كلمة: الأخبار – قراصنة المعلومة في الدوائر الأمنية يدمّرون موقع كلمة
الفــرع الجهوي للمحامين تونس : بيـــــــــان
إسماعيل دبارة : العشرات أمام القضاء بتهم الإرهاب في تونس
قدس برس: منظمات حقوقية تونسية تتهم الأمن التونسي بتعذيب متهمين في قاعة المحكمة وأمام القضاة
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ : نشرة الكترونيّة عدد 72
د.عمر النمري : ردا على السيد عبدالله الزواري
موقع الديمقراطي التقدمي: في حوار مع رئيس تحرير الوسط التونسية
محسن الشاوش : من السفارة … إلى الوزارة …فهل من إنارة حول الزيارة ؟
سنية الدمرجي : مهندس حمادي الجبالي لا تغضب!
محمد ضيف الله : كتاب جديد : في غياب الوثيقة الذاكرة كمصدر لتاريخ الزمن الحاضر البديـل عاجل : ملاحظات حول تقرير اللجنة الإستشارية لصندوق النقد الدولي
مراد رقية : مستشفى قصرهلال الجهوي كوخ صحي تنعدم فيه الامكانيات وتكثر القطط السائبة الناقلة للأوبئة والأمراض السارية
إسلام أونلاين : السجن لصاحبة فندق بفرنسا رفضت استقبال محجبات
الصباح : اجتماع مجلس الوزراء : 17.2 مليار دينار ميزانية الدولة للسنة المقبلة
الصباح : السّطو على الكهرباء وسرقة أسلاكه : ظاهرة تتفاقم… وخسائر الـ«ستاغ» بالمليارات
قدس برس: تونس: الأمن الغاني يفرج عن مرافق طبّي لنادي النجم الساحلي احتجز عقب مبارة السبت
الجزيرة نت : الحركات الإسلامية بالوطن العربي.. تونس نموذجا
الخبرالجزائرية : اختطاف صاحب قاعة للحفلات بتيزي وزو
21- هشام بنور 22- منير غيث 23- بشير رمضان 24- فتحي العلج
|
16- وحيد السرايري 17- بوراوي مخلوف 18- وصفي الزغلامي 19- عبدالباسط الصليعي 20- الصادق العكاري |
11- كمال الغضبان 12- منير الحناشي 13- بشير اللواتي 14- محمد نجيب اللواتي 15- الشاذلي النقاش |
6-منذر البجاوي 7- الياس بن رمضان 8-عبد النبي بن رابح 9- الهادي الغالي 10- حسين الغضبان |
1-الصادق شورو 2- ابراهيم الدريدي 3- رضا البوكادي 4-نورالدين العرباوي 5- الكريم بعلو |
العنوان الوقتي لموقع مجلة ‘كلمة
‘
www.kalimatunisie.blogspot.com
قراصنة المعلومة في الدوائر الأمنية يدمّرون موقع كلمة
تعرّض ليلة 8 أكتوبر الجاري موقع محطّة « كلمة » إلى القرصنة من قبل قراصنة المعلومة المتعاونين مع الدوائر الأمنية التونسية. وقد تمّ حجب الموقع من الشبكة العنكبوتية بعد تدمير محتواه بالكامل. وقالت الصحفية والحقوقية سهام بن سدرين رئيسة تحرير الموقع أنّه تمّ الاعتداء على موقع المحطّة رغم أنّه مصمّم خارج تونس بما يؤكّد أنّ الجهات التي تقف وراء الاعتداء منزعجة لما تقوم به المحطة من مجهود في الإعلام الحرّ وأنّ هذه الجهات تعمل ما في وسعها لحجب المعلومة والاعتداء على حرّية الصحافة وقمع الكلمة الحرّة. وترفض السلطات التونسية منح التأشيرة القانونية لمجلّة كلمة الإلكترونية منذ سنة 1999 بعد أن تقدّمت هيئة تحريرها ومؤسسوها منذ عشر سنوات بإعلام بالصدور وفق ما تضبطه مجلّة الصحافة وقد رفعت سهام بن سدرين شكوى إلى المحكمة الإدارية فيما يتعلّق بحقّ المجلّة في العمل. هذا ويرابط حول مقرّ المجلّة عناصر الشرطة السياسية ليلا نهارا.
في الرديّف، الإيقافات والتحقيقات تتواصل
استدعي السبت الفارط المواطن حبيب بن الطاهر النمسي أصيل مدينة الرديف إلى مركز الشرطة عندما حلّ بمسقط رأسه بغرض الزيارة. وخضع حبيب النمسي، الذي يعمل معلّما بإحدى الولايات الساحلية، إلى استجواب بمركز شرطة الرديّف حيث اجتمع حوله رئيس منطقة الرديّف ورئيس مركز الشرطة لمعرفة علاقاته بعائلات مساجين الحوض المنجمي متهمين إياه بتحريضهم على العودة إلى الشارع ودعوتهم إلى المطالبة بإطلاق سراح المساجين. وأنكر النمسي التهم التي وجّهت إليه ليجبروه في النهاية على الإمضاء على التزام. ويخضع المئات من أبناء مدينة الرديف إلى الاعتقال منذ أشهر وإلى محاكمات تعاني من إخلالات بالقوانين وبتغييب لشرط علنية المحاكمة على خلفية التحركات الاحتجاجية التي خاضها أبناء الجهة ضدّ وضعهم الاجتماعي. هذا وقد تمّ الأسبوع المنقضي توزيع مناشير غير ممضاة تدعو أهالي الرديّف إلى التحرّك للمطالبة بإطلاق سراح المساجين.
في الرديّف، ثكنة الشرطة تحتلّ نادي الأطفال
لم تغادر الآلاف من عناصر وحدات التدخّل مدينة الرديّف المحاصرة منذ بداية العام الجاري, وفي محاولة « لتخفيف » الحصار المستفزّ للأهالي تمّ تركيز ثكنة « بوب BOP » في مدينة الرديف ليتسنّى للآلاف من شرطة « مقاومة الشغب » الإقامة بأريحية في المدينة التي احتجّ أهلها طيلة ثمانية أشهر من أجل حقّهم في الشغل وفي تحسين أوضاعه الاجتماعية البائسة. وكانت الرديف قد شهدت يوم الأحد المنقضي حالة استنفار في صفوف هذه القوات تحسبا لخروج مسيرات يقوم بها أهالي المدينة للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم بعد أن يئسوا من احتمال عفو رئيس الدولة عليهم بمناسبة عيد الفطر. ويبدو أنّ علامات الاستنفار كانت واضحة للعيان بما يؤكّد تسرّب معلومات مغلوطة إلى المسؤولين « الأمنيين » دفعتهم إلى اتخاذ القرار بالاستعداد للتصدّي « سلميا » لأي مسيرة تطالب بإطلاق سراح المساجين. وفي مقرّ ناد للأطفال تمّ الاستغناء عنه استقرّ أكثر من 1500 عنصر من وحادت التدخّل في قلب المدينة المحاصرة.
حضر تجوّل في الرديّف
صدر اليوم عن المسؤولين « الأمنيين » قرار حضر تجوّل في مدينة الرديف انطلاقا من الساعة العاشرة ليلا. ويفسّر هذا القرار بتخوّفات الجهات الأمنية من انطلاق احتجاجات قوية للمطالبة بإطلاق سراح المساجين حيث أوقف البارحة ستّة مواطنين من أهالي المدينة على خلفية المناشير التي تنادي بالتحرّك من أجل المساجين. وتحاول الجهات الأمنية محاصرة الجولان لمعرفة مصادر المناشير.
قابس، الاعتداء بالعنف على أستاذي تعليم ثانوي
عزل سجين بعد الاعتداء عليه بالعنف
صرّحت عائلة السجين رمزي الرمضاني الذي عرض على هيئة المحكمة يوم 7 أكتوبر الجاري في القضية عدد 11482 في طورها الإستئنافي وتعرّض للاعتداء بالضرب أمام هيئة المحكمة وفي قاعة الجلسة من قبل عناصر الشرطة أن أثار الاعتداء بالعنف أدى إلى شجّ رأس ابنها وخلّف آثار ضرب على يديه وساقيه وقد أعلم عائلته أنّه، وبسبب الضرب الذي تعرّض له على وجهه، أصبح غير قادر على تناول الطعام وتمّ وضعه في زنزانة انفرادية. وادعت إدارة سجن المرناقية أنّها تطبّق أوامر المحكمة بعزله عن بقية السجناء. وصرّح محامون أنّ المحكمة لا تتدخّل في إدارة السجن بل على العكس فإنّ جميع طلبات المحامين فيما يتعلّق بموكّليهم من السجناء تلقى رفضا دائما من هيئة المحكمة حيث تجيب المحكمة في حال طلب منها الدفاع التدخّل لتحسين أوضاع السجناء بأنه لا يحقّ لها التدخّل في إدارات السجون بما يؤكّد أن ردّ إدارة السجن على عائلة الرمضاني هو من باب المغالطة.
الكيلوغرام من الحديد بـ 5 مليمات
فوّتت إدارة شركة فسفاط قفصة في أكثر من 10 آلآف طن من فضلات الحديد المستعمل لديها من آلات ورافعات وسكك قديمة إلى أحد المشترين بمبلغ 5 مليمات للكغ الواحد وقد قام هذا التاجر ببيع هذه الثروة من الحديد إلى مصنع الفولاذ ببنزرت. ولم تصرّح إدارة فسفاط قفصة باسم التاجر الذي سيغنم جرّاء هذه الصفقة مئات الآلاف من الدينارات.
نوبل للأدب تمنح لأديب فرنسي
تم اليوم في العاصمة السويدية ستوكهولم الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للأدب والتي آلت إلى الروائي الفرنسي « جون ماري غوستاف لوكليزيو » بعد جدل كبير حول اتهام الأكاديمية السويدية بعدائها للكتاب الأمريكيين الشماليين إثر تصريح السكرتير الدائم للأكاديمية « هوراس انغدال » للصحافة السويدية اتهم فيها كتاب أمريكا الشمالية بأنهم متأثّرون بشدّة بثقافة الجماهير. من الأسماء العربية التي كانت مقترحة للفوز بالجائزة الشاعرة الجزائرية وعضوة الأكاديمية الفرنسية آسيا جبار والأديب و الشاعر السوري علي احمد سعيد (أدونيس).
إثر اعتداء على أحد المتهمين بالعنف داخل المحكمة فرع المحامين بتونس يصدر بيانا
أصدر فرع المحامين بتونس يوم 8 أكتوبر الجاري بيانا استنكر فيه الاعتداء « المبرّح الذي حصل على أحد المتهمين بقاعة الجلسة بينما كانت هيئة المحكمة منتصبة وعلى ومرأى ومسمع منها دون أن تحرّك ساكنا ». هذا واستغرب الفرع من « صمت هيئة المحكمة تجاه ما حصل من اعتداء بالعنف على المتهم الماثل أمامها من طرف أعوان الأمن، وهو ما يشكل اعتداء على حرمة وهيبة القضاء ولسان الدفاع في نفس الوقت » وعبّر البيان عن استياء الفرع من « المعاملة غير اللائقة التي أتاها رئيس الدائرة تجاه رئيس فرع المحامين أثناء مباشرته لمهامه ». وكانت قاعة الجلسة في القضية عدد 11482 بمحكمة الاستئناف بالعاصمة تونس قد شهدت يوم 7 أكتوبر الجاري اعتداء بالعنف على أحد المتهمين من قبل الشرطة داخل القاعة وأمام هيئتي الدفاع والقضاء، حيث تعرّض المتهم رمزي الرمضاني إلى الضرب الشديد من قبل الشرطة أمام مرأى القاضي المنوبي حميدان رئيس الدائرة رقم 27 بمحكمة الاستئناف. ورفض حميدان الاستماع إلى كلمة رئيس فرع تونس للمحامين عبد الرزّاق الكيلاني الذي احتجّ على الاعتداء على المتهم بالضرب في انتهاك لحرمة القضاء والدفاع داخل حرم المحكمة. كما دوّن القاضي في صدّه للأستاذ الكيلاني ومنعه من التدخّل ما اعتبره تعمّد أحد المحامين ثلب هيئة المحكمة في إشارة إلى رئيس الفرع قبل أن يرفع الجلسة. وطالب مجلس الفرع في جلسته الطارئة التي انعقدت يوم 8 أكتوبر السلطات المعنية بتوفير الضمانات اللازمة التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية للمحاكمة العادلة لكلّ المتهمين مهما كان موضوع القضية. كما طالب في السياق نفسه بتتبع المعتدين وتسليط العقوبات اللاّزمة عليهم.
