السبت، 15 يوليو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2245 du 15.07.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:وفاة السجين السياسي السابق السيد الهاشمي المكي

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان: نعي المناضل و السجين السياسي السابق الهاشمي المكي

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــلاغ

المؤتمر من أجل الجمهورية: بيان حول صمود الشعبين الفلسطيني واللبناني

الوحدويون الناصريون في تونس: ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة

اللقاء الإصلاحي الديمقراطي:جريمة في حق البراءة…جريمة في حق الكرامة!

بيان المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي  للشغل بجندوبة

عبد القهار التونسي : حكومة جديدة قيد التحضير؟

رويترز: تونس قلقة إزاء « سياسة العقاب الجماعي » في لبنان وفلسطين

أ. ف. ب.: تونس تدعو الى تدخل دولي فوري في لبنان

رويترز: تونس تقول ان أيا من رعاياها في لبنان لم يُصب بسوء

الأستـاذ فتحـي نصري:الحكومات والنخب والشعوب و » أمطار الصيـف

محمد فتحي السقا: ما أرخص الانسان العربي!

الموقف: من يحاسب « لابراس » على هذه الأكاذيب؟

الموقف: مشروع تجميل مدينة غمراسن يُخاطر بحياة المواطنين

عارف المعالج: الحصاد المر – عندما يتحول الخلاف السياسي إلى صراع هوية

فريد خدومة: آثار المشروع البورقيبي في الشخصيّة التونسيّة

محمد العروسي الهاني: ذكرى عيد بلد صديق  » فرنسا »

توفيق المديني: المبادرة الناقصة في العراق وغياب الدولة

هيثم مناع: خطاب المحاور ومخاطره على الديمقراطيين العرب

مجدى مهنا: في الممنوع


 
Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 

 

 


أنقذوا حياة محمد عبو أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف: 71.340.860 الفاكس: 71.351831

 
تونس في: 15 جويلية 2006

نعي إنا لله و إنا إليه راجعون

 
تنعى الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين السجين السياسي السابق السيد الهاشمي المكي الذي وافاه الأجل المحتوم يوم السبت 15 جويلية 2006 بمنزله الكائن بمنزل بورقيبة إثر مرض عضال أصيب به عندما كان يقضي عقابا طويل الأمد بمختلف السجون التونسية دون أن يقع إسعافه بالعلاج اللازم في الوقت المناسب علما بأن السبب المباشر للمرض الذي عانى منه هو حالة التسمم التي يصاب بها عدد كبير من المساجين الذين يقضون عقوبة بالسجون التونسية و الناتجة عن الاكتظاظ الذي يفوق الخيال و الذي يحرم السجين من حقه في التنفس و يحرمه من الهواء النقي نظرا للدخان الكثيف المتصاعد في جميع غرف السجون التونسية من جراء التدخين المفرط من طرف المدمنين على التدخين و الذي يتسبب في تلويث الهواء و إصابة غير المدخنين الذين يقع حشرهم قسرا و رغم إرادتهم و رغم الاحتجاجات الصادرة عنهم مع المدخنين و هو ما يؤدي لإصابة البعض منهم بالإختناق وبالإغماء المتواصل و إصابة الكثيرين منهم بمرض ضيق التنفس الذي يتطور ويصبح سرطانا بالرئتين يقضي عليهم في صورة عدم اسعافهم بالعلاج اللازم في الوقت المناسب و هو بالضبط ما حصل للسجين السياسي السابق المرحوم الهاشمي المكي. و ما أن خرج من السجن خلال شهر مارس 2006 حتى أخذت عائلته على عاتقها علاجه لكن هيهات فقد فات الأوان و تطور الورم الخبيث و تسرب السرطان إلى كامل البدن و رفع الأطباء أيديهم عنه و أرجعوه إلى محل سكناه ليكمل أنفاسه بين أفراد عائلته و ذويه و قد كان قبلة لزائريه من الحقوقيين و من المعذبين من المساجين السابقين الذين تعرضوا لمضايقات عديدة من طرف البوليس لمنعهم من الزيارة و قد أودع المغفور له الهاشمي المكي وصيته في عرض تصويري قامت به الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تحدث فيه بصعوبة و بعد إغماءات متقطعة عن: – تردي الوضعية الصحية للمساجين السياسيين في السجون التونسية بسبب صعوبة مقابلة الطبيب وانعدام الرعاية الطبية        و فقدان الأدوية الناجعة. – تعديده للمساجين السياسيين الذين قضوا نحبهم في السجون التونسية نتيجة الإهمال و عدم تقديم الإسعافات اللازمة في الوقت المناسب. – أعداد المرضى من المساجين السياسيين في السجون التونسية و كيف أن قائمة الوفايات مرشحة للارتفاع لتواصل سياسة القتل البطيء. – شكر المنظمات الحقوقية و المنابر الإعلامية التي ساندته و ساهمت في إبراز حالته الصحية مما أدى إلى إطلاق سراحه . – دعوته للمنظمات الحقوقية إلى مزيد العمل من أجل إطلاق سراح كافة المساجين السياسيين. و قد دخل في غيبوبة متواصلة بعد حديثه الصحفي دامت خمسة أيام كاملة. و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إذ تتوجه بأحر التعازي لجميع أفراد عائلة الفقيد و ترجو من الله أن يرزقهم جميل الصبر و السلوان تدعو السلطات التونسية أن تعمل لوضع حد لهذه المأساة المتواصلة التي يعيشها من بقي بالسجون التونسية من المساجين السياسيين و تطالب بإطلاق سراحهم حالا تلافيا للمزيد من العذاب و من الاصابات.   رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

فرع بنزرت

بنزرت في 15 جويلية 2006

نــــعي

 

ينعى فرع  الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ببنزرت المناضل و السجين السياسي السابق الهاشمي المكي الذي وافاه الأجل المحتوم اليوم السبت 15 جوان 2006 بعد صراع  مرير مع المرض.

 

و إن فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إذ بتقدم بأحر التعازي إلى عائلة الفقيد و إلى كل المناضلين من اجل الحرية و الديمقراطية في تونس فانه يريد أن يلفت الانتباه إلى مأساة المساجين السياسيين التي يعد الفقيد واحد من ضحاياها الجدد.

 

فقد قضى الهاشمي المكي 15 سنة في السجن ضمن سجناء حركة النهضة و أطلق سراحه في شهر فيفري الماضي اثر إصابته بسرطان الرئة و استفحال المرض في جسمه و اقتناع إدارة السجون و الجهاز الأمني الذي يحركها انه أصبح حالة ميئوس منها.

 

و لمدة أشهر طويلة عانى الهاشمي المكي من الآلام الشديدة و كان صابرا مؤمنا بقضيته إلى أن وافاه الأجل المحتوم.

 

و بموته يكون الهاشمي المكي ضحية جديدة من ضحايا السجون التونسية الذين قضوا نحبهم على امتداد الخمس عشرة سنة الماضية دون أن تحرك السلطة ساكنا و كأنها تتلذذ بمأساة جيل كامل رغم المناشدات الوطنية و الدولية العديدة لإطلاق سراح المساجين السياسيين و إنهاء معاناتهم و معاناة أهلهم.

 

إن وفاة المناضل الهاشمي المكي تفتح ملف السجون التونسية من جديد التي يقبع فيه مئات المساجين السياسيين يعاني العديد منهم من أمراض مزمنة خطيرة تتهدد حياتهم  جراء التعذيب و ظروف الإقامة اللاإنسانية و التي لا تتوفر فيها ابسط المقومات الصحية.

 

ان فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إذ ينعى الفقيد الهاشمي المكي فهو يحدد طلب الرابطة و كافة المنظمات الحقوقية بالإفراج  عن كافة المساجين السياسيين ووضع حد لمأساة طالت أكثر مما يجب دون مبرر.

 

عن الهيئة

 الرئيس

علي بن سالم

 


 

بهذه المناسبة الأليمة تتقدم أسرة تحرير تونس نيوز لعائلة الفقيد بأحر التعازي  راجية من الله أن يتقبله برحمته و أن يرزق أهل و ذويه جميل الصبر و السلوان .  لمن أراد أن يشاهد آخر نداء للفقيد يرجى فتح الوصلة التالية:

 

 

 


 

الأخ الهاشمي المكي في ذمة الله

 

 
ببالغ الاسى والحزن بلغنا نبأ إستشهاد الأخ المناضل الهاشمي المكي اليوم في تونس والمناضل الهاشمي المكي قضى 15 سنة في سجون طاغية تونس بن على والتي أخرج منها قبل مدة قليلة وهوفي حالة ميؤوس منها لإصابته بعديد الامراض الخطيرة وأسرة الحوار نت تتقدم بأحر التعازي والتبريكات الي اسرة الفقيد الشهيد وجميع اخوته في الداخل والخارج ونسأل المولى ان يتقبله عنده في زمرة الشهداء – نحسبه كذلك ولا نزكى على الله أحدا – اللهم أكرم نزله ووسع مدخله وإجعل قبره روضة من رياض الجنة وأبدله دارا خيرا من داره . اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا اجره إنا لله وإنا إليه راجعون
 

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 15 جويلية 2006)


ببالغ الاسى والحزن بلغنا نبأ إستشهاد الأخ المناضل الهاشمي المكي اليوم في تونس

والمناضل الهاشمي المكي قضى 15 سنة في سجون طاغية تونس بن على والتي أخرج منها قبل مدة قليلة وهوفي حالة ميؤوس منها لإصابته بعديد الامراض الخطيرة وأسرة الحوار نت تتقدم بأحر التعازي والتبريكات الي اسرة الفقيد الشهيد وجميع اخوته في الداخل والخارج ونسأل المولى ان يتقبله عنده في زمرة الشهداء – نحسبه كذلك ولا نزكى على الله أحدا – اللهم أكرم نزله ووسع مدخله وإجعل قبره روضة من رياض الجنة وأبدله دارا خيرا من داره . اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا اجره إنا لله وإنا إليه راجعون من لم يتعرف على الشهيد و البطل الاخ الهاشمي المكي فليدخل الى هذا الموقع و يشاهد الشريط المسجل و سيتعرف عليه , فسبحان الله بعد 15 سنة من الجهاد في السجن لم يبقى مع عائلته سوى 4 اشهر و لم يبقى حتى في بيته بل في المستشفى فرجاءا لا تنسوا عائلته من الدعاء http://www.nawaat.org/forums/index.php?showtopic=11741 و لكم جزيل الشكر و السلام عليكم
حبيب مباركي

 


أنقذوا حياة محمد عبو أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

 

تونس في: 15 جويلية 2006 بــلاغ

 
علمنا أنه لم يقع تمكين عائلة السجين السياسي السيد محمد العكروت من زيارته و أن عائلته تخشى أن يكون قد أصابه مكروه علما بأن السجين هو أحد قياديي حركة النهضة و يقضي عقوبة طويلة الأمد و قد تعرض في السجن للعديد من المضايقات و هو ما أدى به للدخول في إضراب مفتوح عن الطعام . و قد أعلمنا ابنه بأنه توجه بنداء لإغاثته و الاستجابة لمطالبه و أنه أعلم السلطات بوضعه الصحي المتدهور . و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي طالما تعرضت للوضع الصحي للسجين المذكور تطالب بإطلاق سراحه خاصة و أنه قضى بالسجن أكثر من 15 سنة . رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري


قابس في 14/07/2006

دخل السجين السياسي السيد محمد القلوي في إضراب مفتوح عن الطعام منذ يوم الثلاثاء 11 جويلية 2006 و ذلك للمطالبة بـ: – النقلة إلى تونس – الحصول على ملف قضيته من المحكمة العسكرية – تحسين إقامته السيد محمد القلوي يقضي بسجن قابس حكما مؤبد خفض لـ 30 سنة و هو يرى أنه قد حوكم مرتين من أجل نفس الأسباب. و تعاني عائلته الأمرين لزيارته خاصة أن الزيارة مفصولة عن إيصال القفة و هو ما يضطر ذويه لقضاء أكثر من يوم للزيارة و تقديم القفة. عبدالوهاب عمري


 

المؤتمر من أجل الجمهورية   بيان حول صمود الشعبين الفلسطيني واللبناني

 
الجمعة 14 تموز (يوليو) 2006. تشهد اليوم الساحة العربية تطورت مخيفة حيث تستفرد الآلة العسكرية في غزة بشعب مجوع ومحاصر ومهدد، وتدمر بنيته التحتية الهشة وتضرب مصادر المياه الصالحة للشرب والكهرباء حتى يتعرض للأوبئة المهلكة ناهيك عن استهداف المدنيين وترويع النساء والأطفال . كما تستهدف هذه الآلة العسكرية المطلقة من عقالها وبمباركة الإدارة الأمريكية ، الشعب اللبناني بنفس عقلية الإرهاب والترويع ووبروح غطرسة وتعالي واستكبار تضع في كفة حياة ثلاثة جنود وفي كفة أخرى حياة مئات الآلاف من العرب. ويضاف لهذا الوضع المأساوي وضع إخوتنا في العراق وهم بين مطرقة الاحتلال الأمريكي -البريطاني وسندان الحرب الأهلية . لكن أخطر ما في هذا الوضع الذي لم تعرف له الأمة مثيلا إلا عشية هجوم المغول على بغداد أو الطرد من الأندلس، ليس لا عدد القتلى والجرحى بين المدنيين في فلسطين ولبنان والعراق، ولا عربدة القوة العسكرية الإسرائيلية ومباركة إدارة الرئيس بوش لأخطر تجاوزاتها ، ولا حتى تواطؤ المستبدين العرب. إن أخطر ما في الوضع الحالي سكوت الجماهير العربية عموما وسكوتها في بلادنا التي تعودت منذ النكبة أن تكون سباقة في دعمها لكفاح الشعوب الشقيقة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني البطل. إن حالة التخدير والتحنط واللامبالاة التي تظهرها اليوم شعوبنا العربية هي الإشكالية الكبرى بما تعنيه من انهيار قيم العروبة والإسلام وحالة التذرر والتفكك والإحباط التي أصبحت نعاني منه ،وكأن الاستبداد نجح في جعل شعوب أبية وقفت في وجه الاستعمار غبار أفراد لا يربطهم رابط بقضية تتجاوز أشخاصهم . إلا أن الوضع على قتامته وخطورة مدلولاته لا يعني أننا أمام شعوب ميتة والدليل على ذلك حيوية الشعب الفلسطيني واللبناني والعراقي ومدى ما يظهرونه من قوة الصمود أمام قوى الدمار والموت. نحن فقط أمام شعوب فقدت الثقة في نفسها وفقدت قيادات تثق فيها وفقدت بوصلتها وفقدت لمرحلة القدرة على الغضب. وإذ نترحم على أرواح الشهداء ونتعاطف مع كل الذين يذوقون الأمرين في هذه الأيام العصيبة في بغداد وغزة وصور وصيدا ‘ ونتضامن مع كل قوى المقاومة بما هي حق اعترف به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عندما لا يجد المظلوم حلا غير اللياذ إلى التمرّد ، فإن مناضلي المؤتمر من أجل الجمهورية يدعون كل التونسيين والتونسيات إلى أن يكونوا جديرين بآبائهم الذين توجهوا لفلسطين مشيا على الأقدام سنة 1948، أن يخرجوا من حالة المتفرج غير المبالي ، أن يستنهضوا الهمم النائمة في أعماقهم لإطلاق مسيرات الاحتجاج والتضامن والرفض لتواجد ممثل لنا في تل أبيب وممثل لتل أبيب في بلادنا. فانهضوا يا أطفال حشاد والدغباجي طال بكم الركوع . عن المؤتمر من أجل الجمهورية د.منصف المرزوقي في 14-7-2006
 
(المصدر: موقع المؤتمر من أجل الجمهورية بتاريخ 14 جويلية 2006)

      بسم الله الرحمن الرحيم

الوحدويون الناصريون في تونس ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ( جمال عبد الناصر) .

 
يتمادى هذه الأيام الصهاينة في غيبيهم وعدوانهم، في فلسطين المحتلة كما في لبنان ، تحت ذرائع واهية وحجج باهتة لا ترددها ولا تسوقها سوى بعض الانظمة العربية ، اصالة عن حكام افتقدوا كل مبرر للحكم، ونيابة عن الإمبريالية الأمريكية وحلفائها، أعداء الأمة العربية والانسانية قاطبة.
 لقد أقدم الصهاينة، وككل مرة وبشكل هستيري، على تنفيذ سلسلة من الجرائم الوحشية ضد شعبنا العربي في لبنان للتغطية وصرف الأنظار عما يرتكبون من فضائع يندى لها جبين الانسانية في حق شعبنا الباسل في فلسطين المحتلة ، ولترويع الجماهير العربية، حاضنة المقاومة ومعين مددها، لإجبارها على التسليم بالوجود الصهيوني والتعايش معه على حساب الوجود القومي للامة العربية  واستمرار تجزئتها وتشطير المجزأ منها، والحيلولة دون نهوضها والقيام  بدورها الريادي في مسيرة الحضارة الانسانية . ان ما يمارسه الصهاينة هذه الأيام ، من تقتيل لشعبنا العربي في كل من لبنان وفلسطين، وتدمير للجسور والطرقات والمطارات ومحطات توليد الكهرباء وغيرها من المنشآت والمباني السكنية، هو تماما ما تمارسه آلة الحرب الأنجلو – أمريكية في العراق المحتل لتنفيذ فصل آخر من فصول التدمير المتمثلة في محاولة تفكيك بنيته الاجتماعية بعد أن دمرت كل بناه المادية واستبيحت كل مقدساته وانتهكت حرماته. فالعدوان  واحد والمخطط واحد ، والأدوار متنوعة ، وهي مكشوفة لجماهير أمتنا العربية التي تقاوم بكل بسالة واقتدار في العراق كما في فلسطين ولبنان.
ان الوحدويين الناصريين بتونس، وانطلاقا من قراءة موضوعية لواقع الأمة العربية ، الذي وإن بدا في غاية السوء والتردي ، ليؤكدون أن شعلة التحرير لم تنطفإ أبدا رغم كل المآسي والمحن، وأن لأمتنا العظيمة قدرات عجيبة على لملمة جراحها، وطاقات فذة على مقاومة أعدائها ودحرهم خائبين… فكما اندحر بالأمس القريب الصهاينة من جنوب لبنان أمام ضربات المقاومة، سيندحرون هذه المرة ايضا أمام  صمود شعبنا العربي في لبنان  وفلسطين والعراق وقواه الوطنية المفاضلة. ان الوحدويين الناصريين  بتونس ، وإذ يحيون صمود المقاومة في كل من لبنان وفلسطين والعراق: 1/ يعلنون دعمهم للشعب العربي ومقاومته الباسلة في فلسطين والعراق ولبنان ويحيبون ثوارها الابطال. 2/ يهيبون بجماهير الأمة العربية بأن تعبر عن وقوفها الى جانب المقاومة بكل الاشكال المتاحة. 3/ يدعون قوى المجتمع المدني ، في تونس وفي الوطن العربي ، الى تحمل مسؤولياتها لتنظيم حملة دولية ضد الجرائم الصهيونية والأمريكية في حق الأمة العربية. 4/ يطالبون الأنظمة العربية التي لا تزال في خندق الممانعة ، وكآخر ما تبقى لها من فرص، أن تتصالح  مع الجماهير العربية وتكف عن قهرها وتدجينها، حتى تلعب هذه الجماهير دورها الطبيعي في التصدي للعدوان وحماية أمن الامة من الأخطار التي تتهددها.
– المجد والخلود لشهداء الأمة العربية الأبرار . – العزة والشرف للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق. – عاش نضال جماهير الامة العربية على طريق الحرية والوحدة والاشتراكية.   15/07/‏2006    عن الوحدويين الناصريين في تونس.   البشير الصيد


بســم الله الرحمــان الرحيــم  اللقاء الإصلاحي الديمقراطي

جريمة في حق البراءة…جريمة في حق الكرامة!

