الجمعة، 14 يوليو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2244 du 14.07.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــلاغ الأساتذة المسقطون عمدا في مناظرة الكاباس: بلاغ إعلامي التنسيقية المؤقتة لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل:بيان الاتحاد العام لطلبة تونس: بيــان النّقابات العامّة والجامعات العامّة بالاتّحاد العام التّونسي للشّغل: دعوة للإحتجاج على الهجمة الصّهيونيّة على شعبنا في فلسطين ولبنان الحياة: السجن 20 سنة لقادة إسلاميين تونسيين الحياة:مجلس وزراء الداخلية العرب يؤكد عدم الاكتفاء بالمواجهة الأمنية … قلق من سعي الإرهابيين للحصول على أسلحة الدمار الشامل موقع إسلام أون لاين.نت: نص بيان اتحاد العلماء المسلمين نورالدين العويديدي: تونس لكل أبنائها!!  رشيد خشانة: ميزات التوريث … الجمهوري توفيق المديني: تأصيل الفكرة الديمقراطية في الواقع التونسي محمد العروسي الهاني: رسالة للتاريخ حماية الأخلاق واجب وطني و ديني الهادي بريك: الرشوة مثالا على آفات التدين موقع إسلام أون لاين.نت: نص بيان اتحاد العلماء المسلمين ( مع الإشارة إلى تونس بفقرة كاملة) القدس العربي: قوات الأمن والشرطة المغربية تقمع تجمعا أمام سجن سري سابق موقع سويس إنفو: بعد عقود مضت.. ضحايا التعذيب بالمغرب يريدون اجابات منتصر حمادة :حتي لا تتكرر المآسي المصرية مع السلفيين المغاربة القدس العربي: مصر: الرقابة تمنع مسرحية تحكي عن بلد يبيعه رئيسه


 
Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 

 

 

أنقذوا حياة محمد عبو أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين  الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف: 71.340.860 الفاكس: 71.351831

 
 
تونس في: 14 جويلية 2006
 بــلاغ
 
أعلمنا السيد عبد الحميد الصغير المناضل الطلابي أنه محروم من جواز السفر وأن وزارة الداخلية رفضت تمكينه من جواز سفره رغم تقديم العديد من الطلبات و لكن دون جدوى وهو ما اضطره إلى الاعتصام يوم 12/07/2006 بمقر مركز الأمن الجامعي للمطالبة بتمكينه من جواز السفر لكن أعوان الأمن الموجودين بالمركز اعتدوا عليه بالعنف و أخرجوه عنوة من مركز الأمن الجامعي الذي ما إن خرج منه حتى وجد أعوانا من فرقة الإرشاد تنتظر خروجه لإيقافه .   رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري    ————————————-
تونس في: 14 جويلية 2006   بـيان   علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن السجين السياسي السيد محمد القلوي دخل في إضراب مفتوح عن الطعام منذ ما يزيد عن أسبوعين و ذلك للمطالبة بإطلاق سراحه لأن بقاءه بالسجن يعزى لصدور أحكام متكررة ضده في نفس التهم الموجهة اليه والمتمثلة في الانتماء الى حركة النهضة.   و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي طالما توجهت بنداءات لإعادة دراسة ملفات المساجين السياسيين لتمتيعهم بعدم تنفيذ عقوبة ضدهم من أجل نفس الأفعال لأن ذلك فيه خرق للمبدأ الذي يقضي بعقاب شخص مرة أو مرارا عديدة من أجل نفس الأفعال و هي تطالب بإطلاق سراح السيد محمد القلوي و التعجيل بدراسة طلبه بخصوص اتصال القضاء بصدور الحكم الأول .   رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري   ————————————-   تونس في: 14 جويلية 2006   بــــيان   أعلمنا السجين السياسي السابق السيد حسونة بن محمد بن عبد الله النايلي أنه تعرض للاعتداء عليه بالعنف الشديد من قبل رئيس الفرقة المختصة بمقر منطقة الحرس بسوسة يوم الاثنين 10/7/2006 ما بين العاشرة صباحا والواحدة ظهرا وأن الاعتداء تسبب له في فقدان السمع بأذنه اليسرى انتقل على إثرها إلى المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة لتلقي العلاج اللازم  وتحصل على شهادة طبية تفيد حصول ثقب بطبلة الأذن اليسرى نتج عنها صمم و نزيف و طنين متواصل.   و قد ذكر أنه كلف أحد المحامين بتقديم شكاية لوكالة الجمهورية ضد رئيس الفرقة المختصة بمقر منطقة الحرس بسوسة.و قد حصل هذا الاعتداء الشنيع عندما كان السيد حسونة النايلي موجودا بمقر منطقة الحرس ليسجل حضوره امتثالا للمراقبة الادارية.   مع الإشارة إلى أن السيد حسونة النايلي قضى بالسجون التونسية فترة تقارب الخمسة عشر عاما تنفيذا لأحكام صادرة ضده من أجل الانتماء إلى حركة النهضة .   و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تطالب بوضع حد لجبر السجناء السياسيين السابقين على التنقل إلى مراكز الأمن حيث تقع إهانتهم وتعطيلهم عن أي عمل يمكن أن يوفر لهم دخلا بسيطا لسد الرمق و تطالب بمحاكمة من يثبت اعتداؤه على السجناء السياسيين السابقين أو إهانتهم بتوجيه عبارات نابية لهم من السب والشتم.   رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري


  

الأساتذة المسقطون عمدا في مناظرة الكاباس

بلاغ إعلامي

تونس في 14جويلية2006

 

 

نحن الأساتذة المسقطين عمدا في شفاهي مناظرة الكاباس 05/2006، نعلم الرأي العام أننا توجهنا صبيحة هذا اليوم 14جويلية2006 إلى مقر وزارة التربية و التكوين بالتنسيق مع أعضاء اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل و بعد تمكننا من دخول مقر الوزارة التحق بالمكان عدد كبير من كل تشكيلات البوليس بالزي المدني و النظامي و أغلقوا باب المقر و منعوا المواطنين من قضاء شؤونهم، هذا و قد تمكن وفد متكون من الأساتذة: محمد مومني و سالم العياري من مقابلة السيدة ليلى البوزايدي المسؤولة عن إدارة التعليم الثانوي، حيث احتجا على الطرق غير القانونية و المشبوهة في انتداب الأساتذة مما يشكل ضربا لشفافية المناظرات و مصداقيتها، و قد وعدت المسؤولة المذكورة بالتفاعل الجدي و الايجابي مع هذا الملف.

و نذكر الرأي العام أننا سنواصل النضال بكل الطرق من أجل الحق في النجاح و العمل و فضح المرتشين داخل وزارة التربية و خارجها    في علاقة بانتداب الاساتذة، لهذا نطلب من كل من له شهادة أن يقدمها بلا خوف و لا تردد، ومن ناحيتنا نمتلك من الأدلة ما يكفي لتكذيب سفه السفهاء في حديثهم عن تكافؤ الفرص و المصداقية . و ليتحمل كل ما فعلت يداه.

 

الامضاءات:

       البشير المسعودي  (37 سنة)  أستاذية فلسفة 1998 ·        الجيلاني الوسيعي (35 سنة) أستاذية عربية 1999 ·        محمد مومني (33 سنة) أستاذية فلسفة 1999 و باحث في ماجستيرالفلسفة المعاصرة ·        الحسين بن عمر (30 سنة) الأستاذية  في الإعلامية 2001 و شهادة الدراسات العليا المتخصصة          في نظم الاتصالات و الشبكات 2003 ·        علي الجلولي (33 سنة) أستاذية فلسفة 2001 ·        لطفي فريد (32 سنة) أستاذية فلسفة 2002 ·        محمد الناصر الختالي ( 26 سنة) أستاذية فلسفة 2005 ·        حفناوي بن عثمان (33سنة) أستاذية عربية 2005  


التنسيقية المؤقتة لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل
بـــيــــان
تونس، في 12 جويلية 2006   بعد جملة التحركات التي خاضها إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل من أجل مطالبه و المتمثلة بالأساس في حق التشغيل لجميع المعطلين عن العمل من أبناء الشعب المفقر، تجدد التنسيقية المؤقتة دعوتها لكل المعطلين للإلتحاق بالإتحاد على أرضية ما اعلن في البيان التأسيسي الصادر بتاريخ 25/05/2006 والأرضية العامة والتي تنص أساسا على:   – إتحاد أصحاب الشهدات المعطلين عن العمل: منظمة نقابية وطنية مستقلة يهدف إلى توحيد نضالات أصحاب الشهادات للدفاع حقهم في الشغل بكل الوسائل.   – الإتحاد منظمة تضم في صلبها كل مواطن تونسي الجنسية متحصل على شهادة علمية أو مهنية معطل عن العمل أو بصدد عمل مؤقت (الفصل الأول من القانون الأساسي).   – إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل منظمة مستقلة في قراراتها عن السلطات الحكومية والهيآت السياسية والنقابية و الحقوقية والجمعياتية )المادة الثانية من الفصل الثاني (يسعى إلى الدفاع عن حق الشغل للمنخرطين في صلبه بعيدا عن التوظيفات السياسية و الحزبية وهو ليس تجمعا لتيارات سياسية أو حزبية أو نقابية وإنما هو منظمة تضم في صلبها كل المعطلين عن العمل ضحايا السياسة الإقتصادية و التعليمية التي فرضتها السلطة كحلول أثبتت فشلها.   كما نؤكد أن قضيتنا تستمد شرعيتها من الحق في العمل والحياة الكريمة ونزع وهم الحلول الفردية والتسرب من داخل الصفوف ونوجه دعوة عاجلة لكل القوى الوطنية المناضلة و الصادقة من أجل الإلتفاف حول عدالة قضيتنا و ندعو أبناء الشعب الكادح و المفقر إلى توحيد الصفوف للدفاع عن حقنا المشروع في العمل، أما أساليب القمع و الردع و الجذب إلى الخلف التي تنتهجها السلطة ومن حاذاها لن تزيدنا إلا تمسكا بالإتحاد وبحق المعطلين أصحاب الشهادات في العمل   عاش إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل مستقلا، جمــاهيريـا، منــاضـلا.   التنسيقية المؤقتة لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: الشريف خرايفي: 20850131 فلة الرياحي:  21591905 الحسن رحيمي: 21918197 سالم العياري: 97433958

 

الاتحاد العام لطلبة تونس  بيــــــــــــــــــــان
يهم المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس أن يتوجه إلى الرأي العام الوطني والديمقراطي بالبيان التالي: لقد تم يوم الأربعاء 11/07/2006 على الساعة الرابعة بعد الزوال، إيقاف مجموعة من مناضلي الاتحاد وهم: – نجيب الدزيري: عضو مكتب فيدرالي بكلية الاقتصاد والتصرف بتونس. – نزار بوجلال: عضو بالاتحاد العام لطلبة تونس بكلية الحقوق بتونس. – مسعود العلاقي: كاتب عام المكتب الفيدرالي بكلية العلوم بتونس. – محمد الهادي حمدي: عضو بالاتحاد العام لطلبة تونس بكلية العلوم بتونس. وذلك بدعوى نشوب خلاف مع عون مرور علما وان لا أحد منهم يمتلك سيارة أو ولا دراجة نارية. وعلى إثر تحولهم إلى منطقة الشرطة بباردو تم إطلاق سراح كل من مسعود العلاقي ومحمد الهادي حمدي على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا في حين تم الاحتفاظ بنجيب الدزيري ونزار بوجلال ولم تقع إحالتهما على المحكمة إلى حدود اليوم الجمعة 14/07/2006. وحيث أن الجهات التي اتصلنا بها عبرت على أن ما حدث لا يتجاوز خلافا عاديا لا علاقة له بنشاطهما النقابي أو السياسي فإننا نتساءل عن سبب تأخير إحالتهما على المحكمة وهو ما يعمق قلقنا على وضعهم الصحي واحتمال تعرضهما للتعنيف. هذا وقد تزامنت هذه القضية مع حملة من المحاكمات ومجالس التأديب التي يتعرض لها مناضلونا في عديد الجهات(صفاقس، قابس، بنزرت، قفصة، تونس…)، وهو ما ينبأ بالعودة إلى أسلوب التصفيات التي تستهدف جهة بعينها في إطار حسابات تسبق المؤتمر. وعليه فإننا نعلن عن: 1- استعدادنا للدفاع عن مناضلينا بشتى الوسائل حتى رفع المظلمة التي نتعرض لها. 2- دعوتنا كافة الديمقراطيين إلى الوقوف إلى جانب الاتحاد حتى يظل رافدا من روافد الحركة الديمقراطية.   عاش الاتحاد العام لطلبة تونس مناضلا، مستقلا، ديمقراطيا   الاتحاد العام لطلبة تونس عضو المكتب التنفيذي  شاكر عواضي     


احتجاجا على الهجمة الصّهيونيّة على شعبنا في فلسطين ولبنان

 
تونس في 14 جويلية 2006   احتجاجا على الهجمة الصّهيونيّة على شعبنا في فلسطين ولبنان والتزاما بثوابت الحركة النّقابيّة المناضلة ضدّ الصّهيونيّة والاستعمار، تدعو النّقابات العامّة والجامعات العامّة بالاتّحاد العام التّونسي للشّغل الممضية أسفله كافّة النّقابيّين إلى المساهمة الفعّالة والمكثــّفة في إنجاح التّجمّع الاحتجاجي وذلك يوم الإثنين 17 جويلية 2006 على السّاعة منتصف النّهار ببطحاء محمد علي بتونس.
عاش الاتّحاد العام التّونسي للشّغل نصيرا قويّا للمقاومة العربيّة ولطموحات الأمّة العربيّة في التّحرير والوحدة. – النّقابة العامّة للتعليم الثانوي – النقابة العامة للتعليم الأساسي – الجامعة العامة للصحة – النقابة العامة لصناديق الضمان الاجتماعي – النقابة العامة لأعوان وزارة العدل – الجامعة العامة للفلاحة – النقابة العامة للشباب والطفولة – جامعة البريد والاتصالات


جمعية اهل البيت الثقافية تونس

 
بسمه تعالى تحية الى المقاومة الاسلامية الباسلة في فلسطين ولبنان مرة اخرى تتجلى وحدة الصف الاسلامي بابها صورها في الدفاع عن شرف و مقدسات الامة الاسلامية
اننا في جمعية اهل البيت الثقافية تونس نعلن عن و قوفنا و مساندتنا لاهلنا في لبنان وفلسطين  في جهادهم ضد الصهاينة المحتلين والخزي و العار لعملاء المستعمرين اعداء الامة و الدين المحمدي الاصيل عاشت المقاومة الاسلامية الاصيلة عاشت الوحدة الاسلامية عاشت الثورة الاسلامية المباركة
السيد عماد الدين الحمروني

 


إنا لله وإنا إليه راجعون

السيد الصادق الغنوشي في ذمة الله

بقلوب حزينة باكية ولكنها صابرة لقضاء الله محتسبة تنعى حركة النهضة السيد الصادق الغنوشي شقيق رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي. وقد انتقل الفقيد العزيز إلى رحمة الله تعالى عن عمر يناهز التسعين. حركة النهضة، بهذه المناسبة الأليمة، تحتسب عند الله فقيدها العزيز وترفع إلى الشيخ راشد وإلى العائلة الكريمة خالص التعازي راجين من العلي القدير أن يرزقهم جميل الصبر وأن لا يفتنهم وإيانا بعده وأن يتقبل فقيدنا القبول الحسن بواسع الرحمة والمغفرة وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وأن يشمله بندائه العلوي : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي 18 جمادى الثانية 1427 الموافق 14 جويلية 2006 حركة النهضة بتونس عامر العريض  للاتصال بالشيخ راشد للتعزية:  00447966077062
 
(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 14 جويلية 2006)

السجن 20 سنة لقادة إسلاميين تونسيين

 
تونس – رشيد خشانة   قضت المحكمة العسكرية في العاصمة تونس أول من أمس بسجن قياديين من حركة «النهضة» المحظورة يقيمون في الخارج عشرين عاماً، في أول محاكمة في نوعها منذ تسعينات القرن الماضي.   وقال المحامي عبدالرؤوف العيادي إن متهمين سلمتهما لوكسمبورغ وإيطاليا إلى السلطات التونسية أخيراً نالا حكمين بالسجن ستة أعوام مع إخضاعهما للمراقبة الإدارية خمسة أعوام إضافية.   وأوضح لـ «الحياة» ان المتهمين توفيق السالمي وعلي بن سليمان اللذين شاركا في حرب البوسنة، لوحقا بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ودين معهما أعضاء في حركة «النهضة» على رغم أنهم لم يشاركوا في الحرب وبينهم رئيس المكتب السياسي للحركة عامر العريض المقيم في باريس ومحمد الهادي الزمزمي أحد قيادييها المعروفين.   وكانت المحكمة العسكرية في تونس العاصمة قررت في العام 1992 سجن مئات من كوادر «النهضة» فترات مختلفة وصلت إلى المؤبد بتهمة تشكيل تنظيم إرهابي والتخطيط لقلب نظام الحكم، إلا أن الحركة نفت التهم.   وفي سياق متصل، أفاد العيادي أن محكمة مدنية في العاصمة تونس قررت السبت الماضي إرجاء النظر في التهم الموجهة إلى الشقيقين مروان وماهر بزيوش اللذين سلمتهما السلطات الجزائرية لتونس بينما كانا يتأهبان للسفر إلى العراق للانضمام إلى «المقاومة». ووُجَهت لهما تهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي سنّه البرلمان في أواخر السنة 2003.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 14 جويلية 2006)

مجلس وزراء الداخلية العرب يؤكد عدم الاكتفاء بالمواجهة الأمنية … قلق من سعي الإرهابيين للحصول على أسلحة الدمار الشامل

 
 تونس – الحياة   حذر الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان مما تشكله شبكة الانترنت من وسيلة بالغة الأهمية بالنسبة للإرهابيين في أكثر من مجال، خصوصاً على صعيد تجنيد الأفراد ونشر المعلومات والعمل الدعائي.   وقدم الدكتور كومان في كلمة له خلال افتتاحه أعمال المؤتمر العربي التاسع للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب في تونس أمس، إحصاء يشير إلى أن عدد المواقع الإرهابية على شبكة الانترنت لم يكن في السابق يتجاوز 20 موقعاً، وأصبح اليوم بالآلاف بحسب تقديرات الخبراء، وذهب إلى أن الإرهابيين باتوا بذلك ينفذون جرائمهم على نحو عابر للحدود، وهو ما يزيد من ثقل المهمة الملقاة على عاتق الأجهزة الأمنية المكلفة بمكافحة الإرهاب.   وأعرب عن القلق إزاء سعى الإرهابيين للحصول على أسلحة الدمار الشامل والجزم بأنهم لن يتورعوا عن استخدامها ضد الناس البسطاء الذين لا دخل لهم بشؤون السياسة والسلطة، بعدما ثبت ان الوسيلة الأساسية التي يستخدمونها لبلوغ مآربهم هي إيقاع اكبر عدد ممكن من القتلى في صفوف المدنيين. ورأى انه لا يمكن الاكتفاء بالمواجهة الأمنية إزاء هذا الواقع على رغم أهميتها، بل لابد من مقاربة شمولية تعالج جذور الإرهاب وتقطع الطريق أمام الدعاية الإرهابية، وتستبق تحولات ظاهرة الإرهاب واستغلالها للتقنيات الحديثة، ولابد لذلك من حشد جهود جهات مختلفة، يأتي في مقدمها المواطنون أنفسهم الذين هم هدف العمليات الإرهابية.   وأعرب الدكتور كومان عن الاعتقاد بان الدور الأكبر في هذا المجال يقع على عاتق مؤسسات المجتمع المدني المختلفة التي يمكنها الإسهام بفعالية في حشد قطاع واسع من الرأي العام في مناهضة الإرهاب، كما تقع على عاتق المؤسسات الدينية مسؤولية تجريم كل ممارسات الإرهاب وتفنيد الادعاءات والفتاوى المزيفة التي يطلقها الإرهابيون.   وأكد دور الإعلام، وحض على الاهتمام بالفئات الفقيرة والمهمشة وتحسين أوضاعهم المعيشية وفاء للواجب الوطني تجاهها، وحتى لا تكون فريسة سهلة للجماعات الإرهابية.   ويتناول المؤتمر مواضيع عدة، تتعلق بمكافحة الإرهاب على المستوى العربي والدولي ودعم التعاون العربي في هذا المجال، ومنها كيفية تحقيق الأمن الفكري ومكافحة الإرهاب البيولوجي ومجالات التعاون الإقليمي العربي مع المنظمات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب، وكذا التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودورها في مواجهة الإرهاب.   يذكر أن المؤتمر يعقد في تونس بمشاركة ممثلين عن مختلف الدول العربية وجامعة الدول العربية وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ومنظمة الانتربول ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.   ويترأس وفد المملكة إلى الاجتماع المسؤول في إدارة التعاون الدولي في وزارة الداخلية العقيد محمد بن سعد الربيعي.   … ويدين ممارسات إسرائيل الإرهابية ضد الفلسطينيين   وأعرب الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن على كومان عن إدانة شديدة للأعمال الإرهابية المنظمة التي تقوم بها الآلة الإسرائيلية في فلسطين ضد شعب يكافح من اجل حريته وتقرير مصيره، من قتل للمدنيين الأبرياء العزل واغتيالات واجتياحات وتدمير يتم بكل صلف ووحشية للبنى التحتية.   وجدد الأمين العام في كلمة له افتتح بها أعمال المؤتمر العربي التاسع للمسؤولين حول مكافحة الإرهاب في تونس، التأكيد على التمييز الكامل بين المقاومة المشروعة للاحتلال التي كفلتها الشرائع السماوية وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وبين الأعمال الإرهابية البغيضة التي يلتقي المؤتمر من اجل معالجتها.   كما أكد أهمية المؤتمر في التصدي لمخاطر الإرهاب المرشحة للتفاقم بفعل عوامل متعددة، منها نجاح الإرهابيين في استثارة الحماسة الدينية لدى بعض الأفراد في المجتمع ممن يفتقرون إلى الوعي الصحيح واستغلال الجماعات الإرهابية لبعض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لتحقيق أغراضها الإجرامية وتجنيد أتباعها والاستغلال المتزايد للتقنيات الحديثة في تنفيذ أعمالها الإجرامية.   كما دانت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) قيام إسرائيل بتدمير الجامعة الإسلامية في غزة في الأراضي الفلسطينية.   وقالت المنظمة في بيان لها أمس من الرباط، ان سلطات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت، للمرة الثانية خلال أسبوع واحد، الجامعة الإسلامية في غزة بقصفها بالصواريخ وتدمير مبانيها ومرافقها ومنشآتها، وإحداث دمار كامل في مقارها.   واستنكرت المنظمة بشدة العدوان الإسرائيلي الهمجي على المدنيين والمدارس والجامعات والمؤسسات التربوية والمرافق الحيوية والبنية التحتية في غزة والضفة الغربية، وناشدت دول العالم والمنظمات والمؤسسات الدولية، خصوصاً «اليونيسكو» بأن تدين هذه الأعمال الإجرامية، وأن تتدخل في شكل فوري وجدي وحازم لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ومؤسساته المدنية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي العنصري المخالف للقوانين والقرارات الدولية.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 13 جويلية 2006)


« الموقف » في رسالة جامعية

تقدم الطالب خالد الماكني الطوجاني برسالة لختم الدروس في معهد الصحافة وعلوم الإخبار بإشراف  الأستاذ  كمال بن يونس  في دورة جوان كان موضوعها   » القمة العالمية الثانية لمجتمع المعلومات من خلال صحيفتي « الشعب » و »الموقف » تحليل مضمون- دراسة مقارنة « . وقال الباحث إن الهدف الأساسي من بحثه هو مقارنة المادة الإعلامية التي خصصتها الصحف الأسبوعية التونسية ولا سيما صحيفتي « الشعب » و « الموقف » لحدث القمة العالمية لمجتمع المعلومات (تونس 2005)، وإبراز مدى وكيفية تعامل وتفاعل الصحيفتين مع هذا الحدث. كما رمى البحث إلى الخوض في مفهوم « مجتمع المعلومات » ومختلف المفاهيم والإشكالات المتصلة به مثل « الفجوة الرقمية » و »العولمة »، إضافة إلى الاهتمام بقمتي جنيف2003 وتونس 2005.   وتوصل الباحث من خلال دراسة مواقع المادة الإعلامية إلى عدة استنتاجات هامة من بينها أن جريدة « الموقف » أولت اهتماما أكبر في تغطيتها للقمة العالمية الثانية لمجتمع المعلومات وأنها « اختارت في أغلب الأحيان الصفحات الجميلة للمقالات المتصلة بالقمة، وخصوصا المقالات التي تتعلق بالإضرابات والاحتجاجات ضد القمة والتي تخدم توجه الصحيفة ».   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)

أين الجديد؟
 
لوحظ في الإجتماع الذي أشرف عليه وزير الدولة المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية بمدينة بنزرت يوم 6 جويلية وتطرق خلاله إلى عدة قضايا ورهانات مطروحة اليوم على الساحة الوطنية، ومن بينها ما يسمى ب »قضية الرابطة التونسية لحقوق الإنسان »، أنه لا جديد لدى الحكومة لتجيب به على أسئلة الرأي العام وانتظارات النخب. ما قاله الوزير المستشار كان إعادة حرفية لتصريحات سابقة لم تقنع أحدا في الداخل والخارج، ومن الصعب أن يصدَق المرء أن قائلها مقتنع بها.   سطو
أقيمت في قابس مسابقات شبابية بين المؤسسات التربوية بالجهة حول مضامين مجلة الأحوال الشخصية بمناسبة الذكرى الخمسين لصدورها. لكن « التجمع الدستوري » أبى إلا أن يُستحوذ على هذه النشاطات التربوية فكلف عضو ديوانه السياسي السيدة أليفة فاروق بالإشراف على تكريم المشاركين والمشاركات في مقر لجنة التنسيق، كما نُقل معرض  المبدعات في الصناعات التقليدية إلى « دار التجمع » وأصبح يسمى … « معرض إبداعات المرأة التجمعية ».   مؤتمرات سخنة
لم تقتصر الحرارة في فصل الصيف على الأحوال الجوية بل اجتاحت أيضا المؤتمرات الجهوية لاتحاد الصناعة والتجارة في أكثر من ولاية. ولعلها بلغت الذروة في صفاقس حيث تم تأجيل المؤتمر وإلغاء جميع الترشحات المقدمة لعضوية المكتب التنفيذي للإتحاد وتجميد نشاط السيد المنصف خماخم عضو المكتب التنفيذي الجهوي من كل هياكل الإتحاد من دون كشف اسباب هذا القرار الغريب عشية مؤتمر جهوي هام، خصوصا أن السيد خماخم الذي سبق أن تولى مسؤولية الإتحاد الجهوي معروف بجسارة مواقفه ووزنه الأدبي لدى رجال الأعمال بالجهة. ومعلوم أن قيادة المنظمة عملت على إزاحته من الكتابة العامة في مطلع السنة الجارية وحل محله السيد الطاهر السلامي.   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)