منع الأستاذ العيادي من دخول المجلس الوطني للحريات
هل هذه دولة القانون والمؤسسات؟
العشرات أمام القضاء بتهم الإرهاب في تونس
اعتداء فظيع على موقوف بقاعة الجلسة بقصر « العدالة » بتونس
منظمات حقوقية تونسية تتهم الأمن التونسي
بتعذيب متهمين في قاعة المحكمة وأمام القضاة
نشرة الكترونيّة عدد 72 – 09 أكتوبر 2008
الحقائق البيّنات في مقتل فيصل بركات
تقدم إلي رجل أنيق مهذب لا أعرفه ناداني بالسيد فلان وسلمني استدعاء مصدره المحكمة الابتدائية بقصرالعدالة بتونس مرقون عليه اليوم والتاريخ موضوعه الإدلاء بشهادة. وفي اليوم المعين والساعة المحددة توجهت إلى قاعة الجلسة فإذا بي أمام قاض قيل أن اسمه عبد الحق سالم بن المنصف نودي على أسماء أشخاص فوقفوا في الخانة المخصصة للمتهمين مازال يرن على مسامعي صدى أسمائهم ….عبد الفتاح..عبدالكريم ..توفيق .. شاكر.. بوكبوس..فاضل …المومني …الزمالي…صالح ..الناصري…الجنحاني..عادل فؤاد.. محسن…تملكني الذهول والاستغراب فكل هؤلاء الذين نادى عليهم القاضي أعرفهم معرفة جيدة. ثم تولى نداء الشهود ليقفوا قبالة المتهمين وكان عددهم كبيرا يفوق التسعين وكنت من بينهم وأذكر منهم عماد ،الصحبي ،محمد ،لطفي ،شكري ،حبيب ،التومي ،فيصل، جمال، بشير محسن، فرج الله،محمود ، وديع ، محمد الخامس،زياد……. سألني القاضي هل تعرف هؤلاء المتهمين؟؟ فأجبت نعم كلهم. قال وهل تعرف المجني عليه فيصل بركات؟؟ قلت نعم أعرفه كمعرفتي لأمي وأبي. سألني عن آخر عهدي به؟؟ فأجبت في مركز الحرس والتفتيشات بنابل يوم 8 أكتوبر 1991. قال حدثني عنه وعن حاله يومها؟؟، فتحسرت وصمت هنيهة وانهمرت الدموع على خدي وغالبت نفسي قبل أن أختنق بعبراتي ونطقت بهدوء لأتخلص من حمٍل ظل يؤرقني لسنوات عديدة وتكلمت لأستريح من إلحاح شهادة لطالما أتعبني كتمانها. وقلت : نعم هؤلاء هم الذين قتلوه وصلبوه على طريقة عصرهم الحديث وابتكارهم اللعين « الروتي » نعم هؤلاء الذين أدخلوا في شرجه عصا الحديد وسلخوا جلده بالتعذيب الشديد هؤلاء هم الذين نخروا لحمه ونزفوا دمه ونهشوا جسمه وهشموا عظمه وجلدوا جسده ونسفوا روحه ونغصوا حياة أهله ولم يرقبوا فينا إلا ولا ذمة….. استوقفني القاضي عن الاسترسال، وقال من قام بكل ذلك؟؟ قلت كل هؤلاء مشتركين يقودهم عبد الفتاح ولا أستثني منهم أحدا، لا عبد الكريم ولا توفيق ولا شاكر ولا بو كبوس ولا الفاضل ولا المومني ولا الزمالي ولا صالح ولا الناصري ولا الجنحاني أو عادل وفؤاد ومحسن ولا…ولا… حتى من ُيدعى كناية « شقشقلوا ». نادى القاضي على عماد سأله نفس السؤال أجاب نفس الجواب ثم نادى محمد ثم الصحبي ثم لطفي فشكري فالحبيب ثم التومي ففيصل فبديع فجمال فبشير ففرج الله …لم يتخلف أحد ولم تختلف شهادة أي من الشهود فكانت كلها متماثلة و متشابهة بل متطابقة، تواترت وتساندت فمُتّنت.ثم نودي على المتهمين وسألهم من قتل فيصل بركات؟؟؟؟؟ فصمتوا كلهم ….. ثم نودي على والدة المجني عليه السيدة أم الخير وسألها عن مطالبها؟؟؟؟ فأجابت أما وقد ظهرت الحقيقة ولم يذهب دم ابني هباء منثورا فإني قد غفرت للمذنبين، ولي معه لقاء في جنة النعيم، ثم رفع القاضي الجلسة بعد ما طرق على الطاولة بمطرقته الثقيلة واستفقت على طرق باب بيتي وصوت زوجتي تقول ما بالك تبتسم وأنت في نومك هل ظفرت بكنز وأنت نائم ؟؟ فاستفقت متباطئا ، مكسور الخاطر فقد أدركت أن كل ما حدث كان رؤيا، مجرد رؤيا،حينها تذكرت قول حسنين هيكل « …ولكن أحلام الرجال تضيق » فقررت أن أجعل الحلم حقيقة تصدح في الآفاق وتصدع ولا يضيق بها الرجال ولا تضيق عند الرجال وتقرع باب الجلادين والحكام فأخذت قلمي وتسَلحت بذاكرتي وكتبت، وأبت إرادتي إلا أن تعرض الحكاية على مسمع كل الناس. وبادرت بكتابة ما عُلم عن قضية استشهاد فيصل بركات من حقائق ساطعات. لقد بدأت القضية في أوائل شهر أكتوبر 1991 حينما اعتقلت قوات الحرس والتفتيش بنابل بمعية أعوان من فرقة العوينة للحرس بتونس مجموعة كبيرة من الإسلاميين ضمت حوالي 90 فردا كنت من بينهم وفي صبيحة 8أكتوبر 1991اعتقل أعوان الحرس فيصل بركات بمنزل قريب من نزل الكيوبس بنابل. اُدخِل مقرات الحرس وهناك تفننوا في تعذيبه فقاموا أولا بتعليقه على هيئة « الروتي » (الدجاجة المصلية)وشرعوا في جلده بعد أن جردوه من كل ثيابه وقد شارك في عملية التعذيب كل أعوان الحرس والتفتيش بنابل فقد كان المطلوب الأول في كامل الولاية وهو أحد أهمّ المطلوبين في القطر لارتباطه بما سمي بمجموعة » المروج « ، وقد كان التعذيب يتم على مرأى ومسمع كل الموقوفين باعتبار أننا كنا موجودين برواق مركز الحرس المطل على مكتب النقيب والمكتب المقابل له على جهة اليمين وهما المكتبان اللذان تتم فيهما عمليات التعذيب وكنا جميعا نشاهد ونسمع كل ما يحدث من تنكيل بالإخوة، كنا جميعا نشاهد كيف ربطوا قضيبه بخيط أبيض وكيف كانوا يؤرجحونه وهو معلق على شكل « روتي » بين طاولتين وكيف أدخلوا بشرجه قضيبا حديديا وانهالوا عليه ضربا بالعصي الخشبية والبلاستيكية حتى أغمي عليه،وفجأة لم نعد نسمع صياحه ولا عويله ولكن سمعنا شخيرا متواصلا لبرهة معتبرة وما لبثوا أن دعوا أخوين للدخول إلى مكتبهم من أجل إسعافه كان أحدهما يعمل ممرضا والآخر أدخلوه للقيام بتخليص القضيب من الخيط .وتجدر الإشارة أنهم وضعوه في عباءة كنا نفترشها وقد حمله أربعة من بيننا وعبروا به الرواق وكان أحدهم يلقنه الشهادة والآخر يمسك بأصبعه ووضعوه في ردهة خارجية ما لبثوا أن أكدوا لنا بعدها أنه قد لفظ أنفاسه الأخيرة وزاد تأكيد وفاته الأخوين اللذين كانا يعذبان في نفس المكتب الذي عذب فيه فيصل . لقد قام أعوان الحرس باستقدام الطاقم الطبي الذي كان يتابع أوضاعنا في الإيقاف وقد أكدوا لهم وفاته فعمدوا إلى أخذه يوم 11/10/1991 إلى الطريق عدد26 الرابط بين منطقة الغرابي (أحواز منزل بوزلفة ولاية نابل) ومدينة قرنبالية وعندها قام رئيس مركز منزل بوزلفة الوكيل محسن بن عبد الله بالإعلام عن حادث مرور لمترجل مجهول الهوية وذلك بواسطة برقيتين الأولى عدد63 والثانية عدد64 بتاريخ 11أكتوبر1991 وقد وقع نقل جثة الشهيد إلى مستشفى مدينة نابل أين وقع تشريحها من طرف الدكتور الصادق ساسي والدكتور (حلاب) بتسخيرعدد 745 والذي أكد الآتي نحن الموقعون (الدكتور ساسي والدكتور حلاب ) المعينين طبقا للتسخير رقم 745 الممنوح يوم 11 / 10 /1991 من طرف رئيس مركز حرس المرور بمنزل بوزلفة و ذلك من أجل القيام بفحص و تشريح جثة مجهول لتحديد سبب الوفاة. – انفتاح حدقي واسع و دائم مزدوج – Mydriase bilaterale – وجود عدة كدمات على مستوى الوجنة اليسرى و الشفة السفلى و الذقن. – Présence d’ecchymoses de la pommelle gauche ,lèvre inferieur et le menton – ورم دموي صغير تحت جلدة الرأس على مستوى الصدغ الأيمن . – Petit hématome sous le cuir chevelu temporal droit – كدمة مع انتفاخ على مستوى اليد اليمنى و الوجه الظهري للساعد الأيمن . – Ecchymose et œdèmes de la main droite et la face dorsale de l’avant bras droit – كدمة و فركة جلدية على مستوى الساعد الأيسر – Ecchymoses et dermabrasion de l’avant bras gauche. – كدمات عديدة موسعة مع انتفاخ كبير على مستوى الردفين – Ecchymoses étendues avec œdèmes très important des fesses – كدمات عديدة و فركة جلدية على مستوى الركبتين – Ecchymoses et dermabrasion des deux genous . – وجود جرحين منقطين على مستوى الساق اليسرى دون وجود أضرار عظمية تحتهما – La jambe gauche est le siège de deux plaies punctiforme sans lésions osseuses sous jacente – كدمة مع فركة جلدية على مستوى الساق اليمنى – Ecchymoses et dermabrasions de la jambe droite. – كدمات على مستوى أخماص القدمين. – Ecchymoses de la plante des deux pieds أثناء التشريح. – الجمجمة: . CRANE · غياب أي كسر على مستوى الجمجمة. · Absence de tous fracture du crane · غياب أي ورم دموي جمجمي داخلي · Absence d’hématomes intracrâniens · غياب أي ورم دماغي داخلي Absence d’hématomes intracérébral · غياب أي فيضان أو نزيف دموي باطني أو انجذاب دماغي · Absence d’inondation ventriculaire ou d’engagement cérébral – الرئتين .poumons · احتقان دموي رئوي شامل يمس كامل مساحة الرئتين و لا يستثني إلا قسمين من الرَوم العلوي للرئة اليسرى . · Congestion pulmonaire intéressant la totalité des deux poumons ne laissant valides que 2 segments du lobe supérieur du poumon gauche – القلب: Coeur · متوقف أثناء فترة الضخ ، لا يحمل أضرار على مستوى الشرايين أو الصمامات · Cœur arrêté en systole ne comporte pas de lésions vasculaires ou valvulaires. – المعدة: estomac · متمددة و لكنها خالية من الأطعمة · Estomac dilate est. vide d’aliments · ورم دموي صغير على مستوى الحوض الأمامي مع ثقب على مستوى ملتقى المنطقة النهائية للأمعاء الغليظة مع الشرج. · Petit hématome du pelvis avec perforation de la jonction recto sigmoïdienne الاستنتاج:la mort serait étendue consécutive à une insuffisance respiratoire aigue en relation avec la congestion pulmonaire من المرجح أن الموت ناجم عن عجز تنفسي حاد مرتبط بالاحتقان الدموي الرئوي الموسع. (انتهى تقرير التشريح الشرعي) وعلى إثره وقع التعرف على جثة الهالك من خلال البصمات فاستقدموا والده السيد الهادي بركات للتعرف على جثة ابنه وأمضوه على وثيقة تزعم أن ابنه توفي بحادث مرور، ووقع دفنه بعد ذلك تحت حراسة أمنية مشدّّدة، ودون الكشف عن جسمه أو وجهه لعائلته. وبتاريخ 6نوفمبر 1991 أذن قاضي التحقيق بفتح محضر بحث ضد مجهول فر إثر حادث مرور كان ضحيته الهالك فيصل بركات . وفي 03 مارس 1992 أذن القاضي بحفظ القضية مؤقتا لعدم ثبوت هوية وشخصية الجاني . ولم يفتح تحقيق إلا بعد 10 أشهر من صيحات ودعوات ومطالب المنظمات الحقوقية وشهرين بعد صدور تقرير رشيد إدريس رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المكلف من رئاسة الجمهورية بالتحقيق في الوفيات المشبوهة . وفي 15 أكتوبر 1992 طالبت منظمة العفو الدولية من وزارة الخارجية التونسية بإعادة فتح التحقيق في الوفاة المشبوهة لفيصل بركات مدعمة طلبها بما خلص إليه تقرير لجنة تقصي الحقائق التي يشرف عليها رشيد إدريس والذي استنتج في تقريره الصادر في 13 جويلية 1992 أن