 
تتواصل محنة الشعب الفلسطيني وتتواصل معها أكبر مظلمة شهدها هذا العصر، على مرمى ومسمع من الجميع… تدخل الدبابة الإسرائيلية والطائرة والبارجة لتحطم الجسور والمباني والديار وتقتل الصغير والكبير… صراخ الأطفال وبكاء الثكالى ونداءات الوطن الجريح لم تجد لها أذنا صاغية ولا أيد مساعدة، لتتواصل معها الآلية العسكرية الغاشمة بكل ما أوتيت من عنجهية في ملاحقة البراءة وتحطيم البنى التحتية لدولة وسلطة شرعية انتخبت تحت الأضواء الكاشفة وفي صناديق شفافة.   وكأن مأساة غزة والغزاويين لم تكن بالبشاعة بمكان، حتى أقدمت إسرائيل بدك الأراضي اللبنانية بحملة هوجاء برا وبحرا وجوا وحصار غير إنساني لشعب مسالم وبلد صغير. وسقط العشرات من الأبرياء تحت ضربات وحشية لا تميز بين رضيع وعجوز، بين مدني وعسكري، وكأن إسرائيل تسعى إلى تحطيم لبنان كل لبنان كما عبر عن ذلك الرئيس الفرنسي.   إن اللقاء الإصلاحي الديمقراطي وهو يتابع هذه التطورات الخطيرة في ظل شبه صمت وسكون عالمي يعبر على ما يلي :   * مساندته الكاملة لكل أهلنا في فلسطين الشهيدة ولبنان الكرامة.   * مطالبته المجتمع الدولي للتحرك في تحمل مسؤوليته لإيقاف العدوان.   * دعوته للجماهير العربية ولكل إنسان حر في هذه القرية العالمية، إلى نزع رداء الخوف أو اللامبالاة والصمت المريب، وإلى التعبير السلمي عن مساندتهم لقضية الحرية والكرامة وموقف الصمود الذي يمثله اليوم كل من الشعبين الفلسطيني واللبناني.   عن اللقاء الإصلاحي الديمقراطي   د.خالد الطراولي   باريس في 14 جويلية 2006 / 18 جمادى الثانية 1427  
المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net


 

الإتحاد العــــــام التونسي للشغل

الإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة

جندوبة في 15/07/2006

 

 

بيان المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي  للشغل بجندوبة

 

تتوغل قوات الكيان الصهيوني بكل وحشية لتطال هذه المرة لبنان الشقيق بعد ان استهدفت المدنيين والبنى التحتية إثر الضربة العسكرية الموجعة التي كالتها المقاومة الوطنية لقوات العدو الغاشم .

 

وياتي هذا التصعيد العدواني بعد الجرائم البشعة التي اقترفها جيش الإحتلال الصهيوني ولا يزال بغزة والضفة الغربية ضد المدنيين والمؤسسات التي ترمز للسيادة الفلسطينية والمنشآت المدنية والإقتصادية للفلسطينيين ؛ وبعد الإستفزازات الخطيرة ضد سوريا والتهديدات التي توجه اليها تمهيدا للإعتداء عليها .

وما كان للصهاينة أن يقدموا على هذا التصعيد الخطير لولا الدعم المادي والسياسي والديبلوماسي اللامحدود للإدارة الامريكية والإنحياز الى جانب المعتدي واستفزاز مشاعر كل العرب وكل المحبين للعدل والسلم في العالم .

 

ان هذا الدعم الامريكي ووهن النظام الرسمي العربي وتخاذله وعجزه عن توحيد الموقف ازاء التحديات التي تواجه الأمة العربية سيعزز من اعتقاد قادة الكيان الصهيوني بانهم فوق كل القوانين والمواثيق الدولية ولن تطالهم العقوبات مهما ارتكبوا من جرائم ومهما طال احتلالهم لفلسطين والجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية .

والمكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي للشغل اذ يتوجه بالتقدير والتحية للمقاومة المشروعة في فلسطين ولبنان من اجل دحر الإحتلال والدفاع عن الكرامة الوطنية فإنه :

 

ــ يندد بشدة بالعدوان الصهيوني على لبنان ويستنكر الجرائم التي اقترفها جيش الإحتلال والتي ذهب ضحيتها العديد من المدنيين الأبرياء ؛ ويؤكد في نفس الوقت على أهمية الوحدة الوطنية اللبنانية في هذه الظروف لمواجهة العدوان وحشد الراي العام الوطني والعالمي لنصرة شعبنا في لبنان.

 

ــ يِؤكد تضامنه ووقوفه الى جانب شعب وعمال لبنان وفلسطين في مواجهة العدوان ومن اجل تحرير الاسرى بالمحتشدات والمعتقلات الصهيونية واستعادة كافة الاراضي المحتلة .

 

ــ يدين بشدة انحياز الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الإدارة الامريكية للكيان الصهيوني ودعمها للغزاة والمعتدين بما يؤكد مرة أخرى حقيقة نواياها تجاه الامة العربية وحقيقة مخططاتها في العراق ولكامل المنطقة وزيف ادعاءاتها بحمل لواء الحرية والديمقراطية .

 

ــ يعبر عن تضامنه الكامل مع شعبنا العربي بسوريا في مواجهة التهديدات الامريكية ؛ ويؤكد على ضرورة التحرك السريع والضغط لمنع أي عدوان يستهدف هذا القطر الشقيق .

 

ــ يدعو كافة النقابيين وقوى المجتمع المدني المناضل الى التحرك الفعال لدعم صمود شعبنا في فلسطين وسوريا ولبنان والعراق بإعتباره الشرط الاساسي لوقف العدوان وانهاء الإحتلال واستعادة الحقوق العربية المغتصبة .

 

ــ يجدد الدعوة الى رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني ومقاطعة السلع الصهيونية والامبريالية .              

 

*  الخزي والعار للإمبريالية والصهيونية وعملائهما

*  المجد والخلود للمقاومة وشهداء أمتنا العربية

*  معا على درب الحرية والكرامة من اجل تحرير فلسطين والعراق وكل الاراضي العربية المغتصبة .

*  عاش الإتحاد العام التونسي للشغل في نصرة قضايا العدل والحرية

 

 عن المكتب التنفيذي

 الكاتب العام

  مــــولدي الجندوبي    

 


 

حكومة جديدة قيد التحضير؟

 

بعث إلينا السيد « عبد القهار التونسي » بالمعطيات التالية حول تغيير حكومي مرتقب في تونس. ونحن إذ ننشرها اليوم فلا نؤكدها ولا ننفيها إلا أننا نرمي إلى إعلام الرأي العام التونسي ببعض الإشاعات والمعلومات التي يتم تداولها في العديد من الأوساط التونسية ومن المؤكد أن الأيام القادمة سوف تثبت مدى قربها أو ابتعادها عن الصحة:

 

في ما يلي تركيبة الحكومة الجديدة التي سيعلن عنها الرئيس بن علي خلال المدة القادمة وقد يحدث تعديل طفيف عليها:

 

–                الوزير المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية عبد العزيز بن ضياء

–                الوزير الأول عبد الوهاب عبد الله

–                وزير الداخلية كمال مرجان

–                وزير الدفاع عبد الرحيم الزواري

–                وزير الشؤون الخارجية أسامة الرمضاني

–                وزير العدل وحقوق الانسان رفيق الحاج قاسم

–                وزير النقل يوسف ناجي

–                وزير تكنولوجيات الاتصال منتصر وايلي

–                وزير الثقافة و الشباب و الترفيه كمال الحاج ساسي

–                وزير الاتصال و العلاقات مع مجلسي النواب و المستشارين  شوقي العلوي

–                وزير الرياضة كمال ايدير

–                وزير التعليم و التكوين المهني الأزهر بوعوني

–                وزير التعليم العالي الطيب الحضري

–                وزير البحث العلمي و التكنولوجيا محمد نذير حمادة

–                وزير شؤون المرأة و الأسرة و الطفولة سلوى عياش اللبان

–                وزير الصحة العمومية نزيهة بالشيخ

–                وزير المالية محمد النوري الجويني

–                وزير التنمية و التعاون الدولي  الهادي الجيلاني

–                وزير التشغيل الشاذلي العروسي

–                وزير الفلاحة و الموارد المائية الحبيب الحداد

–                وزير الشؤون الاجتماعية و التضامن رافع دخيل

–                وزير أملاك الدولة محمد رشيد كشيش

–                وزير الشؤون الدينية محمد العزيز عاشور

–                وزير التجارة و الصناعات التقليدية الجيلاني بن مبارك

–                وزير الصناعة و المؤسسات الصغرى و المتوسطة رضا بن مصباح

–                وزير البيئة و التهيئة الترابية محمد المهدي مليكة

–                وزير التجهيز و الاسكان سميرة خياشي

–                وزير السياحة منير ميلاد أو عادل بوصرصار

 

كما سيتم تكليف عدد من الوزراء الذين غادروا وسيغادرون  الحكومة بعدد من الحقائب الدبلوماسية خاصة بعد أن بلغ عدد البعثات الدبلوماسية التونسية في الخارج الشاغرة حاليا  12 سفارة.

 

… والله أعلم!

 


 

 

تونس قلقة إزاء « سياسة العقاب الجماعي » في لبنان وفلسطين

 

تونس (رويترز) – اعربت تونس يوم السبت عن قلقها البالغ إزاء التطورات الخطيرة التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط وانتهاج سياسة العقاب الجماعي في فلسطين ولبنان بعد توسيع اسرائيل عملياتها ضد لبنان وفي قطاع غزة.

 

وقصفت الطائرات الاسرائيلية جنوب وشرق وشمال لبنان ليتسع نطاق الهجوم الذي تشنه ردا على قيام مقاتلي حزب الله باسر جنديين اسرائيليين يوم الاربعاء الماضي في هجمات أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين وتدمير عدد من المنشات المدنية اللبنانية.

 

واستهدفت في وقت مبكر من صباح يوم السبت ايضا وزارة الاقتصاد الفلسطينية ومنزلا في قطاع غزة ضمن حملة بدأتها أواخر الشهر الماضي بهدف العثور على جندي ثالث اختطفه نشطاء فلسطينيون وتقويض قدرة الحكومة التي تقودها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على ممارسة مهامها.

 

وأعربت وزارة الخارجية التونسية في بيان عن « انشغالها جراء العمليات العسكرية الاسرائيلية وانتهاج سياسة العقاب الجماعي في فلسطين المحتلة ولبنان مخلفة عديد الضحايا الابرياء والدمار في الممتلكات والمرافق العامة. »

 

وطالبت الوزارة في بيانها « بتغليب منطق الحوار » ودعت كل الاطراف الدولية الفاعلة للتدخل الفوري والحازم لوضع حد لهذا التصعيد ووقف دوامة العنف

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 15 جويلية 2006)


تونس تدعو الى تدخل دولي فوري في لبنان

أ. ف. ب.

 

تونس: اعربت تونس اليوم في بيان صدر عن وزارة الخارجية عن قلقها من الازمة في الشرق الاوسط ودعت الى تدخل دولي « فوري » لوقت العمليات العسكرية. وجاء في البيان ان « تونس تتابع ببالغ الانشغال التطورات الخطيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية« .

 

واضاف البيان ان تونس « تهيب مجددا بالمجتمع الدولي وأعضاء اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي) وكافة الأطراف الدولية الفاعلة للتدخل الفوري والحازم لوضع حد لهذا التصعيد ووقف دوامة العنف التي تشكل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم ». كما دعت الى  » ضبط النفس والتهدئة وتغليب منطق الحوار »، معبرة عن اسفها لسقوط « العديد من الضحايا الأبرياء والدمار في الممتلكات والمرافق العامة« .

 

(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 15 جويلية 2006)

 


 

مصر تونس ترفضان إصدار بيان يدين حزب الله ..ولبنان يدعو البرلمان العربي للانعقاد

 

السبت، 15 يوليو 2006 – 21:54

بقلم: محرر فى البلد

 

عرقلت كل من مصر وتونس يوم السبت إصدار البرلمان الأورومتوسطي بيان إدانة للمقاومة اللبنانية متمثلة في حزب الله لتصديها للعدوان الإسرائيلي على الشعب اللبناني الشقيق.

 

وشارك برلمانيون عرب على رأسهم الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري في أعمال المؤتمر البرلماني الدولي بالعاصمة السويسرية جينيف.

 

وقاد الدكتور سرور جبهة الرفض حيث أجرى اتصالا مع رئيس مجلس النواب التونسي والرئيس الحالي لمجلس البرلمان الأورومتوسطي واتفق معه على عرقلة إصدار مثل هذا البيان عن مكتب المجلس.

 

ونجح الدكتور سرور في مسعاه رغم إصرار الجانب الأوروبي على إصدار البيان متحججا بتصريحات رسمية صادرة عن عواصم عربية تتضمن إدانة لحزب الله وتحمله مسئولية الإضرار بالمصالح العربية.

 

من جهة أخرى تجري أمانة الاتحاد البرلماني العربي اتصالات عاجلة مع البرلمانات العربية لعرض طلب البرلمان اللبناني عقد دورة طارئة في دمشق الأربعاء القادملبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان

 

(المصدر: موقع « في البلد »  (مصر) بتاريخ 15 جويلية 2006)

وصلة الخبر: http://news.filbalad.com/News.asp?NewsID=14254

 


 

تونس تقول ان أيا من رعاياها في لبنان لم يُصب بسوء

 

تونس (رويترز) – قالت تونس يوم السبت ان أيا من رعاياها أو سياحها في لبنان لم يُصب بسوء بعد توسيع نطاق الهجمات الاسرائيلية على جنوب وشرق وشمال لبنان والتي خلفت عشرات القتلى.

 

وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان نشرته وكالة الانباء الحكومية انه « في ظل الاحداث الجارية في لبنان تعلم وزارة الشؤون الخارجية ان المصالح المركزية بالوزارة ومصالح سفارة الجمهورية التونسية ببيروت تتابع عن كثب أوضاع أفراد الجالية والسياح التونسيين بلبنان وانه لم يصب أحد منهم باذى. »

 

وواصلت اسرائيل يوم السبت هجماتها على أهداف تابعة لحزب الله ودمرت عددا من المنشآت المدنية اللبنانية وقتلت عشرات المدنيين رغم انتقادات عالمية لأساليبها منذ أسر مقاتلون من حزب الله اثنين من جنودها وقتلوا ثمانية آخرين يوم الاربعاء الماضي.

 

وبعد التطورات الأخيرة اضطر كثيرون من الرعايا والسائحين الذين كانوا يمضون عطلاتهم في لبنان للفرار الى سوريا.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 15 جويلية 2006)

 

بسم الله الرحمان الرحيم

الحكـومـات والنخــب والشعــوب و » أمطـار الصيــف

 
الأستــــاذ فتحــــــــي نصـــــــري maitre_nasri @ yahoo.fr بعـد غــزة تحولــت  » أمطــار الصيــف  » الـى  » طــوفــان الصيــف  » وجـاء دور لبنـــــان ، القــذائف تتسـاقط على الجنـوب اللبناني بــرا وبحــرا وجــــوا ، والبنيــات التحتيـة للجنوب تتهاوى لتتحول الى غبار كثيف ودخـان يغطي سمــاء عــروس المتوسـط في عــز الموســـم السيــاحـــي ، والجسـور الرابطة لأوصال الجنوب تمزقت كما تمـــزق المشهــد السياســي اللبنـــانــي والمشهد العربي الرسمي ، والخطــوط الحمـراء تحولــت الى خضـــراء ، ولا أحــد أصبــح بامكانه تقدير ما ستؤول اليه الأوضاع في أسخن المناطق الشـرق أوسطـية في خضم العدوان الصهيوني وصمود المقاومة الاسلاميــة الفلسطينيــة واللبنانيــة قد تكــون المقاربة العسكرتية ضرب من ركوب الموج لمن لا يجيد السباحــة ، وقد ســبق  » لجــورج كليمنصــو  » خـلال الحرب العالميــة الأولــى أن قــال  » الحـرب مسألـة جدية كــي نــترك العسكريون يقررون شؤونها لوحدهم  » ولكن مـاذا لـو نأى العسكريون بانفسهم عــن شــؤون الحرب وتركوا لحركات المقاومة مسؤولية التقرير ؟ فهل يستقيم المنطق العسكري ؟ وهــل تصـدق التحليلات العسكرية ؟ مــا أشبه اليوم بالأمس ، خــلال نكبـــة 1948 خاضت الجيـــوش العربيــة الحــرب ضــد عصابات  » الهـاغـانــا  » المدربة على القتال وحرب العصابات من خلال تجــربة عناصرها في الحرب العالمية الثانية ، وكانت معركة  » صفـــد  » وقتـذاك اهانة كبرى للعسكرية العربية التي جرعت الهزيمة والخيبــة ، واليـوم مدينــة »صفـــد  » على مرمى الكاتيوشــا اللبنـانيــة ، والمعادلة أصبحت معكوسة فقد أصبحت المقاومة الاسلامية مجســدة في حـزب الله تحارب بالنيابة عن الجيوش العربيـــة وتواجــــه جيشا نظاميا حديثا يمتلــك آلــية عسكــرية رهيبـة ، وأصبح »توازن الرعــب  » مفتــاح فهــم المعـادلـــة أنــا لا أراهــن عــلى الحكـام العرب بل على الله وعلى الشعـوب  » هكــذا علق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على المواقف الرسمية للسعودية ومصر والأردن التي حملت المقاومة مسؤولية العدوان الصهيــوني على غــزة وبيـــروت ، واعتبرت عمليــة  » الوعـــد الصادق  » تمــت وفق أجـنـدة خارجيـــة تحمل توقيع ايران وسورية ، ممـا أباح تفسير هــذه المواقف الرسميــة كتبرير ضمني للهمجية الصهيونية ، واعطـائهــا غطــاء عربيــا رسمــيا ، فلمصلحـة مــن جـاء هذا التوافق الرسمي للحكومات العربية على ادانة عمليات المقاومة ؟ ووفق أيــة أجنــدة جـاء هذا الاستباق في المواقف ليلة انعقاد القمة العربية لوزراء الخارجية العرب ؟ الســؤال المحوري الحقيقي يتعلق يتعلق بغياب الجيوش العربية والسبات العميق الذي تغــط فيه وعكس دورها بتوجيه بنادقها نحو شعوبها ! فمـا فائـــدة انفاق 200 مليــار دولار علــى الجيوش العربية في ظل رفعها لشعـار  » قـوة الجيوش العربية في ضعفها  » ، ولو كانت هذه الجيوش تلعب دورها المفروض في حمايــة الحدود العربيـــة وخـــوض معارك التحــريــر واسترجاع الأسرى لكانت حركات المقاومة الاسلامية جــزءا من هذه الجيوش لامتلاكها ما تفتــقــده الجيــوش النظامية العقــيدة القتـــاليــة عمليـة  » الــوعد الصــادق  » أعادت للواجهة بعـض طــروحات النخب العربية ودعوتها الى عقلنة الفكر السياسي العربي بتوخي الواقعية والتخطيط العلمي ومرحلية التغلب على التحدي الصهيوني ، فاذا كنا نتفهم بعض التصريحات الصادرة عـن وليــد جنبــلاط ومــروان حمــادة وغيرهما من الفاعلين في الساحة اللبنانية لارتباطهم الحزبي في مواجهة مشروع المقاومـــة وفق أجندة حزب الله ، فان ظهــور بعــض الأقــــلام الصحفية المطالبـــة بالاعتبــار بـــــما وقـــــع عام 1948 وعـام 1967 وعام 1973 يوحي بنجاح الدوائر الغربية في استمـــالة أقلام وقنوات عربية عبر الاختراق والتجنيد والتوجيه المباشــر وغير المباشر ، بل وانشــاء وتمويل صحـف وفضائيات موجهة ناطقــة بالعربية لالهـاء الرأي العام العــربي ، وفــرض منطق التخذيل والتطبيع وكشف ظهر المقاومة ، وهذا يخدم المشروع الصهيوني الثابت رغم تعاقب الحكومات في كون أقصر الطرق الى اجهاض المشروع الفلسطيني المقاوم هو عزله عن محيطه العربي الاسلامي ، والبداية كانت بتحييد مصر وتحويل دورها من قيادة المواجهة العربية الى مجرد سمسار اقليمي يعمل لحساب السياسة الأمريكية في المنطقة ، ثم الفصــل بين سورية ولبنان لاضعاف الدور السوري ، فبدون مصـر تكون ســورية ولبنان أضــعف ، وبدون مصر وسورية ولبنان والأردن تصبح القضية الفلسطينية أسهل للمضغ منـذ عدة سنــوات عند قرائتي لمذكرات كمال حسن علي رئيس وزراء مصر الأسبق والقائد العسكري ورئيس المخابرات السابق استوقفتنـــي اشارتـــه الى أن المشكلة الأساسيــة فـــي نكبة 48 تكمن في تأثير الشحن القومي والديني على قرارات الحكومات العربية في اتخــاذ قرار الحرب وهي غير مستعدة لذلك ، ورغم فساد هذا التبرير الا أنه يعبر عن قــوة الرأي العام العربي وقتذاك ، أما الآن فقد أصبحت أصــوات الشعوب العربيــة تواجه بالهــراوات والسجون ، وتحولت قوة الشحن والدفع الى مجرد مظاهرات في الشوارع والجامعات تتبعثر بعد سويعات من انتهائها كما تتبعثر الرغوة فوق الماء ، فالتعبئة الحقيقية هي تعبئة الرأي العام التي تحدث عنها الشيخ يوسف القرضاوي في مذكراته قبل حرب العبـــور ، وهــي التفــاف الشعوب حول قياداتها الحقيقية ، ومساهمة كل فــرد ايجابــيا في المجهــود الحربي والدعــم اللوجستيكي والتصبير المعنوي المشكلة الحقيقية تكمن في الهوة بين الحكومات العربية ونخبها والشعوب ، والأمر المخيف حقا هو شعور هذه الشعوب بأنها لا حول لها ولا طول وأنها  » تحمل السلم بالعــرض  » بـلا جدوى وتكتفي بالتسمر أمام الفضائيات لمشاهدة ما يحـــدث ، مما يعيد طــرح الاستشكــــال الأساسي حول غياب الحرية والديمقراطية وانعدام دور مكونات المجتمع المدني واضمحلال فرص تخليق الحياة السياسية بما يكفل لهذه الشعوب تقرير مصيرها وتأثيرها فــي المواقــف الرسمية لحكوماتها وعـــود علـــى بـــدء يحق لنا القول بأن  » أمطار الصيف  » التي تهطل على غــزة والجنوب اللبناني ليست ببعيدة من حيث الأسباب غير المباشرة عما يحدث في الدول العربية من تكميم للأصوات الحرة المطالبة بتحرير الفرد قبل الأرض وتفجير طاقاته ، كما أن السجون العربية المكتظة بالمساجين السياسيين خاصة في تونس ومصر أحد المظاهر المعطلة لارادة الشعوب العربية ، فالمظلة الحقيقية الواقية من  » أمطار الصيف  » الصهيونية تمــر حتمــا عبر بوابـــة تغيير التركيبة السياسية للدول العربية بأخذ الشعوب لمصيرها بيـــدهـــا.