 

سواحل مهددة بالتلوث

بعد الهجوم السياحي على السواحل الجنوبية والشرقية الذي أدى إلى تلويث البيئة والإخلال بالتوازنات الطبيعية، يمتد الزحف الآن إلى شاطئ الزوارع من ولاية باجة، وهو ثروة وطنية مهددة بالزوال إذا امتدت لها الأيادي الجشعة التي قطفت رحيق الحمامات ونابل وسوسة والمنستير وجربة. وقد تكفلت شركة دراسة وتهيئة منطقة الزوارع – نفزة التي تأسست سنة 1999 بإجراء الدراسات لإدماج هذه المنطقة الفريدة والمتميزة بنظافة محيطها وجمال موقعها في دوامة المسالك السياحية. ويبدو أن أصحاب النهم الإستثماري مستعجلون للظفر بها في أقرب وقت، إذ عُقدت ندوة يوم 4 جويلية الجاري بالعاصمة بمشاركة وزير السياحة وعدد من الخبراء والمهنيين وأصحاب مكاتب الدراسات للتخطيط للزحف على المنطقة. ولا شك أن الزوارع تستحق حملة وطنية لإنقاذها من براثن الجشعين والمحافظة عليها باعتبارها ثروة وطنية يصعب تعويضها لو تم التفريط فيها. فاروق النجار   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)

انتداب متطوعين لجيش البر

 
 تعتزم وزارة الدفاع الوطني انتداب جنود متطوعين لجيش البر (فتيان فقط) من ذوي المستوى التعليمي السنة الثانية ثانوي نظام جديد فما تحت والذين تتراوح أعمارهم بين 18 و23 سنة ولا تقل قامتهم عن 65،1م. وحددت الامتيازات لهؤلاء بالحصول على مرتب شهري بداية من 300 دينار مع مجانية اللباس والسكن والتداوي. وحدد آخر اجل للترشح يوم 19 أوت على أن ترسل المطالب عن طريق البريد إلى القاعدة العسكرية بمسجد عيسى 5010 الوردانين المنستير.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 14 جويلية 2006)

غرة سبتمبر انطلاق موسم جني الحلفاء

صدر مؤخرا قرار من وزير الفلاحة والموارد المائية ينص على فتح موسم جني الحلفاء وجميع العمليات المتعلقة بعملية الجني والنقل والوزن والشراء يوم غرة سبتمبر المقبل على ان يغلق الموسم المذكور يوم 10 مارس 2007. وتقدر كميات الحلفاء الممكن جنيها خلال الموسم المذكور بحوالي 40 الف طن وحجر القرار الوزاري الرعي وجني الحلفاء وكل العمليات المتعلقة بنقل ووزن وشراء هذا النبات طيلة موسم 2006-2007 بعدد من القطاع والمساحات بكل من ولايات القصرين وسيدي بوزيد وقفصة.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 14 جويلية 2006)

الإعـدام شـنقا لقـاتـلي التلميذتين مروى وحليمة

صرحت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس في ساعة متأخرة من مساء اول امس بحكم الاعدام شنقا على قاتلي التلميذتين مروى وحليمة، والتي جدت وقائعها بجهة جبل عمار منذ شهر افريل 2004 وكانت هذه الجريمة بعثت اللوعة والحسرة في قلوب اهالي المنطقة وعائلة الضحيتين خاصة ان جثتيهما لم تظهرا في اليوم الاول من تعرضهما للقتل والاغتصاب.  وكانت اصابع الاتهام قد انحصرت في بداية الابحاث في 4 اشخاص احدهم كهل معتوه تم ايداعه بمستشفى الرازي والثاني حفظت التهمة في حقه فيما تورط في الجريمة المتهمان الاخيران احدهما متزوج واب لطفلة.   وخلال محاكمتهما اول امس انكرا ما نسب اليهما وذكر الثاني المتزوج وعمره 27 عاما ان الاول هو من ارتكب الجريمة واجبره على مواقعة الهالكتين وكانت احداهما ميتة والثانية تحتضر. وبعد المفاوضة رأت هيئة المحكمة ان الادلة كافية لادانة المتهمين وقضت باعدامهما شنقا طبق احكام الفصول 201 و202 و204 و227 من القانون الجزائي والمتعلق بالتهم التي وجهتها لهما دائرة الاتهام وهي قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية الاضمار والمسبوق بجريمة مواقعة انثى غصبا.                             مفيدة القيزاني   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 14 جويلية 2006)


تونس لكل أبنائها!!

 
نورالدين العويديدي   لا يكاد يخلو مجتمع بشري، في عالمنا المعاصر، من تيارات فكرية وسياسية ودينية مختلفة، بل متباينة ومتصارعة في كثير من الأحيان.. فقد شاء الله أن يخلق الناس مختلفين، إذ جعلهم شعوبا وقبائل، وجعل الغاية من ذلك الاختلاف الواقع بين البشر، بسبب الخلق والتكوين، التعارف بينهم، بما هو تفهم أحدهم للآخر، وقبوله به، واعتبار اختلافه عن الذات مصدرا من مصادر إثراء الحياة البشرية وإغنائها.   لكن الكثير من الناس جعلوا الاختلاف سببا للصراع والتقاتل، بدلا من التعارف والتعاون، حين أرادوا أن يلغوا الاختلاف، ويفرضوا التماثل والتشابه، ولو باتخاذ القوة إلى ذلك سبيلا. فالرغبة « الطاغوتية »، من أي أحد جاءت، في منع الاختلاف، وفرض التماثل، عادة ما تصطدم بطبيعة الأشياء، أي بالاختلاف المغروس عميقا في الذوات البشرية، ومن هنا تنشأ الصراعات والحروب والتقاتل بين الناس.   ***                     ***                     ***   هذا على صعيد الناس جميعا.. أما في تونس، ذلك البلد الصغير في شمال إفريقيا، غير بعيد من أوروبا، فثمة إرادة في السلطة وفي صفوف المعارضة، باستثناء مجموعة 18 أكتوبر، راسخة لمنع التعدد ومقاومة الاختلاف. وإذا ما سمح بشيء من الاختلاف فبشرط أن يكون مجرد تنويعة بسيطة على « الأصل ».. أي مجرد أشباه ونظائر:   – فالسلطة التونسية لا تقبل أي معارضة جادة. وتزداد شراسة الحكم ضد المعارضة كلما كانت أكثر حضورا في الشارع، وأكثر قربا من قلوب الناس، وتمثل بديلا عن الحكم القائم. وهذا الأمر ليس جديدا على النظام التونسي، فقد ذاق الاضطهاد ومر بالسجون التونسية، خلال نصف القرن الماضي، عشرات الآلاف من المعارضين، من الزواتنة والمقاومين للاستعمار، الذين أطلق عليهم الراحل بورقيبة اسم « الفلاقة »، إلى اليوسفيين وباقي فصائل التيار القومي، مرورا بالقوى اليسارية المختلفة، وانتهاء بالتيار الإسلامي، الذي شن النظام ضده حملات « إبادة » واستئصال عاتية، انتهى بها حكم الرئيس السابق بورقيبة، وتفاقمت بقوة في عهد الرئيس الحالي زين العابدين بن علي، ولا تزال نارها مستعرة حتى اليوم، عبر الإبقاء على المئات من المساجين يرزحون في سجون الموت، واستمرار التضييق على الآلاف من المساجين السابقين، وحرمان التيار الإسلامي عامة من العمل والوجود القانوني، على الرغم من سعي هذا التيار للقانونية منذ دخوله الساحة السياسية، قبل أكثر من ربع قرن.   – أما في المعارضة فثمة إرادة لدى بعض القوى لمنع الاختلاف على صعيد المرجعيات الفكرية والسياسية، وللحجر على الاجتهادات المختلفة، والحرص على أن يكون التنافس محصورا بين الأشباه والنظائر، ممن يطلق عليهم اسم القوى « الديمقراطية »، وهو الاسم البديل للعلمانية، بعد أن ترذل هذا المصطلح في أوساط الرأي العام التونسي، والعربي والإسلامي عامة. هؤلاء « الديمقراطيون » يستندون للديمقراطية في إقصاء أطراف تختلف معهم في المرجعية الفكرية والسياسية.. وبذلك تنقلب الموازين، وتتخذ المبادئ القائمة على الاعتراف بالاختلاف والتعدد سبيلا للإقصاء والحجر على الآراء والاجتهادات.    ***                     ***                     ***   يلاحظ المرء بحيرة وقلق، وهو يقلب المشهد العربي من مغربه إلى مشرقه، أن تونس التي سبقت الكثير من الدول العربية والإسلامية في الانفتاح على العصر، وعرفت قبل غيرها الثقافة الحديثة، بحكم قربها من أوروبا، وانفتاح مجتمعها، وحيوية نخبها، وسبقت غيرها في إقامة دستور يقيد سلطات الحاكم.. هي للأسف واحدة من أكثر الدول العربية والإسلامية استبدادا وانغلاقا وتطرفا في الممارسة السياسية، وضيقا بالاختلاف وبالرأي المغاير، وكبتا للحريات العامة والخاصة، حتى عدتها الكثير من منظمات الدفاع عن الصحافة من أكبر أعداء الحرية عامة والحرية الصحافية خاصة.   – فوضع المغرب مثلا أفضل بكثير من وضع تونس في مجال الحريات العامة والخاصة، وفي مجال الاعتراف بالاختلاف والتعدد، وبما أفرزه المجتمع المغربي من قوى فكرية وسياسية مختلفة، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.   – ووضع الجزائر، على الرغم مما عرفته من تقاتل داخلي، خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي، أفضل أيضا من الوضع التونسي، والقوى الفكرية والسياسية المعترف بها في الجزائر أكثر تمثيلا للمجتمع من القوى المعترف بها في تونس.   – كما إن الأوضاع في مصر ولبنان والأردن واليمن والكويت وحتى السودان أفضل من الوضع في تونس، من حيث هامش الحريات، ومن حيث الاعتراف بمكونات المجتمعات في تلك الدول.   – وكذلك الحال في ممالك الخليج وإماراته، فالعلاقة بين المواطن والسلطة لا تعرف ما تعرفه تونس من احتقان وقهر وتصادم. إذ الحكم في الخليج يظل قريبا من الثقافة المحلية لسكانه، ويجعل ذلك الدولة أقل توحشا في التعامل مع « مواطنيها » أو رعاياها، وهو ما يجعل المواطن الخليجي يشعر أن الدولة دولته، وأنها في خدمته، في حين يشعر التونسي أنه في خدمة الدولة، وأنه لا يمكن له أن يخالف لها رأيا دون أن يدفع ضريبة غالية من تعذيب أو سجن أو نفي وتشريد.   ***                     ***                     ***   لا شك أن هذا الأمر يحتاج إلى تفسير، فالوضع التونسي الشاذ والغريب يحتاج إلى قراءة تفك ألغازه. ولعل السر يكمن في أن دولة الاستقلال، التي شكلها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، قد قامت على أساس القطيعة مع الثقافة السائدة، وتَمَثُل تجربة اليعاقبة في فرنسا، التي كان بورقيبة مسحورا بها إلى حد بعيد، مما جعل الدولة التونسية « تتأله » على شعبها، وتلجأ إلى الصدام والأساليب القهرية لتغيير الثقافة السائدة، وصناعة هوية جديدة للتونسيين، على الرغم من أنوفهم. فالتونسيون، كما كان يقول بورقيبة، مجرد ذرات من غبار متناثر، صنع منهم الرئيس الراحل دولة وشعبا وأمة من دون الأمم، على حد توهمه.   على الرغم من رحيل بورقيبة لا يزال الشعب التونسي يدفع إلى الآن ضريبة الروح « الثورية » والمنطق « الرسولي »، الذي ميز أداء الرئيس السابق. فبورقيبة الثائر على مرحلة الانحطاط، التي عرفها العالم العربي والإسلامي، الطامح بقوة إلى إلحاق بالتونسيين بـ »ركب الحضارة »، كما كان يقول، قد جعله حرصه هذا، وجعل الدولة التي شكلها على صورته، تخلط مثلما كان يخلط بقوة بين حالة الانحطاط وبين مكونات الهوية العربية الإسلامية، ولذلك ورثت الدولة وكثير من قطاعات النخبة التونسية توترا مازال على أشده مع الإسلام والعروبة، وهو توتر سيظل هو ومنطق امتلاك حزب أو عائلة معينة للدولة، أهم سببين لتعطيل أي رغبة في بناء الديمقراطية في البلاد، إذ لا تجتمع الديمقراطية مع الفساد، كما لا يمكن لها أن تجتمع مع الإقصاء.   بقعة ضوء في نهاية النفق أتاح رؤيتها تشكيل حركة 18 أكتوبر للحقوق والحريات. فهذه الحركة نشأت على قاعدة الاعتراف بالجميع، وعلى أساس اعتبار المطلب الديمقراطي هو المطلب الجامع لمختلف القوى التونسية، مهما تباينت رؤاها الفكرية والسياسية.. وإذا ما أتيح لهذه الحركة أن تتطور إلى قوة جامعة لأكثر التونسيين الطامحين إلى التغيير، يمكن لنا أن نقول ساعتها بالفم الملآن: إن تونس قد آن لها أن تصبح أخيرا لكل أبنائها…   (المصدر: مجلة « أقلام أون لاين »، العدد الثامن عشر، السنة الخامسة / جويلية – أوت 2006) وصلة الموضوع: http://www.aqlamonline.com/nour18.htm

ميزات التوريث … الجمهوري

 
رشيد خشانة   لم تعد توجد مشكلة توريث في الأنظمة الجمهورية في العالم عدا المنطقة العربية. ربما الإستثناءات القليلة هي كوريا الشمالية وكوبا و… الصين إذا ما فهمنا التوريث على أنه بقاء الحكم في عائلة حزبية واحدة. لكن عدد هذه الدول  ثلاث فقط بينما لدينا اثنا عشر جمهورية عربية تعاني جميعها (عدا فلسطين) من مشكل تداول على الحكم. من هذه الزاوية بدا تعهد رئيس المجلس العسكري الإنتقالي في موريتانيا العقيد أعلي ولد فال بالإمتناع من ترشيح نفسه أو أي عضو من المجلس للإنتخابات الرئاسية المقبلة بدافع ضمان الحياد، موقفا غريبا وخارجا عن المناخ المألوف، إذ اعتدنا على أن كل من يضع قدمه في سدة الحكم يعتبر نفسه باق هناك حتى الممات. ومن يأتي للإنقاذ يجعل الناس يبحثون بعد فترة عمن يُنقذهم منه. فلم نر رؤساء يتربعون على سدة الحكم ثم يزهدون في الجاه والأبهة ليقولوا بعد سنة « انتهى الوقت وأكملنا المهمة … علينا أن نترك المكان لغيرنا ».   الإستثناء الوحيد كان الجنرال عبد الرحمن سوار الذهب (وهو فعلا رئيس من ذهب) إذ أصر على تسليم الحكم في اللحظة المقررة بعقل كبير وقلب واسع لأنه شعر بعبء الأمانة ومعنى المسؤولية. وربما يكون العقيد ولد فال المثال الثاني إذا وفى بوعده، وعسى أن يكون فألا حسنا يؤشر إلى مرحلة جديدة في العالم العربي. صحيح أن الرئيس السوري الراحل شكري القوتلي تخلى طواعية عن الرئاسة من أجل مشروع كبير (أو هكذا كان يُنظر له في تلك الحقبة) لكنه لم يكن رئيسا انتقاليا وإنما رئيسا منتخبا. وصحيح أيضا أن الرئيس المصري الأول اللواء محمد نجيب غادر الحكم سريعا من دون أن يُقتل أو يوضع في السجن، إلا أنه أجبر على الإستقالة مثلما أجبر عليها الجزائريان الشاذلي بن جديد واليمين زروال والعراقي أحمد حسن البكر. أما القاعدة العامة فهي اعتبار الحكم لُقية ثمينة لا ينبغي التفريط فيها حتى الموت وعطاء إلاهيا لا يليق التنازل عنه مهما كان الثمن.   على هذا الأساس بات انتقال الحكم في الجمهوريات العربية لا يخضع لقواعد موضوعية وإنما يدور حول هدف أساسي هو ضمان بقاء الحكم  داخل الأسرة أو الحزب أو المنطقة. فنحن استوردنا من الأنظمة الجمهورية في الديموقراطيات الغربية « الماركة » والشكل الخارجي وليس المضمون. وسرعان ما اكتشفنا أنها بضاعة مقلدة لا علاقة لها بالمنتوج الأصلي. فجمهورياتهم قائمة على التداول الحقيقي الذي لا يجوز أن تتأخر ساعته لحظة واحدة وعلى الإختيار الحر في إطار انتخابات نزيهة وشفافة. أما عندنا فتقوم الجمهورية على ضمان توريث الحكم مع إخضاع الدساتير وجميع الآليات المتاحة لتحقيق تلك الغاية. وهذا يعني أن مصلحة الأسرة أو الحزب أو المنطقة باتت أهم من مصلحة الوطن، لا بل أصبح الوطن في خدمة هؤلاء.   ويمكن القول إن الخط البياني في العالم العربي سار في عكس الإتجاه الذي سار عليه العالم في العقود الأخيرة ليس فقط في أوروبا الشرقية والوسطى وإنما أيضا في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا. ويكفي إلقاء نظرة على دول الجوار من السينغال إلى تركيا إلى إيران كي ندرك أن الحكام يريدون للعرب أن يبقوا خارج دورة التاريخ، تارة باسم أولوية التنمية وطورا بدعوى محاربة اسرائيل وطورا ثالثا بحجة أنهم مشغولون بحماية المجتمع من الإرهاب. لكن الثابت أن جمود الأنظمة السياسية بما يشيعه لدى الناس من قطع الأمل في التغيير، بات يشكل أخطر عقبة أمام التنمية وأكبر عائق لمقاومة الإحتلال  وأهم وقود للجماعات المتشددة.   ولو ألقينا نظرة من حولنا للاحظنا أن آسيا التي ركزت على التنمية في الستينات وأرجأت الإصلاحات السياسية حققت اليوم نهضة اقتصادية وعززتها بإرساء ديموقراطيات صارت تعتمد التداول والتعددية. وفي كوريا الجنوبية على سبيل المثال تضاعف الدخل الفردي عشر مرات في العقدين الماضيين بينما لم يتضاعف الدخل في البلدان العربية التي كانت قريبة من مستواها سوى أربع مرات فقط في الفترة نفسها. والأهم من ذلك أن اقتصادها مرشح بفضل حيويته المتدفقة لمزيد من التوسع في المستقبل فيما اقتصاداتنا مهددة بالركود.  والنتيجة أننا لم نحصد تنمية ولا حققنا الديموقراطية على رغم التضحيات التي قدمها الجيلان السابقان. وباعتماد نظام التوريث وما يستتبعه من تحنيط للمؤسسات وتجميد للطاقات وهجرة الكفاءات سنفسح المجال للقارة الأفريقية كي تتقدم علينا بدورها وننعم نحن بالجلوس في المرتبة الأخيرة … عالميا.   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 14 14 جويلية 2006)  


الكتاب: اتحاد المغرب العربي بين الإحياء و التأجيل الكاتب: توفيق المديني الناشر: اتحاد الكتاب العرب – دمشق – جويلية 2006
 