عددا من حالات الوفيات قد حصلت في ظروف غامضة ومشبوه فيها، منها حالة 1 عبد العزيز المحواشي 2عبد الرؤوف العريبي 3عامر دقاش 4 عبد الوهاب عبيدلي 5 فتحي الخياري كما أن هناك حالتان مشبوه في وفاتهما وهما حالة فيصل بركات ورشيد الشماخي وُأذن بفتح تحقيق في الغرض طبقا للفصل 36 من مجلة الإجراءات الجزائية وقد دعمت منظمة العفو الدولية مطلبها بتقرير أعده الدكتور (ديريك بوندار Derrick ponder في فيفري 1992 ومحتواه إن الأضرار الموصوفة في تقرير التشريح لا تتوافق مع حادث مرور الذي من المفروض أنه تعرض إليه الضحية سواء بوصفه مترجلا أو دارجا, ممتطي دراجة نارية أو راكب سيارة . إن الأضرار الملاحظة هي نتيجة لضربات متتالية موجهة من طرف شخص أو عدة أشخاص وإن نوعية الأضرار و الجروح و خاصياتها تنفي أية إمكانية أن يكون الضحية قد وجهها لنفسه بصورة متعمدة إن تقرير التشريح ينص على وجود ورم دموي صغير على مستوى الحوض الأمامي مع ثقب على مستوى ملتقى القسم النهائي للأمعاء الغليظة مع الشرج perforation de la jonction recto sigmoïdienne و من غير المرجح بالمرة أن تكون هذه الأضرار ناتجة عن حادث مرور لأنه لو تم ذلك بالفعل لكانت مصاحبة بكسور خطيرة للحوض لم تقع ملاحظتها بالتقرير التشريحي الأول هذه النوعية من الأضرار تكون بالضرورة ناتجة عن إدخال عنصر أو جسم أجنبي في الشرج ولا بد أن يكون هذا العنصر الأجنبي قد وقع إدخاله على الأقل على مدى 15 سنتيمتر – إن الثقب على مستوى ملتقى القسم النهائي للأمعاء الغليظة مع الشرج يمكن أن يقود إلى موت فوري نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية مع اضطراب مصاحب في إيقاع القلب و احتقان دموي رئوي موسع و تضخم دموي داخل الرئتين كل هذه العوامل تكون مصاحبة للموت المفاجئ وهي بالتدقيق الحالة التي نحن بصدد فحصها وذكرها. – إن تقرير التشريح لا ينص على وجود أية أضرار باستثناء ثقب ملتقى نهاية الأمعاء الغليظة مع الشرج ولم يذكر أي مرض يمكن أن يكون سببا مباشر في حدوث الموت . – هناك كدمات وقعت معاينتها على أخماص القدمين و هذه الأضرار تعتبر غير عادية وغير مألوفة في حوادث المرور و إن التفسير الوحيد و المنطقي لهذه الكدمات على مستوى أخماص القدمين هو أنها ناتجة عن ضربات متتالية وقع توجيهها بواسطة أداة أو آلة ثقيلة – تقرير التشريح تعرض كذلك لكدمات موسعة مع انتفاخ كبير و هام على مستوى الردفين . هذه الأضرار تكون نادرة جدا في حوادث المرور و حتى إذا وقعت معاينتها في مثل هذه الفرضية تكون مصاحبة حتما بكسور عظمية وهو ما لم تقع معاينته في هذه الحالة, يبقى التفسير الوحيد و المنطقي هو أن هذه الكدمات على مستوى الردفين هي ناتجة عن ضربات متتالية بعصا أو أداة بلاستيكية. و تلخيصا لكل ما سبق فإن تقرير التشريح يشير إلى أن الضحية توفيت في أعقاب إدخال قصري في الشرج لجسم أجنبي على مسافة لا تقل عن 15 سنتمتر و قد وقع ضرب الضحية على أخماص القدمين و على الردفين قبل و فاته , أما الأضرار الأخرى التي وقعت معاينتها في أماكن مختلفة من جسم الضحية تتطابق مع آثار ضربات أخرى . إن مجموع هذه الأضرار يشير إلى آثار عنف جسدي مطلقا و يؤكد الاتهامات بممارسة التعذيب و المعاملات اللاإنسانية التي وقع التعبير عنها . إن الأضرار في مجملها و خاصة التي وقعت معاينتها على مستوى الشرج و القدمين و الردفين لا يمكن أن تتطابق مع الأضرار التي تحصل عادة نتيجة حادث مرور . إن التفسير الرسمي للوفاة يفقد كل مصداقيته على ضوء معطيات تقرير التشريح « وبتاريخ 22 سبتمبر 1992 أذن الوكيل العام للجمهورية بإعادة فتح تحقيق في وفاة فيصل بركات وعين ثلاثة أطباء منهم الدكتور غشام وهو أحد الذين شككوا بتقرير(بوندار) وخلصوا إلى أن إدخال جسم خارجي في شرجي الهالك كما يزعم( بوندار) يخلف جرحا في مستوى حافة الشرجي وهذا لم يشر إليه تقرير التشريح الأول للدكتور الصادق ساسي وأن الجروح الواردة في التقرير كانت غير دقيقة وغامضة ، وهكذا حفظت القضية لعدم كفاية الأدلة. وبعد المكتوب الرسمي عدد14 لسنة 1994 والتي بعثت به لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، أذن الوكيل العام للجمهورية لقاضي التحقيق بفتح بحث من جديد في هذه القضية باعتبار ورود شهود يؤكدون وفاة المجني عليه تحت التعذيب (محمد مخلوف، شاكر اسكندر، والمسدي، ولطفي الديماسي ) وهم من أوردهم السيد خالد مبارك الموكل بمتابعة القضية لدى لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، إلا أن الشهود الثلاثة وتحت الضغط والترهيب والخوف امتنعوا عن الإدلاء بشهادتهم رغم أن الشاهد الرابع أكد معرفته للشهيد ومعاينته تعذيبه ووفاته وقدم للسيد خالد مبارك تسجيلا صوتيا في ذلك إلا أن السلطة قامت بتهديده بالقتل من طرف عنصرين من عناصر الحرس والتفتيش وذلك في شط مدينة بني خيار من ولاية نابل وبالتحديد في مرفأ بني خيار وذلك قصد ثنيه عن شهادته . ووقع إيقاف زوجته وسجنها لمدة سنتين نكاية بزوجها وذلك في 23 ماي 1996 انطلاقا من نشاطات قديمة من مثل الحضور في دروس بالمساجد وذلك سنة 1988 و1989 والانتماء لحركة النهضة المحظورة وذلك سنة 1989. وفي 20 جويلية 1994 قدم السيد خالد مبارك للحركة ضد التمييز والتعاون بين الشعوب تقريرا Le Mouvement contre le racisme pour l’amitié entre les peuples. مفصلا في الغرض يؤكد وفاة الشهيد فيصل تحت التعذيب والتي بدورها راسلت سفير تونس في فرنسا للبحث معه في خصوص هذا الملف غير أن سفير تونس اكتفى برد مقتضب معتبرا فيه أن الوفاة كانت نتيجة حادث مرور. إثر ذلك وبطلب من منظمة العفو الدولية ترشح ثلاثة أطباء متخصصين في الطب الشرعي ليفحصوا تقرير الأطباء التونسيين ،وتقرير بوندار، وتقرير تشريح الجثة الذي أعده الصادق ساسي .وكان ردهم كالآتي الأستاذ فورنيي fournierمن جامعة René descente بباريس في 10/10/1994 يشير إلى: أن تقرير التشريح يمكن اعتباره مقتضبا جدا و لا يحمل أي عنصر أو دليل لتحديد السبب الحقيقي للوفاة فأغلب الأضرار المعاينة يمكن ربطها بحادث مرور لكن هناك عنصرين يجعلنا نستبعد هذه الفرضية: -إن الثقب على مستوى ملتقى القسم النهائي للأمعاء الغليظة مع الشرج لا يمكن تفسيره عبر آلية التخفيض أو الكبح الفجائي و التي يمكن ربطها بضرر عظمي على مستوى الحوض. – إن الأضرار على مستوى أخماص القدمين من الصعب تصورها في الإطار المنصوص عليه. إن فرضية الوفاة تتطابق مع المعاينات التي وقع القيام بها أثناء الفحص بالعين المجردة. إن هذه النوعية من الوفيات التي تقع معاينتها في حالات ممارسة العنف و كذلك أحيانا خارج إطار العنف أو التعذيب وقع ذكرها في بعض حالات الفحص المهبلي أو الشرجي و عمليات البزل المختلفة ( بزل الحاجز الرئوي, بزل السائل النخاعي…) صدمات على مستوى الخصيتين ,صدمات على مستوى الضفيرة الشمسية (عصبات عضلية متحابكة ) أو على مستوى العنق. إن فهم آلية حدوث هذه النوعية من الوفاة مازالا مجهولا و لكن معاينة وجود احتقان دموي رئوي في مثل هذه الحالة أمر اعتيادي. و بالتالي و اعتماد على ما ورد من معطيات في الملف وفي غياب معطيات أخرى أكثر دقة و التي تتعلق بالحالة الصّحية و الإكلينيكية السابقة و كذلك وجود أو غياب مواد مسممة –فإن فرضية الوفاة عبر آلية التعطيل على إثر إدخال قصري متعمد و صادم لجسم أجنبي داخل الشرج تبقى مرجحة إلى أبعد الحدود. -أما الدكتور كنيخت Knight من جامعة walés (والز) فيقول في تقريره لقد بحثت في ترجمة تقرير التشريح القصير جدا والذي وقع إعداده من طرف المستشفى الجهوي بنابل والذي يتعلق بشخص متوفى مجهول, و قد قرأت كذلك تقرير الأستاذ pounder وبعض المقتطفات من رد الحكومة التونسية. أريد أن أقول في هذا الصدد أني أوافق على كل الاستنتاجات التي وردت في تقرير الأستاذ pounderو أرفض رد الحكومة بما فيه الرأي الإضافي لأساتذة الطب الشرعي التونسيين الثلاثة و التي كانت ملاحظاتهم غير مقبولة بالمرة . إن الأمر يتعلق بشخص عمره 25 سنة و الذي –إلى أن يأتي ما يخالف ذالك –يمكن اعتبار سجله الصحي في مثل هذا السن خاليا من أي مرض عضوي و خاصة بما يتعلق بمنطقة الشرج و الجزء النهائي من الأمعاء الغليظة . إن سبب الوفاة المذكور في تقرير التشريح الذي يمكن اعتباره ملخصا موجزا لأن أي تقرير للتشريح مهما كان نوعه لا يمكن أن يكون بمثل ذلك الإيجاز – هو معلومة ليست لها أية فائدة و لا تشير البتة إلى المرض الحقيقي الذي أدى إلى حصول الوفاة ، إن التقرير هو فقط عبارة عن إعلان أو تصريح بسيط عن الطريقة النهائية التي تمت بها الوفاة وليس السبب الأصلي للوفاة وبالتالي ليست له أية فائدة أو جدوى. إن التشريح قد كشف عن وجود كدمات على مستوى أخماص القدمين وثقب في الأمعاء الغليظة على مستوى ملتقى المنطقة النهائية للأمعاء الغليظة مع الشرج وكدمات كبيرة وانتفاخ هام على مستوى الردفين وكدمات أخرى مختلفة في الوجه واليدين والرأس والساقين، إن الجرح الوحيد الذي بإمكانه أن يؤدي إلى الوفاة هو الثقب على مستوى ملتقى المنطقة النهائية للأمعاء الغليظة مع الشرج. وفي غياب وجود مرض عضوي خطير معلن مثل السرطان أو التهاب حاد في الأمعاء الغليظة….. فان السبب الوحيد للوفاة لا يمكن أن يكون إلا الجرح الثاقب. هذا الجرح الثاقب لا يمكن أن يحدثه – في غياب جرح بطني خطير- إلا إدخال أداة أو آلة في الشرج، وهذه الفرضية يمكن أن تقع من دون إلحاق أضرار بالشرج إذا تم تزليق آلة رقيقة وحادة في نفس الوقت مثلا قضيب رقيق في الشرج وبالتالي فان الاعتراضات التي عبر عنها الأساتذة الثلاثة تعتبر غير مبررة إذا اعتمدت على غياب أضرار وجروح في الشرج. إن الكدمات المتواجدة في أخماص القدمين لا يمكن أن تكون ناتجة إلا عن ضربات وقع تسديدها أثناء عملية تعليق على مستوى الساقين (الفلقة) وكذلك الكدمات والانتفاخ الموجود على الردفين كانوا نتاجا نموذجيا لضربات وقع تسديدها على تلك المنطقة من الجسم. إني متفق كليا مع الأستاذ Pounder وأوافق على أن الموضوع لا يتعلق بحادث مرور بل إننا أمام وضعية أضرار وجروح وقع إحداثها بصورة متعمدة للأمعاء بإدخال أداة رقيقة في شرج شخص تعرض قبلها إلى ضربات عديدة على القدمين والردفين. أخيرا فإن التقرير الثالث الذي أعده الأستاذ Thomsen من جامعة Odense بالدنمرك يوم 11/11/1994 يشير في ما يخص تقرير التشريح : -إن الأضرار الموصوفة أعلاه لا تتطابق مع أي نوع معروف من حوادث المرور , لأن خاصياتها