الأحد، 9 يوليو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2239 du 09.07.2006

 archives : www.tunisnews.net


افتتاحية الموقف :أهل الكهف الموقف: مناورات تونسية – أمريكية في بنزرت الموقف:التلفزة التونسية تجتر نفسها منذ أربعين عاما الموقف: الديمقراطي التقدمي يتقدم في إعداد مؤتمره الصباح: مجموعة الحمروني ـ التواتي ترفع دعوى قضائية لابطال مؤتمر 15 جويلية المرتقب الصباح: شهادة الإعلامي الكبير منير شماء: كيف عرفت بورقيبة ولماذا جئت إلى تونس؟ الشروق: منير شمّاء – هذه تفاصيل حديث بورقيبة الشهير للـ «بي بي سي» والرسائل المطالبة بقتلي بسبب لفظة «المجرمون اليهود» الشروق التونسية:هبّة تونسية لنصرة فلسطين منظمة العفو الدولية: الجزائر : توافر أدلة على استمرار ممارسة التعذيب من جانب الأمن العسكري في مواقع سرية سمير الوافي: كاس العالم وكاس الفودكا عبدالباقي خليفة الوسط من المحلية إلى العالمية د.أحمد القديدي: ارهاب الدولة العبرية أمام التاريخ العربي بلال الحسن: إسرائيل.. أيهما تريد: رأس حماس.. أم استعادة الجندي الأسير؟


 
Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
 
أخبار الحريات
 

 

اعتداء

 

تعرض المحامي طارق العبيدي إلى اعتداء فظيع بالعنف من طرف أحد الخبراء العدليين المنتصبين بدائرة المحكمة الابتدائية بالكاف وذلك بعد انتهاء عملية معاينة قام بها الخبير في مكان النزاع. وصورة الحادثة ان الاستاذ طارق العبيدي لما كان عائدا إلى مدينة الكاف لاحقه الخبير بسيارته واجبره على الوقوف بعد أن كاد يتسبب في حادث قاتل. ثم نزل المعتدي وبيده عصا وانهال بها ضربا على المحامي مما تسبب له في أضرار بدنية كبيرة وجروح غائرة. ووردت هذه الوقائع بمحضر سماع المتضرر والذي حرره السيد حاكم الناحية بتاجروين.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

  

تسليم

 

سلمت السلطات الجزائرية أجهزة الأمن التونسية أربع شبان أصيلي مدينة منزل بورقيبة وهم محمد العباشي وعقبة الناصري وصبري الماجري وأيمن غريس. يذكر أن السلطات الجزائرية سلمت السنة الماضية عشر شبان مطلوبين لدى تونس.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

ذكرى وفاة عادل العرفاوي

 

يحيي الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة وفرع رابطة حقوق الإنسان بجندوبة ذكرى وفاة المناضل عادل العرفاوي فقيد الحركة الحقوقية والنقابية وذلك يوم الاحد 9 جويلية 2006 بداية من الساعة العاشرة صباحا بمقر الاتحاد الجهوي للشغل.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

 

عريضة

 

وقع 125 مواطنا على عريضة أصدرها فرع رابطة حقوق الإنسان بقفصة يطالبون فيها السلطة برفع كل أشكال المضايقة والمنع التي طالت الفروع والهيئة المديرة وبفتح المجال للرابطة لعقد مؤتمرها السادس. ويحملون السلطة كل تبعات هذا المنع معبرين عن التفافهم حول الهيئة المديرة.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

ايقاف أستاذ جامعي

 

قالت السيدة حبيبة بنت محفوظ زوجة السيد عمر بن عثمان الصيادي الحاملة لبطاقة تعريف وطنية عدد 4122546 أن ابنها السيد محفوظ بن عمر الصيادي المولود بألمانيا في 2 أكتوبر 1976 أستاذ جامعي بكلية العلوم بالمنستير قد وقع إيقافه صباح يوم الاثنين 26 جوان 2006 حوالي الساعة الحادية عشر صباحا من طرف خمسة أعوان عندما كان رفقة أصدقائه بمدينة المنستير و منعوا زوجته و والده من الدخول إلى منزله حيث قاموا ببعثرة جميع الأثاث الموجـــود بالمنزل و أخذوا معهم جهاز كمبيوتر عادي و جهاز كمبيوتر محمول و بعض الأقراص الممغنطة. كما وجدوا بالمنزل صديقه المسمى وليد الغضاب الذي كان يترقب قدومه للمذاكرة معه بالمنزل فقاموا ايضا بايقافه. و قد عملت عائلته المستحيل للتعرف على مكان إيقافه و عند الاستفسار عن وضعيته بمنطقة الأمن أخبروها بأنه لا يوجد لديهم و أخبرها أحدهم بأنه ينبغي البحث عنه بتونس . ويذكر انه تم ايقاف أستاذين جامعيين آخرين بكلية العلوم بالمنستير والأسباب لاتزال مجهولة.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

وزارة التربية ترفض استقبال ضحايا  » الكاباس »

 

توجه الأساتذة الذين تم إسقاطهم من اختبار الشفاهي لمناظرة « الكاباس » يوم 4 جويلية إلى وزارة التربية قصد متابعة مطالبهم في إعادة الإصلاح والسماح لهم بالتدريس. ولكنهم فوجئوا بجدار أمني كثيف منعهم من الدخول إلى الوزارة او مقابلة أي مسؤول. وتكون الوفد من البشير المسعودي والجيلاني الوسيعي ومحمد مومني والحسين بن عمر وعلي الجلولي ولطفي فريد ومحمد الناصر الختالي وحفناوي بن عثمان.

 

وقد أصدروا بيانا نددوا فيه بتعنت الوزارة واستخفافها بمطالبهم وكرروا تمسكهم بحقهم المشروع في العمل واستعدادهم للدفاع عنه بكل الوسائل والأشكال النضالية المباشرة.

 

 

 

اعتصام

 

واصل عمال شركة الصناعات الميكانيكية المغاربية( ايسيزو ) بالقيروان اعتصامهم الذي ابتدأ يوم الاثنين 3 جويلية الجاري للمطالبة بمستحقاتهم. ولوحظ تواجد مكثف للهياكل النقابية ونشطاء فرع رابطة حقوق الإنسان لمؤازرة المعتصمين

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

 احتجاز

 

على رغم شهرة المفكر العربي الدكتور حسن حنفي (72 عاما) فإن السلطات الأمنية في مطار تونس قرطاج منعته يوم الأحد 2 جويلية من دخول البلاد مع انه كان حاملا لتاشيرة لا غبار عليها. وبالرغم من التدخلات المكثفة بقي الرجل محتجزا في المطار من السادسة والنصف فجرا إلى السابعة مساء بلا ماء ولا أكل. بل منع حتى من شراء لمجة لسد الجوع. إنها أصول الضيافة.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

              

 

تعثر مفاوضات الصحة

 

أفادنا السيد زهير نصري عضو الجامعة العامة للصحة ومسؤول العلاقات الدولية والخارجية فيها أن الجامعة بدأت مجموعة من الجلسات لتأهيل قطاع الصحة. وشدد على ان الجلسات شهدت تقدما نسبيا في نقطتين فقط هما مجانية العلاج والترفيع في عدد الترقيات السنوية. أما أهم النقاط التي لا زالت المفاوضات بشأنها معطلة فهي سحب الفصل 2 من الوظيفة العمومية على أعوان الصحة، وهو ما يسمح لهذا القطاع بسن قانون أساسي خاص به. كما يبقى أيضا التعطل السمة المميزة للمفاوضات الخاصة بالترفيع في المنحة الخصوصية وحركة النقل الدورية وغيرها.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

 

انشغال

 

عبرت لجنة القيروان للدفاع عن المجتمع المدني عن انشغالها لمحاولات خنق كل نفس ديمقراطي وعرقلة كل نشاط حر والاعتداء بالعنف المادي واللفظي مثلما وقع للمحامين في اعتصامهم الأخير و المنع من النشاط مثلما حصل للرابطة، وكذلك للتضييقات التي تتعرض لها بعض المنظمات والأحزاب والتي تهدف إلى غلق مقراتها بتسخير القضاء مرة أخرى لعرقلة أنشطتها كما هو الشأن في القضيتين المرفوعتين بالقيروان ضد فرع حركة التجديد وضد جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي.

 

وعبّرت عن مساندتها لمختلف مكونات المجتمع المدني التي مازال النظام مصرا على تعطيل نشاطها ، وكذلك لضحايا مناظرة الكاباس و حاملي الشهائد المعطلين عن العمل وناشدت كل القوى الديمقراطية والتقدمية توحيد نضالاتها وتجاوز خلافاتها.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

في الرباط

 

نظمت اللجنة الدولية للحقوقيين ندوة في الرباط من 4 إلى 6 جويلية الجاري موضوعها تقويم التشريعات التي سُنت في عدة بلدان (من بينها تونس) لمقاومة الإرهاب والبحث في مدى فاعليتها. وشارك في الندوة من تونس المحامي الأستاذ عبد الرؤوف العيادي بوصفه رئيس لجنة الدفاع عن ضحايا قانون الإرهاب.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

 

رقابة

 

مازال كتاب الزميل الصحفي والناقد خميس الخياطي « تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية » الصادر عن دار سحر للنشر ينتظر الموافقة على التوزيع، فقد سُلم إلى الرقابة منذ أربعة أشهر ومازال الجواب معلقا إلى اليوم. يحتوي الكتاب على 220 صفحة مع ملزمة مصورة، ورفض المؤلف عروضا لنشره في سوريا ولبنان والمغرب. وربما يُخشى أن يكون صدوره مثارا لجدل في الصحافة التونسية حول دلالات اهتمام الجمهور التونسي بالقنوات السلفية مما يبرهن على فشل التلفزة التونسية في استقطاب المشاهدين. ومن أطرف الصور في الكتاب صورة لفضائية تُظهر سؤالا حول أمور بديهية في الدين وكُتب أسفل السؤال « محمد من تونس »، فما الذي يجعل محمد التونسي يتوجه إلى تلك القناة وليس إلى قناة بلده؟

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

              

 

وثائق

 

سلم الدكتور عبد الجليل التميمي مؤخرا إلى المكتبة الوطنية 644 وثيقة أصلية من وثائق الوزير الأكبر خير الدين باشا. وكان سلمها 584 وثيقة مماثلة في سنة 2005 وهي كلها وثائق تلمها من الراحل محمد صالح مزالي وهي تكتسي أهمية تاريخية كبيرة.

 

 

تونس – دبي

 

بعد الزيارة التي أدتها الأميرة هيا الحسين حرم نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد إلى تونس ثم زيارة السيد محمد القرقاوي رئيس مجموعة دبي القابضة يُرجح أن يزور الشيخ محمد بن راشد تونس أيضا في إطار تعزيز العلاقات الإستثمارية الجديدة.

 

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)


وراء القضبان

إبراهيم الدريدي

 

هوابراهيم بن بشير الدريدي، أصيل منزل بورقيبة بولاية بنزرت، تم اعتقاله في 28جوان1995، بعد خمسة سنوات قضاها في السرية. وكانت فترة عصيبة على العائلة ، تعرضت فيها إلى أشد أنواع المضايقات والمداهمات الليلية. وقد طبعت تلك المرحلة آثارها السلبية على الفتاة أمل( مواليد 05أكتوبر1989) التي بدت علاماتها ظاهرة منذ السنة الثالثة من التعليم الإبتدائي ،وهو ما لاحظه جميع مدرسيها ، وانصرفت عند تلك المرحلة إلى تصوير كل ما كانت تشعر به ،وتطوق إليه فترسم أحياناً أباها كما يروق لها ، وتكتب على رسومها عبارات من قبيل: يا ياسجانين دعوني أقبل أبي .

