الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: القضاء ينظر في شكاية علي بن سالم ، بعد ..7 سنوات ..! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: إقرار الحكم في قضية العائد من قوانتانامو..! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: من تداعيات » قضية سليمان » : .. بورصة الأحكام في تراجع نسبي ..! حرّية و إنصاف: أخبار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فروع سوسة،المنستير،المهدية و القيروان: بيان حركة تضامنية واسعة مع المضربين عن الطعام يو بي أي: عضاء ‘المجموعة السلفية’ التونسية يطعنون في الأحكام الصادرة ضدهم السبيل أونلاين: التقرير الصحفي الأسبوعي (1/3 ) عامر عياد: صداء وأنباء من مدينة خنيس عبد الله زواري : حوار مع السجين السياسي محمود قويعة مرسل الكسيبي: تونس: درس مستخلص من أزمة الرابطة أو رسالة موجهة للصف المعارض
الصحفي عبدالحق طرشوني :لهذا ترشحت ضمن القائمة المهنية المستقلة مدونة « الناقد »: الهاشمي الحامدي يدعو شباب النهضة الى اختراق التجمع؟؟؟ محمـد العروسـي الهانـي: أمنياتي بمناسبة حلول السنة الهجرية 1429 جريدة « مواطنون »: لإسلام السياسي من عبد الله عزام إلى عبد الله غول أي علاقة بين الاعتدال والتشدد ؟ الأستاذ عبد الرؤوف العيادي لمواطنون : » الشباب في حاجة إلى فكر سياسي يسمح له بالمشاركة في بناء مصيره » . جريدة « مواطنون »: السيجارة الثالثة سيمنار الذاكرة الوطنية حول المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس( النشأة والتطور) المسرحي حمادي المزّي لـ «الشعب»:الفاضل الجعايبي يري نفسه صُرّة الابداع المسرحي!!!
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
القضاء ينظر في شكاية علي بن سالم ، بعد ..7 سنوات ..!
متابعات إخبارية كشف الحساب..لقضاء .. »يكافح الإرهاب » ..! : إقرار الحكم في قضية العائد من قوانتانامو..!
متابعات إخبارية كشف الحساب..لقضاء .. »يكافح الإرهاب » ..! : من تداعيات » قضية سليمان » : .. بورصة الأحكام في تراجع نسبي ..!
أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير
حرّية و إنصاف
سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي
33 نهج المختار عطية تونس 1001
الهاتف/الفاكس : 71.340.860
Email :liberte_equite@yahoo.fr
***
تونس في 08 جانفي 2008
أخبار
على إثر وفاة والدة السجين السياسي السابق السيد عبد الحميد عبد الكريم يمكن الاتصال به على الرقم التالي : 0021621265539
منعت إدارة سجن برج الرومي الأستاذ عبد الرؤوف العيادي من زيارة سجين الرأي الشاب زياد الفقراوي الذي أخضع لعقوبة بالسجن المضيق ( السيلون ) منذ انتقاله إلى السجن المذكور في 27/11/2007 .
حجزت محكمة ناحية السواسي النظر في قضية السجين السياسي السابق السيد محمد صالح قسومة إلى يوم الخميس 10/01/2008 .
تم تعيين النظر في جلسة الاستئناف بالمحكمة الابتدائية بصفاقس في قضية الناشط الحقوقي و الصحفي سليم بوخذير يوم الجمعة 11/01/2008.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة
الأستاذ محمد النوري
يتواصل الاحتجاز على ذمة التحقيق لأربعة طلبة من جملة 15 طالبا من كليات سوسة صدرت ضدهم بطاقات جلب منذ أواخر شهر ديسمبر 2007 ، بتهم مختلفة أهمها افتكاك ملك عقاري بالقوة و نهب مواد صالحة للأكل و تأتي هذه التهم و الاقافات اثر أحداث المطعم الجامعي الرياض بسوسة المتمثلة في تناول الطلبة لوجبات الأكل دون اقتطاع التذاكر مدة بضعة أيام اثر التأخير الحاصل في صرف المنح الجامعية لفائدة الطلبة. – تستغرب هيئات فروع سوسة و المنستير و المهدية و القيروان للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مواصلة احتجاز الطلبة الأربعة بعد مثولهم أمام حاكم التحقيق و تعبر عن خشيتها من أن تكون التهم الخطيرة الموجهة ضد ال15 طالبا على خلفية نشاطهم النقابي و انتمائهم الى الاتحاد العام لطلبة تونس في حين أن ألاف الطلبة قد يكونوا تناولوا الآكل مجانا. – تطالب الفروع الأربعة بالإفراج الفوري على الطلبة الموقوفين و إيقاف التتبعات ضد البقية. جمال مسلم رئيس فرع سوسة مسعود الرمضاني رئيس فرع القيروان سالم الحداد رئيس فرع المنستير محمد عطية رئيس فرع المهدية
حركة تضامنية واسعة مع المضربين عن الطعام
توضيحات حول الحقوقي والسياسي و إعلان دمشق
لن تغلق العقلية الأمنية ضرورة الحوار النقدي نطالب إعلان دمشق بتحديد موقفه من القضايا الإقليمية والدولية عام 2007 في الميزان برنامج ماوراء الخبر :مرور 6 سنوات على اعتقال سامي الحاج للمزيد اضغطوا على الرابط أدناه
www.haythammanna.netأعضاء ‘المجموعة السلفية’ التونسية يطعنون في الأحكام الصادرة ضدهم
السبيل أونلاين نت
التقرير الصحفي الأسبوعي (1/3 ) – إعداد السبيل أونلاين
هل تحتفل تونس بذكرى وفاة العلامة محمد الخضر حسين؟
هكذا تساءل الصحفي محمد المي في جريدة الصحافة التونسية. فمع حلول شهر فيفري القادم يكون قد مر نصف قرن على رحيل الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله تعالى شيخ الازهر الاسبق التونسي الولادة والنشأة والتكوين.
ولد محمد الاخضر بن حسين والذي صار يعرف بمحمد الخضر حسين يوم 26 جويلية 1876 في مدينة نفطة.
درس بالجامع الاعظم (جامع الزيتونة) حيث نال شهادة التطويع.
وفي سنة 1904 أصدر أول مجلة تونسية بعنوان « السعادة العظمى » , جمع بين التدريس في الزيتونة والصادقية والخلدونية في آن واحد.
ونتيجة لنشاطه السياسي حكم عليه الإستعمار الفرنسي بالاعدام مما إضطره للهجرة إلى دمشق حيث إعتقله الفرنسيون وأودعوه السجن , ثم هاجر إلى مصر حيث عمل مصححا لدار الكتب المصرية ثم كاتبا في الجرائد والمجلات . ذاعت شهرته برده على كتاب علي عبد الرازق » الاسلام وأصول الحكم » وكذا كتاب طه حسين » في الشعر الجاهلي « . نال شهادة العالمية.
عين شيخا للازهر سنة 1952 فكان بذلك أول عالم غير مصري يتولى هذا المنصب , وبقي في هذا المنصب الى حدود جانفي 1954 حيث قدم إستقالته وخلد الى الراحة الى أن توفاه الله سنة 1958.
وأضاف الكاتب » وهو شخصية فذة جديرة بالعناية والدراسة فأرجو أن لا تفوت ذكراه في صمت « .
حملة الكترونية لإزالة صورة للرسول صلى الله عليه وسلم من » كيبيديا «
حسب موقع الاسلام اليوم بتاريخ 28.12.2007 قام ناشطون مسلمون على شبكة الأنترنيت بشن حملة إلكترونية لإزالة صورة تظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث الى أصحابه.
وأشار فوّاز أحمد – المسؤول عن الحملة – أن الموسوعة قامت بإظهار صورة واضحة المعالم لوجهه الكريم .
يشار الى أن الحملة أطلقت على موقع ( thepetitionsite ) أو » رعاية مواقع الاحتجاج » , أما الصورة التي بثت على موقع » ويكيبيديا » فهي منقولة عن كتاب قديم بعنوان » الآثار الباقية » للعالم العربي البيروني.
أصداء محاكمة « مجموعة سليمان » في الصحافة التونسية و الدولية
شكلت محاكمة ما أصطلح على تسميته » بمجموعة سليمان » الحدث الأبرز خلال الأيام الماضية على الساحة التونسية , وحسب بيانات الجمعية التونسية لمساندة المساجين السياسيين ومنظمة حرية وإنصاف الحقوقيتان الصادر بتاريخ 30/12/2007 والتى نشرت على مواقع إلكترونية مختلفة فإن الأحكام تراوحت ما بين6 سنوات و الإعدام لمتهمين شبان تراوحت أعمارهم بين 22 و32 سنة , وقد شهدت المحاكمة حسب البيان مشادات بين القاضي محرز الهمامي من جهة و المتهمين و هيئة الدفاع من جهة أخرى حيث أبدى القاضي » عدائية غير مسبوقة تجاه المحامين » و » رفض تمكين المحامين من تقديم الطلبات الأولية المتعلقة بعرض منوبيهم على الفحص الطبي لبيان آثار التعذيب الذي تعرضوا له في محلات أمن الدولة » الأمر الذي جعل المتهم علي العرفاوي يبادره القاضى الهمامي بالقول :” لا فرق بينك و بين أمن الدولة » فطرده القاضي من القاعة . و من أغرب ما حصلت خلال هذه المحاكمة مارواه المتهمين من مشاهد تعذيب لا إنسانية تعرضوا لها و روى مهدي الحاج علي على أنه تم تعذيبه بحضور وزير الداخلية نفسه.
ونتيجة لما شاب المحاكمة من خروقات قانونية كبيرة و ماتميز به القاضي من إنعدام للحياد و النزاهة و رفضه تمكين عميد المحامين من أخذ الكلمة بإسم لسان الدفاع لطلب تأخير الجلسة بل تجرأ على الصراخ في وجهه, قررت هيئة الدفاع بعد التشاور الإنسحاب من الجلسة.
وحسب جريدة الصباح الشبه الرسمية الصادرة بتاريخ 31 ديسمبر فقد تحدثت عن « محاكمة لمجموعة إرهابية وجهت لها تهمة حمل السكان على مهاجمة بعضهم بالسلاح و إثارة الهرج و القتل « …” و قد اسفرت هذه الأحداث عن وفاة نقيب في الجيش الوطني و عون أمن و جرح 3 أعوان أمن آخرين و مقتل 12 من أفراد المجموعة أما عن ظروف المحاكمة فقد أوردت الصباح أن جلسة الإستنطاق إستغرقت حوالي 9 ساعات ثم أعطيت الكلمة إلى المحامين نواب القائمين بالحق الشخصي من ورثة نقيب الجيش الوطني و عون الأمن ضحيتي أعمال العنف المسلح . ثم أسندت الكلمة بعد ذلك الى النيابة العمومية و بإسناد الكلمة إلى نواب المتهمين طالبوا بمزيد تأخير القضية لإعدادا وسائل الدفاع و تمسكوا بموقفهم و قد تولى رئيس الجلسة تذكيرهم بأنه سبق الإستجابة لمطالب التأخير الصادرة عنهم في أربع مناسبات متتالية و بدعوتهم إلى التراجع إنسحب عدد منهم !!”
وحسب صحيفة الشروق التونسية الصادرة بتاريخ31/12/2007 فإن المحاكمة جرت في جو تراوح بين الصخب حينا و الهدوء أحيانا !”
”كما طلب بعض المحامين من المحكمة تمكينهم من تقديم طلبات و ملاحظات أولية لكن الهيئة القضائية تمسكت بالإستنطاق »
تواصلت عملية الإستنطاق على مدى أكثر من 6 ساعات إتخذت خلالها المحكمة قرارا بإخراج متهمين من قاعة الجلسة بسبب إحادثهم بعض التشويش » و أوردت أيضا أنه » نفى المتهمون وماورد بمحاضر مباحث البداية كما طعنوا في أبحاث عميد قضاة التحقيق و أساليب البحث الأولي « ….” و بعد الإستنطاق أحالت المحكمة الكلمة للسان الدفاع و تقدم المحامون بطعونات في الإجراءات التي تمت بها عمليات الإستنطاق ».
أما الصحفي كمال بن يونس فقد كتب في الموقع العربي لل BBC أن محكمة تونسية أصدرت أحكاما تراوحت بين الإعدام و السجن على مجموعة متهمة بالتآمر لقلب نظام الحكم « . و كان هؤلاء قد إتهموا بالإنتماء إلى الجلماعة السلفية الدعوة و القتال و قد تواصلت جلسة النطق بالأحكام من صباح السبت إلى صباح الأحد دون إنقطاع و أعلن مصدر قضائي رسمي أن الاحكام ليست نهائية كما أن الرئيس التونسي بإمكانه إستبدال حكم إعدام بالسجن مدى الحياة « مذكرا انه لم ينفذ أي حكم بالإعدام منذ مطلع العقد الماضي « كما أورد الموقع وقائع القضية التي تعود إلى مطلع 2007 حين وقعت مواجهات مسلحة كانت الأولى من نوعها في تونس بين قوات الامن و مسلحين في منطقة مدينة سليمان و كانت الحصيلة الرسمية لتلك الأحداث 14 قتيلا بينهم رجل أمن و قادة التنظيم المسلح و الستة الذين قالت أجهزة الأمن
أنهم تسللوا من الجزائر إلى تونس .لكن أغلب المتهمين أنكروا أمام المحكمة التهم و نفوا علاقتهم بتنظيم القاعدة أو الجماعات السلفية المسلحة الجزائرية لكن بصرف النظر عن تسمية هذا التنظيم و مرجعياته دعت صحف بعض أحزاب المعارضة و منها الموقف و مواطنون إلى الكشف عن تفاصيل غامضة عديدة في ملف هذه المجموعة المسلحة.
