الجمعة، 11 يونيو 2010

Home – Accueil

TUNISNEWS

 10ème année, N°3671 du11.06.2010

 archives :www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادقشورو

ولضحايا قانون الإرهاب


حــرية و إنـصاف:الجديد في مسلسل اضطهاد الأستاذ عبد الرؤوف العيادي

كلمة:الاستهداف الأمني للأستاذ العيادي يطال حملته الانتخابية

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

كلمة:مراقبة لصيقة لرئيس منظمة حرية وإنصاف وأعضاء مكتبها التنفيذي

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع قليبية قربة:الرابطة، لو يعلمون، ليست  » مقَرًّا « 

العرب:تونس: المعارضة تطلق تحالفاً يطالب بالإصلاح السياسي

أ ف ب:احزاب تونسية معارضة مرخص لها تشكل تحالفا سياسيا جديدا

كلمة: أحمد إبراهيم في الندوة الصحفية ليوم 10 جوان 2010

حبيب مقدم: رسالة:اسمعوا واعوا يا طغاة بلدي تونس

المرصد التونسي :جامعة المهن  والخدمات تعقد ندوة صحفية  وكاتبها العام يهدد بالدخول في اضراب  جوع  يوم 15 جوان 2010

عادل القادري:في منتدى التقدم ـ  حرية التعبير والإعلام الجديد : الرهانات والمعايير

طلبة تونس:أخبار الجامعة

خميس الخياطي:الثقافة… مصيبة لذيذة ـ4ـ

سلوى الشرفي:قراصنة الأرض وقراصنة الغذاء

الحوار نت:عيّنة من مراجعات حركة النهضة

الشيخ الهادي بريك:في الذكرى التاسعة والعشرين للإعلان عن حركة النهضة التونسية.حركة النهضة بين الأمس واليوم.

د.خــالد الطـراولي:نحن وأردوغان والمهدي المنتظر

ابن انس التونسي :قراءة في حادثة سفينة مرمرة 1: الموقف الحقيقي لرئيس الوزراء التركي اردوغان

الامجد الباجي:جنون اسرائيل

القدس العربي:أردوغان: لا سلام في المنطقة وغزة تحت الحصار

عبد الستار قاسم:مهلا على تركيا

د. بشير موسى نافع:الارتباك الإسرائيلي يؤشر إلى بداية تحولات أساسية

المركز الفلسطيني:مصر تمنع وفداً فلسطينياً بارزاً من زيارة سويسرا


 Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري

حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

أفريل 2010

https://www.tunisnews.net/23Mai10a.htm


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 27 جمادى الثانية 1431 الموافق ل 10 جوان 2010

الجديد في مسلسل اضطهاد الأستاذ عبد الرؤوف العيادي


أعوان البوليس السياسي يضغطون على صاحب المطبعة التي يتعامل معها لتعطيل حملته الانتخابية
في إطار الحملة الانتخابية التي يقوم بها الأستاذ عبد الرؤوف العيادي المترشح لعضوية مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، تنقل الأساتذة محمد عبو ونجاة العبيدي ووئام الدبوسي يوم الأربعاء 09 جوان 2010 إلى مطبعة بالقرب من محكمة تونس 2 بسيدي حسين السيجومي بالعاصمة للاتفاق مع صاحبها على طباعة مستلزمات الحملة الانتخابية للأستاذ العيادي. وبعد انصراف الأساتذة من المطبعة اتصل بهم صاحبها يطلب من الأستاذ محمد عبو الحضور لاسترجاع ثمن الطباعة بسبب الضغوط الشديدة والتهديدات الخطيرة التي يتعرض لها من قبل أعوان البوليس السياسي. وحرية وإنصاف: 1)   تستنكر بشدة لجوء البوليس السياسي إلى هذه الأساليب الملتوية والتهديد المستمر والخرق الفاضح لكل القوانين والاضطهاد المتواصل للأستاذ عبد الرؤوف العيادي الحد الذي وصل إلى حرمانه من حقه المشروع في الترشح وخوض الحملة الانتخابية كباقي المترشحين. 2)   تدعو السلطة إلى وضع حد لمثل هذه الممارسات التي لا تزيد الوضع الحقوقي والسياسي إلا قتامة وانسدادا وتطالب بفسح المجال لكل المترشحين لخوض حملتهم الانتخابية وفق ما يضمنه القانون والدستور.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

الاستهداف الأمني للأستاذ العيادي يطال حملته الانتخابية


حرر من قبل التحرير في الخميس, 10. جوان 2010 في إطار الحملة الانتخابية للأستاذ عبد الرؤوف العيادي المرشح لعضوية الهيأة الوطنية للمحامين توجه يوم الإربعاء 9 جوان 2010 على الساعة الثانية ظهرا الأساتذة محمد عبو ووئام الدبوسي ونجاة العبيدي لمطبعة توجد قبالة المحكمة الابتدائية تونس 2 بالسجومي واتفقوا مع صاحبها على طباعة الملصقات الدعائية لحملة الأستاذ العيادي وسلموه مبلغ مالي تسبقة حتى إنجاز المهمة، إلا أن صاحب المطبعة اتصل بهم عصر نفس اليوم ليعلمهم أنه لايستطيع طباعة الملصقات لهم وطلب منهم استلام التسبقة المالية التي دفعوها، مفيدا بأنه تعرض إلى مضايقات من قبل عناصر البوليس السياسي الذين حلوا على عين المكان مباشرة بعد مغادرة الأساتذة الناشطين في حملة الأستاذ العيادي. يشار إلى أن الأستاذ عبد الرؤوف العيادي يتعرض إلى حملة استهداف متواصلة من قبل عناصر البوليس السياسي، كان آخرها استهدافه بتوضيف جبائي والقيام بإجراءات عقلة على منزله لاستخلاص المبلغ المسلط عليه.  وكذلك دفع صاحبة المكتب الذي أجره الأستاذ العيادي رفقة بعض من زملائه لرفع قضية ضده تطالبه بالخروج من محلها لانتفاء الصفة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 10 جوان 2010)


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني:liberte.equite@gmail.com تونس في 27 جمادى الثانية 1431 الموافق ل 10 جوان 2010

أخبار الحريات في تونس

 


1)   البوليس السياسي يمنع الشاب عادل نصر الله من الزواج ويهدده بالسجن في صورة عصيان التعليمات: اعتقل أعوان البوليس السياسي ببنزرت صباح اليوم الخميس 10 جوان 2010 الشاب عادل نصر الله (35 عاما، أصيل منطقة لواتة) ولم يطلقوا سراحه إلا في ساعة متأخرة من مساء اليوم، بعد أن هددوه بإدخاله السجن في صورة تمسكه بالزواج من خطيبته التي اختارها والذي حدد موعد زفافه ليوم الجمعة 11 جوان 2010. وحرية وإنصاف تدين هذا التدخل السافر والمخالف للقانون من قبل أعوان البوليس السياسي في الحياة الشخصية للسيد عادل نصر الله وتطالب بوقف كل المضايقات التي يتعرض لها واحترام كرامة المواطن التونسي. 2)   استمرار المراقبة اللصيقة لرئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف: لليوم الرابع على التوالي يتعرض عدد من أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف للمراقبة اللصيقة، فبالإضافة للأستاذ محمد النوري رئيس المنظمة الذي يخضع باستمرار للمراقبة والمتابعة والمحاصرة سواء بمكتبه أو منزله أو عند تنقله، يتعرض منذ أربعة أيام كل من المهندس عبد الكريم الهاروني الكاتب العام لمنظمة حرية وإنصاف والمهندس حمزة حمزة والسيد محمد القلوي عضوي مكتبها التنفيذي إلى مراقبة لصيقة من قبل أعوان البوليس السياسي الذين يتبعونهم في كل تنقلاتهم على متن سيارات مدنية ودراجات نارية. وحرية وإنصاف تدين المضايقات المسلطة على أعضاء مكتبها التنفيذي وتطالب بوقف هذه الممارسات المخالفة للقانون التي تحد من حرية العمل الحقوقي وتدعو السلطة إلى فسح المجال أمام المدافعين عن حقوق الإنسان حتى يقوموا بواجبهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان والحد من التجاوزات والانتهاكات.  3)   حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.  عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


مراقبة لصيقة لرئيس منظمة حرية وإنصاف وأعضاء مكتبها التنفيذي


حرر من قبل التحرير في الخميس, 10. جوان 2010
يتعرض أعضاء من المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف لمراقبة لصيقة أيام متتالية، فحسب بيان للمنظمة فإن السادة عبد الكريم الهاروني الكاتب العام للمنظمة وحمزة حمزة ومحمد القلوي عضوي المكتب التنفيذي يتعرضون منذ أيام إلى مراقبة لصيقة من قبل أعوان البوليس السياسي الذين يتبعونهم في كل تنقلاتهم على متن سيارات مدنية ودراجات نارية. كما يعاني الأستاذ محمد النوري رئيس المنظمة من المراقبة والمتابعة والمحاصرة سواء بمكتبه أو منزله أو عند تنقله، وعلمنا من مصادرنا أن الأستاذ النوري يتعرض لاستهداف منظم طيلة المدة الزمنية الماضية وظفت فيها كل الأساليب الأجرامية من قبيل التخريب المتعمد لفرامل سيارته، وكذلك تسليط الجهاز القضائي والجبائي عليه بقصد التنكيل به. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 10 جوان 2010)  

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في السنة الثالثة والثلاثين من إنبعاثها القانوني فرع قليبية قربة في السنة الخامسة من حصاره البوليسي ، الظالم والإستبدادي

الرابطة، لو يعلمون، ليست  » مقَرًّا « 

 


نُفِخ في صورتهم، وربطوهم إليهم بحبال خفية قادرة على تحريكهم وتوجيههم، فملأتهم الظنون بأوهام فحسبوا أنفسهم، غلطا، أنهم قادرون على اتخاذ » المواقف » والإصداع بالآراء الجريئة، فجعلوا يدورون( والأصح يُدارون، ويُحرّكون) كالخذروف أو الدّوامة . هل يتحرّك الخذروف بنفسه ولنفسه، والخيطُ المشدود إليه لم يكن طرفُه الآخر إلاّ مشدودا في يد اللاعب، المُلاعِب، المُحرك؟. لم يروا الحبل؟ لم يحسوا به؟ وكيف كان لهم ذلك وقد نكّسوا رؤوسهم وأحبوا أعناقهم ترحيبا بذلك الحبل؟. ونحن لا نجيب، بل نذَكّر بقصة شعرية كتبها أحمد شوقي، وجعل أبطالها جملا وحمارا، كانا يعيشان في زريبة واحدة. كان الجملُ يُحَسّسُ الحمار بما فيه من ذل ومهانة واحتقارا، حتى أثّر فيه وأقنعه بالهروب من هذه الزريبة المشؤومة والإنطلاق نحو الحرية والتخلص من الذل والعبودية. ونفّذا الهروب، وبعدما سارا أشوطا طويلة وبعيدة توقف الحمار منزعجا وقال للجمل: » آه.. لقد نسيت مِقودي في الزريبة. وعليّ أن أعود إليه » وقفل راجعا إلى مقوده، والجملُ ينظر إليه ساخرا، يقول: » وُلدتَ حمارا عشت حمارا وستموت حمارا ». فهل ذنبنا أن يكون الحمارُ حمارا، وهل ذنبنا أن يقبل البعضُ أن يكون ألعوبة في يد الغير وأن يرفضوا الحرية والإستقلالية والسيادة؟. هذا هو جوهر القضية ولبّ الصراع بين من يرفضون أن تكون الرابطة حرة في قراراتها، ومستقلة عن السلطة وعن قوة المال وعن البوليس ، وهم بذلك يضربون بالقانون الأساسي للرابطة ونظامها الداخلي، عرض الحائط – وبين من كان نضالهم اليومي للتمسك بالرابطة حرة، ويعرفون، حق المعرفة، أنها لن تحقق أهدافها في الدفاع عن حقوق الإنسان إلاّ إذا كانت، فعلا، متمسكة باستقلالية مواقفها عن كل الأحزاب، سواء كان حزب السلطة أو حزب من يعارضها. وإن المحافظة على استقلالية الرابطة يمثل، في حد ذاته مصلحة للدولة، ومصلحة للأحزاب، على مختلف تياراتها وإيديولوجياتها، وهي في النهاية(كما في البدية) مصلحة للرابطة. في زمننا هذا ليس رابطيا من يعمل على ضرب استقلالية الرابطة، مهما كانت غاياته وأهدافه، وهو بالتالي يسيء إلى تونس، فهل يكون هذا المسيءُ وطنيا، وتُفتح له الأبواب والأبواقُ والعطايا وما يرافق ذلك من آيات الإعجاب الكاذب والترحاب المنافق، حتى يتهرّى وجهه فيستبدَل بغيره تنفيذا لمهامّ أخرى تناسب المرحلة الجديدة ، والتي لا تناسبها وجوه قديمة، صارت لكثرة استعمالاتها بالية ، لا تصلح إلا للمتاحف الطبيعية، جنب هياكل الدينصورات. إن أي حزب يريد الإستحواذ على الرابطة لن يصل إلى مبتغاه لأن الرابطة ليست مقرا بل هي جيش من الرابطين، ولو أن أيا كان قد حدثته نفسه بالتسامح في ضرب استقلالية الرابطة فلن يجد الترحاب من الرابطيين، وإنما سيجابه بالرفض القاطع له ولأمثاله من العاملين على احتواء رابطتنا وسلب حريتها واستقلاليتها. وإن من يحلم بافتكاك الرابطة من قواعدها الصامدة، ما عليه إلا أن يستفيق من حلمه ويسير في طريقه، يبحث عن مقوده الذي نسيه ، لحظةَ نزوة طائشة، وعليه أن يسأل السيد  » الضاوي حنابلية » عن مصير جمعيته الإنسانية التي كونها له أسياده، ليقتل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، لكن مات ذلك المكون، رحمه الله والعباد والبلاد، وبقيت الرابطة حية، مناضلة، صامدة، حتى ولو حوصرت، حتى ولو انتزعت منها مقراتها. فهل وجد أعداء الربطة قيودهم؟ ليعودوا إلى مَربطهم. وهل يعرفون شعرا يقول: » كناطح صخرة ليوهنها، فأوهن قرنَه الوعلُ »؟ قليبية في 10 جوان 2010 : رئيس الفرع عبد القادر الدردوري


تونس: المعارضة تطلق تحالفاً يطالب بالإصلاح السياسي


2010-06-11 تونس – REUTERS  أطلقت ثلاثة أحزاب معارضة في تونس ومستقلون أمس تحالفا سياسيا للمطالبة بالإصلاح السياسي في البلاد والانتقال بالمعارضة من التشتت إلى جبهة منافسة جدية. وضم التحالف السياسي الذي أطلق عليه اسم « المواطنة والمساواة » حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وحركة التجديد، وحزب العمل الديمقراطي، ومستقلين. وقال مصطفى بن جفعر الأمين العام للتكتل من أجل العمل والحريات في مؤتمر صحافي « هذا التحالف السياسي هو إجابة عن حاجة البلاد للإصلاح ولوجود معارضة جدية تكون قادرة على رفع التحديات والمطالبة بالإصلاحات وتحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود ». وأضاف أن السلطة مسؤولة عن تدهور الحريات، لكن للمعارضة مسؤولية لكي تكون فاعلة ومؤثرة وتنتزع الحقوق والحريات وتوقف هيمنة الحزب الحاكم. ويسيطر الحزب الحاكم الذي يضم أكثر من مليوني منتسب على المشهد السياسي في البلاد، حيث يشغل أكثر من %75 من مقاعد البرلمان ويسيطر على كل المجالس البلدية تقريبا. وفي تونس تسعة أحزاب سياسية معترف بها. وقال أحمد إبراهيم، الأمين العام لحركة التجديد، إن كل مكونات التحالف مقرة العزم على تجاوز وضع الضعف والشتات الذي تتخبط فيه المعارضة. ولم تحصل أحزاب المعارضة في الانتخابات البلدية التي جرت هذا العام سوى على 8% من المقاعد، بينما اكتسح التجمع الدستوري الديمقراطي أغلب المقاعد. وينظر إلى المعارضة في تونس على أنها تضم أحزابا راديكالية في قطيعة كاملة مع السلطات وأخرى مقربة من السلطات وتوصف بأنها موالية للسلطة. لكن عبدالرزاق الهمامي الأمين العام لحزب العمل الديمقراطي المنضوي في تحالف « المواطنة والمساواة » قال إن « تونس ليست في حاجة لأصوات تزكي وتهلل بل في حاجة لأصوات تنقد وتقترح ». ولم يضم هذا التحالف الحزب الديمقراطي التقدمي أحد أبرز أحزاب المعارضة في البلاد. وفسر أحمد إبراهيم ذلك بأن التحالف ليس تجميعا للالاءات ليؤكد بذلك الاختلافات القائمة مع الديمقراطي التقدمي. ودعا فتحي التوزري -وهو معارض مستقل- إلى اقتناص فرصة إطلاق هذا التحالف والاعتماد عليه للخروج من حالة الإحباط والتشتت السياسي. وقال « إنه فرصة ثمينة وجدية، وهو دعوة للتونسيين خصوصا الشبان منهم لاعتماد الحوار في مجتمع يفتقد للحوار ونبذ الإقصاء في مجتمع يعتمد الإقصاء ». (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 11 جوان 2010)


احزاب تونسية معارضة مرخص لها تشكل تحالفا سياسيا جديدا


(AFP) – منذ 16 ساعة/ساعات تونس (ا ف ب) – اعلن قادة احزاب تونسية معارضة مرخص لها الخميس تشكيل تحالف سياسي جديد يهدف الى القيام بعمل سياسي « مثمر »، منددين بمناخ « الانغلاق الكبير » السائد في الحياة السياسية في البلاد. وقال مصطفى بن جعفر الامين العام للتكتل الديموقراطي من اجل العمل والحريات انه « بعد سلسلة اجتماعات نعلن تشكيل تحالف سياسي باسم « +تحالف المواطنة والمساواة+ ». واضافة الى التكتل الديموقراطي يضم هذا التحالف حركة التجديد وحزب العمل الوطني الديموقراطي وتيار الاصلاح والتنمية وناشطين مستقلين. وبحسب اعلان تأسيس هذا التحالف فان « الاطراف السياسية ترى ان القواسم المشتركة التي تجمعها تشكل منطلقا لعمل سياسي مثمر يلبي حاجة البلاد للاصلاح ويستجيب لانتظارات المواطنين ويمكن المعارضة الديموقراطية من تجاوز تشتتها ومن التطور والنجاعة ». وندد الاعلان ب »الانغلاق الكبير » الذي تعاني منه تونس على الصعيد السياسي. وقال « تعيش تونس وضعا سياسيا يتسم بانغلاق كبير يكبل طاقات البلاد ويحد من قدراتها على مواجهة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة، والتي طالت الاجراء وضعاف الحال ولم تستثن مناخ الاعمال والمستثمرين ». واضاف « تأتي في مقدمة هذه العقبات سيطرة السلطة على المجتمع وهيمنة الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديموقراطي) على الحياة السياسية، فيما تبقى المعارضة محدودة القدرات جراء محاصرتها والتضييق على انشطتها، وتبقى مشاركة المواطنين في الشأن العام ضئيلة ». واعتبر بن جعفر ان « البلاد بحاجة الى معارضة جدية ومستقلة قادرة على مواجهات شتى التحديات المقبلة ولا سيما اشكالية تداول السلطة في استحقاق الانتخابات الرئاسية في 2014 ». اما رئيس حركة التجديد احمد ابراهيم فاعتبر ان التحدي الابرز يكمن في « اخراج المواطن التونسي من حال الاستقالة من الحياة السياسية ». واضاف ان « هذا التحالف يبقى مفتوحا ويمكن ان يتسع ليضم كل الكفاءات الوطنية والحيثيات الثقافية والسياسية التي تتقاسم المبادئ والاهداف نفسها »، مستبعدا في الوقت نفسه الاحزاب التي ترفع لواء الدين. وقال « لا لتسخير الدين اداة في النزاعات السياسية ».
 
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 10جوان 2008)  


كلمة أحمد إبراهيم في الندوة الصحفية ليوم 10 جوان 2010


أيتها السيّدات، أيها السادة فعلا، وكما أوضح منذ حين صديقي الدكتور مصطفى، هذا التحالف هو تعبيرة سياسية مهيكلة عن التقاء تمّ في بدايته على أرض الميدان، ميدان المعركة الانتخابية ثم توطد فيما بعد أثناء المشاورات والنقاشات التي أفضت إلى مشروع الأرضية الذي بين أيديكم. وهو مشروع يُجسّد التقاءنا حول نقاط خمس هي: 1- تشخيصنا المشترك للأوضاع 2- اتفاقنا على سبل معالجة تلك الأوضاع أي على الأهداف الأساسية 3- التقاؤنا في التوجه والقيم 4- تقاسمنا نفس التمشي ونفس مبادئ التعامل 5- إرادتنا المشتركة في النضال وعزمنا المشترك على الانفتاح والحوار أولا: فيما يتعلق بتشخيص الأوضاع، ثمة بين الأطراف المعنية إجماع على ما يمثله التمادي في الانغلاق وهيمنة طرف واحد على الدولة وعلى المجتمع من مخاطر على البلاد وحظوظ تطورها، حيث يكبّل طاقاتها ويحد من قدراتها ويحول دون مشاركة المواطنين والمواطنات في الشأن العام. إن استمرار تعطل مسار الإصلاح السياسي أمر يبعث على عميق الانشغال، خاصة في الفترة الدقيقة الراهنة وما تتسم به من تعقيدات متعلقة بمسألة التداول على السلطة في الاستحقاق الرئاسي لسنة 2014 وما يحيط بها من تساؤلات وما تتطلبه من حلول ومعالجات لا يجوز أن تبقى حكرا على السلطة وحدها في معزل عن الشعب وقواه الحية بجميع أطيافها. ثانيا: تُجمع الأطراف المنخرطة في هذا التحالف على سبل تغيير هذا الوضع، أي حول أهداف أساسية تجدونها مفصّلة في الوثيقة، وفي مقدمتها الضرورة الحيوية للإصلاح السياسي بوصفه المدخل الرئيسي لحل مختلف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهو إصلاح يجب أن يتم على أساس الاحترام الفعلي لمبادئ النظام الجمهوري الديمقراطي المعروفة والمنصوص على أهمها أيضا في الوثيقة. لذلك وضعنا نصب أعيننا أفق الاستحقاق الانتخابي لسنة 2014، ونحن مقرون العزم على العمل على تجاوز وضع الضعف والتشتت الذي عليه المعارضة الديمقراطية وعلى تعزيز وتوسيع الحراك الديمقراطي حتى يزن بكامل ثقله لخلق الظروف الملائمة لقيام حوار وطني حرّ ومسؤول ولإقرار الإصلاحات الضرورية في الممارسة وفي القوانين، ومن ضمنها المنظومة الانتخابية، حتى يكون ذلك الاستحقاق فرصة لإحداث منعرج نوعي بالبلاد على كافة الأصعدة وخاصّة على صعيد الانتقال الديمقراطي. ثالثا: إضافة إلى الالتقاء في التحليل والأهداف هنالك بين الأطراف المتحالفة التقاء حول توجّه مشترك وقيم مشتركة – توجّه ديمقراطي يعتمد المواطنة أساسا للانتماء للوطن ويرفض توظيف الدّين في الصرع السياسي. – توجّه وطني متعلق بهويتها الوطنية المشتركة التي يجب استبعادها من دائرة المزايدات السياسية، ومتعلق باستقلالية قرار بلادنا وبسيادة الوطن المبنيّة على سيادة الشعب. – توجّه تقدمي يعتبر نفسه امتدادا لكل ما هو إيجابي وعقلاني ومستنير في تاريخنا ويعي بضرورة حماية المكاسب التقدمية وتطويرها خاصة في مجال المساواة الكاملة بين المواطنين وبين النساء والرجال طبقا للمواثيق الدويلة والمبادئ التحررية الكونية. – توجّه حريص على تكريس العدالة الاجتماعية بما تعنيه من تكافؤ الفرص وتحقيق التوازن بين جهات البلاد وتكريس الحق في الشغل ومقومات العيش الكريم للجميع. رابعا: ثمة توافق حول التمشي المعتمد وطريقة التعاطي مع العمل السياسي بوصفه « فن الممكن »، مما يعني توخي الواقعية والمرونة ورفض المزايدات والابتعاد عن التشنّج، وتجاوز النقد إلى تقديم مقترحات الحلول البناءة…اي أن هذا التحالف يريد أن يكون معارضة جديّة حريصة على استقلالية قرارها وفي نفس الوقت حريصة على ثقافة الاحترام المتبادل والحوار بين كل الأطراف بمن فيها السلطة، كما يستند في تعامل مكوناته بعضها مع بعض إلى عزم دائم على تغليب ما يوحد بينها دون طمس التنوع والاختلاف والى الالتزام بأخلاقيات عالية تضمن للتجربة الاستمرار والتراكم والنجاعة. خامسا وأخيرا، تجمعنا إرادة نضالية قوية وعزم مشترك على الانفتاح على كل الاجتهادات لذلك خيّرنا عدم تقديم أرضية مكتملة ونهائية باعتبار تأسيس هذا التحالف مسارا مفتوحا لكل الكفاءات الوطنية والحساسيات الفكرية والسياسية المستعدة للمساهمة في بناء وحدة الحركة الديمقراطية على أساس المشترك في المبادئ والأهداف والتمشي، وقد ضبطنا روزنامة للقاءات بمختلف الجهات لدفع الحوار حول هذا المشروع الواعد. واعتبارا لكل هذه النقاط المشتركة استقرّ الرأي على تسمية هذا التحالف بـ « تحالف المواطنة والمساواة » وهي تسمية تلخّص أهدافنا الديمقراطية على الصعيدين السياسي والاجتماعي، وأريد أن أؤكد في ختام هذا التدخّل أننا متفائلون، علما بأن هذا التحالف وبرنامجه ليس موجّها ضد أحد بل هو موجّه إيجابيا لخدمة شعبنا ووطننا والسلام.