 

وقف ابراهيم أمام القضاء ليُحاكم بتهمة الإنتماء لحركة النهضة بـ52سنة ورحّل إلى معظم السجون التونسية : سجن قابس،سجن الهوارب،سجن المهدية،سجن 9أفريل،سجن قفصة ،سجن الناظور.ومع التخفيضات التي شملت أحكام عدد من السجناء فلايزال على إبراهيم الدريدي يقضي13سنة. ولاتزال العائلة تعيش على الكفاف ،بدون موارد، بدون دفتر علاج، تنتظر انفراج كرب عائلها وفك أسره، بعد أن أغلقت المرشدات الاجتماعيات في وجه العائلة كل أبواب المساعدة .

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

 


 

 

فرع تونس للمحامين يعقد جلسته العامة

 

انعقدت الجلسة العامة السنوية لفرع تونس للمحامين بأحد نزل العاصمة. وافتتح الجلسة العامة رئيس الفرع الأستاذ صلاح الدين الشكي الذي تعرض في كلمته لمختلف الصعوبات التي تواجه المحامين في عملهم سواء في علاقة بالإدارة أو بغيرها من الجهات ذات الصلة. وأشار إلى ما تعرضت له المحاماة في السنة القضائية المنقضية من اعتداءات ومحاولات تشويه هياكلهم الشرعية والمنتخبة ديمقراطيا. وأكد وقوف الفرع إلى جانب الهيئة في نضالها من اجل استقلالية المهنة، ودعا إلى إطلاق سراح الأستاذ محمد عبو. ثم تلي التقريرين الأدبي والمالي وفتحت بعد ذلك المناقشات التي تركزت حول مسائل التأديب والمباشرة والتمرين وأخلاقيات المهنة وغيرها من القضايا التي تدخل في إهتمام فرع المحامين. وانتهت الجلسة بالمصادقة على التقريرين الأدبي والمالي.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)   


 

افتتاحية الموقف:

أهل الكهف

رشيد خشانة

 

كان الإعلام ومازال محرارا لمدى تطوَر الحياة السياسية والإجتماعية في تونس، فالفترات القليلة التي شهدت انفراجا في الوضع العام اقترنت باتساع رقعة الحرية والنقد، أما فترات الإنغلاق (وما أكثرها) فارتبطت بتراجع فضاء حرية التعبير وإخضاع الإعلام لقيود الرقابة والتوجيه. والأرجح أن هذه الحقيقة هي الحلقة الغائبة عن عمل المجلس الأعلى للإتصال الذي كثر الحديث هذه الأيام عن تكثيف اجتماعاته وتفعيل لجانه، فالمتأمل في أسماء اللجان ونوع القضايا التي ستدرسها يتعجب من الدوران في الحلقة المفرغة إذ أن كل المسائل المطروحة تقريبا سبق أن قُتلت درسا ومناقشة في الماضي وتم تشخيص الحلول لها بوضوح. أمر واحد مازال غير متوفر هو الإرادة السياسية لإدخال تغيير حقيقي على المشهد الإعلامي.

 

ربما لم يتسن لغالبية الأعضاء الحاليين للمجلس الأعلى للإتصال حضور اجتماعات الدورة الأولى للمجلس الأعلى للإعلام في مارس 1981 التي ناقشت بحرية وبحضور مكثف للصحافيين جميع الملفات المطروحة اليوم وانتهت إلى توصيات هامة بشأنها مازالت حبرا على ورق إلى هذه الساعة. وكان أحرى بالمجلس الأعلى للإتصال، توفيرا للمال العام في ظل التقشف المفروض على المؤسسات وكسبا للوقت والجهد، العودة إلى المداولات السابقة والنظر في العوائق التي حالت دون تطبيقها. كما يحسن به الرجوع إلى التقارير المختلفة التي أعدتها لجان مختصة تشكلت في مناسبات سابقة وخاصة « لجنة بولعراس » كي يدرك أنه لن يُعيد صنع الدراجة أو الطائرة، فمن غير المعقول أن يعود بنا إلى نقطة الصفر وكأننا مجتمع بلا محطات ولا ذاكرة. ويمكن القول إن هناك إجماعا على أن مشكل الإعلام في تونس ليس الكفاءات (التي أثبتت مستواها العالي حيثما حلت … خارج الوطن) ولا الإمكانات، وإنما القيود التي تُكبل الإعلاميين وتجعل منهم طائرا مهيض الجناح.

 

وعليه فالقطاع لا يحتاج إلى بيروقراطية جديدة ولا لاجتماعات بيزنطية بل لقرارات جسورة تفك القيود انطلاقا من التشخيص الموضوعي الذي حظي بالإجماع منذ ربع قرن. وعلى كل حال ستكون النتائج التي سيتوصل إليها المجلس الأعلى للإتصال محكا لمعرفة مدى استيعابه لروح الأعمال السابقة أو تجاهله لها، هذا إن تم الإعلان عن النتائج للرأي العام ولم تُعتبر، كالعادة، سرا من أسرار الدولة.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 

 

 


 

 

 

مناورات تونسية – أمريكية في بنزرت

 

أفادت السفارة الأمريكية في تونس أن مناورات جوية تونسية – أميركية أجريت في الأيام الأخيرة في قاعدة « سيدي أحمد » القريبة من مدينة بنزرت من دون توضيح عدد القوات المشاركة فيها. وأكد بيان أرسلت نسخة عنه ل « الموقف » بالبريد الألكتروني أن قائد القوات الجوية الأمريكية في أوروبا الجنرال وليم هوبينز زار تونس الأحد 25 والإثنين 26 جوان وأجرى محادثات مع وزير الدفاع السيد كمال مرجان وقائد القوات الجوية الجنرال محمود بن محمد ثم زار المنشآت العسكرية في قاعدة « سيدي أحمد » وتابع هناك « مناورات مشتركة » من دون إعطاء تفاصيل أخرى. لكن وسائل الإعلام العمومية والخاصة على السواء تكتمت على المناورات ولم تنشر عنها سطرا واحدا.

 

وأوضح البيان الأمريكي أن المحادثات بين هوبينز والمسؤولين العسكريين التونسيين تطرقت للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف والذي يشمل إجراء مناورات مشتركة وتبادل الزيارات بين الضباط في إطار « خطة فريق الإتصال المشترك ». وتتضمن الخطة تنظيم دورات تدريبية موجهة للضباط التونسيين الذين لم يتقلدوا بعدُ مناصب قيادية وإجراء عمليات صيانة لطائرات حربية تونسية من صنع أمريكي، بالإضافة « لدورات تكوين وتدريب تكتيكية وعملياتية مهمة جدا للقوات التونسية » مثلما جاء في البيان.

 

وأتت زيارة المسؤول الأمريكي في إطار جولة إقليمية شملت كلا من الجزائر والمغرب إضافة لتونس، وقال البيان إنها « أتاحت إجراء محادثات مثمرة مع كبار المسؤولين العسكريين فيها وبخاصة قادة القوات الجوية ».

 

يُذكر أن البلدان الثلاثة تشارك في المناورات السنوية التي تجريها قوات من البلدان الأعضاء في الحلف الأطلسي إلى جانب قوات من سبعة دول متوسطية بدأت شراكة مع الحلف اعتبارا من سنة 1994، وهي بالإضافة لتونس والجزائر والمغرب، مصر وموريتانيا واسرائيل والأردن.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

              


 

 

 

التلفزة التونسية تجتر نفسها منذ أربعين عاما

فاروق النجار

 

 أثبت سبرآراء حديث أن التلفزة التونسية تخسر سنويا خمسين في المئة من مشاهديها، وهذا يعني أنه سيأتي يوم قريب لا يشاهدها فيه أحد. وجاء هذا الوضع نتيجة ترسبات ومشاكل معقدة ما انفكت تتفاقم وفي هذا المقال بعض منها.

 

تستعد مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية لإحالة نحو 500 فني وعون على التقاعد المبكر مع منحهم تعويضات. وغالبية هؤلاء انتدبوا وهم شبان يافعون في فترة 1965 – 1966 مع انطلاق التلفزة وسيصلون إلى سن التقاعد في سنة 2008. وبعد الفراغ من هذا الملف من المرجح أن تجري عمليات ترسيم جديدة في المؤسسة، لكن الشبان لا يعطون فرصة التجربة وإثبات قدراتهم فالمسلسلان الرمضانيان الجديدان مثلا أسندا إلى كل من المخرجين المتقاعدين عبد القادر الجربي ومحمد الغضبان بينما الشبان يقتلون الوقت في معابر الإنتظار فيما يقتل الإنتظار مواهبهم. والأدهى من ذلك أنه لم يعد في التلفزة التونسية اليوم مخرجو روايات لأن المؤسسة لم تُكون جيلا جديدا من المخرجين. ومن علامات الإعتماد المتزايد على المتقاعدين تكليف المخرج رشاد بلغيث بإخراج المنوعة الخاصة بمرور أربعين سنة على تأسيس التلفزة التونسية، والتي كانت بية الزردي مُحقة حين سمَتها « أربعينية التلفزة التونسية » (كانت زلة لسان غير مقصودة). وبلغ الإسفاف في تلك السهرة أدنى الدرجات إلى حد السماح لإحداهن بأداء « أغنية » عن مشاركة تونس في مباربيات كأس العالم من كلماتها Les aigles de Carthage allez-y … the game is very easy في المقابل نلاحظ أن رئاسة المؤسسة كلفت من لم يمارس الإخراج في الماضي بإخراج مسلسل ضخم سيكلف الميزانية عبءا ثقيلا. ويتعلق الأمر بمسلسل مؤلف من 15 حلقة عن الجازية الهلالية عنوانه « عزيزة ويونس في تونس » رُصد له 600 ألف دينار وكُلف المنشط لطفي البحري بكتابة السيناريو والإخراج وهو الذي لم يكتب سيناريو ولم يخرج مسلسلا في حياته.

 

وفي ظل هذا المناخ المليء بالمفارقات لا نستغرب غياب التنظيم وتجميد المؤسسات داخل التلفزة فقسم الدراما الذي هو العمود الفقري للإنتاج الدرامي تبخر بمجرد أن غادرته المسؤولة السابقة السيدة سعاد بن سليمان للعمل في مؤسسة أخرى، فلم تعد هناك لجان ولا اجتماعات ولا نقاش حول الإنتاج، بل أصبح مدير التلفزة هو الذي يقرر كل شيء بمفرده. أكثر من ذلك لا يوجد اليوم في مؤسسة التلفزة (التي لم يبق لها من المؤسسة سوى الإسم التجاري) مدير برامج ولا مدير برمجة وكلاهما ركن اساسي في أي مؤسسة إعلامية سمعية بصرية. وكان هناك أيضا مدير للمخرجين لكن مدير قسم التخطيط والإنتاج التلفزي هو الذي يشرف الآن على الإنتاج والمخرجين في وقت واحد. ولعل مرد هذا الوضع إلى أن المتابعين لقطاع الإعلام التلفزي في بلادنا لا يعرفون طبقا لأي قانون يتحرك هذا القطاع، إذ تُسجل تجاوزات خطرة لكن لا أحد قادر على وضع حد لها أو على الأقل التنبيه إلى خطورتها. فقناة تونس 7 مثلا تبث الآن إعلانا عن قرب عودة برنامج « دليلك ملك » المثير للجدل وهي تدعو المشاهدين للحجز بواسطة الإرساليات القصيرة، لكن اتضح أن مؤسسة الإذاعة والتلفزة لا تتسلم شيئا من مداخيل تلك الإرساليات. وعندما كان البرنامج يُبث على هذه القناة لم يكن الإشهار من نصيبها بل كان يعود لمنتج المنوعة وهي تكتفي ب60 في تامائة من مداخيل الموزع الصوتي. ويتساءل الكثيرون عن مضمون العقد الذي يربط التلفزة بمنتجي هذه المنوعة.

