فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
11ème année, N°4080 du 30.08.2011
archives :www.tunisnew .net
يسر أسرة تونس نيوز أن تتقدم إلى قرائها الكرام وإلى الشعب التونسي والأمة قاطبة بمناسبة عيد الفطر المبارك بأحرّ التهاني وأجمل الأماني سائلين المولى الكريم أن يتقبّل الصيام و القيام وصالح الأعمال وأن يمن على غزة بالنصر ورفع الحصار وأن يمكن للمستضعفين في الأرض فتنتصر الحرية ويسود العدل وتندحر قوى الظلم وتبزغ شمس الحرية . إنّه على ذلك قدير .
آميــــــــــــــــــــــن
<
صرحت صباح الاثنين الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية صفاقس 1 بالحكم في قضية ما يعرف بـ »ستار اكاديمي4″ ضد المتهمين حسام الطرابلسي ومنية معلى بتهمة القتل والجرح عن غير قصد. وقضت المحكمة حضوريا في حق المتهم حسام الطرابلسي وغيابيا في حق المتهمة منية معلى بالسجن لمدة عام لكل منهما مع غرامات مالية لفائدة القائمين بالحق الشخصي. وتراوحت هذه الغرامات بين 7 و15 ألف دينار. وتراوحت ردود فعل أهالي الضحايا الذين طال انتظارهم ونفذ صبرهم بعد تأجيل القضية عديد المرات بين الرضا والاستياء من هذا الحكم. وقد قال احدهم « أن العدل لله وحده. « ويذكر أن حادثة ستار اكاديمي4 التي جدت بالمسرح الصيفي بسيدي منصور سنة 2007 راح ضحيتها 7 شبان وشابات وجرح فيها 35 آخرين.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
تأسس حزب الإصلاح و التنمية غداة الثورة المجيدة على قاعدة الإخلاص إلى الأفكار البناءة و المبدئية التي تبلورت في المسار النضالي للتيار منذ 2008 و على أساس الاستفادة من مناخ الثورة و أهدافها و ما حققته إرادة شعبنا من خلع رأس منظومة الفساد و الاستبداد في أفق القطع النهائي معها . و قد فوضت هيئة تأسيسية قوامها أكثر من خمسين ناشط وناشطة للأخ محمد القوماني مسؤولية الأمانة العامة المؤقتة للحزب حتى انجاز المؤتمر و منحته صلاحية اختيار الفريق القيادي العامل معه في هذه المرحلة الانتقالية على أساس المصادقة على هذا الفريق في جلسة ثانية لم يحصل فيها الوفاق فتأجلت إلى وقت لاحق . و قد تشرفت بالاضطلاع منذ أشهر بمسؤولية » السياسات » في حزب الإصلاح و التنمية في انتظار نيل موافقة الهيئة التأسيسية على مكونات الأمانة العامة و نشرها بالرائد الرسمي . و بعون الله و توفيقه و مساعدة ثلة من الإخوة المؤسسين و بفضل مصداقية رمزية وعملية اكتسبناها من سنين الجمر في الساحة السياسية وداخل الحزب استطعت المساهمة –كتابة وتصريحا -في تموقع الحزب ضمن جبهة الانحياز إلى تحقيق أهداف الثورة رغم ما لقيناه من عنت في إقناع عدد من المناضلين في الصفوف الأولى بضرورة القطع مع أساليب و طرق التقدير الموروثة من سنين مقارعة الاستبداد و القائمة على الخلط بين التسويات و المهادنة و تجنب الاستقطاب الإيديولوجي دون هروب من ضرورات الفرز السياسي الشجاع بين أنصار الثورة و أعدائها . و في هذه اللحظة التاريخية الفارقة و من منطلق تحمل مسؤوليتي الأخلاقية الكاملة في الحزب و في الساحة السياسية و على اثر التشكيات التي بلغتني من الجهات و المناضلين في الحزب بخصوص بعض التصريحات الرسمية للحزب بالإضافة إلى فتح أبواب الحزب أمام انخراطات مثيرة للجدل و هيكلة تحشيدية مرتبكة غير وفاقية في جهات كثيرة و آخرها تشكيل جامعة » عائلية » في صفاقس و تنصيب قائمات انتخابية بقرارات غير شرعية يهمني أن أعلن للرأي العام ومناضلي الحزب تجميد عضويتي في » المكتب السياسي المؤقت » و عدم تحملي لأي مسؤولية في ما يخص القرارات الخلافية التي عبر عنها المناضلون كما اؤكد عدم تحملي لأي مسؤولية في القرارات أو التصريحات اللاحقة و يبقى هذا التجميد ساري المفعول إلى حد انعقاد » هيئة المؤسسين » بكافة أعضائها المسجلين لدى المصالح الإدارية للدولة للنظر في المسائل الخلافية . و سأظل مناضلا في ساحة الفعل و حماية أهداف الثورة المجيدة من أي المواقع التي اختارها لنفسي لاحقا .
الحبيب بوعجيلة مؤسس في حزب الإصلاح و التنمية
<
بن عروس في 28 اوت 2011
البيان الختامي لأشغال الهيئة المركزية لحزب العمل الوطني الديمقراطي
التأمت اليوم 28 أوت 2011 الهيئة المركزية لحزب العمل الوطني الديمقراطي لاستقراء الوضع السياسي و ما يقتضيه الاستحقاق الانتخابي القادم للمجلس التأسيسي من ضبط قوائم انتخابية على أرضية التحالفات الوطنية و الديمقراطية و التقدمية و انتهت إلى: الوضع السياسي: ومن ابرز سماته: أ-مواصلة حكومة الالتفاف على الثورة مساعيها في تأبيد وضع الاستبداد و الفساد و ذلك بتعطيل الانتقال الديمقراطي و الالتفاف على مطالب الشعب في الحرية و الكرامة . ب- إفلات رموز الفساد و الاستبداد من العقاب و تأجيل المحاسبة و تهميش الملفات الحقيقة للفساد بإثارة القضايا الجانبية. ج- غياب قضاء مستقل قادر على محاسبة المفسدين و مساعد على المرور إلى قضاء انتقالي د- إعلام ظل يراوح مكانه بل يلمع صورة المفسدين و المستبدين و تحول إلى بوق للأحزاب المتناسلة على التجمع المنحل. ه- إهمال مطالب الشعب في الشغل و مكافحة غلاء المعيشة و التفاوت الجهوي و الاجتماعي . على المستوى الانتخابي : يرى أعضاء الهيئة المركزية بدا تشكل أقطاب رجعية لا غاية لها سوى إعادة بناء الاستبداد في أثواب أخرى أداتها الدعم السياسي و المالي للامبريالية العالمية و هو ما يوجب على القوى الوطنية و الديمقراطية و التقدمية مد الجسور في ما بينها لضبط آليات عمل مشترك سواء تعلق الأمر بالنضال في سبيل استكمال مهام الثورة أو بالاستحقاقات السياسية و الاجتماعية المختلفة و من بينها الاستحقاق الانتخابي القادم و ذلك بالعمل على: ا- توحيد المواقف و التصورات مع مختلف القوى الوطنية و الديمقراطية و التقدمية المعنية بالاستحقاق السياسي و انتخاب المجلس الوطني التأسيسي. ب- الإصرار على خوض الانتخابات تحت راية جبهة تقدمية و ديمقراطية موحدة تعكس وحدة الشعب و قواه السياسية و الاجتماعية المناضلة. ج- التأسيس لجبهة سياسية وطنية تقدمية تستميت في الدفاع عن دستور ديمقراطي يؤسس لجمهورية ديمقراطية مدنية ذات بعد اجتماعي حقيقي. على المستوى العربي: يعبر أعضاء الهيئة المركزية للحزب عن دعمهم الا مشروط للثورات العربية الوليدة و يشيدون بنضالات جماهير شعبنا في سبيل الحرية و الكرامة و إنهاء أنظمة الفساد و الاستبداد و اذ يهنئون الشعب الليبي بسقوط الديكتاتورية فإنهم يهيبون بالقوى الديمقراطية و التقدمية لتحمل مسؤولياتها التاريخية في طرد « الناتو » من على ارض ليبيا و التحفز ضد الاستبداد القادر على التشكل تحت مسميات أخرى. يدين أعضاء الهيئة المركزية الاعتداء الوحشي للعصابات الصهيونية على أهلنا في فلسطين و يهيبون بالجماهير العربية لملئ الشوارع و الساحات لوقف العدوان. على المستوى العالمي: يدعم أعضاء الهيئة المركزية نضال قوى التقدم في العالم المناهضة للعولمة الليبرالية المتوحشة و يحيون الشعوب المنتفضة ضد الاستغلال و الظلم في اسبانيا و اليونان و بريطانيا… و مختلف أنحاء العالم من اجل عالم أخر ممكن.
حزب العمل الوطني الديمقراطي الهيئة المركزية
<
بعد ان انطلقت في بثها التجريبي منذ اشهر علمنا أن «الانطلاق الرسمي لقناة « التونسية » سيكون خلال الأيام القادمة حيث شرعت في تحضير بعض الانتاجات منها بعض البرامج التي حققت نجاحا لافتا في القناة التونسية أبرزها « عندي مانقلك ». والى جانب « كلام الناس » الذي يعده ويقدمه نوفل الورتاني فان منير بن صالحة سيقدم برنامج « رفعت الجلسة » الذي سيعيد فيه فتح بعض القضايا التي هزت الراي العام. ويقدم سفيان بن فرحات برنامج «فصل المقال» الذي سيخصص لأبرز ما يكتب بالصحف أما عبد المجيد بن اسماعيل فإنه سيعد برنامج «حالة طوارئ» الذي سيخصص لروبرتاجات ساخنة تتماشى مع الأحداث . وبدا موقع القناة على الشبكة الاجتماعية الفايس بوك يشهد اقبالا لتتنوع اقتراحات الزوار.
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
فوجئ مؤخرا المسؤولون بمستشفى فرحات حشاد بسوسة بإسناد وزارة الصحة العمومية الصادق القربي سفير تونس السابق بالمغرب مبلغا يناهز 22 ألف دينار بعنوان رواتبه كموظف بالمستشفى المذكور بعد أن غادر السفارة إثر الثورة… ويذكر أن القربي كان غادر المستشفى برتبة رئيس قسم ليتقمّص عددا من المسؤوليات الحكومية في النظام البائد وعندما قضت الثورة على كل طموحاته أبعد من السفارة مما يعني أن عملية الالحاق قد انتهت وهو ما يحتّم عودته لمباشرة آخر وظيفة تقمصها قبل أن يغادر نحو مهام أخرى إلا أنه لم يباشر منذ تلك الفترة لاقتناعه بأن عودته غير مرغوب فيها من قبل زملائه والعاملين بالمستشفى إلا أن الوزارة عملت حسب ما تقتضيه النواميس وأدرجت مجموع رواتبه منذ انتهاء فترة الالحاق حتى شهر أوت وذلك بمعدل 2800 دينار كراتب شهري لكن مدير عام المستشفى فوزي كريم تفطّن للأمر وأعلم الوزارة بأنه لم يباشر منذ عودته من الخارج وبالتالي لا مجال لاسناده هذا المبلغ خاصة أنه يعتبر متغيّبا. وأكد مدير عام المستشفى في تصريح لـ«الأسبوعي» صحة هذه الرواية حيث قال «.. بالفعل الدكتور صادق القربي لم يباشر عمله بعد انتهاء مهامه في المغرب ولا أيضا سجل حضوره وبالتالي يعتبر متغيبا زيادة عن أن هذا الغياب غير مبرّر لكن الوزارة طبقت القانون وأسندت له رواتبه، كما طبقت القانون عندما اعترضنا على هذه الرواتب (وهو اجراء إداري ضروري) فأرسلت لجنة للمستشفى لاستجلاء الأمر وبحثت فيه وتأكد للوزارة عدم مباشرته لمهامه…». ويذكر أن الصادق القربي أستاذ في الطب مختص في علم الخلايا والتشريح المرضي وكان يشغل خطة رئيس قسم بمستشفى فرحات حشاد قبل أن يتسلق سلم المراتب السياسية في زمن « المخلوع ». عبد الوهاب الحاج علي
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
خميس بن بريك-تونس يتواصل الجدل داخل الأوساط القضائية في تونس حول تطهير القضاء، فبينما يسعى شقّ إلى ضبط قوائم بأسماء القضاة الفاسدين، يرفض آخر هذه الآلية. وكان الوزير الأول للحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي طلب مؤخرا من جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة، تقديم قوائم بأسماء القضاة الفاسدين إلى وزارة العدل كي تنظر فيها، وذلك إثر احتجاجات شعبية تطالب باستقلالية القضاء. وفيما قبلت جمعية القضاة التونسيين الطلب، واعتبرت أنه « آلية من آليات التطهير »، رفضت نقابة القضاة هذا التصور، معتبرة أنه مدخل إلى « تصفية حسابات شخصية ». رفض القوائم وتبرر رئيسة نقابة القضاة التونسيين روضة العبيدي رفضها إعداد قوائم بأسماء القضاة الفاسدين بأنه لا يوجد أي نص قانوني خاص يشرّع ضبط مثل هذه القوائم. وقالت للجزيرة نت إنّ « التعاطي مع ملف المحاسبة بهذا التصوّر دون أي موجب قانوني سيفتح الباب أمام العدالة الانتقامية والمزايدات السياسية ». وحذرت القاضية العبيدي من أنّ إعداد قوائم بأسماء القضاة الفاسدين دون مؤيدات سيعرّض بعض الأطراف إلى ملاحقات قضائية بتهمة الثلب والتشهير. وتسرّبت، مؤخرا، على الإنترنت قائمة تضمّ 183 قاضيا متهمين بالفساد، لكن تبين أن تلك القائمة أعدت عام 2005 بأسماء قضاة سحبوا الثقة من المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، التي كان النظام السابق يحاصرها. وقد قام هؤلاء القضاة برفع 60 قضية إلى المحاكم لملاحقة مواقع إلكترونية قامت بنشر أسمائهم في قائمة تمّ توظيفها على أساس أنهم قضاة فاسدون. وتشكك رئيسة نقابة القضاة في مصداقية الأطراف التي ستأخذ على عاتقها ضبط قوائم متعلقة بالقضاة الفاسدين، بقولها « أنا لا أثق في أي طرف »، في إشارة إلى جمعية القضاة التونسيين. آلية تطهير بالمقابل، ترى جمعية القضاة التونسيين أنّ إعداد قوائم بأسماء القضاة الفاسدين آلية من آليات دراسة الظاهرة الفردية للفساد القضائي، وليس المقصود منها التشهير بالناس. ويقول رئيس جمعية القضاة أحمد الرحموني « هذه القوائم آلية من آليات التطهير، وليس الغرض منها التشهير بالقضاة، باعتبار ذلك مناقضا لمقتضيات العدالة الانتقالية ». ويضيف للجزيرة نت إن « القوائم مسألة داخلية تخص القضاة، ومن واجبنا كهيكل ممثل لهم أن نتبنى تصوّرا لتطهير القضاء في غياب أي مبادرة من الحكومة ». وشكلت جمعية القضاة التونسيين لجنة بدأت القيام بتحقيقات داخلية للكشف عن القضاة الذين تورطوا في فساد مالي أو إداري، وتجميع الإثباتات والأدلة عليه. واستبعد الرحموني إصلاح القضاء ما لم تتخذ إجراءات لاستبعاد القضاة غير الأكفاء، والملتبسين بمحاكمات جائرة أو فساد مالي، أو المرتبطين بالحزب الحاكم المنحل، من دائرة القرار. وقال إن « العديد من القضاة الفارين من المحاسبة تحصنوا بانضمامهم إلى النقابة »، حديثة الولادة، مضيفا: « النقابة تحاول تعويم ملف تطهير القضاء للتشويش على إجراء التطهير نفسه ». الحكومة تتنصل ولئن تباينت المواقف بشأن آليات تطهير القضاء، إلا أن نقابة القضاة وجمعية القضاة لا تختلفان في أن هناك « تنصلا » من قبل الحكومة الحالية من فتح ملف المحاسبة. واتهمت روضة العبيدي التفقدية العامة بوزارة العدل بالتستر على ملفات الفساد، فيما أكد الرحموني أن التفقدية، التي شبهها بالبوليس السياسي، « تحتاج إلى تطهير ». لكن وزارة العدل نفت في بيان لها تقصير التفقدية العامة، مشيرة إلى أنها تولت النظر هذا العام في 1095 شكاية، منها 327 شكاية تتعلق بقضاة، مقابل 820 شكاية العام الماضي.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 أوت 2011)