بسم الله الرحمان الرحيم السلام والرحمة على من اتبع الهدى 

رسالة:اسمعوا واعوا يا طغاة بلدي تونس


من هنا أوجه رسالة الى أولئك الذين لا يتشرف تراب تونس أن يكونو عليه.ذاك التراب المقدس بدماء وألام أبنائه الأحرار الذين قضو ويقضون السنين الطوال في سجونهم ظلما وعدوانا .نعم أوجه رسالتي الى أولئك الذين يحكمون بلدي والذي تارخيه سوف يحاكمهم بميزان العدالة الالهية . الى أولئك الذين تفننوا في تهجير الأحرار من أبناء بلدي ليتفردوا بشعبنا الذي مازالت روائح جروح الاستعمار تملؤ سمائه. تقبلوها مني يا طغاة بلادي ويا جبابرته وفراعنته تقبلوها مني ياحكومة بلدي تونس يا من لم أجد لك وصفا في قاموسي مدرستي الا « الغدة السراطنية » نعم أنت يا حكومة بلدي أنت « غدة سراطنية » في جسدي بلدي يجب وحتما ستندحري نحو الزوال من فوق صدر بلدي … وفي رسالتي لكم نقاط …. الأولى :الى أولئك الذين هجروني من موطني وحرموني منه كما فعلوا مع كثير من أحرار بلدي .اليكم أنتم يامن تهددوني بطغيانكم ولا تتوانون في ارسال رسائل الابتزاز لي… ها قد جائكم جوابي فافهموه جيدا وبعد ذالك حاولوا استعابه لأنكم لن تجدوا عندي غير هذا الجواب … ان كنتم تبتزونني « بانتهاء جواز سفري » وتهددونني بعودتي الى بلدي في تونس فتيقنوا بأني سأعود الى بلدي وأنتم حاكمون .وأقسم بالله أني لن أتوان لحظة عندما يحين يوم عودتي والذي أنا متيقنا بقربه والذي قراره بيد من سيزيلكم بنصره .وثقوا أن يوم رجوعي الى تونس سيدق فيه أول مسمار في نعش طغيانكم وجبروتكم الظالم وسيكون فيه أول خطوة لي نحو مطلبي الذي ستنهار أمامه كل حساباتكم.وقولي هذا ليس كلام سطرته « حماسة زائدة » كما يحلوا « للجبناء » تسميته وانما هو كلام نابع من وجدان تغذى وقلب تربى  في مدرسة لم تختبروها بعد ولن تدركوا فلسفتها الايمانية  … ثانيا:ثقوا وتأكدوا حتى تنمحي كل احتمالاتكم  أنه كلما ازداد مكركم  بي حتى حرمتموني من أبسط حقوقي وهجرتموني من بلد الى بلد  محاولين من ذالك ارضاخي لكم وثنيي على المطالبة بحقوقي  وقول الحق الذي يكشف زيفكم ويزيل أقنعتكم التي تحاولون الظهور بها . فاسمعوا جيدا وعوا ما سأقله لكم … والله…والله …والله … كلما ازددتم في ظلمكم وطغيانكم كلما ازددت اصرارا ويقينا بضعفكم وجبنكم وزوالكم….وكلما اشتد مكركم بي كلما ازددت ايمانا وثباتا وثقة بعدل الله الذي لا تمكنكم قيمكم الشيطانية من فهم معادلاته. ثالثا: وهنا كلامي أتوجه به الى أزلام « الأجهزة الأمنية  » من ضعاف النفوس وعباد المصالح الى أولئك الذين باعوا دينهم وآخرتهم  بارادة وعلم أو بدون ارادة وعن جهل منغرين ببعض شعارات الحق الذي يراد به الباطل انكم مهما حاولتم أن تكونوا مطعين مخلصين لكلاب حراسة النظام الحاكم في بلدي فلن ولن تخرجوا من كونكم أرذل البشر في نظر أسيادكم…. وكذالك أقول الى من سكن في أركان قلبه الخوف حتى تنازل عن موقعه وترك مسؤليته التي هو نفسه يدرك شدة العقاب على تركها في ذالك اليوم الذي لا تعادله ألاف السنين من العذاب في هذه الحياة .. أقول لكم لا تضعوا في متاهات ما تسمونه « بالوعي السياسي » الذي سيطر على حركتكم فركنتم الى ما تمليه عليكم أنفسكم التي سوف توصلكم الى خنادق مقابلة لما يمليه عليكم دينكم ومدرستكم  لا تضيعوا الوقت في ما تسمونه »ترتيب الأولويات » فالحق واضح لمن طلبه تجردوا من الحسابات والمصالح الأسرية المادية   الدنيوية فالنتيجة اذا ما صدقنا وأخلصنا لله  ستكون لصالكم مهما كان نوعها… ورابعا: أرسل لك يا حاكم ورئيس بلدي مايلي…. أني لن أنسى أبدا خطابك بعد الانتخابات الأخيرة والذي يحمل في طياته نفس الغطرسة والطغيان والتحدي لكل من أراد أن يطالب بحقوقه. والذي أردت من خلاله أن تقول »أننا مازلنا هنا قادرين على قمعكم وتشريدكم وثكل نسائكم وهتك أعراضكم كما تقتضيه مصالحنا الذاتية وبالطريقة التي تراها « أجهزتنا الأمنية » وان لم تعوا هذا فانظروا الى مسيرتنا فهي كافية لتدركوا ما ينتظر كل من يفكر أن أو ينوي معارضتنا » .. وهنا أقول لك أيها الطاغية المستكبر. ان بلدي أنجبت لك ولأمثالك جيلا غير ما اختبرته مما سبق من الأجيال وأنا فرد منهم. وأنت وأجهزتك الأمنية قد اختبرتم حتى أدركتم جيدا حقيقة هذا الجيل فوضعتم  له المناهج ونسجتم له الخطط لتحتووا شجاعته و تمرده على طغيانكم وظلمكم وتشوه صدقه واخلاصه الذي يهدد مصالحكم… يا حاكم بلادي …. ان حجم الغطرسة والطغيان الذي وصف به خطابك في ذاك اليوم كاشف بوضوح عورة ضعفكم وهشاشة تركيبة نظامكم الذي يحكمه مصالح كل واحد فيكم والتي تبذلون قصار جهدكم لتغطيتها عن الشعب سوف تكون سبب زوالك… وأخيرا :الى أولئك الذين يدعون انتسابهم الى مذهب « أهل البيت ع »في تونس ويسعون بعمالتهم لنظام الظلم والطغيان وما يدعونه من أقاويل باطلة  لتشويه هذا المذهب الذي قدم سادته وأئمته قرابين لله ضد الظلم والطغيان عبر التاريخ… أقول لهم ولكل العالم أن مذهب « أهل البيت ع » يتبرأ منهم وهو متعالي أن يكونوا من شيعته فهم صنيعة « الأجهزة الأمنية » في تونس لكي يكونوا أولا عناصر فتنة يستخدمهم هذا النظام متى تعرض كيانه الزائل للخطر وثانيا لتشويه أتباع ومعتنقي هذا المذهب الطاهر محاولين من ذالك عزلهم عن المشاركة في بناء والدفاع عن ديننا ومصالح شعبنا ووطننا تونس … وعلى رأس هؤلاء المدعين « سمير الميلادي » فمذهب « أهل البيت ع »وشيعة تونس تتبرأ منه ومما يدعيه من أقوال هو ومن مثله … وكي لا يمحى التاريخ نذكر أن هذا الشخص المذكور قد تسبب في سجن أفراد من شيعة تونس لسنوات طويلة من خلال ما لفقه لهم من تهم مدفوعا من قبل « أجهزة أمن الدولة التابعة لوزارة الداخلية »….. وختاما نرجوا ونتوسل التوفيق من المولى لما يحبه ويرضاه لنا ولدينه.
السيد حبيب مقدم 


جامعة المهن  والخدمات تعقد ندوة صحفية  وكاتبها العام يهدد بالدخول في اضراب  جوع  يوم 15 جوان 2010

 


عقدت جامعة المهن  والخدمات   في قاعة احمد التليلي  ببطحاء محمد علي ندوة  صحفية يوم امس الخميس 10 جوان 2010 نشطها الكاتب العام للجامعة منجي عبد الرحيم  وحضرها  ثلة من الصحفيين  ومجموعة من عاملات التنظيف  وياتي تنظيم هذه الندوة الصحفية تحضيرا  لتحرك 15 جوان 2010 الاحتفالي – الاحتجاجي . من ناحية اولى احتفالي لان  15 جوان  هو اليوم العلمي  للتضامن مع عمال  وعاملات الحراسة والتنظيف  والجامعة العامة  بدأت تحتفل بهذا اليوم بداية منذ  سنتين. من ناحية ثانية احتجاجي  لان الجامعة العامة  راسلت  كل الاطراف منذ 10 مارس 2010  بهدف عقد جلسة  بين الوزير الاول  والامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل  لايجاد حلول لمشاكل  هذا القطاع العالقة  والجامعة  واذا  لم يتم الاستجابة الى هذه المطالب فان عمال وعاملات التنظيف سيدخلون في اضراب عام في هذا التاريخ . كما تطرق الكاتب  العام للجامعة  الى عديد مشاكل هذا القطاع  منها  ضعف الاجور  حيث انها في اغلب الاحيان اقل من  ثلثي  الاجر الادنى المضمون  وكذلك غياب  التغطية الاجتماعية وعدم التمتع بالخدمات الصحية  وتاخر صرف الاجور  لدى بعض شركات المناولة  وكذلك المعاملة السيئة  من طرف الاعراف  وقد تصل الى حد المضايقات والتحرش الجنسي  والطرد التعسفي وتطرق ايضا الى  المساندة  التي تلقاها الجامعة من الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل  الذي لم يتوانى  عن تبني كل اضرابات   وتحركات القطاع. ان مشاكل هذا القطاع مزمنة  وهي مرتبطة بظاهرة التشغيل الهش  والسمسرة في اليد العاملة  واكد الكاتب العام للجامعة ان  عمال هذا القطاع   في معاناة كبيرة بل  في حيف كبير على حد تعبيره  وان مطلبهم الاساسي  هو تحسين ظروف العمل  خاصة من حيث الصحة والسلامة المهنية وتحسين  الاجور  وسحب التغطية الاجتماعية والصحية على الجميع وخاصة  تمكينهم من حق التقاعد  او منحة الكرامة على حد تعبير  الكاتب العام  للجامعة . وقد  عبر الكاتب العام للجامعة  في خاتمة الندوة الصحفية عن استعداد  عمال وعاملات القطاع للنضال من اجل حقوقهم كما انه  ومن منطلق مسؤوليته  وتضامنه مع هؤلاء  سيدخل يوم 15 جوان 2010 في اضراب جوع اذا لم يتم الاستجابة  الى مطالب الجامعة  وتعقد جلسة بين الامين العام  للاتحاد  والوزير الاول . نقابي – تونس مراسلة خاصة بالمرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux


في منتدى التقدم ـ  حرية التعبير والإعلام الجديد : الرهانات والمعايير


انتظم في إطار منتدى التقدم لحزب الوحدة الشعبية بإشراف الأمين العام للحزب السيد محمد بوشيحة لقاء فكري مع الدكتور عبد الكريم الحيزاوي تحت عنوان  » حرية التعبير والإعلام الجديد : الرهانات والمعايير » بمشاركة عدد من الصحفيين والمدوّنين التونسيين وذلك يوم 3 جوان 2010 بمقر جريدة الوحدة. وأشار السيد محمد بوشيحة في كلمته إلى أن وسائل الإعلام الجديد قد وفرت لحرية التعبير بالنسبة إلى الأفراد ومكونات المجتمع المدني مجالات أرحب وطرقا أسرع للنفاذ والانتشار والتأثير مما كانت عليه قبل عقدين من الزمن ولكن الثورة الاتصالية في ظل العولمة خلقت بالنسبة إلى الدول والمجتمعات إشكاليات سياسية واقتصادية وثقافية وقيمية معقدة في ظل تنامي الطلب على المعلومة وما يشهده عالم الاتصال من محاولات مختلفة للهيمنة والتوظيف والاختراق خصوصا وأن شبكة الانترنت والفضائيات قد كسرت الحدود بين البلدان متحدية المنطق التقليدي للدولة كمركز ضبط وتحكم وتوجيه. معتبرا أن الفيصل الأمثل عند حدوث مخالفات مثل حالات التشهير والثلب أو التكفير هو القضاء بأحكامه المعللة. فلئن كانت حرية التعبير حقا أساسيا لا جدال حوله ضمن منظومة حقوق الإنسان فإنها ليست في نظره حقا مطلقا بلا ضوابط قانونية تحمي الأشخاص مثلما تحمي المجموعة الوطنية من أي تجاوزات. و جدد الدعوة إلى مزيد تحرير قطاع الإعلام في تونس حتى يكون أكثر قدرة على المنافسة وتفعيل دور المجلس الأعلى للاتصال في مستوى تحديد المعايير واحترام أخلاقيات المهنة، منوها بالمبادرات العديدة لرئيس الجمهورية من أجل مواكبة تونس للتكنولوجيات الحديثة وتعميم الاستفادة منها وسدّ الفجوة الرقمية وحرصه المتجدد على تمكين الصحفي والمواطن التونسي عموما من الوصول إلى المعلومة دون محظورات اعتباطية. كما دعا إلى مراجعة الأساليب المتوخاة في مستوى التعامل مع مسألة أثارت الكثير من الجدل ولا سيما لدى الشباب التونسي وهي المتعلقة بحجب المواقع والمدونات باتجاه أكثر انفتاحا وشفافية وتحديدا للمسؤوليات المؤسساتية والتزاما بالقانون القابل للتطوير مع إمكانية الاستئناس بالمعايير الدولية الأكثر تقدما في هذا الميدان. مذكرا بأن اهتمام حزب الوحدة الشعبية بقضايا الإعلام وحرية الصحافة يشكل أحد أولوياته الدائمة كمدخل من مداخل الإصلاح السياسي وترسيخ المسار الديمقراطي في بلادنا. إثر ذلك تولى الدكتور عبد الكريم الحيزاوي (الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار) تقديم مداخلة انطلق فيها من  الاعتداء الإسرائيلي الأخير على أسطول الحرية لإبراز أهمية  دور الإعلام الجديد في هذه الأزمة، ملاحظا أن الصور التي تم نقلها في كبريات القنوات التلفزية المساهمة في صنع السياسات وتوجيه الرأي العام هي صور صادرة عن نشطاء من المجتمع المدني ولم تستطع الحكومة الإسرائيلية فرض الصور التي تعودت تسويقها لصالحها مما  جعل  الصحف ومواقع الواب العالمية وهي عادة ما تكون مساندة تماما للروايات الصهيونية تقرّ بأن إسرائيل خسرت في هذه العملية معركة الصورة، ليخلص من ذلك بالتذكير بقاعدة أساسية لا ينبغي في رأيه تناسيها وهي أن الإعلام إفراز للمجتمع المدني وليس في طبيعته امتدادا للسلطة مهما كانت، فالمواطن عموما يتحفظ من الإعلام الرسمي، معتبرا أن الإعلام المستقل وإعلام المواطنة le journalisme citoyen هو الذي سيحسم الموقف. ثم تطرق المحاضر إلى علاقة الدولة بالإعلام في تونس معتبرا أنها مليئة بالمفارقات. فالمفارقة الأولى في نظره أن حرية التعبير وحرية الصحافة في تونس هي الثمرة المفقودة للاستقلال مقابل المكاسب المتقدمة في مستوى التعليم وتحرير المرأة والتي أصبحت من الثوابت.  وذكر بأن أول النصوص السياسية الهامة التي بادرت بسنّها حكومة الاستقلال (الداخلي) أربعين يوما قبل الإعلان عن الاستقلال (التام) في 20 مارس هي مجلة الصحافة الصادرة في 9 فيفري 1956، وقد أقرّت الدولة الوطنية الفتية حين كان المجتمع في أغلبيته من الأميين هذا النص القانوني الذي ضمن حرية نشر الدوريات بدون سابق ترخيص وبدون إيداع ضمان مالي. كما ذكر بأن تونس كانت في نهاية الخمسينات وحتى بداية الستينات عاصمة إقليمية إعلامية، حيث كانت مقرا للحكومة المؤقتة الجزائرية والكثير من حركات التحرر الإفريقية، مرجعا لهذا العامل التاريخي تسمية وكالة تونس إفريقيا للأنباء و مجلة جون أفريك  التي تعتبر اليوم المجلة المرجعية الأولى في إفريقيا الناطقة باللغة الفرنسية، وإن كانت هذه المجلة لم تجد في بداياتها بتونس المناخ الخصب الذي تترعرع فيه، فهاجرت إلى روما ثم إلى باريس حيث استقرت نهائيا، مما يعني أنه سرعان ما تم التنكر لحرية الصحافة من قبل دولة الاستقلال التي قامت بإغلاق الدوريات السياسية والمستقلة الواحدة تلو الأخرى، فكان أمامها الولاء أو الاختفاء.  أما المفارقة الثانية التي توقف عندها المحاضر فقد كانت في مارس 1975، عندما نظمت تونس في نطاق حركة عدم الانحياز المنتدى الأول الذي انطلق منه النظام الإعلامي الدولي الجديد، بعد أن نظمت الجزائر سنة 1973 ملتقى دولي حول الميثاق الاقتصادي العالمي الجديد، وتكمن المفارقة في أن هذه المبادرة الريادية على المستوى الدولي التي أفرزت بعد ذلك لجنة ماك برايد المشرف على تقرير اليونسكو بعنوان » نحو نظام إعلامي عالمي جديد، أصوات متعددة عالم موحد » الذي انسحبت إثره الولايات المتحدة، لم تمنع العضو التونسي فيها السيد مصطفى المصمودي من إنهاء العمل بمجلة الصحافة لسنة 1956 ووضع مجلة جديدة في  28 أفريل 1975 نعرف عيوبها جميعا، ورغم التنقيحات المتتالية عليها منذ أوت 1988 فبقد بقيت دون رضا الاطراف المعنية بحرية الإعلام ولم تعد هذه المجلة التي صدرت في ظروف معينة خلال عهد الحزب الواحد صالحة لتونس بعد التغيير والقرن الواحد والعشرين. المفارقة الثالثة في نظر الدكتور عبد الكريم الحيزاوي تتعلق بدخولنا إلى مجتمع المعلومات، حيث تساءل  كيف نكون في آن واحد في مقدمة الصف فيما يتعلق بالتجهيزات وبالتكنولوجيا وفي مؤخرة الصف فيما يتعلق بالحريات الإعلامية؟  فقد كانت تونس أول دولة افريقية تدخل الانترنت وكذلك على مستوى نسبة مستعمليها وهي اليوم الأعلى في شمال إفريقيا (حوالي 3 ملايين مستعمل على 10 ملايين ساكن)، واستشهد بتقرير دافوس لسنة 2009 الذي يشير إلى أن تونس عززت موقعها في مجال تكنولوجيا المعلومات الاتصال على رأس البلدان الإفريقية واحتلت المرتبة 39 عالميا من ضمن 133 دولة، وهذا هام، لكن في المقابل، وهنا تكمن المفارقة في رأيه، تراجع ترتيب تونس على مستوى حريات الصحافة في السنوات الأخيرة لدى جل المنظمات التي ترصد أوضاع الحريات في العالم، ففي تصنيف منظمة مراسلين بلا حدود لهذه السنة، تحتل تونس المرتبة 154 في حين كان ترتيبها السنة الماضية 143 ، أي أننا تراجعنا بتسعة مراتب، وهذه التصنيفات وإن لم تكن علمية مائة بالمائة فإنها معمول بها لدى أغلب منظمات الأمم المتحدة، ولاحظ المحاضر أن تونس تأتي في مرتبة لا تستحقها ولا نرضاها لبلادنا، لاسيما وأنه ليس هناك في اعتقاده أي مبرر لهذا الترتيب غير اللائق لدولة كانت أيضا صاحبة المبادرة الدولية لعقد قمة عالمية حول مجتمع المعلومات التي احتضنت فعاليات مرحلتها الثانية في نوفمبر 2005 . هذا وأشار الأستاذ الحيزاوي إلى أن نشطاء الإعلام الجديد في المستوى العالمي من عاملين في الصحافة الالكترونية ومدونين أصبحوا أكثر من العاملين في الصحافة المطبوعة في إحصائيات  ضحايا الانتهاكات وذلك منذ سنة 2007 . أما فيما يتعلق بمعايير الرقابة، فلاحظ المحاضر أنه ينبغي وضع رقابة على الرقابة الموجودة في كل المستويات وإلا أصبحت رقابة عشوائية. مذكرا بأن الفصل الثامن من الدستور التونسي يضمن حرية الفكر وحرية التعبير وحرية الصحافة وبقية الحريات السياسية في حدود ما يضبطه القانون، مؤكدا أنه لا ينبغي للقانون أن يخالف روح الدستور، وذكر بأهم الضوابط الدولية التي تعتبر مشروعة لحرية التعبير كما وردت في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه تونس، حيث تضمن المادة 19 لكل فرد الحق في استقاء الأفكار والمعلومات واستقبالها ونشرها…غير أنها تضيف أن الدول يجوز لها أن تحد من هذه الحقوق والحريات مع مراعاة الشروط التالية: الشرط الأول أن هذا التضييق يجب أن يكون  بنص تشريعي، إذ لا يمكن أن نضيق على حرية التعبير أو أي حرية أساسية بقرار وزاري أو بأمر رئاسي،  بل  بقانون ينظم هذه الحرية، وفق الأهداف التالية: لحماية حقوق الأفراد وسمعتهم، وللحفاظ على الأمن الوطني أو الصحة العمومية أو الأخلاق الحميدة. وهذه هي الحدود التي يمكن أن تبرر بصفة مشروعة لأي سلطة أو مؤسسة إعلامية تسليط رقابة على المضامين، وأكد المحاضر أنه من حيث المبدأ المرجعية الدولية واضحة في هذا الميدان بما في ذلك النقطة الرابعة من التزام تونس لقمة المعلومات سنة 2005 . وحول المسألة التي ألمح  إليها السيد محمد بوشيحة في كلمته بخصوص إمكانية وضع تشريع جديد للإعلام الجديد (الالكتروني) رأى الدكتور عبد الكريم الحيزاوي إمكانية تنظيم ندوة وطنية لتبادل الآراء حول هذا الموضوع يشارك فيها الأحزاب والإعلاميون ومنظمات المجتمع المدني والجامعيون والخبراء، مؤكدا أنها ليست مسألة بسيطة. وأعرب عن أسفه لاتخاذ بعض القرارات المرتجلة والخاطئة والمكررة أحيانا في السنوات الأخيرة  فيما يعرف بإصلاح الإعلام، دون الرجوع أو استشارة للخبرات والكفاءات والباحثين في هذا المجال. متسائلا عن التقرير الذي كان يفترض أن يصدر حول قطاع الإعلام عن المرصد المنبثق عن المجلس الاعلى للاتصال منذ سنة 1998 ولكنه لم ينشر على خلاف تقارير البنك المركزي وهيئات أخرى مثل الهيئة العليا لحقوق الإنسان التي تصدر تقاريرها دوريا.  واعتبر المحاضر أن القانون سلاح ذو حدين، فهو من جهة سيقيد الحرية قليلا ومن جهة أخرى سيضمن الحريات وهذه معادلة صعبة، وأكد أننا نحتاج إلى القانون الذي يحمي الضعيف و يمكن من ممارسة الحرية دون القضاء عليها كما فعلت بعض التشريعات عندنا ببعض الحريات، مذكرا بأن المشكل الأساسي في مجلة الصحافة يكمن في المادة 13  التي تشترط لإصدار نشرية دورية  الحصول على وصل من وزارة الداخلية التي يمكن أن لا تستجيب، أما الفصول الزجرية فقد تم سنة 2001 حذف العقاب بالسجن لأرباب الصحف بالنسبة لبعض الممارسات غير الأخلاقية التي تعتبر نوعا من الغش كتقديم مادة إشهارية في شكل خبر أو مقال أو تحقيق. في حين كان المفروض في رأيه (منذ كان مقررا للجنة مراجعة مجلة الصحافة سنة 1988) تشديد العقوبة على مثل هذه الممارسات التي تتعارض و ميثاق الشرف الصحفي. ، وعوض تخفيف العقوبات أو حذفها بالنسبة لما يسمى بجرائم الرأي (مثل تهم الثلب و التطاول على السلطات) التي يمكن اعتبارها اجتهادات، تم حذف العقاب لفائدة المتحيلين.  وفيما يتعلق بتنظيم الانترنت في تونس لاحظ المحاضر في الواقع ما يتناقض والمادة 19 من العهد الدولي المشار إليه آنفا  باعتبار أنه لا يستند إلى نص تشريعي،  فالانترنت في بلادنا منظمة منذ 1997 بشيء من التفصيل، ليس بقانون أو بأمر رئاسي، وإنما بقرار وزاري (وزارة الاتصالات)  وضع كراس شروط يحمّل مزودي خدمات الانترنت (أكثر من 10 مزودين عموميين وخواص) ما لا يتحملون في اعتقاده، لأن مزود الخدمات لا يمكنه مراقبة المضامين أو يكون المسؤول عن الرقابة على ما يمرّ من مليارات الرسائل عبر أجهزته أو موزعاته. وهذا مخالف لما هو معمول به في أغلب البلدان خاصة منها الديمقراطية. كما أنه يتناقض مع مبدأ دستوري، لا جريمة أو عقوبة دون نص قانوني، وفي غياب القانون لا يمكن أن نعاقب بل لا يمكن أن نراقب، وعندما تقتصر المسألة على كراس شروط تتعذر المراقبة من السلطة التشريعية وخاصة من السلطة القضائية كما تنتفي إمكانية التجاء المواطن المتعرض للانتهاك من التظلم واللجوء إلى القضاء للحصول على حقه ، وحول المسؤولية الجزائية لأشخاص يتعاملون مع الانترنت خاصة المدونين ذكر بإحدى القضايا المتعلقة بالحكم على مواطنة بتهمة ترويج إشاعة خطف أطفال في تونس على شبكة الانترنت ليتساءل عن دور الإعلام الرسمي بمختلف مؤسساته وهشاشته إلى هذا الحد، طارحا قضية التدرج في المسؤولية الواضحة بالنسبة إلى الصحيفة (المدير المسؤول، الكاتب، الناشر) وهو ما لا يتوفر بالنسبة إلى المدوّن الذي يعامل قضائيا وكأنه  المدير و الكاتب والناشر في نفس الوقت. لكن مدير الجريدة لديه قانون الصحافة  فلو  حجزت الصحيفة مثلا أو تم إغلاقها (وفق المادة 73  من مجلة الصحافة التي تسمح لوزير الداخلية بعد استشارة وزير الاتصال أن يصدر إذنا بحجز كل عدد من دورية من شأنه أن يعكر صفو الأمن العام) فإن المشرع يضيف بعد ذلك أنه يمكن المطالبة عند الاقتضاء بجبر الضرر وفق الأحكام السارية المفعول، وأشار الدكتور الحيزاوي إلى أنه في فقه قضاء الإعلام التونسي، لدينا حسب علمه قضية وحيدة متعلقة بتأويل السلطة القضائية للمادة 13 المذكورة، وهي قضية جريدة الوحدة عندما حاول مناضلو الوحدة الشعبية الحصول على الوصل المطلوب لنشر جريدتهم، وقضت المحكمة حينها بأن وزارة الداخلية ليست مطالبة بتسليم الوصل فورا وتوقفت عند ذلك الحد، إلى حين العثور على خلل ما في مستوى الإجراءات و بقيت تلك المادة ثابتة إلى اليوم رغم تنقيح جل الفصول ضمن التعديلات الخمسة التي تعرضت لها المجلة. كما تطرق المحاضر إلى مسألة البريد الالكتروني التي اعتبرتها المحاكم الأوروبية خاضعة لنفس ضمانات البريد العادي،  وفي تونس يضمن الفصل التاسع من الدستور سرية المراسلات التي يوفرها أيضا  قانون حماية المعطيات الشخصية الصادر في 27 جويلية 2004 الذي يمكن الاستفادة منه،  ورغم ذلك لاحظ الأستاذ الحيزاوي أن بعض منظمات المجتمع المدني المعترف بها مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وجمعية النساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، ما زالت تشتكي في الواقع من تعطيل مراسلاتها الالكترونية. أما بالنسبة للرقابة على مواقع الواب فتطرق المحاضر إلى الحملة المضادة التي قام بها نشطاء حريات اعلامية في المدة الاخيرة على الرقابة الالكترونية أو ما يعرف بلغة المحتجين من الشباب عمار 404 ، تحت شعار  » سيب صالح » ، ولئن أكد على أنه لا جدال حول ضرورة إيجاد المعادلة المناسبة لعدم ترك الحريات للفوضى ومراقبة مضامين غير قانونية ولا أخلاقية وهذا ما يقوم به بعض القائمين على الانترنت أنفسهم (مثل غوغل وياهو وفايسبوك) فإن هذه الرقابة على الفضاء الافتراضي تقتضي وضع مقاييس واعتمادها حتى يعرف كل مسؤوليته، فلا تكون رقابة عشوائية و اعتباطية أو تكون المقاييس مجهولة، مشيرا إلى أن بعض البلدان وإن كانت ليست نموذجا (مثل السعودية) لديها قائمة في الممنوعات يعرفها مسبقا مستعمل الانترنت الذي يعتبر مخالفا إذا دخل مواقع معينة وكذلك إيران، أما الصين فلديها « رقابة وقائية » مشددة. وفي غياب الإطار القانوني و المقاييس والمسؤوليات الواضحة ببلادنا لا يمكننا معرفة من يمارس الرقابة و لا يمكن رفع دعوى قضائية ضد  المسؤول، لأن  الوظائف القانونية للوكالة التونسية للانترنت المثيرة للجدل لا تخول لها الرقابة على المضامين، ولذلك يمكن اعتبار الرقابة على الانترنت في تونس رقابة غير مسؤولة بالمعنى القانوني للكلمة، لأنه لا يمكن التظلم عند التعرض إلى انتهاك وهذا ما اعتبره المحاضر غير معقول في أي نظام قانوني، وحتى القضاء الإداري لا يمكن أن يتدخل في كل التجاوزات التي قد يشتكي منها نشطاء حقوق الانسان أو مناضلون أو  باحثون أو مواطنون عاديون لأنه لا يوجد أصل للقيام بالدعوى. أما بالنسبة إلى الصحافة الالكترونية التونسية فاعتبر أنها قد تطورت في ظل غياب إطار تشريعي حان الوقت لوضعه.  مذكرا بأن الصحيفة الالكترونية تختلف عن المدوّنة، ولاحظ أن الصحف الالكترونية الموجودة اليوم في تونس أصبح لها نوع من الاستمرارية معتبرا أن جلها اقتصادي و كلّها تجاوزات، خصوصا فيما يتعلق بالخلط بين الإشهار و بين الإخبار، وأكد أنه يساند مطالب العاملين بالصحافة الالكترونية بالاعتراف بوضعيتهم الصحفية وبالحصول على البطاقة المهنية شريطة الالتزام بأخلاقيات المهنة مع ضرورة تنقيح مجلة الشغل لسنة 1966 (الفصل 397 ) لأنها تتضمن جردا قديما لقائمة الوسائط الاعلامية التي يمكن أن يعمل فيها الصحفيون وهي (في هذه المادة) النشرية الدورية ووكالة الانباء والمحطة أو القناة الإذاعية والتلفزية مع واسطة اختفت الآن هي الأخبار السينمائية، التي كانت موجودة قبل انتشار التلفزة، وينبغي في رأيه حذف الواسطة الاخيرة وإضافة « أي واسطة إعلامية أخرى » لأننا لا نعرف المستقبل وما يمكن أن يأتي به من وسائط أخرى للإعلام الجديد إلى جانب الانترنت. ولاحظ أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في تقريرها الأخير سنة 2010 قد طالبت بمنح الصفة الصحفية للمحررين الالكترونيين ولكن التقرير لم ينبس بكلمة حول انتهاكات حرية التعبير بدعوى أن النقابة لم ترصد منذ مؤتمرها المنعقد في أوت 2009 « اعتقالات أو اعتداءات أو مضايقات في حق الصحفيين المحترفين أثناء تأدية مهامهم » ، معتبرا أن هذه نظرة ضيقة للانتهاكات على خلاف التقارير السابقة مثل تقرير 2009 الذي أشار إلى التضييقات على الصحافة الالكترونية وبقية الصحفيين، كما أنها تخالف المعايير الدولية باعتبار أن المنظمات المهنية للصحفيين مطالبة بالدفاع عن حرية الصحافة كما وردت في النقطة 13 من إعلان ويندهوك الذي أقرته مجموعة من المنظمات تحت إشراف اليونسكو سنة 1991 ، وكذلك ميثاق شرف نقابة الصحفيين، الذي يلزم الصحفي بالدفاع عن حرية الصحافة. ملاحظة : نواصل في العدد القادم نشر ملخص للنقاش الذي تلا هذه المداخلة وقد شارك فيه كل من أنور الطرابلسي ولطفي العماري وهشام الحاجي وخميس الخياطي وريم سعيدان ومختار التليلي  وبحري العرفاوي وياسين العياري وبسام بونني وشيراز بن مراد ومحمد فاتح الكافي مع تعقيب الدكتور عبد الكريم الحيزاوي. .                                                                                    عادل القادري  ـ جريدة الوحدة  


طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة الإربعاء 9 جوان 2010 العدد الثامن و العشرون – السنة الرابعة –  


الإعتداء على  » أسطول الحرية  » : مشاركة الطلبة في المسيرات …..
بالرغم من حساسية الظرف حيث أن أغلبية الطلبة منهمكون في التحضير و إجراء إمتحانات آخر السنة فقد شارك عدد كبير منهم في المسيرات المنددة بالإعتداء الهمجي و الجريمة النكراء التي اقترفها الصهاينة في أعالي البحار و بالتحديد في المياه الدولية ضد  » قافلة الحرية  » التي كانت تحمل مساعدات لشعبنا الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة و رفع الطلبة مع بقية المتظاهرين الشعارات المطالبة بفكّ الحصار المفروض على القطاع منذ 4 سنوات من قبل الصهاينة و من والاهم و عبر بعضهم عن استعداده للمشاركة في رحلات قادمة لفكّ الحصار نهائيا كما رفعوا شعارات تطالب بحرية التظاهر و التعبير و بوقف سياسة التطبيع التي تنتهجها السلطة مع الكيان الصهيوني ….. و قد تعرّض عدد كبير من الطلبة للضرب من قبل البوليس السياسي الذي لاحقهم – بعد انتهاء المسيرات – في الشوارع و المقاهي القريبة من أماكن تجمعهم ….. الإعتداء على  » قافلة الحرية  » : بيان مشترك لمكاتب فيدرالية للإتحاد العام لطلبة تونس ….
 