 

أما قناة « حنبعل » فلا تجد غضاضة في بث بعض الكليبات مع تغييب اسمها وعلامتها من الشاشة مما يجعل أهل الذكر يشككون في مدى ملكيتها للكليب الذي يتم بثه. كل هذه المؤشرات تدل على أن قطاع الإعلام السمعي والبصري في بلادنا مريض وعلله مستفحلة، لكن لا يوجد قرار سياسي بإحداث هزة تخرجه من حالة التفكك والترهل وتضخ فيه دماء جديدة … إن كانت العروق المتيبسة قادرة على استيعاب دم جديد.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)

 


 

 

الديمقراطي التقدمي يتقدم في إعداد مؤتمره

 

في إطار التحضير للمؤتمر الرابع للحزب الديمقراطي التقدمي عقد المكتب السياسي اجتماعا موسعا للكتاب العامين للجامعات يوم الأحد 2 جويلية بمدينة القيروان. ونظر الاجتماع في مشروع لائحة سياسية أعدتها هيئة المتابعة. وتطرقت الوثيقة إلى تحليل الوضع الراهن في البلاد وما يمليه من مهام على المعارضة الديمقراطية لتستخلص أن هذه المهام تتمثل في إنجاز برنامج حركة أكتوبر التحرري (حرية التعبير والصحافة وحرية تأسيس الأحزاب والجمعيات ورفع القيود على نشاطها وإطلاق سراح المساجين السياسيين وسن قانون العفو العام) إضافة إلى مهمتي الإصلاحات الدستورية المتأكدة بما يحقق الفصل الفعلي بين السلطات ويضع حدا لاختلاطها بيد رئيس السلطة التنفيذية ومعالجة أزمة الشرعية السياسية بالعودة إلى الشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة تقطع مع الممارسات الانتخابية السابقة ومع احتكار الحزب الحاكم للتمثيل الشعبي وللفضاء العمل السياسي عامة.

 

ودار حوار ثري تناول حالة الحكم وما يعتريه من وهن وحالة العزوف السياسي التي عليها المواطنون وحالة قوى المعارضة ولمجتمع المدني عموما ( النقابات والمنظمات المهنية والحقوقية). وتبلور خلال الاجتماع اتجاهان: ففيما ركز البعض على أولوية تحقيق الانفراج السياسي على أساس مطالب حركة أكتوبر رأى البعض الآخر أن أي تحرير للحياة السياسية لا يقترن بالإصلاحات الدستورية وبالعودة إلى المواطنين من خلال انتخابات حرة من شأنه أن يبقي على أركان نظام الحكم الفردي ونظام الحزب الواحد وأن يعيد الأخطاء التي اقترفتها المعارضة في الماضي. وتقرر في نهاية الاجتماع اعتماد الوثيقة لدفع النقاش داخل الحزب حول كل القضايا المثارة وتنظيم يوم دراسي قبل البدء في صياغة الشروع النهائي للائحة.

 

واستعرض المجتمعون من جهة أخرى سير الأعمال التحضيرية للمؤتمر الرابع للحزب وقرروا تشكيل لجنة التعليم والثقافة التي ستبدأ أعمالها يوم الخميس 6 جويلية ولجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التي ستجتمع يوم السبت 8 جويلية فيما تكلفت هيئة المتابعة بتحضير مشروع لائحة السياسة الخارجية والتي ستتطرق إلى الوضع في الوطن العربي وإلى العلاقة بالاتحاد الأوربي والموقف من مشروع الشرق الأوسط الكبير وغيرها من القضايا الدولية الهامة. وكان الاجتماع قد خصص جزء من جدول أعماله لاستعراض الوضع في فلسطين المحتلة وأوصى كل الجامعات باتخاذ كل المبادرات التي من شأنها تقديم الدعم المعنوي والسياسي للشعب الفلسطيني الشقيق في وجه ما يتعرض له من عدوان وحصار وتجويع.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 367 بتاريخ 7 جوان 2006)


أزمة نقابة التعليم العالي تزداد تعقيدا:

مجموعة الحمروني ـ التواتي ترفع دعوى قضائية لابطال مؤتمر 15 جويلية المرتقب

 

تونس/الصباح: قررت نقابة التعليم العالي والبحث العلمي (مجموعة الحمروني ـ التواتي)، رفع دعوى قضائية ثانية ضد المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل على اثر «اقدام القيادة الحالية للاتحاد على انجاز مؤتمر يوم 15 جويلية الجاري»..

 

واعتبرت النقابة في بيان تلقت «الصباح» نسخة منه، ان المركزية النقابية تراجعت عن تنفيذ حكم استعجالي كان قد اصدره القضاء، والذي ينص على الغاء حل المكتب الوطني المنتخب، وعدم انجاز مؤتمر اميلكار 1، وبالتالي فان الدعوة الى عقد مؤتمر وفاقي لمختلف الاسلاك الجامعية لانتخاب جامعة نقابية للتعليم العالي يوم 15 جويلية الجاري، «يعد تراجعا بعد التنفيذ، وهو ما لا يسمح به القانون» ـ وفق تعبير النقابة.

 

وكانت نقابة التعليم العالي والبحث العلمي تقدمت بدعوى قضائية ضد المكتب التنفيذي قبل نحو ثلاث سنوات، بعد أن قررت القيادة النقابية حل نقابة التعليم العالي والبحث العلمي المنتخبة قانونيا واستبدالها بمكتب نقابي جديد، يقوده السيد أنور بن  قدور، وهو ما ادخل الكوادر النقابية الجامعية في دوامة من الخلافات والصراعات مع المكتب التنفيذي، لم تتوقف  الى الآن، على الرغم من المساعي التي بذلتها النقابة لتصحيح الوضع، والاعداد لمؤتمر وفاقي حقيقي..

 

حلول اضطرارية

 

وحذّر بيان النقابة، جميع الاطراف المعنية بملف نقابة التعليم العالي والبحث  العلمي، من «خطورة التلاعب بمصالح الجامعيين والجامعة»، لكنه دعا الجميع كذلك  الى «الجلوس الى مائدة الحوار لايجاد حل وفاقي دون اقصاء ولا تهميش».

 

وقال السيد البشير الحمروني، الكاتب العام لنقابة التعليم العالي والبحث العلمي في تصريح لـ«الصباح» ان المركزية النقابية اختارت «منطق الهروب الى الامام» وارتهان مصالح الجامعيين بصراعات صلب المكتب التنفيذي»، على حد تعبيره، قبل ان يضيف بان هذا الموقف ـ اذا ما تواصل من قبل قيادة الاتحاد ـ فانه سيدفع  عديد النقابيين» الى التفكير الجدي في التعددية النقابية» ـ حسب قوله ـ.

 

ومن المؤكد ان لجوء نقابة التعليم العالي والبحث العلمي الى القضاء مجددا، سيزيد في تعقيد هذا الملف، وسيفتح المجال امام النقابيين لاختيار الحل القضائي بدل الحلول النقابية.

 

فهل تعيد القيادة النقابية النظر في قراراتها أم تصر على موقفها بما يزيد في تأييد ازمة طالت بطبيعتها؟

 

صالح عطية

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 9 جويلية 2006)

 


 

لقاءات مؤسسة التميمي للبحث العلمي (1 من 2)

شهادة الإعلامي الكبير منير شماء:

كيف عرفت بورقيبة ولماذا جئت إلى تونس؟

متابعة: محمد بن رجب

 

تواصل مؤسسة التميمي للبحث العلمي فسح المجال لل4شخصيات السياسية والثقافية والنقابية التي أصبح لها تاريخ وواكبت الحركة الوطنية وبناء الاستقلال للادلاء بشهاداتها حول مشاركاتها في النضال ضد الاستعمار أو حول مواقفها السياسية والحضارية وغير ذلك.

 

وقد تم كامل صبيحة امس الاستماع الى شخصية اعلامية واكبت بشكل أو بآخر بعض لحظات النضال الوطني وواكبت بناء الدولة التونسية الحديثة في بداية الاستقلال.وهذه الشخصية ليست تونسية، انما هي شخصية فلسطينية أحبت تونس حتى النخاع. انه الصحفي الكبير منير شماء.

 

عدد كبير من التونسيين يذكرونه بخير، بعضهم وخاصة من الاعلاميين والسياسيين والمثقفين عرفوه عن كثب، وبعضهم عملوا معه وارتبطوا معه بصداقة متميزة.

 

ومنير شماء هو من مواليد مدينة صفد العلية في فلسطين سنة 1919 ودرس الابتدائي والثانوي والعالي بمدينة صفد، وعين «ضابط أحراش» في مدينة غزة ثم ضابط احراش في رام الله وبدأ عمله الاذاعي مطلع 1943 في محطة الشرق الاوسط للاذاعة العربية في يافا، ثم العمل في الاذاعة البريطانية في لندن مطلع سنة 1945 واستقال منها عام 1956 احتجاجا على الهجوم الثلاثي على مصر.

 

وعين في اذاعة تونس الوطنية مطلع عام 1957 وعاد الى لندن واذاعتها سنة 1960 وعين في وزارة الاعلام السعودية سنة 1963 وساهم في تأسيس التلفزيون السعودي وأسس الاذاعة باللغة الانقليزية في جدة ومثلها في الرياض، وعاد الى لندن عام 1970 وعمل باذاعة لندن من جديد وتقاعد سنة 1984 واختار الاستقرار في تونس منذ عام 1989 وكان متزوجا ببريطانية وله منها ولدان وفي سنة 1991 تزوج بتونس.

 

البـــدايــات

 

في البداية قرأ الاستاذ منير شماء على الحاضرين نصا عبر فيه عن مختلف رؤاه من الحياة السياسية والكون انطلاقا من اجراء مقارنات بين الأمس واليوم، متحدثا عن الوضع في فلسطين والشرق الاوسط منذ العشرينات وفي حديثه حزن كبير عن الوضع العربي الآن وعن الفلسطينيين.

 

ولم يتوقف منير شماء طويلا عند الاوضاع السياسية أو العسكرية في البلاد العربية وفي العالم ودور اسرائيل في افساد الحياة العربية والتطاول على العرب والمسلمين انما ركز اهتمامه على المتغيرات في الحياة الاسلامية على مدى قرن وهو يراها متغيرات سلبية أفسدت العقيدة والمبادئ، وقلبت القيم وحمل المسؤولية الى الغرب أولا والى العرب الذين لم يؤمنوا بالحريات وتصرفوا بالشكل الذي ضيع الأرض والكرامة والاستقلال ثم أعاد السبب الى النفط في البلاد العربية والعالم وأكد أن النفط كان وراء كل المعضلات التي يعيشها الانسان العربي وحتى الانسان الاوروبي والامريكي.

 

وقال بصريح العبارة:

 

ـ ما جاءنا من النفط إلا البلاء

 

في الإذاعة

 

واستدرجه الاستاذ عبد الجليل التميمي الذي أدار الجلسة بنجاح الى الحديث بالتفصيل عن عمله كإعلامي وعن عمله في اذاعة الـ«بي.بي.سي» في لندن والتحاقه بالعمل الاذاعي في تونس، وعلاقته ببورقيبة.

 

قال منير شماء:

 

ـ كنت في البداية اشتغل في اذاعة الشرق الادنى بالعربية في يافا، وقد أصبت في نهاية عام 1944 بمرض الالتهاب الرئوي وأقمت في المستشفى مدة وعلمت عن طريق مدير الاذاعة الذي زارني في المستشفى أنه تم طردي، وقد قام بعملية الطرد ابن عم لي.