الفصل الحادي عشر: تأصيل الفكرة الديمقراطية في الواقع التونسي

 
على الرغم من أن النخبة الحاكمة في تونس اضطلعت بدور طليعي قي قيادة حركة التحرر الوطني ضد الاستعمار الفرنسي،و تبنت نهج الحداثة، و دافعت عن قضية تحرر المرأة ،فإنها عانت طيلة العقود الثلاثة الماضية من  موجة عدم  الاستقرار  الشعبي، و هي موجة واجهتها باستراتيجيا  القمع مع توجه نحو ليبرالية سياسية مهيمن عليها جرت العادة على تسميتها بالتحول الديمقراطي  أو التحرك نحو الديمقراطية أو ما أشبه.     فالفكرة الديمقراطية التي تبنتها النخبة التونسية منذ بداية الثمانينيات، و التي سبقتها صراعات اجتماعية و سياسية و حتى عسكرية بين الحكومة التونسية وحزبها الحاكم من جهة ، ومختلف أشكال المعارضات من جهة أخرى ، و مخاضات عسيرة  حول مفهوم الديمقراطية وآليات تطبيقها ، ومدى ملاءمتها مع البيئة التونسية، ظلت عرضة للأخطار،و الانتكاسة، والتراجع ، بسبب تقييد الحكومة الصارم  للحريات الأساسية، وعدم اتجاهها  نحو الحد من سلطة الدولة على الأفراد ، و بقائها   أسيرة  المصالح الخاصة ، للأوليغارشية  الطائفية الأمنية  والحزبية الحاكمة، ذات المنشأ الاستبدادي.   هناك عوائق بنيوية ً تقف بين التحرر الوطني و انتصار الفكرة الديمقراطية و الحريات في بلد لا يزال يحبو على طريق الحداثة ، مثل تونس، الذي على الرغم من أنه عرف نموا ً كبيرا ً لحركات اجتماعية منذ فجر الاستقلال ، فإن هذه الحركات المجتمعية  القوية القائمة مثل الإتحاد العام التونسي للشغل ، و الحركة الطلابية ، و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ، وجمعيات المحامين و القضاة، لم تستطع أن تكون مجتمعاً مدنيا ً قادرا ً على  الصمود أمام وطأة الدولة ، و على التفاوض مع هذه الدولة ، وبالتالي على تزويد المجتمع  السياسي باستقلاليته الفعلية.    قد تكون تونس من بين البلدان العربية القليلة التي تنعم بالتجانس الديني و الإثني ، إذ إن الدين السائد هو الإسلام ، و المذهب السائد هو المذهب المالكي السني ، و لا وجود لمذاهب أو طوائف أخرى . لكن في تونس ، و منذ الاستقلال ، برزت فيها نخبة مناطقية مستجدة أخذت تنمي و تعبىء هوية حزبية  و مناطقية ضيقة  و تضعها في خدمة مصالحها الفئوية أو في خدمة الاستبداد المنظم لعملية التحديث. وهي نخبة ليست ديمقراطية لأنها غير منتخبة من الشعب،  وتمثل رهطاً من الفاسدين واللاهثين وراء مصالحهم الخاصة، وهي مقتنعة بمواصلة المعركة ضد المعارضة السياسية على اختلاف أطيافها ، لا سيما الإسلامية منها،  وخوضها بمعونة شعارات وأساليب شمولية إقصائية.   ويصح في تونس أكثر من أي بلد آخر القول المأثور: كما تكونوا يولى عليكم! فالمشكلة أن النخبة التونسية لا ثقافة ديمقراطية لها ولا تقاليد راسخة في ممارستها. والحقيقة، أن الديمقراطية تبدأ بإرساء نظم علاقات ديمقراطية وممارستها مؤسساتيا كما تتطلب التغيير في العقليات والتكوين النفسي، لا بالشكل فحسب ولكن أيضا بالمضمون. ومن الأفضل للسلطة السياسية التي ترفع لواء الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان أن تبدأ بممارسة هذه القيم داخل أطرها المؤسساتية ،لأن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه. وهذا ما هو ليس حاصلاً وربما لن يحصل.   وتعتمد الحكومة التونسية  على خيار   تشديد القبضة الأمنية على المجتمع ،وتركيز كل جهود السلطة عليه،  ما دام  ضبطه أمنيا كفيل بامتصاص الأصوات الشاذة المطالبة باحترام الحريات العامة . ولأن ضبط المجتمع  شرط توطيد الأمر القائم ، لاسيما بعدما تعالت أصوات داخلية تطالب بإحداث نقلة نوعية عبر القيام بإصلاح ديمقراطي جدي و عميق للحكومة   ، ومعالجة الأزمات التي يجب أن تعالجها تونس بجهود أبنائها، في الموالاة والمعارضة، والذين لن يتمكنوا من مواجهة التحديات بغير تحول  نظامهم السياسي نحو الديمقراطية  ، يعترف بحقهم في الحرية، وبحق أحزابهم في الشرعية والعلنية، ويقوم على نمط من الإدارة والتنظيم يستند على مشاركة المواطن في الشأن العام، دون قيود تبطل حريته أو تتعارض معها، ويسمح بمراجعة سياساته الداخلية والخارجية، وبتحويل الدولة من دولة حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم  إلى دولة حق وقانون، دولة الكل الاجتماعي  تخص كل واحد من مواطنيها.   غير أن الحكومة سعت إلى نشر كاريكاتير الديمقراطية هذا ، والتبشير به كديانة جديدة للمجتمع التونسي . وهو ليس ديمقراطية الإغريق التي  تفترض مشاركة جميع الرجال الأحرار في حكم المدينة، إذ كانت ديمقراطية مباشرة تتوزع فيها المهام والمسؤوليات في مزيج من القرعة والانتخاب كما كان للمواطنين الحق في التصويت وتقديم المقترحات في الجمعيات الشعبية.و  حين نتفحص ديمقراطيتنا وفائدتها في تونس ، نجدها تقتل الذات الفاعلة التي تعتبر الديمقراطية شرط وجودها السياسي.فالديمقراطية  الحقة هي التي تكون في خدمة الكائنات البشرية ، بما هي ذوات فاعلة ، أي بما هي صانعة لنفسها ، لحياتها الفردية،و لحياتها السياسية والثقافية. فالنظرية الديمقراطية ليست سوى نظرية الشروط السياسية  اللازمة لوجود ذوات فاعلة.   إن الديمقراطية الحقة هي تلك التي تقوم على اعتراف الحكومة التونسية بضرورة إعادة النظر في بنية الدولة الأمنية السائدة حاليا ً ، لجهة بناء دولة المؤسسات ، دولة كل المواطنين، لا دولة أجهزةأمنية ،  وحزب واحد، أو دولة أفراد مهما كبرت أدوارهم التاريخية. ويتطلب بناء الدولة الحديثة،أن  تطلق الحكومة حواراً وطنياً واسعاً طال انتظاره حول قوانين الدولة الوطنية الحديثة، بدءاً من قانون الأحزاب والجمعيات إلى قانون المطبوعات إلى قانون الأسرة وغيره، فضلا عن بناء المؤسسات المجتمعية  المقتنعة  بالحريات الفردية و العامة، و ضمان ممارستها  في المجتمع ،وعدم كبحها . و الحريات الفردية  و العامة لا يمكن أن يكون لها وجود عياني ملموس مالم يكن المحكومون قادرين على اختيار حكامهم  بملء إرادتهم ، و مالم يكن الشعب قادرا على المشاركة السياسية  في إيجاد المؤسسات السياسية و القانونية و المجتمعية ، و في تغييرها.   فهذا النوع من الديمقراطية مكبوح في تونس بألف معيارسياسي و أمني و اقتصادي ومالي .فما فائدة من الديمقراطية السياسية التي لا ترتكز على ديمقراطية اجتماعية و ثقافية . فهاهي الديمقراطية  القائمة على مبدأ العدالة الاجتماعية تعاني الآن من الاحتقارفي زمن العولمة الرأسمالية المتوحشة ، و تم قذفها إلى سلة المهملات الخاصة بالصيغ القديمة العهد لتترك المجال واسعا أمام السوق الاستهلاكية  المنتصرة حتى الفجور. وحل محل فكرة الديمقراطية الثقافية فكرة لا تقل فجورا وهي الثقافة الرأسمالية الاستهلاكية  الجماهيرية: نوع من السيطرة الثقافية الأمريكية الاستهلاكية على باقي الثقافات.    يخيل إلينا أننا نتقدم فيما نحن في الواقع نتقهقر ويصبح التحدث عن الديمقراطية أكثر سخفاً إذا ما استمررنا في ربط هذه الديمقراطية بمؤسسات حزبية وبرلمانية وحكومية من دون أن نتحقق من استخدام هذه المؤسسات للتصويت الذي أوصلها إلى سدة الحكم. إن الديمقراطية التي لا تمارس النقد الذاتي محكومة بالشلل…لا أجد لها صفات أخرى لأن الديمقراطية الحقة التي كالشمس تغدق أنوارها على شعوب يجب أن تبدأ من أقرب مكان إلينا ، من البلاد التي ولدنا فيها والمجتمع الذي نعيش فيه والحي الذي نقطن فيه.   إذا لم يحترم هذا الشرط ـ وهو ليس محترما ًـ فكل النظريات السابقة أي الأساس النظري وآلية العمل الاختبارية للنظام تكون فاسدة. تطهير مياه النهر الذي يخترق المدينة لا يفيد إذا كان التلوث قائما ً في النبع(1).   ما زال الحكم التونسي يتحرك بصورة تقليدية مارسها عبر النصف القرن الأخير بأشكال متعددة، حيث يهدف كل تصرف من قبل نخبة حاكمة لتأكيد بقائها  في السلطة، أيا كان الشكل الخارجي. لهذا عرفنا فكرة الديمقراطية المقيدة، أو الديمقراطية الشكلية. وأصبحت مسألة التعددية مقصورة على وجود معارضة رمزية مع نخبة حاكمة ، على أن يظل لكل طرف دوره المستمر؛ فالنخبة  وظيفتها  البقاء في الحكم، والأحزاب وظيفتها البقاء في المعارضة. ومعنى ذلك، تحرك النخبة الحاكمة في مختلف المواقف لتأمين بقائها  في السلطة، دون قبول احتمال خروجها  من السلطة مستقبلا. وهذا التوجه يدفع الحكم لتأمين القيود على أي ممارسة سياسية، كما حدث مع تعديل الدستور. وعبر السنوات الماضية، استطاع الحكم منع ظهور أي تيار سياسي جديد، ووصل بالحالة السياسية إلى مستوى ا لانغلاق الكامل، ولم يبق أمامه إلا منع أي نشاط سياسي للمدافعين عن حقوق الإنسان ، فقد أصبحوا يشكلون  التحدي السياسي الوحيد أمامه. ولأن الحكم التونسي يمثل سلطة مطلقة، فلا يمكنه الدخول في تنافس سياسي مع أي قوة سياسية أو حقوقية أو نقابية ، لهذا يدخل معها في تحد مستخدما ً القوة.   1-  مغزى التعديل الدستوري   عندما استلم الرئيس زين العابدين مقاليد الحكم في تونس في خريف عام 1987، بذريعة انقاذ البلاد من.. خرف  الرئيس الراحل بورقيبة ، وباسم نقض نظرية « الرئيس مدى الحياة » التي أصبحت قانونا ً دستوريا ً تونسيا ً في عهده،  اتخذ بعض الخطوات  التي شكلت انفراجا ً سياسياً مهما ً ، اعتبرتها قوى المعارضة على اختلاف مشاربها الفكرية و السياسية على أنها مؤشر على توجهه نحو إجراء إصلاح ديمقراطي، و احترام حقوق الإنسان.ومن بين تلك الخطوات ،إلغاء رئاسة الدولة مدى الحياة و الأخذ بعدم جواز تولي شخص واحد رئاسة الجمهورية لأكثر من ثلاث ولايات ، مدة كل منها خمس سنوات.    ولكي يثبت  الرئيس بن علي دستورية رئاسته، فقد خاض وحيدا ً، دون منافس حقيقي أو صوري عام 1989 ثم فيما بعد، عام 1994 ،أما في عام 1999 فقد سمح لبعض المنافسين الصوريين بمنافسته .   وقبل أن تنتهي فترة الولاية الثالثة والأخيرة التي يسمح بها الدستور، جرى تنظيم استفتاء عام 2002 على تعديل الدستور بحيث يجيز للرئيس الحق في ولايتين إضافيتين! وهكذا كان.. وأقر التعديل، وصار من حق الرئيس بن علي أن يترشح في انتخابات 2004 مع نص تأمين الحصانة له ضد أي ملاحقة!!. وكانت نسبة المؤيدين للتعديل المذكور 99% من أصوات الناخبين!! مما يدل على أن التونسيين لم يرضوا بأن يكونوا أقل تواضعا من غيرهم من القيادات العربية « الديمقراطية الدستورية!! »   وهكذا ، قامت الحكومة التونسية  بتشريع تعديل الدستور بما يسمح جعل مدة الرئاسة أكثر من ثلاث ولايات ،وتعزيز صلاحيات الرئيس القوية أساساً واستبعاد المرشحين الموثوقين والمعارضين الفعليين عن المنافسة. فالتعديل الدستوري، بإفراطه في تعزيز السلطة التنفيذية بوسائل منها إنشاء مجلس ثان لتسجيل القرارات المتخذة خارجه، هو مجلس المستشارين الذي يذكر بما في دول عربية أخرى من « مجالس استشارية » و »مجالس وجهاء »، قد همش مجلس النواب: فدخوله حكرٌ على التجمع الدستوري الديموقراطي ولبعض الأحزاب التي تفتقر إلى القواعد الشعبية وتقبل بأن تشكل جزءاً من الديكور « التعددي » (2). ففي كتابه « دستور 1861 في تونس » يبين السيد هاشم جغام، رجل القانون والمدافع عن حقوق الإنسان، ثابتة في تاريخ البلاد السياسي يبدو أنها لا تزال سارية حتى الآن وهي: « وجود أوليغارشية، متعطشة إلى النفوذ والامتيازات، وساعية باستمرار إلى تحقيق المنافع وتحكم في ظل (3).   ماذا يعني هذا التعديل الدستوري في تونس ؟   من وجهة نظر ديمقراطية محايدة، يتناقض هذا التعديل الدستوري مع إرساء دعائم الحكم الدستوري و دولة الحق و القانون. ففي دولة الحق و القانون ، تعتبر الرقابة القضائية (controle (judiciareو سيلة أساسية لحماية « دولة القانون »، و ضمان تحققها. كما أن تقوية إستقلالية  السلطة القضائية  من شأنها صيانة « دولة القانون » و فرض احترامها. فالدستور، بما هو ضبط لقواعد ممارسة السلطة، يصبح ضامنا للحقوق والحريات، عبر إفراده أحكاما خاصة بها، وتنصيصه على الوسائل الكفيلة بصيانة ممارستها وجعلها في منأى عن تعسف السلطة وشطط ممارسيها، لاسيما لجهة تعديله. لذلك، لا تقاس ديمقراطية الدساتير بمدى إقرارها للحقوق والحريات فحسب، بل تتحدد أيضا بدرجة حرصها على تأكيد الشرعية الدستورية، أي جعل ما هو مدرج في باب الحقوق والحريات محترما على صعيد التطبيق والممارسة.   إن ميزة الدستور الديمقراطي أنه يضمن الحقوق و الحريات و ينزلها منزلة الأحكام الخاصة بتنظيم السلطة و العلاقة بين المؤسسات.. وإذا كان إقرار الحقوق والحريات في الوثيقة الدستورية أمرا ً إيجابيا ً وخطوة ً مهمة ً على سبيل الاعتراف بها، فهل تكفي الدسترة لجعل منظومة الحقوق في منأ ى عن الشطط في استعمال السلطة؟. إن الدسترة في ذاتها لا تكفي لجعل الحقوق والحريات مضمونة ومصونة بل لا بد من مصاحبتها بضمانات تكفل لذويها القدرة على التمتع بها. و من  هذه الضمانات :   1-تكوين  المحكمة الدستورية التي تنظر في دستورية القوانين التي تعلنها الحكومة ،وتراقبها ، باعتبار ذلك شرطا ً  ضروريا ً لدولة القانون.ففي ظل تجربة ديمقراطية هشة ومراقبة  كما هوا لحال في واقع تونس، تلعب المحكمة الدستورية دورا ً مهما ً في إثراء النظام السياسي لجهة انتقاله من طابعه الشخصاني التسلطي إلى طابعه الديمقراطي القائم على احترام المؤسسات، من خلال انتهاج سياسة قضائية حقيقية مستقلة و متحررة من القيود  العديدة التي تحد من فعاليتها على صعيد الواقع،  تستهدف إستتباب « دولة القانون  » و انتظام عمل مؤسساتها.   2-استقلالية السلطة القضائية ، التي تفسح في المجال للقضاء الدستوري ليكون متمتعا ً كما هو الحال في الدول الديمقراطية العريقة، بمكانة مركزية ، ويسهم في ضمان « التوازات الدستورية »، و حماية الحقوق و الحريات،و حماية الدستور نفسه من التوظيف السياسي له من جانب السلطة التنفيذية و تجيير ه لخدمة أهدافها السياسية و الطبقيةالخ. ثم إن وجود قضاء مستقل ونزيه يحفظ للدستور علويته وسموه على النصوص الأخرى كلها، ويجعل أحكامه سارية على الأفراد والجماعات، و على رئيس السلطة التنفيذية .   3-الإقرار بمبدأ التداول السلمي للسلطة ، تلك العملية التي تسمح للشيء بحلول بديل محله،ويجعل الشخص يعقب نظيره في المسؤولية، و الإدارة ، و القيادة.فمنطق التداول على السلطة يرفض الجمود ، و الديمومة ، و بالتالي الرئاسة مدى الحياة.و بالمقابل، فهو يحبذ ، التجديد، في الأشخاص ، و الأحزاب ، و الأفكار، و الممارسات السياسية. وهذا ما نلمسه بدقة في الدول الديمقراطية العريقة، التي تتمتع بثقافة تداول  عريقة ، أصبحت جزءا ً لا يتجزأ من النسيج المجتمعي و الثقافي للمجتمع.   لذلك تأسست  ثقافة التداول في الدول التي تأصلت فيها الظاهرة، و استقرت ، و انتظمت في التجربة على قاعدة الاعتراف بشرعية الاختلاف، الذي يكفله وجود أغلبية و معارضة ،ويضمنه الحوار المتبادل، و تصونه إرادة المواطن الحرة و المسؤولة في حسم اختياره و الدفاع عن نتائجه، وتحمل تبعاته. فبمقدار ما للأغلبية من مشروعية التوجيه، و القيادة و الإدارة ،بالقدر نفسه للأقلّية حق المساهمة في الملاحظة، و النقد و التعبير عن  الرأي الحر… الذي أعطى للتداول السلمي على السلطة شرعية الوجود، و حتمية التحقيق و الإنجاز، كون الحوار بين الأغلبية والمعارضة موجودا ً، و مطلوبا ً، و مستندا ً على قواعد محددة لعب التاريخ و التسويات والتوافق دورا ً مركزيا ًفي إقرارها و تكريسها على صعيد الممارسة(4).   4-إن أحد ركائز وجود دولة الحق و القانون هو وجود تعددية سياسية حقيقية  مؤسسة على قيم الحوار، و التنافس الشريف، و الاعتراف المتبادل.ففي البلدان التي يوجد فيها ديمقراطية تعددية ، تجري فيها انتخابات حرة و نزيهة  بشكل دوري و منتظم بواسطة الاقتراع  العام . ولهذا نرى في هذه البلدان تداولا ً سلميا ً على السلطة ، جراء تحقق توافق بين الفاعلين السياسيين حول سير المؤسسات  و طريقة عملها ، بما في ذلك السياسة الداخلية و الخارجية، وضمان ديمومة استمرار دولة القانون، أولا ً. وو جود حياة حزبية  مستقرة، منتظمة، و مؤسسة على ثقافة المشاركة.فهناك تلازم بين الحياة الحزبية السليمة و العملية الديمقراطية، باعتبار ذلك تعبيراً عن التداول السلمي على السلطة،ثانيا ً.و فضلا ً عن ذلك ، فإن فكرة الديمقراطية لاتترسخ في النظام السياسي المعاصر، لاسيما في البلدان المتخلفة مثل تونس، إلا من خلال تفعيل العمل الحزبي و تقويته  و تطويره، في أوساط الشعب، الذي من المفترض أن تنتج السياسة في صلبه،وساط الطبقات و الفئات الشعبية  ذلك أن الأداء الحزبي ، المنتظم ، و المستقر، و المؤسس على روح المنافسة ، يصقل الديمقراطية و يعمق الوعي بها، ثالثا ً.   إذا كانت هذه الضمانات تشكل مرجعية حقيقية لبناء دولة القانون، فإننا نفتقرها في تونس، حيث أن الدولة السائدة بالمعنى الفعلي لا تستند إلى مرجعية الثقافة الديمقراطية والدستورية ،التي  تعطي حيزا ً واضحا ً للقانون لكي يسري على الجميع . بيد أن الأجهزة الأمنية لا تزال تستعمل القانون  بحرية مطلقة، قصد تحقيق انصياع الأفراد و الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني  له، دون أن تخضع هي  في ذلك لأية ضوابط أو قواعد سامية، إذ تضع نفسها فوق القانون. فالدولة الأمنية تتحقق حين تكون السلطة الأمنية قادرة، بطريقة تقديرية وحرية مطلقة، على جعل المواطنين خاضعين للإجراءات التي تراها ضرورية لمواجهة الظروف وتحقيق الأهداف المتوخاة من قبل النظام السياسي.    لذلك، تنهض الدولة الأمنية ، وفق هذا المعنى، على « حسن فعل الأمير »، حيث لا وجود لأي تقييد قانوني لعمل السلطة، ولا حماية فعلية للمواطنين إزاء هذه الأخيرة. بيد أن دولة القانون، وهذا ما يميزها عن الدولة الأمنية ، لا تعتبر القانون مجرد وسيلة عمل للدولة، بل أداة لتقييد سلطتها، فهي بتعبير « كاري دومالبرغ » « تهدف إلى حماية المواطنين والدفاع عنهم ضد تحكم واستبداد سلطات الدولة ».   لقد تفاقم تدهور وضع الحريات في تونس إلى حد كبير منذ مطلع التسعينيات. فحقوق الإنسان التي تدَعي  السلطة حمايتها ليست سوى وهم. والتعذيب شائع، إذ يقبع مئات السجناء السياسيين في سجون مكتظة، ويتعرّض المعارضون السياسيون، حتى الأكثر تساهلاً بينهم،لشتى أنواع المضايقات. ولا وجود لحرية الرأي والصحافة والتجمّع والتظاهر. الإضرابات ممنوعة وهامش الحريات النقابية ضئيل جداً لا بل معدوم، لاسيما في القطاع الخاص. ويتعرّض عامة الناس، خصوصاً الشبان، لقمع مستمر على يد رجال الشرطة: تطويق الأحياء والمدن، المراقبة، التوقيفات العشوائية، مداهمة الشوارع والمقاهي، خشونة واستبداد في الإدارات العامة… كل الوسائل مسموحة بهدف إخضاع الناس ،وإقناعهم أن الحكومة القائمة  هي حكومة  ثابتة لا تتغيّر، والمخرج الوحيد هو في التواطؤ، من خلال الإذعان، مع شرطة موجودة في كل مكان ومطلقة الصلاحية. العبودية هي القاعدة السائدة. حتى إن التصرف والتفكير بطريقة مستقلة أصبحا محفوفين بالمخاطر. اختفى حس المواطنية التي يبدو أنها مجرد سراب بعيد المنال.   ومن المعلوم أنه في ظل الحكومة التونسية الحالية  ، التداول السلمي على السلطة ليس واردا ً في الفقه السياسي للنخبة ، كما أن التنافسية السياسية التي تقتضي اختيارا ً فعليا ً حرا ً من قبل الشعب لكي يصوت حسب البرامج التي تقدمها الأحزاب السياسية له ، و المرشحون للانتخابات الرئاسية ، و التي تستمد مشروعيتها من الثقافة الديمقراطية المؤطرة لها ،ليست موجودة في تونس.فجوهر التنافسية يقتضي وجود أحزاب سياسية و مرشحين للانتخابات الرئاسية  متعارضين و مختلفين  في التصورات و الإستراتيجيات  ، بيد أنهم متراضون حول قواعد اللعبة السياسية و حدودها.   غير أن المنافسة الانتخابية في تونس ليست  سوى قناع تهدف  من خلاله  الحكومة التغطية على انقلاب شهدنا المرحلة الأولى منه في أيار/ مايو  2002 مع « الاستفتاء » حول « الإصلاح الدستوري » الذي أطلق رصاصة الرحمة على المبدأ الدستوري .وفي العديد من البيانات،شكّكت المعارضة  التونسية في شرعية الاستفتاء والإصلاح الدستوري والمؤسسات التي انبثقت عنه. وعارضت في شكل خاص تعديل المادة 39 الذي يكرّس مبدأ الرئاسة لمدى الحياة المخالف للمبادئ الديمقراطية.   لقد أصبحت دسترة الحقوق والحريات ظاهرة عالمية،حيث أخذت جميع الدساتير، بما فيها الدول التي تأخرت في تبني فكرة الدستور، بالتنصيص أما في بيانات ملحقة،أو في ديباجة الدستور وصلبه على الحقوق والحريات المنوطة بالانسان، لاعتبارات خاصة بقيمة الدستور ومكانته في البنيان القانوني والمؤسسي للدولة العصرية، ولأن ديمقراطية هذه الأخيرة ومشروعيتها أصبحتا تقاسان بمدى احترامها لمنظومة الحقوق والحريات على صعيد الممارسة، وليس على مستوى التنصيص في الوثيقة الدستورية. فهكذا، لا تنحصر قيمة مبدأ تدرج القوانين في تصدر الدستور رأس الهرم ووجوب أن تكون القواعد الأدنى درجة منه منسجمة مع روحه فحسب، بل ان التدرج، علاوة، على ذلك يحمي الحريات ويحافظ عليها. لذلك، لم يكتف العديد من الدساتير باقرار قائمة الحقوق والحريات، بل ألزمت المشرع وباقي السلطات، عبر جملة من الأحكام، باحترام الحقوق الأساسية (5).   إن السلطة الديمقراطية بما هي نقيض حكم الغلبة، لا تستقيم على وجود أغلبية حاكمة، واستمدت مشروعيتها  من انتخابات حرة و نزيهة،بل بوجود معارضة قوية قادرة  على التعبيرعن رأيها و السعي إلى إقناع المواطنين برجاحة موقفها.و فضلا ً عن ذلك ، فإن السلطة السياسية، بحصر المعنى، لا تستمد شرعيتها من أي مصدر أقوى و أهم من شرعية المعارضة. فليست السلطة و المعارضة تعبيرين متكاملين عن المجال السياسي المجتمعي فحسب، بل هما قطبان جدليان  في وحدة تناقضية، يحمل كل منهما إمكانية أن يصير الآخر.فالمعارضة في النظام الديمقراطي هي معارضة  بالفعل و سلطة بالقوة. لذا ، فهي تلعب دورا لا يقل أهمية  عن دور السلطة الحاكمة. و السلطة هي سلطة بالفعل و معارضة بالقوة. فهي ليست سيفا ً مسلطا ً على المعارضة ، بل أغلبية رجحتها صناديق الاقتراع  في ظل العملية  الانتخابية التنافسية لتحكم وفق و قواعد القانون ، بما أن الديمقراطية ليست هي حكم الأغلبية ، بل هي حكم القانون.   إن هذا الجدل بين السلطة الديمقراطية(الأغلبية)  التي تحكم وفق قواعد اللعبة المتوافق والمتفق  عليها ،  و المعارضة (الأقلية)،  هو جدل الكينونة الاجتماعية ذاتها، جدل تعارضاتها الملازمة، و قد اتخذت شكلا ً سياسيا ً سلميا ً متمدنا ًأو متحضرا ً، يكاد لا يلحظ فيه العنصر الاجتماعي الطبقي المباشر، حيث تضمن السلطة حقوق المعارضة ، و تصون وجودها، و تحافظ عليها مشاركة بالنقد و الاعتراض و الدفاع عن حق الاختلاف.   ويعرف الشعب التونسي ، لا سيما أعضاء و مناصري التجمع الدستوري  الديمقراطي الحاكم، وأحزاب المعارضة التي تدور في فلك السلطة ، أنهم لم يشاركوا ، منذ وقت طويل جداً، لا في القرار السياسي ،ولا في القرار الاقتصادي ،ولا في أي قرار من أي نوع، ولو كان نقل مستخدم من دائرة إلى أخرى، فهذا يحتاج إلى « موافقة أمنية ». ومن شارك من أعضائها، أو طلب منه ذلك، إنما شارك بصفته الشخصية خبيراً أو مخبراً أو مستشاراً أو مندوباً عن جهة بعينها من الجهات الناصحة أو المانحة أو الداعمة أو الحليفة أو الصديقة أو التابعة أو مندوباً لديها ومكلفاً أحد ملفاتها.   ويعرف الشعب التونسي أيضاً أن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم ، هو الهيئة التشريعية الوحيدة في البلاد، (سقط اسم البرلمان سهواً) . فالبرلمان لم يكن له من وظيفة  سوى وظيفة البصم على القرارات ومشاريع القوانين وتبييضها، إذ لأي قرار، مهما عظم شأنه أو قل، بعدان: بعد ميتافيزيقي وبعد واقعي. أما البعد الميتافيزيقي فيتجلى في كون القرار هبة أو منحة أو مأثرة أو مكرمة أو عطاء أو إنجازاً أو عفواً أو صفحاً أو مغفرة لا تصدر ولا يجوز أن تصدر إلا عمن هو أهل لأن تصدر عنه،أي مركز القرار السياسي . والبعد الواقعي هو البعد الأمني الذي يستوجب استنفار جميع الأجهزة الأمنية، وهي السلطة التنفيذية والقضائية الوحيدة في البلاد، لتحديد آليات تنفيذه، والإشراف على ذلك إشرافاً مباشراً وإلزام من ترى إلزامه به وإعفاء من ترى إعفاءه منه؛ ولذلك اتسع نطاق عملها حتى شمل جميع مؤسسات الدولة وجميع مجالات الحياة.   ويعرف الجميع في تونس  أن التعويض عن هذه البطالة السياسية أو عن كف اليد عن المشاركة السياسية كان إطلاقها واليد الأخرى وأيدي الأنسباء والأقرباء والمحاسيب والأزلام في المال العام والخاص أيضاً، وفي القطاعين العام والخاص ومتوسطهما الحسابي، أي « القطاع المشترك »، وفي المؤسسات « العامة » والنقابات والمنظمات الشعبية، حتى في المؤسسات التعليمية ومؤسسات الثقافة والإعلام، وصيرورة القيادات الحزبية في طليعة رجال الأعمال، ومن أمهر هؤلاء في تبييض الأموال وفي « العلاقات العامة » والعلاقات الخاصة والمشتركة، وهي مرادفات السمسرة والوكالات التجارية وفرض « الخوات » وإقامة الشركات الوهمية وإجراء المناقصات الوهمية والمزايدات الوطنية.   