الخميس، 19 يوليو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2613 du 19.07.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


عبدالله الــزواري:حصـــاد الأسبــوع

الوطنيون الديمقراطيون:  النشرة الإلكترونية

صحيفة “القدس العربي” :وزير الدفاع التونسي يزور الصين لتعزيز التعاون العسكري

جريدة “الصباح”: 2000 من أطباء الممارسة الحرة يتعاقدون مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض

صحيفة “الحياة” :تونس تؤهل 3500 مصنع في لائحة للتحديث

 بترا: توقيع برنامج للتعاون التربوي بين الاردن وتونس

صحيفة “الشرق الأوسط”:وزراء الخارجية المغاربيون يبحثون قريبا مشروع «المتوسطي»

صحيفة “الحياة” :مهرجان قرطاج ينكفئ… ويحرم جمهوره العروض المسرحية

علي شرطاني: حركة النهضة وهيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات:أي علاقة وإلى أين؟

سفيان الشّورابي: الصحافة الالكترونية: دور متصاعد في بيئة مغلقة

عادل القادري : ” الجمهورية الديمقراطية ” والنظام شبه الرئاسي

أبو وليد: في الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية – خمسون سنة من التخريب بالجامعة التونسية

توفيق العياشي: ما كتبته عن” السقطات النضالية” ليس سوى النزر القليل

أبو أيمن :إلى متى… ؟؟ صيحة و إسلاماه

نصر الدّين بن حديد :بعد عام من العدوان الصهيوني على لبنان :السلاّم ـ الاستسلام ـ التسليم ـ السلامة

أبو الوليد التونسي:  ردّ على ما جاء في رسالة الشيخ “هادي بريك” حول حكم مصافحة الرجل للمرأة الاجنبية

الهادي بريك:الإمام القرضاوي : آخر مجدد لآخر مائة.

أحمد الخميسي :زهور في حدائق جرداء

محمد مصطفى علوش: استراتيجية جديدة للأنظمة في احتواء الإسلاميين

د. محمد الحداد: الإسلام المتراجع (خواطر بعد مأساة المسجد الأحمر)

آمال موسى: سياسة الولادات القيصرية

توفيق المديني :عوائق بنيوية تحول دون تحقيق الوحدة الإفريقية

آمال موسى:تركيا.. الفرص العربية في حال فوز حزب العدالة والتنمية

علي العبد الله: تركيا وإسلامها السياسي: فشل الكمالية الداوي

إبراهيم بوعزّي: تحدي أردوغان يزيد شعبيته ويحرج المعارضة

   موقع الجزيرة.نت:انضمام اليابان إلى المحكمة الجنائية الدولية

موقع الجزيرة.نت: جاك شيراك يقترب من دائرة الاتهام في قضية كليرستريم

  رويترز: كوشنر: حماس لديها اتصالات بالقاعدة

رويترز: مصر تفتح مخيمات لإيواء آلاف الفلسطينيين العالقين بالعريش

صحيفة “الشرق”:بعد الفشل في تحقيق مهمتها …تعديل مهمة لجنة تقصي الحقائق إلى «دعم الحوار الفلسطيني»


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


قناة المستقلة تطلق برنامج “فضاء ديمقراطي” ظهر الأحد

برنامج أسبوعي عن أهم التطورات السياسية والإقتصادية

والسجالات الفكرية في الساحة التونسية 

يبدأ بثه يوم الأحد في الواحدة بعد الظهر بتوقيت غرينيتش

تبث قناة المستقلة بداية من يوم الأحد، من الأسبوع الجاري، برنامجا أسبوعيا عن أهم التطورات السياسية والأقتصادية والسجالات الفكرية في الساحة السياسية التونسية.

 

اسم البرنامج: “فضاء ديمقراطي”.

يبث البرنامج في الواحدة بعد الظهر، يوم الأحد، بتوقيت غرينيتش، الثالثة بعد الظهر بتوقيت تونس الصيفي.

ثم يعاد بثه في نفس اليوم، الأحد، في الخامسة مساء بتوقيت غرينيتش، أي السابعة مساء بتوقيت تونس.

كما يعاد بثه مرة ثانية في نفس اليوم، الأحد، في التاسعة ليلا بتوقيت غرينيتش، الحادية عشرة ليلا بتوقيت تونس.                                                                          

نرحب بتعليقات مشاهدينا في تونس خاصة، وفي بقية أنحاء العالم، وباقتراحاتهم للبرنامج، ونستقبل رسائلهم على البريد الألكتروني:

views@almustakillah.com


بسم الله الرحمان الرحيم

حصـــاد الأسبــوع / للصحفي المنفي في وطنه عبد الله  الزواري

 
1) علمت: 1 – أجلت محكمة ناحية منوبة النظر في قضية الأسعد الجوهري المرورية المزعومة إلى يوم 26 جويلية القادم.. 2 – يواصل السيد عبدالكرين الهاروني إضرابه عن الطعام الذي بدأه منذ يوم 9 جويلية 2007 تذكيرا لكل المهتمين بحقوق الإنسان بأن هناك مظلمة كبرى لا تزال مستمرة منذ أكثر من 16 سنة و احتجاجا على ممارسات متخلفة ما فتئت الإدارة تنتهجها في التعامل مع مساجين الرأي( من مثل الأطعمة التي تجلبها العائلات إلى ابنائها، و اقتناء الصحف و تحديدها و مصادرتها، و البطء الكبير في وصول الرسائل إلى الموجهين إليهم في الاتجاهين.. 3 – السيد لطفي السنوسي في إضراب عن الطعام كذلك احتجاجا على إساءة المعاملة التي تنتهجها الإدارة و ينفذها النقيب فتحي الوشتاتي المشرف على الجناح الذي يقيم فيه مساجين الرأي… 4 – سجين الرأي فرج الجامي في لإضراب عن الطعام بدوره احتجاجا على الإهمال الصجي و التهاون في عرصه على الطبيب المختص وهو الذي كان قد أضرب منذ حوالي شهرين و علق إضرابه أنذاك بناء على وعود الإدارة بعلاجه، لكن من قديم الزمان قيل الوفاء من شيم الكرام… 3 – السيد محمد بن احمد قلوي سجين سياسي قد يدخل في إضراب عن الطعام كذلك احتجاجا على الإهمال الصخي التي تكرسه الإدارة في الواقع,, محمد القلوي خضع إلى عملية جراحية سنة 2005 لمعالجة مرض varicosele. و لم يلق العناية الكافية فتطورت حالته نحو الأسوأ وأصبح يعاني من مرض hydrosele. و هومرض يستوجب إجراء تحاليل و فحوصات عديدة وعملية جراحية أخرى. لكن الإدارة تجاهلت ذلك. و هذا الإهمال من شأنه أن يتسبب فيما هو اخطر من هذه الأمراض… لهذه الأسباب لم يبق أمامه إلا الدخول في إضراب عن الطعام احتجاجا على هذا الإهمال و مطالبة بإيلاء وضعه الصحي ما يستحق من رعاية… 2 – مسألة التصنت على الهاتف و خدمات البريد التونسي و “وستارن يونيون” فتحت ملفات آخرى من ملفات دولة القانون و الموسسات، ملف خدمات المتاولة، ملف سياسات التجويع، ملف التضامن الاجتماعي…ستقدم بالحجة و الدليل و نكتفي أحيانا بتضريحات على الشرف لثقتنا في محدثينا من جهة و عدم استغرابنا من ممارسات بكم معرفتنا بمأتاها و مصدرها… تدبرت: ” إلى متى سنظل نقطع الأشجار المثمرة، ونطارد العصافير الجميلة، ونحتفي بالغربان، ونفتح الأبواب للخفافيش” فاروق جويدة 3) سمعت: الفرقة الأمنية التي تراقب و تتنصت على المكالمات الهاتفية اتخذت من ميناء الصيد البحري بجرجيس نقطة متقدمة لعملها… و هي نقطة قديمة إذ كانت تعمل منذ سنوات الخلاف الليبي – الأمريكي……. 2 – قوارب الموت هي وسيلة الفقراء و المعدمين للهجرة نحو الشمال، أما غيرهم ففي أموالهم ما يمكنهم من رحلة آمنة نحو قلاع الرفاهية حيث يحلم أغلب الشباب باعتراف بشيء من إنسانيتهم و بحياة فيها شيء من كرامة افتقدوها و بخبز أقل تلوثا مما عهدوه… 4) رأيت إن كانت كل القلوب معك فإن كل السيوف عليك، و إن كانت كل القلوب تهفو إلى الكرامة و العزة و ترنو إلى المساواة و العدالة و تحلم بسيادة الحرية فإن كل الأيدي تعمل جاهدة لتكريس الظلم و الاستبداد و تبحث له عن مبررات… 5): قرأت 1 – تبلغ مساحة قطاع غزة 360كلم2، و حدوده البرية مع مصر تبلغ 11 كلم و مع الكيان الصهيوني 51 كلم، أما طول الخط الساحلي فيبلغ 40 كلم.. 2 – السكان: يوجد في قطاع غزة واحد من أعلى معدلات الكثافة السكانية في العالم، حيث يقطنه 1،5 مليون ساكن، بمعدل 26400 نسمة لكل كلم2 و كثافة سكانية في المخيمات تبلغ 55500 نفس لكل كلم2 معظمهم من لاجئي حرب 198، و يوجد في القطاع 4 تجمعا سكانيا من أبرزها غزة و رفح و خان يونس و جباليا و دير البلح… 3 – ظل قطاع غزة تحت السيطرة المصرية إلى حدود هزيمة 1967… 4 – منع المحامي الدولي علي أزهر من دخول مصر منعت أجهزة الأمنالمصرية المحامي الدولي علي أزهر الرئيس الشرفي لجمعية العدالة الدولية بانجلترا مندخول مصر حيث احتجزته الشرطة فور وصوله مطار القاهرة فجر اليوم في مقر أمن الدولةبالمطار الجديد وبدأت بالتحقيق معه حول سبب مجيئه للقاهرة فأعلن لهم أنه أتيلمشاركة هيئة الدفاع عن الاخوان المحالين للقضاء العسكري والتي كان مقرر لها أنتجتمع بأزهر ورمزي كلارك وزير العدل الأمريكي السابق وايفان لورنس مسشتار ملكةانجلترا السابق بعد مؤتمر صحفي يعقد في صباح الاثنين بمقر نقابة المحامين سلطات أمن المطار أبدتلأزهر عدم ترحيب مصر بزيارته واعلانه بأنه لن يدخل مصر ولايزال أزهر محتجزا بمقرأمن الدولة بالمطار حتي يحصل علي طائرة أخري لعودته لبريطانيا ويأتي منع أزهر مندخول مصر نظرا لتفاعل عدد كبير من المحاميين الدوليين للدفاع عن المهندس خيرتالشاطر و32 من رفاقه التي أجلت محاكمتهم الي الخامس من أغسطس القادم ويذكر أنالمحكمة رفضت السماح لكلارك وسميح خريس مراقب من منظمة العفو الدولية حضور المحكمة http://ana-ikhwan. blogspot. com/2007 5 – قامت قوات الامن المصرية بمنع السيد/ رمسى كلارك وزير العدل الامريكى السابق والصحفية البريطانية ايفون ريدلى من حضور المحكمة العسكرية التى يعرض عليها 33 من قيادات الاخوان المسلمون من بينهم النائب الثانى للمرشد العام للاخوان المسلمون مهندس خيرت الشاطر. كما قامت قوات الامن بمنع عدد كبير من المحامين وهيئة الدفاع من حضور المحكمة العسكرية للدفاع عن المتهمين ولم تسمح بسوى عدد بسيط جداً من المحامين بدخول القاعة. والجدير بالذكر أن السيطرة فى مقر المحكمة العسكرية بالهايكستب الكيلو 26 طريق مصر السويس بالرغم من أنها منطقة عسكرية خاضعة للجيش المصرى الا أن السيطرة التامة هى لرجال أمن الدولة. والجدير بالذكر أن قوات الامن المصرية كانت قد منعت فى الجلسة المحاكمة الماضية منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس وواتش والمنظمة العربية لحقوق الانسان من حضور المحاكمة بصفتهم مراقبين 6) نقلت: إيفو موراليس:” اليوم ليس لبوليفيا أسياد… بل شركاء” بينيتو بيريز ….قام الرئيس البوليفي بزيارة خاطفة إلىزوريخ للدفاع عن حظوظ كرة القدم البوليفية لدي السيد جوزيف بلاتر رئيس الفيفا الذي تزعم الدعاة لمنع المباريات الرياضية الدولية في المدن الني يزيد ارتفاعها عن سطح البحر ب 2500 مترا.. كان السفر ناجحا عكس كل التوقعات حسب بيان نشرته الفدرالية الدولية لكرة القدم.. و بين الرحلتين عبر الأطلسي وجد الرئيس الوقت لمقابة خبير سويسري في الطاقة الحيوية و للمشاركة في مقابلة كرة قدم ضد أبناء بلده المقيمين في سوسرا ( خسرها الرئيس بنتيجة 2-1) و لمقابلة مطولة مع الجالية البوليفية هناك و للإجابة عن أسئلة Le Courrier International و La Lutte Syndicale… حوار في شكل حصيلة 17 شهرا من عمل الحكومة الشعبية متسم باسترجاع الكرامة الوطنية و سياسة اقتصادية و اجتماعية طموحة و براجماتية في آن واحد… قلتم في أغلب الأحيان أنكم لم تكونوا مهيئين أبدا لقيادة بوليفيا، ما هي الدروس التي تستخلصونها بعد 17 شهرا؟ إيفي مورالس: إننا دللنا على أن الهندي يستطيع أن يحكم …بكل تأكيد قمنا بأخطاء..لم أحلم أبدا أن أكون رئيسا لبوليفيا.. أرادت الظروف أن نمر من الدفاع عن ورقة الكوكا إلى الدفاع عن الموارد الطبيعية و إلى السياسة..شخصيا كنت مهيئا فقط للنضال النقابي، لغلق الطرقات، و هذا ما أفعله جيدا (ضاحكا) في عام و نصف تعلمنا كثيرا و سيرورة التحولات الهيكلية للديمقراطية تعطي ثمارها،لكن نحتاج إلى وقت أطول لدفع دين تراكم لمدة 500 عام.. ما هي النتائج الاقتصادية و الاجتماعية التي تحوز رضاكم أكثر من غيرها؟؟ طيلة الحملة الانتخابية كان خصومنا يؤكدون على أننا إذا وصلنا إلى السلطة فإن التصخم سينفجر و أن عملتنا ا…لا شيء من ذلك قد وقع.. بل على العكس…. علمت يوم الأحد من صحيفة (لا تقدم إلينا هديا في العادة) أن 12000 مؤسسة اقتصادية صغرى وقع بعثها.. , إن وضعنا في الاعتبار المؤسسات غير المعلنة سيكون الضعف بكل تأكيد… و على المستوى الاجتماعي؟؟؟ حسب تقرير حديث أصدرته منظمة غير حكومية كثيرا ما تنتقدنا فإنها تقدر ان البطالة تراجعت بنقطتين، و أنا أرى أن التراجع أكبر من ذلك.. و بعد سنوات من الركود ارتفع الأجر الأدنى ب20%.. اليوم هناك حوالي 5 ملايين بوليفي يتمتعون برعاية صحية مجانية… كما انخفضت وفيات الأطفال بفضل التعاون مع كوبا، كما أجريت 100000عملية جراحية على مرضى العيون.. و قد عرفنا صعوبات أكبر في مجال التربية…… و مع ذلك فإن الحكومة توزع 30 فرنكا سنويا على كل طفل يدرس… و العديد من الأطفال عادوا إلى المدارس العمومية، في السنة الماضية لم تشهد مدارسنا يوم إضراب واحد و يومين فقط في سنة 2007..و كان المضربون أقلية… لماذا؟؟؟ لأن رجال التعليم كانوا قبل ذلك مكرهين على القيام بإضرابات تدوم شهراأحيانا ليحصلوا على زيادة في الأجور تبلغ 3.5%، أما نحن فزدنا الأجور ب7% ثم 6%.. ما هو دور الإصلاح في مجال المحروقات في هذه الإنجازات؟؟؟ كان له دور مركزي حسب رأيي.. الاستثمارات العمومية بلغت درجة قياسية و مع ذلك أنهت بوليفيا السنة 2006 بربح عمومي و هذا يقع لأول مرة منذ سنة 1940…. في ظرف 17 شهرا تم تخفيض الدين الخارجي من 500 دولار على كل بوليفي إلى 200 دولار فقط و هذا جزئيا بفضل إسقاط المستحقات اليابانية و الإسبانية.. كما أن الصحة الجيدة للدولة هي نتيجة لسياسة التقشف التي فرضناها بتخفيض المرتبات الضخمة للدولة بداية بمرتبي، كما يجب ذكر محاربة الفساد..اظطررت للاستغناء عن اعضاء في الحكومة و موظفين وجهت غليهم تهم خطيرة بالفساد… الوليفيون يدركون الآن أنه لا تسامح اليوم مع المفسدين.. ويبرز استطلاع أن 82% يرون الفساد تقلص.. ……………………………. اليوم ليس لنا أسياد بل شركاء… 7) دعــــــــــاء ” اللهم ربنا فوضنا أمرنا إليك فقنا سيئات ما مكروا و ما يمكرون، و حل بينهم و بين ما يشتهون و اجعل أعمالهم تحيق بهم….” ملاحظة: في ذكرى استشهاد أخينا الهاشمي المكي نتوجه إلى رب العزة و الجلال أن يعيننا على مواصلة الدرب الذي بدأناه معا إلى أن نلتحق به… لم يكن لي شرف معايشته في السجن أو خارجه و عسى الذين كانوا أقرب إليه مني في حياتنا هذه أن لا ينسوا حق أخيهم عليهم… عبدالله الــزواري abzouari@hotmail.com  

(المصدر: المنتدى الكتابي لموقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 19 جويلية 2007)

الرابط: http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?t=10203


 

الوطنيون الديمقراطيون

   أرض حرية كرامة وطنية

  البريد الإلكتروني للوطد

الرفيق الشهيد  الفاضل ساسي استشهد خلال انتفاضة جانفي 1984

يا عمال العالم وشعوبه وأممه المضطهدة اتحدوا

 

نضال المعلمين بالقصرين يواجه باعتداءات وحشية وشرسة من  طرف قوات البوليس: عبد الواحد الحمري

في الذكرى 40 للنقابي أحمد التليلي ندوة نقابية بقفصة تتخللها شعارات نقابية احتجاجية تشنج القيادة النقابية

إحالة الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي محمد حليم وزميله سليم غريس على لجنة النظام الوطنية بالإتحاد العام التونسي للشغل.

إحالة 9 نقابيين من قفصة على لجنة النظام الوطنية يومي 21 و23 جويلية 2007

إحالة 7 نقابيين من قطاع الصحة بباجة على لجنة النظام الجهوية وتجميد عضوين منهم لمدة سنتين


نضال المعلمين بالقصرين يواجه باعتداءات وحشية وشرسة من قوات البوليس: عبد الواحد الحمري

تقديم النص: هيئة تحرير البريد الإلكتروني للوطد

ننشر هنا النص الأصلي الذي أرسله من القصرين المناضل النقابي عبد الواحد حمري لجريدة الشعب التي نشرته في عددها الصادر في 23 جوان 2007 حول أحداث القصرين. وقد قامت الجريدة بحذف جزء جوهري من النص الأصلي وتعويض كلمات البوليس بكلمة الأمن دون الرجوع لصاحب النص.

ونحن إذ نستغرب كيف تسمح صحيفة منظمة نقابية تحتوي لوائح مؤتمراتها على ضرورة الدفاع على الحريات العامة والفردية بما في ذلك حق التعبير لنفسها بصنصرة جزء من مقال نقابي والإمتناع عن نشر خبر الإعتداء على معلمي ونقابيي القصرين من طرف قوات البوليس في الصفحة الأولى، فإننا نطالب جريدة الإتحاد أن تنحاز لقضايا الشغالين وتمكن كل النقابيين من التعبير عن مواقفهم على صفحاتها.

النص الكامل لـلمقال وفيه نبرز باللون الأحمر الأجزاء التي حذفتها جريدة الشعب

تحول مدرسو ومدرسات التعليم الاساسي والهياكل النقابية وبعض النقابيين الى الادارة الجهوية للتعليم يوم 13 جوان 2007 علي الساعة الثانية بعد الزوال بأسلوب سلمي حضاري قصد تسليم المدير الجهوي لائحة احتجاج على القرار الانفرادي للوزارة فيما يخص حركة النقل فوجدوا أبواب الادارة مغلقة وأمامها حشد كبير من أعوان البوليس جزء منهم يرتدي زيا مدنيا والجزء الثاني زيا قتاليا على استعداد تام لممارسة العنف.

 وأمام إصرار  المدرسين وهياكلهم النقابية على تسليم اللائحة المذكورة اعلاه انقض أعوان البوليس على المدرسين بالسب والشتم والركل ثم بالضرب المبرح بواسطة العصي والهراوات وملاحقتهم حتى مقر الاتحاد الجهوي الذي  يبعد قرابة مائة وخمسين مترا «150 م « عن مقر الادارة نتج عن هذا الاعتداء السافر اضرار مادية ومعنوية في صفوف رجال التعليم وبعض الهياكل النقابية بالجهة مما اثار استياء لدى كل النقابيين بالجهة.

اليوم الموالي 14 جوان 2007

 وفي اليوم الموالي 14 جوان 2007 دعت الهياكل النقابية لقطاع التعليم الاساسي المدرسين الى اجتماع عام بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين قصد اطلاعهم على ما حدث والتعبير عن تمسكهم بتسليم  لائحة الاحتجاج فكان هذا الاجتماع ناجحا بكل المقاييس من حيث حضور المدرسين والنقابيين بالجهة في حرم الاتحاد.

 اثر ذلك تمت محاصرة الاتحاد والنقابيين بعدد كبير جدا من أعوان البوليس وكان المشهد مرعبا يوحي بمظهر خاله  البعض قد انقضى للأبد وعند انقضاء الساعة الصفر قام أعوان البوليس بهجمة شرسة ووحشية على المتواجدين باستعمال كلّ الأساليب القمعية – عصي، هراوات، حجارة، … – وانتهكوا حرمة الاتحاد مما خلف عددا كبيرا من الضحايا في صفوف المدرسين والمدرسات والنقابيين نقل البعض منه الى المستشفى الجهوي بالقصرين على جناح السرعة والى المستشفى الجامعي بصفاقس نظرا لخطورة الاصابات التي تراوحت بين الجرح والكسر العادي والكسر المزدوج وكسر الجمجمة.

عنّف لأنه ابن معلم :

تمّ تعنيف تلميذ ذنبه الوحيد لأنه ابن معلم وذلك أمام مقر مركز البريد المقابل لمقر الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين بعد أن تعرف عليه أحد أعوان البوليس أنّه ابن معلم ممّا استوجب نقله للمستشفى، وكان هذا التلميذ أشجع من جلاديه.

اليوم الثالث 15 جوان 2007

في اليوم الثالث 15 جوان 2007 التأم بدار الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين تجمع عمالي كبير بكلّ المقاييس حضرته وفود نقابية مناضلة من كلّ الجهات تقريبا للمشاركة في هذه الملحمة النضالية لجهة القصرين كما حضره أربعة اعضاء من المكتب التنفيذي للاتحاد العام رفعت خلاله شعارات معبرة عن التمسك بالنهج النضالي داخل المنظمة وتدعيم ديمقراطيتها واستقلالها والاستعداد للدفاع  عنها بكل الوسائل المشروعة والدفاع  عن دماء النقابيين التي سالت بمقر الاتحاد . وفي نفس اليوم وتوازيا مع انعقاد هذا التجمع دخل عمال أعوان ديوان الأراضي الدولية بالقصرين في اضراب احتجاجي بساعتين دفاعا عن المنظمة النقابية وعن النقابيين ومنهم الكاتب العام لنقابتهم الاساسية الذي تعرض الى اعتداء همجي. وعلى هذا الاساس يتقدم نقابيو القصرين بتحية إكبار وتقدير لكل مناضل نقابي ساندهم ووقف الى جانبهم والى كل الجمعيات الديمقراطية والأحزاب المعارضة التي عبرت عن تنديدها وشجبها لهذا الاعتداء الذي استهدف المنظمة النقابية ومناضليها.