 

وقال لي مدير الاذاعة التي أعمل بها بأنه في الامكان أن أعمل في اذاعة «بي.بي.سي» وسافرت الى القاهرة والى ليبيا على متن طائرة عسكرية بالية ومنها الى مرسيليا ثم لندن وكانت الحرب مازالت قائمة، ومرت الطائرة التي تقلنا الى لندن بالخطوط الألمانية وتصور بعضنا أن الجيش الألماني سيسقطها ولكن إيماني بالله لم يجعلن أخاف.

 

وبعد وصولي الى لندن مباشرة التحقت بالاذاعة البريطانية «بي.بي.سي» باللغة العربية «هنا لندن» وكانت أيامها في المنتصف الثاني من عام 1945 صغيرة جدا تركز على الاخبار وباقي البرامج متروك لاجتهاد العاملين من الموظفين والمذيعين وكانوا يعمدون الى حشو ساعات البث بالأغاني القديمة لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ولم تكن هناك مكتبة عربية لاستغلالها، وأذكر أن في لندن هناك أربع سفارات عربية هي سفارات السعودية واليمن ومصر والعراق.

 

وقد تقدمت باقتراح الى مديرها نيفن باربار لاصلاح الاذاعة وكان لي ذلك. وللعلم أن نيفن باربار كان مستشرقا ويتقن العربية وكان يدافع عن العرب ويدافع عن القضية الفلسطينية، كما كان يحب تونس ويدافع عن القضية التونسية وكان يعتبر أن الزعماء العرب في الاربعينيات تسببوا في احتلال الارض الفلسطينية نهائيا بسبب قلة ذكائهم وتصديقهم للوعود البريطانية الاستعمارية.

 

وكانت الاذاعة البريطانية باللغة العربية حريصة على دقة الاخبار وحريصة على دقة اللغة العربية وكان يشرف على اللغة استاذ أزهري يدعى محمد محمود جمعة.

 

وكنا فيها حريصين على ابلاغ صوت فلسطين والحقائق عن الاوضاع العربية وقد تأثر بنا البريطانيون وأصبحوا أصدقاء لنا واصبحوا من المدافعين عن القضايا العربية وخاصة منها القضية الفلسطينية.

 

وللعلم اني كنت لا أحب اليهود ولم أكن أحب البريطانيين لأنهم تسببوا في احتلال أرض فلسطين. ولكني بالممارسة أصبحت اعرف أن جانبا من البريطانيين الذين يدافعون عن الحريات كانوا مع الحق وهم يستعملون احترامهم للحرية للدفاع عن قضايا الحق والعدل وحقوق الانسان.

 

كيف عرفت بورقيبة؟

 

أعلمني مدير الاذاعة البريطانية نيفن باربار الذي كان يحب تونس بأن الزعيم بورقيبة في لندن كان ذلك في احد ايام 1950 وطلب مني أن أجري له حديثا في الاذاعة.

 

وقدم الاستاذ بورقيبة رحمه الله الى الاذاعة وخرجنا لاستقباله من الشارع احتراما له وكان نيفن يقول «هذا الرجل زعيم تونس وصاحب قضية».

 

وأول سؤال وجهته الى بورقيبة هو: نرجو أن تعرفنا بموضوع زيارتك، وكانت آلة التسجيل بيننا ويتابع عملية التسجيل مدير البرامج المستر باكستون الذي كان يعرف العربية وهو مترجم كتاب «الأيام» لطه حسين وكان هو الآخر يحترم بورقيبة.

 

وقال بورقيبة جوابا على السؤال:

 

ـ جئنا للاستنجاد بحكومة حزب العمال لمناصرة تونس واستعمال نفوذها لمنع فرنسا من اطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين وان تكف عن شنق أبنائنا والزج بهم في السجون».

 

وقدم بورقيبة أمثلة حية من التعسف الاستعماري الفرنسي.

 

وهنا أوقف المستر باكستون التسجيل وقال: هذا كلام يسيء الى العلاقات البريطانية الفرنسية.

 

وقال للزعيم بورقيبة: أنت حر في الرأي ولكننا اليوم نعمل على أن تكون علاقتنا بفرنسا طيبة فحاول أن تستعمل لهجة لا تتصف بالحدة والهجوم.

 

عندها قال بورقيبة:

 

ـ أنا أحب فرنسا، ودرست فيها وأنا متزوج بفرنسية، وأقدر الحضارة الفرنسية، واحترم اللغة الفرنسية، وأرجو من فرنسا أن ترفع أيدي المعمرين عن الشعب التونسي، فالمعمرون يسيؤون اليه ويطلقون عليه الرصاص رغم أن احتجاجاته سلمية».

 

وسعد المستر باكستون بجواب بورقيبة وأذاعه كاملا، ومع ذلك فقد ثارت ثائرة فرنسا على اثر اذاعة الحديث وكادت العلاقات الفرنسية البريطانية أن تصاب بعطب وقد طلب سفير فرنسا بلندن من مدير الاذاعة تسليمه الحديث كاملا، فسلمه الحديث فعلا لإعادة الاستماع اليه ولم يعد التسجيل الى الاذاعة.

 

وقد طلب بورقيبة عام 1957 نسخة من ذلك الحديث وبحثت عنه الاذاعة البريطانية فلم تجد منه نسخة وتبين أن سفارة فرنسا بلندن لم تعد التسجيل الى الاذاعة.

 

وهكذا عرفت بورقيبة منذ عام 1950، عرفته عن كثب واكتشفت  انه سياسي محنك، وأنه يعرف كيف يستفيد من الاحداث وكيف يحول بعضها الى فائدة القضية التونسية بأقل التكاليف، فهو رجل عملي وذكي.

 

وقد حدث بعد سنوات من لقائنا أن هاجمت القوات البريطانية والفرنسية والاسرائيلية مصر فعبرت عن احتجاجي الكبير، واستعملت بعض الألفاظ في اذاعة الخبر لم تعجب البريطانيين واليهود العاملين في الاذاعة فاستقلت من العمل لأنني رفضت بشدة الهجوم على مصر ورفضت بشدة التدخل في شؤوني.

 

وحاول البريطانيون في الاذاعة عدم قبول الاستقالة فتمسكت بها رغم أني كنت متزوجا حديثا ببريطانية ولم يمر على زواجي الشهران، وقالت لي أمها:

 

ـ أنت مجنون، كيف تسلم في عمل أنت مرشح للتطور فيه واحتلال منصب عال خصوصا وأنت الآن مشهور وكل العالم يستمع اليك.

 

ورفضت كل المحاولات وقبلت استقالتي في النهاية.

 

في تلك الفترة اتصلت بي سفارة تونس بلندن وقال لي سعادة السفير الطيب سليم:

 

ـ إن بورقيبة اطلع على طلبك للعمل في تونس وهو يدعوك الى القدوم الى تونس، ففرحت جدا وعدت أخبر زوجتي بدعوة بورقيبة، قالت لي زوجتي: «أنا أخاف من عصابة اليد الحمراء، وكانت آنذاك أخبار اليد الحمراء تصل الى بريطانيا لما كانت تفعله في الوطنيين من جرائم، فطمأنتها بأن الوضع تغير وتونس مستقلة واليد الحمراء كانت ناشطة قبل الاستقلال.

 

ووافقت زوجتي على الرحيل معي الى تونس، ولكنها مع ذلك كانت خائفة. ونزلت بنا الطائرة في مطار العوينة ووجدنا في انتظارنا سيارة فاخرة، وسائقا خاصا وحارسا خاصا وكان الترحيب بي كبيرا جدا، مما أذهل زوجتي ومباشرة من مطار العوينة الى أفخم نزل في العاصمة آنذاك وهو «الماجستيك».وفي اليوم الموالي دعاني بورقيبة مع زوجتي الى العشاء على مائدته وكان  الرئيس يحدثنا عن البورقيبية وعن الانجازات.وقد اعجبت زوجتي البريطانية بتونس فعلا،، واعجبت خاصة بالرئيس وهي تتساءل كيف يدعونا بورقيبة الى مائدته بشكل منتظم.وبدأت اعرف بورقيبة اكثر فأكثر واحترمه اكثر فأكثر، ورغم أني اكتشفت انه كان بحديثه لي والذي كان لا يتوقف اطلاقا على مائدة الطعام الى درجة انه كان ينسى أن يأكل شيئا، رغم أني اكتشفت انه كان يعمل على غسل دماغي وتوجيهي الى ما يريده مني في الاذاعة التونسية فإني أحببته واحترمه وقلت:

 

ـ أنا أحب الحرية وأحب أن لا أطيع الا الله سبحانه وتعالى وقبلت العمل في الاذاعة وتم تعييني رسميا مستشارا في كتابة الدولة للأخبار وكان الوزير هو البشير بن يحمد مؤسس «جون أفريك» ومديرها وكان مدير الاذاعة هو السيد البشير المهذبي رحمه الله.

 

والبشير بن يحمد رجل ذكي وفعال يعمل من الفجر الى منتصف الليل دون كلل، والأستاذ البشير المهذبي كان لطيفا وبشوشا.

 

(يتبع)

 

ـــــــــــــــــ

 

في الحلقة القادمة: كيف عملت في الاذاعة، وكيف كانت علاقتي ببورقيبة؟

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 9 جويلية 2006)

 


 

المذيع منير شمّاء في ملتقى الذاكرة الوطنية ( 1 من 2):

هذه تفاصيل حديث بورقيبة الشهير للـ «بي بي سي» والرسائل المطالبة بقتلي بسبب لفظة «المجرمون اليهود»

 

* تونس ـ الشروق :

خصّص منبر الذاكرة الوطنية لمؤسسة التميمي والبحث العلمي أمس فضاءه للاعلامي الفلسطيني منير شمّا الذي تحدّث عن أطوار خروجه من فلسطين والتحاقه بالعمل في اذاعة لـ «بي بي سي» (القسم العربي) كمذيع للاخبار قبل ان يستقيل منها ويتحول الى تونس حيث كانت له مساهمة في «تونسة الاذاعة التونسية» وفصلها عن البرمجة والنمط الفرنسي الاستعماري.

 

* تغطية: خالد الحداد

 

في بداية اللقاء قدّم الدكتور عبد الجليل التميمي رئيس مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات الاستاذ سمير شمّا الذي اعتبره علامة مميّزة في تاريخ العرب الثقافي والاعلامي.

وقال الدكتور التميمي ان العرب لم يموقعوا هذه الشخصية موقعها الصحيح بحكم ان مسيرتها كانت مشرّفة جدا في فترة كانت عصيبة على الأمّة.

ولد الاستاذ منير شمّا في منطقة صفد وهي بلدية جبلية ومعروفة في التاريخ قيل فيها القولة الشهيرة «تحت كل حصوة فيها شهيد» ذلك ان القائد صلاح الدين لم يتمكّن من السيطرة على قلعتها الا بعد ان خسر نصف جنده، وبلدية صفد لها موقع استراتيجي في منطقة الشرق الاوسط اذ هي تقع بين دمشق ولبنان والأردن.

يقول الاستاذ شمّاء انه كان يعمل في اذاعة الشرق الادنى من يافا (بالعربية) قبل أن يتم طرده من العمل بها في أعقاب خلاف حاد نشب بين ابن عمه ومدير الاذاعة «تخاصم المديرمع ابن عمّي فطرده وطردني انا أيضا! فانتقلت الى القاهرة ومنها الى لندن حيث تم اعلامي بأنه تم قبولي للعمل بالـ «بي بي سي» بعد تلقيها لترشحات حوالي 42 مذيعا» واستعرض المتحدث المخاطر التي حفّت بسفره من مرسيليا الى لندن اذ مرّت الطائرة فوق الخطوط الالمانية سنة 1944 والحرب العالمية الثانية ما تزال قائمة، وقال المتحدث ان اذاعة الـ «بي بي سي» كانت حقيرة جدا اذ لم يكن بها اي تنظيم وكانت عبارة عن عمل فوضوي، وأشار الى أنه كان يقول ذلك صراحة امام زملائه ولقي كلامه ترحيبا من ادارة الاذاعة وخاصة من نائب المدير «نافل باربر» وهو مستشرق ومستعرب وكان يدافع بصفة خاصة عن القضية التونسية وكتب كتابا يُثبت فيه حق الفلسطينيين في أرضهم وغدر بريطانيا للعرب وكان يسخر من العرب الذين صدّقوا السياسة الاستعمارية البريطانية.