<
بعد أن قرّر الاتحاد التونسي للشغل المشاركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي أصبح السؤال المطروح، أي وجهة للأطياف السياسية الموجودة داخله، هل ستخدم قائمات النقابيين المستقلين أم ستعمل على دعم الأحزاب التي تنتمي إليها؟.. سؤال أصبح جديرا بالاهتمام في ظل التجاذبات التي تعرفها بطحاء محمد علي والحراك الذي تعيشه الحالة السياسية في مثل هذه الفترة خاصة أن المنظمة الشغيلة تمثل صمام الأمان لعديد الأحزاب والتيارات الايديولوجية في المعركة الانتخابية المنتظرة.. وترى أطراف مستقلة في ساحة محمد علي أن بعض القيادات النقابية التي ستغادر المكتب التنفيذي بمفعول الفصل العاشر سيكون لها دور رئيسي في تحديد خارطة الانتخابات والاقتراع حيث ستضع ثقلها في الميزان لدعم التيارات والأحزاب التي تنتمي إليها على غرار الوجهين البارزين عبيد البريكي وعلي رمضان.. أتباع البريكي وإذا كان أحد أقطاب الاتحاد، ونعني بذلك الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس قد حسم أمره منذ فترة حيث قرّر على إثر هيئة إدارية تمكين النقابيين من الترشح في قائمات مستقلة أو الالتحاق بأحزابهم مقابل أن يدعم الاتحاد النقابيين فإن الرؤية بدأت تتضح شيئا فشيئا بالنسبة إلى المنظمة المركزية حيث للوجه النقابي النشيط عبيد البريكي أتباع عديدون إذ يحظى بدعم أكبر نقابة في قطاع التعليم وهي نقابة الثانوي التي تضم 3 قياديين «وطد» ولهم أتباع عديدون كانوا ساهموا في صعودهم إلى مكتب النقابة… كما لا ننسى نقابة أخرى كبيرة وقوية وهي نقابة الأساسي التي تضم عددا من الوطنيين الديمقراطيين… كما سيكون الوطنيون الديمقراطيون مدعومين خلال الانتخابات بالثقل الكبير لبعض الاتحادات الجهوية المؤثرة التي تضم عددا هاما من القياديين «الوطد» على غرار جندوبة والقيروان والكاف… علي رمضان بين حزبين بالإضافة إلى الوطنيين الديمقراطيين بإمكان القوميين أيضا دخول غمار الانتخابات بخطى ثابتة باعتبار أنهم يلقون دعما هاما من أكبر النقابات على غرار الثانوي والأساسي وعدد من الاتحادات الجهوية والتي تضم بدورها عناصر قومية مؤثرة وقادرة على الاستقطاب… وزيادة عن الحضور الهام لحزب العمال الشيوعي المتمركز بدوره في بعض القطاعات فإن القيادي الثاني الذي تتجاذبه عديد الأطراف هو الأمين العام المساعد علي رمضان فبالإضافة إلى أنه مؤسس حزب «التكتل» فهو أيضا مؤسس لحزب العمل التونسي، لكن لا يمكنه أن يجزئ نفسه إلى نصفين وهو أقرب إلى حزب العمل أكثر من التكتّل وسيكون له وزن في الاستقطاب خلال الانتخابات خاصة أن «التكتل» يعوّل كثيرا على القيادي النقابي الدكتور خليل الزاوية وهو بدوره عنصر قيادي في الحزب.. بالنسبة إلى حركة النهضة فهي لا تحتكم على أطراف قيادية كبيرة صلب المركزية النقابية لكنها بدأت تتغلغل في المشهد عن طريق النقابات الأساسية في القطاع الخاص وتحديدا نقابات المعادن والنسيج بالإضافة إلى كاتب عام الاتحاد الجهوي بمدنين الصاعد مؤخرا وهو محسوب على النهضة.. ويبدو أن تأثير النهضة سيكون خلال الأعوام المقبلة باعتبار أن النقابات الأساسية المكونة حديثا لا يمكنها المشاركة في المؤتمر ولا أيضا لعب دور الاستقطاب لفائدة النهضة في الانتخابات إلا في أوساط معينة… عبد الوهاب الحاج علي في المخبر المركزي للتحاليل والتجارب إضراب مرتقب يوم 8 سبتمبر إذا…!! علمت «الأسبوعي» أن أجواء التوتر لا تزال تخيم على الوضع في المخبر المركزي للتحاليل والتجارب بعد امضاء حسين العباسي الأمين العام المساعد لبرقية تنبيه باضراب ثانية في كل مقرات العمل وذلك يوم الخميس 8 سبتمبر. وتأتي هذه التحركات كرد فعل على عدم الالتزام بالأمر عدد 1291 لسنة 1990 الخاص بصرف منحة خطر العدوى. ويطالب أيضا الأعوان بالاسراع في التفاوض حول مشروع النظام الأساسي لأعوان المخبر المركزي وللأعوان مطالب أخرى عالقة منها ما يتعلق بتطبيق مقتضيات القانون المتعلق بالترقيات التي تصرّ أن تتم بعد 3 سنوات عوضا عن خمس مع تحيين احتساب منحة الانتاج وذلك بدمج الزيادات السابقة في الأجور في الأجر الأساسي. كما يطرح ملف أعوان المناولة المباشرين بالمخبر المركزي بشدة حيث تمت المطالبة بادماجهم وانتدابهم مع تسوية الوضعيات الادارية لعديد الأعوان.. المعهد الوطني للإحصاء وفد نقابي يضع حدا لصعوبات تنفيذ اتفاق 29 جانفي! أشرنا في العدد الأخير من «الأسبوعي» إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل قد تحرّك لفض المشكل القائم في المعهد الوطني للإحصاء الذي نجم عنه اضراب مفتوح عن العمل وذلك بعد أن وجدت الإدارة صعوبة في تطبيق الاتفاق المبرم بين وزارة التخطيط والتعاون الدولي (التي يعود إليها المركز بالنظر) والنقابة الأساسية لأعوان المعهد في 29 جانفي 2011. ويذكر أن وفدا نقابيا تألف من المنصف الزاهي الأمين العام المساعد المكلف بالوظيفة العمومية والمولدي الجندوبي الأمين العام المساعد المسؤول عن الدواوين والمنشآت العمومية وزهرة بن عبد الله الكاتبة العامة للنقابة الأساسية بالإضافة إلى حميدة العكاري من الجامعة العامة للمالية قد التقى مؤخرا وفدا إداريا يضم ممثلين عن الوزارة والمعهد لمناقشة هذه الصعوبات وايجاد حل لفك الاعتصام مع تمكين المضربين من حقوقهم… وقد توصل الوفدان إلى اتفاق يقضي بإعادة مراجعة النقطتين الأولى والثانية من الاتفاق المذكور وإعادة صياغتها بما يمكن الإدارة من الاستجابة للطلبات حيث تم الاتفاق على أن يقع انتداب الأعوان الواردة أسماؤهم في قائمة ممضاة من قبل الإدارة والنقابة الأساسية يوم 4 مارس الماضي وهم 309 أعوان عملوا بالمعهد خلال الفترة الممتدة من سنة 1974 و2007 بصفة أعوان وقتيين… وتتم عملية انتداب هؤلاء العملة ابتداء من 17 ماي 2011 ويتم ترسيمهم في 16 ماي 2012 وذلك بمفعول رجعي ابتداء من تاريخ الانتداب.. كما تم أيضا الاتفاق على انتداب الأعوان الذين يستوفون أقدمية عامّة بأربع سنوات عمل مسترسلة كأعوان وقتيين مع ترسيمهم بعد انقضاء سنة على تاريخ انتدابهم…
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
نظمت الهيئة الفرعية للانتخابات بتوزر مساء الأحد لقاء جمع المكاتب الفرعية لعدد من الأحزاب السياسية بأعضاء الهيئة وذلك لتدارس متطلبات المرحلة القادمة والاستعداد لها خصوصا في ما يتعلق بانطلاق تقديم الترشحات للمجلس التأسيسي خلال الأسبوع الأول من شهر سبتمبر. وتمت الدعوة خلال هذا اللقاء إلى فتح قنوات الاتصال بين الهيئة والأحزاب السياسية حتى يتم تيسير تقديم الشكاوى والإعلام ببعض التجاوزات في كل مراحل الانتخابات. واتفقت كافة الأطراف على إمضاء ميثاق بين القائمات المتنافسة يدعو أساسا إلى الاحترام المتبادل والمنافسة الشريفة وحماية اجتماعات كل حزب. ونوهت الأحزاب المشاركة في هذا اللقاء بما تميز به عمل الهيئة في المرحلة الماضية من شفافية عالية وبما بذلته من جهود للارتقاء بنسبة التسجيل في القائمات الانتخابية وتقدت بالمناسبة بمجموعة من المقترحات من شأنها أن تسهم في تامين السير السليم للانتخابات من بينها مراقبة المال السياسي والتصدي لكل محاولات التزوير في أي مرحلة من المراحل والتحري في انتداب الأعوان بمكاتب الاقتراع. كما طالبت بالرفع في المنحة المقدمة للقائمات الانتخابية التي تسند بعنوان مساهمة الدولة في الحملة الانتخابية. وأبدت بعض الأحزاب ملاحظات بشأن الطريقة التي اعتمدتها الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات في عرض القائمات الانتخابية معتبرة إياها غير عملية. يذكر أن الهيئة الفرعية للانتخابات أصدرت مؤخرا مجموعة من الكتيبات والنشريات تستعرض فيها نشاطها وتوضح فيها توزيع مكاتب الاقتراع وعدد الناخبين في كل معتمدية.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
بمناسبة زيارته لجرجيس التقى الأستاذ سمير ديلو عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة والمكلف بالعلاقات الخارجية بشباب جرجيس الذي ينتمي والذي لا ينتمي للحركة على امتداد ساعتين وأجاب عن عديد الأسئلة المحرجة. وقد كشف ديلو خلال هذا الاجتماع أنه أراد التأكد من تسجيله في انتخابات المجلس التأسيسي فبعث بإرسالية وتمت إجابته بإرسالية تقول بالحرف الواحد «لا يمكن ترسيمكم في القوائم الانتخابية لارتكابكم جريمة ماسة بالشرف…». وبسرعة اتصل ببوبكر ثابت كاتب عام الهيئة المستقلة للانتخابات الذي وعده باصلاح الخطإ وتحيين القائمات في ظرف 48 ساعة . وأضاف ديلو أنه قال لثابت:« بن علي أتهمنا بالارهاب والتشدد لكن لم يتهمنا بجرائم ماسة بالشرف وبعد ثورة 14 جانفي يتم اتهامنا». ولمح أن هذه القوائم أرسلت للهيئة من قبل وزارة الداخلية التي كان عليها تحيين هذه القوائم بعد صدور العفو التشريعي العام.. ويذكر أن المحامي سمير ديلو قضى 10 سنوات في السجن لأفكاره السياسية. كما تحدث خلال هذا اللقاء المفتوح عن عدة مواقف لحركة النهضة من قضايا هامة كاستحقاقات المجلس التأسيسي والموقف من الحكومة الحالية والتناصف في تقديم القائمات ومشكلة المرأة ومجلة الأحوال الشخصية واستقلالية القرار لبلادنا مع القوى الاجنبية وأكد أن هذه القوى لا تقوم بالعمل الخيري في المجال السياسي بل هناك سياسة مصالح دائمة تسعى إليها وقد دعّمت بن علي لأنه خدم مصالحها ثم تخلّت عنه في لمح البصر ورفضت أن تحط طائرته على أرضها…
عماد بلهيبة (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