تتطابق أكثر مع أضرار ناتجة عن ضربات مسددة عمدا بواسطة أداة صادمة و بالتالي فإن النزيف على مستوى أخماص القدمين يعبر بقوة عن نوع من التعذيب معروف تحت اسم « الفلقة » وذلك بتسديد ضربات على أخماص القدمين بواسطة هراوة أو أدوات مماثلة. و إنه من النادر جدا أن نلاحظ ثقبا على مستوى القسم النهائي من الأمعاء الغليظة مع الشرج من دون وجود كسر مصاحب على مستوى الحوض الأمامي و هذا الضرر يشير بصورة أرجح إلى عملية تعذيب تتم بإدخال أداة في أنبوب الشرج. -أما الأضرار الأخرى فكلها تشير إلى توجيه ضربات عنيف و قوية من طرف شخص أو عدة أشخاص عن طريق آلة صادمة. إن سبب الوفاة المصرح بها ليست له أية أهمية لأن الاحتقان الدموي الرئوي هو دائما طور ثانوي يأتي لينضاف إلى وضعية مرضية أخرى سابقة. و بالتالي إذا اعتمدنا على معطيات التقرير الموجز للتشريح المتوفر لدينا, نستطيع أن نعتبر أنه من المرجح و الأقرب إلى المنطق و الواقع – أن سبب الوفاة كان الثقب على مستوى الجدار المعوي الذي وقع معاينته. perforation de la jonction recto sigmoïdienne . وقد ردّت السلطة بأن الأطباء الثلاثة كنيخت وطومسون وفورنيي لم ُيعدّوا تقريرا طبيا بل مجرد تعليقات وتقريرا مضادا لا غير . واتهمتهم بالانحياز لرأي بوندار واتهمت خالد مبارك بتحريف الحقائق بزعمه أن الشهود تعرضوا للضغط والهر سلة والتهديد واعتبرت أن استدعاء الأشخاص الذين اتهمهم السيد خالد بالقيام بتعذيب فيصل لا يكون إلا بقرائن وأدلة وهذا ما لم يحصل، وشككت في التفويض الممنوح لخالد مبارك من طرف الشقيق الأكبر السيد جمال بركات خاصة بعد موت الأب في 14 ديسمبر 1995 . وهنا لابد من الإشارة أن هناك أكثر من 90 فردا شاهدوا وحضروا وفاة فيصل بركات يوم 8 أكتوبر 1991 ، جلهم مستعدون للإدلاء بشهادتهم إذا فتح تحقيق مستقل بضمانات دولية. وتوجد شهادات موثقة من شهود تؤكد وفاة فيصل بركات في مقرات مركز الحرس والتفتيش بنابل يوم 8 أكتوبر 1991 فما على السلطة القضائية إلا إعادة فتح ملف القضية من جديد على ضوء المعطيات الجديدة وما عليها إلا الأمر باستخراج الجثة للتأكد من عدم وجود أي كسور .
ردا على السيد عبدالله الزواري
يرعبهم حقنا في الاختلاف
موقع الديمقراطي التقدمي في حوار مع رئيس تحرير الوسط التونسية
في الرد: على د. عبد المجيد النجار أي المنهجين أفسد؟؟
بقلم: نعيم المسعودي مقدمة: علماء الدين هم حاملوا ميراث النبوة في العلم والعمل والبذل والجهاد، هم صمام الأمان لدى الأمة إذا ما داهمتها الخطوب الجسام، هم الذين يُصلحون إذا فسد الناس ويتصدون للتيارات الجارفة بهم نحو الهلاك، هم القادة المصلحون الذين يقودون العباد والبلاد إلى بر السلامة والأمان، هم الطليعة الذين يتقدمون الشعوب نحو كل خير، ومحل ثقتهم وآمالهم. لذا أمر الله تعالى بطاعة العلماء، وخصهم بالذكر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، وفي قوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، وفي قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلا}، فمِنْ أولي الأمر الذين تجب طاعتهم؟.. إنهم العلماء. ولكن عندما يرضى العالِم لنفسه خلاف ذلك، فيصبح من ورثة الشياطين بدلا من أن يكون ضمن ورثة الأنبياء؛ يرضى أن يكون بوقا للظالمين؛ يبرر ظلمهم ويزينه في أعين الناس، يلبس الحق بالباطل، يقول ما لا يفعل ويفتي بما لا يعلم.. فإنه مباشرة يفقد دوره الريادي القيادي المناط به، ليصبح من الذين ضلوا وأضلوا، ويكون مَثَلُه في ذلك مَثَلُ سحرة فرعون قبل أن يقولوا (آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى). لذلك اشتد النكير على العلماء الفاسدين واعتبر فسادهم اشد من فساد الحكام وانكى بالمسلمين لان العالم في الاصل هو الموقع عن رب العالمين والناس تتعلق قلوبهم به باعتباره يصدر عن فهمه لنصوص الوحي ورحم الله ابن المبارك إذ يقول: وهل أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ وأحبارُ سُوءٍ ورُهبانُهَا وليس افسد للعالم من محبة الدنيا والتعلق بالجاه والمنصب والشهرة والأضواء، والقرب من أرباب المال والجاه والسلطة وهي التي تؤدي بالعالم في النهاية إلى العناد وعلى هذا قوله تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) والغالب على هذا العناد ألا يقع إلا لغلبة الهوى، بحيث يكون وصف الهوى قد غمر القلب حتى لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا. فيسقط العالم في موبقة تملق أصحاب الجاه والسلطان وتزكية الظلم والدفاع عن الظالمين علانية سواء بإصدار الفتاوى التي تؤيد الباطل والأحكام التي تزكي الفساد وترسخه أو بإخفاء الأحكام، أو بالزيادة فيها، أو بتحريف معانيها، أو الامتناع عن تعليم ما وجب عليه. وآفة كتمان العلم غالبا ما تتناول الذين يتعلمون العلم من أجل الدنيا والتقرب من أصحاب الجاه والسلطة، فيضطرون حفاظا على مصالحهم إلى أن يكتموا. هذه مقدمة رأيتها ضرورية في معرض التفاعل مع ما كتبه د. عبد المجيد النجار ردّا على ما اعتبره خللا في منهج الإسلاميين التونسيين شبيها بما أصاب الخوارج والشيعة من انحراف بالصراع السياسي إلى منهج تأويلي باطني أتى عند بعضهم بالتحريف على أصول من الدين، وإلى الحكم بالضلالة التي قد تصل إلى حدّ الكفر على كلّ مخالفيهم فيما يعتقدون. وليسمح لي د. النجار فهذه سقطته الأولى فما علاقة الصراع السياسي الذي تشهده تونس وغيرها من بلاد المسلمين التي تحكمها دول العلمنة واللائكية بالفرق التي ذكرها إلا إذا كان الدكتور يعتبر حزب الدستور حزبا إسلاميا يحكم بالشريعة كما كان الحال في دول الاسلام الاولى التي خرج عليها من ذكرهم من فرق الضلال. فيصير -بذلك القياس- السيد زين العابدين بن علي إمام أهل السنة والجماعة وحزب الدستور هو الفرقة الناجية التي أخبر عنها الحديث. وبمناسبة التصنيف الذي ذكره الدكتور يبدو من الضروري تذكيره وهو سيد العارفين بفرق اخرى ولدت من رحم الصراع مع الملك العضوض منهم الجبرية أو الجهمية الذين وصل بهم الانحراف الى الاعتقاد في أن الطغيان وحكم الاطلاق قدر مقدور وأن الطواغيت هم ظل الله في الارض من عارضهم فقد عارض مشيئة الله. ثم خلفهم بعد أمة رواد « الواقعية » من المعتزلة فقعّدوا للطغيان واضطهدوا العلماء ومنهم امام أهل السنة أحمد ابن حنبل وزينوا للظالمين ظلمهم. وليعذرني الدكتور فانا اعلم ما يكنه لهذه الفرقة خاصة من تبجيل. وبين هؤلاء وهؤلاء استمسك السلف الصالح من أئمة الامة بالمحجة البيضاء وبالوسطية القرآنية في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مهما كلفهم ذلك من تضحيات غير آبهين بغضب طاغية أو بتنكيل جلاد. فكسرت ذراع امام دار الهجرة مالك ابن أنس عقابا على رفضه بيعة الاكراه ومات الامام الاعظم ابو حنيفة في سجنه ظلما تماما كما مات شيخ الاسلام ابن تيمية وامتحن الامام أحمد امتحانا ضجت له الامة ونُحر السعيد ابن جبير وجُلد سعيد ابن المسيب وشرد سفيان الثوري، إلى آخر قائمة الشرف العلمائية ولم يغيروا ولم يبدلوا. وعلى دربهم سار خلفهم عاى مدى اربعة عشر قرنا حتى استلم المشعل شباب في العصر الحديث فسطروا اعظم ملحمة في تاريخ الاسلام فداء وتضحية وضربت حركة الاسلام بسهم وافر في هذه الملحمة فثبت رجالها ثبات الجبال الشمّ فعمروا السجون السنوات الطوال حتى التحق بهم الآلاف من شباب الصحوة الثانية وكانت ورقة مما يكتبه اليوم الدكتور النجار وامثاله كفيلة باخراجهم منه. وسار الشهيد يتبع الشهيد لم يغيروا ولم يبدلوا وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ يقول: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك » لعل الدكتور النجار لا يخالفني الرأي ان الحركة الاسلامية في العصر الحديث قد قامت على عمودين واستوت على سوقها لتحقيق هدفين: إعادة الاعتبار للاسلام قيّما على شؤون الدنيا وضامنا للنجاة في الآخرة عملا بقوله تعالى « وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم في ما اتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ». والهدف الثاني هو بسط الحريات للناس واخراجهم من عبادة العباد الى عبادة رب العباد والتصدي لحكم الاطلاق والغلبة عملا بقوله تعالى: « الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يامرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون » وقد استقر بعد ما كابدته حركة الاسلام من تجارب ومحن على مدى القرن الاخير أن حكم الاطلاق والغلبة والاستبداد القائم فقط على الشوكة هو اصل الشرور في اوضاعنا والسبب الاساس في تخلفنا فترجم ذلك شيخها وشيخ الامة في عصرنا يوسف القرضاوي فتوى في أن مقاومة حكام الاطلاق وبسط الحريات مقدم على إقامة حكم الشريعة وشرطا لازما له. ولم يشذ د. النجار عن ذلك فاعتبر في كتابه مقاربات في قراءة التراث في معرض رده على إمام الحرمين الجويني الذي رأى في الشوكة عاملا مرجحا للمصلحة أنه : « حينما يصبح الأمر مبدأ عاما يشرع لقوة الشوكة أن تحسم في استحقاق الإمامة على حساب عناصر الحق فهو إذا ما نظر اليه في نطاق كلي عام ألفي مفضيا إلى مفاسد تربو على المصالح المنتظرة منه إذ ذلك حينما يصبح مكتسبا للشرعية فانه يفتح الباب واسعا للاستيلاء على الامامة بمقتضى الشوكة لا بمقتضى الحق المشروع، وهو باب للفساد كبير فتح في تاريخ المسلمين بمقتضى هذا الاجتهاد، وولج منه كثيرون وأدى الى فساد كبير كما هو معلوم ».. ص 114 هذا والدكتور يتحدث عن دولة نظام الملك التي تحكم بالشريعة وتدافع عن بيضة الاسلام وتحمي المسلمين فما بالك إذا انقلبت نفس الدولة الى دويلة مفرقة للصفوف فاتنة للناس عن دينهم خادمة للاستعمار. فمن هنا كان الحكم على صلاح المنهج الذي تتبعه الحركة من فساده هو العمل لتحقيق هذين الهدفين من عدمه مهما بُذل في سبيل ذلك من تضحيات جسام والانحراف الحقيقي عن المنهج هو في التخلي عن هذين الهدفين واستبدالهما بموافقة الطغاة والظلمة واتباع نهج الجبرية في التعامل مع الطاغية باعتباره قدرا مقدورا مجرد التفكير في معارضته بله الخروج عليه انحراف عقائدي قد يودي بصاحبه الى مهاوي الكفر. وقديما اعتبرت العرب قول شاعرها دع المكارم لا ترحل لبغيتها … واقعد فانت الطاعم الكاسي أبلغ ما قيل في الهجاء . ولقد تكثف في الدويلات اللقيطة التي ورثت الاستعمار الذي اطاح بالخلافة خصلتا الصد عن سبيل الله والاستبداد بالناس. فتكثف هدف الحركة الاسلامية في مواجهتها والحد من غلوائها