أصدرت عشرة مكاتب فيدرالية تابعة للإتحاد العام لطلبة تونس بمؤسسات جامعية بمدينة صفاقس بيانا مشتركا نددت فيه بـــ  » القرصنة الصهيونية للقافلة باعتبارها جريمة إنسانية  » و بـــ  » النهج التطبيعي المفضوح الذي تنتهجه كل الأنظمة العربية  » كما ندد البيان بـــ  » التعاطي الأمني للنظام التونسي في قمع المتظاهرين …. «  بنـــــزرت : اعتقــــال طالـــــب ….
قام البوليس السياسي يوم الإثنين 31 ماي 2010 باعتقال الطالب محمـــــد مانيطــــة بمدينة بنزرت و اقتادوه إلى جهة مجهولة و يبدو أن هذا الإعتقال يأتي في إطار الحملة المتواصلة على ما يسمى بــ  » الإرهاب  » الذي ذهب ضحيته مئات الطلبة تعذيبا و اعتقالا و سجنا و تشريدا و طردا من الدراسة …. و تجدر الإشارة إلى أن الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس باراك أوباما قد تخلت نهائيا عن الإستعمال الرسمي لمصطلح  » الحرب على الإرهاب  » …. باكالوريا 2010 في دورتها الرئيسية : علامات استفهام …..
لأول مرة منذ عقود لم يتم الإعلان عن الإحصاءات الدقيقة لمختلف الشعب في مناظرة الباكالوريا لسنة 2010 و قد تساءل العديد من المراقبين للشأن التربوي عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ذلك و ما الذي تخفيه وزارة التربية بعدم نشر أرقام المترشحين في كل شعبة و هل هناك إجراءات جديدة في مقاييس الإصلاح سينتج عنها تغيير في نسب النجاح مقارنة بالسنوات الفارطة ؟ أسئلة ستجد أجوبة لها في القريب العاجل عندما يتم الإعلان عن النتائج يوم السبت 26 جوان … مع الملاحظة بأن عدد المترشحين خلال الدورة الحالية سجّل انخفاضا كبيرا مقارنة بالسنة الفارطة التي بلغ فيها عدد المترشحين 156 ألف في حين لم يتجاوز عددهم في الدورة الرئيسية الحالية 139147 مترشح … جوان 2010 : 70 ألــــف خرّيــــج جديد سيلتحقون بقافلة العاطلين عن العمل ….
بعد الإعلان عن نتائج الدورة الأولى لامتحانات آخر السنة في مختلف المؤسسات الجامعية و الشروع في إجراء الدورة الثانية اتّضح أن نسبة النجاح لم تختلف كثيرا عن السنوات السابقة و بالتالي فإن النسق التصاعدي في عدد الخرّيجين سيتواصل و ينتظر أن يصل عددهم – بعد الإعلان عن النتائج النهائية – إلى حوالي 70 ألف و في ذلك بشرى لأصحاب المقاهي الذين سيستقبلون عددا كبيرا من الزبائن الجدد … تونـــس : اختطاف الطالب أنيس الرياحي من الطريق العام و إحالته على القضاء …..
تم يوم الثلاثاء 25 ماي 2010 إحالة الطالب أنيس الرياحي على قاضي التحقيق بالمحكمة الإبتدائية بتونس 2 الذي أصدر بشأنه بطاقة إيداع بالسجن المدني بالمرناقية و حدّدت جلسة محاكمته ليوم الخميس 3 جوان 2010 و يزاول أنيس الرياحي – وهو أصيل جهة المحمدية – دراسته بالمعهد التحضيري للدراسات الأدبية و العلوم الإنسانية بالقرجاني و قد تم إيقافه من قبل البوليس السياسي في الطريق العام بجهة معقل الزعيم بعد إجرائه لامتحان و تم اقتياده إلى جهة مجهولة و عند مسارعة أصدقائه للإستفسار لدى إدارة المعهد حول مكان اعتقاله تم إعلامهم بأنه موقوف على ذمة التحقيق في قضية حق عام يعود تاريخها إلى إحدى جلسات الإستئناف في ما يسمى بقضية  » مبيت البساتين بمنوبة  » و تذكر مصادر طلابية أن أنيس الرياحي أحيل بتهمة  » الإعتداء على موظف أثناء أدائه مهامه  » في إشارة إلى التحركات التي قام بها الطلبة أمام محكمة الإستئناف بتونس العاصمة يوم السبت 10 أفريل 2010 بمناسبة محاكمة  » طلبة منوبة  » حيث قام البوليس بالإعتداء على الطلبة المتجمهرين و أجبرهم على الإنسحاب من أمام المحكمة و الذهاب إلى كلية 9 أفريل أين واصلوا تحركهم و حصلت بينهم و بين البوليس مواجهات فقام أحد هؤلاء برفع قضية ضد أنيس الرياحي متهما إياه بالإعتداء عليه ….. و قد قضت المحكمة الإبتدائية ( تونس 2 ) يوم الخميس 3 جوان بسجن أنيس الرياحي لمدة شهر نافذ و تبعا لذلك فمن المنتظر أن يغادر السجن يوم الأحد 20 جوان 2010 وفاة طالب جامعي سنة 2008 : الحكم على طبيبين بـــ 6 أشهر سجنا ….
بعد قرابة السنتين من حادثة وفاة الطالب الجامعي بأحد المبيتات خلال شهر جويلية 2008 أدانت الدائرة الجناحية بالمحكمة الإبتدائية بتونس مؤخرا طبيبين أحدهما مقيم و الآخر متربص بقسم المجاري البولية و قضت بسجنهما 6 أشهر مع تأجيل التنفيذ و ذلك بتهمة  » ارتكاب جريمة قتل عن غير قصد ناتجة عن تقصير أو عدم احتياط أو إهمال أو عدم مراعاة القانون 217 من المجلة الجزائية  » … و كان الطالب المذكور قد تم نقله على جناح السرعة – إثر توعك صحي طارئ – إلى المستشفى فأكد له الطبيب أنه يعاني من مشكلة بسيطة في تصريف الفضلات و إثر ذلك عاد إلى المبيت إلا أن حالته الصحية تدهورت بسرعة و بعد ساعات قليلة فارق الحياة …. و في الختــــــام :
 » عندما يتوغل الفساد و ينتشر في شكل مافيا ، أي شبكة فساد ضاغطة ، يصبح من الصعب مقاومته من خلال تدابير قانونية لأنه يعمل ضمن الدولة و ليس خارج الدولة . يدخل الفاسدون الكبار في النظام و يصبحون قيّمين على الدولة إلى درجة أنهم يقبضون على التشريع و المحاسبة و الملاحقة و يتحصّنون بالتالي من خلال السلطة و  » القانون  » و ما توفره لهم السلطة من إمكانيات توزيع خدمات و منافع لأزلام تابعين لهم مصالح في دعم منظومة الفساد . و من الحالات النموذجية في منظومة فساد داخل الدولة و  » القانون  » و سبل مقاومتها صقلية و كولومبيا ….  »  » دور مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الفساد  » – أنطــــــــــــــوان مســـــرّة – أستاذ في الجامعة اللبنانية و رئيس الجمعية اللبنانية للعلوم السياسية
 


الثقافة… مصيبة لذيذة ـ4ـ

 


«كل بلاد وأرطالها»… مثل تونسي مرادف لمثيله الفرنسي «حقيقة قبل جبال البيريني، خطأ ما وراءها» أو للقاعدة الأولى الـ»طاوية» (ديانة وضعية صينية نشأت 12 قرنا قبل الإسلام) : «الحقيقة التي تريد التعبير عنها ليست الحقيقة المطلقة»… كل هذه النسبية التي لا نكتشف حاجتنا لها وخيراتها علينا إلا حينما نكون قد أخطأنا في حق أنفسنا أو حق الآخرين أو الاثنين معا، لم نكن، نحن الأطفال الذين كنا، لنؤمن بها في طفولتنا القروية بالشمال الغربي التونسي… كل ما كنا نشاهده ونتذوقه ونعايشه ونشعر به إن التماسا أو نفورا، حبا أو كراهية، واقعا أو خيالا في الحدود الذهنية والمادية التي كونت فضاء معاشنا القروي، كل ذلك كان المطلق بعينه ولا شيء غيره ومن خرج عنه فهو لم يكن منا… كنا صرة العالم والعالم تحتضنه قريتنا أو حتى حومتنا وكل ما هو خارج تلك الحدود، غريب عنا، لا سيما حينما تكون جدتك قد لقنتك أن بالوجه علامات خاصة كاقتران الحواجب… مما يجعلك فريسة «للسحار المغربي اللي يذبحك ويطلع بيك اللويز». فكنت حينما أرى من استخلص فيه علامات الانتماء لبلاد المغرب وأنا طفل من أهل إفريقية الذي لم يعرف من الأجناس إلا الإنس والجن في الخرافات وكتب التخريف، اهرب، أختفي، أذوب، تبتلعني الأزقة حتى لا يسحرني فيذبحني… يستغنى هو بالذهب واستغني أنا عن الحياة وأهلي وقريتي… هو شعور وجدته لدى طه حسين في الجزء الأول من «الأيام» في حديثه عن القنال والغرباء وحدود الكفر وكأنه يتكلم عما عشت في قرية من قرى الشمال الغربي… وكما كتب طه حسين أيضا:»لكن ذاكرة الأطفال غريبة، أو قل إن ذاكرة الإنسان غريبة حين تحاول استعراض حوادث الطفولة، فهي تتمثل بعض هذه الحوادث واضحا جليا كأن لن يمض بينها وبينه من الوقت شيء، ثم يمحى منها يعضها الآخر كأن لم يكن بينها وبينه عهد». فذاكرة الطفولة قد تكون ملجأ الكائن الراشد حينما تقع القطيعة بينه والواقع المحيط أو هي العين التي منها يرتوي بمفرده وفي سره حتى يقنع نفسه أن عهده كان أفضل عهد مما يرى ويعيش. ذلك أن الواقع لم يعد ينتظر منه شيئا يذكر لأنه أصبح بفعل الطبيعة البشرية على حافة الانتقال إلى العدم أو هو لم يعد يشعر بسلطة الواقع عليه لأنه جرب المطلق في أوجهه المتعددة، فلم يجد بصيص الراحة إلا مع النسبية ومع تدفق عين الذاكرة بما تختزله وتغربله، فيفعل فيه توازن اللحظة أو خلله وعشق اللغة والوقوع على الكلمة المناسبة في شكلها ومحتواها فعلهما لتخرج الأحداث كما لو أنها وقعت فعلا وإن هي وقعت بالفعل. وذاكرة الطفولة هي أفضل شاهد لنفسها ولا منازع لها في شرعيتها… الأبوة الافتراضية بعض الثوابت هي من باب المطلق الثقافي/الاجتماعي كالنسب والاسم وما إلى ذلك… غير أن قريتنا، وقد يكون ذلك من الرواسب البربرية، تتلاعب بالنسب وبالأسماء… من ذلك أني دخلت مرة على الوالد، رحمه الله، وقد كان في الفضاء الخلفي للحانوت مع أصدقاء له من قرى مجاورة في خلوة بين الكبار وما تتطلبه خلوتهم في قرية كل شيء فيها معلوم من الجميع ولا شيء يفصح عنه إلا بين جدران الأحواش. دخلت عليه في العتمة ولي طلب ما من «الدار» أو من «هي» كما كان يسمي الوالدة، ولي من العمر حينها ما يسمح لي بعدم قبول الأجوبة كما تعطى…ما أن دخلت الفضاء الخاص إلا وأحد الجالسين سأل الوالد: «هذا ولدك؟»… ودون أن ينظر إلي أو يخيل إلى اليوم أنه لم يرني، أجاب والدي:»إذا صدقت أمو»…  ذاك الجواب صفعني في ذاتي الداخلية إذ كنت أتوقع الـ»نعم» البسيطة العادية الوفاقية، فجاءت صيغة من الشك لا محل له في شأن هو من شؤون المطلق الطبيعي… هو والدي وابن عم زوجته، والدتي، وأنا ابنه. وقد أكد تلك الحيرة الفجائية تساؤل سابق في أمر مألوف بين أهل قريتنا أن الأبناء لا يسمون أمهاتهم إلا بأسمائهن ويطلقون الأمومة على جداتهم… فكنت أستمع إلى جدتي تطلب والدتي، رحمهما الله :»يا فلانة، جيبي كاس ما لخوك»… وقبلت الأمر مع أني أعرف جليا أني لست أخاها، بل ولدها البكر… هذه الأمومة المحولة وهذه الأبوة الافتراضية ما كانتا تعيق الآخرين وإن أعاقتهم، فإني لم أتفطن إلى رواسبها ولكنهما جعلا مني، بعد الحصول على الوعي اللازم بالأنا في أسفاري بين الأمصار والثقافات المتضاربة والمتناقضة أحيانا ولكنها مكملة لبعضها البعض في جميع الأحيان، إنسانا يؤمن بالنسبية… الحقيقي أم المستعار؟ أمر آخر كان يتناقض مع المطلق المفترض طبيعيا يتعلق بالاسم واللقب… لم أعرف اسمي ولقبي الحقيقيين المدونين في سجل الحالة المدنية بقرية تاجروين في عهد الحماية الفرنسية إلا حينما نودي علي في اليوم الأول للسنة الدراسية في عام 52 من القرن الماضي ونبهني إليهما جدي، على ما أتذكر، لأني خلت أن من نودي عليه ليس أنا، بل طفل آخر… كان علي التأقلم مع «خميس الخياطي» الذي أستعمله منذ ذاك اليوم فيما يزال الاسم الذي أنادى به في القرية وفي العائلة حتى اليوم هو «فلان ولد الفلاني» ولا أكشف عنه لأني أستعمله كاسم مستعار لبعض المقالات منذ الأعداد الأولى من مجلة «اليوم السابع» حينما لا يروق لي الموضوع وأرفض الكتابة فيه… وقد وصل الأمر لحد أن زوجتي حينما تتكلم عن «خميس»، يتطلب ذلك برهة من الزمن حتى يعي الجميع أنها تعني «فلان» زوجها… وكل فرد من أفراد العائلة حتى بعد الاستقلال وعملية تسجيل الألقاب والتنسيق بين أفراد العائلة، يحمل اسمين. أما السبب، بحسب التفسير الذي قدم إلي فيما بعد، هو أن لأطفال يموتون صغارا. وحتى لا تفقد العائلة أطفالها الذكور الذين تستعين بهم على هم الدنيا خلافا عن البنات اللواتي يمثلن ثقلا على العائلة، تعطيهم اسمين. اسم يستعمل واسم مخفي… وحينما يأتي الموت ليأخذ زيدا، فإنه يترك عمرا… وهما اسمان لطفل واحد… هذا التلاعب مع الموت للحيلولة دون الاصطفاء الطبيعي سببه نمط معيشي لا يقبل للضعيف والهزيل والحنون مكانا… وقد ذكر بعض من معارفي أنه استعمل بعد الفترة الشيعية بتونس حيث كانت قريتنا مركز انتشار للشيعة… وبالتالي، حينما بدأت مقاومة التيار الشيعي والعمل على استئصاله من إفريقية، انتشر نوع من الكتمان وانتصبت ثنائية الأسماء… ومهما تكون موضوعية الشرح في أمرين هما معطى طبيعي، فإن هذه الثنائية الاسمية وهذه الأبوة الافتراضية (كما «الخال بالمزاح» المتواجد بأفريقيا جنوب الصحراء) أصبحتا ظاهرتين ثقافيتين في قريتنا قامتا على النسبية الثقافية التي وإن هي باب مفتوح إمام إعمال العقل والدفاع عن الحرية (الفردية)، فهي كذلك شباك موصد أمام الطبيعة والانتماء الأولي الذي به يكون الإنسان كائنا حيا في قرية من قري الشمال الغربي التونسي… وللحديث تتمة. خميس الخياطي إعلامي تونسي
 
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 جوان  2010)

قراصنة الأرض وقراصنة الغذاء

 


سلوى الشرفي في مشهد طريف و مليء بالمعاني من مسرحية «شاهد ما شافشي حاجة» يعتدي عادل إمام بالضرب على شرطي و يدعي بأن الضحية، أي الشرطي، ضربه بخده على كف يده. و لم أجد أبلغ من هذا المشهد للتعبير عما حصل للركاب المسالمين على أسطول الحرية من طرف إسرائيل التي اغتالتهم بتهمة أنهم ضربوها بخدهم على كفها، أي في لغتها، بحجة الدفاع عن النفس. و الكل يعلم أن تهمتهم الوحيدة هي الدفاع عن حقوق إنسانية أساسية من صحة و تغذية. و كالعادة لم يصدمنا الغرب بمعارضة اللغة الإسرائيلية التي تسير على رأسها بدل من رجليها. و هل يجوز للمرء أن يخذل الناطق بلسانه؟ فقد عودنا الغرب بصفة عامة و أمريكا بصفة خاصة على استعمال المصطلحات القانونية في غير محلها كلما تعلق الأمر بشعوب العالم الثالث، و كأن المدونة القانونية الأممية بنصها الواضح لا تنطبق على غير الناطقين باللغات اللاتينية والأنقلوسكسونية و المؤلفة قلوبهم من أصحاب اللسان العبري. و الغرب محق في ذلك حسب منطقه الخاص، فحين دخل العرب وغيرهم من غير الناطقين باللغات الرسمية الأممية إلى المحفل الدولي، كان الغرب قد أوشك على الانتهاء من وضع المفاهيم الأساسية المكونة لخطاب الترسانة القانونية الأممية و هي وليدة حاجته لتنظيم العلاقات بين البلدان الغربية بعد الفوضى التي أحدثتها الحرب الثانية، وهي حرب أوروبية بالأساس دارت بين أسياد أقوياء و أحرار يعتبرون العالم ملكا للأقوى، شأنهم في ذلك شأن أثينا في أوج عظمتها التي لم يحرجها إقصاء النساء و العبيد و الغرباء من الديمقراطية. و قد تصرفت البلدان الاستعمارية دون حرج على هذا الأساس ولم يخطر ببالها أن القانون لا يكون دوليا إلا إذا استفاد منه العالم أجمع بمن فيه سكان مستعمراتهم. و حين انفكت رقبة المستعبدين و أصبحوا يواجهون الغرب بلغته، كان الوقت قد فات على إمكانية التراجع فيما اتضح أنه سلاح ذا حدين. فكان لا بد من جعل الخطاب الحقوقي يسير على رأسه. ترك الغرب إذن حبر المدونة القانونية الدولية يسيح على الورق حتى انعدمت ملامحها الأصلية، و صار يدون قوانينه الخاصة في وسائل الإعلام الدعائية بالخلط المتعمد بين المقاومة و الإرهاب، و الجريمة و الدفاع عن النفس، والضحية والجلاد بصفة عامة.  و بدون هذه الصور الإعلامية التي تنفذ باحترام قدسي أكثر من القوانين الحقيقية، لم يكن من الممكن حصول الاعتداء الثلاثي على مصر سنة 1956. إذ كيف يمكن رفض حق دولة مستقلة في تأميم قطعة من أراضيها لو لم تكن الدول القوية قد رسمت صورة لعبد الناصر مماثلة لصورة هتلر ؟ و لا كان لإسرائيل أصلا أن تكون بحجة الحق في العودة إلى الأرض الموعودة المنصوص عليها في الكتاب المقدس، التي لا تأخذ معظم الدول المصادقة على قرار التقسيم بأحكامه في حياة الدنيا، بل فيها حتى من لا يؤمن بهذه الأحكام أصلا مثل النظام الشيوعي للاتحاد السوفياتي آنذاك و هو نظام ملحد رسميا. و قريبا جدا لننظر كيف تعاملت الدول الغربية مع مفهوم القرصنة بالنسبة لإسرائيل و الصومال. فمن حيث التكييف القانون اتفق المختصون في القانون الدولي على اعتبار ما أقدمت عليه إسرائيل جريمة قرصنة لا لبس فيها تخضع لقانون البحار، غير أن أمريكا ارتابت في التكييف القانوني فطلبت من إسرائيل القيام بتحقيق، ضاربة باتفاقية دولية واضحة عرض الحائط، و بمبدأ من مبادئ فلسفة القانون لا ريب فيه، حين وهبت لإسرائيل الحق في أن تكون في نفس الوقت حكما و طرفا. و في الصومال يدعي القراصنة و بعض الملاحظين المختصين في أوضاع البلد بأن عمليات القرصنة هي دفاع عن النفس بسبب قيام أساطيل دول صناعية غنية بعمليات صيد غير قانوني، أي بنهب منظم لغذاء مجعول لسد حاجة أكثر من 4 مليون صومالي يتضورون جوعا. و يؤكد المدافعون على هذا الطرح بأن القراصنة هم بمثابة حرس سواحل متطوعين في بلد تغيب فيه سلطة الدولة، فهم يدافعون عن مياههم من الأجانب الذين يرمون فيها نفاياتهم السامة وينهبون ثرواتهم. و هو كلام فيه شيء من المصداقية يتطلب القيام بتحقيق في أسباب هذا السلوك لمعالجته بطريقة عادلة، غير أن الغرب رأى أن جريمة القرصنة في السواحل الصومالية واضحة و موصوفة و لا يمكن تبريرها بحجة الدفاع عن النفس. فاقترحت فرنسا القيام بعمليات جوية لمقاومة ما وصفه ساركوزي بصناعة الجريمة. و تحركت الأمم المتحدة لإقرار حماية مسلحة للسفن و تطوع الحلف الأطلسي للقيام بالمهمة. لا يستحق هذا التعامل مع مفهوم القرصنة كبير عناء لنثبت مرة أخرى بأن الغرب يتعامل بقانونين يسيران في متوازيين بحيث لا يمكن لهما أن يلتقيا أبدا. و هو ما يسمح لإسرائيل التي قرصنت بلدا بأسره، و لقراصنة غذاء الصوماليين الادعاء بأن المسروقين ضربوهم على كفهم بخدهم . سلوى الشرفي أستاذة الإعلام بالجامعة التونسية
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 جوان  2010)  


بسم الله الرحمن الرحيم 

عيّنة من مراجعات حركة النهضة

 


إنّ أكثر أفعال النقد صفاقة وتبلّدا هي تلك التي تقعد عن طلب المعلومة وتتكاسل عن أبسط شروط البحث والتحرّي، ثم تنشب في جسم ما ، تتجرّع.. تمزّق وتثخن دون أن تعرف ماهيّة الذي تحت يديها.. أين؟ كيف..؟ من..؟ متى..؟ لما..؟. نشبت فقط لأنّه يستهويها النقد الرافض أو الحارق المبني على شبه معلومة، أو بعض معلومات واهية مفصولة عن سياقها لأغراض مبيّتة، لهذا جاء تقريب هذه المادّة التي ليست إلا عيّنة من مواد أخرى تبحث عن همّة جادّة تحترم شروط البحث وتبني عليه بتجرد.  نقول تقريب المادّة لأنّها متوفرة منذ سنين لكن انصراف الناس عن التقصّي وغياب الورع الفكري في التناول النزيه للمحور أفرز نقدا من جنس التهجّم والتجنّي، فارتأينا حمل هذه النصوص إلى عقر شاشة حاسوب الطالب سواء  كان مناصرا أو متعاطفا أو مجافيا.  أبرز ما يميّز هذه المادة التي تحتوي على عيّنة من المراجعات والمواقف والتقيّيمات التي قامت بها حركة النهضة هو أسلوب النقد الذاتي الفصيح والغير متلعثم، ثم التوقيت الحرج الذي رأت فيه النور، إنّه من الصعب على أيّ حركة أو حزب أو هيكل يتعرّض إلى عمليّة اجتثاث مركّزة تحشد لها كل مقدرات الدولة أن ينتبه  فيفرد حيّزا للمراجعة والتقيّيم .  رغم أنّها الأكثر استهدافا، إلا أنّ حركة النهضة سبقت مجموع الطيف السياسي التونسي إلى النقد الذاتي والمراجعات وهي تقريبا تحتكر هذه الخاصيّة منذ نشأتها ولم نسمع بحركة مراجعة جديّة صدرت عن غيرها، أضف إلى ذلك أنّ الحركة ابتكرت أساليبا مستحدثة في حماية جسمها حين احترمت العقل التونسي وقدّمت له نفسها على أنّها حالة اجتهاد يعتريها الخطأ والصواب ودلّته على مكامن ضعفها، ليصوّبها.. بهذا تمارس حماية نفسها بصدقها مع شعبها، وقد انخرطت النهضة مبكرا في تدريب ذهنيّةالمواطن التونسي على الواقعيّة متصدّية بذلك إلى الفكر المدمّر الذي يفرّخ نسب 99% ،ويخدّر البلاد بالخيال، ويشحنها بالنظري على حساب الواقعي والعملي حتى إذا اصطدم الناس بعالم الحقائق غرقوا في طوفان الإحباط. هذه المادّة ليست سبقا فكريّا أو فتحا سياسيّا، إنّما قيمتها تكمن في ولادتها وإطلاقها لتصبح معلومة عامّة، ثم إعادة التذكير بها اليوم لتُقدّم هكذا دون مساحيق – بخطئها وصوابها-، لأنّه يستحيل على جهة تموّه على شعبها أن يكون قلبها عليه وجهدها لصالحه.  والنهضة ذكّرت بالأمس.. وتذكّر اليوم، وستذكّر في الغد بأنّها ليست المصباح السحري، وليست البساط الطائر كما أنّها ليست جنّة الله في الأرض، إنّها حالة إصلاح اعتصرها شعب تونس من حضارته الزاخرة الثريّة.  
 