يبدو أن مقترح الوزير الأول الباجي قائد السبسي في خطابه الأخير المتمثل في اسناد مهمّة إعداد قائمة لرموز الفساد إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي لم تقبل عديد الأطراف صلب الهيئة معتبرة أن ذلك ليس من مهامها ولا أيضا منصوص عليه بمرسوم إحداث الهيئة، فضلا عن أنه حسب جل من تحدثنا إليهم طريقة لهروب الحكومة من مسؤولياتها… ولاحظت هذه الأطراف أن الهيئة العليا تغيب عنها الصفة كما لا تملك الامكانيات اللازمة لضبط القائمة… وبين رضا بوزريبة الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل وعضو الهيئة العليا أنه ليس من مشمولات أعضاء الهيئة إعداد هذه القائمة حيث يقول «.. هذا الأمر يخص الحكومة فكل وزير مطالب بكشف الملفات التي بحوزته كما أن كل وزارة لديها أرشيف والملفات بحوزتها فوزارة المالية تعرف من كانوا لا يدفعون الضرائب ويتلاعبون بالأموال ويحصلون على قروض بتشريعات على المقاس ودون ضمانات.. ووزارة الشؤون الاجتماعية بحوزتها ملفات التلاعب بحقوق العمال وبكل الذين لم يسدّدوا للضمان الاجتماعي..». ويقول بوزريبة في موقع آخر من حديثه «.. الهيئة العليا لا تملك الآليات اللازمة للبحث في ملفات الفساد كما أن الوزارات لن تسلمها الملفات بالسهولة التي نتوقع كما أنها لا تعرف ماهي نوعية الملفات المطلوبة فالهيئة لم يبق في عمرها الكثير…». حل سياسي للهروب من جهته قال الأستاذ العياشي الهمامي (عضو الهيئة العليا ومن مجموعة الـ25) عن مقترح الوزير الأول «.. إنه حل سياسي للحكومة للتهرّب من واجبها باعتبارها تملك أجهزة البحث والتقصي من خلال الإدارات والقطاعات كما أنها تملك الوثائق والأرشيف.. الحكومة رمت إلينا الكرة والمفروض أن تعيد إليها الهيئة الكرة…». ويبدو أن قرب موعد انتخابات التأسيسي الذي ينتهي خلاله دور الهيئة العليا أبرز سبب لرفض عديد أعضائها مقترح الحكومة وهو ما أكده الأستاذ العياشي الهمامي الذي قال «.. العملية ليست بالسهلة فعندما طلبت لجنة الفصل 15 قائمة المناشدين لم تتمكن من الحصول عليها فما بالنا بماذا سيحدث للهيئة عندما تطالب بالملفات الخاصة بالصفقات وغيرها..». مزيد توريط الهيئة مع الشارع بدورها قالت نجوى مخلوف عن مقترح الحكومة «.. إنها كرة رمي بها للهيئة.. ونحن في الهيئة لدينا عديد المهام الكبرى ولم يعد يفصلنا الكثير عن موعد انتخابات التأسيسي والوقت لا يمهلنا من أجل إعداد هذه القائمة.. وأعتقد أن المقترح هو مجرد سينما فالحكومة قد رمت بما هو من مشمولاتها على الهيئة حتى يزداد غضب الشارع منها وهذا ما نرفضه..». في الأمر لبس وترى حياة حمدي (حزب الطليعة العربي وعضو بالهيئة) أن في الأمر لبسا لعدة أسباب حيث تقول «.. ثمّة تأويل للمسألة يقول إن طريقة تقديم المقترح كانت إما خطأ غير مقصود حيث تحدث الوزير الأول عن قائمة في رموز الفساد قاصدا بذلك المناشدين أو أراد التفصي من المحاسبة ورمى بالكرة للهيئة على اعتبار أنه في الحكومة نفسها من يعتبر من رموز الفساد إذن لا بد للحكومة من محاسبة نفسها أولا..». تفعيل الدعوة كما قالت عضو الهيئة العليا «.. إذا كنا نرى البادرة رغم سلبياتها مبادرة طيبة لأن الوزير الأول كشف عن رأيه في امكانية محاسبة رموز الفساد فإننا ننتظر منه تفعيل هذه الدعوة إلى تحديد قائمة لرموز الفساد ومحاسبتهم وفي رأيي للهيئة من المصداقية ما يمكنها من تفعيل هذه المبادرة لذلك لا بد من نص رسمي يشرّع وضع القائمة..». أحزاب «الشتات» لكن، هل يمكن صدور مرسوم الهيئة العليا من تحديد قائمة المورطين في الفساد ورموزه في أسابيع معدودة قبل انتخابات التأسيسي، تقول عضو الهيئة العليا س.. في رأينا تحديد القائمة لا يجب أن ينتهي يوم 23 أكتوبر ولذلك لتحقيق العدالة ما بعد الانتخابات فتحديد هذه القائمات ضمانة لعدم اقتراب رموز الفساد للقائمات الانتخابية ومن يرى أن الهيئة غير قادرة على ذلك فإن في ذلك تستّرا على رموز الفساد خلال الانتخابات لذلك دعونا كحزب لمحاسبة رموز الفساد رغم تهرّب أحزاب عديدة من الدعوة لمحاسبة هؤلاء الرموز بل أسرعت هذه الأحزاب «التجمع» حتى أصبحت تسمى أحزاب الشتات..». مصطفى عبد الجليل الشجاع لا وجود لنص مرسوم ينظم العملية، فالوزير الأول قدم مقترحا لم تستسغه أطراف عديدة في الهيئة العليا ومنها خاصة مختار الطريفي عضو الهيئة وكذلك رئيس الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي قال «.. لست مع المقترح وهذا الأمر ليس من مهام الهيئة بل يعود إلى الحكومة والإدارة لأنه بحوزتها الوثائق كما أن العملية ككل سياسية لذلك هل إن الحكومة قادرة على محسابة نفسها من خلال ماهو متوفر لديها أو بحوزتها وصراحة لقد أعجبني موقف رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل الذي قال حرفيا أنه يضع نفسه على ذمة القضاء لمحاسبته على الأعوام الأربعة التي قضاها في نظام القذافي بينما عندنا نحن لا يوجد مسؤول واحد قدم نفسه للمحاسبة على المسؤوليات التي تحمّلها في النظام السابق..». أين قانون الأحزاب؟ ويضيف الطريفي قائلا «.. بالفعل لا أحد اعتذر للشعب التونسي من الذين عملوا في النظام السابق أو أعلن مسؤوليته وقدم نفسه للمحاسبة فالجميع يتبرأ من المسؤولية السياسية وكأن بن علي كان لوحده يتحمل المسؤولية.. من جهة أخرى الحكومة وحدها تعرف من كانوا يتحملون مسؤوليات في السابق ولهم علاقة بالفساد ورموزه وبالتالي فإن إحالة مهمة إعداد القائمة للهيئة هو تخلص من المسؤولية لإلهاء الشارع بالهيئة العليا.. وفي هذا الإطار أتساءل، أين قانون الأحزاب الذي صادقنا عليه منذ أكثر من شهر، الحكومة لم تقدم لنا ولو مجرد رأي أورد حوله.. يبدو أن الهيئة تصادق على القوانين وغيرها من المشاريع والحكومة لا تجيب فكيف إذن تعهد لنا مهمة إعداد قائمة المورطين في الفساد؟». والثابت أن العديد من الأعضاء يرفضون المقترح حتى لا يتطوّر غضب الشارع السياسي من الهيئة خاصة أن عديد الأطراف ألقت عليها باللائمة في شتى المسائل بينما اعتبرها آخرون جهاز تنفيذ لدى الحكومة…
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
اتحاد الشغل وهيئة المحامين والأحزاب حاولت ركوب التحركات
تونس (الشروق) اتهم عدد من الشباب الذين شاركوا في اعتصامات القصبة 1 والقصبة 2 «محاولات عدد من الأحزاب وقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل وهيئة المحامين، الركوب على نضالات الشباب لاسقاط بقايا نظام بن علي في الأسابيع التي لحقت فرار بن علي». وشدد هؤلاء الشباب على أنهم «لن يسمحوا بتزوير التاريخ، ولن يتركوا المجال مفتوحا أمام الراكبين على نضالات الشباب المهمش». ولم يكن لقاء العادة بمؤسسة التميمي، الذي انتظم أمس هادئا، فلم يكن محاضرة معرفية أو علمية ولا وجهة نظر يدافع عنها أصحابها بل كانت «شهادات» لشباب صنعوا جزءا حاسما من الثورة التونسية. شهادات لاحداث وتفاصيل محددة في الثورة التونسية ولكن غامضة، يحيط بها الجدل طالما تساءل المتابعون والمهتمون كما الرأي العام «عن خلفياتها، محركاتها، تفاصيلها والعقل المدبر للقصبة 1 والقصبة 2». عفوية بعد فرار المخلوع مباشرة، لم تهدأ الأنفس ولم تنته الثورة، فقد كان بقاء عدد من رموز النظام السابق في السلطة، مثل أحمد فريعة على رأس وزارة الداخلية ومحمد الغنوشي وزيرا أول، سببا مباشرا في تواصل الغليان وغضب الشارع. وكانت الحركات الاحتجاجية متواصلة خاصة في الجهات، وبدأت المطالبة بعزل الولاة وطردهم، ومع تطور بعض الأحداث ومحاولة تسويق صورة لماعة وشفافة لحكومة محمد الغنوشي من قبل عدد من الاطراف، بدأت الاحتجاجات تظهر، وشملت عديد المواقع، من شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، الجهات ثم بدأت تنتشر كلمة «اعتصام» بين المحتجين: أي احتلال مكان ما يرمز إلى السياسة التي يحتج عليها المعتصمون، ثم تقرر الاعتصام في القصبة كما أكد ذلك مقداد الماجري وهو (رجل إعلام ومختص في الرياضيات) المشاركين في اعتصام القصبة 1 و2. ليواصل قوله «الاعتصام لم ينطلق من القصبة، فليلة 22 جانفي التي سبقت اعتصام القصبة 1 بيوم اعتصم عدد من المحتجين بشارع الحبيب بورقيبة ويوم انطلاق القصبة 1، وقع الاختيار على ساحة القصبة، لأنها ساحة الحكومة أي رموز النظام وكان الشعار المركزي هو «الشعب يريد اسقاط النظام». واعتبر الماجري «أن القصبة 1 هي مبادرة عفوية تلقائية هيّئ للبعض أنّ وراءها جهة ما. وأضاف «كنت قبل ذلك بـ3 أيام صنعت خيمة بمساعدة صديقي «الحداد» ونصبتها بالقصبة يوم 23 جانفي والخيمة «أوجدت رمزية الاعتصام». وقد كنت أنقل أولا بأول أخبار القصبة 1 إلى الاعلام خاصة الأجنبي، فالاعلام التونسي كان متواطئا ولم يذكر أي تفصيل على ما حدث بالقصبة 1 وعملي كان تلقائيا. وقد روعنا الأمن وعانى المعتصمون كثيرا وتعرض عدد منهم للاختطاف وخذلتنا جميع مؤسسات المجتمع المدني. وكان يوم 28 جانفي يوما عاش فيه المعتصمون حالة ارتباك وذعر كبيرين ولم يتمكن المعتصمون من اصطفاء ممثلين عنهم، وتكلم باسمهم فتحي العيوني عن الهيئة الوطنية للمحامين ومختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان. من ناحية أخرى حضر عديد الشباب الذين أتوا من الجهات الداخلية خاصة من معتمدية بوزيان هذا اللقاء وأكدوا أن القصبة1، كان تحركا عفويا قرّره شباب منزل بوزيان واعتبروا أن فرار بن علي لا يعني شيئا أمام مطالبهم في اسقاط النظام، لذلك قرروا في مقهى الانترنت السفر الى العاصمة واستكمال مهام ثورتهم». واعتبر عدد منهم أن الاتحاد العام التونسي للشغل وأيضا هيئة المحامين لم يتبنوا مطالب المعتصمين، بل عملوا على أن تكون المطالب اصلاحية. وشدّد الشباب على «أن مطالبهم كانت ثورية واعترض عدد منهم على شهادة الماجري معتبرين أنها جانبت الحقيقة». محاولات ركوب في تقديم شهادته اعتبر عبد الخالق بوعقة وهو مهندس فلاحي كان المشرف العام على لجنة التموين لحركة القصبة 2 أن ردود الفعل العنيفة التي تعرض له المعتصمون من قبل قوات الأمن والاجتياح القوي للاعتصام الأول ولّد حركة احتجاجية توزعت في كامل تراب الجمهورية طالب من خلالها المحتجون عزل الولاة التجمعيين وحل حزب التجمع كما ظهرت حلقات النقاش في عدد من المدن على غرار ما شهده شارع الحبيب بورقيبة في تلك الفترة، وكان التأطير للعودة الىالقصبة عفويا وشهدت (الاحتجاجات) تطورا في سقف المطالب التي رفعتها لتتحول إلى «الشعب يريد إسقاط الحكومة، يريد إسقاط النظام، يريد مجلسا تأسيسيا يريد حل التجمع، حل مجلسي النواب والمستشارين، حرية الصحافة، استقلالية القضاء… وكانت الانطلاقة من دعوات متكررة ومتفرقة وانطلقت القصبة2 من تجمع المحتجين في شارع الحبيب بورقيبة يوم 20 فيفري ثم تحولهم إلى ساحة القصبة. القصبة 2 حسب عبد الخالق بوعقة لم تشمل أبناء الجهات فقط وإنما كان حضور أبناء العاصمة كبيرا فيها، وكان هذا التحرّك ناضجا مقارنة بالقصبة1 وكان التنظيم محكما وشهد محاولات عدة للركوب على التحرّك الشعبي من قبل عدد من الأحزاب والمنظمات غير أن الشباب قاومها وتكونت لجنة نظام شملت 80 عنصرا وتم بعث إذاعة داخلية وحضرت فرق موسيقية هذا التحرك مثل فرقتي الكرامة والبحث الموسيقي بقابس كما كان التحرّك سلميا بل لم تشهد أي وزارة خلعا لأحد أبوابها ولاتهشيما لإحدى نوافذها ولم تشهد البركة أي أعمال نهب ولا فوضى، رغم التسويق الاعلامي». من ناحيته اعتبر الطيب بوعايشة وهو يعلق على الشهادتين الرئيسيتين اللتين ألقاهما كل من «مقداد الماجري وعبد الخالق بوعقة» معتبرا ان «القصبة 1» شهدت تجاذبات سياسية كبيرة، وحضرت محاولات استثمار هذا الاحتجاج الشعبي بقوة، وكانت هذه القوى تريد استغلال أهداف الثورة وتحويل وجهتها خدمة للمصالح الضيقة». اختلاف اللقاء الذي شهدته مؤسسة التميمي، والذي فتح فيه عبد الجليل التميمي الباب أمام عدد من الفاعلين والمسيرين لاعتصامي القصبة 1 و2، لاستعراض شهاداتهم «للتوقف عند ظاهرة اعتصامي القصبة 1 و2 بالتحليل المعمق لابعادهما الجغراسياسية والاجتماعية، يبدو لم تكف بالغرض، اذ أن «الشهادتين المقدمتين من قبل كل من مقداد الماجري وعبد الخالق بوعقة، لم تكن محل رضا من قبل عدد من شباب الجهات الداخلية الذين كانوا فاعلين في اعتصامي القصبة الاول والثاني، بل اعتبر عدد منهم هذه الشهادات منقوصة جدا، ولا تصور الحقيقة كما هي، بل ابعد من ذلك وصل الأمر بعدد من الشباب الى اعتبار أن «هناك محاولات للركوب على الثورة ومحاولات من عدد من الاشخاص تقديم أنفسهم أبطالا». وشدد عدد منهم على أنه وثق جيدا لهذه الاحداث، وتفاعل الاستاذ عبد الجليل التميمي معهم وأكد أنه سيفتح لهم أبواب المؤسسة في لقاءات أخرى لعرض شهادات أخرى تتعلق بهذه الظاهرة والاحداث المؤثرة في مآل الثورة التونسية».