ما أرخص الانسان العربي!

 
2006/07/15 أسر جندي صهيوني احدث ضجة عالمية وتحركت علي الاطراف الادارة الامريكية، والاتحاد الاوروبي ومصر. في حين صمت هذا العــــالم المتحضر عن مجــــزرة مروعة لا انسانية حدثت يوم 9 حزيران/ يونيو علي شاطيء غزة. انا اتساءل كيف سيكون مستقبل هذا العالم في ظل هذا الاستكبار المقيت ومناصرة الظالم وقـــــهر المظلوم! من يا تـــري يصب الزيت علي النار؟ انا اتساءل هنا عن دور مصر واجندتها السياسية في ظل هذا الصراع، مصر التي القت بكل قواها من اجل استرجاع جثث جنود صهاينه عقب مجزرة رفح سنة 2004 واليوم ايضا تتفاني وتجند اكثر من الفي جندي علي الحدود بين غزة ومصر من اجل منع نقل الاسير خارج غزة، مصر التي فقدت منذ اسابيع جنديين برصاص الصهاينة ودماؤهما لم تجف بعد! انا اتساءل ايضا لماذا لم يتحرك هذا العالم من اجل فك اسر ما يقارب عشرة الاف اسير بينهم 126 امرأة الي جانب اطفال دون سن الثامنة عشرة، انها مفارقة عجيبة ستغذي وتنعش التطرف والصراع سيحتدم بين الغرب والاسلام! في ظل هذا الواقع المزري والمشؤوم يصر النظام العربي علي قمع الحريات ومصادرة الفـــكر المتحرر وتكبيل القلم الموضوعي والشفاف، وآخر ضحايا هذا القمع، المفكر السوري المبدع والذي ساهم في توعية الانسان العربي بكل صدق الا وهو المبدع ميشيل كيلو. محمد فتحي السقا تونس (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 15 جويلية 2006)


الموقف: من يحاسب « لابراس » على هذه الأكاذيب؟

 
رشيد خشانة    نقلت صحيفة « لابراس » في صفحتها الأولى يوم الأحد الماضي تغطية للجلسة العامة السنوية للمحامين، لكن الذين حضروا الجلسة فوجئوا  بأن كاتب المقال المدعو مولدي مبارك قلب الحقائق رأسا على عقب، فالأغلبية التي صادقت على التقريرين الأدبي والمالي صارت، من خلال نظاراته السوداء، أغلبية تندد ب »انحراف الهيئة الوطنية وتسييسها ».   ووضعت الصحيفة عنوانا لهذا الهراء السخيف لا يقل عنه سخفا كالتالي « سابقة في تاريخ المحاماة: المحامون يتبرأون من الهيئة المديرة (لا وجود لهيكل بهذا الإسم في المحاماة) بتصويت الأكثرية ضد  التقريرين الأدبي والمالي ». بل إن خيال هذا المتحامل زيَن له أن يمضي بعيدا في الفبركة فاختلق « خبرا » مفاده أن المحامين طالبوا بإجراء رقابة على حسابات الهيئة الوطنية، بينما زكت الأغلبية التقرير المالي بشكل واضح (تقرير إخباري في هذا الشأن ص1).   ومن سوء حظ مزوَر الحقائق (ومن غطى فعلته في إدارة الجريدة) أن وفدا من العمداء والمحامين من فرنسا كانوا ضيوف الجلسة العامة وشاهدوا حقيقة ما جرى فلم يتمالكوا خلال الندوة الصحفية التي عُقدت في اليوم الموالي في دار المحامي عن التعبير عن صدمتهم لما قرأوه في « لابراس » واعتبروها سابقة أولى من نوعها في تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام.   وبالنظر إلى أن « لابراس » جريدة عمومية فإن انحرافها عن دورها الإعلامي الحق وتحويلها إلى بوق للدعاية الحزبية ومنبر للأراجيف الملفقة يستدعيان وقفة حازمة لمحاسبة إدارتها الحالية على هذا المنحدر الذي لم تترد إلى مثله في السابق حتى في أحلك الفترات. فقد أخلت بوظيفتها الإعلامية التي تقتضي إبلاغ جميع الأصوات الحزبية والأطياف الفكرية إلى الرأي العام بينما هي لا تتحدث إلا عن حزب واحد هو الحزب الحاكم، وتحاصر أخبار الجمعيات المستقلة مثل رابطة حقوق الإنسان وجمعية النساء الديمقراطيات، هذا إن لم تشترك في حملات التشويه والقذف بنشر مقالات متحاملة كما فعلت مع الرابطة وعمادة المحامين. ومن الطبيعي أن تطفو الزعانف على السطح، أسوة بمحرر الأكاذيب المذكور آنفا، عندما يتوارى الصحفيون الحقيقيون الذين كانوا أعمدة « لابراس » في عصرها الذهبي ويلوذوا بالصمت مخافة إهدار كرامتهم على أيدي الدخلاء والمتسلقين.   لقد حان الوقت لكي تقوم المؤسسات الإعلامية المنتمية للقطاع العام مثل وكالة تونس إفريقيا للأنباء ومؤسسة الإذاعة والتلفزة وجريدة « لابراس » بالدور المنوط بعهدتها في خدمة المجموعة الوطنية التي تساهم في تمويلها، وليس في خدمة فئة معينة بأموال المجموعة. ولابد من الوقوف هنا عند الصمت المتواطئ للمجلس الأعلى للإتصال وجمعية الصحفيين اللذين يدل سكوتهما على هذه الممارسات على أنهما أصبحا هيكلين صوريين بلا أي نفوذ معنوي على القطاع. إنهما عاجزان حتى عن إطلاق الأضواء الحمراء لدى حصول تجاوزات من الوزن الثقيل مثل التي ارتُكبت في « لابراس »، فما علة وجودهما إذا؟   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)


سواحل مهددة بالتلوث

 
بعد الهجوم السياحي على السواحل الجنوبية والشرقية الذي أدى إلى تلويث البيئة والإخلال بالتوازنات الطبيعية، يمتد الزحف الآن إلى شاطئ الزوارع من ولاية باجة، وهو ثروة وطنية مهددة بالزوال إذا امتدت لها الأيادي الجشعة التي قطفت رحيق الحمامات ونابل وسوسة والمنستير وجربة. وقد تكفلت شركة دراسة وتهيئة منطقة الزوارع – نفزة التي تأسست سنة 1999 بإجراء الدراسات لإدماج هذه المنطقة الفريدة والمتميزة بنظافة محيطها وجمال موقعها في دوامة المسالك السياحية. ويبدو أن أصحاب النهم الإستثماري مستعجلون للظفر بها في أقرب وقت، إذ عُقدت ندوة يوم 4 جويلية الجاري بالعاصمة بمشاركة وزير السياحة وعدد من الخبراء والمهنيين وأصحاب مكاتب الدراسات للتخطيط للزحف على المنطقة. ولا شك أن الزوارع تستحق حملة وطنية لإنقاذها من براثن الجشعين والمحافظة عليها باعتبارها ثروة وطنية يصعب تعويضها لو تم التفريط فيها. فاروق النجار   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)


مشروع تجميل مدينة غمراسن يُخاطر بحياة المواطنين

 

مصباح شنيب   كان رهان الدولة في الستينات من القرن الماضي إنزال المتساكنين في المناطق الجبلية إلى السهول والمنبسطات تيسيرا لدمجهم في دورة الحياة المدنية بفك عزلتهم وتمتيعهم بالمرافق الضرورية من ماء وكهرباء… فضلا عن الخدمات المستوجبة من قرب للإدارة وتمدرس لأبنائهم…الخ. ولقد عرفت هذه المساعي حظوظا متفاوتة من النجاح فتكونت تجمعات سكنية ونشأت أحياء استجابت لما خططت له السياسة السكانية آنذاك غير أن التضاريس المحيطة بهذه التجمعات والأحياء ظلت على الدوام تمثل تهديدا لحياة المتساكنين، ومدينة غمراسن التي تحتل موقعا فريدا في سلسلة جبال مطماطة هي من أكثر المدن التصاقا بالجبال التي تحضنها من كل جهة، وهي كذلك بحكم هذا المعطى الأكثر عرضة لمياه السيلان عند هطول الأمطار، وقد لعب وادي غمراسن دورا فعّالا في استيعاب السيول المنحدرة من المرتفعات المجاورة وساعد مجراه الطليق على استقبال الكميات الضخمة من المياه وتسهيل انسيابها بعيدا عن المدينة وأحيائها، ولكن أهلها لم ينسوا اللحظات العصيبة عند امتلاء هذا الوادي وبلوغ منسوبه درجة من الخطورة على حياتهم ومساكنهم؛ كان ذلك في سنوات 1933 و1949، و1969، و1979، و1998 وحال عمق الوادي واتساع مجراه دون حدوث أخطار جسيمة وإن لم يفارق التوجس السكان وظلوا دائما حذرين من نزواته، ولكن لهذا الوادي -اليوم- وضعٌ آخر من شأنه أن يشعل الأضواء الحمراء أمام أهل المدينة وينذرهم بعواقب قد لا تكون حميدة إذ أنّ همة « المسؤولين » المحليين، مواكبة لموضة السلطة هذه الأيام في حملة تجميل مداخل المدن، قد تعلقت ببناء جسور على الوادي ponts submersibles حتى يستقيم الشارع /المدخل طريقا سويا يسر الناظرين، وحتى يقع في وهم أهل غمراسن -الذين اقتاتت الغربة من أعمارهم وذوبتهم حنينا إلى أوكارهم- أن « مسؤوليهم » قد أحسنوا القيام على المدينة والنهوض بها تجميلا وتزويقا.   ولكن هذه الجسور ليست من النوع المعلق! وإنما هي أقرب ما تكون إلى الجسور/السدود، إذ لم يترك القائمون عليها للماء  من متنفس  إلا قنوات  اسمنتية  بعرض  1.5م  وارتفاع 1.20م [des dalos] ولنا أن نتصور ما عساها المياه فاعلة بحضور هذه الدالوات والحال أن الوادي كان يغص بالماء وينذر بالخطر ومجراه حر طليق…   لقد انتصبت هذه الجسور/السدود على مستوى أربعة مواضع من الوادي الذي يشق المدينة ويلتف على أحيائها في مساره الثعباني المتعرج فما عواقب ذلك كله استئناسا بالفيضانات السابقة؟ إن الطبيعة الصخرية للتضاريس المشرفة على الوادي، والروافد الكثيرة من الشعاب المحيطة به لها دور رئيس في دفع المياه صوب مجراه وفي طريقها تجرف الأخضر واليابس من جذوع نخل وأغصان أشجار وصخور ومواد مختلفة فتسدّ فتحات القنوات وتُضعف من انسياب الماء فيرتفع منسوبه ولن تكون له من وجهة سوى أحياء المدينة فيفيض عليها وينزل بها ما الله أعلم به اللهم إلآ أن يتحول الوادي المحبوسة مياهه إلى بحيرة جبلية وآنذاك سنكون إزاء وضع آخر واحتمالات أخرى!!   سيقول قائل ما هذا إلا محض توهم ومجرد تخمين فالمشروع مخطّط له ومستوفٍ لكل عناصر السلامة… غير أن التجارب السابقة تحملنا على عدم الإطمئنان إلى « خبرة » المختصين الرسميين الذين ظل خيالهم وتخطيطهم رهين إرادة الساسة وسجين اعتبارات دعائية ظرفية يمليها أهل القرار وفضلا عن ذلك، فإن للماء على الطبيعة فعلا قد يستعصي على خبرة المختصين ويغيب عن خيال المخططين… فللفيضانات صولات وجولات في المدن التونسية ولعل ما حدث لسيدي بوزيد ذات فيضان جدير بالتأمل: هذه المدينة التي أصر المسؤولون الجهويون وأهل الخبرة فيها على بناء سدود رملية لحمايتها من مياه الأمطار… ورأى واحد من أبنائها غير هذا الرأي ونصح القائمين عليها بإزالتها تسريحا لمجاري المياه نحو مصابها الطبيعية، لكنهم لم يلقوا إلى قوله بالا وأخذتهم العزّة بما قرروا… ويوم تهاطلت الأمطار غزيرة وأخذت المياه التي حجزتها السواتر الرملية تتربص بالمدينة لتبتلعها، لم يجد ذلك المواطن من بد سوى أن يمتطي جرّافته ويفتح للماء مسلكا فأنقذ المدينة وأهلها وعُدّ في قومه بطلا أما المسؤولون فكان لهم مصير آخر… وهكذا يخطئ مسؤولون ويصيب مواطن، لأن الحقيقة ليست ملكا لأحد.   وإن المرء ليتساءل: كيف أجاز المجلس البلدي بغمراسن هذا المشروع وزكّاه وكيف قبل به المواطنون وهل من الحكمة في شيء أن يصادق المستشارون البلديون على إنجازه وهم من أبناء المدينة وأدرى من سواهم بمعطياتها الطبيعية وتضاريسها الجبلية أم أن الانتصار لشعارات السلطة فيما يتعلق بتجميل مداخل المدن غيّب عنهم هذه الحقائق وجفّف خيالهم عن البدائل المتاحة لصناعة واجهة جميلة لمدخل مهيب؟   وحتى لا نعدو الحقيقة فلا بد أن نذكّر بأن نفرا من أبناء المنطقة قد هالهم أمر هذه الجسور/السدود وانتابهم القلق على مصير مدينتهم فخاطبوا المسؤولين في ذلك، وفتحوا أعينهم على ما تمثله هذه الأشغال من مخاطر على البلاد والعباد، وعندما توقفت الأشغال ردحا من الزمن، بدا لهم وكأن القائمين على الأمر قد أصغوا إلى ملاحظاتهم وأن الإدارة بصدد مراجعة قرارها. ولكن جهة ما أصرت على بناء تلك الجسور رغم تحذيرات حكماء الجهة وتخوفات المواطنين وممانعتهم… وأخذت مواد البناء تتكدس والجرافات والشاحنات تعمل تحت جنح الظلام وتسارعت وتيرة العمل تحسّبا لأي طارئ قد يحول دون إتمام المشروع. وبدا هذا « الإنجاز » يتجسم شيئا فشيئا أمام أعين الغيورين على المدينة وتمت التضحية بسلامة المواطنين والتوازن البيئي لحساب مظاهر الجمال ومقتضيات الدعاية السياسية الظرفية.   ولو قُدّر للمجالس البلدية أن تُبنى على التعدد والتنوّع وأن تعبّر فعليا عن إرادة المواطنين، لكنّا بمنأى عن هذا كله، لكن الحاصل في تصريف شؤون هذه المجالس في علاقتها بالسلطة لهو أشبه بالصوت وصداه… ورحم الله ابن أبي الضياف إذ يقول « ولله فينا علم غيب نحن صائرون إليه نسأل الله حسن العاقبة ».   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)