أما موقع الإصلاح المغربي فقد أورد نقلا عن « قدس برس » أن المحاكمة و الأحكام الصادرة عنها أثارت جدلا قانونيا و حقوقيا و قضائيا بين المنشغلين بالسياسة و المتابعين لشؤونها .
إنتقد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان مختار الطريفي في تصريحات خاصة لقدس برس سير المحاكمة منذ البداية والأحكام التي نجمت عنها وأكد أن ما جرى في بداية السنة الماضية كان خطيرا جدا ولكننا نعتقد أن مواجهة التطرف لايمكن أن تتم بالطرق الامنية وحدها بل بتوفير الحريات العامة والتعبير عن الرأي والمشاركة السياسية » وأضاف » لقد تم الاعتداء على المتهمين أمام القاضي الذي لم يعترض وهو أمر لم يسبق له مثيل » .
و حمّل الطريفي السلطات التونسية جزءا من مسؤولية ظهور هذه الجماعات من خلال عدم فتحها للحوار وان عدم فتح مجالات التعبير ينتج عنه اللجوء الى أعمال عنف غير مبررة بكل المقاييس.
إلا أن عضو مجلس المستشارين والمحامين التونسيين سمير بن عبد الله إستبعد أن يتم تنفيذ الاعدام بحق المتهمين قائلا » من السابق لأوانه الحديث عن أن حكم الاعدام سيطبق لأن هناك موقفا ثابتا للرئيس التونسي الذي لم يقع في عهده – حسب قوله – تنفيذ أي حكم اعدام « .
كما إعتبر عميد المحامين التونسيين المحامي البشير الصيد أن المحاكمة غير شرعية ولاتتوفر فيها الشروط القانونية للمحاكمة العادلة. كما تعرض هو شخصيا رغم موقعه إلى الإهانة من قبل القاضي .
المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 07 جانفي 2008
صداء وأنباء من مدينة خنيس
حوارات وراء القضبان
عبد الله زواري : حوار مع السجين السياسي محمود قويعة
حاوره عبد الله زواري
بسم الله
الأخ محمود قويعة
تعريف:
صاحبنا هذه المرة من مواليد 18 أوت 1965 بمدينة القيروان، هناك نشأ و تدرج في حضن العائلة الكريمة، فأرضعته من لبان العفة و التقوى و الكرامة، زاول تعليمه الابتدائي بمدرسة غربي القيروان ثم مدرسة رياض سحنون بــــ( حومة السيد ) قرب مقام أبي زمعة البلوي رضي الله عنه. ثم انتقل إلى معهد طريق سوسة الثانوي بالقيروان حيث أتم المرحلة الأولى و منه انتقل إلى المعهد الفني بالمنصورة حتى عام 1984 و هي السنة التي أطرد فيها نهائيا على خلفية إيقافه إثر أحداث تلمذية شهدتها البلاد عرضا و طولا.. و كان وقتها في السنة السابعة ثانوي، و كان المعهد الفني بالمنصورة يديره السيد حمادي الجوادي.. و قد صدر القرار بالطرد و صاحبنا في حالة إيقاف حيث قضى 12 يوما في “ضيافة الأولى” ( من 8 مارس 1984 إلى 19 مارس 1984 ) ورغم إطلاق سراحه بعد حفظ القضية في شأنه من قبل السيد حاكم التحقيق الذي عرض عليه يوم 19 مارس 1984 فان إدارة المعهد أصرت على قرار الطرد بل صدر أمر من وزير التربية بطرده مع قرابة 60 تلميذا من مختلف المعاهد بالبلاد
مع حرمانهم من حق الترسيم في المعاهد الحرة . وبعد تدخل جاد و دؤوب من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وبقرار مباشر من الوزير الأول آنذاك السيد محمد مزالي في جلسة له مع الهيئة المديرة للرابطة قبيل العام الدراسي الجديد ( 1984-1985 ) سمح لهم بالترسيم في المعاهد الحرة .
واصل صاحبنا دراسته بمعهد حر بالعاصمة كلله بالظفر بشهادة البكالوريا دورة جوان1985…
ثم انتقل إلى العاصمة ليواصل العطاء، و سجل بكلية الشريعة و أصول الدين و هناك أنهى المرحلة الأولى، ثم وجه لمعهد الحضارة الإسلامية – في إطار ما سمي بإعادة الاعتبار للجامعة الزيتونية و أكمل المرحلة الثانية شعبة الثقافة الإسلامية التي توجت بشهادة الأستاذية في العلوم الإسلامية في الدورة الأولى التي أجريت سنتها استثنائيا في سبتمبر 1990..
أما نضاله التلمذي و الطلابي فقد بدأ مبكرا إذ انتخبت نائبا للتلاميذ بمجلس المعهد ( المعهد الفني بالمنصورة ) في السنة الدراسية 1982-1983..
و انتخب ممثلا لطلبة كلية الشريعة بالمؤتمر الوطني الثاني للاتحاد العام التونسي للطلبة ( 16-17 ديسمبر 1986)
ثم انتخب عضوا بهيئة مؤسسة الكلية وكاتبا عاما لها وهي ذات المهمة التي باشرها خلال المؤتمر الوطني الثالث ( 20-21-22 جانفي 1989 ) وبعده حتي تخرجه من الجامعة في سبتمبر1990 …
– انتخب عضوا بالمكتب التنفيذي للاتحاد في المؤتمر الوطني الرابع حتى تاريخ إيقافي في 9 افريل
1991 . وكلف صلبه بمهمة الإدارة والنظام الداخلي.
– كما كان ممثلا للطلبة في مجلس المعهد ( المعهد الأعلى للحضارة الإسلامية )..
* السجل الأمني : تم إيقافه أول مرة يوم 30جانفي 1984 بعد أحداث ألخبز 3 جانفي 1984 وما تلاها من تحركات بالمعهد الفني بالمنصورة بعد استشهاد الأخ الهادي البرهومي – رحمه الله تعالى في تلك الأحداث. دام إيقافه يوما واحدا…
ثم تدرج حيث دام الإيقاف الثاني 12 يوما من 8 إلى 19مارس بسجن الهوارب إثر الأحداث التلمذية التي عرفتها البلاد تلك السنة.. وحفظ السيد حاكم التحقيق القضية في شأنه وأطلق سراحه بعد إصدار قرار بطرده من جميع معاهد البلاد .
تم إيقافه للمرة الثالثة في الطريق العام بالعاصمة في 23 جوان 1987 في أوج هجمة السلطة
أيامها على الإسلاميين ووجهت لي تهمتي الانتماء لحركة الاتجاه الإسلامي والتظاهر بالطريق
العام و قضي في شأنه بعدم سماع الدعوى و أطلق سراحه في 26 ديسمبر 1987..
في أواخر شهر جويلية 1990 تم توقيفه داخل جامع عقبة لمدة 4 أيام بالقيروان ونشرت قضية ضدي اتهمت فيها بـــ( تنظيم نشاط في المسجد ) و كان عدم سماع الدعوى قرار محكمة الناحية في هذه التهمة وأقر نفس الحكم بعد استئناف النيابة .
في 9 أفريل 1991 تم إيقافه بشارع الحرية بالعاصمة وحوكم بخمس سنوات سجن قضاها كاملة ( يضاف إليها شهران في مركز الإيقاف ببوشوشة لم يحتسبا ضمن مدة الحكم ) بين سجني 9أفريل وزغوان . وغادر سجن زغوان يوم 7 جوان 1996.
* السجل المدني : بادر إلى الزواج إثر إطلاق سراحه، و كان ذلك يوم 22 جويلية 1996 ( شهر ونصف فقط بعد مغادرة السجن) علما أنه كان قد عقد قرانه قبل إيقافه الأخير ب 10 أيام فقط ( يوم 29 مارس 1996 وبالمناسبة هو نفس اليوم الذي صدر فيه قرار تجميد الاتحاد العام التونسي للطلبة ) . له الآن من الأبناء معاذ وهو البكر(17 جوان 1997) و ملاك(18 ماي 2000) و منار(30 ديسمبر 2002) و هو الآن في انتظار المولود الرابع بإذنه تعالى (جانفي 2008)..
و هو مثل الآلاف من مساجين الرأي و المساجين السياسيين معطلا عن العمل، لا يتمتع بأي رعاية صحية أو اجتماعية في بلد “فرحة الحياة” و ” التضامن” و “قيم الإسلام السمحة”…
الحــــــــــــــــــــــــوار:
1)هل دار بخلدك يوما أنك قد تكون وراء القضبان؟
بكل أسف .. نعم كنت متأكدا أنه لا مفر لمن اختار في بلدي أن يهتم بالشأن العام ويحمل هموم وطنه من المرور بتجربة السجن . فمنذ بدأت أعي ما يدور حولي في بداية الثمانينات من القرن الماضي – أثناء دراستي الثانوية – كانت أخبار المحاكمات السياسية تتصدر عناوين الصحف المستقلة – أيامها – وخاصة جريدة الرأي .
وكانت سجون البلاد لا تكاد تخلو من مساجين الرأي من كل العائلات السياسية تقريبا .. فكان طبيعيا لمن يفتح عينيه في هذه الأجواء السياسية المسمومة أن يستوطن في خلده حين يختار طريق النضال والعطاء أن يكون في يوم ما ضيفا في سجن من سجون البلاد .
2 ) الصورة التي كانت منطبعة في ذهنك عن السجن: هل وجدت في الواقع ألسجني ما يرسخها أو ما يناقضها؟
لابد من التفريق في هذا السياق بين السجن أثناء حكم بورقيبة والذي وجدته قريبا من الصورة التي ارتسمت في الذهن من خلال تجارب الذين سبقونا .. وبين السجن في ما يسمى بالعهد الجديد الذي كان صادما وموغلا في البشاعة والانحدار الأخلاقي والإنساني .. يمكنني القول أن الشيخ الغنوشي وفق في توصيف السجن البورقيبي عندما اعتبر أن السجن هو أبشع مؤسسة ابتدعها الإنسان عبر التاريخ .. ولكن المناضل عبد الكريم الهاروني كان أكثر توفيقا حين اعتبر السجن في العهد الحالي ” أكثر من السجن وأقل من الإعدام هو إعدام بطيء ” .. بكل صراحة وبعيدا عن التحامل والمغالاة : السجن النوفمبري فاق كل خيالاتنا وأعترف أن جلادينا وسجانينا فاجئونا بمدى قسوتهم ولا إنسانيتهم ولكني في ذات الوقت أفخر أن أبطال هذا البلد قد فاجئوا جلاديهم وسجانيهم بلا ريب بصمودهم وشموخهم وحسبي في هذا السياق أن أستحضر رسالة الأخ المجاهد عبد الحميد الجلاصي حين سطر فيها هذه الكلمات الرائعة : ” خرجنا مرفوعة رؤوسنا منتصبة قاماتنا ، تهرأت السجون والزنزانات ولا يزال العزم منا حديدا .”
3) السجون بين ما تسمعه في الإعلام الرسمي و الواقع ؟
السجون في إعلامنا “الرائد ” جنة تحكمها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وتهدف للتربية والإصلاح وما شابه هذه الاسطوانة المشروخة الممجوجة ، أما السجون التي يعرفها أحرار البلاد والتي أهدرت فيها أغلى سنوات أعمارهم وانتهكت فيها إنسانيتهم وأبسط حقوقهم واعتدي فيها على كل مقدساتهم هي السجون التي تشهد كل المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية على فظاعتها وفظاعة الجرائم المقترفة وراء أسوارها في حق الأحرار والوطنيين .
4) هل تشعر انك أهنت في مرة من المرات؟
الإهانة داخل السجون لاسيما في المحنة الحالية ليست عملا معزولا ولا حدثا استثنائيا بل هي سياسة منهجية واضحة الأهداف والغايات ، ولا تكاد تجد مسؤولا سجنيا يخفيها أو يستحيي من الإفصاح عنها .. يُصرَّحُ أمامك صباحا ومساء من أبسط ” كبران ” إلى أعلى مسؤول ، بالقول وبالفعل أن إذلالك وإهانتك والتضييق عليك هو الغاية المبتغاة من سجنك .. فأنت هناك وراء الأسوار سجين ” صبغة خاصة ” يباح في حقك كل ممنوع، ويمنع عنك كل حق.
5) ألا يوجد في السجن ما نال إعجابك أو أثار حفيظتك؟
لا تسعفني ذاكرتي بشيء نال إعجابي طوال سنوات السجن.. فالسجن كما قال الشيخ الغنوشي أبشع مؤسسة أبدعها الإنسان عبر التاريخ ولا أحسب أن فيها ما يمكن أن ينال الإعجاب .. أما ما يثير الحفيظة فأكثر من أن تحصره مقالة.. هذا إذا كان السؤال عن السجن كمؤسسة.