وليس خافيا ً على أحد أن الأجهزة الأمنية هي  التي صارت الحزب  الغالب في العالم العربي ،   التي تشرف على جميع الانتخابات الحزبية والنقابية والبلدية والتشريعية إشرافاً تاماً لا تخيب معه التوقعات. و الحال هذه، فإن  الانتخابات التي جرت في هذا البلد العربي أو ذاك ، تستخدم  الوسائل الديمقراطية لتثبت دعائم الحكومة القائمة ،وسيادة الرأي الواحد وملاحقة الآراء المعارضة،  وفي استمرار الحزب الحاكم ، المالك للدولة في احتكار الحياة العامّة. فقد انقسم هذا الحزب الشمولي  الحاكم منذ زمن بعيد انقساماً حاداً إلى قيادات متنفذة ومتسلطة ذات مزايا وامتيازات تسنمت ما يفترض أنها مراكز القرار الحزبية والإدارية والإنتاجية والخدمية والأمنية والنقابية والجماهيرية، واحتكرتها، فغدت جزءاً لا يتجزأ من « الجهاز » ومن منظومة المصالح وشبكة الفساد، وجماهير حزبية واسعة هي كتلة الحزب الأساسية، وهي كتلة سلبية مهمشة لا حول لها ولا طول، ينظر إليها من فوق بحذر وتوجس على أنها معارضة محتملة..   فالحزب التجمعي الدستوري الديمقراطي   هو الحزب الشمولي الوحيد في العالم الذي لا يزال يحتفظ بأصالة الحكم الشمولي ، إذ طبع الحياة السياسية في تونس بطابعه،و سجل الدولة  في السجل العقاري باسمه منذ نصف قرن بالتمام.  وقد تحول هذا الحزب إلى جهاز أيديولوجي تستمد منه السلطة مشروعيتها الضرورية، إذ لا بد من مشروعية ما، وهو من ثم لا يقوم على حراسة « الأيديولوجية الحداثوية  » للسلطة التونسية والذود عنها فحسب، بل يترصد « أعداء الشعب » داخل الحزب وخارجه، فيصير نسقاً لإنتاج المخبرين الذين هم حواس الجهاز ونهاياته العصبية، ونسقاً لإنتاج القيم غير الديمقراطية   ، وتعميمها، نسقاً لتنميط المواطنين، من أعضائه ومن غير أعضائه، وتحويلهم إلى كائنات توتاليتارية. والأيديولوجية، كما هو معروف، أحد أركان النظام الشمولي الثلاثة، الركنان الآخران هما القمع والإعلام.   الحكم الشمولي، كما علمتنا جميع التجارب المشابهة في بلدان المنظومة السوفيتية السابقة ، و في بلدان العالم الثالث ، إما أن يكون بتمامه أو لا يكون، والجهاز الأيديولوجي ركن أساسي من أركانه، وجزء رئيس من أجزاء منظومته. ولهذه ، فإن الخيارات  الأيديولوجية والسياسية للنخبة  التونسية ، هي تعبير عن مصالح طبقية محددة. فهل   سيتخلى من يستأثرون بالمصالح و الإمتيازات و نعم وحلاوة السلطة  في تونس عن كل هذا إكراما ً  لعيون « الشعب » وحباً بالإصلاح ورغبة في التقدم؟   2-تبلور الوعي الديمقراطي في ثقافة الحركة الإسلامية التونسية   تتميز حركة النهضة بانتمائها للإسلام الحديث، إذ إنها أصبحت نهجاً سياسياً متكيفاً مع الظروف التاريخية والاجتماعية والثقافية للمجتمع التونسي ، وخصوصية ثقافته السياسية ، المتأثرة كثيرا ً بالثقافة الفرنسية. فقد تبنت الفكرة الديمقراطية ، واعترفت بقيم التعددية والتسامح والحرية ، لا باعتبارها كجزء من الحضارة الغربية بل كجزء من الموروث العام . وطورت فكرها وممارستها في اتجاه اختيار طريق تونسي إلى الاسلام والحداثة ، يقوم على بلورة عقل اسلامي نقدي يتعايش حتى مع أشد خصومه العقائديين كالشيوعيين، على أرضية مشتركة من احترام الحريات العامة، وحقوق الانسان، واحترام هوية البلاد العربية الإسلامية.   ومن أجل تبديد الشكوك المناوئة للاسلام السياسي ، ما انفك الشيخ راشد الغنوشي يؤكد انحياز حركته للمبادئ الديمقراطية الحديثة ، وأن الخيار الديمقراطي القائم على التخلي عن أي نوع من أنواع الاحتكار للإسلام والحقيقة ، أو أي نوع من أنواع الوصاية على الشعب هو اختيار استراتيجي لحركته ، وليس اختيارا ً تكتيكيا ً ظرفيا ً يتم التخلي عنه في أقرب فرصة مناسبة. وأن حركته ليست لها أي مشكلة أساسية مع العلمانية بالمعنى الغربي ، التي تضمن حرية العقل، وحرية الصحافة ، وحرية الشعب في ان يكون هو السيد الذي يصنع القانون ، وتبني المجتمع المدني ، وتحقق المساواة القانونية بين الناس ، وإنما هي تتناقض مع العلمانية بالمعنى السياسي المضاد للدين ، على اعتبار أن النظام التونسي لا يتمثل العلمانية وفقا ً للنموذج الغربي الليبرالي إلا في تمرده على الدين واباحيته .   وعلى الرغم من المبادرات والتنازلات التي قدمتها حركة النهضة طيلة عقد الثمانينيات، فإنها لم تحظ بالاعتراف القانوني كحزب سياسي ، وظلت السلطات التونسية ولا تزال تعتبرها العدو الأخطر للنظام القائم ، وللمجتمع المتمدن .   وتشهد الحركة الإسلامية التونسية تحولات حقيقية غاية في الجذرية، هيأت لها أوضاع داخلية وخارجية ، وتبلورت في الاطروحات الإسلامية الجديدة المستنيرة، التي صاغها المفكر والفيلسوف الإسلامي راشد الغنوشي ، في الكتب التي ألفها نخص بالذكر منها الحريات العامة في الدولة الإسلامية ، أو في الندوات الفكرية المتخصصة، ومؤتمرات الحوار القومي – الإسلامي ، أو في الصحف والمجلات العربية ، والتي تضمنت هوية الحركة الإسلامية التونسية، باعتبار حركة النهضة حاملة لمشروع إسلامي ديمقراطي مستنير مثّل في الزمن العربي الراهن ولا يزال نقلة نوعية في الحركة الإسلامية عامة .   فحركة النهضة أصبحت تمثل تياراً عصريا ً ومتناميا ً داخل الساحة الإسلامية العربية ، وأصبح إشعاعها يتجاوز حجم تونس البلد الصغير. وخلال ربع قرن من النضال تمكنت حركة النهضة من أسلمة الحداثة، أي إدخال الإسلام إلى قلب عالم الحداثة ، وهذا أكبر إنجاز أنجزته الحركة الإسلامية التونسية ، أنها نقلت الإسلام إلى عالم الحداثة ، ونقلت الحداثة إلى عالم الإسلام، وجسدت العلاقة بين هذين العالمين اللذين ظُن أصلا ً أنهما لا يتصلان .   وتبنت الحركة الإسلامية التونسية استراتيجية سياسية قوامها اعتماد المنهج السلمي والعلني في التغيير، وآليات العمل الديمقراطي ووسائله،  ورفضها استعمال العنف وسيلة لحسم الصراعات السياسية والفكرية ومنهجا ً للوصول إلى السلطة أو التمسك بها باعتماد وسائل الضغط السلمية ، والخطاب المعارض المعتدل والمسؤول، و العمل على  حماية حقوق الإنسان. وهي تؤمن بأن الحوار الوطني هو الكفيل وحده بضبط العمل السياسي الديمقراطي والتوصل إلى معالجة وطنية شاملة .   كما تؤكد حركة النهضة أنها لا تحتكر الصفة الإسلامية ، وإنما تقدم مشروعا ً اجتهاديا ً بشريا ً في معالجة أزمة المجتمع ، بعيدا ً عن الاختزال الحزبي أو السياسي للمشروع الحضاري والنهضوي الشامل الذي يستدعي مساهمة كل تيارات المجتمع لبلورته وإنضاجه .   كما تطالب حركة النهضة بضرورة بناء مجتمع مدني حديث بالتلازم مع دولة الحق والقانون، وبرفع وصاية الأجهزة الأمنية على الحياة السياسية ومؤسسات المجتمع  المدني، واحترام حرية الصحافة وصيانة استقلالية القضاء، والمنظمات الشعبية الوطنية وحيادية الدولة، والتصدي لمظاهر التطبيع مع الكيان الصهيوني، والدفاع عن التضامن المغاربي والعربي الإسلامي والتوجه الوحدوي .   وكانت حركة النهضة التونسية  عقدت ندوة صحفية بلندن بمناسبة إحياء الذكرى الرابعة والعشرين   لتأسيسها في 6 حزيران/يونيو 1981،  إذ تلا فيها الشيخ راشد الغنوشي رئيس الحركة بيانا ً شاملا ً احتوى تحليلا ً لمجمل الأوضاع الدولية والإقليمية والوطنية ثم تعرض للمبادئ العامة لحركة النهضة ومواقفها من جملة القضايا الفكرية والسياسية المطروحة على التيار الإسلامي ومنها الموقف من دعوات الإصلاح الداخلية والخارجية والموقف من الديمقراطية والمرأة والغرب .    و جدد الشيخ الغنوشي التزام حركته بالسعي إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة ، رغم ماتعرضت ، وتتعرض له من سياسات الاستئصال والسجن والمحاصرة الشاملة منذ خمس عشرة سنة مما يعدّ أحد أبرز عناوين وأسباب الأزمة  الشاملة التي تتخبط فيها تونس ،سواء أكان ذلك في المجال السياسي أو في سائر المجالات والقطاعات الأخرى، معربا ً عن استعدادها لوضع مآسي الماضي وراءها ومد يدها لمصافحة كل من يمد يده لها من أهل القرار.   وتعتبر حركة النهضة أن   الأوضاع في تونس ظلّت تتأزم إلى الحد الذي فقد فيه العمل السياسي كل معانيه. واتسعت الهوة بين المجتمع والدولة، واغتربت نخبة الحكم عن شعبها.   .فالحياة السياسية التونسية   تتسم بحالة من الانسداد والاختناق البالغين ، وذلك بسبب إمعان الحكم في استخدام الأساليب الأمنية في التعامل مع الملفات السياسية ، بدل انتهاج سياسة الحوار والتواصل مع القوى السياسية والاجتماعية ، فضلا ً عن تأميم الإعلام وتوظيفه لتشويه السمعة ، واستعمال مؤسسة القضاء لتلفيق التهم ، والعقوبات الزاجرة لكل من تحدثه نفسه بممارسة دوره المعارض الجاد..    وتراوح وضع الأحزاب السياسية بين أحزاب مستلحقة وتابعة لا يتجاوز دورها أداء وظيفة التزكية للحكم ،  وبين معارضة، رغم أنها نالت الاعتراف القانوني، إلا أنها ظلت هدفا ً للمضايقات، والملاحقات الأمنية لتهميش دورها المعارض الجاد ، وأخرى حجبت عنها الشرعية القانونية جملة ، وفرضت عليها سياسة عقابية واستئصاليه بالغة الضراوة ، مازالت تدور رحاها دون توقف إلى يومنا هذا.    وتعود جذور الأزمة إلى بداية التسعينيات يوم صمم نظام الحكم على تصفية المعارضة الإسلامية ممثلة في حركة النهضة تحت شعارات مقاومة « الخطر الأصولي » المزعوم ، فكان أن انطلقت حملة قمعية واسعة النطاق ضد كل قياداتها ومنتسبيها، مشفوعة بإطلاق أيدي الأجهزة الأمنية لشن حملات الاعتقال والدهم العشوائي ، فلم تمض شهور قليلة حتى غصت سجون تونس ومعتقلاتها بما يربو عن ثلاثين ألف معتقلا ً من خيرة أبناء تونس وبناتها، ومن صفوة كوادرها، وتحولت البلاد إلى ما يشبه المسالخ الجماعية لممارسة التعذيب وكل أنواع الانتهاك والإيذاء النفسي والبدني.    رغم أن هذه الحرب الاستئصالية قد بدأت بالمعارضين الإسلاميين إلا أنها ما فتئت أن امتدت لتفتك بجميع القوى السياسية والاجتماعية، من ليبراليين ويساريين وقوميين ، ونقابيين ونشطاء مجتمع مدني، لتشرع أبواب  الملاحقات الأمنية ، والمحاكمات الصورية لتشمل أغلب رموز المعارضة السياسية ، كما أن تداعياتها قد أصابت عموم الحياة السياسية بالشلل.    إن العنوان الأبرز للأزمة السياسية في تونس اليوم يتمثل في وجود ما يربو عن 500 سجينا ً سياسيا ً من قيادات ومنتسبي حركة النهضة يعانون ظروفا ً شديدة القسوة والتدمير للذات البشرية وذلك على امتداد عقد ونصف على الأقل، من قبيل  السجن الانفرادي، والعقوبات البدنية، والتحطيم النفسي والمعنوي وصلت إلى حد الاغتصاب في بعض الحالات ، فضلا ً عن المنع من المطالعة وحق التداوي ، وفعلا ً سقط الكثير منهم صرعى…    تمثل تونس اليوم استثناءً سياسيا ً سواء نظرنا إليها  بالمقاييس المغاربية ، أو العربية أوحتى الافريقية، حالة استثنائية  ليس لأنها تعد  من أكثر دول المنطقة استبدادا ً وتسلطا ً فحسب، بل لأنها فضلا ً عن ذلك تمثل حالة استبدادية مغلفة بشعارات ديمقراطية وحداثوية. ففي الوقت الذي لا تكف السلطة عن الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني تشتد القبضة الأمنية على المجتمع أكثر  فأكثر وعلى نشطاء حقوق الانسان، ويضيق المنتظم السياسي إلى الحد الذي تنعدم فيه الشروط الدنيا للعمل السياسي، بما يشهد على الهوة السحيقة التي  باتت تفصل بين الخطاب السياسي الرسمي وبين  واقع الممارسة  على الأرض.   كما أن مختلف مؤسسات المجتمع المدني من منظمات مهنية واجتماعية، ومن جمعيات حقوقية وإنسانية ، تعاني من السياسة المتبعة إزاءها، والتي تراوحت بين الإلغاء والنفي جملة، وبين  التدجين  وتفجير الصراعات  الداخلية بما حجبها عن ممارسة دورها التأطيري الجاد وهي تخضع لحصار سياسي وضغط أمني مستمرين لحملها على الخضوع، ومنعهما من ممارسة دورهما الحقوقي في إبراز الانتهاكات الواسعة المسجلة في مجالي الحريات وحقوق الإنسان. ورغم هذه التضييقات إلا أن مختلف الجمعيات والهيئات المدنية التونسية كالجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين والمجلس الوطني للحريات والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة الصحفيين التونسيين وعمادة المحامين صمدت أمام آلة القمع ، وهي تخوض هذه الأيام نضالات غير مسبوقة من أجل والدفاع عن القطاع وفرض استقلالية السلطة القضائية وكذلك ما يشهده قطاع الأساتذة الجامعيين من تحركات للمطالبة بالحقوق والحريات الأكاديمية التي هي أساس كل تطور وإبداع.    ويشكو  القطاع الإعلامي من شتى ضروب الرقابة ممزوجة بسياسة زجرية وعقابية ثقيلة الوطأة، من ذلك منع الصحفيين من ممارسة عملهم الإعلامي وفق شروط المهنة، فضلا ً عن تفاقم الرقابة على المؤسسات الإعلامية ومصادرة حرية الصحفيين . أما صحف المعارضة ومنابرها الإعلامية فهي تتوزع بين منع  الصدور والرقابة الدائمة، وبين تسليط الضغوط الإدارية والمالية بما يدفعها إلى الاحتجاب الاضطراري، والحيلولة دون ممارسة دورها الإعلامي المستقل.      أما الإعلام المرئي فتغلب عليه السطحية والتفاهة ، إلى جانب خضوعه بالكامل لرقابة السلطة التنفيذية. فضلا ً عن كل ذلك فإن شبكة الانترنت تخضع خضوعا ً كاملا ً لأجهزة الرقابة المتخصصة، من ذلك حجب مواقع العديد من الأحزاب المعارضة والهيئات الإعلامية المستقلة. وفي هذا السياق لا تزال قضية الصحفي المناضل عبد الله الزواري المنفي في أقصى الجنوب التونسي بعيد عن عائلته تمثل وصمة في جبين البلاد.   ويعاني المجتمع التونسي في المرحلة الراهنة أنواعاً شتّى من الفساد المالي والاقتصادي من بينها الرشوة والمحسوبية، واستغلال النفوذ على كل المستويات، وهي أمراض خطيرة تزرع الظلم الاجتماعي، وتولد الحقد والاستهانة بالجهد الفردي والجماعي، وتثقل كاهل الفقراء، وتمكن الوصوليين والانتهازيين من السيطرة اللامشروعة على مقدرات البلاد. وهو ما جعل المواطن التونسي يرزح تحت أعباء أزمة اجتماعية خانقة، فيعيش مهموما ً بتوفير الأمن لنفسه وأهله وممتلكاته وذلك بسبب تفشي مظاهر الجريمة والانحراف والعنف والنصب والتفسخ الاجتماعي، فضلا ً عن عجزه عن توفير متطلبات الحياة في ظل ارتفاع تكاليفها وضعف القدرة الشرائية، وانفجار الحاجيات والطموحات في ظل شيوع ثقافة الاستهلاك التظاهري لدى أقلية من المترفين والمتنفذين.    وفعلا ً استفحلت الأزمة الاجتماعية ، وتقلصت الطبقة الوسطى ، ولم تنفع مقولة النمو الاقتصادي المقدم على الانفتاح السياسي، بسبب الفساد وعدم الشفافية، والانعكاسات السلبية للعولمة ولاتفاقات الشراكة غير المتوازنة في ازدهار البلاد ونموها الاقتصادي ، بل تضاعف عجزها التجاري، وازدادت مديونية البلاد ، وأصبح الهروب على متن قوارب الموت ، حلم جل الشباب التونسي. وانعكست هذه الأزمة السياسية والاقتصادية على الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمع فأنتجت ظواهر  اجتماعية وأخلاقية خطيرة، لم تعرفها البلاد من قبل.   إن تونس في ظل هذه الأوضاع التي تنذر بخطر الانفجار وتفجر العنف مع ما يمكن أن يجره ذلك من ويلات على البلاد ، أمام خيارين : إما الفوضى و بالتالي الكارثة ، و إما الإصلاح السياسي  الذي يقود إلى بناء الديمقراطية.  ومن الواضح أن الحكم التونسي اختار الخيار الأول في ظل تواصل تغييب قوة أساسية من المعارضة التونسية ، و عدم إبرام تسوية تاريخية معها، ألا وهي حركة النهضة.   لقد مثلت حركة النهضة عامل استقرار سياسي، وعنصر كبح للتطرف والعنف في تونس، وذلك بحكم ما تتمتع به من أدوات التأطير السياسي الشعبي، وخطاب إسلامي وسطي ومعتدل، ولكن مخطط اقتلاعها وتغييب حضورها العلني بقوة الدولة البوليسية  قد ساهم في تغذية أجواء العنف والتطرف. فلا يخفى على كل مراقب نزيه للشأن التونسي أن ما تمتعت به تونس من استقرار وهدوء نسبيين على امتداد السنوات الماضية، قياسا ً ببعض دول الجوار التي سقطت في أتون حروب أهلية مدمرة لا يعود في حقيقة الأمر إلى عبقرية خاصة من نظام الحكم، ولا إلى حزمه الأمني كما يدعي، بقدر ما يعود إلى التزام حركة النهضة بنهجها السلمي المسؤول، وامتناعها عن الاستدراج إلى حمأة العنف المضاد.    فإذا كانت تونس قد نجت من الوقوع في كارثة العنف فليس ذلك بسبب ما تدعيه السلطة من اليقظة الأمنية وانما بسبب وعي المعارضة ولا سيما الإسلامية  بخطر الاستدراج إلى العنف. ولكن اليوم، وفي  ظل حالة الفراغ السياسي والثقافي المريع التي تتخبط فيها البلاد جراء سياسات أمنية قاصرة، وفي ظل مناخات اليأس التي تخيم على القطاع الأوسع من التونسيين جراء الاخفاق الاقتصادي، واتساع دائرة التهميش الاجتماعي فقد أضحت نذر العنف خطرا محدقا يتهدد البلاد ومستقبلها.  فليس بخاف على كل مراقب للشأن التونسي الحضور البارز للشباب التونسي في كل الساحات الدولية التي يمارس فيها  العنف، ولا يكاد سجن أوروبي يخلو من شبان تونسيين متهمين بعلاقة مع جماعات العنف السياسي التي تتغذى من مناخات الانغلاق السياسي والتهميش الاجتماعي داخليا ً ومن التوتر الخارجي الناتج عن سياسات التوسع والاحتلال.   وترى حركة النهضة  أن  مصدر المشروعية السياسية هو الشعب الذي له الحق وحده في تولية الحاكمين ومحاسبتهم وعزلهم واستبدالهم من خلال الانتخاب الحر النزيه. ولا يمكن لأي سلطة وتحت أي عنوان أن تلغي أصوات الناخبين وتحل محلها شرعية أخرى. ذلك أن المنهج  الإسلامي يتأسس على ضرب من الاجتهاد في التـاليف بين المقاصد الشرعية وتغير الأحوال البشرية ومن ثم يظل برنامج حركة النهضة اجتهادا ً بشريا ً نسبيا ً لا يرتقي أن يحتكر النطق باسم الحقيقة. وللناس مطلق الحرية في قبوله أو رفضه دون أن يمس ذلك بمعتقداتهم الدينية.    تعتبر حركة النهضة البلاد في أمس الحاجة إلى المسارعة باتخاذ خطوات جادة على طريق التغييير والاصلاح بما من شأنه أن يمثل قطيعة حقيقية مع حالة الاحتقان والجمود وأوضاع انسداد الآفاق وانتشار اليأس ومن ثم فتح أبواب الأمل في المستقبل. وهي  تجدد تأكيدها اليوم على المصالحة الوطنية الشاملة التي تتأسس على أرضية نقل البلاد نحو الحرية والديمقراطية والتنمية العادلة.   3-انعقاد  قمة المعلوماتية في ظل احتضار الحريات    يسترعي  انتباه المحللين  المتابعين  للشؤون السياسية في تونس بروز حدثين مهمين يتطلبان  التوقف عندهما.    الأول ، ويتمثل  في اتساع رقعة الحركة الاحتجاجية في تونس واتساع صداها بالخارج لا سيما بعد أن قررت نخبة  (ثمانية  شخصيات) من رموز المجتمع السياسي والمدني القيام بإضراب عن الطعام ، بدؤوه منذ منذ 18 أكتوبر2005 ،وحمل اسم حركة 18 تشرين الأول /أكتوبر2005،  واستمر الاضراب طيلة شهر ، و انتهى مع نهاية القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي عقد ت في خريف العام الماضي ً بتونس.   إضراب عن الطعام يلاحق إضراب عن الطعام ، تلك هي الحالة السائدة في تونس منذ عدة سنوات.فقد قامت المحامية راضية نصراوي الناشطة الحقوقية في إطار الدفاع عن حقوق الإنسان بإضراب عن الطعام قبل  عدة سنوات. و كان قد سبقها على هذا الطريق الصحفي توفيق بن بريك.وكانت  ثماني  شخصيات من قيادات الأحزاب والجمعيات الأهلية  قامت بإضراب عن الطعام ، نفذته منذ  18  تشرين الأول / أكتوبر الماضي- بعد أن صمدت ا لمدة شهر- طالبت فيه الحكومة التونسية بسن عفو اشتراعي عام، وتحرير قطاع الإعلام من القيود ،والترخيص لأحزاب وجمعيات غير مجازة ، وإطلاق سراح نحو 500 سجين سياسي ، والسماح بالعمل السياسي والنقابي . وكان وزير العدل التونسي البشير التكاري قد شدد عقب ذلك الإضراب :ً أنه لا يوجد أي سجين سياسي في البلاد  حتى السجناء المنتمين لتيارات سياسية مختلفة حوكموا بسبب جرائم حق عام وجرائم إرهابية. وقال إن جميع الحريات متاحة ولم يسجن أحد في تونس بسبب آرائه.   إن ممارسة الإضراب عن الطعام كسلاح معركة في تونس و باقي البلدان المغاربية بدرجة أقل ، يعكس لنا الطبيعة التسلطية للحكومات – سواء منها الجمهورية أو الملكية- إذ إنها  جميعها غير مستعدة  للمصالحة الوطنية الحقيقية  مع السياسيين المعارضين، الذين يطالبون بإحلال دولة الحق و القانون.فهذه الحكومات يمكن لها أن تتسامح مع وجود معارضات هامشية ، و يمكن أن توفر لها فضاءً نسبيا ً من الحرية ، و لكنها تمنعها من إسماع صوتها للرأي العام المحلي أو الدولي.    فالثقافة الديمقراطية ، بما هي  سيرورة ، و عملية ذهنية ، و محرك أساسي للإنتاج ، إنتاج الأفكار و المفاهيم الكبرى ، التي من شأنها أن تجعل المجتمع في حركة دائمة ، كإنتاج الديمقراطية و الإيديولوجيا و الدولة و الاقتصاد و المفاهيم المتصلة بالسوق ، و مفاهيم الحريــة و المساواة و العدل ، و الأطر المنظمة للحياة من قوانين و تشريعات، و دساتير، و المفاهيم المتعلقة بالتسويات السياسية بين السلطة و المعارضة، هذه الأمور جميعها غير منغرسة، وبالتالي فهي غير  متطورة في الذهنية  السياسية للحكومة التونسية ، و بدرجة أقل عند باقي  الحكومات المغاربية. و هذا ما يجعل على وجه الدقة ، عندما تحدث صراعات اجتماعية أو سياسية تلجأ السلطة إلى استخدام  العنف لقمعها.ويظل إعلان الإضراب عن الطعام أحد  النتائج الدراماتيكية.   و مقارنة تونس مع جارتها الجزائر، فنادرا ً ما تسمع عن حصول إضراب عن الطعام إلا لدى بعض المناضلين المدافعين عن قضية الأمازيغ . و هذا لا يعني أن النظام الجزائري هو من طبيعة ديمقراطية ، و إنما بكل بساطة يوجد في الجزائر فضاء واسع من حرية التعبير، كما أن الصحافة لا تعاني من القيود التي تعانيها في تونس.ف »الخطوط الحمراء »  لا توجد في الجزائرفعليا ً، حيث بإمكان المرء أن يقول كل شيء، و يكتب كل شيء. إن النظام السياسي الجزائري قد أقام حواجز كفاية ، بما يجعله بمنأى من الاهتزاز.   قمة المعلوماتية تكشف وجه الإعلام الرسمي التونسي   لقد تميز الحدث الثاني بمفارقات كثيرة خالطت أجواء قمّة تونس لمجتمع المعلومات التي عقدت مابين 16و 18 تشرين الثاني / نوفمبر 2005 في العاصمة التونسية . ولم يلعب الحدث الثاني دوراً كاشفاً ومعرياً لأزمة الإعلام والصحافة في تونس مثلما كان من أمر القمة العالمية لمجتمع المعلومات.  وكانت الحكومة التونسية  تتوقع منطقيا ً أن تستفيد من هذا التجمع العالمي ، لكي تظهر أمام 12رئيس دولة ، يضاف إليهم 23 ألفاً مشاركا ً  من المشتغلين بالانترنت والاعلام عامة ، و حشد هائل من الصحافة الدولية جاءت لتغطية هذا الحدث الدولي ، كيف أن  تونس  هذا البلد الصغير الذي لا يمتلك ثروات طبيعية كبيرة مقارنة مع جيرانه في المغرب العربي  (ليبيا والجزائر)، يمكن له من فرط عناده و تصميمه وصلابته ، أن ينافس أمما ً محظوظة أكثر، و يبذل جهدا ً  في نشر الحاسوب وشبكة الانترنت ، و ينتزع شهادة لما بلغه من مستويات تحديث تقني  ومن قدرات عالية على تنظيم مؤتمر دولي .   فالحكومة التونسية تقدم نفسها على أنها بلد حداثوي، و تتحكم في استخدام تكنولوجيات المعلومات.وقد تهاطلت عليها الشهادات  التي تزكي ملفها  التنموي الاقتصادي ، وملفها  الاجتماعي :تحرير المرأة.وكانت  تسعى من خلال انعقاد هذه القمة العالمية للترويج  ، لصناعة السياحة التي تمثل أكبر مورد للعملة الصعبة ، وأكثر القطاعات تشغيلا ً بعد القطاع الزراعي، وإخراس الحاسدين من معارضيها.   في الواقع ، هناك الوجه الآخرلتونس الذي يعمل  الناشطون في مجال حقوق الإنسان ، والمناضلون السياسيون  المتشبثون ببناء دولة الحق و القانون ، على إظهاره أمام الرأي العام الدولي، و الذي يتمثل في استدامة   عدم تسامح الحكومة التونسية مع وجود أي رأي نقدي، أوصحافة حرة،  إذ لا تزال قوى المعارضة التونسية تتعرض  لقمع منهجي، وانتهاك  أساسيات مبادىء حقوق الإنسان،   فضلا عن تكميم الصحافة الحرة، واستخدام الصحافة المأجورة محليا ً و عربيا ً للدعاية للنخبة ، وطمس الحقيقة في تونس..   لقد تعرضت تونس لانتقادات أخرى بشأن اتجاهاتها نحو حرية الإعلام . وانتقدت دراسة أكاديمية الطريقة التي تراقب بها المواقع على شبكة الانترنت وتختار منها ما يسمح به ، وقد صممت الدراسة لتتزامن مع موعد القمة. وخلال القمة رفعت منظمة صحفيون بلا حدود لافتة تدين خمس عشرة دولة وصفتهم بأنهم « أعداء الانترنت » بسبب التحكم في الوصول للمواقع وشدة الرقابة، وشملت قائمة المنظمة روسيا البيضاء والصين وكوبا وإيران وليبيا وجزر المالديف وميانمار ونيبال وكوريا الشمالية والسعودية وتركمانستان وتونس وأوزباكستان وفيتنام.   وتنفي الحكومة التونسية أي انتهاك لحقوق الإنسان أو وضع قيود على الوصول لوسائل الإعلام التقليدية أو الالكترونية. إلا أن دراسة أجرتها مؤسسة تدعى « مبادرة الانترنت المفتوحة » أنشئت بالتعاون بين جامعات تورنتو وهارفارد وكمبريدج كشفت عن أن نحو 10% من ألفي موقع شملتهم الدراسة حظروا في تونس. وكانت هذه المواقع متخصصة في المعارضة السياسية وحقوق الإنسان، وبعضها في الصور الإباحية ووسائل التحايل على سيطرة الدولة.   لقد قيل الكثير في وصف أعمال القمة العالمية لمجتمع المعلومات ، وعلت أصوات كثيرة بالاعتراض على عقد مؤتمر كهذا في تونس ، حيث وجّهت إلى الحكومة التونسية ، وما زالت توجّه إليها  اليوم، انتقادات، قاسية أحياناً، حول تعاطيها  مع الصحافة الحرّة والحقّ في التعبير بحريّة عن الرأي، لاسيما أنّ « مجتمع المعلومات » يُعنى أولاً بعالم الأنترنت الذي يلغي المسافات (أو ما تبقّى منها) وينمّي النزوع الفرديّ الذي قد يكون الدعامة الأولى في المجتمعات الديموقراطية.   