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
شهدت العديد من الأحزاب السياسية التونسية تحركات هامة فمنها التي جابت مختلف ولايات الجمهورية و منها التي أصدرت بيانات والأخرى التي عقدت اجتماعات ومقابلات بهدف تبليغ أهدافها وترويجها لكسب عدد اكبر من المؤيدين. ومن خلال ذلك أكد احمد نجيب الشابي احد مؤسسي الحزب الديمقراطي التقدمي استعداد حزبه الدخول في ائتلاف مع القوى الديمقراطية والإمضاء على برنامج مشترك معها في إطار تحالف لتحقيق الأهداف المشتركة وإرساء مجتمع حداثي معتدل . واقر الشابي لدى إشرافه يوم السبت على افتتاح فرع الحزب بسكرة من ولاية أريانة بوجود منافسة قوية لحزبه من قبل حركة النهضة التي قال أنها « تسعى الى فرض تصور خاص للمرحلة السياسية المقبلة فيه تهديد للحريات واحتكار للدين « . ودعا كافة الأحزاب الديمقراطية والقوى الحداثية في البلاد إلى المشاركة بفاعلية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي للمحافظة على المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية الحداثية لتونس وبناء الديمقراطية الحقيقية . من جهتها اعتبرت الأمينة العامة للحزب مية الجريبي أن « أعداء الثورة والحريات لن يجدوا مكانا لهم في الخارطة السياسية الجديدة » إذا ما توفرت العزيمة الصادقة على إنجاح الاستحقاق الانتخابي المقبل وتفعيل كل المبادرات الحداثية وتشريك المرأة والشباب في الشأن السياسي . من جهة أخرى دعا الحزب الاجتماعي التحرري إلى « فتح تحقيق رسمي حول مصادر المال السياسي الذي ساد الساحة السياسية بعد 14 جانفي 2011″، مؤكدا على ضرورة توفير شروط التنافس السياسي النزيه والعادل بين كل الأحزاب . كما أكد الحزب، في بيان أصدره يوم السبت، دعمه الكامل للمقترح المتعلق بإجراء استفتاء مواز لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي حول تحديد صلاحياته ومدة عمله . كما جدد الحزب الاجتماعي التحرري تأكيده على أن الساحة الوطنية تقتضي اليوم أكثر من أي وقت مضى « تجويد مناخ الاستثمار وتوفير شروط الثقة في مستوى الحياة الاقتصادية لانقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار « . ومن ناحية أخرى أفاد مؤسس حزب قوى 14 جافي وحيد ذياب ان لقائه صباح السبت بالقصبة بالوزير الأول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي تطرق إلى « وثيقة المصالحة التي صاغها الحزب بين المواطن والأمن » . وأكد في تصريح للصحافة عقب اللقاء على ضرورة تضافر جهود الأحزاب والمجتمع المدني من اجل بناء تونس ومن اجل تحقيق أهداف الثورة في الحق والمصالحة الشاملة والعدالة والسلم الاجتماعيين . وبين من جهة أخرى انه اقترح على الوزير الأول إمكانية التمديد في فترة تقديم قائمات الترشح الى انتخابات المجلس الوطني التاسيسي باعتبارها « مدة غير كافية « . كما بين الكاتب العام لحزب العدالة الاجتماعي الديمقراطي أمين المناعي أن « المواطن التونسي لا تهمه الشعارات ولا الإيديولوجيات بقدر ما تهمه المسائل الحياتية على غرار السكن والشغل والتعليم والصحة والنقل والترفيه « . وصرح للصحافة عقب لقائه صباح السبت في القصبة بالوزير الأول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسى أن اللقاء تطرق إلى ملفات اجتماعية منها إمكانية النظر في تكوين « صندوق وطني لضحايا الثورة سواء من عائلات الشهداء أو الجرحى الذين يوجد عدد منهم حاليا في وضعية صحية ومادية حرجة قصد تمكنيهم بالخصوص من منحة شهرية « . واقترح في هذا الصدد أن يتم تمويل الصندوق من مساهمات المجتمع المدني والأحزاب والجمعيات مضيفا أن الحزب سينظم قريبا حملة تحسيسية لضحايا الثورة تحت شعار « مانسيناش « . وأشار إلى أن اللقاء كان مناسبة كذلك للحديث عن ديون تونس الخارجية مبينا أن الحكومة الانتقالية « تصر على الإيفاء بتعهدات نظام الرئيس السابق رغم شرعية مطلب تعليق تسديد الدين « . كذلك استقبل الوزير الأول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي صباح السبت وفدا من التالف الجمهوري يضم بالخصوص المنسق العام للتالف ومديره التنفيذي والناطق الرسمي باسمه . وفي تصريح أدلى به للصحافة عقب اللقاء أفاد المنذر بلحاج علي الناطق الرسمي باسم التآلف أن المحادثة تناولت جملة من المواضيع المتعلقة بالخصوص باقتراح تنظيم استفتاء بالتوازي مع انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وإحداث المجلس الوطني للأحزاب السياسية كآلية للحوار وتبادل الآراء بين الأحزاب . وأضاف انه تم التأكيد كذلك على ضرورة إنجاح المحطة الانتخابية القادمة في موعدها بالإضافة إلى الوقوف على تداعيات المرحلة الراهنة على الحياة العامة في البلاد . وبين انه سوف يتم تعميق النقاش حول هذه المواضيع بالتعاون مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية المنضوية تحت التآلف الجمهوري .
رحمة الشارني (المصدر: موقع المصدرالإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 29 أوت 2011)
<
مختار البدري (*) استلمت السفارة التونسية بالدوحة رسالة رسمية من وزارة الخارجية التونسية تُخطرها بأنّ قرارا حكوميا صدر يقضي بنقل ارتباط المدرسة التونسية بالدوحة من المنظمة التونسية للتربية والأسرة إلى وزارة التربية. وطالبت الرسالةُ الموجزةُ السفارةَ التونسية بالاتّصال بالجهات القطرية المعنية لإعلامها بالقرار والقيام بالإجراءات الإدارية اللازمة لتنفيذه. ويضع هذا القرار حدّا لعلاقة ربطت المدرسة بمنظمة التربية والأسرة، وسببت توترا في العلاقة مع الجالية وأولياء الأمور ظل يتصاعد حتى أخذ شكل تجمّعات احتجاجية، وعرائض، ورسائل واتّصالات، كلها تطالب بإبعاد المنظّمة لما ارتبط بها من مظاهر فساد إداري ومالي وسياسي في تونس، ولسوء الإدارة الّذي أضحت عليه مدرستهم في الدوحة منذ سنة 2004. وقد أفاد الدكتور كمال بن عمارة رئيس مجلس الجالية التونسية الّذي التقى القائم بالأعمال في السفارة التونسية السيد عبدالكريم الهرمي أن السفارة التونسية باشرت بإعداد المراسلات الإدارية التنفيذية في هذا الصدد. هذا وقد جاء القرار الحكومي استجابة لسلسلة من الاتّصالات والنضالات والرسائل قام بها المجلس ممثلا للجالية التونسية. فقد كلّف المجلس لجنته التربوية بإعداد دراسة تقييمية لعلاقة المدرسة بمنظمة التربية والأسرة وتقديم المقترحات المناسبة التي تفضي لها الدراسة. وانبثقت عن تلك المدارسة التي استشارت فيها اللجنة معلّمين في المدرسة، وأولياء أمور، إلى التوصية بضرورة قطع العلاقة مع منظمة التربية والأسرة وربط المدرسة التونسية في الدوحة مباشرة بوزارة التربية، عبر مجلس إدارة منتخب وذي صلاحيات حقيقية في الإشراف العام على المدرسة ومتابعة إدارتها. وتُرجمت تلك التوصية في شكل مراسلات واتصالات وتحرّكات احتجاجية. فعلى مستوى المراسلات كاتب الدكتور كمال بن عمارة رئيس مجلس الجالية وزارة التربية في تونس، ووزارة الخارجية والمنظمة التونسية للتربية والأسرة لتوصيف الحالة الراهنة ورفع مطالب المجلس المذكورة. كما اتّصلت لجنة ثلاثية مكوّنة من رئيس مجلس الجالية د. كمال بن عمارة، ورئيس مكتبها التنفيذي المهندس مسعود جبارة، ورئيس اللجنة التربوية الأستاذ مختار بدري بالمتفقّد العام للتعليم الأستاذ نجيب عبد المولى الّذي زار المدرسة أواخر العام الماضي، فعرضوا عليه تفاصيل المشاكل التي تعاني منها المدرسة ورفعوا له طلبات الجالية بخصوصها. وتقابل وفد مكوَّن من رئيس المجلس ورئيس المكتب التنفيذي للجالية مع معالي وزير التشغيل السيد سعيد العايدي عند زيارته للدوحة في شهر يونيو الماضي وتقدّموا له بنفس المطالب. وأثناء الإجازة الصيفية تابع رئيس مجلس الجالية عرض الموضوع في اتصالات أجراها مع كل من وزير التربية والناطق باسم الحكومة المؤقتة السيد الطيب البكوش، ووزير التخطيط والتعاون الدولي السيد عبدالحميد التريكي، ووزير الطاقة السيد عبد العزيز الرصاع. كما نسّق عضوا لجنة المدرسة والشؤون التربوية المنبثقة عن مجلس الجالية السيدان صالح المانع ومحمّد عبد العزيز وقفة احتجاجية في تونس شارك فيها أفراد من الجالية التونسية بقطر مع جموع من النقابيين والعمّال التونسيين الغاضبين على أداء قيادة المنظمة التونسية للتربية والأسرة، وشرحوا فيها للرّأي العام التونسي وللجهات الإدارية ذات الصلة أزمة المدرسة التونسية وسبل الخروج منها. يأتي القرار الحكومي تتويجاً لتلك الجهود، واستجابة لمطلب تقف وراءه قاعدة عريضة من المربين وأولياء الأمور من المنتسبين للمدرسة التونسية بالدوحة ولعموم الجالية التونسية. ولئن فتح القرار الحكومي الباب أمام إصلاح الوضع ومعالجة المشاكل العالقة فإن إجراءاته التنفيذية هي الّتي ستوضّح المدى الّذي سيصله في تلبية المطالب المرفوعة وإقناع الجالية التونسية التي طال انتظارها له. فالمطلوب العاجل هو أن يتمّ تغيير المنسّق العام الحالي للمدرسة بطريقة إدارية سلسة يتمّ فيها الاستلام والتسلّم إثر تدقيق محايد ومتخصّص على المرحلة التي انقطعت فيها تقارير الإدارة عن أولياء أمور الطلاب المموّلين الحقيقيين للمدرسة، وهي فترة تمتد من سنة 2004 إلى 2011. كما تطالب الجالية بانتخاب مجلس إدارة حقيقي يُعطَى كامل الصلاحيات في الإشراف العام على سير أمور المدرسة وفقاً لما تنصّ عليه اللوائح الإدارية المنظمة لعلاقة الإدارة التنفيذية المُعيَّنة بمجالس الإشراف المنتَخَبة. كما ينتظر أولياء الأمور والمربّون انتخابَ مجلس أولياء يشارك مع الإدارة في التنشيط الثقافي والاجتماعي لأسرة المدرسة التربوية، ويوثّق صلتها بمحيطها المجتمعي التونسي والقطري. وتتطلّع الجالية التونسية وهي تتابع أصداء ثورة شعبنا العظيمة الّتي قامت لتقطع دابر الفساد والمفسدين، ولتضع حدّا نهائيا للاستبداد والتسلّط.. تتطلّع إلى تأسيس علاقات إدارية قوامها الشفافية، ونظافة اليد، والانفتاح على جميع الطاقات التونسية في قطر من مهندسين، ومربين، وأساتذة جامعيين، وإعلاميين، وكثير ما هم.. للإفادة من طاقاتهم وإبداعاتهم وتوظيف علاقاتهم باتّجاه تطوير مدرستنا لتكون شامة متألّقة بين نظيراتها تشهد لتطوّر مستوى التعليم الّذي تفخر به بلادنا.