مقتطفات من كتاب…

حركــة النهضــــة في الذكرى 15 لتأسيسها دروس الماضي واشكالات الحاضر وتطلعات المستقبل  

 
بــــسم الله الرحمان الرحيم {أأَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ }سورة إبراهيم آية رقم 24   تقديم: 1. تمرّ بلادنا~ تونس~ بمرحلة خطيرة من تاريخها المعاصر، تتّسم بشمول الأزمة لجميع جوانب الحياة الوطنية وتدهور الأوضاع على كلّ صعيد جرّاء انسداد الآفاق السياسيّة واتّساع دائرة الإضطهاد والكبت والهيمنة المطبقة للدولة على المجتمع وتحويلها المسرح السياسي الى فضاء مغلق تنعدم فيه كلّ ضروب المشاركة وأوجه الحراك الحرّ. 2. ولقد أتت هذه الردّة السياسية الخانقة على جلّ ما حقّقه الشعب التونسي من مكاسب طيلة تاريخ كفاحه الطويل وبالخصوص على الصعيدين السياسي والنقابي ممّا عرفته البلاد طيلة السبعينات والثمانينات من هامش لحريّة الرأي والتعبير والحركيّة الثقافية والفكرية بفضل النضال المتميّز للمنظمة الشغيلة والإتحاد العام التونسي للشغل والجامعة ومختلف التيارات الفكرية والسياسية  والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. 3. إنّ هذا التدهور الشامل يؤكّد لكلّ مراقب لأوضاع تونس في الداخل والخارج، عمق الهوّة السحيقة التي باتت تفصل بين الخطاب السياسي الرسمي ومختلف شعاراته ووعوده، وبين معطيات الواقع الشاخصة التي تتداولها تقارير منطمّات حقوق الإنسان المحليّة والدولية وعرائض الإحتجاج لشريحة معتبرة من النخبة التونسية برغم ما سلّط عليها من قهر وقمع وتضييق. 4. وأمام خطورة المأزق، فإنّ المصلحة الوطنية العامّة تقتضي من جميع الأطراف ـ سلطة ومعارضة ونخبة ـ وقفة تأمّل جريئة ومسؤولة من أجل التفكير في مصلحة البلاد ومستقبلها، ومراجعة المسار، وإجراء نقد ذاتي، موضوعي ونزيه، من أجل تخليص البلاد من المأساة وطرد كابوس التدهور والإنحدار وإعادة بناء القيم الإيجابية والأفكار المستنيرة والمؤسسات المدنية الديمقراطية الفعالة. 5. أمّا حركة النهضة، فقد أنجزت، من جانبها، ورغم الحصار المفروض عليها واحتدام المحنة، تقويما لتجربتها السياسيةومشروعها التغييري في مختلف أبعاده، وقفت فيه على أخطائها وأخطاء غيرها، كما أنجزت تحليلا سياسيا لمكوّنات واقعها الموضوعي، وأسسّت على ذلك رؤيتها المستقبليّة لمعالجة الأزمة.    الفصل الأول استخلاصات تقويميّة 6. وقوفا عند مختلف المراحلالتي مرّت بها، وتقويما لبلائها، انتهت حركة النهضة بعد حوار معمّق وصريحالى جملة من الخلاصات، رصدت فيها مواطن الخطإ والصواب في مسيرتها، وهيتعاهد الله عزّ وجلّ ثمّ شعبها الأبيّ الممتحن، أن تثبت على ما تبيّن لها،بعد التمحيص، أنّه صواب، وأن لا تتردّد في التخلّي عمّا ثبت خطؤه، إنابةالى الله العلي القدير، وصدقا مع الناس. وإذ لا يسع بيانا موجزا أن يتضمّن تفاصيل الحوارات ووجهات النظر المختلفةفي المسائل التي تمّت معالجتها، فإنّنا نكتفيالآن بنشر بعض الخلاصاتالمجملة: الثقافة والسياسة: 7. لقد تأسّست حركتنا بعدخمسة عشرة سنة من استقلال البلاد، بعدما تمكّنت النخبة التغريبيّة الحاكمةمن تحطيم معظم البنى التحتية للمجتمع والدولة، مثل: إلغاء الأوقاف والمحاكمالشرعية والتعليم الزيتوني وتفكيك العلاقات الأسرية والعشائريّة، وتبلورمعالم دولة سلطوية تلغي دور المجتمع وثقافته الأصلية ومؤسساته المدنيّةمماّ  أحدث بالتدرّج اختلال توازن بين الدولة/ الحزب/ الفرد من جهةوالمجتمع من جهة أخرى. لقد تساند الوجه التغريبي بالوجه الإستبدادي للدولةالناشئة بعد الإستقلال لكي ليعيد للحياة  التونسيّة موضوع الهويّة والحريّةوالعدالة الإجتماعيّة بقوّة وعنفوان عبّرت عنه حركات اجتماعيّة وسياسيّةوثقافيّة مختلفة من بينها الصحوة الإسلاميّة التي أحييت مفهوم التوحيدأساسًا واطارا لشؤون العبادة والحياة، للشأن الفردي وللشأن الإجتماعي علىالســـــواء مصداقـا لقوله تعالى: { قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للهرب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} سورة الأنهامالآية. 164~165 . 
لقد جاءت الحركة الإسلاميّة امتدادا لجهود الإصلاح والتجديد الفكري علىصعيد البلاد والعالم الإسلامي ولنضال الحركة الوطنيّة والنقابيّة من أجلالتحرّر السياسي والثقافي والإقتصادي . وما لبثت جهودها المباركة أن ساهمت بحيوّيّة  في تجديد  قيم الإسلامالخالدة والإنتقال بها من موقع الهامشيّة الى قلب الصراع الثقافيوالإجتماعي والسياسي، وأطّرت قطاعا واسعا من الشباب ضمن وجهة معتدلة في فقهالإسلام، فاستنقذته من الضياع الأخلاقي والثقافي ودفعته الى الحضورالإجابي والفاعل في مؤسسّات المجتمع المدني.
8. ولكن لم تكن لتقبل النخبةالنافذة  آنذاك بجلّ شرائحها أن تقتحم الحركة الإسلاميّة الناشئة ساحاتالعمل السياسي والإجتماعي لما مثّله ذلك الإقتحام من مفاجأة وتهديد للأساسالتغريبي والإستبدادي الذي قامت عليه دولة ما بعد الإستقلال، ولما مثلتهالتطلعات الإجتماعية والسياسية للحركة الإسلاميّــة من دعم للحركةالنقابيّة والطلابيّة وحركة التحوّل الديمقراطي فقد انتهت الفآت الحاكمةالى اعتبارها تهديدا جادا لمصالحها الفئوية وشنت عليها حملات متلاحقة لاتزال متواصلة تخللتها فترات هدنة.
ورغم تأكيد الحركة على أولويّة المهمّة الفكريّة والتربويّة والثقافيّة فيكلّ خططها وبرامج عملها، الاّ أنّ العمل السياسي وبسبب هيمنة الدولة على كلالفضاءات، كان دائما يعود ويتمدّد بسرعة فائقة ليحتلّ الصدارة في سلّمالأولويات ويطغى على سائر اهتمامات الحركة ومناشطها، وغالبا ما يلقيبالحركة في قلب الصراع وجها لوجه مع جهاز الدولة المتوجّس من كل صوت معارضجاد و المتحفّز للمواجهة والصدام. لقد كان لهيمنة الفضاء السياسي علىالفضاءين الدعوي والثقافي النتائج السلبية على مسيرة الحركة وتطوّر الصحوة.  
في المنهج التغييري:
9. لقد حدّدت الحركة طبيعةمنهجها التغييري منذ الإعلان عن نفسها في 6 جوان 1981 باعتبارها حركةعلنيّة سلميّة تنبذ العنف كأداة للوصول الى السلطة أو التمسّك بها، أوكوسيلة للتعامل بين القوى السياسية والإجتماعية والثقافية المتنافسة. ورغمتأكيدها عبر كلّ أدبياتها على تمسّكها بالمنهج العلني  السلمي، لم تجد منخصومها غير الرفض والتصدّي بالقوّة الماديّة والمعنويّة. وقد ولّد ذلك لدىأبنائها قناعات مزدوجة جعلتهم موزّعين بين مجموعة من الثنائيات: كالسريّةوالعلنيّة، ممّا جعلهم يخلطون في بعض الأحيان بين متطلّبات العمل العلنيوالنضال السياسي والإصلاح المتدرّج من جهة، ومتطلّبات العمل السرّي الذيفرض على الحركة والتغيير الجذري من جهة أخرى. ومن هنا وقع استدراج الحركةلمخالفة استراتيجيتها بالدخول في مواجهة لطالما حاولت تجنبها، حيث اتّخذتأثناء مواجهتي 1987 و 1991 من الشارع مجالا لتحرّكاتها التعبويّة تصديّالعنف الدولة وغطرستها، كما اضطرّ بعض الشبان للقيام ببعض المبادراتالفرديّة تمثّلت أساسًا في استخدام المولوتوف ردّا على مداهمات البوليسواطلاق الرصاص والإعتقال العشوائي والتعذيب حتى المــوت.
في العلاقة مع السلطة.
10. خيّمت أجواء المواجهاتعلى العلاقة بين السلطة والمعارضة السياسيةعموما منذ توليّ الرئيس الراحلبورقيبة الحكم عام 1956 ، فمن اليوسفيين في الخمسينات الى القوميينواليساريين في الستينات وبداية السبعينات، مرورا بالاتحاد العام التونسيللشغل عام 1978، وصولا الى الحركة الإسلاميّة منذ بداية الثمانينات 1981~1987 الى المواجهة الأخيرة 1990~1993 التي شكّلت منعرجا خطيرا فيتاريخ تونس السياسي بما احدثته من تراجع خطير واختلال في التوازنات بينالدولة والمجتمع لصالح الطرف الأول.
11.  جاء تغيير 7/11 /87حافلا بالوعود والشعارات التي تبشّر بالحريّة والديمقراطيّة ورفع الوصايةعن الشعب وعدم اقصاء أيّ طرف في المجتمع، وتفاعلت مع وعوده وشعاراته الحركةالإسلاميّة وسائر القوى والأحزاب الوطنيّة تفاعلا ايجابيا طموحا، الى أنبدأ التراجع وحصلت الأنتكاسة بعد عام ونصف من  » التغيير » وبدأ العدالتراجعي بدءا بمواجهة الحركة الإسلامية وانتهاءا بسائر مكوّنات المجتمعالمدنـــي. فما هي الأسباب التي دفعت بالأوضاع ، بعد حوالي سنتين من التغيير، الىمواجهة ضارية بين السلطة والحركة ما فتئت انعكاساتها السلبية تتّسع لتطالكلّ الأصوات الحرّة ولتعلن عن تعطّل الحياة السياسيّة.
12. لقد بدأت السلطة مرحلتهاالأولى بالدفاع عن نظريّة « الديمقراطية المتدرّجة » و  » الإصلاح المرحلي » وبالتأكيد على أن الرئيس محتاج الى الوفاق الوطني حتى ينجز التغييرالديمقراطي. والحقيقة أن الحركة الإسلامية كباقي نخب البلاد وتياراتهاالفكريّة والثقافية بذلت جهودا كبيرة في البحث عن هذا الوفاق وعن السلمالسياسي والمصالحة الوطنيّة، وبتزكيتها للحكم الجديد ودخولها في الحوار معهمن أجل تسوية آثار العدوان الذي استهدفها في آخر فترة الحكم البورقيبي،والبحث عن صيغ قانونية وفاقية لتأطير عمل الحركة الإسلامية ضمن القوىالثقافية والسياسية الوطنية الأخرى مستقبلا.  
13.  ورغم التنازلات السياسيةالتي أقدمت عليها الحركة، من امتناع عن أي احراج أو ضغط اتجاه السلطة،وقبول الدخول في الميثاق الوطني بغير صفتها الرسميّة ورغم ما تضمنه من بنوداقصائيّة، وتغيير اسمها من الإتجاه الاسلامي الى حركة النهضة استجابةللشروط اللاديمقراطية التي فرضها النظام في قانون الأحزاب ، رغم كل ذلكن لمترفع المظالم القديمة عن الحركة الاّ جزئيا وامتنعت السلطة بوضوح وإصرارعن الإعتراف بحق الحركة الإسلامية  في العمل الثقافي والدعوي والسياسيوالإجتماعي والقانوني.
14.  و لقد ساهم في تبلورالقطيعة المعلنة بين الحركة الإسلامية والحكم، مشاركة الحركة في جلّ دوائرالإنتخابات التشريعية لسنة 1989 عبر قوائم مستقلّة، بسبب حرمانها من حقوقهاالسياسية والمدنيّة، وحصولها على نتائج مبهرة فاجأت الحركة نفسها وسائرالقوى الأخرى حيث كشفت عن التعاطف الشعبي الكبير الذي تتمتّع به الحركةالإسلامية ورغبة الشعب الجامحة في التغيير. وفي الوقت الذي اعتبرت قيادةالحركة هذه المشاركة الواسعة، تسرّعا وتجاوزا لسياستها في التدرّج فيالمطالبة بالديمقراطية وتحقيق الإصلاح السياسي دون تعريض التوازنات القائمةللخلل الفادح، سيطرت القراءة الأمنيّة للحدث على عقل السلطة وانطلقتأجهزتها في إحصاء وتتبّع ومضايقة المرشحين والمزكّين وحتى الناخبين للقوائمالمستقلّة بعد ذلك. وقد زيفت السلطة الإنتخابات على نطاق واسع وأعلنت عن فوز الحزب الحاكم بكلمقاعد البرلمان، موّجهة بذلك ضربة قاسية لإرادة التونسيين ومجهضة لآمالالشعب ونخبه المختلفة في تحقيق حد أدنى من التعددية السياسية.
15. وفي خلال كل ذلك كانالأسلوب الأمني يتضخّم ويتمدد باضطراد على حساب المنهج والهياكل السياسيةللدولة وعقلها المفكر حتى تمكنت المؤسسة البوليسية من الإستلاء عليها. وساهم ذلك في تصلّب موقف السلطة تجاه الحركة. وقد غذّى هذا التوجّه نحوالقطيعة والتصلّب تسرّب بعض الإنتهازيين المحسوبين على اليسار داخل أجهزةالحزب والدولة ومساهمتهم في التخطيط لمشروعِ « تجفيف الينابع » الذي كشفتهوسائل الإعلام فيما بعد من أجل استئصال الحركة الإسلامية وتدمير الهويةالعربية الإسلاميـــــــــة.
يضاف  الى كلّ ذلك تبلور مناخ عالمي مشجّع لمشاريع التصديّ لحركات الصحوةالإسلامية تحت لافتة مقاومة  » الخطر الأصولي » ولا سيما إثر النجاح الكاسحالذي حقّقته الحركة الإسلامية في الجزائر. تظافرت كل هذه العوامل لتزيد فيقناعة السلطة التونسية بتبنّي  » مشروع الإستئصال » ليس فقط من أجل التخلّصمن خصم سياسي يتضخّم حجمه يوما بعد يوم ، ولكن أيضا من أجل التبشير بهذاالمشروع الجديد والعمل على تصديره كأنموذج لمواجهة « الخطرالأصولي » علىالمستوى الدولي ، بحثا عن الدعم الخارجي.
16. كان انتقال موقف السلطةإزاء الحركة من سياسات « سحب البساط » الى مشروع الإستئصال ، عاملا رئيسا فيتصلّب موقف الحركة ونزوعها الى العمل السرّي والتخطيط لـ  » استجماع  شروطالإستعصاء » وهي خطّة دفاعية قصد منها أن تستعصي الحركة على الإستئصال،بتوفير أسباب المناعة الداخليّة والتحصين الخارجي حتّى لا  تقصمهاالضربـــــة.
ولكن أمام اتساع الأحداث وتفاعلها ، وخاصة بعد تكثف حملات الإعتقال في صفوفكوادر الحركة وسقوط عدد من الشهداء تحت التعذيب الوحشي وبرصاص البوليس،أخذت الخطّة طابعا  ايجابيا هجوميّا واستبدل شعار الأستعصاء بشعار جديد هو »استجماع الشروط من أجل فرض الحريات » باعتبار أن الحريّة لم  يعد بالإمكانطلبها بل بات من الضروري فرضها وافتكاكها عبر كلّ وسائل النضال المدنيوالتعبئة الجماهريّة.
17. بلغ النتاقض بين الطرفيننقطة اللاعودة، وأخذت الاستراتيجيات المتقابلة طابع الصدام والتنافي بدلالوفاق والتصالح، وارتفعت درجة الإستقطاب بين مشروع السلطة وعنوانه « الإستئصال » ومشروع الحركة وعنوانه  » فرض الحريات » من أجل تغيير موازينالقوى لصالح المجتمع وكسر شوكة الدولة المتغوّلة.
وفي مثل  هذه الظروف المتوتّرة لا مناص من حدوث  التجاوزات وخاصّة الفرديةمنها، فكان أن حصلت  » حادثة باب سويقة » المتمثلة في مهاجمة بعض الشبانالإسلاميين لأحد مقرات الحزب الحاكم بالعاصمة وحرقهم لها مما أدى الى حادثمؤسف تمثل في وفاة أحد الحراس. وقد مثّل هذا الحادث منعرجا حاسما في  تاريخالصراع بين السلطة والحركة. ورغم استنكار الحركة الرسمي لهذه الحادثةالمعزولة والمؤسفة، على ما أحاط بها من غموض، واعدام السلطة الذين قاموابها بعد محاكمتهم، فقد اتّخذتها ذريعة جديدة للاستمرار بخطى حثيثة في مشروعتجريم الحركة والتنكيل بأبنائها وكل من له صله ـ ولو هامشية ـ بها.
18. لقد انهار  » منهجالتدرّج » الذي ادعته السلطة لتحقيق الديمقراطية، وانقلب الى شعار فضفاضفاقد لأيّ مصداقيّة. وأكّدت الأحداث فيما بعد أنه استخدم للدعاية والتغطيةعلى مشروع الإستئصال وترك المعارضة تعيش على التمنّي المتدرّج الى أن تمّالإجهاز على الحد الأدنى لمعالم الديمقراطية وهو حق التعبير وإبداء الرأي. واختلّ التوازن بصورة كليّة لصالح الدولة بل لصالح جهاز الأمن ومراكزالنفوذ على حساب المجتمع الذي حطّمت جلّ دفاعاته.
19.  ومن أجل تجنيب البلادخطر السقوط في حرب أهليّة مدمّرة بما تجرّه من خسائر في الأرواح والعمرانقرّرت الحركة ـ ومن جانب واحد ـ منذ 1992 التخلّي  عن خطتها التي أساسهافرض الحريات، رعاية منها للمصلحة العامّة وتحمّلا منها للمسؤولية  أمامالله وأمام العباد، رغم تمسّك السلطة الى حد الآن باستراتيجية الإستئصال،محتسبة ما أصابها في سبيل الله، وملتزمة بالصبر الجميل . وقد برهنت الأحداثأن منهج ,, التدرّج في تطبيق الديمقراطية,, لم يكن الاّ مظلّة للتغطية علىمشروع الإستفراد بالسلطة وسياسة الحزب الواحد والهيمنة على المجتمع وإجهاضالأمل في التغيير الديمقراطي ودفع المجتمع الى التفسّخ العام والسياسة الىالمـــــوت.
في العلاقة بالمعارضة
20. رغم الاختلافات الفكريةوالسياسية بين الحركة الإسلامية وباقي التيارات والأحزاب ، فلقد عرفت تونسفي الثمانينات أشكالا مختلفة  من التقارب والتعاون الوطني والتنسيق المشتركبين الأطراف السياسية الوطنية على أرضية النضال من أجل الديمقراطيةوالتعددية والعدالة الإجتماعية واحترام حقوق الإنسان، حتى كادت تتميزالحالة التونسية بهذه الخاصيّة الحضارية، بما ساهمت به الحركة الإسلامية فيتونس من تجديد في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر تأصيلا لمعاني التعدديةوالديمقراطية واعترافا بحق الإختلاف.
ولكن رغم وعي الحركة بضرورة  تعميق الروابط مع كلّ مكوّنات الفضاء السياسيوالمجتمع المدني، وبذلها جهود فكرية ومساعي عملية في اتّجاه ذلك، فإنّها لمتوفّق في بناء قاعدة ائتلافية متينة مع النخبة وبقيّة أطراف المعارضةالوطنيّة تتأسس على تقدير موقف مشترك من الأوضاع وسبل تغييرها، ممّا عمّقظاهرة الإستقطاب الثنائي بينها وبين النظام، ودفع قطاعا من النخبة امّا الىالإنحياز الى السلطة نتيجة لتضخّم صورة الحركة أو لاعتبارات إيديولوجيةومصلحية قاصرة، وإمّا الى الإنطواء على الذات  واعتزال العمل السياسيوالثقافي والإجتماعي، لقد أخطأت الحركة بتبنيها خطة تصعيدية ضد مشروع  الإستئصال دون مراعاة طاقة المعارضة الوطنية واستعداداتها ، وكذا الوضعالشعبي والإقليمي والدولي. وأخطأت المعارضة في غالبيتها عندما انخازت إلىالسلطة وراهنت على إمكان تحقيق ديمقراطية عبر اقصاء طرف  رئيسي فيالمعارضة: النهضة.
في التفاعل مع الأحداث الإقليمية والدولية:
21. تزامنت المواجهة الأخيرةالتي عاشتها الحركة والبلاد مع أحداث دولية  وإقليمية كبيرة لم تحسن الحركةالتفاعل معها وتقدير انعكاساتها وتداعياتها. فقد تأثرت الحركة بتطوّر الوضع الجزائري منذ أحداث أكتوبر 1988 وما تبعهامن تحولات مفاجئة وفورية نحو تبلور مظاهر ديمقراطية حقيقية وتعدّدية شاملة. وتفاعلت الحركة بحماسة مع الإنتصارات المتتالية للحركة الإسلامية وتقدمالديمقراطية بتسارع مذهل والقطع مع مرحلة الحكم الفردي ونظام الحزب الواحد. وظنّت أن هذه الإنتصارات غير قابلة للتراجع، دون تقدير لاحتمالاتالإنتكاسة، فرفعت سقف مطالبها السياسية حتى اذا حصل الانقلاب على المسارالديمقراطي، وجدت الحركة نفسها تخوض المواجهة بمفردها في ظلّ أوضاع محليّةوإقليميّة محكومة بانكفاء شعبي وبتمدد دولي خصوصا مع حرب الخليج.
لقد خدمت حرب الخليج الثانية النظام في خطته الإستئصالية ، حيث استغلانشغال الرأي العام الوطني والدولي بالحدث الخليجي، وسلط آلة قمعه الرهيبةعلى الحركة والصحوة الإسلامية عامــــة، متظاهرا بموقف مساند للعراق ومعارضللتحالف الغربي استقطب به المعارضة ولكن سرعان ما انقلب عليه كليا بعدتنفيذ القدر الأكبر من خطته الداخليــــــّة. خلاصـــــة: 22. نخلص من كلّ ذلك الى أنّالتجربة المريرة التي لا تزال تعاني منها البلاد منذ عام 1990 وأدت الى هذاالمأزق الخانق وموت السياسة تتحمل مسؤوليتها السلطة ثم الحركة ثم المعارضةعامة بجرّ البلاد الى التشابك وهدر الطاقات بدل التنازل المتبادل وحتى منطرف واحد، والبحث عن الوفاق تغليبا للمصلحة الوطنية العليا.
لقد كان يسعنا أن نصبر أكثر على ظلم السلطة وأذاها ونحتسب ذلك لله عز وجلونتحصن بشعبنا ونلتحم بنخبه الوطنية الجادة ملتزمين بنسق مطالبها دونمجاوزتها، من أجل تجنب ما تأدت اليه البلاد من تدهور ومآسي ومأزق مستحكم.
23. إنّ بلادنا اليوم في أشدّالحـــــاجة الى مراجعات عميقة من طرف الجميع من أجل التوصّل الى نهوضحقيقي يقوم على توازن جديد قوامه الثقة المتبادلة وإشراك المواطن في الحياةالسياسية والإجتماعية والثقافية ورفع كابوس الخوف والرعب عن التونسيينجميعًا، ونزع فتيل التوتّر وفكّ الإشتباك بين السلطة والمجتمع.
24. إنّ تـــــــــــونس تزخربطاقات بشرية هائلة وكفاءات مسؤولة راقية، قادرة على أن تخوض تجربةديمقراطية نموذجية . ولكنها لن تتحوّل بين عشيّة وضحاها من نظام آحاديهيمني الى نظام تعددي متفتّح. فممارسة الديمقراطية بحاجة ولا شك الى تدرّجصادق غير مغشوش، تدرّج ترسم أسسه ومنهجه ومراحله كلُّ الأطراف الوطنيةوالقوى الإجتماعية.
25. وممّا لاشك فيه أن منمقتضيات التدرّج الديمقراطي الحقيقي وشروطه الأساسية تحقيق الإنفتاحالسياسي والتخلّي عن ثقافة التناحر والتصادم والإقصاء ، والتمسّك بالإعتدالوالدخول في حوار جامع وعميق. ولن يتأتى ذلك الاّ بمبادرة النخبة التونسيةبالانفتاح على بعضها البعض وضبط قواعد الحوار الوطني المنشود ومقوّماتهودفع السلطة الى الإنفتاح من أجل الوصول الى المصالحة الوطنيةالشاملـــــــــــة.
26. تلك هي جملةالــــــــــــــــــــــــدروس والعبــــــــــــــــــــر التي استخلصتهاحركة النـــــهضة من مسيرتها وتجربتها السياسية إثر سلسلة الحوارات التيدارت بين أبنائها، وهي ترى فيها نبراســــــــا للجميع دون استثناء من أجلفتح صفحة وطنية جديدة وبناء مستقبل أفضل للبـــــــــــــــــــــــلاد.  

الفصل الثاني خلاصات تحليلية

ملامح المشهد السياسي الراهن في تـــــونس 1. مشروع السلطة:

إنّ النظام السياسي في تونس بوليسي فردي مركزي يتركّز حول شخص رئيس الدولةتشاركه النفوذ من وراء ستار جملة من مراكز النفوذ المتصارعة تتجمّع حولهافعاليات سياسية وثقافية انتهازية وذلك بعد أن أصبح الحزب الحاكم لا يمثّلالاّ اطارا شكليا ينتمي إليه الناس رغبة ورهبة، انتماء ذا طابع تأمينيانتهازي لا سياسي. كما صارت هياكل الحزب خالية من الرموز السياسيةوالتاريخية المعروفة بنضالها الوطني، وأزيحت كل القيادات التي لها رأيمستقل فضلا عن التي تشكّل منافسة ما لرئيس الدولة والحزب. ولا تزال فكرةالإستئصال ~ ليس استئصال الحركة الإسلامية فحسب ولكن استئصال كلّ معارض جادخرج عن الصفّ وتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمت له~ الفكرة الرئيسيةالجامعة لهذه الأطراف من أجل المحافظة على السلطة والثروة وإحكام القبضةعلى البلاد.  
2. وضع المعارضة:
كثّفت السلطة من ضغوطها السياسية والأمنية على المعارضة الرسمية حتى تظلّهامشية وصورية كما أريد لها، وحتى لا تلعب دورها الوطني في الدفاع عن مصلحةالشعب والبلاد وترسي خطابا نقديا معارضا تجاه السلطة.
ورغم انسياق هذه المعارضة إجمالا وراء سياسة الحكم في مواجهة الحركةالإسلامية والقوى الديمقراطية الحقيقية وتقديهما العديد من التنازلات، الاّأنها لم تكافأ الاّ بمزيد من التضييق والمحاصرة، ولم يجلب لها غيابالإسلاميين~ الذين كانوا يحدون من تغوّل الدولة~ عن الساحة السياسية سوىالمزيد من التهميش بسب هيمنة الحزب الحاكم واحتكاره لكلّ مجالات الحياةالسياسية في البلاد.
وما حصل أخيرا لزعيمي حركة الديمقراطيين الإشتراكيين السيدين محمد مواعدةوخميس الشماري من اضطهاد، وللتجمع التقدمي الإشتراكي من مضايقات، ليس الاّدليلا صارخا على حالة الإنسداد التي تأدّت إليها  أوضاع البــــــلاد.
3. النخبة والمجتمع المدني:
بقدر ما نجح مشروع السلطة في الإحاطة بالمعارضة الرسمية وترويضها، بقدر ماأخفق في الإطباق على جميع شرائح النخبة وإفقادها شرعيتها الفكريةوالسياسية. ولئن انخرط قطاع من النخبة في البداية في برامج السلطة بدعوى التصدّي  » للخطر الأصولي » ، فإنّ جزءا مهمّا وحيويا من النخبة ظلّ صامدا ورافضالمساومات النظام وضغوطه وقد عبّر عن ذلك بسلسلة من العرائض والإحتجاجيةوالتحرّكات الإعلامية والحقوقية الشجاعة غير آبه بالتهديدات الأمنيةالمسلّطة عليه، قادها عدد من الرموز الوطنية مثل الدكتور المنصف المرزوقيوالدكتور مصطفى بن جعفر والأستاذ نجيب الشابي وغيرهم.
4. وضع حقوق الإنسان:
يشهد وضع حقوق الإنسان في بلادنا انتهاكات واسعة وخطيرة طالت عددا مهمّا منالمعارضين على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والسياسية ، حيث بلغ عددالمضطهدين سجنا واعتقالا ومحاكمة منذ 1990 ما يقارب 40.000 ضحية حسبتقديرات المنظمات الإنسانية الدولية والعربية  وشهادة بعض المحامينالتونسيين. واستشرت أصناف التعذيب البدني والنفسي حتّى ذهب ضحيّتها قرابة 60 مناضلا، نحسبهم شهداء باذن الله عز وجل، قتلوا بمحلاّت الشرطة ومختلفالسجون التونسية.
كما يتعرّض المساجين الى التعذيب المتواصل وأصناف من الإهانات تتنافى وكلّالقيم الإنسانية والقوانين التونسية والدولية. وتخضع عائلاتهم وأقاربهم الىسياسة تجويع محكمة إمعانا في إذلالهم ومحاولة يائسة لتحطيم معنوياتالمساجين وثنيهم عن مواقفهم وأفكارهم. وتتعرّض زوجات المساجين والمناضلاتالإسلاميات والمتدينات والديمقراطيات بصفة عامة الى ألوان من الإضطهادتستنكرها كل شرائع السماء وقوانين الأرض. وقد كشفت تقارير المنظماتالإنسانية والدولية والعربية عن حقائق مفزعة تعكس حربا همجية على المرأة فيتونس توسعت فيها دائرة الإنتهاكات وضحاياها لتصل الى استهداف الناس فيحقوقهم الأساسية المتعلّقة بالعبادة وحريّة اللباس والتنقّـــــل.
5. المنظمّــــات الوطنية:
اعتمدت السلطة في تنفيذ مشروعها الإستئصالي للحركة الاسلامية في البدايةولكلّ نفس معارض فيما بعد على احتواء المنظمات الوطنية الفاعلة. ولئن نجحتفي السيطرة على معظم قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل وتدجينها، فقدأخفقت في ترويض الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وضرب استقلاليتهاأو تحييدها رغم المساعي المتكرّرة في هذا الإتجاه والهجمات المتتالية التيسلّت عليها. حيث ظلت الرابطة من آخر الحصون التي بقيت تدافع عن الحقوقالمدنية والإنسانية في البلاد. كما أنّ  قواعد المنظمة العالمية وقياداتهاالوسطى بدأت هي الأخرى تخوض جملة من التحرّكات الإحتجاجية على خياراتالسلطة الإجتماعية والإقتصادية. لقد مثل اضعاف الإتحاد العام التونسي للشغلكما توقّعنا منذ الهجوم عليه سنة 1986 ثم ضرب العمل الطلابي المدخل الرئيسللسيطرة على المجتمع واضطهاد القوى الحية في البلاد، وتفكيك مؤسساتالمجتمع المدني واحدة تلوى الأخرى ، بدءا  بالجامعة والحركة الطلابية ، الىالكشّافة والمنظمات الشبابية والمحامين الشبان والقضاة والنساءالديمقراطيات . ومع كل ذلك لا يزال الإتحاد يمثّل الاطار الأكثر أهليةللتأطير نضالات النقابيين ويتبنى قضايا المتضررين من سياسة الحكومةالمنحازة ضد الحركة العماليـــــة.
6. الجـــــامعــــة.
لقد ساهمت الجامعة التونسية بالإضافة الى دورها العلمي والأكاديمي في تنميةالوعي الفكري والسياسي وربط الطلبة بقضايا المجتمع الحيوية ، بما تحقق فيمؤسساتها من مكاسب على صعيد حريّة الرأي والتجمّع ، بحيث كانت حقلاًمتميّزا للحوار والصراع بين التيارات الفكرية والسياسية المختلفة المحرومةمن مجرّد حق التعبير خارج الحرم الجــــامعي. لقد ساهمت الحركة الإسلاميةفي تنمية الدور الطليعي للجامعة والحركة الطلابية في المجتمع بتثبيتهالشعار الحرية للجميع دون اقصاء ولتأصيلها للبعد الثقافي في الحياةالجامعية. ولقد تراجعت هذه المكاسب مع الحكم القائم الى درجة فرض نظامأمني  سلطوي على الحياة الجامعيّة بإلغاء الإتحاد العـــام التونسيللطلبـــــة واضطهاد مناضليه والتضييق على الإتحاد العام لطلبة تونسومصادرة حق الأساتذة والطلبة معا في الاستقلال بالفكر والتعبير عنهوالمساهمة في التنمية الثقافية الجادّة للجامعة والبلاد.
7. الوضع الإعــــــلامي:
لم تشهد البلاد في تاريخها المعاصر هيمنة كليّة للسلطة على وسائل الإعلامبكلّ أصنافها المكتوبة والمسموعة والمرئية مثلما هو حال اليوم. لقد حوّلتالآلة الإعلامية الى سلطة تابعة ومتناقضة مع مهامّها الجوهريّة في خدمةالحقيقة وحريّة التعبير والرأي. واختصّت بعض الوسائل الإعلامية التابعةللسلطة في تشويه الرموز الفكرية والسياسية بأسلوب غاية في الإسفاف والهبوط. كما مارس النظام كلّ الضغوط والإنتهاكات على جهاز النشر والتوزيع، فسيطرعلى دور النشر وضيّق على المكتبات وحاصر معرض الكتاب العربي ومنع الصحفالأجنبية الهامّة وطارد ممثلّي أجهزة الإعلام الدولية وأغلق بعض مكاتبهاحتى تحوّلت صورة الدولة التونسية رمزا لمعاداة الكلمة الحرّة وانتهاك حقوق 8. الوضع القيمي والثقافي:
إن الأزمة الشاملة التي تعاني منها البلاد ترجع بالأساس الى انهيار نظامالقيم واهتزاز البناء الثقافي للمجتمع. فلقد امتد الإستبداد السياسي للدولةمن مجال الصراع السياسي  وضرب التعددية وتعطيل آلية المشاركة الى استهدافمعالم الصراع الثقافة والفكر والقيم وعالم الرموز التي تتأسس عليه هويةالبلاد العربية الإسلامية. ولقد نهجت السلطة السياسية  في ذلك منهجا أمنيّايقوم على تجريم التديّن والإلتزام الخلقي وحاربة مظاهره  في السلوك الفرديوالجماعي حتى غدت الاستقامة شبهة والتدين جريمة يعاقب عليها القانون وفيهذا الأطار منع الكتاب الإسلامي من التداول وحرّم ارتداء الزي الإسلامي (الحجاب) وأمّمت المساجد…وفي مقابل ذلك ما فتئت السياسة الثقافية للنظامتروّج لمظاهر التحلل الخلقي وتشجّع الإثارة والإبتذال وتدعم الإنتاج الفنيالذي يدعو الى خدش الحياء وتهديد تماسك الأسرة مما أدى الى تدهور خطير علىالمستوى التربوي والأخلاقي فتفشّت الجريمة وازدادت العائلة تفككا كماانتشرت الأمراض الإجتماعية مثل الرشوة والمحسوبية وتعاطي المخـــــدرات.
إن أزمة القيم التي صارت تعاني منها البلاد تنذر بمخاطر تهدد توازن المجتمعواستقراره وتضامنه ما لم تتم مراجعات عميقة على خذا الصعيد والتخلي عنسياسة محاربة الهويّة ومظاهر التدين والكف عن اشاعة الثقافة المبتذلة.
9. الوضع الإقتصادي والإجتماعي:
أما على الصعيد الإقتصادي ، فإن الحكومة التونسية ما فتئت تروّج منذ سنواتللنجاح الباهر الذي حققته في هذا المجال ، وتشاركها في هذه الدعاية بعضالجهات الدولية المستفيدة من هذا الوضع، حتى وصل الأمر الى تبرير ما فشا منانتهاكات واسعـــة لحقوق الإنسان ومن انغلاق سياسي وتكميم الأفواه ،بالضريبة الضرورية للتقدم افقتصادي.
10. لكن رغم تواصل هذهالمغالطة ، وتعدد التثمينات وشهادات الإستحسان الأجنبية ، فإن الأصواتالمناهضة لخيارات السلطة الإقتصادية وتطبيقها المتعسّف والمكلّف لسياساتالإصلاح الهيكلي منذ ثمانية سنوات ، تظهر من هنا وهناك في الداخل والخارجبعدما بدت تنكشف يوما بعد يوم سوءات برنامج الإصلاح الهيكلي وآثاره السلبيةعلى الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي .
11. ويدور السؤال الاقتصاديفي تونس اليوم حول حقيقة نتائج الإصلاح الهيكلي بين الدعاية والواقع بعيداعن كل خطاب سياسي مفرط في التفاؤل أو التشاؤم. والمتتبع لما يصدر من حينلآخر حول الوضع الإقتصادي التونسي ولا سيما عن الأوساط المهتمة مباشرة بهذاالوضع، يلحظ أن هذا الإقتصاد بعد عشر سنوات من التجربة ، لا يزال يعاني منمصاعب حقيقية واختلالات جوهرية من أهمّها :
   