أما إذا كان القصد تجربة السجن فأكثر ما نال إعجابي هو الوقفة العظيمة والرائعة التي وقفتها عائلات المساجين الإسلاميين إلى جانب أبنائهم طوال سنوات الجمر الطويلة. كانت وقفة مشهودة خطت فيها عائلاتنا أروع آيات الوفاء والحب الصادق برغم مرارة التجربة وقسوتها .. كانوا بدون مبالغة أبطال هذه المسيرة المخضبة بالدم والدموع.. كانوا السند والحضن الوفي لأبنائهم المساجين الذي خفف عنهم عبء محنتهم وشحذ هممهم ليسطروا في سجونهم ملاحم الصمود والشموخ… ووفاءً لعائلتي التي غمرتني بفيض حبها وعطائها على امتداد سنوات سجني الخمس وبعدها أشير إلى محطة مضيئة من محطات هذا العطاء والوفاء.. في الأشهر الأولى من سجني في صائفة 1991 أصرت عائلتي على زيارتي بسجن 9 أفريل أسبوعيا مع ما يعنيه ذلك من مشقة التنقل الأسبوعي بين القيروان والعاصمة عبر النقل العمومي فضلا عن المشاق المعلومة أثناء الزيارة وتسليم القفة والانتظار تحت شمس الصيف الحارقة … اعتبرت القبول بهذا الوضع ضربا من الأنانية تأباه علي أخلاقي وحبي لعائلتي فرجوتهم مرارا أن يضعوا حدا لهذا العناء الذي يلقونه بسببي وأن يكتفوا بزيارة مرة في الشهر .. ولكنهم أصروا ولأشهر طويلة على الزيارة الأسبوعية برغم كل العناء النفسي والبدني والمالي . وبعد جهد وجدال طويل أثناء الزيارات وعبر الرسائل انتهينا إلى اتفاق قبلوا به على مضض أن تكون الزيارة نصف شهرية..ولن أنسى في هذا السياق ذلك الحوار المؤثر الذي احتوته مراسلاتنا ..سألتهم ذات مرة: ما ذنبكم حتى تدفعوا ضريبة طريق أنا الذي اخترته وارتضيته لنفسي ؟ فكان الجواب مفعما بالحب والحكمة: أنت اخترت طريقك ومن حقك علينا أن نحترم اختيارك.. ونحن اخترنا أن نقف إلى جانبك في محنتك بكل ما نستطيع ومن حقنا عليك أن تحترم اختيارنا.. جزاهم الله عنا خير الجزاء.
6) ما هي أقسى اللحظات عليك في السجن؟
أقسى اللحظات التي عشتها في السجن كانت بلا منازع عند الزيارة الأولى لوالدتي لي في سجن 9 أفريل بعد أشهر من سجني . حيث نجحت العائلة طوال الأشهر الأولى في إخفاء نبأ سجني عن الوالدة بحكم استقراري أغلب الوقت في العاصمة بعيدا عن العائلة في القيروان.. ولكن طول غيابي جعل الوالدة ترتاب وتلح في السؤال عني مما اضطر العائلة لإخبارها بالحقيقة ، فأصرت على زيارتي . كنت في الأثناء مطمئنا أن الوالدة لا تعلم بوجودي في السجن حتى فوجئت ذات زيارة بوقوفها قبالتي خلف حاجزي ” البلوار ” .. فكانت المفاجأة شديدة في قساوتها ذلك أن الوالدة – حفظها الله – مصابة منذ ولادتها بإعاقة عميقة من الصنف الأول حسب تصنيف المختصين فهي لا تسمع ولا تتكلم وكان بصرها في تناقص متسارع حتى أصبحت في السنوات الأخيرة في حكم الكفيفة تقريبا .. ولمن جرب محنة السجن وخاصة محنة الزيارة أن يتصور مشهد أم لا تسمع ولا تتكلم وبصرها ضعيف جدا – أيامها – ومتلهفة لزيارة ابن افتقدته منذ أشهر طويلة وتجد ابنها أمامها خلف حاجزين لا ترى منه إلا بعض الظلال الباهتة لضعف بصرها ولا تكاد تتبين ملامحه لا تسمعه ولا تستطيع أن تخاطبه إلا بالإشارة .. كان المشهد قاسيا وكانت دموعها سياطا تجلدني.. ولكن الأقسى من كل ذلك وزاد المشهد قتامة عند تسلم الأدباش حين رجت الوالدة من السجانين أن تلمس ابنها من خلال نافذة تسليم الأدباش ولكن فيض إنسانيتهم لم يسمح لهم بأكثر من السماح للوالدة بلمسة خاطفة لأحد أصابع يدي وعلى عجل وبسرعة خاطفة ربما مـخافة أن يتفطن له ” عرفه ” فيتهمه بالتواطؤ مع” الإرهابيين “.. !!!
7) ما هي أبرز الظواهر السلبية في الحياة السجنية؟
أبرز ظاهرة سلبية يأسف لها المرء بعد تجربة السجن هي في ضوء تجربتي الخاصة على الأقل الوقت المهدور خلال سنوات السجن .. ذلك أني فشلت خلال سنواتي الخمس التي قضيتها هناك في الاستفادة من تلك الفرصة المتاحة بسبب عجزي عن استثمار المتاح وسط الأجواء القاسية داخل الغرف السجنية ( صخب دائم ، اكتظاظ ، جهاز تلفزة يشتغل ليلا ونهارا … ) ، وأذكر في هذا السياق أني بعد إقامتي في بداية سجني في جناح العزل مع عدد قليل من الإخوة ( خمسة أو ستة ) في غرف ذلك الجناح الضيقة .. بعد إقامة قصيرة هناك طلب منا جمع أدباشنا للانتقال إلى جناح آخر .. كانت فرحة بقية الإخوة الذين يعيشون تجربة السجن لأول مرة كبيرة لمغادرة جناح العزل ، وكنت منقبضا ومستاء لما كنت أعرفه من صعوبة الحياة في الغرف الجماعية في بقية الأجنحة رغم قساوة الحياة في غرف العزل ..
سلبية أخرى من سلبيات الحياة السجنية أو قل هي مأساة من مآسيها التي تطال صحة المساجين وأعني بها ظاهرة التدخين داخل الغرف .. يضاف إليها الأكل في الأواني البلاستيكية .. الخ تجعل من الحياة داخل تلك الغرف بمثابة القتل البطيء لكل المساجين ومحظوظ من خرج من تلك التجربة – مهما قصرت – بدون عاهات بدنية ..وفي الحقيقة سلبيات الحياة السجنية أكثر من أن تسعها مقالة كما أشرت سابقا ..
8)هل تمكنت من تنمية قدراتك المهنية أو العلمية طيلة إقامتك في السجن؟
للأمانة وجدت صعوبة كبيرة في التأقلم مع الظروف المحيطة داخل غرف السجن ، فضلا عن الاستفادة من فيض الوقت المتاح هناك .. ( كما أشرت في الجواب السابق ) ذلك أني وجدتني عاجزا عن فعل أي شيء مفيد وسط ذلك الصخب ” المألوف ” داخل غرف تعج بأضعاف طاقة استيعابها وجهاز تلفزة لا يغلق إلا آخر الليل … وربما أزعم أن استفادتي الكبرى انحصرت تقريبا في تنمية ” فن ” التعايش مع الصنوف المختلفة من أبناء الوطن الذين جمعت بينهم محنة السجن .. فداخل السجن تجد نفسك شديد الاحتكاك بشتى الفئات الصالح منها والطالح ، المستقيم والمنحرف ، والتحدي الذي يواجهك ليلا ونهارا كيف تتعايش مع هذا الخليط من أبناء وطنك في ظروف السجن الاستثنائية والقاسية .. وأسجل في هذا السياق – بكل فخر – أن أغلب إخواننا تخطوا هذا التحدي بتفوق مميز ، فنجحوا في التواصل مع شركاء محنتهم بأقدار عالية من التوفيق ، واستطاعوا – بفضل الله تعالى – إقامة علاقات إنسانية ناجحة في الغالب مع بقية مساجين الحق العام رغم كل المساعي الآثمة للوقيعة بين السجناء و” شيطنة ” صورة السجناء الإسلاميين أمام مساجين الحق العام وتحريض هؤلاء على إخوانهم من الإسلاميين ورغم كل ذلك الكيد بالليل والنهار كان إخواننا في سجونهم محل احترام غالب المساجين وتقديرهم ..
9) ألآن و قد عرفت السجن و قضيت به ربيع عمرك و زهرة شبابك هل يمكنك أن تعود إليه؟
الأصل أن يكون المرء حرا بين أهليه وذويه وأبناء وطنه وأن يناضل من أجل حريته وصالح بلده .. وسجن المناضلين بسبب آرائهم ونضالاتهم يبقى في كل الأحوال مدانا ولا ينبغي بحال من الأحوال أن يصير أمرا مألوفا أو عاديا .. فالسجن بقدر ما هو شرف للمناضلين الذين يدفعون من أعمارهم ضريبة عزة أوطانهم وكرامة شعوبهم بقدر ما هو إدانة لكل مستبد يستبيح حرمات الأحرار وحرياتهم وشهادة على ظلم صارخ ينبغي أن تتكاتف كل الجهود لمقاومته والانتصار لكل مظلوم .. ويبقى السجن محنة وابتلاء لا يتمناه المناضل لنفسه ولا لإخوانه ولكنه في ذات الوقت لن يكون كما يريده الطغاة والمتجبرون رادعا للمناضلين عن نضالهم ولن يكون بعبعا يخيفنا به المتسلطون ، بل سنكون بإذن الله دوما في سوح النضال والعطاء وإن كتب لنا أن نعود للسجن من أجل كرامتنا وكرامة أبنائنا وحريتنا وحرية شعبنا ومن أجل غد أفضل لكل الوطن فذاك شرف لن نهرب منه ونسأل الله عندها الثبات وحسن الثواب .. ويبقى واجب كل الأحرار مواصلة النضال من أجل عقد وطني يجرم الاعتقال السياسي ويسن العفو التشريعي العام لتطوى صفحات هذا الملف المخزي في تاريخ الوطن …
10 ) هل حظيت بأي إحاطة من الإدارة أو من إحدى مصالحها طيلة هذه المدة؟
إذا كان المقصود بالإحاطة الرعاية ، فالجواب أنها في أدنى مستوياتها في كل مناحي الحياة السجنية الغذائية والصحية … ألخ .. كان غاية المطلوب – حسب ما يبدو – أن تبقى حيا لا أكثر ، وإذا انتهت بك هذه “الرعاية الموصولة ” إلى مشارف الموت عجلوا بإطلاق سراحك حتى لا يؤرق موتك بين أيديهم ” ضمائرهم الحية ” .. والشهداء الأعزاء : لطفي العيدودي والهاشمي المكي والشهيد الحي الأخ العزيز أحمد البوعزيزي … شهود على تلكم الإحاطة والرعاية .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .
11) هل وقع إطلاعك على قانون السجون؟ و هل تمتعت بما ورد فيه من حقوق؟
لم يقع إطلاعي على ذلك القانون .. وللأمانة أذكر أنهم كانوا يلزموننا باشتراء مجلة الإدارة العامة للسجون التي أرفقت أحد أعدادها ( سنة 1994 أو 1995 ) كتيبا تضمن النص الكامل لقانون السجون المنقح في أواخر 1988 . أما التمتع بما ورد فيه من حقوق فقد كان بعيد المنال خاصة في سجن 9 أفريل .
12) متى مكنت من فراش فردي؟ و متى عرضت على الفحص الطبي؟ و متى زارتك عائلتك أول مرة؟
لم أمكن من فراش فردي إلا بعد نقلتي إلى سجن زغوان أشهر قليلة قبل انتهاء السنوات الخمس التي حكم علي بها أي بعد ما يزيد عن أربع سنوات ونصف من المعاناة في غرف سجن 9 أفريل المكتظة .. أي أنني لم ” أنعم ” بفراش فردي إلا سبعة أشهر من جملة السنوات الخمس..
لم أعرض على طبيب في السجن إلا عند إصابتي بمرض جلدي بعد أشهر طويلة ولم يشمل الفحص إلا المرض المشار إليه..
الزيارة الأولى لعائلتي كانت بعد أيام قليلة من نقلتي إلى سجن 9 أفريل بعد فترة إيقاف دامت قرابة الشهرين بمركز الإيقاف ببوشوشة على ذمة فرقة الإرشاد بإقليم تونس ..
13) الزيارة الأولى؟ مشاعر الزوار؟
تأتي الزيارة الأولى بعد رحلة الإيقاف لدى السلط الأمنية والتي امتدت بالنسبة لي شهرين كاملين .. وطوال هذه الفترة القاسية تعيش العائلات على وقع المتداول من أخبار التعذيب والجرائم المرتكبة في حق أحرار البلاد داخل تلك المسالخ البشرية .. تظل العائلات حبيسة الهواجس والإشاعات لا تعرف عن ابنها شيئا .. ويبقى الأهالي في انتظار حارق لتلك الزيارة الأولى.. لذلك تتسم تلك الزيارة بلهفة الزائرين وتحفزهم لمعرفة كل شيء في دقائق معدودة وفي أجواء صاخبة لكثرة الزائرين في غرفة الزيارة .. وتكتشف بعد الزيارة أن الأسئلة كانت أضعاف الأجوبة وأن الكل يسابق الوقت ليسأل وفي الغالب لا يمهل الآخر حتى يجيب.. و تنتهي الزيارة قبل أن تبدأ !!