وأشار المتحدّث الى أنه كان وراء تنظيم العمل باذاعة الـ «بي بي سي» عبر المقترحات التي قدّمها والتي كانت تصبّ في اتجاه بعث دوائر متخصصة منها قسم الاحاديث وقسم الموسيقى وقسم «لكل سؤال جواب» الذي كان يهدف لاستقطاب المستمعين.

وأفاد المتحدث ان الاذاعة بدأت في التنظم سنة 1945 قبل ان تصبح اذاعة محترمة ومقتدرة جدا بداية من سنة 1947 وكانت حريصة على دقة اللغة العربية ومن أبرز من كان يسهر على ذلك محمد محمود جمعة وهو من خريجي الازهر الذي كان يحرص على سلامة اللغة في الاحاديث والاخبار.

تغلغل يهودي

وتحدّث الاستاذ منير شمّا عن التغلغل اليهودي في اذاعة الـ «بي بي سي» فمدير قسم الاذاعة العربي آنذاك هو يهودي مغربي من قبيلة «بني هلال» غيّر اسمه ليُصبح «هيللسون»، يقول المتحدث «كان هناك يهود كثيرون بالاذاعة، منهم «أبّو ربّي» عرفت من خلال حديثي معه انه يعرف جيّدا فلسطين وتفاصيل دقيقة عنها، وكذلك هناك نعيم البصري الذي لم يكن عربيا ولا مسلما، هو مولود بالبصرة واسمه «نخوم» (اسم يهودي) واستتر بذلك عبر تغييره بـ «نعيم».

وتحدّث الاستاذ شمّاء عن الحرية التي كانت لهم في تصيّد الخبر وقال «كنت أتحرّى في اختيار الاخبار وكنت ارفض الاخبار التي بها مساس بالعرب ولم نكن نجد أي اعتراض اما الان فقد تغيّر الامر».

خروج بسبب اليهود

وأتى المتحدث الى التفاصيل التي حفّت بخروجه من الاذاعة التي بدأت بالترجمة التي كان يحرص عليها والتي تنصّ على عبارة «المجرمون اليهود» أو «اليهود المجرمون»، ترجمتها هكذا لأنه لا يوجد لفظة اخرى اكثر دلالة على الجرائم التي يرتكبها اليهود، فحتى مع البريطانيين لم يكن اليهود شاكرين لهما بعد ان استقرّ لهم الوضع أطردوهم وطلبوا منهم مغادرة فلسطين.

قال الاستاذ شمّاء كنت في عملي لمّا دعاني مدير الاذاعة «ستيفنسون» الى مكتبه الذي عادة ما يكون خاليا من الاوراق والوثائق الا أنني فوجئت يومها بأكوام من الرسائل فوق المكتب… وقال لي «هذه الالاف من الرسائل بعث بها اليهود من أكثر من 20 دولة تطالب برأسك والانتقام منك»، فقلت له: «لماذا ما الذي فعلته؟» فقا: «من جرّاء كلمتك التي تصرّ عليها (أي «المجرمون اليهود»)!

وبعد ذلك اليوم جاءني يهودي من زملائي في الاذاعة «ليون ابو العافية» (يهودي من المغرب) وقال لي: كيف تسمّى اليهود بالمجرمين؟ فصفعته وسقط على الارض ـ كان جبانا الى أبعد الدرجات ـ وقام وقال لي: «ستُطرد من عملك!»، وبرغم أنني كنت استبعد ذلك لكن الذي حدث ان الاذاعة قطعت عقدي معها سنة 1947 وعدت الى فلسطين والتقيت كبير قضاة فلسطين محمد البرادعي العبّاس الذي قال لي ستأتي الى حيفا وتكون مديرا لدار السينما العربية الاولى والتي تأتي في اطار العمل على حماية الشباب العربي والمسلم من خطر ما تبثّه قاعات السينما الصهيونية… والمفاجأة أن القوات الصهيونية انتظمت الى حين اكتمال بناء دار السينما وقامت بقصفها بالمدفعية وتهديمها بالكامل».

ويواصل الاستاذ شمّاء «قرّرت العودة الى بريطانيا وعملت في شركة كانت تعد الفقرات الاخبارية التي تبث قبل عرض الاشرطة السينمائية… وفي الاثناء تلقيت دعوات للعودة الى الـ «بي بي سي» فقلت لهم: «لا أرجع لأن كرامتي لاتسمح بذلك الا أن تعتذروا فذلك أمر آخر».

فقال لي بعضهم: «أنت مجنون مدير الاذاعة رفض الاعتذار لرئيس الوزراء البريطاني، فكيف سيعتذر لك انت…!».

لقاء بورقيبة

ولكن، حدثت المفاجأة، وجاء الاعتذار عن طريق برقية من مدير الاذاعة! وقد «غالطوني في ذلك» لأن البرقيات لا أساس لها في الملفات الشخصية».

عدت الى العمل وبقيت الى حين جاء الحبيب بورقيبة سنة 1950 على رأس وفد لزيارة بريطانيا فبرمجنا حديثا معه، قال لي مدير الاذاعة: «باكشتال» لازم نستقبل بورقيبة في الشارع هذا زعيم لتونس، ونزلناواستقبلناه هو واعوانه وقال له المدير منير شمّاء سيُجري معك الحديث!».

دخلنا الى الاستوديو، سألته ان يُعرفنا بأسباب زيارته الى بريطانيا، فقال: «أتينا لنستنجد بأصدقائنا في حزب العمال من أجل الدفاع عن القضية التونسية ضد المستعمر الفرنسي، نحن نريد ان تستعمل بريطانيا كامل نفوذها للضغط على فرنسا لمنع اطلاق النار على المتظاهرين بصفة سلمية وأن يكفّوا على اعدام مواطنينا…» وأطنب بورقيبة في ذكر فظاعات المستعمر الفرنسي… وفجأة دفع مدير الاذاعة الباب ودخل وقال… «سامحنا سي الحبيب التسجيل طرأ عليه عطب!» فاستغرب بورقيبة وقال لماذا تقولوا لي إنه تسجيل».

وعدنا للتسجيل وفهم بورقيبة ـ المطلوب ـ وأعدت نفس السؤال عن أسباب الزيارة فأجاب «زيارتنا هذه للمداولات وتقريبا وجهات النظر، وأنا شخصيا احب فرنسا فقد درست بها وتزوجت فرنسية وأرغب في أن تتواصل العلاقة بين الشعبين التونسي والفرنسي نحو المزيد من التعاون ونأمل ان يكون لبريطانيا دور في ذلك»، لقد قال ما يريد لكن بعبارات ديبلوماسية جدا.

وقال الاستاذ شماء برغم تلك الصيغة للحديث مع بورقيبة فقد قامت الدنيا ولم تقعد بعد بثّه وكادت العلاقات الفرنسية ـ البريطانية ان تنقطع!

الاستقالة

ويواصل شمّاء ذكرياته التي بلغت به سنة 1956 وعلى اثر العدوان الثلاثي على قناة السويس الى تقديم استقالته من الاذاعة يقول المتحدث… «كنت يومها غير المصري الوحيد الذي استقال. وقال لي مدير الاذاعة لماذا تستقيل نحن نعدك لتكون رئيس القسم العربي وانت متزوّج حديثا…» فقلت له «الرزق على الله» فحاول اغرائي بالمال فرفضت وأصررت على الرفض وبرغم أحاديث عائلة زوجتي عن المستقبل الجيد الذي ينتظرني في الاذاعة لم أغيّر موقفي!

وذات يوم قالت لي زوجتي لقد اتّصلت بك السفارة التونسية لأمر أكيد وعند لقائي بالسفير انذاك الطيب سليم قال لي: «تلقينا تعليمات من تونس بقبولك للعمل وأن الرئيس مسرور بك» حينها قالت لي زوجتي «نحن نخاف من الألوية الحمراء! فقال: الطبيب سليم: الامر مستقر ولا مخاوف موجودة وهذه دعوة لزيارة تونس بصفة وديّة واذا اعجبتك بامكانك الاستقرار والا فبامكانك العدول عن ذلك!

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 9 جويلية 2006)

 

انتخاب تونسية أول امرأة عربية في مؤتمر الأحزاب العربية

 

* تونس ـ الشروق :

شهد مؤتمر الأحزاب العربية المنعقد في بداية الشهر الحالي بدمشق تعزيزا في تركيبة الأمانة العامة بافساح المجال لأول مرة لتمثيلية المرأة.

وتم انتخاب السيدة رفيقة العياري عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية عضوا في الأمانة العامة لتفوز بثقة ممثلي الأحزاب العربية الحاضرة (102 حزب).

وعبرت السيدة رفيقة العياري المعروفة على الساحة السياسية والنقابية في تونس ان الشرف الذي نالها لتكون أول امرأة تونسية وعربية في الأمانة العامة لمؤتمر الاحزاب العربية يبدو مضاعفا خاصة انه تزامن مع احتفال تونس بمرور نصف قرن على صدور مجلة الاحوال الشخصية التي أكدت على تحرير المرأة وفتحت باب المشاركة في الحياة العامة واسعا أمامها.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 9 جويلية 2006)

 


 

هبّة تونسية لنصرة فلسطين

* نجم الدين العكّاري

 

انتصار تونس للقضية الفلسطينية قديم ودائم، فهو يعود إلى بداية الاستيطان والاحتلال ويتواصل بنفس التوهج والحماس الى اليوم، وسيظلّ كذلك الى يوم التحرير وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وقد يكون الاجماع الوطني على دعم ومساندة القضية الفلسطينية أوسع من عديد الملفات ذات الاهتمام العام، والتي تحوز على التفاف واسع من التونسيين. ويلتقي التونسيون هذه الأيام، على اختلاف انتماءاتهم السياسية والاجتماعية، كالرجل الواحد، نصرة لفلسطين ودفاعا عنها أمام إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه القيادة الصيونية بشكل تصاعدي فاق كل حدود الاغتفار أو المسموح به.

فتونس التي لم تطرح نفسها لقيادة الأمة أو التحدّث باسمها توفقت، بجهودها الديبلوماسية في دفع مجلس حقوق الانسان للأمم المتحدة إلى إدانة «إسرائيل» على جرائمها المتكرّرة على الشعب الفلسطيني، في وقت يتابع فيه المجتمع الدولي هذا العدوان بنصف عين وبلسان معقود، ويحاول فيه الكبار تضييق الخناق على حكومة حماس والسلطة الفلسطينية.

وكان الرئيس بن علي، وقبل أسبوع وفي لقائه بعدد من السفراء ا لمعتمدين بتونس، دعا إلى إيقاف العدوان ضد الشعب الفلسطيني وضمان حماية دولية له والعودة إلى المفاوضات وتطبيق مبادئ الشرعية الدولية.

وتعيش تونس وكل مكونات المجتمع المدني فيها هذه الأيام هبّة تضامن ومساندة للقضية الفلسطينية تنديدا بالهمجية الصهيونية وفضحا لممارساتها الخارقة لاتفاقيات جينيف التي تفرض على سلطات الاحتلال ضمان أمن المدنيين.