من مفارقات القمّة التي « توصَف بالكثيرة »، أنّ الأمين العام لمنظمة « مراسلون بلا حدود » غير الحكومية، روبير مينار، والمدعو للمشاركة في أعمال القمّة، احتجز في الطائرة التي أقلّته إلى تونس تحت حراسة « مشدّدة » على ما روى مراسل صحيفة « ليبراسيون » الفرنسيّة (عدد 18 تشرين الثاني 2005)، ومُنِع من دخول الأراضي التونسيّة بدعوى أنّه « غير مسموح له الدخول إلى تونس ـ باسم ماذا؟ـ باسم القانون التونسي. ولستُ مديناً لكَ بأي تفسير. أنت غير مرحّب بك ـ ولكنني مدعوـ لا، أنت لست مدعواً ».   تبع هذا الحوار الذي نقله مراسلا صحيفة « ليبراسيون » كريستوف أليكس وكريستوف أياد، تنطّح روبير مينار لإبراز الفاكس الخاص بالدعوة والصادر عن اللجنة التنفيذية للجهة المنظّمة للمؤتمر، فما كان من الرجل الذي قدّم نفسه بأنه ضابط شرطة، إلاّ أن هزّ كتفيه وقال مولياً الضيف ظهره: « بأية حال، أنا من يقرّر هنا ». ووقف ستّة من رجال الشرطة بثياب مدنية عند الطائرة، تحسّباً… لأي طارئ. أمّا في قاعة الوصول حيث لبث عدد قليل من الصحفيين فقد لوحظ وجود نحو خمسين نفراً من رجال الشرطة بثيابٍ مدنية.   ويضيف مراسلا الصحيفة الفرنسيّة، في معرض سردهما لخلفيّات « الحادثة » أنّ روبير مينار كان طرد من تونس عام 2001 لقيامه بتوزيع صحيفة ممنوعة في الشارع. وفي صيف العام نفسه احتلّت منظّمته لستّ وثلاثين ساعة مقرّ « مكتب السياحة التونسي » في باريس احتجاجاً على سجن الصحفية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، سهام بنسدرين. وقد مثل مينار أمام محكمة باريسيّة في أعقاب ذلك وغرّمته مبلغ ألف يورو. السلطات التونسيّة « نبشت » ملفّ هذه القضيّة لتبرير منعها مينار من دخول الأراضي التونسيّة والمشاركة في المؤتمر حيث كان في نيّة مينار التنديد بانعقاد مهرجان دولي ضخم كهذا حول الإعلام، وبرعاية الأمم المتحدة، في بلدٍ تتعرّض فيه حرية الرأي والتعبير للتنكيل، وتمارس الرقابة على مواقع الأنترنت، ويجري فيه حجب الرسائل الألكترونية والتضييق على المعارضين….   أمّا حقيقة ما جرى، فيقول مراسلا الصحيفة إنّ حوادث غير معزولة كانت سبقت العرّض لمينار بمنعه من دخول الأراضي التونسيّة. فقد كان موفد صحيفة « ليبراسيون » الخاص إلى تونس لتغطية أعمال المؤتمر، كريستوف بولتانسكي، تعرّض لاعتداء بالضرب والطعن بالسكاكين من قبل أربعة مجهولين (؟)- قيل أنهم عملاء من الشرطة المدنيّة- بالقرب من الفندق الذي كان ينزل فيه الجمعة11 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، بعد أن  نشر مقالا ً عن مواجهات بين الشرطة التونسية ومتظاهرين مؤيدين لسجناء تونسيين مضربين عن الطعام.و كان هذا الصحفي ضحية للأسلوب القمعي الذي هو عادة مخصصا ً للمدافعين المحليين عن حقوق الإنسان في تونس. كما جرى الاعتداء على فريق صحفي تابع للراديو والتلفزيون البلجيكي (RTBF) من قبل رجال الشرطة وصودر منه شريط تسجيل،إذ كان هذا الفريق يقوم بتحقيق حول حرية التعبير في تونس تحضيرا ً للقمة .   في مواجهة هذه اللوحة السوداء، نجد الولايات المتحدة الأمريكية –التي غالبا ً ما يتم انتقادها بسبب استمرارها في التحالف مع الحكومات الاستبدادية  العربية التي تخنق الحريات الديمقراطية ، تحت يافطة شعار « الحرب على الإرهاب »-  تعزز أكثر أجهزة الدول العربية الموالية لها  قمعاً، وتتعامى عن الاعتقالات الاعتباطية في حق الإصلاحيين الإسلاميين الذين  دافعوا في وجه المتطرفين الأصوليين عن تلاؤم الاسلام والديموقراطية، وممثلي المجتمع المدني الذين ناضلوا من أجل الحق في الانتظام والتعبير عن آرائهم، باعتبار  أن هذه المجموعات وحدها هي الكفيلة بكسب معركة الديموقراطية لتكون المتراس الأمتن في وجه التطرفية الجهادية، وعلى عاتقها هي، وليس على نخبة قليلة في واشنطن، تقع مسؤولية خوض النضال من أجل الاصلاح الديمقراطي في العالم العربي.   و على الرغم من كل ذلك  لم تتردد الولايات المتحدة الأمريكية من توجيه انتقاداتها لتونس بسبب « إخفاقها في استثمار المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات لإثبات التزامها تكريس حرية التعبير و الاجتماع ».فقد عبر  رئيس الوفد الأمريكي  إلى القمة مستشار الرئيس بوش للشؤون العلمية  جون ماربورغر  في بيان عن « خيبة الأمل  » من عدم  قدرة الحكومة التونسية على الاستفادة من المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي أنهت أعمالها في تونس يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، لإعطاء إشارات  على « تحقيق إصلاحات سياسية و احترام حقوق الإنسان أسوة بمستوى الإنجازات  الاقتصادية و الاجتماعية المهمة التي نفذتها ».أما فرنسا ، فإنها لم تتوافر لديها مثل هذه الشجاعة الأمريكية. فعلى الرغم من أنها الشريك الاقتصادي الأول لتونس ، إلا أن وزير خارجيتها  ،فيليب دوست بلازي، اكتفى بمطالبة  السلطات التونسية بضمان « حرية الاعلام وحرية ممارسة الصحفيين لمهنتهم » وذلك بعد اعتداءات تعرضت لها وسائل إعلام أجنبية في الأيام الأخيرة في تونس.   و فضلا ً عن ذلك، تعيش تونس في ظل  الانغلاق السياسي ، الذي يتمثل في ضرب الحريات الفردية و العامة و الاعتداء على مكونات المجتمع المدني من جمعيات مستقـــلة وأحزاب سياسية و منظمات حقوقية. فقد شهدت تونس قبل موعد انعقاد القمة العالمية الأخيرة، وقائع الاعــتداء على جمعية القــضاة التونســـيين ،و الرابطة التونسية للدفاع عـــن حقــوق الإنســان، و نقابة الصحفيين و المحامين و الأساتذة الجامعيين .كما منعت الحكومة التونسية  العديد من الجـــمعيات المدنية و الأحزاب السياسية من النشاط بصفة قانونية إلى جانب محاصرة الصحافة الحرة و التضييق على الإعلام و الصحفيين المستقلين. و لا تزال السلطة تعتقل مئات المساجين السياسيين منذ قرابة خمسة عشر عاما ً و تشن حملة اعتقالات و محاكمات ضد المئات من الشباب تحت طائلة قانون الإرهاب الجائر و إصدار أحكام قاسية بحقهم.    فالإعلام المستقل و الحر في تونس  خاضع لمختلف أساليب القمع والإرهاب وشتى محاولات التشويه والتطويع والاحتواء. فقد غاب عن الوعي الرسمي التونسي معنى الصحافة الحرة وصورة السجال الإعلامي النقدي والدور الطبيعي المنوط بكل عمل إعلامي في كشف الحقائق ونقد الظواهر السلبية ونشر القيم النبيلة، وما يعنيه ذلك من دور حافز لإشراك الناس، كرأي عام، في المراقبة والمتابعة وأيضاً الإسهام في اتخاذ القرارات، لاسيما عندما تتعلق بحياتهم ومصائرهم. فقد ساد في تونس لعقود متتالية حالة من انعدام الحرية واحترام حق الاختلاف، وتحويل الإعلام والصحافة إلى منابر دعاية لدعم إيديولوجية سلطوية شمولية إقصائية  لا ترضى بغير صوتها صوتاً وحقلاً سياسياً مسخراً لنصرة برنامج الحكومة ومواقفها.   إن ما يميز الإعلام الرسمي التونسي هو انتقائيته  المذهلة في التعاطي مع جديد الحقائق والوقائع الملموسة ومحاولة تقزيم ما يعارض سياسات الحكومة ،وتضخيم الداعم لها، مثلما يجري التلاعب بالمفاهيم والمصطلحات، وترويج ما يخدم منها على قاعدة المجاهدة في تبرئة الذات وعدم الاعتراف بالخطأ واعتبار ما جرى ويجري ليس أكثر من فعل أطراف خارجية معادية لتونس.   لقد صيغ الإعلام الرسمي التونسي خلال عقود وفق رؤية تميزت بها الحكومات الشمولية الإقصائية  التي تعتبر أي نقد لسياسات الحكومة تشهيراً وعداءً إن لم يعتبر إسهاماً في المخطط « الأصولي الإرهابي »المعادي! الأمر الذي أدى في تطبيقاته العملية إلى خلق ما يسمّى « كارثة الإعلام الموجه » وأهم نتائجه، يتمثل باحتكار البث الإذاعي والتلفزيوني وحزمة من الصحف والمجلات الصفراء غرضها الترويج لرأي النخبة ،ومواقفها الممجوجة ، وتوجيهاتها وإنجازاتها،وكيل السباب للمعارضين التونسيين الذين يعيشون في الداخل أو في المنافي – لا فرق- وما يترتب على ذلك من نحر الدور الطبيعي المنوط بالإعلام في مجتمع صحي، وإجهاض فرصة نشر الموضوعية والعقلانية وأسس المنهج العلمي وتطبيقاته العملية في تفسير الواقع الحي بعيداً عن تأثير المصالح الذاتية والتحيّز.   ولما كانت مهمة الإعلام الرسمي التونسي هي الدفاع عن سياسات الحكومة ، فلا قيمة عند هذه  الأخيرة لاحترام رأي المواطن وعقله وملكته النقدية بل درج التعامل مع الناس على أنهم جهلة لا يفقهون شيئاً ولا يعرفون ما يجري أو يجب أن لا يعرفوا.  وتعجب كيف يغفل هؤلاء أو يتغافلون عن الفرص الكبيرة التي تتيحها عشرات الفضائيات ومئات الصحف والمجلات ومواقع الانترنت لتمكين البشر من متابعة ما يحدث عربياً وعالمياً وربما بأدق التفاصيل!.   وتميزت تونس عن باقي البلدان العربية الأخرى ببروز ظاهرة الصحافة المأجورة الهابطة التي تطلق التهم من دون وجه حق، وتكيل  الشتائم ضد بعض وسائل الإعلام العربية، وضد المعارضين التونسيين  الديمقراطيين: من سياسيين،  و إعلاميين  ، الذين يمتلكون رأيا مخالفا لرأي الحكومة ، وينشرون  مقالاتهم في صحف عربية، بحيث لم تقتصر هذه الاتهامات على الادعاء بأنهم يبيعون عقولهم وضمائرهم للغير لقاء حفنة من المال، كذا!! وإنما تصل غالباً حد التخوين والإدانة بالعمالة؛ وطبعاً لا يمكن تفسير شدة هذه الهجمة وحدّتها إلا بحجم الهزيمة التي مُني بها الإعلام الرسمي التونسي وانكشاف عمق أزمته وعجزه عن أداء دوره وفق العقل والمنطق، وعبر مقارعة الحجة بالحجة، والواقعة بالواقعة، للدفاع عن السياسات الرسمية.   وتعاني الحياة الإعلامية والصحفية في تونس من التصحّرِ الفكر ي و الثقافي ، ومن انعدام أي مساحة لحرية الرأي المخالف، و هذه قضية سياسية بامتياز ، من الصعب الاطمئنان لنجاعة علاج أزمتها ومشكلاتها بعيداً عن معالجة منظومة الحقوق والحريات الأساسية الغائبة في المجتمع.   لا شك في أن أغلب الكتاب التونسيين يتمنون أن تتوفر في بلادهم فضاءات حرة للعمل الصحفي، وقوانين تسمح لكل صاحب موقف أن يبدي موقفه من دون رقيب أو حسيب، من دون مضايقات أو عقاب أو حصار ومحاربة حتى بلقمة عيشه. ويحلم كثير من الكتاب المعارضين أن يفسح لهم  في المجال لإصدار الصحف والمجلات الخاصة، أو بالحد الأدنى أن تعرف البلاد مساحة « مقبولة » لاحترام حرية الفكر والرأي والتعبير.ولكن فاقد الشيء لا يعطيه!   4-لماذا تحظى الحكومة التونسية بالدعم الدولي ؟   تتمتع الحكومة التونسية بمساندة قوية من العواصم الأوروبية، التي تتخيلها  على غير  ماهي عليه، و ترى فيها  سورًا واقيًا ضد الأصولية الإسلامية  نظرا ً لعدائها  الشديد لها. فهي تتمتع بحصانة من العقاب.وتسعى الحكومة التونسية إلى إرضاء  الولايات المتحدة الأمريكية بانخراطها   في مشروع « الشرق الأوسط الكبير « وتعميق مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني وصولا ً إلى دعوة مجرم الحرب شارون ومن يمثله إلى حضور قمة المعلوماتية هذه في تونس ، وقمع جماهير الشعب ومنعها من مساندة المقاومة الوطنية في العراق وفلسطين.   ولم يكن كل ذلك ممكنا ً إلابعد أن أصبح  الطابع الأمني معمما ً  و مهيمنا ً على الفضاء العام ( الجامعة،الأحياء الشعبية ،مقرات اتحاد الشغل ،مقرات الجمعيات ،الفضاءات الثقافية والترفيهية ….) وخصخصة الدولة، وإلغاء السياسة من عملية إنتاجها في المجتمع ،  وتعميم القمع، ومصادرة الحريات العامة والفردية ،واعتماد الحل الأمني أداة رئيسة في التعاطي مع قضايا المجتمع، وضرب ومحاصرة الجمعيات المستقلة والقطاعات المناضلة :الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان،جمعية القضاة، المحامون،الجامعيون،جمعية النساء الديمقراطيات،رابطة الكتاب الأحرار….وقمع الشبيبة الطلابية ومصادرة حقها في العمل النقابي والسياسي والثقافي …..   وبعد أن منعت السلطات التونسية  انعقاد قمة المواطنة التي حاولت تنظيمها بتونس على هامش قمة المعلومات مجموعة من المنظمات العالمية المهتمة بحقوق الإنسان بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني التونسية، استمرت أجهزة الأمن التونسية في اعتدءاتها على الصحفيين التونسيين و الأجانب على حد سواء.و طالت هذه الاعتداءات السيد إريك غولدشتاين الناشط الحقوقي المعروف من منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية والسيد أنطوان برنار من الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.   بالرغم من تزايد الضغط المحلي والدولي، المسلط على الحكومة التونسية ، من أجل التنفيس السياسي وإفساح في المجال أكبر أمام القوى السياسية والاجتماعية للنشاط العلني والحر، فإن السلطات تؤكد يوما ً بعد يوم، عدم استعداد ها لتحقيق مطالب المعارضة الديمقراطية وتطلعات الهيئات غير الحكومية الأجنبية.ذلك أن قيامها بمنع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من عقد مؤتمرها الخامس، ومنع نقابة الصحفيين التونسيين من تنظيم مؤتمرهم التأسيسي، وطرد المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين من مقرهم، يكشف، لمن بقي له بصيص أمل في الحكومة التونسية ، إخفاقها في ملاءمة فكرة الديمقراطية الليبرالية  ذات الأصل الأوروبي مع الظروف التونسية .   فعلى عكس الخطاب الرسمي ، الذي يعد دوما بإصلاحات ديمقراطية  » ترفع البلاد إلى مصاف الدول المتقدمة »، وخلافا ً لانتظارات المراقبين والمهتمين بالشأن السياسي، والذين راهنوا على دور انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات في تونس، في شهرتشرين الثاني/ نوفمبر 2005 في التليين و التلطيف من حدة القمع الممارس يوميا ً في تونس، فإن السلطات المحلية، هدمت تلك الأحلام وأسقطت تلك الحسابات في الماء، ووضعت الناشطين والفاعلين في الحقل السياسي أمام واقع متأزم، وفي موقف معقد، وأحرجت العديد من الدول الغربية التي الذي لاتزال تنتظر إقدام الحكومة التونسية القيام بالإصلاح الديمقراطي والتحسين من وضع الحريات.ذلك أن آخر المعطيات والأحداث حول وضع حقوق الإنسان في تونس، تؤكد التمشي نحو التعميق من حدة هذه الوضعية.   و تبين أن الحكومة التونسية و الديمقراطيبة  تتناصبان العداء، بدلا ً من أن تمهد إحداهما الطريق أمام الأخرى.و صار الشعب التونسي بعد أن أعيته كل دعايات الحكومة حول الديمقراطية و المجتمع المدني و الحداثة، قانعا ً بما تيسر من أمن اقتصادي محدودٍ جدا ً، فاختصر الحرية السياسية و حرية التعبير ، و حرية إنشاء الأحزاب السياسية المعبرة عن تطلعاته و طموحاته ، حتى باتت الحرية مجرد إتقاء لشر التسلط و التعسف اللذين تمارسهما  الحكومة ، التي  ناصبت العداء لكل دعوة إلى احترام حقوق الإنسان في تونس، و نصبت نفسها ممثلة للحقيقة المطلقة بصفة احتكارية  تعلو على السيادة الشعبية.   الديمقراطية مسألة مستجدة على المجتمع التونسي ، بل هي وافدة برّانية . فقد اعتقد الشعب التونسي و معه النخب الفكرية و السياسية، أن الديمقراطية قد انتصرت بعد  عملية الاستبدال التي حصلت في رأس هرم الدولة :إزاحة الرئيس بورقيبة و مجيء الرئيس بن علي إلى السلطة ، و أنها ستفرض نفسها باعتبارها الشكل الطبيعي للدولة ، فضلا ً عن كونها المظهر السياسي  الذي تتجلى من خلاله حداثة قائمة على اقتصاد السوق من حيث شكلها الاقتصادي، وعلى العلمانية من حيث تعبيرها الثقافي.   فلا السوق السياسية المنفتحة و القادرة على المنافسة هي الديمقراطية ، ولا اقتصاد السوق يشكل بحد ذاته مجتمعا ً صناعيا ً.بل إن بوسعنا القول، في كلا الحالتين ، أن النظام المنفتح سياسيا ً و اقتصاديا ً، شرط ضروري من شروط الديمقراطية أو التنمية الاقتصادية، لكنه غير كافٍ. صحيح أن لا وجود لديمقراطية  من دون حرية اختيار الحاكمين من قبل المحكومين ، ومن دون تعددية سياسية ، و من دون حرية تعبير، لكننا لا نستطيع الكلام عن ديمقراطية ما إذا كان الناخبون لا يملكون إلا الاختيار بين جناحين من أجنحة  الأوليغارشية أو الجيش و أو جهاز الدولة.لأن العولمة الرأسمالية المتوحشة  التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية تتساهل تجاه انضمام  دول مختلفةلاقتصاد السوق،منها دول تسلطية ، و منها دول ذات أنظمة تسلطية،آخذة بالتفكك، ومنها دول ذات أنظمة  يمكن تسميتها ديمقراطية ، أي أن المحكومين فيها يختارون بملء إرادتهم وحريتهم من يمثلهم من الحاكمين.   وتشهد تونس اليوم عودة فكرة حقوق الإنسان بزخم أشد من السابق، لأن الذين يحملون هذه الفكرة هم من مكونات المجتمع المدني الحديث و من ذوي العقول النقدية الذين يناضلون في أحلك أوقات هذا الزمن العربي و مراحله العصيبة ضد التعسف.   الديمقراطية تقتضي تلبية مقتضيين إثنين يبدوان في ظاهرهما متعارضين : من جهة، مقتضى احترام الحريات الشخصية إلى أكبر حد ممكن، و من جهة أخرى، مقتضى تنظيم المجتمع بحيث يكون في  في نظر الأكثرية مجتمعا ًعادلا ً.   إن الحرية بشقيها الإيجابي و السلبي  هي الرغبة الديمقراطية بتزويد المقهورين والمضطهدين و التابعين بالقدرة على التصرف بحرية، و على النقاش مع السلطة السياسية ، والفعاليات الاقتصادية  القابضة على زمام الموارد الاقتصادية، من باب التساوي معهم في الحقوق و الضمانات.و لذلك كان  التفاوض  الاجتماعي ، و الديمقراطية الصناعية على نطاق واسع، فتحين كبيرين من فتوحات الديمقراطية : فقد أتاح عمل النقابات للعمال المأجورين أن يتفاوضوا مع أرباب عملهم في أقل الأوضاع سوءا ً. و كذلك الأمر لحرية الصحافة، فهي ليست حماية لحرية فردية و حسب، بل إنها تزود الضعفاء بإمكانية إسماع أصواتهم، في الوقت الذي  يستطيع الأقوياء أن يدافعوا عن مصالحهم سرا و بالكتمان إذ يعبؤون شبكات بحالها من صلات القربى و الصداقة و المصالح الجماعية(6).   لاشك أن الإصلاح الديمقراطي في تونس ، يتطلب ذكاء سياسياً، وخيالاً معنوياً، و حاكماً  عادلا ً، وسن الحكومة عفوا ً تشريعيا ً عاما ً، و إفساح في المجال لعودة كل المنفيين السياسيين  و المحاكمين في قضايا سياسية مختلفة داخل البلاد و خارجها، بضمانات تكفل لهم كامل حقوقهم  المدنية و السياسية . بيد أن الحكومة التونسية تريد من القوى الديمقراطية ، والحركة الإسلامية الإصلاحية (النهضة)،  إعلان توبتها،  و التقدم برسائل استرحام شخصية إلى الرئيس بن علي يؤكد فيها أصحابها  إلغاء تاريخهم السياسي الماضي ، و الانخراط في تجربة  « الديمقراطية المتحكمة و المراقبة  » التي قادتها سلطة السابع من نوفمبر ، و التي كانت حينذاك عملية تجريب قامت بها الدولة على المجتمع بهدف السيطرة عليه ،حيث أعقبت هذه التجربة ، قيام دولة أمنية شديدة المركزية ، افترست المجتمع المدني بحظر قيام مؤسسات خارجة عن الدولة ، و عدم الاعتراف بالأحزاب السياسية التي تتمتع بقاعدة عريضة مثل حركة النهضة ، وبالتالي ألغت صنع الأحزاب السياسية في صلب المجتمع ، بحيث أصبحت السياسة منذئذ فصاعدا هي الدولة ، و لا شيء غير الدولة .   المعارضة التونسية غير المعترف بها رسميا على اختلاف مشاربها الفكرية والإيديولوجية ، سواء في الداخل أو في الخارج ، أعلنت عن ترحابها بأي مبادرة إيجابية تصب في تحقيق مصالحة وطنية حقيقية و فعلية بين السلطة و المعارضة ، لاسيما الإسلامية منها. غير أنها تعتبر أن الحل يجب أن يكون شاملا ً لا إفراد يا ً . و تؤكد المعارضة هذه أن ممارسة الحريات لا يمكن أن تكون مشروطة إلا بما يحميها من أعداء الحرية ، لذلك فهي ترفض الشروط الأيديولوجية و السياسية التي تستهدف إلزام الحركات السياسية بالدفاع عن الحكومة. و لا مجال للمعارضة أن تلعب دور الحجة على وجود الديمقراطية ظاهريا ً ،أو أن تكون ديكورا ً لهذه العملية التي يراد تمريرها باسم الانفتاح.   و تطالب المعارضة التونسية أولا ً ، بإصدار عفو تشريعي عام في البلاد ،و تجاوز الإجراءات المفروضة على المناضلين السياسيين و النقابيين . و ثانيا ً ، بإلغاء المحاكم السياسية والقوانين اللادستورية القائمة ، لاسيما قانون الجمعيات و قانون الصحافة اللذين يحرمان على القوى و التيارات السياسية ممارسة حقوقها . و ثالثا ً ، مراجعة القانون الانتخابي ، و توفير الإمكانات المادية و الإعلامية لجميع التيارات السياسية للمشاركة في العملية الانتخابية .   و تؤكد المعارضة سعيها للحصول على حقها بممارسة عملها السياسي علنا في إطار الديمقراطية ، و حرصها على مواصلة النضال لأجل تحقيق المطالب الديمقراطية للشعب التونسي التي تحاول الحكومة طمسها ، و التي هي حاليا العفو التشريعي العام ، و إقرار حرية التنظيم و حرية التعبير و حرية الاجتماع ،و التظاهر بصورة فعلية ، لا إقرارها النظري على صعيد الدستور ، و مصادرتها على صعيد الواقع السياسي السائد حاليا ً .   و لما كان موضوع الحريات الديمقراطية يحتل مكانا ً جوهريا ً في عملية بناء دولة القانون و المؤسسات ، فإن المعارضة التونسية ترى أنه لا يجوز للحكومة و هي تتحدث عن مراعاة تقاليد دولة القانون و المؤسسات أن تتبنى في الوقت عينه رؤية حصرية وشمولية ، وأيديولوجيا حصرية و شمولية  تطرد الآخر من عالمها ،و لا تنظر إلى الاختلاف إلا على أنه مروق و كفر و إضعاف لوحدة الجماعة في أحسن الظروف ، و تعطي لنفسها من الحقوق والامتيازات ، لا سيما امتياز تمثيل الطبقة أو الشعب ، ما تنكره على غيرها .   هذه الرؤية الحصرية تقلص المجال السياسي و الحقوقي للمجتمع إلى الهوية الحصرية لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم ، و تقلص الوطن إلى حدود سلطته ، فلا يبقى من مكان للآخر المختلف عنه أو المعارض سوى القبر أو السجن أو النفي داخل الوطن أو خارجه .   و حتى ترقى الحكومة التونسية إلى مستوى بناء دولة القانون و المؤسسات ، عليها  أن تنظر إلى حزبها  أنه الجزء من الكل، و أن لا تجعل من حركته السياسية الجزء بدلا من الكل ، لأن الكل هو الحركة السياسية ، الجامعة للمسألة الوطنية التي تعبر عن نزوعها إلى التحرر والاستقلال و التقدم . هذه الحركة تشمل موضوعيا ً جميع الشخصيات السياسية الوطنية والديمقراطية ، و جميع التيارات الفكرية و الأحزاب السياسية بصرف النظر عن أيديولوجيتها ، و برامجها ،و أهدافها و تركيبها الاجتماعي ، و أساليب عملها ، و لهذه الشخصيات ، و التيارات و الأحزاب المصنفة على أساس أيديولوجي و سياسي : التيار الإسلامي ، و التيار القومي ،  والتيار الماركسي ، و التيار الليبرالي ( باستثناء التيار الذي تتناقض إيديولوجيته مع المسألة الوطنية صراحة ) ، لها حقوق متساوية في العمل و التعبير السياسيين ، و في الترشيح للانتخابات الرئاسية و التشريعية لقيادة السياسة العامة للدولة التونسية ، كما يضمنه لها ذلك الدستور بالنصوص ، و ذلك لأنها تمثيليات سياسية لقوى و فئات اجتماعية لها في مجتمعها حقوق متساوية ، و أن كلا ً منها جزء من الحركة السياسية ، و يعبر عن قوة اجتماعية هي جزء من الشعب .   و تعتبر المعارضة التونسية أن للمواطنين التونسيين حقوقا ً متساوية ً بصرف النظر عن الواجبات ، فحق السلطة متساوٍ مع حق المعارضة ، لا سيما المساواة الحقوقية  وليست الأخلاقية . و هذه المساواة هي مساواة المواطنين أمام القانون باعتباره أساس الموقف العقلاني من الآخر ، لا سيما في مجال الأحزاب ،و الانتماءات السياسية إلى المعارضة أولا ً ، وهذه المساواة التامة هي ضمانة الديمقراطية في العلاقة بين الحكم التونسي و القوى السياسية ثانيا ً ، و في علاقة الحركة السياسية بجميع تياراتها مع الشعب ثالثا ً ، و أساس السياسة باعتبارها فاعلية اجتماعية رابعا ً . ذلك هو الطريق الضروري للقضاء على الاستبداد و التسلط في الحياة السياسية .   الهوامش:   (1)- جوزيه ساراماغو- ماذا تبقّىمن الديمقراطية؟   (2)- حركة الديموقراطيين الاشتراكيين(MDS) ، حزب الوحدة الشعبية(PUP)، الاتحاد الديموقراطي الوحدوي(UDU) ، حركة التجديد والحزب الاجتماعي الليبرالي(PSL)، هذه الأحزاب تحتل 34 مقعداً من أصل 182 في مجلس النواب. وقد قدم كل من حزب الوحدة الشعبية والتجديد والحزب الاجتماعي الليبرالي مرشحين الى رئاسة الجمهورية فيما يستمر حزب حركة الديموقراطيين الاشتراكيين في دعم ترشيح السيد بن علي.   (3)-واجهة دستورية » المرجع:   Hachemi Jegham, La Constitutin Tunisienne de 1861,Editions Chems,Tunis 1989.                                                                                        (4)د.أ محمد مالكي- الدستور الديمقراطي و دستور الدول العربية- بحث قدم « لمشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية » في اللقاء  السنوي الخامس عشر الذي عقد في دولة الإمارات العربية المتحدة 2005، بمشاركة عدد من الأكاديميين و الباحثين العرب.و قد نشرت صحيفة الخليج هذا البحث بتاريخ 17 سبتمبر 2005.   (5)-  المرجع السابق عينه.    (6)-ألان تورين – ما هي الديمقراطية؟ حكم الأكثرية أم ضمانات الأقلية- دار الساقي، الطبعة الثانية 2001، (ص 18). 
 