حقوقيون مغاربيون: احترام حقوق الإنسان شرط لمكافحة الإرهاب

 
أكد حقوقيون من تونس والمغرب العربي  أن مكافحة الدول لظاهرة الإرهاب يجب أن تسير بشكل ملائم ومنسجم مع احترام مقتضيات حقوق الإنسان، معتبرين أن صون تلك الحقوق من شأنه أن يحصن المجتمع من كل النزعات الإرهابية.   جاء ذلك خلال مشاركتهم في الجلسات الإقليمية حول « الإرهاب وحقوق الإنسان » التي تواصلت أشغالها في  الرباط لمدة يومين والتي استمعوا خلالها الى خبراء قانونيين دوليين تابعين للجنة الدولية للحقوقيين، وكذلك لعروض قدمتها هيئات حقوقية تناولت سياسات مكافحة الإرهاب ومدى انسجامها مع احترام حقوق الإنسان في عدة البلدان من بينها تونس.  وأبرز حقوقيون من المغرب وتونس والجزائر وليبيا على هامش الندوة أن مكافحة الإرهاب  » لا يمكن أن تشكل ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان « . وتندرج هذه الجلسات التي تنظمها المنظمة المغربية لحقوق الانسان واللجنة الدولية للحقوقيين (مقرها جنيف)، في اطار مشروع أطلقته اللجنة الدولية للحقوقيين في أكتوبر 2005 للنظر في مدى ملاءمة تدابير مكافحة الارهاب لمقتضيات احترام حقوق الانسان. ويقوم هذا المشروع علي تشكيل فريق من ثمانية خبراء قانونيين من ذوي السمعة العالمية يعملون على فحص طبيعة التهديدات الارهابية وأثر اجراءات مكافحة الارهاب على حقوق الانسان ، كما يبحثون كيف يمكن لقوانيبن وسياسات مكافحة الارهاب أن تكون فعالة ومحترمة لحقوق الانسان وسيادة القانون في الآن ذاته. وتتمثل آلية العمل الرئيسة للفريق، الذي تمتد ولايته على مدى 18 شهرا، في اجراء سلسلة من الجلسات القطرية والاقليمية يستمع خلالها لهيئات حقوقية وحكومية وأمنية ومنظمات غير حكومية وصحفيين وجامعيين، وذلك في أفق اصدار تقرير نهائي حول الموضوع.   و أوضحت السيدة أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أن المقاربة الأمنية لا يمكن أن تشكل، لوحدها، الجواب الوحيد عن هواجسنا وانشغالاتنا فيما يخص دولة القانون، مبرزة أن  » قوة الدول المغاربية تكمن في احترام القانون ووجود مؤسسات قوية تنصهر فيها كل الافكار والاختلافات، لكن مع خضوع الجميع للقانون « .   أما السيد محمد نجم الدين بوجاقجي ممثل  جمعية « جزائرنا » التي شكلتها عائلات ضحايا الاختفاء، فاوضح أن  » قدر نشطاء حقوق الإنسان مهما كانت بلدانهم هو التفاهم والتعاون لضمان احترام حقوق الإنسان ».   وأشاد السيد بوجاقجي بالمناسبة بإحداث هيئة الانصاف والمصالحة بالمغرب، معتبرا أنها تجربة متميزة وفريدة على مستوى العالم العربي،   » إذ سمحت للضحايا بعرض مأساتهم بشكل عمومي  » مباشرة على القناة التلفزية.    وقال السيد عبد الهادي لحويج أمين عام « اتحاد الشباب العربي »، وهي منظمة ليبية تهتم بحقوق الانسان، إن الاشكال الأساسي في التعامل مع ظاهرة الإرهاب يكمن في « ضرورة تحديد دقيق لماهيته ومفهومه »، معتبرا أن معالجة الإرهاب تمر عبر معالجة أسباب وجذور الظاهرة. وشدد على ان مكافحة الارهاب يجب ان تكون « جماعية عالمية »، لأن خصائص الإرهاب الذي « لا لون له ولا دين « ، تهدد الانسان بشكل عام.    وأوضح الأستاذ مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من جانبه،  أن مكافحة الارهاب تعد من صميم حقوق الإنسان، على اعتبار أن الحق في الحياة والحرية هي مكاسب أساسية، موضحا في المقابل أن  » مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تتم بشكل جيد إلا باحترام قواعد حقوق الانسان، كما انها لا يمكن ان تبرر انتهاك تلك الحقوق ». وأضاف أن  » التمتع بالحقوق الأساسية من شأنه أن يحصن المجتمع من الإرهاب، كما أن صيانة الحقوق من ضمن المظاهر التي تقضي على الإرهاب « . وشدد على أن « حماية حقوق الانسان تمثل رهانا حضاريا ومستقبليا لا يمكن النهوض به الا بتكتل الجهود بين النشطاء الحقوقيين على المستوى المغاربي »، موضحا ان « بناء المغرب العربي يكتسي اهمية كبرى في الدفع بهذا العمل المشترك التنسيقي ».   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)


محمود المستيري يتحدث عن مغامرته في أدغال السياسة الأفغانية (2 من 2)

 نشرنا في عدد الأسبوع الماضي القسم الأول من حديث شامل مع وزير الخارجية الراحل الأستاذ محمود المستيري أدلى به قبل فترة وجيزة من وفاته واستعرض خلاله محطات مضيئة من مسيرته السياسية والديبلوماسية التي امتدت على مدى أربعين عاما. ومثلما تطرق في الحلقة الأولى بأسلوبه الظريف إلى علاقاته مع بورقيبة ونويرة والمصمودي وسواهم، نراه يُفكك في هذا القسم الثاني من رحلته المثيرة بعض طلاسم الملف الأفغاني المعقد من خلال معرفته الحميمة بكبار اللاعبين في الأزمة الأفغانية، لكن من هم اللاعبون الكبار؟ هُنا بعض جواب في الحلقة الثانية والأخيرة المخصصة لتجربته في أفغانستان بوصفه موفدا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة.   ماذا تتذكر عن تجربتك في أفغانستان ؟
كانت تجربة مليئة بالغرائب فقد وصلت إلى أفغانستان في فترة كثرت فيها الانقسامات والصراعات الضارية والشنيعة، لكن كان هناك مجال للوساطة ورأب الصدع. وشعرت بأن المصالحة ممكنة لأنني عندما أستمع إلى الفرقاء على انفصال أحسبهم أعداء، ثم ألاحظ أنهم يقبَلون بعضهم البعض وأكتشف أن بينهم علاقات نسب أو قرابة دموية. كان هذا هو المناخ السائد قبل ظهور حركة « طالبان » ولذلك عزمت على عقد مؤتمر تشارك فيه جميع الفصائل، وفعلا جاؤوا جميعا، بمن فيهم الذين أتوا من الولايات المتحدة وحتى من سواحلها الغربية ومن ألمانيا وإيران والهند والسعودية. واستعنت بأستاذ أفغاني كان يدرَس العربية في مكة هو الدكتور عبد الستار صراط، فاتخذته مساعدا لي لأنه لم يكن ينتمي إلى أي جماعة.   ماهي الجماعات التي كانت مسيطرة آنذاك ؟

البشتون والطاجيك ويشكلوا الأولون حوالي 44 بالمائة من السكان، فيما تمثل الفئة الثانية نحو 40 بالمائة يليهما « الهزار » وهم شيعة وتشبه ملامحهم ملامح الصينيين، وكانوا يمثلون نحو 10 في المائة من السكان ويسعون للتقارب مع الطاجيك ثم الأوزبك (من أصل تركي) والتركمان. وجمعت الفصائل كافة في « كويتا » وهي ولاية تقع في جنوب باكستان سنة 1995 وفعلا جاء ممثلو الفصائل وتحدثوا بصراحة، وقد جعلت المؤتمر مفتوحا، أي من دون تحديد موعد لنهايته. طلبوا مني رئاسة المؤتمر فاكتفيت بإدارة الجلسات وقلت لهم « البلد بلدكم وأهل مكة أدرى بشعابها ». لكن المهم أننا شكلنا لجنة عسكرية لتكوين قوة نظامية موحدة وكادت الأمور تأخذ مسارها حتى النهاية. بعد ذلك جُلت على رؤساء التنظيمات والأحزاب والمليشيات بدءا من الرئيس برهان الدين رباني الذي يتحدث العربية بطلاقة فهو حائز على الدكتوراه من جامعة الأزهر، ولاحظت عندما كنت في مكتبه أنه خاطب الرئيس مبارك هاتفيا وعلمت أن بينهما معرفة عميقة. بعد ذلك اجتمعت مع الحاج عبد القادر الذي يسمونه حاجي قدير وكان الشخصية المركزية في جلال أباد وهو من البشتون لكنه رجل منفتح، إذ كان يقول إن عهد البشتون انتهى خصوصا بعد عزل الملك ظاهر شاه الذي ينتمي إلى هذه الطائفة. وأعتقد أن المؤتمر كان نجاحا مُهمَا لأنه استقطب شخصيات أفغانية من جميع أنحاء العالم بما فيها الولايات المتحدة التي جاء منها زعيم كبير في السن، لكن الطريف أن الزعماء الآخرين كانوا لا يحبونه لان ابنته انتخبت ملكة جمال مدينة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية حيث يقيم. ثم قابلت مسؤولا سعوديا رفيع المستوى في الرياض بالنظر للدور المهم الذي تلعبه السعودية في تسهيل الوصول إلى حل سلمي للمشكلة الأفغانية (يتعلق الأمر برئيس المخابرات آنذاك الأمير تركي الفيصل الذي كان مكلفا بالملف الأفغاني – المُحرر)، وشرحت وجهة نظري القائلة بأن أفغانستان هي التي عجلت بانهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وهي بالتالي السبب في جميع التغييرات التي بدلت وجه العالم اليوم، مما يفرض علينا مساعدتها بوصفها رمزا لمقاومة الشيوعية والتسلط، ووجدت أن رؤيتينا متطابقتان، وسمعت دعما كاملا للمهمة التي كنت أقوم بها، وطبعا وضعتُ الفصائل الأفغانية في صورة الدعم الذي حصلتُ عليه من السعودية.   كيف ينظر الأفغان للعرب ؟

موقفهم الحقيقي غير المعلن هو اعتبار العرب جميعا غربيين، أما شمال إفريقيا فربما يشككون حتى في إسلام أهلها.   يعتبرونهم مثل الأتراك ؟ على عكس المتوقع اكتشفت أنهم يحبون الأتراك كثيرا، وصادف أن زرت السفير التركي في باكستان مع وفد من الزعماء الأفغان فسألوه « هل أنت مسلم ؟ » ورد على الفور « طبعا » فعادوا يسألون « إذن أين القبلة ؟ » فأشار إلى الاتجاه الصحيح، ثم مال عليَ وأسر لي هامسا أن ضيفا تركيا مسلما زاره قبل أسبوع ولما حان وقت الصلاة أمضيا وقتا طويلا لتحديد الاتجاه الصحيح نحو القبلة، وهذا ما ساعده على إنقاذ ماء الوجه أمام الأفغان.   وهل تعرَفت على طالبان ؟
بلى، زرت رباني أحد زعمائهم البارزين فبادرني بالسؤال التالي « هل أنت مسلم؟ » فرددت بالإيجاب، وعلق « لماذا تلبس إذن الزي الغربي؟ » إلا أن مرافقي الليبي – كان ممثلا لمنظمة الصحة العالمية – سبقني وسأله بدوره « ولماذا تلبس أنت زي الكفّار؟ » فتعجب رباني، ومضى الليبي شارحا « في عهد الرسول كان الكُفار الذين يقاتلون المسلمين يلبسون زيا مثل زيك »… فشعرنا أنه اهتز وغيَر موضوع الحديث فورا. سعيت كثيرا للتعرف على زعيمهم الملا عمر لكنهم كانوا يختلقون الأعذار دائما فيقولون إنه يتكلم العربية بصعوبة كبيرة، أو أنه رجل خجول. مع ذلك كنت أبعث إليه رسائل عبرهم مؤداها أن « طالبان » طرف مهم في أي حل فالجنوب وقندهار معهم، وهم صمدوا طويلا ونجحوا في القضاء على شبكات الاتجار في المخدرات، وكان هذا الكلام صحيحا في ذلك الوقت. المهم أن جميع الفصائل كانت مستعدة لإنجاح دور الأمم المتحدة بشرط ألا يكون دورا عسكريا، فجميع الأفغان أفهموني أنهم لا يتحملون رؤية جندي أجنبي أيا كان على أراضيهم. وبعد فترة نقلت مكاتبي من باكستان إلى جلال أباد بالاعتماد على صديقي حاجي قدير. ما كان لافتا خلال معرفتي لطالبان أنهم لم يكونوا على دراية عميقة بالإسلام، فعندما زرتهم مع الشيخ صراط وهو عالم كان يدرس الشريعة في مكة كما أسلفتُ، سألهم « على أي نمط تريدون بناء دولتكم الإسلامية: أعلى طريقة الخليفة أبو بكر أم عثمان أم عمر؟ » فتعجبوا وقالوا له « وهل هناك فرق بينهم؟ »، فرد « طبعا » فارتبكوا وعادوا يؤكدون أنهم يسعون لإقامة دولة إسلامية من دون الدخول في التفاصيل. ومن خلال حوارنا معهم اكتشفنا قلة معرفتهم بتاريخ الإسلام وحتى بالعبادات، فوضوؤهم مثلا لم يكن خاضعا للقواعد الإسلامية وإنما هو أمر تقريبي في كل شيء.   ماذا أعجبك في أفغانستان ؟

قندهار العاصمة الملكية السابقة التي دمَرها الروس، لكن مبانيها القديمة كانت جميلة، والمشكلة أن المطار بعيد عنها والوصول إليه يستغرق ساعة ونصف الساعة بالسيارة.   هل الصورة السلبية المنتشرة عن « طالبان » خلاف للواقع ؟
ما لاحظته هو كونهم معتدلين فعندما منعوا خروج النساء إلى الشارع تحدتهم سيدة وذهبت إلى السوق فسئلت « لماذا تخالفين القانون ؟ » وردت بأن زوجها استشهد في الحرب ولا خيار أمامها سوى التسوق بنفسها فأطلقوها. أكثر من ذلك، عندما كانوا يُسألون عن أعمال القتل التي يرتكبونها كانوا يجيبون بان العرب الذين يقاتلون معهم هم المسؤولون عنها، فلا أملك التعليق على ذلك. المهم أنهم سليمو الطوية ونياتهم حسنة، وأقصى ما رأيته من تطرف مثلا هو إقفال مدارس البنات، لكن يأتي أحيانا زعيم آخر فيأمر بفتحها ويقول « هذا مخالف للإسلام ».   كيف نشأت الصداقة بينك وبين بطرس غالي(أمين عام الأمم المتحدة الذي أوفده إلى أفغانستان – المحرر)؟ وكيف اختارك موفدا خاصا إلى أفغانستان ؟

كان كل منا وزير دولة للشؤون الخارجية وبهذه الصفة كنا نلتقي في المؤتمرات الدولية، خصوصا مرة في السنة على هامش اجتماعات منظمة الوحدة الإفريقية. وفي إحدى المناسبات عبر عن خشيته من أن يشهدنا أعضاء الوفود الأخرى ونحن ننسق بينما العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين مصر وتونس. فقلت له « فليكن ومن لم يعجبه الأمر فليكتب تقريرا لحكومته ». ويبدو أنه استحسن جسارتي وتركت لديه انطباعا جيدا عزز أواصر الصداقة بيننا. بعد ذلك عينت سفيرا في مصر وكان هو مسؤولا عن إفريقيا في الخارجية، ولم يكن السفراء العرب في دائرة اهتمامه، مع ذلك كنت أزوره دائما وأقول له مازحا « أنا سفير إفريقي » على اعتبار ان تونس تقع في إفريقيا، وكنا نقضي وقتا طويلا في الحديث عن قضايا العالم. وبعد أن صار أمينا عاما للأمم المتحدة زار تونس والتقينا مجددا فسألني « ماذا تفعل الآن ؟ » وأفهمته أنني محال على التقاعد بعدما أكملت الخدمة في الخارج. ولم تمض فترة طويلة على عودته إلى نيويورك حتى اقترح علي أن أذهب إلى أفغانستان، فرحبت بالترشيح.   واليوم كيف تنظر إلى القضية الأفغانية بعد هذه الرحلة الطويلة في تجاويف أزمتها ؟

أعتقد أن  أفغانستان مهمة لآسيا الوسطى وللمسلمين والعالم، فإذا كان صحيحا أنها لا تملك مخزونا ضخما من الطاقة والمواد الأولية، فهي تظل مفتاحا للمناطق الغنية المحيطة بها، خصوصا كازاخستان التي تملك تشكيلة خصبة من الثروات الطبيعية.   أجرى الحوار رشيد خشانة   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)
 

الحصاد المر:

عندما يتحول الخلاف السياسي إلى صراع هوية

 
عارف المعالج (*)   إن أخطر ما آل إليه واقع الصراع السياسي بين الحركة الإسلامية والسلطة الحاكمة في تونس، والذي كان يمكن أن يكون مصدر إثراء للتجربة الديمقراطية الموعودة، أن انزلق هذا الخلاف إلى ممارسات خاطئة لا تحكمها أخلاقيات التعامل الديمقراطي. ومردّ هذا الانزلاق الخلط، الذي طبع تقويم الأطراف المعنية للظاهرة الإسلامية، والذي وقع في نفس المآخذ، التي رفعت في وجه المعارضة الإسلامية المتهمة بعدم الفصل بين ما هو ديني مشترك وسياسي خاص..   فمجرد تبني سياسة تجفيف منابع التدين في حملة الاستئصال خلال عشرية ونصف من الفعل القسري جعل السلطة تظهر وكأنها تقر أو قد سلمتّ بأن الدين هو خاص بالحركة الإسلامية، وأن استئصالها يتطلب استئصالا لمظاهر التدين، واستهدافا للفكر الذي ترتوي منه في المجتمع، أي اجتثاث الأرضية التي ترتكز عليها الحركة الإسلامية، مما يحول دون ولادة جيل قابل للانخراط في توجهاتها الفكرية والتربوية.   وهكذا كاد أن يحصل مسخ كامل لجيل تعرض إلى حملة تغريبية رهيبة، شملت تغييرا متعمدا في المناهج التربوية، وخاصة فيما يتعلق ببرامج التربية الإسلامية، بحجة فرض الفكر الحداثي والنقدي، وكذلك في السياسة الإعلامية، حيث غابت البرامج التوعوية والتربوية وحتى الدرامية، التي تنمي القيم الإسلامية، وتمجد التاريخ الإسلامي، والتي تربط جيل الشباب بالفترات المضيئة من تاريخ أجداده.. حتى ولو كان ذلك في المناسبات التقليدية مثل رمضان والأعياد، التي تعود فيها المواطن تذكيرا بهويته وتاريخه، وتجديدا لنفسه الإيماني، فإذا به يواجه بكمّ هائل غير معهود ببرامج استفزازية مخلة بالآداب ومعادية للذوق السليم والفطرة..   إلا أن المنهج المعتمد لم يحقق أهدافه المنتظرة، نتيجة تزامنها مع ازدهار الإعلام المرئي الفضائي، الذي لعب دورا هاما في إحباط عملية التغريب، وإفشال خطط تجفيف المنابع، بل ونبّه فئات عديدة إلى خطورة المنهج الاستئصالي غير المبرر، الذي تم اعتماده لمواجهة الحركة الإسلامية، والذي استهدف في الواقع فئات واسعة من الشعب التونسي، باعتباره شعبا مسلما غيورا على قيمه وهويته ودينه، ككل شعوب الدنيا، ولم تؤد هذه الممارسات المجحفة والغريبة إلا إلى تعميق القطيعة، والتشكيك في المبررات المقدمة لرفض واستئصال الحركة الإسلامية.   إن استعادة ثقة الجماهير، وتبديد ما علق في أذهانها من شكوك حول أبعاد وأهداف خطة تجفيف المنابع يتطلب مراجعة جذرية للسياسة المتبعة، وللموقف من حق المواطن في ممارسة شعائر دينه بدون تدخل من السلطة، التي تؤكد في إطار حملتها أن الدين أمر شخصي، ولا يجوز إقحامه في الأمر العام، وفي الصراع السياسي، وهي بممارستها تلك كسلطة سياسية وحزب حاكم تناقض نفسها، وتدفع أي متابع لخططها وممارستها المقيدة للحريات الدينية كمنع اللباس الإسلامي، والتضييق على ممارسة الشعائر التعبدية، مثل غلق المساجد في وجه من يرغب في التعبد في غير أوقات الصلاة المفروضة، تدفع للشك حول خلفية وأهداف تلك الممارسات، التي تضررت منها شريحة كبيرة من المجتمع، أغلبها لا تفهم في السياسة، ولكنها تفهم أن لها حق تاريخي في ممارسة عقيدتها، بالشكل الذي ترتضيه لنفسها.   ولكشف بعض مظاهر هذه الممارسات الخاطئة، التي تتطلب مراجعة عاجلة، يكفى العودة إلى بعض المحطات، التي عكست توترا وارتجالية في مقاومة بعض مظاهر التدين في المجتمع، وكأنها ظواهر دخيلة عنه، لم ترسخ في وجدانه منذ قرون خلت. أولى هذه الظواهر وأكثرها إسالة للدموع والحبر هي مقاومة الحجاب الإسلامي، وكل ما يوحي للهيئة الإسلامية من إطلاق للحى، اقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، بعد أن تمت تسميتها بسلوكيات طائفية، وملاحقة ومنع كل من يلتزم بها من حقوقه المدنية كحق استخراج بطاقة الهوية الوطنية، أو جواز سفر، إلا بعد التخلي عن تلك الهيئة..   ولم يحصل في التاريخ الإسلامي أن قاومت سلطة حاكمة هذه الظواهر بهذه الشدة، وبأسلوب ينم على الرغبة في ردع كل من تحدثه نفسه بالالتزام بها، أو الإصرار عليها، حتى أصبح المواطن يشاهد حجاب المرأة ينزع عنوة في الشوارع والأسواق، وتساق النساء والفتيات إلى مراكز الشرطة لتوقيع التزامات بعدم العودة إلى مثل هذا الصنيع الشنيع، وتتكرر هذه الحملات بصفة دورية كلما عادت الظاهرة للبروز والشيوع في المجتمع، كما تحولت عدوى محاصرة الظاهرة إلى الإدارات والمؤسسات التربوية والاستشفائية، حتى أصبحت شريحة كبيرة من المجتمع مستهدفة في سلامة قريبة لها، سواء كانت أما أو أختا أو زوجة أو عمة أو خالة.   وقد خلق هذا الواقع جوا من الاحتقان الاجتماعي، وزاد من النفور والريبة، التي أصبحت تطبع علاقة المجتمع بالسلطة. إن هذا المنهج الشاذ يشكل خطأ سياسيا يزيد من هوّة القطيعة السياسة غير مفهومة وغير مبرّرة، لم تصل في الواقع حتى إلى مستوى الصد والرفض للمظاهر الإسلامية، الذي تبنّاه اللائكيون الأتراك ورثة اتاتورك، الذين لم يتجرؤوا على مقاومة ظاهرة الحجاب في الشوارع والأسواق، وقد ترتب عن تبني هذه السياسة تجاوزات فظيعة سوف لن ينساها التاريخ، من قبيل حصول حالات منع المتحجبات من التدواي في المستشفيات، حتى ولو كان ذلك لوضع مولود، أو أخذ دورة تعليمية للطالبات، ومنعهن من دخول قاعات الامتحان.   وأما الظاهرة الثانية التي تعكس خلطا وخطئا في مواجهة التيار الإسلامي السياسي هو الحصار المضروب على المساجد، إذ إن الأوامر المسقطة والداعية إلى فتح المساجد حسب توقيت صارم، والمراقبة المستمرة لروادها، وخاصة لمن يترددون على صلاة الصبح، بشكل لم يحصل مثيل له في التاريخ، تجعل المواطن يتساءل عن خلفية وأهداف تلك الممارسات، التي من شأنها إفراغ المسجد من دوره الروحي، فضلا عن دوره التربوي والاجتماعي، هذا زيادة عن منع حلقات تحفيظ القرآن، حتى ولو كان ذلك في شهر رمضان.   ولم تقف الإجراءات عند هذا الحد، فقد تم غلق العديد من بيوت الصلاة الملحقة بمراكز الخدمات العمومية، والتي بعثها أصحابها بحثا عن الأجر، ولتيسير ممارسة الشعائر على المواطنين.. فكيف يمكن إقناع المواطن بأن إغلاق بيوت صلاة المسافرين بمحطات بيع المحروقات على الطرقات البعيدة، مثل محطة الصخيرة والغرابة، وكذلك إغلاق بيت الصلاة في منتزه سيدي بوسعيد العائلي بالمحرص، له ما يبرره في إطار حملة مقاومة التطرف والإرهاب.. وقد ساهمت هذه الممارسات بدورها في تعميق الشك لدى المواطن حول الدوافع الحقيقية لتلك السياسة، التي تنسف حقه في ممارسة شعائره الدينية، حسب ما تمليه عليه عقيدته من أداء للصلاة في أوقاتها، وذلك بالرغم من أن الخطاب الرسمي يؤكد على ضرورة تحييد المساجد عن السياسة، إلا إن مثل هذا الممارسات تقحمها في حسابات سياسوية وتوجهات يعاني من رواسبها المواطن الذي يرغب في أن لا يتدخل أي طرف في علاقته بربه، وأن لا يتعرض لأي تضييق في ممارسة شعائره الدينية، خاصّة عندما يشاهد أن ذلك الحياد ينتفي عندما يتدخل الحزب الحاكم في تسيير المساجد، وانتقاء الأئمة، وعندما يحولها إلى مراكز انتخاب ودعاية في المناسبات الدينية، حتى أصبحت العديد من المساجد في رمضان تقيم احتفالات رسمية وحزبية لختم القرآن في رمضان، بالرغم من منع رواد المساجد من حلقات القراءة لإنجاز ذلك الختم خلال الشهر الكريم‼   وأما عن حلقات تحفيظ القرآن في المساجد فقد تم منعها بصفة غير مسبوقة في تاريخ تونس، وبصورة مثيرة، وكأن تحفيظ القرآن يتطلب ترخيصا خاصا، ويمكن أن يكون مصدر إثارة أو عدم استقرار. وقد شمل المنع حتى حلقات تحفيظ الأطفال في سن الدراسة أو ما دونها، مما أدى إلى بروز ظواهر غريبة من قبيل محاولات التحفيظ في البيوت والأماكن الخفية، في حالة شبيهة بما التجأ إليه المسلمون في روسيا الستالينية، التي قاومت الثقافة الإسلامية وامتداداتها، والتي دفعتهم إلى الاختفاء في السراديب لتعليم أبنائهم دين أجدادهم، وللمحافظة على هويتهم وأخلاقهم بدون وصاية أو قيد..   وعندما تتكرر هذه الممارسات المكرّسة لتجحيم دور المساجد، يشك المرء في الدوافع الحقيقية لمثل هذا التوجه، وخاصة عندما تنفرد تونس كذلك من بين كل دول العالم الإسلامي منه وغير الإسلامي بمنع تخصيص بيوت للصلاة في أغلب الأماكن العمومية، مثل المؤسسات التربوية، مما يحول دون أداء الراغبين لواجباتهم الدينية، حسب ما تمليه عقيدتهم كأداء للصلاة في أوقاتها… وما الحادثة التي تناقلتها الصحف من تعرض مجموعة من مشاهدي مقابلة رياضية بملعب الطيب المهيري بصفاقس إلى التحقيق، بسبب إقدامهم على أداء الصلاة بين الشوطين، لتعذر أدائها في وقتها بعد انتهاء المقابلة، إلا دليل على هذا المنهج الخاطئ في التعامل مع ظاهرة التدين، والذي لا يمكن أن يقنع أحدا بأنه يدخل في إطار مقاومة الإرهاب، بل إن التاريخ يؤكد بأن مثل هذه الممارسات لا يمكن إلا أن تؤدي إلى تغذية ظاهرة التطرف، والدفع للانزلاق في ردود الأفعال، وهذا ما لا يرتضيه أحد للمجتمع التونسي.   (*) نقابي وجامعي تونسي    (المصدر: مجلة « أقلام أون لاين »، العدد الثامن عشر، السنة الخامسة / جويلية – أوت 2006) وصلة الموضوع: http://www.aqlamonline.com/aref18.htm