12. هشاشة النـــــمو:
يعاني اقتصاد البلاد من هشاشة نمو واضحة وخطيرة تعكسعا التقلبات الحادةلمعدّل النمو العــــام، بما يؤكّد الطبيعة الهيكلية لأزمة النمو والتنميةفي البلاد وظرفية الإنتعاشة التي  تطرأ من حين لآخر جرّاء تحسّن الظروفالطبيعية أو تدفّق الإسعافات الخارجيّة. فمنذ بداية تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي ، شهدت معدّلات النمو للنتائجالإجمالي تقلّبات حادة تراوحت بين 0,1%  عام 1988 و 8 %  عام 1992  و2,1 % عام 1993، كما  أنّ موسم 1994 لم يسجّل عودة الإنتعاشة المنتظرة واقتصر علىمعدّل متواضع 3,3 % ، بينما تشير الإحصاءات الدولية في هذا الصدد الى بقاءالأمور على حالها في العام الماضي ( المصدر: الميزان الإقتصادي 1996).
13. تواصل الإختلالات:
لجأت تونس لسياسات الإصلاح الهيكلي في أواخر عام 1986 أي قبيل تغيير 1987.11.7 ببضعة أشهر، وكانت البلاد يومئذ على حافة الإنهيار والإفلاسالإقتصادي . وكان الهدف الأساس من وراء هذا الخيار إصلاح الإختلالاتالهيكلية التي تأدّي إليها اقتصاد البلاد وفي مقدّمتها العجوزات الماليةالتي تعاني منها الموازين الإقتصادية الكبرى.
واليوم، تشير الأرقام الرسمية الى تواصل الإختلالات بشكل عام، برغم التطبيقالحرفي لبرنامج الإصلاح الهيكلي وتدفّق الإمدادات المالية المترتبة عليه. فميزان المدفوعات يقدّر عجزه عام 1995 بـ 690 مليون دينار أي بما يعادل: 4%  من الناتج الإجمالي الخام، بينما كان في حدود 195 مليون دينار عام 1986قبيل تطبيق البرنامج.
وعجز الميزان التجاري يقدّر بـ 2411 مليون دينار عام 1993، بينما كان فيحدود 833 مليون دينار عام 1986، وهو يتراوح حوالي 1900 مليون دينار 1994 ،كما أنّ ميزانية الدولة تشهد بدورها عجزا متفاقما: من 284 م د عام 1994 الى 276 م د عام 1995، ويتوقع أن يصل الى 385 م د عام 1996 (المصدر: البنكالمركزي التونسي~ التقرير السنوي 1994~)
14. كما تشير الإحصائياتالمتعلّقة بالمديونية الى استمرار الحكومة في مخطّطاتها الإنمائية فيالإعتماد على القروض ومواصلة خيار الإستدانة الذي دخلت فيه البلاد منذالسبعينات.فقد تضاعف حجم الدين الخارجي خلال فترة تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي من 4305 م د عام 1986 الى 8701 م د عام 1994 ثم 9240 م د عام 1995 وتتوقعالتقديرات الرسمية أن يبلغ حجم الدين 9987 عام 1996 أي بما يعادل نسبةتداين 25,1 % ولا يزال معدّل خدمة الدين يشكّل عبءا ثقيلا على ميزانيةالدولة سنويا: 1445 م د عام 1994 و 1565 عام 1995 بما يعادل حوالي 18 %  منعائدات التصدير. (نفش المصدر)
15. بالإضافة الى تلكالإختلالات التقليدية، ساهمت سياسة الإصلاح الهيكلي في تكريس الإختلال بينقطاعات الإنتاج الأساسية من جرّاء تورّم قطاع الخدمات الذي أصبح يستحوذ على 53 % من الناتج القومي على كل من القطاعين الزراعي 16 % والصناعي 31 % كماتراجعت هذه القطاعات الإنتاجية نفسها مقابل صعود ما يسمّى بالقطاع الرمزيالقائم على المضاربة المالية في الأسواق المحليّة والأجنبية. وتحوّل نشاطالمصارف والبنوك من الإستثمار في القطاعات الإنتاجية التقليدية الىالإستثمار في البورصات التي شهدت دعما ملحوظا من قبل الحكومة في السنواتالأخيرة.
16. وعلى الصعيد الإجتماعيأدّت هذه السياسات الى تفاقم البطالة وخاصّة في أوساط المتعلّمين: 150 ألفتلميذ يطردون سنويا من جهاز التعليم دون تكوين، ممّا جعل من النظام التربويالتونسي عائقا إضافيا للتنمية بعدما كان محرّكا لها. ويقدّر معدّل البطالةرسميّا بـ 17 %  بما يناهز 400 ألف عاطل عن العمل، بينما تشير الإحصائياتغير الحكومية الى ضعف هذا العدد، كما أن نسبة 70%  من العاطلين لا يتعدّونالثلاثين من العمر.
وتشير التقديرات الى تنامي البطالة في السنوات المقبلة من جرّاء التسريعالمتعسّف في تحرير الإقتصاد الذي يهدد حوالي 20 % من الصناعات الوطنيةبالإندثار ، وفي مقدّمتها صناعة النسيج التي شكّلت الى وقت قريب أهمّ موردمن العملة الأجنبية وتضمّ ما يزيد عن 1500 مؤسّسة إنتاجية وتوفّر أكثر من 100 ألف موطن شغل.
والخطير أن جزءا مهمّا من هذه المؤسسات اضطّر الى الإفلاس وتسريح ما لديهمن عمّال، كما أن مستوى الإستثمار في هذا القطاع تدنّى بمعدّل 52 %  عام 1993.
17. ومن المنتظر أن يؤدّياتّفاق الشراكة الذي أبرم بين تونس والمجموعة الأوروبية الى تراجع العائداتالجبائية بما يعادل 60 %  في المرحلة الأولى، واندثار ما لا يقل عن 33 % من الصناعات المعملية الصغيرة والوسطى نتيجة فتح السوق المحلية على مصراعيهأمام المنتوجات الأجنبية الأكثر جودة ومنافسة، وهو ما يزيد من تسريحالعمّال وتعزيز صفّ البطّالين في المجتمع.
ومقابل هذا التدهور في القطاعات الإنتاجية الأساسية، تواصل الحكومة بشكلغير عادي في دعم القطاعات الخدماتية الهشّة مثل السياحة وبورصات الأوراقالمالية التي تهيؤها للإحلال محلّ الصناعات الوطنية المذكورة.
إنّ التحوّلات الهيكلية التي فرضت على الإقتصاد الوطني، والتلاشي المتسارعللطبقة الوسطى في المجتمع، وتنامي شريحة الفقراء والمعوزين من جرّاء غلاءالمعيشة وتدهور المقدرة الشرائية باطراد ، لا يمكن أن تمرّ دون إحداثاهتزازات اجتماعية ذات أثر على مستقبل البــــــلاد.   الفصل الثالث استشراف المستقبل   شروط التجاوز:
1. إنّ واجب النهوض بأمانةالدفاع  عن حقّ شعبنا في الحريّة والعدالة والديمقراطية، وعن طموحاتهالمشروعة في تطوير أوضاعه نحو حياة سياسية مدنية وعصرية انطلاقا من أصولالإسلام، وتساوقا مع مطالب الواقع وقيم العصر، جعل الحركة منذ إعلانتأسيسها عام 1981 ، وتغيير اسمها على مقتضى قانون الأحزاب سنة 1989، تتبنىبوضوح لا لبس فيه منهج العمل السلمي من خلال مؤسسات المجتمع العلنية.وهي تجد نفسها اليوم~ أكثر من أيّ وقت مضى~ مدعوّة الى مزيد من التوضيح فيمشروعها والإصرار على أهدافها ومبادئها ومنهجها المعتدل في التغيير .
2. وأمام خطورة الوضع الذيتمرّ به البلاد، تجدّد الحركة التأكيد على ضرورة مراجعة المسار من قبل كلّالأطراف السياسية ـ وفي مقدّمتها النظام القائم ـ والتنازل لمصلحة البلادالعليا، والكفّ عن سياسة التعنّت والإصرار على الخطإ، والعمل الجماعي فيسبيل تحقيق انفتاح سياسي في البلاد يرفع المظالم ويردّ الحقوق والحريّاتدون إقصاء أيّ طرف اجتماعي أو سياسي أو ثقافي ، واطلاق سراح المساجين وعودةالمغتربيــــــــن.
3. تجدّد الحركــــــــــــة تأكيدها على طبيعتهاالسياسية المدنية، ورفضها لأيّ ازدواج في الإستراتجية أو الخطاب ،واعتمادها المنهج العلـــــني السلمي في التغيير، ورفضها استعمال العنفوسيلة لحسم الصراعات السياسية والفكرية ومنهجا للوصول الى السلطة أوالتمسّك بها باعتماد وسائل الضغط السلمية والخطاب المعارض المعتدل والمسؤول، بعيدا عن القطيعة والتشخيص والمهاترة . وهي تؤمن بأن الحوار الوطني هوالكفيل وحده بضبط قواعد العمل السياسي الديمقراطي والتوصّل إلى مصالحةوطنية شـــــاملة.
معالم رؤيتنا السياسية:
4. بالإضافة إلى تلك الشروطالأساسية لتجاوز الأزمة الشاملة التي تعصف بالبلاد، فإنّ حركـــة النهضةترى من الضروري التذكير بالمقوّمات الأساسية لرؤيتها السياسية التيتؤطّرعملها السياسي وتشكّل مجموعة الثوابت والأهداف التي ما فتئت تناضل منأجلها ومن أهمّها:
5. الهوية الثقافية للحركــــة:
تتمسّك الحركة بمرجعيتها الإسلامية وشمول مشروعها التغييري الديمقراطي ،وتوازن أبعاده السياسية والثقافية والإجتماعية. وهي لا تحتكر الصفةالإسلامية، وإنما تقدّم مشروعا اجتهاديا بشريا في معالجة أزمة المجتمع،استنادا الى فهمها للدين. كما لا تحتكر الصحوة الإسلامية ولا تحرص على ذلك. وتؤكّد على أولوية البعد الثقافي والتربوي والدعوي في مشروعها بعيدا عنالإختزال الحزبي أو السياسي للمشروع الحضاري والنهضوي الشامل الذي يستدعيمساهمة كل تيارات المجتمع لبلورته وانضاجه.
6. الحرية وحقوق الإنسان:
تعمل الحركة على المساهمة في تحقيق الحرية، باعتبارها قيمة محورية تجسّدمعنى تكريم الله للإنسان، وذلك من خلال دعم الحريات العامّة والخاصّة مثلحريّة الرأي والتعبير والتجمّع والصحافة، واحترام حقّ الأغلبية في الحكموالأقلية في المعارضة عبر مؤسسات منتخبة تنبثق عنها الشرعية والتداول علىالسلطة.كما تؤكّد الحركة على مبدإ استقلال القضاء وحياد الإدارة، والعمل على تحقيقذلك في الثقافة الإسلامية حتى تتحوّل الى قناعات راسخة ومبدئية في الوسطالإسلامي ، ويثبت عليها الإسلاميون في مرحلة المعارضة كما في مرحلة الحكم.
7. منزلة السياسي من الثقافي :
إنّ تأكيدنا على أولوية الثقافي والإجتماعي على السياسي تعني أن السياسييأخذ محمولات ومضامين بدرجة فكرية جديدة بحيث يكون خادما للمهمّة التربويةوالثقافية بدرجة أولى . لقد ضاقت حدود السياسي في تجاربنا الى الحدّ الذيكاد يفقد معاني الإصلاح الحضاري والتغيير المجتمعي والأخلاقي  والتربوي ،واختُزل  في نمط العلاقـــة الثنائية: سلطة/حركة. ومن دلالات وشروط حملالسياسي لمعاني الإصلاح الحضاري والنهضة هو أن يتأهّل في صورة خطابه ونموذجعلاقاته وآليات اشتغاله ضمن رؤية فكرية سياسية اسلامية عميقة ذات مدلولاتحضارية واسعة ومنفتحة لا ترتهن لدوافع الكسب الآني والسريع وإنما تمهّدللتحوّل الحضاري الإسلامي المتدرّج ببلادنا بمشاركة الجميع والإسهام فيتطوير الكسب السياسي  العالمي في دورته الجديدة.
8. المصالحة الوطنية الشاملة:
تعمل الحركة على المساهمة في تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة داخليّا وعلىالصعيديين العربي والإسلامي ، وهي تتويج لمرحلة من الحوار والإنفتاحالسياسي على قاعدة المشاركة والتعايش بديلا عن الإقصاء والتنافي  أو حتىهيمنة الأغلبية ، عبر وفاق يحدّد ملامحه الميثاق السياسي الوطني من أجلتعميق الهوية العربية الإسلامية والتعدديّة والديمقراطية واحترام مبادئحقوق الإنسان . نحن بحاجة لتوسيع دائرة الثوابت الحضارية والوطنية عبر الإقناع والحواروالتسامح والتدرّج في الإنجازات أكثر من حاجتنا الى سيطرة مشروع تيّارمعيّن  ولو كان اسلاميا ولو حاز على الأغلبية في لحظة انتخابات معيّنة. فتوزيع الأنصبة اليوم في بلادنا سياسيا بين مختلف القوى الفاعلة لا يخضعفقط للقانون الإنتخابي وإنما ينبغي أن يخضع كذلك خلال هذه المرحلةالتاريخية الى التراضي العام والوفاق واعتبار دور كلّ قوّة ليس بحسب عددهافقط وإنما بحسب قوّة تأثيرها ونفوذها في الواقع وحاجة التوازن لها أساسا . فإذا قدرنا مثلا أن الإسلاميين مرشحون عامة لنيل الأغلبية الإنتخابية فيهذه المرحلة في مجتمعاتنا، فينبغي أن يكونوا على  استعداد للقبول بأقل منحصتهم خدمة للمصلحة العامة ورعاية لضرورات الوفاق الوطـــــني.
9. سلطة المجتمع ودور الجماهير فيتحقيق النهضة الشاملة:
تؤمن الحركة بأهمية دعم سلطة المجتمع واستقلالية هياكله وقوامته علىالدولة، بما يهيئ الإطار النظري والهيكلي لتقوية المجتمع المدني الحقيقيوتحقيق التوازن بين الدولة والمجتمع . إنّ مشروع الحركة هو المساهمة فيتحقيق النهضة الإسلامية الشاملة في البناء وتحرير الإدارة ، ولا يتأتّى ذلكفي ظلّ  الإختلال الواضح في موازين القوى العالمية دون إشراك الجماهيروالإصغاء لمطالبها وتطلّعاتها. وما يصدق على الدول، يصدق من باب أولى علىالحركات التغييرية . فمن دون مشاركة جماهرية واسعة، ووعي جماهيري فعاّل ،غالبا ما تنتهي محاولات التغيير الى الفشل. وإنّ عدم تلبية الجماهيرلنداءات التغيير في وقت معيّن لا يعني اسقاطها من المعادلة أو تحقيرها،وإنّما يعني أنّ هناك خللا مّا في النـــداء ذاته بحاجة الى تعديلوتصويـــب.
10. الدفاع عن الوحدة الوطنية:
وذلك بمواجهة نزوعات التفتّت الطائفي أو المذهبي أو العرقي ، والتخفيف منالإستقطاب الحاد بين الحكّام والنخب، وبينهم وبين الشعب وذلك باشاعة مناخاتالحريّة والمشاركة العامة ورفع المظالم وتحقيق العدالة  » يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلايَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَأَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَاتَعْمَلُونَ  » المائدة الآية 8
11. حماية الإستقلال والسيادةالوطنية:
من خلال المساهمة في رفع الوعي الإسلامي وضرورة التمسّك باستقلالية القراروالسيادة الوطنية وحمايتها من الإختراق الأجنبي وتنسيق الجهود والخطواتلحماية  مقدّرات البلاد ومصالحها . إنّ الصراعات الداخلية ومعارضة التياراتلبعضها البعض ومعارضة الأنظمة ما ينبغي مطلقا أن تكون على حساب المبادئالوطنية العليا واستقلال الوطن وسيادته.
12. سياسة خارجيّة مستقلة ومنفتحة:
تدعو الحركة الى إقامة سياسة خارجية تنبني على عزّ البلاد ووحدتهاواستقلالها، والتبادل العادل والمتكافئ للمصالح، ودعم قضايا التحرر والكفاحضد سياسات الإستعمار والتمييز والإسعلاء بكلّ  أشكاله ومناهضة الأوضاعالمؤسسّة على الظلم والإضطهاد. كما تؤكّد على أهمية الحوار الصادق والبناءبين العالم الإسلامي والغرب ونبذ كل أشكال التعصب والإنغلاق والإرهابالفكري والمادي يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّاخَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَلِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّاللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13
13. بناء اقتصاد وطني قوي ومتوازن:
بالإعتماد على الإمكانات الفعلية للبلاد وتوزيع العادل للثروة ، بما يعنيحق كل فرد في التمتّع بثمار جهده في حدود مصلحة المجموعة والحصول على حاجتهالأساسية في كلّ الأحوال ، والقضاء على الفوارق الإجتماعية المبنية علىالإستغلال والإحتكار والفساد، والإسهام في تحقيق التكامل والإندماج مغاربياوعربيا وإسلاميا، مع الحرص على إقامة علاقات اقتصاديّة متوازنة مع بقيّةالكتل لا سيما أوروبيا وآسيويا.  
14. العدالة الإجتماعية وحريّةالمرأة:
العمل على تحقيق العدل وتوفير الخدمات الإجتماعية بما يضمن كفاية الجميع فيالغذاء والصحّة والسكن والتعليم وغيرها من أساسيات الحياة الطبيّة ، صوتالكرامة الإنسان وتماسك المجتمع، في تناسق بين ضمان الحقّ وأداء الواجب. والعمل على حفظ الأسرة قوام المجتمع السليم، والنهوض بواقع المرأة، وتحريرفعالياتها للمساهمة في تنمية المجتمع بعيدا عن التبعية أو الإنحطاط بتأكيدمساواتها بالرجل وضرورة تحررها من التقاليد المتخلفة التي تحرمها من حقهافي المشاركة في التنمية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسيةبالإضافة الى دعم المؤسسات الإجتماعية والنقابية المؤهّلة لتأطير نضالاتالشعب ضدّ كلّ مظاهر الحيف الإجتماعي والإستبداد السياسي. يقول الله سبحانهوتعالى  » إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِيَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ  » النحل  الآية 90
15. الدفاع عن التضامن المغاربيوالعربي الإسلامي والتوجّه الوحدوي:
تؤكّد الحركة على أهميّة التضامن العربي والإسلامي، وضرورة حماية مؤسّساتهورموزه، وتعمل على دعم موقع تونس في محيطها وتطوير علاقاتها العربيةوالإسلامية والإفريقية على طريق التكامل والتعاضد، وتدعو الى الحفاظ علىالإتحاد المغاربي وتسريع خطوات بنائه ووضع حد للنزاعات الضيّقة التي تنخرهذا الكيان، والإتجاه قدما نحو إرساء هياكل التكامل الإقتصادي والتعاونالسياسي، وتشجيع التقاء المؤسسات الشعبية وتوحيد برامج التكوين التربويوالتعليم والثقافة، وتجاوز البعد القطري في التغطية الإعلامية والتعامل معالمنطقة كوحدة ذات مصالح وهوية مشتركة. وأن نجعل من التجمّعات الإقليميةخطوة نحو تحقيق الوحدة العربية والإسلامية.
16. التمسّك بفلسطين:
تؤمن الحركة بأنّ أرض فلسطين حق للأمّة لا يجوز التنازل عنه، وتدعو الىالسعي لتحريرها ورفض الحلول غير العادلة والتهافت على التطبيع مع الكيانالصهيوني مهما كانت المبررات والمنافع.وإذا كان من الجائز انتهاج المرحليةوالتدرّج في استعادة الحقوق المغتصبة ، فإنه لا يجوز الإعتراف بشرعيةالغاصب. مطالب المرحلة القادمة   

تأسيسا على كلّ ما تقدّم، فإنّ حركة النهضة التونسية تطالب بما يلي  
   1. احترام حقوق الإنسان الفرديةوالجماعيةوضمانحرياته الأساسية، كما نصّت عليها تعاليم الإسلام السمحة والإعلاناتالعالمية وتضمّنتها المواثيق الدولية والقوانين الدستورية المحليّة.
2. ترسيخ هويّة البلاد العربيةالإسلاميةوالكف عن استهداف مظاهر التدين وإشاعة ثقافة التفسخوالإنحلال.
3. سن عفو تشريعي عام،واخلاء السجون من المعارضين السياسيين، ورفع مختلف أشكال قمع عائلاتهموتجويعها وتمكينهم من حقوقهم المدنية والسياسية دون اعتبار لإنتماءاتهمالفكرية والحزبية.
4. تعاضد قوى المعارضة السياسيةوالمنظمات الوطنيةومختلف الفعاليات من أجل تحقيق انفراج سياسي فيالبلاد يرفع المظالم ويردّ الحقوق والحريات من أجل الوصول الى حياةديمقراطية عادلة، ونبذ كلّ مظاهر العنف والتسلّط والإقصاء مهما كان مصدرها.
5. احترام حريّة الصحافة والتعبيروالإجتماعوالتنظم وصيانة استقلالية القضاء والمنظّمات الشعبيةوالوطنية وحياديّة الدولة.  
6. مراجعة القوانين الجائرةالمنظّمة للحياة السياسية والإجتماعية، كقطاع الإعلام والشغلوقانون الأحزاب والمجلّة الإنتخابية على ضوء مرجعيتها الدستورية وإلغاءالمناشير الغير دستورية المنافية لحرية المواطن وحقوقه الأساسية، وإلغاءالمناشير التي تمنع المرأة من ارتداء الحجاب، وإقامة الصلاة والتدريسبالمساجد.
7. رفع وصاية الأجهزة الأمنية علىالحياة السياسيةومؤسسات المجتمع المدني، وإقاف المحاكمات السياسيةتحت أيّ غطاء كان، ودعم المسار التصالحي بدل التناحر والتنابذ والقطيعة،تقديرا لمصلحة البلاد والعباد.
8. التصدي لمظاهر التطبيع معالكيان الصهيونيودعم الصمود العربي.  وأخيرا ، فإن حركة النهضة، وهي تمرّ بمحنة قاسية تستهدف وجودها وتدفعغاليا ضريبة وقوفها شاهدة لدينها ولشعبها ، لا يسعها الا التمسّك بهويّتهاالإسلامية والمضي قدما في نضالها المتواصل وجهدها الدؤوب في سبيل المساهمةفي تحقيق المشروع الحضاري الإسلامي والأهداف الوطنية. وتقديرا لمصلحة البلاد العليا، وانطلاقا من فهمها لمنهج الإسلام الحضاري فيتغيير الأنفس والمجتمعات، تجدّد الحركة الدعوة الى كلّ أبنائها وشعب تونسأن يحذروا من الإستدراج مرّة أخرى لخطّة خصمهم، وأن يعملوا بأناة وطول نفسبين الناس، وأن ينشروا الكلمة الطيبة ويتسلّحوا بالصبر الجميل والتوكّل علىالله سبحانه وتعالى:  
وَاصْبِرْوَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُفِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ(127)النحل وقوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍمِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْأُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّالإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِتَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} هود الآية 88 صدق الله العظيم   لندن في 6 جوان 1996 حركة النهضة بتونس الشيخ راشد الغنوشي بمناسبةالذكرى الخامسة عشرة للإعلان عن حركة الإتجاه الإسلايم بتونس يوم 6 جوان 1981 ، وبعد انقضاء مرحلة من التأمل والحوار الداخليين في مسيرة العملالإسلامي والوطني ببلادنا تقويما وتحليلا واستشرافا، نعرض على الرأي العامالمحلي والعربي والدولي خلاصات هذا الحوار وفاء بما كنا قد وعدنا به. ولايفوتنا في البدء أن نجلّ ونترحّم على أرواح شهدائنا الأبرار وأن نحييبإكبار ووفاء تضحيات وصمود آلاف المساجين الأبطال وعلى رأسهم الإخوةالدكتور الصادق شورو والمهندس علي العريض وحمادي الجبالس والشيخ الحبيباللوز، وآلاف الصابرين على الظلم القابضين على الجمر من الإخوة والإخواتداخل تونس السجن الكبير. كما نتقدم بأخلص التحية والتقدير للمنظمات الإنسانية والدولية والعربيةالتي ساهمت في كشف بعض حقائق معاناة شعب تونس وبالشكر الجزيل للشخصياتالفكرية والسياسية والهيآت الإعلامية والثقافية والأحزاب التي وقفت ضدالإستبداد في تونس والدول التي تفهمت محنتنا وأوت اللجئيين من التونسيينالمضطهدين وكلّ من ساهم في التخفيف من محنة تونس. حركة النهضة.  
(المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 11 جوان 2010)
 


في الذكرى التاسعة والعشرين للإعلان عن حركة النهضة التونسية. حركة النهضة بين الأمس واليوم.