 

بسم الله الرحمان  الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

تونس في 12/07/2006

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

رسالة للتاريخ حماية الأخلاق واجب وطني و ديني

على كل مكونات المجتمع مسؤولية  عظمى أمام الله و التاريخ

أنّ موضوع الأخلاق من  أهم المواضيع التي تستحق العناية و الإهتمام و التركيز و الشجاعة الأدبية و الكلمة الصادقة بجرأة وإقدام و بمسؤولية تاريخية ووطنية : لأنّ الأخلاق ركن أساسي هام  في حياة الإنسان  و بالأخلاق السامية تتضامن المجتمعات و ترتقي و تتحابب و تتعاون و لا شىء أسمى و أنبل من الأخلاق و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم

 

« أنا  بعثت لأتمم مكارم الأخلاق »

ما  أنبل و أصدق و أسمى هذا  الحديث النبوي الشريف الذي له أبعاده و تأثيره على النفوس و القلوب المفعمة بالإيمان و النيرة  بالإسلام و الرقيقة و الملئية  بالمشاعر  و  الوجدان و الاحساس بالكلمة  الصادقة و الهادفة التي لها وقع و  تأثير رباني لمن غرس في قلبه نور الإيمان و هداه الإسلام… و حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه  و سلم له ألف و أربعمائة عام و زيادة و مازال الحديث محل  إعجاب و إكبار مليار و 300 مليون مسلم يرددونه و يكررونه إلى يوم الناس هذا و إلى  قيام  الساعة لأنه حديث جامع من رسول و صفه الله تعالى في القرآن الكريم

« و أنك لعلى خلق عظيم »

     صدق الله العظيم

فرسالة سيدنا محمد صلى  الله عليه و سلم لخصها في هذا الحديث الشريف إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق لأنه الجانب العظيم في الإنسان و إذا  سمت الأخلاق صلح الإنسان  في الكون و عمر و أثمر و نفع الناس

مظاهر مزرية لا تمّت  للإسلام بشيء

إنّ مظاهر العراء و التفسّخ و اللباس القصير العاري الخليع الكاشف للبطن و الصرة و الزنود و الثدي  و غير ذلك من مظاهر مفاتن المرأة و عورتها أصبحت في شوارعنا و  غزت معاهدنا و كلياتنا و إداراتنا و حتى مقرات السيادة و في كل مكان و أصبح اللباس الموضة مباح مباح و لا  أحد يقول إليك هذا اللباس ممنوع أو حرام كشف بطن الفتاة و صرتها و مفاتنها في بلد عربي مسلم. و قد قلت للسيد وزير الشؤون الدينية في الردّ و التعقيب عليه يوم 30/12/2005 بموقع الأنترنات تونس نيوز ردا على ماقاله و صرح به لصحيفة  الصباح يوم 25/12/2005 بأنّ الحجاب دخيل و نشاز قلت له في الردّ المشار إليه أجبني  على موضة العراء و كشف الصرّة هل لباس تونسي أو هو دخيل و  نشاز …

لحدّ اليوم ننتظر الرد… هل العراء تقدم . هل كشف الصرة حضارة . هل البطن العارية حرية

قال رب العزة : و الساعة أدهى و أمر صدق الله العظيم.

وقال تعالى: » أفمن زين له سوء عمله فراَه حسنا فإن الله يضل من يشاء و يهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنع بما يصنعون » صدق الله العظيم

حملة تاريخية لردع المتهورين و  المتهورات في السبعينات

 

مازلت  أتذكر الحملة الأمنية الرائعة التي قام بها السيد أحمد المستيري و زير الداخلية سنوات 68-69-70-71 لردع كل الشبان و الفتيات المتهورين في اللباس و السلوك.

فقد أذن رجال الأمن بإستعمال أنواع من  الدهن الملوّن لكل فتاة ترتدي لباس قصير إذا كان لونه أحمر يقع دهنها باللون  الأحمر و هكذا … و  الشباب الذي يطول شعره يجد المقص في انتظاره وقد كانت حملة رائعة أتت أكلها و أثمرت و حققت أهدافها و السيد الوزير أحمد المستيري أخذ الأمر من رئيس الدولة المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله…هذا  للتاريخ أقوله وأصدع به وأتمنى إعادة هذه الحملة.

 

الأمطار و الزوابع الرعدية الأخيرة بالحمامات يوم 11/07/2006 لها أبعادها و مغزاها

 إنّ  الأمطار و الزوابع الرعدية الأخيرة التي نزلت بمدينة الحمامات بلد السياحة و بلد  الترفيه و بلد الحرية أفعل ما تشاء حتى من طرف شبان و فتيات دون السن القانوني 20 سنة بدعوى الحرية قلت أنّ الأمطار و الزوابع الرعدية مساء يوم  11/07/2006 هي إنذار و عقاب إلاهي من ربّ العزة ربّ العالمين هو  إنذار إلاهي من  خالق الكون لعباده و هل من رجوع إلى القيم و الأخلاق الفاضلة الذي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه و  سلم هل نشاهد حملة واسعة لحماية الأخلاق الفاضلة من  جديد و  هل من رجوع إلى الجادة  و الإعتدال و الحياء الذي هو شعبة من شعوب الايمان السبعين أم  العجوز هازها الواد إلى الهلاك و الغريق و هي تقول العام صابة و هل إنذار الله نأخذه بعين الإعتبار أم تقول تلفزتنا غضب الطبيعة كما تقول دوما في كل الكوارث في العالم و تجاهلت  تلفزتنا الوطنية أنّ خالق الطبيعة هو  الله سبحانه و  تعالى و هو القادر على كل شىء.

قال تعالى : « إنك لا تهدي من أحببت و  لكن الله يهدي من يشاء »

صدق الله العظيم

و قال الله تعالي :  » فليضحكوا قليلا و ليبكوا كثيرا   جزاء بما كانوا يكسبون »

      صدق الله العظيم

  

 

محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

 

ملاحظة هامة : نتمنى من الصميم القيام بحملة واسعة النطاق أمنية لإعادة الإعتبار للحياء و الأخلاق و الحشمة و ما ذالك بعسير و لا بعزيز على حكومتنا.

قال الله تعالى : » فستذكرون  ما أقول لكم  و أفوّض أمري إلى  الله أنّ  الله بصير بالعباد »

صدق الله العظيم

 

 

الرشوة مثالا على آفات التدين

 

لعل الرحمان سبحانه يعين على جمع ما تيسر من آفات التدين في كنف رسالة . ذاك موضوع يشغل بالي منذ زمن بعيد إذ حين يتحول التدين إلى بؤرة آفات عقلية ونفسية وإجتماعية عفنة فإن الدعوة الاسلامية تندحر دون شك ويخيم علينا الانحطاط مجددا في زمن نستقبل فيه ضربا معاصرا من ضروب الانحطاط : الوافد الغربي وتأثيراته البالغة .

 

أصل الرشوة :

 

لغة  : رشا يرشو رشوا ورشى يرشي رشيا : الجذر الاول أحق لواو مضارعه المثبتة في مصدره . أصلها الثلاثي رشو أو رشي . رشاه : أعطاه كلاما مدحه به أو مالا يقضي به عنده مأربا . والرشوة نسبة إلى القلة كالرش من البخار أو الماء . ونسبة إلى الخفاء أحيانا خفاء الرش من البخار والماء . ويزاد الفعل : إرتشى وإسترشى وأرشى . ومنه رشا القربة : وكاؤها الموصول بأسفلها صالحا للتوكية ويسر حملها على الظهر. فهو رشا : لانه يصل بين أمرين كما تصل الرشوة بين الراشي والمرتشي ولخفته مقارنة بالقربة والرشوة خفيفة في مثقال القضية الام عادة .

معنى : لم ترد في القرآن الكريم ولو مرة واحدة ولكن جاء فيها حديث صحيح يقول فيه عليه الصلاة والسلام  » لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما  » . كما ورد عن بعض الصحابة قولهم  » كنا نرشي الاعرابي بثوب ومثله ليسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن أمر نريده « . وقصة ذلك أن كثيرا من الاصحاب سيما الاجلاء منهم فقها وأدبا يعترض لهم الامر يطلبون له قولا منه عليه الصلاة والسلام فيمنعهم من ذلك كثرة السائلين أو غير ذلك مما يظنون أنه يجلب له التبرم سوى أنه لفرط حيائه يهش ويبش في وجه كل أحد … فيختلفون إلى القادمين إليه عليه الصلاة والسلام ممن لا يعرف ويعطونه ثوبا أو غير ذلك ويقولون عن ذلك  » كنا نرشي الرجل ليسأل لنا النبي عليه الصلاة والسلام  » . وذلك يفيد أن للرشوة معنى لغويا آخر عرفيا لا يشترك مع المعنى الشرعي سوى فيما لا مناص فيه من الاشتراك بسبب وحدة الجذر .

 

القرآن الكريم والرشوة :

 

قال تعالى في سورة البقرة  » ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم وأنتم تعلمون « . وذلك في سياق التفرغ شبه الكلي في هذه السورة الاطول والاعظم لبني إسرائيل بسبب تمحضهم سيما بعيد الهجرة لاخطر سلاح فتاك من الداخل أي سلاح النفاق الذي برعوا فيه كما لم يبرع فيه بشر فوق البسيطة . سرعان ما إنتقل الوحي هنا من توجيه المؤمنين في بعض الاحكام التعبدية والمالية إلى مواصلة الحملة عليهم وبدأها هذه المرة بفضح غريزة التحايل فيهم كأنها غريزة لم تنبت فيمن سواهم من البشر . بدأ بتحرير الرشوة تحريرا موضوعيا يعرض عن إسمها ـ وكثيرا ما يهمل القرآن الكريم الاسماء والاعيان ليتفرغ لتحرير الحقائق ـ ليبين حقيقتها ومظهرها وأثرها وذلك أدعى في النفوس الكريمة الابية أن تنزجر عنها بوصفها  » باطلا وإثما « . ثم ثنى بقضية تحايل أخرى وهي تزوير التقوى من خلال دوس حقيقتها في النفوس زكاة والتنسك بمظهر بال منسوب إليها وهو إتيان البيوت من ظهورها .

 

الرشوة أكلا لاموال الناس بالباطل في حماية القانون إثما معلوما : صناعة إسرائيلية:

 

لم لم يذكر الرشوة في سورة أخرى لم تتناول قضية بني إسرائيل بالاساس ؟ لان الرشوة بذاك المعنى صناعة إسرائيلية أخبر عنها في موضع آخر حكاية عن قولهم  » ليس علينا في الاميين سبيل  » أي أن دماء وأعراض وأموال غير  » شعب الله المختار  » سيما من العرب الاميين غير أصحاب الكتاب السماوي مثلنا حلال علينا شرابا سائغا زلالا . ولذلك ألمح هنا إلى أن ذلك العمل فعل باطل حتى لو إحتمى بالقانون الحاكم وهو ما يعبر عنه الفقهاء بحكم الديانة الذي قد يخالف حكم القضاء لانه عليه الصلاة والسلام يقول  » لعل بعضكم يكون ألحن من بعض فأقضي له فمن قضيت  له بشيء من ذلك فلا يأخذه  » ولذلك جاء التشديد من الوحي ـ قرآنا وسنة ـ كبيرا عظيما على أولوية النية خلوصا له سبحانه في كل عمل حتى رهن كل عمل بنية صاحبه  » إنما الاعمال بالنيات « . ولقد حرص الوحي الكريم دوما على تبيين صنائع بني إسرائيل للناس عامة و المؤمنين منه خاصة لئلا يختلط في الناس مفهوم أهل الكتاب على إطلاقه بقيم الحلال والحرام فيشتبه الدين أو يتأثر بهم ضعاف النفوس من المؤمنين أو من يعاني من عي في فهمه سيما أن التحايل سبيل للنفس حين تضطرها العاديات وقد يخفى على بعضها أن حلاله حلال وحرامه حرام لكثرة الملبسين من بني إسرائيل الذين جعلوا التحايل شريعة إسرائيلية مكرا على الله سبحانه كما في حادثتي تحريم الصيد عليهم يوم السبت وشحوم بعض الانعام وغير ذلك .

 

حقيقة الرشوة ومشارب الناس فيها تحايلا وتشددا :

 

حقيقة الرشوة هي العدوان على الانسان من خلال التحايل على أكل ماله بالباطل بدون رضاه وعمدا قاصدا ليس فيه غفلة ولا نسيان ولا إكراه ولا جهل . إذا كان ذلك كذلك فعلة تحريمها شرعا وعرفا بين الناس : صون كرامات الناس وحرياتهم في أموالهم وتصرفاتهم المالية وعلاقاتهم الاجتماعية أن تكره على مكروه أو تداس بظلم إذ المال زينة الانسان وقوام حياته .

ولذلك ورد النهي القرآني الكريم فيها صحيحا صريحا  » ولاتأكلوا » وركز على ضرب من الرشوة وهوما  » تدلوا بها إلى الحكام  » وهو الضرب الاغلب في حياة الناس  وعلى المقصد القلبي الذي لا يعلمه سواه سبحانه  » لتأكلوا فريقا من أموال الناس  » وعلى الشعور الغريزي الفطري في الانسان وهو يأكل الرشوة  » بالاثم وأنتم تعلمون « . وإشتراط العلم بالحرام في ذلك.

كما أكد الوحي هنا على حرمة الاكل دون العطاء تماما كما فعل مع الربا وذلك في موضعين في آية واحدة هنا . وذلك لكون الآكل مختار دوما للعدوان ـ رشوة وربا معا ـ بينما يكون المعطي غالبا مكرها تلجئه الحاجة وهي في منزلة الضرورة . ولكن ذلك لايشمل الراشي في الحديث  لانه يعطي مالا لاقتطاع حق إنسان بغير حق وكذا الرائش لانه تاجر في حقل حرام كله .

أحاطت الاية الوحيدة في قضية الرشوة بكل جوانب الموضوع الظاهرة والباطنة . أما الحديث الصحيح  فيها فقد بادر إلى لعنة الاطراف ا لثلاث المتورطة في الرشوة بالمعنى القرآني المعلن آنفا واللعنة هي أغلظ وأشد ما يواجه الانسان فالملعون لو مات على ما لعن بسببه مات مغضوبا عليه مطرودا من رحمة الرحمان سبحانه يوم القيامة وكل ملعون فيه هو كبيرة من الذنوب والفواحش وقد يحجز صاحب الكبيرة الذي مات عليها حتى يقضى بين الناس غضبا عليه وإحتقارا وقد يرد النار تطهيرا له من كبيرته فيمكث فيها بقدر ذلك والله تعالى أعلم .

اللعن النبوي هنا يعكس مدى دوران الاسلام في تشريعه على حقوق الانسان حتى المالية منها .

 

المسؤولية الجزائية الشخصية في الرشوة المحتمية بسلطان القوة قضاء أو غلبة :

 

الناس في هذا صنفان : منهم من يظن حقا أن كل مال مغصوب من صاحبه الشرعي بأي سلطة ولو سلطة الحياء حلال عليه زلال كلما لم يكن مساهما في ذلك الغصب وخاصة إذا كان غاصب المال حاكما أو صاحب سلطان ما من قضاء أو غير ذلك عادلا كان أم جائرا معلوم الجور . ومن أقرف ما شهدت في تونس سابقا أن يجتمع صاحب البضاعة المحجوزة من إدارة حرس الحدود أو من مصلحة التفليس بالمحكمة مع بقية الناس في سوق عام حول مزاد علني تعرضه إدارة الحدود أو التفليس ويظل المسكين صاحب البضاعة المحجوزة من بيته أو من طريق تجارته يدلي بسعره مع من يدلي لعله يظفر بماله المغصوب ظلما في أغلب الحالات بأقل ثمن ممكن فإذا تفطنت الادارة لحركة غير عادية في ذلك المزاد تبغي تخفيض السعر لادنى مستوى ممكن رحمة من الناس بذلك المسكين تؤجل البت فيه إلى أجل قابل .

ومنهم من لا يظن ذلك ولكنه يتحايل على أكل المال الحرام ـ الرشوة مثلا ـ أكلا لرقبتها كما يفعل القاضي أو من يقوم مقامه أو أكلا لثمرتها كما يفعل المحكوم له .. فيعمد إلى رفع القضية إلى السلطان الحاكم ويرشيه بمال أو مديح أو قضاء حاجة أو هدية أو أي شيء يريد منه في بطن صدره قضاء حاجته به عدوانا على غريمه أو صاحبه أو خصيمه أو شريكه في تلك القضية . والقرآن الكريم صريح في تحميل كل إنسان مسؤوليته الشخصية ويشتد الامر حين يتعلق بحرمات الانسان  » ولا تزر وازرة وزر أخرى  » . بل وصل الامر إلى حد عتاب أحد أنبيائه عليهم السلام ـ داوود ـ لمجرد أنه إستمع إلى أحد الخصمين فعلق برأيه قبل أن يستمع إلى الخصم الاخر فجاءه الحق يقول  » إنا جعلناك خليفة في الارض فأحكم بين الناس بالحق « .  وهو لم يتبع هوى عليه السلام ولكن فاتته الحكمة المطلوبة هنا فما بالك بمن يتبع هواه من القضاة والسلاطين غلبة وقهرا أو من الخصوم تشفيا ونكالا وإيثارا للعاجلة ؟

وسدا لذريعة الرشوة تحرم الهدية للقاضي أو السلطان الذي يحكم في قضية يكون أحد أطرافها ذلك الهادي ولقد بلغ كثير من سلفنا الصالح في ذلك قمما من التورع والتقوى والتحري لا يصدقها العقل المعاصر المخمور بسحر اللعاب الغربي الخبيث .

ومن صور الرشوة في أسواقنا : التحايل على عمليات المزاد العلني لصرف منافس شديد والحقيقة أن صور الرشوة في حياتنا المالية لا يقف لها الانسان مهما رصد على إحصاء لكثرتها بكثرة تشعب الحياة الاقتصادية وتشابك المعاملات المالية التي أضحت تدار بكثرة الوسطاء وكثرة التعقيدات الادارية وبنيابة الصكوك والاوراق عن المال السائل وبطغيان القانون الغربي القائم على شرعية الاحتكار والظلم على حياتنا وأخيرا إنخرطت في اللعبة الشبكة العنكبوتية.