14) لماذا تجلب العائلة القفة؟ هل تفتش بحضورك؟ هل حدث أن فقدت بعض محتوياتها؟ ماذا فعلت؟
أشرت في إجابة سابقة إلى الدور المشهود للعائلات على امتداد سنوات المحنة في الوقوف بحب ووفاء لا متناهيين إلى جانب أبنائهم في سجونهم.. وقد كان إصرار الأهل على جلب القفة أحد وجوه ذلك الإصرار العائلي على احتضان أبنائهم في محنتهم..
القفة لا تفتش بحضور السجين… ولا أذكر أني فقدت شيئا من محتوياتها ..
15) هل من إضافة حصلت لك في السجن؟
بكل تأكيد وبفضل الله تعالى استفاد الواحد منا من تجربة السجن لترسيخ بعض القيم التي تربى عليها والتي كانت تلك المحنة المحك لتحويلها إلى سلوك بعد أن تلقيناها أفكارا مجردة.. من تلكم القيم الصبر عند الابتلاء والقدرة على التعايش مع المخالف سلوكا وتفكيرا وفي أسوا الظروف .. والقدرة على التأقلم مع أقسى ابتلاءات الحياة .. والاحتفاظ بإشراقة الأمل برغم كل دواعي اليأس والقنوط … الخ
16) لنفترض أنك كلفت بإدارة هذا السجن، ما هي الإصلاحات التي تبادر بها؟
سأمضي بعيدا في إجابتي لأسأل هل تحتاج مجمعاتنا المعاصرة إلى مؤسسة السجن ؟ أحسب أنه آن الأوان ليتساءل أهل الرأي ماذا نريد من هذه المؤسسة ؟ هل المراد الردع ؟ هل تؤدي السجون في أي مكان في العالم هذه الوظيفة ؟ أم المراد الإصلاح والتربية ؟ وهل يستطيع أحد يحترم نفسه أن يصرح أن سجنا أصلح أو ربى ؟ بكل تأكيد لن تكون الإجابة سهلة خاصة عند البحث عن البدائل ولكن الواجب يقتضي أن يطرح السؤال، وواجب أهل الرأي أن يفكروا…
17) وإن افترضنا انك أصبحت مديرا عاما للسجون و الإصلاح، ماهي الإصلاحات التي تحظى بالأولوية لديك؟
إذا لم نوفق في طرح الإشكال الذي بسطته في الإجابة السابقة فلن يكون بوسع أي مدير عام إلا الترقيع ووهم الإصلاح مهما خلصت النيات ..
18) بم تنصح سجينا جديدا؟
أقرأ على قلبه ومسمعه الحديث الرائع لنبي الأمة صلى الله عليه وسلم: ” عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. ”
19) حكمة( أية قرآنية، حديث نبوي، مثل شعبي، بيت شعر..) كثيرا ما ترددها!
أستحضر في كل لحظات الشدة والمحنة الدعاء الخالد للنبي صلى الله عليه وسلم بعد محنة الطائف: ” اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني.. إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور بوجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بي غضبك أو ينزل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك . ”
20) ممنوعات يجب مراجعتها دون تأخير؟
ما يجب مراجعته دون تأخير هو نظرتنا لمؤسسة السجن وفهمنا للمقصد من وجود هذه المؤسسة أصلا.. ما سوى ذلك تفاصيل – في تقديري – لا تطال لب الموضوع.
21) مباحات يجب التصدي لها بحزم؟
قد أجيبك: التدخين هو المباح القاتل الذي يجب المسارعة للتصدي له في الفضاء المشترك داخل غرف السجن وبكل حزم .. ومع ذلك أعتبر الأمر على أهميته تفصيلا لا ينبغي أن يحجب السؤال الأخطر: هل إباحة سجن الناس وسلبهم حريتهم مهما كانت جرائمهم المقترفة أمرا مفيدا لمجتمعاتنا المعاصرة ؟
22) حادثة عالقة بذهنك؟
خرج أحد إخوتنا للزيارة .. وعند عودته للغرفة بسجن 9 أفريل كان مهموما ومكتئبا .. التجأ إلى فراشه ، وغطى وجهه ببطانيته وأجهش ببكاء مرير … حدثني بعدها بكل حرقة وألم عن معاناة زوجته التي وجدت نفسها وحيدة تواجه صروف الزمن وظلم من يفترض أنهم حماة أمن الوطن والمواطن الذين لم يرحموا وحدتها مع صغارها وظلوا يروعونها وأبناءها بالليل والنهار .. والزوجة برغم قسوة ظروفها تقارع المستحيل لتوفر لزوجها السجين بعض ما يحتاجه في سجنه .. والأخ المقهور يتملكه إحساس مرير بالعجز وقلة الحيلة فيستسلم لنحيب كنحيب الثكلى .. ويح قوم أبكوا رجال الوطن وأحراره.. ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” …
23) هل تذكر اليوم الأول بالسجن؟ مشاعرك؟
قد يتبادر للذهن أن أصعب أيام رحلة السجن بداياتها .. وقد يكون ذلك صحيحا .. ولكن مآسي المحنة الأخيرة ينسيك بعضها بعضا.. فلا تكاد تجد في ذاكرتك متسعا لتفصيل المشهد ورصد البداية..
24) هل من نصيحة توجهها لإخوانك في المهاجر؟
أدعوهم بكل حب إلى القراءة النبيهة لتحية الأخ العزيز عبد الكريم الهاروني لأحد إخوانه في المهجر : ” كما ناضلتم من أجل خروجنا من السجن سنناضل من أجل عودتكم إلى أرض الوطن ” ولكلمات الأخ المناضل عبد الحميد الجلاصي بعد قرابة العقدين في سجون ” الموت البطيء ” : ” خرجنا مرفوعة رؤوسنا منتصبة قاماتنا ، تهرأت السجون والزنزانات ولا يزال العزم منا حديدا .” .. وإلى أن ييسر الله جمعنا مرفوعي الرؤوس منتصبي القامات لسادتي وأحبائي في المهاجر كل الحب ..
25) رأيك في المحطات السياسية القادمة؟
بكل ألم أسأل : في بلد قتلت فيه السياسة مع سبق الإضمار والترصد والإصرار ، هل يجوز الحديث عن محطات سياسية سابقة أو لاحقة ؟؟ ألسنا حيال ركام من الأوهام والمهازل والمسرحيات الماسخة سيئة التمثيل والإخراج ؟؟
واجب القوى الخيرة في الوطن مزيد النضال المشترك من أجل محطات حقيقية تعيد للسياسة معانيها السامية ولجماهير شعبنا ثقتها في نخبها وطلائعها..
(المصدر: مدونة عبد الله الزواري الألكترونية بتاريخ 5 جانفي 2008)
تونس: درس مستخلص من أزمة الرابطة أو رسالة موجهة للصف المعارض
مرسل الكسيبي (*)
استعادة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان لجسور التواصل مع سلطة الاشراف أكد مجددا بأن حل الأزمة في بعدها الحقوقي أو السياسي تونسيا لايمكن أن يمر دون العودة الى طاولة التفاوض مع صانعي القرار.
قبل أسابيع تجددت اللقاءات أو الاتصالات بين الأستاذ منصر الرويسي كمسؤول سياسي بارز وبين الاستاذ مختار الطريفي كرئيس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وهو ما فضلت الرابطة الاعلان عنه كخطوة ايجابية لافتة تلت حل أزمة مقر الحزب الديمقراطي التقدمي بطرق ديبلوماسية لم يتوقعها الكثيرون .
مؤشر ايجابي اخر لابد من التقاطه في وقت بدت السلطة كأحوج ما تكون الى تعزيز قطار التنمية السياسية لاسيما في ظل تكرر الانتقادات في هذا المضمار من أكثر العواصم نفوذا دوليا .
خطوة اللقاءات المشتركة بين ممثل بارز عن السلطة ورئيس الرابطة التونسية لايمكن تفسيرها الا برغبة حكومية في تحريك بعض المياه الراكدة بعيدا عن اليات الحل أو التصريف الأمني التي طالما أزعجت الأوساط السياسية المعارضة .
معالجة سياسية لخصومة قضائية طرفها الرئيس عناصر تجمعية تنشط داخل هياكل الرابطة , رسالة لايمكن فهمها الا على أساس قدرة السلطات على تحريك هياكلها السياسية الفاعلة في أوقات الذروة الأزماتية .
رفع الحصار عن المقر المركزي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان تمهيدا لعقد مؤتمرها السادس ضمن رؤية وفاقية بين أطراف النزاع يعد في تقديرنا دليلا قاطعا على استعادة الهياكل السياسية للدولة لقدرتها على المبادرة والتأثير وسط فضاء سلطوي يتعدد فيه اللاعبون الرئيسيون لكن دون تجاوز لصلاحيات المؤسسة الرئاسية الأقوى حضورا على الساحة .
بروز شخصيات حزبية فاعلة على مدار الأسابيع الأخيرة من خلال تعضيدها للحضور الاعلامي للسلطة في مواجهة الفعل المعارض بدى مؤشرا اخر على عدم قابلية التجمع الدستوري الديمقراطي للتهميش ,بعد أن اتجهت بعض التحليلات الى الحديث عن تراجع دوره السياسي على مدار السنوات الأخيرة .
استعادة المبادرة الحزبية الفاعلة داخل هياكل التجمع هو الحل في تقديرنا من أجل اخراج السلطة من واقع تضخم الأداء الأمني على حساب نظيره السياسي , ومن ثمة فان خروج الأستاذ زهير مظفر كوجه حقوقي وسياسي مقتدر الى عالم المواجهة الاعلامية الشجاعة بالاضافة الى حضور سجله الأساتذة : بشير التكاري وزير العدل والأستاذ رضا خماخم منسق حقوق النسان لدى هذه الوزارة …, كل ذلك من شأنه أن يعيد الخلاف أو التدافع السياسي الى مربعه الأول حيث تهذيب الصراع على أرضية توسيع المشاركة وتعميق الحضور المتلون في الساحة الوطنية بعيدا عن فض الخلافات في الرأي بالاعتماد على الالة الأمنية .
مرحلة جديدة قد تستشرفها تونس اذا ماتراجعت الاعتقالات على أساس منطق الاشتباه المسنود بقانون استثنائي ينبغي مراجعته بشجاعة من قبل المجلس الدستوري , دون الغفلة عن ضرورة مراجعة حقوقية وانسانية منصفة دشنتها ارادة العفو الرئاسي على معتقلي حركة النهضة , غير أن أداء الأجهزة الادارية أو الشرطوية لم يكن مشجعا في الجهات وهو ماأحاط المفرج عنهم بمشاعر الغبن والألم في توقيت ألح فيه الرئيس بن علي على تجديد العهد مع بيان 7 نوفمبر الأول وتحديدا مع مقولة « لاظلم بعد اليوم » .
هناك بلاشك ديناميكية جديدة نراها اليوم في أداء بعض أجهزة الدولة غير أن المطموح اليه من قبل التونسيين والتونسيات ولاسيما بعد مرور عشرين سنة على ذكرى التحول يعد أكبر بكثير في مجال الحريات العامة والخاصة وهو ماأكد رئيس الدولة على تثبيته في القادم من الأيام من خلال تصريحات سبقت الاعداد لأكبر احتفالات رسمية عرفتها تونس منذ عهد الاستقلال …
انتظارات كبيرة وتعثرات في الحقل الحقوقي والسياسي لابد أن تتغلب عليها ارادة التفاوض والحوار والفعل الوطني المدروس بعيدا عن اليات التشهير والتحريض التي تعود عليها الخطاب المعارض فكان أن ابتعد عنه كثير من التونسيين ليراهنوا بعدها على مؤسسات قائمة وقوية بدل الارتكاز على مشروعات حالمة لم تنزل الى مستوى المزاوجة بين الواقعية والطموح المشروع .
(*) كاتب واعلامي تونسي
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 8 جانفي 2008)
الصحفي عبدالحق طرشوني :لهذا ترشحت ضمن القائمة المهنية المستقلة
زميلاتي زملائي،
ترشحت لنقابة الصحفيين التونسيين بعد نضال متواصل على المستوى القاعدي صلب جمعية الصحافيين التونسيين إيمانا مني بأن تجربتي في مجال العمل الجمعياتي تساعدني على تقديم الإضافة للمساهمة في تحقيق الأهداف المرجوة لمطالب الصحفيين..
فالعمل النقابي هو تجربة أولى في قطاع الإعلام بتونس ولهذا أعتبر هذه المرحلة مرحلة تاريخية ذات أهمية قصوى يجب أن نتعامل معها جميعا بكل جدية ومسؤولية لأنها الهيكل الوحيد الذي بإمكانه ان يدافع عن المهنة وعلى مصالح الصحفيين وضمان حقوقهم المشروعة المادية والمعنوية.. وأذكر بالخصوص فئة الصحفيين العرضيين الذين يتم استغلالهم مهنيا بصفة غير أخلاقية لأنهم يقومون بنفس العمل وأحيانا أكثر من بقية زملائهم في حين أنهم يتقاضون ربع الأجر الذي يستحقون أو ثلثه وذلك لسنوات طوال.. بالإضافة إلى الصعوبات المادية الأخرى على غرار غياب التغطية الاجتماعية للعاملين في القطاع الخاص وعدم المساواة في الأجور . كما أن أكبر هاجس يعيشه جل الصحفيين يتمثل في عدم امتلاك المسكن..
فالنقابة من واجبها أن تضمن للصحفيين كرامتهم المهنية وترد لهم الاعتبار ليتمكنوا من أداء مهامهم في كنف الحرية والطمأنينة..