عبد الواحد حمري

 

—————

في الذكرى 40 للنقابي أحمد التليلي ندوة نقابية بقفصة تتخللها شعارات نقابية احتجاجية تشنج القيادة النقابية

24 جوان 25 جوان 2007 قام النقابيون بإحياء الذكرى الأربعين للنقابي أحمد التليلي وبهذه المناسبة تم تنظيم ندوة نقابية بالإتحاد الجهوي بقفصة. وقد حضر إلى مقر الإتحاد الجهوي كلّ من الأمين العام للإتحاد للإتحاد العام التونسي للشغل و4 أعضاء من المكتب التنفيذي الوطني  مع مجموعة من المدعووين من أعضاء وكتاب عامين الجامعات والنقابات العامة والإتحادات المحلية والنقابات الجهوية…

وقد كانت التظاهرة مناسبة رفع فيها النقابيون عديد الشعارات المتمسكة بمكاسب الشغالين وبثوابت الحركة النقابية كما رفعوا شعارات تعبر عن الإستياء الشديد من أداء القيادة النقابية وعدم تصديها للإعتداءات التي طالت عديد النقابيين يومي 13 و14 جوان 2007 وخاصة التي سلطت على المعلمين وممثليهم, وممارسة الضعط على القطاعات لتمرير اتفاقات هزيلة وذات مضامين تفريطية, مع منع الهيئات الإدارية القطاعية, والصمت تجاه تطبيقات ملف التـامين على المرض…

وأثناء الإفتتاح، قامت مجموعة من النقابيين برفع لافتتين تحملان شعارين يفيدان بتمسك المعلمين بمطالبهم وإدانة المركزية النقابية لتقصيرها في تبني هذه المطالب.

ثم رفعت شعارات تتمسك بمكاسب الشغالين وبثوابت العمل النقابي وخاصة باستقلالية المنظمة – اتحاد مستقل والشغيلة هي الكل…- وتشيد بدور المربي وتدعو إلى ضرورة احترامه – يا نظام يا جبان المدرس لا يهان…-

وقد تنوعت الشعارات نذكر منها بالخصوص مدرسة شعبية تعليم ديمقراطي ثقافة وطنية لتشتد لهجتها وترتفع وتيرتها عندما رفض الأمين العام مقترحا تقدم به الكاتب العام للإتحاد الجهوي عمارة العباسي يقضي بترتيب جلسة بين الأمين العام والنقابة الجهوية للتعليم الأساسي بقفصة.

نلفت انتباه النقابيين أن النقابة الجهوية للتعليم الأساسي بقفصة طلبت رسميا من الإتحاد الجهوي بقفصة تنظيم لقاء لها مع الأمين العام بمناسبة قدومه لقفصة قبل يومين من انعقاد الندوة وجددت طلبها خلال افتتاح الندوة وقد قوبل طلبها بالرفض الشديد من الأمين العام الذي تصرف في حركة متشنجة بطريقة غير لائقة بقذفه بقوة للمصدح على الكاتب العام للإتحاد الجهوي.

ونتيجة للإستهانة بالنقابيين وبالحضور رفع المستاؤون شعار حركتنا مستمرة والدستوري على برة وحركتنا مستمرة والخائن على برة تلاها شعار يا تليلي قوم شوف الخيانة بالمكشوف.

وقد انسحب أعضاء المكتب التنفيذي بوزريبة شندول والزاهي وجراد من القاعة وبقي السحيمي.

وقد عادوا إلى القاعة بعد هفوت الشعارات بعض الشيء غير أن رفع الشعارات رجع من جديد مما حدى بأعضاء المركزية النقابية بمغادرة القاعة ومغادرة عبد السلام جراد للإتحاد وقطع بقية برنامج الزيارة.

 

———–

إحالة الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي محمد حليم وزميله سليم غريس على لجنة النظام الوطنية بالإتحاد العام التونسي للشغل.

قام المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل بإحالة كل من محمد حليم الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم الأساسي وسليم غريس عضو النقابة العامة المذكورة على اللجنة الوطنبة للنظام يوم الإثنين 9 جويلية 2007 وقد تاجل اجتماع اللجنة لأسباب غير معلومة.

وقد تجمع عدد هام من النقابيين يناهز الـ 150  قدموا من 14 جهة ويمثلون عديد القطاعات حيث تداول على الكلمة زهاء الـ 20 نقابيا أدانوا بشدة محاولة العودة إلى الأساليب التأديبية النقابية الزجرية باعتبارها لا تخدم غير مصلحة السلطة التي تتربص بالإتحاد وبالعمل النقابي وعرقلة القطاعات في مسيرة نضالاتها…

وقد تدخل نقابيين من قطاعات التعليم الأساسي والتعليم الثانوي والبنوك والفلاحة وغيرها…كما تدخل المناضل النقابي خالد الدلهومي الذي قدم من القصرين رغم وضعه الصحي معبرا عن إدانته لهذه العملية وداعيا النقابيين للتضامن والتصدي للهجمة التي تستهدف بوجوه متعددة نضالات القطاعات…

وفي آخر التجمع أصدر الحاضرون بيانا وأمضوا  نص عريضة ضمنوها مواقفهم الرافضة قطعيا لتجريد النقابيين..

———————-

 

إحالة 9 نقابيين من قفصة على لجنة النظام الوطنية يومي 21 و23 جويلية 2007

رغم الرفض النقابي الواسع لإحالة النقابيين على لجنة النظام, واصل المكتب التنفيذي تنفيذ قراره من خلال تقرير تقدم به عبد السلام جراد حيث بالإضافة إلى غضوي النقابة العامة للتعليم الأساسي سيحال على لجنة النظام الوطنية 9 نقابيين من قفصة 8 من التعليم الأساسي من ضمنهم 4 هياكل الكاتب العام للفرع الجامعي للكمياء والنفط بقفصة وذلك يومي السبت والإثنين 21 و23 جويلية 2007 بقفصة.

والوطنيون الديمقراطيون إذ يعلنون موقفهم المبدئي الرافض لكل هذه المجالس الـتأديبية المفبركة فإنهم يطالبون من جميع النقابيين التصدي لسياسة تجريد النقابيين سيئة الصيت التي أفلست في عهد السحباني وشكلت إحدى حلقات التآمر على الحركة العمالية وكانت وبالا على مصالح الشغالين والتي يراد لها اليوم العودة خدمة للسلطة حتى تمرر بقية مشاريعها الخطيرة وتملقا لها لمزيد إثبات الولاء لها وكسب ودها أكثر خاصة بعد عودة اسماعيل السحباني للساحة مكلفا ببعض المهام من طرف الجهات الرسمية وبعد الإعلان عن بداية نشاط منظمة نقابية جديدة يترأسها السيد حبيب قيزة. كما يندرج فتح تلك الملفات الـتاديبية في سياق تعبيد الطريق أمام الأطراف البيروقراطية والإنتهازية للتحضير للإنقلاب على أهم مقررات مؤتمري الإتحاد في جربة والمنستير النضالية والديمقراطية رفض التصدي لملف التأمين على المرض… والسعي للإنقضاض على قرار تحديد الترشح للمكتب التنفيذي بدورتين فقط والسير قدما نحو مواصلة الإصرار على سياسة التوريث والتمديد للحفاظ على الامتيازات البيروقراطية وللحيلولة دون توسع التململ الجنيني الذي تؤشر له عديد المحطات النضالية في صفوف الشغالين وسط استياء شعبي كبير ينتشر أكثر فأكثر كل يوم. أمام إصرار الشغالين وبالرغم من افتقادهم لقيادة مناضلة للدفاع عن مصالحهم الجوهرية المهددة – الـتامين على المرض وتبعاته, ملف الصناديق الإجتماعية والتقاعد, مواصلة التفويت في القطاعات الإستراتيجية, انسحاق الأجور وغلق المؤسسات ومحاكمة النقابيين والإعتداء عليهم وضرب الحق النقابي وحرية التنظم  والتجمع  والتظاهر…

كما ينبه الوطنيون الديمقراطيون إلى خطورة هذا المنعرج ويحملون القيادة الحالية وكل الدائرين في فلكها مسؤولية كل ما ينجر عن تلك الإجراءات التعسفية ويدعون الشغالين وكل القوى الوطنية والتقدمية للوقوف صفا واحدا وإفشال هذه المحاولات التي جاءت في ظروف مريبة ولا تخدم سوى مصلحة السلطة.

قائمة النقابيين الـ 9 الذين سيحالون على لجنة النظام الوطنية يومي 21 و23 جويلية 2007 بقفصة

1-  حبيب عمار                  منخرط بالتعليم الأساسي

2-  منجي عليمي                منخرط بالتعليم الأساسي

3-   سبتي هنشيري              منخرط بالتعليم الأساسي

4-  مصطفى سدايرية           منخرط بالتعليم الأساسي

5-  عبد الوهاب عليمي         كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بقفصة الجنوبية

6-  سبتي رداوي                  عضو النقابة الجهوية للتعليم الأساسي بقفصة وعضو لجنة النظام الجهوية

7-  مختار عباسي             كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالمتلوي

8-  جمال شعيشع             عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالكتاروعضو الإتحاد المحلي بالكتار ومنسق الشباب العامل

 9-  نوفل معيوفة              كاتب عام الفرع الجامعي للكمياء والنفط بقفصة

  10- عوالي لعروسي             عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالمتلو

 

——————

إحالة 7 نقابيين من قطاع الصحة بباجة على لجنة النظام الجهوية وتجميد عضوين منهم لمدة سنتين

بعد أن أحال المكتب التنفبذي بباجة كامل أعضاء النقابة الأساسية للصحة بباجة السبعة على اللجنة الجهوية للنظام منذ 2 فيفري 2007  صدر الحكم بتجميد عضوية اثنين منهم  لمدة سنتين حيث وجهت لهما تهمة القيام بتجاوزات دون تنسيق مع المكتب التنفيذي الجهوي. وهي في الحقيقة سلسلة من النضالات والتحركات – اجتماعات واعتصامات…- خاضوها بنجاح مع زملائهم أعوان الصحة تتصدى لمظالم إدارة الصحة التي أرادت تحميل كامل الوضع المتردي لقطاع الصحة للأعوان وسحب مسؤولية الإدارة في تردي تلك الأوضاع من نقص في المعدات وفي الإطار…

وبذلك تقف القيادة البيروقراطية ضد تحركات النقابيين إلى جانب الطرف الإداري وتفتتح سجل التجريد سيئ الصيت.

 

 

 البريد الإلكتروني للوطد: قائمة مراسلة الوطنيون الديمقراطيون

البريد الإلكتروني: patriotesdemocrates_watad@yahoogroupes.fr

للإشتراك : ابعث رسالة إلكترونية فارغة إلى patriotesdemocrates_watad@yahoogroupes.fr موضوعها SUBSCRIBE

 


2000 من أطباء الممارسة الحرة يتعاقدون مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض

 
يتواصل اهتمام اطباء الممارسة الحرة من ذوي الاختصاص باوجه الشراكة القائمة بينهم وبين الصندوق الوطني للتأمين على المرض في اطار التوافق وتضافر كل المجهودات من أجل توفير افضل الظروف لتجسيم اهداف اصلاح نظام التأمين على المرض حيث تتواصل عملية انخراطهم ضمن الاتفاقية الاطارية التي تخصهم. وقد بلغ العدد الجملي لاطباء الممارسة الحرة المتعاقدين 2000 منهم 500 اختصاصي ومن ضمن هؤلاء المتخصصين هناك 130 في اختصاص طب النساء والتوليد ـ 50 جراحا.. و1500 طب عام ـ بالاضافة الى المنخرطين الجدد من اصحاب المصحات الخاصة ويبلغ عددها حوالي 50 مصحة والبيولوجيين وكذلك الصيادلة. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

وزير الدفاع التونسي يزور الصين لتعزيز التعاون العسكري

 
 
تونس ـ يو بي أي: يقوم وزير الدفاع التونسي كمال مرجان حاليا بزيارة رسمية للعاصمة الصينية تهدف الي تعزيز التعاون العسكري بين بلاده والصين. وذكرت الاذاعة الحكومية التونسية امس الأربعاء ان مرجان اجتمع مع نظيره الصيني الجنرال كاو غانغ شوان، وبحث معه أوجه التعاون بين البلدين خاصة في الميدان العسكري والسبل الكفيلة بمـزيد تطويره وتنويع مجالاته . وأشارت الي أن وزير الدفاع التونسي الذي اطلع علي مقومات السياسة الدفاعية الصينية، أكد خلال هذه المحادثات علي عمق العلاقات المتميزة بين البلدين التي تعود الي اكثر من أربعة عقود . وأوضحت أن هذه العلاقات تشمل التعاون العسكري في مجالات التكوين والتدريب، وصيانة المعدات، وتبادل الخبرات والتجارب ،الي جانب دعم وحفظ السلام في العالم. وأضافت ان وزير الدفاع التونسي أكد لنظيره الصيني تطابق المهام الموكولة للجيشين التونسي والصيني في اكثر من مجال،وخاصة منها الدفاع عن الوطن والمساهمة في التنمية وفي عمليات حفظ السلام في العالم . وكان مرجان الذي يقود وفدا عسكريا هاما قد زار منشآت عسكرية صينية منها جامعة الدفاع الوطني الصيني. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

استعداداً لمتطلبات التبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي …

تونس تؤهل 3500 مصنع في لائحة للتحديث

 
تونس – سميرة الصدفي      باشرت تونس تأهيل 3500 مصنع من أصل 3600، مسجلة على لائحة التحديث، استعداداً لإقامة منطقة للمبادلات الحرة مع الاتحاد الأوروبي السنة المقبلة. وكانت تونس أول بلد متوسطي وقع اتفاق شراكة مع الاتحاد في 1995، بهدف إنشاء منطقة للتبادل الحر بعد عشر سنوات من تنفيذ بنود الاتفاق، اعتباراً من 1998. وترمي خطة تأهيل القطاع الصناعي إلى تطوير القدرات التنافسية للمصانع المحلية، وتعزيز مواقعها في الأسواق الخارجية. وشملت الخطة طبقاً لإحصاءات وزارة الصناعة 3500 مصنع خلال عشر سنوات باستثمار 4 بلايين دينار (نحو 3 بلايين دولار) أمّن الاتحاد القسم الأكبر منها. أما بقية المصانع (1199)، فأفيد أن أصحابها باشروا إعداد دراسات التحديث وتقدير الاستثمارات اللازمة لذلك، بالاعتماد على خدمات المراكز الفنية القطاعية التي أنشـأتها السلطات، ومكاتب الدراسات الخاصة. وحلّ قطاع المنسوجات والملبوسات في المرتبة الأولى من حيث عدد المصانع التي أخضعت لبرامج التأهيل، وبلغ عددها 957 مصنعاً، تمثل 42 في المئة. واستقطب قطاع الصناعات الغذائية 21 في المئة من الحجم الإجمالي للاستثمارات. كما ارتفع عدد المؤسسات المستفيدة من الاستثمارات التكنولوجية إلى 1705 مؤسسات نظراً إلى حاجة المصانع إلى تجهيزات متطورة في إطار خطط تحديثها. وشكلت المصانع الصغيرة والمتوسطة 68 في المئة من الحجم الإجمالي للمصادقات على خطط التأهيل، ما يدل على نقص في المصانع الكبيرة في النسيج الصناعي المحلي، الذي يعتمد أساساً على المنسوجات والصناعات الكهربائية والإلكترونية المتخصصة بتصنيع القطع للسيارات الأوروبية. على صعيد آخر، أفادت إحصاءات وزارة الزراعة التونسية أن واردات البلد من القمح ارتفعت بنسبة 19 في المئة خلال الربع الاول من السنة، لتصل إلى 478700 طن، بسبب شراء كميات كبيرة من القمح الصلب لاعادة تصديره مصنعاً، خصوصاً إلى ليبيا. الا ان واردات القمح الطري تراجعت إلى 271700 طن، من 275900 طن في الفترة ذاتها من السنة الماضية. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

 

توقيع برنامج للتعاون التربوي بين الاردن وتونس

 
عمان ـ بترا – وقع وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الدكتور خالد طوقان ونظيره التونسي الدكتور الصادق القربي البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال التربية والتعليم بين البلدين الشقيقين وذلك على هامش زيارة الدكتور طوقان لتونس ورئاسته للمؤتمر العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الذي اختتم اعماله في تونس الاحد الماضي. ويهدف البرنامج الى توثيق الروابط بين البلدين ودعم التعاون الثقافي والتربوي بينهما عبر تبادل الخبرات والمهارات في مجالات حوسبة التعليم وإعداد البرمجيات الحاسوبية والتعليمية والتقنيات التربوية الحديثة إضافة إلى البرامج المتعلقة برعاية الموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة وتفعيل التعاون بين اللجنتين الوطنيتين للتربية والثقافة والعلوم في البلدين وتوحيد مواقفهما في جميع المجالات. ويسعى البرنامج الى تحقيق الاستفادة المثلى من تجارب البلدين بشكل متبادل في مجال تدريب المعلمين والإشراف التربوي والمناهج التعليمية والإدارة التربوية وتبادل زيارات الوفود التربوية والبحوث والدراسات لاسيما في مجال التشريعات التربوية والخبرات الخاصة بالتعليم المهني والفندقي. (المصدر: صحيفة “الدستور” (يومية – الأردن) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

وزراء الخارجية المغاربيون يبحثون قريبا مشروع «المتوسطي»

أمين اتحاد المغرب العربي: قمة مغاربية قبل نهاية العام

 
الجزائر – بوعلام غمراسة أفاد الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، لحبيب بن يحيى، بأن عقد قمة مغاربية قبل نهاية العام الجاري «أمر وارد جدا»، مشيرا إلى أن الأحداث الأمنية المتسارعة في المنطقة، «أضحت من أولويات الأجندة المغاربية». وقال بن يحيى لصحافيين بالعاصمة الجزائرية أمس، إنه يتوقع اجتماعا لمجلس قادة دول اتحاد المغرب العربي قبل نهاية العام، ملمحا إلى وجود تحضيرات لعقد قمة لقادة الدول الخمس. وتحفظ عن ذكر تفاصيل أخرى حول الموضوع، واكتفى بالقول انه لمس «إرادة سياسية قوية عند قادة الدول الخمسة لتنشيط الاتحاد المغاربي». وكان بن يحيى يتحدث بمناسبة اختتام أشغال مجلس وزراء الثقافة المغاربيين التي عقدت بالجزائر في اليومين الماضيين. وبخصوص ملف نزاع الصحراء الغربية الذي تسبب في جمود هياكل الاتحاد، قال لحبيب بن يحيى إن القضية «موجودة بين أيدي الأمانة العامة للأمم المتحدة وليس بين أيدي الأمانة العامة للاتحاد المغاربي، لكن المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع تعد أمراً إيجابياً في حد ذاته، وأعتقد أنه حان الآوان لفض هذا النزاع من أجل إعطاء انطلاقة جديدة للعمل المغاربي المشترك». وسئل بن يحيى عن مشروع «الاتحاد المتوسطي» الذي يسعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى إقناع الدول المغاربية للانخراط فيه، فقال إنه سيكون محل تشاور في اجتماع قريب لوزراء خارجية الاتحاد. يشار إلى أن آخر قمة مغاربية عقدت في تونس عام 1994، وبعدها دخل الاتحاد الذي تأسس رسمياً في مراكش عام 1989، في نفق مظلم بسبب الخلاف الجزائري المغربي حول نزاع الصحراء الغربية. وتم إجهاض عدة محاولات لعقد قمة على مستوى القادة، وكان آخرها في ليبيا عام 2005، عندما رفض العاهل المغربي محمد السادس التوجه إلى ليبيا بسبب تصريحات أدلى بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بشأن «أحقية الشعب الصحراوي في تقرير مصيره عبر الاستفتاء». وقد التقى بن يحيى أمس مع رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز بلخادم، وبحث معه عقد قمة مغاربية، لكن لم تتسرب معلومات وافية عن اللقاء. وقال مصدر مغاربي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يرى اجتماعا للقادة في الأفق «مادام الخلاف بين الجزائر والمغرب حول الصحراء قائما». وتساءل: «مادامت مؤسسات الاتحاد غير مفعلة كيف يمكن عقد قمة؟». وبحث مجلس وزراء الثقافة المغاربيين يومي 17 و 18 يوليو (تموز) الجاري، تصورا مشتركا لسياسة ثقافية مغاربية «تتجه نحو العناية بانشغالات الشباب والتكفل بحاجياتهم الثقافية»، حسب البيان الختامي للمجلس. وأجرى وزراء الثقافة خلال اجتماعهم بالجزائر، تقييما للتعاون الثقافي بين الدول الخمس، فيما دعا الأمين العام للاتحاد إلى إعادة هيكلة المجلس الوزاري المغاربي للثقافة والاعلام «من خلال فك الارتباط بين قطاعيه بحيث يصبح لكل منهما مجلس وزاري مغاربي مستقل». (المصدر: صحيفة “الشرق الأوسط” (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

بعد أربعة عقود من الانفتاح على فنون الشرق والغرب …

مهرجان قرطاج ينكفئ… ويحرم جمهوره العروض المسرحية

 
تونس – سميرة الصدفي      أغضب مهرجان قرطاج المسرحيين التونسيين لأن دورته الحالية التي انطلقت في الرابع عشر من الشهر الجاري، لم تتضمن أي عرض مسرحي، على رغم العروض المميّزة التي ظهرت في الموسم الأخير على الخشبة التونسية، معيدة الجمهور إليها بعدما هجرها في السنوات الماضية. ولعلّ مسرحية «خمسون» التي كتبتها جليلة بكّار وأخرجها فاضل الجعايبي، والتي صفّق لها الجمهور الباريسي طويلاً على مسرح «الأوديون» حيث عرضت للمرّة الأولى بعدما مُنعت في بلدها الأم، كان يُفترض بحسب النقاد أن تُدرج ضمن برنامج المهرجان. وعلى الأرجح أن حساسية الموضوع الذي تطرقت له «خمسون» كان وراء استبعادها، إذ غاصت في ظاهرة الإرهاب الذي يتهدد مجتمعاتنا، من خلال مواجهة بين أم خمسينية تنتمي الى القيم الديموقراطية والعلمانية والتقدمية، وابنتها التي سافرت الى باريس للدراسة فعادت محجّبة و… اسلامية!. الأم وريثة الجمهورية العصرية التي بناها الحبيب بورقيبة، علماً أنها ذاقت طعم سجونها، هي وزوجها، كمناضلين يساريين. والابنة ليست سوى نتاج زمن الفوضى والانهيارات وفقدان اليقين، والخوف من الآخر، زمن الفساد والعجز السياسي والخيارات الراديكالية. لكن مدير المهرجان محمد رجاء فرحات عزا استبعاد المسرحيات إلى سبب إداري، كونه لم يتسلم إدارة المهرجان سوى في نيسان (أبريل) الماضي، ما جعل الفسحة الزمنية لا تتيح له برمجة مسرحيات، على ما قال. وعلى رغم الأعمال العربية والدولية عموماً المقررة في هذه الدورة مثل عرض فرقة الأوركسترا السمفونية الصقلية من إيطاليا وحفلات كاظم الساهر وحسين الجسمي وفضل شاكر وأمل حجازي وشيرين عبدالوهاب وماجد المهندس والمغربية كريمة الصقلي وسهرة الضحك المغربي مع جاد المالح، كانت طاغية على الإنتاج المحلي، فقد استأثرت العروض التونسية وخصوصاً في مجال الغناء والأفلام السينمائية بـ 60 في المئة من فاعليات المهرجان على مدى 30 سهرة. وعزا المنظمون هذه النسبة المرتفعة إلى الرغبة «بتشجيع المنتوج الفني المحلي». انطلقت الدورة السبت الماضي، مع سهرة «أصوات تونس» التي شارك فيها مطربون وراقصون وشعراء. وتُختتم في 16 آب (أغسطس) المقبل بحفلة تونسية لأشهر الملحنين المحليين مع فرقة «الرشيدية» المتخصصة بـ «المالوف» (فن موسيقي أندلسي) بقيادة زياد غرسة ومشاركة سونيا مبارك، ما يضفي على هذه الدورة تحديداً طابعاً محلياً «مُغرقاً»!. ولا تقف العروض التونسية عند المطربين والمطربات أمثال لطفي بوشناق وشكري بوزيان وسونيا مبارك وألفة بن رمضان ورياض الفهري، وإنما تشمل كذلك أصنافاً أخرى من الموسيقى على غرار الإنشاد الصوفي. وستكون السهرة المشتركة بين العراقي حسين الأعظمي والتونسي زياد غرسة، جسراً يربط بين الإنشاد المحلي وألوان الإنشاد المشرقي، تكريساً لانفتاح المهرجان على ألوان الموسيقى غير المألوفة. واللافت أن الشراكة بين المهرجان و «روتانا» ستستمر في قوة في هذه الدورة من خلال أربع سهرات مقررة للشهر المقبل، واحدة يحييها حسين الجسمي وأسماء منور، وأخرى نوال الزغبي وماجد المهندس وسهرة لشيرين عبدالوهاب وريان وسهرة لفضل شاكر وأمل حجازي. أما جديد هذه الدورة فيتمثل بندوات أبرزها عن «الصوت والصورة الرقمية في فنون الركح» التي سيشارك فيها نقاد ومسرحيون ومهندسون وباحثون من خلال محاضرات تعتمد على تجاربهم في هذا المجال. ومن الجديد أيضاً توزيع الفاعليات بحسب الأهمية على مدرجات المسرح الروماني وقصر «العبدلية» التاريخي في ضاحية المرسى القريبة من قرطاج. وحاولت الدورة الحالية الانفتاح على الموسيقى الشبابية من خلال العرض الذي تُقدمه مجموعة «رينيغاد» والمغنية دوبات في الثاني من الشهر المقبل، إلا أنها ستضع المهرجان على المحك لمناسبة العرض الذي ستقدمه الفرقة الموسيقية الأميركية «أوزوماتلي» Ozomatli الحاصلة على جائزة «غرامي» الشهيرة في اليوم نفسه. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)


