الأحد، 18 أكتوبر 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3435 du 18 .10 .2009

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولقيادات إنتفاضة الحوض المنجي

ولضحايا قانون الإرهاب


حــرية و إنـصاف: أخبار الحريات في تونس

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: دورة المراقبة و دورية الحصار

حــرية وإنـصاف:حرية وإنصاف تحت الحصارصباحا .. مساء .. ويوم الأحدْ

السبيل أونلاين :البوليس السياسي يحاصر نشطاء حقوق الإنسان في بيوتهم وتنقلاتهم

اعتصام في تونس من اجل تحرير الاعلام السمعي البصري من الاحتكار

ظاهـر المسعـدي:تـونس: حجب الموقـع الالكتروني لقنـاة الجزيـرة

السبيل أونلاين :البوليس يحدث إزعاجا للناشط الحقوقي السيد المبروك وأسرته

الاتحاد الدولي للصحفيين يدين الهجمة ضد ناشط نقابي في تونس

السبيل أونلاين :المجموعة الثالثة من أناشيد … تحمل هموم الوطن تنشر لأول مرّة

كلمة:المصالح الأمنية تطرد فريق كلمة من طبرقة بدعوى أنّه أجنبي

السبيل أونلاين:ألمانيا:قيادي في التجمع الدستوري الديمقراطي يرفض أن يكون سفيرا لتونس في برلين

المرصدالتونسي:إضراب التعليم الأساسي في زغوان : فشل الإضراب و نجحت النقابة !!

القضاء التونسي يرفض دعوى لإيقاف بث مسلسل { بيت صدام }

وقائع محاكمة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الصباح:التجمع يرفع التحديات.. «الشعبية» و«الوحدوي» يركزان على الجهات والمستقلون في «سبات»

الصباح: توافدوا على مقرّ القنصلية بباريس منذ الصباح الباكر:المهاجرون ينتخبون.. وحضور قويّ للجيل الثالث

الصّباح:فيما تتراجع الولادات ويرتفع معدل أمل الحياة:التونسيون «يشيخون»

الصباح:حادث مصنع حمام سوسة:مخالفات للمقـاييس الفنيـة وراء انهيـار البنايـة

الشروق:حصيلة القتلى ترتفع الى 8 وعمليات الانقاذ تواصلت حتى يوم أمس

الصباح:من المنتج إلى المستهلك:القفة بأسعار الجملة.. والقشارة في التسلل

زهير سالم:الإسلاميون والغرب .. الأعداء رغم أنوفهم

(طارق الكحلاوي :في ضرورة التعمق في معضلة التحول الديمقراطي (4

محمد جمال عرفة :سيف الإسلام.. الصعود الثاني لـ”جوكر” ليبيا

د. عزمي بشارة:انتخابات دون حق الانتخاب

فهمي هويدي:من دلائل الخيبات

ياسر الزعاترة:أوباما ومبادرة جنيف.. دولة مسخ وتصفية للقضية

هيفاء زنكنة:نساء الفلوجة يتجنبن الحمل خشية انجاب اطفال مشوهين


 (Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي200

فيفري2009    
مارس 2009      https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm 
أفريل 2009     
جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 28 شوال 1430 الموافق ل 18 أكتوبر 2009

أخبار الحريات في تونس

 


1)   منع العائلات من الزيارة ونقل مساجين الرأي المضربين من سجن برج الرومي إلى سجون أخرى: منعت إدارة سجن برج الرومي يوم السبت 17 أكتوبر 2009 عائلات عشرات مساجين الرأي المضربين عن الطعام من الزيارة بعد أن كان مدير السجن المذكور قد وعدهم يوم الخميس الماضي بالعودة يوم السبت للزيارة. ورغم اعتصام عشرات العائلات لمدة ساعات أمام السجن إلا أنها لم تتمكن من الزيارة بل وأصبحت تجهل مكان وجود أبنائها، في ظل تعتيم الإدارة عن تفريق السجناء المضربين على بقية سجون البلاد، فقد علمت إحدى العائلات بأنه تم نقل ابنها إلى سجن السرس بولاية الكاف. ويواصل عشرات مساجين الرأي إضرابهم المفتوح عن الطعام لليوم الرابع عشر على التوالي للمطالبة بإطلاق سراحهم. وقد هددت عائلات المساجين بتنفيذ إضراب تضامني مع المضربين في صورة عدم استجابة إدارة السجن لمطالب أبنائها. 2)   حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس تونس في 18 أكتوبر 2009 منظمة حرية وإنصاف :

دورة المراقبة و دورية الحصار


يواجه أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف منذ تأسيسها في أكتوبر2007 إلى دورات من المراقبة اللاصيقة خلال تنقلاتهم ما فتأت أن تحوّلت منذ مستهل صائفة 2009 إلى محاصرة دورية لمقرها الإجتماعي بنهج مختار عطية- تونس كما عند محلات عمل ومحلات سكنى أعضائها، ويحدث في غير ما مناسبة أن يتدخل أعوان الأمن بمنع إلتقاء إثنين من أعضائها في فضاءات عامة ( مقهى، مطعم ، طريق عام ). وقد خضع مقرّ عمل السيد حمزة حمزة عضو المكتب التنفيذي للمنظمة يوم أمس السبت 17 أكتوبر 2009 إلى المراقبة من لدن أعوان أمن بزي مدني، فيما شهد محل سكناه منذ صبيحة اليوم، الأحد 18 أكتوبر 2009 ، محاصرة مكثفة من قبل أعوان الأمن السياسي ، كما شهد محل سكنى السيد حاتم الفقيه اليوم حصاراً مماثلاً من قبل أعوان للأمن، فيما تستمر بدون إنقطاع المراقبة النشطة والحصار المكثف لمحل سكنى السيدعبد الكريم الهاروني . وفي السياق نفسه اُجبر مساء يوم السبت رئيس المنظمة الأستاذ محمد النوري من قبل رئيس منطقة سوسة على مغادرة المدينة، كما تعرّض أعضاء بالمنظمة ، السيد مبروك( بنابل) و السيد صالح هاشم (بسوسة) إلى زيارات أمنية في محال سكناهما  بقصد ” الإسترشاد “…!! والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ، إذ تستنكر تمادي الأجهزة الأمنية في التعرّض إلى أعضاء منظمة حرية وإنصاف ورئيسها بالمراقبة والحصارالدائمين، قصد تعطيل أنشطتها ومتابعات أعضائها الحقوقية، فإنها تدعوالسلطات العليا إلى التدخل لإنهاء سلسلة الإعتداءات التي لم تخطىء ناشطاً حقوقياً أو سياسياً، لأنه سيكون عليها مع تواصل تلكم الإعتداءات بذل مزيد من الجهد والمال لصيانة بريق سمعتها الزائف.  
عن الجمعية الهيئة المــــديرة

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية وإنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 28 شوال 1430 الموافق ل 18 أكتوبر 2009

حرية وإنصاف تحت الحصار صباحا .. مساء .. ويوم الأحدْ


ضرب أعوان البوليس السياسي صباح اليوم الأحد 18 أكتوبر 2009، ككل نهاية أسبوع، طوقا أمنيا على أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف حيث حاصرت أعداد كبيرة من أعوان البوليس السياسي منزل الكاتب العام السيد عبد الكريم الهاروني ومنزلي السيدين حمزة حمزة وحاتم الفقيه عضوي المكتب التنفيذي، وقد انضافت إلى هذا الحصار مضايقة أعوان البوليس السياسي وفي مقدمتهم رئيس منطقة شرطة مدينة سوسة لرئيس المنظمة الأستاذ محمد النوري مساء يوم أمس السبت 17 أكتوبر، حينما اعترضوا سبيله بالمدينة المذكورة ومنعوه من التنقل وأجبروه على امتطاء سيارة أجرة والعودة إلى تونس، كما تمت مضايقة كل من السيدين صالح هاشم وسيد المبروك عضوي المنظمة بكل من ولايتي سوسة ونابل. ويزداد المشهد الحقوقي قتامة وخنقا وتضييقا مع اقتراب موعد الاقتراع من خلال محاصرة الناشطين الحقوقيين وتقييد تحركاتهم، ولئن كانت منظمة حرية وإنصاف مستهدفة يوميا في العديد من أعضائها، إلا أن باقي مكونات الفضاء الحقوقي التونسي لم تسلم هي بدورها وتتعرض لهذه الهجمة الشرسة من قبل جهاز البوليس السياسي الذي عمد في الأيام الأخيرة إلى محاصرة منزل الأستاذة راضية النصراوي رئيسة الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب، كما استهدف أيضا الناشط الحقوقي السيد زهير مخلوف من خلال مضايقته وتحرير محضر ضده في التصوير بدون ترخيص. وحرية وإنصاف 1)تدين بشدة كل أنواع الحصار والملاحقة والمنع والمضايقة والترويع التي تستعملها السلطة ضد الناشطين الحقوقيين والجمعيات والمنظمات الحقوقية وتدعو السلطة إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه المواثيق الدولية التي أمضت عليها والتي تلزمها بحماية الناشطين الحقوقيين. 2)تدعو السلطة إلى رفع الحصار فورا ووضع حد لهذه الممارسات المخالفة للقانون والعمل على رفع العراقيل أمام الجمعيات والمنظمات الحقوقية حتى تقوم بواجبها على أحسن وجه، لأن هذه الجمعيات والمنظمات تمثل أجهزة إنذار للمجتمع وصمام أمان تمنع عنه الانحراف والظلم والفساد وتحافظ على تطبيق القانون واحترام الدستور.    عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


 


البوليس السياسي يحاصر نشطاء حقوق الإنسان في بيوتهم وتنقلاتهم


السبيل أونلاين – تونس   تحاصر قوات البوليس منازل بعض نشطاء حقوق الإنسان في تونس ، حيث يرزح منزل المحامية ورئيسة جمعية مناهضة التعذيب راضية النصراوي إلى مراقبة أمنية على مدار الساعة ، وذلك منذ أيّام .   كما يفرض البوليس مراقبة لصيقة على منازل أعضاء منظمة حرية وإنصاف .   وأفادنا الناشط الحقوقي السيد المبروك اليوم الأحد 18 أكتوبر 2009 ، أنه وقع مساء أمس السبت اعتراض الأستاذ محمد النوري رئيس المنظمة بسوسة ووقع اجباره من طرف رئيس منطقة المدينة على مغادرتها ، رغم انه تنقل في مهمة لها علاقة بعمله كمحامي .   وشملت المحاصرة الأمنية طوال يوم أمس بيوت أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف ، وهم كل من حمزة حمزة ، وعبد الكريم الهاروني ، وحاتم الفقيه ، وقد تعدى التضييق الى مجموعة من اعضاء المنظمة الذين قامت قوات البوليس بزيارتهم في منازلهم ، من بينهم عضو المنظمة صالح هاشم عن سوسة ، والسيد المبروك ممثل المنظمة بنابل .   (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 18 أكتوبر 2009 )


اعتصام في تونس من اجل تحرير الاعلام السمعي البصري من الاحتكار

 


دخل مجموعة من الصحافيين التونسيين العاملين براديو6 تونس يوم السبت 17 اكتوبر الجاري في اعتصام مفتوح داخل مقر اذاعتهم احتجاجا على احتكار السلطة في تونس للاعلام بصفة عامة و الاعلام السمعي البصري « audio-visuel » بصفة خاصة. وذكرت النقابة التونسية للاذاعات الحرة اللتي تتبنى راديو6 تونس في بيان لها نشر يوم الاحد 18 اكتوبر ان المشهد الاعلامي التونسي و خاصة السمعي البصري منه ظل محتكرا من طرف السلطة لاكثر من نصف قرن حيث تغلب المحسوبية على اسناد تراخيص بعث المحطات الاعلامية من اذاعات و فضائيات؛ دون مراعات القوانين و الكفاءة و الاولوية. و دعا المعتصمون كافة المترشحين الى الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في تونس يوم 25 اكتو بر الحالي تزامنا مع الانتخابات التشريعية الى وضع حد للاحتكار الذي تسبب في تصحر وتخلف الإعلام التونسي و أن تكون رعاية حرية التعبير والكلمة الحرة وحماية الصحافيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية في اول اهتماماتهم ومشاغلهم. وصرح الصحافيون المعتصمون بأن السلطات التونسية أعطت تراخيص لمجموعة من الإذاعات الخاصة يعرف القاصي والداني أن مسئوليها من المقربين من العائلة الحاكمة كما أعطت تراخيص للعمل لفضائيتين خاصتين أيضا لأشخاص مقربين وهي أبعد ما تكون عن الاستقلالية والحياد وأنه من المتوقع إسناد ترخيص لفضائية تدعى “عليسة” والمتبناة من قبل مجمع كارتاغو الذي يملكه صهر الرئيس التونسي بلحسن الطرابلسي وهناك حديث عن بعث قناة خاصة أخرى للسيد محمد صخر الماطري وهو أيضا صهر الرئيس زين العابدين بن علي وهو ما يجعل المشهد الإعلامي التونسي بعيد كل البعد عن المصداقية والاستقلالية في ظل غياب إطار قانوني واضح يضبط مجال الإعلام السمعي البصري يجعل سلطة الإشراف تعطي التراخيص دون احترام الأولويات لمن ليس لديهم أية علاقة بالمجال الإعلامي، المجال الأكثر حساسية وتأثير في مدى وعي و تقدم الشعوب، وأن كل هذه التراخيص تسند بصفة غير قانونية من شأنها أن تضع على المحك دولة القانون والمؤسسات. وأكد المعتصمون داخل مقر إذاعتهم راديو 6 تونس على أن بعض المؤسسات الإعلامية الأخرى المستقلة مازال يُمارس ضدها عديد أنواع القمع والتهميش  مثل راديو 6 تونس التي يتم حجب عنوان موقعها على شبكة الأنترنيت  وإذاعة كلمة التي تم قفل مكتبها في تونس بالشمع الأحمر هذا بالإضافة إلى ضرب وإتلاف مدونات بعض الصحفيين المستقلين، وما تعانيه بعض جرائد المعارضة من حجز وإيقاف وحرمان من التمويل العمومي فضلا عما لحق قناة الحوار التونسي من مضايقات وصلت حد حجز معدات وأدوات العمل والتتبع القضائي للصحفيين العاملين بها. وعبر المعتصمون وهم أعضاء النقابة التونسية للإذاعات الحرة وصحفيون براديو 6 تونس عن تمسكهم بالدفاع عن إستقلالية الإعلام ورفع الإحتكار عن وسائل الإعلام السمعية البصرية.  
 
سمير جراي صحفي براديو6


                            

تـونس: حجب الموقـع الالكتروني لقنـاة الجزيـرة


طال الحجب هذه المرة الموقع الالكتروني لقناة الجزيرة وهي خطوة بمثابة الرد الواضح والمباشر على القناة الفضائية للجزيرة التي ما فتأت تقدم تقارير إخبارية تتعلق بواقع الحريات في تونس بالإضافة لاحتضانها لبعض أصوات المعارضة التونسية ، وهو ما دفع بالسلطات التونسية في وقت سابق إلى شن حملة ضارية على هذه القناة في مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية المقربة من النظام، بلغت حد وصف شعب قطر بأوصاف نابية وغير لائقة واتهام قناة الجزيرة بالتعامل مع الأجنبي وهي نفس التهم التي تكال لكل الأصوات الحرة في تونس.                                 ظاهـر المسعـدي  انتخابات دون حق الانتخاب Sunday, 18 Oct 2009


البوليس يحدث إزعاجا للناشط الحقوقي السيد المبروك وأسرته

 


السبيل أونلاين – تونس – خاص   قدم صباح اليوم الأحد 18 أكتوبر 2009 ، عون بوليس بلباس مدني إلى منزل الناشط الحقوقي السيد المبروك ، وتسبب في إزعاج أسرته في غيابه ، خاصة وأن والدته لديها أمراض مزمنة خطيرة ، عكّرت هذه الزيارة صفوها .   وقد أعلمت كريمة السيد المبروك عون البوليس أن والدها في مقرّ عمله ، فتحوّل العون المذكور إلى مكان العمل ليسأل عنه ، وحين إلتقاه سأله عن مشغله ، وأكد له أنه زاره في البيت ولم يجده .   وقد عبّر المبروك للعون عن غضبه من الإزعاج الذى سببه لأسرته ، ذلك أن والدته تعرضت لثلاث جلطات ، وتعانى من ضغط الدمّ ، ومرض السكري ، ووصغها الصحي بعد الزيارة المفاجئة مقلق ، وحمّله كامل المسؤولية لما يمكن أن ينجر على تلك الزيارة ، كما أكد الناشط الحقوقي السيد المبروك لعون البوليس أنه في حال تعرض مشغله لضغوط بسببه فإنه سيشن إضرابا مفتوحا عن الطعام ولن يبالي بالموت من أجل المحافظة على حقوقه .   وأشار المبروك إلى أن العون لديه قائمة بـ 36 إسما من المساجين السياسيين السابقين ، يعمل على زيارتهم في بيوتهم للتأكد من وجودهم .   وطالب المبروك من العون الإستظهار بإستدعاء رسمي كتابي ، وعدم التجرء وزيارته في البيت في غيابه وإحداث إزعاج لأسرته .    (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 18 أكتوبر 2009)

16 أكتوبر 2009 الاتحاد الدولي للصحفيين يدين الهجمة ضد ناشط نقابي في تونس

 


يدين الاتحاد الدولي للصحفيين الهجمات والاعتداءات ضد صحفيين تونسيين بعد سلسلة من الحوادث والتي توحي بحملة استهداف متعمدة ضد النشطاء من أجل صحافة مستقلة. بصفة خاصة، يدين الاتحاد الاعتداء بالعنف على الصحفي بجريدة الصحافة، زياد الهاني. وقد تعرضت مدونته، “صحفي تونسي”، للحجب للمرة الثانية والعشرين من طرف السلطات. الهاني عضو بالمكتب التنفيذي للنقابة التونسية للصحفيين التونسيين التي شهدت أزمة داخلية، الصيف الماضي، إذ نظمت قيادة منافسة مؤتمرا استثنائيا متنازعا عليه. وفي حادث متصل، منعت الصحفية بإذاعة الشباب، حنان بلعيفة، من الدخول إلى مقر الإذاعة. وتعتبر بلعيفة من أبرز ناشطات النقابة حيث ساهمت في تنظيم تحركات لتسوية وضعية الصحفيين بالإذاعة وكانت من أهم المساندين للمكتب التنفيذي المتخلي للنقابة. وقالت النقابة إن بلعيفة تُستهدف بسبب نشاطها النقابي. واعتبر الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، أيدن وايت، أن الاعتداء على زياد الهاني هجوم لا يُغتفر على صحفي بارز وأحد أهم المدافعين عن صحافة مستقلة في تونس. وأضاف وايت أن حجب مدونته بالتزامن مع الاعتداء عليه دليل واضح على الضغوط السياسية ويوحي بأن المعتدي عليه لم يتصرف بشكل منفرد. وكان الهاني قد شارك مؤخرا في اجتماع إقليمي للاتحاد الدوةلي للصحفيين جرى في عمان واحتجت خلاله النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ضد الحملة التي ترمي إلى تغيير قيادتها عقب نشر تقرير ينتقد حرية الصحافة في تونس ورفضها مساندة الرئيس بن علي في الانتخابات التي ستجري يوم 25 أكتوبر. وعند عودته من عمان تعرض الهاني إلى تفتيش دقيق في المطار بينما حجزت كلّ الوثائق التي كانت معه، بما في ذلك مطبوعات الاتحاد الدولي للصحفيين. وحسب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، يتعرض صحفيون مستقلون آخرون لضغوط كبيرة بسبب أنشطتهم النقابية، من بينهم صحفيون بجريدتي “الصباح والخبير “


المجموعة الثالثة من أناشيد … تحمل هموم الوطن تنشر لأول مرّة

 


السبيل أونلاين – أناشيد – خاص   هذه هي المجموعة الثالثة من الأناشيد التى تحمل هموم الوطن …على شفاه اللحن نرحل بلا راحلة .. إلى الوطن الساكن فينا .. نلعن ظلام الظلم فيه ، ونوقد شموع الأمل لنكسر قيد الخوف.   صاحب هذا الصوت يُنشد للوطن ، مُدرّس تجويد القرآن الكريم ، أُجبر عن الرحيل ليقف مسافة عن الوطن .. ليحتضنه المنفي كغيره من المهجّرين ضحايا الإستبداد الذى طوّق تونس …لا يريد أن يقدّم نفسه إلا بهذه العبارات الموجزة .   الأناشيـــد :   الأنشودة الحادية عشر المفقود للتحميل : http://www.assabilonline.net/Audio/Al-mafkoud.wma   الأنشودة الثانية عشر الغياب للتحميل : http://www.assabilonline.net/Audio/Ghieb.wma   الأنشودة الثالثة عشر آه لو يوجد للتحميل : http://www.assabilonline.net/Audio/Ah-laou-yaoujdi.wma   الأنشودة الرابعة عشر الجدار للتحميل : http://www.assabilonline.net/Audio/Al-jidar.wma   الأنشودة الخامسة عشر متهمّ للتحميل : http://www.assabilonline.net/Audio/Al-mouttahim.wma   الأنشودة السادسة عشر قودوا للتحميل : http://www.assabilonline.net/Audio/Goudou.wma    (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 18 أكتوبر 2009)