آثار المشروع البورقيبي في الشخصيّة التونسيّة

 
فريد خدومة (*)   مازالت الشخصيّة التونسيّة اليوم تتجرع مرارة تعليمات « الأب » بورقيبة.. الزعيم الأوحد والمجاهد الأكبر. فقد استلم بورقيبة شعبا لتوه قد خرج من مرارة تجربة استعماريّة استئصاليّه استهدفت « بالفَرنسة » صلب شخصيته، إلاّ أنها لم تفلح في ذلك، ولكنها خلفت له جراحات قاتلة. ومن تلك الجراحات الجهل والأميّة والفقر والفرنسة التي كانت الأخطر.   فقد استطاعت فرنسا استمالة نفر من أبناء هذا البلد كي يفكروا بعقلها الغربي، وينطقوا لا بالفرنسيّة ولكن بلسان عربي مبين. وكان من أبرز هؤلاء الحبيب بورقيبة المحامي الشاب، الذي برز طموحه في القيادة في أكثر من مناسبة، وبرزت مع الطموح قدرة خلاقة على الاستقطاب والخروج من المآزق.   كان الرجل يملك ألف وجه كما يقال، فقدمت شخصيّته الفريدة لفرنسا مبتغاها على طبق من ذهب. استطاعت فرنسا، وهي الراحلة عن تونس لا محالة، أن تترك خلفها رجلا يحفظ لها مصالحها الماديّة والثقافيّة، بل ويبرر غزوها لتونس كي تبقى صورتها ناصعة أمام الأجيال القادمة ليستمرّ حبل الودّ موصولا.   يقول بورقيبة في أحد خطبه « إنّ فرنسا دخلت هذه البلاد عندما وجدت بها أناسا متأخرين، وبقطع النظر عن الصراع والكفاح، كانت نتيجة وجود الفرنسيين بهذا البلد تفتح الأدمغة، وظهور رجال قادرين على تسيير تونس في طريق التقدّم والرقيّ، بعد أن خرجت منه فرنسا، واختفى منه الحلم الفرنسي، فهو أمر يعتزّ به الفرنسيون ويفتخرون[1].   كان بورقيبة يبرر استعمار فرنسا لتونس، ويعتبره مجرّد دخول لابدّ من خروج بعده، وكان سبب ذلك الدخول جهلنا وضعفنا وحاجتنا إلى من يأخذ بأيدينا إلى الحضارة والمدنيّة. ويصوّر بورقيبة استعمار فرنسا لتونس على أنه مشروع إصلاحيّ يفتخر به الفرنسيون، وقد ضحّوا بأرواح أبنائهم من أجل رفع المظلمة عن هذا الشعب المتخلف، وكان من نتاج هذا المشروع بروز رجالات « مفرنسين » أكثر من الفرنسيين، وهو يعتبر بروز هذه النخبة من « مفاخر » هذا « الدخول » كيف لا وبورقيبة زعيم الفرنسيين التونسيين.   الأب القوّي   عندما استلم بورقيبة سنة 1956 الحكم كان يعي جيّدا ماذا يريد من التونسيّ، أو كيف يريد أن تكون شخصيته، ولكن التونسي لم يكن يعي جيّدا ماذا يريد من بورقيبة، وذلك لأنّ بورقيبة مارس دور الأب، الذي عزز به صلاحيات رئيس الجمهوريّة، إذ لا يمكن للأخير أن يتعامل مع المواطن إلاّ من خلال المراسيم والقوانين واللوائح. أمّا الأب فإنّه:   – يأمر وينهي – يتدخل في العموميات – يتدخّل في الخصوصيات – يتدخل في الإستراتيجي – يتدخل في التكتيكي – يتدخل في الواقع – يتدخل في الأحلام – يتدخل في التفكير وفي نسق التفكير.   وفعلا فقد مارس بورقيبة كلّ ذلك، لأنّه كان أبا قويّا حكيما ذكيّا، والأخطر والأدهى أنّه كان يعي جيّدا ماذا يفعل.   إنّ بورقيبة الأب « الزعيم » غرس في الأذهان من خلال خطبه « الديماغوجيّة » المتتاليّة،، وقراراته وسيطرة الحزب الحاكم والمتحكم في كلّ شيء، أنّه الزعيم الأوحد، والزعامة تمنحه العصمة المطلقة، و »البطاقة البيضاء » في أن يفكّر بدلا من الشعب، وأن يقرر بدلا من « مجلس الأمّة »، وأن ينفذ بدلا من السلطة التنفيذيّة. فقد كان الوزراء في عهد بورقيبة، كما هو معلوم للجميع، مجرّد سعاة « بسطاجيّة ». يقول الأستاذ عدنان المنصر « أوّل سمات الزعامة الحضور القويّ لصورة الأب، ويعتبر ذلك في الوقت نفسه تواصلا مع مرحلة الكفاح من أجل التحرر، الذي جعل من بورقيبة أب الأمّة التونسيّة[2].   ونستنتج من خطب بورقيبة تضخّم الأنا، مع تغيّب واضح لصورة الأب، ما عدا خطاب 25 جويلية (تموز) 1957، الذي أفرده بورقيبة للحديث عن والده. ويرى البعض أنّ تقديم بورقيبة لشخصه على كونه المعلم، منحه الحقّ في السيطرة على الشخصية التونسية وتوجيهها، فبورقيبة « لا يعتبر نفسه مسؤولا عن حاضر هذه الأمّة فقط بل عن مستقبلها، وفيما عسى أن تصطدم به أو تعترضها من محن الدهر أو « بلاياه » [3].   هنا نسأل هل أفلح بورقيبة في إعادة صياغة الشخصيّة التونسيّة على الشكل الذي يجعل التونسي فرنسيّا، يتكلّم بالفرنسيّة ويفكّر بها، ويدين بالولاء للغرب لا لأمّة الإسلام كما كان بورقيبة وأتباعه؟ وقبل ذلك علينا أن نسأل عن أهمّ مقومات الخطّة التي انتهجها بورقيبة لخلق تونسي جديد كادت تعصف به رياح فرنسا، لولا تدخل العديد من العوامل لإنقاذه، وقد أشرنا سابقا إلى بعضها.   وقبل أن نتطرق إلى هذه النقاط نشير إلى الخيط الرفيع الرابط بين الشخصيّة التونسيّة في التسعينيات والمشروع البورقيبي، الذي انطلق رسميّا سنة 1956. ونؤكّد أنّ المشروع البورقيبي لا يمكن أن نقومه تقويما صحيحا إلاّ برحيل صاحبه، فبرحيله أغلقت دفتا الكتاب، وأصبح المشروع قابلا للنقاش. إذا فشخصيّة التسعينيات هي بالأساس من نتاج المشروع البورقيبي، وإن كانت أزمة التسعينيات تعتبر امتدادا له.   على صهوة الجواد   دخل بورقيبة تونس على صهوة جواد، أعدّ له منذ سنوات، وسبق الجموع يلوح بيديه إلى المتعطشين من أبناء هذا الشعب الذي عانى من ويلات الاستعمار. أجمع الكلّ على ألاّ بديل عن بورقيبة حتّى الرافضين من اليوسفيين والزيتونيين، لأنّ بورقيبة بيده الحلّ والربط.. بورقيبة بيده الحزب، حزب التحرير والنضال، الذي أوجدته المؤسسة الدينيّة حاميّة هويّة البلد أقصد « الزيتونة »، وسرعان ما انقلب بورقيبة العلماني على الشيخ المؤسس عبد العزيز الثعالبي.   كان بورقيبة يشكّل الإجماع الحقيقي بدون ريب، لأنّه لم يتردد لحظة في نزع سلاح المقاومة، ولم يتردد لحظة واحدة في محاربة من شقّ عصا الطاعة من اليوسفيين، ولم يتردد لحظة واحدة في الولاء لفرنسا. لم يتردد لحظة واحدة في الجزم على أنّه المجاهد الأكبر، لم يتردد لحظة واحدة في محاربة اليسار ثمّ الإسلاميين.   غرس بورقيبة في الأذهان أنّه بطل التحرير، وأنّه بطل الجلاء، ففرنسا كانت ستخرج من بنزرت لا محالة وفي أسرع وقت ممكن.   بطل الجلاء   قرر بورقيبة المجاهد الأكبر أن تتحرر بنزرت ليحتفل بعد ذلك بعيد الجلاء، فهل كان الشعب فعلا في حاجة إلى تلك المعركة، أم أنّ بورقيبة كان في حاجة أكثر لها. فمن أهمّ الأسباب الدافعة لمعركة بنزرت:   – دحض حجّة من قال إنّ بورقيبة مجاهد قلم وخطب.   – التخلص من الذين رفضوا تسليم أسلحتهم بحجّة أنّ المعركة لم تنته بعد صدّ فرنسا وفتح جبهة لهم تقدم لهم الشهادة، التي حرمهم منها بورقيبة بالتفاوض مع فرنسا على الخروج السلمي من تونس.   – بعث رسالة إلى الجميع مفادها أنّ بورقيبة « الأب » الذي يجازي ولده المحسن يعاقب ولده المسيء بدون رحمة.   ومع ما ذكرنا من أسباب وجيهة يمكن أن نشير إلى أنّ الظرف كان كذلك وراء الحادثة وداعما لتلك الأسباب ولاعبا أساسيّا في أبعادها، ومن نقاط هذا الظرف:   – تصلب المعارضة اليوسفيّة بالخارج بمساعدة مصر الناصريّة.   – تلويح منظمة عدم الانحياز برفت تونس من عضويتها بسبب سياستها الخارجيّة التي اعتبرت كثيرة الانحياز للمعسكر الغربي.   – التطورات المتفاعلة لحرب التحرير الجزائريّة من جهة، وللساحة السياسيّة الفرنسيّة من جهة أخرى[4].   المدرسة
لم يكن بورقيبة رئيسا لجمهوريّة فتيّة فقط، ولم يكن كذلك زعيما حربيّا تقليديّا، ولم يكن مجرّد محامي ألمعي استهلكت نجوميته ساحات المحاكم. لقد أكدت التجربة البورقيبيّة الطويلة أنّ الرجل مفكّر بأتمّ معنى الكلمة. وكان صاحب مشروع متكامل يستهدف الشخصيّة التونسيّة، ولا يمكن التأكيد على ذلك تاريخيا إلاّ من خلال خطبه العديدة، وأعماله المشهورة، فالرجل كان مدرسة.   التماهي
إنّك إذا حاولت استقراء بورقيبة من خلال فترة حكمه، أو استقراء الدولة الفتيّة فكريّا وعلميّا من خلال بورقيبة، نجد أنّ بورقيبة كان يريد التماهي بينه وبين الوطن والشعب، ولا مجال في تونس للزيتونيين ولليوسفيين ولليسار، ولا مجال بعد ذلك للإسلاميين.   كان بورقيبة يعي جيّدا أنّ مشروعه الأساس « التونسي »، فعليه ركّز، وإليه اتجه، وبالحديد والنار قاوم كلّ من أراد أن يقف بينه وبين هذا المشروع. كان بورقيبة يعتبر كلّ التونسيين أبناء للحزب، وهو الحزب، وهو تونس، ومن ينتمي إلى الحزب فهو ينتمي إلى بورقيبة رأسا. قال بورقيبة: « لقد أردت أن تكون هذه المعركة مثل المعارك الأخرى التي سبقتها… وأن يكون المذهب الذي نتخذه شعارا فيها هوّ ما أحب أن أسميه مذهب الحزب الدستوري الجديد، والذي سمي في الخارج بالمذهب البورقيبي تماشيّا ونزعة حبّ الأشخاص، والتسميتان لا تختلفان مع بعضهما لأنّي والحزب واحد[5] .   معالم البورقيبيّة   ترتكز البورقيبيّة بعد الاستقراء النسبي على المعالم التاليّة:   1- نظريّة الأمّة التونسيّة:   لقد اتجه بورقيبة رأسا إلى التونسي في صلب انتمائه العربي والإسلامي، وألقى به في زنزانة العزلة، بدعوى التميّز. وأخرج مصطلح الأمّة الجامع المانع من مدلوله المتعارف عليه، وأسقطه على الشخصيّة التونسيّة، ليزيد في عزلتها، كي لا تتأثّر ولا تؤثّر فيما حولها.   إنّ الشخصيّة الوطنيّة وإن تميزت فهي لا تعدو أن تكون جزء فعّالا من الأمّة الأم، وهي لا يمكن أن تكون أمّة على الأقلّ من المنظور الفكري العربي الإسلامي. أمّا الذين تربّوا في الغرب فهم تشبعوا بروح فرنسا الأمّة وإنجلترا الأمّة.   لقد كان مشروع الدولة الوطنيّة يسير جنبا إلى جنب مع مشروع الأمّة التونسيّة، ولقد أوجد الحزب منظرين لهذه الإيديولوجيا، وشراح لفلسفة بورقيبة، كان من أبرزهم محمد مزالي والبشير بن سلامة [6].   وكان من أكثر طروحاتهم خطورة اعتبار الزعيم حافظا لكيان « الأمّة »، لا مجرّد رئيس جمهوريّة، تنتهي ولايته بعد خمس سنوات، وربما ينتخب لولاية أخرى فقط ثم يكرّم ويرحل، ويحفظ حقّه التاريخي في الكتب والصدور ومتحف باردو. يقول البشير بن سلامة « من هنا فإنّ الزعيم هو الذي يحفظ كيان الأمّة وليس الدولة »[7] .   2- اعتبار المعارضة السياسيّة خارجة عن الأمّة، وبالتالي يحقّ للزعيم حامي « الأمّة » التصدّي لها بالحديد والنار. يقول عدنان المنصر « يتضح لنا بُعد هام من أبعاد نظريّة الأمّة التونسيّة في علاقتها ببرامج الدولة الوطنيّة، كما اتضحت لدى منظري ذلك المفهوم، فالدولة الوطنيّة إنما تضع نفسها في مسار البناء والإنشاء والمدنيّة والحضارة، في حين أنّ جميع الأخطار الداخليّة التي تسعى لتقويض مجهودها لا يمكن إلاّ أن تكون من إحياءات روح التهديم والتخريب[8].   3- اعتبار تونس أمّة قائمة الذات كباقي الأمم، وبالتالي فصلها عن الأمّة العربيّة والإسلاميّة، وهذا الفصل يدفعها مختارة إلى أحضان فرنسا، بدعوى البعد المتوسطي. ولقد نظر للمتوسطيّة كثيرا ولكنها ما تلبث أن تفشل أمام عدم استيعاب التونسي لهذا الفصل العنيف عن كيانه العاطفي والروحي والديني، والزجّ به في كيان لا تربطه به إلاّ المصلحة، بل يربطه به تاريخ من العداء، آخره الاستعمار المباشر.   والغريب أنّ شراح فلسفة بورقيبة يعتبرون أنّ « الأمّة » هي من نتاج الحزب الدستوري الجديد، تأسست يوم تأسس، على حدّ تعبير البشير بن سلامة [9]. ويتساءل محمد مزالي « إذا كانت أمتنا التونسيّة أمّة بأتمّ معنى الكلمة فما هي خصائصها وما هي مقوماتها » [10]. ويقول أيضا: « إنّ وحدتنا القوميّة تقتضي منّا الإيمان بأننا أمّة قبل كل شيء [11]. ويضيف: « هذا هوّ الأهمّ إنّي أعتقد أنّ تونس كبلاد لها كيانها منذ زمن طويل، رغم أنّ وعي شعبها بأنه أمّة يختلف حدّة ووضوحا عبر العصور [12].   2- الزعامة والإمامة   كان بورقيبة زعيما، وكانت كلّ مقومات الزعامة حاضرة في شخصيّته، دون كبير عناء، فقد كان الرجل ذكيّا إلى أبعد الحدود، ومازال يذكر بقايا « الزيتونيين » كيف كان يتلاعب بأفكارهم وآرائهم متى شاء، ومن الأبيض إلى الأسود، ولم يكن الزيتونيون أغبياء، ولكن الرجل كان من دهاة العرب.. لقد قابله  » الزيتونيون » مرّة في بيته ليحتجوا عليه إثر تصريحه لجريدة فرنسيّة بأنّه يريد إنشاء دولة لائكيّة في تونس، فخرج لهم بورقيبة تقطر أطرافه من ماء الوضوء، فتهامس القوم بأنّ الرجل مسلم، وربما نكون قد ظلمناه، وبعد أن استمع إلى احتجاجهم أخبرهم بأنّه كان من العبث وعدم الحنكة السياسيّة أن يصرّح للجمهور الفرنسي وللحكومة الاستعمارية بأنّه يريد إقامة دولة إسلاميّة في تونس، تهدد أمن واستقرار ولائكيّة ومسيحيّة فرنسا، وبعد أن قرّعهم ولامهم عن شكّهم في إخلاصه ووطنيته ودينه طلب منهم وهم علماء البلد « أهل الحلّ والعقد » أن يعفوه من مهمّة تمثيل تونس أمام فرنسا وباقي المحافل الدوليّة، فكان أن ضجّ القوم وصدموا وعزموا عليه أن يتولّى الصدارة، وبالتالي أمر التفاوض[13].   كان الرجل يواصل شحن التونسي المرّة تلو المرّة ببطولاته، حتّى لا يتجرأ التونسي مرّة بدعوى النسيان على الزعيم البطل، فخطبه لا تخلو من ذكر المعتقلات والسجون والمنافي. وممّا ذكر: « وكان أوّل هجوم عليّ بواسطة القوّة الغاشمة في المنستير يوم 03 سبتمبر 1934، وكان منفاي في برج القصيرة، ووقع بعد ذلك ما وقع في أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، وغدونا نتنقل من منفى إلى منفى ومن قرية إلى أخرى في قلب الصحراء[14].   كان للرجل قدرة عجيبة على مسك العصا من الوسط. ففي حين قرّب الكثير من « الدستوريين » قاد العديد من المنشقين « اليوسفيين » إلى الموت والسجون بعصا من حديد. وحين انقلب عليه الشعب في ثورة « الخبز » في الثمانينيات استطاع الرجل بخطاب وجيز أن يرجع الشعب إلى الشوارع ليهتفوا باسمه « يحيا بورقيبة ».   وكان الرجل مهووسا « بجنون العظمة » كأغلب زعماء القرن العشرين، وكان يرى في بناء القصور إحدى علاقات الزعامة وبهرجتها وهيبتها، رغم أنّ الشعب يعاني من الفقر والخصاصة.   كان الزعيم يروّج لفكرة أنّ بناء القصور الفخمة لم يكن لإرضاء غروره بل لتونس، لأنّ بورقيبة هو وجه تونس أمام الآخرين. يقول بورقيبة في خطاب 18 جانفي (يناير) 1963 إثر المحاولة الانقلابية، التي كادت تؤدّي برأسه، متهما الشيوعيين بالمشاركة فيها « إنّهم يستعيضون عنها ببثّ السموم في الأفكار مبتدئين بالقصور التي يشيدها بورقيبة، فما معنى هذا الكلام، هل معناه أنّي استبحت أموال الشعب والشعب مازال جانب منه يسكن الأكواخ… ويعلم الله أنّي لم أعد أملك ولو شبرا من الأرض حتّى في المنستير التي هيّ مسقط رأسي، فقد أعطيت كلّ ما كسبته، فأنا قد أعطيت لحمي ودمي وعصارة دماغي، فما قيمة ضيعة أو أرض أو زيتون أو دار، بالقياس لما قدمته من تضحيات[15] .   إنّ هذه الزعامة قد أدخلت تحت جبتها المنبهرين بها، وخوفت وروعت بسياطها المتآمرين عليها، إلاّ أنّه ليست لها السطوة على القلوب المؤمنة بدينها وهويتها، فمشروع بورقيبة يهدف إلى إحلال روح لائكيّة في الجسد التونسي، والزعامة لا مكان لها في قلب من كان تونسيّا بأتمّ معنى الكلمة وأقصد بالزعامة هنا الزعامة المنافيّة للروح الدينيّة المتأصّلة في الشخصيّة التونسيّة، لأن التونسيّ كان دوما ملتصقا بزعامته الدينيّة من قبل سحنون إلى ما بعد الشيخ عبدالعزيز الثعالبي.   قدم الزعيم بورقيبة نفسه كذلك إماما شرعيّا يأمر فيطاع، ويجوز له كذلك الإفتاء الشرعي. يقول بوقيبة: « وللإمام في الإسلام منزلة عظيمة، تجب طاعته فتقرن بطاعة الله ورسوله »[16]. ولقد رأينا كيف أنّ بورقيبة استغلّ الإمامة لضرب الإسلام في الصميم يوم أعلن دعوته الصريحة للإفطار في رمضان، وترك الأضحيّة والحجّ [17]. لقد استفزّ بورقيبة مشاعر التونسيين، حين عمد إلى شرب كأس عصير في شهر رمضان أثناء خطابه [18].   لقد شاع في أوساط كثيرة خطورة هذا الرجل وجرأته على الدين من داخل جبّة الإسلام، إذ لم يكن الرجل إلاّ محاربا للإسلام بسيف الإسلام ففي مجتمع مسلم لن تستطيع إخراجه من دينه بكفرك مهما كنت في الزعامة عملاقا، لكن من داخل الدين فبمجرّد أن تلقى الشكوك في قلوب أبنائك والمنبهرين بك وبخطابك، فقد حققت غرضك ووفيت الكيل.   لقد كانت النخبة كذلك على قلق كبير، فكيف يمكن أن يقود هذا البلد المسلم رجل مشكوك في إيمانه، مطعون في دينه. قال وزير الخارجيّة الأسبق محمد المصمودي لبورقيبة بينما كانا على متن الطائرة في اتجاه المملكة العربيّة السعوديّة لملاقاة الملك عبد العزيز آل سعود سنة 1951 قصد التحسيس بالقضيّة التونسيّة، قال له سيّدي الرئيس. « إنّ الناس يتساءلون إن كنت مؤمنا بالله أم لا، ونحن لم نفهم حقيقة اعتقادك وموقفك ». صمت بورقيبة لحظة . ونظر إلى المصمودي نظرة ثاقبة ثمّ أجابه.   – على كلّ حال فإنّ الله سيدخلني الجنّة. ابتسم المصمودي ابتسامة ساخرة لأنه أدرك أنّ بورقيبة لم يجبه على سؤاله.. ألقى عليه السؤال ثانيّة مصرّا على اقتلاع جواب منه فقال له بورقيبة: في بعض الأحيان أنا مؤمن وفي أحيان أخرى ينتابني الشكّ… وتتوالى في ذهني الأسئلة الوجوديّة.   أعاد المصمودي طرح السؤال على بورقيبة بصيغة أخرى:   – والآن هل أنت مؤمن سيّدي؟   فأجابه بورقيبة.   – نعم فأنا ذاهب إلى مكّة المكرمة[19]   إلاّ أنّ الزعيم كان كثيرا ما يتراجع عن مواقفه الجريئة كلما أحسّ بالخطر يداهمه. كان الرجل يركّز بكلّ حنكة على إحداث صدمات في شخصيّة التونسي، حتّى يجعلها مهتزّة مع الوقت، ولكن أمام ثبات الشخصيّة التونسيّة الضاربة جذورها في « التربة المحمديّة » ما كان من الرجل إلاّ التراجع بكلّ ذكاء خرافي، ودهاء أسطوري، حتّى تنتهي العاصفة، لأنّه يعلم أنّ التونسي « طيّب » بطبع الخلقة.   سبق الإعلان عن مجلّة الأحوال الشخصيّة في 13 أوت آب) 1956 جدل واسع في الأوساط السياسيّة والدينيّة، باعتبار ما حوته من بنود غير معهودة في ضمير التونسي. ولمّا رأى شيخ الإسلام (مفتي الديار التونسيّة كما أصبح يسمّى فيما بعد) الشيخ محمد عزيز جعيط ما في المجلّة من جرأة لن يتقبلها عامّة المسلمين بيسر، اقترح على بورقيبة الذي كان يتحاور معه باستمرار حينذاك، أن – يتولّى – أي الشيخ جعيّط – إلقاء سلسلة من الخطب التمهيديّة التي تهيئ الأذهان لتقبّل التشريع الجديد، دون ردّة فعل عنيفة.   لم يفكّر بورقيبة طويلا وأجاب الشيخ بقوله: دعك من الخطب والفتاوى إنني أريد الإعلان عن المجلّة كما هي لأحدث الصدمة النفسيّة [20]   ومارس بورقيبة فعل الصدمة في الرواية قبل السابقة، أي إنه تناول كوب العصير في رمضان، وقصد إيقاع الصدمة في نفسيّة التونسي: في شهر فيفري (شباط) سنة 1960 وقد وافق ذلك الشهر رمضان وقف بورقيبة خطيبا في قاعة البلمريوم بالعاصمة تونس، ودعا الناس إلى إفطار رمضان، حتّى يتمكّنوا من القيام بأعباء الجهاد الأكبر وهو مقاومة التخلّف… فشرب كأس عصير أمام دهشة الحاضرين [21].   كان بورقيبة حريصا كلّ الحرص على معالجة ما يراه إشكالات بطريقة الصدمة المباشرة، لاعتقاده أنّ « العلاج » قطرة قطرة لا يجدي في تغيير عقليات وعقائد الشعوب، ولكن الرجل كان من الحنكة بحيث كثيرا ما سارع إلى النكوص والتخفيف من الصدمة التي تورّط فيها.   فقد ذكرت بعض الروايات المتواترة أنّ العديد من الشخصيات السياسيّة والفكريّة، ممن كانوا على علاقة بالحبيب بورقيبة عبّروا له عن خطورة ما أقدم عليه، من ذلك أنّ صديقه: « الحبيب جاء وحده »، الذي يثني عليه بورقيبة كلما ذكره، وكان يحبّذ الجلوس إليه، لأنّه ينظم الشعر الهزلي والهادف، والتقاه لمدّة طويلة، وحدّثه عن ردود الأفعال، مشيرا إلى أنّه بدأ يلعب بالنار عندما اقتحم تلك المنطقة، وأنّه لا يمكن بأيّ حال من الأحوال المسّ من معتقدات الناس ومقدساتهم بتلك الطريقة. بعد فترة وجيزة من خطاب البلمريوم الشهير ألقى الزعيم بورقيبة خطابا أكّد فيه أنّ الصوم فرض إلى يوم القيامة[22].   كان الرجل يعتقد أنّه عظيم، وكان يحبّذ أن يمدحه الناس، ومازلنا نذكر المدائح والأذكار، التي تسبح بحمده صباحا مساء، والجحافل من الفرق « الإسلاميّة »، والمداخيل التي تتسابق إلى المنستير في ذكرى ميلاد « المجاهد الأكبر »، وكانوا يمتدحونه إلى درجة التأليه، بل وكان الرجل يحرص في أكثر من مناسبة على مقارنة نفسه بالنبيّ محمد صلّى الله عليه وسلّم.   يؤكّد عدد من الذين واكبوا المسيرة السياسيّة لبورقيبة واستمعوا بانتباه وتأثّر لخطبه، أنّه لم يتردّد في إحدى خطبه في مطلع السبعينيات في مقارنة نفسه بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: « إنّ الرسول اعتمد أسلوب العصا والجزرة، وأنّ الرسول الذي عاش في بيئة صحراويّة رغّب الناس في الأنهار والجواري، والرسول كان أميّا، في حين أنّي استفدت من تراث الحضارة الإنسانيّة على امتداد أربعة عشر قرنا.. وأمّا ما قمت به فكان من جهدي الخاصّ، ومن استعمال « المادّة الشخمة » في حين أنّ الرسول كان يأتيه الوحي[23]   وكذلك بعدما هاجم بورقيبة فريضة الحجّ تراجع الرجل على عادته في الرجوع كلما أحسّ أنّه يتخطّى المنطقة الحمراء، فقد روى محمد المصمودي أنّ بورقيبة لم يهاجم الحجّ بل هاجم الذين يكثرون من زيارة الأماكن المقدسة، بدعوى الحجّ مرارا، في حين أن الشرع يفرض الحجّ مرّة واحدة في العمر، ولذا يرى بورقيبة في القيام بالحجّ مرات ومرات إنهاكا لخزينة الدولة، وتبذيرا لعملتها الصعبة، التي من المفروض تسخيرها لجهود التنميّة في بلد ناشئ كتونس[24]   العلمانيّة   لعلّ مصطلح العلمانيّة قد أصبح من الوضوح بمكان، خاصّة وأنّ التجربة البورقيبيّة أدخلته إلى كلّ بيت، وإلى كلّ عقل، فالأمّي في تونس وكذلك المطلع يدرك جيّدا إن كانت له علاقة ما بالدين أن « المثل الشعبي « صلّي وارفع صباتك » تمّ تعميقه في الضمير الشعبي، والخطير في آن واحد أنه يختزل كلّ المقولات التي قيلت في العلمانيّة.   فبورقيبة يريد « أن تساس الأمّة من قبل مؤسسات الحكم فيما يتعلّق بنظامها التربوي والثقافي والاقتصادي وعلاقتها بالدولة، اعتمادا على ما شرّعه العقل، دون اعتبار لما جاء في تعاليم الإسلام من بيانات تتعلّق بهذه المجالات، إلاّ إذا كانت مصادفة لما شرعه العقل، فإنها تعتبر بناء على ما استحسنه منها العقل لا بناء على ورودها في الوحي[25]. وعليه فقد عاش التونسي « الشخصيّة » أزمات تشتت وقمع فكري رهيب، إذ هو يجبر على غير ما يعتقد ويريد.   وقد رأينا تتالي فشل النماذج الاقتصادية المعتمدة من الاستقلال حتّى يوم النّاس هذا، ورأينا تحكّم الآخر في أخطر مؤسسات الشخصيّة التونسيّة والمؤسسة التربويّة تلك المؤسسة التي سقطت أو أسقطت في يدي « دوبياس » الفرنسي العلماني.. وقد استأصل ما تبقّى من ندرة خير راكدة في فؤادها العلماني بامتياز الدكتور محمد الشرفي فقد شهد التونسي كذلك غربة في شعائره الدينيّة، التي أفرغت من محتواها، واختزلت في:   – إسلام مناسباتي يعتني بالموالد والأعياد، ويقاوم الإسلام التجديدي بعصا من حديد. – إسلام طرقي بعيد كلّ البعد عن عقليّة التونسي التنويريّة، التي ورثت تفوّق ابن خلدون وتنوعه. – إسلام بالاسم لا بالمسمّى، حتّى أصبح التونسي ينعت « بمصلي »، وعليه فقد نجح بورقيبة إلى حدّ بعيد في إبعاد التونسي عن الإسلام المرتكز الأساسي للهويّة، والمرتكز الأساسي للشخصيّة، حتّى أصبح همّ الحركة الإسلاميّة الوليدة سنة 1969 و1970 القيام بزيارات استكشافية للمساجد صحبة الأطفال والشباب. يقول الشيخ عبد الفتاح مورو « حتّى صرنا نقول لهم هذا منبر وهذه قبلة وهذه قبة وهذه صومعة »[26].   كان بورقيبة يحرص كل الحرص على ألاّ تفوته المناسبات الدينيّة، ولا يقتصر على منبر جامع الزيتونة أو جامع عقبة ابن نافع. وكان كذلك يرسل أحفاده إلى كلّ الولايات لتمثيله في نفس المناسبة، وكان شديد الحرص على ارتداء اللباس التونسي التقليدي، فالإسلام في تونس لابدّ أن يمرّ عبر الجبّة وعبر المدائح ثمّ تكريم الأولياء، وربما يقف هناك ولا يتعداه.   وحرص بورقيبة منذ بداية الاستقلال على إلقاء خطاب سنوي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف بجامع عقبة بالقيروان، كما إنّه سيدعو التونسيين الراغبين في الحجّ، والباحثين عن البركة إلى توفير أموالهم وزيارة ضريح الصحابي أبو زمعة البلوي عوضا عن ذلك، وكأن القيروان أصبحت مكة جديدة.[27]   يحاول الطرح العلماني في تونس تبنّي العقيدة الإسلاميّة مقابل رفض الشريعة، وتقديم ما يصطلح على كونه عقلا مكانها، ولكنهم كذلك يعتبرون العقيدة شأنا فرديّا لا علاقة له بالشعب، فالدين في تونس جملة طقوس فرديّة يوميّة ومناسباتيّة. وأمّا شؤون الحياة، وخاصّة الاجتماع والاقتصاد والتربية، فهي شأن فردي مائة في المائة، فالسلطة في تونس لا هي رفضت الإسلام جملة وتفصيلا ولا هي أخذت به ولو جزئيّا.. إنها بكلّ بساطة حاولت اللعب على إسلاميّة البلد كي لا تفقد التونسي المتجذر في هويّته وشخصيّته، وفي آنّ واحد حاولت المرّة تلو المرّة طعنه في شخصيته من أمام ومن خلف، ولكنها تفشل دائما.   الحزب والدولة   لا يمكن الحديث في تونس عن الدولة إلاّ عبر الحديث عن الحزب، والعكس صحيح، ولا يمكن الحديث عنهما أو منفردين إلاّ عبر الحديث عن بورقيبة. فالحزب يزعم بأنّه صاحب الاستقلال، وبالتالي فله كلّ الحقّ في إدارة الدولة، فالحزب حزب الدولة لا محالة، وقاعدته الشعبيّة العريضة هي كلّ الأمّة بالمفهوم البورقيبي للأمّة، وعليه فهو الذي ينتج كوادر الدولة، وهو الذي يحكم مباشرة عبر هياكله، أو بطريقة غير مباشرة، عبر مؤسسات الدولة.   في تونس لا يمكن أن تميّز الفرق بين الوالي والكاتب العام للجنة التنسيق أو من يمثل الحزب على مستوى الولاية. والدولة لا يمكن الحديث عنها إلاّ عبر بورقيبة، وبورقيبة هو زعيم الحزب، والحزب حزب الأمّة، وبورقيبة زعيم الأمّة، والدولة دولة الحزب، وبورقيبة رئيس الدولة والحزب والأمّة. إنّ هذه المعادلة الخطيرة قد أسست لدكتاتوريّة خطيرة مازلنا نتجرع مرارتها حتّى الآن. فالخارج عن الحزب خارج عن الدولة وخارج عن الأمّة، وهو بالتالي خارج عن بورقيبة وعليه فلابدّ من سحقه حفاظا على الأمّة.   يقول بورقيبة: « إنّ كلّ من انعزل عن هذا الحزب يكون قد انعزل عن الوطن »[28] والذي ينعزل عن الوطن يجب محاربته وقمعه وفتح السجون لاستقباله وكان ذلك جليّا مع رفاق بورقيبة الأوائل وغيرهم. إنّ هذه النظرة الأحاديّة جعلت من بورقيبة لا يرى إلاّ بعين واحدة، فالرجل قالها صراحة، إنّه لا يتصوّر قيام حزب آخر يجمع حوله ولو جزءا بسيطا من التونسيين[29]   إنّ هذه النظرة للحزب والتحزّب والدولة والمؤسسات رفضها التونسي جملة وتفصيلا، إلاّ اللذين كانوا من داخل الدائرة يقتاتون وكانوا كثيرا ما يكتوون بنارها. وشجعت هذه التوجهات على العمل السياسي السري والحذر من العمل العلني. وعليه فقد نشأت في تونس العديد من الحركات والتشكيلات السريّة، بعضها محقته السجون والمنافي، والبعض الآخر ما زال يؤمن بسريّته، ولا يرى في العلنيّة أيّ مبرر، لأنّ الدولة والحزب وإن فقدا بورقيبة إلاّ أنهما لم يفقدا البورقيبيّة، التي لا تؤمن بالتعدديّة، ولا تؤمن بالتونسي، الشخصيّة المتميزة الخلاقة، ولا تؤمن بأنّ الدولة فوق الأحزاب.   لقد عانت الشخصيّة التونسيّة كثيرا من البورقيبيّة التي نالت منها، لكنها لم تصبها في مقتل، وذلك لرسوخ نزعات الصبر والبطولة فيها، فهي دائما ما تخرج منتصرة، وتنتحر الأزمات على أعتابها.   (*) شاعر وكاتب تونسي     الهوامش   [1] – خطاب 29 جانفي 1963 بالقصرين [2] – دولة بورقيبة لصاحبه عدنان المنصر ص 26 [3] – خطاب 16 مارس 1963 [4] – ص 128 من كتاب دولة بورقيبة لعدنان المنصر [5] – خطاب 24 جوان 1961 [6] – دولة بورقيبة ص 73 – 74 لعدنان المنصر [7] – الشخصيّة التونسيّة للبشير بن سلامة ص 259 [8] – دولة بورقيبة ص 74 [9] – دولة بورقيبة للمنصري [10] – ص 18 من مواقف لمحمد مزالي: الشركة التونسيّة للتوزيع [11] – ص 44 نفس المصدر السابق. [12] – ص 44 نفس المصدر السابق. [13] – أورد الحادثة الشيخ عبد الفتاح مورو في محاضرة له حول بورقيبة ألقاها في الخرطوم. [14] – ص 4 من رسالة ما وراء المؤامرة تونس 18 جانفي 1963 نشر كتابة الدولة لشؤون الثقافة والأخبار. [15] – ص 21 من وراء المؤامرة. [16] – خطاب 24 مارس 1975. [17] – ص 33 دولة بورقيبة [18] – [19] – ص 178 بورقيبة والإسلام الزعامة والإمامة، أمّا القصّة فقد رواها المؤلف محمود المستيري وزير الخارجيّة التونسي الأسبق وقد قصها عليه المصمودي نفسه [20] – ص 176 من بورقيبة والإسلام للطفي حجّي. [21] – ص 180 من المرجع السابق. [22] – ص 180 نفس المصدر السابق. [23] – ص 182 نفس المصدر السابق. [24] – ص 188 نفس المصدر السابق. [25] – صراع الهويّة في تونس للدكتور عبد المجيد النجار [26] من محاضرة ألقاها الشيخ عبد الفتاح مورو في الخرطوم في الثمانينات. [27] – هامش كتاب دولة بورقيبة لعدنان المنصر. [28] – خطاب 29 جويلية 1963 [29] – نفس المصدر السابق.   (المصدر: مجلة « أقلام أون لاين »، العدد الثامن عشر، السنة الخامسة / جويلية – أوت 2006) وصلة الموضوع: http://www.aqlamonline.com/khaddouma18.htm