 


((( 5 ))). عالجت الحركة أزمة البلاد حتى الآن بأمرين :
1 ـ إعادة الإعتبار للإسلام منهجا للحياة جامعا برؤية وسطية معتدلة في محاولة للمساهمة في لعق جراح العالمانية اللائكية البورقيبية الثخينة. 2 ـ إعتماد الديمقراطية منهجا سياسيا عمليا و الإجتهاد في ربط القنوات اللازمة بينها وبين الإسلام. مواصلة مع مختلف المعالجات المعتمدة لأزمة البلاد. 3 ـ الإنتظام ضمن العمل السياسي الوطني تقديما لأولويتي الحرية والعدالة. منشأ هذا الإنتظام أمور ثلاثة : 1 : الحركة رؤية إسلامية وليست الرؤية الإسلامية. 2 : البلاد ملك لكل أهلها. 3 : أزمة الهوية أزمة جامعة وليست أزمة جزئية أو : أزمة البلاد معقدة وليست بسيطة.  ـ إستطاعت الحركة ـ بفضله سبحانه ـ إلتقاط لحظة وعي تاريخية دقيقة جدا وذلك عندما ميزت ـ ولم تفرق ـ بين كونها حركة إسلامية سياسية وسطية جامعة تتبنى فهما للإسلام ونهجا في التفكير الإسلامي بدا لها أنه هو الأوفى لميراث النبوة والخلافة الراشدة نائية بنفسها عن غرور الدعوى بإمتلاك ناصية الأمر من أطرافه كلها غابرا وتاليا من جهة وبين كونها تحترم حق غيرها في الإنتساب إلى الإسلام ومنهاجه التفكيري تحت سقفه العقدي المعروف إجماعا من الأمة قاطبة جمعاء على إمتداد أربعة عشر قرنا كاملة من جهة أخرى. ذلك تمييز بين حلقتين من الإنتماء لا يلقاه إلا ذو حظ من الفقه في الحياة عظيم بسبب أن بديله الأوحد هو السقوط في هاوية التكفير فإن لم يكن تكفيرا فهو تفسيق وتبديع أو تشبيه ( الرمي بالشبهة) وهو أمر من شأن الدوائر القضائية المختصة إفتاء أو حكما وليس من شأن حركات الإصلاح. لعل شعار الحركة هنا هو كتاب المرحوم الهضيبي ـ ثاني مرشد للإخوان ـ عليه رحمة الله سبحانه لما أراد معالجة فتنة التكفير التي أوراها الذي أوراها في مصر تأبيدا لحكم “ الثورة “ الجديد أي كتاب : دعاة لا قضاة. فصلت في ذلك ورقة الرؤية الفكرية والمنهاج الأصولي من خلال تأسيس منهج الفهم على أسس ثلاثة ( الكشف عن النصوص والمقاصد و التجريد والعموم في الأشخاص والأفعال و التكامل بين المصادر والنصوص والمقاصد) وآليات خمس ( اللغة العربية والمقصد والتكامل والعامل التاريخي والمعطى العلمي الصحيح). وبذلك يكون موقف الحركة من التراث ( الذي هو كل كسب بشري في التجربة الإسلامية عدا القرآن الكريم والسنة النبوية) موقفا راشدا قوامه : المساندة النقدية دون إزدراء خسيس ولا إنبهار سلاب.موقف يحاول إقتفاء الأثر الخلدوني العجيب من خلال إلتقاط سنن نشوء النهضات من بعد كبوات.  ـ كما إلتقطت الحركة ـ بفضله سبحانه ـ حكمة أخرى وذلك من خلال إعتبار البلاد ـ أي تونس ـ ملكا لكل التونسيين على إختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية أي بما فيهم الشيوعيون والعالمانيون. منشأ ذلك هو أن الحركة تيار إصلاحي تقف على تضاريس الواقع كما هو في محاولة لدراسة أسبابه وخاصة : السنن الإجتماعية التي وفرت له شروط الميلاد. تونس عريقة في الإسلام والعروبة منذ فتحها الأول في القرن الأول من خلال حملات قادها الصحابة الكرام في إثر حملات ( المقصود بتونس إسمها القديم أي : إفريقية).ربما لولا القيروان والزيتونة ما كانت عريقة.نشوء الشيوعية والعالمانية وتيارات أخرى كثيرة لا تخرج عن دائرة التأثر بالفكرة الغربية المعاصرة في وجهها الإشتراكي الشيوعي أو اللبرالي الرأسمالي في الجملة.. نشوء كل ذلك جدير بحسن القراءة لإدراك حسن التعامل معه والتفاعل سيما أن ذلك الوجود له ثقله في الدولة والحكومة والمؤسسات والنخبة المثقفة بصفة عامة سيما في ذلك العهد الذي يعد فيه التدين إنحطاطا عن ركب الحضارة وعارا في وجه المدنية والحداثة ولذلك حبسه بورقيبة في الزوايا المظلمة والبعيدة عن مواطن المدنية رغم أنه يؤثر عنه أنه ـ ربما بسبب تكوينه الفرنكفوني العالماني المتطرف جدا ـ لا يرضى بذلك النمط من التدين ولكن لحساب التنوير كما يراه وليس لحساب الإسلام الذي يحارب مناهج التفكير الخرافية والأسطورية.  ـ وكان من ثمرة ذلك المنهاج الإصلاحي الذي تبنته الحركة أن صرح زعيمها ورئيسها الشيخ الغنوشي عام 1980 لمجلة المجتمع الكويتية ( لسان الإخوان هناك) أن إسلاميي تونس يقبلون التحاكم إلى صناديق الإقتراع إلى درجة أنه إذا إنتخب الشعب التونسي الشيوعيين فما عليهم ـ أي الإسلاميين ـ إلا أن يعملوا على تغيير موازين القوى من خلال العمل المدني القائم على التوعية والتثقيف والتنوير وغير ذلك. أثار ذلك التصريح ـ وكان ضمن حوار مطول ـ الذي أثار في الصحافة الإسلامية وغير الإسلامية يومها.  ـ ثم كانت الحركة عام 1981 بأصوات أبنائها وبناتها ـ رغم سجن قيادتها التاريخية ـ هي التي حملت حركة الديمقراطيين الإشتراكيين ـ بزعامة أحمد المستيري يومها أحد الليبراليين المنشقين عن الحزب الإشتراكي الدستوري في مؤتمر صفاقس عام 1975 بمناسبة إنتخاب بورقيبة رئيسا للبلاد مدى الحياة لأول مرة ـ إلى نيل أكبر نسبة أصوات ومقاعد برلمانية لولا أن مباضع التزييف الواسعة جدا كانت أسبق تحميها سلطة البوليش الغاشمة.  ـ من يطلع على بيانات التنديد الممضاة من رؤساء الأحزاب والحركات والمجموعات اليسارية على مختلف أنواعها ـ في تونس والعالمين العربي والإسلامي فضلا عن العالم الغربي ـ إحتجاجا على سجن قيادة حركة النهضة ( الإتجاه الإسلامي يومها 1981).. من يطلع على ذلك يدرك أن الحركة الإسلامية التونسية نجحت في إختراق معادلة الإسلام والحداثة أو الإسلام والديمقراطية أو الإسلام والسياسة نجاحا كبيرا جدا.  ـ كما تواصلت الأعمال الإعلامية والسياسية المشتركة بين الحركة ومختلف شركائها العالمانيين في البلاد وهو أمر أزعج الحكم التونسي يومها أيما إزعاج. ومما ساعد على ذلك تنوع مبادرات الليبراليين المشار إليهم أعلاه ( من مثل تأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عام 1977 وحركة الديمقراطيين الإشتراكيين بعد ذلك بقليل ودخول المعترك الإعلامي بقوة من مثل : جريدة الرأي التي كانت بحق لسان الفئات السياسية والفكرية التونسية بمختلف مشاربها الفكرية والسياسية). كما أن بورقيبة لم يواجه ذلك الحراك الإعلامي والسياسي بشراسة إلا قليلا وقد تكون بعض العوامل حاسمة في ذلك من مثل حماية زوجه وسيلة بورقيبة ـ عليها رحمة الله سبحانه ـ لشقيقها حسيب بن عمار أحد أقطاب الليبراليين المعروفين ـ عليه رحمة الله سبحانه ـ فضلا عن عوامل أخرى يضيق عنها هذا المجال الآن.  ـ أدركت الحركة إذن أن مشكلة تونس الأولى ـ ولن تزال إلى اليوم رؤية من جانب الحركة وحقيقة واقعية ـ ليست هي الوجود العالماني بمختلف تعبيراته ولكن مشكلة تونس الأولى هي مشكلة الإستبداد السياسي والدكتاتورية المتطرفة المتسترة خلف مبادئ الجمهورية وبقية المشهد الديمقراطي المعروف. لما أدركت الحركة ذلك عملت على الإنصهار ضمن العمل المعارض السياسي المشترك مع الإقرار بالإختلافات الفكرية و السياسية تواضعا على قضية تونس الأولى أي الحرية وتواطؤا على قرينتها التي تغذيها أي : العدالة الإجتماعية.  ـ أدركت الحركة أنها لو نجحت في فك الإرتباط بين العالمانية التي ترتدي بثوبها الدولة ـ الدولة التي تغازل الإسلام وترتديه في الوقت ذاته ـ وبين الإستبداد الذي تغرزه في حرمات الناس .. أدركت الحركة أنها لو نجحت في ذلك ـ أو يوم تنجح في ذلك ـ فإنها تنجح في قطع نصف مشوارها الطويل.  ـ وجدت الحركة من كثير من شركائها في المعارضة والنخبة لفيفا عنيدا ضد الدكتاتورية والإستبداد وهو لفيف يدرك جيدا أنه يختلف مع الحركة في مشروعها الثقافي والفكري بمرجعيته الإسلامية حتى وإن يكن وسطيا معتدلا متوازنا بسبب غربة كثير من أولئك على التربة التونسية العربية الإسلامية غربة شائنة لولا أن بعضهم راجع أمره بمثل ما راجعت الحركة أمرها وإكتشف كل منهما ما كان ينقصه أو يزيده.  ـ دعني أقول : أسست الحركة معركتيها : الحرية والعدالة على أساس العدل والظلم وليس على أساس الكفر والإيمان لأن أساس الكفر والإيمان هو أساس صالح بملف الهوية وليس صالحا بملف الحرية والعدالة وهما مقياسان يتكاملان بالضرورة أما الفصل بينهما دون وصل أو الوصل بينهما دون فصل فهو الحالقة التي تضل بوصلة الطريق وخارطته.  ـ أدركت الحركة أن شعار التحرير ـ تحرير البلاد من أنياب الدكتاتورية ومخالب الإستبدادـ هو الشعار المناسب الذي يجمع شركاء الإصلاح والتغيير حول ملفات مشتركة. أما ما عدا ذلك فهي إما طرقات فرعية تظل تضيق بسالكيها حتى تنعدم إمكانات المبادرة عندهم أو تكاد أو طرقات مخيفة محفوفة بمخاطر التفريق بين شمل التونسيين الذين جمعهم الإنسجام الديني والمذهبي واللغوي جمعا عجيبا. من يحاول قراءة مقاربة الحركة في ملف الهوية الذي إرتبط بها وإرتبطت به لاف بالضرورة ما يلي من خلاصات :  ـ الهوية عند الحركة ليست هوية دينية فحسب حتى بالمعيار الإسلامي فضلا عن المعيار الكنسي. بل هي هوية جامعة متكاملة تبسط أجنحتها على القضية السياسية من خلال تقديم مطلب الحرية التي هي مخ الرؤية السياسية الإسلامية وعلى القضية الإجتماعية من خلال تقديم مطلب العدالة الإجتماعية وعلى قضية الوحدة العربية والإسلامية من خلال تقديم قضية الوحدة وغير ذلك من الجوانب. هي هوية إذن جامعة من جانب ومتكاملة من جانب آخر. ذلك أن كثيرا من الإسلاميين اليوم يعتبرون أن قضية الهوية قضية دينية قاصرة الإمتداد السياسي والإجتماعي والقومي ( قضية فلسطين المحتلة مثلا ).. لعل خير من وثق ذلك فيما يعتبر فقه الهوية المقارن بين مختلف التيارات السياسية و الفكرية التونسية هو الدكتور عبد المجيد النجار في كتابه : صراع الهوية في تونس.  ـ مقتضى ذلك عمليا هو ما جمعت عليه الحركة نفسها أي مقاربة قضية الهوية سياسيا من خلال الإنتظام في العمل المعارض السياسي المشترك ومن خلال الإنتظام في العمل النقابي ورفض التعددية النقابية المغشوشة التي تسعى السلطة من خلالها ـ في عهدي بورقيبة وبن علي ـ إلى تشتيت الإتحاد العام التونسي للشغل وتقويض أركانه.  ـ الهوية ـ بكلمة ـ في رؤية الحركة هي هوية دينية وهي في الآن ذاته هوية سياسية وهوية إجتماعية وهوية إقتصادية ( بادرت الحركة مبكرا جدا ـ عام 1980 ) إلى تنظيم ندوة إقتصادية مختصة حول الملكية الزراعية في الإسلام) وهوية قومية إلخ .. ليس هناك حقل لا تطاله الهوية الإسلامية في رؤية الحركة. كيف تعرض الحركة الهوية الإسلامية للتصويت والإنتخاب؟ ذلك سؤال لا يطرحه إلا ساذج ـ حتى لو كان يمتلأ طيبة ـ أو جاهل بفقه الإسلام أو فقه الحياة أو بهما معا. كيف؟ إذا كان السائل ساذجا فمعنى ذلك أنه لا يدرك أن الواقع الذي ترضى فيه الحركة الإحتكام إلى صناديق الإقتراع حول من يحكم البلاد ( الرؤية الإسلامية أم الشيوعية مثلا أو غيرها) هو واقع عربي إسلامي قح وليس هناك أدنى مغامرة في ذلك. ذلك ساذج عليه ان يثبت رجليه فوق الأرض الذي يطرح فوقها أو عليها السؤال. أما إذا كان جاهلا فعليه أن يتعلم أن كرامة الإنسان ثاني أكبر ثابت محكم قطعي لا خلاف عليه من بعد توحيد الرحمان سبحانه مباشرة. يجب أن يتعلم الجاهل بفقه الحياة أن الحركة إذا إنتزعت في عملية تصويت وإقتراع إعتراف الدولة بإنحياز الشعب إلى الخيار الإسلامي .. فإن ذلك لا يعد في العرف السياسي سوى تأشيرة عمل قانونية قبل التاشيرة.. تلك تأشيرة حكم وليس تأشيرة عمل قانوني. إذا إنتزعت أي حركة إسلامية ذلك من أي حاكم مستبد فمعنى ذلك إحراج للدولة وأي إحراج! وهل خير لك من إحراج خصمك سياسيا إحراجا تراكمه على إمتداد التجارب! ذلك هو معنى أن الحركة إنتظمت ضمن العمل السياسي المعارض المشترك إلتقاء على قضيتي الحرية والعدالة إذ بقدر تقدم العمل السياسي والإعلامي المعارض المشترك على ذلك الدرب قدما تكون قضية الهوية قد أخذت طريقها إلى الإعتراف من أبوابه الواسعة التي كانت تحجبه ظلما وزورا. وذلك هو معنى أن الحركة أدركت أن الواقع التونسي ـ ومثله واقع الأمة تقريبا ـ واقع معقد مركب وليس واقعا بسيطا. واقع مركب معقد لأن عوامل تأسسه كثيرة في الزمان وكثيرة في المكان وكثيرة في الهوية والموضوع. ولا يصلح بواقع مركب معقد غير حل مركب معقد.أي حل ينظر إلى المشكل من كل زواياه ويقدم له أكثر من إحتمال إصلاح ويتعاون عليه مع شركاء الطريق كلهم ومن بعد ذلك لأواء الطريق والصبر عليه. وحتى لقاء قابل. الهادي بريك ـ ألمانيا  


نحن وأردوغان والمهدي المنتظر

د.خــالد الطـراولي  
هل أصبحت الجماهير العربية تعيش حالة عطش وضمإ مسترسل لظاهرة الزعيم؟ هل أصبحت أيامها ولياليها أفراح أو أتراح بحسب وجود المنقذ أو القائد؟ هل دخلت هذه الجماهير منذ مدة في دهاليز انتظار المهدي ووضعت وجنتاها على المسند وألصقت آذانها إلى المذياع مرئيا أو مسموعا أو مكتوبا، رمزيا أو حقيقة، وهي تستجدي خبرا ينبأها أنها على حق وأن الزعيم الأوحد والمجاهد الأكبر والقائد الفذ قد امتطى جواده وتقلد سيفه ونادى هلموا إليّ معشر الناس أو ابقوا في مخابئكم فقد كنت خير الممثل وخير المعوض وكفى الله المؤمنين القتال…أسئلة تغلب عليها الحيرة وتتماهى بين هموم مكبلة وسعي نحو منازل الحقوق والواجبات من أجل أوطان تحمل عناوين واضحة ومواطنة كريمة وأمة تناطح السحاب… من هنا مر الشيخ نصر الله ورفعت الجماهير صوره في كل مكان، فقد جاء المخلص على ظهر جواد عربي أصيل خرج من لبنان ودخل خيمة العرب وقلوبهم، كان نصر الله يقود حربا بالوكالة أو كذلك هيئ عند البعض فقد شفى غليل قلوب مؤمنين، وقزمت الجماهير جغرافيتها الممتدة من الخليج إلى المحيط وقصرتها على جنوب لبنان، وحجمت فعلها في أرض لبنان وتضاريسه، ونسيت أرضها وواقعها، وتناست الاستبداد الذي يدك بيتها ليلا نهارا… ومرت الأيام وسكنت العاصفة ولم تسكن القلوب، وصمتت جبهة لبنان ولم تصمت القضية، وأصبحت الجماهير من جديد تعيش حالة يتم ووحشة عارمة…وبحث متجدد عن الزعيم. وجــاء أردوغان… ويأتي أردوغان ليملأ هذا الفراغ من جديد، وتعلو الوجوه ابتسامة الرضا والأمل وتتعالى الهتافات معبرة بشكل أو بآخر عن بيت أحمد شوقي « يا خالد الترك جدد خالد العرب » وكأن مشعل التغيير والمبادرة والفعل قد خرج من ربقة العرب إلى غيرهم من أهل البقاء والمقاومة، وكأن الماضي غيره زعيم وليس لقاء بين زعيم وقضية وجماهير آمنت وناضلت من أجل نجاحها. لماذا هذا البحث المضني عن القائد والمخلص، والذي يتجدد كلما تعرضت هذه الجماهير لمزيد من الفقد والحرمان، حرمان من التواجد، وافتقاد لمقومات الكرامة، اقصاء عن عيش مواطنة كاملة غير مغشوشة والتمتع بحقوق الإنسان. حديث أصبحنا نمل تكراره لطبيعيته فهي مسلمة وبديهية مفزعة وحزينة ليس الأمل حالة مرفوضة أو مسقطة، فمرجعيتنا تؤكد فضله وانتسابه إلينا أو انتسابنا إليه، ولكن الأمل ليس حالة انتظار وترجي، ليست دخولا إلى الكهوف والدهاليز ومغادرة الركح وترك الحبل على الغارب والتواصي بنزول الغيث بالتمتمات والنوايا الحسنة، ولكنه حالة فعل ونظر تنطلق قبل الفعل وتصحبه في التنزيل وما بعد انتهاء التنزيل. ليس الزعيم ظاهرة خاطئة أو مسقطة ولكنه إفراز لحالة جماهيرية متقدمة في الوعي والرشد، وإذا تخلفت الجماهير عن دورها جلبت حالة تغيير عرجاء ومغشوشة، فليس بالزعيم وحده تبلغ الجماهير الثريا وتروي عطشها وتأكل ثريدها على مائدة الكرام، ولا بالزعيم وحده وإن كان فذا رائدا متميزا يمكن أن ينتهي الخراب ويتشكل البناء الصائب. إن ظاهرة انتظار الزعيم لدى الجماهير العربية تنبئ عن قصور في فهم دورها والوعي بمستلزمات تفعيله، وتمثل صورة لواقع مهتز وخامل ومتواري تعيشه هذه الجماهير، وهي كذلك عناوين ويافطات لحالة موت سريري لدور حمله الماضي البعيد والقريب يوما ثم انطفأ وتلاشى… فمن هنا مرت معارك التحرير ومن هنا مرت الفتوحات، انظروا بربكم إلى قصة ذلك الجندي البسيط ربعي ابن عامر وهو مدرسة كاملة بجدرانها وأساتذتها ومناهجها في الفعل الجماهيري ولو تحجم إلى مرتبة الفرد  والتي لا نسأم إعادتها وتكرارها وهي تحمل عناوين الزهد والوعي والشموخ والمقاومة « إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. » كلمات مرتبة وبسيطة لا تحمل تقعرا ولا حشوا ولا ترفا ولا دردشة، كلمات فرد تنطلق في غياب الزعيم لأن الفرد كان زعيما، ولأن الفرد كان أمة وحده! لن نبكي على الأطلال ولن نقف على الأعراف ولكنها حقيقة الماضي البعيد في أحلى أيامه حين لم يغب الزعيم ولم يتهيب الفقيه ولم تنسحب الجماهير، وحينها فقط تشكلت أطوار العالمية الإسلامية الأولى… كانت حروب التحرير كذلك تفعيلا ضخما لدور الجماهير، وكانت حاضرة سواء كان الزعيم في مقدمة الزحف أو منفيا أو مسجونا، ومقابر البلاد شهادة حية على هذا التفاعل وهذا الفعل الحضاري الذي التزمته الجماهير وآتى أكله ولو بعد حين. يا خالد الترك جدد خالد العرب! نعم نرحب بدور أردوغان لكن لا نريده فلتة في التاريخ في مستوى النخب والزعماء، وإن كانت ورقات التوت قد تسارع سقوطها… نعم نحي هذا الرجل الشهم ونضعه فوق الرؤوس ولكنه لا يجب أن تعتبره الجماهير بديلا لها في يومها وليلها، فالرجل على علو قدره يبقى فردا وتبقى الجماهير هي الملجأ وهي المحدد بين النجاح أو الفشل.. دخول أردوغان على الخط، وبعيدا عما قيل عن أجندات خفية أو معلنة والتي لا نريد سماعها ونحن في قاع البئر لأنها تحمل الصدى وكثيرا من الصدأ، بعيدا عن هذا فإن الجماهير العربية تعيش ولا شك نكبة متواصلة وهاجسا من الخوف والرعب والترويع المتواصل الذي يمليه واقع الاستبداد المستشفي داخل البيت وخارجه والذي يمثله أسوء تمثيل وأتعس تعبير في خيمة السلطان المنطفئة شموعها. استبد الحاكم العربي واستفرد بالحكم، ولم نعد نميز بين ملك ورئيس فللجميع ولاة عهد، وخافت الجماهير ولاذت بالصمت، واستتب الأمر لصاحب الشأن داخل سجن كبير دون قضبان وأعمدة، ومن تعمد الصياح أو الوقوف ناله السيف أو الدرة والعصا، ولم يعد لها من باب إلا العيش على الإرجاء والانتظار، والاستقواء بمهدي منتظر أو زعيم محرر ولو جاء من غير ديارها. وأصبحت صفة « المعذبون في الأرض » ملتصقة بواقع عربي مهتز يلفه السواد من كل جانب وفي كل حين. إن الإيجابي في مثل ظهور هؤلاء الزعماء هو تفعيل إرادة الجماهير وليس ردمها، وهذا لا يأتي إذا بقيت هذه اللقاءات مجرد محطات تنفيس وشجون أو مجرد لقاءات عابرة أتاحتها ظروف خاصة أو حسابات وأجندات، إن المطلوب أن لا تبقى هذه المظاهر محطات في مسارات مبتورة أو غير قائمة أساسا وتنتهي بانتهاء الأضواء الكاشفة حول الزعيم، وحتى لا تبقى هذه الظهورات أطيافا أو أشباحا أو أحوالا تولد ميتة وتقبر دون أن ترى النور. إن المرور من ظهور الزعيم كمحطة وفعل يتيم ومنفرد إلى مشروع استنهاض ونهوض لفرد وجماعة وأمة يستلزم تشكل عقلية النفور والتحدي كمحطة أولى في بناء الفرد الفاعل والمبادر، سواء غاب الزعيم أو حظر، وإن كان حضوره يزيد المشهد نورا وجمالا وسلامة بما يحمله ضرورة من أدوات الوعي والرشد لنجاح مسار النهوض والفعل.  نعم لقد عرى بروز أردوغان المشهد كلية، وأسقط ما بقي من أوراق التوت، ولكنه لا يجب أن يمثل في مخيال الجمهور العربي مسكنا وترويحا، وأن للبيت رب يحميه وأن « اذهب أنت وربك فقاتلا  » ولكنه مشروع حياة وبناء. والأمة اليوم وهي تعيش أصعب أيامها منذ قرون خلت، وقد حرصت على الإقلاع، وأصعب المشوار إقلاعه كما الطائرة في صعودها، تحتاج إلى أكثر من أردوغان وأكثر من زعيم، والأيام القادمة ستكون حبلى ولا شك بأكثر من سيناريو وإخراج، ولن تبنى الإسلامية العالمية الثانية إلا كما بنيت الأولى في إطار إنساني خالص بحضور الزعيم الواعي  ممثلا للنخبة والصفوة، والفقيه ممثلا للمعرفة وأهل العلم والحكمة، والجمهور في وعي ورشد وصمود. وإيماني أن هذه الجماهير ما خبت وما انتكست وإن كانت عصى الجلاد غليظة وفضة وإنما تفعل ما تفعله الأشجار حين العاصفة تنحني حتى مرورها لتستقيم وتواصل مشوار صعودها نحو السماء وإن طالت العاصفة وزعزعت الأركان…  
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 9 جوان 2010)  

قراءة في حادثة سفينة مرمرة 1: الموقف الحقيقي لرئيس الوزراء التركي اردوغان

 


باسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين نبينا محمد و على اله و صحبه اجمعين , اللهم ارحم شهداء المسلمين و شافي و عافي جرحانا يا ارحم الرحمين يا رب العالمين. ان ما شهده العالم الانساني في الاسبوع الماضي من وحشة الارهاب الاسرائيلي ما جعل الضمائر الانسانية تصحوا و تتعرف على هذا الكيان الصهيوني الذي لا يعرف سوى مصلحته و لا يرى في الدنيا سوى نفسه و جعل كل العالم باسره يلقي نظرة على ما يعانيه الفلسطينيون عامة و اهل غزة خاصة طبعا ان الفضل في هذه الفضيحة الكبرى يعود الى المشاركين في سفن كسر الحصار و صمود ركاب السفينة مرمرة و دماء شهداءها و جرحاها.طبعا ان الارهاب الذي اظهرته اسرائيل علنا و محاولتها تبرير فعلتها الشائنة باكاذيب و حجج واهية جعل شعوب العالم كله يسخط سخطا لم نرى له مثيل من قبل و جعل اصدقاء اسرائيل في موقف لا يحسدون عليه فانا لن انسى ابدا حالة الناطق الرسمي باسم البيت الابيض امام عميدة الصحفيين العاملين في البيت الابيض هيلين توماس عندما الحت عليه في الاسالة ااذا كانت الولايات المتحدة الامريكية ستستنكر ما قامت به اسرائيل من قرصنة ام لا و غيرها من الاسئلة التي لم يعرف الرجل الاجابة عنها نهائيا سوى بكلمات حتى هو نفسه لم يفهم معناها!!!!  واضطرت الدول التي كان لها مشاركين على قافلة الحرية  من الرد بقوة على اسرائيل و ذلك من خلال احتجاجات تم ارسالها الى سفراء اسرائيل, وطبعا عندما تم الافراج عن المحتجزين و الافصاح عن هوية القتلى سرعان ما خفتت اصوات تلك الدول رسميا ولكن الموقف التركي كان محتلفا بعض الشيء او ان الناس ارادوا ان يجعلوه موقفا مختلفا و اصبح اردوغان بطل المسلمين و القائد القوي و العنيد و لكن رغم و جودي في تركيا و فهمي الجيد للغة التركية و متابعتي لكل التصريحات الرسمية التركية و خاصة منها التي ادلى بها اردوغان لم افهم السبب الذي جعل منه بطلا في الشارع العربي و الاسلامي (طبعا ما اعجبني في هذه الصورة هو حالة الرؤساء و الحكام العرب حيث خلت منهم الساحة نهائيا ما عدى التصريحات التي ادلى بها امير قطر , و ظهروا على صورة في غاية من الخسران و البعد عن موقف الشارع الاسلامي و العربي و العجز الفضيع عن تلبية حاجياته و متطلباته و هو ما ساعد على اظهار رئيس الوزراء التركي في صورة البطل) فان تصريحاته النارية التي ادلى بها لم تكن في الحقيقة للمدافعة عن غزة و لا اهل غزة و لم تكن للحكومة التركية اي دور رسمي في تجهيز و لا المشاركة في قافلة الحرية حيث رفض رئيس الجمعية المنظمة و المعدة للسفينة التركية بولنت يلدريم اي تدخل سياسي في هذه الحركة و لا القافلة حيث رفض ان يكون من وراء القافلة اي عمل سياسي بل ارادها ان تكون قافلة انسانية بحتة هدفها كسر الحصار عن غزة و لفت الانظار الى ما يعانيه اهل غزة من ظلم و ارهاب, وطبعا عندما قامت اسرائيل بمهاجمة و قتل المشاركين في القافلة, تحرك الشارع التركي احتجاجا على قتل اسرائيل للمواطنين المدنيين الاتراك و اغدقوا اسرائيل لعنة و اظهروا لها وجه العداء طبعا في تلك الاثناء لم يكن اردوغان موجودا في تركيا و قام مساعده بولنت ارينش بالادلاء باول تصريحات رسمية قام من خلالها بالقاء اللوم على الجمعية المنظمة للقافلة التركية واتهمها بالتسبب في مقتل المواطنين الاتراك و خلق مناخ من العداء بين تركيا و اسرائيل …. و لكن بعد عودة اردوغان من زيارته الى البرازيل و اطلاعه على درجة الغضب و السخط الذي اصابا الشارع التركي اختار ان يمتص الغضب الشعبي و ذلك من خلال اظهار الموقف الرسمي على انه مساندا للشعب و داعما له و عرف كيف يستغل هذه الفرصة لتغيير الاحداث السياسية الداخلية في تركيا فان التصريحات التي ادلى بها سحبت البساط من تحت اقدام الرئيس الجديد لحزب القومي الجمهوري المعارض المنتخب مؤخرا و تمكن اردوغان من تسليط الاضواء على نفسه مرة اخرى و هذا يظهر مدى براعته في الاداء السياسي و القدرة دائما على البقاء ضمن دائرة الاحداث  طبعا ان ما قام به اردوغان من الدفاع عن شعبه و مواطنيه قمة في الجسارة و الشجاعة ان يصعد في التوتر و يبرز العداء لصديق و حليف قديم و مهم  ولكنه غفل عن شيئ غاية في الاهمية وهو فقدانه للمهارة السياسية الخارجية التي تتمتع بها ايران حيث تجيد الاخيرة التصعيد في سياستها الخارجية و تجيد ايضا امتصاص ذلك التصعيد ولكن على عكس تركيا الطموحة المرتبطة سياسيا و اقتصادية بامريكا و الغرب الذان لن يسمحا لها بالتمادي اكثر في التاليب على اسرائيل و معاداتها.
يتبع…   كتبه ابن انس التونسي 03_06_2010  