المصالح الأمنية تطرد فريق كلمة من طبرقة بدعوى أنّه أجنبي


حرر من قبل التحرير في السبت, 17. أكتوبر 2009 عرض فريق راديو كلمة بعد ظهر يوم الجمعة 16 أكتوبر 2009 إلى احتجاز أمني من قبل أعداد غفيرة من البوليس من مختلف الفرق عند مدخل مدينة طبرقة تجاوز الأربع ساعات. وجاء هذا الإجراء الذي تعرض له مدير كلمة عمر المستيري ورئيسة التحرير سهام بن سدرين والمولدي الزوابي الصحفي بنفس المؤسسة، ردّا على عزمهم القيام بتحقيق صحفي حول الحملة الانتخابية في يومها السادس، شملت عددا من مناطق الشمال الغربي.  تم الاستيلاء على الهاتف الجوال للسيدة سهام والتهجم عليها بعبارات مشينة وحاول ثلاثة أعوان بمن فيهم رئيس الدائرة افتكاك محفظتها عنوة ودفعت من قبل البوليس ، كما منع عمر المستيري من إجراء مكالمات ثم تم افتكاك هاتفه وتم تفتيش السيارة.  وقد كان من بين المبررات التي ساقها المسؤولون الأمنيّون لاحتجاز الفريق كونهم أجانب في هذه المنطقة دون تصريح رسمي. يشار إلى أنّ الإذاعات لا تحتاج إلى تصاريح للقيام بمهامها الميدانية. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 17 أكتوبر 2009)  


ألمانيا:قيادي في التجمع الدستوري الديمقراطي يرفض أن يكون سفيرا لتونس في برلين


السبيل أونلاين – برلين – خاص   أسرّ رجل أعمال تونسي مقيم في المانيا و قيادي في “التجمع الدستوري الديمقراطي” الحاكم في تونس، إلى أصدقاء له و مقربين منه، أنه رفض تكليفه بأن يكون سفيرا لتونس في برلين عاصمة المانيا ، جاء ذلك بعد إشرافه على بعثة المانية من مدينة كولونيا التي يقطن فيها الى تونس .   عضو مركزية التجمع الدستوري الديمقراطي لم يخف عن محدثيه أنه يلعب دورا محوريا في رسم العلاقات التونسية الالمانية لكنه يرفض أن يكون سفيرا لتونس لانه لا يمكن ان يوفق بين قناعاته الديمقراطية التي تبلورت عنده خلال العقود التي عاشها في المانيا خاصة وانه يحمل جنسيتها ويحرص على احترام دستورها و قيمها ، و بين سياسة تونس خاصة في مجال الديمقراطية و حقوق الانسان و حرية الاعلام.   لايسعنا الا ان نقول ان اول الغيث قطرة، اللهم نسألك الغيث النافع.   الإمضاء : أميرة ـ ت.   (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 18 أكتوبر 2009)

 

إضراب التعليم الأساسي في زغوان : فشل الإضراب و نجحت النقابة !!

 


nouri.nouri@yahoo.fr فشل إضراب التعليم الأساسي بزغوان فشلا ذريعا حيث بلغت النسبة في بعض المدارس الابتدائية مائة بالمائة (نسبة الفشل طبعا) و ربما يعود السبب إلى أن أغلب أعضاء النقابات  الأساسية لم  يقوموا  بالدعاية  اللازمة  و لكن   كيف و أغلب أغلبهم لم يضربوا ؟ ألا يعد تجاوزا خطيرا في حق المنظمة و تلاعبا بقراراتها ؟ هل سيحال هؤلاء على لجنة محمد بوقا رش عفوا لجنة النظام الجهوية ؟   أم سيسجل فشل الإضراب ضد مجهول ؟ أم سيتحول الفشل بقدرة القادر الذي يحول الثلاث خمسا إلى انتصار ساحق للعمل النقابي بالجهة ؟ ثم من قال إن هذا الفشل فشل ؟ أليس انتصارا للسياسات المعتمدة في تشكيل النقابات بالجهة ؟ إن تشكيل النقابات على أسس انتهازية (كأن يوعد المتر شح بمنصب إداري أو بنقلة في إطار تقريب الأزواج و لو بعيدا عن القرين…) وتواصل سياسة  إقصاء المناضلين و تصفيتهم ب/تزكية/ أو دعم/ أو تواطئ من لجنة النظام الوطنية لا يمكن أن يؤدي إلا إلى هذه النتائج . إن مكاسب المنظمة لا يرقى إليها الشك و لكن بمثل هؤلاء ذلك ما يمكن أن تنحدر إليه…؟؟  
المصدر  :  منتدى” الديمقراطية النقابية و السياسية ” الرابط  : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p


القضاء التونسي يرفض دعوى لإيقاف بث مسلسل { بيت صدام }

 


تونس- رفضت الدائرة المختصة التابعة للمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة،دعوى عاجلة تقدم بها عدد من المحامين التونسيين،لإيقاف المسلسل المثير للجدل { بيت صدام ) الذي تبثه القناة الفضائية التونسية الخاصة نسمة تي .في. ونظرت المحكمة الابتدائية التونسية في هذه الدعوى في ساعة متأخرة من مساء أمسوقررت رفضها،دون تحديد الأسباب. وكان المحامون التونسيون الذين رفعوا هذه القضية إلى القضاء،قد إعتبروا أن هذا المسلسل يتضمن تشويها للحقائق التاريخية للرئيس العراقي السابق صدام حسين وعائلته و مسا بالعروبة والإسلام. وإستندوا في دعواهم بخصوص المس بالهوية العربية والإسلام إلى المادة الأولى من الدستور التونسي،فيما إستندوا بخصوص الإساءة إلى الرئيس العراقي السابق إلى حيثيات المادة 59 من قانون الصحافة التونسي التي تجرم الاعتداء الإعلامي على رؤساء الدول والبعثات الدبلوماسية دون تحديد سواء كان هؤلاء رؤساء سابقين أو حاليين ،حيث إعتبروا أن صدام حسين هو الرئيس الشرعي للعراق. يذكر أن المسلسل من إنتاج هيئة الإذاعة البريطانية ربي بي سي} والقناة التلفزيونية الأميركية رإتش بي أو} بالاشتراك مع شركة سندباد للإنتاج الفني التونسي. وتدور أحداث هذا المسلسل حول حياة صدام حسين،وقد تم تصوير العديد من مشاهده في تونس مطلع يوليو/تموز من العام 2007،حيث أثار آنذاك جدلا واسعا في تونس بسبب مشاركة ممثلين تونسيين وعرب فيه أمام ممثل إسرائيلي. يشار إلى أن الممثل الإسرائيلي إيغال ماتؤور قام بدور صدام حسين، في هذا العمل التلفزيوني الذي أخرجه الإنكليزي أليكس هولمز، بينما قامت الممثلة الأميركية من أصل إيراني شهيرة أجادسلو بدور زوجته ساجدة. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم  18 أكتوبر 2009)


وقائع محاكمة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي

   