 

بسم الله الرحمان  الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين تونس في 14/07/2006  ذكرى عيد بلد صديق  » فرنسا »

 
الرسالة رقم  6  بمناسبة عيد الجمهورية
رسالة تاريخية مفتوحة عميقة و صريحة و جريئة إلى رئيس الدولة و رمز البلاد بوفاء المناضلين و صدق الأحرار و شجاعة الدستوريين و أخلاق المؤمنين و إخلاص الأوفياء للوطن. يسعدني كمناضل دستوري أصيل و لدت و  ترعرعت في صلب حزب التحرير و باني الدولة العصرية و الجمهورية التونسية التي سنحتفل بذكرى مرور 49 سنة يوما بيوم على إعلانها يوم 25 جويلية 1957.    الجمهورية عنوان الديمقراطية و الحوار الحضاري   يسعدني و يشرفني أن  ابعث إلى سيادتكم بالرسالة رقم 6 في ظرف 6 اشهر و نصف من 25 ديسمبر 2005 إلى اليوم . و قد شرحت إلى سيادتكم في الرسالة الخامسة المؤرخة في 10/07/2006 و التي نشرت بموقع الأنترنات تونس نيوز حول وضع صحافة التجمع و إحالة 167 صحفي و  فني و إداري على التقاعد المبكر خلال الشهر القادم و كنت وفيّا للغاية و صادقا في مدّ سيادتكم بمعلومات دقيقة و  صريحة وواضحة شأن كل الرسائل الأخرى و المقالات التي وجدت الدعم و التشجيع من موقع الأنترنات تونس نيوز. ونأسف شديد الاسف لعدم التحمس لنشرها في صحفنا المحلية لأن صحفتنا غير مستعدة لنشر كلمة الحق و المعلومة الصريحة و الواقعية و هذا موضوع يطول شرحه تحدثت في شأنه كثيرا عبر الأنترنات و لا فائدة في إحياء الجرح الإعلامي و نقاط الضعف و الأداء الإعلامي المتواضع و المحتشم و التعتيم المتواصل لأصحاب الأقلام الحرّة و الرأي الشجاع بينما شعار الجمهورية حرية الرأي و التعبير و هذا الفرق بين نظام البيات و النظام الجمهوري.
سيــــادة الـــرئيس إنّ الإحتفال بعيد الجمهورية المجيد 25 جويلية 1957 هو في الحقيقة تجديد العهد و تثبيت الميثاق وإذكاء روح النضال و الحسّ الوطني السليم و الرجوع إلى منابع و روح الجمهورية و عمق أهدافها و نبل مفهومها و غايتها و تجذر رموزها و معانيها و  مبادئها و من هذه المعاني السامية إستمرار التذكير بمؤسسها و باني اسسها المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله  و الرجال البررة الذين واكبو  عصره و صنعوا الجمهورية و حرروا دستورها الرائد أول دستور حضاري في العالم العربي و الإسلامي في غرة جوان 1959 و من  المعاني الخالدة للجمهورية حرية التعبير و الرأي و الحوار الحضاري الراقي و حرية الإعلام بدون  قيود و لا رقابة ذاتية و  لا شروط و لا خطوط حمراء ماعدى المحافظة على القيم الأخلاقية و  شرف المهنة وأخلاقياتها و هذا شىء معمول به في جلّ صحافة العالم.
الحوار البناء هو السبيل الوحيد لدعم مؤسسات الجمهورية و الاستقرار الحقيقي في القلوب و النفوس

سيادة الرئيس  إنّ أهم ما يخلّد الجمهورية و يزيدها إشعاعا و دعم أركانها و مواصلة عملها تكريسا لدستور البلاد الرائع و الممتاز الذي حرّره رجال برره بالدم و التضحية و الوفاء و  الشهداء و هم ينادون في مظاهرات عارمة عام 1938 ينادون ببرلمان تونسي و  دستور تونسي و قد تحققا و  اليوم نطالب بدعم هذا البرلمان و هذا النظام الجمهوري العتيد الرائع في مفهومه لأنه يعطي الحرية للمواطن. و المواطن صاحب القول الفصل في النظام الجمهوري و إنطلاقا من هذا المفهوم نلّح على مواصلة الحوار و حرية  الإعلام و ما دام دستور البلاد ينصّ على تجسيم هذا  المبدأ لماذا الخوف من  الحوار و حرية التعبير و الإعلام و المشاركة الجماعية في التلفزة دون إحتكار الكلمة و لماذا نخفي عليكم مشاغلنا و لماذا بعض المسؤولين الحاليين يسعون لإخفاء الحقيقة التي نبعث بها من حين لآخر حسب رسائلنا المشار إليها و التي لو إطلعتم عليها في إبانها لكان الحال أفضل و الحوار أرقى و الإجابة أوضح و الحيرة تزول من النفوس و القلوب وأصحاب النوايا الطيبة و لا  ندري لماذا إخفاء الحقيقة على سيادتكم و ما هي الفائدة من ذلك يا ترى ؟ المبادرة بسلسلة إجراء الحوار لها  أبعادها الحضارية نقترح بواسطة هذا الموقع الممتاز على سيادتكم المبادرة و  الإذن بفتح حوار ديمقراطي شامل و غزير بإشرافكم الشخصي و دعوة ثمانية شرائح من نخب العائلة  التونسية الكبرى في المجالات التالية
1- مجال الصحافة  و الإعلام هناك مشاغل و حيرة  و تملل وتجاوزات لا تسمعها من  المسؤولين المباشرين و أهل مكة أدرى بشعابها فالصحافيين بجريدة لابراس و صحافة التجمع و الصحافيين بالتلفزة و الإذاعة الوطنية ووكالة تونس إفريقيا  للأنباء هم أولى بالحوار  و رسالة يوم 10/07/2006 أعطتكم صورة على ما يحدث في صحافة التجمع الحزب الحاكم منذ نصف قرن صحافته في المدة الأخيرة تشكو عجزا و إحالة 167 صحافي و فني و إداري على التقاعد المبكر موضوع رسالتنا المؤرخة في 10 جويلية 2006 و تكرار هذه الملاحظة  و التأكيد عليها و التذكير بها في هذا الشهر قبل إستفحال الأمور حتى نتدارك بعض النقاط  و نحافظ على  توازن المؤسسة الصحفية و على العاملين  فيها خاصة اللذين أبلوا البلاء الحسن و ناضلوا من أجل  إعلاء كلمة الصحافة الحزبية و كانوا عند حسن الظن. 2- و ضع المحامين و الأجواء الحاصلة الآن على  الميدان لا  تحل إلا بالحوار مع سيادتكم و  الإصغاء لأهل المهنة مباشرة 3- جمعية القضاة  الشرعية لها كلمتها و الإصغاء إلى مشاغل القضاة مع سيادتكم سيحل المشاكل العالقة بحول الله نظرا لحسّكم المرهف نحو القضاة  4- الرابطة و ما أدراك مالرابطة لحقوق الإنسان هذه الرابطة ليست غولا مخيفا :  والإصغاء إليهم مهم و مفيد و يسحب البساط من  تحت أقدام المتاجرين وأصحاب النوايا الأخرى و المعروفين بالإبتزاز 5- أهل العلم و المربين و رجال التعليم لهم  مشاغل إجتماعية و مطالب ضرورة الإصغاء إليهم يزيل كل المخاوف و  يوضح الأمور و تزداد العلاقات حبا  ووفاء للوطن. 6- مشاغل الشغيل أفضل طريقة للإصغاء إلى المعنيين بالأمر من حاملي الشهائد العليا مباشرة مع سيادتكم 7- مشاغل الفلاحين و همومهم لا يمكن إبلاغها إليكم بصدق إلا  بالحوار مع سيادتكم مباشرة مع  أهل المهنة 8- مشاغل المناضلين الأحرار الذين همشوا و أقصوا ووقع الإستغناء عنهم هم في إنتظار لقاء مع سيادتكم لطرح المشاغل الحقيقية دون و ساطة و بصدق و شفافية هذه المواضيع يجب فتح حوار عاجل في شأنها قريبا وأعتقد أنّ بعد إتمام الحوار مع سيادتكم ستحصل لكم تصورات و أفكار و  معطيات أخرى لم و لن تدور بذهنكم اليوم لأنّ المبلغين سامحهم  الله في واد و البقية في واد آخر و بالحوار تحصل الفائدة  المرجوة و تزول التأويلات و الشكوك و فعلا تنقص التجار… وأصحاب الصيد في الماء العكر لأنّ تونس وطن الجميع و كل الشرائح متعلقة بالوطن العزيز.   قال الله تعالي لمثل هذا فليعمل العاملون » و قال تعالى وفي ذلك فليتنافس المتنافسون صدق الله العظيم ملاحظة : إذا حصل الحوار قبل عيد الجمهورية المجيد 25 جويلية 2006 ستربح تونس شوطا هاما  وأهدافا كبيرة و يتحقق أمل  الشعب التونسي الذي يريد الإستقرار الحقيقي في القلوب و الإطمئنان على المصير بأكثر محبة ووفاء و صدق الإنتماء لتونس و لنظامها و قائدها و جمهوريتها التي هي جمهورية  الجميع و جمهورية الأمس و اليوم و الغد و لا فرق منذ 25 جويلية 1957 إلى اليوم في مفهوم قيم الجمهورية  عاشت الجمهورية و عاش الشعب حرا في تونس. قال الله تعالى :  » إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين اخويكم صدق الله العظيم   محمد العروسي الهاني مناضل دستوري رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا


 
 

المبادرة الناقصة في العراق وغياب الدولة

 
توفيق المديني (*)   منذ أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، و الاحتلال الأمريكي للعراق ، ما انفكت عدة قوى سياسية متنامية  في العالم العربي تطالب بضرورة إنجاز الإصلاح الديمقراطي لمواجهة الإصلاحات الأمريكية  المفروضة من الخارج ، و اعتماده  منهجا ً سياسيا ً  لإخراج المنطقة من الأزمة والبؤس والاستبداد ، والتقدم على طريق الديمقراطية.ذلك   أن احتلال العراق حرّك نزاعات جغرافية سياسية حادة في الشرق الأدنى وخارجه، منها ديناميكية الدمقرطة والإصلاح التي بدأت في العالم العربي، والتي تدّعي الولايات المتحدة أن لها الفضل بإطلاقها. وهذا الادعاء المتأخر يعتمد على الانتخابات العراقية والأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية.   ولاتزال الدعوة إلى الإصلاح السياسي التي أطلقتها القوى السياسية و الشخصيات الفكرية والثقافية على تنوع  إنتماءاتها في العالم العربي ـ تشغل  إهتمام  الباحثين و المفكرين  بسيل من القضايا والإشكاليات التي تتصدرها إمكانية ولادة تيار إصلاحي ديمقراطي مستنير ومعتدل يستطيع التفاعل بإيجابية مع تحديات ومجريات الواقع المعاصر و في القلب منها المسألة الديمقراطية، و ما يتفرع عنها من أهمية الوعي بثقافة حقوق الإنسان، و دور المجتمع المدني العربي الوليد في تحقيق الديمقراطية.   والآن طرح رئيس الوزراء  العراقي نوري المالكي يوم الأحد الماضي (25/06/2006)  خطته للمصالحة الوطنية على مجلس النواب العراقي‏، التي وافق عليها بأكثرية كبيرة.و كانت خطة المصالحة الوطنية هذه المتكونة من 24 نقطة  لا قت ترحيبا  حذرا من معظم الفرقاء السياسيين في لساحة السياسية  العراقية، إذ دعت بعض  الأطراف السياسية السنية والكردية والشيعية إلى المسارعة في إعلان التأييد لها، فيما رفضت أطراف أخرى المبادرة من أساسها .   وفي الحقيقة إن المبادرة التي تقدم بها المالكي تحمل كل مكونات الشهاب الذي يخترق السماء لهنيهة عابرة، ثم يعود الظلام فيطويه دون أن يترك أثراً. أو السراب لمن يفضل. وفي العراق تولد المبادرات التي تشبه هذه وتموت بسرعة مذهلة تترك شكاً في أنها ربما لا تعدو أن تكون نوعاً من تعبئة الفراغ، بينما يستمر ما يمتلك أهمية فعلية في احتلال الواقع وفي التحكم بمساراته.   ولا شك أن هذه الخطة للمصالحة الوطنية تواجه صعوبات جمة ، لا يمكن التقليل من أهميتها بصرف النظر عن التأييد الذي تحظى به من قبل هذا الفريق السياسي أوذاك. فعلى صعيد الإئتلاف العراقي الموحد الذي ينتمي إليه نوري المالكي فقد عقد اجتماعات موسعة لهيئته العامة ولجنته السباعية السياسية وأقر فيها موافقته على مشروع المصالحة والحوار الوطني، وأعلن في جلسة البرلمان ترحيبه وتأييده للمبادرة، إلا أنه ربط كل ذلك بقضية مبدئية غير قابلة للتفاوض أو الأخذ والرد، وتتمثل في عدم إجراء أي مصالحة مع من أسماه بالتكفيريين والصداميين والزرقاويين وكل من سفك دماء العراقيين وأزهق أرواحهم.‏   بيد أن المشكلة الأصعب التي تصطدم بها مبادرة المالكي تتمثل في  نزع سلاح الميليشيات المسلحة  ، فهي لا تنص على حل جميع المليشيات ونزع أسلحتها ، لاسيما الميليشيات الشيعية الكبرى التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية  وحزب الدعوة، و المليشيات  والكردية، وإنما تنص على ضرورة حل مشكلة المليشيات والمجموعات المسلحة غير القانونية، وهو ما يعني فتح المجال أمام استثناء الميليشيات المسلحة الشيعية والكردية، وهو الأمر الذي تعارضه الجماعات السنية واتخذت موقفا رافضا أو متحفظا من المبادرة وتطالب بنزع أسلحة الميليشيات الشيعية وما يسمى ب « فرق الموت »المسؤولة عن اغتيال العديد من القيادات والأفراد السنة.   إن الرافضين للمبادرة ،و منهم  « هيئة علماء المسلمين » اعتبروها  ، أنها مجرد « حملة علاقات عامة لتلميع صورة الحكومة »، مؤكدين  في الوقت ذاته أن « فصائل المقاومة الرئيسية » « مجلس شورى المجاهين » و « كتائب ثورة العشرين » هما « الفصيلان الرئيسيان في المقاومة » إضافة إلى « فصائل أخرى للمقاومة متوسطة أو صغيرة الحجم مثل جيش الراشدين والحركة الإسلامية لمجاهدي العراق وعصائب أهل العراق الجهادية وجيش المجاهدين »،رفضت المبادرة في بيانات نشرتها على مواقعها على شبكة الأنترنت، لسبب رئيس ، أنها استبعدت فيها القوى التي قاتلت الاحتلال الأمريكي ، الأمر الذي نقض المبادرة تماماً وأفرغها من أي مضمون،  لأنها لم تتطرق إلى مسألة الجدول الزمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق، بوصفه شرطًا رئيساً تضعه المقاومة المسلحة للحوار.   و تواجه المبادرة تحدي استمرار حالة الانفلات الأمني في العراق وتصاعد وتيرة العنف بصورة غير مسبوقة مع انتشار الانفجارات، وكذلك استمرار مسلسل استهداف المساجد والأماكن الدينية المقدسة، أي تفجر الحرب الطائفية  بين الشيعة و السنة ،حيث تستقبل مشرحة بغداد وحدها أكثر من خمسين جثة يوميا.    كيف يمكن حل المليشيات ، و الحال هذه أن كل الأحزاب السياسية  ،و المساجد ، والطوائف، و القبائل و العشائر، والأحياء في المدن،قد شكلوا جميعا مليشياتهم الخاصة بهم  . إنهم لن يقبلوا بنزع سلاحهم قبل أن يطمئنوا إلى وجود ضمانات سياسية حقيقية ، وطنية  وغيرها.ويقدر الخبراء أنه يوجد في العراق اليوم ،عدد أعضاء المليسيات المسلحة بقدر عدد القوات في الجيش  و الشرطة و القوات الخاصة أي ما يعادل 260000رجلا.من الذي سيقوم بنزع سلاح هؤلاء ؟. الدولة؟   فلا توجد دولة في العراق  تتمتع بالسيادة الوطنية وقوات الاحتلال جاثمة على أراضيها. فقد تقزمت الدولة العراقية إلى مداخل « المنطقة الخضراء » التي تبلغ مساحتها  5 كيلومتر مربع و المحصنة تحصينا قويا، حيث يوجد شبح دولة محاصرة ، وتحت حماية الاحتلال الأمريكي ، جمعت في داخلها معظم مؤسساتها: البرلمان، و الوزارات ، و السفارات،الصديقة، منها سفارة أمريكا.فكيف يمكن أن  توجد دولة ، عندما يكون المواطنون مجبرين على البحث عن العدالة والحماية لدى قبائلهم أو طوائفهم؟.و لاتوجد دولة في العراق ، عندما تكون السلطة المركزية عاجزة عن تأمين  الحد الأدنى من الخدمات العامة لمواطنيها مثل الكهرباء ، و الغاز، و الماء الصالح للشراب.و لا توجد دولة أيضا عندما تهرب  أغلبية النخب  و الطبقة الوسطى من جحيم الحرب الأهلية و الكارثة بحثا عن ملاجىء آمنة في دول الجوار.و لا توجد دولة ، عندما تحلم أقسام كبيرة من المجموعات السكانية  الكبيرة الإثنية و الطائفية بالإنفصال  نهائيا عن بعضها البعض .   (*) كاتب تونسي، دمشق.   (المصدر: صحيفة « المستقبل » البيروتية الصادرة يوم 14 جويلية 2006)