حركة النهضة وهيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات

أي علاقة وإلى أين ؟

 
ميلاد هيئة 18 اكتو بر للحقوق والحريات:  الإطار والظروف والدوافع:   إن الذي يجب أن يعلمه من لا يعلم، والذي يجب أن يفهمه من لا يفهم، أن إضراب الجوع الذي انبثقت عنه ما سمي بهيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات، والتي كان من بين بواكير إنتاجها إعلان يوم 8 مارس الذي يصادف اليوم العالمي للمرأة ، وليس من الصدفة أن يكون هذا الإعلان في ذلك اليوم من طرف مكونات الهيئة التي أعتبر أن الإسلاميين كانوا متطفلين عليها، وليسوا إلا قلة لا تحترم حتى مواقفها مع من من المعلوم أنهم لا يعترفون حتى للأكثرية بأي حق ولا يحترمون لها ذلك بل لا معنى للأكثرية عندهم، وتاريخ المعسكر الشرقي وأنظمة الإستبداد في العالم الثالث كله تقريبا شاهد على ذلك، وقد قرأت في أحد أعداد صحيفة الطريق الجديد للمدعو صالح الزغيدي اليساري المعروف في تعليق له على ما حدث في قرغيزستان من تجاذب وصراع سياسي بين مكونات منظومتها السياسية من أجل السلطة قوله: “ليست الديمقراطية في فرض الشارع خياراته”،لأن الديمقراطية في فكر وثقافة اليسار اللائكي هي في فرضه خياراته وإن كان من قلة هو كما هي عليه الحال في نظام تحالف 7 نوفمبر الرهيب – كان تتويجا لندوات ومحاضرات وتجاذبات فكرية في مواضيع مختلفة كان بعض إخواننا المتحمسين للعمل المشترك والعاملين على فك الحصار السياسي على الحركة، والمهتمين بالعمل على إنهاء معاناة من مازال نظام تحالف 7نوفمبر الرهيب يحتفظ بهم رهائن لديه من أبنائنا بسجونه وبالمنافي وبالداخل، بالتوسل والإستجداء الذي لم يقبل به النظام إمعانا في الإهانة والإذلال، والذي لم يكن مقبولا ولا يمكن أن يقبل عندنا، يجلسون أمام رموز اليسار الماركسي المدير للوضع العام ولسياسة الدولة، والمتعاونون معه منه في المعاضدة والمساندة والموالاة، يدرسونهم الإسلام والحرية والمساواة وحقوق الإنسان، وهم كلهم لهم آذان صاغية، حتى أني لما بلغني أن الأخ علي لعريض وغيره من إخواننا الذين مازالت سياط هؤلاء كلهم تلهب ظهورهم، كانوا يهرعون لحضور ندوات كان اليسار المتصهين يقيمها في أماكن مختلفة، وكان من بين هذه الأماكن الوكر الذي أعده لهم المدعو صلاح الذين الجورشي الذي كان دائم الإرتماء ومنذ وقت مبكر في أحضان أي جهة يمكن أن يؤكد بها للنظام في مختلف مراحله براءته من الإسلام ومن الإنتماء إلى حركة كان يوما من الأيام عضوا فيها، والذي أطلق عليه إسم  منتدى الجاحظ ، يعلمونهم فيها الإسلام، ذلك الإسلام المستنير ليصرفوهم عن الإسلام الظلامي الذي هم متمسكون به. وكان من بين المدرسين الذين كانت عندهم القابلية للجلوس أمامه، وهو الذي كان ينبغي أن يكون من التاريخ لانتهاء صلاحيته، أحد كبار جلاديهم وجلادي الشعب المدعو محمد الشرفي،قلت كيف استطاع الأخوة أن ينسوا التاريخ الأسود لهذا الشبه الذي مازالت قضايا الفساد المالي والأخلاقي والإداري والسياسي تطارده، أن يقبلوا بذلك ويطيب لهم الجلوس أمام هذا الجلاد الذي كان طول حياته يشن حربا لا هوادة فيها على الإسلام والمسلمين وعلى الحركة الإسلامية ومشروعها الإسلامي التحرري النير من خلال الماركسية، وهو الذي يعتبر أحد أكبر حاخاماتها، وبصفته تلك ومن موقعه ذاك، الذي اشترط أن لا يكون قبوله على رأس أخطر وزارة سيادة في نظام تحالف 7 نوفمبر الرهيب إلا على ذلك الأساس ومن موقعه وانتمائه ذاك، وكان له ما أراد طبعا. وهو الذي تواترت أحاديث عن حرقه لمكتبة والده الإسلامية. والذي انتقل من ذلك المكان عندما فشل وأعيته الحيل وسقط مشروعه وأصبح من التاريخ، وظهر الإسلام والمشروع الإسلامي، وأصبح يقود حركة الشعوب نحو التحرر والحرية والإستقلال والتحرير ومواجهة الإستبداد والإستعمار والإمبريالية والصهيونية ويستمعوا له. وقد تزامنت هذه الخطوات مع التوجه برسائل في أكثر من مناسبة بما فيها مناسبة النكبة التي حلت بالبلاد بعد الإطاحة بالمقبور بورقيبة، مناسبة 7 نوفمبر لعام2006 يهنئون فيها الجنرال بن علي بحلول هذه الذكرى المشؤومة. وهو الذي هرع إليه العلمانيون واللائكيون لإقامة نظام تحالف 7 نوفمبر الرهيب، للدوس بنعالهم من خلاله على الهوية الحقيقية والديمقراطية وحقوق الإنسان وعلى كتاب الله نفسه خاصة في السجون، وهذا ما عاشه إخواننا ويعلمونه جيدا أكثر من غيرهم. وهكذا بدأ إخواننا الخطوات الأولى في سياسة الإستجداء التي لا يتحقق لهم بها نفع ولا مصلحة، ولا تبقى لهم بها مروءة ولا عزة. وهي العزة التي ظل خصومهم من المنافقين وأعداء الإسلام وهوية الشعب العربية الإسلامية بالبلاد ينظرون لهم من خلالها بعين التقدير ويحسدونهم عليها. وهي السياسة التي لا تؤتي نتائجها إلا لدى الرجال ومع الرجال ومع الشجعان وأصحاب الشهامة والجود.فقد كان ذلك والله نياشين شرف وكرامة معلقة على صدورنا وتيجان فضيلة يحملها نساءنا وبناتنا على رؤوسهن، لما كانت عزتنا بالله ورسوله. ولا شيء من ذلك لمن كانت عزته بغير الله ورسوله. وهكذا ومن هذه المواقع تم استدراجهم وأصبحوا هدفا سهلا وفريسة مستساغة لرموز الفكر التكفيري الظلامي في الحركة العلمانية اللائكية المتحصنة اليوم بآخر قلاعها وحصونها، والباحثة على خشبة نجاة تتعلق بها للبقاء ولو بعض الوقت قبل أن تلقى حتفها غرقا. وكان ذلك مما لم يكونوا يطمعون به، وما كان يبدو غير ممكن لهم وغير مقبول عندنا، والذي أصبح اليوم وللأسف الشديد حقيقة بعد أن أوشكت المحنة على الإنتهاء، وبعد أن أصبح الوقت لصالحنا ولغير صالحهم. وبعد أن أصبح متأكدا لهم تورطهم في جرائم ذات بعد وطني وإنساني لا تسقط بالتقادم في حق الوطن وفي حق الشعب، وهم يعلمون ذلك ويدركونه. وبهذه الخلفية وبناء على هذه الحقيقة أوهموا صاحبهم وكبيرهم ولكن كانوا هم الذين علموه السحر هذه المرة، أن الإفلات من العقاب والمحاسبة لا تكون إلا بتنقيح الدستور بعد أن حملوه وحده المسؤولية كاملة في ما حصل، وهو الذي كان يحكم البلاد بهم وهم الذين كانوا يحكمون البلاد من خلاله، وإجراء استفتاء صوري مزور ليستمر في السلطة بعد أن كان قد أنهى المدة القانونية المتاحة له بنص الدستور، وأوهموه – وهو الذي لا يفقه الكثير من الأمور – بأن التنصيص على المحافظة على الحصانة وعدم حصول أي متابعة في حقه من أي كان إذا ما امتد به العمر واستمر على قيد الحياة خارج سدة الحكم، يكون كافيا لضمان ذلك من الناحية القانونية. ولعل ذلك كان من قبيل الضمانات التي تم ترغيبه بها عساه يزهد في السلطة ويفسح لهم المجال في حياته، وهو الأمر المستحيل في عقل صاحب السلطة العربي. وليس ذلك في الحقيقة إلا إقرار بالجريمة، وثابت إشهاد عليه في التورط في ما هو مدخل تحت طائلة القانون في سيد القوانين بالبلاد. ولم تكن هيئة 18 اكتو بر إلا تتويجا لهذا الإستدراج وفق حسابات البعض من رموز الحركة المحكومين بعقدة العزلة السياسية، والذين أصبحوا يبحثون عن الخروج منها بأي ثمن، ويتعلقوا بأي خشبة. وهو في الحقيقة موقف متهافت وغير واقعي وغير مدروس وفي غير صالح الحركة وأبنائها وقواعدها. وليس ذلك إلا لصالح حلفاء النظام من العلمانيين واللائكيين في هيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات وخارجها. ولا أحسب إلا أن ذلك الذي حصل منهم هو ضعف إيمان وبعد عن الله، والبحث عن الحل الأسهل والطريق الأسلم، وإن كان ذلك مطلوبا، ولكن ليس مع هؤلاء ومع هذا النظام وفي هذا الظرف وفي هذا الوقت وبهذه الطريقة وبهذه التنازلات ،وقد وجدوا أنفسهم في ساحة لعلهم لم يفهموا جيدا إعادة تشكلها من أطراف معلومة ومعروف عنها عدم إرادة الخير لنا وللبلاد وللشعب وللأمة وللإنسان. وقد جعلتهم كما جعلت أبناء الحركة كلها بين ضغطين في عملية تقاسم أدوار بين من هم في السلطة منها وبين من هم خارجها، حتى إذا ما هربنا من الأفعى وقعنا في البئر. ضغط أمني وهرسلة بوليسية متواصلة يكون الهروب منها من مواقع الرباط والصمود والثبات على المبادئ والمحافظة على القيم والأصول رغم الجراحات والأدواء والمحن والفتن والصعوبات والضغوطات المتواصلة، إلى أحضان الطرف الآخر المنقسم على نفسه مبدئيا أو انتهازيا، تكتيكيا أو استراتيجيا، بين ملتحق بالهيئة وبين رافض ومقاطع لها.وذلك الذي انتهى إليه إخوتنا المنخرطون في هذه المؤامرة واللعبة القذرة المغشوشة بنواياهم الحسنة، والذين لا نحسبهم إلا صادقين ولا نحسبهم إلا متلمسين لطريق يريدون أن يكون فيه الخير والنفع للجميع. إلا أني أحسب أنهم مخطئون. وما كنت أحسب أنهم واقعون يوما في مثل هذه المصيدة، لأن ساحة عمل المسلم وميدان حركته وفعله هي الجماهير على أي نحو وبأي طريقة وفي أي مكان وفي أي زمان وبما هو متاح له وما هو قادر عليه وأمره في ما زاد على ذلك إلى الله. في هذا الإطار وفي هذه الظروف، كان الطعم – لمن علموا أن إخوتنا قد أصبحوا محكومين بعقدة العزلة السياسية، وبدا لهم أن الأرض قد ضاقت عليهم بما رحبت، وقد يكونوا قد فقدوا ثقتهم بالله أو ضعفت فيهم تلك الثقة انتقالا من التوكل إلى التواكل، وهو الذي يجعل مخرجا لمن يتقيه-  العمل المشترك الذي كنا ننادي به، والذي كانت هذه الأطراف والجهات رافضة له وغير مؤمنة وغير قابلة به من قبل حين كان ممكنا وحين كان وحده المانع لحصول هذا التدهور الخطير الذي أتى على الأخضر واليابس، والذي أتى حتى على الذين كانوا رافضين له في الوقت المناسب، والذين أصبحوا وفق حسابات انتهازية لا وطنية قابلين ومؤمنين به اليوم وبعد فوات الأوان، والذين لم يقبلوا به ولم ينخرطوا فيه إلا مع النظام وبدرجات متفاوتة وبطرق وأساليب مختلفة وفق حسابات فئوية وحزبية، وحسابات لا وطنية ولا شعبية. وقد جاءت خطة تجفيف المنابع المجمع عليها، والتي مازالت نافذة المفعول إلى الآن، موضحة لذلك لمن أراد مراجعتها. وعلى إخوتنا أن يعلموا أن هذه المعركة التي يخوضونها اليوم من مواقع الضعف والإستضعاف للخروج من العزلة بحثا عن العمل المشترك هي المعركة التي خضناها بنجاح وبحرفية وبثقة في النفس وبإيمان بالله أكبر وبتوكل عليه وبصدق وإخلاص على منابر الساحة الفكرية والثقافية والإعلامية يوم كنا ضعفاء وكان ذلك من أسباب نجاحنا وتفوقنا على خصومنا من أعداء الإسلام والهوية العربية الإسلامية لشعب تونس العربي المسلم الذي مازال مستعصيا على وكلاء الإستعمار المتغربين في الحركة العلمانية اللائكية. واستمرت المعركة بيننا وبينهم وكان لنا فيها النصر والتفوق، وكانت لهم الهزيمة والضعف والإنحدار والتي لم يكن لنا فيها من الإمكانيات إلا إمكانياتنا الذاتية الضعيفة، والتي كانوا يخوضونها ضدنا أمنيا وثقافيا وإعلاميا وسياسيا بإمكانيات المجموعة الوطنية كلها، وبدعم مختلف لا مشروط من طرف قوى الهيمنة الغربية المعادية في النهاية لو كانوا يعلمون للجميع. والتي لا تريد خيرا إلا لنفسها. ولا تريد في النهاية خيرا لأي جهة منا، وزادنا ذلك قوة، فأصبحنا بما فينا من نقص وبما كنا عليه من ضعف الأقوى، في وسط ضعيف يزداد ضعفا على ضعف.ولما علم خصومنا أن الخسران والهزيمة والإنحصار مآلهم تداعى الجميع- ولا أستطيع أن أستثني أحدا- وقد عشت كل تلك الظروف وكل تلك المرحلة بكامل الوعي، وتابعتها متابعة جيدة بكامل المسؤولية، وان اختلفت مساهماتهم وأساليبهم ومواقعهم، إلا من رحم ربك، من بعض الصادقين القلائل، أو بعض الغاضبين الذين كان يسوؤهم ما كان يحدث، والذين منهم من عبر عن ذلك وأعلن عنه في الوقت الذي كان لا يستطيع أحد أن يفعل ذلك، ومنهم من دفع ضريبة ذلك، ومنهم من لم يؤبه لكلامه ولمواقفه التي لا تغير من الأمر شيئا، لضربنا ضربة رجل واحد ضمن إعداد وتخطيط ممنهج ومنظم، ولم تأخذهم  رأفة ولا رحمة، لا بشيخ كبير ولا بطفل صغير ولا بإمرة مرضع ولا حامل ولا بوالد ولا بمولود ولا بكبير ولا بصغير ولا بجليل ولا بحقير. وكان الكل شركاء في هجمة إرهابية استئصالية ضد أوسع شرائح المجتمع. فكانت في الحقيقة حملة ضد الشعب كله قتلا وسجنا ونفيا وترويعا وتفقيرا وتجويعا وإفسادا وانحلالا وتمييعا. فعل بنا ذلك لأننا كنا أقوياء وكانت أيدينا ممدودة للجميع طلبا للعمل المشترك الذي كان الكل في ذلك الوقت مهيأ له وقادر عليه، ولكن كل هذه الأطراف المنخرطة في هيئة 18 اكتوبر والملتحقة بها والمؤيدة لها كانت قد رأت في حينه أن الإلتحاق بالنظام والإشتراك معه في استئصالنا أو على الأقل إضعافنا أفضل عندها من تكوين جبهة معارضة تمنع وجود الإستبداد ومواجهته مبكرا قبل أن يستقر له القرار وقبل أن يقوى عوده. وبعد أن مكنت للإستبداد وقوي عوده، وبعد أن أنهت المعارضة، هاهي اليوم تبحث عن الإسلاميين لتجعل منهم مرة أخرى حربة في وجه نظام مازال الجميع أقرب إليه منه من قربهم من غيره في المعارضة الإسلامية الضعيفة التي تبين أنها لا تعترف ولا تقبل بها إلا ضعيفة، وفزاعة تغيضه بها وتضغط بها عليه. وقد أصبحت الحركة كذلك، فهاهي تلك الأطراف نفسها تدير معها معركة وهي ضعيفة، وهي التي كانت قد خسرتها معها من قبل وهي على حال من ضعف النشأة والتكوين والتأسيس، وخسرتها معها من قبل كذلك وهي قوية مما كان سببا في إضعافها. ولقد اختارت هذه الجهات الوقت المناسب لتنفرد ببعض العناصر وهي على حال من الضعف في كل المستويات، لتدخل معهم في معركة غير متكافئة في أدق المسائل، وهي تعلم أن ذلك سيحدث اختلافات وانقسامات وتصدعات وصراع داخلي لا يزيد عناصرها إلا فرقة ولا يزيد وحدتها إلا تصدعا، ولا يزيدها هي إلا توحدا واقترابا بعضها من بعض ومن النظام ومكوناتها فيها ومن قوى الهيمنة الغربية الداعمة في النهاية لكل ما هو علماني لائكي والقابلة به والخاذلة لكل ما هو عربي إسلامي والمناهضة والرافضة له. وهي محاكمة فكرية ثقافية وسياسية كتلك التي أجرتها محاكم التفتيش في القرون الوسطى في أوروبا لمن كانوا على خلاف ديني ومذهبي وعلمي وثقافي وسياسي مع النظام الكنسي البابوي وما يقول به من حقائق الكتب المقدسة المتناقضة مع العقل والعلم. فبكل انتهازية اختارت هذه الأطراف الظرف المناسب والوقت المناسب للتعامل مع الإسلاميين ضحاياهم بالأمس، بل مع بعض العناصر من حركة النهضة الإسلامية كصيغة تنظيمية ظلت رغم كل شيء الأفضل في الحركة الإسلامية بتونس، تعاملا مشروطا. ولا تتواصل معهم ومن خلالهم مع الحركة إلا بشروط، في وقت ليست فيه الحركة ولا البلاد في حاجة إلى ذلك. وبكل تسرع وتهافت وهرولة، وربما بنوع من الغباء السياسي والغفلة، قبل بعض إخواننا في الداخل بذلك وأعانهم عليه وللأسف قوم آخرون من قيادات الحركة بالخارج. أقول ذلك ليس رفضا لمحاولة الخروج من العزلة المبالغ فيها في الحقيقة، فغيرنا كان أشد حرصا على التساؤل عنا منذ وقت مبكر، وأشد حرصا على التحرك بملفاتنا وقضايانا التي أصبحت هي قضايا الوطن والشعب، وأكثر رغبة في الإلتحاق بنا، وليس رفضا للعمل المشترك على أساس ما تم الإتفاق على أن يكون على أساسه. ولكن رفضا للحياد عن البرنامج المتفق عليه والخروج عنه وتجاوزه لما لا حق لهذه الأطراف العلمانية اللائكية في مساءلتنا حوله والخوض فيه معنا في الهيئة في الوقت الحالي وفي هذه الظروف التي تعيشها البلاد لما له من مساس بالثوابت وبالمعلوم من الدين بالضرورة، والذي له عندهم معنى مختلف حتى عن المعنى الواضح في نصوصه الأصلية التي يتلاعبون بفهمها وفق ما تمليه عليهم أهواءهم وما يشبع غزائزهم وما يتحقق لهم به من مصالح. الموقف من الإعلان: ليس الإعلان إلا نسخة من حكم أصدرته محكمة التفتيش التي نصبتها ما يسمى بهيئة 18 اكتوبر ليس للفكر الإسلامي وللثقافة الإسلامية والشريعة الإسلامية وللهوية العربية الإسلامية لتونس فقط، ولكن لما هو ثابت ومعلوم من الدين بالضرورة مما هو ملك للشعب كله وللأمة العربية الإسلامية بما هي عليه وبما يمكن أن تكون عليه في ما هي مقبلة عليه من زمان إلى قيام الساعة.والإعتداء عليه هو اعتداء على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى الشعب التونسي كله وعلى أمة العرب والمسلمين قاطبة إلى يوم يرث الله الأرض ومن عليها، والتي كان رئيسها الرفيق حمة الهمامي ومستشاريه الحاج أحمد نجيب الشابي والرفيق مصطفى بن جعفر وكان ممثل الإدعاء العام فيها الدكتور منصف المرزوقي أو من يمثله وعمر المستيري مع تقديرنا للمجهودات التي قام بها مع من معه في المجلس الوطني للحريات وغيرهم ممن كان لهم دور في الجهد الكبير الذي بذلوه في توثيق المذبحة التي قام بها نظام تحالف 7 نوفمبر الرهيب للشعب التونسي، وإن كان لهم أو للبعض منهم على الأقل دور بطريقة أو بأخرى في ذلك، من خلال أبناء الحركة الإسلامية وبتعاون مع من كان منهم في حركة النهضة تحديدا، والرفيق مختار الطريفي وآخرون، وفي قفص الإتهام أحكام الإسلام وقيمه وشرائعه من خلال الأخوة علي لعريض وزياد الدولاتلي وحمادي الجبالي وآخرون، وأنا أكن لهم رغم كل ذلك كل الإحترام والتقدير، وبحضور بعض شهود الزور من الداخل والخارج الذين باركوا المحاكمة وقبلوا بصدور الحكم فيها وفي غياب تام للسان الدفاع، والذي كان إنجازا لأسوإ نخبة علمانية في الحركة العلمانية اللائكية الهجينة في ما نعلم في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين لم يكونوا يوما يحلموا بها باتجاه الموافقة على علمنة الإسلام والقبول بذلك، ليسهل عليهم علمنة الشعب بعد ذلك بعد أن كان العلمانيون واللائكيون بكل تجلياتهم وأطيافهم ومن كل مواقعهم وبكل الوسائل والإمكانيات قد أجازوا كل الوسائل للتصدي لما أسموه بعمل الحركة الإسلامية على أسلمة المجتمع المسلم في الحقيقة أصلا، وهي إشارة خبيثة يراد منها إيهام الرأي العام بأن الحركة الإسلامية تكفر الشعب وهم المدافعون عنه، وهم من لا يريده في الحقيقة كذلك، ويمكرون بالليل والنهار لعلمنته، وبذلك وبذلك فقط يكونوا قد حادوا به عن الإسلام أو يكونوا قد أخرجوه عنه بحكم الطبيعة التكفيرية للثقافة العلمانية ولأداتها الحركة العلمانية اللائكية. إن قبول الحاضرين من الإسلاميين بمناقشة مسألة حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين بما ورد في الوثيقة والمصادقة عليها ومباركة قيادة الحركة بالمهجر لذلك هو أمر في منتهى الخطورة. والذي زاد الأمر سوءا أن البيان الختامي للمؤتمر الثامن للحركة الذي يبدوا أن تحديد موعد انعقاده كان على خلفية ما يمكن أن تنتهي إليه نتيجة أعمال الهيئة بخصوص الموضوع المعلوم مناقشته وتدارسه سلفا، لم يعبر بوضوح عن المخالفات الحقيقية الواضحة لما هو معلوم بالضرورة من الإسلام ولنصوص من القرآن قطعية الدلالة قطعية الورود التي لا مجال للأخذ منها و الرد، ولا مجال للإجتهاد فيها، من قبيل تعدد الزوجات الواضح نصا قرآنا وقولا وفعلا وإقرارا والذي حوله من الإجماع ما لا يتطرق له شك، وهو من المسائل التي لا أدري كيف يجد فيها من يؤمن ويقبل بها حرج مع من يفرض ثقافة تفتح باب التعدد على مصراعيه بدون حدود وخارج إطار الشرعية القانونية والإسلامية وفي حل من أي مسؤولية مدنية وأخلاقية وإنسانية، ولم يقف الأمر فيها عند حد تعداد الرجال للنساء بل تعداه إلى تعداد النساء للرجال. ومن الحاضرين ولعل جلهم إن لم يكن كلهم كان قد عاش ومازال يعيش في وسط وتنظيم يرفع شعار “زوجة الرفيق للرفيق والإبن للجميع” ويجعل من ذلك قاعدة لاستقطاب الأنصار وجمع الناس من حوله على أساس إلغاء العقل ومخاطبة الغرائز فيهم…ولا يجد هؤلاء في مناقشة مثل هذه المسائل حرج. صحيح لأنهم لا يستحون ولا يحيون ولا يخجلون، ومن لم يستح يفعل ما يشاء. وإذا كان هؤلاء كذلك فكيف يخجل أو يتحرج من يدعوا إلى ثقافة وأحكام وقيم وشرائع دين يخاطبه فيه خالق الخلق من فوق سبع سماوات بقوله:” وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس..” “.