لم أكن بحاجة لانتظار حلم أو تخيل أو تصور وهمي أو اغفاءة بعد طعام الغداء لكي أشاهد تفصيليا وقائع المحاكمة الرابعة لزعيم عربي ملهم، فقد تبرع قلمي بتصوير المشهد كأنه كان حاضرا منذ اللحظة الأولى في ليلة القبض على الرئيس! قاعة المحكمة كانت مكتظةً بصحفيين عرب وأجانب، ورجالُ الأمن يتحركون بعصبية كأنهم يخشون أن يقفز الرئيس زين العابدي بن علي من قفص الاتهام إلى منصة الحكم ليُصْدر حكما باعدام كل من تجرأ وشاهده خانعا ذليلا خلف قفص حديدي ينتظر عدالة غابت سنوات طويلة فحَرّكَتها إرادةُ الشعب، وتنفست روحُ أبي القاسم الشابي الواثقة بأن الشعبَ إذا أراد الحياةَ فلابد أن يستجيب القدر. كان المتهمُ يختلس النظر بين الحين والآخر لعله يعثر بين الحاضرين على مُنقذ أو شاهد زور أو خائف يخشى أن يعود الرئيس إلى القصر وتسعفه ذاكرته بتَذَكُر وجوه كل الحاضرين .. الشامتين بانتهاء عهده. دخل القاضي مرفوع الرأس وتبدو على محياه علائم غضب لم تخفها ملامحه العربية المشوبة بحمرة وجه تغطي الرأسَ فيه شعيراتٌ شقراءٌ فلا يدري المرءُ إن كان تونسيا قحا أم هو نصف فرنسي. علائم الغضب انعكست بدورها على مستشاريه اللذين تقدما إلى المنصة بنفس خطوات رئيس المحكمة. يحاول المتهم أن يتأمل ملامحهم لعله يستبق المداولة بتمنيات حُكم بالبراءة، لكن يبدو أن شريطا طويلا من جرائم عهد أغبر جعلته يتراجع عن التفرس في وجوه هيئة المحكمة. كانت تونس كلها تتنفس داخل القاعة، والتاريخ يُشَمّر عن ساعديه لكتابة صفحة ستتذكرها أجيالٌ قادمة، ويحكيها آباءٌ لأبناءٍ وأحفادٍ كأنهم جميعا اشتركوا في محاكمة الطاغية. بصوت جَهُوري مفاجيء أعلى مما أحدثته مطرقةُ رئيس المحكمة،   سأل القاضي: اسمُك وتاريخُ ميلادِك وصِفَتُك؟   المتهم: زين العابدين بن علي من مواليد 3 سبتمبر 1936 في حمام سوسة، وأنا رئيس الجمهورية!   القاضي: لقد فهمنا أن شيطان بغداد يقول نفس الكلام وهو الذي انتهى به طغيانه وجبروته إلي جحر للجرذان، ثم قاعة محكمة في حراسة سيد البيت الأبيض، فهو يريد أن يتماسك أمام قوى الاحتلال، أما أنت فقد كنت مستبدا وأزاحك عن الحكم تونسيون وطنيون لا تساندهم واشنطون ولا تحميهم أسلحة اليانكي وأحذية الجنود الأمريكيين.   القاضي: متى وكيف تَسلّمت الحُكمَ؟   المتهم: بعد عودتي من الولايات المتحدة الأمريكية، وتَدَّرُبي على أيدي أجهزة أمنها واستخباراتها، وثقة الأمريكيين بي كرجل المرحلة المقبلة خاصة أنني كنت مسؤولا عن ملف حركة النهضة الإسلامية التي يتزعهما راشد الغنوشي، قام الرئيس بورقيبة بتعييني وزيرا للداخلية تأكيدا منه على أهمية الضرب بيد من حديد ضد المناهضين لحكمه. ثم وجدت، سيدي القاضي، أن الرجل العجوز الذي لا تُمَكِنُه صحته من القيام بأي واجبات فكرية أو جسدية يُصِرّ على أنه رئيسٌ مدى الحياة ويقتل حُلمَ كل الطموحين وأنا منهم، فأنقلبت عليه، ونقلته إلى مقر إقامة جبرية.   القاضي: لكنك كنت جزءا من النظام، وتوليّت منصبَ مدير عام الأمن الوطني وهو منصب خَوّلَك لأن تصبح عمليا وزيرا للداخلية بحكم عدم قدرة الوزير آنئذ ضاوي حنا بلية على القيام بأعباء حماية الأمن الداخلي. واستدعاك بورقيبة مرة ثانية بعدما قضيت أربع سنوات سفيرا لتونس لدى بولندا لتتولى الأمن الوطني على إثر ثورة الخبز التونسية والتي أتت بعد سبع سنوات من ثورة الخبز المصرية ، أليس كذلك؟   المتهم: كان من الطبيعي أن أثب على الحكم بعدما ضعف الرئيس مدى الحياة، وتكونت شللية حوله بقيادة المرأة الأقوى في تونس .. السيدة وسيلة بن عمار، وأنا خريج مدرسة الاستخبارات الأمريكية وأعرف تماما أن حماية غربية تتولى مهمة اسنادي ، وأن أمريكا كانت تدفعني لكي تحل محل فرنسا في تونس الخضراء.   القاضي: قَدّمت غداة استيلائك على السلطة برنامجا طموحا عن الديمقراطية والحرية والمساواة والأحزاب والنقابات، وخدعت الجميع حتى راشد الغنوشي نفسه ثم انقلبت عليهم مرة أخرى لتُحوّل هذا البلد الطيب إلى سجن. ألم تفكر في رفع المعاناة عن شعبك الذي عانى كثيرا من طغيان واستبداد الحبيب بورقيبة؟   المتهم: لقد حاولت، سيدي القاضي، أن ألعب دور الديمقراطي الغربي العاشق للحرية، لكنني لم أتقن الدور جيدا، فالمستبد الغليظ كان داخلي، وصراخ الموجوعين في السجون والمعتقلات كان يمنحني متعة اذلال الآخرين، فعملي كان كله تقريبا باستثناء سنوات الدبلوماسية في المغرب وبولندا مزيجا من السادية والتسلق على كتف النظام والتزلف للغرب. لم يكن من الممكن أن احتفظ بالسلطة المطلقة دون زنازين تحت الأرض تسمع السماواتُ العلا صراخَ مَنْ فيها، وفعلا تحوّل التونسيون في وقت وجيز إلى عبيد تحت حذائي، أفعل بهم ما أشاء، ويمنحونني طاعة واستجداء وخنوعا كأنهم رقيق جلبتهم لي سفن تجوب أعالي البحار وعلى متنها هذا الصيد الثمين.   القاضي: نظامك معروف بأنه الأكثر مراقبة للتونسيين في الخارج، ولدى أجهزة استخباراتك أسماء كل المغتربين والمعلومات اللازمة عنهم ونشاطاتهم وهو أرشيف عفن لا يعادله إلا الملفات التي تحتفظ بها الاستخبارات الأردنية لنشاطات العرب والأردنيين في الداخل والخارج وهي ملفات لا تموت ولا تتلف ولا تتعرض لحريق، مصادفة، لماذا ضاعفت مراقبة مواطنيك في الخارج؟   المتهم: لأن التونسيين لديهم وعي سياسي كبير فإذا تنفس التونسي عبيق الحرية في مظاهرة في باريس أو تولوز أو بروكسل أو لوزان فإن مناهضته للاستبداد تتجه فورا لنظام الحكم في بلده، وهذا ما عاناه الحبيب بورقيبة منهم فقررت أن استبق التمرد بملفات المترقب وصولهم إلى كل منافذ الوطن حتى لو اصطحبهم العقيد القذافي معه إلى قفصة!   القاضي: لقد قمت باستغلال أحداث الحادي عشر من سبتمبر الأمريكية لتثبيت دعائم حُكمك بحجة محاربة الإرهاب، ألم يكن يكفيك أنك قمت بتحويل تونس إلى سجن كبير؟   المتهم: نعم، سيدي القاضي، فقد جعلت من المادة 123 من قانون القضاء العسكري غطاء للقبضة النارية التي أحْرِق بها خصومي، وتعتمد المادة على تهمة ( خدمة تنظيمات ارهابية تعمل بالخارج وقت السلم ) وهي كما ترى هلامية مطاطة نصنعها نحن الطغاة، ويتولى كلابنا من زبانية السلطة وساديي المعتقلات وذئاب التحقيق الأمني التفسير في قبو تحت الأرض تماما كما يفعل أكثر زملائي الزعماء العرب.   القاضي: كيف تصنف سجونك ومعتقلاتك مقارنة بشقيقاتها العربيات؟   وهنا رفع المتهم رأسه، وانبسطت أسارير وجهه معبرة عن فخر واعتزاز بسجون ومعتقلات تملأ الوطن كله، وقال ضاحكا: لعلي، سيدي القاضي، أثرت حفيظة وغيرة زملائي الزعماء العرب، فــ( بيوت الأشباح ) السودانية التي كان جعفر النميري وعمر حسن البشير يفتخران بها في عهدين منفصلين أكثر رحمة من سجوني وحتى من مراكز الاعتقال المتناثرة من حدودنا مع الجزائر إلى حدودنا مع الجماهيرية العظمى. ويمكن لليبي أن يتحمل التعذيب في سجون العقيد رسول الصحراء فالنهاية ستكون بتصفيته واطلاق صحيفة الزحف الأخضر عليه صفة واحد من الكلاب الضالة، وأن يقضي المغربي ربع قرن منسيا في تزمامارت المخيف، وللسوري أن يجرب جحيم تدمر فلا يخرج حيا ولا يكترث لرجائه مَلَكُ الموت أن يقبض روحه، وللأردني الجفرة مع ملف من الاستخبارات لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وللمصري أن يجهر بالدعاء مع عشرين ألف معتقل في سجون الرئيس حسني مبارك ولن تصل صرخاتهم للسماء الرابعة، وقس على هذا في وطننا العربي الكبير الممتد من جوانتانامو إلى أبو غريب. إذا كان الملك الحسن الثاني، رحمه الله، قد عَلّمَ المغاربة كيفية الزحف على بطونهم والتذلل له، فإنني علمت التونسيين أن يبتسموا وهم يتلقون الصفعات.   القاضي: كراهيتك للاسلاميين لم يعرفها أي نظام عربي آخر اصطدم معهم، حتى تدمير مدينة حماة اثر معركة الحياة والموت بين الاخوان المسلمين ونظام الرئيس حافظ الأسد لم تجعل الاستخبارات السورية الأكثر رعبا في الهلال الخصيب كله تطارد أي فتاة محجبة أو شخصا يصلي بانتظام، أما أنت فأسلوب في كراهية الاسلاميين ليس له نظير، كيف حدث ذلك؟   المتهم: ما فشل فيه أتاتورك كان يمكن أن ينجح فيه زين العابدين بن علي. كنت أريد أن أجتث الفكر الديني من جذوره، وأجعل المتمسك بالاسلام يخشى ذكر الله لئلا ينزل عليه مقتي وغضبي. كان الدبلوماسي الذي لا يعاقر الخمر يُستدعى إلى تونس، فقد أعطى اشارة بأن بذرة للتدين قد تنبت فجأة فتنتصب شوكة في حلق نظامنا الحاكم. كانت أجهزة أمني تراقب البيوت عند صلاة الفجر، ومن يستيقظ عدة مرات وتشي أضواء نافذة مسكنه بأن التزاما متشددا بتعاليم الاسلام ستخرج من هذا البيت فإن رجال أمني قادرون على استدعاء هذا الذي يقوم الليل لله، أن يستيقظ أمام ضابط التحقيقات فربما نكتشف في صدره قلبا يتعاطف مع بن لادن أو الظواهري، وفكرا متأثر براشد الغنوشي.   القاضي: لم يسلم الليبراليون واليساريون من قبضتك وزبانية معتقلاتك، ما أسباب خصومتك معهم؟   المتهم: إنهم، سيدي القاضي، متأثرون بمنظمات حقوق الإنسان، وأكثرهم من المثقفين والشعراء والكتاب والإعلاميين والأكاديميين، وقد فرضنا عليهم قيودا شديدة، وحجرنا على حرية التظاهر والاجتماع والسفر للخارج، وتعرضوا لكل أنواع التعسف والاضطهاد ، وسلطنا عليهم رجالنا يخربون بيوتهم ويسرقون أمتعتهم ويطاردونهم في كل مكان.   القاضي: كيف كان موقفك الأخلاقي من الغزو العراقي للكويت؟   المتهم: حاولت من بعيد افشال القمة العربية التي عقدت في القاهرة، واعتذرت عن الحضور لأنني كنت متعاطفا تماما مع الرئيس العراقي صدام حسين، وأوحيت لاتحاد الكتاب التونسيين باصدار بيان تهنئة لعودة الكويت للوطن الأم العراق.   القاضي: ولماذا غضبت على الدكتور منصف المـرزوقي عنـدما حضـر مؤتمـر الكراهية في أوسلو في 25 أغسطس عام 1990 ؟   المتهم: لقد علمتُ أنه ألقى كلمة هامة، وأدان الغزو العراقي للكويت، وطالب بانسحاب فوري غير مشروط، فأوعزت إلى وسائل اعلامي، وهي كمعظم وسائل الاعلام الرسمية في العالم العربي، تتلقى التوجيهات، وينظر رؤساؤها ومديروها إلى الأرض خوفا وسمعا وطاعة، ثم يتحولون إلى ببغاوات تسب وتلعن وتشتم وتتهم من يحل عليه غضب الزعيم العربي. كنت أعلم أن الدكتور منصف المرزوقي رفض الغزو والعنصرية وأدان صدام حسين واسرائيل وألقى مُداخلة رائعة عن الحضارة العربية واشراقاتها، وعندما عاد اتهمناه بأنه حضر مؤتمرا صهيونيا في العاصمة النرويجية، وتحول الاعلاميون والكُتّاب إلى ذئاب تنهش لحم الرجل الذي كانت حقوق المواطن التونسي هَمَّهُ الأولَ والأكبر.   القاضي: ولكن كراهيتك له أعمق من ذلك بكثير، فهو أكبر منك علما وخلقا ومباديء رفيعة وثقافة، وقد دفع من حريته وكرامته ثمنا باهظا من أجل الدفاع عن كرامة المواطن في تونس، ألهذا السبب تحمل له الضغينة؟   المتهم: ربما لأنه ساوى نفسه بي وظن أنه يملك الحق في الترشيح لرئاسة الجمهورية، فأحببت أن ألقنه درس الأسياد للعبيد، لكنه للحق صلب عنيد يملك عزة نفس وكرامة على الرغم من أنني رئيس الدولة الذي تخضع له الأعناق.   القاضي: يؤكد كل المحكوم عليهم بتهم باطلة أنهم تعرضوا للتعذيب، وانتزعت منهم الشهادات بالقوة، وفشل الادعاء في تقديم أدلة ادانتهم، ومع ذلك لم يُسمح لأحد أن يستأنف أو يعترض، وحتى وسائل الإعلام تم منعها من حضور عشرات المحاكمات التي لفقتموها ولم تتقوا الله في أوطانكم، هل لديك دفاع؟   المتهم: إنها، سيدي القاضي، مسألة صراع على السلطة، ولم يكن من الجائز أن يضعف نظامُ حكمي من أجل تلميع وجه تونس أو عدم اغضاب منظمة العفو الدولية أو الحصول على شهادة حسن سير وسلوك من هيومان رايتس. هؤلاء الغوغاء عبيدي الذين أملك حق دفنهم أحياء لو أردت، وليحمدوا ربهم أنهم عاشوا في ظلي، وأكلوا وشربوا وناموا دون أن أنصب لهم المشانق أو أقوم بتصفيتهم كما فعل أخي العقيد معمر القذافي في سجن أبو سليم عندما قتل 1200 مواطن ليبي في وجبة واحدة، أو أخي رفعت الأسد الذي تفضل، مشكورا، بدفن أكثر من 700 سوري في حفرة كبيرة بالقرب من سجن تدمر بعد تصفيتهم، ولم يتركهم للطيور الجارحة في الصحراء.   القاضي: الغدر من شيمتك، فقد بدأت برئيسك ومعلمك وزعيمك الحبيب بورقيبة، وجعلت الغدر سياسة تونسية تتناقض تماما مع طبيعة شعبنا، حتى ترقب وصول العائدين التونسيين أصبح سمة ملتصقة بنظامك، فلماذا لم تترك هامشا أخلاقيا للمناورة؟   المتهم: لأن الخديعة إذا أصبحت هوية للنظام الحاكم يسري على اثرها الرعبُ في أوصال كل مواطن في الداخل والخارج، فنحن اعتقلنا عائدين كثيرين ظنوا أنهم في أمان، بل إن أكثرهم يحملون جنسيات دول أوروبية. هناك آخرون تلقوا رسائل مطمئنة من الأمن الوطني مثل جابر الطرابلسي الذي سلم نفسه للسلطات في ايطاليا، فلما عاد إلى وطنه قمنا بتأديبه بمحاكمة عسكرية لم نسمح للصحفيين بحضورها وحكمنا عليه بالسجن ثمانية أعوام. هل رأيت، سيدي القاضي، على وجه الكرة الأرضية نظاما يرسل رجال أمنه لاختطاف متهمين من داخل قاعة المحكمة قبيل نطق الحكم؟ إنه نظام حكمي الذي بصق على عدالة المحكمة، وأخرج المتهمين في تنظيم الحزب الشيوعي، وذهب بهم إلى محكمة أخرى تابعة لأمن الدولة وأصدرت حكما جائرا عليهم بتهمة تحريض الجمهور على مخالفة قوانين البلاد   القاضي: لماذا وضعت عددا كبيرا من أعضاء حزب النهضة الإسلامي قيد الحبس الانفرادي في ظروف قاسية وتعسفية ومجحفة ومهينة على الرغم من أن السجن العادي وهو أيضا ظلم كان عقابا وتقييدا لحريتهم؟   المتهم: لأن الحبس الانفرادي، سيدي القاضي، لفترات طويلة يؤثر على القدرات النفسية والعقلية للمغضوب عليهم، وتصل الرسالة إلى كل المعارضين فيزداد الشعب خوفا من نظام حكمي، وقدرة على الخنوع، ورغبة في الطاعة العمياء. سجوننا تقع تحت سلطة وزارة العدل، ونحن غالبا ما نمنع الزيارة فالعقوبة لدي جماعية، وينبغي أن تنسحب على الأهل بمنع الزيارة، أما الذين يضربون عن الطعام في أي سجن تونسي فيتعرضون لكافة أنواع الضرب والانتهاك والتعذيب وقد ينتهي الأمر إلى الحبس الانفرادي. ولا مانع أن يتذكرهم ملك الموت كما حدث مع عبد الوهاب بوساع الذي أضرب عن الطعام، ثم لحق به الأخضر الصديري وكان الاثنان متهميّن بالانخراط في نشاطات حزب النهضة. أما حبيب السعدي فقد قمنا نحن باستعجال عزرائيل لاصطحابه قبيل موعد اطلاق سراحه.   القاضي: وماذا عن المفرج عنهم بعد قضاء فترة العقوبة؟   المتهم: أنا، سيدي القاضي، لا أقبل التوبة، ومن يكون غضبي من نصيبه يصبح مطاردا ما بقي له من عمر، والمفرج عنهم لا يجدون عملا، ويتم استدعاؤهم لقسم الشرطة للتحقيق بين الحين والآخر ولتذكيرهم أن الحرية الظاهرة هي أيضا سجن مبطن، وأن تونس كلها تقع تحت حذائي.   القاضي: قسوتك في تعذيب أبناء شعبك تتحدى كل غلظة الملك المغربي الراحل الحسن الثاني الذي وضع أسرة محمد أوفقير في سجن معزول عن العالم، ثم قَسّم الأسرة َإلى قسمين متجاورين لم تشاهد الأمُ خلال ثمان سنوات بعضَ أبنائها ويفصلها عنهم جدارٌ امعانا في الاذلال، وأراك فعلت نفس الشيء، أليس كذلك؟   المتهم: إذا كان الملك المغربي الراحل من نسل الشياطين فإنني أتحداه في قبره أن يكون قد فعل بشعبه أكثر مما فعلت أنا. أما بالنسبة للتفرقة بين أبناء العائلة الواحدة فقد تم الافراج هنا في تونس السجن عن عبد الله زواري بعدما قضى أحد عشر عاما خلف القضبان، لكن الرجل المفرج عنه أراد الالتقاء بعائلته، وزبانية سجوني قرروا أن يغادر العاصمةَ بدون رجعة إلى الجنوب، فأصر صاحبنا أن يجتمع بأسرته لكن عدالة قضائنا كانت له بالمرصاد فحكمت عليه بالسجن ثمانية أشهر.   القاضي: يبدو أنني أمام طاغية لا مثيل له، تحكمه نوازع عدوانية وكراهية شديدة لشعبه، واستئثار بالسلطة يتفوق على لذتها لدى كل طغاة العالم. هل كان رجال أمنك وحمايتك يراقبون الانترنيت أيضا؟   تبسم زين العابدين بن علي وعرف أنه دخل دائرة أكثر الطغاة مراقبة ورصدا لكل تحركات أبناء شعبه وقال بفخر: نعم، سيدي القاضي، فالتطور العلمي المدهش الذي تعكسه الشبكة العنكبوتية لم يمنعني من جعله في خدمتي، فنحن نراقب البريد الالكتروني، ونعتقل من يتصفح مواقع سياسية، حتى الكاتب زهير يحياوي الذي نشر مجلة ساخرة على الانترنيت باسم مستعار عثرنا عليه، وأحلناه لمحاكمة سربعة، وقامت قوة أمنية بتفتيش بيته بدون إذن النيابة، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين. يحدث أحيانا، سيدي القاضي، أن يعود تونسي مقيم في فرنسا أو كندا أو ايطاليا لسنوات طويلة، ويظن في مطار تونس الدولي أنه في مأمن فيكتشف عبقرية رجال أمني الذي يلقون القبض عليه لأنه اشترك، مثلا، في مظاهرة بباريس ضد نظام حكمي، أو أرسل من كندا رسائل بالبريد الالكتروني باسم مستعار وانتقد فيها نظام حكمي، أو حضر واشترك في ندوة للمعارضة في مدينة صغيرة وظن أن استخباراتي لا تملك عيونا تخترق الحجب.   القاضي: لماذا إذن لم تظهر عبقرية رجال أمنك واستخباراتك عندما قامت أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية بتصفية القيادات الفلسطينية على أرض تونس العربية؟   المتهم: ولماذا نحمي هذه القيادات؟ إن اسرائيل لا تمثل خطرا على تونس، ونحن نتعاون مع أمريكا وأنا ،كما قلت سابقا، تعلمت وتدرّبت في مدرسة الاستخبارات الأمريكية فلا تظنن، سيدي القاضي، أنني أحتمي بواشنطون وأُعَرّض أمنَ اسرائيل إلى الخطر!   القاضي: أين كنت تأمر باعتقال أبناء شعبك؟   المتهم: أنا أفضل دائما سجون بنزرت وتونس والمهدية وصفاقس، أما سجن قفصة فله وضعية خاصة وفيه يتم منع المحكوم عليهم من الاجتماعات في الفناء أو داخل قاعات الطعام أو حتى صلاة جماعية، فنظام حكمي لا يحرمهم فقط الحرية الدنيوية لكننا نمنعهم من الصلاة الجماعية خشية أن تزداد الصلابة وقوة الإيمان، ويتماسك المعتقلون. إنني، سيدي القاضي، أملك كلابا بشرية تقوم على حراسة المعتقلين وتستطيع أن تبهجني وتسعدني بفنونها الراقية في اذلالهم، فهناك حرمان من الدواء، ومنع من زيارة الطبيب، وتحديد الموضوعات التي يحق للمعتقل أن يتحدث فيها مع أهله خلال الزيارة، ونادرا ماتكون هناك زيارات، أما الكتاب فهو عدوي اللدود، وخصمي الدائم، وهو الذي يعيد الروح للذين نحاول أن نسلبهم إياها، لذا نمنعهم من المطالعة الفكرية.   القاضي: ماذا كانت توجيهاتك في حال الاضراب عن الطعام الذي يلجأ إليه المعتقلون كحل أخير لرفع بعض الغبن والظلم عنهم؟   المتهم: بعضهم كان ينجح في الاتصال بمحامين ولجان حقوق الانسان وهذا يرجع إلى العائلة وقوة اتصالاتها واصرار أفرادها على ايصال قضية المعتقل المضرب عن الطعام إلى الصحافة الأجنبية مثلما حدث مع عبد المؤمن بالعانس من الحزب الشيوعي العمالي وتوفيق الشايب من حركة النهضة، وهناك آخرون اضربوا ولم يكترث لهم إلا القليل مثل عبد اللطيف بوحجيلة وفتحي كرعود وأحمد عماري وشكري القرقوري والبشير عبيد وعبد الله إدريسة والبشير بوجناح. هناك اضرابات كانت تقلقني كثيرا لأنها أكثر سرعة في الوصول إلى الرأي العام الدولي وأعني بها الاضرابات الجماعية مثلما حدث في 11 يونيو 2000 وفي 10 يوليو ، ثم اضراب 8 نوفمبر والذي شمل سجون الهوارب وسوسة والناظور وصفاقس والمهدية والمسعدين. إنني أراهم حشرات لا تساوي أي قيمة تُذْكَر ولكنني كنت مضطرا للتعامل معهم بطريقة مختلفة أمام الرأي العام الغربي، خاصة الفرنسي الذي توسط رئيسه من قبل في معتقل تونسي كان يحمل الجنسية الفرنسية وتمكن رجال أمن المطار من القبض عليه رغم أنه لم يمارس أي نشاطات سياسية في العشر سنوات التي سبقت اعتقاله.   القاضي: عندما يكون الاضراب عن الطعام حلا وحيدا فإننا نفهم أن الظروف التي تجعل المعتقل يضحي بحياته لابد أن تكون قاسية وقاهرة ولا يحتملها بشر فيرى الموت حلا نهائيا وحيدا يخرجه من عذاب الوطن السجن، ألم يكون بين جنبيك قلب يَرق ويضعف بين الحين والآخر لمواطنيك ورعاياك وأبناء بلدك؟   المتهم: لو أنني، سيدي القاضي، احتكمت إلى العواطف لما تمكنت من الاحتفاظ بالسلطة كل هذه السنوات. كنت أعرف ما يدور في السجون والمعتقلات، وأتابع تفاصيل مشاهد التعذيب والاغتصاب وانتهاك الحرمات ، وأكاد أسمع صرخات المعتقلين وهم يتعرضون للتنكيل والضرب والركل والحرق والاهانة، لكن شهوة السلطة قادرة على التسلل لمسارب النفس، والتوجه إلى القلب والعقل، ثم التحكم في المشاعر وجعلها جامدة كجلمود صخر، أو حجر لا ينبجس منه ماء.   القاضي: في بداية فترة حكمك وعدت أبناء شعبك بأنك وفقا للدستور لن تجدد لولاية ثالثة، والآن يبدو أنك كباقي الطغاة التصقت بكرسي الحكم، لماذا لم توف بوعدك وتترك الحُكمَ لغيرك بعد الفترة الثانية التي بدأت عام 1994؟   انفجر المتهم في ضحكات هستيرية متوالية اضطرت القاضي أن يطرق بشدة بمطرقته طالبا منه الهدوء. هدأ المتهم قليلا ثم قال ساخرا : ألم أقل لك، سيدي القاضي، منذ لحظات بأن شهوة السلطة تستطيع أن تتحكم في كل همسة ولمسة وفكرة وعاطفة، ويمكنها أن تُغَلّظ قلبً أكثر الرجال رقةً فتجعله ذئبا لا تهتز فيه شعرة لو افترس بين أنيابه قطيعا كاملا؟ كيف أترك الحكم والكرسي والسلطة والقصر ورقاب العبيد والمال ثم أعود مواطنا عاديا؟ جنون هذا أم رومانسية حالمة؟ وهل تظن، سيدي القاضي، بأن حَرَمي المصون السيدة ليلى بن علي كانت سترضى وستخضع لرغبتي لو أنني عرضت عليها هذا الأمر؟ كانت ستتهمني بالجنون. لقد فهمتُ في أول يوم خضعت لي تونس كلها لماذا اختصر الحبيب بورقيبه الطريق فجعل من نفسه رئيسا مدى الحياة وهو المناضل العنيد في شبابه الذي دفعته الرومانسية وحب الوطن وكراهية الاستعمار الفرنسي أن يهب عمره لشعبه من أجل الاستقلال . ليتك شعرت، سيدي القاضي، ولو لبرهة واحدة بما يشعر به الطاغية عندما يأمر، وينهى، ويتفوه بكلمة فتسمعها الآذان قبل أن يدفعها اللسان. الاستبداد لا يتحقق إلا عندما يثمل من كأس العبودية التي يشرب منها الرعايا طواعية. والسادية تحقق قمة لذتها عندما تلتقي بأسفل درجات المازوخية، فتخضع الرقاب، ويخفض أبناء الشعب رؤوسهم وأصواتهم فلاتسمع إلا همسا.   القاضي: لكنك مزيف وكاذب وتعلم جيدا أن نتائج الانتخابات الهزلية في تسعينيتها العربية الخالصة والتي لولا الخوف من سخرية كل وسائل الإعلام الأجنبية لجعلتها مئة بالمئة كما فعل الرئيس الأسير صدام حسين . ألم تقم بتزييف إرادة الشعب التونسي؟   المتهم: أرجوك، سيدي القاضي، فقد فضحتني أكثر مما يجب، وحتى الآن فاتهاماتك لي قد تصل بالحكم علي إلى الاعدام عدة مرات أو السجن بعدد سنوات عمر سفينة نوح. ثم إنني لم آت بجديد، فنحن أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، وما ينطبق على زملائي الزعماء العرب ينسحب علي تماما. أكثرهم مزورون، ومزيفون، وتخرج من قصورهم صناديق الاستفتاء أو الانتخاب جاهزة بالنسبة التي يحددها الزعيم. الرئيس الأسير صدام حسين كان يرى أن أقل من 100% تعتبر اهانة له، وتقليلا من شأنه، وهو يفضل أن يسخر من الشعب في صناديق الاستفتاء عن أن يبحث الشعب عن معارض واحد قال لا للقائد المهيب. والرئيس حسني مبارك يفضل نسبة 96% ويترك هامشا لمثقفي القصر للتحرك والادعاء بأن الرئيس سعيد بالمعارضة والتأكيد على نهج التعددية. والرئيس عبد العزيز بوتفليقة قرر منافسوه كلهم الانسحاب من مسرحية الانتخابات، فاستمر صوتا وحيدا مدعوما من جنرالات الجيش ورؤوس الفساد في اتفاق جنتلماني يصمت هو بمقتضاه على اغتيال الوطن، وتتركه مافيا العسكر على رأس السلطة. والعقيد الليبي الذي يتهم شعبه بأنهم كالماعز يكاد يقسم بأنه سيحول الليبيين لمتسولين في شوارع تشاد والنيجر وتونس، ويدعي أنه لا يحكم لكنه القائد الروحي للثورة، لذا فهو لا يحتاج لانتخابات واستفتاء وصناديق جاهزة تخرج من خيمته الملونة. والرئيس اللبناني المشبع بمشاعر الحرية وهي التي تجري في روح اللبناني فتضحى توأما لها يقرر على استحياء يخفي خلفه صوتا قادما من القصر الجمهوري بدمشق أن يمد في عمر وجوده بقصر بعبدا ثلاثة أعوام جديدة أسوة بالزملاء في مهنة الزعامة العربية. والرئيس السوداني عمر حسن البشير لا يحتاج لصناديق تخرج من قصره وبها أصوات أبناء وادي النيل الطيبيين فيكفي أن يشير إليهم ببيوت الأشباح فيتحول شمال السودان إلى مُلْكٍ خاص يفعل به ما يشاء ! هذه نماذج لبعض زعمائنا العرب، فهل أنا المذنب الوحيد؟   القاضي: هل قامت جهات أجنبية بتسليمك بعض رعاياك؟   المتهم: نعم فقد قام أخي العقيد معمر القذافي بتسليمي مجموعة من المتهمين متجاوزا كل الأخلاقيات في منح ضيوفه الأمن والأمان ما داموا على أرض الجماهيرية العظمى.   القاضي: على بن سالم الصغير .. هل تتذكر هذا الاسم؟   المتهم: معذرة، سيدي القاضي، فلا تسعفني ذاكرتي باسماء كل الذين علّمَتْهم وأدّبَتْهم سجوني التي ما شاء الله تستطيع أن تبتلع في جوفها وأقبيتها وزنازينها كل التونسيين في الداخل والخارج.   القاضي: أنت كاذب، وأرى في عينيك شيئا تخفيه، لكنه في الحقيقة ليس تقريع الضمير.