الأحزاب السياسية والمنظمات برمجت تنظيم تظاهرات وتجمعات شعبية في عديد الجهات للمطالبة بوقف العدوان الصهيوني الغاشم الذي جاوز المدى، ولتعرية الصمت المريب والمفضوح لكبار العالم وأساسا أمريكا وبريطانيا وأوروبا والأمم المتحدة الذين يقدمون أنفسهم كرعاة سلام.

المجلسان النيابيان في تونس أدانا ما يتعرض له الشعب الفلسطيني وسلطته المنتخبة انتخابا ديمقراطيا وطالبا بتدخل عاجل للقوى المعنية بتطورات الشرق الأوسط وبفرض حماية دولية للشعب الفلسطيني المناضل.

ويبقى التونسيون دوما مستعدين لنصرة فلسطين وشعبها والتضحية من أجلهما، مثلما تمّ خلال العقود الستة الماضية، مع احترامهم لاستقلالية القرار الفلسطيني ورفضهم الدخول في الشأن الداخلي للفلسطينيين، مهما كانت الأسباب والظروف وهي نفس المبادئ التي تمسّك بها التونسيون عند احتضان تونس للقيادة والكوادر الفلسطينية، عندما عزّ قبولهم وتأخر الأشقاء عن دعمهم.

 

(المصدر: افتتاحية صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 9 جويلية 2006)


 

 

منظمة العفو الدولية

الجزائر : توافر أدلة على استمرار ممارسة التعذيب من جانب الأمن العسكري في مواقع سرية

كشفت منظمة العفو الدولية في تقرير نُشر اليوم النقاب عن أن عمليات الضرب والصعق بالصدمات الكهربائية والابتلاع القسري للماء القذر والبول والمواد الكيماوية أو أي منها ليست إلا بعضاً من الأساليب التي يستمر استخدامها من جانب قوات الأمن في الجزائر مع إفلات منهجي من العقاب.   واستناداً إلى سلسلة من دراسات الحالات التي جُمعت بين العامين 2002 و2006، يبين التقرير كيف أن « الحرب على الإرهاب » تشكل ذريعة لاستمرار ممارسة التعذيب وسوء المعاملة من جانب وكالة مخابرات « الأمن العسكري » في الجزائر، التي تعرف رسمياً بدائرة الاستعلام والأمن.   وقال مالكوم سمارت مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إنه « كخطوة أولى ينبغي على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن يعترف بالمزاعم المقلقة للانتهاكات الموثقة في هذا التقرير وأن يلتزم علناً بإجراء تحقيق فيها. وعليه أيضاً أن يكفل توقف أفراد دائرة الاستعلام والأمن عن توقيف المتهمين أو اعتقالهم، وتقديم أي شخص مسؤول عن ممارسة التعذيب أو سوء المعاملة ضد المعتقلين إلى العدالة دون إبطاء ».   ويتناول تقرير سلطات بلا حدود : التعذيب على يد الأمن العسكري في الجزائر عدة حالات تعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة على يد دائرة الاستعلام والأمن في مراكز اعتقال سرية من دون السماح بالاستعانة بمحامين وأطباء مستقلين أو مقابلة أفراد العائلة أو أي إشراف مدني.   وقد أعاد عدد من الدول بينها كندا وفرنسا وإيطاليا وماليزيا وهولندا وأسبانيا أشخاصاً يُشتبه في أنهم يمارسون أنشطة إرهابية إلى الجزائر قسراً رغم حقيقة أن دائرة الاستعلام والأمن هي التي تعتقل هؤلاء الأشخاص وتستجوبهم عادة. ورغم أن السلطات المدنية لا تمارس أية سيطرة على سلوك دائرة الاستعلام والأمن وممارساتها، سعت حكومة المملكة المتحدة أيضاً إلى عقد اتفاقية يمكن بموجبها إعادة المواطنين الجزائريين قسراً على أساس « تأكيدات دبلوماسية » بأنهم لن يتعرضوا للتعذيب.   ويبدو أن محاضر الاستجواب التي تُعدها دائرة الاستعلام والأمن تُستخدم بصورة روتينية كأدلة في المحاكم بينما يشكل انعدام التحقيقات في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في الجزائر باعث قلق قائماً منذ زمن طويل لدى منظمة العفو الدولية.   لقد أخفقت التدابير المتعاقبة التي اتخذتها السلطات لطي صفحة عقد من النـزاع الداخلي لقي فيه 200,000 شخص مصرعهم و »اختفى » عدة آلاف غيرهم، في معالجة بواعث القلق الملحة المتعلقة بحقوق الإنسان ومنحت الجناة حصانة واسعة من العقاب.   وقد أعربت منظمة العفو الدولية بصورة متكررة عن قلقها إزاء هذه التدابير. ويتعلق باعث قلقها الرئيسي بحقيقة أن قانوناً للعفو صدر في فبراير/شباط 2006 نص على الإفلات من العقاب على الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، بما فيها التعذيب الذي مارسته دائرة الاستعلام والأمن.   وقال مالكوم سمارت إن « إصرار السلطات الجزائرية على إنكار الانتهاكات واسعة النطاق التي وقعت يشكل مؤشراً على أنه يظل على الجزائر أن تقطع شوطاً ملموساً في محاربة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة » وتابع يقول إنه « ينبغي على السلطات أن تعالج الإرث المخيف للماضي وتكفل معاقبة مرتكبي التعذيب ».   ويتضمن التقرير سلسلة من التوصيات المقدمة إلى الحكومة الجزائرية ومن ضمنها : وجوب عدم السماح لأفراد دائرة الاستعلام والأمن بتوقيف أو اعتقال المتهمين، نظراً لاستمرار مزاعم التعذيب الذي تمارسه الدائرة وانعدام أي إشراف فعلي على إجراءات التوقيف والاعتقال التي تتبعها. وجوب تعديل التشريعات لضمان منح أي شخص يتعرض للاعتقال حق مقابلة محام دون إبطاء؛ وجوب إلغاء النصوص القانونية التي بدأ العمل بها في فبراير/شباط 2006 وتنتهك واجب الجزائر في التحقيق في ممارسة التعذيب وسوء المعاملة والمعاقبة عليها، وتُجرِّم حرية التعبير فيما يتعلق بالانتهاكات التي ترتكبها الدولة. وإضافة إلى ذلك، تدعو منظمة العفو الدولية الحكومات الأجنبية إلى التوقف عن الإعادة القسرية للأشخاص إلى الجزائر إذا كانوا سيتعرضون لخطر التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة ووضع حد لاستخدام « التأكيدات الدبلوماسية » والتأكد من عدم استخدام الأدلة المنتـزعة تحت وطأة التعذيب في الجزائر في الإجراءات القضائية وعدم اعتقال أي شخص، يُقبض عليه في الجزائر بناء على طلبها، لدى دائرة الاستعلام والأمن. وللحصول على نسخة من التقرير المعنون سلطات بلا حدود : التعذيب علي يد  الأمن العسكري في الجزائر انظر الموقع الإلكتروني : http://web.amnesty.org/library/index/engmde280042006.

 

 


 

كاس العالم وكاس الفودكا

سمير الوافي

 

لا أفهم كثيرا في الكرة… ولا أدّعي أنني ملمّ بدواليبها… ولكنني أفهم في الوطنية وقلبي تونسي جدا… والكرة لم تعد كيس هواء منفوخ … بل صارت علما وخريطة وسمعة وسياسة واقتصاد … لذلك أكتب عن الكرة… من منبع القهر الذي عذبني في كأس العالم … وكنت ككل تونسي أغلي كالمرجل وألتهب بالنار الباردة بسبب المنتحب الغير وطني التونسي…. وبسبب  » عصافير قرطاج » الذين سمّيناهم خطئا  » نسور قرطاج » وقد أخطأنا في ذلك … لأن النسور لا ترضى سوى بالقمم ولا تحلّق سوى عاليا… ولا تستسلم ويخشاها الجميع… ولا ترضى بالسفوح وبما دون القمم … بينما لاعبونا كانوا في ألمانيا عصافير خائفة مرتجفة مغلوبة ضعيفة… بلا مخالب وبلا قوة وبلا عزيمة…. لا تخيف أحدا…!!

 

وككل تونسي مقهور ومحبط مما جرى … وخاب أمله في  » تفرهيدة » كروية… تنشط فيه الخلايا الوطنية السعيدة … وتجعل صيفه سعيدا وشعوره بالاعتزاز قويا … ككل تونسي مثلكم انتظرت بقلب مشتاق… ذلك الملف الذي أعلنت عنه قناة تونس 7، لتحليل أسباب خيبتنا بحضور رئيس الجامعة وجماعته… انتظرنا أن يعترف هؤلاء بالخطإ حتى نتفرهد… وبالخلل حتى نتفاءل …وبالعلّّة حتى نشفى … انتظرت ان تتكلم ضمائرهم .. وتقول أخطأنا وأذنبنا ولم نوفق … وهذا هو الداء وهنا المرض … لان التشخيص بداية العلاج والاعتراف بداية الوعي. انتظرنا أن تصحو ضمائرهم وأن يكونوا يابانيين في الاعتراف بالخطأ … فالياباني قد ينتحر بسبب ضميره… تمنينا أن يكون ملف مصارحة وصراحة وحقيقة وشجاعة في الاعتراف… فنتنفس نحن ونتفرهد ونزيل من القلب غمة ظلت تخنقنا… وأن يحترموننا باعتذار متحضر !!

 

ولكننا فوجئنا بجماعة الجامعة يسمون الديك حمارا… ويحاولون إقناعنا أن العصافير تزقزق والطقس جميل وكل شيء على أحسن ما يرام … فاللاعبون منضبطون جدا … وأعطوا ما عندهم من عرق ووطنية … والممرن عظيم ومخلص … في أداء مهمته … والجامعة مثالية وأحسن جامعة في العالم … ولومار يحب طارق ثابت… والأكل واللياقة البدنية والتمارين والخطط والنوم والطقس والعلاقات …. كلها جيدة ورائعة ومثالية… وكل الظروف مناسبة وبلا مشاكل … وكل التوانسة ظلموا المنتخب وقسوا عليه والمشاكل هيّ فينا نحن الجمهور فقط… ولو لا التحكيم والحظ لعدنا بكأس العالم إلى تونس.

 

السيد حمودة بن عمار لو ظل ساكتا أحسن… فحين تكلم ليوضح…. كان مثل الذي  » جا يداوي في السّاق كسّر الرّكبة  » إذ لا هو ولا أحد من جماعته اعترف بخطإ واحد … أو قال لنا بضميره اعتذر واطلب منكم السماح من منطلق وطني… ولم يبق إلا أن يقولوا لنا نحن الجمهور المقهور  » أنتم الذين فشلتم في كأس العالم!!. »

 

في حين أن سهرت ما قبل المونديال… كشفت أن اللاعب التونسي … لا يقدر سوى على رفع كأس الفودكا …فلماذا نطالبه بكأس العالم …؟!

 

بصراحة لولا تحالف قناة حنبعل مع الحقيقة ليلتها… وانحيازها للحقيقة فقط… لخنقنا القهر ولمتنا بالسكتة الكروية …. لقد خسرنا في كأس العالم … لكننا ربحنا الحرية في قناة حنبعل التي كانت مرآة الديمقراطية والحرية… بجرأة نحتاجها جدا جدا..!!