واستبدالها بدول تعبر عن هوية الشعوب وتفسح لهم واسعا في الحريات تعبيرا وتنظما واختيارا للحاكم وتداولا على السلطة. وفيما يخص تونس فقد ابتليت بدولة تميزت عن نظيراتها في شدة مناصبة دين الامة عداوة لا تلين وفي الاسراف في معاداة شعبها والاستبداد به وقهره. وسواء أنجحت الحركة الاسلامية جماعات في ذلك أم أبطأت بها الوسائل وموازين القوى فلا يعفي ذلك المسلمين فرادى من واجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » وتوقف رسولنا صلى الله عليه وسلم هنا ولم يقل : فإن لم يستطع فليداهن المنكر وليداريه … عملا بما أثر في الامثال الغربية الميكيافيلية : أذا لم تستطع التغلب عليهم فانظمّ اليهم. وقد جاء في حديث سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: « إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك , ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال « لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم » ثم قال كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا « . لقد فاجئني أن يتصدى رجل في حجم د. النجار مسفها للشيخ الزمزمي في رده على من اختار أن يبتدع منهجا جديدا في الانكار على الظلمة من الحكام يرتكز على إقرارهم أولا على ظلمهم (والظلم في حالتنا ليس اي ظلم بل هو هتك أعراض نساء تونس من لابسات الزي الشرعي) ثم الطلب إليهم أن يخففوا من وطأته في لغة لطيفة عذبة من مثل: وبناء عليه فإنّ ثقتنا في المشرّع التونسي وفي عقلانيته الإسلامية الأصيلة كبيرة لإعادة النّظر في مثل هذا المنشور وغيره متى لزم الأمر بما يخدم مصلحة البلاد والعباد وبما يضمن أيضا تلك المقاصد التي من أجلها وُجدَ المنشور إبتداء.. » (لاحظ استعمال كلمة المقاصد وسنعود اليها تاليا). أما الشخص الآخر الذي تولى د. النجار الدفاع عنه فقال: « ان هذه السياسة الرشيدة غير المعلنة من طرف السلطة بخصوص مسألة الحجاب ينبغي أن تشفع بقرار شجاع من طرفها تعلن فيه إلغاء المنشور 108 ورديفه.. » لنا مع د. النجار في رده هذا وقفات: 1- يقول أستاذ أصول الدين: ربما ساعد اليوم على الوقوع في هذا المنزلق المنهجي ما يمكن أن نسمّيه بأوهام الانترنات؛ ذلك أننا نرِد كلّ صباح على هذا المعين، فنأخذ منه أخبارا جزئية عن أحداث تقع في بلادنا تكون أحيانا كثيرة فجّة غير نضيجة .. فإذا على سبيل المثال ترتسم في أذهاننا جرّاء تلك الأخبار الجزئية الطرية صورة لواقع يمور بأسباب من الاضطراب توشك أن تفجّر الوضع بأكمله في وجوه الحكّام كما نراه في كتابات بعض المعارضين وتصريحاتهم، أو صورة لواقع ينعم بأسباب من الرخاء توشك أن تجعل ذلك الوضع قريبا من فراديس الجنان كما تصوّره أقلام وألسنة استصحبت لغة خشبية سادت زمنا طويلا فأصبحت مطبوعة على المديح الذي لا يرى إلا البياض وحذفت من قاموسها ألوان السواد. هذا الكلام لا غبار عليه ولكن الملاحظة للدكتور النجار اننا نفتقد قلمه في الرد على أصحاب ما سماه لغة خشبية بينما نتعثر فيه لشدة ما يتصدى لما يكتبه المظاليم ردا للظلم الواقع عليهم أو حتى اشفاء لما في صدورهم من ظالميهم. أليس التصدي لسحرة الفرعون والفساد الذي يحدثه ملأه اولى من الاشتغال بترشيد خطاب المظلومين وقد أذن لهم رب العزة أنه : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 2- أما عن الهجوم على الانترنت وهي وسيلة الاعلام الوحيدة التي تسمح له ولغيره بالتعبير عن رايهم في ظل الحصار الشامل الذي تشنه السلطة الغاشمة على بقية وسائل الاعلام فهو ممالم ينفرد به الدكتور بل كان ديدنا لكل من عاد الى البلاد سائحا و »ارتوى بمائها العذب » كما قال احدهم: أنظر الى آخر هؤلاء ماذا يقول بعد عودته مباشرة من عطلته الصيفية او الأمنية: « والمتأمّل في بعض المواقع الإلكترونية التونسية يلاحظ أن النصوص المنشورة لا تخضع للتدقيق و لا الغربلة. فبالإضافة إلى الأخطاء اللّغوية فإن مضامين هذه النصوص تحوي في كثير من الأحيان على عديد من المغالطات و التزييف لكي يتحول الخطاب في هذه الفضاءات إلى خطاب خشبي مسطّح بعيد عن كل موضوعية و إنصاف. » حسنا بعد ما ذكره هذا الشخص وما كتبه د. النجار والذي يبدو كأنه يصدر عن مشكاة واحدة أصبح واجبا علينا ان نشكر « سيادة الرئيس بن علي » على ما يخصصه من أموال ومن فيالق رقباء لمحصارة الانترنت والتضييق عليها في بلادنا ما يجنبنا كل هذه البلاوي!! 5- لماذا يشحذ الدكتور قلمه ويشتد بالنكير على المستضعفين وتأخذه الحمية على الظلمة خاشيا ان يصيب معارضيهم ما أصاب الخوارج. الشيخ الزمزمي الذي بخل عليه الدكتور بذكر اسمه واجه الموت الزؤام على أيدي طاغوت تونس وشهد مقتل أخيه المهندس المنصف زروق أفلا يشفع له ذلك عند فضيلة الدكتور؟؟ ان يتجاوز عن بعض الشدة في خطابه لمن اشتغل بتمجيد ذلك الطاغوت والتلبيس على الناس بوصفه بالرشد والعقلانية. بقدر ما كان الدكتور لطيفا لبقا في معرض تعليقه على هاذين الكاتبين بقدر ما كان متجهما متطاولا على الشيخ الزمزمي. كل ذلك وهو يفسر لنا الاية الكريمة: ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا. 5- يضيف الاستاذ النجار: « صراع الفرقاء إذا ما طال أمده أفضى إلى ضرب من ثقافة الهدم؛ ذلك لأنّ الخصم بما يترسّخ في الأذهان من أنّه على الباطل يتأسّس، وعلى الخطإ تدور كلّ دواليبه، فإنه يكون من الحقّ أن يُعامل بالهدم لأسسه وأفكاره، ولمساعيه وأعماله، إذ هو العائق دون الحقّ الذي ينبغي أن يقوم، وهكذا يصبح الهدم هو الصناعة التي تتمحّض لها الجهود، أما البناء لتأسيس ما ينبغي أن يكون فيصبح متأخّرا في الرتبة، بل قد يصبح نسيا منسيا ». د. النجار في قوله هذا كأنه لا يعرف من المتسبب في طول أمد هذا الصراع لعله الصادق شورو الذي ما زال يقبع في السجون منذ عقدين او هو واخوانه المنفيين منذ نفس المدة. لان هوايتهم ورفاقهم هي مشاكسة الحكام العادلين الديموقراطيين المنفتحين من مثل الفصيلة التي تحكم تونس او هو تقصيرهم في اكتشاف المربعات البيضاء في سواد تونس الحالك. ويستدل في هذا السياق بما كتبه الدكتور أحمد الريسوني العالم المقاصدي من مقالة تأصيلية بعنوان » إنجاز البدائل مقدم على مقاومة الرذائل » وهي مقولة أتوقع ان تستغل في قادم الايام ابشع استغلال في تسفيه منهج المقاومة والتصدي للاستبداد ممالم يقصده االشيخ الريسوني البتة اذ يقول في معرض مقالته: « كما أن هذا كله لا ينفي أن كثيرا من المفاسد والشرور قد تصل في ضررها وخطورتها حدا يستدعي إعطاءها الأولوية في الدفع والاجتناب، ولو بتفويت بعض المصالح التي تحتمل التفويت ». وهل من مفسدة اشد مما تاتيه سلطة بن علي من تعذيب واستبداد وهتك للاعراض؟؟ وحتى اذا لم يستثن شيخ المقاصد كما سماه الدكتور فان إجماع علماء الاصول قائم على ان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وهو اجماع من الاتساع بما لا يضيره شذوذ الدكتورين. ثم لماذا تخلى د. النجار عن هذا المبدأ فاهتم بدفع مفسدة فساد المنهج كما سماه معرضا عن المحافظة على مصلحة وحدة العاملين للاسلام والمتصدين للظلمة؟؟ نحن مع الدكتور فيما ذهب اليه من تزكية خيار الد. الريسوني ولكن حتى يكون لك الخيار بين دفع المفاسد وجلب المصالح يجب ان توجد بادئ ذي بدء اما والحال ان خصمك لم يرض بوجودك اصلا ويعمل على استئصال شأفتك فالواجب هو اثبات الوجود اولا ودفع الصائل في حدود ما سمح به الشرع. 6- وبمناسبة الحديث عن المقاصد التي تكاد تصير الشماعة التي تعلق عليها الاهواء في مداراة الحكام الظلمة والركون اليهم. فليتسع صدر أستاذنا النجار لتعداد سريع لما آتاه النظام التونسي بعيدا عن صراعه مع حركة النهضة (ذلك الصراع الذي لا يعرف الدكتور النجار او لايريد ان يعرف من بدأه ومن يأبده) نقضا للضروري منها لعل ذلك يفيده ويساعد في تعديل ميزان القسط لديه عند تعداده لمربعات السواد والبياض ولن نعتمد في ذلك على مصادر الانترنت التي لا يني الدكتور يشكك فيها رغم أنه واحد من فرسانها والمتابعين لما يكتب فيها والمنشغلين بالرد المفصل عليه بل سنعتمد ما استطعنا مصادر قريبة للسلطة او محايدة: في حفظ الدين: في كتابه ليطمئن قلبي (ص 88) : يذكر الاستاذ محمد الطالبي وهو ليس متهما بالتعاطف او حتى الحياد في علاقته بالحركة الاسلامية الحادثة التالية: « .. ذكرني بما رأيته من عبد المجيد الشرفي وسمعته عندما كنا نجتمع بوزارة التعليم العالي لنشرف على إعداد كتب جامعية لتحديث وتعصير التعليم بجامعة الزيتونة اللاهوتية. لم يكن الحوار سهلا بيننا. وعندما شرعنا في النظر في كتاب يتناول قضية المصحف احتد الخلاف. صاحب مشروع الكتاب الذي كنا ننظر فيه اتجه اتجاها، على الطريقة الاستشراقية المألوفة، يشكك في أن القرآن كلام الله ذاته بلغنا كما أنزل بدون تحريف ولا زيادة ولا نقصان. فلفتّ النظر الى اننا نشرف على كتاب موجه الى جامعة اسلامية لاهوتية ملتزمة، وأن توجه صاحب المشروع ينافي هذا الاتجاه الرسمي للمؤسسة التي طلب منا إعداد كتب عصرية وتحديث التعليم بها لا لتقويضها بالتشكيك في النص الذي هو أساسها والمقدس التزاما وعقيدة بالنسبة اليها. …. واكتشفت ان المكلف بالمشروع ينتمي الى مدرسة رفع القداسة على القرآن وأن ذلك كذلك لانه لا يوجد غيره يستطيع طرق الموضوع بصورة علمية. وخلال النقاش قلت لعبد المجيد الشرفي: « ألا يوجد في القرآن ولو أخلاقية؟ فصعر خده مشمئزا وأجاب: كلا ولا ذلك. وفي هذه الجلسة سمعت منه لاول مرة من دون ان افهم قصده الحديث عن الحل التنميقي والحل الجذري. فبعدما قرات كتابه فهمت الحل الجذري. الحل الجذري هو الانسلاخ عن الاسلام. » (انتهى). هذا ما يفعل بقدس أقداس المسلمين القرآن في دولة المربعات البيضاء والسوداء كما يحلو للدكتور ان يصفها. وهذا العبد المجيد الشرفي توّجه بن علي ملكا على عرش الاكاديميا التونسية فاشرف على اكثر من خمسمائة رسالة ماجستير ودكتوراه في الدراسات الاسلامية في اضخم عملية تفكيك وتشكيك يتعرض لها دين سماوي على الاطلاق. وأصبح شائعا في أوساط الطلبة انك حتى تتحصل على شهادتك في هذا الميدان يجب ان تعترف اولا وتدافع عن مقولة تاريخانية النص القرآني وبشريته. كل هذا ولم نسمع للدكتور النجار ركزا في التصدي لهذا الطاعون وهو في صلب ميدانه واختصاصه وانشغل عن واجب الوقت فيما يخصه بمحاكمة الشيخ المظلوم المضطهد المنفي في احد اركان المانيا مجتهدا في تعديل خطابه معمما في منهج لا علمي ذلك الخطاب الشخصي الذي رآه متشددا على حركة واسعة الاطراف لم يؤثر عنها في تاريخها إلا انها سيدة منهج الاعتدال في نظيراتها. مستخلصا حكما متسرعا متعجلا شانئا باتا عليها بفساد المنهج وانحرافها الى حمأة الفرق الضالة المبتدعة. وبمناسبة الحديث عن المربعات السوداء والبيضاء هل الاولى دفع هذه المفسدة الحالقة للدين ام الحديث عن مصلحة فتح مدرسة ابتدائية في احدى قرى بني خداش؟ في حفظ النفس: أكدت صحيفة « الصباح » اليومية أن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري يعتزم خلال المخطط الحادي عشر للتنمية التقدم بمقترح لتعديل النص التشريعي الخاص بالاجهاض ليسمح بالقيام بتقنية الإجهاض الدوائي إلى جانب الإجهاض الجراحي.. مع العلم أنّه تقرر السعي خلال الخماسية القادمة إلى توفير الكميات الكافية من الأدوية المخصصة للإجهاض وتعميمه على كافة الجهات بعد أن انحصر استعماله في 10 ولايات فقط خلال المخطط العاشر للتنمية. ويمثل الاجهاض الدوائي الذي تم إدراجه سنة 2003 قرابة 35 بالمائة من جملة حالات الاجهاض اليـوم.. .. وحسب نتائج المسح سجلت سنة 2006 حوالي 30 ألف حالة اجهاض إرادي وذلك بالتساوي بين القطاعين العمومي والخاص.. وتجدر الإشارة إلى تطور حالات الإجهاض لدى الشابات غير المتزوجات في هياكل الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري من 1164 حالة سنة 2002 إلى 2126 حالة سنة 2005 ويمثل الإجهاض الدوائي 60 بالمائة منهـا (صحيفة الراية القطرية نقلا عن جردة الصباح: 19/12/2006 « أفادت دراسة حديثة بان المعدل السنوي لمحاولات الانتحار في تونس يبلغ نحو عشرة آلاف حالة. ووضعت البطالة وما تسببه من إحباط وإحساس بالانكسار فى مقدمة دوافع الإقدام على الانتحار رغم أنها رأت أن تلك الدوافع تختلف حسب الأشخاص والظروف الاجتماعية التي يعيشونها. يذكر أن ظاهرة الانتحار في تونس تأتى في المركز الثاني على قائمة الأسباب المؤدية إلى الوفاة بعد حوادث المرور . المصدر : وكالة الأنباء السعودية- 1 صفر 1429 هـ الموافق 8 فبراير 2008 م يحدث هذا في بلد مسلم 10 آلاف حالة انتحار اهم اسبابها البطالة أي سياسة الدولة الاقتصادية و30 الف حالة اجهاض توفر لها الدولة كافة التسهيلات واهمها منع الاطباء من سؤال المجهضة حتى عن اسمها والزام الطاقم الطبي بعدم اعلام زوجها او عائلتها ان كانت قاصرا. هذه المجزرة السنوية لا تستحق التفاتة من فضيلة الدكتور المتلهي عنها بإصلاح ما فسد من خطاب النهضويين. وفي نفس السياق حذرت دراسة لمنظمة حكومية تعنى بشؤون الاسرة من خطورة ظاهرة ارتفاع العنوسة في تونس معتبرة ان ارتفاع هذه الظاهرة لها انعكاسات على الخصوبة. وقالت دراسة للديوان التونسي للاسرة والعمران البشري وهي منظمة حكومية ان مسحا اجري بالتعاون مع منظمة الامم المتحدة كشف ان عزوبة الاناث في تونس قد بلغت معدلات مرتفعة وباتت تشمل نصف الاناث في البلاد. رويترز 23 12 2007 كل هذا اضافة الى اسراف الدولة في عهد بن علي في سياسة تحديد النسل ادى الى خلل سكاني رهيب تعاني منه تونس حيث تعد من بين الدول القلائل في العالم التي يتناقص عدد سكانها وهو ما قد يؤدي الى اغلاق المدرسة الابتدائية ببني خداش التي اعتبرها الدكتور النجار من المربعات البيضاء في المشهد التونسي شديد السواد. 7- يقول الدكتور: منذ أيام كتب أحد الأساتذة في ركن من أركان أحد المواقع ملحوظة قال فيها إنه عند عودته إلى تونس لاحظ انتشارا للحجاب في الشارع بل وفي مراكز العمل الرسمية وغير الرسمية، واستنتج من ذلك أن منشور 108 وإن كان ما زال قائما قانونا فيبدو أن الحاكم غضّ الطرف عنه بعض الشيء واقعيا، ورأى أنّ ذلك بادرة إيجابية داعيا إلى إزالة هذا المنشور بصفة نهائية. وكتب أستاذ آخر رسالة وجهها إلى وزير الشؤون الدينية يرجوه فيها أن يسعى من أجل إبطال هذا المنشور السيء الذكر منوها بان المشرع التونسي لا تنقصه الحكمة التي تجعله يقدم على هذه الخطوة التي ترفع الحرج وتنقذ السمعة. ( لن يختلف قارئان اطلعا على مقالي عمر النمري ومصطفى الونيسي أن تلخيص الدكتور لمقاليهما كان مخلا ومنحازا للكاتبين ولمضمون المقالين. يواصل الدكتور النجار: وربما كان فيما كتبه هذا وذاك عبارات غير رشيقة أو جزئيات غير دقيقة، أو فلنقل أفكار غير نضيجة (انظر الى التهوين مما آتاه الكاتبين والنقد اللطيف لهما وقارن بين ذلك وما سياتي: انبرى لهذين الأستاذين أحد الشيوخ الأفاضل من ذوي السبق في الدعوة، فانقضّ على كل واحد منهما بثلاث مقالات طويلات متتاليات مع وعد بالمزيد، وانهال عليهما بأقذع الأوصاف وأبشع النعوت وأقسى عبارات التجريم، ومن عينات ما قال في أحدهما وقد كان في تلك اللحظات في حاجة إلى المواساة لفقدان والده رحمه الله : » ألا يكفي هذا السيد ما ارتضاه لنفسه من عودة ذليلة، أعطى بها الدنية في دينه، فأحبط بها أجر هجرته وجهاده، وخذل بها صفّ دعوته، وفرّق بها شمل جماعته ووهّن عزم إخوانه، وأقرّ عيون أعدائه، ألا يكفيه كل هذا حتى يأتي ليقف اليوم هذا الموقف الخذول؟ » ( مقالة منشورة بموقع الحوار نت) ياإلهي؟ إذا كان هذا من أجل عبارات غير دقيقة، أو فكرة اجتهادية خاطئة، فماذا لو خطا أحد الأستاذين خطوة أخرى فقابل مثلا رئيس الجمهورية، أو تقلّد وظيفة سياسية، هل يكون الحكم عليه بالخروج من الملّة، فيُساق إذن إلى ساحات القصاص ؟ وما دام د. النجار قد طرح السؤال فسنحاول اجابته بمنطقين: بمنطق السياسة البراغماتية البحت: لو قابل احد هؤلاء المداحين رئيس الجمهورية أو تقلد وظيفة سياسية لالتمسنا له العذر فيما أتاه من تزييف للحقائق وتبرئة للمجرمين في قضية شديدة الحساسية وفي اوج الحملة على المحجبات في تونس. ولكن ان يفعلا ذلك في مقابل مجرد السماح لهما بعودة ذليلة الى تونس لتمضية العطلة الصيفية فيا خيبة المسعى. أما بمنطق الدين فمقابلة الرئيس والحديث معه او تقلد منصب ليس في علاقة مباشرة بما تاتيه السلطة من مظالم وسياسات كفرية كمثل منع اللباس الاسلامي والتنكيل بحاملاته هو أهون من تزكية ذات هذه السياسات ومغالطة الراي العام الداخلي والخارجي والحديث عن سياسة رشيدة في مسالة الحجاب او الحديث عن المقاصد التي ارادها المشرع العقلاني التونسي من وراء منشور العار 108. هذا طبعا اذا كتب الاستاذان ما كتباه من تلقاء نفسيهما أما إذا كانت الكتابة بطلب ممن تفضل عليهما بجواز السفر فما قاله الشيخ الزمزمي لا يفي حقهما من النكير. هذا طبعا اذا كان الرئيس مستعدا اصلا لمقابلة هؤلاء او تمكينهم من منصب حكومي ولماذا يفعل وهما قد باعا قبل قبض الثمن. وهل هناك ثمن يوازي التخلي عن عرض مؤمنة واحدة فوالله لو كانت كل نساء تونس محجبات عن بكرة ابيهن وتعرضت واحدة منهن فقط للاذى لأثم كل اهل تونس ان لم ينصروها. ثم ليسمح لي الاستاذ النجار ان اسائله وهو الذي يشكك في روايات الانترنت لماذا وثق بروايات هؤلاء واحدهما يصرح انه قد بنى استنتاجه بعودة الحجاب مستدلا بذلك على رشد السياة الحكومية على جلوسه لمدة ربع ساعة على ناصية مقهى. يواصل الدكتور: يمكن أن يُحسم الأمر بتصويب ناصح يُسرّ به إلى الأستاذين أو يُعلن، فتحصل الفائدة المرجوة. في هذا المقام لا يسع المرء الا ان يرد النصيحة للدكتور النجار فقد كان يسعه ان يتصل بالزمزمي مباشرة لا ان ياتي ما أتاه ويزيد عليه تعميما ظالما بفساد منهج الحركة كلها دون استثناء لسجين يسام الهوان منذ 20 سنة او لمنفي في وطنه او خارجه او لمحصور داخل وطنه يكاد يمنع من استنشاق الهواء بعدما ضيق عليه في رزقه وتحصله للعلم وتنقله وتعبيره عن رايه ..الخ. لطالما افتقدنا قلم الدكتور الحاد دفاعا عن كل هؤلاء وتصديا لاعتداءات السلطة الغاشمة على مقاصد الشريعة العليا مما اسلفنا. من أطرف ما في مقال الاستاذ النجار ما نقله عن: شيخ المقاصديين الإمام الشاطبي : » إذا صار الهوى بعض مقدمات الدليل لم ينتج إلا ما فيه اتباع الهوى » والسؤال الذي نوجهه للدكتور النجار ولا ننتظر منه جوابا وانما مصارحة مع نفسه: هل ما يكتبه في المدة الاخيرة من دفاع عن سياسات الدولة وتهجم على اخوان الامس ووقوف على ربوة الحياد بين الظالم والمظلوم ماسكا بميزان العدل ملوحا به في جهة المظلومين ان يزنوا كلامهم بميزان الذهب والا فهم موتورون خوارج شيعة يحرفون الكلم عن مواضعه اختل ميزان العدل لديهم وتمحّضوا للهدم، واجترارا للآلام، ونقد وتزييف وإبطال وتشنيع وشتيمة لما يقدمه الآخرون من عطاء بقطع النظر عما فيه خطإ ومن صواب. الى آخر القاموس الذي حفل به مقال الدكتور عبد المجيد النجار. هل كل ما يكتبه الدكتور يخلو من الهوى؟ هل يخلو من ارادة او لاارادة في ارضاء الحاكم حتى يرفع عنه التضييقات؟؟ هل له علاقة بتردده الى السفارة التونسية بباريس طالبا الحصول على جواز سفره والسماح له بالعودة الى ارض المربعات السوداء والبيضاء.؟؟؟ كلمة أخيرة لا بد أن أؤكد وأعترف بأن للدكتور النجار فضل عليّ وعلى اترابي بحكم أننا تعلمنا من منهجه في المقاصد والاصول أشياء كثيرة، فقد فتح لنا باب التحرر من التقليد الاعمى وأخرجنا من هيبة مخالفة المتأخرين إلى سعة الاجتهاد وفتح افاقا للنظر في مقاصد الاسلام ومناهج البحث العلمي رانت عليها أتربة الانحطاط. والدكتور النجار لا شك أنه على علم كبير وعلى دماثة خلق ورحابة مجلس. ونحن لا نستفيد من علمه لانه من جماعة معينة بل لذات العلم الذي يحمله وحتى لو قاده اجتهاده الى مسالك سياسية اخرى فسنبقى نحترم ما يحمله من علم. ثم ان د. النجار معدود من رجالات حركة الاسلام في تونس ومفكريها وأمثال هؤلاء أرى أن من كمال العدل والمروءة أن نعترف لهم بالفضل والسابقة وان ندعو الله ان يسددهم الى الرشد وان ينجيهم من اتباع الهوى وأن نعينهم على ذللك بالنصح والتنبيه. ومع عظيم تقديرنا له واعترافنا بفضله إلا ان الحق يبقى مطلباً وغاية قصوى لا يجوز تركه للمجاملات ولو لم يبدأ الاستاذ النجار ما بدأه لما رددت عليه. ويعلم الله اننا ما رددنا على فضيلة الدكتور النجار الا حرصا عليه من ان يأتي يوم يعامل فيه كما عامل التونسيون مشايخ الزيتونة ممن ركنوا الى الظلمة وساروا في ركاب السلطان: « خذ قوله واترك فعله ». إن المأمول من فضيلة الأستاذ النجار أن يراجع كلامه ومواقفه في هذا الشأن، فإنما يرجع الفقيه عن القول إذا اتسع علمه كما نقل الإمام الذهبي في تاريخه الكبير عن عبد الله بن داوود. وختاماً نسأله سبحانه أن يرينا (الحق حقاً ويرزقنا أتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه!)