علي بن سالم الصغير هو السجين السياسي الذي أقفلت مخابراتك في وجهه كل أسباب العيش الكريم بعد خروجه من السجن الذي دخله ظلما وعدوانا وبغيا، فلم يجد عملا، ولم يستطع شراء الدواء، وطاردتموه في كل مكان فقرر في أحد الأيام التاريخية المشؤومة في زمن زين العابدين بن علي أن يعرض ولديه للبيع، وبدلا من أن يبكيك ضميرك على أحد رعاياك إن كان لا يزال حيا، فإن هذا الضمير الذي لم يستيقظ قط راح في سبات مرة أخرى، وتم اعتقال الرجل المسكين وعاد إلى السجن ومعه المحامي نجيب حسني فعدالتك لم تتحمل أن يدافع عن الرجل محام وفقا للقانون مهما كانت درجة الظلم والعدل فيه.  
والآن هل أحدثك عن المواطنين الذين أصابتهم أجهزة أمنك الظالمة ونظامك المستبد والارهابي بالجنون؟   المتهم: كفاك، سيدي القاضي، فلو تذكرت سجلي الحافل بالجرائم بتفاصيله فإن جماهير الشعب التونسي ستقتحم قاعة المحكمة وتأخذ بثأرها مني سحلا في شوارع تونس.   القاضي: هل أُذَكّرك بفيصل قربوع ومنير الأسود وعبد العزيز البوهالي؟ إنهم ثلاثة من رعاياك اصابتهم لوثة عقلية من جراء القمع والاضطهاد والسجون والتعذيب! وهل تتذكر السيدة حياة المدنيني؟
المتهم: نعم، سيدي القاضي، إنها السيدة التي تخضع للمراقبة الأمنية وعليها أن تبلغ الشرطة في كل يوم أنها لم تغادر صفاقس ولم تتجرأ في عهدي على زيارة زوجها شكري القرقوري المعتقل في سجن تونس.   القاضي: وهل كنت تشعر بلذة وأنت تبالغ في اضطهاد أبناء شعبك؟   المتهم: حاولت العثور على طريق آخر لاجبار رعيتي على الخضوع الكامل لنزواتي ومزاجي ورغباتي فلم أجد غير اسهل الطرق التي سلكها جل طغاة الدنيا .. أي القمع بكل أشكاله.   القاضي: وهل تسعفك ذاكرتك باسم علي الرواحي؟   المتهم: أليس هذا هو الرجل الذي اعتقلناه اثر عودته من ليون بفرنسا حيث يعيش مع أسرته، وألقيناه في غيابات السجن تسع سنوات كاملات، ولم يزره أحد قط خلال أعوام السجن الرهيب لأن عائلته كلها في فرنسا، وبعد خروجه أجبرناه على الذهاب لقسم الشرطة للتوقيع في كل يوم؟   القاضي: أرى أن ذاكرتك تضيف متعة لساديتك في قهر أبناء شعبك، والآن كيف كنت ترى الاعلان العالمي لحقوق الإنسان؟   المتهم: كنت أدوس عليه بحذائي، فهو مكتوب للأحرار، أما أبناء بلدي فهم ملكية خاصة بي تماما كما كان الأمريكيون يملكون رقيقهم الذين جلبهم التجار والنخاسون من أفريقيا السمراء. الاعلان العالمي لحقوق الانسان لا يستحق في نظري قيمة الورق المنشور أو المنثور فوقه مهتديا بكرامة البشر.   القاضي: الرئيس الحبيب بورقيبة كان أيضا مستبدا وطاغية وملأ سجون تونس بعشرة آلاف معتقل، فلما أزحته أنت عن الحكم زادت متاعب وعذابات وأوجاع التونسيين أضعافا مضاعفة، فكان هناك أكثر من ثلاثين ألف مواطن يعانون الظلم البَيّنَ في سجون كئيبة وغير آدمية تنفر منها الحشرات. هل لديك تبرير لانفجار القسوة في تعاملك مع رعاياك حتى بدا الأمر كأنك تنتقم من التونسيين؟   المتهم: ليست كراهية بقدر ما هي مشاعر تغوص في أعماقي وملَكتْ عليّ كلَ كياني وهي أنني أرفع مقاما وأكثر شرفا ونقاءَ دمٍ من هؤلاء المتخلفين الرعاع. لعلي لا أبالغ، سيدي القاضي، لو قلت لك أن احساسا بأنني نائب الله على الأرض ينتابني فأطالب بعبودية كاملة غير منقوصة من شعبي. أعني من عبيدي!   القاضي: لماذا كانت تحدث حالات وفاة لمواطنين خلال استجوابهم في مراكز التوقيف؟   المتهم: لم يكونوا يتحملون الوجبة الأولى من التعذيب التي تسبق الجحيم الحقيقي في سجوني ومعتقلاتي مثل بدر الدين الرقيعي الذي أوقفه رجالي في 2 فبراير 2004 ولم يتحمل الرجل سبعة ايام وسبع ليال من التعذيب المستمر ففاضت روحه بين أيدي كلاب أمني.   القاضي: لكن بيان الشرطة ذكر أن الرجل انتحر.   المتهم: إننا، سيدي القاضي، لا نختلف عن معظم الأنظمة العربية فالانتحار اكليشيه جاهز في معظم أقسام الشرطة العربية وقد تفوقت فيها علينا أجهزة الأمن المصرية فهي الطريقة التي يفضلها أخي الرئيس حسني مبارك لاعطاء مزيد من جرعات الرعب لشعبه حتى يستأنسوا المذلة ويستعذبوا الخنوع ويتقدم ابنه جمال مبارك بخطى ثابته ناحية قصر العروبة حاكما وحيدا وفرعونا لم يهبه النهر الخالد لأرض الكنانة.   القاضي: حدثني عن نتائج انتخابات 24 أكتوبر 2004، أليست تلك وصمة عار في جبين نظامك؟   المتهم: كنت أعلم عندما حددتُ النتائجَ سلفا أن أصدقائي في الغرب وأمريكا سيستلقون على أقفيتهم من الضحك وهم يعرفون أنها مسرحية هزلية ودراما مأساوية يختلط فيها البكاء بالضحك، والدموع على شفاه مبتسمة، ومع ذلك فالغرب كله صامت وعلى استعداد لأن يغمض العين عن كل جرائمي ما دامت هناك مصالح بيضاء تحميها أجساد سمراء سَخّرَها لهم رجالهم الطغاة في قصور العالم الثالث. ألم يقلب الغربُ الدنيا عاليها سافلها لأكثر من عقدين من الزمان على قائد ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة باعتباره ارهابيا ومجرما تصفويا يطارد الأبرياء، ويزرع الرعب والفزع في القلوب، فلما قرر تسديد ثمن جرائمه من أموال شعبه، وقام بتسليم الوثائق والأسرار والملفات الخاصة بكل المنظمات العربية والاسلامية والأفريقية وقوى النضال إلى أجهزة استخبارات الغرب وأمريكا، تحول فجأة إلى وديع وطيب وتائب، واستضافت خيمته زعماء أوروبيين ومعهم عقود شركات تبحث عن المال ولو كان في أفواه الجائعين في العالم الثالث؟   القاضي: أنت تصور كل التونسيين على أنهم خاضعون لارادتك، وخانعون لأوامرك، ومستكينون لنزواتك، ومطيعون لكلاب قصرك وأمنك، وهذا ليس صحيحا بالمرة. اين الحقيقة؟   المتهم: لقد قضيت فترة حكمي كلها أكذب على الشعب، أما الآن فأنا مضطر لأجهر بحقيقة أمام عدالتكم وهي أن القوى المعارضة في الداخل والخارج سببت لي أحيانا كثيرة أرقا وقلقا واضطرابات نفسية لم أكشف عنها لأحد باستثناء سيدة تونس الأولى لأنها تشاركني في سحق هامات أبناء هذا البلد. نعم، سيدي القاضي، كانت هناك معارضة قوية لنظام حكمي، والتونسيون بحكم قربهم من أوروبا، ونسبة التعليم المرتفعة، ومتابعة الكثيرين لقضايا الثورة والتمرد والحرية في الناحية الأخرى من الأزرق الكبير، قاوموا استبدادي، ودفعوا ثمنا غاليا لطغياني، وسددوا من دمائهم لتحرير وطنهم من نظام حكمي. القوى الفكرية والثقافية والسياسية والفنية رفعت صوتها عاليا، ومنهم الدكتور منصف المرزوقي والسيدة سهام بن سدرين والصحفي توفيق بن بريك والقاضي مختار يحياوي.   القاضي: ماذا عن المادة 39 التي تحظر على رئيس الدولة التمديد لأكثر من مرة واحدة؟   المتهم: إنه الدستور، سيدي القاضي، وهو لا يشكل لي أكثر من خربشة ديكة، وأنا فوق الدستور، وقبل الوطن وأحصل على نسبة لو أرسل اللّهُ نبيا للتونسيين فقط لما حصل عليها. كنت قد أزمعت أن أظل رئيسا مدى الحياة لولا وقوفي الآن أمام عدالتكم.   القاضي: ألم تكن خائفا من أي انقلاب على القصر يدبره أحدُ أعْوانِك؟   المتهم: لقد أقْصَيّت كُلَّ الأصوات الحرة، وأزحت من يتوسم فيهم التونسيون شجاعة وشرفا ونزاهة، وجعلت المقربين والأصدقاء يحيطون بي كما يحيط الصقليون بالأب الروحي في مشهد مافيوي تصغر بجانبه اخطبوطيات كل الطغاة الآخرين.   القاضي: ما هي أهم قوى المعارضة لنظام حكمك؟   المتهم: أظن أن النهضة لراشد الغنوشي كانت الأقوى في التسعينيات، ثم العصبة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، والمجلس الوطني للحريات في تونس، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، وجمعية المحامين الشباب، والاتحاد العام لطلاب تونس، هذا غير عشرات المواقع على الانترنيت التي استقطبت معظم التونسيين في الخارج، أما في الداخل فقد وضعنا نظاما صارما للدخول على مواقع الانترنيت ولو اشترك تونسي في حوار سياسي باسم مستعار وهو يقيم في مكان ناء في قرية مجهولة فإن أشباح رجال أمني قادرون على الوصول إليه.   القاضي: لكنهم غير قادرين على الوصول إلى نشاطات الموساد في بلدك، أليس هذا صحيحا؟   المتهم: ربما لأنني لم اعتبر الموساد في يوم من الأيام خصوما لي، أو أعداء لنظام حكمي، ولو أرادت اسرائيل تصفية أحد الارهابيين على أرض تونس فسيغمض رجال الاستخبارات التونسية العين عنهم، لكن لا مانع من بيان إدانة شديد اللهجة لامتصاص النقمة الشعبية.   القاضي: كم عدد التونسيين الذين غرقوا في البحر وهم يتكدسون في مراكب قديمة وبالية ويحملون معهم حلم الهجرة والهرب من القمع والفقر والوطن السجن؟   المتهم: لكن المصريين والليبيين والمغاربة يبعثون لقاع البحر أو بطون الأسماك أكثر مما نفعل نحن!   القاضي: إنني أحدثك عن التونسيين من رعاياك وأنت تحكم بلدا صغيرا يستطيع في موقعه الجغرافي وكفاءات أبنائه أن يجعل من تونس بلدا تستقطب العمالة لا أن تطردها. كيف كان رد فعلك عندما تضامن مئات من المثقفين والمفكرين وقدموا عريضة تطلب منك أن لا تجدد لولاية رابعة؟   المتهم: هذه المعارضات السخيفة لا تثنيني عن عزمي، ولم أحد قيد شعرة عن تخطيطي لاستعباد واستغفال واحكام الطوق على رقاب التونسيين حتى يقوم ملك الموت بزيارتي.   القاضي: من اين كنت تستمد الحماية التي جعلتك بمنأى عن غضب الشعب طوال سنوات الذل والقهر التي وقعت فيها تونس الخضراء في قبضتك الحديدية؟   المتهم: لم يكن الأمر بمثل تلك الصعوبة التي تتصورها، سيدي القاضي، فهناك مئة وثلاثون ألف شرطي، وعشرات الآلاف من الخلايا الحزبية والتي تشبه شبيبة الحزب الوطني الديمقراطي في مصر والتي كونها جمال مبارك لتحميه من غضب الشعب، وهناك تقسيمات أمنية ومنظمات تنضوي تحت مسمى الجاسوس النائم وهي التي تُبَلّغ عن أي تونسي يرتفع صوت انفاسه أكثر مما يتحمل النظام. ولا تنس، سيدي، أن شبكة أمنية قمعية منسوجة بهذه البراعة تستطيع أن تسيطر على عشرة ملايين تونسي حتى لو دفن المواطن رأسه في مخدعه واحتمى بالعزلة في غرفة مغلقة.وهنا بدا الارهاق واضحا على وجه القاضي، وشحب قليلا، وضاقت أنفاسه، وخانت صلابتَه دموعٌ تأمّل فيها المتهمُ وعرَف أن حكما قاسيا وعادلا سيصدر بعد قليل. نظر القاضي إلى المتهم بازدراء واحتقار وغضب شديد، ثم صاح بصوت حشرَجته تنهيدةُ حزنٍ قائلا: الحُكم بعد المداولة! وخرج مسرعا من الباب المجاور للمنصة قبل أن يلحق به مستشاراه فالدموع كانت غزيرة! ولأول مرة في تاريخ تونس لا تتملك الحيرة ُأياً من مؤرخيها وهو يستعد للكتابة عن مذبحة وطن في عهد زين العابدين بن علي   محمد عبد المجيد رئيس تحرير مجلة طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين http://www.tearalshmal1984.com Taeralshmal@gawab.com Taeralshmal@hotmail.com Oslo Norway    Homepage: http://www.tearalshmal1984.com Telefon: 0047+22492563fax


بعد أسبوع من بداية الحملة الانتخابية:

التجمع يرفع التحديات.. «الشعبية» و«الوحدوي» يركزان على الجهات والمستقلون في «سبات»


تونس – الصباح:   مضى أسبوع على انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية التي ستتواصل إلى غاية 23 اكتوبر بمشاركة 9 احزاب وطنية تضم 138 قائمة و15 قائمة مستقلة في التشريعية واربعة مرشحين للرئاسية. وحسب شهادات معظم قيادات الأحزاب والمرشحين لهذا الاستحقاق فقد أكد جميعهم لــ”الصباح” ان الحملة الانتخابية تدور في كنف النزاهة والشفافية وحياد الادارة وكانت فرصة للتنافس الشريف حيث غابت كل أشكال التجاوزات والسلوكيات غير الحضارية واللامسؤولة وحضر الوعي بجسامة الحدث الذي غذته المسؤولية الوطنية.   وإذا كانت الحملة والمشرفون عليها قد وفروا مناخا طيبا لانجاحها فإن التفاوت بين الأحزاب في مستوى تحركاتها كان واضحا اذ ظهرت بمستويات مختلفة حيث رفع التجمع كل التحديات وبرزت أحزاب بكثافة حملتها والتحامها بالمواطنين والناخبين، في حين تأثـرت أحزاب أخرى بوجود حملات مضادة لها واكتفى المستقلون بتسجيل حضورهم وتعليق صور مرشحيهم في دوائرهم الانتخابية.   التجمع يرفع كل التحديات   خلال الأسبوع الاول من الحملة الانتخابية حقق التجمع ارقاما قياسية مقارنة بالانتخابات الماضية من حيث استقطاب الجمهور والاتصال بالناخبين وتكثيف الأنشطة حيث لم يخل اي شارع او اية جهة من مظاهر الاحتفال التي واكبها اكثر من مليوني شاب.   كما تم تسجيل حضور مكثف للاجتماعات الشعبية التي ينظمها الحزب تحت اشراف اعضاء من الديوان السياسي او مرشحي الورقة الحمراء للانتخابات التشريعية.   وقد واكب أنشطة التجمع مثلا أكثر من 8000 شاب وشابة حضروا يوم الجمعة اولى أنشطة القرية الانتخابية بالعاصمة، كما احتضن المقر الاجتماعي لمنظمة الأعراف اجتماعا شارك فيه الفا شخص واكبوا بداية الحملة الرئاسية والتشريعية للحزب.   أسبوع اول اكد مدى شعبية التجمع داخل الاوساط الشعبية للبلاد اضافة الى قدرته العالية على التعبئة والاستقطاب.   حملة في مستوى الحدث   أكد بعض الملاحظين ان حزب الوحدة الشعبية من أكثر الاحزاب تنظيما واهتماما بكل تفاصيل الحملة بالرغم من بعض المشاكل الداخلية التي لم تؤثر على سير الحملة الانتخابية.   وكثف الحزب من حملته وظهر في كل الدوائر والجهات وقد اتسمت هذه الحركية خصوصا بالمشاركة البارزة لامينه العام محمد بوشيحة.   وتمكن الحزب من الاتصال المباشر بالمواطنين والناخبين الذين وزعت عليهم البيانات الانتخابية وعدد كبير من جريدة “الوحدة” لسان حال الحزب اضافة الى عقده الاجتماعات العامة وهو ما اعطاه فرصة حقيقية للاطلاع على مشاغل الناخب.   ذات المعطيات كان قد عرفها حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الذي برز هو الآخر بكثافة حملته وبتواجد مناضليه في مختلف الدوائر التي يمثلونها معتمدين في ذلك على تواجد الكثير من الوجوه التي عرفت بميولاتها القومية وهي مقولات تستهوي شرائح كثيرة من الناخبين في ظل الوضع العربي المتأزم الذي غذته القضية الفلسطينية والأزمة في العراق…   ويمكن القول بأن الحزبين استفادا من حملة مرشحي الانتخابات الرئاسية للتعريف بالحزبين وبرامجهما كما أظهر رؤساء القائمات التابعة للحزبين جدية في العمل والتحرك.   حملة مضطربة   لم تظهر حركة التجديد بوجه المنافس “الجدي” و”الوحيد” لا في الانتخابات التشريعية ولا الرئاسية ولولا وجود بعض القيادات لكانت الحركة ومن ورائها “المبادرة الديمقراطية” غائبة تماما، ذلك ان بعض القائمات في دوائر عدة لم تر النور في الأماكن المخصصة لها رغم التجارب الانتخابية والمشاركة المتكررة للحركة في الاستحقاقات السابقة ونفس الحالة عاشتها القائمات المستقلة.   حملة مضادة   منذ إعلان حزب الخضر للتقدم عن نية التقدم للانتخابات التشريعية وجد الحزب حملات مضادة من قبل بعض منخرطين سابقين سواء على أعمدة الصحف أو على الانترنات وقد اشتركت جميعها في الدعوة الى مقاطعة الحزب وقد تجسدت هذه المسألة اساسا في العاصمة وفي ولاية قفصة. ورغم خبرة عدد كبير من مرشحي الحزب بالمسائل السياسية فقد رفض عدد كبير من رؤساء القائمات الاشراف على عمليات تعليق وتوزيع البيانات على المواطنين وتعلل احدهم “بالبرستيج السياسي”.   الاجتماعي التحرري   ابدى الاجتماعي التحرري مرونة في التعامل مع مسألة الانتخابات التشريعية معتمدا في ذلك على شباب الحزب الذي أظهر جهدا في العمل من اجل انجاح الانتخابات الرئاسية والتشريعية اكتوبر 2009 رغم قلة “الشباب التحرري” في هذا المجال.   خليل الحناشي   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 18 أكتوبر 2009 )  


توافدوا على مقرّ القنصلية بباريس منذ الصباح الباكر:

المهاجرون ينتخبون.. وحضور قويّ للجيل الثالث


من مبعوثنا الخاص الى باريس: سفيان رجب باريس-الصباح طبقا لمقتضيات الدستور وأحكام المجلة الانتخابية بدأت أمس السبت عمليات التصويت لانتخاب رئيس الجمهورية بالنسبة إلى كل الناخبين التونسيين المقيمين بالخارج وستتواصل إلى غاية السبت 23 أكتوبر2009 الجاري. اختارت “الصباح” مواكبة انطلاق عمليات الاقتراع في القنصلية التونسية بباريس نظرا للعدد الكبير للجالية التونسية المسجلة بهذه الدائرة الانتخابية.  وقد شهدت مراكز الاقتراع بالخارج بداية من صباح أمس إقبال الناخبين على المكاتب للإدلاء بأصواتهم. من ذلك تواجد الآلاف أمام مكاتب القنصلية التونسية في باريس منذ الصباح الباكر وحتى قبل ان تفتح القنصلية أبوابها. كما لوحظ حضور مكثف للشباب من الجنسين الذين اصطفوا منتظرين دورهم في الادلاء باصواتهم معربين عن امتنانهم لقرار سيادة رئيس الجمهورية خفض سن الانتخاب الى 18 سنة الذي اتاح لهم فرصة المشاركة في الحياة السياسية وتعزيز دور شباب تونس عموما بالداخل والخارج واسهامهم في تنشيط الحياة الوطنية بمختلف اوجهها بما يعمق الشعور بالمواطنة لدى شباب الهجرة.وقد حرص السيد محمد رؤوف النجار سفير الجمهورية التونسية بفرنسا والسيد ثامر سعد القنصل العام لتونس بباريس على ان تدور هذه الانتخابات في جو ديمقراطي وشفاف يعكس نضج التونسيين وتمرسهم في العمل السياسي والمناخ الديمقراطي. ونفس الأصداء جاءت من بقية المكاتب المفتوحة في فرنسا (باريس، ليون، مرسيليا، نيس، بنتان، سترازبورغ، قرونوبل، تولوز) حيث سجلت يوم أمس- وهو اليوم الاول للإقتراع الذي ينتهي يوم 23 أكتوبر الجاري-نسب مشاركة عالية من المنتظر أن تتدعم وترتفع بشكل كبير اليوم الاحد. وبغاية تمكين أبناء تونس بالخارج بمختلف بلدان الإقامة من أداء واجبهم الانتخابي تجسيما لحرص سيادة رئيس الجمهورية على توفير افضل الظروف لهذه الانتخابات، فقد تم بمتابعة شخصية من السيد عبد الوهاب عبد الله وزير الشؤون الخارجية،اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة والترتيبات الضرورية لوضع مراكز الاقتراع على ذمة الناخبين وتقريبها منهم بما يمكن من إجراء عمليات التصويت في أفضل الظروف طيلة أسبوع كامل. ويذكر أن وزيرالشؤون الخارجية سبق أن أعطى تعليماته للهياكل الديبلوماسية بتوفير كل الامكانيات حتى تكون الانتخابات الرئاسية موعدا ناجحا للمواطنة يمارس خلاله التونسيون والتونسيات المقيمون بفرنسا حقوقهم كاملة بالمشاركة الجماعية في عملية الاقتراع الرئاسي. وعلمت “الصباح” أن مراكز الاقتراع في فرنسا،مثلها مثل بقية مكاتب الاقتراع في أغلب العواصم والمدن الكبرى في القارات الخمس شهدت طيلة يوم امس توافد الناخبين التونسيين باعداد كبيرة في أجواء احتفالية. وعبر الناخبون بهذه المناسبة عن ولائهم لتونس مثمنين ما تم فيها من انجازات وعن اعتزازهم بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية والتفافهم حول الرئيس زين العابدين بن علي وخياراته. كما اعربوا عن شكرهم وتقديرهم للرئيس زين العابدين بن علي للعناية الفائقة التي ما فتىء يخص بها التونسيين بالخارج ولتمكينهم من المشاركة في المواعيد الانتخابية وبالمناخ الديمقراطي والتعددي الذي تدور فيه الانتخابات مؤكدين دعمهم للبرنامج الرئاسي للرئيس بن علي. ويذكر أن تونس ولتمكين كل أبنائها من ممارسة حقهم وواجبهم الانتخابي أقامت مراكز اقتراع في جل العواصم والمدن الكبرى في العالم. وقد فتحت كل هذه المكاتب امس في كل من المغرب (الرباط)، موريتانيا (نواكشوط)، الجزائر (الجزائر العاصمة، عنابة، تبسة)، ليبيا (طرابلس، بنغازي)، المملكة العربية السعودية (الرياض، جدة)، مصر (القاهرة)، اليمن وجيبوتي (صنعاء)، فلسطين (رام الله)، سوريا (دمشق)، قطر (الدوحة)، الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي)، سلطنة عمان (مسقط)، البحرين (المنامة)، الكويت (مدينة الكويت)، الأردن (عمان)، لبنان (بيروت)، السودان (الخرطوم)، أثيوبيا (أديس أبابا)، نيجيريا (أبوجا)، الكوت ديفوار والبينين والطوغو (أبيدجان)، السينغال وغينيا (داكار)، الكامرون والغابون والتشاد وغينيا الاستوائية (ياوندي)، مالي وبوركينا فاسو والنيجر (باماكو)، الكنغو الديمقراطية والكنغو (كنشاسا)، جنوب افريقيا وأنغولا (بريتوريا)، فرنسا (باريس، ليون، مرسيليا، نيس، بنتان، سترازبورغ، قرونوبل، تولوز)، إيطاليا (ميلانو، روما، جنوة، نابولي، بلارمو)، ألمانيا (برلين، بون، مونيخ، هومبورغ)، روسيا وأوكرانيا (موسكو)، بلجيكا ولوكسمبورغ (بروكسال)، مالطا (لافالات)، سويسرا (بارن)، هولندا والدانمارك (لاهاي)،السويد (ستوكهولم)، فنلندا (هلسنكي)، البرتغال (لشبونة)، بولونيا(فرصوفيا)، صربيا وبلغاريا( بلغراد)، رومانيا (بوخارست)، المجر (بودباست)، النرويج (أوسلو)، المملكة المتحدة وإيرلندا (لندن)، اليونان (أثينا)، النمسا وسلوفاكيا (فيينا)، إسبانيا (مدريد)، جمهورية التشيك (براغ)، تركيا (أنقرة)، كوريا الجنوبية (سيول)، الباكستان (إسلام آباد)، اليابان وأستراليا (طوكيو)، الصين الشعبية (بيكين)، إيران (طهران)، الهند وسريلنكا والمالديف (نيودلهي)، إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاندا وبروناي والفليبين (جاكرتا)، الولايات المتحدة الأمريكية (واشنطن)، كندا(مونتريال)، البرازيل (برازيليا)، الأرجنتين (بيونس آيرس). (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2009)


فيما تتراجع الولادات ويرتفع معدل أمل الحياة:التونسيون «يشيخون»


تونس – الصّباح   كل المؤشرات الديمغرافية تؤكد أن عدد المسنين في تونس سيتضاعف خلال العقدين القادمين.. بل تدل على أنه سيتضخم خلال ما تبقى من النصف الأول من هذا القرن، ليصبح بعد ذلك، وبداية من سنة 2050 عدد الوفيات في تونس أكبر من عدد الولادات..   فبالنظر إلى احصائيات أعدها المعهد الوطني للاحصاء حول التطور السنوي المرتقب لعدد السكان من الفئة العمرية 60 سنة فما فوق.. نلاحظ أن هؤلاء المسنين سيتجاوزون المليونين و870 ألف نسمة سنة 2029..   ويذكر أن العدد الآن هو في حدود المليون.. وتشير اسقاطات المعهد إلى أنهم سيتجاوزون هذا الرقم بنحو مائة ألف السنة القادمة..   ظاهرة التهرم الديمغرافي التي يسير نحوها المجتمع التونسي، لم تعد إذن خفية عن الأنظار.. ويفسرها خبراء الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بالعودة إلى التغيرات التي شهدتها التركيبة العمرية للسكان انطلاقا من سنة 1966.   ويرى هؤلاء الخبراء أن هذه التغيرات أدت إلى تراجع حجم الفئة العمرية، الأقل من 15 سنة.   كما تزايد حجم الفئة العمرية بين 15 و59 سنة… وأحدث ذلك تزايدا مستمرا للسكان الذين يبلغون من العمر 60 سنة فما فوق.. وبعد أن كانت نسبتهم 5 بالمائة سنة 66 أصبحت الآن 10 بالمائة وقد تصل الى 20 بالمائة عام 2034.   بوادر التشيخ   بالاضافة الى ما يذهب إليه خبراء  المعهد الوطني للأسرة والعمران البشري من الاقرار بالتزايد المطرد لعدد المسنين.. أفاد تقرير أعده الديوان حول «السكان في تونس 2008» أن التغيرات التي عرفتها التركيبة العمرية للسكان نتج عنها ظهور المؤشرات الأولى لبوادر التشيخ.   وتبرز بوادر التشيخ السكاني في تونس من خلال ارتفاع مؤشر التهرم.. ويقاس هذا المؤشر بحساب عدد المسنين لكل مائة شاب..   وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى ارتفاع مؤشر التهرم من 12 مسنا لكل مائة شاب سنة 1966 إلى  38مسنا لكل مائة شاب سنة 2006 وسيبلغ 90 مسنا لكل مائة شاب سنة 2029 ليتجاوز 110 مسنا لكل مائة شاب سنة 2034 وهو تقريبا نفس الوضع الذي بلغته ايطاليا وزيادة على ارتفاع مؤشر التهرم.. فإن نسبة الإعالة الاقتصادية للمسنين ستتطور.   وتبسيطا لهذه النسبة يمكن الإشارة إلى أن مائة شخص في سن النشاط كانوا سنة 1975 يعيلون 11 مسنا فقط.. لكنهم في سنة 2014 سيعيلون 17 مسنا وفي سنة 2034 سيعيلون 32 مسنا..   طفلان لكل امرأة   يرى الخبراء في الديمغرافيا السكانية، أن أفضل السبل للتصدي لتبعات التهرم السكاني وارتفاع نسبة الإعالة هو المحافظة في مقام أول على الفئات الصغرى وذلك بالعمل على التخفيض من وفيات الرضع والأطفال.   أما على المدى المتوسط والبعيد فيجدر العمل على المحافظة على  نسب انجاب معتدلة وفي حدود الطفلين لكل امرأة في سن الانجاب بما يسمح بتجدد الأجيال..   ويعتبر تطور خصوبة المرأة التونسية في السنوات القادمة العامل الأهم في تطور عدد السكان خلال القرن الحالي..   ويذكر في هذا الصدد أن المعهد الوطني للاحصاء أجرى اسقاطات سكانية إلى أفق سنة 2104.   واستنادا إلى فرضية تواصل انخفاض معدل الخصوبة بصفة معتدلة مع استقرارها بداية من سنة 2024 في حدود أقل من طفلين لكل امرأة (واحد فاصل 75)، فإن عدد السكان سيبلغ أعلى مستوى له سنة 2049 بقرابة 13 مليون نسمة، وسينخفض العدد بعد ذلك وسيفوق عدد الوفيات عدد الولادات.. وسيتقلص عدد التونسيين في النصف الثاني من هذا القرن تدريجيا ليتدحرج الى نحو 12 مليون نسمة سنة 2069 وإلى 11 مليون نسمة سنة 2089 وإلى  10ملايين نسمة سنة 2104.   وحسب هذه الاسقاطات سيتطور مؤمل الحياة عند الولادة من 73 سنة عام 2004 الى 80 سنة عام 2034 و82 سنة عام 2089 و82 سنة وصنف عام 2104.   سعيدة بوهلال     (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 18 أكتوبر 2009 )
 


حادث مصنع حمام سوسة: مخالفات للمقـاييس الفنيـة وراء انهيـار البنايـة

 


سوسة ـ الصباح   تواصلت كامل الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت عمليات البحث تحت الأنقاض في موقع مصنع الموبيليا بمنطقة الحمادة التابعة لبلدية حمام سوسة وبتظافر جهود الحماية المدنية والجيش الوطني وقد علمت “الصباح” أن عاملين آخرين توفيا جراء تساقط الركام وبقايا البناء   فيما لايزال يقيم إثنان آخران بقسم العناية المركزة بمستشفي سهلول وبذلك يبلغ عدد الضحايا 5. أما بقية المصابين الذين تم الاحتفاظ بهم في المستشفي فعددهم 6 وإصاباتهم تتراوح بين الكسور والجروح في الوجه وأماكن أخري مختلفة وقد أدى السيد المنذر الزنايدي وزير الصحة العمومية صباح أمس السبت رفقة السيد الطيب الراقوبي والى سوسة زيارة إلى المصابين في مستشفي سهلول ورفع من معنوياتهم واستفسر الأطباء عن حالاتهم.   الشاب عبد الفتاح يقيم بقسم العظام بالمستشفي تعرض لكسر وإصابات مختلفة في الوجه وحالته مستقرة، أما زميله زهير فهو أب لطفلين تعرض لكسر في اليد.    وأكد أن ساعة سقوط السقوف عليهم كانت كالزلزال وقد علم بوفاة زميله نبيل وهو رئيس فريق عمل وكان غير بعيد عنه أما زميله “شبيح” فقد نجا من الموت بأعجوبة.   وقد علمنا أن المصنع شهد منذ عدة أشهر أشغال توسعة وبناء إدارة جديدة، كما شهدت الورشة والمخزن أشغال توسعة وذلك بإقامة طابق إضافي ويبدو أن أسس الطابقين السابقين لم تتحمل ثقل الطابق الجديد فإنهارت كلها وحسب تصريحات بعض العمال فإن العديد منهم غادر مقر العمل لأداء صلاة الجمعة وذلك بترخيص من إدارة المؤسسة في حين واصل بقية العمال أداء واجبهم.   وبالرجوع إلى تفاصيل أشغال البناء فقد علمنا أن صاحب المصنع كان قد تحصل على ترخيص لبناء طابق سفلي سنة 1998 وواصل بناء طابق ثان دون الحصول على رخصة، الأمر الذي جعل المصالح البلدية تصدر قرار هدم بشأن الطابق الثاني وقد قدم في شهر سبتمبر الماضي ملف توسعة به تصميم للخرسانة المسلحة.   و قبل أن ينتظر الرد بادر إلى مباشرة الأشغال، هذا وقد علمنا أنه تم بعد ظهر أمس دفن ضحايا هذا الحادث، وقد قامت السلط الجهوية بمواساة أسر الضحايا. (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 18 أكتوبر 2009 )  

حصيلة القتلى ترتفع الى 8 وعمليات الانقاذ تواصلت حتى يوم أمس


تواصلت عمليات البحث والانقاذ في موقع انهيار بناية تابعة لمصنع أثاث بحمام سوسة لما بعد ظهر أمس بحضور السلط الإدارية والامنية وكافة المصالح المعنية، وقد عاينت �الشروق� المجهودات المبذولة لانتشال آخر العالقين تحت الانقاض، علما بأن حصيلة شبه رسمية استقيناها من مصادر طبية وغير طبية تشير الى سقوط 8 قتلى آخرهم تم اخراجه بعد منتصف نهار أمس السبت. هذا ونشير الى ان بعض الغموض يشوب عملية التوسعة التي خضع لها المبنى المنهار وتباشر السلطات القضائية حاليا التحقيقات لتحديد المسؤوليات كاملة وكشف كافة الملابسات التي أدت الى هذه الفاجعة. (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية يوم  الاربعاء 18 أكتوبر 2009)  

من المنتج إلى المستهلك: القفة بأسعار الجملة.. والقشارة في التسلل


اقتناء المنتوجات الفلاحية من خضر وغلال، والمنتوجات البحرية بأنواع مختلفة، وكذلك البقول الجافة والعسل بأسعار رمزية قد تكون أكثر انخفاضا من تلك التي تعرض في أسواق الجملة: هذا ما أتاحه الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري في تجربة أولى من خلال تظاهرة سوق �من المنتج إلى المستهلك� التي انطلقت أمس وتتواصل إلى اليوم بضفاف البحيرة قرب فضاء دحدح.  وتعرض في هذا الفضاء أنواع متعددة من الغلال خاصة منها ذات الجودة العالية، بأسعار البيع بالجملة كما يحضر العسل بقوة. وتبرز أنواع السمك بأسعارها المنخفضة فحظيت أمس بالقسط الأوفر من الزائرين الذين اغتنموا الفرصة لاقتناء أكبر كمية ممكنة من المنتوجات البحرية خاصة في ظل التهاب أسعار اللحوم الحمراء. افتتح التظاهرة السيد رضا بن مصباح وزير التجارة والصناعات التقليدية مصحوبا بمسؤولين من الوزارة ومن الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري. كما نظمت بالتوازي مع السوق أنشطة ترفيهية للأطفال بفضاء خاص محاذ له.  السلع المعروضة من ولايات عديدة من الجمهورية التونسية، والزائرين كانوا من العاصمة وضواحيها، والتجربة متميزة من حيث المضمون والهدف المتمثل أساسا في انخراط الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري في الاحتفالات التي تعم البلاد بمناسبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ذكرى بكاري (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية- تونس) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2009)  

 


الإسلاميون والغرب .. الأعداء رغم أنوفهم


بقلم زهير سالم* باختزال شديد يصنف باحثون ودارسون وصناع قرار غربيون (الإسلاميين) في خانة العداء للغرب. ويستتبع ذلك سياسات وقرارات ومواقف لا تخدم الحقيقة كما لا تخدم المصالح المتبادلة بين شعوب عالمنا المسلم وعالم الغرب بآفاقه المتعددة.   وعنوان (العداء للغرب) مفهوم ضبابي ومختلط ويحمل الكثير من المغالطات والتباينات والمفارقات. فهل حقاً أن العالم الإسلامي بشكل عام وأصحاب المشروع الإسلامي فيه بشكل خاص هم (أعداء للغرب) بالجملة وبكل ما فيه..   لا يؤثر في هذا الاعتقاد في رؤوس أصحابه وقلوبهم أن الإسلاميين على اختلاف تجسداتهم متفقون على موقف إيجابي من المشروع الحضاري الغربي. فهم ينظرون منذ رفاعة الطهطاوي إلى المشروع الحضاري الغربي على أنه مشروع ناجح ورائد وتجربة تُحتذى في ميادين كثيرة. و هم يحاولون تتبع آفاق التجربة الغربية العملية في أسسها ومبانيها لينقلوها إلى عوالمهم المحكومة بعوامل الإخفاق. كل ما في الأمر أن الإسلاميين يتمسكون بحقهم، كما الغربيين، في التمييز بين ما يقبلون وما يرفضون. وهم يؤكدون أن لديهم قواعدهم الخاصة التي على أساسها يميزون بين الجميل والقبيح. وهم يتشكون دائما أن بلادهم محرومة من الاستفادة من المعطى الغربي الإيجابي بفعل فاعل ، وقرار صاحب قرار.   والإسلاميون هم الأسبق، فيما يظنون ويؤكدون، إلى تقرير ضرورة الاعتراف واحترام الآخر الإنساني والحضاري والديني، فقد كانت العقائد والأفكار والملل والنحل تتماوج تحت رايات الإسلام السياسية يوم كانت الحروب الدينية ومحاكم التفتيش هي السائدة في حضارة وعالم الغرب.   يؤمن الإسلاميون على هذا الصعيد بضرورة أن تبقى النوافذ الحضارية مفتوحة بين بني الإنسان على قاعدة وحدة الأصل الإنساني، والاشتراك في الكرامة الإنسانية، وكون الحكمة، وهي العنوان الجامع لكل ما هو نافع ومفيد، غاية كل عاقل رشيد، أنى وجدها فعليه أن يسعى إليها.   على هذا الأساس فإن الإسلاميين ومِن ورائهم أو أمامهم كل شعوب الجغرافيا الإسلامية لا يضمرون (كراهية) أو (شراً) أو (حقداً) لأبناء أي حضارة أو عرق أو اتباع أي دين بوصفهم الإنساني المجرد، الذي هو حسب العقيدة الإسلامية محط الكرامة للجنس الإنساني باعتباره المطلق (ولقد كرمنا بني آدم..)   الإسلاميون لا يرفضون أياً من القيم الإنسانية الخيّرة في الحرية والعدالة والمساواة والتعاون والتعاطف والسعي إلى الإنجاز؛ بل هم الدعاة إلى ذلك والسباقون إليه، وإن حدث خلاف مفاهيمي على بعض هذه القيم فهو خلاف يقوم على التكييف البيئي أكثر من قيامه على المفهوم النظري التجريدي.   الإسلاميون يُكبرون في الغرب مشروعه المعرفي في بعديه: الإنساني والتقني. وهم كثيراً ما يلومون قياداتهم وحكوماتهم على التقصير الذي يضرب أطنابه في عالمهم في ميادين البحث العلمي، وتمكين الإنسان من المعارف التي تعينه على أن يكون صانع حضارة وليس فقط مستهلكا لمنجزات الآخرين من بني الإنسان.   والإسلاميون لا يختلفون مع الغربيين في مشروعهم لتكريم المرأة، وتحريرها وتمكينها. ولكنهم يملكون مفهومهم الخاص للتكريم والتحرير والتمكين. مفهوم لا يتحمل وزر الواقع التاريخي الذي تعيشه النساء المسلمات في هذا العصر بالتأكيد، كما لا يتحمل وزر الاجتهادات المنغلقة التي تصدر عن بعض المتحدثين باسم المسلمين، أو الممثلين السياسيين لهم، بل إن وجود هذه الاجتهادات دليل مادي على سعة صدر مشروع الإسلام. يتساءل الإسلاميون لماذا يعتبر الغربيين أن من حقهم أن ينظموا قواعد العلاقات الاجتماعية في مجتمعاتهم ولا يقروا بمثل هذا الحق للمسلمين . وهل يملك أحد على الصعيد الحضاري القائم على الحوار والاحترام أن يفرض نفسه على العالم بأنه الأكمل والأجمل على كل صعيد!!   والإسلاميون في الكثير من أقطارهم أعلنوا إعجابهم بالآليات السياسية التي توصل إليها الغرب لتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ووضع قواعد الدولة الحديثة، من حيث حرية الاختيار وقواعد الشفافية والمساءلة المنظمة وآليات التداول السلمي للسلطة، والتكافؤ في الحصول على الفرصة، وكذا قواعد بناء المجتمعات  التعددية الحرة التي تعتبر المواطنة مناطا عاماً للحقوق والواجبات يلتقي عليه الجميع كقاعدة سواء..   ينظر الإسلاميون إلى التجربة الحضارية الغربية على أكثر من صعيد كأنموذج، وهم دائما قادرون على المقارنة مع أنموذجهم التاريخي الذي لا يزال حيا في أنفسهم. ولعل هذه المزاوجة أو المقارنة لا تضر حقيقة المشروع في شيء. ونعتقد أن الإنسان الغربي في حالة من النضوج تجعله فوق الالتصاق بالحالة النرجسية للدعوى التي يحرص عليها المتبجحون.   ومع ذلك يصر الغربيون على تصنيف المجتمعات المسلمة والإسلاميين بوجه خاص كأعداء للغرب!! إنهم الأعداء رغم أنوفهم.   أين تكمن المشكلة إذن؟! هل المشكلة في التاريخ تاريخ الإنسان الغربي الذي تعود أن ينظر إلى الخارطة الإسلامية كموطن للأعداء؟!   هل المشكلة في الكينونة الغربية التي بنيت تاريخيا على رفض الآخر ونبذه ومحاولة استئصاله. نتوقف عند الشعارات المرفوعة ونذكر العلاقة بين الطبع والتطبع!!   هل المشكلة في حاجة السياق التاريخي الغربي إلى نقيض أو عدو سياسي ليعطي للحراك التاريخي الغربي معناه، لئلا يُحاصر هذا الحراك في قرارة نهاية التاريخ، على ما قرره يوما فوكوياما، ولاسيما بعد أن حسمت الرأسمالية الأمريكية التناقضات الغربية الداخلية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.     هل المشكلة ذات سياق سياسي يعبر عن حقيقة واقعة. حقيقة أن الغربي يريد في الجغرافيا الإسلامية (أتباعاً) ينزلون على أمره، ويقولون بقوله، ويؤمنون مصالحه..   قد تكون المشكلة هي مزيج من كل ذلك، ولكن هذا الواقع لا تتحمل مسئوليته الشعوب المسلمة ولا الإسلاميون. الإسلاميون ليسوا، كما يحاول أن بصورهم بعض الغربيين وبعض مجنديهم في بلاد المسلمين، أعداء للحق والعدل، ولاهم أعداء للمعرفة والتقدم، ولاهم أعداء للخير والجمال. إنهم يقدمون أنفسهم للعالم، كما الغربيين تماما، رسل حب وخير وصناع حضارة، وشركاء في تحمل مسئولية سعادة الإنسان.    وهم يرون أنهم قادرون بالمزاوجة بين ما يمتلكون من خلفية ثقافية وحضارية وبما يستفيدون من علوم وتجارب عصرية أن يجعلوا العالم وليس فقط بلدانهم أكثر أمنا وأكثر رفاها وأن يضبطوا العلاقات الإنسانية برحمة أكثر.     فقط عندما يحمل الغربي مشروعه للهيمنة أو السيطرة فإن الإسلاميين يكونون في رأس الأعداء الرافضين والمقاومين، تماما كما يفعل كل غربي شريف متحضر عندما تراد بلاده بمثل هذا المشروع   *مدير مركز الشرق العربي (المصدر: موقع تونس أونلاين بتاريخ 18 اكتوبر 2009 ) 