خطاب المحاور ومخاطره على الديمقراطيين العرب

  

 
هيثم مناع (*)   
منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001 طغت لغة المحاور على الخطاب السياسي في المنطقة العربية، هذه اللغة التي لها أبعاد نفسية وسياسية في العالم الغربي (الحلفاء في وجه المحور الألماني الإيطالي الياباني) يجري هنا منحها مسحة دينية تناسب المحافظين الجدد (محور الشر ومحور الخير).   دخل خطاب المحاور قويا إلى الأحزاب والدول والمؤسسات الثقافية، بل وإلى بعض منظمات حقوق الإنسان.   وأذكر أنه في الأسابيع الأولى التي تلت أحداث سبتمبر/أيلول، لم يكن بإمكان مفكرين غربيين كبار أو حقوقيين مشهود لهم بالنزاهة رفع الصوت ضد حرب لا يُعرف سقفها في أفغانستان.   ولا أنسى جملة مسؤول قيادي في منظمة إنسانية دولية قال لي بالحرف « أحسدكم على كونكم لجنة عربية، وبالتالي غير مضطرين لإعطاء وجهة نظر بما يحدث في أفغانستان ».   رغم كل النتائج التدميرية التي رافقته، كان لاحتلال العراق سمة إيجابية تتجلى في استعادة المجتمعات المدنية على الصعيد العالمي المبادرة.. لقد ملأت المظاهرات المليونية عواصم أوروبا. كما نجحت المنظمات غير الحكومية في استعادة جزء هام من الفضاء الذي خسرته في هرج ومرج الحرب على الإرهاب.   غير أن التجمعات الأميركية المنتجة للسلاح ومجموعات الضغط النفطية وتجمعات مالية كبرى لم تبصر ما يحدث إلا من ثقب مصالحها المباشرة.   ففي الولايات المتحدة دعمت إنجاح بوش الابن لولاية رئاسية ثانية تسمح لعولمة حالة الطوارئ بالذهاب إلى مداها الأقصى، عبر استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في ظل احتلال العراق، وتعميم ظاهرة السجون السرية، وضبط الرقابة المالية والشخصية على كل من لا يقف مع الإدارة الأميركية، وإبقاء غول غوانتانامو على رؤوس العباد.   هذا علاوة عن الانتقال -رغم كل التعثر السياسي في أفغانستان والعراق- إلى جرد حساب بكل الدول المصنفة في محور الشر، الأمر الذي يعني بعد صدام حسين، إيران والسودان وسوريا.   وحيث كان لبنان وما زال الحلبة الأفضل لقياس درجة الحرارة السياسية في المنطقة، فقد تحركت الإدارة الأميركية بشكل ذكي مع حكومة فرنسية تبحث عن وسيلة مراضاة للسيد بوش بعد التقرحات التي سببتها له أثناء أزمة العراق.   واستطاع الثنائي الأميركي الفرنسي في وقت أصيبت فيه السياسة السورية الرسمية بمرض التصلب اللويحي في الرأس والجسد، أن يدخل إلى السياسة الداخلية اللبنانية كلاعب مباشر.   كان ذلك ضمن تحالف واسع امتلك تجاوبا سياسيا هاما، عززته الأوضاع البائسة التي أنتجها الوجود العسكري-الأمني السوري.   غير أن السياسة الغربية كانت تقوم باستمرار على مبدأ « ما هو مجاني مثير للريبة ».   لذا ربط المحور الفرنسي الأميركي خروج القوات السورية بنزع سلاح كل من هو خارج نطاق الدولة.   وهذا الأمر المنطقي في المطلق، أصبحت ترجمته الميكانيكية الفورية في الظروف العيانية في لبنان اليوم، تعني بأحسن الأحوال جعل الحرب الأهلية أحد احتمالات المستقبل القريب.   لن نتوقف كثيرا عند اغتيال الحريري الذي تم استغلاله -بغض النظر عن الفاعل- بطريقة خلاقة من قبل الإدارة الأميركية. ففرنسا التي لم يجد منها مسؤول واحد رفيع المستوى ضرورة للاجتماع بالجنرال ميشال عون خلال فترة منفاه (إرضاء للمرحوم الحريري حينا وجزءا من المراهنة على علاقة خاصة بالسلطة السورية أحيانا أخرى)، تحولت إلى بلد يتيم الحلفاء بكل معنى الكلمة مع اغتياله، وقد ضعف موقفها أكثر بمراهنة آل الحريري على إدارة بوش.   وكما قال أحد صحفيي ليبراسيون المختصين بالمنطقة « ليس لدى البراغماتيين مروان حمادة ووليد جنبلاط أي دافع لعدم المرور مباشرة إلى إدارة أميركية لا تريد وسطاء ».   إذن عدنا إلى مواجهة مباشرة مع منطق الإدارة الأميركية الذي خطب وده قصر الإليزي المحدود الحركة، ما يعني العودة إلى منطق الحرب على الإرهاب أولا، وضرب محور الشر ثانيا، وحماية دولة إسرائيل ثالثا.   وبذلك جرى الترويج من جديد لفكرة « المحور الإيراني-السوري الذي يستعمل حزب الله ويوظف حماس ويحرك خالد مشعل ويرسل المتطوعين إلى العراق لضرب التجربة الديمقراطية الوليدة! »   هكذا يتحول أكثر من سمسار إقليمي إلى مروج لخطاب أميركي يقضي على أية ديناميكية في التفكير السياسي ويضع كل من يريد دخول الشأن العام في المنطقة أمام تصنيف سهل: مع الإدارة الأميركية وحلفائها أم مع محور إيران-سوريا (الشيعي والطائفي والدكتاتوري والإرهابي المناهض للديمقراطية والذي يعتمد خطابا حربيا ليغطي على عوراته التسلطية وأزماته الاقتصادية ومشكلات الناس الحقيقية).   هذا الخطاب المبسط حتى السذاجة والخطير بنتائجه المباشرة وغير المباشرة، يجري دعمه بشكل كبير من الوسائل الإعلامية المدفوعة الثمن أميركيا وعربيا. كذلك يغطي عليه عدد من المسؤولين العرب الذين لم يعد لهم من سياسة أو سيادة.   وقد برزت نتائجه الكارثية بشكل واضح منذ نجاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات الأكثر نزاهة في العالم العربي منذ نصف قرن.   حينها أصبح على كل ديمقراطي عربي أن يختار بين أمرين لا ثالث لهما، إما أن يقول إنه مع العملية الديمقراطية، أي ضد أي انقلاب على الطريقة الجزائرية ومع احترام خيار الشعب الفلسطيني، لكن مع المجازفة بتصنيفه نصيرا للإرهاب.   وإما أن يقول إن حركة حماس منظمة إرهابية -تماما كما صنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة- وبالتالي تجب مقاطعتها سياسيا واقتصاديا لتموت هذه التجربة في المهد.   الحقيقة وقبل وصول حماس إلى السلطة، تسرب إلينا خبر اجتماع سري للمفوضية الأوروبية يوم 17/12/2005 تم الاتفاق فيه على وقف المساعدات الأوروبية للسلطة الفلسطينية في حال نجاح حماس في الانتخابات التشريعية.   لم أكن أود تصديق ذلك في البداية، إلا أن ما حدث فيما بعد أكد صحة الخبر، بحيث وضعنا أمام الثنائية البوشية من جديد، لكن بثوب أوروبي هذه المرة.   ويتم ذلك بما معناه أن تعطى إسرائيل الغطاء السياسي للقضاء على ما تبقى من بنية تحتية في المجتمع الفلسطيني المحاصر بأقسى أشكال الاحتلال الاستيطاني في عصرنا.   ومعناه أيضا أن بلدان المفوضية الأوروبية التي تنتقد سياسة واشنطن في غوانتانامو والسجون السرية تصمت على سياسة الدولة العبرية وتقبل بارتكاب جرائم حرب في فلسطين.   هل من الضروري التذكير بالمادة 54 من البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف التي تنص على:   1- يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.   2- يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين.   ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري.   غير أن الأخطر وبكل المعاني، هو أن هذا التقسيم يضع الإدارة الأميركية والمفوضية الأوروبية والحكومة الإسرائيلية في معسكر واحد، ويحوّل كل من ينضم إليه من لبنان وسوريا والأردن ومصر والخليج، إلى أدوات في خدمة السياسة التوسعية الإسرائيلية ضد طواحين الهواء المسماة مقاومة وصمودا! كما يدفع كل الأطراف المحاصرة فلسطينيا ولبنانيا وسوريا إلى الاختيار بين « الأشرار » و »الأخيار »!   إذا كانت الدكتاتوريات العربية قد زرعت جذور الوهن وضربت مفهوم الدولة، واختزلت السلطات في أزلامها والمواطنة إلى قصيدة مستحيلة، فالدكتاتورية الأميركية تريد أن نحمل السلاح أو الكلمة للمطالبة بالإفراج عن الجندي شاليط، وأن نصدر بيانا نؤيد فيه اختطاف 64 شخصية فلسطينية حكومية ونيابية، وأن نلوم حاكم دمشق على عدم اعتقال السيد مشعل أسوة بقرار عمير وإيهود أولمرت؟   لكن كيف يمكن للديمقراطي اللبناني أن يقبل بالتصنيف الإلزامي بين حزب الله أو مروان حمادة؟ أليس من حقه أن يفتح ملف أمراء الحرب ولو كانوا ضد السلطة في دمشق؟   ألا يجوز له أن يجاهر بأن نزول الناس إلى الشارع لم يكن للحفاظ على العقلية الطائفية والإقطاعية في الحكم، دون أن يتهم بالعمالة لطهران؟   هل يمكن الحديث عن الحرية في سوريا مفصولة عن التحرر؟ هل يريدون من الديمقراطيين بيع الجولان وقبول الأمر الواقع للاعتراف الدولي بهم طرفا صالحا للحوار؟   وإذا كانت الحكومة السورية تتحاور مع وزراء عراقيين كانوا حتى الأمس القريب لاجئين في حماية الجنرال الأسد، فهل على نشطاء حقوق الإنسان إغماض العين عن جرائمهم بحق الشعب العراقي؟   أليس لنا الحق ونحن نحارب السياسة الأميركية العدوانية والمنحازة للمحتل الإسرائيلي أن ننتقد بحزم انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وأن نطالب بوقف الإعدامات السياسية في هذا البلد؟ وأن نوقع ونناضل لإعلان دمشق من أجل التغيير الديمقراطي في سوريا؟ وأن نحمي إعلان دمشق-بيروت من التوظيف الرخيص عند البعض، كما نحمي موقعيه من العدوانية الأمنية عند سلطات دمشق؟   صحيح أن هناك من ينصحنا بالانضمام إلى محور « الخير » الأميركي بدعوى الفاعلية، وبأن نقول إن سوريا وإيران هما مصدر الشر كله بمقابل سخي، كما يطالبنا بأن نغمض العين عن عملية خنق الشعب الفلسطيني بدعوى إفشال تجربة حماس..   لكننا نؤثر أن نتهم بالسذاجة السياسية عندما نكرر لكل من لديه آذان ليسمع، بأن الخسارة الفعلية اليوم هي في التخلي عن القيم والمبادئ الأساسية التي يمكن أن تعيد بناء الحق في الحلم.   في كل يوم تولد كالطحالب صيغ استهلاكية للعمل السياسي والحقوقي، وتزور الأسماء والأحداث في حفلة الحرب الإعلامية.. لكن هذا لم يمنع من نشوء « كارتل » إعلامي متنوع الأصول مشترك الهدف بشكل مباشر أو غير مباشر.   مهمة هذا الكارتل هي التركيز على من اختار معسكره في صراع المحاور، وتهميش كل من آثر تأصيل ثقافة سياسية خلاقة ترفض القوالب الجاهزة المعدة في واشنطن.. ثقافة ترفض التهريج والترويج.. ومسلك يأبى ربط الحرية بالمحتل، ويرفض ربط الخلاص من الدكتاتورية بالكيان العنصري الإسرائيلي.   هناك ديمقراطيون مصرّون على أن الحريات الأساسية ليست مشروعا استعماريا، بل هي في صلب معركة الشعوب للتمتع بثرواتها المادية والمعرفية.   يكفي استعراض دقة أخبار وكالة أنباء « يو.بي.آي » مثلا، لإدراك هذا الإصرار على تقديم صورة محددة عن المعارضة السورية والأوضاع في سوريا واستنتاج الأهمية المعطاة لدولة إسرائيل في الخبر.   وإن كنا بحاجة إلى دلائل أخرى فعلينا متابعة الإعلام الخاضع لمنطق المحاور في تغطية العدوان على غزة، إذ لم يكن في التظاهرة الباريسية يوم 2/7/2006 احتجاجا على العدوان الإسرائيلي، من فضائية عربية واحدة في الساحة.   لا نستغرب من الغرب العطوف التواطؤ، فيوم كانت السيارات تحترق في الضواحي الباريسية كان وفد من أكبر منظمة فرنسية لحقوق الإنسان يحتج على مواقف الرئيس الإيراني المعادية للسامية! ويوم ضربت الجسور ومولدات الكهرباء في غزة لم يخجل البعض من الحديث عن أهداف عسكرية.   أما أن يكون من الإعلام العربي من يعمل لمحور البنتاغون بأموال عربية ومن نفط وخبز المواطن العربي.. فهذا كثير.   هذا النوع من الحرب هو أولا حرب على التعددية السياسية والثقافية، حرب على مبادئ وأوليات حقوق الإنسان، حرب على الحق في رفض المحاور، حرب على الحق في نقد من هو فيها وخارجها، حرب على قيام ديمقراطية جديرة بالتسمية في العالم العربي.   من هنا، نجد ضرورة الخروج من منطق الإدارة الأميركية الثنائي المدمر والعودة إلى التحليل السياسي والموقف السياسي الأصيل.   (*) كاتب سوري   (المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 12 جويلية 2006)
 

في الممنوع
 
 بقلم  مجدى مهنا عنوان: إسرائيل تقتحم جنوب لبنان رداً علي مقتل ثمانية وأسر جنديين عنوان آخر: حكومة تل أبيب تتعهد برد «مباشر وشديد».. ولحود يتهمها بزعزعة الاستقرار في المنطقة عنوان ثالث: «أولمرت»: لن نتفاوض لإطلاق سراح الجنديين.. ونصر الله: مستعدون لتبادل الأسري كانت هذه هي عناوين المانشيت الرئيسي لصحيفة «الأهرام» الصادرة صباح الخميس أمس الأول.. ولم تكن عناوين صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، أو صحيفة «الواشنطن بوست» الأمريكية. هذه العناوين تعبر عن موقف سياسي واضح ومحدد هو أن قائلها أو صاحبها أو الصحيفة الصادرة عنها.. تري أن الاقتحام الإسرائيلي للجنوب اللبناني والحرب الشاملة ضد لبنان.. جاء رداً علي العملية الناجحة والمحدودة التي قام بها حزب الله ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي. سؤالي: هل ما صدر عن «الأهرام» هو موقفها السياسي المعلن أم أنه يعبر عن موقف الدولة الرسمي في مصر؟ ولا أقصد من وراء السؤال أن يكون لـ«الأهرام» موقف مغاير لموقف الدولة.. لكنني قصدت أن «الأهرام» بما نشرته تعبر عن موقف الدولة الرسمي.. وهو أنه علي الحياد فيما يجري من أحداث وتطورات مخيفة علي الساحة اللبنانية.. قد تقود المنطقة إلي حرب إقليمية.. في ظل تهديد الرئيس الأمريكي بوش بتحميل سوريا مسؤولية ما يجري في لبنان.. علي أساس أنها الحليف القوي لحزب الله.. إلي جانب إيران. هذا عن الموقف المعلن، أما غير المعلن فربما يصل إلي تبرئة إسرائيل من مسؤولية هذا التصعيد وتحميل حزب الله المسؤولية كاملة. ولا أعني بذلك أن تورط مصر نفسها في حرب لا تريدها ومفروضة عليها وغير مستعدة لها، لكن مصر الرسمية تستطيع أن ترفض ما يجري.. وتستطيع أن تدين الاعتداءات الإسرائيلية الإجرامية علي لبنان.. وأن تدين استهداف المدنيين في كل من لبنان وغزة. تستطيع مصر الرسمية أن تتخذ موقفاً غير الموقف الذي عبرت عنه «الأهرام» وغير لغة الصمت الحالية.. دون أن تتورط في حرب ضد إسرائيل.. لكن يبدو أن مصر الرسمية لم تعد قادرة علي تحمل مثل هذا الموقف.. فهي علي الحياد أمام ما يجري منذ عشرة أيام في غزة.. وهي علي الحياد مرة ثانية أمام التصعيد الإسرائيلي في لبنان، وربما ستكون علي الحياد عندما تتعرض سوريا إلي ضربات عسكرية من إسرائيل. مصر التي علي الحياد في سياستها الخارجية هي نفسها مصر الرسمية التي وقفت علي الحياد عند إقرار مشروع قانون السلطة القضائية.. فما حدث من خلاف بين رجال وهيئات القضاء.. لا شأن للدولة به وهي ليست معنية بالتدخل لحله.. كما أن مصر الرسمية تقف علي الحياد أيضاً في الأزمة التي تتعرض لها الكنيسة المصرية.. وليست طرفاً فيها.. وعلي أطراف الأزمة أن يحلوها بأنفسهم بعيداً عن تدخل الدولة كما صرح الرئيس مبارك مؤخراً. مصر أصبحت بلا موقف داخلي تجاه أزمات الوطن.. وبلا موقف خارجي تجاه أزمات المنطقة. مصر أصبحت بلا لون ولا طعم ولا رائحة ولا اتجاه ولا بوصلة ولا موقف. الحياد الداخلي والخارجي أصبح هو الموقف الرسمي لمصر.. وهو يعبر عن سياسة مهزومة ومأزومة وعاجزة. مصر الرسمية ليست محايدة فقط.. في قمع الحريات وفي استعمال القوة ضد مواطنيها. هذا ما نجحت فيه مصر الرسمية.. أما ما عدا ذلك فهو الصفر الكبير في قضايا الداخل والخارج علي حد سواء. (المصدر: موقع المصري اليوم بتاريخ 15 جويلية 2006)

 


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.