(*) عضو مجلس الجالية التونسية رئيس لجنة الشؤون التربوية
<
في مساجدنا المصلون ينقسمون إلى شقين.. ويوسف الصديق يكفر الإسلام السياسي
تحولت المساجد في فترة ما بعد 14 جانفي الى فضاء مفتوح للنقاش، ومجلسا للخطباء والأئمة لإلقاء دروس دينية حرم منها المصلون لسنوات حتى إن الفتوى التي لطالما بحث عنها التونسي في مسائل حياتية هامة قد كانت غائبة بل انها انحصرت في جهة واحدة مخول لها الافتاء. وفي ظل غياب المعلومة والفتوى التجأ كثيرون الى القنوات الدينية والى فتاوى علماء دين من الخليج تحديدا من السعودية . وبسبب غياب ثقافة قبول الراي المخالف وادبيات الحوار والتعصب الى فتوى عالم دين دون غيره في مسالة معينة ، توترت العلاقة بين الحركات الإسلامية في بلادنا وقد طفت على السطح مؤخرا العديد من الأخبار التي تحدثت عن تحول مساجد الى ساحة لتبادل العنف بين الفرقاء في الفكر والتوجه. وفي ظل هذا الوضع اختلف كثيرون حول الجدوى من اعتماد فتاوى من خارج تونس لتطرح في الأثناء عديد التساؤلات حول تداعياتها واسباب اللجوء اليها وكيفية غربلتها. «الأسبوعي» سألت أهل الذكر فكانت أراؤهم متباينة . السعودية ليست تونس من جهته يقول الدكتور كمال عمران:»نعيش منذ اغلاق المدرسة الزيتونية بجامع الزيتونة لم يعد لدينا علماء دين ثقاة في الشريعة في ظل فترة الفراغ التي شهدناها منذ عقود وهو ما فتح الباب على مصراعيه امام الفتاوى القادمة من خارج تونس ، لكن هذا الوضع لا يعني انه لا نتمسك بالمذهب المالكي لأن المذهب الحنبلي بالسعودية له اوضاعه وظروفه التي تنبني عليها الفتاوى كما ان السعودية ليست تونس فظروف العيش والمعاملات وثقافة الشعبين ليست نفسها بل انها مختلفة. نحن الآن امام ضرورة تكوين جيل من العلماء لان الاختلاف بين الفرق (من سلفية وسلفية جهادية ودعوة وتبليغ وصوفية وغيرها..) المتواجدة في بلدنا والتي بلغت في بعض الأحيان العنف الجسدي يستوجب الدعوة الى الوسطية والاعتدال لان العنف والإسلام عدوان لا يجتمعان واذا تميز فرد بالعنف فلا إسلام لديه. عموما ان فرض الفتاوى بالعنف يخرج أهله عن حقيقة الإسلام السمحاء وهو ما لا نريد ان نصله في تونس.» العنف.. اعلان حرب افتراضية من جهته يرى الاستاذ يوسف الصديق ان الفتوى راي وليست بامر وهو راي غير ملزم والوحيد الذي يعد افتاؤه ملزما هو الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال معلقا على سؤال حول موقفه من الصراعات وحالات تبادل العنف التي شهدتها بعض المساجد والتي كان أغلبها بسبب اختلاف في الفكر بين الحركات الاسلامية :»اعتقد ان ما قيل حول العنف الذي شهدته عدة مساجد ينبئ باعلان حرب اهلية افتراضية واقعة بين بعض التيارات الاسلامية , ومثلما نتصدى وبكل قوة للامراض الخطيرة والمزمنة فانه علينا ان نتصدى لهؤلاء ولهذا الوضع.» ويتابع الصديق قائلا:»عندما كنت في فرنسا قلت في برنامج اذاعي على امواج محطة اذاعية فرنسية ان الإسلام لائكي منذ البداية لأنه ليس لدينا من يحكم فينا الا الرب. وبعد سماعه لتصريحي قام رافاران بدعوتي ليفهم ما قلته وهو ما بينته له. اعتقد ان الذين يسعون الى تسييس الإسلام كلهم كفار لانهم يريدون بذلك عصيان ما جاء به الاسلام .» وعند سؤاله عن الحل الذي يمكن من خلاله غربلة الفتاوى الوافدة علينا من الخليج قال محدثنا:» الحل في جهاد كل باحث يسعى بالقوة الى ان يفرض علينا فتوى غريبة بالكلمة واللسان. وللتذكير فإني قدمت مؤخرا في الحمامات محاضرة حول جهاد المخالفين والمعتدين بالكلمة واللسان لكنها انتهت على فوضى واعتداءات وعنف بين الحاضرين وقد تعرضت فيها للسب من قبل أحد الحاضرين حول ما قلته والذي لا يتماشى وتوجهاته.» جمال الفرشيشي
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
بطولة امم افريقيا المنتخب التونسي يتوج قاريا بامتياز ويضمن تواجده مع عمالقة اللعبة في اولمبياد لندن
أزاح المنتخب التونسي لكرة السلة نظيره الانغولي من زعامة كرة السلة القارية بعد سيطرة تواصلت لسنوات عدة /حامل اللقب في الدورات الست الأخيرة/ عقب فوزه الباهر عليه بنتيجة 67 /56 اليوم الأحد في نهائي بطولة أمم إفريقيا لكرة السلة التي احتضنتها العاصمة الملغاشية انتناناريفو. ومكن هذا الانجاز الإفريقي الأول من نوعه أبناء المدرب عادل التلاتلي من ضمان مكانهم مع عمالقة اللعبة في اولمبياد لندن .2012 ودخل المنتخب التونسي المباراة بقوة فارضا سيطرته الميدانية الواضحة على حامل اللقب بما ساعده على تعميق الفارق شيئا فشيئا من 5/3 ف 10/6 ثم 11/7/. وتواصلت نجاعة لاعبي المنتخب التونسي لا سيما عبر التسديدات من فئة الثلاث نقاط عن طريق أيمن رزيق أفضل مسجل في الشوط الأول ب14 نقطة منها ثلاث رميات من فئة 3 نقاط ومحمد حديدان /6 نقاط من تسديدتين من فئة ثلاث نقاط/ ومروان كشريد /10 نقاط منها تسديدة واحدة من فئة ثلاث نقاط/. وعلاوة على النجاعة الهجومية فان الصلابة الدفاعية كانت حاضرة خلال الشوط الأول بقيادة العملاق صالح الماجري الذي فرض سلطانه تحت السلة ومنع لاعبي المنتخب المنافس من التسجيل بطريقة رائعة بما ساعد أبناء المدرب عادل التلاتلي على إنهاء الفترة الأولى بفارق 11 نقطة وهو نفس الفارق الذي انتهى عليه الشوط الأول من المباراة /40/29/. ولم يقدر المنتخب الانغولي على التقليص من الفارق الذي يفصله عن نظيره التونسي مثلما كان الأمر في الدور نصف النهائي أمام نظيره النيجيري بل إن زملاء مروان كشريد توصلوا إلى إنهاء الفترة الثالثة بفارق 13 نقطة 54/41 . ورغم الإرهاق الذي لاح على لاعبي المنتخب التونسي بسبب المجهودات الكبيرة التي بذلوها على امتداد المباراة فان المنتخب الانغولي عجز عن تدارك تأخره في الفترة الرابعة والأخيرة بل إن مروان كشريد أفضل مسجل في الدور النهائي /21 نقطة/ نجح في إبقاء نفس الفارق 59/46 في الفترة الأخيرة بما مكن زملاؤه من مواصلة لعب الدقائق الأخيرة بأسبقية مريحة والسير بكل ثقة في النفس نحو تحقيق انجاز تاريخي يتمثل في إحراز اللقب القاري والتأهل إلى اولمبياد لندن2012/ وهو ما تم في الختام بعد انتهاء المباراة بفارق 11 نقطة /67/56/. وتأكد امتياز المنتخب التونسي في هذه البطولة باختيار صالح الماجري أفضل لاعب في الدورة إلى جانب اختيار ثلاثة لاعبين تونسيين ضمن المنتخب الإفريقي هم مروان كشريد ومكرم بن رمضان وصالح الماجري إلى جانب الانغولي كارلوس مواريس والنيجيري اوبانغو. ويذكر أن المنتخب التونسي كان تحصل في الدورة السابقة في ليبيا على المرتبة الثالثة.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
ليبيا مصدر: لجنة حماية الصحفيين 26 أغسطس 2011 ستة صحفيين ما زالوا مفقودين
(لجنة حماية الصحفيين /آيفكس) – نيويورك، 25 آب/أغسطس 2011 – تعرب لجنة حماية الصحفيين عن ترحيبها بالإفراج عن الصحفيين الإيطاليين الأربعة الذين اختطفوا يوم الأربعاء، ولكنها تظل منشغلة بشأن سلامة ما لا يقل عن ستة صحفيين ليبيين فقدوا منذ بداية الانتفاضة الليبية في شباط/فبراير. ولا يزال مكان الصحفيين الليبيين الستة الذين ظلوا مفقودين خلال الأشهر الستة الماضية مجهولاً. وقد احتُجز اثنان منهما في أواخر شباط/فبراير، وما يزال مصيرهما مجهولاً. وقال روبرت ماهوني، نائب مدير لجنة حماية الصحفيين، « إن الأحداث التي جرت خلال الأسبوع الماضي تظهر كم يظل الوضع في ليبيا خطرا لجميع الصحفيين. نحن نأمل بأن تتوقف جميع العمليات القتالية، وأن يتوضح مكان وجود الصحفيين الليبيين الذين ما زالوا مفقودين ». اختفى الصحفي عاطف الأطرش، وهو ينشر في وسائل إعلام محلية في بنغازي، في 17 شباط/فبراير بعد أن تحدث على الهواء عبر قناة ‘الجزيرة’. كما تم الإبلاغ عن اختفاء محمد السهيم، وهو مدون وكاتب سياسي ناقد، ومحمد الأمين، وهو رسام كاريكاتير، وإدريس المسمار، وهو كاتب ورئيس تحرير المجلة الثقافية الشهرية ‘عراجين’. كما احتجزت السلطات في أواخر شباط/فبراير صحفيتين من طرابلس، وهما سلمى الشعاب، نقيبة الصحفيين الليبيين، وسعاد الطرابلسي، مراسلة صحيفة ‘الجماهيرية’ المؤيدة للحكومة، ولكن لم ترد عنهما أية أخبار منذ احتجازهما. وما تزال أماكن وجود الصحفيين الستة مجهولة حتى الآن. وتم الإفراج عن الصحفيين الإيطاليين الأربعة الذين اختطفوا في يوم الأربعاء بعد مداهمة الشقة السكنية التي كانوا محتجزين فيها، حسبما أوردت إذاعة ‘بي بي سي’. إلا أن السائق الذي كان يرافقهم قتل أثناء عملية الاختطاف، حسبما أوردت تقارير الأنباء. وقد قام بعملية الاختطاف عناصر من القوات الموالية للقذافي، حسبما أوردت الصحيفة الإيطالية ‘كورير ديلا سيرا’. تم تحرير الصحفي الأمريكي ماثيو فاندايك الذي كان مفقودا في ليبيا منذ 13 آذار/مارس، وذلك على أثر سيطرة قوات الثوار على سجن أبو سالم وقيامهم بتحرير عدد من السجناء في يوم الأربعاء. وأفادت والدة الصحفي للجنة حماية الصحفيين إنه كان محتجزا في زنزانة انفرادية معظم فترة سجنه. وفي 11 آب/أغسطس، تعرضت الصحفية الأسترالية المستقلة تريسي شيلتون لاعتداء وحشي من قبل رجلين مسلحين في فندق في بنغازي، وقد فرت الصحفية من خلال القفز إلى شرفة مبنى مجاور. وهي تتماثل للشفاء حالياً في فندق آخر في بنغازي وتحت حراسة الثوار. وفي يوم الأربعاء، أصيب صحفيان بجراح إثر إصابتهما بعيارات نارية في طرابلس بينما كانا يغطيان القتال حول مقر القذافي في باب العزيزية، حسبما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية. فقد أصيب المصور الصحفي الفرنسي برونو جيرودو برصاصة، وهو يعمل مع القناة الفرنسية التلفزيونية الثانية، كما أصيب المصور ألفارو كانوفا الذي يعمل في صحيفة ‘باريس ماتش’ برصاصة في فخذه. وقد نُقل الصحفيان إلى المستشفى في يوم الأربعاء حيث يتماثلان للشفاء.
مزيد من المعلومات: لجنة حماية الصحفيين 330 7th Ave., 11th Floor New York, NY 10001 USA info (@) cpj.org تليفون: +1 212 465 1004 فاكس: +1 212 465 9568 http://www.cpj.org
<
ياسر الزعاترة
انتشر على مواقع الإنترنت مقطع فيديو يصور عددا من الجنود السوريين يضربون رجلا مكبلا ويطلبون إليه ترديد عبارة « لا إله إلا بشار »، وتارة « لا إله إلا ماهر »، فيما لا يجد المسكين تحت وابل الضرب والإهانة سوى الاستجابة لطلبات الجنود مرددا ما يطلبون منه على أمل أن يخلوا سبيله، لكنهم يعتقلونه في نهاية المطاف. سنعود إلى قصة الطائفية في هذه السطور مضطرين، ذلك أن من المستحيل أن يكون الجنود الذي فعلوا ذلك من أهل السنّة، لاسيما أن الكتائب التي يقودها ماهر الأسد قد باتت من طائفة معينة هي طائفة أركان النظام، وبالطبع لأن الشكوك باتت تحوم حول التزام الطائفة الأكبر في البلاد (السنّة) بمبدأ الحفاظ على النظام، حتى لو سكت بعض أبنائها خوفا من الموت والاعتقال. نقول ذلك لأن التدين بات منتشرا بين أوساط الجنود السنّة، وهي ظاهرة موجودة منذ سنوات، لاسيما بعد تسامح النظام معها بعض الشيء، ومن المستحيل تبعا لذلك أن يتواطأ عدد من الجنود على فعل ينطوي على كفر بواح لا يقبل التأويل، حتى لو كانوا من غير المتدينين، بل حتى لو كانوا ممن يرتكبون الموبقات. خلال الشهرين الماضيين، وتبعا لحدوث حالات تمرد في أوساط القطاعات العسكرية، مالت القيادة السياسية والأمنية والعسكرية السورية، وبتخطيط مباشر من الإيرانيين إلى تشكيل كتائب من العلويين (ومن تشيّع منهم) ألأقي على عاتقها تنفيذ المهمات الكبيرة والقذرة في آن، أعني اقتحام المدن والتنكيل بالأهالي واعتقال الناس وتعذيبهم، فضلا عن إطلاق الرصاص عليهم، ومثل هذه الكتائب هي التي يخرج من بين صفوفها أمثال أولئك الذي طالبوا الرجل بتأليه بشار وماهر الأسد. من المؤكد أن مثل هذه الممارسات التي تلتقطها الكاميرات وتنشر على مواقع الإنترنت ستترك أثرا كبيرا على مواقف السوريين، بخاصة السنّة منهم، وفي مقدمتهم المتدينون من الناس، وهم قطاع عريض من دون شك، والأسوأ أنها ستعزز الحشد الطائفي في البلاد. صحيح أن هناك من بين صفوف الطائفية العلوية من خرجوا منددين بحشرهم بالكامل في مربع النظام، إلا أن واقع الحال لا زال يثبت أن غالبية الطائفة تقف في المربع المناهض للثورة، فيما يمنحها تردد قطاعات من السنّة فرصة تبرير موقفها على نحو مريح إلى حد ما. والحق أن المترددين في الالتحاق بالثورة من القطاعات الشعبية ليسو سواءً في المنطلقات، إذ ينطلق العلويون وبعض الدروز والمسيحيين من موقف أيديولوجي، يجري تعزيزه من خلال المخاوف من مصير سيء في حال نجاح الثورة على يد السلفيين والإرهابيين (يجري استدعاء نموذج العراق)، وهي مخاوف يعززها النظام بطريقته الخاصة، ووصل الحال حد ترويج مقولات لشباب الثورة تستفز هؤلاء، مع أنها غير صحيحة، ويكفي أن يقال لهم إن من شعارات الثورة على الجدران في درعا واحدا يقول « العلوي والدرزي للموت، والمسيحي عبيروت »، يكفي أن يحدث ذلك حتى ندرك طبيعة التحريض الطائفي الذي يمارسه النظام. أما السنّة المترددون في الالتحاق بالثورة فيفعلون ذلك خوفا من البطش، ولو توقف القتل لأيام لرأينا مظاهرات مليونية في سائر المدن السورية، وهو ما يدركه النظام تمام الإدراك. هنا يعتقد النظام أن تجييش ما يقرب من ربع السكان (علويون ودروز ومسيحيين) ضد الثورة يكفي لتحويل ميزان المعركة السياسية والأمنية والعسكرية لصالحه، إذ ليس ثمة نظام يملك مثل هذه الكتلة المؤيدة في العالم العربي (هذا ما يعتقده على الأقل)، ربما باستثناء الحالة البحرينية، تبعا لشعور السنّة الذين يشكلون ثلث السكان بحسب الإحصائيات المتداولة (هم يرفضونها ويقولون إنهم النصف) تبعا لشعورهم بخطر سيطرة الشيعة على البلد. على أن هذا النهج في التعاطي مع الأزمة سيترك أثرا بالغ الخطورة عليها، إذ قد يدفع قطاعا من الشبان الثائرين دفعا نحو الخيار المسلح، ومنهم عناصر الجيش المنشقين، وصولا إلى جرّ الوضع برمته نحو الحرب الأهلية (بروحية طائفية)، ونعلم أن الحروب الأهلية (ذات الطابع الديني والمذهبي) هي الأكثر عنفا ودموية، ما يعني أن آل الأسد ماضون نحو خيار شمشون (هدم المعبد على من فيه). لا حل في مواجهة ذلك سوى الإصرار على سلمية الثورة، وانخراط الجميع فيها، بخاصة السنّة والمؤمنين بالحرية من سائر الطوائف الأخرى، وذلك حتى يقتنع الآخرون بأن لا مجال لوأد الحراك الشعبي، وأن خيار النظام الوحيد هو الرحيل، الأمر الذي ينبغي أن يفضي إلى نظام تعددي يعلي من شأن المواطنة بعيدا عن الطائفية والمذهبية. الوضع إذن بالغ الخطورة، وعلى عقلاء الأقليات في سوريا أن يدركوا أن وضع بيضهم في سلة النظام سينقلب وبالا عليهم (على الجميع من حيث التضحيات والمعاناة)، لاسيما بعد أن ثبت عجز النظام عن وأد الحراك الشعبي وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. بقي أن نسأل الشيخ البوطي عن رأيه في الفيديو المشار إليه، وهل يستحق منه تنديدا من على منبره أم أنه مطمئن إلى أن السيد الرئيس « المؤمن » لا يقبل ذلك، وبالتالي لا يتحمل وزره؟!