 

الرشوة مثالا على آفات التدين وعلى حكم شرعي ثابت يدور مع علته :

 

كل حكم معلل مقصد بالبيان أو بالاستنباط ـ وكل التشريع الاسلامي كذلك سوى الهيئات وما في حكمها في بعض العبادات المعروفة ـ لا تدرك علته ومقصده ولو ظنا غالبا أو لا تنشأ العلاقة بين ذلك الحكم وتلك العلة … يصيب التدين بآفات عظيمة . الرشوة مثالا :

ـــ رجل إغتصب له السلطان أو من في حكمه مالا بغير حق إسلامي لا قانوني وضعي مخالف للحق الاسلامي : الناس فيه فريقان يتحاجان بالرشوة : أحدهما يحرم دفع درهم واحد لذلك الحاكم أو من ينوبه رشوة لاسترجاع ماله الحلال المغصوب بغير حق بحجة حرمة الرشوة في حين يجوز الاخر رشوة الحاكم ولو بكل المال إضطرارا لصون مثله دفعا لاكبر الضر وتحملا لادناه وتقديما لدرإ المفسدة على جلب المصلحة . الغريب الذي وقفت عليه خبرة للناس أن النفوس تشمئز من الرشوة إشمئزازها من الخمر والخنزير ولكن قليلا منها يصمد أمام مغريات المال والاغرب من ذلك كله أن تلك النفوس التي ترشي  تظل تشعر بالذنب حتى لو كان أنسب حكم في دفع الرشوة هو الوجوب المفروض وليس مجرد الاباحة والجواز . ذلك مثال حي لافة واحدة من آفات التدين في موضوع مالي واحد هو الرشوة . آفة عنوانها : رسب فينا الانحطاط نبذ التعليل  فكانت آفة عقلية وسحرتنا المادية الاستهلاكية الغربية بلعابها الزعاف فتقحمنا الباطل والاثم والحرام نبذا للورع وطمسا للتقوى فكانت آفة نفسية.

 

فهل من مدكر وهل من قائم معي نتفكر ؟

 

الهادي بريك ــ ألمانيا


 

ملاحظة أولية من « تونس نيوز »

البيان الصادر عن الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين لم يسم تونس بالإسم لكنه أشار إليها بوضوح شبه تام في فقرة كاملة (*) :

 

نص بيان اتحاد العلماء المسلمين

 

 
 
إستانبول – مسعود صبري وعصام الشعار    في ما يلي نص البيان الختامي للجمعية العامة الثانية للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين التي انعقدت يومي 10 و11 يوليو 2006 في مدينة إستانبول التركية:    بسم الله الرحمن الرحيم   البيان الختامي لاجتماع الجمعية العامة الثاني للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المنعقد في إستانبول بتاريخ 14-15 جمادى الآخرة 1427 هـ الموافق 10-11/7/2006م   الحـمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله، وعلى سائر إخوانه من النبيين والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين، وبعد..   فقد عُقدت الجمعية العامة الثانية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في مدينة إستانبول يومي 14 و15 من جمادى الآخرة 1427 هـ = 10 و11/7/2006 م.   وشارك في هذه الجمعية أكثر من ثلاثمائة عالم من أعضاء الاتحاد من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، تجشّموا عناء السفر وتركوا أعمالهم ومهماتهم الجليلة في بلدانهم؛ لأداء دورهم البنّاء في تقوية هذا الاتحاد، وتطوير عمله، وتأكيد دوره الأساسي في خدمة قضايا الأمّة، والدفاع عن مصالحها.   وقد بدأت الجمعية العامة بحفل افتتاحي حضره عدد كبير من العلماء والرسميين الأتراك يتقدّمهم نائب رئيس الوزراء وزير الدولة السيد محمد شاهين، وفضيلة رئيس الديانة الأستاذ الدكتور علي دره قولي، وسعادة والي إستانبول الأستاذ معمّر كولار، وممثّل رئيس بلدية استانبول، وعدد من أعضاء البرلمان التركي، ورئيس اتحاد الجمعيات الطوعية الأستاذ نجمي صادق أوغلو. كما حضر حفل الافتتاح معالي الأمين العام لمنظّمة المؤتمر الإسلامي الأستاذ الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو.   وقد ناقشت الجمعية العامّة الموضوعات المدرجة على جدول أعمالها، فناقش أعضاؤها -مناقشة موسّعة- قضايا الأمّة وأبدوا فيها آراءهم ومقترحاتهم التي سيأتي التعبير عن مجملها في فقرات هذا البيان.   وأقرّت الجمعية العامّة النظام الأساسي ولائحة العضوية للجمعيات والأفراد المقترحين من مجلس الأمناء، وأبدى عدد كبير من الأعضاء ملاحظات تفصيلية عهدت الجمعية العامة إلى مجلس الأمناء المنتخب بأخذها في الاعتبار؛ لتعديل النظام واللائحة المذكورين وعرضهما معدّلين على الجمعية العامة القادمة.   وأحيطت الجمعية علمًا بصدور الميثاق الإسلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يعبّر عن الفكر الإسلامي الوسطي الذي يعتنقه الاتحاد، ويدعو إليه ويعمل على توسيع نطاق الالتزام به في الأوساط الإسلامية كافّة.   وقد عُرضت على الجمعية تقارير عن عمل الاتحاد في خلال السنتين الماضيتين، عرضها الأمين العام ورؤساء لجان قضايا العالم الإسلامي، والحوار والاتصال، والإفتاء والبحوث.   وبعد مناقشات مستفيضة من كلّ ما تقدّم -واستحضارًا لمسئولية العلماء في إسداء النصح للأمّة، حكامًا ومحكومين، عندما يصيبها ما يهدد مصلحتها العليا أو سلامة ديارها أو وحدة أبنائها أو استقرارها- رأت الجمعية العامة أن توجز رؤيتها لأهمّ القضايا الحاضرة فيما يأتي:   في الشأن العراقي:   يواصل الاتحاد بقلق بالغ متابعة ما يحدث في العراق منذ بداية الاحتلال الغاشم من مسلسل القتل المتواصل، ونزف الدم الذي لا ينقطع من الشعب العراقي الجريح، ومن فتك بالأبرياء، وتفجيرات ظالمة أصابت ولا تزال تصيب الأنفس والممتلكات، والمنازل والمساجد وأماكن العبادة. ويود الاتحاد أن يؤكد ما أعلنه من قبل، من أنّ ما ترتكبه الجيوش الأجنبية الغازية للعراق، من فظائع لم يسبق لها مثيل، ومن استعمال لأسلحة الدمار الشامل على نطاق واسع، ومن خرق فاضح لاتفاقيات جنيف وسائر الاتفاقات المتعلّقة بالمدنيين في أثناء الحروب، وبالعاملين في الخدمات الصحية، وبأسرى الحرب، ومن استخدام موثق لأنواع الأسلحة المحرّم استخدامها دوليًا، ومن اعتداء على الأعراض، ومن تخريب للبيوت والمباني والمساجد والكنائس وسائر دور العبادة، ومن تدمير للبنية الأساسية، وإهلاك للحرث والنسل، ومن قتل للجرحى في المساجد، ومنع للإمدادات الإغاثية عن المنكوبين، وقصفٍ للمستشفيات، ومنعٍ للفرق الطبية من أداء واجبها الإنساني نحو الجرحى والمصابين، ومن تعذيبٍ ومعاملة غير إنسانية للأسرى والمعتقلين.. كلّ ذلك يمثِّل وصمة عار في جبين الدول التي تقوم به.   ويهيب الاتحاد بحكومات هذه الدول بلا استثناء أن تثوب إلى رشدها، وأن تسترجع إنسانيتها، وأن تكفّ على الفور عن هذه الأعمال التي تحرّمها وتجرّمها كلّ المواثيق والدساتير والقوانين والأعراف، وأن تنسحب من العراق انسحابًا فوريًا، يتولى بعده الشعب العراقي إدارة شئون بلاده بنفسه.   وقد أفزع الاتحادَ ما يحدث في بغداد وغيرها من المدن، من مجازر بشرية؛ امتلأت معها المستشفيات والشوارع بجثث الأبرياء وأشلائهم، ومن نشاط فرق الموت والاغتيالات في قتل القيادات وأئمّة المساجد والعلماء وذوي التأثير في بغداد وضواحيها، وفي خطف الأبرياء، وانتهاك الأعراض، والهجوم على المساجد والجوامع بالهدم الكامل، أو الإحراق أو النهب والاعتداء، حتى أصبحت بغداد -عاصمةُ الحضارة الإسلامية، وبلد الأئمة والفقهاء، ودار السلام- تغرق في برك الدماء الطاهرة التي تشكو إلى ربّها من هول ما أصابها.   والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في الوقت الذي يؤكّد التنديد بالاحتلال باعتباره السبب، والمسئول الأول عن كلّ ذلك، حسب القوانين والأعراف الدولية، يؤكّد إدانته الشديدة لجميع أعمال العنف والإرهاب والقتل والتخريب والخطف والتفجيرات التي توجَّه نحو الأبرياء، ويحذّر أشدّ التحذير كلّ من له يد في هذه الفتنة في الداخل والخارج، وينبّه على أنّ هذه الفتنة لن يكون فيها غالب ولا مغلوب، بل سيكون الخاسر الوحيد هو الشعب العراقي الجريح، ويكون المستفيد الوحيد هو المحتلّ والمتربّصون بالعراق.   ويدعو الاتحاد الشعب العراقي إلى تحقيق وحدته على أساس المساواة في حفظ الحقوق وأداء الواجبات، وعودته إلى أمّته الإسلامية ليقوم بدوره المنشود. وبهذه المناسبة فإنّ الاتحاد يؤكّد على أنّ العراق اليوم يتعرّض لمؤامرة كبرى تهدف إلى تمزيق نسيجه الاجتماعي ولو بقي رسميًا دولةً واحدة، وذلك من خلال إثارة النعرات المذهبية والطائفية والقومية، وتضخيم نقاط الخلاف، وجعله ضحية لسياسات خارجية، وجعل ساحته ساحة صراع للتصفية بين أمريكا وأعدائها، وإذا لم يستجب العراقيون لنداء الوحدة وينبذوا كلّ ما يفرّقهم فإنّهم سيكونون الضحية لهذه المؤامرة الكبرى.   ويدعو الاتحاد العالم الإسلامي، ولا سيما دولَ الجوار، إلى دعم الشعب العراقي، وعدم التدخّل في مشكلاته الداخلية، وإلى المساهمة في وضع الحلول لإعادة سيادته بالكامل، وخروج المحتلّ، وإعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد العزيز.   كما يدعو الاتحاد علماء السنّة والشيعة في العراق، وبخاصّة المرجعيات الكبرى، إلى تحمّل مسئوليّتهم في الحفاظ على وحدة الشعب، والوقوف في مواجهة هذه الفتن، وحقن دماء أهل القبلة وأهل الدار. كما يدعوهم إلى الاجتماع في أقرب موعد ممكن، بدعوة من الاتحاد بالتعاون مع منظّمة المؤتمر الإسلامي، في دولة من غير دول الجوار المباشر، للتوصل إلى ميثاق شرف لحقن دماء المسلمين، امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: (فلا تَرجعُنَّ بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض). وسيكوّن الاتحاد فريقا من علمائه للعمل على تقديم تصوّر كامل لإنهاء الأزمة العراقية الحالية. كما يدعو الاتحاد –إلى أن يتمّ تحقيق ذلك- إلى تحقيق التوازن بين جميع طوائف الشعب العراقي في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.   في الشأن الفلسطيني:   يؤكّد الاتحاد أنّ ما يصيب هذه الأمّة من جرحها النازف منذ نيّف ونصف قرن في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس من أرض فلسطين التي بارك الله فيها، يوجب على المسلمين حيثما كانوا أن يعينوا إخوانهم بشتى أنواع الجهاد: بالمال، والنفس واللسان، والقلم، وأن يستنفروا القوى المحبّة للخير في العالم للوقوف صفا واحدا لاستنكار جرائم الكيان الصهيوني في حقّ الإنسان الفلسطيني ومسكنه وحرثه ونسله؛ فأشجار الزيتون المعمّرة آلاف السنين تُقلع بمئات الألوف، وهو عمل لو قام به كيان آخر لقامت الدنيا ولم تقعد، ولاجتمعت المجالس وفرضت العقوبات وطُبّق الحصار. ولكنّ العداوة للإسلام وأهله ودوله وشعوبه -التي لا تخفيها الدول العظمى- لا تجد على ما تفعل رقيبا ولا حسيبا.   ويؤكّد الاتحاد أنّ الانتفاضة المباركة والمقاومة الفلسطينية الباسلة تمثّل واحدة من أنبل مواقف هذه الأمّة في القديم والحديث، وهي ممارسة مشروعة لحقّ وواجب مقاومة الاحتلال، الذي يقرره الإسلام وسائر الشرائع الدينية، وتنصّ عليه شرعة جنيف وسائر قرارات الأمم المتّحدة والمنظمات الدولية. ومن الواجب على كلّ فرد منّا أن يقدّم لها ما يستطيع من دعم. وهي تستحقّ التهنئة والثناء على ما أبدته ولا تزال تبديه من وعي عميق واتزان في التعامل مع الآخر، وحرص على تجنّب أي خلاف يشقّ الصفّ الفلسطيني من الداخل أو الخارج. ويذكّر الاتحاد المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها بحرمة الدم الفلسطيني بعضه على بعض، وبضرورة تمسّكها بالثوابت الإسلامية والوطنية في الشأن الفلسطيني ويدعوها إلى الثبات على هذا الموقف حتى يتحقق النصر والتحرير بإذن الله.   ويكرّر الاتحاد دعوته علماء المسلمين خاصّة، والمسلمين عامّة، وذوي المال والسعة بوجه أخصّ، إلى مناصرة قضية القدس بما يستطيعون من قوّة، ولا سيما في مجال تسويق وتمويل المشروعات الاقتصادية والإعمارية العملية؛ لدعم وإسناد الشعب الفلسطيني في الداخل وخصوصا في مدينة القدس، وتعميم مشروع المؤاخاة بين العائلات العربية والإسلامية في العالم وبين العائلات الفلسطينية في الداخل، ولا سيما في مدينة القدس وقراها وبلداتها، وتعميم مشروع التوأمة بين المؤسسات والمجتمعات المدنية العربية والإسلامية وبين مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في الداخل، ودعم المدارس والمستشفيات ودور الأيتام في الداخل الفلسطيني، والعمل على كلّ ما من شأنه تثبيت الوجود الفلسطيني في الأرض المباركة وعدم النزوح عنها، ومقاومة مشاريع تهجير المقدسيين بوجه خاص والفلسطينيين بشكل عام، وتقديم سائر أشكال الدعم الممكنة لهذه القضية.   ويحذّر الاتحاد أمّة الإسلام من المؤامرة الكبرى المتمثّلة في محاولة نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في فلسطين تحت أيّة ذريعة، ويناشد ضمائر كلّ أولئك الذين هم في موقع المسئولية، أن يتّقوا الله في مواقفهم، وأن لا ينجروا إلى تنفيذ مخططات أعداء الأمّة الرامية إلى إيجاد مخرج لقوات الاحتلال، ينقذها من الظهور بمظهر المهزوم، ويحقق مآرب المحافظين الجدد الذين يستمدّون مخططاتهم من المشروع الصهيوني ويعملون على إنجاحه.   إنّ الشعب الفلسطيني اليوم يتعرّض لحملة ضارية ظالمة لتجويعه، بل لقتله جوعاً، فضلاً عما يتعرّض له منذ سنين بصورة يومية من حملات القتل والاغتيال والهدم والتدمير لأبطاله وشبابه ورجاله ونسائه وأطفاله وأرضه المزروعة ومؤسساته وبيوت أفراده.   وهذا الشعب البطل المجاهد المصابر –في الرأي الإجماعي للجمعية العمومية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين– يجب إعانته من أموال الزكاة والصدقات والوصايا بالخيرات العامة، وغيرها. بل يجب أن يقتطع المسلمون نصيبا من أموالهم الخاصّة، ومن أقواتهم، لدعم إخوانهم في فلسطين فإنّه: (ليس منا من بات شبعان وجاره جائع)، و(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه).   وإنّ القضية اليوم هي قضية تحدٍّ بين بقاء مشروع اختاره الشعب الفلسطيني بإرادته الحرّة وبين محاولات إسقاطه وإحلال مشروع آخر يريده الأعداء.   كما يدعو الاتحاد كلّ مستطيع إلى « تبنّي » مواطن واحد من مواطني فلسطين، ويتكفّل بدفع راتبه الشهري إن كان موظفا، أو ما يكافئ ذلك إن كان غير موظّف، وبتحويل ما يدفعه إلى الحساب المصرفي الشخصي لأخيه الفلسطيني في الداخل بواسطة البنوك العادية، وهو أمر لا تمنعه قوات الاحتلال.   وينبّه الاتحاد إلى أنّ إخفاق المسيرة الديمقراطية الفلسطينية سيزيد الشعوب العربية إعراضا عن الوسائل السلمية للإصلاح والتغيير، وسيُدخل المنطقة كلّها في دوامة لا نهاية لها من العنف بين المدافعين عن حقوقهم المشروعة وبين الغاصبين لها، وهو أمر يجب أن لا يغيب عن نظر ذوي الرأي في الأمّة؛ لأنّ عواقبه وآثاره لن تستثني أحدا.   وفي هذا السياق، يؤيّد الاتحاد بكلّ قوّة الجهود التي يبذلها عدد من المؤسسات والأفراد لبدء حملة شعبية عالمية لدعم الشعب الفلسطيني وحكومته الشرعية، ويدعو إلى سرعة تحقيق نتائج هذا المشروع الجليل في الواقع العملي، فإنّ حال أهلنا في فلسطين لم يعد يحتمل انتظار التفكير والتخطيط والبحث والدراسة.   ويدعو الاتحاد إلى استغلال ما صرّحت به وزيرة خارجية الكيان الصهيوني من أنّ الفلسطينيين الذين يستهدفون الجنود الإسرائيليين ليسوا إرهابيين وإنما هم أعداء محاربون. وينبني على هذا التصريح أنّ الجندي الذي أسرته قوات المقاومة الفلسطينية الباسلة –ومن سيؤسر بعده من الجنود الإسرائيليين إن شاء الله– إنما هو أسير حرب، وليس مخطوفًا كما يزعم الصهاينة ومَن يردّد كلامهم، مِمَّن يحمون عدوانيتهم، أو من بني جلدتنا مع الأسف، ومن ثمّ تنطبق بحقّه الاتفاقيات الدولية التي تحكم قضايا الأسرى؛ وليس في هذه الاتفاقيات ما يبيح لدولة الأسير اجتياح أراضي آسريه، وإنما يتحدد مصيره بحسب ما يتمّ عليه الاتفاق عند انتهاء الحرب، أو حين التوصّل إلى هدنة اقترحتها الحكومة الفلسطينية ولم يوافق عليها العدو. في حين أنّ جميع المعتقلين في السجون الصهيونية من أطفال ونساء ورجال، وآخرهم عدد من الوزراء والنواب المنتخبين انتخابا شرعيا، هم مختَطَفون بشكل يخالف جميع الأعراف والاتفاقات والمعاهدات، وليس من بينهم جندي فلسطيني واحد أسرته القوات الصهيونية في معركة.   الوضع في السودان:   يعبّر الاتحاد عن تأييده للجهود التي تبذلها الحكومة السودانية في رأب الصدع الوطني الداخلي الناتج عن أزمة دارفور، وعن الاختلاف بين فئات السياسيين الجنوبيين، وعن محاولة إحداث الفتنة في شرق السودان، وهي الأحداث التي تتوالى وتتواتر مثبتة أنّ يدا أجنبية تصرّ على العمل على تمزيق السودان والقضاء على وحدته. ويؤيّد الاتحاد التوجّه الذي أعرب عنه البرلمان العربي في بيانه يوم 16/3/2006م، من عدم القبول بوجود قوات دولية في أي جزء من أرض السودان دون موافقة حكومته.   ويدعو الاتحاد سائر الفصائل التي حملت السلاح في دارفور إلى الانضمام إلى الاتفاق الذي تمّ مؤخرا بين الحكومة السودانية وكبريات تلك الفصائل. كما يدعو الحكومة السودانية إلى تطبيق المنهج الذي اتبعته في إنهاء أزمة دارفور على الأزمة الناشبة في شرق السودان.   ويدعو الاتحاد الدول العربية والدول الإسلامية الإفريقية، إلى تحمّل مسئولياتها في قوات حفظ السلام في دارفور، وفي جنوب السودان، بما يقطع الطريق أمام التدخّل الأجنبي في هذا البلد العربي الإفريقي المسلم، ويحفظ له استقلاله ووحدة أراضيه.   كما يعلن الاتحاد رفضه واستنكاره لفرض أي نوع من أنواع العقوبات على السودان.   المصالحة الشاملة:   يدعو الاتحاد مجددًا إلى إحياء المصالحة الشاملة بين فعاليات الأمّة كافّة -الحكومية والشعبية، العلماء والدعاة، الهيئات والمنظّمات- على أساس من كفالة الحقوق، وتعزيز مناخ الحريات، وتوسيع قاعدة المشاركة والتزام النهج السلمي قولا وعملا، وإرساء قواعد العدالة، وتنفيذ أحكام القضاء تنفيذا فوريا، وتأكيد سيادة القانون واستقلال القضاء، وإلغاء قوانين الطوارئ، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين ظلما، وتأكيد دور العلماء في إصلاح الأمّة والدعوة إلى الله والالتزام بثوابت الأمّة الدينية والوطنية، والدفاع عنها تعزيزًا لدورها، وقطعا للطريق على المتربّصين بها الدوائر.   ويرحّب الاتحاد بالجهود الدائبة التي تُبذل في بعض الأقطار العربية لتحقيق المصالحة بين جميع الفئات العاملة لخدمة الفكرة الإسلامية، ولاسيما الذين انتهجوا سبيل العنف والتغيير بالقوة عددا من السنين، ثمّ فاءوا إلى كلمة الحقّ، وعادوا إلى نهج الوسطية الإسلامية الذي يتبناه الاتحاد ويدعو إليه. ويؤكّد الاتحاد في هذا السياق على ضرورة الإسراع في الإفراج عن سائر المعتقلين السياسيين، في جميع دول العالم الإسلامي، واستيعاب الجميع في الحياة العملية، وفي النشاط الدعوي السلمي؛ استثمارا لطاقتهم، واستفادة من تجربتهم في الحيلولة بين الشباب المسلم وبين الوقوع في براثن دعاة الغلو والعنف والتكفير.   في الشأن الإيراني:   يؤيّد الاتحاد حقّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسائر الدول الإسلامية، في الحصول على الطاقة النووية وسائر ضروب الطاقة المتجددة، ويدعو إلى الوقوف صفا واحدا في وجه محاولات قوى الهيمنة والاستكبار لاحتكار استعمال الطاقة النووية ولو للأغراض السلمية، وحرمان سائر دول العالم من الإفادة منها. ويرحِّب الاتحاد بالاستعداد الذي أبدته الجمهورية الإسلامية الإيرانية في شأن مشاطرة الدول الإسلامية الأخرى ما بلغته من تقدّم في هذا الشأن.   في الشأن الصومالي:   يتابع الاتحاد بقلق بالغ ما يجري في أرض الصومال من منازعات وحروب طال أمدها حتى جاوزت العشرين سنة؛ فدمّرت بنيته الأساسية وأضاعت فرص التطوّر البناء على أجيال متتالية من شبابه.   ويدعو الاتحاد القوى المتنازعة في الصومال إلى رأب الصدع فيما بينها، والنزول على كلمة سواء تحفظ للصومال وحدته وتصونه من تدخّل القوى الأجنبية المتربّصة به.   وسيعمل الاتحاد على تحري حقائق الوضع في الصومال، وعلى بذل كلّ جهد ممكن للمعاونة على إنهاء أزمته الحالية وخروجه منها في أقرب وقت ممكن.   يدعو الاتحاد علماء المسلمين جميعا، إلى الالتزام ببنود الميثاق الأخلاقي الإسلامي، الذي يواثق الله به كلّ مسلم بمجرّد أن يقول: سمعنا وأطعنا، في التعامل مع إخوانه في الدين داخل الصفّ الإسلامي، وإخوانه في بنوّة آدم خارج الصفّ الإسلامي، وفيما يلي تذكير بأهمّ هذه البنود:   – استخدام القوة العادلة مع الأعداء، والرحمة المتسامحة مع المؤمنين ولو خالفوه الرأي؛ بحيث يعذر بعض المؤمنين بعضا، ولا يقسو بعضهم على بعض، وينطلق كلّ منهم من منطلق حُسن الظنّ بالمؤمنين، ويكفّ الجميع عن التخوين والتفسيق والتبديع والتكفير، فالمؤمنون أشداء على الكفار رحماء بينهم، ولا يجرمهم شنآن قوم على أن لا يعدلوا، ومن قال لأخيه: يا كافر؛ فقد باء بها أحدهما، ولاسيما المتألّي على الله.   – التفتيش في كلّ مكيدة يُكاد بها للمسلمين عن العدو الخارجي الذي يتربّص بها الدوائر، وعن الوسواس الخناس الداخلي الذي يُشيع الفتنة ويبثّ الفرقة، ولاسيما ذلك الذي يستغلّ العواطف المذهبية والطائفية مطيّةً لتحقيق مآربه السياسية ومصالحه الشخصية.   – النظر إلى اختلاف الرُؤى بين المسلمين في الاجتهادات الفقهية وفي المواقف اليومية على أنه ينبوع ثراء واختلاف تنوّع، وقد شاء الله سبحانه وتعالى أن لا يزال الناس مختلفين.   – مواجهة التحدّيات القائمة بتضافر الجهود بدل تراشق الاتهامات، والتأكيد على تلازم القضايا الإسلامية بعضها مع بعض.   – الحذر من التأثّر في اتخاذ المواقف، بإرهاب السلطة أو إرهاب العوام، وعدم ترك المجال للإمّعيات أو انفعالات اللحظة أن تتحكّم في اتخاذ القرار.   حقوق الأقليات المسلمة:   يعرب الاتحاد عن قلقه البالغ لما تتعرّض له الأقليات المسلمة في عدد من دول العالم من اضطهاد جائر، واستهانة بمشاعر المسلمين وشعائرهم ومظاهر حياتهم الفردية والجماعية، ويدعو الاتحاد حكومات تلك الدول -والإعلامَ فيها بوسائله كافّة- إلى ضمان حصول المواطنين المسلمين فيها على حقوقهم الكاملة بما في ذلك حقّهم في التعبير وممارسة الشعائر الدينية وحقّ تقرير المصير في المناطق التي يؤلّف المسلمون فيها أكثرية مطلقة.  