وتزويج المرأة نفسها بنفسها هكذا مطلقا بدون ولاية من أحد. وزواج المرأة المسلمة من غير المسلم وغير ذلك من القضايا القابلة للمناقشة وللمراجعة والتدقيق.وإذا كنت أعجب من قبول إخواننا بالداخل بما ليس لأحد من المسلمين في العالم القبول به والتنازل عما ليس لمسلم الحق في التنازل عنه، فإني أعجب كل العجب لإخوان لنا كبار في قيادة الحركة نقدرهم ونجلهم وهم الأعلم فينا بالعلوم الشرعية وأحكام الشريعة وأصول الفقه وعلوم الحديث ولهم منزلة علمية وفكرية ورمزية تجاوزت حدود الوطن والأمة العربية والإسلامية إلى العالمية، ولم يسارعوا إلى إعادة الأمور إلى نصابها، وإلى تدارك الأمور قبل أن يكون لمن هم أقل منهم علما رأي في الموضوع وموقف من الإعلان. وبالمناسبة فإني أتوجه بنداء إلى القائد المجاهد الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله وأدام ظله ذخرا للوطن وللشعب وللأمة وللإنسانية كلها أن يتحرك بما علمناه فيه من مرابطة ومن ثبات على الحق ودفاع عنه وعن  والحرية والمساواة وحقوق الإنسان وعن الإسلام عموما والتمكين له وعن هوية هذا الشعب والأمة العربية الإسلامية قاطبة وأن يسارع بالخروج عن صمته ويتجاوز تردده، وبعض الحسابات السياسوية في ما لا يجوز لمثله أن يتردد أو يصمت فيه، وأن يحسم الموقف، وهو سياسي بالأساس وليس شرعيا،لأن الجانب الشرعي فيه لا يخفى على أحد والنصوص المحددة له لا خلاف حولها، انتصارا لله ولرسوله كما عهدناه، وغيرة على الدين وأحكام الإسلام، وتصديا للمغفلين والأغبياء والمتساهلين وإن كانوا صادقين، وللتكفيريين في الحركة العلمانية اللائكية كما كان دائما، وهو الأعلم بكتاب الله وسنة رسوله دون أن يخاف في الله لومة لائم، وكذلك الأخ الدكتور عبد المجيد النجار وغيرهما ممن لهم باع في العلوم الشرعية ومن لهم صيت في أوطان شعوب الأمة والعالم أن يقولوا القول الفصل في أمر ليس محل اجتهاد المجتهدين ولا تأويل المؤولين، وأن لا يكون لما هو مطلوب سياسيا من المباحات انعكاس على ما هو جنائي أو مدني أو من الأحوال الشخصية بالأساس، لأن السياسي هو الذي يجب أن يكون تبعا لمثل هذه القضايا والأحكام والشرائع، وليست هي التي يجب أن تكون تبعا له. أقول هذا وأدعو الله ليس خوفا على الإسلام في تونس، فقد تجاوز منطقة الخطر رغم أنف العلمانيين حلفاء الإستعمار وخلفاؤه، ورغم تقصير الإسلاميين وتكاسلهم وتخاذل البعض منهم، ورغم الحرب المعلنة على الإسلام من طرف النظام و أعوانه، ورغم السلبية التي قابل بها الشعب الهجمة على الإسلاميين في الحركة الإسلامية. فللإسلام جنوده “وما يعلم جنود ربك إلا هو ” والله ناصر دينه بعز عزيز أو ذل ذليل ولو بعد حين ولو كره الكافرون ” وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ” ولكني أطلق صيحة فزع على أنفسنا خاصة أولئك الذين نحسب أننا نذرنا أنفسنا لله تمكينا للإسلام في بلاد الإسلام من خلال العمل على استعادة العمل بالنظام الإسلامي وخارج بلاد الإسلام بالدعوة إليه، أن نلقى الله ونجد أننا قد فرطنا في جنبه، وأن نلقاه ونكون قد تركنا سابقة قد لا يكون قد سبقنا إليها أحد في تاريخ الإسلام تظل لعنتها تطاردنا مادامت السماوات والأرض ويظل وزرها يلاحقنا وينظاف إلى رصيد سيئاتنا إلى يوم القيامة، فنكب على وجوهنا في النار والعياذ بالله ويا لخيبة المسعى .ويجب أن نكون على يقين إذا ما استمرينا على ذلك مضرب أمثال السوء بين المسلمين في الدنيا، لأن هذا الدين ليس ملكا لنا وحدنا، بل هو ملك لكل أمة الإسلام، بل لكل البشر لمن آمن منهم به ومن لم يؤمن باعتبار أن الخطاب الإلهي قد جاء عاما ومخاطبا به كل الناس في الدعوة إلى الإيمان بالله الواحد الأحد، ” يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا …”وسيحاسب الله المؤمنين على قاعدة الإيمان به كما سيحاسب من لم يؤمن به على قاعدة الإستمرار على الكفر به إلى أن لقوه. وسيكون لا قدر الله كتاب الله شاهدا علينا لا شاهدا لنا لما نكون قد تنازلنا عنه مما لا يجوز التنازل عنه للتكفيريين في الحركة العلمانية الهجينة الذين يفرضون على الشعب بكل الوسائل والأساليب وبالقوة المفرطة المتواصلة ثقافة بديلة ونظاما سياسيا بديلا وأحكاما بديلة عن ثقافة الإسلام وعن النظام السياسي الإسلامي وعن الأحكام الإسلامية التي لا يعبد الله إلا بها.  إنها والله لسابقة خطيرة ما كنت أحسب أننا آئلون إليها يوما من الأيام على أى مستوى من الضعف كنا. إن حرصنا على ما يراه ويعتبره البعض توجه ومحاولة للخروج من العزلة السياسية وإفشال لخطة النظام في ذلك، يمكن أن يكون حرص في محله ولكنه لم يكن على أساس التمسك بالثوابت التي طالما تمسكنا والتي يجب أن نظل متمسكين بها وعلى أساس المحافظة على الهوية الحقيقية للشعب، والتي يجب أن نظل متمسكين بها. ولكنه كان على حساب المبادئ والقيم والثوابت والأحكام والشرائع التي لا يعبد الله إلا بها، والتي لا تستقيم ولا تصح تلك العبادة إلا بها. وأنا أقول أننا مازلنا في الموقع الصحيح الذي لمن كان صادقا في مواجهة الإستبداد والتصدي له ممن صنعوه وأيدوه وكانوا عونا له علينا وعلى الشعب وعلى الوطن أن يلتحق بنا وأن يتنازل عما كان به عونا للإستبداد على الشعب من تقديس للعلمانية وتدنيس للإسلام، وما كان به طرفا في المجزرة. وأن يراجع مواقفه وأدبياته وفكره. وأن يعتذر للشعب. وأن يعلن احترامه المطلق الصادق غير المغشوش وغير المشروط والمسؤول لهوية البلاد والشعب العربية الإسلامية هكذا بكل وضوح وصراحة، لا كما جاءت الإشارة إلى ذلك في الوثيقة “هويته الخصوصية “.وإذا كان لابد من محاكمة جهة لجهة أو طرف لطرف، أن يكون هو المستعد للوقوف في قفص الإتهام والمعني بالمحاكمة، لا أن يستمر الجناة في محاكمة الضحية، كما على هذه الضحية أن لا تقبل بأن تكون أو تظل كذلك، وأن لا تقبل إذا كان لا بد من محاكمة إلا بمحاكمة الجناة، رغم أننا في الأصل دعاة ولسنا ولا نقبل أن نكون قضاة بقدر ما نحن كذلك. ولا نقبل أن نكون قضاة إلا في إطار سلطة قضائية مستقلة في نظام ديمقراطي في مرحلة أولى، وهو الذي لا يمكن إلا أن يتحول تلقائيا عبر الوقت في إطار الديمقراطية وبتفويض شعبي واسع إلى نظام إسلامي. فالديمقراطية هي بداية نهاية النظام العلماني. وهي المفضية حتما بإذن الله لما يصبح الشعب هو سيد القرار وهو الحاكم إلى النظام الإسلامي الذي سيفرضه الشعب على من يريده وعلى من لا يريده. فالعلمانية في أوطان أمة العرب والمسلمين خاصة لا يمكن إلا أن تكون مرحلة انتقالية، وبالديمقراطية والديمقراطية وحدها يكون التحول التدريجي إلى النظام الإسلامي الذي يتنازل فيه الشعب تلقائيا عن حكمه لنفسه بالشريعة الشعبية البشرية إلى حكم نفسه بالشريعة الإسلامية التي هي روح النظام الإسلامي الذي هو النظام الطبيعي لشعوب أمة العرب والمسلمين. فما كان لإخواننا أن يقبلوا بهذا ليجعلوا الحركة رهينة لدى هؤلاء الذين من المفروض أنهم هم الرهائن كما ما مازال إخواننا في السجون وفي المنافي وفي الداخل رهائن لدى النظام الذي هو من طبيعة نفس المكونات العلمانية اللائكية في هيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات. وما كان لهم أن يقبلوا بالتنازل عن معلوم من الدين بالضرورة، ونحن الذين ليس لنا ما نتنازل عنه ليقبل بنا الآخرون الذين لا يمثلون إلا أنفسهم ولا يمثلون الشعب ولو في أدنى مستويات التمثيل. وهم الذين لا يقل عداءهم لهوية الشعب والبلاد عن عداء النطام، من أجل العمل المشترك. وهم الذين من المفروض أن يسعوا لقبولنا بهم على قاعدة القبول المعلن بهوية الشعب العربية الإسلامية الغير قابلة للنقاش. إن حرص إخوتنا على فك العزلة عن الحركة لخدمة المشروع الإسلامي وعلى وضع قواعد وأسس للعمل المشترك مع مكونات هيئة 18 اكتوبر لا يجب أن يكون على حسابنا وعلى حساب الهوية العربية الإسلامية وعلى حساب الثوابت، التي للأسف الشديد، أصبحت محل قبول ورفض، ومحل جدل ومحل تجاذب بين مكونات الشعب المتجانس في الأصل عربيا وإسلاميا، والمنقسم علمانيا لائكيا. والمفارقة الغريبة أن يسود المنطق الذي يصبح به الإسلام الجامع محل نقاش وتشكيك، والعلمانية القامعة محل توافق وإجماع. ولا يجب أن يكون في إطار محاسبة ومحاكمة لنا لسنا مهيئينا لها لمجرد الدفاع فيها عن أنفسنا وعن المشروع الإسلامي الخالص وليحاسبنا وليحاكمنا فيها من من المفروض أنهم الجناة، وأنهم هم الذين من المفروض أن يحاسبوا ويحاكموا على قاعدة هوية الشعب والأمة، وأن نكون أكثر الجهات والأطراف استعدادا للتنازل، في الوقت الذي ليس لنا ما نتنازل عنه وفي الوقت الذي على قاعدة الهوية ومواجهة الإستبداد لهم الكثير الذي من حقنا عليهم ومن حق الشعب والوطن أن يتنازلوا عليه لصالح الشعب ولصالح الوطن. قبول من لم يكن لهم قبول بالهوية العربية الإسلامية لتونس؟ ! بعد كل التنازلات المؤلمة وغير المقبولة التي وقع فيها بعض إخواننا ووفرت لهم القيادة بالمهجر غطاء في ذلك وحضيت بتزكية واضحة إلى حد الآن من شيخنا المجاهد راشد الغنوشي أدام الله ظله لولا تلك الإشارة الواضحة المحتشمة هي نفسها التي أوردها أخونا عبد المجيد النجار في القضية في مقال له، وهي دون المستوى المطلوب كذلك بالنسبة لمن هو في حجمه وفي موقعه من الفكر والثقافة والعلم الشرعي، يحلو لبعض إخواننا المنخرطين في هذه اللعبة أن الخطوة كان لها من الإيجابيات الكثير: – فهي خطوة متقدمة باتجاه إخراج الحركة في الداخل من العزلة السياسية. – وهي اختراق لخطة تجفيف المنابع باستقطاب أطراف من “المعارضة” العلمانية اللائكية والإبتعاد بها عن معسكر النظام . – وهي أفضل محاولة عرفتها البلاد لإحداث تقاليد ورسم خطط ووضع آليات للعمل السياسي المشترك بين مختلف مكونات الطيف السياسي بالبلاد. – وهي المرة الأولى التي استعدت فيها بعض مكونات الحركة اللائكية ذات الهوية اليسارية تحديدا للإعتراف بالهوية العربية الإسلامية للبلاد وللشعب التونسي والقبول بها. ولمن أراد أن يكون أخلاقيا أن لا يدخل الحقل السياسي باعتبار السياسية عندهم قذارة، وتقتضي نزول كل المنازل القذرة ووقوف كل المواقف القذرة وعدم الإستنكاف من أي سلوك قذر…ولذلك يبدون حرصا مغشوشا ومكذوبا على عدم إلحاق الدين بالسياسة باعتبارها عندهم كذلك، وباعتبارها عندهم عادة وهي عندنا عبادة. وبما بيننا وبينهم من اختلاف ينتهي في معظم الأحوال وفي أغلب الحالات إلى التناقض في المفاهيم فإننا لا نستطيع في الأصل إلا أن نكون مبديين وصادقين وثابتين إلا ما كانت تقتضيه الخدعة في الحرب أو ما كان دافعا لضرر مؤكد أو محتمل أو جالب لنفع، ودفع الضرر مقدم على جلب المنافع. ولذلك آدابه وسياقاته وفنونه وأصوله وثوابته وشروطه ورخصه وأبواب فقهه. ولذلك لا يمكن شرعا أن نتورط مع أي كان في ما يمكن أن يكون حجة علينا في الدنيا وفي الآخرة، وباب التوبة مفتوح لمن عصى ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. والذي أدعو إليه وأنصح به أن نحذر من أن يقع جرنا إلى مستنقع القذارة حتى يزول الفرق بيننا وبينهم، وبين السياسة الشرعية باعتبارها عبادة والله أمر أن لا يعبد إلا بما أمر أن يعبد به، والسياسة التقليدية العلمانية اللائكية باعتبارها عادة، وإن لا ينسينا التزامهم بالكذب بالتزامنا بالصدق أمام الله وأمام الشعب الذي يعاني أزمة مستفحلة في الثقة هي من ثقافة وبرنامج وإنتاج وسياسة النخبة العلمانية التي سلطها عليه الإستعمار ومازال يدعمها ويرعاها، على قاعدة لست بالخب وليس الخب يخدعني كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه.ولذلك فالحذر كل الحذر أن يجرونا إلى التورط في ما يكون حجة علينا بين يدي الله، وما يهز من صورتنا لدى الناس بالداخل والخارج، لأن حتى التكتيك السياسي له آدابه وشروطه وفقهه، وإذا خرج عن ذلك أصبح فسادا سياسيا وغشا وخداعا ” والله طيب لا يقبل إلا طيبا “. ولذلك لا ينبغي: – أن نكون مثلهم في ما هم فيه وأن نحافظ على مصداقيتنا أمام الله ورسوله أولا ثم أمام الناس ثانيا ” وما النصر إلا من عند الله العزيز الحميد “. – وأن نسلك طريق الصدق والمبدئية حتى يتحقق بتوفيق من الله بالصدق والحق أكثر مما يمكن أو يعتقد البعض أنه لا يتحقق إلا بالكذب والنفاق والخداع والباطل. – وأن نظل دائما البديل النظيف الذي تريده شعوب الأمة والإنسان المستضعف والذي لا تريده النخبة العلمانية وقوى الهيمنة الدولية المنتجة للإستبداد في أوطان شعوب الأمة وعالم المستضعفين عموما والداعمة له ولا تريده مكونات هيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات من العلمانيين اللائكيين وتريد أن نكون في الفساد والقذارة سوى. والذي آسف له أن ما حصل هو ما ينتهي بنا إلى هذه المحاذير. وإذا كان الذي حصل قد قربنا منهم، فالذي لا شك فيه أنه قد أبعدنا عن الإسلام وعن الله وعن الشعب وعن الأمة رغم حسن النوايا. والذي لا شك فيه كذلك أن الذي حصل قد قربنا من العلمانية والعلمانيين الذين لا يزيدنا الإقتراب منهم في بعض الأحيان وفي بعض القضايا وفي بعض المواقف إلا بعدا عن الله وعن الناس وعن الإسلام والمسلمين. وإذا كانت مكونات الحركة العلمانية اللائكية تريد من خلال اقترابها منا وقبول التواجد معنا على صعيد واحد للإقتراب من الناس ومن الرأي العام ومن الشعب  ونحن الذين لا نرى مانعا من ذلك دائما وهم الذين يرون مانعا في ذلك في أغلب الأحيان، فإن الذي حصل لا يمكن إلا أن يبعدنا عن الله ثم عن الناس وعن الشعب، وتكون النتيجة أنه إذا لم يتحقق لهم ما يريدون من القرب من الشعب يكون قد تحقق لهم ما يريدون من أن نكون سوى في ذلك أي من بعدنا عن الناس وعن الدين مثلهم. والذي يجب أن يعلمه إخوتنا في ما أرى والذي كان ينبغي أن لا يكون غائبا عن أذهانهم: – أن القواعد الإسلامية وغيرها من مسلمي أبناء الشعب في ما أعلم رافضة لهذه الأحزاب ولهذه الجمعيات باعتبار تورطها مع النظام في جريمة حرب الإبادة التي شنها ومازال يشنها على الحركة الإسلامية وعلى الإسلام وعلى الشعب من خلالها. – وأن أي اقتراب منها أو تحالف أو تنسيق معها لا ينظر إليه في وضعها الحالي وفي علاقتها الحالية بقياداتها وبالوضع السياسي العام بالبلاد إلا على أنه تلميع لصورة هذه الأحزاب ورفع للحرج عنها وابتعاد منا عن الله ورسوله وكتابه، وأن أولويات الحركة في النهاية ليست هذه وسيكون ذلك فرصة سانحة لأن يملأ هذا الفراغ آخرون ويكون ذلك من أهم المبررات لالتحاق القواعد بهم. – فاقترابنا من هذه الجهات والأطراف التي ليس لها من هجرة إلا إلى دنيا تصيبها أو امرأة تنكحها وبهذه الطريقة المسيئة لثوابت ديننا ولهوية الشعب والأمة ستكون نتيجته: – ابتعاد من الحركة عن قواعدها وابتعاد من القواعد عنها، وابتعاد عن الشعب المسلم الذي يحارب لتوجهه إلى الإسلام ورفضه للعلمانية التي تفرض عليه فرضا وانفصال عنه. – وابتعاد عن الثوابت والأصول وعن إجماع الأمة. – وبعد عن الله ورسوله وكتابه وقرب من الشيطان وحزبه. وعلى إخواننا في الداخل والخارج أن يعلموا أن مخالفتهم المؤكدة الصريحة والواضحة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض ما تضمنته وثيقة الإعلان مفضية حتما إلى وثيقة الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي المتفق عليه والتي ليس حولها خلاف في ما أعلم وإلى القانون الأساسي للحركة المنظم للعلاقات داخلها والمحدد لطبيعتها والذي يبدو أن الحياد عنهما قد بدأت معالمه تتضح باتجاه مجرد حزب سياسي ذي مرجعية إسلامية. ولعل ذلك توجه يقدر البعض أنه يمكن أن يكون حلا وسطا بين الطبيعة الإسلامية لحركة في شمول الإسلام ودعوته العالمية والكونية، وابتعاد ورفض لما هو مطلوب من أن تكون عليه في إطار رؤية البعض ومقترحاتهم لمشروع المصالحة الوطنية المختلف حوله، عسى أن يكون ذلك مقبولا لما يمكن أن يحضى به من رضا بعض الأطراف الداخلية والخارجية بالقدر الذي تنجح فيه هذه الأطراف المتقاسمة الأدوار بين من هم في السلطة ومن استعادوا موقعهم في المعارضة من مكونات الهيئة والقوى الدولية الراعية والتي هي تبع لها. وأحسب أن الحركة في إطار هذه الحسابات وهذه التوجهات التي بدأت تعبر عن نفسها من هنا وهناك من بعض الرموز القيادية في الحركة وفي أعلى مستوى لها، قد بدأت تخرج عن الطبيعة المتفق عليها فيها وعما لم يكن في يوم من الأيام في ما مضى من حياتنا فيها محل خلاف بعد حسم هذا الموضوع منذ وقت مبكر من تأسيسها والإعلان عنها. وبناء على ذلك فإن الإنقسام سيكون واضحا وكبيرا، وسيكون التحاكم في ما بيننا فيه على أساس: – من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أولا. – وعلى أساس أدبيات الحركة والرؤية الفكرية لها ومنهجها الأصولي وبيانها التأسيس وقانونها الأساسي ولما لا البيانات الختامية لمؤتمراتها. – وقد لا يكون اعتبار ولا مكان ربما فيها لغير من مازال متمسكا بذلك ومنضبطا له ،وقد لا يكون اعتبار ولا مكان فيها لا قدر الله لمن خالف ذلك مخالفة صريحة وقاطعة وأصر على ذلك ولم يراجع ولم يستعد للمراجعة، وله أن يبحث لنفسه في هذه الحالة عن مكان آخر، ويعيد النظر في كل هذه الأصول والوثائق وذلك ما لا نريده وما سوف لا ندخر أي جهد باتجاه تصحيح الأمور وإعادتها إلى نصابها بالمجادلة بالتي هي أحسن وإدامة النصح والتوجيه والترشيد حتى لا نبلغ ذلك الحد ولنحافظ على وحدة صفنا التي هي أساس قوتنا ووحدة حركتنا التي هي أهم عامل من عوامل إشعاعها وتواصلها والتمكين للإسلام في البلاد وفي الأرض من خلالها ومن خلال غيرها كذلك مع كل موحد وكل حر وكل مجاهد وكل منتصر لله ولكتابة ولرسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. يقول تعالى:” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تفلحون ” ” وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم “. ومن كان لله دام واتصل ومن كان لغير الله انقطع وانفصل . “اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه”. اللهم آمين. وصل اللهم على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وصبه ومن تبعهم إلى يوم الدين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. بقلم:علي شرطاني                                  تـــــونس


سفيان الشّورابي: الصحافة الالكترونية: دور متصاعد في بيئة مغلقة

 

لا شك أن بروز و انتشار المواقع الالكترونية الإخبارية بشكل كثيف على مختلف مواقع الشبكة العنكبوتية كان له افرازات عميقة على الجسم الإعلامي بجميع أصنافه، و فتح شرخا في داخل الذهنية الإعلامية التقليدية ليُعيد صياغة المشهد الإعلامي وفق منظور مختلف و جديد يتأقلم مع المتغيرات في هذا السياق.