العمل النقابي هو عمل تطوعي مسؤول ولكنه شاق ويتطلب تضحيات وهو نابع من حب خدمة الآخرين من أجل مجتمع مدني متضامن يسعى إلى الارتقاء بمصالح البلاد والعباد الغاية الوحيدة منه هو رضا النفس.
وفي حالة فوزي في الانتخابات سأعمل على تقريب وجهات النظر بين أعضاء المكتب المنتخب وتوحيد صفوفهم من أجل تحقيق مطالب الصحفيين حسب أهمية قضاياهم وأولها تسوية وضعية جميع الزملاء العرضيين بمؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسية والزملاء في مختلف الصحف العمومية والخاصة وذلك بتطبيق القانون الذي تغاضى عنه أصحاب المؤسسات لسنوات عديدة.
كما أني أطالب بإيقاف العمل بصبغة « بيجيست » والتي تخالف قوانين الشغل.. وسأعمل على توفير إمكانية الحصول على سكن لجميع الصحفيين بالإضافة إلى عديد القضايا الأخرى أهمها الدفاع عن حرية التعبير ومكانة الصحفي داخل المجتمع بصفته الضامن لإيصال المعلومة بكل شفافية ومسؤولية إلى المواطن.
كما سأسعى إلى حماية القطاع من الدخلاء والحفاظ على جمع كلمة الصحفيين وحمايتهم من كل أشكال الانتهاكات وخاصة الزملاء في الجهات نظرا لخصوصيات الحقل الميداني الذي يعملون فيه.
إني أعتبر نفسي مرشح الجميع نظرا لثراء وتنوع تجربتي في العمل الإعلامي والجمعياتي على المستوى الجهوي والوطني..ولهذا أتطوع لخدمة جميع زملائي بكل تفان وثقة غايتي الوحيد ة من ذلك رضا النفس الشغوفة بخدمة الآخرين وأخيرا ادعوكم زميلاتي زملائي إلى بناء هذا المسار التاريخي
معا من أجل ضمان مسار سوي ومتين يحقق جميع مطالب الصحفيين ويجسد تضامنهم
في نقابة حرة ومستقلة
مرشح القائمة المستقلة عبدالحق طرشوني
الهاشمي الحامدي يدعو شباب النهضة الى اختراق التجمع؟؟؟
في رسالة (*) بعث بها الى الطلاب المتدينين في تونس بتاريخ 2 جانفي 2008 اوردتها نشرية تونس نيوز امس دعا الزعيم الطلابي السابق في حركة النهضة محمد الهاشمي الحامدي والذي كان يمسك بالجناح الطلابي للحركة في الثمانينات شباب الحركة الى التخلي عن سياسة العنف والانخراط في صفوف حزب التجمع الدستوري الديمقراطي للعمل من داخله على نشر رسالتهم السياسية والدينية .معتبرا ان العمل خارج هذه الاطر القانونية يجرمهم وهو ما قد نقرا فيه ما يلي:
– ان الاخ الحامدي مازال ينظر بعين الريبة للقانون التونسي الذي جرمه هو شخصيا اذ خرج كما هو معروف من تونس في بداية الازمة مع النظام الحاكم في اوائل التسعينات بحكم غيابي ب20 سنة سجنا.
– ان الاخ الحامدي رغم تقاربه من السلطة في الفترة الاخيرة اواخر التسعينات ومنذ خروجه على شاشة الجزيرة في برنامج الاتجاه المعاكس في مواجهة زعيم الحركة داعيا اياه الى التخلي عن سياسة العنف مستعرضا المصحف الشهير الذي اهداه له رئيس الدولة كاثمن هدية كما يقول لتاكيد ولائه للرئيس بن علي انما يكشف عن تقنعه بقناع العقل والحوار في اطار توزيع ادوار بين الجماعة للمناورة السياسية..
– ان الاخ الحامدي كما عرفه الجميع في الثمانينات في الجامعة لم يكن شخصا عاديا بل عضوا في المكتب السياسي للحركة مسؤولا عن الملف الجامعي وحين غادر تونس غادرها طلبا للجوء السياسي فرجل كهذا لايمكن ان يتنصل هكذا وبتلقائية من افكاره وانتمائه خاصة من حركة اصولية تجرم بشدة من يخرج عنها .
– ان الاخ الحامدي بدعوته شباب الحركة الى الانضواء في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي باعتباره حزب يرعى شؤون الدين الاسلامي لا يمكن ان يفهم الا بكونه محاولة للالتفاف على هذا الحزب ومكاسبه من الداخل بعد ان فشلت الحركة في مواجهته من الخارج وهو ما يذكرنا بمحاولات سابقة للحركة في احتواء منظمات ومؤسسات حزبية سابقا كالشبيبة المدرسية والمصائف والجولات وصولا الى اختراق مؤسسات سيادية لاحقا كالجيش والحرس .
– ان الاخ الحامدي يظهر نفسه بانه صوت العقل للجماعة مذكرا اياهم بمآسي السجن وهذا يكشف عن الطبيعة الازدواجية لخطاب هذه الجماعة منذ وجودها التي كانت تظهر خطاب العنف والارهاب من جهة ( كحال ما عرف التنظيم السري الذي كان يشرف عليه محمد شمام والذي كشف عنه منذ 1987 – وحال المجموعة التي نفذت احداث باب سويقة ……) وخطاب التعقل والحوار التي تمد يدها للسلطة من ناحية اخرى ( كحال امضاء الجماعة على الميثاق الوطني في 1988 في شخص السيد نورالدين البحيري ) ونحن نعلم ان لا البحيري ولا الشيخ مورو ولا بن عيسى الدمني بمرتدين عن خط الجماعة وان ادانوا هذه الاحداث .
– فلا نظن الاخ الحامدي بهذه الرسالة خارجا عن سياق مناورة سياسية جديدة للجماعة بمحاولة اختراق النظام من الداخل بعد الفشل في مواجهته من الخارج .( والحقيقة ان هذه المناورة قديمة استمدها رموز الحركة من منظرهم التنظيمي فتحي يكن ) .ا
(*) مرجع الرسالة التي بعث بها الحامدي إلى الطلاب المتدينين في تونس: نشرية تونس نيوز بتاريخ 02/01/2008
(المصدر: مدونة « الناقد » بتاريخ 3 جانفي 2008)
الرابط: http://annaqued.blogspot.com
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
الرسالة رقم 375 على موقع تونس نيوز |
|
بقلم : محمـد العروسـي الهانـي مناضل وطني كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي |
فـي الصميـم وضـع النقـاط علـى الحـروف
أمنياتي بمناسبة حلول السنة الهجرية 1429
جعلها الله طالع خير على أمة الاسلام
في مشارق الأرض ومغاربها
شكر لقناة المستقلة على تغطيتها للأحداث هذه الرسالة تستحق ملف خاص
بمناسبة حلول السنة الهجرية 1429 على صاحب مبادرة الهجرة في سبيل إظهار دين الله الإسلام الحنيف.
مليارات من الصلاة والسلام على من خلد الله ذكره وجعله رحمة للعالمين الإنس والجن. وبعثه الله وجعله بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا وهاديا إلى الصراط المستقيم ومرشدا لنور الله وقدرة للمسلمين ورحمة للعالمين وشفيع المذنبين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلى من أتى الله بقلب سليم صدق الله العظيم.
وبهذه المناسبة السعيدة والحدث الإسلامي العظيم والتاريخ الذي أرسى قواعد الدين وحقق الفوز والنصر المبين للدين الحنيف بفضل رسالة رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. الذي هاجر بأمر الله من مكة إلى المدينة المنورة لنشر مبادئ الدين الإسلامي وروح التسامح والأخوة والأخلاق الفاضلة والدعوة لترك الشرك بالله تصديقا لقوله صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. صدق رسول الله. بهذه المناسبة الكريمة والسنة الهجرية المحمدية يسعدني أن أتقدم بأسمى آيات التهاني لأعضاء أسرتي تحرير تونس نيوز. وإلى أعضاء أسرة تحرير قناة المستقلة والعاملين فيها وإلى الفضائية العربية بقطر الجزيرة. وأسرة تحرير قناة « إقرأ ». وأسرة تحرير المنار وإلى العاملين بقناة العربية. وقناة الشارقة وإلى إخواننا في المهجر من طلبه وعمال ورجال أعمال ورجال الثقافة والفكر ورجال الدين والأحرار الوطنين. وإلى كل الصحافيين العرب بالمهجر. وأتمنى من الأعماق بمناسبة حلول السنة الهجرية 1429 جعلها الله طالع خير وبركة على الأمة الإسلامية. التمنيات
في مستوى الوطن أن تتحقق المصالحة والوئام والتسامح بين كل الشرائح الاجتماعية في تونس. وأن نشاهد خلال هذا العام الجديد طي صفحة الماضي وأن نسجل تقدما ملموسا في جميع المجالات وان يتم إصدار العفو التشريعي العام وأن يعود أبنائنا في المهجر إلى وطنهم مرفوعي الرأس والكرامة. وأن تبرز الأخوة والصفاء والتضامن والوحدة بين كل الفئات والشرائح. وأن يتطور دور الإعلام والمرئي والمسموع والمكتوب ويساهم كل مواطن بحرية برأيه في إطار حرية الرأي والتعبير.
ونتمنى أن يتحقق للتونسيين العدل في مجال الشغل بكل شفافية ودون إقصاء أو تهميش وأن يزداد الرخاء والسلم الاجتماعية والأمن وأن تزول مظاهر التسول وإعطاء الصدقات بحضور كامرا التلفزة وعلانية. وأن يزول الفقر بمزيد العدل وتوزيع الثورة. وأن نقضي على الوشاية والفتنة والحقد وأن نقضي على العقليات العميقة التي تدعوا إلى الانتقام والتهميش والإقصاء. وأن يعم العدل والمساواة في إتاحة الفرص في مجال الشغل والترقيات وإسناد المسؤوليات والتمثيل بين الجهات في كل المسؤوليات حتى لا تبقى حكر على مجموعة وأفراد وبعض المعتمديات محرومة.
هذا في المستوى الوطني، أما في النطاق الجهوي فإن الضرورة تدعوا إلى مزيد إحداث ولايات جديدة في إطار العدل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأيضا التنموي. حسبما ذكرته في مقالاته في مقالاتي السابقة وخاصة إحداث ولاية بجبنيانة وأخرى بالصخيرة بالنسبة لولاية صفاقس وإحداث ولاية جديدة بمنزل تميم التابعة لولاية نابل حاليا. وإحداث ولاية بماطر التابعة حاليا لولاية بنزرت. وإحداث ولاية الجم تابعة حاليا لولاية المهدية وولاية بجربة جرجيس التابعة حاليا لولاية مدنين. وفي إطار تقريب الإدارة للمواطن ومزيد الإحاطة بالتنمية والتشغيل والفلاحة والصناعة والنهوض بالريف.
وفي المستوى المحلي، أعطي عينات حتى تتطور بعض الجهات الداخلية مثل معتمدتي الحنشة ومنزل شاكر بولاية صفاقس خاصة في مجال الصحة بإحداث مستشفيات محلية أو جهوية بها كل المرافق والتجهيزات وإحداث معتمدتي الغرابة ومركز كمون وكذلك معتمدية بحزق.
وفي مستوى العمادات، فإن العناية والرعاية بمناطق الظل من أوكد الواجبات مثل إيصال الماء الصالح لفائدة 125 عائلية بمنطقة الحجارة والبطاطحة. وإصلاح الطريق المعطبة بالحجارة والرواخي وإدخال الماء للمنازل بأولاد عمر. وإحداث مدرسة ثانوية بالحجارة. وتعبيد الطريق بأولاد تومي ببئر صالح ومزيد العناية بقرية أولاد السويح بالرواضي وتعبيد 4 كلم الحجارة الجم.
وفي مستوى المغرب العربي الكبير، أتمنى دعم الاتحاد المغاربي ودعم نشاطه وضرورة الدعوى لعقد قمة لقادة الدول الخمس قمة عاجلة يوم 17/2/2008 تاريخ الاتحاد ونرجو عقدها في تونس بلد جامع الزيتونة.
وفي مستوى المصالحة العربية، أقترح وأتمنى زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود في ربيع هذا العام للقيام بدور المصالحة بين المغرب والجزائر وخادم الحرمين له دور فاعل وإشعاع وكلمته مسموعة في العالم العربي والإسلامي وله مكانة عظيمة في العالم.
ونرجو في الختام دعم روابط الأخوة الإسلامية ومزيد التقارب والتضامن مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدعم الروح الإسلامية وسحب البساط من تحت أقدام أعداء الإسلام والمقترح أن يكون اللقاء بتونس أرض الوفاء بجامع الزيتونة.
قال الله تعالى : » إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم « صدق الله العظيم.