من السفارة … إلى الوزارة … فهل من إنارة حول الزيارة ؟ إلى عناية الأخت ميّة الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي .
مهندس حمادي الجبالي لا تغضب!
في غياب الوثيقة الذاكرة كمصدر لتاريخ الزمن الحاضر
ملاحظات حول تقرير اللجنة الإستشارية لصندوق النقد الدولي
مستشفى قصرهلال الجهوي كوخ صحي تنعدم فيه الامكانيات وتكثر القطط السائبة الناقلة للأوبئة والأمراض السارية
السجن لصاحبة فندق بفرنسا رفضت استقبال محجبات
اجتماع مجلس الوزراء: 17.2 مليار دينار ميزانية الدولة للسنة المقبلة
منتدى دافوس يصنف تونس الأولى مغاربيا
وإفريقيا في مجال القدرة التنافسية الاقتصادية
تونس / 9 أكتوبر-تشرين الأول / يو بي أي: صنف منتدى دافوس الاقتصادي حول القدرة التنافسية الاقتصادية في تقريره السنوي 2008-2009، تونس في المرتبة الأولى مغاربيا وإفريقيا، والرابعة عربيا، والمرتبة 35 عالميا من أصل 134 دولة. ووفقا للتقرير الذي بثت الإذاعة الحكومية التونسية مقتطفات منه صباح اليوم الخميس، فإن أداء الاقتصاد التونسي يتقدم عدة دول أوروبية مثل البرتغال التي جاءت في المرتبة 43 ،وإيطاليا (49) واليونان (67 )،إلى جانب تميزه في محيطه العربي،حيث تقدم عدة دول مثل البحرين (37) وعُمان (38 ) والأردن (48 ) والمغرب (73) وسوريا (78) ومصر (81) وليبيا (91) والجزائر (99). وأشارت الإذاعة التونسية إلى أن هذا التقرير إعتمد في تصنيفه عددا من العناصر التي تتعلق المؤسسات والبنية التحتية وباستقرار الاقتصاد الكلي والصحة والتعليم الابتدائي والعالي والتكوين، إلى جانب تقنية الأسواق المالية والمهارة التكنولوجية وحجم السوق ومناخ الأعمال والتجديد. وعلى صعيد الأداء المؤسساتي،صنف منتدى دافوس في تقريره السنوي تونس في المرتبة 22، حيث جاءت في المرتبة الثانية في مجال التصرف في الأموال العامة ،والمرتبة 14 في مجال مناخ الثقة في أصحاب القرار، والمرتبة 15 في مجال شفافية قرارات الحكومة . كما حلت تونس في المرتبة 27 في مجال الصحة والتعليم الابتدائي والعالي والتكوين،وفي المرتبة 30 على مستوى نجاعة سوق الخدمات. أما على مستوى تعقد ممارسة الأعمال،فجاءت تونس في المرتبة الثانية إفريقيا بعد جنوب إفريقيا والثالثة في العالم العربي بعد الإمارات العربية المتحدة والكويت، وفي المرتبة 40 على المستوى العالمي . وكان البنك الدولي قد صنف تونس في تقريره السنوي حول مناخ الأعمال خلال العام الجاري، في المرتبة الأولى مغاربيا، والثالثة إفريقيا، والثامنة عربيا ،والمرتبة 73 عالميا من جملة 181 دولة. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 09 أكتوبر 2008)
السّطو على الكهرباء وسرقة أسلاكه: ظاهرة تتفاقم… وخسائر الـ«ستاغ» بالمليارات استرجاع 12 مليارا من المليمات في 9 أشهر سرقة أسلاك الكهرباء بلغت 4 مليارات في 3 أعوام
في المنيهلة: افتكّوهـا من خطيبها واغتصبوها أمامه
تونس: الأمن الغاني يفرج عن مرافق طبّي
لنادي النجم الساحلي احتجز عقب مبارة السبت
تونس- خدمة قدس برس أخلى الأمن الغاني أمس الأربعاء (8/10) سبيل مدلك نادي النجم الساحلي أنيس بن عياد بعد ثلاثة أيام من الاحتجاز بتهمة الاعتداء على موظف أمن غاني على هامش المباراة التي جمعت فريقه بنادي « اشانتي كوتوكو » بكوماسي في غانا. وكانت نهاية المباراة التي انتهت بالتعادل 2/2 قد شهدت أحداث عنف ذهب ضحيتها عدد من لاعبي النجم الساحلي الذين غادروا الملعب هاربين إلى فندق إقامتهم في سيارة شرطة. وعاد وفد النجم الساحلي إلى تونس الاثنين الماضي (6/10) مخلفا المرافق المحتجز، وروى أعضاء الوفد في تصريحات صحفية عند عودتهم حالة الفزع التي عاشوها مع نهاية المباراة ووقائع عن ضربهم بالحجارة والعصي من قبل جمهور منافسهم وعناصر الشرطة الغانية. وحمّلت هيئة النجم واللاعبون مسؤولية ما جرى لحكم المباراة البينيني « كوتوكو كودجا » الذي حرم النجم حسب شهادتهم من ضربات جزاء ومنح منافسهم ضربة جزاء أثارت احتجاجات كامل الفريق وأطلقت شرارة العنف في الملعب فضلا عن إضافة 16 دقيقة لعب بعد نهاية التوقيت القانوني للمباراة. وكانت هيئة النادي التونسي قد احتجت لدى الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم على تعيين الحكم المذكور الذي له سوابق سلبية مع عدة فرق تونسية. وأكّدت مصادر رياضية تدخل وزير الرياضة التونسي سمير العبيدي بالتنسيق مع وزارة الخارجية للقيام بالمساعي اللازمة لإطلاق سراح المدلّك أنيس بن عياد. وفتح التعادل الذي أحرزه النجم الساحلي آمالا كبيرة للفريق للمرور إلى الدور النهائي القاري خاصة بعد فوز نادي شبيبة القبايل الجزائري على مضيفه المريخ السوداني في نفس اليوم. وذلك في صورة فوزه في المباراة القادمة. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 9 أكتوبر2008)
الأزمة العالمية المالية: خور النظام الليبرالي وحاجة للبديل الإشتراكي
الحركات الإسلامية بالوطن العربي.. تونس نموذجا
عرض/منتصر حمادة كيف نشأت الحركة الإسلامية بتونس؟ وكيف تطور خطابها؟ وما هي العوائق التي جعلت الحركة الإسلامية لا تحتل مكانا سياسيا ضمن منظومة المجتمع المدني؟ وهل سقطت الحركة الإسلامية التونسية ضحية تسييسها؟ وما هي طبيعة تعاطي المجتمع التونسي مع الحركات الإسلامية؟ يمثل هذا العرض، كتاب « الحركات الإسلامية بالوطن العربي: تونس نموذجا » لمؤلفه الباحث التونسي اعليه علاني، محاولة جادة للإجابة عن مختلف الأسئلة المؤرقة المرتبطة بالتجربة الإحيائية (بتعبير رضوان السيد) في الحالة التونسية. جاء الكتاب موزعا على مقدمة ومدخل عام لدراسة الظاهرة الإسلامية والحركات الإسلامية بالوطن العربي تحديدا، وثمانية فصول تستعرض « كرونولوجيا » العمل الإسلامي الحركي في تونس، وأرفق ذلك بتقييم المؤلف تأسيسا على عدد كبير من المراجع والشهادات واللقاءات التي أجراها مع قيادات الحركة. يحصي المؤلف العديد من الأسباب التي تقف وراء ظهور الحركة الإسلامية في تونس، لعل أبرزها تبعات حركة العلمنة التي قادها الرئيس السابق الحبيب بورقيبة منذ الاستقلال، ونستحضر هنا من باب التذكير صدمة الحملة التي شنها بورقيبة ضد الصيام في رمضان، ويمكننا إضافة أسباب أخرى، منها تحجير كل الحركات السياسية، أي منع التعددية السياسية وتجميع كل المنظمات الشبابية تحت لواء الحزب الحاكم وإخضاع القيادة لإدارة الحزب باللعب على التناقضات داخل القيادات. بالنسبة لمأزق العلمنة، يتوقف الكاتب كثيرا عند نتائج تقليص نفوذ الزيتونيين، (نسبة إلى جامع الزيتونة) طلبة ومشايخ رغم كثرة عددهم مقارنة بعدد تلاميذ المدارس العمومية، على اعتبار أن التعليم الزيتوني لم يتأقلم مع المناهج البيداغوجية والعلمية الحديثة. كما أن مشايخ الزيتونة في بداية الحقبة الاستعمارية أفتوا بأن المطالبة بالدستور تعتبر خروجا عن الإمام الذي تجب له الطاعة، وجعلوا بالتالي الاستعمار أمرا مقبولا، ولو أن قراءة أخرى لعياش بن عاشور، تصب في التقزيم من تأثير « السبب الزيتوني »، مُلاحِظا أن تصفية المؤسسة الزيتونية لم تفض بالضرورة إلى ظهور الحركة الإسلامية، مُستشهِدا بالحالتين المغربية والمصرية، حيث لم يمنع وجود جامع القرويين وجامع الأزهر من صعود حركات إسلامية قوية موازية للمؤسسات الدينية الرسمية. ويسرد خمسة أسباب رئيسية تساهم في تفسير أسباب ظهور الحركة الإسلامية التونسية، وهي: التحولات الاجتماعية العميقة، اضطراب واختلال التوازن الطبقي، أزمة السكن والتضخم والبطالة، أزمة النظام في سنة 1969 (الإحالة هنا على فشل تجربة التعاضد التي كانت تقوم على اشتراكية قهرية، وتلاها انخراط السلطة الحاكمة في تجربة ليبرالية متوحشة)، وأخيرا اختلال توازن القيم الأخلاقية في المجتمع. على أن الإسلاميين يرون أن هناك سببا رئيسيا آخر في ظهور « الحركة الإحيائية »، ويتمثل في « طمس الهوية الإسلامية للمجتمع ونقل المثال الغربي بحذافيره دون مراعاة خصوصيات البلاد وتقاليدها ». المشكل الرئيسي بين الحركة الإسلامية والسلطة في تونس يتحدد إزاء طبيعة العلاقة بين الدين والدولة على غرار ما هو قائم في علاقة أغلب الحركات الإسلامية في الوطن العربي والعالم الإسلامي مع الأنظمة الزمنية الحاكمة ». يجزم المؤلف بأن المشكل الرئيسي بين الحركة الإسلامية والسلطة في تونس يتحدد حول طبيعة العلاقة بين الدين والدولة (على غرار ما هو قائم في علاقة أغلب الحركات الإسلامية في الوطن العربي والعالم الإسلامي مع الأنظمة الزمنية الحاكمة). فالإسلاميون كانوا ينادون في تلك الفترة بالدولة الدينية التي تطبق فيها الحدود الشرعية بحذافيرها، في حين أن السلطة في رأي الباحث بول بالطا اختارت منذ الاستقلال علمانية ليست في حالة قطيعة فكرية ومرجعية مع الإيديولوجية الإسلامية الحركية، بدليل وجود هذه العلاقة المتوترة مع المؤسسة ووصاية الدولة على الشعائر الدينية واستفادتها من الرموز الثقافية التقليدية، لتبرير الإيديولوجية الوطنية التي كانت تبحث عن موطئ وسط فضاء تقليدي، إن « أدلجة الإسلام خلال السنوات الأولى من الاستقلال، كانت أدلجة تستجيب لحاجيات أساسية وتعبوية يرتكز عليها النظام السياسي، لغاية فرض القيم