جنون اسرائيل  

 ان المساندة المطلقة والغير مشروطة لاسرائيل  بدات تؤكد نزوع الامريكان لتحمل كلفة حرب دينية جديدة  سيكون عنوانها الاستيلاء على القدس  احدى المواقع الدينية  الرئيسية للاسلام وهجوم  متواصل على المسلمين اينما كانوا بطرق متنوعة  فيها ما هوسلمي وفيها  استعمال العنف وتدمير كل قوة وكل بلاد تمثل تهديدل لاسرائيل.  تغييرا استراتيجيا  بهذا العمق  مرتكز اساسا على القوة هو جنون انساني لا يقيم وزنا  لما تمكن التاريخ  من نحته  وتحول تقريبا الى  فعل طبيعي. وجود اسرائيل في هذا المكان بالذات  وديمومتها الى حد هذه الساعة هو فعل جنوني . هناك جسد تاريخي  تكون على مدى اربعة عشر قرن  وكلما اشد فعل القوة فيه كلما  ازدادت مقاومته  وصحوته. ولا يمكن لاية  عملية زرع  اصطناعية  ان تقنعه بالابقاء على هذا الكيان ما دامت الغاية  من الزرع هي الغاء بعض الوظائف  لهذا الجسد. وجود اسرائيل ككيان غريب عن المنطقة لا يمكن ان يؤمن له طريق للبقاء الا اذا كان محاطا بافكار جديدة واديولوجيا  مشعة وانسانية  وتجميعية للبشر .بفضلها يستطيع ان يصهر هذا الكيان تفوقه العسكري بتفوق اديولوجي  يعطيه الافضلية في قيادة المنطقة  والسطيرة عليها. ولكن اسرائيل دولة عنصرية  لا رسالة لها ولا شئ تقوله للمنطقة ولشعوب المنطقة.انها اشبه بقلعة  عسكرية قروسطية تمارس لعبة اقطاعية  بامتياز. وتبدو سياستها  تتجه الى تحويل شعوب المنطقة الى  عبيد. رافضة حتى ان تتقاسم معهم  تطورها العلمي والتكنولوجي.ويتباهى ساستها على انها الدولة الوحيدة الديمقراطية في المنطقة  دون اينتبهوا الى ان هذا التباهي لا يخدمهم كما يتصورون بل انه حجة عليهم  يبين للعالم  ان استحواذها على كل هذه الميزات  دون غيرها من بقية دول المنطقة هو خير دليل على تاثيرها  السلبي  وسواد طالعها .  منذ ستين عام لم تفلح اسرائيل في التاثير على دول المنطقة  لتتحول نظمها الى  نظم دسمقراطية. هذا الوجود السلبي يعمل ساسة اسرائيل على  استعماله  الى فائدتهم في البروبغدا التي يشنونها كجزء من الحروب المتواصلة على المنطقة  وصارت تستعمل كتبرير لبشاعة هذه الحروب. حتى ان ذلك المختل جورج بوش اقتنع انها سبيل  لتبرير غزوه  للعراق. ولاول مرة في تاريخ البشرية  استمعنا الى  اجهزة البروبغدا الفاشية  الصهيو امريكية  تعلن ان الجيش الامريكي جاء ليحرر العراق وينشر الديمقراطية . لاول مرة في التاريخ صار نشر الحرية ذريعة لشن الحروب وقتل الابرياء. وقرانا مقالات  شبيهة  بتقارير طبية  تنقل عن مجانين يدعون ان العرب يقتلون اليوم  على ايادي الصهاينة والامريكان لانهم يرفضون ان يعيشوا في نظام ديمقراطي . كل هذه الحرب علينا صارت تبرر باننا اعداء للحرية والديمقراطية.وان وجود اسرائيل في المنطقة هو لنقل الديمقراطية حتى لو تسبب ذلك في قتل ملايين العرب الرافضين  للحرية. الانهيار الاديولوجي  يبدا  عندما يتبعثر  المنطق على هذه الشاكلة. لانه حتى لو فرضنا عبثا انه يمكن ان تقوم امة  بمحاربة شعوب ما قصد اجبارها على  اتخاذ نظامها السياسي  فالمفروض ان تاتي تلك الحرب اكلها وتفصح عن اهدافها  ويؤدي انتصار تلك الامة الى فرض  النظام الديمقراطي على تلك الشعوب. و اسرائيل  تحاربنا منذ ستين سنة وانتصرت علينا مرات عديدة ولكن هذا لم  يؤدي الى انتشار الحرية في بلداننا. فاين الخلل؟  كم سيقتلون منا حتى  نامل في ارساء نظم ديمقراطية عندنا؟ ام انهم يخططون لقتلنا وابادتنا وتحويلنا  على ديمقراطية  القبور؟ اسرائيل  تجر الغرب  الى حرب دينية. هذا هو التشخيص الحالي  لما نحن بصدد فهمه اليوم.كل نتائج المعارك تصب في هذا الاتجاه.حتى انهم بسبب الغثيان الذي تسببه  شروط الحرب الدينية هم اليوم يحفرون سراديب  لديمقراطيتهم  بهذه القوانين المعادية للحريات التي  باتوا يتفننون في اصدارها  ضد شعوبهم.  كل الغرب  الذي حمل المشروع الصهيوني على كتفيه  بات يغرق  تدريجيا في وحل حرب دينية لا ناقة له فيها ولا جمل؟ فماذا سيربح المواطن الامريكي او الفرنسي او الالماني من  انتصارات سيحققها مجموعة من المجانين اليهود  داخل مدينة القدس ستجعلهم قادرين على بناء معبدهم  على انقاض المسجد الاقصى؟ ماذا سيربح الامريكان من معبد سليمان  اذا قدر له وصار حقيقة  عمرانية؟ كل هذا الاحتشاد للقوة.وكل هذا الدمار الذي لحق بالمنطقة  ستكون نتيجته بناء معلم  ديني لليهود  .وبعد ان يتم  بناءه على ماذا ستحصل شعوب البلدان الغربية  لو فرضنا  عبثا ان المسلمين سيتوقفوا عن محاربة من استولوا على موقعهم  الديني؟ لاشئ. سوف لن يربحوا شيئا على الاطلاق. سيكون معبدا اخر في الشرق ومجموعة من اليهود المتدينين يجوبون  غرف المعبد ولاشئ اخر. سيضاف هذا المعبد الى معابد اخرى اسلامية  ومسيحية  وغيرها ولن يتفجر من هذا المعبد لا حليبا ولا طماطم  ولا سندويتشات  لاطعام الغربيين. ورغم ذلك هذا الغرب العقلاني  المجرب الذي دمرته سنوات  حروب دينية بائسة يعود ليشرب السم من جديد. ويسمح لنفسه بتدمير حضارته من اجل مشروع ديني ميؤوس منه ولا يمكن ان يؤمن له لا قمحا ولا شعيرا. في السابق كانت الحروب الدينية تقوم على  اسس  تصادم مفاهيم وسلوكيات .كانت الديانات تحمل رؤية للحياة وللاقتصاد وللبوليس  . ومنذ قرون استوفت الديانات مقوماتها الاديولوجية ولم يعد هناك مجال للاختلاف على الجوهر.وتوقفت الحروب الدينية لتترك المجال لصناعة الحضارة على اسس عقلية. هذا هو جوهر ما اقتربنا منه وربحناه. هذا هو جوهر مسالة العلم والعلمانية.ان نتصرف بعقلانية.وهو في النهاية ما كانت تحثنا عليه الديانات. ومنذ مدة كان يقف بين اليهود والعرب رجل اسمه ياسر عرفات  .هذا الرجل  قاوم اسرائيل في بداية حياته  .ثم اقتنع ان موازين القوى السياسية والعسكرية لا تسمح له  بالقاء اليهود في البحر.وكان رجلا عاقلا.وسمح لنفسه  بتفسيخ  ماضيه النضالي  وقال للعالم انني اقبل بوجود اسرائيل. ورغم  وجود معارضة شديدة له  اصر الرجل على قبول مشروع التقسيم. وذهب الى اسلو  وانحنى للقدر.ولكن اليهود لم يقدروا انحناء ذلك العملاق. وكانوا يقولون فيما بينهم هذا قزم اخر  يريد التطاول .واعتقدوا انهم ليسوا في حاجة اليه. وقتلوه امام اعيننا. وراينا المجانين منهم يهرولون للاستيلاء على القدس. وكان هذا اعلام بانه لم يعد هناك مكان للعقل.على الغربيين ان يعلموا  ان هذه الحرب الدينية القادمة  لن تكون  اهدافها  اعطاء ارض لدولة اليهود. ياسر عرفات اعطاهم تلك الارض. وبعد ان قتلوا ياسر عرفات من حق الفلسطينيين ان يسحبوا منهم  اذا ارادوا  مشروعية امتلاك هذه الارض. ولكن اليهود  يذهبون الى جهنم الاصطدام على مليار ونصف مسلم. ستكون حربا مجنونة .وحربا لا مثيل لها في تاريخ البشر اذا ما واصلت اسرائيل حشد الغرب خلفها. انهم يضعون حضارة البشر على محك  لا محك مثله. من قال لهم ان الاستيلاء على القدس كاملة وبناء معبدهم على انقاض الاقصى هو امر ممكن. من قال ان هذا ممكن؟ الغربيين لا يعرفون ما معنى القبلة. لا احد  في الاعلام وفي تنوير الراي العام  فسر للغربيين ما معنى القبلة بالنسبة للمسلمين. حتى اني مقتنع ان اليهود لا يفهمون ما هو مفهوم القبلة  عند المسلمين وما هي قيمتها.ويتصرفون  كانه يمكن ان تنتزع  قبلة المسلمين بسهولة. هم لا يلاحظون ان مليارا ونصف مسلم يتجهون يوميا  خمسة مرات في اليوم  وجهة قبلتهم  وان انتزاعها  هو ابطال مفعول خمسة صلوات في اليوم. ابطال الصلاة بالنسبة للمسلم  هو كمن يعلن ابطال الاسلام. فمن يجرؤ على هذا ؟من بيديه القوة اللازمة لابطال هذا؟ في الغرب لا يعرفون ان اليهود يستولون على ركن اساسي في الاسلام. وهي الصلاة. لا احد يفسر لهم هذا.ويعتقدون فقط ان اليهود يسترجعون ارضا كان لهم فيها معبدا. وكل الناس تتحدث عن الحجر. لانه لا احد يرى  المسلم الماليزي او التركي او الافغاني الذي سيبحث ذات يوم عن قبلته  ولن يجدها  ويعلم بذلك ان هذا ينقص من  قيمة صلاته . ولا احد يستطيع ان يتنبا بما سيفعله ذلك المسلم في اقاصي المعمورة لاستعادة قبلته. لا احد يستطيع ان يتكهن بما سيفعله .  هذه مسالة لا تتعلق بجماهير معباة ومسيسة يقودها خطيب يلهب مشاعرها .انها قضية شخصية بين المؤمن وخالقه.وفيها استحقاقات. ولن يخلق  بعد ذلك الكائن الذي يعتقد انه يستطيع ان يعبث بقبلة مسلم. لا احد يفسر للامريكان وحتى لساسة الانظمة العربية ان وجود اسرائيل على حدود 67 هي قضية فلسطينية  وان هذا الامر يمكن للفلسطينيين ان يتناقشوا فيه فيما بينهم . ما لا حول ولا قوة للفلسطينين فيه هو عندما ترفض اسرائيل قرار التقسيم وتتجه الى الاستيلاء  على قبلة المسلمين فهي تدحرج القضية الى خارج حدود فلسطين.ولا توجد قوة على الارض قادرة على ايقاف هذا التدحرج الى عنف كوني  لا احد يستطيع  التنبؤ بما سيؤول اليه. الامجد الباجي  


أردوغان: لا سلام في المنطقة وغزة تحت الحصار


6/11/2010 أنقرة ـ يو بي آي: شدد رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان امس الخميس على أنه من غير الممكن إحلال السلام في المنطقة فيما غزة تحت الحصار، داعياً الدول العربية الى مزيد من المبادرات لحل هذه المشكلة عبر الطرق السلمية، ولفت إلى أن اتفاقية مبادلة الوقود النووي مع إيران والبرازيل وقعت بعد استشارات مع مجلس الأمن. ونقلت وكالة أنباء ‘الأناضول’ التركية عن أردوغان قوله في الاجتماع الثالث لوزراء خارجية منتدى التعاون التركي – العربي، والرابع للمنتدى الاقتصادي، في اسطنبول، إن ‘على الدول العربية أن تتخذ مزيداً من المبادرات لحل المشكلة (المتعلقة بغزة) عبر الطرق الدبلوماسية’، إذ لا سلام واستقرار مع استمرار القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية. ولفت إلى ضرورة تعزيز التحالفات وبذل مزيد من الجهود في سبيل السلام، معتبراً أن المعاناة والمآسي والأفعال غير القانونية والقرصنة تلحق الضرر بشكل جدي بكل البلدان في المنطقة. وقال أردوغان إن المجتمع الدولي والمنظمات الدولية تتغاضى عن الممارسات غير الإنسانية الإسرائيلية في فلسطين وتدعمها سراً، مضيفاً ‘لا يمكن لهذه العملية أن تستمر على هذا النحو ويجب ألا تستمر. لا يمكن للسلام والاستقرار أن يحلا وغزة تحت الحصار. لن تتنازل حكومتي أبداً عن المبادئ التي تعتقد بها مهما قالوا لنا’. وأشار إلى أن مليارات الدولارات، التي يجب أن تنفق من أجل العمالة والإنتاج والشعب الفقير، تنفق على التسلح بسبب مشاكل غير حقيقية. وأضاف ‘إننا نواجه انتقادات صارمة عندما نرفع أصواتنا بشأن المشاكل ونقول السلام والاستقرار والرفاهية. ونواجه انتقادات عندما نرفع صوتنا ضد الظلم ومعارضة أي نوع من الإرهاب وإرهاب الدولة’. وقال ‘هل يجب أن نبقى صامتين ضد الهجمات على السفن، التي انطلقت من تركيا، تحمل ناشطين من 32 دولة يقلون مواد إغاثة فقط. أعلي أن أقفل عيني ضد جريمة .. في المياه الدولية.. أعلينا أن نبقى صامتين ضد الممارسات غير الإنسانية في فلسطين؟ ألن يكون ذلك تأييداً لإرهاب الدولة وتحملاً للممارسات غير القانونية؟’ وبشأن الملف النووي الإيراني، أعلن أردوغان أن بلاده أجرت استشارات مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي قبل توقيع اتفاقية مبادلة الوقود النووي مع إيران والبرازيل. ولفت إلى أنه لن يعط تفاصيل حول هذه المحادثات، لكنه قال إن مجلس الأمن اتخذ أمس قرار فرض عقوبات جديدة على إيران، ‘وأود قول شيء في هذه المسألة، إننا أجرينا مشاورات مع كل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن قبل اتفاقية طهران. لن أعطي تفاصيل، فلا حاجة لذلك’. وأضاف ‘إن هدفنا حل كل شيء على طاولة (المفاوضات). لا يمكن الذهاب إلى كل مكان مع الأسلحة، والحظر، والإقصاء. لقد شهد العالم أمثلة كثيرة ودفع أثمانا باهظة جداً في الماضي. وما زلنا ندفع ثمناً في العراق وأفغانستان’، حيث قتل الملايين، ‘هل سنصمت في وجه هذا’. وقال إن من يتسببون في الوضع الراهن في المنطقة سيقاضيهم التاريخ, وأشار إلى أن لا سلام اليوم في فلسطين، ولا حل هناك، لكن القضية يمكن أن تحل. وجدد القول بأن اتفاقية مبادلة الوقود النووي مع إيران هي انتصار دبلوماسي، لافتاً إلى أن الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن كانت لهم تعليقات مماثلة على ذلك، لكنه تساءل عن سبب موافقتهم أمس على العقوبات الجديدة على إيران. وقال إنهم قطعوا العملية التي كانت ستبدأ، عبر فرضهم هذه العقوبات. وأضاف أن بلاده ستعمل مع البرازيل وإيران على مواصلة المفاوضات، وقال ‘سنجهد لإبقاء اتفاقية طهران على الطاولة’، مشدداً على أن الدبلوماسية يجب ان تدير العالم. وقال ‘ سننجح عبر الدبلوماسية، ولا نريد أن نكون جزءاً من خطأ’، في إشارة منه إلى قرار مجلس الأمن فرض عقوبات جديدة على إيران. من جهته ركز وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في كلمته خلال المنتدى على الهجوم الإسرائيلي على ‘أسطول الحرية’، والوضع في العراق والملف النووي الإيراني. وأشار داوود أوغلو إلى ان تركيا توقعت من جامعة الدول العربية الاستمرار في دعمها في ما يتعلق بالهجوم على سفن الأسطول الذي كان ينقل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة. وشدد على أهمية ضمان استقرار فلسطين في أقرب وقت ممكن. ودعم وزير الخارجية التركي تسوية الملف النووي الإيراني عبر الحوار، ودعا لأن يكون الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. كما أكد استمرار الدعم التركي لاستقرار العراق ورفاهته. بدوره، أثنى أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى على الموقف التركي في ما يتعلق بالحصار المفروض على قطاع غزة، وقال ‘شاهدنا قيام هجوم عدائي على سفينة كانت تبحر في المياه الدولية، وقد ارتكبت جريمة قتل في انتهاك لحقوق الإنسان، وكعرب وكسكان للمنطقة نقدر الموقف التركي’. وقال موسى إن العرب والأتراك يتشاركان التقاليد المتجذرة عينها ويحملون الآمال ذاتها، مشيراً إلى أن العلاقة العربية- التركية تستند إلى الأخوة وان العرب يدركون جيدا مدى جدية رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في مقاربته لجيران بلاده. ووصف إسرائيل بالثقب الأسود في الشرق الأوسط. وشدد على ان المسألة الفلسطينية هي أساس كل الصراعات، مشيراً الى أن اجتماع وزراء الخارجية في منتدى التعاون التركي العربي هو فرصة لمناقشة مشاكل المنطقة. ودعا موسى الدول العربية إلى إقامة مصالح مالية مع تركيا وتعزيز العلاقات التجارية بين الجانبين، مشيراً الى ان حجم التبادلات التجارية وصل إلى40 مليار ليرة تركية ( 25 مليار دولار) عام 2008 غير أنه تراجع لاحقاً بفعل الأزمة المالية. كما دعا إلى اتخاذ قرارات صارمة في الاجتماع وإلى تغيير البنية الحالية في المنطقة، وقال ‘عانينا الكثير من الآلام في هذه المنطقة غير أنه علينا اتخاذ قرارات جريئة وحماية شعوبنا، أجل نحيي الموقف التركي عن ان إسرائيل هي المسألة الأساس فيما يتعلق بحماية الشعوب العربية’. وكان أردوغان قال إن بلاده صوتت ضد العقوبات الدولية الجديدة على إيران لأنها وقعت مع طهران والبرازيل اتفاقية لتبادل الوقود النووي، معتبراً أن القيام بعكس هذا التصرف يعتبر’خزياً’، والتاريخ لن يغفر ذلك، فيما تحدث رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عن إمكانية ان تؤسس تركيا والدول العربية شراكة وتكاملا اقتصاديا. ونقلت وكالة ‘الأناضول’ عن اردوغان قوله في المنتدى، إن بلاده صوتت ضد العقوبات الجديدة على طهران، في مجلس الأمن ، لأنها وقعت معها والبرازيل اتفاقية مبادلة الوقود النووي، مضيفاً ‘إن لم نقل لا للعقوبات، لكنا ننكر أنفسنا’. وقال إن ذلك كان ليشكل ‘خزياً، ولم نرد المشاركة في مثل هذا الخزي لأن التاريخ لن يغفر لنا ذلك’. وأشار إلى أن بلاده تريد أن تحل قضية النووي الإيراني عبر الطرق الدبلوماسية، وهي ستواصل الضغط في هذه المسألة. وبدوره، قال رئيس الحكومة اللبنانية في المنتدى، ‘إنني على ثقة أن بإمكان الدول العربية أن تؤسس لشراكة حقيقية ولتكامل اقتصادي مع تركيا’. وأضاف أن العديد من الدول العربية قرر المضيّ قدماً في هذا المسار، ‘وهو مسار سيُؤتي ثماره الاقتصادية على المدى المتوسط ويعزز مواقف العرب وتركيا في وجه التحديات التي تواجه المنطقة، كما من شأنه أن يعزّز مكانة تركيا والعرب في المحافل الاقتصادية والسياسية الدولية’. وقال إن بلاده ستسعى بدورها الى تعزيز علاقاتها مع تركيا نحو شراكة إستراتيجية في مختلف الميادين، مجدداً الشكر لدعم الأخيرة المتواصل للبنان على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ومن خلال مشاركتها في قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان. وأدان الحريري الهجوم الإسرائيلي الأخير على ‘أسطول الحرية’ الذي كان يقل المساعدات الإنسانية إلى غزة مطلع الأسبوع الماضي، لافتاً إلى أن المنطقة تمر في فترة حساسة جداً. وقال إن المنطقة تواجه صعوبات سياسية وأمنية وتعاني من العنف الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الدول الإسلامية والعربية تسعى إلى سلام عادل وشامل في المنطقة. ولفت إلى أن لبنان يعي جيداً أهمية التنسيق والتفاهم بين العرب، وهو يوظف وتركيا كل الإمكانات السياسية والدبلوماسية’ لتدعيم الموقف العربي، ليكون قوة موحدة ومتماسكة من أجل إحقاق حق الفلسطينيين بالعودة إلى دولة مستقلة عاصمتها القدس’. وبشأن العلاقات الثنائية مع تركيا، ذكّر الحريري بالاتفاقيات المتنوعة التي وقعت خلال زيارته في كانون الأول (ديسمبر) الفائت إلى أنقرة، لافتاً إلى أن تأشيرات الدخول بين البلدين قد أزيلت. وأشار إلى توقع أن يزور أردوغان لبنان في تموز (يوليو) المقبل وتوقيع عدد من الاتفاقيات الجديدة. وشدد على الدور الرياديّ الذي يلعبه القطاع الخاص في البلدين، لافتاً إلى أن تفعيل التبادل الاستثماريّ يشكل ركيزة أساسية للدفع في العلاقات التركية اللبنانية قدماً، ما يوجب تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين. وكان وزير المالية التركي محمد شيمشك قال في وقت سابق إن عقد اتفاقيات تجارة حرة بين بلاده والدول العربية سيساهم في السلام في المنطقة، لافتاً إلى أن التجارة بين الطرفين ازدادت في العام 2009 أربع مرات أكثر من العام 2002، وأشار إلى توقع أن تحقق تركيا هذا العام نمواً يصل إلى 7 بالمئة. ونقلت الوكالة عن شيمشك قوله في الاجتماع إن اتفاقيات تجارة حرة بين تركيا والبلدان العربية ستساهم ليس فقط في رفع مستوى الرفاهية بل أيضاً في السلام . وأضاف ‘علينا أن نخصص موارد للبحث والتنمية وللبنى التحتية وكذلك موارد بشرية، وهذا هو المفتاح للوصول إلى استقرار طويل الأمد’. ولفت إلى أن حجم التجارة بين تركيا والدول العربية ارتفع في العام 2009 أربع مرات مقارنة بالعام 2002، لكنه ما يزال أقل من الممكن. وقال إن بعض المنظمات الدولية توقعت لتركيا أن تحقق نمواً يصل في نهاية السنة 2010 الحالية بين 6 و7 بالمئة. بدوره، قال رئيس مجلس اتحاد الغرف وتبادل السلع التركي رفعت هيسارجيكليوغلو، في افتتاح الاجتماع، إن على تركيا والدول العربية تشكيل مصرف للمقايضة، ووجه شكره لاردوغان لدعمه على تمديد المنتدى خلال السنوات الخمس الماضية. وقال إنه في الوقت الذي تجري فيه إعادة تشكيل موازين القوى، فإن مجتمع الأعمال التركي يأمل بأن يرى العالم العربي قد حل مشاكله الإقليمية وتوصل إلى الرفاهية والاستقرار. وأضاف ‘نريد أن نبني مع العالم العربي تعاوناً في كل الحقول إلى أقصى حد.. ونفضل بناء سلام واستقرار دائمين في المنطقة’. وقال إن تاريخ المنطقة يظهر أنه لا يمكن لأي مشكلة أن تحل باستخدام القوّة، مضيفاً ‘نحن ضد الحظر، والعزل، والتدخلات العسكرية’. وأشار إلى أن العلاقات التجارية بين تركيا والدول العربية تطوّرت بشكل ملحوظ خلال السنوات السبع الفائتة، لكن يجب القيام بأمور لتواصل ذلك، وهي أولاً وقبل كل شيء تطوير شبكة النقل بن الطرفين، وتشكيل مصرف للمقايضة. واعتبر هيسارجيكليوغلو بالتالي إن ذلك يمكن أن يخفف من اعتماد رجال الأعمال الأتراك والعرب على المصارف الخارجية، والمحافظة على مواردهم المالية في المنطقة. وشدد على ضرورة إتمام المفاوضات حول اتفاقية تجارة حرة بين تركيا ولبنان وبينها وبين دول مجلس التعاون الخليجي في أقرب وقت ممكن. وقال إنه لدى توقيع هاتين الاتفاقيتين فإنه سيتم إنشاء منطقة تجارة حرة واسعة بين شرق المتوسط والخليج. ودعا هيسارجيكليوغلو الشركات العربية وصناديق الاستثمار للاستثمار في بلاده، وقال ‘دعونا نحول منطقتنا إلى منطقة يعمها السلام والاستقرار والرفاهية’. وكان أعمال منتدى التعاون التركي- العربي بدأ في وقت سابق امس في اسطنبول بمشاركة ممثلين عن 21 دولة عربية. ويشارك في المنتدى ممثلون عن 21 دولة عربية. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 11 جوان  2010)  


مهلا على تركيا


عبد الستار قاسم  
6/حزيران/2010 المواطن العربي ظمآن، وهو دائم البحث عمن وعما يطفئ ظمأه ولو قليلا؛ وكلما لاح في الأفق أمل أخذ يجري خلفه ملهوفا مستنجدا هاتفا مستصرخا متضرعا ألا يكون الأمل سرابا. المواطن العربي هو أشد الناس إذلالا في الأرض، ووعيا بهذا الإذلال سواء كان مصدره داخليا أو خارجيا، وهو تواق لأن يشعر بنوع من الكرامة، أو أن يحس بالهزيمة وقد فارقت مضجعه قليلا فيهدأ كما يهدأ الناس في بقاع الأرض. وكلما دوى في الأرض صوت يتعاطف مع العرب ولو من قبيل المجاملة اشرأبت أعناق العرب وامتدت أياديهم عسى في ذلك الصوت ما يخرجهم من بؤسهم وشقائهم. تمسكنا بالاتحاد السوفييتي سابقا، ودائما اتخذناه، ليس جميعنا، البطل المتنظر الذي سيهب لنجدتنا مع كل محنة. وهتفنا للرئيس الأمريكي عندما وعد الفلسطينيين بدولة، وأنزلنا الرئيس الفرنسي شيراك منزلة الأولياء الصالحين عندما زارنا وبجعبته إصرار على إقامة دولة فلسطينية. أما شافيز فصوره موجودة الآن في بيوت عربية كثيرة، ومصنف من قبل الكثيرين على أنه بطل قومي عربي. والآن تتصدر تركيا المشهد، ويحتل رئيس وزرائها مكان الصدارة في قائمة الأبطال الذين سيسعفون المواطن العربي ويخرجوه من محنة الذل المستعصية. بين الأمل والتمني
من الصعب أن نجد عربا من خارج دائرة العديد من الأنظمة العربية لا ينظر بإيجابية لمواقف تركيا من القضية الفلسطينية، ومن السياسات الصهيونية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وضد العرب عموما. ولا شك أن أن تركيا تتفوق في مواقفها على أغلب الأنظمة العربية، وعلى أعداد غفيرة من عشاق الهزيمة من الفلسطينيين الذين تطيب لهم المتع الأمريكية على حساب الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. من الإنسان العادي الفقير الذي لا وقت لديه للانشغال بالسياسة حتى كبار المثقفين، تحظى تركيا بالتقدير والاحترام، ومواقفها بالهتاف والتصفيق. فقط هي الأنظمة العربية ومن دار حولها هم الذين يحتبسون أنفاسهم حنقا وغلا، وهؤلاء قد تصل نسبتهم إلى 10% في أحسن الأحوال. لكن من الملاحظ من تعليقات الناس سواء في وسائل الإعلام أو في الشارع قد تخرج عن دائرة الأمل المتناسب مع قدرات وطاقات تركيا إلى حد المبالغة في التوقعات والتي قد لا تحتملها تركيا، على الأقل في وضعها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحالي. هناك آمال كبيرة جدا معقودة على تركيا الآن لدى الشارع العربي، والشارع الفلسطيني على وجه الخصوص، تصل إلى حد التمنيات. كثير من الناس يرون في تركيا قوة عسكرية متطورة جدا تفوق قوة إسرائيل، ويرون فيها القدرة على ردع إسرائيل عسكريا ومعاقبتها، وبالتالي يرفعون سقف توقعاتهم. المبالغة في التوقعات عمل خطير من ناحيتين تتمثلان بالإحباط المترتب إذا لم تتجسد التوقعات عمليا أمام الناس، وبمكانة تركيا في النفوس إذا لم تكن إجراءاتها على مستوى التوقعات. لقد سبق للعرب أن عقدوا آمالا كبيرة على قيادات ودول عربية وغير عربية، لكنهم لم يحصدوا إلا الخيبة والفشل ما أثر سلبيا على الوضع النفسي للناس وعلى رغباتهم في تقديم التضحيات من أجل تحقيق تطلعاتهم وآمالهم. لقد ظن العرب مع الزمن أن سواعدهم قد لا تكون ضرورية من أجل تحقيق الإنجازات، ورأوا في غيرهم من ينوب عنهم في تقديم التضحيات فغرقوا في المزيد من الهزائم. ولهذا من المهم جدا أن يقوم المثقفون ووسائل الإعلام بدورهم في توعية الناس حول ما يمكن أن تقدمه تركيا إذا كان لنا ألا نغرق ثانية فيما لا نرغب به. تركيا دولة قوية ومهمة في المنطقة العربية الإسلامية، وشعبها هو شعبنا وهم أهلنا وأصدقاؤنا، وتربطنا بهم روابط دينية وتاريخية واجتماعيى واقتصادية، ونحن وإياهم كما ومختلف الجيران عبارة عن جسد يمكن أن يتكامل ويوفر العزة والكرامة والرفاه والتقدم لكل شعوب المنطقة. وتركيا تلعب دورا مهما وعظيما الآن بخاصة في غياب الدول العربية، أو في تورط العديد من أنظمة العرب في الحصار على غزة، وتشجيع سلطة رام الله على الاستمرار في تفاوض عبثي. لكن هذا لا يعني أن نحمل تركيا أكثر مما تحتمل، وأن نلقي عليها مسؤوليات أعظم من طاقاتها، وأن نطلب من شعبها مواجهة الأنظمة العربية بالنيابة عنا. لتركيا دور كبير ومهم، وقد كان في الماضي ضد العرب وضد المصالح التركية، وهي ما زالت تبلور توجهاتها نحو مستقبل مختلف عما أرادت له قيادات حزبية سابقة، وعلى العرب ألا يستنفذوا آمالهم بالتمنيات فيخسرون. صعوبات أمام الحكومة التركية