محمـد العـروسـي الهانـي
مناضل وطني – كاتب في الشأن الوطني
والعربي والإسلامي
الإسلام السياسي
من عبد الله عزام إلى عبد الله غول
أي علاقة بين الاعتدال والتشدد ؟
سلسلة يكتبها الأستاذ محمد الأزهر العكرمي( الحلقة الخامسة )
في هذه الحلقة الخامسة ، وبعد الجرد السريع للتبدّلات التي شهدتها مواقف الحركة الإسلامية المعتدلة في خضم النضال الديمقراطي من أجل بناء دولة الحكم الصالح والإدارة الرشيدة ، وما يحدث من تطبيع ولو كان محتشما بينها وبين القوميين واليساريين العلمانيين ، مرورا بموقف الأنظمة التي تتخبط في معالجة ملف الإسلام السياسي في علاقة مباشرة ، بتخبط آخر أوسع وأشمل يهم استحقاقات الإصلاح السياسي ، وتحديث النظام لمواجهة مستلزمات المرحلة القادمة ، بعد ذلك كله يجدر بنا أن نعود قليلا للجواب على ما جاء في العنوان الرئيسي ، المتمثل في طرفي معادلة هما عبدالله عزام من جهة ، بوصفه الأب الروحي الأصلي قبل أسامة بن لادن لما عرف بحركة المجاهدين الأفغان السنة ، أو تنظيم القاعدة . هذه الحركة التي فرخت في غضون سنوات قليلة ، خلايا في عموم أنحاء العالم وكانت الحاضنة الرئيسية لنظام طالبان في أفغانستان ، وعبد الله غول الرئيس التركي الحالي الذي يتعهد بالحفاظ على النظام العلماني في بلاده ، وهو قائد حزب إسلامي، وصل الى السلطة فسيطر على الرئاسات التركية الثلاث ( البرلمان – مجلس الوزراء – رئاسة الدولة ) عبر صناديق الاقتراع .
فإذا كانت توجهات عبد الله عزام ، وهو مناضل فلسطيني عرف بتشدده منذ أوائل الستينات ، حيث بني عددا محدودا من القواعد والخلايا ، التي شاركت في حرب 1967 وساهمت في قتال الثورة الفلسطينية في أيلول الأسود 1970 ، وكان عبارة عن تنظيم صغير ، ترعاه حركة فتح أو بالأحرى يحظى بدعم وتمويل ياسر عرفات شخصيا الذي اعتبره رديفا ، بعد ان تحررت حركة فتح من الالتزام الصارم بنهج الإخوان المسلمين ، أو ذراعا لتنفيذ بعض المهام التي يتحرج الفتحاويون من تبنيها . إذا كانت هذه التوجهات ، قد تطورت باضطراد من التشدد إلى المغالاة لا سيما ، بعد انطلاق المقاومة الإسلامية في أفغانستان ، حتى انتهى عبد الله عزام مقتولا ، على الأرجح بمشاركة أو تحريض أيمن الظواهري الذي افتك حظوة عزام لدى بن لادن واحتفظ بها لنفسه إلى اليوم . فان الاتجاه في تركيا سار على العكس تماما أي في خط بياني معاكس ، نحو البراغماتية بين تجربة الحكومة الإسلامية الاولى التي قادها نجم الدين اربكان بحزب الرفاه ، والتجربة الحالية التي شهدت تبدل الاسم ، والمنهج والوجوه القيادية في تركيا .
لا شك ان طرفا هذه المعادلة سواء الموغل منهما في التشدد ، والتكفير ، والعنف ، أو الاخر السائر نحو المزيد من الاجتهاد ، والواقعية السياسية ، بملاءمة الإسلام مع الواقع ، والإمكانات المتاحة ، ينطلقان من مصدر واحد ، هو الاسلام ، مما يفترض حكما ، احتكاكا وصراعات على الشرعية والتمثيلية، وإذا كان البعض يضع الطرفين في نفس الخانة ، الى حد اعتبارهما تكتيكا واستراتيجيا يتكاملان في النهاية، فانه لا بد من التطرق إلى العلاقة القائمة بين هذين الطرفين بكثير من التجرد والتأني بقطع النظر عن الظروف السياسية والاجتماعية، والتاريخية المحلية ، والإقليمية والدولية التي دفعت بالإسلام المتشدد إلى الواجهة في العقدين الماضيين ، فان الثابت ، هو ولادة التنظيمات المتشددة من الحركة آلام التي عرفت بالاعتدال والميل الى العمل السياسي ، في مصر بالتحديد ، وليس العكس . وقد كانت الساحة الأفغانية هي المختبر الفعلي الذي جرب فيها المتشددون أفكارهم ونظرياتهم ومن ثم في الجزائر ، واليمن والسعودية …
ورغم الاختلاف في الرؤى ، والممارسة ، ساد العلاقة بين المعتدلين والمتشددين صمت ملفت للانتباه حيث تتجنب الحركات الإسلامية المعتدلة الخوض العلني في خلافها مع المتشددين ، وتتجاهل الرد على اتهاماتهم التي تصل إلى حد التخوين أحيانا ( مواقف أيمن الظواهري من حركة حماس ، ومشاركة الإخوان المسلمين في مصر في الانتخابات التشريعية )
ويأتي هذا السلوك السياسي ، نقيضا مباشرا ، لما عرفته الحركات الماركسية في أوجها ، وقد شهدت نفس ظاهرة الانقسام العمودي منذ انطلاقها في روسيا وأوروبا ، بين تنظيمات معتدلة ، تمارس العمل السياسي وتدخل البرلمانات ، حتى فقد بعضها أي علاقة بمنطلقاتها الإيديولوجية وبين تنظيمات أخرى كانت تؤمن بالاغتيالات ، واعتماد الكفاح المسلح على رأس الأشكال النضالية المختلفة ( بادرماين هوف – الجيش الاحمر الياباني – الاولوية الحمراء الايطالية – العمل المباشر الفرنسية … ) وكان صراع طرفي هذه المعادلة يصل إلى حد التخوين والتصفيات الجسدية ، وخلف أدبا نظريا وسياسيا ، طغى على الثقافة والتحليل السياسي الماركسيين .
فإلى يمكن التعايش السلمي ، والتكتم على هذا التناقض المنهجي بين الإسلاميين المتشددين ، والمعتدلين؟
اذا كان هذا التعايش الآن عبارة عن حقيقة ملموسة ، فانه يعود الى عدد من الأسباب المباشرة ، مما يفترض تغير العلاقة الحالية بزوال تلك الأسباب وأهمها:
أولا: إحساس الإسلاميين بمختلف فصائلهم وتوجهاتهم بالاضطهاد ، والملاحقة ، فإذا كان المتشددون محل مطاردة دولية بتهمة الإرهاب ، وهم يشهدون تنكيلا قلما حدث في التاريخ المعاصر من أفغانستان الى غوانتانامو ، حيث أعدت لهم ترسانة قوانين استثنائية ، غطت كل الكرة الأرضية، والتزمت بتنفيذها العواصم العربية والأوروبية، فان التنظيمات الأكثر واقعية واعتدالا ، تعيش هي الأخرى تحت طائلة التهديد اليومي ، بالسجن ، والنفي، والمنع من العمل ، ومختلف أنواع الملاحقات ، وعليه فان هذا الإحساس بالخطر المحدق ، وان أبقى على التناقض في التوجهات والبرامج ، وجعل الجهتين على طرفي نقيض سياسيا ، وعمليا ، وحد الجانبين في تفادي المعارك الداخلية ، وعدم إهدار أي جهد في معركة قد يخسر فيها الطرفان . ولعل المثال الأبرز على هذا التعايش ما يحدث في العراق من احتكاكات مسلحة بين مقاتلي تنظيم القاعدة الذين شكلوا إمارة ، وعملوا على طريقة طالبان ، وبعض تنظيمات المقاومة الإسلامية ، وهي احتكاكات سرعان ما يتم تطويقها ، دون تشهير أو بيانات تكيل التهم المتبادلة ولعل مناط صمت الإسلاميين المعتدلين تجاه ظاهرة التنظيمات الإسلامية المتطرفة ، يعود إلى قراءة يتبناها الكثير من غير الإسلاميين ، تقوم على ان ظاهرة العنف ترتبط بشكل مباشر ، بالاحتلال الواقع في فلسطين ، والعراق، وما تعرض له العرب والمسلمون في إهانة وإذلال ، على يد الأمريكيين والأوروبيين ، وما تمارسه الأنظمة المحلية من استبداد ، لا يقل في آثاره ونتائجه عما يمارسه المحتل الأجنبي ، الأمر الذي يدعو إلى تأجيل هذا التناقض الثانوي مع الاعتقاد أنه يمكن احتواء النهج المتطرف ، وترشيده بمجرد زوال الأسباب التي أوجدته .
ولعل ما حدث في مصر خلال السنوات القليلة الماضية، من نقد ذاتي، وتراجع عن ممارسة العنف ، واعتذار الأهالي الضحايا المدنيين . من الجماعات المتشددة ، وقد شمل ما يزيد عن الخمسة آلاف سجين يصب في هذا الاتجاه .
فحركة الإخوان المسلمين ، ستكون هي الحاضنة لهؤلاء المراجعين ، بعد ان تخلو عن أطرهم التنظيمية السرية وبدؤوا يخرجون من السجون ، لا سيما وان اغلبهم سيعود حتما لممارسة العمل السياسي.
ثانيا: يرجح أن يكون إمساك التنظيمات المعتدلة عن إعلان مواقف مباشرة ضد المتطرفين ، نتاج رؤية سياسية استراتيجية تحسب للمستقبل في المدى القريب والمتوسط ، فالتنظيمات الإسلامية المعتدلة ، تركز جهودها على إحداث اختراق سياسي يختصر المسافة نحو المجالس التشريعية ، والحكومات ، وقد حققت بالفعل خطوات كبيرة في هذا الاتجاه ، مما يجعل الصدام مع الشق الآخر من الإسلاميين ، خطأ استراتيجيا لا يمكن معالجته ، في حال فازت بالأغلبية أو دخلت في تحالف حاكم ، بينما يجعلها استمرار الهدنة الحالية تمسك الورقة التي ستبقى تحتفظ بها ، لتتمكن من تحييد المتشددين وتجنب الأعمال الإرهابية التي تمس من سمعتها وتجعلها تفقد إمكانية إرساء الأمن والاستقرار ، وهو ما يلحظ بشكل واضح في تركيا اليوم ، التي رغم وجودها على تخوم منطقة ملتهبة ، إلا أنها تبدو ساحة تم تحييدها قصدا عن الضربات التي تتلقاها البلدان المجاورة من الجماعات الإسلامية المتطرفة .
ثالثا: لم يعد يخف على احد الآن مدى التناقض الذي طفا على السطح ، بعد احتلال العراق بين التنظيم السياسي الإسلامي الشيعي ، وبين الحركات السنية التكفيرية ، حيث سيطر حزب الدعوة الإسلامي الشيعي ، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي ينتمي إلى نفس المذهب على ما أسمي بالعملية السياسية في العراق في ظل الاحتلال ، لا سيما وقد جاء رموز هاتين الحركتين من إيران ولندن ، وعواصم أخرى ليتسلموا الحكم تحت الرعاية الأمريكية ، فاعتبروا من الذين دخلوا على ظهور دبابات المستعمر في ذات الوقت الذي كان الجيش الأمريكي يشن فيه هجمات قاسية على تنظيم القاعدة ومن اعتبروا إرهابيين متشددين ، سواء في العراق أو في أفغانستان ، أو ساحات أخرى . وقد احدث هذا التناقض جدلا واسعا خاصة في المنطقة العربية ذات الأغلبية السنية ، فتم النظر الى الدور الإيراني على انه دور تخريبي ، وأعيدت إلى الأذهان الخلافات القديمة بين المذهبين التي تقول ان الشيعة يزورون قبر أبي لؤلؤة ، قاتل عمر ابن الخطاب ، ويطلقون أسماء الخلفاء الراشدين على كلابهم ، ومن ثم أفتى بعض رموز القاعدة في العراق بقتل الشيعة ، ولاحت في الأفق بوادر حرب أهلية على خلفية طائفية لم يعرفها العراق من قبل ، وقد امتدت هذه الخلافات الى خارج العراق ، فتضرر منها حزب الله اللبناني ، وحركات شيعية أخرى غير موالية لإيران ولا تحمل بالضرورة العداء للسنة .
وفي هذا الواقع ، كان للإسلاميين المعتدلين دور على غاية الأهمية في نزع أسباب الفتيل ، والسعي إلى إعادة الأمور إلى نصابها ، وهو ما لم يكن ليحصل لولا حالة التعايش التي ربطت بين المعتدلين والمتشددين من التنظيمات الإسلامية السنية .
( المصدر: جريدة « مواطنون » -التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات- عدد43 الصادرة يوم 2 جانفي 2008)
الأستاذ عبد الرؤوف العيادي لمواطنون :
» الشباب في حاجة إلى فكر سياسي
يسمح له بالمشاركة في بناء مصيره » .
على هامش محاكمة ما عرف بمجموعة سليمان أمام القضاء الجنائي بالمحكمة الابتدائية بتونس . توجهت مواطنون بعدد من الأسئلة إلى الأستاذ المحامي والناشط الحقوقي عبد الرؤوف العيادي الذي عرف بدفاعه الدائم في قضايا الرأي والمحاكمات السياسية ، منذ دخوله الى مهنة المحاماة .