في ضرورة التعمق في معضلة التحول الديمقراطي (4)


طارق الكحلاوي 2009-10-18 عند النظر إلى الوضع التونسي فإننا لا يمكن أن نراه استثناءً عن النظام السياسي العربي، لكن يبدو تاريخ تونس المعاصر نموذجا للعلاقة التفاعلية النشطة بين السياقين الاقتصادي-الاجتماعي والسياسي في مسارالتحول الديمقراطي، من الضروري القيام أولاً بتوصيف عام للظاهر السياسي قبل التمحيص في أساساته الاقتصادية والاجتماعية. ومن البيّن أن نظرة الزمن الطويل (longue dure) تحيلنا أولا على تاريخ متقطع لـ التحول الديمقراطي برغم الإخفاقات الواضحة حتى اللحظة. كم أنه تاريخ لـ التحول الديمقراطي لا يبدأ منذ تأسيس الدولة الوطنية سنة 1956 بل يسبقها. وهكذا فإنه يجب النظر إلى مرحلة التحرر الوطني ليس كمعركة بين داخل وطني و خارج استعماري فحسب بل هي أيضا معركة افتكاك حق الداخل في التأسيس لحقه الدستوري في حكم نفسه بنفسه. وبهذا المعنى لم تكن المعركة ضد الاحتلال الفرنسي من حيث هي صراعٌ على السلطة إلا معركة ضد استبداد ذي هوية خارجية. كما هي معركة ليست ضد استبداد واقع فحسب بل أيضا استبداد محصن تشريعيا. ولا يتعلق ذلك بالقراءة التاريخية بأثر رجعي فحسب بل أيضا من خلال طريقة تمثل الحركة الوطنية لذاتها، إذ إن تاريخ الحركة الوطنية المنظمة حزبيا ومنذ بداية تركيز مبرراتها الفكرية كان تاريخ تأكيد وجود الأمة التونسية، وليس، بالمناسبة، بما هي في تمايز جذري مع محيطها العربي والإسلامي بل بما هي في تمايز مع واقع احتلال كان في أصله متونساً بما أنه مارس احتلالا قُطريا في تسلسله الكرونولوجي. إذ إن كتابات منظري الحركة الوطنية من عبدالعزيز الثعالبي إلى علي البلهوان والحبيب ثامر لم تعرف الأمة التونسية إلا على أساس تميزها بهوية عربية-إسلامية برغم الوعي بالتنوع الذي ميز تاريخ تونس الطويل كمجال جغراسياسي ضبابي وشديد التحول. ولم يحدث أن تم اختلاق سياسوي لـ هوية تونسية معومة إلا في سياق الصراع السياسي اللاحق بين بورقيبة والتيار القومي العربي بجناحه المشرقي. الدفاع عن وجود هذه الأمة كان يعني أنها ذات الخصوصية في امتلاك دستور خاص، ومن ثم في امتلاك حكم خاص قبل أن يطرح مطلب الاستقلال، فالتعبير السياسي المنظم الأقدم للحركة الوطنية أي الحزب الدستوري القديم كان اسماً ومضموناً الحزب من أجل إصدار دستور تونسي قبل أن يكون حزب تحرر من الاحتلال. أو بمعنى آخر كان تمثله للتحرر الوطني في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى يتأسس واقعيا من خلال إصدار دستور تونسي. حدث هذا رغم أنه سبق ذلك موجات متقطعة من العمل المسلح المقاوم التي كانت تنطلق من المحيط الاجتماعي الريفي وشبه الصحراوي والذي كان من الواضح أنه يستبطن صداما جذريا مع واقع الاحتلال بدفع أساسا من التمايز الثقافي بين المحتل والاحتلال، ولكن مع انزياح مجال الصدام والاحتجاج إلى التركز في الوسط المديني ستصبح المقاومة المسلحة ملحقة كمتن تكتيكي بالاستراتيجيات الاحتجاجية المدنية. هذا النزوع الأغلب (وليس المطلق بدون شك) للاحتجاج غير المسلح لم يكن يعني إقصاءً للاحتجاج الصدامي. كان واقع الاحتجاج الصدامي خاصة عبر إضرابات الحركة النقابية المتونسة مرآة للتأثير الهائل للأساسات الاقتصادية والاجتماعية للحركة الوطنية بما هي حركة من أجل التحول الديمقراطي. وكان الصراع النقابي ذو الهوية التونسية تعبيرا عن الأساس الاقتصادي والاجتماعي لمرحلة إسقاط استبداد الاحتلال. وربما لا يوجد مثال أكثر وضوحا من الحركة الوطنية التونسية على تحول النضال الاجتماعي-النقابي إلى قاطرة رئيسية للحركة الوطنية إلى الحد الذي حول التنظيمات النقابية المتلاحقة إلى هياكل اجتماعية من الخارج وسياسية من الداخل. وهكذا استطاعت الحركة الوطنية المنظمة سياسيا التحول من منظمات حزبية نخبوية ومدينية ومنبرية تنتج وتعيد إنتاج البيانات المستهلكة صحافيا إلى منظمات حزبية اخترقت حواجز التمايز الاجتماعي والنخبوي والمديني والجهوي. فتاريخ الحركة النقابية في تونس كان في جزئه المتونس تاريخ الحركة الوطنية ذاتها. إذ لم يكن مجرد صدفة أن بداية تونسة الحركة النقابية كانت بالتزامن مع نشأة أول حزب سياسي تونسي إثر الحرب العالمية الأولى. كما أن انتعاش الحركة السياسية التونسية بين الحربين وفي الثلاثينيات تحديدا تزامن مع عودة انتعاش الحركة النقابية المتونسة، المستقلة اجتماعيا ووطنيا عن واقع الاحتلال. ولكن حتى تلك اللحظة كان الالتحام عصيا بين الجناحين الاجتماعي والسياسي للحركة الوطنية، في العشرينيات بسبب تردد الجناح السياسي، وفي الثلاثينيات بسبب تردد الجناح النقابي. ومن المثير أن تاريخ التحامهما رمزيا في مؤتمر ليلة القدر سنة 1946 كان تاريخ الإجماع الوطني على مطلب الاستقلال وتعبيرا عن مرحلة جديدة في تمثل التحرر ليس من زاوية التأسيس للدستور والبرلمان التونسيين فحسب بل من زاوية أشمل أي التأسيس لدولة جديدة. وعموما يصعب في أحيان كثيرة أن نفصل بين خلايا الحزب وخلايا المنظمات النقابية المتعاقبة خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل. كما أن مؤشرات متزايدة تشير إلى العلاقة الوثيقة ليس سياسيا فحسب بل من حيث التنسيق والتنظيم بين زعيمي الحزب والنقابة، صالح بن يوسف وفرحات حشاد، بين أواخر الأربعينيات إلى بداية الخمسينيات، إلى الحد الذي كان فيه اغتيال حشاد عملا موجها بالأساس ضد الحركة الوطنية. إن الحراك السياسي ضد الاحتلال كان ممكنا طبعا بسبب تميز الهوية الثقافية العربية-الإسلامية، والذي كان محركا واضحا بشكل بنيوي عام أو من خلال حوادث محددة (الجلاز، التجنيس…) للمسار العام للحركة الوطنية. لكن وجود ذلك الواقع الثقافي لم يكن ليتفاعل من دون عاملين آخرين في علاقة بالسياق الاقتصادي-الاجتماعي: التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي لم يكن لواقع الاحتلال إلا أن يفرزها بما في ذلك نشأة طبقات شغيلة مفقرة، كانت الأزمات المتعاقبة (بعد الحرب العالمية الأولى، بعد أزمة 1929، بعد الحرب العالمية الثانية) تزيدها فقرا أو تأزما. العامل الثاني أن هذه الفئات تميزت عن باقي الشغالين غير التونسيين من حيث درجة فقرها ومن حيث خلفيتها الثقافية، وبالتالي انتهى بها الأمر إلى الحاجة إلى أداة التنظيم النقابي المستقل، الذي كان إلى حد كبير الأساس التنظيمي الشعبي للتنظيم السياسي المستقل. وعموما لم يكن هناك انفصال بين السياقين الثقافي والنقابي مثلما نتبين من تحركات نقابية، مثل إضراب عملة الرصيف احتجاجا على المؤتمر الافخارستي ذي الطابع التنصيري سنة 1930. مع انتهاء مرحلة التحول الديمقراطي الأولى، التي أفرزت في نهاية الأمر أسس النظام الديمقراطي، أي السيادة الوطنية لشعب محدد، حق الدستور التونسي والدولة التونسية، لن نرى نهاية للعلاقة التفاعلية النشطة بين السياقين الاقتصادي-الاجتماعي والسياسي في النصف الثاني من القرن الماضي. إذ إن إخفاق التحول الديمقراطي في الانتقال من إنجاز الحق الدستوري للتونسيين لحكم أنفسهم إلى تفعيل ذلك الحق كان ممكنا بالأساس بسبب التحالف الصلب بين المنظمة النقابية والمنظمة الحزبية، وهو ما تحقق في سياق الصراع البورقيبي اليوسفي. و مؤتمر صفاقس كان في نهاية الأمر مؤتمرا بسواعد نقابية من أجل تحالف سياسي جديد داخل السلطة. ويصعب حسم الأسباب البنيوية التي أدت إلى دعم غالبية المنظمة النقابية، قيادة وقواعد، لنظام استبدادي سيؤسس تدريجيا لكن بخطوات ثابتة لدولة الحزب الواحد، بل أيضا لنظام رئاسي مشخصنٍ أو سلطاني حسب تعريف إحدى مدارس العلوم السياسية. غير أن النموذج المكسيكي المشار إليه في الجزء الثاني من هذا المقال يحيلنا على إمكانية عقد صفقة يكون بمقتضاها الماسك بالسلطة السياسية راعيا أبويا اجتماعيا يقضي على أسباب وجود منظمة نقابية متمردة، بل يجعلها جزءا من السلطة عبر شخوصها أو دورها الزبوني (clientelism). ويوجد ما يكفي من المؤشرات على استقرار هذا الوضع في ستينيات القرن الماضي. كما أنه يوجد ما يكفي من المؤشرات على أن الحراك السياسي الذي استرجع أنفاسه بقوة مع سبعينيات القرن الماضي وموجات اليسار الجديد ثم الحركة الإسلامية في الثمانينيات لم تكن ممكنة إلا بسبب انفراط العقد السياسي-الاجتماعي بين السلطة والنقابة، مع اهتراء الدور الاجتماعي الرعوي والأبوي للسلطة السياسية وهو ما تعمق مع الأزمات الكبيرة في السبعينيات والثمانينيات. في المقابل فإن حصول تغيير في أعلى هرم السلطة في 7 نوفمبر 1987 مثل توجها نحو عودة لمعادلات الستينيات ولو تحت عناوين برامجية جديدة.   tkahlaoui@gmail.com (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2009)


سيف الإسلام.. الصعود الثاني لـ”جوكر” ليبيا


محمد جمال عرفة بعد استقالته من كل مناصبه بفعل الصراع مع من يمكن تسميتهم بـ”الحرس القديم” في ليبيا في وقت كان الحديث فيه يتصاعد حول خلافته المحتملة لوالده الزعيم الليبي معمر القذافي ضمن سيناريو توريث السلطة الذي بدأ ينتشر في العالم العربي، عاد سيف الإسلام القذافي -نجل الزعيم الليبي معمر القذافي- إلى الأضواء مجددا بعد اختياره هذا الأسبوع في منصب “المنسق العام للقيادات الاجتماعية الشعبية”، وهو منصب يكاد يضاهي منصب “رئيس دولة”، ويتمتع من يشغله بصلاحيات الإشراف على البرلمان والحكومة معا. وفي السنوات الأخيرة لعب سيف الإسلام القذافي (37 عاما) دورا كبيرا في إخراج ليبيا من عزلتها الدولية، وفي عقد العديد من الصفقات مع الدول الغربية لإنهاء عقود من الخلافات الجذرية مع حكم والده، وعلى الصعيد الداخلي وضع سيف الإسلام خططا طموحة تتضمن: تمرير مشروع للدستور (منذ قيام ثورة الفاتح وإلغاء الدستور الليبي على إثرها لا يوجد في ليبيا دستور)، وإطلاق خطة تنموية اقتصادية بقيمة سبعين مليار دولار، وتحرير الصحافة من سيطرة الدولة، بالإضافة إلى تشجيع قيام مؤسسات مجتمع مدني قوي، لكنه اصطدم بمعارضة ما يوصف بـ”الحرس القديم” في ليبيا مما حمله على إعلان انسحابه من الحياة السياسية في أغسطس 2008. ومنذ ذلك الحين عادت ملامح صدام جديد بين الغرب وليبيا، تصاعدت في العام 2009 بعد أزمة إطلاق عبد الباسط المقراحي المتهم السابق في قضية لوكيربي، وتأججت بخطاب القذافي في الأمم المتحدة الذي طالب فيه بثورة في الأمم المتحدة، وإنهاء سيطرة كل من الدول الكبرى ومجلس الأمن على مقدرات باقي الدول الأعضاء في الجمعية العامة وإلغاء حق الفيتو. الابن والغرب وبالتالي ظهرت الحاجة مرة أخرى لسيف الإسلام القذافي لتبريد الساحة وقيادة عجلة التغيير في السياسة الليبية بعدما أصبح والده (القذافي) عميد الحكام العرب والأفارقة، وفي ظل حاجة ليبيا للحفاظ على قيادتها للقارة الإفريقية واستمرار العلاقات مع الغرب، خاصة أن سيف الإسلام يحظى بقبول لدى الغرب -بحسب اعترف أبيه- فقد سبق أن نقلت صحيفة ‘ليبيا اليوم” الإلكترونية عن مصادر لم تكشفها قول القذافي إن سيف الإسلام “مفاوض بارع ويحظى بقبول الغرب له”. والملفت هنا أن من أعاد سيف الإسلام هو والده الذي طالب القيادات الشعبية الليبية بإيجاد منصب رسمي لنجله سيف الإسلام “حتى يتمكن من تنفيذ برنامجه الإصلاحي الذي يدافع عنه منذ 2007″، ويبدو أن عودة القذافي للاستعانة بنجله -بعدما سعى سابقا لتحجيم نفوذه بفعل ضغوط الحرس القديم في اللجان الشعبية الثورية� بل تعيينه في منصب رسمي بدلا من “مهامه” غير الرسمية السابقة جاءت لاستيائه من الفساد الذي تفشى في أجهزة الدولة و”تخاذل القيادات الاجتماعية في الإمساك بزمام المبادرة وعدم القيام بواجبها”، بحسب ما يرى مؤيدو سيف الإسلام. وغالبا ما يُنظر للعلاقة بين كل من (اللجان الثورية الشعبية) و (القيادات الاجتماعية الشعبية) على أنها علاقة صراع بين الحرس القديم والجديد، فالأولى تمثل المسئولين المتنفذين في الدولة والبرلمان والحكومة، في حين تتشكل الثانية من وجهاء القبائل والمناطق الذين يعدون نظريا أصحاب الشرعية الأعلى والسلطة التنفيذية الأعلى في ليبيا، بحكم النظام الجماهيري الذي تنتهجه ليبيا. ولذلك جاء ترشيح سيف الإسلام لهذا الموقع، الذي يعادل منصب رئيس للدولة، في اجتماعات عقدتها القيادات الشعبية الاجتماعية في جميع أنحاء ليبيا للوصول إلى صيغة تمكنه من الوصول إلى رأس مؤسسات الدولة، وشهد عدد من المدن الليبية اجتماعات لهذه القيادات، بينما تواصل أخرى مناقشاتها، ويفترض أن يصادق مؤتمر الشعب العام (البرلمان) على تعيين سيف الإسلام في هذا المنصب في غضون أيام، ما قد يمهد عمليا لخلافة سيف الإسلام لوالده بعد أن أصبح الشخصية الأكثر تميزا في الحياة الليبية العامة. هذا التصعيد لسيف الإسلام أقلق على ما يبدو اللجان الثورية (الحرس القديم)، فراحت تقلل من أهمية المنصب الجديد لسيف الإسلام، أو خلافة صاحبه للزعيم الليبي، وهو ما يتضح في استبعاد إبراهيم أبو خزام، عضو حركة اللجان الثورية، أن يكون حصول سيف الإسلام على منصب رسمي خطوة على طريق خلافة والده، مؤكدا أن “القيادة لا تورث، والقائد ليس لديه وظيفة محددة ورسمية، فهو يؤدي دوره ويختفي”. ولم يلق بزوغ نجم القذافي الابن في الحياة السياسية الليبية قبولا لدى قوى المعارضة التي تتهمه بـ”عدم امتلاك أي قدرات خاصة، ولا يقدم سوى وعود” بجعل ليبيا بمستوى الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، كما أن نجاحه في حل الملفات العالقة مع الغرب راجع لرغبة الغرب نفسه في تغيير ليبيا وإنهاء سياساتها العدائية عبر تفكيك نظام القذافي القديم تدريجيا وتوجيهه نحو الاعتدال والقبول حتى بوجود إسرائيل نفسها، بحسب هذه المصادر. وعلاوة على ما سبق لا يقدم سيف الإسلام -من وجهة نظر قوى المعارضة- أي جديد، بل يسعى إلى دفن الاتهامات والجرائم التي توجه لنظام أبيه عبر دعوة المعارضة لنسيان الماضي وعدم التحقيق فيها، كما أن “الدستور الليبي الجديد” الذي يتحدث عنه سيف الإسلام القذافي ما هو إلا “ترويج لمشروع المرجعية الذي تعكف على إعداده أمانة مؤتمر الشعب العام من خلال لجنة شكلت منذ سنوات برئاسة المنسق العام للقيادة الشعبية الاجتماعية”، ومشروع المرجعية عبارة عن تجميع لأفكار القذافي الواردة في (الكتاب الأخضر) وقوانين أصدرها النظام الليبي منذ 1969 وتمت صياغتها في وثيقة تسمى بالمرجعية، يحاول النظام الترويج لها بوصفها دستور البلاد. من هو؟ ولد سيف الإسلام معمر القذافي في 5 يونيو 1972 في باب العزيزية بطرابلس،‏ حيث تقيم أسرة العقيد معمر ‏القذافي، وهو الابن الثاني للعقيد القذافي من زوجته الثانية السيدة صفية فركاش، ولسيف الإسلام القذافي خمسة أشقاء من بينهم أخت واحدة. درس سيف الإسلام المرحلة الابتدائية والإعدادية بمدارس الحي الشعبي القريب من مقر إقامته بحي “أبي سليم” في مدارس طرابلس الحكومية، ودرس المرحلة الثانوية بمدرسة “علي وريث” الحكومية، وتخصص في الهندسة المعمارية، وتخرج سنة 1994 في كلية الهندسة بجامعة الفاتح في طرابلس، ثم التحق بكلية الاقتصاد في جامعة “إمادك” بالنمسا سنة 1998، وحصل منها على درجة الماجستير سنة 2000، وحصل القذافي الابن على درجة الدكتوراه من كلية لندن للاقتصاد (لندن سكول أوف إيكونوميكس). وفور تخرجه عمل القذافي الابن في مركز البحوث الصناعية بطرابلس، ثم انتقل في سنة 1996 للعمل بالمكتب الاستشاري الوطني، وفي عام 1998 أنشأ سيف الإسلام مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية، والتي ساهم عن طريقها في حل الكثير من المشكلات الدولية، مثل قضية احتجاز الرهائن الأوروبيين بالفلبين والممرضات البلغاريات في بلاده وغيرها، وظهرت ملامح أدواره السياسية تدريجيا. ومن خلال جمعية حقوق الإنسان التابعة لمؤسسة القذافي العالمية قام سيف الإسلام بنشاط بارز في تعزيز حقوق الإنسان في ليبيا، وقاد تفاهمات مع معتقلين سياسيين فيهم معتقلو الإخوان المسلمين والجماعة المقاتلة الليبية، وصولا إلى المراجعات الفكرية، وأطلقت جمعية حقوق الإنسان حملات واسعة للإفراج عن المعتقلين السياسيين, وهو ما أدى بالفعل إلى إطلاق سراح أعداد كبيرة منهم، كما أطلقت الجمعية حملة ضد التعذيب في ليبيا والشرق الأوسط, وقامت في العام 2006 بزيارة أماكن الاعتقال وقدمت توصيات بتحسين أوضاع المساجين وتوفير العلاج للمرضى. الصعود الثاني بدأت قصة صعود القذافي الابن الفعلية الأولى منذ تأسيس مؤسسة القذافي الخيرية العالمية عام 2003، فمن خلال هذه الجمعية التي يترأسها قام بأدوار محلية وأخرى دولية جعلته في بؤرة الحدث، والمحرك لكثير من الملفات الليبية داخليا وخارجيا. وقد برز دوره بشكل خاص في الوساطة التي قام بها في قضايا احتجاز رهائن غربيين في الفلبين، وعقده مفاوضات مع جبهة “مورو”، بالإضافة إلى قضية الفريق الطبي البلغاري الذي أفرج عن أفراده (خمس ممرضات وطبيب) في يوليو 2007، بعد أن أمضوا ثماني سنوات في ليبيا، كما تدخل سيف الإسلام مرارا في مفاوضات دولية عبر مؤسسة القذافي (جمعيته الخيرية) من أجل قضايا تنمية وغيرها. واشترك سيف الإسلام أيضا في المفاوضات الخاصة بكل من: قضية تعويضات عائلات ضحايا طائرة لوكيربي، التي تحطمت في 1988 فوق أسكتلندا واتهمت ليبيا بالتخطيط لتفجيرها، وقضية دفع تعويضات لضحايا الاعتداء على طائرة “أوتا، دي سي-10” التي تحطمت فوق النيجر في 1989، واشتهر سيف الإسلام بأنه يتحدث بهدوء واعتدال، وقدمته وسائل الإعلام الغربية على أنه “الوجه الجديد المقبول غربيا، والذي يجمل وجه نظام اتهم طويلا بدعم الإرهاب”. وقد نجح في أغسطس 2007 في إطلاق أول محطة تلفزة خاصة (الليبية) وأول صحيفتين خاصتين في البلاد. وعندما اشتد عود “سيف الإسلام” وظهر تأثيره في الحياة السياسية الليبية دعا في أغسطس 2006 إلى استحداث دستور ثابت لليبيا ووضع مرجعية ثابتة، كما دعا في خطاباته إلى ضرورة التحول من “ليبيا الثورة” إلى “ليبيا الدولة”، حسب وصفه، ووجه انتقادات حادة للنظام السياسي الليبي، آخرها كان في لقائه السنوي مع الشباب الليبي، ما اعتبره الحرس القديم في اللجان الثورية تهديدا لهم، ومن ثم أوعزوا إلى الرئيس القذافي بتحجيم هذا النشاط، وهو ما ظهر في تأميم ليبيا لقناة (الليبية) الفضائية بعدما تحولت للترويج لرؤى التيار الإصلاحي بقيادة سيف الإسلام، بل تظهر ضمنا القذافي الأب نفسه على أنه يقود “دولة فاسدة”. وجاء حديث سيف الإسلام في 20 أغسطس 2007 عن تبنيه مشروع لتحديث البلاد، أكد فيه أن “ليبيا لن تتحول إلى ملكية أو دكتاتورية”، ليكون هو مسك ختام المرحلة الأولى من انطلاقته السياسية، إذ بدأت مرحلة التضييق عليه، فأعلن انسحابه من الحياة السياسية بعد تأكيده أنه وضع “القطار على السكة الصحيحة”، ودعوته إلى بناء “مجتمع مدني قوي” يواجه أي تجاوزات على مستوى قمة السلطة. وكان من أسباب التضييق على سيف الإسلام أيضا من قبل الحرس القديم تبنيه لمشروع طموح يسمى (مشروع ليبيا الغد)، والذي يهدف من الناحية السياسية إلى إخراج ليبيا من العزلة الدولية التي فرضت عليها نتيجة سياساتها التحررية المعادية للهيمنة الأمريكية، والتي بلغت ذروتها بالعدوان الأمريكي عليها عام 1986، ومن الناحية الاقتصادية إلى ترميم التصدعات التي حدثت للاقتصاد الليبي نتيجة لتلك العزلة، ومن الناحية الاجتماعية إلى إطلاق العنان للجماهير، وخاصة الشباب، لتبدع وتتألق دون قيود وتبني ليبيا في الألفية الثالثة على الوجه الذي ينبغي أن تبنى عليه دولة تتمتع بإمكانيات ليبيا الاقتصادية. وعندما أعلن سيف الإسلام تنحيه عن دوره السياسي بفعل الضغوط التي تعرض لها تنبأ كاتب هذه السطور -في مقال سابق له تحت عنوان (تنحي القذافي الابن.. ضربة موجعة للتوريث!) في 27 أغسطس 2008- بأن هذا الإعلان ربما يكون “وراءه أهداف أخرى مثل الانسحاب لحين تجهيز المسرح للدخول بطريقة أكثر ديمقراطية وأكثر قبولا من النواحي القانونية والدستورية”. وجاء هذا التصور المستقبلي بناء على تحليل للواقع الليبي وتوقعات مراقبين للشأن الليبي أن هذا انسحاب مؤقت للقذافي الابن، هدفه التمهيد لدخول مرحلة جديدة لإعادة صياغة وجوده على المسرح السياسي الليبي، وإضفاء مزيد من الشرعية على تواجده، وهو ما حدث هذا الشهر بتعيينه في منصب يعادل منصب رئيس الدولة ويسمح له بمراجعة سياسات الحكومة والبرلمان معا. فهل سيغير “الجوكر الجديد” وجه ليبيا بعدما أصبحت له سلطة فعلية رسمية تعلو على سلطة منافسيه في الحرس القديم؟ وهل ينقل ليبيا بثورة أخرى مدنية نحو اقتصاد أقوى وحكم ديمقراطي تعددي حقيقي يسمح بأن يتولى غيره دفة الحكم أم يقتصر الأمر على مجرد التجميل السياسي إرضاء للغرب؟ وهل يتبع القذافي الابن منهج التدرج في الإصلاحات بسبب صعوبة التغيير الثوري المفاجئ لأوضاع ظلت 40 عاما تحت حكم والده منذ ثورة الفاتح عام 1969؟ وإلى أن تظهر إجابات عن هذه الأسئلة ربما سيكون على ليبيا أن تتعامل  في المرحلة المقبلة مع زعيمين فعليين هما: القذافي الأب والقذافي الابن، ولا شك أن الابن استوعب درس التنحي الأول وإبعاده عن الحياة السياسية بعدما اختلفت سياساته وتصريحاته مع سياسة الأب، وهو ما دفع صلاح الشلوي، القيادي السابق في الإخوان المسلمين، إلى الحديث عن ظاهرة جديدة غير مسبوقة سيشهدها الليبيون “تتمثل في وجود قيادتين من الضروري أن يتعايشا معا من خلال معادلة واضحة للتوازن السياسي بما يكفل فعلا للقيادة الجديدة دورا وظيفيا مبررا، ويمكنها من القيام بالمهام التي تراد لها”، وذلك في مقال له بصحيفة “المنارة” الإلكترونية. المحلل السياسي بشبكة إسلام أون لاين.نت (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 18 أكتوبر 2009)