 

(المصدر: بوابة « باب.نت » التونسية بتاريخ 8 جويلية 2006)

وصلة الموضوع:  http://www.babnet.net/rttdetail-8401.asp

 

 

 


 

 

الوسط من المحلية إلى العالمية

 » لم يعد بوسعنا أن نقول إن التاريخ يتخذ مسارا أحادياً محدّدا ، وأن نكون سذجا في إدعاءاتنا التقدمية  » . ويليام كريستول عبدالباقي خليفة- الوسط التونسية:
 http://www.tunisalwasat.com هذه المرة الثانية التي أكتب فيها عن جريدة  » الوسط التونسية  » الالكترونية و بين المرة الأولى والثانية مساحات من الاحداث والتطورات التي واكبتها الوسط ، وأظهرتها بمظهر جديد تطغى عليه العالمية ، حيث لم يعد الشأن الوطني فضلا عن الحيز الخاص مسيطرا على سمت ومحتويات الجريدة ، وهذا يحسب لها. وإذا نظرنا إلى المواقع الناجحة على الشبكة العنكبوتية ، والتي تستقطب أعدادا كبيرة من القراء مثل الاسلام أونلاين ، أو الاسلام اليوم أو موقع مجلة المجتمع الكويتية وغيرها ، نجدها عالمية الاهتمام ، بعيدة عن الاستغراق في الهم الذاتي أو حتى الوطني. وقد أدركت بعض الصحافة الالكترونية الحزبية ذلك مثل موقع اخوان اولاين وغيره من المواقع لأهمية العالمية اعلاميا كما هو الحال مع العالمية الفكرية ، فخصصت مساحات كبيرة للبحوث والدراسات والتحليلات والتقارير والمتابعات للقضايا الاقليمية والعربية والاسلامية والعالمية في الكرة الارضية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها ولا سيما تلك القضايا التي تهم العرب والمسلمين والانسانية جمعاء . فإلى جانب تساوق تلك التغطيات مع القناعات الفكرية لاصحاب تلك المواقع ، تجلب الكثير من القراء متعددي الاهتمامات بما في ذلك الاهتمام بالشأن المحلي ، الذي يجب أن يكون ولا ريب في المقام الاول . أتذكر هنا جملة قالها أحد المنبتين التونسيين ، والتي تكشف على غياب البعد الانساني في نظرته للكون ، فضلا عن فقدان البعد الاسلامي حيث قال  » ما الذي يجمعنا بالاندونسيين  » ؟ ! وهكذا حال كل من يحاول ضرب الروابط الاسلامية ، أو يقلل من أهميتها فضلا عن نكرانها ،لانه بذلك يقطع وشائج الانسانية بل ركائزها الاساسية ابتداء . ورغم ندرة الاقلام التي تساهم في الدفع بالنشاط الاعلامي الالكتروني للأمام بما يخدم قضايا الحق والعدل و الحرية ، بسبب غياب التمويل اللازم لذلك ، حيث أصبحت الخدمات الاعلامية ، مع زحمة العمل ومتطلبات الحياة المعاصرة ، كغيرها من الخدمات الأساسية ، في حاجة لتمويل من أجل التفرغ أو جعلها في سلم الاولويات ، رغم ذلك تمكنت الوسط ليس من الصمود فحسب بل من تطوير نفسها و ملاحقة الاحداث الوطنية والاقليمية و العالمية أيضا . وقد استطاعت الوسط تحقيق هذه المرتبة بتفاني المشرف على الموقع الاستاذ مرسل الكسيبي ، و باخلاص عدد من الأقلام المساهمة في خدمة قضية الحق و العدل والحرية ، في تونس أولا و العالم ثانيا . و لم تنس الوسط و هي تعاني هموم الوطن أن تتحدث عما يجري في فلسطين المحتلة ، ومتابعة ردود الافعال في الساحات المختلفة و من ذلك مسيرة المائة ألف متظاهر في المغرب ، و الحديث عن ارهاب الدولة العبرية في مقال للدكتور أحمد القديدي ، ومحنة العلم والتعليم و العلماء من تونس إلى مصر ، حيث يعرض تونسي شهادته الجامعية للبيع أمام تمثال ابن خلدون ، ومصري يخترع جهازا يمنع السفن من الغرق يقابل بالتجاهل من قبل نظام الحكم في بلده ! ثم نجد كوابيس فتحي النصري التي تؤرق كل تونسي و كل مسلم بل كل انسان مضطهد في القارات الخمس ،  » كوابيس الزوجة فوق الرئيس والرئيس فوق الحاشية و الحاشية فوق السلطة و السلطة فوق الدولة و الدولة فوق … ( فوق بركان ) . وهناك وصايا رشاد لاشين حول رسالة الاعلاميين  » أن يكون ذا غاية عظيمة وهدف نبيل  » و » أن يحرص على نجاح الرسالة الإعلامية  » و » أن يتمتع بسعة الصدر والاستيعاب الكامل لرسالته  » و أن يحرص على توفير الآليات اللازمة لتوصيل الرسالة  » و « اللباقة والقدرة على التعبير الجيد  » و » أن يحرص على العمل بروح الفريق « وأن  » يكون مستقيما متمتعاً بالأخلاقيات الحسنة  » وتعلم « إتقان فنون الحوار » و » الموضوعية والاعتراف بالخطأ  » و »رد الهجوم بأسلوب راقٍ خالٍ من الإساءة  » و » الاستعداد لمواجهة التهديدات والمخاطر  » و  » محاولة تغيير الاتجاهات  » و  » القدرة على توصيل رسالة مبهرة تتناسب مع لغة العصر » و »أن يوصل فكرته بأقل الكلمات المعبرة والمؤثرة « وأن  » يقدم رسالته بلين ورفق  » وأن يستخدم  » المنطقية والتدرج وتقديم مفاجآت في الوقت المناسب  » وكل هذه الوصايا مأخوذة من قصة سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام ، وقد اضطررت لإعادة ذكرها جميعا لما فيها من خيرو منفعة ، فالذكرى تنفع المؤمنين . كما نجد تغطية لندوة  » الاسلام و الديمقراطية  » بالولايات المتحدة حيث شاركت فيها الاستاذة نادية ياسين ابنة الداعية الرباني الشيخ عبد السلام ياسين حفظه الله مؤسس حركة العدل و الاحسان المغربية و التي تتعرض لضغوط متزايدة في المدة الأخيرة . كما تطرقت الوسط في مقال للفساد الذي ينخر العالم العربي حيث بلغت نسبته الثلاثين في المائة من حجم الفساد في العالم . ولا يمكنني الحديث عن كل المقالات والتغطيات التي يجدها القارئ على موقع الوسط التونسية ، فهي متاحة له في الوقت الذي يشاء فيه الاطلاع عليها ، و إنما اردت التأكيد على توجه الصحيفة العالمي والخروج من الحيز المحلي ، وإن كان يجب أن يظل في المرتبة الاولى ، فإذا كان العالم الاسلامي أو العالم موزع على ثغور فإن حماية ما يلي الانسان أولى ، مع تقديم المساعدة للثغور الأخرى بقدر الحاجة و الحاجة تقدر بقدرها كما يقول الاصوليون . وإن كان هناك من نقد يوجه للصحافة الالكترونية بما فيها الوسط فهو الاكثار من النقل عن المواقع الأخرى ، و هو أمر قابل للفهم في إطار ما ذكرناه سابقا ، من قلة الاقلام وعدم وجود متفرغين لهذا العمل و ضعف بل انعدام التمويل ، و إن كان ذلك مفهوما فإن ما تؤأخذ عليه فعلا هو الفردية و قلة التعاون فيما بينها و العمل بروح الفريق أو راكبي السفينة الواحدة ، أو بتعبير أدق روح الاخوة الصادقة ، التي يعلمنا إياها الاسلام . إلى جانب التواضع طالما أنه  » لم يعد بوسعنا أن نقول إن التاريخ يتخذ مسارا أحادياً محدّدا ، وأن نكون سذجا في إدعاءاتنا التقدمية  » . كما قال ويليام كريستول في مقابلة تلفزيونية بثت مؤخرا .
تم النشر على صحيفة الوسط التونسية بتاريخ 9 جويلية 2006
 


ارهاب الدولة العبرية أمام التاريخ العربي

 
د.أحمد القديدي- خاص بالوسط التونسية:
 http://www.tunisalwasat.com العجيب في المشهد الغزاوي هذا الأسبوع ليس القوة الغاشمة الصهيونية التي تقصف أبرياء الشعب الفلسطيني و تدك البيوت الأمنة و تقتل الأطفال و النساء، و لا العجيب هو الدعم الغربي الجائر الذي يواصل التكفير عن ذنوب الجيل الألماني و الفرنسي السابق الذي اضطهد اليهود و أباد منهم مئات الالاف مابين 1939 و 1945. العجيب في المشهد المرعب ليس أيضا الصمت العربي الرسمي الذي أعطى لانتقام الصهاينة ما يحتاجه من المساندة السلبية و غلف جريمتهم بالنسيان . كل هذه الحالات العجيبة تعود عليها المناضلون الفلسطينيون و خبروها منذ عقود و تحولت جهودهم الى تعبئة الداخل و اغلاق باب الانتظار الطويل للذي لا يأتي. و أدرك الفلسطينيون بأن ميثاق الدفاع المشترك الذي يزين واجهة جامعة الدول العربية و الذي وقعه العرب في عهد يسميه التقدميون و الجمهوريون العرب المساكين بالعهد البائد أي عهد الملوك العرب عندما عقدوا العزم في مارس 1945 و أسسوا جامعة الدول العربية واتفقوا على أن يكون أمينها العام الرجل المثقف الوطني العروبي عبد الرحمن عزام باشا ( الجد للأم للدكتور أيمن الظواهري !) و حين علقت العروش العربية تعاونها مع الغرب على شروط العدل الدولي في قمة أنشاص بمصر التي دعا اليها طيب الذكر الملك فاروق ملوك و زعماء العرب في مايو 1946 و أنشدت لهم أم كلثوم قصيدة من شعر حافظ ابراهيم التي يقول في مطلعها: هذي يدي عن بني مصر تصافحكم فصافحوها تصافح نفسها العرب بني العروبة هذا القصر كعبتكم و ليس منكم من الحجاج مغترب. و العجيب في مجازر غزة التي أعطاها الجيش الاسرائيلي عنوان رأس الحربة ليس كما يعتقد المراقبون الدوليون استحلال الدم الفلسطيني و اقامة محاكمة مهزلة للشخصيات الحماسية المنتخبة من وزراء و نواب الشعب حتى أن المؤرخ و المفكر الفرنسي فرنسوا بورغا كتب في الصحف الأوروبية يقول : تصوروا قصفا جويا لقصر الايليزي و قصر ماتينيون و اختطاف رئيس حكومتنا دومينيك دو فيلبان ورئيس برلماننا جون لوي دوبري بسبب احتجاز جندي عدو في الحرب أثناء الاحتلال ! هذا هو الذي يقع لفلسطين اليوم ! و العجيب اليوم لم يعد كذلك استعمال القصف بالطائرات ضد القرى و الأحياء المدنية في مخالفة اجرامية مبيتة لكل المواثيق الأممية و كل معاهدات القانون الدولي الموقعة و كل نواميس الحرب بحجة استرداد جندي عدو واحد متواجد على أراض أعلنتها منظمة الأمم المتحدة أراضي محتلة و شرعت الدفاع عنها و تحريرها بكل الوسائل المتاحة كأي أرض محتلة. و العجيب ليس كذلك أن يقف الشباب الفلسطيني وحده و بأيد عزلاء في مواجهة أعتى قوة عسكرية في الشرق الأوسط، فقد كان ذلك حاله منذ 1948 عام النكبة. كما أن العجيب ليس البيان المتردد الذي أصدرته منظمة كوفي عنان وهو غير ملزم يعاتب فقط الدولة العبرية على عدم التلاؤم بين الأسباب و الوسائل المستنفرة ! في لهجة تعودنا أن نسمعها من واشنطن و ليس من نيويورك ! و من البيت الأبيض و ليس من بيت الأمم ! أما العجيب حقا فهو الفرق بين عرب 1946 و عرب 2006 . ستون عاما تم خلالها القضاء على المجتمعات المدنية العربية التي كانت تتأثر بعفوية و ترد الفعل بسرعة و تعبأ نفسها للذود عن الثوابت و القيم و المصير و تناصر الأخوة و الأشقاء دون تردد. و أنا أذكر في أيام الصبا حين تم اغتيال الزعيم النقابي و الوطني التونسي فرحات حشاد في تونس يوم 5 ديسمبر 1952 فاذا بمظاهرة عارمة تخرج في الدار البيضاء بالمملكة المغربية يستشهد خلالها على يد نفس الاستعمار الفرنسي ثلاثة أبطال مغاربة، و لم تكن لدى الناس لا فضائيات و لا شبكة أنترنت تنقل الأخبار بسرعة اليوم. بل حتى حين لم تكن لدى العرب سوى قوافل البعيرمنذ ألف عام خرج الامام الدمشقي أبو سعد الهراوي من منبر المسجد الأموي حين سمع بأن الصليبيين دخلوا بيت المقدس و قتلوا المسلمين عام 1099 عاري الرأس حافي القدمين يتجول بين ملوك العرب و قبائلهم داعيا للجهاد و الدفاع عن أول القبلتين و ثالث الحرمين. أو حين خرج عام 1800 البطل الاسلامي سليمان الحلبي من الشام ليصل مصر فيقتل قائد الحملة الفرنسية الاستعمارية على مصر و الشام الجنرال كليبير بعد أن بلغته أنباء استشهاد علماء و طلاب الأزهر الشريف! أين المجتمعات المدنية العربية التي قاومت الاستعمار و حملات التنصير و كسرت شوكة الطغاة العنصريين؟ لماذا أصبح كل المجتمع في الجمهوريات العربية يتحرك ضمن الحزب الحاكم و في قوالبه و حسب مشيئة الحاكم مما أفقد شعوبنا حرارة الصدق وأخمد لديها جذوة الكفاح فعزت النصرة للمظلوم و عز النصر لصاحب الحق. انها المصيبة الكبرى التي تنذر بتفكك العصبية التي ذكرها العلامة ابن خلدون و التي سماها الكواكبي انفجار الحب و النوى في النفس الأبية و أطلق عليها هذه الأيام أستاذنا محمد حسنين هيكل عبارة طريفة و لكنها صادقة هي هروب العرب من التاريخ !  