س 1: إلى أين وصلت محاكمة ما يعرف بمجموعة سليمان بعد أن شارفنا على سنة من انطلاق التتبعات ؟
ج : بعد أن استغرقت أعمال البحث والتحقيق حوالي السنة فوجئ المحامون النائبون بتعيين القضية مباشرة بعد البت في مطلب تعقيب قرار دائرة الاتهام ، بل إن حضور البعض من لسان الدفاع يوم الجلسة الأولى لم يكن بناء على معلومة مستقاة من دفاتر الدوائر الجنائية كما هو متبع عادة ، وإنما على اثر معلومة راجت بقصر العدالة ، وقد تأكدت نية الاستعجال بالبت في القضية ما عمدت إليه الدائرة المتعهدة بها من تسخير حيني بالجلسة لعدد من المحامين – على خلاف ما تقتضيه الإجراءات – إذ أن فرع المحامين بتونس هو المختص في مادة التسخير دون سواه – وكذلك تأخيرها القضية لأجل قريب جدا لا يتسع لإطلاع لسان الدفاع وزيارة منوبيه وإعداد وسائله في رد التهم ، علما أن الملف ينطوي على حوالي الألفي صفحة ! بل إن ما حصل بجلسة يوم 15/12/2007 يعد خرقا خطيرا للإجراءات وانتهاكا لحقوق الدفاع ، إذ تولت المحكمة تلاوة قرار الإحالة، وشرعت في استنطاق عدد من المتهمين لا يتجاوز الخمسة فقط في غياب المتهمين الذين ابعدوا عن الجلسة اثر احتجاجهم على الشروع في المحاكمة ، دون ان يكون بعض الزملاء الذين اعلموا المحكمة بنيابتهم يومها – قد اطلعوا على الملف وهو ما جعل لسان الدفاع ينسحب من الجلسة احتجاجا على ذلك التجاوز الخطير .
وبجلسة يوم 22/12/2007 قدم عدة محامين إعلام نيابتهم بينهم من سخره الفرع الجهوي ومن اختير من أهل المتهمين ، وطلب السيد العميد في حقهم التأخير لأجل متسع قصد الإطلاع وإعداد وسائل الدفاع إلا أن المحكمة أخرت القضية بجلسة يوم 29/12/2007 القادم أي لمدة أسبوع واحد !
فما هو غير خاف في هذه القضية هو انعدام التوازن بين حقوق التتبع الراجع للنيابة العمومية والتي أخذت الوقت الكافي لإنجاز إجراءات البحث والتحقيق ، وحقوق الدفاع التي هضمتها المحكمة المتعهدة.
س 2 : هل تعتقد انه تمت إنارة الرأي العام إعلاميا بخصوص هذه القضية ؟ وهل تشكل تونس استثناء في هذا النهج أمام المحاكمات التي تجري في دول عربية أخرى ، وفيما يعرف بقضايا غوانتانامو ؟
ج : لست بحاجة للتدليل على أن مثل هذه الظاهرة – تعني فعلا كل التونسيين – ذلك أن انتشارها لدى الشباب وخاصة الجامعي منه يستدعي استيعاب أسبابها المباشرة وغير المباشرة ، إلا أن ما لا ينكره عاقل هو أن الحوار منعدم بل معطل من طرف السلطة التي أحجمت حتى على إعلام الرأي العام بما حصل بجهة سليمان في أواخر العام الماضي ، بل إنها لا ترى في المسألة إلا موضوع » تعاون دولي » بما يكشف عن نية في التوظيف لا غير .
س 3 : إلى أي مدى تعتبر هذه الظاهرة أي السلفية الجهادية تعني كل التونسيين ، وبالتالي من واجب السلطة وضع المجتمع بكامله في صورة ما يحدث .
ج : إن العمل على ضمان حقوق المنويين في هذه القضايا في المحاكمة العادلة لا يمنع المحامي سواء بمناسبة اطلاعه على الملف أو زيارة منوبه والتحادث معه من إدراك بعض الجوانب النفسية والسياسية التي تحاول السلطة عبثا إنكارها – وفي هذا الصدد يقف المرء على حاجة الشباب إلى فكر سياسي يسمح له بالمشاركة في بناء مصيره – خاصة وهو يعيش تحت نظام يجرم العمل السياسي الحقيقي ، وتكرس خياراته الخواء الفكري والترويج لأنماط سلوك تجعل المرء آلة استهلاك . هذه زاوية من عدة زوايا لا أدعي الإحاطة بها جميعا – ولكن إرساء حوار جاد هو الكفيل وحده بالكشف عن عدة زوايا أخرى من المسألة .
س 4 : معروف أن ظاهرة السلفية الجهادية ، أو التكفيريين ، لا تحظى بتعاطف الرأي العام ، نظرا للعمليات العشوائية ، والصبغة الدموية لهذه العمليات . هل ترون أن مجهودكم يقتصر على تأمين المحاكمة العادلة أم أن هناك زوايا أخرى يمكن النظر من خلالها لهذا الموضوع ومعالجته ؟ ؟
ج : بعد أن ترافعت في العشرات من القضايا التي أحيل فيها ما يسمى الشباب المنتمي للتيار السلفي وقفت على حقيقة خروج هذه المحاكمات عن المألوف ، إذ ليست هي من قبيل المعالجة القضائية لظاهرة فكرية عقائدية – أو سياسية فقط – مثلما حصل في السابق للتيار الماركسي اللينني ثم للتيار الإسلامي . وإنما هي كرست بداية من المنظومة التشريعية وما تميز به قانون 10/12/2003 الذي قدم على انه شرع » لدعم المجهود الدولي لمقاومة الإرهاب » – قواعد استثنائية شرعت بمؤاخذة المرء من اجل انتمائه الفكري لا غير – إذ باستثناء قضية ما يسمى بمجموعة سليمان – لم يحصل أن قام احد أو مجموعة بتنفيذ عملية إرهابية . واتسمت القرارات والأحكام بضعف التعليل وتعمد الخلط بين العقيدة والجريمة ، فالقناعة بالجهاد والمقاومة يصبح » عملا إرهابيا » بما جعل القضاء يكتفي في كل ذلك » بالاعتراف » كوسيلة وحيدة للإثبات إضافة إلى التقرير الإرشادي الذي يدسه الأمن بالملف دون عرضه على المتهم ومناقشته – أي إننا نشهد ظاهرة محاكمة » الاعتراف » في مقابل ما هو مطلوب من » محاكمة الأدلة » – كما أن دور الإدارة في هذه القضايا – كضابطة إدارية وليست ضابطة عدلية – فتح المجال أمام التعدي على جميع الحقوق وانتهاكها – من تعذيب وتزوير للمحاضر الخ »
إضافة إلى ما كرسه قانون 10/12/2003 من تضييق لسلطة القاضي سواء في تقدير العقوبة الأصلية أو في وجوب إنزال عقوبة المراقبة الإدارية لمدة 5 سنوات ( بصورة آلية ) كل هذا يؤكد أننا حيال عودة ظاهرة القضاء الاستثنائي من الشباك بعد أن ألغيت محكمة أمن الدولة من الباب – ولكن بصورة أفدح مما كان الأمر زمن انتصاب محكمة امن الدولة .
س 5 : ما الجديد في سير المحاكمة لا سيما وأنت تعرف المحاكمات السياسية جيدا وقد كنت احد من ترافعوا في قضايا الاتجاه الإسلامي ؟ ؟
ج : الجديد في الإجراءات وسيرها ، يتصل بتدعيم القضاء الاستثنائي ومحاولة إيوائه داخل القضاء العادي – إذ أن المحكمة الابتدائية بتونس – هي صاحبة النظر الحكمي والترابي في مثل هذه القضايا – بما يكشف عن نية لدى السلطة – في التخفي عن هذه الحقيقة بعدم اللجوء إلى بعث محكمة استثنائية من جديد وإعطائها ذلك الوصف بما يجنبها الكلفة لدى الأوساط الحقوقية . أما عن الإجراءات فمن الواضح أن هناك تراجع كبير في المساحة التي تعطى لحقوق الدفاع ، إذ أصبح المحامي لا ينوب خلال التحقيق إلا بصورة استثنائية ، كذلك فإن ما حصل من حوادث أثناء الترافع من إقصاء للمحامين من طرف المحكمة ، ومن حرص على الاستعجال في البت في القضايا ، خلافا لما سبق أن عشناه في أواخر السنوات 80 وبداية التسعينات – يضاف إلى ذلك المنع المتكرر من زيارة المنوب ، بل العمل على جعل المحامي غير قادر على زيارته إذ تم نقل العديد منهم إلى سجون داخل الجمهورية ومنها ما يبعد أكثر عن 500 كلم ( مثل سجن حربوب ) وهو ما يحول دون زيارة الحريف وإعداد وسائل الدفاع بالاشتراك معه .
س 6 : ألا تعتقد أن مجموعة سليمان بالنظر إلى معدل أعمارهم كشبان ومراهقين يمكن إعادة تأهيلهم وإدماجهم ؟ وإذا كان الجواب بنعم ففي أي ظروف ؟
ج : نحن نعيش في ظل نظام لا تتوفر فيه الأطر الدنيا لما أسميتموه التأهيل والإدماج ، فالمعلوم أن آلة السلطة الإدارية تشتغل بالقمع والتهميش ، وهذه وظيفة كل نظام شمولي يحرص على أن يكون الجميع تحت مظلته ومن خرج عن دائرته فيكون نصيبه القمع بشتى أنواع الوسائل التي يمتلكها .
ثم انه وقبل الحديث عن الإدماج والتأهيل فلا بد من أن يسبق ذلك استيعاب للظاهرة بصورة جدية وعميقة وهو ما لا يسمح به في ظل الأوضاع القائمة والتي يعرفها الجميع : فالمطلوب بناء الجامع قبل إحضار الحصير .
حاوره الصحبي صمارة
( المصدر: جريدة « مواطنون » -التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات- عدد43 الصادرة يوم 2 جانفي 2008)
السيجارة الثالثة
تحاملت على نفسها فاغتسلت وارتدت ملابسها على عجل وخرجت لاقتناء تبغ لا يسيء إحراقه إلى أيّ اسم أو ذكرى ولن يحتج على استهلاكها له ضمير.
أمام بائع السجائر استوقفّتها العلب المتعدّدة الأسماء والرموز والألوان فتفجّر فيها الحنين أكثر إلى الغيمات والتلاشي مما أفقدها القدرة على الاختيار.
لكن التاجر الذي ألف وجهها وأصبح يتجاذب معها أطراف الحديث كلّما زارته لاقتناء حاجياتها أمدّها ودون أن تنبس ببنت شفة بعلبة المارس الخفيف ثمّ انشغل عنها يعلم بعض الزبائن بقرار منع صدور تبغ باسم » 7 نوفمبر « .
وفوجئ لما انتبه إليها ترفضها طالبة أيّ نوع آخر ما عدى » ذكرى الاستقلال » و « حواء » وأصرف في إقناعها بأن ذلك النوع الخفيف من السجائر أنسب خاصّة للنساء، لكنها مستعجلة ولا وقت لديها لتسرد عليه أخبار مغامرتها معه ومع كوابيسه المذهلة، فانتقت علبة صغيرة الحجم نسبيا أحست أنها تتحرش بها.
عادت إلى غرفتها بخطى حثيثة، أعدت قهوتها على جل، وجلست إلى الطاولة وأشعلت سيجارة فلم ترق لها نكهتهاـ لكنّها رغم ذلك أعادتها إلى رشدها فأخذت مع الثانية تتبع سريان النار في الجسم النحيل وتصاعد الغيم منها دكناء على غير العادة، هي لا تنكر أنها انتشت بالفرجة لكن اللون الدّاكن للغيوم أزعجها وعكر مزاجها وكستها ستارة التشاؤم وباتت تفكر فيما سبّبه لها التبغ من أتعاب. أين المتعة و « الكيف » الذي يتلذّذه الرجال؟ لماذا لم يسبب التدخين لهم يوما مثل هذه الكوابيس؟
مع السيجارة الثالثة عادت تتمعن فيما كتب عن العلبة فاستفزها الاسم من جديد، خضراء ! يا لبلد خطّ اسمها على السجائر يشربها الأهل فتضيق بها صدورهم وينفثونها غيمات نحو الهواء تلوثه، أهو الحب الذي دفع الشاعر قديما إلى إحراق حبيبته وشرب ذرات رمادها مع كأس نبيذه؟ أم هو عدم الاكتراث بالاسم؟ لو كان الحبّ فلماذا لم ينتج أصحاب التبغ سجائر تحمل أسماءهم ؟ أو تواريخ ميلادهم ؟…
أرادت المدخنة أن تهرب من حرقة الأسئلة وتتحدى مشاعرها فتتصنع اللامبالاة فأشعلت » خضرة » للمرة الرابعة فإذا خريطة الوطن ترقص أمامها. من الدخان انبلجت خضراء يانعة اسم على مسمى ثمّ بدأت تصفر وتذبل: تتأوّه مع سريان النار في سيجارتها. وتتقلص مع كلّ ذرة رماد تسقط منها في المطفأة إلى جانبها، فاستحال عليها إكمال السيجارة وبادرت بإطفائها قبل أن تضمحل الخريطة نهائيا فإذا خضراء تعانقها حضنا ناعما، رخوا كادت تذوب فيه لولا السؤال يجذبها منها لماذا العدول عن صنع سجائر 7 نوفمبر ؟
إنّه الاكتراث بالاسم، بالذكرى، فهل سيكترثون يوما لاسمك خضراء ؟
زكية
( المصدر: جريدة « مواطنون » -التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات- عدد43 الصادرة يوم 2 جانفي 2008)
مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات
تونس في 7 جانفي 2008
سيمنار الذاكرة الوطنية حول المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس( النشأة والتطور)
مع الأستاذ أحمد المراكشي
يوم السبت 12 جانفي 2008 على الساعة التاسعة صباحا
كنا قد نظمنا سمينارين اثنين الأول مع الأستاذ عمر الشاذلي حول إنشاء كلية الطب وقد قمنا بنشر هاته الشهادة بالفرنسية في المجلة التاريخية المغاربية عدد 128 ص 151-182, .جوان 2007, كما قمنا بدعوة الأستاذين المنجي الشملي والحبيب الجنحاني للإدلاء بشهادتهما حول إنشاء وتطور كلية الآداب والعلوم الإنسانية. وها نحن اليوم ننظيم سمينارين اثنين جديدين أحدهما حول إنشاء المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس مع الأستاذ أحمد المراكشي وثانيهما مع الأستاذ محمد العربي بوقرة حول إنشاء كلية العلوم والذي سوف يتم في 9 فيفري المقبل. وعليه سوف يكون ضيفنا المقبل الأستاذ أحمد المراكشي ضيفا على منبر سمينار الذاكرة الوطنية ليوم السبت 12 جانفي.