انتخابات دون حق الانتخاب

د. عزمي بشارة
لكي توافق فصائل المقاومة الفلسطينية على اتفاق المصالحة المقترح مصريا يجب أن تتعهد الرباعية المتمثلة بالولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة باحترام نتائج الانتخابات أيا كان الفائز، وأن تلتزم بعدم فرض حصار على الشعب الفلسطيني إذا كان الفائز هو حماس. وليس هذا شرطا موجها إلى مصر. وهو لا يعني فتح بنود الاتفاق للنقاش من جديد، بل هو شرط دولي، ظرف دولي بدونه لا يعني الاتفاق شيئا، سوى محاولة التخلص من المقاومة بموافقتها، ومسايرتها إذا لزم حتى تصل إلى نقطة اللاعودة. وحتى إذا تجاوز الشعب الفلسطيني مسألة الانتخابات تحت الاحتلال برمتها، كمسألة تثير معركة داخلية وتهمش الصراع ضد الاحتلال وتجري تحت سقف اتفاقيات أوسلو، فإن من حقه أن يطالب بتوفر هذا الظرف الدولي المتمثل بالتعهد أعلاه كي يطمئن، وذلك لسببين: 1. أنه جرت انتخابات في الماضي لم يعترف بنتائجها وعوقب عليها الشعب الفلسطيني. 2. أن الانتخابات الحالية سوف تجري تحت الحصار، وفي ظل رفض إعادة بناء ما دمرته الحرب في غزة، أي تحت التهديد. عدم صدور مثل هذا الالتزام، أو مثل هذا التعهد عن الرباعية المسؤولة عن الحصار، يوجه الرسالة التالية: عليك أيها الشعب الفلسطيني أن تنتخب طرف التسوية المتمثل بفريق أوسلو، وأن تمنحه الثقة، وذلك ليس لأنه جدير بالثقة سياسيا أو مبدئيا أو وطنيا، ولا لأنك تؤيد التنسيق الأمني مع إسرائيل، ولا لأنك مقتنع بهذا الفريق بالمجمل، بل لأنك إذا لم تفعل ذلك سوف تتعرض لحصار لا يكل ولا يلين، ولا يعترض عليه النظام الرسمي العربي، بل يساهم فيه. وليكن في حصار غزة المستمر منذ أعوام خلت والحرب التي شنت على القطاع عبرة لمن يعتبر. طبعا لا نتوقع ممن يذهب للانتخابات بسيف الحصار والحرب المسلط من قبل أعداء الشعب الفلسطيني أن يخجل أو يشعر بالحرج، فهذا كثير في مثل هذه المرحلة، ولكننا نطلب منه ألا يكثر من الخطابة والوعظ علينا في شؤون الديمقراطية. هذه ليست انتخابات، بل مبايعة تحت التهديد بالقتل، وليس قتل الناخب وحده بل قتل أبنائه وبناته أيضا الذين لا ذنب لهم. ومن هنا لا تخضع حركات المقاومة للانتخاب قبل الاستقلال، أو قبل اتضاح هزيمة الاحتلال على الأقل في استفتاء عليه. فأي شعب ينتخب حركة مقاومة وهو تحت الاحتلال وقبل اتضاح زوال الأخير، أي شعب ينتخب حركة مقاومة تحت التهديد بالنتائج الوخيمة؟ تطلب المقاومة من المناضل أن يضحي، ولكنها لا تطلب من المواطنين العاديين عموما أن يختاروا في عملية انتخاب بين طعام عائلاتهم وبين المقاومة. يتضمن الاتفاق أمرا رئيسيا آخر يتكرر في كل فصل من فصوله وهو اعتبار رئيس السلطة مرجعية عليا فوق النقاش والخلاف. فهو بموجب اقتراح اتفاق المصالحة مرجعية لجنة الانتخابات، وهو مرجعية لجنة المصالحة والوفاق الوطني، وهو مرجعية الهيئة الأمنية العليا. ينص الاتفاق على رئيس السلطة باعتباره مرجعية، وهو أحد أهم رموز الخلاف عند الشعب الفلسطيني. فهو لا يحتل مكانة مرموقة حتى بين مجموعة قليلة من الشخصيات الأقل شعبية والأكثر إثارة للغضب على الساحة الفلسطينية منذ فترة طويلة. ورمزيا على الأقل، ما كانت هذه الفقرات لتكتب بهذا النص في هذه المرحلة بعد سفور السلوك في جنيف. لا شك أن قيادات السلطة الفلسطينية سوف توافق على اتفاق المصالحة المصري ولو كان مجلدا من ألف صفحة، وليس ثمانية وعشرين، ولو اشتمل على شرح مسهب لوسائل تحرير فلسطين. فهذه القيادات تنظر إلى الاتفاق على أنه مجرد ديباجة لأمر واحد فقط هو الانتخابات. لقد ذُوِّبت الانتخابات في محلول من سكر الألفاظ المعسولة التي تشمل ليس فقط الوحدة الوطنية، بل حتى “الحفاظ على سلاح المقاومة”. ولكنه ليس اتفاق مصالحة. ولا توجد أصلا أجواء مصالحة مع “الإمارة الظلامية” على حد تعبير رئيس السلطة المتنور، بل هو أداة لحصد نتائج الحصار والحرب على غزة. رئيس السلطة يرفض علنا المصالحة مع حركة حماس، ولكنه يوافق على اتفاق المصالحة لأنه يتضمن أدوات للتخلص منها بإرادتها. لم تناقش السلطة مواد الاتفاق بجدية، ولن تناقشها. سوف تمررها رغم أنها غير موافقة على قسم كبير منها، لأن الاتفاق يشمل أمرين وسواهما كلام: إعادة بناء الأجهزة في غزة قبل الانتخابات، ثم التوجه إلى انتخابات، وذلك دون رفع الحصار عن القطاع ودون إعادة بناء ما دمرته الحرب. وهدف الانتخابات العلني ليس المصالحة بل “التخلص من الإمارة الظلامية”، و”التخلص من آثار الانقلاب الظلامي”. وطبعا لو جرت الانتخابات كما جرت عام 2006 لن يتحمس لها فريق أوسلو. وقد رفض نفس الفريق انتخاب الرئيس بعد انتهاء مدته، وأصر على التأجيل وقد فرض الأخير بقرار من الجامعة العربية. ولكنه يتحمس الآن للانتخابات معتمدا على متغيرات أخرى، وليس لأنه يؤيد الانتخابات مبدئيا. فعوامل مثل الحصار على حكومة حماس، وعلى حكومة الوحدة الوطنية، والحرب على غزة لاحقا، واستمرار الحصار حاليا من جهة، وإقامة حكومة غير محاصرة ومدعومة ماليا من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، ولو كانت غير منتخبة وغير شرعية في رام الله، من جهة أخرى مأخوذة سوية كفيلة بإفهام المواطن الفلسطيني من عليه أن ينتخب، وماذا عليه أن يصوِّت. هذه انتخابات تجري تحت التهديد بالحصار ومنع التنقل، والعقوبات الجماعية، والتجويع، وحتى الحرب. وما الانتخابات المقترحة حاليا إلا عملية تزوير واسعة النطاق لإرادة الشعب الفلسطيني تجري تحت التهديد. وليس بوسع فصائل المقاومة مواجهتها إلا بطلب توفر الشرط الدولي أعلاه، والتمسك بالثوابت الوطنية وبحق المقاومة دون تردد ولكن بحسن أداء، وطرح نموذج ديمقراطي في السلوك. وهذا يتطلب بعض التعديلات الأساسية على نمط السلوك الذي ساد عند السلطة في قطاع غزة. أما الانتخابات من طرف واحد التي يلوح بها فريق أوسلو حاليا، إذا لم توقع حماس الاتفاق، فما هي إلا تكريس للانقسام بين الضفة الغربية وغزة، فهو غير قادر على فرضها في الأخيرة، وما هي إلا تأكيد على أن هدفه ليس المصالحة. وطبعا تعرف الولايات المتحدة وأوروبا معنى الانتخابات “الطبيعية”. ولذلك فهي تخشى أن يُفَسَّر صمتُها عن الاتفاق المصري بأنه موافقة عليه. ومن هنا يعلن ميتشل بصريح العبارة عدم الموافقة على هذه الورقة المصرية للاتفاق مؤكِّدا على شروط الرباعية الثلاثة: وقف العنف، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة، والاعتراف بإسرائيل. وهذا يعني أن شروط الحصار باقية، وأن الولايات المتحدة عبر تصريح مسؤولها الأخير تنذر الناخب. وقد أعذر من أنذر. ولو تركنا مساحة لحسن النية، نقول ربما لا تفهم الولايات المتحدة الأحابيل السياسية الكلامية العربية. فهي ربما لا تعرف، وغالبا تعرف، أن الكلام المرسل بين السياسيين العرب لا يعني الكثير، أو للدقة قد يعني الكثير كوسيلة للتأثير وكأداة للمسايرة، ولكنه يعني القليل كنصوص يلتزم بها. فبالإمكان كتابة أي اتفاق يصل حد الوحدة ثم الاستيقاظ في اليوم التالي كما لو أنه لم يكن، تماما كما ذكرنا مؤخرا نوري المالكي حين احترم اتفاقية للتعاون الإستراتيجي مع سوريا، وأشبعها احتراما. وطبعا يختلف الأمر حين يلتزم السياسيون العرب لقوة أجنبية أو حتى معادية، فهنا يصبحون الأكثر تزمتا في التزامهم، ويشتهر عنهم هذا الالتزام على الساحة الدولية كما يشتهر عنهم عدم الالتزام فيما بينهم. مثل أمور كثيرة أخرى متعلقة باحترام الحقوق والاحترام الثقافي الذاتي وعقد النقص أمام الآخر والتعامل الداخلي كأنه بين قبائل. ويختلف التعامل الداخلي بين الطوائف والعشائر والقبائل والمماليك. فهذا عالم يقع خلف الدول والمعاهدات والحقوق وغيرها، وتسوده قوانين أخرى. ويمكننا تخيل مسؤول أميركي يسأل “زميله” الفلسطيني أو العربي: “كيف توقعون اتفاقا كهذا يتضمن عبارات مثل “الحفاظ على سلاح المقاومة” و”واجب الأجهزة الأمنية في المقاومة” (غير واضح مقاومة من؟)، ولا يتضمن التزاما بالاتفاقيات مع إسرائيل، ولا نبذ العنف، ناهيك عن الاعتراف…؟”. فيجيبه “زميله” العربي أو الفلسطيني مستغربا جهله: هذا كلام وتخريجات بعد مناقشات على النقطة والفاصلة فقط لكي يخرج نص نوقعه، ولكن الأهم هو إعادة بناء الأجهزة وعبور يوم الانتخابات. وبعدها لكل حادث حديث. انظر ماذا يجري لحماس في الضفة الغربية، وما يجري لكل من تسول له نفسه التهجم على السلطة أو التشكيك باتفاقياتها مع إسرائيل”. لقد أقامت السلطة الفلسطينية في رام الله نظاما من المنافع في ظل استمرار الاحتلال تخطيطا وممارسة، وفي ظل تهويد القدس، وتهميش الشتات، والتنسيق الأمني مع إسرائيل، يرافقه نظام من التخويف حتى من التعبير عن الرأي والتهديد بالوظيفة ولقمة العيش، لم تشهد له الساحة الفلسطينية مثيلا حتى في ظل الاحتلال. ومن ناحية أخرى، فهي تكرر ادعاء ديمقراطيا ليبراليا كان يستخدم في الغرب ضد الشيوعيين والنازيين عن استخدام الانتخابات للوصول إلى السلطة ثم إلغائها. وقد تكرر استخدامه في نهاية القرن العشرين عدة مرات ضد الحركات الإسلامية. وفيما عدا حالة السودان (الخطيرة فعلا في سلوك التيار الإسلامي وانتهازيته في الوصول للحكم وسلوكه في الحكم)، ما حصل حتى الآن هو العكس في كافة الدول، إذ لم تعترف القوى المعارضة للحركات الإسلامية بنتائج الانتخابات، أو مَنَعت الانتخابات حين تبين أن الأخيرة سوف تفوز. وحالة فلسطين هي حالة كلاسيكية عن فوز انتخابي للحركة الإسلامية لم يعترف به الطرف الخاسر، وجرى تدخل دولي لغرض إفشاله والانقلاب عليه ومنع تكراره. فحكومة رام الله الحالية المعترف بها عربيا ودوليا غير منتخبة بل معينة. وهي معيّنة برضى أميركي إسرائيلي يسهِّل عليها شؤونها. فكيف تسوّل نفوسٌ لأصحابها ادعاء أن حركات المقاومة الإسلامية تستخدم الانتخابات لمرة واحدة للوصول إلى السلطة ثم إلغائها، في حين أن الانتخابات في تلك المرة لم توصل أحدا إلى السلطة، وتم الانقلاب عليها بتدخل دولي. ورغم الاعتراف بنزاهتها لم يُعتَرَف بنتائجها.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 18أكتوبر 2009)