 

إسرائيل.. أيهما تريد: رأس حماس.. أم استعادة الجندي الأسير؟

بلال الحسن

حين نراقب كيف تتعامل إسرائيل مع قضية الجندي الأسير في غزة، نخرج بانطباع معزز بالشواهد، بأن إسرائيل لا تسعى إلى الإفراج عن الجندي، وأنها ليست معنية بعودته سالما إلى أهله وبيته. صحيح أن الصحف الإسرائيلية مليئة بالدعوات والتهديدات والتصريحات التي تتحدث عن ضرورة الإفراج عنه حيا وسالما، ولكن تصرف إسرائيل في العمليات العسكرية، وفي المفاوضات، وفي الحملات السياسية التي تشنها ضد جيرانها، يضع القضية في مسار بعيد كل البعد عن مسار الإفراج عن الجندي الأسير.

لا نقول هذا من عندنا بل يقوله الكتاب الإسرائيليون. إنهم يقولون لقرائهم ولكل العالم «إن الهدف ليس تحرير الجندي، أو وقف إطلاق صواريخ القسام، الهدف هو إسقاط حكومة حماس، وأن ينتخب الفلسطينيون قيادة مسؤولة تدخل في مفاوضات مع إسرائيل». وهم يكتبون أيضا قائلين إن إسرائيل تريد «شن حرب استنزاف مستمرة ضد الفلسطينيين». وتوحي هذه السياسة أن إسرائيل فقدت أعصابها، على مستوى الجنرالات، وعلى مستوى السياسيين، وحتى على مستوى رئيس الوزراء، فايهود اولمرت نفسه أدلى بتصريح غريب يعكس حالته النفسية قال فيه إنه سيتصرف بطريقة أن «رب البيت قد جن».

من أين يأتي هذا الجنون الإسرائيلي؟ من الاعتقاد بأن الأمور كانت تسير في السنتين الماضيتين لصالحها كليا. فهي ألغت من جدول أعمالها نهج التفاوض مع الفلسطينيين، وذهبت مع آرييل شارون نحو مخطط الانسحاب المنفرد من غزة، ونالت على ذلك ثناء واشنطن، وكافأتها واشنطن بإصدار «وعد بوش» الذي ايد كل مطالبها المتعلقة بقضايا التفاوض النهائي، وبنت بناء على ذلك خطة اولمرت للانسحاب المنفرد من الضفة الغربية، ورسم حدود دولة إسرائيل على تخوم الجدار العازل، وما هي إلا فترة من الانتظار للظرف الدولي المناسب حتى تندفع نحو تنفيذ هذه الخطة وفرضها على العالم كله. لهذا كانت إسرائيل منتشية، ولكنها واجهت فجأة تطورات حولت الحلم إلى كابوس. نجحت حركة حماس في الانتخابات، وأدركت إسرائيل فورا أن هذا النجاح يعرقل خططها، وبخاصة في ما يتعلق بالسيطرة على الفلسطينيين وتركيعهم. أما الفلسطينيون الغارقون في أزمات الجوع والفوضى الأمنية والمنازعات السياسية فقد بدوا للإسرائيليين وكأنهم كم لا قيمة له، وجموع ستنشغل بتدبير الطعام ولا تستطيع أن تنشغل بأي امر آخر. ولكن عملية عسكرية جاءت فجأة وهزت شباك حارس المرمى الإسرائيلي، وانهزت معها مكانة الجيش الإسرائيلي وكرامته. والمهم في هذه العملية العسكرية أنها حصيلة تخطيط وحفر للخنادق، لا يتم إلا على امتداد ستة أشهر أو أكثر، أي أن الإعداد لهذه العملية كان يتم في الوقت الذي كان الإسرائيليون ينظرون فيه إلى الفلسطينيين على أنهم كم مهمل، وكان هذا الأمر بحد ذاته صفعة للجنرالات الذين يعتقدون أن قبضاتهم تمسك بالعالم وتتحكم به. ولذلك فإن إسرائيل تعيش الآن حالة نفسية ترى فيها أن الأمور قد تحولت إلى غير صالحها.

كيف تصرفت إسرائيل على الأرض؟

لقد كان الشعار المعلن تحرير الجندي الأسير وإعادته سالما. تحريره بواسطة القوة الإسرائيلية وحدها. حشدت حول قطاع غزة عددا من الدبابات والمدافع يستطيع خوض معركة العلمين الثانية، وهي تدرك كما أدرك غيرها، أن حشد هذه القوة ليس للاستعمال والاجتياح، بل للتخويف فقط. ولكن الفلسطينيين لم يخافوا. ثم أقدمت على ضرب البنى التحتية، ضرب محطة الكهرباء، ووقف إمدادات الطاقة، ومنع عبور الطعام والأدوية. ولكن الضغط الدولي استنكر ذلك فتراجعت عنه. ثم أقدمت على اختطاف الوزراء والنواب، فنزلت من مستوى دولة إلى مستوى تنظيم مسلح يواجه تنظيما مسلحا آخر ويتبع وسائله نفسها، باستثناء أن التنظيم الفلسطيني خطف جنديا من داخل معسكر، بينما خطف التنظيم الإسرائيلي نوابا منتخبين من داخل منازلهم، وهو أمر لن يكون مقبولا في الوسط الدولي. وكانت الحصيلة أن اتباع هذه الأساليب أظهر حالة من التردد والتخبط ومن العجز عن اتخاذ القرار الحاسم، لأن القرار الحاسم سيعني مقتل الجندي الإسرائيلي، وهو ما سينعكس سلبا على الوضع الداخلي في إسرائيل، ويظهرها عاجزة رغم هذه القوة التي تهدد بها. هنا دخل العامل الأميركي على الخط، وبدأ تحويل المعركة من معركة استعادة الجندي الأسير، إلى معركة تهديد لحركة حماس وسوريا. طلبت أميركا أن يتم تجاوز قضية الجندي من أجل وضع القضية في إطار المخطط الأميركي الكبير المتجه نحو ايران والعراق ولبنان. ولذلك لا بد من توجيه الاتهام نحو سوريا، واعتبارها مسؤولة عن الإرهاب في الشرق الأوسط. ولا بد من توجيه الاتهام نحو حماس الخارج، لأن هذا «الخارج» هو جزء من محور الشر الذي تحاربه الادارة الأميركية.

هنا بدأنا نسمع عن أهداف إسرائيلية جديدة: النواب والوزراء المحتجزون لن يفرج عنهم، بل سيحاكمون بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، وربما سيتم طردهم مرة أخرى إلى مرج الزهور في لبنان، وهو المرج الذي أبعد إليه هؤلاء الأشخاص أنفسهم عام 1994 (أيام إسحق رابين) وعادوا منه ليصبحوا قيادات تتقدم الصفوف. خالد مشعل لن يحمل بعد الآن صفة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بل سيصبح أخطر رجل إرهابي على مستوى العالم، وهو الذي يملك قدرة سحرية على إصدار الأوامر من مقره بدمشق، فيتم الامتثال لها في غزة، ويتم التنفيذ بعد ساعات، وهو الذي يستطيع وحده أن يأمر بالإفراج عن الجندي ولكنه لا يفعل. سوريا تتحمل المسؤولية الأولى عن كل ما يجري، فهي الدولة التي تحتضن خالد مشعل وعليها أن تأمر بطرده، وإذا لم تفعل فقد تواجه غارات جوية إسرائيلية وعمليات اغتيال في قلب عاصمتها. وحماس في الداخل يجب أن تضرب، عبر الاغتيالات، وعبر الاعتقال، وعبر تدمير المقرات (رئاسة الوزراء، وزارة الداخلية، المدارس…. الخ)، ولا بد أن تتم مصادرة أموال حماس، كيف؟ ليس بمنع وصول الأموال إليها، بل باقتحام البنوك ومصادرة أموال الحركة. وهكذا تكون اللصوصية، حتى اللصوصية، قد أدرجت كبند من بنود ضرب حركة حماس. هل توجد حملة ترويع أكثر من هذه الحملة؟ لا. لم يشهد الصراع العربي الإسرائيلي شيئا كهذا من قبل، باستثناء حرب شارون في لبنان عام 1982، والتي انتهت، حسب التحليل الإسرائيلي، إلى فشل استراتيجي ذريع. ولكن حملة الترويع هذه قد تنتهي إلى الفشل، ليس استنتاجا منا، بل كاستنتاج إسرائيلي. لقد كتبوا وقالوا إن المضي في هذه الخطة حتى النهاية سيعني أمرين:

الأمر الأول: إن سقوط حركة حماس وهي في الحكم سيعني سقوط السلطة الفلسطينية، وهذا ما لا تريده إسرائيل لأسباب عديدة منها، أنها ستكون مضطرة آنذاك لتعود وتتحمل مسؤولية الاحتلال.

الأمر الثاني: أن اولمرت وخطته قد يكونان الضحية الأولى لما يسمونه «عملية غزة».

وهكذا لا تقود السياسات المجنونة التي تنطلق من واشنطن، وتمر عبر إسرائيل، وتضرب في فلسطين، وتهدد المنطقة العربية، إلا إلى نتائج مجنونة، تستطيع أن تدمر، ولكنها لا تستطيع أن تحل أية مشكلة، وحتى مشكلة الجندي الأسير.

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 9 جويلية 2006)

 


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.