تحاول الحكومة التركية القائمة حاليا بقيادة حزب العدالة والتنمية أن تشق طريقا جديدا يتسم بالهدوء والتروي، وأيضا بالكثير من العلمية والمهنية. إنها حكومة تفكر مرارا قبل أن تفعل، وتدرس كثيرا قبل أن تتخذ القرار، وهي تدرك تماما أن هناك عقبات ومعوقات داخلية وخارجية تعترض طريقها وعليها أن تحسب حسابها. قضية فلسطين، وقضية غزة ليستا القضيتين الوحيدتين المطروحتين على جدول أعمالها، وهناك الكثير من العمل أمامها. وهنا أوضح أهم هذه العقبات: على المستوى الداخلي
هناك عدد من المعوقات على المستوى الداخلي أذكر منها:
أولا: هناك من يتربص بالحكومة التركية القائمة حاليا ويعمل على إسقاطها بطريقة أو بأخرى بخاصة من العلمانيين الأتراك الذين يشعرون بأنهم فقدوا العرش الذي تربعوا عليه منذ عهد أتاتورك. الأحزاب القومية واليسارية التركية تعمل دائما على البحث عن هفوات للحكومة أو لرئيس الوزراء أو الوزراء من أجل أن تثبت للأتراك بخاصة مؤسسة القضاء أن الحكومية إسلامية وتخالف بذلك الدستور ما يستدعي الحكم عليها بعدم الشرعية وحظر حزب العدالة والتنمية. العلمانيون لا ينفكون عن منازعة الحكومة في مختلف سياساتها، وهم يعملون دائما على تشويه صورتها والقول إنها حكومة تعمل على القضاء على الأتاتوركية والتخلص من العلمانية وإقامة دولة إسلامية. هؤلاء أنفسهم هم أصدقاء إسرائيل، وهم الذي جعلوا من تركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل، وأعداد منهم معروفة بانحدارها من يهود الدونما الذين دخلوا الدولة العثمانية وانتشروا في الأناضول والشام. هؤلاء هم الذين أقاموا العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسة مع إسرائيل، وكانوا دائما سندا لها في تنكيلها بالفلسطينيين والعرب عموما. يجد العلمانيون أنفسهم الآن في محنة أسطول الحرية مقيدين لأنهم لا يستطيعون تأييد إسرائيل التي مست بالاعتزاز القومي التركي، وقتلت مدنيين أتراكا، ووجدوا أن أصدقاءهم الإسرائيليين قد ورطوهم في مواقف ضد إسرائيل قد تبدو أحيانا أكثر تشددا من مواقف حزب العدالة والتنمية. لكن هذا لا يعني أن العملانيين سيغيرون ما هم فيه وعليه. ثانيا: تواجه تركيا مشكلة الأكراد الذين يقومون بأعمال مسلحة من أجل تحقيق مطالبهم القومية. في تركيا حوالي 13 مليون كردي، وهم حوالي نصف عدد الأكراد في المنطقة الكردية، وهم يحملون السلاح، ويجدون من يؤيدهم ويقدم لهم الدعم. ومن المعروف أن إسرائيل تقيم علاقات طيبة مع الأكراد خاصة في العراق، وتمتد هذه العلاقات إلى تركيا التي كانت تعتبر صديقة لإسرائيل. لم تحرض إسرائيل أكراد تركيا في السابق، لكنها جاهزة الآن لإثارة المتاعب لتركيا، وهناك من يشك أن الصاروخ الذي ضرب القاعدة البحرية التركية في الاسكندرونة كان بتدبير أو تآمر إسرائيلي. تركيا تعاني من اختراقات أمنية إسرائيلية وأمريكية وأوروبية، وإذا أرادت هذه الدول أن تصنع لتركيا المتاعب فإنها قادرة على ذلك. عبر ما يقرب من تسعين عاما وأهل الغرب يعبثون بتركيا ولهم فيها الأصدقاء والعملاء والجواسيس والمؤيدون، وهم منتشرون في كل ركن وزاوية من البلاد، وبإمكانهم دعم الأكراد بالمال والسلاح والتدريب والتنظيم. ثالثا: تعاني الحكومة التركية القائمة حاليا من انحياز القضاء التركي وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية لصالح خصومها الداخليين، وهي كمن يسير على حد السيف حتى لا تستثير القضاء فيعمل على إخراجها عن الشرعية الدستورية، وألا تستثير الجيش والمخابرات حتى لا تُحاك ضدها مؤامرات الانقلاب. دأبت الحكومات السابقة على تشكيل أجهزة القضاء والجيش والأمن بطريقة تتناسب مع متطلبات العلمانية، وتناهض ما سواها من تيارات فكرية بخاصة التيار الديني، وقد ترسخت الفئوية في هذه الأجهزة بطريقة بعيدة عن الديمقراطية والمهنية. تدرك الحكومة هذا الوضع، ما دعاها إلى تبني عملية التغيير التدريجي والبطيء. حكومة أردوغان تسير في كثير من الأحيان في حقول ألغام، والحذر ضروري من جهتها، كما أن الحذر في عدم استعجالها أو استحثاثها ضروري من قبل الذين يتوسمون فيها الخير. رابعا: حكومة أردوغان معنية بتحقيق أكبر قدر ممكن من النمو الاقتصادي من أجل أن تثبت للناس جديتها وحرصها على المواطن التركي وتحسين ظروف معيشته. المنافسة في الداخل التركي قوية، ودائما هناك سلاح الانتخابات، ومن المهم أن يكون النجاح الاقتصادي أحد العناصر المقنعة للجمهور التركي. على المستوى الخارجي

هناك العديد من المعوقات الخارجية التي تحد من تسارع الدور التركي أذكر بعضها:  
أولا: أغلب الأنظمة العربية تشكل عائقا أمام تركيا لأن هذه الأنظمة تكره التغيير، وترى في إسرائيل عنصر استقرار في المنطقة. أنظمة العرب عموما تعادي من يبحث عن التغيير، وهي بالتالي تجد نفسها عن عمد أو غير عمد حليفة لإسرائيل، ومثلما وقفت هذه الأنظمة ضد إيران وحزب الله، فإنها ستقف ضد تركيا بوضوح فيما إذا تجاوزت الخطوط الحمراء في معاداة إسرائيل. ثانيا: تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، وللحلف ضوابط ومواثيق لا تستطيع أن تخرج عنها تركيا تماما، ومنها إقامة علاقات تعاون عسكري مع إسرائيل. ربما تستطيع تركيا الآن أن توقف أي تعاون مباشر مع إسرائيل، لكنها في النهاية تجد نفسها مرغمة على ذلك من خلال الحلف. هذا علما أن الأطلسي يحتفظ بأسلحة في تركيا منذ عهد الاتحاد السوفييتي المنهار، وللأمركيين نفوذ واسع حتى الآن. ثالثا: إسرائيل دولة قوية عسكريا، وهي تستطيع إلحاق أذى كبيرا بتركيا فيما إذا حصلت مواجهة. لا أرى أن تركيا تبحث عن مواجهة عسكرية، لكنني أقول ذلك حتى يعيد المبالغون في الخطوات التركية التفكير في مبالغاتهم. تركيا تشتري أحيانا أسلحة من إسرائيل، وتقيم معها مناورات مشتركة، الخ. صحيح أن تركيا قامت بخطوات جريئة وشجاعة، لكنها ليست بصدد تجاوز الخطوط الحمراء الآن مثل قطع العلاقات نهائيا مع إسرائيل، أو ضرب سفينة إسرائيلية مقابل السفينة التركية. عملية استحثاث تركيا أو رفع سقف التوقعات منها قد يؤثر سلبا على تركيا نفسها. رابعا: ما زالت الحكومة التركية بصدد وضع أسس جديدة للتعامل مع جيرانها ومع أعدائها التاريخيين مثل أرمينية. إنها تقوم بحملة تجديد علاقات وتحسينها مع العرب وغير العرب من أجل صناعة أجواء جديدة في المنطقة العربية الإسلامية، وهي لا يمكن أن توظف وقتها للصراع مع إسرائيل في حين أن رؤيتها في إعادة ترتيب هذه العلاقات لم تكتمل. الظهر التركي
على الرغم من كل المعوقات والعراقيل التي تواجهها تركيا إلا أن ظهرها قوي بالعناصر التالية:
أولا: الحكومة التركية مسنودة بشعبها في مواجهة السياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وهي حكومة منتخبة متفاعلة مع شعبها، وموقفها هو الموقف المعبر عن الإرادة الشعبية. ومن الصعب جدا أن تجبن أو تهزم حكومة تتسلح بمواقف شعبية صلبة ومؤمنة بما تدافع عنه. ثانيا: الشعوب العربية تساند الحكومة التركية وتعطيها ثقتها، وإذا احتاجت تركيا مواقف عربية شعبية، فإنها ستلاقي استجابة واسعة في الشارع العربي. الموقف الشعبي العربي يتناقض مع المواقف الرسمية العربية، ويشكل كابحا لمعاداتها لحكومة أردوغان. ثالثا: تقف سوريا وإيران بقوة مع تركيا، وإذا كان لتركيا أن تتعرض لأذى فإنها تستطيع الاعتماد على هاتين الدولتين. رابعا: استطاعت تركيا أن تبني لنفسها عددا من الصداقات مع عدد من الدول الهامة مثل البرازيل وفنزويلا والجزائر، وأن تجعل من نفسها عنوانا رئيسا لأحرار العالم والمدافعين عن حقوق الإنسان. لقد خطت خطوات هامة على مستوى بناء علاقات عالمية تشكل قوة دفع لها ولشعبها. بناء العرب الداخلي
أغلب العرب يتقدمون لتركيا بالشكر الجزيل على ما تقوم به، وأغلبهم يقول أيضا إن تركيا تقوم بواجبها المقدس، وهي بهذا تختلف عن حكومات العرب التي تتجه دائما نحو تحسين العلاقات مع إسرائيل. لكن يجب ألا ينقلب هذا الشكر إلى عبء على تركيا، أو تحميلها أكثر مما تحتمل. تركيا في النهاية ذات قدرات محدودة من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية، ومن الممكن أن تئن فيما إذا قرر خصومها نقل العداء نقلة نوعية تؤثر على بنيتها العسكرية والاقتصادية. الشكر لتركيا يمكن أن يكون له معنى قوي فيما إذا قررنا نحن الشعب دعم تركيا بالأفعال وليس فقط بالهتاف. نحن العرب نتحمل مسؤولية طرد سفراء إسرائيل من البلدان العربية، وإغلاق مكاتبها التجارية، ومقاطعة بضائعها، ووقف التطبيع معها. ونحن العرب نتحمل مسؤولية وقف المفاوضات والإعداد لردع إسرائيل حتى لا تجرؤ على الاستمرار في عدوانيتها، وحتى تعترف بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطينية. وفوق ذلك مطلوب من الشعوب العربية أن تتحرك ضد حكامها الذين يحاصرون غزة. ليس من المعقول أن نصفق فقط لتركيا لأنها تريد رفع الحصار عن غزة، في حين أننا نرى حكومة العرب تمارس ما هو أشنع من ممارسات إسرائيل ضد غزة. إذا كنا نرى في الطيب أردوغان رجلا، فعلينا أن نكون نحن رجالا، ولا أظن أن أشباه الرجال يشدون عضد تركيا. وإذا كنا نرى في نساء تركيا المجد فإن على نسائنا أن يكن ماجدات أيضا. علينا أن نشمر عن سواعدنا، ونقرر أن تغيير ما نحن فيه لن يتم إلا من خلالنا، وأن هزيمة العرب لا تتحقق إلا بجهودهم التي لا يبذلونها، وأن حكامهم ليسوا على قدر المسؤولية إن لم يكونوا حلفاء المعادين. فهل ننصر تركيا كما تحاول أن تنصرنا؟ تركيا تواجه ورئيس سلطة رام الله يصر على المفاوضات، ووزير خارجيته يقول إن وقف المفاوضات عبارة عن هدية ثمينة لإسرائيل. أما كبرى الدول العربية فاكتفت بفتح مشروط لمعبر رفح. فإذا كان الهتاف لتركيا ضروري، فإن الهتاف لسقوط أنظمة عربية أكثر ضرورة.  

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ  9 جوان 2010)
 

الارتباك الإسرائيلي يؤشر إلى بداية تحولات أساسية


د. بشير موسى نافع 6/11/2010 أثار الهجوم الإسرائيلي المسلح على قافلة الحرية، مطلع هذا الشهر، ردود فعل عربية وإسلامية وعالمية، رسمية وشعبية. وبالرغم من كل التبريرات والتسويغات الإسرائيلية، فثمة حقائق لا يمكن إنكارها. أولها، أن القافلة ضمت سفناً انطلقت من أماكن متعددة، وأنها حملت على ظهرها نشطين ومتضامنين من عدد كبير من الجنسيات: مغاربة، جزائريون، كويتيون، فلسطينيون، أردنيون، بريطانيون، كنديون، إيرلنديون، أمريكيون، أتراك، وغيرهم. وقد حرص هؤلاء قبل انطلاقهم ليس على إعلان خلو السفن من السلاح وحسب، بل والذهاب إلى استخدام أدوات الطعام البلاستيكية أيضاً للتوكيد على الطابع المدني للقافلة. هدف القافلة كان، باختصار، كسر الحصار غير القانوني دولياً، وغير المبرر إنسانياً، الذي تفرضه الدولة العبرية على قطاع غزة، وليس خلق أزمة عالمية بمواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية. اعترض الإسرائيليون القافلة في عرض البحر، وفي المياه الدولية، واستخدموا ضد القافلة ما يعرف عسكرياً بالتدخل المباشر، أي استخدام القوة المسلحة. كانت النتيجة كما هو معروف مقتل تسعة من المتضامنين الأتراك على سطح السفينة مرمرة، وجرح عشرات آخرين. ما انشغل به العالم بعد ذلك، كان تحديد المسؤولية الإسرائيلية عن الهجوم الدموي، وما إن كانت قافلة الحرية بداية النهاية للحصار الظالم على القطاع الباسل. ولكن هناك ما هو أبعد دلالة لهذا الحدث. ارتكب الإسرائيليون في التصدي والهجوم على قافلة الحرية سلسلة من الأخطاء، لم يكن لدولة متفوقة، ذات عقل متوازن وقيادة تتمتع بالقدرة على السيطرة على الأحداث، أن تقوم بها: أخطأ الإسرائيليون أولاً عندما اعتقدوا أن الفلسطينيين سيصابون في النهاية بالملل وأنهم، كما في سوابق عدة شهدها تاريخ الصراع الطويل على فلسطين، سيركنون إلى حقائق القوة والقبول بأن مصير قطاع غزة رهن بالإرادة الإسرائيلية. ثمة انقسام فلسطيني، بالطبع، وتعاون حثيث بين قيادة سلطة الحكم الذاتي في رام الله والقيادة الإسرائيلية، لاسيما فيما يتعلق بالموقف من قطاع غزة، والحكومة التي تدير شؤونه. كما أن هناك انقساماً عربياً حول فلسطين، حول القوى السياسية الفلسطينية، وحول مصير الصراع على فلسطين، أحد أسوأ وجوهه على الإطلاق التوافق بين الإسرائيليين وعدد من الدول العربية على كسر إرادة القطاع وأهله، ووضع نهاية لحكومة حماس في غزة، مهما كانت التكاليف. ليس في هذه الصورة من أسرار، ولكن ثمة تياراً بين العرب والفلسطينيين، بات على قناعة عميقة بأن توازنات القوى ليست قدراً، وأن الواقع العربي والفلسطيني الرسمي البائس ليس مبرراً للتخلي عن المسؤوليات. ولا يتسع نطاق وقدرات هذا التيار بمرور الأيام وحسب، بل أصبح في استطاعته كسب الحلفاء في كل أنحاء العالم أيضاً. الانتصار لقطاع غزة هدف رئيسي لهذا التيار وحلفائه، وقد اتضح خلال العامين الماضيين أن هذا التيار تعلم دروس التاريخ، وأنه لن يتخلى عن هدفه، مهما بلغت ردود الفعل الإسرائيلية من عنف. التصميم على كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، هو انعكاس بالغ الأهمية للتغيير البارز في قواعد الصراع، التغيير الذي لم تستطع القيادة الإسرائيلية أن تراه. وقد أخطأ الإسرائيليون عندما لم يضعوا في الحساب خطورة الصدام مع تركيا: خطورة الصدام مع الحكومة التركية، والصدام الأكثر فداحة مع الشعب التركي. العلاقات التركية الإسرائيلية ليست في أفضل حالاتها، على الأقل منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2008. كما لا تتمتع الدولة العبرية بتعاطف الشريحة الأوسع من الشعب التركي. ولكن هذا شيء وما ارتكبه الإسرائيليون ضد السفينة مرمرة، وردود الفعل التي اطلقتها الجريمة الإسرائيلية في تركيا، هي شيء آخر تماماً. يمكن للإسرائيليين أن يوظفوا أي مستوى من الخطاب في حملة العلاقات العامة التي تعهدوها بعد أحداث قافلة الحرية، وأن يوجهوا اللوم ضد كل الأطراف إلا أنفسهم. ولكن هناك حقيقة لا يمكن إخفاؤها: أن أكثر من نصف القتلى الأتراك على ظهر مرمرة أصيبوا في الرأس، كما أفادت الغارديان البريطانية، أي أنهم، بكلمة أخرى، قد أعدموا. ما قام به الإسرائيليون كان سفك دماء تركية، خلق هوة جديدة من الدم بينهم وبين تركيا، وخلق رموز تسعة للتضامن التركي الشعبي مع فلسطين، التضامن المحمل بأبعاد الدين والتاريخ والجوار والمعاني الإنسانية. والمدهش لم يكن الأعمار المتفاوتة للقتلى الأتراك التسعة فقط، ولكن أنهم جاءوا من كل أنحاء البلاد، من أنقرة واسطنبول وقلب الأناضول، ومن الجنوب الشرقي الكردي أيضاً. وقد تجلى رد الفعل الرسمي التركي صريحاً وواضحاً، عبر عنه رئيس الوزراء إردوغان بالميلاد الجديد لتركيا، ورئيس الجمهورية غول بقوله أن العلاقات التركية الإسرائيلية لن تعود أبداً لما كانت عليه. أما رد الفعل الشعبي فكان غير مسبوق بالتأكيد، عندما ضمت حركة الاحتجاج ضد الجريمة الإسرائيلية ليس النشطاء المعتادين من خلفيات إسلامية ويسارية وحسب، بل وكل شرائح الشعب، من ربات البيوت وطلاب المدارس، إلى سائقي سيارات الأجرة وجامعي القمامة. خلال الأيام القليلة الأولى من هذا الشهر، حزيران/يونيو 2010، وضع الشعب التركي نهاية للعلاقات التحالفية الاستراتيجية التي جمعت تركيا الجمهورية والدولة العبرية منذ مطلع الخمسينات من القرن العشرين. وأخطأ الإسرائيليون ثالثاً عندما لم يقرأوا الانقلاب التدريجي، ولكن الملموس، في المزاج العالمي تجاههم، مزاج الشعوب ومزاج الحكومات، بما في ذلك حكومات الدول الحليفة. وجدت إسرائيل لخدمة هدفين رئيسيين، يتعلق الأول بالمتطلبات الاستراتيجية للإمبراطورية البريطانية في الشرق الأوسط، والثاني بالمسألة اليهودية في أوروبا. ولم تختلف الرؤية الأمريكية لدولة إسرائيل طوال حقبة الحرب الباردة عن رؤية أسلافهم البريطانيين، وإن اختلف السياق التاريخي قليلاً: ظلت الدولة العبرية تخدم الأهداف الاستراتيجية الكبرى للمعسكر الغربي، ونظر إليها دائماً باعتبارها تجسيداً لتكفير الغرب عن جرائمه ضد اليهود منذ العصور الوسطى، وخلال سنوات الحرب الثانية على وجه الخصوص. بنهاية الحرب الباردة، تضاءلت الضرورة الاستراتيجية الغربية للدولة العبرية. ولعل السياسة التي اتبعتها إدارة بوش الأب خلال حرب الخليج الأولى في استبعاد الدولة العبرية كلية من تحالف الحرب، حتى بعد أن وجه العراق صواريخه إليها، كانت التعبير الأول للانقلاب في وضع دولة إسرائيل. بدلاً من أن تخدم الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة، أصبحت إسرائيل في الحقيقة عبئاً استراتيجياً. ولعل تصريحات كبار القادة العسكريين الأمريكيين مؤخراً حول التهديد الذي باتت السياسات الإسرائيلية تمثله على حياة الجنود الأمريكيين في العالم الإسلامي هو مؤشر إضافي إلى حجم العبء الذي باتت إسرائيل تمثله. بيد أن الانقلاب في معنى الوطن اليهودي وفي المعنى المستبطن لوجود دولة إسرائيل باعتبارها حلاً للمسألة اليهودية في أوروبا لا يقل أهمية. كان يفترض لدولة تجسد هذا المعنى، من وجهة النظر الغربية، أن تحتل موقعاً أخلاقياً عالياً، وأن تحتضن القيم الكبرى للإنسانية. وقد استطاع الضمير الغربي بالفعل ولعدة عقود التماهي مع إسرائيل مسلحة حتى رأسها، سواء لثقل وطأة سجل التاريخ الغربي في العلاقة مع اليهود أو لأنه رأى في النزعة الاستيطانية للكيان الجديد انعكاساً لحركة الاستيطان الغربية التبشيرية. ولكن الأمر كان مجرد وقت قبل أن يكتشف الرأي العام الغربي، والرأي العام العالمي ككل، أن مشروع الوطن القومي اليهودي بات عبئاً على ضمير الغرب والعالم بدلاً من أن يكون أداة تحرير ضميرية من آثام التاريخ المثقل، وأن الدولة العبرية ليست أكثر من آلة قتل واعتداء دائمة، لم يعد من الممكن تسويغ جرائمها أو التعايش معها. مشكلة الدولة العبرية في حصار غزة وفي الاعتداء على قافلة الحرية، كما كانت في حرب 2006 المدمرة على لبنان، والحرب الدموية البشعة على قطاع غزة في 2008 2009، ليست في تدهور كفاءة قيادات الدولة، أو في ارتباك مؤقت للقرار السياسي الإسرائيلي. مشكلة الدولة العبرية أنها تعيش منذ أكثر من عقد من الزمان مرحلة انتقالية، من وضع الدولة المتفوقة عسكرياً وسياسياً وعلى مستوى الدعم العالمي، إلى وضع الدولة العادية التي تواجه تحديات عسكرية بالغة الصعوبة، ومآزق سياسية تراكمية باهظة التكاليف، وانفضاضاً غربياً وعالمياً تدريجياً. دولة تعيش اليوم تهديداً صاروخياً من سورية وحزب الله وقوى المقاومة في غزة يمكن أن يصل كل بيت إسرائيلي، وأقلية عربية نشطة وصلبة الإرادة، يكاد حجمها أن يصل إلى خمس تعداد السكان؛ دولة تخسر حلفاء استراتيجيين مثل تركيا، وتضع أصدقاءً آخرين مثل مصر في مأزق بالغ الحرج، وتدفع بشركائها الفلسطينيين في عملية السلام إلى الزاوية؛ دولة تثير أسئلة كبرى حول جدوى الوقوف إلى جانبها في واشنطن، وحول العبء الأخلاقي الذي تمثله للرأي العام الغربي، ليست هي الدولة ذاتها التي اكتسحت ما تبقى من فلسطين وأجزاء هائلة من جوارها العربي في حزيران/يونيو 1967، وسط أجواء احتفالية غربية. انتقال الدولة العبرية من وضع التفوق إلى وضع الدولة العادية هو أول مؤشرات انحدار المشروع الصهيوني. وليس ثمة كيان إمبريالي واجه تحديات الانحدار بدون أن يرتبك. الارتباك الإسرائيلي، بهذا المعنى، هو انعكاس لتحولات هامة في موازين القوى، وليس مجرد انعكاس لأزمة عابرة. ‘ كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث  
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم  9 جوان 2010)  

مصر تمنع وفداً فلسطينياً بارزاً من زيارة سويسرا

          الخميس 10 حزيران (يونيو) 2010                القاهرة تتشدد في منع الوزير نعيم والوفد المرافق من اجتياز معبر رفح  


برن ـ جنيف – خدمة قدس برس أكدت مصادر في وزارة الخارجية السويسرية، لوكالة « قدس برس »، أنّ الحكومة المصرية ترفض السماح لوفد رسمي فلسطيني رفيع المستوى بالخروج من قطاع غزة، في زيارة إلى سويسرا بناء على دعوات رسمية. وطبقاً للمصادر؛ فإنّ وفداً فلسطينياً يتقدّمه وزير الصحة في غزة الدكتور باسم نعيم، ويضمّ خمسة شخصيات هم برلمانيون ومسؤولون صحيِّون، لم يتمكّن من اجتياز معبر رفح، في طريقه إلى سويسرا، تلبية لدعوة من البرلمان السويسري ومؤسسات صحية عامّة ومنظمات مجتمع مدني سويسرية. وأوضحت مصادر الخارجية السويسرية لوكالة « قدس برس »، أنّ كافة الإجراءات والموافقات اللازمة لزيارة الوفد الفلسطيني الرسمية، قد تمّ استيفاؤها منذ فترة، ولكنّ السلطات المصرية تمنع الوفد من الخروج من قطاع غزة، وتبدي تشدّداً متناهياً في هذا الشأن، وفق تأكيدها. وحسب المصادر ذاتها؛ فإنّ هذا المنع من الجانب المصري لوزير الصحة الفلسطيني باسم نعيم والوفد المرافق من الخروج إلى سويسرا في زيارة رسمية، يأتي للمرة الثانية على التوالي بعد واقعة شبيهة جرت قبل شهور تمّ منع الوزير بموجبها من زيارة سويسرا. ويشمل برنامج زيارة الوفد الفلسطيني الاجتماع مع مسؤولين سويسريين، ولقاءات برلمانية، وزيارة مشافٍ ومنشآت صحية، والالتقاء بمؤسسات حقوق إنسان ومنظمات غير حكومية سويسرية. وبينما أبدى مسؤولون سويسريون وحقوقيون استغرابهم من المنع المصري؛ قال أنور الغربي، رئيس منظمة « حقوق للجميع »، ومقرّها جنيف، « من المستغرب للغاية أن تقوم الحكومة المصرية بإجراء المنع هذا، الذي يحول دون زيارة الوفد الفلسطيني إلى سويسرا ». وتابع الغربي لوكالة « قدس برس » قوله « غريب حقاً أن تقوم القاهرة بهذه الخطوة المتشددة من الحصار بحقّ الجانب الفلسطيني فتحظر على هذا الوفد اجتياز معبر رفح، بينما تعلن أنّ المعبر مفتوح حتى إشعار آخر » على ضوء التطوّرات الأخيرة في ما يتعلّق بالقرصنة الإسرائيلية ضد أسطول الحرية المبحر إلى قطاع غزة.
عن المركز الفلسطيني للاعلام http://www.alzoa.com/docView.php?con=48&docID=95649  
 

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

10 juillet 2009

Home – Accueil     TUNISNEWS 9 ème année,N° 3335 du 10.07.2009  archives : www.tunisnews.net   Amnesty International: Tunisie. Une vague

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.