من دلائل الخيبات


فهمي هويدي  
هل هي مصادفة، أن يشغل الرأي العام في مصر بالحرب ضد النقاب، في حين أن المتطرفين اليهود يتحفزون للانقضاض على المسجد الأقصى؟ السؤال ألقاه علينا خطيب الجمعة، وبدا من حديثه أنه لم يكن مستفهما عن طبيعة العلاقة بين الحدثين، وإنما كان مستنكرا ومعتبرا أن التزامن بينهما من «دلائل الخيبات»، لأنه جاء كاشفا عن مدى الخلل في ترتيب الأولويات عندنا. إذ بدلا من أن يشغل الناس بهمومهم الكبيرة وقضاياهم المصيرية، فإنهم صرفوا عن كل ذلك بمسألة فرعية وجانبيه. ما قاله خطيب الجمعة أهون مما يردده غيره، لأنني سمعت أكثر من رأي لأناس محترمين رفضوا أن يعتبروا التزامن بين تهديد المسجد الأقصى وتفجير مسألة النقاب مجرد مصادفة. وذهبوا إلى أنها سياسة باتت متبعة في مصر، إذ كلما طرأ حدث جلل يصدم الرأي العام ويغضبه أثارت الأبواق الإعلامية ذات الصلة بالسلطة فرقعة جانبية، شغلت بها الناس وصرفتهم عن الحدث الأهم والأكبر. ملاحظة خطيب الجمعة وانطباعات المتشككين فيما يجري في كفة، والطريقة التي أثير بها الموضوع في كفة أخرى. ذلك أن موقف شيخ الأزهر منه كان بائسا حقا. حين وبخ تلميذة صغيرة وجدها منتقبة أثناء مروره بأحد المعاهد الأزهرية. واستخدم في ذلك عبارات قاسية وغير لائقة اساءت إلى الشيخ والمشيخة. وكانت تلك بداية للحملة التي شنتها المنابر الإعلامية والمؤسسات التعليمية، الأولى ظلت تقرع طبول «الحرب ضد النقاب»، والثانية عاقبت المنتقبات فمنعتهن من الانتظام في الدراسة ودخول الحرم الجامعي تارة، ومن الإقامة في المدن الجامعية تارة أخرى. واستخدمت في ذلك ذرائع خائبة، من قبيل التساؤل الساذج الذي طرحه وزير التعليم العالي أثناء زيارته لجامعة الزقازيق يوم الخميس الماضي (15/10) وقال فيه: ماذا لو استيقظت الفتيات داخل المدينة الجامعية، ووجدن رجلا متخفيا في زي منتقبة؟! حتى لا يلتبس الأمر على أحد فإنني ألخص موقفي من الموضوع في نقطتين. الأولى أنني لست مع النقاب لكني أعتبره من قبيل الحرية الشخصية التي لا ينبغي لأحد أن يصادرها مادامت لم تسبب ضررا للنفس أو للغير. علما بأن شيخ الأزهر الذي شغل نفسه بمسألة الزي وقاد الحملة ضد المنتقبات لم نسمع له رأيا في المايوه البكيني مثلا؟. الثانية أن النقاب باعتباره سلوكا اجتماعيا طارئا على المجتمع المصري لا يعالج بالأوامر والفرمانات. وإذا كان لرجل الأمن أن يسأل كيف يمكن ألا يكون النقاب غطاء لسلوك غير مشروع، فإن الغيورين على الدين ينبغي أن ينصب سؤالهم على الأسباب التي أتاحت الفرصة لاختراق الساحة المصرية بالنقاب وتحويله إلى ظاهرة شاعت بين المتدينات. إن أحدا لم ينتبه إلى خطورة الفراغ الذي يخيم على الساحة الثقافية المصرية وسمح لأفكار التشدد التي يمثلها النقاب بأن تتمدد فيها. وبالتالي فبدلا من الانتباه إلى ضرورة تحصين الشباب والفتيات بالثقافة الدينية الرشيدة، فإن الجميع تحولوا إلى رجال أمن، عمدوا إلى إجراءات القمع والمنع والطرد، فعقّدوا المسألة ولم يحلوها. لقد قرأت في جريدة «الأسبوع» (عدد 16/10) حوارا مع الفنانة المعتزلة شمس البارودي، تحدثت فيه عن أنها ارتدت النقاب بعد أداء العمرة لاعتقادها أنه فريضة، وحين رجعت إلى الشيخين يوسف القرضاوي ومتولي الشعراوي أخبراها بأنه ليس كذلك، فخلعته واكتفت بالحجاب. ولو أن الذين رأوا في الظاهرة مشكلة وتصدوا لها بمثل هذا الاسلوب الهادئ والرصين لكان العلاج أجدى وأنجع. لكن ثقافة الطوارئ التي نمت في ظلها عقلية المطرقة، لم تعد ترى سوى أن العصا الغليظة هي الحل لكل مشكلة سياسية أو اجتماعية.   (المصدر: صحيفة “السبيل” (يومية –  الأردن) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2009)  


أوباما ومبادرة جنيف.. دولة مسخ وتصفية للقضية


ياسر الزعاترة في الأخبار أن الجهود المبذولة من طرف جورج ميتشيل لاستئناف المفاوضات بين السلطة والإسرائيليين ما هي إلا تغطية على ما تخطط له واشنطن ممثلاً في تبني الأفكار التي وردت في مبادرة جنيف، والتي أصبحت وثيقة رسمية قدمها وزير الخارجية السويسري لنظيره المصري مؤخراً. من هنا ينبغي أن تضاء إشارات الخطر، لاسيما إننا إزاء مجموعة فلسطينية لها سجلها في المفاوضات السرية والصفقات المفاجئة، بدليل أن مضمون عشرات اللقاءات بينها وبين الطرف الإسرائيلي قد ظل طي الكتمان لولا الخلاصة التي قدمها لنا أحمد قريع إثر غضبته المضرية على استبعاده من اللجنة المركزية لحركة فتح، قبل أن يصار إلى تهدئة روعه عبر ضمه إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. “كل شيء جاهز ولم يتبق غير التوقيع”. كان هذا عنوان المقال الذي كتبه المحلل السياسي الإسرائيلي المعروف “إليكس فيشمان” في صحيفة يديعوت أحرنوت بتاريخ 24 ـ 7، وفيه كشف النقاب عن الملحق الأمني لوثيقة جنيف الشهيرة التي وقعت قبل ست سنوات من طرف ياسر عبد ربه ويوسي بيلين، وأثارت ضجة كبيرة في حينه بسبب تنازلها المعلن والواضح عن حق العودة للاجئين. هذه المرة لم يكن عبد ربه وحيداً، فقد كان معه حوالي أربعين شخصية من فتح والسلطة، بعضهم يبيع التمسك بالثوابت على الفلسطينيين، وذلك مقابل حوالي ستين شخصية من دهاقنة السياسة والأمن في الدولة العبرية ممن خبروا كل شبر في الضفة الغربية تبعاً لعملهم في سلك الأمن والاستخبارات والإدارة المدنية. كان إليكس فيشمان قد قال في حينه إن وزيرة الخارجية ورئيس مجلس الأمن القومي قد اطلعا على المبادرة وملحقها الأمني، وتمت دراستها بشكل دقيق في البنتاغون، فيما ذهب الصهيوني رام إيمانويل، كبير موظفي البيت الأبيض إلى أنها ستكون أساس التسوية الدائمة. في الملحق الذي يبلغ حوالي 700 صفحة تفاصيل مرعبة تؤكد حقيقة الوقت الطويل الذي صرف في صياغتها، إذ تتضمن تفاصيل مملة حول حركة الفلسطينيين والإسرائيليين في مناطق الضفة، وبالطبع تبعاً لحقيقة بقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة في مكانها: هي التي تقطع أوصال الضفة وتسرق أهم أحواض المياه، وتبعاً لحقيقة أن أجزاء من القدس الشرقية ستكون مفتوحة للفلسطينيين والإسرائيليين، فضلاً عن وجود قوات دولية سيكون لها دورها في التنسيق بين الطرفين. ولذلك سنعثر على جسور وأنفاق وطرق التفافية بتفاصيل غاية في الدقة. من العناصر المهمة في الملحق أيضاً ما يتعلق بالتأكيد على كون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، والمثال الوحيد المتوفر هو نموذج كوستاريكا، مع أن نموذج نتنياهو لتلك الدولة هو أقرب إلى “أندورا”. الجانب الأساسي الإضافي في الملحق هو الوجود الإسرائيلي في أراضي الدولة من خلال محطتي إنذار ستكونان مناطق إسرائيلية ذات استقلالية ذاتية. كما سيتواجد الإسرائيليون أيضاً في مناطق الغور من خلال كتيبة عسكرية. سلاح الجو الإسرائيلي يستطيع مواصلة التحليق من أجل التدريب فوق الضفة باستثناء أيام الجمعة والأعياد الإسلامية والمسيحية. وسيكون للفلسطينيين الحق في استخدام مسارات الطيران المدنية فوق “إسرائيل” التي يستخدمها الطيران الأردني. وهذا الاتفاق أيضاً قابل للدراسة مرة أخرى بعد عشر سنوات. المشاركة الإسرائيلية في المعابر الحدودية بين الدولة الفلسطينية ومصر والأردن وفقاً للملحق ستتواصل. وبالنسبة لقطاع غزة، الافتراض الأساسي لمعدي الوثيقة وملحقها هو أن الوضع السياسي فيها سيتغير. الجداول الزمنية المعدة لتطبيق الاتفاق تظهر في مستهل الملحق. وهي كما هو متوقع تتضمن تفاصيل دقيقة لكل مرحلة. يفترض بالاتفاق أن يطبق بصورة كاملة خلال 30 شهراً، سيصل الجانبان بعد نهايتها إلى الحدود الدائمة كما حددت في جنيف 2003، والتي تشمل تبادلاً للأراضي. الممر الآمن بين غزة والضفة الغربية سيدشن. معابر الحدود بين “إسرائيل” والدولة الفلسطينية ستفتح. هي إذن الدولة المؤقتة التي تتحول إلى دائمة بحكم الأمر الواقع، وهي دولة كانتونات ناقصة السيادة على قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية بدون عودة اللاجئين، ومن دون القدس الشرقية (باستثناء بعض المناطق التي ضمت للمدينة بعد احتلال 67 وصيغة دولية لإدارة المناطق المقدسة لا تغير في حقيقة بقاء السيادة الإسرائيلية عليها). إنه خطر يتهدد القضية، لاسيما إذا تم تمريره مع اعتراف بيهودية الدولة العبرية، ولا بد من توحد جميع شرفاء فلسطين والأمة في مواجهته. (المصدر: صحيفة “الدستور(يومية -الأردن) الصادرة يوم 19 أكتوبر 2009)

نساء الفلوجة يتجنبن الحمل خشية انجاب اطفال مشوهين


هيفاء زنكنة alquds18-10-2009 بينما تختفي مليارات الدولارات، من ثروة الشعب في حسابات المختلسين من المحتلين وساسة ‘ العراق الجديد’، تكريسا للفساد ودعما لميليشيات القتل، ليست هناك ميزانية او نية لإزالة اكوام المدرعات والدبابات والشاحنات العسكرية التي استهدفتها القوات الامريكية وحلفاؤها بذخائر اليورانيوم المنضب والتي لا تزال تحتل مكومة في وسط المدن كالبصرة ويمتد تأثيرها الى باقي المدن بلا استثناء ، ليستنشق الناس سمومها مسببة الموت البطيء. وعلى الرغم من حملات بعض المنظمات العراقية المستقلة والاختصاصيين العالميين والمنظمات الدولية حول تدهور الاوضاع البيئية جراء استخدام المواد الملوثة والسامة المشعة من قبل الاحتلال التي سببت تلوث اكثر من 300 موقع في العراق ، لم تقم قوات الاحتلال او البلدان التي ساهمت في الغزو أو حكومات الاحتلال المتعاقبة باي اجراء للتخفيف من حجم الكارثة. وقد كتب الباحث البيئي كاظم المقدادي في دراسته المعنونة ‘انتشار امراض السرطان والمشكلات البيئية القائمة’، المنشورة في مجلة المستقبل العربي في شباط/فبراير 2009 ، عن ‘ ذخائر اليورانيوم المنضب المصنعة من النفايات المشعة والسامة، والتي جربت من قبل القوات الامريكية وحلفائها لاول مرة في ميادين القتال ‘ الحية’ في المنطقة واستعمالها ثانية وبانواع جديدة ومطورة في عام 2003 ودورها في نشر امراض السرطان والتشوهات الولادية في العراق والخليج مهددة ليس الجيل الحالي فحسب بل الاجيال المقبلة’. والدراسة مهمة لانها تتناول موضوعا يجري التعتيم عليه وهو ازدياد انتشار الامراض السرطانية في دول الخليج، خاصة في الكويت والسعودية، نتيجة التدهور البيئي فضلا عن استخدام الاسلحة السامة واليورانيوم المنضب في عامي 1990 و2003. ويذكرنا الباحث كاظم المقدادي بتحذير العالم الامريكي أساف دوراكوفيتش، المتخصص بالذرة وطب الاشعاع، من ‘ ان غبار اليورانيوم المنضب لاتوقفه حدود’. ويظهر هذا واضحا في فيلم ‘ الغبار المميت’، لفريدر واغنر، الذي يوثق حالة العراق الكارثية بشكل تفصيلي يمزق القلب. وكأن استخدام اليورانيوم المنضب لم يكن كافيا لعقاب العراقيين وتدمير بلدهم على مدى اجيال مقبلة ، استخدمت قوات الاحتلال الفسفور الابيض في مدينة الفلوجة، اثناء شن الهجوم الوحشي عليها، في عام 2004. والمعروف ان الفسفور الابيض يحرق جسم الإنسان فلا يتبقى منه إلا العظام وان ضرره على البيئة والانسان طويل الامد لانه يترسب في التربة أو في أعماق الأنهار والبحار وعلى الكائنات البحرية مثل الأسماك. وقد قام عدد من المهتمين بالشأن العراقي في بريطانيا ، منذ ايام ، وبعد اتصالهم بعدد من الاطباء في الفلوجة الذين وثقوا ازدياد حالات الاصابات بالتشوه بين الاطفال وولادة الاجنة المشوهة ، بكتابة رسالة الى الدكتور علي عبد السلام التريكي، رئيس الدورة السادسة والاربعين للهيئة العامة للامم المتحدة. جاء فيها بان نساء الفلوجة بتن يتجنبن الحمل والانجاب، خلافا لكل النساء في العالم ، اللواتي يتطلعن شوقا الى اليوم الذي ليصبحن فيه امهات، خشية انجاب اطفال مشوهين. وتدل الارقام والاحصائيات المذكورة في الرسالة بان مخاوف نساء الفلوجة ليست وهمية بل تستند الى واقع مرعب بكل المقاييس. اذ ازداد عدد الاطفال الذين يولدون بتشوهات خلقية مروعة اما بلا رأس أو عين واحدة في وسط الجبهة، أو بشرة مصدّفة اوأعضاء مفقودة كلياً، كما ازدادت حالات السرطان المختلفة وبالتحديد اللوكيميا بين الاطفال. وقد تم توثيق هذه التشوهات في برنامجين قدمتهما شبكة ‘سكاى نيوز’ التلفزيونية البريطانية في حزيران/ يونيو 2008 وفي الاول من ايلول/ سبتمبر الماضي. وتشير الرسالة الى ان ‘من بين 170 حالة ولادة حديثة في مستشفى الفلوجة، 24 بالمائة من الاطفال توفوا خلال سبعة ايام و75 بالمئة منهم كانوا مشوهين خلقيا وبمقارنة هذه الارقام مع سجلات شهر اب/ أغسطس 2002 تبين بانه من 530 ولادة توفى ستة اطفال فقط في الاسبوع الاول مع وجود حالة تشوه واحدة’. وأوضحت ‘سكاى نيوز’ أن تحقيقًا صحافيًا أجرته قبل خمسة عشر شهرًا أظهر تزايد عدد الأطفال الذين يُولدون مشوهين فى الفلوجة، مضيفةً أنها قامت بإعداد ملف عن حالات الأطفال المشوّهين الذين ولدوا فى المدينة خلال الأشهر الثمانية الماضية. وأن هناك تنوعًا فى حالات التشوه عند الأطفال، وأن إصابات الأطفال شملت مشكلات عديدة، من بينها تشوهات فى البطن وتشوهات فى الوجه تسببت فى وفاة الكثير منهم قبل بلوغهم سن الخامسة من العمر. ونقل التقرير شهادة احد جنود فرقة المشاة الأمريكية الأولى، الذى شارك فى هجوم الفلوجة، قائلا: ‘أعرف أن الفوسفور الأبيض قد استخدم بالفعل’. وانه شاهد ‘جثثًا محترقة، وأطفالا محترقين ونساء محترقات.. الفوسفور الأبيض يقتل بلا تمييز’. وجاء في الرسالة التي وقعها الجراح البريطاني المعروف دافيد هالبن والمهندسة الكيمياوية العراقية ملاك حمدان والطبيب المختص كريس بيرنز كوكس والدكتور هيثم الشيباني المختص بعلوم البيئة والمعماري نيكولاس وود والدكتورة نوال السامرائي، وزيرة الدولة لشؤون المرأة العراقية سابقا، ان ‘الدكتور بيرنز كوكس، كان قد خاطب عضوة البرلمان البريطاني كليرشورت مستفسرا عن هذه الحالة. فكتبت بدورها رسالة الى دوغلاس الكسندر، سكرتير الدولة لشؤون التنمية الدولية ، مطالبة اياه بتوضيح موقف الحكومة البريطانية من الاطفال المشوهين في الفلوجة. استلمت السيدة كلير جوابا بتاريخ 3 أيلول/ سبتمبر، اي بعد يومين من بث فيلم سكاي نيوز، جاء فيه ان حالات ولادة اطفال مشوهين في الفلوجة لا تزيد عن الحالتين او الثلاث في السنة، لذلك ليست هناك مشكلة. ان رد الوزير يتنافى مع تقرير محطة سكاي ومع التقارير الواردة الينا من اطباء في الفلوجة. وتدل الرسالة، المماثلة في فحواها لرسائل اخرى استلمت من مسؤولين بريطانيين آخرين، بصدد صحة الاطفال العراقيين وتأثير اليورانيوم المنضب، بان هناك حملة تضليل وتزييف للحقائق للتخلص من مسؤولية جريمة كبيرة جراء استخدام الحكومة البريطانية اسلحة مميتة ذات تأثير بعيد المدى على المدنيين. وهو خرق لميثاق الامم المتحدة ومعاهدات جنيف ولاهاي وممثلية روما لمحكمة الجنايات الدولية خاصة وان التاثير المدمر لليورانيوم المنضب وذخائر الفسفور الابيض سيؤثر على حياة اجيال مقبلة’. ويطالب الموقعون على الرسالة الهيئة العامة للامم المتحدة بان تعترف بان ازدياد عدد الولادات المشوهة وحالات السرطان بشكل غير مسبوق في العراق وخاصة في الفلوجة، البصرة، بغداد والنجف، هو مشكلة حقيقية. وان تعين لجنة محايدة تقوم بإجراء بحث شامل في مشكلة ازدياد عدد التشوهات الولادية والسرطان في العراق. وان تشرع بتنظيف العراق من المواد السامة التي استعملتها القوات المحتلة بما فيها اليورانيوم المنضب والفسفور الابيض. ومنع الاطفال والبالغين من دخول المناطق الموبوءة لتقليل التعرض لهذه المهالك كما طالب الموقعون بالتحقيق في استخدام هذه الاسلحة فيما اذا كانت جرائم حرب، او جرائم ضد الانسانية قد حدثت وعليه الامتثال لميثاق الامم المتحدة ومعاهدات جنيف ولاهاي وممثلية روما لمحكمة الجرائم الدولية. والمعروف ان اتفاقية جنيف لعام 1980، تحرم استخدام الفوسفور الأبيض ضد السكان المدنيين أو حتى ضد الأعداء في المناطق التي يقطن بها مدنيون، وتعتبر استخدامه جريمة حرب. ان الدول التي ساهمت في غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة الامريكية مسؤولة مسؤولية كاملة عن تحديد مواقع التلوث الناتجة عن استخدامها لاسلحة سامة ومشعة ومنها اليورانيوم المنضب وبالتالي العمل على تنظيفها، كما ان حكومات الاحتلال المتعاقبة تتحمل مسؤولية التستر على جرائم المحتل حماية له ولها، والطريقة الوحيدة لوضع حد لامتداد تأثير هذه الجريمة على اطفالنا ومواطنينا جميعا هو اقامة محكمة دولية لمحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة واجبارهم على الشروع بعملية التنظيف باسرع وقت ممكن. ‘ كاتبة من العراق (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أكتوبر  2009)

 

 

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

29 juin 2008

Home – Accueil TUNISNEWS  8 ème année, N° 2959 du 29.06.2008 archives : www.tunisnews.net Liberté et Equité:Adel Ouni et Mohammed Ammar

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.