فمنذ بداية التسعينات تحديدا، انطلقت مسيرة إنشاء المواقع الالكترونية الإعلامية لتعمّ بسرعة جميع أنحاء العالم. وتتركز أسس هذا التوجه على اعتبار تواجد عامليْن: الأول يتعلق بسهولة و ببساطة فتْح مواقع على الواب من الناحية التقنية، و الثانية يرتبط بضعف الموارد المالية المطلوبة للقيام بتلك العملية. و من هنا انطلقت عملية ضخمة لبعث مصادر إخبارية الكترونية تتناول شتى المواضيع و تغوص في عدد من الموضوعات المتنوعة. واثر ذلك، واقتناعا بأهميتها، التحقت غالبية الصحف و الهيئات الإذاعية و التلفزية المرموقة بهذه الموجة، ليصبح الإعلام الالكتروني في ظرف وجيز شديد الخطورة و عميق التأثير سواء على صناع القرار أو من ناحية تشكيل الرأي العام.

و لا بد من القول في هذا المستوى إلى أن للصحافة الالكترونية مقتضيات و متطلبات إضافية على بقية أشكال الصحافة الأخرى. فالإعلامي الأمريكي جون ثوان دوب ناشر cyberjournalist.net قال “إن الكتابة للصحافة الالكترونية هي مزيج من كتابة الصحافة المطبوعة و الكتابة الإذاعية و التلفزيونية”. إذ يمكن لصحفيي الانترنت مثلهم في ذلك نظرائهم في التلفزيون أن يضمّنوا تقاريرهم الإخبارية صورا و مقاطع صوتية و صور فيديو، بالإضافة إلى عناصر تفاعلية تسمح للقارئ بمطالعة التقرير و تمحيصه بالسرعة التي يختارها. فالصحافة الالكترونية هي “الصحافة المكتوبة زائد”. و هي تسمح أيضا للقراء بأن يستجيبوا على الفور و بصورة مباشرة للكاتب أو المحرر عن طريق الرسائل الالكترونية أو حتى في محادثة خاصة.

زد على ذلك خصوصية السرعة في ترويج المعلومة التي تتميز بها الصحافة الالكترونية. ففور ورود الخبر، لا تتعدى جاهزية عرضه على الموقع سوى فترة الموافقة عليه من قبل هيئة التحرير. وهو ما يفسر التجاء معظم وكالات الأنباء العالمية إلى بعث مواقع لها، تستعيض فيها عن تقنيات العمل السابقة من فاكس و تيلكس و غيرها من الوسائل التي لا تضاهي الانترنت في السرعة.  

و إذا كان من الصعب جدا الإقرار بوجود صحافة الكترونية تونسية محترفة و منفصلة عن النسخة المطبوعة، نظرا للصعوبات المركزية التي تعترض المبادرين من أجلها، فان بعض المحاولات المتناثرة خصوصا في دول المهجر تستحق الإثناء. و تكمن صعوبة الانخراط في سياق تأسيس إعلام الكتروني جاد و محترم إلى وجود “غول” كبير وشرس يقف معرقلا أمام تطور مثل هذا القطاع، وأعني به تحديدا الرقابة الالكترونية الصارمة التي تحركها شرطة الانترنت و التي تحجب بشكل رهيب جميع المواقع التي تتناول الحياة التونسية من منطلق نقدي أو مستقل. فالجهاز العتيد و الإمكانيات التكنولوجية الرفيعة التي يمتلكها ذلك الصنف من أعوان وزارة الداخلية لا تترك موقعا مهما كان طبيعته مفتوحا للعموم، بل تصل بهم الجسارة إلى القيام بتدمير مواقع بعينها أو زرع فيروسات في أخرى. ولا يمكن بالطبع من خلال التعرض لتلك الأساليب التفاؤل بإمكانية تأسيس إعلام الكتروني حر و ناضج.

و تعيق أيضا عملية التطور الايجابي لصحافة الكترونية تونسية، حالة التكلس و التحجّر للعقلية المحلية، و عدم مواكبتها لأهم الاحداثات في هذا الميدان. فمازال المواطن التونسي لا يعتمد على الصحافة الالكترونية كمرجع للحصول على الأخبار أو البحث في التحاليل و التعاليق المعمقة فيما يحدث في الشأن العام، مخيرا في الكثير من الأحيان الرجوع إلى القنوات الفضائية أو العودة إلى الصحف و المجلات المطبوعة في حالات أخرى. و يعود سبب ذلك إلى عدم ثقته بعد فيما يصدر من مقالات و نصوص على المواقع في الانترنت التي بقي الكثير منها مجهولا و قليل الاحترام.

بقي أن نشير في هذا المجال إلى ضرورة انكباب كل من جمعية الصحفيين و نقابة الصحفيين التونسيين حول هذا الموضوع بجدية، وإعطائه ما يستحقه من الأهمية أخذا بعين الاعتبار بدرجة أولى كوْن العاملين في هذا القطاع يواجهون نفس الصعوبات التي يتعرض إليها بقية زملائهم، زيادة إلى أنّ مجلس النواب يدرس حاليا مشروع قانون حول الصحافة الالكترونية، ومن المترقب أن يدْرج فيه العشرات من الفصول القانونية الزجرية و السالبة للحرية على غرار مجلة الصحافة. و بالتالي فان أمام هذين الهيكلين الاشتغال منذ هذه اللحظة على معارضة ما يمكن أن يؤشر لتأبيد حالة اللاحرية التي نعيشها اليوم.

سفيان الشّورابي

 

المصدر: جريدة مواطنون معارضة عدد 28 – الصادرة يوم  جويلية 2007)

 


 

 

” الجمهورية الديمقراطية ” والنظام شبه الرئاسي

 

طالبت بعض الأحزاب والشخصيات التونسية المعارضة بمناسبة الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية بإقامة نظام جمهوري ديمقراطي تم وصفه بأنه جمهورية ثانية. وهنا لا بدّ من التذكير، قبل تقديم بعض الملاحظات الأولية حول ” إعلان ندوة تونس” ، أن التمييز الجوهري بين الأنظمة السياسية في العالم لم يعد قائما اليوم بين الملكية والجمهورية لأن المصطلحين في البلدان الديمقراطية الحديثة فقدا تقريبا بالكامل معناهما القديم، الأرسطي والقروسطي، إذ لا تقلّ سيادة الشعب دستورا وممارسة في المملكة السويدية مثلا (والأمثلة كثيرة) عن أي “جمهورية ديمقراطية” في العالم بل ربما تفوقت عليها حرية ومساواة وتداولا و توازنا بين السلطات وضمانا لحقوق المواطنين والمواطنات. وإنما يقع التمييز الأساسي الآن وفق مستوى تفريق السلطات (الصارم أوالمرن)  بين نظام رئاسي ونظام برلماني (بغرفة واحدة أو بغرفتين)  ونظام مجلسي ونظام مختلط (نصف رئاسي أو برلماني رئاسي) …

وبالعودة إلى الوثيقة، موضوع النظر، نجد ـ رغم الإشارة إلى مبدأ الفصل بين السلطات ـ أن التركيز في البداية والنهاية قد انحصر في مسألة التداول على كرسي الرئاسة ، وكأن ” كوادر الحركة السياسية والمدنية في تونس ” يقرّون ضمنا بالحفاظ على نظامنا شبه الرئاسي. وكما لو أنهم  لم يسمعوا بحزب دستوري في المكسيك بقي في الحكم لمدة خمسة وسبعين عاما متتالية وهيمن بمفرده على الحياة السياسية دون أن ينزعج أبدا من تغير الرؤساء على أعلى هرم السلطة كل ست سنوات ما داموا جميعا ينتمون إليه. وإن كان منصب الرئاسة في بعض البلدان يتخذ أهميته من الطابع الفيدرالي للدولة التي ربما احتاجت إلى رمز موحد قوي لمجابهة الأزمات والنزعات الانقسامية. وهذا ليس موضوع الحال في تونس المركزية الموحدة التي لا وجود فيها لمقاطعات أو أقاليم تتمتع بالتسيير الذاتي.

 ولأن الأمر يتعلق حسب الوثيقة بجمهورية جديدة فسنركز النظر على ما اعتبره أصحابها ” إصلاحات دستورية شاملة… يعاهدون الشعب على العمل … من أجل إقرارها “.

أولا،  لا يمكن غض النظر عن بعض الأخطاء الموضوعية و التاريخية الواردة في هذا الإعلان فالدستور التونسي الذي تم تعديله 15 مرة ، لم يقع تحويره لإقرار الرئاسة مدى الحياة سنة 1974 بل سنة 1975، أما التنقيح الأبرز الذي غيّر بلغة فقهاء الدساتير من ملامح النظام السياسي في تونس وما زال حاضرا في دستورنا الحالي، فلم يشر إليه أصحاب الإعلان  وكأنه لا يعنيهم، وقد تم ذلك التنقيح الهام في 8 أفريل 1976 حيث وقع إقرار الرقابة على الحكومة من طرف مجلس الأمة (مجلس النواب حاليا) الذي صار بإمكانه تقديم لائحة لوم تفرض على الرئيس قبول استقالة الحكومة المسؤولة أيضا أمامه أو حلّ البرلمان وفي المرة الثانية تجبره هو نفسه على الاستقالة ، وبذلك تخلينا نظريا عن النظام الرئاسي لدستور الجمهورية في نصه الأصلي لسنة 1959 الذي نجد فيه عموما الفصل واضحا بين السلطات، فلا إشارة فيه إلى حلّ المجلس ولا في المقابل سحب ثقة من الحكومة أما خطة وزير أول فلم يقع إقرارها إلا سنة 1969، لندخل منذ تنقيح 1976 في نطاق ما يعرف باسم الأنظمة نصف الرئاسية، أو الرئاسية البرلمانية ،  وإن لم يتغير شيء في الواقع باعتبار تواصل الهيمنة المطلقة للحزب الحاكم.

 وعندما يطالب أصحاب إعلان 7 /7 / 2007 بتحديد ولاية رئيس الجمهورية بدورتين فقط ، فهل يكفي ذلك للاقتناع بأنهم  يدعون فعلا إلى تداول حقيقي على السلطة ونظام رئاسي متوازن ؟

وللإجابة على ذلك، يجب أن نقرأ جيدا بعض الأسس والمبادئ التي يقترحونها ويقولون إنها جديدة ومن بينها  إقرار مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب … وكأنهم لم يقرأوا الفصل 62 من الدستور التونسي الذي يخوّل لمجلس النواب تقديم لائحة لوم تستقيل على إثرها الحكومة. وهذا الفصل يكفي وحده نظريا لعدم تصنيف نظامنا السياسي ضمن الأنظمة الرئاسية التي لا يمكن فيها للرئيس أن يحلّ مجلس النواب أو لمجلس النواب أن يقيل الحكومة فتلك خاصية الأنظمة البرلمانية . ويبدو من خلال السهو الغريب والمفارقة المذكورة في “إعلان ندوة تونس” أن الهاجس الوحيد لأصحابه ليس إلا تحديد الفترتين الرئاسيتين ، وهنا تناسوا أن النموذج الفرنسي الأثير لديهم ولدى فقهاء الدستور عندنا ، لا يتضمن إلى اليوم نصا يضبط عدد الترشحات لمنصب الرئاسة ولم ينقص ذلك من ديمقراطيته شيئا مادام الأمر يتم في إطار انتخابات تعددية، وإن كان العرف الجاري به العمل سواء في فرنسا أو الولايات المتحدة (لمدة تفوق 150 سنة مع استثناءات نادرة قبل إجراء تعديل في الغرض) أن تكون للرئيس ولايتان فقط، وهذا أحسن بطبيعة الحال لترسيخ مبدأ التداول، أما مسألة انعدام شروط التنافس الواقعي بين المترشحين ـ وهذا أمر حقيقي لا يمكن إنكاره ـ  أو عدم نزاهة الانتخابات ،  فتلك مسائل لا علاقة مباشرة لها بالدستور حتى وإن عهد إلى هيئة مستقلة فعلا مهمة الإشراف عليها، ولا حتى بالقانون الانتخابي نفسه الذي يلعب دورا كبيرا في تشكيل المشهد الحزبي والحياة السياسية عموما ولكنه لا يصنع أوزانا سياسية من عدم أو من ورق، ولا يوفر لكل مرشح أو حزب ما يكفي من مراقبين في كل مكاتب الاقتراع بما يمنع التزوير. أما بالنسبة إلى شروط الترشح للرئاسة فتبقى بالتأكيد أفضل الصيغ في تاريخ الدستور التونسي باعتقادنا، هي صيغته الأولى لسنة 1959 التي لم تضع أي شرط للترشح إلى الرئاسة باسثناء الجنسية التونسية (المتوارثة لثلاثة أجيال) وسن الأربعين والتمتع بالحقوق المدنية. ويترك الأمر فيما عدا ذلك للقانون الانتخابي، حتى لا يقع الاضطرار قبيل كل انتخابات رئاسية  إلى إصدار قانون دستوري استثنائي لإتاحة تعدد الترشحات وفق مقاييس تشجيعية للأحزاب البرلمانية المعارضة ولكنها إقصائية للشخصيات المستقلة أو الأحزاب غير البرلمانية، وهو واقع الحال اليوم في تونس.

إذن نفهم من ” إعلان كوادر الحركة السياسية والمدنية في تونس من كافة الاتجاهات”  أن مبادئ وأسس مشروع الدستور المقترح هي نفسها تقريبا تلك التي يقوم عليها الدستور الحالي الذي لم يتغير في جوهره (من ناحية توزيع السلطات) عن دستور 1976 باستثناء عدم إمكانية استقالة رئيس الجمهورية إثر تقديم لائحة لوم ثانية ضد حكومته، وكذلك إدراج المجلس الدستوري ثم توسيع صلاحياته الرقابية وإضافة غرفة ثانية (مجلس المستشارين) بقيت في الواقع غير مكتملة (تنقيحات 1988 و1995 و1998 و 2002). وليس من الصعب تصنيف ” الجمهورية الديمقراطية ” المقترحة دستوريا ضمن ما يسمّيه موريس دوفرجيه بالنظام نصف الرئاسي، وهي كما أشرنا لا تبتعد كثيرا (لولا المشمولات الأكبر للرئيس عندنا) عن دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة لسنة 1958 بعد التنقيحات التي أدخلت عليه منذ 1962 بإدخال الاقتراع العام لانتخاب رئيس الجمهورية الذي هو في حلّ من أي مسؤولية سياسية أمام البرلمان وهو كذلك رئيس المجلس الأعلى للقضاء بل الضامن لاستقلالية السلطة القضائية (كذا في الدستور الفرنسي الجاري به العمل إلى اليوم) وله الحق في تعيين ثلاثة أعضاء من المجلس الدستوري أما الستة الباقين فيعينهم رئيسا الغرفتين التشريعيتين… فلا هو بالبرلماني المحض ولا هو بالرئاسي الصريح، حيث يمكن أن يكون للسلطة التنفيذية رأسان في نفس الوقت (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مع توزيع الصلاحيات والمشمولات الداخلية والخارجية). والنتيجة لدى أي اختلاف في اللون السياسي أو الخلفية الحزبية للرئيسين هي ما نراه اليوم من أزمات في  بعض الديمقراطيات الناشئة الهشة المتأثرة بهذا النموذج مثل فلسطين وقانونها الأساسي . وفي ظل هذا النموذج غير النموذجي يمكن أن يتحول مبدأ الفصل بين السلطات (الفعال ضد التفرد بالسلطة) إذا ما تطور الحراك السياسي باتجاه أكثر تعددية وتوازنا بين الأحزاب السياسية إلى فصل بين الشرعيات  وتهديد للوحدة الوطنية أو مسّ بهيبة الدولة. وقد تصبح الإصلاحات العاجلة المتعلقة بالحريات العامة الممهدة للتنافس السياسي كما يطالب بها أصحاب الإعلان التونسي في تصادم استراتيجي مع ما اعتبروه إصلاحات دستورية شاملة  فيما يتعلق بتوزيع الوظائف السيادية للدولة.

وكيف يمكن التحكم في الوضع التصادمي أو التعطيلي إذا ما عنّ  للشعب انتخاب رئيس للجمهورية يحمل برنامجا معينا، ثم قرر في نفس اليوم (كما هو الحال في تونس وإن لم “نتمتع” بالتجربة)  أو بعد شهر ( كما هو الحال في فرنسا اليوم بعد التجاوز المؤقت لمهازل التعايش) أو بعد سنة (مثلما وقع في فلسطين ) انتخاب أغلبية نيابية لها برنامج مغاير لرئيس الجمهورية؟

ولذلك يمكن القول إن النظام الرئاسي على الطريقة التونسية لسنة 1959 رغم نقائصه هو أكثر احتراما لمبدأ تفريق السلطات الذي تنص عليه توطئة الدستور، من النظام شبه الرئاسي الجاري به العمل حاليا والذي يتمسك به أصحاب (إعلان ندوة تونس)  ولو باتجاه أقرب للنموذج الفرنسي، رغم أنه يضيف تعقيدا إضافيا إلى نظرية الأقانيم السيادية الثلاثة (كما لم ينطق بها لوك ولا مونتسكيو وإنما الأب سياياس) التي نشأت للحد من التفرد بالسلطة ولكنها لم تمنع من تداخل السلطات في أكثر من مجال، والمثال الأبرز على ذلك أن أكثر من 95 بالمائة من مشاريع القوانين في معظم ” الجمهوريات الديمقراطية ” في العالم، هي من صنع الحكومة،  أما القضاء فيحتاج في أعرق الديمقراطيات إلى هيئات محلفين من عامة المواطنين، إلى جانب قضاة المحاكم ورصيد تراكمي هائل ومتوسع من فقه القضاء، ليكتسب هو أيضا شرعيته كسلطة مستقلة وديمقراطية مخولة لإصدار الأحكام باسم الشعب، وكنا نأمل أن يفكر المجددون الجمهوريون عندنا في مثل هذه الهيئات التي تسمح بتجديد ثوري لمنظومتنا القضائية باتجاه ديمقراطي وتثقيفي يسمح لكل مواطن بممارسة العدالة من موقع الحاكم مرة واحدة في حياته على الأقل، وعدم الاكتفاء بتحديد هيئة لمساءلة رئيس الجمهورية يضبطها الدستور (وليس القانون كما ورد في الإعلان) ، والشائع ديمقراطيا أن يلعب البرلمان الدور الأول في مثل هذه الحالات النادرة عالميا.

ولعل المطلوب الأمثل لتجاوز مسألة الشخصنة والشخصنة المضادة للسلطة في تونس، هو ما كان  يدعو إليه ولا يزال حزب الوحدة الشعبية (انظر اللائحة السياسية العامة للمؤتمر الوطني السابع ـ مارس 2006)، أي الدعوة إلى إقامة نظام برلماني يصبح فيه رئيس الدولة مثل رئيس إيطاليا أو ملك النرويج، وتكون خلاله السلطة التنفيذية بيد الحكومة الخاضغة لرقابة واحدة من طرف البرلمان الذي أعطاها ثقته، بما يسمح ببروز القوى السياسية الفاعلة في مجموعها وبتركيبتها الكاملة وليس في شكل شجرة تخفي الغابة و أرضيتها الحقيقية التي لا يمكن أن تكون في بلد  تجاوز نسبيا العصبيات القبلية والدينية و الجهوية إلا أحزابا وطنية تحمل برامج وبدائل عقلانية مختلفة وليس أصواتا مبهمة مختلطة ورؤوسا مشرئبة إلى قصر الرئاسة في قرطاج عوض قصر الشعب في باردو، تستبطن إعادة إنتاج المعهود بتحالف واع أوغير واع مع التيار المحافظ في السلطة الذي بدأ على طريقته يعدّ للمستقبل وكأننا في نهاية السبعينات وكأن ما يحدث بالمنطقة العربية التي أحيط بها من كل جانب لا يهمه، أما النبرة النخبوية المعارضة المتقاطعة معه فهي كالعادة ” طنانة ورنانة” كما يقول أحد المواطنين ولكنها لا تقدم بديلا للحاضر إلا الماضي.

 

                                                                             عادل القادري (جريدة الوحدة)


 طلبة تونس
دعوة
 
بمناسبة الذكرى الخمسين لـ  ” إعلان الجمهورية ” ندعو كافة الإخوة الطلبة و متصفحي الموقع إلى المساهمة بآرائهم و كتاباتهم في إبراز حصيلة ما تحقق للشباب و خاصة الشباب الطالبي طيلة نصف القرن الماضي و هل يعتبرون الإيجابيات أكثر من السلبيات أم العكس و ماهي تصوراتهم لآفاق المستقبل ….

في الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية خمسون سنة من التخريب بالجامعة التونسية