(المصدر: البشير للأخبار بتاريخ 29 أوت 2011)
<
عبد النور بن عنتر يبدو من المشهد المتردي حاليا أن وضع العلاقات الجزائرية-الليبية هو نفسه بالأمس وفي الحال والمآل؛ كان متوترا أو غير مستقر في أحسن الأحوال في عهد القذافي، وشهد توترا طوال الأشهر الستة للانتفاضة الليبية المسلحة/التدخل الغربي-الأطلسي. وعلى هذا الأساس فقد تسير الأمور على المنوال نفسه ولكن ليس لنفس الأسباب. بيد أن التحليل المعمق يبين أن المرجح هو تطبيع العلاقات الثنائية في وقت ليس بطويل، رغم موقف الجزائر السلبي حيال الثوار واتهامات المجلس الانتقالي بدعمها لنظام القذافي. النظام الجزائري والثوار: الحياد السلبي الموقف الجزائري: حسابات الربح والخسارة المرحلة الجديدة: إشارات التقارب المستقبل: أولوية الاستقرار النظام الجزائري والثوار: الحياد السلبي يبدو من الوهلة الأولى أن الجزائر ستكون »الخاسر الأكبر » بعد سقوط نظام القذافي ليس لكون هذا الأخير حليفها ولكن لموقفها السلبي حيال الثوار من البداية حتى النهاية. فهي مُنتَقدة في الخارج (المجلس الانتقالي الليبي وبعض الأطراف الدولية) والداخل (أوساط سياسية، أكاديمية وصحفية). تنتقد أحزاب من المعارضة الموقف الرسمي حيال الأزمة الليبية وترى أن الجزائر ليست في منأى عما يحدث في سوريا، ليبيا واليمن، بينما تساند أحزاب معارضة أخرى الانتفاضة الليبية لكنها تنتقد التدخل الدولي. على عكس ذلك تدافع أحزاب السلطة وحلفاؤها على الموقف الرسمي وتقول بأن لكل بلد سياقه السياسي. والواضح أن الموقف الرسمي من الثورة الليبية مطية للصراع والتموقع تحسبا لما هو قادم (محليا) لأن المسالة مرتبطة أيضا بمصير النظام الجزائري. والواضح أن التدخل الغربي-الأطلسي حال دون مساندة بعض التيارات للثوار. أما الأوساط الأكاديمية والصحفية فتركز على الاعتبارات الأخلاقية والسياسية منتقدة الدبلوماسية الجزائرية التي بقيت حبيسة عقلية الحرب الباردة تاركة المجال لدول مثل المغرب (اعترف في 23/08/2011 بالمجلس الانتقالي وأوفد في نفس اليوم وزير خارجيته إلى بنغازي) وفرنسا تسجل نقاطا جيوساسية على حسابها. لكن هل كان لزاما على الجزائر مساندة الثوار؟ لو اكتفينا بالمستلزم الأخلاقي، فالجواب لا غبار عليه. لكن سلوك الدول لا تحكمه الأخلاق فقط وإنما المصالح. على أن في بعض الأحيان يكون الارتباك والتريث والحذر دلالة على غياب رؤية إستراتيجية. فمثلا لو قارنا الموقف الجزائري بمواقف تونس ومصر والمغرب للاحظنا أن هذه الدول التزمت الحياد الإيجابي لصالح الثوار بإبقائها على قنوات الاتصال مفتوحة مع طرفي الصراع، ولم تناد برحيل القذافي لكنها دعمت المجلس الانتقالي، خاصة مصر وتونس حيث فسحتا له المجال للتحرك رغم أنهما لم تعترفا به رسميا إلا في وقت متأخر جدا (22/08/2011). سايرت هذه الدول الثلاث الثوار في مسعاهم لقلب النظام. أما الجزائر فلم تطالب برحيل القذافي ولم تطرد السفير الليبي لديها، لكن حيادها كان سلبيا في غير صالح الثوار. وحتى وإن لم تدعم النظام، فإن مجرد رفضها مساندة الثوار أو على الأقل الاعتراف بصواب مسعاهم وإقامة قنوات اتصال معهم رأى فيه هؤلاء وحلفاؤهم دعما للنظام. وهذا طبعا استنتاج ليس بالضرورة صحيحا. بيد أن غياب قنوات اتصال معهم والتمسك بخريطة طريق إفريقية يسوَّقها رؤساء وصلوا للسلطة بواسطة الانقلاب – باستثناء رئيس جنوب إفريقيا – ، فضلا عن الاتهامات للسلطة الجزائرية بإرسال مرتزقة وأسلحة لدعم القذافي، أعطى كل هذا مصداقية لهذا الحياد السلبي المناوئ للثوار. ورغم تأكيد الجزائر مرارا على أنها تضررت من سياسة القذافي وبالتالي فليس من المنطقي أن تدعمه، وعلى التزامها الحياد وتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة (وضحت موقفها هذا في مراسلة رسمية بعثت بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن في 24/08/2011 نشرت وكالة الأنباء الجزائرية مقتطفات منها)، إلا أن ذلك لم يشفع لها عند المجلس الليبي الانتقالي. نلاحظ هنا كيف أن الدول العربية الإفريقية الثلاث (تونس ومصر والمغرب) أبقت على قنوات الاتصال مع النظام وأقامت أخرى مع الثوار متجنبة التصريح علنا بترجيحها كفة الثوار في ميزان المساندة، بينما عزفت الجزائر عن أي اتصال معهم وتمسكت بحل سلمي إقليمي يقضي بالتفاوض مع القذافي في وقت وصل فيه الصراع المسلح نقطة اللاعودة. وهنا مكمن الخلل في الموقف الجزائري، فالحذر المعقول في بداية الأمر فقد مصداقيته مع تطور الأوضاع. يبدو أن موقف الجزائر يقوم على إدراك سياسي مفاده أنها لن تتضرر لا في حال بقاء القذافي ولا في حال رحيله، وبالتالي لا توجد مكاسب سياسية متوقعة تبرر دعم أحد طرفي الصراع. ثم إنها معنية أساسا بهموم الداخل، فالنظام في وضعية صعبة بسبب تنوع وتعدد الاحتجاجات الداخلية. وهو بين المطرقة الخارجية والسندان الداخلي: أي دعم لنظام القذافي مصدر متاعب مع الفواعل الدولية النافذة، وأي دعم للمعارضة المسلحة مصدر متاعب مع الشعب، لأن من يدعم الانتفاضة في ليبيا لا يمكنه أن يقمعها في عقر داره. ومن هنا يأتي الاتساق في موقف النظام الجزائري، أما الأنظمة العربية التي ساندت التدخل في ليبيا فهي متسامحة في الخارج – دعم المطلب الديمقراطي خارج حدودها – لكنها غير متسامحة مع ذات المطلب في عقر دارها. بيد أنه مع الإطاحة بالنظام الليبي فقد هذا الموقف اتساقه وظهر التناقض بين المقدمات والنتائج. حيث تقول الجزائر أن الاعتراف بالمجلس الانتقالي مرهون بموقف « جماعي » في إطار الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي. يدل هذا التناقض على حالة الارتباك السائدة على أعلى مستويات هرم السلطة في الجزائر وعلى قصور الرؤية الإستراتيجية. إذا كانت الجزائر تربط موقفها بموقف « جماعي » إقليمي، فلماذا رفضت مساندة القرار – الجماعي – للجامعة العربية المتعلق بإقامة منطقة حظر جوي في ليبيا؟ إنها محاولة يائسة لحفظ ماء الوجه، أكثر منه إستراتيجية محكمة البنيان ومحسوبة النتائج. الموقف الجزائري: حسابات الربح والخسارة يمكن تفسير الموقف الجزائري بأسباب من أربع فئات. تكمن الأولى في تخوف النظام الجزائري من أن يلق نفس المصير في حال اندلاع انتفاضة ديمقراطية في الجزائر تأخذ بعدا مسلحا بعد قمعها، مما يقود إلى تدخل دولي مماثل لما حدث في ليبيا. فمن المحتمل أن يكون النظام قد راهن على فشل التدخل الدولي وعلى مقاومة القذافي للتغيير – كما راهن الغرب على مقاومة بن علي ومبارك لقوى التغيير– حتى يثبت صواب رؤيته ومصداقية مخاوفه. وتكمن الثانية في المخاوف الأمنية المباشرة التي قد تترتب على الصراع في ليبيا: تهريب الأسلحة من وإلى ليبيا وانتقالها إلى الساحل وإلى القاعدة؛ توسع رقعة الإرهاب في المنطقة وتحول ليبيا إلى أحد معاقله؛ تخبطها في حرب أهلية؛ وصول جحافل من اللاجئين الليبيين والأجانب المقيمين في ليبيا إلى التراب الجزائري. وتكمن الثالثة في التدخل العسكري الغربي وتداعياته الأمنية على الجزائر؛ فوجود قوات غربية على حدودها يسمح لها بالتجسس على خطط تحرك وانتشار الجيش الجزائر والعتاد الذي بحوزته، خاصة وأن برامج تسلحه في السنوات الأخيرة تثير تساؤلات في الغرب. فيما تكمن الفئة الأخيرة في المبادئ التي تقوم عليها السياسة الجزائرية مثل عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام السيادة وعدم تغيير الأنظمة بالقوة. وكانت هذه الفئة الأخيرة من المبادئ هي واجهة الموقف الجزائري دوليا، لكنها لم تكن في واقع الحال العامل الحاسم في هذا التموقع الفريد من نوعه في المنطقة. على أنه يمكن حصر التغييرات التي طرأت على العلاقات الثنائية في ثلاثة عناصر: تخلص الجزائر دون جهد من نظام سبب لها متاعب أمنية على مدار عقود من الزمن لكنها لم تربح بعد ود سلفه. اكتمال سلسلة « الديمقراطيات الناشئة » في شمال إفريقيا وتحديدا في الجوار الشرقي للجزائر التي أصبحت تتعامل مع دول (تونس، مصر وليبيا) تخلصت شعوبها أو هي قيد التخلص من أنظمتها التسلطية. عكس التغيير « الهادئ » والمحلي المنشأ والتنفيذ في تونس وفي مصر، فإن التغيير في ليبيا كان محلي المنشأ إلا أن تنفيذه كان هجينا محليا/دوليا، ولهذا تحولت الحدود الجزائرية مع ليبيا إلى أكثر حدودها حساسية أمنيا. وهذا ما يفسر تضاعف إجراءات مراقبتها وضبطها برا وجوا، حيث تشهد حشدا غير مسبوق لقوات الجيش والأمن الجزائرية. والمفارقة أنه رغم التوتر بين الطرفين، فإن تشديد الجزائر مراقبتها للحدود تخدم مصالح الثوار أيضا، لأنها تسمح لهم بتأمين حدودهم الشرقية دون أي جهد يذكر، كما تحول دون فرار أنصار النظام البائد خارج ليبيا عبر الحدود مع الجزائر. بيد أن من المرجح أن تكون علاقة النظام الليبي الجديد مع الجزائر متوترة، على المدى القصير. ونفس الشيء يقال عن العلاقة بينه وبين موريتانيا لأن هذه الأخيرة محسوبة في نظره على القذافي لعضويتها في وفد الوساطة الإفريقي. في المقابل، ستكون العلاقة مع المغرب عادية إن لم نقل جيدة ومع تونس أيضا. هذا يعني أن المنطقة قد تدخل سياسة المحاور مجددا: محور ليبي-مغربي يقابله محور جزائري-موريتاني، بينما ستسعى تونس للحفاظ على مسافة معقولة من المحورين تفاديا لاستعدائهما. إن ظهرت مجددا سياسة المحاور فإنها ستزيد وضع الاتحاد المغاربي تعقيدا. من هذا المنطلق يبدو أن العلاقات المغاربية البينية لن تخرج سليمة من المحنة الليبية. لكن من المرجح أن تكون حالة الاستقطاب هذه ظرفية لأن استتباب الأمن في ليبيا مصلحة مشتركة لعدد من الأطراف الرئيسية (مجلس انتقالي ودول مغاربية وعربية وغربية). وعليه يبقى هذا المشهد ضعيفا لأسباب أخرى أيضا سنأتي عليها لاحقا. لكن هل سيؤثر هذا على مكانة الجزائر في المغرب العربي؟ يجب هنا مراعاة ميزان الربح والخسارة. هل خسرت الجزائر برحيل القذافي؟ الشيء المؤكد أنها لم تخسر لِما كان يتسبب فيه من متاعب سياسية وأمنية، لكن هل ربحت؟ الإجابة بالقطع مستعصية، لأنها على الأقل « ربحت » – سلبيا – استعداء، ولو مؤقتا، المجلس الانتقالي حاكم ليبيا اليوم. لكن ضعف هذا الأخير وأهمية دور دول الجوار في إحلال السلم والاستقرار في ليبيا فضلا عن ثقل الجزائر في المنقطة يجعل حسابات الخسارة مهملة الثقل. المرحلة الجديدة: إشارات التقارب رغم التوتر الذي ميز العلاقات بين المجلس الانتقالي والجزائر طوال الستة أشهر الماضية، فإن هناك إشارات متبادلة للتطبيع. فعلى المستوى الرمزي، تم رفع علم الثوار فوق مبنى السفارة الليبية بالجزائر (في 23/08/2011) رغم عدم اعترافها بالمجلس الانتقالي. أما على مستوى التصريحات الرسمية، فرغم التزام الصمت، فإن مصدرا من الخارجية الجزائرية، أكد أن الجزائر » لم تدعم لا سياسيا ولا عسكريا ولا بأي شكل آخر نظام القذافي »، مضيفا أنه « ليس لها تحفظات بخصوص المجلس الانتقالي ». من جانبهم، أكد ممثلون عن المجلس الانتقالي، رغم أسفهم لموقف الجزائر، على ضرورة تجاوز الخلافات وفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية. وواضح أن الإدلاء بهذه التصريحات لصحف جزائرية عملية اتصال محسوبة. ومن أبرزها تلك التي أدلى بها محمود جبريل، رئيس المجلس التنفيذي للمجلس الانتقالي، في حوار ليومية الشروق الجزائرية (23/08/2011): « أريد أن أؤكد أنه خلال الستة أشهر الماضية شاب هذه الفترة الكثير من اللغط وعرفت العلاقات الكثير من التقارير، البعض منها صحيح والآخر غير صحيح، لكن ما أريد قوله أن العلاقة بين البلدين تاريخية ولا يمكن أن تنفصم بسبب أمور طارئة، شئنا أم أبينا، وليس من حقنا كمسئولين في هذه المرحلة أن نعيق حركة التاريخ بين هذين الشعبين الأكثر اقترابا في الطباع في شمال إفريقيا ». وعن تحقيقات بشأن مرتزقة الجزائر، قال بأنه « ليس من صالح العلاقات بين البلدين الاستناد إلى هذه النتائج أو النظر إليها، فإذا كانت هناك تحقيقات فليس من اللائق أن تنشر في الوقت الحالي، هذه نظرتي الشخصية، وسألقي بكامل ثقلي في المجلس حتى لا تؤثر هذه التحقيقات على العلاقة بيننا، ولا أعتقد أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بما يكنه من حب للشعب الليبي يسمح بممارسة هذه التجاوزات. وما يهمنا اليوم ليس الأمس أو اللحظة بل الغد، ولا يفيد الطرفين التدقيق فيمن أخطأ أو أصاب، ويجب طي هذه الصفحة نهائيا ». لكن من غير المستبعد أن تكون المسألة مرهونة باعتذارات متبادلة. فالجزائر تنتظر أن يعتذر عن اتهاماته لها. من جانبه، ينتظر الانتقالي من الجزائر أن تعتذر له عن عدم مساندته. ونظرا لوقع الاتهامات المنسوبة للجزائر فإن هذه الأخيرة قد تتريث قبل الاعتراف بالمجلس الانتقالي، ولما تفعل ذلك فإنها ستشترط البت في قضية الاتهامات إضافة إلى ملفات أخرى – كما سنرى – قبل التطبيع. وقد بدأ « مسلسل » الاعتذارات. فبعد اقتحام مجموعة من الثوار السفارة الجزائرية في طرابلس والتعرض لموظفيها والاستيلاء على بعض أملاكها المنقولة (سيارات، حواسيب…)، عبر محمود الشمام، الناطق باسم المجلس الانتقالي، في تصريح ليومية الخبر الجزائرية (23/08/2011) عن « اعتذارات المجلس للجزائر » مؤكدا على « استعداد المجلس لفتح صفحة جديدة مع الجزائر ». يبدو أن مسألة التطبيع مع السلطة الليبية الجديدة مرهونة، من منظور جزائري، بالبت في ملفات بعضها جديد وبعضها قديم. أولها الحسم في قضية الاتهامات بدعم نظام القذافي (الجهة التي بادرت إليها وأدلتها). ثانيها، موقف المجلس الانتقالي من بعض المسائل الأمنية: وضع جهاديين ليبيين – ضمن الثوار تعتبرهم الجزائر من فلول تنظيم القاعدة؛ موقفه من مكافحة الإرهاب داخليا وإقليميا (الساحل) ومن قضية الأزواد شمالي مالي والنيجر؛ التعاون الأمني لاسيما تأمين الحدود ومراقبة وضبط الأسلحة (معظمها قضايا خلافية بين الجزائر والنظام البائد). ثالثها، قضايا الحدود البرية: هناك حوض للمياه الجوفية عابر للحدود بدأ نظام القذافي في استغلاله دون اتفاق مع الجزائر مما سبب توترا بين البلدين، فضلا عن حقل نفطي عابر للحدود هو الآخر. زيادة على ذلك، هناك قضية تخص ليبيا الجديدة لكن لها تداعيات إقليمية من منظور جزائري، وهي قضية الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا على مقربة من الحدود الجزائرية. وما يؤكد حساسية هذه المسألة إعلان المجلس الانتقالي أنه لن يسمح بإقامة قواعد عسكرية غربية في ليبيا. المستقبل: أولوية الاستقرار انطلاقا مما سبق يمكن رصد ثلاثة مشاهد للمنحى الذي قد تأخذه العلاقات الثنائية. المشهد الأول، هو فتح صفحة جديدة بالكامل بين البلدين وهو مستبعد حاليا، لأنه لن يتحقق إلا إذا حدث تحول في الجزائر نحو نظام انتقالي ديمقراطي، إما عبر انتفاضة شعبية تقود إلى إسقاط النظام الحالي وإما عبر إصلاحات جذرية داخل النظام تسمح بميلاد نظام جديد على أسس ديمقراطية. وفي هذه الحالة، لن يتحمل النظام الجديد إرث سلفه، ونفس الشيء بالنسبة لنظيره الليبي، فيسارعا إلى فتح صفحة جديدة تماما في العلاقات الثنائية. بيد أن هذا المشهد مستبعد على الأقل في المدى القريب، وذلك لعدة أسباب: المطلب الديمقراطي في الجزائر ليس مطلبا شعبيا – ذي قاعدة شعبية عريضة – ملحا وحازما في الوقت الراهن بسبب (من بين أسباب أخرى) وقع العشرية السوداء في المخيال الجمعي للشعب – وهو ما يراهن عليه النظام -، بل هو مطلب أحزاب وجمعيات مفتقرة للدعم الشعبي العريض. مداخيل النفط الضخمة وإعادة توزيع جزء منها يسمح بامتصاص الغضب الشعبي وتأجيل الاحتجاجات الاجتماعية لأجل غير مسمى. تراجع الحكومة عن تطبيق بعض القوانين مسايرة للشعب وتجنبا لصب الزيت السياسي-الاقتصادي على نار الاحتقان الاجتماعي. عدم وجود إرادة للإصلاح من الداخل، لأن الإصلاحات المعلن عنها لا تسير نحو البناء الديمقراطي بل هي محاولة من النظام لتحسين الجزء الظاهر من سلطته التسلطية. أما من جهة المجلس الانتقالي فله سجل سلبي مع الجزائر التي تعرضت بعض مصالحها لاعتداءات. فلقد تعرضت استثمارات شركة سوناطراك بحقول غدامس النفطية إلى التخريب في بداية الأزمة، فكان أن جمدت سوناطراك استثماراتها هناك. كما اقتحم ثوار السفارة الجزائرية بطرابلس. هذا التوتر الموروث عن الستة أشهر الأخيرة قد تستغله بعض القوى الأجنبية لتزيد الأمور تعقيدا ولتجعل المجلس الانتقالي يقبل على تنازلات لهذه القوى بحجة حمايته من الجزائر. كما أن الصراع داخل الانتقالي بين « صقوره » و »حمائمه » بشأن العلاقة مع الجزائر قد يحتدم وقد تكون الغلبة للرافضين للصلح. بيد أن مشهد « القطيعة » الكاملة (وهو المشهد الثاني) هذا غير مرجح لعدة أسباب: المشهد السياسي الليبي ما بعد القذافي لم يتشكل ولم تتضح معالمه بعد؛ انكشاف ليبيا وحاجة السلطة الجديدة لمساعدة الجيران لاستعادة الأمن وتأمين الحدود؛ مصلحة الجزائر في استقرار الوضع في ليبيا بغض النظر عن طبيعة العلاقة مع النظام القائم فيها؛ سعي القوى الغربية للتهدئة وتعاضد جهود كل دول الجوار لضمان سلاسة الانتقال الديمقراطي في ليبيا ولتخفيف أعبائها أيضا (تقاسم أعباء إعادة الاعمار وتوجيه الهجرة المحتملة نحو دول الجوار بدل دول الاتحاد الأوروبي) خاصة في سياق الأزمة الاقتصادية الذي تمر به القوى المتدخلة في ليبيا. أما المشهد الثالث، فهو مشهد التطبيع التدريجي وهو وارد للغاية. إذ أن التطبيع قادم لا محال، والمثال العراقي خير دليل على ذلك. فكل الدول العربية التي عارضت الغزو الأمريكي للعراق اعترفت بحكومته الانتقالية وساعدتها سياسيا وماليا. ولازالت تفعل. فالجزائر مثلا مسحت منذ أسابيع فقط ديون العراق. ثم لن نبالغ إن قلنا بأن العامل الحاسم في تحديد منحى العلاقات الجزائرية-الليبية لن يكون موقف ورغبات المجلس الانتقالي والسلطة المنبثقة عنه وإنما إدراك القوى الغربية الفاعلة في التحالف الدولي لدور الجزائر إقليميا، فهي تعي أن التوتر بين الجزائر والمجلس الانتقالي ليس في صالح الاستقرار في ليبيا. كانت تلك القوى توظف هذا التوتر للضغط على الجزائر لتدعم الثوار، لكن بعد الإطاحة بالنظام، فإن التطبيع مع الجزائر أصبح ضروريا لتأمين حدود ليبيا والمساعدة في إحلال السلم والاستقرار فيها. وبحكم التجربة العراقية فهي تقدر أهمية دور دول الجوار. الحقيقية أن ليبيا والجزائر جميعا في الهم مغرب. فالمجلس الانتقالي كيان لم يستقر أمره بعد، والوضع في ليبيا غامض وهامش حرية سلطتها الجديدة سيكون ضيقا بفعل تداعيات التدخل العسكري الغربي، الذي قد يتسبب لاحقا في صراعات داخلية بين تيارات إسلامية (سلفية وجهادية) وعلمانية. وتكرار المشهد العراقي (بعد احتلاله) وارد كأحد الاحتمالات. أما الجزائر فمشكلتها ليست في تجاوز علاقة متوترة ظرفية مع كيان (الانتقالي الليبي) غير مستقر ومهمل الثقل في المرحلة الحالية تماما مقارنة بثقلها هي، وإنما في تجاوز حالة الاستعصاء الديمقراطي البنيوي بطريقة سلمية في هذا الظرف العسير من مخاض التحول السياسي في العالم العربي. هذا هو الرهان السياسي الحقيقي لأن توقيت وطريقة حسمه ستؤثران على البلد داخليا وعلى علاقته ببيئته الإقليمية والدولية. ___________________ خبير في العلاقات الدولية
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 28 أوت 2011)
<
بلال الحسن
لا تزال عملية إيلات (أم الرشراش) الفدائية ضد المواقع الإسرائيلية والتي أنجزت يوم 19/8/2011، تتفاعل وتكبر ككرة الثلج. فهي عملية مجهولة المصدر، إذ ليس هناك معلومات جازمة حول من قام بها، ومن أين جاء هؤلاء الفدائيون المجهولون. « إسرائيل » تقول إن المنفذين خرجوا من غزة، واجتازوا سيناء، ودخلوا أرض مصر، وهاجموا الإسرائيليين انطلاقاً من الأرض المصرية. ولكن المسؤولين في غزة نفوا ذلك نفياً قاطعاً. كما أن المنطق يجعل من هذه الرواية ضربا من الخيال، إذ ليس في إمكان أي تنظيم فدائي فلسطيني أن ينظم هذه العملية بهذا الاتساع الجغرافي منفرداً، وبسبب ضعف هذا الاحتمال برزت آراء أخرى تتحدث عن أطراف متعددة، بعضها من بدو سيناء، وبعضها الآخر من داخل مصر، وكل هذا لم يثبت حتى الآن. إذ يبدو الأمر وكأن هناك تنظيماً من نوع جديد لم تألفه الساحة الفلسطينية من قبل. « إسرائيل » تمسكت بروايتها الأولى، بأن العملية فلسطينية بحتة، وأنها انطلقت من غزة، وأنها هاجمت من مصر، وقامت بسبب ذلك بتصعيد الهجمات الجوية ضد قطاع غزة، وقامت أيضاً بغارة على الحدود مع مصر أسفرت عن مقتل ضابط وجنود مصريين. وهنا تطور الوضع نحو ما هو أخطر، إذ رفضت مصر الرواية الإسرائيلية، وحذرت « إسرائيل » من تصعيد ضرب قطاع غزة، ولم تستثن في إطار تحذيرها هذا من احتمال إعادة النظر باتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية. وبهذا تطورت الأمور من عملية فدائية حدودية إلى تهديد الوضع الاستراتيجي القائم في المنطقة منذ توقيع معاهدة السلام بين مصر و »إسرائيل » قبل أكثر من ثلاثين عاماً. وهنا جوهر المسألة التي تستحق المناقشة؛ هل ستبقى معاهدة السلام هذه قائمة على حالها أم ستلغى، أم سيعاد النظر فيها؟ وفي محاولة الجواب على هذا السؤال الكبير لا بد من استعراض مواقف الأطراف المختلفة. أولاً « إسرائيل »: لقد مثل رد فعل « إسرائيل »، بتوسيع قصف قطاع غزة، وبتوسيع نطاق القصف نحو الحدود المصرية، حالة استخفاف إسرائيلية عنوانها أن « إسرائيل » لا تفكر إلا بنفسها، ولا تحاول أن تدرس حتى احتمال ردود أفعال الآخرين، وبخاصة مصر التي تعيش حالة مخاض لتغييرات كثيرة ممكنة. وهي لا تكاد تلتفت إلى المشاعر والعواطف المصرية، والتي تترجم نفسها بتحركات شعبية وسياسية، لا تستطيع القيادة المصرية (المجلس العسكري الأعلى) أن تتجاهل ضغوطها ومطالبها. ولكن حين وصلت الأمور إلى حد البحث بمستقبل عملية السلام، أدركت « إسرائيل » أن مواصلة الاستخفاف بمواقف الآخرين سوف ينعكس عليها بنتائج استراتيجية، لذ أوقفت هجوماً برياً كبيراً كانت تستعد للقيام به ضد قطاع غزة، وبعد تحذير مصري من نتائج ذلك. وساعد على ذلك أيضاً أن حركة حماس تجاوبت بعقلانية مع دعوة للتهدئة، ما لبثت « إسرائيل » أن خرقتها بتوجيه ضربات جديدة للجهاد الإسلامي. ثانياً مصر: حصل في مصر تغير داخلي كبير، شعبياً ورسمياً، لم تستطع « إسرائيل » كالعادة أن ترى فيه إلا نفسها، ولذلك أخذت ردود فعل « إسرائيل » طابعاً عدائياً فحسب، فهي لم تستطع أن تفهم معنى أن القيادة الجديدة في مصر لم تعد تتصرف على أنها حليف سياسي ل »إسرائيل »، وبالتالي فإن هذه القيادة لن تتصرف على أن حركة حماس المحاذية لها جغرافيا في قطاع غزة، هي حركة إرهابية عدوة، بل سعت إلى التعامل معها على قدم المساواة مع السلطة الفلسطينية، وعبرت عن ذلك عملياً بالدعوة للحوار والمصالحة التي أنجزت في مصر، وبرعاية مصرية. وكان من نتائج ذلك بدء التفكير المصري بفتح معبر رفح، الأمر الذي كان على وشك أن يتم لولا بروز ضغوط دولية كثيفة. ولكن الأمر لا يزال ممكناً وموضوعاً على جدول الأعمال. ثم كان هناك الضغط الشعبي المصري الداخلي، وبخاصة بعد استشهاد العسكريين المصريين، حيث من المؤكد أنه كان لهذا الحدث تفاعلاته الحادة داخل الجيش المصري، ثم كانت له تفاعلاته في الشارع، من خلال المظاهرات الضخمة حول السفارة الإسرائيلية التي أنزلت العلم الإسرائيلي وطالبت بطرد السفير، ثم طالبت بإلغاء اتفاقية السلام المعقودة مع « إسرائيل ». ومع أن القيادة المصرية لم تتجاوب كليا مع هذه المطالب الشعبية (الصعبة)، فإنها وبالمقابل لم تتجاهلها، وأدركت ضرورة التناغم معها. وهنا بدأ موضوع إعادة النظر بالاتفاقية يطرح نفسه من مدخل جديد. ثالثاً اتفاقية السلام: لا بد من البحث في هذه المسألة في إطارها الموضوعي وليس في إطار المطلب الشعبي الحماسي فقط. وهذا الإطار الموضوعي هام جدا وإن كان لا يصل إلى مستوى إلغاء اتفاقية السلام. وهنا لا بد أن نلاحظ أن « إسرائيل » هي أول من تحدث عن مصير مجهول يواجه هذه الاتفاقية، بل وبدأت تتحدث عن بناء قوة عسكرية جديدة لمواجهة مصر. ومن المؤكد أن هذه الدعوات الإسرائيلية للمواجهة سيكون لها رد فعل داخل الجيش المصري. كذلك لا بد أن نلاحظ أن شبه جزيرة سيناء هي واقعيا خارج إطار النفوذ المصري بسبب اتفاقية السلام التي تمنع مصر من دفع قوات إلى تلك المنطقة تتجاوز 800 شرطي. وبهذا أصبح المجال مفتوحاً أمام تحرك بدو سيناء على صعد متعددة: اقتناء السلاح، وتهريب السلاح، وأشياء أخرى، وتسهيل حصول قطاع غزة وحركة حماس على السلاح، وبخاصة الصواريخ المتطورة. وتسهيل وجود تنظيمات مسلحة ولو صغيرة، يبادر إليها أهل سيناء أنفسهم. وإذ تشكو « إسرائيل » من كل ذلك فإنها لا تستطيع أن تلوم مصر، فهذه هي شروطها ومطالبها من خلال اتفاقية السلام. وحين يطرح هذا الوضع للنقاش، يتم مباشرة طرح تعديل اتفاق السلام هذا. والتعديل هنا يطرح المسائل الأساسية التالية: أولاً: إن مصر تحتاج من أجل حماية أمنها، ومن أجل معرفة ما يجري في سيناء إلى إدخال قوات عسكرية وأمنية إضافية إلى المنطقة، وهو ما يقتضي تعديلاً جوهرياً في بنود اتفاقية السلام، سيتم كأمر واقع، إن لم يتم بحوار واتفاق. ثانياً: إن مصر وفي سعيها للتجاوب مع الجو الشعبي المصري ومطالبه، تسعى لكي تفهم « إسرائيل »، أن معاهدة السلام هي معاهدة بين مصر و »إسرائيل » فقط، وهي معاهدة لها عنوان واحد هو عدم قيام طرف بمهاجمة الطرف الآخر عسكرياً. ثالثاً: إن على « إسرائيل » أن تدرك أن مصر دولة عربية قائدة، وعليها بسبب ذلك مسؤوليات تجاه العرب الآخرين، فهي ليست مع « إسرائيل » ضد العرب، بل هي مع العرب إذا تعرضوا لتهديد من قبل « إسرائيل »، وهذا يشمل جغرافيا: فلسطين ولبنان وسوريا والأردن. وهذا هو جوهر القول بأن سياسة مصر في التعامل مع « إسرائيل » هي سياسة دولة تجاه دولة، وليست سياسة تحالف بين دولتين بسبب المعاهدة، وهذا هو جوهر التغير في الوضع السياسي المصري الجديد تجاه « إسرائيل » بدلاً من سياسة النظام السابق. إن تعديل اتفاقية السلام، المستند إلى التغير القائم في الوقائع، بدأ يفرض نفسه كأمر واقع، وليس من خلال مفاوضات وتعديلات مكتوبة. وربما كان التحذير المصري الذي وجه إلى « إسرائيل » بوقف الهجمات على غزة، وبوقف عملية عسكرية ضخمة كانت على وشك البدء في غزة، هو التعبير العملي عما نشير إليه.
المصدر: م. ف. إ. عن الشرق الأوسط
<
طرابلس (رويترز) – راحت السكرة وجاءت الفكرة بالنسبة لزعماء ليبيا الجدد بعد هدوء الفرحة الغامرة وبدء مهمة اعادة بناء ليبيا فيما توشك جماعات المعارضة المختلفة التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي على اكتشاف ما اذا كان هناك ما يجمعهم بخلاف كراهيتهم للزعيم المخلوع. وعلى خلاف الحال في تونس ومصر حيث تولى الجيش السيطرة بعد الاطاحة بزين العابدين بن علي وحسني مبارك فان الليببين بدأوا يدركون الواقع الذي أمامهم في بلد يغص بالاسلحة والمقاتلين المسلحين الذين يتحكمون في الشوارع في ظل انعدام مؤسسات الدولة أو قوة شرطة أو جيش للحفاظ على تماسك البلاد. ويقول محللون ان أهم أولويات المجلس الوطني الانتقالي هي القضاء على الاسلحة والقمامة من الشوارع واعادة خدمات مثل المياه والكهرباء والاتصالات. ويعيش سكان العاصمة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة دون قيادة سياسية أو أمنية فعالة. ولم يصل رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل بعد الى طرابلس لتولي قيادة البلاد. قال جورج جوف وهو خبير بالشؤون الليبية في جامعة كيمبردج « هناك الكثير من الموضوعات غير الواضحة في الطريق. خاض المقاتلون معركة التحرير الخاصة بهم وانتصروا بها وهذا رائع لكن الامور قد لا تسير على ما يرام. من الممكن أن تكون هناك الكثير من الغلطات والاخطاء في الطريق. » وأضاف « من مقاييس جاح المجلس هو مدى سرعته في حل نفسه. هناك أصوات مختلفة في المجلس ربما تسبب مشكلات. » وبعد مساعدة ليبيا على الوقوف على قدميها تبدأ مهمة جمع شتات البلد الذي عمل القذافي على تقطيع أوصاله والسؤال الان هو ما اذا كان عبد الجليل أهلا لها. وقال جوف لرويترز « السؤال الحقيقي هو ما اذا كان للمجلس سيطرة فعالة ومدى سرعة قدرته على تشكيل حكومة انتقالية. هناك عبء هائل ملقى على عاتق الزعيم مصطفى عبد الجليل. اذا تمكن من أن يمثل القيادة الفعالة فسوف تنجح. اذا لم يتمكن فستكون هناك مشكلات. » والان على المعارضين الذين يتألفون من مزيج من مسؤولي القذافي السابقين ورجال الاعمال والمعارضين المنفيين أن يتحركوا سريعا لتحقيق ما وعدوا الليبيين به وهو دولة حديثة تعوضهم عما لم يتوفر لديهم قط.. البلد الديمقراطي الذي يسود به القانون وحكومة قوية. ومضى جوف يقول « المسألة ليست تقسيم ليبيا الى فصائل بل كيفية اقامة ادارة قادرة على البقاء تحافظ على تماسك البلاد. » وعلى مدى 40 عاما من حكم القذافي دمر كل أشكال الحياة المؤسسية ومنع ظهور كل مراكز السلطات البديلة مستخدما حكومته كواجهة للموافقة العمياء على قراراته وسياساته. ويعتقد المتابعون للشأن الليبي أنه حتى يكتب النجاح للمجلس الوطني الانتقالي فلابد أن يسارع بتشكيل حكومة تضم مختلف الاطياف تمثل كل قطاعات المعارضة من جبل نفوسة ومصراتة والزاوية الذين تولوا عملية الزحف الى طرابلس والاطاحة بالقذافي يوم 23 أغسطس اب. وتكهن المحلل السياسي الليبي مصطفى الفيتوري بالمشكلات المقبلة. ويقول ان المجلس الحالي لن يتمكن من قيادة البلاد عبر فترة انتقالية ناجحة وقصيرة. وأضاف أنه يفتقر للرؤية والشرعية والسلطة الفعالة. وتابع أن من يملكون الشرعية هم الناس الذين حاربوا وللاسف فانهم لا يأتون من خلفية سياسية محنكة ولا يفقهون بالسياسة. وقال ان هدفهم الاساسي كان الاطاحة بالقذافي. وقال عبد الجليل الذي يحاول ان يقدم مجلسه باعتباره بديلا للقذافي له مصداقية ان المجلس سيعمل على اجراء انتخابات بعد صياغة الدستور الذي يتوقع أن يتم في غضون عام كحد أقصى. ومن المشكلات المحتملة الخصومة بين زعماء المعارضة الذين بقوا في ليبيا والذين عادوا من المنفى وكذلك مقاومة المقاتلين في الجبل الغربي لفكرة المصالحة أو التعاون مع مساعدي القذافي السابقين في حكومة ما بعد القذافي. وقال جوف « لا أعتقد أن هناك قوة مهيمنة. كل تلك القبائل في الشرق والغرب والجنوب توحدت معا للتخلص من النظام. » ومضى يقول « فيما يتعلق بالجيش وقوات الامن لن يكونوا عراقا اخر ويسرحوا القوات » في اشارة الى تسريح الجيش العراقي بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 . ومن ناحية أخرى فان المعارضة تتعرض لضغوط لمواجهة ما تبدو أنها ازمة انسانية. بدأت جثث المقاتلين المدنيين الذين قتلوا في معركة طرابلس تتحلل في الشوارع بفعل الحرارة الشديدة في انتظار متطوعين محليين لدفنهم في مقابر جماعية. وتتراكم جبال من القمامة المتعفنة في الشوارع وتزكم رائحتها النفاذة الانوف. وفر أغلب العمال الذين كانوا يجمعون القمامة من البلاد منذ فترة طويلة أو توقفوا عن العمل. وفي بعض الاحياء ساعد المقاتلون والسكان على تنظيم عمليات جمع القمامة واحراقها. كما شكلوا قوة عمل لدفن القتلى. وما زالت العاصمة متوترة وجميع المصالح مغلقة ولا يجرؤ الناس بعد على الخروج من منازلهم. وترتفع أسعار المواد الغذائية ارتفاعا شديدا ويصل المعدل الى الضعف. ويساور الكثير من الليبيين القلق من حجم الاسلحة الموجود في المدينة ومنظر المقاتلين المتحمسين الذين يحملون البنادق وهم يحرسون نقاط التفتيش ويجوبون الشوارع. وقال الفيتوري ان انتشار السلاح دون أي رقيب بشكل عشوائي وفي يد أي أحد هو اكبر عائق يواجه المجلس. وأعلن محمود شمام من المجلس الوطني الانتقالي يوم الاحد اجراءات لمواجهة نقص المياه والوقود والدواء ونشر الشرطة في الشوارع خلال أسابيع لكنه قال انه لا توجد عصا سحرية. وقال شمام لرويترز ان طرابلس ظلت تحت السيطرة الشديدة لنظام شمولي طوال 42 عاما. وأضاف أنهم يبدأون من الصفر وأنهم لا يمكنهم صنع المعجزات لكنهم يعدون بمحاولة جعل هذه الفترة الصعبة أقصر فترة ممكنة. وفي حين ان التركيز ينصب على اعادة بناء بلد من الصفر فان مصير القذافي الهارب يبدو أقل أهمية. وقال شمام ان القذافي لا يمثل أولوية. وأضاف أنه يهرب من مكان لاخر وأنهم سيقبضون عليه لانهم يتعقبونه وسوف يجدونه لكنهم لن يوقفوا كل شيء في انتظار القذافي أو أبنائه.
من سامية نخول Reuters
(المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا) بتاريخ 29 أوت 2011)
<