والأستاذ المراكشي من مواليد سنة 1935 بصفاقس, وقد حصل خلال دراساته العليا بجامعة تولوز على الإجازة و الماجستير فى الإلكترونيات (1961), و على ديبلوم الهندسة الإلكترونية سنة 1962 والدكتوراه سنة 1966. وقد تم تعينه أستاذا مساعدا ثم أستاذ كرسي بجامعة تونس (1966-1990) و قد أسندت إليه بعد المرحوم المختار العتيري مهام إدارة المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس (1975-1985). وقد واصل سير أبحاثه حول الرقائق الإلكترونية وأشرف على عديد الرسائل الجامعية للدكتوراه والماجستير, إضافة إلى اهتمامه بمجال تطبيقات الطاقة الشمسية. وخلال الفترة 1990 إلى 1999 عين عميدا للكلية التكنولوجيا التي قام بإنشائها في جامعة قطر ثم عين مستشارا لرئيس الجامعة نفسها.
والأستاذ أحمد المراكشي هو عضو في عدد من الجمعيات العلمية الأوروبية وعضو مؤسس للجمعية التونسية للمتخصصين فى المجال الإلكتروني. وقد ساهم ضمن مجموعات من الخبراء فى مشاريع مختلفة كانت ولا تزال موضع اهتمام المؤسسات الدولية ( البنك العالمي.. الأمم المتحدة.. اليونسكو …) وخاصة مجال التعليم الهندسي والتطور التكنولوجي وتأهيل الموارد البشرية. كما أنه عضو مؤسس لأكاديمية العالم الإسلامي للعلوم(1986) ويشغل الآن منصب نائب رئيس لتلك الأكاديمية.
ولا شك أن هاته الخبرة الطويلة في هذا التخصص قد منحته الأسبقية في إدارة المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس والإشراف على حظوظها وتطورها خلال عشرة سنوات 1975-1985, ومن هذا المنطلق فإن شهادته سوف تكون مفيدة جدا في التعرف على أحد خلايا الجامعة التونسية بعد الاستقلال.
والدعوة مفتوحة للجميع ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بمقر المؤسسة المذكور أسفله.
الأستاذ عبد الجليل التميمي
العنوان : المنطقة العمرانية الشمالية – عمارة الامتياز – 1003 تونس
الهاتف : 0021671231444 / 0021671751164. – الفاكس 0021671236677 البريد الإلكتروني fondationtemimi@yahoo.fr
الموقع على الإنترنت( باللغة العربية) (site en français
المسرحي حمادي المزّي لـ «الشعب»:
الفاضل الجعايبي يري نفسه صُرّة الابداع المسرحي!!!
أنا مع نقابة للممثلين فقط وليس لمديري هياكل وشركات انتاج
منذ ثمانينيات القرن الماضي بدأ المسرحي حمادي المزي يساهم في تأثيث واثراء المشهد المسرحي التونسي بالعديد من الاعمال المسرحية من كتابة النصوص والاخراج والسينوغرافيا، وقد تنقل كثيرا بين فضاءات الفن الرابع في ربوع البلاد ليستقر به المقام منذ سنوات في ادارة فضاء بئر الحجار بالمدينة العتيقة بتونس العاصمة.
ومنذ سنة 1989 تاريخ أول مسرحية نصا واخراجا لحمادي المزي والتي كانت بعنوان «الناعورة» انخرط الرجل في مراكمة تجربته الخاصة حيث تتالت مسرحياته بمعدل عمل كل موسم… حدّث أبو حيّان التوحيدي قال (1990) دع عنك لومي (1991) التوبة (1992) ويستمر التحقيق (1993) كتاب النساء (1994) شهر زاد (1995) حفلة الباكالوريا (1996) البروف (1998) كواليس (1999) حكاية طويلة (2000) العاصفة (2003) الكرنفال (2005) موّال (2006) وأنتج هذه السنة مسرحية «سينما» التي لاقت رواجا كبيرا ضمن ايام قرطاج المسرحية في دورتها الاخيرة.
انتقلنا الى فضاء بئر الحجار فالتقينا هناك المسرحي حمادي المزي ولم نرتّب لحوار صحفي بالمعنى التقليدي للحوار وانما جلسنا جلسة بوح صادقة بث من خلالها السيد حمادي المزي جملة من آلامه وآماله حول المشهد المسرحي الوطني واخر تطوراته كتأسيس نقابة المهن الدرامية وتقييم الدورة 13 لأيام قرطاج المسرحية.
هل نبدأ هذا الحوار بالحديث عن تأسيس نقابة المهن الدرامية؟
ـ عندما تأسست النقابة في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، وكان ضمنها آنذاك الفاضل الجعايبي وفتحي العكاري ونور الدين الورغي وغيرهم لم تجد آذانا صاغية ودعما حقيقيا لتماسك ذاك الهيكل وقد كانت هناك قطيعة حقيقية بين سلطة الاشراف والهيكل النقابي.
بعض عناصر المكتب الحالي لم تكن متحمسة آنذاك لمشروع النقابة. وأقول اليوم صار هناك خلط كبير في المفاهيم وفي الممارسة، وخلط اكبر بين القطاع العام والقطاع الخاص… وخلط أخطر بين الممثل الامّي والممثل الأكاديمي.
هناك تغيّر كبير في الخريطة الثقافية… في مستوى الهياكل والتشريعات.
هل تقصد أسماء محددة؟
ـ أنا بكل بساطة اعتقد وأؤمن ان من يدافع عن المهنة هو الممثل بذاته وليست الاسماء هي التي سترفد المشروع بل الطاقات الحية والصادقة مع ذاتها ومع اطارها وخصوصية مهنتها.
اعتقد ان الكثيرين لم يعد لهم ما يضيفونه للمهنة. الفاضل الجعايبي في مرحلة ما تجاهل الممارسة المسرحية برمتها وكان لا يؤمن الا بنفسه وكأنه الخصم والحكم في ذات الوقت. كان يرى نفسه صُرّة الابداع المسرحي في تونس.
أما المنصف السويسي فقد كان في اتحاد الممثلين وهو الهيكل الذي ينافس النقابة، والذي أوجده آنذاك البشير بن سلامة وقد أوعزَ له السويسي بإجهاض مشروع النقابة.
أقول ان الكثير من الاسماء لم يعد لها ما تقدمه لا جماليا ولا فكريا ولست أدري لماذا يركبون الموجة الآن!!!
ولكن المكتب الحالي أغلبه من الممثلين وهم ايضا من جيل ما بعد الثمانينيات؟
ـ ريم الحمروني ـ صالح حمودة ـ الصادق حلواس ـ جمال ساسي وجمال المداني كلهم ممثلون ويهمونني ووجودهم شرعي في المكتب النقابي للدفاع عن حقوقهم وحقوق زملائهم في ميدان تهيمن عليه اسماء لا تُقدّر حق الممثل.
أنا مع نقابة للممثلين فقط ولست مع نقابة لمديري الهياكل ووكلاء الشركات وأصحاب المؤسسات والمنتجين.
انتهت ايام قرطاج المسرحية منذ شهر تقريبا، فما الذي تبقى لدى حمادي المزي كمشارك ومتابع من هذه الدورة؟
ـ أنا كنت عضوا مؤسسا لهذه الايام منذ سنة 1983 حيث التحقت بالمسرح الوطني بصفتي اطارا في وزارة الثقافة، وكنا آنذاك مجموعة من المسرحيين.
الايام صنعتها مجموعة من الطاقات والكفاءات في بدايتها وقد لاقت الدورتان الاوليان نجاحا وتميزا ولكن فيما بعد واثر توالي الانسحابات والانشقاقات خاصة مع المنصف السويسي بدأت بوادر الفشل تطوق هذه التظاهرة.
أعتقد ان التظاهرات الوطنية وذات الاشعاع الاقليمي والدولي يجب ان لا تبني على اهواء فرد واحد. وأرى الان ان ايام قرطاج المسرحية التي بلغت دورتها 13 صارت مهددة في تميزها واشعاعها من قبل التظاهرات المحيطة بنا مثل فرنسا وايطاليا واليونان ولبنان والبرتغال ومراكش وغيرها من التظاهرات التي صارت تستقطب نجوم المسرح في العالم.
اعتقد انه من الضروري ان تكون هناك لجنة قارة يديرها مسرحي لتشتغل باستمرار وانتظام على انجاز وضمان تميز كل دورة جديدة من حيث اختيار الاعمال الجيدة ومن حيث التنظيم والاعلام والتوثيق.
في هذه الدورة 13 لم أشاهد سوى عملين محترمين هما جدارية للمسرح الفلسطيني والمسرحية البلجيكية وبعض الاعمال الوطنية. فأغلب مشاركات هذه الدورة لم ترتق حتى الى المسرح المدرسي.
هناك خلل واخلال في هذه الدورة، فمثلا هل يعقل ان نفتتح الدورة ونختتمها بأعمال أجنبية، انا مع العرض التونسي في الافتتاح والاختتام.
شخصيا كنت حاضرا في اغلب الدورات ودائما بأعمال جديدة في كل مرة، وهذه السنة شاركت بمسرحية جديدة هي «سينما» وهي حسب من تابعها من مسرحيين ونقاد واعلاميين كانت نقطة مضيئة في هذه الدورة، بل هناك من تساءل لماذا لم تبرمج مسرحيتي ضمن الافتتاح.
ما رأيك في إلغاء المسابقات والجوائز والندوات الفكرية في هذه الايام؟
ـ المسابقات من أول التاريخ كانت موجودة وبغض النظر عن القيمة المادية للجوائز، فان الاهم هو عنصر التحفيز الحقيقي للمبدع ليواصل تقدمه ويطوّر تجربته ومشروعه، ثم ان الجائزة هي التي تُموقع وتموضع الفنان، هل هو في الدرجة الصفر او في الدرجة العشرين.
عيبٌ ان تُلغى الجائزة وهي التي تخلق ديناميكية بين المبدعين تضمن تنافسا ابداعيا بين المشاركين، ثم انه صار معروفا عنا في تونس ان لدينا تجربة مسرحية متفردة وتوازيها حركة نقدية وفكرية في الميدان المسرحي، فماذا طرأ هذه السنة؟ لماذا لم تتواز الندوات الفكرية مع العروض المسرحية؟ كل الورشات والنقاشات لم تسد الفراغ الذي تركه غياب ندوة فكرية معمقة؟
اعتقد ان محمد ادريس اشتغل بمفرده ومبدؤه هو ان الدورة ستمر وكفى ولكن السؤال الحقيقي هو ماذا خلّفت هذه الدورة؟ وأي أثر تركته؟ اعتقد كذلك ان على ايام قرطاج المسرحية ان لا تقع في منطق ترضية الاشخاص او البلدان. الفن يجب ان يكون مفصولا عن الاعتبارات السياسية.
هل لديكم رؤية ما أو مبدأ مخصوص في انتاج أعمالكم المسرحية؟
ـ المسرح الذي أقدمه هو ضمن مشروع ورؤية متكاملة، أنا أشتغل مع مجموعة نوعية من المثقفين والاكاديميين سواء كانوا ممثلين او تقنيين، في مسرحية «سينما» اشتغلنا مدة نصف سنة، وعلى نفس وتيرة ومبدأ عملنا نسير وننتج الجديد، وهو ببساطة احترام عملنا وجمهورنا.
وفي ادارة فضاء بئر الحجار؟
ـ فضاء بئر الحجار له مكانة كبيرة في المشهد الثقافي التونسي، ونحن لدينا فلسفة في ادارة الفضاء تتمثل أساسا في الألفة بين المسرحي والتشكيلي والشاعر والأديب والموسيقار.
لدينا ألفه ثقافية بين جميع من يعمل في هذا الفضاء ويقدم فيه أعماله وانتاجاته ولعل تظاهرة ربيع المدينة ببئر الحجار خير دليل على الألفة التي نسعى الى تدريسها كل يوم حيث الندوات الفكرية والمعارض التشكيلية والعروض الموسيقية ثم ان لدينا مبدأ ثابتا هو فتح الفضاء دائما وأبدا أمام الطاقات الابداعية الشابة والجديدة، وهو ما نجسده من خلال اعمال خريجي معهد الموسيقى او معهد الفنون الجميلة او معهد الفنون الركحية… وهو ايمان عميق منا بضرورة تكريس فعل التواصل بين الاجيال.
ناجي الخشناوي
(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 5 جانفي 2008)