أبو وليد  الناعقون من أبواق السلطة من تونس يهيؤون طبولهم ومزاميرهم ويترصدون بزوغ شمس الخامس والعشرين من هذا الشهر المبارك ليهللوا ويمجدوا ويباركوا الخطوات الأسطورية التي قطعها العهد الجديد في بناء النظام الجمهوري وكيف أصبح هذا النظام ببركاته العظيمة يسمح للشعب أن يختار قائده مدى الحياة بكل حرية وشفافية وكيف تتسابق  آلاف مؤلفة من الجمعيات الوهمية من جمعية أحباء العصافير الى جمعية المعجبين بشجرة البلوط تناشد وتطالب وتتوسل بكل حرية صاحب التغيير أن يعطف عليهم ويشفق عن ضعفهم ويتكرم بالبقاء على الكرسي مدى الحياة خوفا من أن يغادرهم لفرط زهدهم فيه فتأكلهم بذهابه –لا قدر الله الذئاب أو تجرفهم السيول سنسمع في هذا اليوم العظيم مقتطفات كثيرة  من خطابات طويلة رنانة عن عهد الجماهير والانتخابات الحرة والنزيهة والشفافية والديمقراطية  وسنستمتع بصور جميلة لمروج خضراء وبحيرات زرقاء ومبان بيضاء تثبت للناس عظمة انجازات التغيير والنظام الجمهوري  -المنافقون سيماهم على وجوههم من أثر النفاق لا تجد الناس الصعوبة في التعرف عليهم مهمتهم إخفاء عورات أسيادهم وتزيين أفعالهم وتزوير التاريخ .ومن الناس من هو بالفاسقين عليم لا يخفى عليك أحدهم إذا رأيته فاسأله عن تاريخ هذا البلد يعطيك منه ما أرادوا إخفائه عنك وهؤلاء تعرفهم بسيماهم من أثر السجون وعلى أجسادهم آثار التعذيب أي طابع النظام الجمهوري من تحت الثياب إذا رأيت أحدهم رأيت بركات النظام الجمهوري عن يمينه وعن شماله وأمامه وخلفه تتبع خطاه وتحرسه أينما حل… بهذا البلد أقلام حرة لا تشترى و لا تبيع ذمتها ستكتب عن حقيقة النظام الذي حكم البلاد خمسين سنة،عن الإخفاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وعن النظام الملكي المقنع بأثواب الجمهورية لكنني سأكتب عن منطقة لا تذهب لها الأقلام الا عرضا لكثرة المظالم السياسية التي قد تنصرف إليها.سأكتب عن شيء من تاريخ الجامعة التونسية التي أمضيت فيها أحلى أيام سنوات عمري مع إخوة ورفاق مخلصين تفرقوا في ذات زمن بين السجون والمنافي ورصاص الغدر ولأكون من الشاهدين على تاريخ هذا” النظام الجمهوري ” بعهده القديم والجديد.عن تاريخ التخريب الطويل للجامعة الذي لا يراد للأجيال الجديدة من شبابنا الطلابي أن يعرفه.الحركة لطلابية عبر تاريخها الطويل من طلبة الجامعة الزيتونية إلى اليسار والقوميين والاسلامين اختارت في كل تاريخها الانحياز إلى شعبها والدفاع عنه ضد الاستعمار وسياسة الضبط والتصفية من العهد القديم الى العهد الجديد في ملحمة تاريخية فريدة و لا تزال  بعد حملة التصفية في بداية التسعينات وما تلاها تحاول رغم ضعفها التعبير عن نفسها من خلال مناضليها وأحرارها جيلا بعد جيل …ان تاريخ الجامعة التونسية  لا يبدأ من فترة الستينات كما تريد وثائق النظام أن تبينه في محاولة لطمس جزء من تاريخها المشرف يشهد على تصفية الجامعة الزيتونية المناضلة التي تخرج منها محمد الطاهر بن عاشور والفاضل بن عاشور وعبد العزيز جعيط وعبد العزيز الثعالبي ومحمد صالح النيفر والكثير من علماء هذه البلاد.الجامعة التي تخرج منها القضاة والأساتذة والدعاة والعلماء والتي قادت حملات التوعية والتعبئة والجهاد ضد الاستعمار وآزرت الحركة الوطنية ودافعت عن حق شعبها وحريته واستقلاله والتحركات الطلابية الكبيرة التي قادها صوت الطالب الزيتوني أول نقابة نشأت بالجامعة التونسية كان جزاؤها الغلق في أول خطوة دشن بها بورقيبة حياته السياسية بعد إعلانه عن نشأة النظام الجمهوري / وشرد أساتذتها وطلبتها بين السجون والمنافي إلى دول عربية عديدة وحرم خريجيها من حق الوظيفة في الدولة التي جعلها حكرا على خريجي التعليم الفرنسي ومن دان له منهم بالولاء لا لذنب إلا لخشيته من أن تشكل هذه الجامعة بطلابها و أساتذتها وعلمائها مقاومة لمشروع تغريب البلاد التي كانت بحاجة لبقاء الجامعة الزيتونية كحاجتها لبناء جامعة حديثة تعضدها .والجامعة التونسية الحديثة التي نشأت في الستينات لم تسلم من استبداد “النظام الجمهوري” لأنها غير قابلة للاحتواء والضبط فكانت أول تقاليد الجامعة الوليدة إعلان الجامعة منطقة محررة من نفوذ السلطة متمردة على سياسات القمع ورأس حربة في مواجه سياسات الحكم الجائرة مما جعل سلطة العهد القديم والجديد تضعها على رأس قائمة المؤسسات الواجب ترويضها وضبطها بعمليات جراحية قاسية ،الحركة الطلابية اختارت الوقوف مع الاتحاد العام التونسي للشغل في أحداث محاولة تصفيته سنة 1978 ومحاولة احتوائه سنة 1985 واختارت الوقوف الى جانب شعبها في انتفاضة الخبز سنة 1984 واختارت الدفاع عن حقوقها وحقوق الفئات الضعيفة من شعبها فكانت السلطة تقرأ لها ألف حساب قبل أن تقدم على زيادات في الأسعار أو قرارات تمس أبناء شعبها.كما دافعت عن حقها في التنظم والتعبير والتمسك بجامعة شعبية حرة مناضلة وعن تعليم مجاني يحقق مصلحة البلاد ويحترم هويتها ودفعت في سبيل ذلك الكثير من خيرة أبنائها إلى الطرد التعسفي والسجون والشهادة ،استبسلت في الدفاع عن الجامعة أمام مشروع عبد العزيز بن ضياء سنة 1982 الداعي لعسكرة الجامعة وبناء الجامعات الحرة لأبناء الذوات يستأثرون بعد تخرجهم بالمناصب قبل خريجي الجامعة من أبناء الشعب الفقراء وضرب مجانبة التعليم وقانون تحديد الترسيمات ولم يجد هذا المشروع طريقه للتنفيذ الا بعد قمع عنيف للجامعة في بداية التسعينات بعد أن قامت السلطة بإفراغ الجامعة من فعالياتها بزج الآلاف في السجون وارتكاب مجزرة الحرم الجامعي وإلحاق الجامعة إداريا بوزارة الداخلية .وحتى تبقى الذاكرة الطلابية حية واعية بتاريخها  فدولة”النظام الجمهوري”قامت بانقلاب على الاتحاد العام لطلبة تونس في مؤتمر قربة 1971 ونصبت مليشياتها مما عطل الحياة النقابية بالجامعة وأحدث فراغا كبيرا لم يقع تداركه الا بانجاز الاتحاد العام التونسي للطلبة سنة 1984 بعد استفتاء طلابي قضى بضرورة انجازه للدفاع عن مصالح الطلبة وهي التي قامت بحملات واسعة من الاعتقالات والمحاكمات في صفوف المناضلين بالجامعة سنة 1981 وصلت حدود العشر سنوات أمثال البشير الدغبوجي. وبعد تأسيس التحاد العام التونسي للطلبة تعرضت الجامعة الى حصار ومواجهات واعتقالات واسعة سنة 1985 قامت السلطة خلالها بتجنيد مئات المناضلين في صحراء رجيم معتوق وفي سنة 1986 قامت السلطة بطرد العشرات من مناضلي الاتحاد ومحاكمة المئات منهم واغتيالات عديدة للمناضلين منهم حمدة بن هنية-كلية التصرف بصفاقس-ومصطفى الحجلاوي-كلية الحقوق بتونس-وعثمان بن محمود –مدرسة المهندسين بتونس – والكثيرين الذين ستكشف أسماؤهم وصورهم وملابسات اغتيالهم وحملة الطرد الواسعة في صفوف مناضلي الاتحاد العام التونسي للطلبة والطلبة الاسلاميين وحملة التجنيد لمئات المناضلين في صحراء رجيم معتوق وجزيرة زمبرة سنة 1989 والمجزرة الجماعية التي قام بها الأمن الجامعي داخل المركب الجامعي سنة 1991 وكان ضحيتها خمسة من خيرة الحركة الطلابية والآلاف الذين شردتهم سلطة العهد الجديد الى المنافي والسجون في حملة تصفيتها للجامعة سنة 1991 والذين لا يزال منهم إلى حد اليوم من يقبع بالسجون لما يزيد عن ستة عشر عاما منهم المناضل عبد الكريم الهاروني أول أمين عام للاتحاد العام التونسي للطلبة ومنهم العجمي الوريمي وعبد الحميد الجلاصي وغيرهم والعشرات الذين تم اغتيالهم منهم أحمد العمري وجمال الزموري ولطفي العيدودي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد وغيرهم. بعد مرور خمسين سنة من الإعلان عن قيام النظام الجمهوري نجد الجامعة محاصرة بالجدران العالية وبكل مؤسسة مركز للأمن يقوم بمهمة رصد المناضلين والتعرف عليهم واعتقالهم وترهيبهم ومنعهم من حق التعبير وحق الاجتماع والإضراب ونجد ملفات البحث العلمي خاضعة لوزارة الداخلية تسمح وتمنع ما شاءت وتقسم مواضيع البحث الى ما يهدد أمن السلطة وما لا يهددها ونجد مجانية التعليم تراجعت ونجد الآلاف من خريجي الجامعة الذين أمضوا عصارة أعمارهم على مقاعد الدراسة يعانون من البطالة لسنوات طويلة دون أفق والمدافعين منهم عن حقوقهم يمنعون من التجمع وتنظيم المسيرات ويتعرضون للتعنيف والاعتقال والترهيب .وهذه أيضا من انجازات النظام الجمهوري الذي لم نر من ورائه طيلة خمسين سنة إلا الاستبداد وأما صفة الجمهورية فهي ورقة التوت التي يحاول بها حكام هذه البلاد تغطية عوراتهم .  

(المصدر: موقع “طلبة تونس” بتاريخ 19 جويلية 2007)

الرابط:      www.tunisie-talaba.net

 

 

ردا على من لا يريد الرد

ما كتبته عن السقطات النضالية ليس سوى النزر القليل

– توفيق العياشي-/ تونس
 
لقد سعدت كثيرا صديقي الطالب بردك الذي رمى تعليقي عن حالة التشرذم والموت البطيء الذي يعيشه الاتحاد العام لطلبة تونس باللغط الكلامي وأعلمك أن رأيك محترم جدا ويستحق الرد لكن الذي أستغربه لماذا طلبت مني عدم الرد وأنت الذي أحسبك تؤمن بالحوار وتحترم أدبياته ،وما الحوار غير أخذ ورد ولا أحسب لاقدر الله– أنك أيها الطالب العزيزتنتمي إلى احد التيارات الثورجية التي تعتبر كل من يخالفها الرأي ولا يؤمن بطوباوياتها وأصنامها الهتلرية عدو الثورة الذي يجب  الاقتصاص منه وقطع دابره باعتماد أسلوب غاية في التحضر والرقي وهو العنف الثوري الذي يمارسه الإخوة الأعداء داخل المنظمة النقابية لا ضد القيصر بل ضد بعضهم البعض. أوان يعتبر أن كل من ينقد أي تيار نقابي أو سياسي معارض في فكره أوفي ممارسته هو بوليس ويشتغل لفائدة وزارة الداخلية أو أنهم لمحوه وهو يحتسي قدحا من القهوة مع احد إطارات أمن الدولة…وبعيدا صديقي الطالب عن هذا الهوس المرضي بفلسفة التخوين والمؤامرة وإذ ندعو لهؤلاء بالشفاء العاجل والمصالحة مع ذواتاتهم ومع الواقع والنضال الحقيقي ضد أعداء الحرية والديمقراطية بعيدا عن حب الهيمنة عن الجمعيات والمنضمات الحقوقية والمهنية..
 
ولنعد صديقي العزيز لمهازل الاتحاد العام لطلبة تونس وفي ما يتعلق برأيك أنني بنقدي لظواهر البلطجة والعنف والوسائل البربرية المتخلفة التي يعتمدها بعض فرقاء المنضمة النقابية في مواجهة بعضهم البعض خدمة للسلطة من حث لا أدري فأسالك أيها العزيز من الذي يخدم السلطة من يقوم بالفعل أو من ينتقده، من يقدم على تلك الممارسات الوضيعة بإقحام فتوات وخلايق في صراعه مع رفاق دربه السابقين  ..من يعتدي بالعنف الوحشي على إنسان يخالفه الرأي والتوجه أو ذلك الذي يرابط في مقر منضمة عريقة سجن و أستشهد لتحريرها الشرفاء  شاهرا عصيه وهراواته في أنتظار حليف أمسه ليمنعه من دخول المقر وكأنه ورثه عن أحد أقربائه ..من أيها الصديق العزيز الذي يخدم السلطة بممارساته، ثم أن دور الصحفي مهما كانت الأفكار التي يحملها والمبادىء الذي يعتنقها لا يجب أن يتعامى عن الحقيقة سواء كانت تخدم السلطان أو الشيطان لان العمى الأيدلوجي والتعصب المقيت للأصوليات اليسارية منها أو الدينية هوا لذي يجعل الإنسان لا يرى الدنيا الا وفق مرجعيته الفكرية أو فتاوي أول الأمر منه أي رعاته فيصنف الناس حسب هواه إلى إصلاحي وبوليس وابليس و..أما وقد دفعتني حسرتي الشديدة على ما آلت إليه الأمور داخل الاتحاد العام لعصي وهراوات تونس فلا يهمني كثيرا اذا التقى موقفي ورغبة السلطة المؤامراتية في تدمير الاتحاد والمراهنة على الصراعات المتخلفة التي تدور في صلبه لتزيد الفرقة فرقتا و التشرذم تشر ذما ، فالمهم عندي أن أضع اصبعي على الداء وأشير إلى الورم الخبيث الذي ينخر جسد الاتحاد وهو الحسابات السياسية الضيقة والمؤامرات والدسائس والتحالفات المشبوهة التي تعقد اليوم وتحل غدا  لأن طرفا معينا لايرضى بدور غير دور البطولة داخل المنظمة النقابية العريقة بتاريخها  العريق و بحاظرها المأزوم، كما أن ارتهان القرار النقابي بالقيادات السياسية خارج الجامعة قد انحرف بمسار المنظمة وجعلها تعزل على الساحة الطلابية التي لا تعلم شيئا عما يدور خلف ظهرها من تحالفات ومؤتمرات، واذا أردت التأكد من ذلك أيها الزميل الطالب فاسأل أي طاب عادي عن المؤتمر 24 أو مؤتمر التصحيح أو عن تؤتمر التصحيح اوغيره
 
من الأسماء القيادية العريقة وسيجيبك بأنه لا يعلم شيئا عن هذا الهراء المتعالي عن واقع الطلبة واهتماماتهم ومشاغلهم ، وهذا يفند قول احد أقدم القيادات النقابية السياسية في الجامعة الذي صرح لقناة الحوار التونسي بان االتحاد العام لطلبة تونس جماهيري وان قيادته منتخبة من القواعد الطلابية ،فمتى تم الانتخاب آخر مرة وهل تم احترام القانون الأساسي والنظام الداخلي للمنظمة فيما يتعلق بشكل الانتخابات وتوزيع الانخراطات ومواعيد عقد المؤترات والمجالس الوطنية ….
 
أيها الصديق العزيز لقد كتبت في ردك الموقر كان الأحرى بك المشاركة في مسار أصلاح المنظمة وتقديم تصوراتك وأفكارك…وهذا أمر لايستقيم لعدة اعتبارات، لانه وللاسف الشديد الأوصياء على هذه المنظمة النقابية ليسو برحابة الصدر التي تتصورها فجلهم من أطراف سياسية يلتزمون بآراء وتوجهات قياداتهم فلا مكان لمبادرات المستقلين المستضعفين“، وفي أحسن الاحوال يعتمدون  سياسة استشر زوجتك وافعل ما تراه أنت صالحا ..
ثانيا لك أن تتساءل أيها الصديق العزيز ما شأن مواطن أتم مرحلته الطلابية بمنظمة نقابية تدافع عن مصالح الطلبة والأكيد انك لا تريدني أن احتذي بمن عمروا في هياكل المنضمة وتجاوزوا طور الشباب والكهولة والشيخوخة ترحب بهم..فالقرارات ومبادرات الإصلاح صديقي العزيز يجب أن تنبع فعلا من القواعد الطلابية والكفاءات الشابة في الهياكل القاعدية التي تترفع عن الضغائن والأحقاد التاريخية التي تزرعها القيادات الهرمة في عقول أذرعها الشبابية داخل الجامعة..أما عن المضحكات المبكيات في مسلسل الصراع عن المنظمة الطلابية فهو الاتهامات المتبادلة بين أطراف النزاع لبعضهم البعض بتسييس المنظمة وتحزيبها ولك أن تتابع جدل الطرشان هذا الذي سوف يبث يوم الاحد القادم على قناة الحوار التونسي بين فرقاء الاتحاد فالكل يسيس والكل يتهم الاخر بالتسييس والكل يسب والكل يشتم ..وفي الختام أيصا الصديق الطالب قد لاتتسع مجلدات الدنيا لسرد كل الممارسات والحقائق المخزية التي تحف بوضع الاتحاد العام لطلبة تونس الذي تتربص به السلطة من ناحية ومن ناحية  اخرى  ترابط التشكيلات الظلامية بجميع تمظهراتها في المنعطف القريب استعدادا للانقضاض عن الجامعة والبلاد والعباد…    

 



الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله

إلى متى… ؟؟ صيحة و إسلاماه

 
أمتي—أمتي… إلى متى ستظل أمتي ورجالها الأصحاء في قفص الاتهام؟؟ إلى متى يصنع الكذب باسم الصدق… والنفاق باسم الصفاء—والخبث باسم البراءة…؟ أمتي برجالها ” رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه “, أمتي مجهولة الهوية أو تكاد أمتي ذات أعرق هوية, ذات العمق الأكبر والتاريخ الأعرق—إلى متى الخوف والجبن… إلى متى الذل والانكسار— جيل يتجاهل جيل— إلى متى الاستعباد—إلى متى القيد—القيد – الأغلال…؟ فكوا قيدي— وا حريتاه وا إسلاماه إلى متى العنت عنت الصنم يحطم بثورة الحرية وكل له وجهة هو موليها, يا ربي اعتق رقابنا ورقاب أبنائنا وأمهاتنا ” واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة “. هلموا لكل خير –لكل نفع—فالضحايا في كل مكان في كل زاوية, انقذوا إخوانكم فـ ” هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم من تجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم” صدق الله العظيم, ومتى يبرم العهد الجديد وتعقد الصفقة الرابحة, أليس الصبح بقريب؟ واإسلاماه وسلاماه أبو أيمن – تونس

بعد عام من العدوان الصهيوني على لبنان [I]:

السلاّم ـ الاستسلام ـ التسليم ـ السلامة

 
نصر الدّين بن حديد nasrbenhadid@yahoo.fr قبل الشروع: إلى كلّ من استشهد ابنها وتوشّحت وردتين وبسمة، ولم تنزو في ثياب الحداد… نحن أصغر من ذرّة تراب مشى عليها هذا الشّهيد… [مع الاعتذار من محمود درويش ومارسيل خليفة]، بعد الشروع وقبل البدء: قد يكون من المنطقي أو هو المعقول أن نطالب بعضنا بوقفة متأنية، تبحث عن التبصّر والرؤية والتحليل، ومن ثمّة يكون الاجتماع عند ضرورة أن ندفع إلى الأمام ذلك التوافق على أنّ بالقلم وحده ـ وحصرًا ـ ندفع الحاضر إلى الأمام، وندفع الشرور عنّا…. انطلاقًا من المواثيق الدوليّة والقوانين الوضعيّة [حين يرى البعض أنّ الشرائع السماويّة لا تلزم سوى المؤمنين بها] نلاحظ إصرارًا شديدًا على النظر إلى الذات البشريّة على أنّها «كلّ لا يحتمل التجزئة» ومن ثمّة يكون الحديث بدءا وختامًا عن «الإنسان» دون النظر إلى عرقه أو دينه أو لغته أو ثقافته والحضارة التي ينتمي إليها، وأنّ الأصل والثابت والمرجع يكمن [سواء على مستوى التنظير أو الممارسة]، في علويّة هذه المواثيق وهذه القوانين وليس في «الممارسات المغايرة لهذه المبادئ»، مع التأكيد «الأخلاقي» على أنّ أيّ انحياز عن هذه المواثيق وهذه القوانين يأتي من باب الخيانة [الإنسانية] الموصوفة أو هو ـ والعياذ بالله ـ غباء قاتل!!! الأخطر والأدهى والأمرّ، لا يكمن في أن يجنح البعض إلى تجاوز هذه المواثيق وتخطّي هذه القوانين، فالأمر سواء من ناحية «التطبيقيّة» أو «العدديّة» جزء من الممارسة البشريّة، التي قد تجد «لذّة أو مصلحة» في تخطّي الممنوعات وارتكاب المحرّمات أو هي من مسلّمات ما يراه ـ علماء النفس ـ «إثبات وجود»، الأخطر والأدهى والأمرّ هو أن «يستأنس» الضحايا دور الضحيّة، ويصيرون إلى عادة من أمرهم، لا يفقهون غير حالهم هذا، بل لا يملكون القدرة الذهنيّة أو ملكة التفكير في وجود عالم لا يكونون فيه أو من خلاله «مفعولا بهم» أو «مفعولا فيهم»!!!! وضعيّة «الضحيّة المستديمة» هذه تتطلّب ككلّ النظريّات، مرجعيّة أخلاقيّة ومشروعيّة «عقائديّة» ومن ثمّة يتمّ تنزليها في «مقام المقدّس»، الذي يتأسسّ على تشكيلة واسعة من الثوابت، أهمّها البحث عن «إفهام الجلاّد وإقناعه» وأيضًا «الاتّكال حصرًا واستثناء» على «ترسانة أخلاقيّة»، تفترض جدلا حيازة «الجلاّد/الأقوى» ما سمّاه الدكتور عزمي بشارة «فائض قيمة أخلاقي»، يمكن أو من المأمول أن يقود عبر «التراكم» ومن خلال «المداومة» إلى «أن يستفيق ويفهم» هذا الأقوى ومن ثمّة تأخذ علاقة الضحيّة/الجلاّد بُعد «النهاية المفرحة والسعيدة» [هابي أند]، فتتمكّن الضحيّة من نيل ما تراه حقّها دون أن تمسّ أو تلمس «ذات الجلاّد» أو تزعجها، دون الحديث ـ لا قدّر الله طبعًا ـ عن مسّ هذه «الذات» وتهديدها، بأيّ صورة كانت!!!! تتأسّس نظريّة «الضحيّة المستديمة» ـ ككلّ النظريّات ـ على مزاوجة المعلومة بالزمن، سواء على مستوى التراكم أو أشكال التفعيل بين العنصرين، حين وجب في الآن ذاته، إفهام من هم ضمن «الذات» أمرين على قدر من الأهميّة والخطورة، أوّلهما الثبات على الموقف، حين لا يأتي هذا الخيار اعتباطيّا ولا يمكن أن يكون «نزوة عابرة» أو «مجرّد سحابة صيف متقشّعة»، بل هو الخيار الأفضل والأسلم والأعقل [وجميع صيغ التفضيل التي تزخر بها لغة الضاد]، وثانيًا، وجوب التذكير وعدم نسيان أنّ هذا الخيار «الواقعي» يمثّل المفتاح الأوحد والوحيد، القادر على تحقيق «النهاية المفرحة والسعيدة»، الضامن [أو الضامنة الوحيدة] لـ«سلام عادل وشامل في المنطقة» [كما تُدبّج قرارات القمم العربيّة وبيانات ما يسمّى جامعة الدول العربيّة]… تتطلّب نظريّة «الضحيّة المستديمة»، أو هي تعلن قدرتها على تحقيق قفزات قصيرة ومتتالية ومتواصلة، تمكّن ـ حين ننظر إليها من زاوية التراكم ـ من جعلنا نرى ونوقن ونقرّ بالانجازات القائمة والانتصارات المحقّقة، فلا يمكن ـ ضمن ذات الرأي ـ أن نأخذ أيّ خطوة أو مناورة أو تحرّك أو مبادرة «منزوعة» عن أمرين، أولهما السياق العام الذي يجعلنا نقرّ ونعترف أنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة استطاعت أن تحوز الورقة المتبقية بعد أنّ سلّم لها محمّد أنور السادات بحصّة 99 في المائة من الأسهم، ثانيها وجوب القبول والتسليم ومن ثمّة التهليل والتطبيل لأيّ «انجاز مهما رآه البعض هيّنًا»، على اعتباره «الخطوة الصحيحة» على درب الوصول إلى تلك «النهاية المفرحة والسعيدة»!!! تتأسّس نظرّية «الضحيّة المستديمة» ـ ككلّ النظريّات ـ على ثنائيّة «النفي/المبادرة»، من خلال قراءة مجمل التاريخ العربي الإسلامي، سواء على مستوى «الأحداث الماديّة» أو تفسيراتها، ليتمّ الخلاص أنّ الأزمة تقع على مستوى «الإسلام ذاته [أيّ النصّ]» أو هي التطبيقات الإسلاميّة، أو الممارسات أو الإسقاطات أو التأويلات، وبالتالي وجوب «تحديث الإسلام [في المستوى الأقلّ]، ونصوصه وتطبيقاته ودلالاته»، لتتوافق مع الحداثة [على المستوى الحضاري] والمواثيق الدوليّة والقوانين الوضعيّة [على المستوى التشريعي]، وتنبني هذه النظريّة أيضًا على قراءة التاريخ القائم [الدولة القطريّة الحديثة]، والخلاص إلى أنّ الأزمة [كلّ الأزمة] تكمن في «عدم قدرة [هذه الدولة ضمن طبيعتها الإقطاعيّة/القبليّة] على إحداث تمييز معرفي وعلى مستوى الممارسة» بين الشعارات وما يؤسّس لها ويتبعها من عقيدة انتماء ومرجعيّة أخلاقيّة من الناحية، و«المصلحة الإستراتيجيّة» التي تتطلّب «عقلانيّة وموضوعيّة» لم يكن من الممكن ـ وليس من الممكن ـ تحقيقها انطلاقًا «من هذه الشعارات الجوفاء والمرجعيات العاطفيّة»…. من ثمّة عملت هذه النظريّة ـ ككلّ النظريّات ـ على المرور إلى التطبيق، فكانت زيارة محمّد أنور السّادات الفاتحة «العلنيّة والرسميّة» لمسيرة «سلام»، حين لم يأت هذا «السلام» محصّلة قناعات بين عدوّين، بل وهنا تكمن الخطورة، هو «خيار عربي استراتيجي، لا تراجع عنه»، أي من جانب واحد!!! ممّا جعله مرجعيّة «أخلاقيّة» عديمة القدرة على «إقناع عدوّ الأمس وشريك الحاضر» بتحقيق الحدّ الأدنى المطلوب، ليس من باب تلبية الحقوق التاريخيّة والمشروعة للشعب الفلسطيني، بل من باب انجاز «مسرحيّة السلامّ» وإتمامها على الأقلّ، وفق ما تقتضيه الحدّ الأدنى والمقبول جماهيريّا من أبجديات الدراماتورجيا السياسيّة المعاصرة. تحتاج نظريّة «الضحيّة المستديمة» ـ ككلّ النظريّات ـ جملة ممّن قد نتراوح في تسميتهم بين «المنظّرين» أو «المفكّرين» أو «الكتّاب» أو «أهل الصحافة»، أو حتّى من يمارس دور «الفداوي» [الحكواتي في المشرق أو القوّال في المغرب الأقصى، أو المدّاح في الجزائر]، لا همّ لهم سوى التأسيس أو هو السعي إلى الإقناع بصحّة هذه النظريّة دون غيرها من النظريّات. أيضًا تأتي فرادة هذه المهمّة في السعي الدّائم والمتواصل أو هو أشبه بما يقوم به «طارازان» بين ألياف الأدغال، حين يكتفون بالتفسير والتبرير والإقناع والترويج، دون أدنى قدرة حقيقّة أو حتّى مشاركة [صغيرة وبسيطة] في صنع التصوّر أو ممارسة دورهم «التاريخي» في ما يرون لأنفسهم من حقّ التماهي مع «نظرائهم شكلا» في الغرب عمومًا وفي الولايات المتّحدة الأمريكيّة على وجه الخصوص. هذا الكمّ الهائل ـ بل المفزع عدديّا ـ من «المنظّرين» و«المفكّرين» و«الكتّاب» و«أهل الصحافة»، ومن يمارسون دور «الفداوي»/«الحكواتي»/«القوّال»/«المدّاح»، يتراوحون بين أصحاب اللحى المخضّبة بالحناء والمتدينين على مذهب التسامح والانفتاح ومن مريدي هذا المرجع أو ذلك الآية، والقائلين بالحريّات وقداسة الديمقراطيّة ومن يسار الأمس الذين انقلبوا إلى اليمين راهنًا، أو من اللاّئكيين والمدافعين عن العلمانيّة وغير ذلك من ألوان الطيف السياسي/الفكري/الأيديولوجي القائم، مع وجوب القول والتأكيد على أنّ من هذه بين هذه الجماعات المذكورة جميعها، من يرفض الذلّ ولا يقبل الانصياع ويعمل قدر مستطاعه على الثورة وحمل القلم والسلاح مقاومًا ورافضًا لكلّ أشكال الهيمنة والاحتلال بكلّ أصنافه!!! تبحث مقاولات «استدامة الضحيّة» عن التقاطع مع أبجديات الخطاب «الغربي/العقلاني» أوّلا من باب الرغبة أو السعي لإفهام هذا «الآخر/الجلاّد» أنّهم نظراء وشركاء، على الأقل ضمن المشهد «العلمي والأكاديمي»، ومن ثمّة السعي إلى الإقناع بأنّهم يملكون ـ كما يملك نظرائهم في الغرب ـ قدرة صياغة أو هي صناعة قرار سياسي «وطني/محلّي»، ليكونون بذلك «الشريك الفاعل» ليس فقط على مستوى البحث والسعي من أجل هذه «النهاية المفرحة والسعيدة»، بل ـ وهنا تأتي الأهميّة والخطورة ـ ضمن ما تقتضيه مصلحة «الآخر/الجلاّد/الشّريك» ذاته، حين يمثّلون البديل عن حكّامهم أو على الأقلّ ضرورة إشراكهم في صناعة القرار، حين يكونون «الذكاء» الذي تستحقّه «آلة السلطة» المحليّة، أي بعبارة حديثة هم «السوفت» [soft]، في حين تكون السلطة ـ طبعًا وضرورة ـ أشبه ما يكون بذلك الكمّ من الحديد والبلاستك والرقائق واللوحات الإلكترونيّة الجامد، أيّ «هارد» [hard]. هذه «القيمة المعرفيّة»، التي ترى لها شرعيّة الوجود ومشروعيّة الدور، تبحث عن دلائل الإثبات وفرص الإقناع من خلال «المواجهة» أو السعي الدؤوب والدائم والمستمرّ للانخراط فيها، سواء في تماه مع «جدليّة الصراع القائمة في الغرب منذ الإغريق» أو ضمن مفهوم السلطة القُطريّة المبنى على «السيطرة الماديّة والضبط المباشر»، ومن ثمّة تأتي أزمة الفعل وإشكاليّة التفعيل، سواء في البحث عن مخارج «لغويّة» تستطيع جمع المتناقضات بين مرجعيّة الخطاب الأكاديمية [عِدّة العمل] من جهة ومتطلبات العمل عبر الأدوات القبليّة/الإقطاعيّة، أو ضمن مستويات «المردوديّة الدائمة والمتواصلة أو هي المتصاعدة» التي لا تؤمن الجدليّة الغربيّة بسواها. تنبني نظريّة «الأنا» لدى هذه الجماعة على مبدأ أنّ الفهم والقراءة والقدرة على التحليل والتفسير، تؤسّس جميعها [كما هو الحال في الغرب] لجدليّة الممارسة بل شرعيتها ووجوبها، ضمن «ولاية المثقف»، حين يقولون بعجز «الفقيه/عالم الدين» [بنيويّا وتاريخيّا من خلال ممارسة الولاية] عن التوافق مع الحدّ الأدنى من «الحداثة» وعجز الدولة القطريّة [وريثة الاستعمار] عن تأسيس الحدّ الأدنى [هي الأخرى] من هذه الحداثة… هل تعني «الشراكة في المعرفة [النظريّة]» أهليّة المشاركة في صنع القرار السياسي؟ عن هذا السؤال والإجابة التي يبغي هذا اللفيف من «المنظّرين» و«المفكّرين» و«الكتّاب» و«أهل الصحافة»، ومن يمارسون دور «الفداوي»/«الحكواتي»/«القوّال»/«المدّاح» طرحها، تتولّد المعادلة، مع وجوب التفريق والتمييز والفصل ـ إجرائيا ومنهجيّا ـ بين مستويات الإجابات المتعدّدة، وما تحمل هذه الجماعة، حين يرى أصحابها أنفسهم في مستوى نظرائهم من الغرب، وبالتالي ضرورة أن يمارسوا أو بالأحرى تأدية الدور ذاته، سواء ضمن أوطانهم أو في علاقة بدوائر صنع القرار في الغرب عمومًا وفي الولايات المتّحدة الأمريكيّة على وجه الخصوص. يحاول هذا اللفيف ـ أو جزء منه، من باب الأمانة التاريخيّة والعلميّة والأخلاقيّة ـ إقناع الأنظمة القائمة بأنّ المدخل الحقيقي والوحيد للتأثير في دوائر صنع القرار في الغرب عمومًا وفي الولايات المتّحدة الأمريكيّة على وجه الخصوص، يكمن في أن يتولّوا ـ حصرًا ـ مخاطبة «نظرائهم» في الغرب وفي الولايات المتّحدة، وأنّهم [أيّ هذا اللفيف أو الجزء منه] الأقدر والأجدر والأنفع على القيام بهذه المهمّة في تراوح بين دور الأداة والآلة والوسيط والشريك، ومن ثمّة يصيرون ـ ضمن جميع هذه الحالات ـ في صورة « من لا يجب التخلّي عنه أو مواصلة الدرب بدونه»!!! ضمن هذا المشهد السريالي/العبثي/الدرامي/التراجيدي، تأتي مسألة ما يسمّى «الإرهاب»، لتكون في الآن ذاته نقطة التقاطع وتَكوّن المحكّ الحقيقي لقدرة جماعة «المنظّرين» و«المفكّرين» و«الكتّاب» و«أهل الصحافة»، ومن يمارسون دور «الفداوي»/«الحكواتي»/«القوّال»/«المدّاح»، على تأدية الدور، ليس على مستوى «الحذلقة اللغويّة» والقدرة على «سكّ الكلام» [كمثل سكّ العملة]، بل في تقديم إجابات نفعيّة ومباشرة [ومن ثمّة نافعة وفاعلة] للمأزق الاستراتيجي الذي يعيشه الغرب عمومًا والولايات المتّحدة الأمريكيّة على مستوى علاقتها بما يسمّى «الإسلام السياسي»، حين بدا من كتابات غربيّة عمومًا وأمريكيّة، لا يمكن اتّهامها بمحاباة «المتطرّفين» أنّ إدارة واشنطن تبحث ليس عن تحقيق نصر ـ ما ـ في العراق، بل ـ وهنا تكمن خطورة المسألة ـ في البحث عن «مُخرج» يؤمّن لها «مخرجًا» يمكن تصريفه لدى الشعب الأمريكي [صاحب قرار الانتخاب] في صورة من صور الانتصار، أو هو «أفضل الممكن» الذي لا يمكن أن يشكّل هزيمة… عجز الأنظمة العربيّة القائمة عن تقديم الحلّ المقبول من قبل الإدارة الأمريكيّة، وعجز هذا اللفيف [الفاقد لأيّ فعل مباشر على مجريات الأحداث]، دفعا الغرب عمومًا والولايات المتّحدة الأمريكيّة على وجه الخصوص، إلى الإعداد لحسم المعركة من خلال «الفوضى الخلاّقة والشاملة»، أيّ حسم الولاءات على مستوى الخطاب أوّلا، حين لم يعد من الممكن بأيّ صورة أن يكون المرء في الآن ذاته «صديق الولايات المتّحدة الأمريكيّة وشريكها في صنع [ما يسمّى] السلاّم» من ناحية ويقيم علاقات فاعلة [ولو في المستوى الأدنى] مع من يعلنون رفضًا ـ مهما كان ـ للمشروع الأمريكي. المطلوب من الجميع التباري من أجل القيام بعمليات «انتحارية» من أجل الصالح الأمريكي»!!! من ثمّة جاء الخطاب الرسمي العربي، والدوائر الإعلاميّة السائرة في ركابه، لتجعلنا نكتشف ـ «فجأة» ـ أنّ إيران أخطر على المنطقة من الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وأنّ حركة حماس أخطر على القضيّة الفلسطينيّة من الكيان الصهيوني!!! بل أنّ للولايات المتّحدة الأمريكيّة والكيان الصهيوني وما يسمّى «دول الاعتدال» مصالح مشتركة، أوّلها القضاء، أو بالأحرى السعي للقضاء على ما يسمّى الإرهاب والدول التي ترعاه، ضمن محور يشمل إيران والمقاومة العراقيّة وحزب الله والحركات الجهاديّة في فلسطين… برز الكيان الصهيوني قبيل العدوان على لبنان العام الماضي، في صورة من سيؤدّي خدمة جليلة للولايات المتّحدة الأمريكيّة ومن ورائها «معسكر الاعتدال» في البلاد العربيّة، ومن ثمّة ينقلب الصراع العمودي بين البلدان العربيّة والكيان الصهيوني إلى صراع أفقي بين «محور الاعتدال والخير» من ناحية و«محور الإرهاب والشرّ»… فشل العدوان في تحقيق أهدافه، هزّ قدرة الكيان الصهيوني على الردع، الذي تحوّل من قاعدة متقدّمة في خدمة المشروع الغربي عمومًا والمشروع الأمريكي ويدها الفاعلة والضاربة على وجه الخصوص، إلى «محميّة» يحرس حدودها الشماليّة تشكيلة عسكريّة من دول عديدة، حين وقف جيشها ـ الجرّار والذي لا يُقهر ـ عاجزًا أمام تنظيم استطاع ـ مهما تأتي التفسيرات «العقلانيّة» أو «الغيبيّة» ـ أن يجعل قادة هذا الكيان، يقرّون جهرًا وعلانيّة بالفشل على مستوى القراءة والطرح والقرار والتنفيذ، ومن ثمّة يطرحون أسئلة وجوديّة هي الأكثر إحراجًا منذ النشأة… نلاحظ مهما كانت القراءات، أنّ الهامش المتاح أمام هذا اللفيف من «المنظّرين» و«المفكّرين» و«الكتّاب» و«أهل الصحافة»، ومن يمارسون دور «الفداوي»/«الحكواتي»/«القوّال»/«المدّاح»، بدأ يضيق، ليعلن قطاع واسع أو هو يتوسّع، صراحة أنّه يعادي المقاومة في العراق والحركات الجهاديّة في فلسطين وحزب الله، ليس لما أقدمت عليه هذه التنظيمات من خيارات أو ممارسات، بل معاداتها على مستوى الوجود والماهيّة والكينونة والوظيفة والأصل والجذور!!!! ويعلن أنّ «العنف» عاجز عن تقديم الإضافة أو البديل، لندفع هؤلاء إلى طرح أسئلة واضحة ليس عن الوسائل التي يجب عن حماس إتّباعها من أجل تحقيق السّلام العادل والعاجل والقادر على تلبية المواثيق الدوليّة والقوانين الوضعيّة!!! بل عن البديل الموضوعي ـ كما هو الحال في الغرب والكيان الصهيوني ـ حين يأتي حساب كلّ الاحتمالات…
 

ردّ على ما جاء في رسالة الشيخ “هادي بريك” حول حكم مصافحة الرجل للمرأة الاجنبية

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و من والاه . شيخنا الكريم هادى بريك , هداني الله و إياك إلى الحق, فهذا ردّ مختصر على ما جاء في رسالتك حول حكم مصافحة الرجال للنساء الأجانب , حيث تضمنت ما أعتبره أقوالا شاذة و توجيهات خطيرة ما أنزل الله به من سلطان , و لقد رأيت أنه من الواجب دحض ما جاء فيها من الشبهات , سائلين المولى عز و جل أن يرينا الحق حقا و يرزقنا إتباعه و أن يثبتنا على سنة رسوله و منهج صحابته الكرام. في البداية وددت , شيخنا الكريم , أنك لو أفردت الرسالة بموضوع خاص حول ” حكم مصافحة الرجال للنساء من غير المحارم” , لكان هذا أخف وقعا (رغم ما فيها من شبهات) , و لكن ورودها في سياق قصة استغربت فيها من موقف صاحبها , جعل الرسالة في قالب رد انفعالي و ليس بحث علمي , من ناحية , و أيضا توجيها للقارئ , من خلال سياق القصة , إلى ما تريد أن تصل إليه في نهاية بحثك , بوصمك لذلك الشخص بالغلو, بحيث يكون كل من فعل فعله و لم يصافح النساء هو مغال و متشدد , فهذه دمغجة (لعلها غير مقصودة) للقارئ , و بعد عن المنهج العلمي المعتبر في تناول الأشياء. حكم مصافحة الرجال للنساء: أولا مناط المسألة متعلق بحكم مصافحة الرجل للنساء من غير محارمه, حيث أن هذا يخرج, فيما سنتناوله, حكم مصافحة الرجل للرجل و حكم مصافحة الرجل للنساء من محارمه, و هذا فيه إجماع بجوازه. – ثانيا قلت شيخنا الكريم لو تصفحت بنفسك كتب الفقه التي يتداولها الناس جيلا بعد جيل منذ خمسة عشر قرنا لا تجد فيها مبحثا يعكف على قضية إسمها المصافحة لعلك تتحدث عن المختصرات الفقهية, لأن أغلب المطولات الفقهية المعتبرة قد تحدثت عن هاته المسألة بإطناب و كتب التفسير كذلك, كما سنبين بإذن الله. اعلم , شيخي الفاضل , أنه قد أجمع عامة علماء الأمة من السلف والخلف من الفقهاء والمفسرين وأهل الحديث وغيرهم، على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية ولم يعرف لهم مخالف على مر العصور والأزمان إلا ما قال به بعض المعاصرين من أقوال شاذة بجواز مصافحة المرأة الأجنبية. و سأذكر لك في البداية باختصار و قبل عرض و مناقشة الأدلة , بعض أقوال علماء المذاهب الأربعة المتبعة : المذهب الحنفي : قال صاحب كتاب “الهداية” :”ولا يحل له أن يمس وجهها ولا كفيها وإن كان يأمن الشهوة “. وقال صاحب “الدر المختار”: “فلا يحل مس وجهها وكفها وإن أمن الشهوة المذهب المالكي : قال الإمام ابن العربي المالكي – عند قوله تعالى : {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا}: عن عروة عن عائشة قالت : ما كان رسول الله يمتحن إلا بهذه الآية إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ قال معمر فأخبرني ابن طاووس عن أبيه قال : ما مست يده يد امرأة إلا امرأة يملكها . وقال الإمام الباجي في المنتقى: وقوله– صلى الله عليه وسلم – “إني لا أصافح النساء ” لا أباشر أيديهن بيدي . يريد – والله أعلم الاجتناب ، وذلك أن حكم مبايعة الرجال المصافحة ، فمنع ذلك في مبايعة النساء لما فيه من مباشرتهن ) المذهب الشافعي : قال الإمام النووي الشافعي – في “المجموع”: “وقد قال أصحابنا كل من حرم النظر إليه حرم مسه بالمس أشد ، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها وفي حال البيع والشراء الأخذ والعطاء ونحو ذلك ، ولا يجوز مسها في شيء من ذلك”. وقال أيضاً في شرحه على “مسلم“: “فيه أن بيعة النساء بالكلام وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة وأن صوتها ليس بعورة وأن لا يلمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة كتطبيب وفصد“. المذهب الحنبلي : قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى” : “ويحرم النظر بشهوة إلى النساء والمردان ومن استحله كفر إجماعاً ويحرم النظر مع وجود ثوران الشهوة وهو منصوص الإمام أحمد والشافعي .. وكل قسم متى كان معه شهوة كان حراماً بلا ريب سواء كانت شهوة تمتع النظر أو كانت شهوة الوطء واللمس كالنظر وأولى” وقال ابن مفلح في “الفروع”: “فتصافح المرأة المرأة والرجل الرجل والعجوز والبرزة غير الشابة فإنه يحرم مصافحتها ذكره في الفصول والرعاية” وقال في “كشاف القناع”:” سئل أبو عبد الله (يعني الامام احمد) عن الرجل يصافح المرأة قال : لا ، وشدد فيه جدا قلت : فيصافحها بثوبه قال : لا و لولا خشية الإطالة لنقلت لك , شيخي الكريم , أقوال عشرات العلماء من السلف و المحققين حتى يتبين لنا الاجماع في تحريم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية. أما الأدلة المستقات من الكتاب و السنة على ذلك فهي : 1/ حديث معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له” ( رواه الطبراني والبيهقي. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات , كما أخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة) , هذا الحديث فيه دليل صريح بحرمة مس المرأة الأجنبية , ولا شك أن المصافحة من المس . و أما ما ذكرته من أن المس هنا يراد به الجماع و أن هذا الحديث يعارضه ما هو أقوى منه فهذا باطل من عدة وجوه : – المس في لغة العرب (كما ذكره الراغب الأصفهاني في المفردات ) اللمس: إدراك بظاهر البشرة كالمس ويعبر به عن الطلب، والمس يقال فيما يكون معه إدراك بحاسة اللمس , هذا هو المعنى الأصلي , وقال ابن منظور في اللسان: يقال مسست الشيء أمسه إذا لمسته بيدك. وبذلك تعلم معنى قوله تعالى لا يمسه إلا المطهرون . و للمس معاني مجازية ,فقد يكنى به عن الجماع ومقدماته وعلى هذا حمل قوله تعالى: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ {البقرة:237}، كما يكنى به عن الجنون وعن كل ما ينال الإنسان من الأذى، كما في قوله تعالى: يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {البقرة:275}، وقوله تعالى: وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ {البقرة:80}، وقوله تعالى: مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء {البقرة:214} و النصوص في الشريعة تحمل على المعنى الحقيقي , و لا تحمل على المجاز إلا باحتفاء قرينة واضحة تصرف المعنى المراد عن المعنى الظاهر , و إذ لا توجد قرينة واضحة الدلالة في هذا الحديث تصرف معنى المس إلى الجماع , لذلك فالأصل أن يحمل ذلك على المعنى الحقيقي للفظ كما ذكرناه , و لا يتكلف التأويل. و في رواية للروياني في مسنده بلفظ : “لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن تَمَسّه امرأة لا تحل له” . و هذا مما يقوي من دلالة المس على المعنى الحقيقي. و قد فسر علماء السنة الحديث بِمجرّد اللمس . قال ابن حجر : باب ترك ملامسة المرأة الأجنبية .. ثم أورد تحته أحاديث في ترك مبايعته صلى الله عليه وسلم للنساء مصافحة . وقال المناوي : وإذا كان هذا في مجرّد المس الصادق بما إذا كان بغير شهوة ، فما بالك بما فوقه مِن القبلة ؟ وقال الدكتور سعيد رمضان البوطي في فقه السيرة ص 431 : ( ولا أعلم خلافاً بين العلماء في عدم جواز ملامسة الرجل بشرة امرأة أجنبية ) – و أما درجة الحديث فقد أخرجه الطبراني و البيهقي و الهيثمي و المنذري و حسنه الالباني (كما ذكرت أعلاه) , و هو لا يعارض أي حديث في الصحيح , بل بجمعه مع ما جاء في الصحيح (مما سنرى لاحقا من الادلة) يقوي ما ذكرناه من التحريم. – و اما ما ذكرته من أن أم حرام أم حرام زوج إبن الصامت عليهما الرضوان كانت تفلي رأسه عليه الصلاة والسلام فهذا حقا من عجيب ما قرأت في الاستدلالات !!! فأم حرام هي إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ( كما ذكره ابن عبد البر عن ابن وهب ) و قد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقيل عندها ، و ينام في حجرها ، و تفلي رأسه , و هل يعقل أن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام أن يفعل كل ذلك لولا أنها كانت منه ذات محرم ؟؟؟؟؟ 2/ عن عائشة رضي الله عنها قالت:” والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط إلا بما أمره الله تعالى، وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن البيعة: “قد بايعتكن كلاما“. متفق عليه واللفظ لمسلم , كما ثبت قوله عليه الصلاة و السلام إني لا أصافح النساء و هذا دليل صريح آخر على التحريم , و ليس مجرد ترك للمصافحة كما ذكرت !!! و ذلك من عدة وجوه : – هذا مقام بيعة و البيعة لا تثبت إلا بالمصافحة : قال ابن عبد البر : وأما مد اليد والمصافحة في البيعة ، فذلك من السنة المسنونة فعلَها رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون بعده ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء فلو كانت مصافحة النساء جائزة لصافحهنّ لتثبيت المبايعة. – افتخار الصحابة رضي الله عنهم بِمصافحة النبي صلى الله عليه وسلم و بل حرص التابعين على مصافحة من صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإذا كان ذلك كذلك فهل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحرم نساء الصحابة , أعظم نساء على وجه الأرض, من ذلك الشرف ، لمجرد الترك ؟؟؟؟؟ مع أنه عليه الصلاة والسلام ما خير بين أمرين إلاَّ اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثما ، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه . ثم إنه عليه الصلاة والسلام كان يكره أن يواجه الناس بأمر فيه سعة . فلم يكن رسول الله ليرد أيدي الصحابيات ويكف يده عن مصافحتهن لمجرد ترك الفعل !!!! مع ما في ذلك من كسر لنفوسهن ، فلو كان في المصافحة سعة لَما كف يده الشريفة عليه الصلاة والسلام عن مصافحة النساء . فعلم أن تركه عليه الصلاة والسلام مصافحة النساء لم يكن لمجرد الترك، بل لأنه كان إثما . يقول الله تعالى : ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا قال الشيخ محمد بن علي الصابوني في روائع البيان ( 2/ 264 ) : ( أقول الروايات كلها تشير إلى أنّ البيعة كانت بالكلام ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صافح النساء في بيعة أو غيرها ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند ما يمتنع عن مصافحة النساء مع أنه المعصوم فإنما هو تعليم للأمة وإرشاد لها لسلوك طريق الاستقامة ، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الطاهر ، والفاضل ، الشريف الذي لا يشك إنسان في نزاهته وطهارته ، وسلامة قلبه لا يصافح النساء ويكتفي بالكلام في مبايعتهن مع أنّ أمر البيعة أمر عظيم الشأن فكيف يباح لغيره من الرجال مصافحة النساء مع أنّ الشهوة فيهم غالبة ، والفتنة غير مأمونة ، والشيطان يجري فيهم مجري الدم ؟! ) .    3/ قد ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال و اليد زناها اللمس  ( صححه غير واحد من أهل العلم .قال ابن كثير في تفسيره : وفي الحديث الصحيح : واليد زناها اللمس . وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة . وصححه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريج أحاديث مسند الإمام أحمد ) و هذا الحديث لا يحتاج جهدا في الدلالة على صراحته ثم أنه إذا علمنا أن المؤمن مأمور بغض البصر خوف وقوع الفتنة , و النساء مأمورات بعدم الخضوع في القول , فما بالك , شيخي الكريم , بالمس و المصافحة, يقول العلامة الشنقيطي في تفسيره (أضواء البيان) : قدّمنا أنّ المرأة يجب عليها أن تحتجب و أمر بغض البصر خوف الوقوع في الفتنة ، ولا شك أنّ مسّ البدن للبدن أقوى في إثارة الغرائز، وأقوى داعياً إلى الفتنة من النظر بالعين وكل منصف يعلم ذلك ( الأضواء : 6/ 603) و يقول في موضع آخر : ( اعلم أنه لا يجوز للرجل الأجنبي أن يصافح امرأة أجنبية منه ، ولا يجوز له أنْ يمس شيءٌ من بدنه شيئاً من بدنها ) لكن المؤسف , شيخي الفاضل , أن انتشار مصافحة النساء الأجنبيات أصبح من المنكرات التي تفشت بين الناس وأصبح من ينكرها ينظر إليه على أنه سيئ النية أو أنه تشدد في الدين , رغم إجماع العلماء كما ذكرت لك في تحريم ذلك , و لكن لا حول و لا قوة إلا بالله. تقول شيخي الكريم إنما أدعو إلى حسن فقه الإسلام عقيدة وشريعة وخلقا لئلا نتورط في تدين مغشوش مخيف لا ينفع الدعوة ولا يقنع عقلا معاصرا ولا يهدي قلبا حائرا بالأمل في رحمة الرحمان سبحانه.” و أقول لك : حسن فقه الإسلام يوجب علينا إتباع رسول الله عليه الصلاة و السلام و عدم رد مسائل قد أجمع عليها السلف و أهل الفقه و أرباب المذاهب , و أما الخروج عن ذلك بدعوى العقل المعاصر فهذا هو عين التدين المغشوش و هو الطريق المخيف : طريق إتباع ما تشابه منه. و لقد بلغ تعجبي مبلغا كبيرا عندما قلت : “لقد يسرت لي أقدار الرحمان سبحانه أن أعيش ما يقارب ثلاثة أسابيع قبل عقد ونصف في الخرطوم مع أبناء الحركة الإسلامية هناك أعني أكبر فصيل الجبهة القومية الإسلامية بزعامة الدكتور الترابي فرأيت يسر التعامل بين النساء والرجال مصافحة وجلوسا وحديثا ومرحا بريئا هادفا وتعاونا في كنف الحياء والحشمة والوقار والإلتزام بالزي الإسلامي الساتر. لقد أعجبني المشهد إعجابا شديدا و إني أرى أنك قد ذهبت بعيدا في ذلك , فأهل العلم مختلفون في جواز السلام (بالكلام ) من عدمه على النساء الأجنبيات , فما بالك بالجلوس و المرح : ” والرجال مصافحة وجلوسا وحديثا ومرحا بريئا” , غفر الله لي و لك. قال ابن بطال عن المهلب قال: سلام الرجال على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة. وذهب الجمهور إلى جواز التسليم على العجائز دون الشابات لخوف الفتنة بحق الشابات وانعدامها في العجائز. قال النووي: وأما الأجنبي فإن كانت عجوزا لا تشتهى استحب له السلام عليها واستحب لها السلام عليه، ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزا تشتهى لم يسلم عليها الأجنبي ولم تسلم عليه، ومن سلم منهما لم يستحق جوابا. وقال العلامة الخادمي رحمه الله في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة. وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها ـ أي على الشابة ـ لم ترده دفعا للمفسدة. ونص فقهاء الشافعية على حرمة ابتداء الشابة الرجل الأجنبي بالسلام، وكذا ردها عليه، وكرهوا ابتداء الرجل لها بالسلام، وعللوا التفريق بينها وبينه أن ردها عليه أو ابتداءها له مطمع له فيها.