الإسلامية ». أخطاء النظام البورقيبي مأزق الدولة الأكبر أنها حاولت أن تتعامل مع الدين من منظور تحديثي لا سلفي، وهو ما جعلها تدخل في صراع مع بعض الزيتونيين، وكان من نتائج حذف التعليم بجامع الزيتونة سدّ الآفاق العلمية والعملية أمام عدد كبير من الشباب الذي لا يتحدث إلا بلغة واحدة (العربية)، مما أجبر العديد من هؤلاء على الهجرة إلى المشرق العربي وخاصة إلى مصر لإتمام دراستهم. وكان من الطبيعي أن يُكنّ هؤلاء الشبان كراهية لبورقيبة ويتعاطفون مع كل الأفكار العربية والقومية وخاصة الناصرية. كما أن قطع العلاقات الدبلوماسية بين تونس ومصر في الستينيات أجبر عددا من هؤلاء الشبان على الهجرة من جديد، فاختار بعض منهم دمشق باعتبار أن بعض شُعبِها مُعرّبة تماما، وكان ضمن هؤلاء المهاجرين راشد الغنوشي الذي سيُصبِح بعد سنوات قليلة المسؤول الأول عن حركة ستُعرَف فيما بعد بـ »حركة الاتجاه الإسلامي » التي ستشهد أولى المحن في محاكمات 1981، في عز مرحلة الوجود شبه القانوني للحركة. واتسمت على الخصوص بغموض الجانب الإيديولوجي والتنظيمي في برنامجها، في رأي المؤلف، فـ »مشروع الحركة يرتكز على رفض لائيكية النظام البورقيبي دون تقديم بديل مجتمعي للحكم »، بتعبير الباحث الفرنسي فرانسوا بورغا ». الحركة الإسلامية التونسية استمدت قوتها من أخطاء النظام البورقيبي الذي تعامل مع المسألة الدينية بشكل اعتباطي وانتهازي، حيث أظهرت السلطة عداء مكشوفا للقيم الدينية، مما أثار حفيظة شق كبير من الرأي العام الذي تعاطف تلقائيا مع الحركة الإسلامية » لقد استمدت الحركة الإسلامية التونسية قوتها من أخطاء النظام البورقيبي (ويضيف المؤلف أيضا ما وصفه بالنفوذ المالي الكبير)، أو النظام الذي « تعامل مع المسألة الدينية بشكل اعتباطي وانتهازي، حيث أظهرت السلطة عداء مكشوفا للقيم الدينية، مما أثار حفيظة شق كبير من الرأي العام الذي تعاطف تلقائيا مع الحركة الإسلامية. والملفت للانتباه أن هذا التعاطف الكبير الذي حظيت به الحركة بين سنتي 1981 و1987 لم يتم تكريسه عمليا، حيث يأخذ المؤلف على الحركة الإسلامية سوء فهم طبيعة المجتمع التونسي الذي يمكن أن يتعاطف مع مجموعة منه مضطهدة لكنه لا يجازف بالتمرد بسهولة على السلطة القائمة، وهو ما أكده على الخصوص القيادي عبد الفتاح مورو. أخطاء « الاتجاه » و »النهضة » جانب المؤلف الصواب، منهجيا على الأقل، في معرض الحسم مع الأسباب الذاتية والموضوعية التي تقف وراء تواضع تأثير الإسلاميين التونسيين على المجتمع، فمرة يتحدث عن سببين (كما نقرأ في الصفحة 11)، ومرة يضيف سببا آخر في صفحة أخرى، قبل أن يتوقف عند سببين آخرين في موقع آخر من الكتاب (ص 250)، وهكذا دواليك، وإجمالا يمكن حصر أهم هذه الأسباب في النقاط التالية: ـ هناك أولا تبعات المقاربة الأمنية التي تبنتها السلطة مع الحركة الإسلامية، والتي توصف عند العديد من الباحثين بأنها استئصالية. ـ تبني إستراتجية العنف والتصعيد (تأسيسا على ما خلص إليه مؤتمر المنار في ديسمبر/كانون الأول 1986) ظنا من قياديي الحركة بأن ساعة الخلاص اقتربت، ولذلك حرضت الحركة قواعدها الطلابية على مضاعفة نسق المسيرات والمظاهرات العنيفة. ـ اعتماد الحركة طيلة فترة السبعينيات والثمانينيات على ازدواجية الخطاب (ديمقراطي وكلياني) والقيادة (سرية وعلنية) مما أثار العديد من التساؤلات لدى الرأي العام والمنافسين السياسيين، إذا أخذنا بعين الاعتبار موقف الحركة من قضية الديمقراطية واعتبارها مرحلة انتقالية لا خيارا إيديولوجيا إستراتيجيا مثلما ورد بالوثيقة السياسية المقدمة للمؤتمر الوطني الرابع للحركة. ـ من الأسباب المتداولة أيضا، اجتهاد الحركة في فرض بديلها المجتمعي من خلال الانغراس داخل النسيج المؤسساتي للمجتمع من معاهد وكليات وجمعيات ونقابات وحتى داخل الأحزاب بما فيها طبعا الحزب الحاكم، لولا أن البديل لم ير النور لافتقاد الحركة لخطة عمل واضحة ولبرنامج مفصل عدا ما هو موجود من تصورات عامة أو تبني خيار المواجهة والتصعيد. » من أخطاء الحركة الإسلامية في تونس تبني إستراتجية العنف والتصعيد في نهاية 1986 ظنا من قياديي الحركة أن ساعة الخلاص اقتربت، ولذلك حرضت الحركة قواعدها الطلابية على مضاعفة نسق المسيرات والمظاهرات العنيفة » ويستشهد الكاتب هنا بما صدر عن عبد الباقي الهرماسي من أن الحركة « حاولت أن تكون تونسية صرفة لكنها فشلت بسبب ثقل الانتماء للإخوان المسلمين وفي فترة لاحقة لصلاتها الوثيقة بحسن الترابي القيادي الإسلامي في السودان إلى غاية فترة التسعينيات ». من بين الأخطاء الأبرز التي ارتكبتها الحركة، ما أكده صلاح الدين الجورشي (القيادي السابق بالحركة والوجه البارز حاليا بالتيار الإسلامي التقدمي)، عن زرع جهاز أمني داخل أحشاء التنظيم، وهو ما اعتبره الشاهد « أهم الأخطاء التنظيمية والسياسية ». وبرر الجورشي ذلك بثلاثة أسباب: أولها ضعف الفكر الديمقراطي داخل الاتجاه الإسلامي، ثم عدم استيعاب القيادات للدرس الإخواني حيث انفجر لغم الجهاز الأمني الخاص، وأخيرا هيمنة عامل الخوف من أن يحصل للإسلاميين في تونس ما حصل للإخوان في مصر من تشريد وتعذيب. ويرتبط آخر الأسباب بتأثير التصدعات التنظيمية لقيادة الحركة سواء في الداخل أو في المهجر، مما يحيلنا على تقييم تجربة الخارج، حيث يلاحظ الكاتب أن التجربة لم تكن أحسن حالا إذ إنها أصبحت تمثل، في نظر بعض المقربين من الحركة (منهم على وجه الخصوص القيادي السابق احميدة النيفر)، « سلبية مضاعفة. فلا هي حققت تأييدا عربيا ودوليا ولا هي استطاعت إنقاذ جسمها التنظيمي من التفكك، وتركزت نضالاتها في فترة التسعينيات من القرن الماضي على مسألة الإفراج عن المعتقلين ». أما صلاح الدين الجورشي، فيرى أن « الإنجاز الوحيد الذي حققته مرحلة المهجر هو أن الحركة بقي لها رأس يدافع عنها، لكن السلبيات كثيرة أبرزها ضعف واضح في أداء الجهاز التنظيمي وانسحاب عدد هام من الكوادر ». صحيح أن الإسلاميين في تونس نجحوا في فرض خطابهم على بعض التيارات الاجتماعية التي تنتمي في معظمها للطبقة الوسطى أو لقطاع التلاميذ والطلبة، لكنهم مع ذلك لم يتجذروا في الأوساط العمالية رغم وجود بعض القياديين منهم في مواقع نقابية، مما يطرح تساؤلا حول مدى تفاعل الفئات الاجتماعية معهم. ترشيد الظاهرة الإسلامية مثلت نهاية الحكم البورقيبي منذ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987 مُتنفّسا كبيرا بالنسبة للإسلاميين الذين انخرطوا بتلقائية في مساندة حركة التغيير وعبّر الغنوشي صراحة عن تأييده لبيان 7 نوفمبر/تشرين الثاني الذي يحدد أبرز ملامح مرحلة ما بعد بورقيبة، والتي واكبت التحول لدى الإسلاميين أيضا، من « حركة الاتجاه الإسلامي » إلى « حركة النهضة ». وبعد ستة أشهر من إزاحة بورقيبة، خطت الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس زين العابدين بن علي خطوات هامة نحو نزع فتيل الأزمة، من خلال الإفراج عن معظم قيادات الاتجاه الإسلامي. ورغم ذلك، تم الدفع بـ »التشريك السياسي » للحركة من خلال مبادرات ثلاث، جاءت أولاها عبر دخول حركة النهضة للمجلس الأعلى للميثاق، مُمثّلة في شخص المحامي نور الدين البحيري، وجاءت الثانية عبر دخول الحركة المجلس الأعلى في بداية 1989 مُمثّلة في الرمز الثاني للتنظيم، عبد الفتاح مورو، قبل المحطة الأهم، وتمت عبر المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 1989 التي لم تستثمرها الحركة بشكل جيد، بل عادت عليها بالوبال وأنهت عمليا ورسميا عقد الوفاق الذي كان بينها وبين السلطة من جهة، وبينها وبين العديد من القوى السياسية من جهة أخرى. » ترشيد الظاهرة الإسلامية بتونس مرتبط بجملة من العوامل الذاتية والموضوعية، منها إسراع القيادة الإسلامية بمراجعات فكرية، وتعميق التجربة والممارسة الديمقراطية في المجتمع » إذ اعتبرت الحركة أن الانتخابات كانت فرصة ذهبية لإبراز قوتها والتعريف بمبادئها من خلال الحملات الانتخابية، حيث وضعت كل ثقلها في الانتخابات ماديا وأدبيا وبشريا وسوّقت لخطاب تعبوي يعتمد على شعارات قديمة من قبيل التأكيد على أن الإسلام هو الحل. واعتبرت السلطة وبقية المجتمع المدني أن خطاب « النهضة » خطير وأن التزامها بالوفاق لم يعد له أساس من الوجود كما أن المتربصين بالحركة من داخل السلطة وجدوا في الاستحقاق الانتخابي الفرصة الملائمة لدق ناقوس الخطر، ليقرر الغنوشي بعد شهر من الانتخابات مغادرة البلاد، بعد أن طلب إذنا بالخروج لأداء فريضة الحج في مايو/أيار 1989، ومنذ ذلك التاريخ لم يعد إلى أرض الوطن. ويختتم المؤلف عمله بالتأكيد على أن ترشيد الظاهرة الإسلامية بتونس مرتبط بجملة من العوامل الذاتية والموضوعية، منها إسراع القيادة الإسلامية بمراجعات فكرية، تحدث عنها بعض قياديي « النهضة »، ومنها أيضا تعميق التجربة والممارسة الديمقراطية في المجتمع من خلال الحسم الجماعي في ثوابت تضمن حماية الدولة والمجتمع من أي اهتزازات.
النواب يطالبون برفع الحد الأدنى للأجر إلى 40 ألف دينار معركة »استيراد الخمور » تشتعل مجددا بين البرلمان والحكومة
اختطاف صاحب قاعة للحفلات بتيزي وزو