جهدنا موجه لإصلاح الباطن الإنساني ».

 

لكن وبموازاة مع نبذ السياسة، يصر مثقفو الزاوية على التأكيد أن طريقتهم ليست طريقة انعزالية، ويدلل بعضهم على أنها « منخرطة في تنمية المجتمع من خلال أعضائها المنتشرين في أهم المناصب بالبلاد ».

 

ويشغل « حميدة القادري البودشيشي » النجل البكر لشيخ الطريقة حمزة البودشيشي منصب محافظ إقليم بركان الذي يضم مقر الزاوية. ويقدر بعض رجالات الزاوية عدد أتباعها في المغرب بمئات الآلاف، وهو ما يجعل منها أكبر « حزب غير سياسي » في البلاد.

 

ويمتد المقر الرئيسي للزاوية بمدينة مداغ على مساحة واسعة تضم إلى جانب سكنى الشيخ وأولاده، مسجدين وقاعات واسعة تخصص لاستقبال المريدين في المناسبات الدينية المختلفة، بالإضافة إلى شقق للنوم ومقرات للطبخ وسكن المريدين. وتستقبل أضرحة شيوخ الزاوية آلاف الزوار من المغاربة والأجانب المنتمين للطريقة.

 

وشرع مسئولو الطريقة في تنفيذ برنامج شامل لتوسعة مقر الزاوية، حيث من المنتظر أن يضم أراضي جديدة سيبنى بها مسجد جديد ومقرات للسكن واستقبال « الفقراء ». وتنتشر مقرات الزاوية بمختلف ربوع البلاد وكذلك بأوروبا وأمريكا والخليج وبعض دول آسيا.

 

(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 4 أفريل 2007)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

22 juin 2007

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 8 ème année, N° 2586 du 22.06.2007  archives : www.tunisnews.net     SOS Tunesien: PRESSEERKLÄRUNG Editorial

En savoir plus +

2 juillet 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année, N° 3692 du 02.07.2010  archives : www.tunisnews.net  Mondher Sfar: Campagne internationale contre la

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.