ويقف الاتحاد موقفًا مماثلاً من حقوق الأكثريات المسلمة في بعض البلدان الإسلامية التي تنتهك سلطاتُها حقوقَ الأكثرية الإسلامية؛ فتحرم نساءها من ممارسة حقّهنّ الطبيعي في ارتداء اللباس الإسلامي أو تضيّق على الملتزمات به، وتضطهد الملتزمين بدينهم لا لشيء إلاّ أن يقولوا: ربُّنا الله! بل قد يصل الأمر إلى حدّ تدنيس المصحف الشريف، والاستهانة بشعارات الإسلام وشعائره، من قِبل زبانية بعض هذه الأنظمة. ويدعو هذه الدول إلى الالتزام بدساتيرها التي تنصّ على مرجعية الإسلام لقوانينها، والانصياع لرغبات أكثرية شعوبها، إن كانت كما تزعم أنظمة ديمقراطية.

ويذكّر الاتحاد بما يجري من ذلك -بعضه أو كلّه- في الشيشان وكشمير وبورما (ميانمار) وتايلاند والفلبين ونيبال وتركستان الشرقية وغيرها، داعيًا إلى أن تقف الأمّة شعوبا وحكومات من المسلمين في هذه البلاد الموقف الذي تستوجبه مشاعر الجسد الواحد.   ولا يفوت الاتحاد في هذا السياق ما تعبّر عنه الدوائر الإسلامية، وجمعيات العلماء وروابطهم واتحاداتهم، من مخاوف مما يحاك للإسلام وأهله في بلاد المسلمين نفسها، ويذكّر علماء الأمّة في جميع أقطارها بواجب الوقوف على ثغر القيم والمبادئ والتعاليم الإسلامية؛ لئلا يصاب الإسلام داخل أرضه وفي وسط أهله.   ولا يفوت الاتحاد وهو ينهي أعمال جمعيته الثانية أن يتقدّم بصادق الشكر وموفوره إلى كلّ من ساهم في الترتيب لها وتسيير أعمالها حتى أدت مهمتها على أحسن ما يكون الأداء.   ويخصّ الاتحاد بالشكر الحكومة التركية، وبوجه خاص وزارة خارجيتها التي سهّلت منح تأشيرات الدخول إلى تركيا لأعضاء الاتحاد من جميع سفاراتها في جميع أنحاء العالم، واتحاد الجمعيات الطوعية في تركيا الذي ساهم مساهمة فعّالة في تنظيم الجمعية العامة وإنجاح أعمالها.   كما تشكر الجمعية العامة اللجنة التحضيرية التي شكّلها مجلس أمناء الاتحاد لتنظيم هذه الجمعية والإعداد لها.   وكما بدأنا بحمد الله نختم بحمده، فبنعمته تتمّ الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.   (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 12 جويلية 2006)


قوات الأمن والشرطة المغربية تقمع تجمعا أمام سجن سري سابق

 
الرباط ـ القدس العربي   حاصرت قوات الامن والشرطة المغربية وقفة نظمها ناشطون في ميدان حقوق الانسان وعائلات مختفين امام معتقل سري قالوا انه كان لسنوات مقرا لاحتجاز المعارضين لنظام الملك الحسن الثاني والمختطفين وتعذيبهم وتصفيتهم.   واحتشد العشرات من الناشطين الاربعاء امام المعتقل السري الرهيب النقطة الثابتة الثالثة والمعروف بـ P F 3 القريب من الرباط احياء للذكري 31 لفرار الناشط اليساري حسين المانوزي الذي كانت المخابرات المغربية قد اختطفته من تونس والعقيد محمد عبابو احد قادة الانقلاب الفاشل الذي قام به الجيش المغربي ضد النظام في تموز/يوليو 1971 والمعروف بـ انقلاب الصخيرات .   وادي فرار المانوزي وعبابو الي الكشف عن المعتقل الذي تقول بعض الاوساط انه شهد اذابة جثمان مؤسس اليسار المغربي الزعيم المهدي بن بركة بالاسيد بعد اختطافه واغتياله في العاصمة الفرنسية باريس في تشرين الاول/ اكتوبر 1965. كما يتردد ان السجن ضم ايضا اربعة فرنسيين شاركوا في عملية الاختطاف احتجزتهم المخابرات المغربية حتي لا يكشفوا ما يعرفونه عن الجريمة المرتكبة بحق بن بركة والذي لا زال الكثير من الغموض يلف مصير جثمانه.   وتجمع امام المعتقل العشرات من مناضلي ومناضلات الحركة الحقوقية المغربية وممثلين عن مكونات حركة حقوق الانسان وحركة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وعائلاتهم ووسائل الاعلام المغربية والدولية بناء علي دعوة من المنتدي المغربي من اجل الحقيقة والانصاف ولجنة تنسيق عائلات المختطفين مجهولي المصير.   وقال منظمو الوقفة ان الاجهزة الامنية منعت حافلات كانت تنطلق من الدار البيضاء باتجاه المعتقل، كما ابلغت الشرطة المشاركين قبل ان يتحركوا في الحافلات من امام مقر الاتحاد المغربي للشغل بوسط العاصمة بعدم السماح لهم بالتوجه الي مقر المعتقل الا انهم اصروا جميعا علي تنفيذ الوقفة رغم محاصرتهم ومنعهم بالقوة وتعنيفهم من قبل قوات الامن.   وادانت الجمعية المغربية لحقوق الانسان استعمال الشرطة للعنف والترهيب في حق المشاركين بالوقفة واعتبرت ان ذلك يعكس بالملموس زيف شعارات طي صفحة الماضي والانتهات الجسيمة لحقوق الانسان ويدخل في اطار التصعيد الممنهج لقمع التظاهرات والحريات العامة .   وطالبت الجمعية في بلاغ ارسل لـ القدس العربي بوضع حد للانتهاكات السافرة للحق في التظاهر واحترام الحريات الاساسية للمواطنين واكدت علي ضرورة المعالجة الشاملة لملف الانتهاكات علي اسس ديمقراطية ومبدئية قوامها الحقيقة والمساءلة والانصاف.   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 14 جويلية 2006)

بعد عقود مضت.. ضحايا التعذيب بالمغرب يريدون اجابات

 
 الرباط (رويترز) – توقف عمل عبد الناصر بنو هاشم كناشط طلابي يساري على نحو مفاجيء في 13 ابريل نيسان 1976 عندما استوقفه ضباط أمن سريون في أحد الشوارع وألقوا به في حافلة صغيرة لا تحمل أرقاما.   وقال بنو هاشم انهم عصبوا عينيه واقتادوه الى مركز احتجاز تعرض فيه هو وأربعة من أصدقائه للتعذيب على مدى ثلاثة ايام وأنه تم تعليقه في سارية حديدية والاعتداء عليه بالضرب تم تغطيسه في الماء الى أن أوشك على الغرق.   ونقل بعد ذلك الى سجن في شمال المغرب حيث تعرض للضرب والتجويع لنحو تسع سنوات قبل أن يفرج عنه دون أي توضيحات.   وبعد سنوات حصل بنو هاشم الذي يعمل حاليا بهيئة البث الحكومية على تعويض عن محنته بلغ مليون درهم غير أنه يقول ان الاموال لن تمسح ذكرياته.   وقال « لا يمكن لاي أموال أن تعوضني عن تسع سنوات من حياتي… يجب أن نعرف.. لماذا خطف هؤلاء المسؤولون خمسة طلاب وألقوا بهم في الجحيم. »   وفي عام 2004 بدا أن أسئلته قد تجد اجابة في النهاية بعدما أعلن الملك محمد السادس تشكيل أول لجنة تقصي حقائق من نوعها في العالم العربي للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان خلال حكم والده الراحل الملك الحسن وهي الفترة التي عرفت باسم « سنوات الرصاص ».   وأظهر الملك الشاب رغبة بالفعل في الانفصال عن الماضي في عام 1999 بعد أسابيع قليلة من تنصيبه وذلك عندما سمح للمعارض السياسي ابراهيم سرفاتي بالعودة من المنفى كما رفع الاقامة الجبرية عن زعيم للمعارضة وسعى لاصلاح العلاقات مع منطقة الريف المتمردة والمهملة بشمال شرق البلاد.   وبعد خمس سنوات بدأت هيئة الانصاف والمصالحة وهي لجنة مستقلة تسليط الضوء على المئات من حالات الاختفاء والالاف من حالات السجن التعسفي.   ومنح أعضاء اللجنة سلطة جمع الادلة من مسؤولي الدولة كما عقدوا جلسات استماع كشف خلالها الضحايا تفاصيل الانتهاكات التي نفتها السلطات في يوم من الايام.   غير أنه على النقيض من عشرات الهيئات المشابهة التي أعقبت حروبا أهلية أو تغييرات حكومية في بلدان من جنوب أفريقيا الى رواندا وحتى شيلي فان هيئة الانصاف والمصالحة لم يكن بامكانها تسمية أو محاكمة المذنبين.   وقال مسؤولون ان التنقيب بعيدا في أعماق الماضي يمكن أن يحيي التوترات وأنه في كل الاحوال لا يمكن أبدا لمحكمة أن توضح أحداثا ترجع في بعض الاحيان الى نحو 50 عاما.   وتقول جماعات حقوق الانسان ان هناك سببا اخر وهو أن كثيرا من الذين أصدروا الاوامر لا يزالون يتقلدون مناصب عليا في ادارة البلاد.   وقال محمد نشناش نائب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الانسان التي شاركت في عضوية هيئة الانصاف والمصالحة ان الهيئة كانت تحلل وتقيم عهد والد الملك وأن مهمتها دقيقة.   وأوصى تقرير الهيئة باصلاحات تهدف الى جعل أجهزة أمن أكثر خضوعا للمحاسبة وجعل القضاة أكثر استقلالا وتمرسا وضمان الحريات المدنية. وتعهد الملك محمد السادس بالعمل وفق نتائجها.   وذكرت تقارير لوسائل الاعلام مؤخرا أن بعض الاحزاب المشاركة في الحكومة الائتلافية تعد بالفعل خططا لتعديلات دستورية وتقول الحكومة ان اصلاحات قضائية ستتم خلال العام المقبل.   وقال نبيل بن عبدالله المتحدث باسم الحكومة إن استحداث ضمانات دستورية سيكون جزءا من عملية إصلاح أوسع للدستور تناقشها الأحزاب السياسية بالمغرب حاليا.   واردف قائلا لرويترز أن الملك محمد السادس تتم إحاطته علما بتلك المناقشات وأنه سيتم تنفيذها حالما تحين الفرصة وتكون الظروف مواتية.   ويقول مسؤولو الحكومة إن هناك تحسنا كبيرا في سلوك قوات الأمن والجهاز القضائي.   غير أن جماعات حقوق الإنسان تقول إن هناك انتهاكات لا تزال تقع وإن كان على نطاق أضيق. ويستشهد هؤلاء باحتجاجات لطلاب ومحامين والتي تقول تلك الجماعات إنها تعرضت لقمع عنيف كما يشيرون إلى الاعتقالات التعسفية لنشطاء يشتبه في تأييدهم لاستقلال الصحراء الغربية.   وتقول جماعات حقوق الإنسان أيضا إن المئات من الإسلاميين اعتقلوا وواجهوا معاملة سيئة أو محاكمات غير نزيهة منذ عام 2003 عندما تسببت تفجيرات انتحارية في مقتل 45 شخصا في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.   وقال نشناش إنه يتعين أن تتم الإصلاحات قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2007 وأن ذلك من أجل صالح الديمقراطية واستقرار المغرب.   وتلقت هيئة الإنصاف والمصالحة 16 ألفا و861 ملفا للتحقيق فيها وأكدت ما لا يقل عن 9779 حالة انتهاك لحقوق الإنسان من بينها عمليات قتل وإلحاق إصابات في المعقتلات وعمليات إعدام خارج نطاق القانون واختفاءات قسرية.   كما تعرفت الهيئة على قبور 85 شخصا بعضهم ضباط بالجيش حاولوا الإطاحة بالملك الحسن وكانوا احتجزوا في سجون سرية.   غير أن جماعات حقوق الإنسان تقول إن أرقام هيئة الإنصاف والمصالحة لا تزال بعيدة عن الحقيقة.   وقال محمد سكتاوي رئيس مكتب منظمة العفو الدولية بالرباط إن العائلات التي دفن أقارب لها سرا لها الحق في دفنهم بشكل مناسب.   وأضاف أن المستقبل وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت هيئة الإنصاف والمصالحة نجحت في ضمان العدالة.   ولا تزال 66 حالة اختفاء غير محددة المصير وأشهرها حالة الزعيم المعارض مهدي بن بركة الذي فر إلى المنفى خلال سنوات الاستقلال الأولى واختطف من أمام مقهى في الحي اللاتيني بباريس عام 1965.   وفي عام 2001 نقلت صحيفة لو موند اليومية الفرنسية عن ضابط سابق بالمخابرات المغربية قوله إن جثة بن بركة تم تحليلها باستخدام الأحماض في الرباط بعدما قتل على يد أشخاص قاموا بتعذيبه في باريس.   وكانت باريس نفت في الستينات أن تكون أجهزة الشرطة أو المخابرات الفرنسية متورطة. ويحقق قاض فرنسي في القضية حاليا.   وقال بنو هاشم « لا يمكنك ضمان الاستقرار من خلال النسيان. » وأضاف « النسيان خطر كبير على الشعب. يجب أن نعرف الحقيقة كاملة. »   من توم فيفر   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 14 جويلية 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

حتي لا تتكرر المآسي المصرية مع السلفيين المغاربة

 
منتصر حمادة (*)   شبه وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، معتقلي السلفية الجهادية في بلاده بـ النازيين والفاشستيين ، في رد فعل علي بيان أصدره الإســــلاميون المغاربة المعتــقلون في عدة سجون منذ قرابة ثلاث سنــــوات، أخذوا فيه علي الوزير المغربي نفيه وجود معتقلي رأي في المغرب.   أما وزير الداخلية المغربي، فقد أكد في أول خروج إعلامي له (وتزامن مع مرور الذكري الثالثة لاعتداءات الدار البيضاء) أن الاعتقالات التي ندد بها بعض الحقوقيين والتي طالت أشخاصا متورطين في قضايا إرهابية، شملت 1600 شخص، معتبرا أنه إذا ما ثبت أن هناك تجاوزات فهي تجاوزات شخصية وليست نمطية والعدالة تقول كلمتها .     من علامات جهل الإنسان بسُنن الكون، صرفه النظر عن دروس التاريخ الكفيلة بتفادي تكرار تجارب مؤلمة علي الإنسان المعني في هذا المقام، ونقصد به السلطات المغربية، وتحديدا الأجهزة الأمنية بالتعاطي مع الإسلاميين الجهاديين.   المقصود بالسنن الكونية، عدم الاستفادة من دروس التجربة المصرية ـ نموذجا ـ في التعاطي مع الحركات الإسلامية الجهادية ( الجماعة الإسلامية و الجهاد ).   لنترك الحديث هذه المرة لأهل الشأن المصري.   نقرأ في كتاب المخاطرة في صفقة الحكومة وجماعات العنف لمؤلفه عبد الرحيم علي أن مرحلة الثمانينيات في مصر، ومباشرة بعد اغتيال أنور السادات، نزلت القوات المسلحة إلي أسيوط وتم الحسم في الموقف والقبض علي منفذي الأحداث، حيث بدأت المداهمات والاستجوابات التي أسفرت عن اعتقال ألفين من أعضاء الجماعة الإسلامية، والمفاجأة المذهلة أن أجهزة الأمن لم يكن لديها أية ملفات عن هؤلاء الشباب حتي ساعة القبض عليهم.   ظلت الاستجوابات أكثر من ستة أشهر (وقد استخدمت فيها جميع الوسائل المتاحة لدي ضباط جهاز مباحث أمن الدولة)، إلي غاية صدور قرار الإحالة في شباط (فبراير) 1982، وفي هذه الفترة ارتكبت أجهزة الأمن أحد أخطائها التاريخية الكبري ـ بيت القصيد المفروض أن تتأمله جيدا الرموز الأمنية في مغرب ما بعد تفجيرات الدار البيضاء ـ فقد كان المتورطون الفعليون في الأحداث والذين شملهم قرار الإحالة 301 متهم منهم اثنان متوفيان وتسعة عشر هاربون، بينما كانت السجون تعج بأكثر من ألفين من الشباب الذين لم يكن حتي تلك الفترة قد تم استقطابهم بعد. (ص 100)   ويشير المؤلف في موقع آخر من الكتاب إلي أن أهم ما مَيَّزَ تبِعات أحداث تشرين الأول (أكتوبر) 1981، هو وضع جهاز الأمن أكثر من ألفين من الشباب كانوا يشكلون جسما هلاميا لما كان يطلق عليه الجماعات الإسلامية ، في بوتقة واحدة مع مجموعة قليلة العدد؛ لكنها محددة الفكر وذائعة الصيت ولديها نصيب كبير من التقدير والانبهار وسط هؤلاء الشباب؛ فتمت أكبر عملية لتلقيح الأفكار داخل السجون وتم بناء الهيكل العظمي لتنظيمي الجماعة الإسلامية و الجهاد بما فيه العمود الفقري خلال الفترة من تشرين الاول/ أكتوبر 1981 وحتي منتصف 1982 وقت صدور قرار الإحالة وبدء عملية الإفراج . (ص 151 من كتاب المخاطرة في صفقة الحكومة وجماعات العنف . عبد الرحيم علي. ميريت للنشر والمعلومات. القاهرة. الطبعة الأولي 2000).   نقرأ في كتاب لآخر أن سيد قطب ثار ثورة عارمة علي كل معارفه التي حصلها من قبل واعتبر نفسه نموذجا حيا كمجال لتطبيق مفاهيمه علي نفسه، كما أن تعرضه للسجن والتعذيب في السجون الناصرية جعله يراجع كل مواقفه تجاه هذا النظام الذي كان مقصودا بشكل واضح من أفكار قطب (ص 34 في كتاب يحمل عنوان تحولات الحركة الإسلامية والاستراتيجية الأمريكية لكمال حبيب. دار مصر المحروسة. القاهرة. الطبعة الأولي 2006).   الولايات المتحدة التي كانت أكبر دولة مستهدفة بالإرهاب في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وتضررت كثيرا لم تستطع أن تقدم للمحاكمة سوي شخص واحد هو زكريا موسوي في حين أن مئات المغاربة يقبعون في السجون المغربية بتهمة الإرهاب!   ما الذي يحول دون أن يستفيد الجهاز الأمني المغربي ـ حتي نترك الجهاز القضائي جانبا ـ من التجربة المصرية؟   سؤال مؤرق لا نجد له صدي في المبادرات المغربية المعنية بالتعاطي مع ملف الاعتقالات التي طالت المئات من المعتقلين الإسلاميين، قبل وبعد اعتداءات الدار البيضاء.   نطلع في بيان صادر عن مديرية السجون التابعة لوزارة العدل المغربية، علي إدانة رسمية موجهة بشكل ضد الإسلاميين المعتقلين، تشير إلي ما أسمته نشر المتشددين لأفكارهم المتطرفة داخل أروقة السجن الأخري التي تضم باقي المعتقلين في قضايا أخري لا صلة لهم بالإرهاب . (كذا!)، وتحرير هكذا بيان لا يختلف عن الدروس المستفادة من المثل العامي الشهير ضربني وبكي، سبقني واشتكي !   أغلب المعتقلين في أحداث 16 أيار (مايو) 2003 بالدار البيضاء لا علاقة لهم لا من بعيد ولا من قريب بهذه الاعتداءات، ليس هذا وحسب، هناك إقرار في الكواليس الأمنية، والسياسية والإعلامية علي أن هؤلاء أبرياء فعلا، وإن كانت هناك تهمة يمكن الركوب عليها من أجل توريط هؤلاء المعتقلين، وقد فاق عددهم 2000 معتقل (وهو رقم لم نجد له مثيلا في تفجيرات نيويورك وواشنطن ومدريد ولندن، للمفارقة)، فلن تخرج عما سُمِّيَ بـ المسؤولية المعنوية في الاعتداءات، بالصيغة التي أطلقت علي حزب العدالة والتنمية ، ضمن استحقاقات تصفية الحسابات السياسوية بين هذا الأخير والمنافسين المباشرين له في اللعبة السياسية، دون أن نعفي حقا مسؤولية الحزب في تمرير تصريحات واتخاذ مبادرات لم تكن تختلف مضمونا عما كان يصدر عن المعتقلين السلفيين، لولا أن تصريحات ومبادرات السلفيين افتقدت للذكاء السياسي ، وطلقت علي الخصوص مبدأ التقية، بحيث كانت أغلب رموز التيار السلفي بالمغرب لا تتردد مثلا، في الإعلان عن نصرة أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة ، حتي بعد منعطف تفجيرات نيويورك وواشنطن، فيما اعتبر تجاوزا لخطوط حمراء.   المُخجِل أن نجد الحزب الإسلامي المعترف به رسميا في اللعبة السياسية، والذي تعتقد قياداته أنه يمثل الإسلام في المجلس النيابي (لدولة ينص دستورها علي أنها إسلامية، للتذكير فقط)، يطبق الصمت في معرض تمرير شهادات أو إشارات بخصوص براءة هؤلاء المعتقلين الجهاديين من اعتداءات الدار البيضاء سيئة الذكر.   أما المدهش، فنجده في ذروة الإحراج المرتبط ببراءة هؤلاء المعتقلين، بحيث لم تصدر في المنابر الإعلامية الناطقة باسم الحزب الإسلامي ـ إيثارا للسلامة السياسوية ـ وإنما صدرت عن أبي عبد الله الميلودي زكريا، أحد المعتقلين في إطار ذات المسلسل، وإن كان معتقلا قبل تاريخ التفجيرات بعام، عندما أقر في استجواب صحافي بأن السلطات (المغربية) لم تعلن لحد الآن، عن مدبري هذه الأحداث ـ يقصد اعتداءات الدار البيضاء ـ وعن طريقة أو سيناريو واضح ومنسجم لتدبيرها وأهداف مدبريها، وهذا يفرض منطقيا استحضار شيء معين وهو أن عدم الإعلان عن تلك المعطيات لا يمكن أن يكون إلا لأحد أمور ثلاثة: إما لجهل بالفاعل أو خوف من حدوث ضرر من إعلان ذلك أو لمصلحة في التكتم عليه . ( الصحيفة الأسبوعية . الدار البيضاء. عدد 23 ـ 29/9/2005)، وبَدَهِي أنه في الحالات الثلاث، المصيبة أعظم، والتبعات أفظع.   ثمة إجماع علي أن مسلسل الاعتقالات والمحاكمات التي تمت علي هامش هذه الاعتداءات، يندرج بالدرجة الأولي ضمن استحقاقات الاتفاقات الأمنية التي تمت بين الإدارة الأمريكية والمسؤولين المغاربة مباشرة بعد صدمة تفجيرات نيويورك وواشنطن، وهناك ـ فيما يعتبر تحصيل حاصل ـ إجماع من لدن نفس الكواليس سالفة الذكر علي أن مسلسل الاعتقالات يخدم الموقف المغربي في الحرب الكونية ضد الإرهاب ، والتي تقودها الإدارة الأمريكية، وبالتالي، تسحب البساط عن أي انتقادات أمريكية للمسؤولين المغاربة بخصوص أي تقصير افتراضي في الدور المطلوب منهم في هذه الحرب.   بالعودة إلي الدروس المطلوب أن نستفيد منها في التجربة المصرية، نخلص إلي مفترق طرق: إما أننا نجهل فعلا مسببات وتبعات ما حصل، وبالتالي نجتهد جميعا في محاربة هذا الجهل، وهذا يتطلب بالطبع الاستفادة من تجارب الغير في مثل هذه المآزق، وإما أننا ببساطة، نتجاهل هذه المسببات والتبعات.   المأمول ألا يكون الأمر كذلك.   (*) كاتب مغربي   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 14 جويلية 2006)
 
 

مصر: الرقابة تمنع مسرحية تحكي عن بلد يبيعه رئيسه

القاهرة ـ ا ف ب: منعت الرقابة علي المصنفات الفنية عرض مسرحية مصرية بعنوان بلاد في المزاد لانها تحكي عن بلد يبيعه رئيسه مقابل عمولات مالية.   وقال رئيس الرقابة علي ابو شادي لوكالة فرانس برس ان الرقابة رفضت السماح بعرض المسرحية لانها تتجاوز القانون موضحا ان المسرحية تتهم زعيم البلاد ببيعها وبقبض عمولات من المشترين الاجانب. وفي نهاية المسرحية يسقط الجيش النظام .   واضاف ان المسرحية تحكي ايضا عن بيع النساء والرجال لأجسادهم بسبب الاحوال الاقتصادية السيئة.   ولفت ابو شادي الي ان من حق كاتب المسرحية محسن الجلاد ومخرجها جلال الشرقاوي الاعتراض امام لجنة التظلمات في وزارة الثقافة، الجهة الوحيدة التي يحق لها الغاء قرارات الرقابة .   من ناحيته رفض محسن الجلاد قرار الرقابة لانه ليس من حق الرقابة ورئيسها ان تنصب نفسها حكما علي الابداع الفني .   وقال من حقي كمؤلف ان اقدم النص المسرحي كيفما يتراءي لي والخيال يسمح لي بذلك واكثر موضحا ان مسرحيته خيالية تحكي عن دولة غير محددة في منطقة القطب الجنوبي عام 2025 .   واضاف تضمن تقرير الرقابة جملة واحدة (نأسف لعدم الموافقة علي العرض المسرحي بلاد في المزاد) بدون ان يجرؤ علي تحديد سبب رفضها وهو اعتباره ان المسرحية تحكي عن مصر.   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 14 جويلية 2006)

 


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.