وهذا في مجرد إلقاء السلام أو رده، والكلام الذي لا ريبة فيه. فما بالك بما فوق ذلك , شيخي الفاضل. ولا شك أن المزاح بين الشباب والشابات من أكبر دواعي الفتنة، وقد روى الشيخان واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. ” بل انظر حتى مع الأقارب من غير المحارم , ففي الصحيحين من حديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.” والحمو أخو الزوج أو قريبه.

أرجوا أن يكون قد اتسع صدرك لهذا الرد , فلا أبغي منه إلا وجه الله و تبيان الحق و أسأل الله للجميع علماً نافعاً ،وعملاً صالحاً ، وتوفيقاً دائماً وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين. أخوكم أبو الوليد التونسي

 

 

 

الإمام القرضاوي : آخر مجدد لآخر مائة.  ( الجزء السابع ).

 
مواصلة مع التحدي السياسي : السياسة الشرعية الإسلامية ودعائمها عند الإمام : إذا كانت السياسة ـ كغيرها من حقول مناشط الإنسان فوق الأرض ـ يوجهها الدين ( الإسلام ) فإنها تسمى سياسة شرعية أي منضبطة بأصول الدين ومقاصد الشريعة ومكارم الإسلام إذ السياسة هي رعاية مصالح الناس من خلال الملك والخلافة اللذين يهدفان إلى إقامة الدين وسياسة الدنيا به. وهو مصطلح قديم في الحقيقة وللعلماء والفقهاء والمجتهدين في السياسة الشرعية كتب مقررة من مثل الماوردي أي الأحكام السلطانية وفي المال والإقتصاد كتاب الخراج لأبي يوسف فضلا عن مؤلفات إبن تيمية وإبن القيم من مثل الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لإبن القيم وكتاب مماثل بناه الإمام إبن تيمية على قوله سبحانه في الآية الدستورية الأصل في سورة النساء ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا “. على أن الذي إنبرى له مشروع الإمام القرضاوي ففصل فيه القول وحرر فيه الخلاف هو بناء أسس جديدة معاصرة لفقه السياسة الشرعية ( وذلك هو موقع تجديده على معنى أن التجديد هنا وفي مشروعه جملة دون تفصيل هو نفض الغبار وإزاحة التراب عن ذخائر ولآلي وكنوز فقهية عظيمة سطرها فقهاء الأمة يوم كنا خير أمة ). وقبل التذكير السريع بتلك الأسس دعنا نعيش معه لحظات في تحريره لقضية تلبس الدين بالسياسة في ذهن العلمانيين وكثير من المسلمين تلبسا لا يؤدي إلا إلى الفرار من الإسلام بسبب إبتلاعه للحرية الفكرية ومصادرته للإجتهاد السياسي تماما بمثل ما فعلت الكنيسة في أروبا أو إلى إستيلاء الإسلام على السياسة والحياة العامة كلها بما يجمدها ويقتلها ويقودها يوما بعد يوم إلى قانون الإندثار بسبب مصادمة سنن الحركة والتطور والتجدد والنظر. بنى الإمام التصرف السياسي من لدن الأمة وسيما أهل الرأي والفكر والإجتهاد فيها على قاعدة ذهبية هي : الجمع بين النصوص الجزئية في القرآن الكريم والسنة النبوية ( أي المتعلقة بتلك الشؤون خاصة ) وبين مقاصدها هي تحديدا والمقاصد الإسلامية العظمى كلية وغيرها بصفة عامة وبذلك تضمن الأمة الحسنيين : حسنى التشبث بهويتها ودينها لكونه دينا شاملا كاملا جامعا لا يند عنه شيء في حياة الإنسان وحسنى مواكبة التطور وملاحقة الإجتهاد الذي هو فريضة كفائية يؤجر حتى المخطئ فيها فضلا عن المصيب بما يجعل الأمة دوما خير أمة أخرجت للناس شاهدة عليهم بالتفوق العلمي والكثرة العددية والقوة المدنية والعسكرية والميزان الأخلاقي الحاكم وغير ذلك مما هو معروف من أدوات الشهادة على الناس بالحق والعدل والقسط. وبذلك يجد المجتهد المسلم في السياسة الإسلامية ( وليس في الإسلام السياسي وهو مصطلح مرفوض بحسب الإمام ) دوره ومكانه ليمارس حريته الفكرية وتميزه عن غيره دون ضرورة إلى إستجلاب العلمانية كما يجد المقلد المسلم ( رغم أن إبن حزم يحرم التقليد مطلقا ) أو العامي في ذلك مكانته ودوره بحسب ما يستوعبه ذهنه دون حاجة إلى القول بفصل السياسة عن الإسلام ولا بموت الإجتهاد الإسلامي حين يلامس تخوم السياسة. يستعرض الإمام في ذلك مدارس ثلاثا : ـ واحدة نصية حرفية ماتت وجمدت على النصوص حابسة نفسها عن فهم مقاصدها والمقاصد العظمى للإسلام وعن حسن فقه مآلات تطبيق أي حكم من أحكامها بحثا عن ذريعة تجلب خيرا وسدا لآخرى تفضي إلى شر وهذه المدرسة التي أسسها الخوارج قديما ظلت تظهر على الأمة من حين لآخر فكانت بعض بصماتها في النزعة الظاهرية ولكن تمتاز الظاهرية عنها بالفقه حتى مع سقطاتها وهي في كل الإحوال بسبب عدم قابليتها وفق منهاجها ذاك للتطور والتجدد لا تصلح للإجتهاد السياسي المعاصر. ـ وثانية تدعي المقاصدية والإجتهاد ولكن يغلب عليها التسيب والتفصي من تكاليف الدين وسمتها أن تلغي النصوص جزئيا أو كليا بحسب إنتمائها الفكري أو غلبة ذلك الإنتماء ( الإسلام أو العلمانية ) محكمة لمقاصد الشريعة ومحاسن الإسلام منتسبة في بعض شذوذها إلى الفاروق عمر عليه الرضوان حتى آلت إجتهاداتها إلى نقض أصول إسلامية كثيرة في العقيدة والخلق والعبادة والمعاملة بدعوى مراعاة التطور وملاحقة النماء والحضارة والرقي وهي في العموم مدرسة يغلب عليها الإنبهار بالوافد الغربي بمثل ما يغلب على المدرسة الأولى الإنبهار بالموروث الإسلامي وكلاهما في تجاهل مريع لوصية ذهبية لسيد المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام يقول فيها ” لا يكن أحدكم إمعة ” إذ الإمعية هي داء وبيل في الشخصية الفردية والجمعية يجعل الإنسان تابعا لهذا أو ذاك غير مستقل التفكير يستفيد من كل إجتهاد ثم يبني لنفسه خطا فيه الإشتراك دون شك ولكن فيه أيضا الإختلاف بمثل ذلك الإشتراك. ـ ثم ينتهي الإمام بعد مراجعات ومداولات ومحاورات مطولة فيما يشبه حربا ضروسا سنانها القلم وقوة الحجة إلى أن المنهج الإسلامي الوسطي المتوازن المعتدل المقبول الكفيل بالجمع بين الماضي والحاضر هو الذي يقوم على حسن الجمع بين النص الثابت وهو دليل جزئي بتعبير الفقهاء وبين المقصد الجزئي أو العام وهو دليل كلي مع مراعاة فقه المآل سيما في المجالات التي تقل فيها النصوص ا لجزئية إلى حد كبير جدا من مثل السياسة والإقتصاد وغير ذلك وتلك هي أكبر إشارة وأروع توجيه لمن له عقل ولب من لدن الوحي مفاده أن ندرة النصوص في القضية السياسية والمالية معناه التعويل على المقاصد دون دهس النصوص. كما يضرب لذلك أمثلة يضيق عنها المجال هنا وتراجع في مظانها من كتبه حول السياسة الشرعية ومقاصد الشريعة وغيرها. أما المرتكزات التي يبني عليها الإمام السياسة الشرعية في الإسلام فهي بإختصار دون تحليل : 1 ـ فقه النصوص الشرعية في ضوء المقاصد الكلية. أي فقه الأحكام وفقه المقاصد. 2 ـ فقه الواقع. ومنه فقه الضرورات والحاجات وفقه الأقليات. 3 ـ فقه الموازنات. ومن مبانيه فقه الإستصلاح والإستحسان. 4 ـ فقه الأولويات أو مراتب الأعمال. 5 ـ فقه التغيير. أو فقه سنن التغيير وأسباب الرقي وأسباب الإنحطاط. 6 ـ فقه الحوار والإختلاف أو فقه الإئتلاف. 7 ـ فقه الجماعة أي الأمة وأولوية ذلك على فقه الأفراد لأسباب معاصرة معلومة. 8 ـ فقه منهج التيسير وفقه منهج التدرج والتحرر من الإلتزام المذهبي. إجتهاد الإمام في المصلحة : معلوم أن الإمام بعد دراسته لإجتهاد الإمام الغزالي في المصلحة ثم للإمام الشاطبي ( المقصود بها المصلحة المرسلة التي لم يعتبرها الشارع ولم يلغها ) أضاف إجتهادا جديدا تمثل في الأمور التالية : 1 ـ إنتصاره للشاطبي الذي يقول بأن ضوابط المصلحة هي : معقولة المعنى وملائمة لمقاصد الشرع وراجعة إلى حفظ ضرورى أو حاجي وذلك على حساب الغزالي الذي يقول بأنها : ضرورية وكلية وقطعية. 2 ـ مع ذلك الإنتصار زاد الإمام القرضاوي شرطا رابعا هو : أن تكون المصلحة يقينية لا موهومة وهو بذلك يرد على المدرسة التي تدعي المقاصدية من متسيبي العلمانية وبعض الإسلاميين من الذين يتعجلون في تعيين مصلحة دون يقين وحسن تحر وتحقيق من مثل قولهم بإلغاء حرمة الربا ( ربا النسيئة البين في مثل فوائد البنوك الربوية ) رعاية لمقاصد نماء المال وتحقيق الرفاه ورغد العيش وغير ذلك. 3 ـ مخالفته في الجملة لإجتهاد الإمام الغزالي في المصلحة بسبب تضييقه لمجالها بما لا يستوعب حاجات عصرنا الحاضر إذ المصالح لا تقتصر على الضروري فرب مصلحة حاجية تيسر على الناس حياتهم تشد من أزر المصالح الضرورية العظمى ورب مصلحة جزئية لا كلية تفعل كذلك. فكان إجتهاده في قضية المصلحة وهي أم الإجتهاد المقاصدي بدون منازع أبدا مبنيا على التوسيع من ناحية لإستيعاب حاجات العصر وعلى المعاصرة من ناحية أخرى للغرض ذاته وعلى تحري اليقين وعدم الوقوع تحت التأثير الغربي القاحط الساخط من ناحية ثالثة. وبالخلاصة فإن مبحث السياسة الشرعية كان ضروريا لدفع شبهات الفصل بين الإسلام وبين السياسة وشبهات الطبيعة الدينية ( التيوقراطية ) للدولة الإسلامية وشبهات عدم الوصل بين ثابت هو الدين ومتحرك هي السياسة وقد بين الإمام في هذه النقطة المهمة جدا أن الدين ليس كله ثابت والسياسة ليست كلها متحركة. فما كان ثابتا من الدين في القضية السياسية التي يوجهها ويرعاها لم يتعد تقرير المبادئ العقدية والفكرية والخلقية والسلوكية العظمى التي تحمي الإنسان من نفسه قبل أن تحميه من غيره وما عدا ذلك فإن الناس أحرار تمام الحرية في إختيار نظامهم السياسي إذ حتى الخلافة التي يظن الناس ـ المسلمون والإسلاميون ـ أنها نظام حكم ليست كذلك ونظام الحكم في الإسلام هو عبارة عن مجموعة من تلك القواعد المقاصدية الكبرى التي تتسع في كل زمان وكل ومكان لتنزيل إجتهادي من الناس بما يرعى مصالحهم وبذلك لا نحتاج إلى إستيراد العلمانية أو ما شابهها كما لا نحتاج إلى رهن الإجتهاد السياسي أو غيره في يد فقيه أو إمام أو حاكم أو مجتهد يشكل إكليروسا إسلاميا جديدا. وما كان متحركا في السياسة فإن الإسلام يلجه بمقاصده الخلقية العظيمة وتوجيهاته العقلية الحكيمة وما كان منها ثابتا تحكمه أصوله الثابتة. كما كان ذلك المبحث الذي إهتم به الإمام ضروريا لتفصيل المرتكزات الأساسية لقيام دولة إسلامية مدنية شورية ديمقراطية تجمع بين أصول الإسلام ومتطلبات المعاصرة دون إخسار في الهوية الإسلامية للأمة الإسلامية ولا طغيان مادي أو علماني عليها. الإسلام وحقوق الإنسان : لعل أنكد زمان على المسلمين ( بسبب تفرق وحدتهم بعد إعتصام وغياب الحرية عن ديارهم ) أن يوضعوا في قفص الإتهام بمثل ماهم عليه اليوم بدعوى أن دينهم إن بتاريخه أو بأصوله لا يتفق مع منجزات البشرية في حقوق الإنسان بمثل ما تفتقت عنه المواثيق الدولة الشهيرة فيما سمى بعصر الأنوار في إثر سكون الحرب العالمية الأولى والثانية وظهور الحلفاء على المحور. يكون ذلك بالتأكيد أنكد زمان بسبب أن الإسلام إنما قام على تحرير الإنسان ـ كل إنسان ـ من حلقات سجن كثيفة وكثيرة أولها هواه الذي يتخذه بعض الناس ” إلهه “. ما قولك في إنسان عاقل قرأ القرآن الكريم مرة واحدة في حياته بأي لغة كانت؟ ألا يخرج بخلاصة متينة لا تزاحمها خلاصة في أن الإسلام لكثرة حديثه عن الفرعونية والهامانية والقارونية وجنودها جميعا في القصة والمثل والأمر والنهي وغير ذلك .. إنما نزل برسالة واحدة للناس عنوانها الأسنى هو : أنا ربكم الذي خلقكم أحرارا مستاوين فلا يملك لكم أحد من دوني ضرا ولا نفعا ولا خيرا ولا شرا فلا تركعوا لسواي ولا تسجدوا لغيري ولا تجعلوا من أنفسكم بهوان أنفسكم عليكم لطمع في دنيا عبيدا لغيري لئلا تشقوا. لعمري لئن خرج قارئ القرآن الكريم مرة واحدة في حياته بدرس آخر غير ذلك الدرس أو حتى بجانبه مما ينافسه .. فإن خللا ما طرأ إما في القارئ أو في المقروء. ناقش الإمام هذه القضية مؤكدا على كلياتها التالية : 1 ـ مجال حقوق الإنسان في الإسلام يقوم على مبدإ المساواة والتوازن معا بين الحقوق والواجبات. وذلك بخلاف مبنى القضية في الحضارة الغربية وذلك هو مظهر من مظاهر حولها. 2 ـ حقوق الإنسان في الإسلام فرائض مفروضة على الأمة أفرادا وجماعات كل فيما يليه وذلك هو سر عدم ورود كلمة حقوق إنسان في الإسلام وذلك بخلاف مبناها هناك : حق الفرد والأمة في الإسلام فرض ليس متروكا للتبرع بالتنازل لأنه بذلك يضيع واجبا يتحتم إسداؤه لصاحبه. وشتان بين حضارة تجعل من الحق فرضا لا بد من تأديته لصاحبه وبين أخرى تجعل منه مزية يمكن التنازل عنها والتنازل عنها يعني حرمان صاحبها في الطرف المقابل من قبض حقه. 3 ـ لك أن تنظر في المحرمات والمنهيات والكبائر والفواحش وكل ما شدد الإسلام على عدم قربانه أو عدم الإختلاط به. ستجد أنها هي ذاتها منابع ما سماه الغرب حقوق الإنسان. أنظر في كبائر مثل : الشرك التي يقابلها هناك ـ بثقافتهم هم طبعا ـ حق الإنسان في حرية التفكير المطلق بما في ذلك التفكير في الإلهيات والغيبيات. عقوق الوالدين التي يقابلها هناك حق الإنسان في الأسرة والكفالة والرحمة وتقدير الماضي. الإجهاض الذي يقابله هناك حق الإنسان في الحياة وفي الإستمتاع بالذرية ورفع الذكر وتواصل نسله من بعده. قتل النفس الذي يقابله هناك حق الحياة. أكل مال اليتيم الذي يقابله هناك حق الضعيف في الحياة الكريمة وفي كفالة المجتمع. تطفيف الكيل الذي يقابله هناك حق الإنسان في ماله وفي المال الحلال عامة وفي الحماية من ظلم القوي.قول السوء الذي يقابله هناك حق الإنسان في الخلق الشريف وحقه في الحماية من النقد الظالم وتشويه السمعة والعرض والحماية من الزور والبهتان. نقض العهود والمواثيق التي يقابلها هناك حق الإنسان في الأمن النفسي والأمن الغذائي وحرية التصرف بحرية وبدون ظلم. الزنا الذي يقابله هناك حق الإنسان في صون عرضه وعرض أهله فضلا عن حقوق أخرى كثيرة تترتب عن الحماية من الزنا. الربا ويقابله هناك حق الإنسان في جهده وعمله وماله وحمايته من ظلم الغني. السحر ويقابله هناك حق الإنسان في الحرية الفكرية وحماية عقله وحقه في الكسب النظيف وحق المجتمع كله في الحماية من التبطل والتكسل والتعطل بإسم التجسس على الغيب.القذف ويقابله هناك حق الإنسان ذكرا وأنثى في حماية عرضه ونفسه وبيته من الكذب. ولك أن تواصل مع كل ما نهى عنه الإسلام نهيا قاطعا ثابتا لتلفى بأنه حق من حقوق الإنسان بلغة العصر ولكنه حق يقابله واجب فإن تنوزل عن الحق ضاع الواجب. 4 ـ من مظاهر ذلك التوازن في الحقوق نفسها : التوازن بين الحقوق المعنوية والحقوق المادية بخلاف الحضارة الغربية التي لا تلقي بالا ولا تكاد تأبه للحقوق المعنوية إلا بما يتصل بالحقوق المادية من مثل حق النشر وغير ذلك. وكذلك التوازن بين الحقوق الفردية والجماعية وذلك بعدما ظهر لكل ذي عينين بأن الأشتراكية التي حرصت على الحقوق الجماعية على حساب الفردية آلت إلى فرار أهلها منها وأن الرأسمالية التي قدمت الحقوق الفردية على الجماعية آيلة لذات السقوط إن شاء الله تعالى. كما تولى الرد على أبرز الشبهات التي يؤاخذ عليها الإسلام من لدن عبيد الفكر الغربي : 1 ـ الحرية الدينية : ويقصدون بذلك خاصة قضية الردة. مؤكدا على أن جزئية الردة يجب أن تفهم ضمن الأصل الجامع المصرح به تصريحا في أكثر من موضع من القرآن الكريم أي نفي الإكراه. مذكرا دوما بخطر الردة التي أودت ببلاد إسلامية كبيرة عريقة هي أفغانستان بسبب أن دمار البلاد من جراء الحروب المتواصلة على مدى عقود طويلة جاء في إثر إبتعاث الدولة هناك لمجموعة من الطلبة إلى موسكو فعادوا شيوعيين فأستولوا على السلطة بالقوة فقامت المقاومة الإسلامية ضدهم ثم توالى الإقتتال حتى اليوم. يؤكد الإمام دوما عندما يتحدث عن الردة على ذلك المثال الحقيقي الرائع لخطر الردة. فلا علاقة إذن لمعالجة الإسلام لقضية الردة بالحرية الدينية المضمونة في الإسلام إبتداء. كما لا يتفق الإمام مع أكثر الإجتهادات الفكرية والسياسية المعاصرة التي تقول بأن حرب الردة التي قادها خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام أبوبكر عليه الرضوان كانت عملا سياسيا أو هي ردة سياسية أكثر مما هي ردة دينية بسبب أن الخلاف فيها كان حول الزكاة وليس حول الصلاة. وأورد لذلك آيات قرآنية كثيرة تقرن بين الصلاة والزكاة في حالي السلم والحرب سواء بسواء. فهي ردة دينية حتى لو تعلقت بحق الدولة في الزكاة. 2 ـ حرية المرأة : آمل أن أخصص قضية المرأة عند الإمام بشيء خاص لأهمية المسألة. أورد الإمام هنا مظاهر المساواة في القرآن الكريم وفي السنة بين الرجل وبين المرأة من مثل فريضة الولاية ” والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ” وفرائض أخرى كثيرة وردت في آية الأحزاب ” إن المسلمين والمسلمات … ” فضلا عن المساواة في المصدرية والرسالة والمآل. كما أورد تعامل الخلافة الراشدة مع المرأة حيث عين الفاروق عليه الرضوان الشفاء أمينة على السوق أي رئيس بلدية العاصمة بالتعبير المعاصر وإجازة أبي حنيفة القضاء للمرأة في غير الجنايات ( بسبب ما فضل الله به بعضنا على بعض كما ذكر في موضع آخر أي فضل المرأة على الرجل بغلبة العاطفة إستجابة لدورها أمومة وغير ذلك وفضل الرجل على المرأة بغلبة العقل ( العقل المكتسب وليس أصل المنحة العقلية الفطرية ) إستجابة لدور القوامة ) وإجازة الطبري ( شيخ المفسرين ) والظاهرية القضاء مطلقا فضلا عن تولي كل الوظائف ما عدا الإمامة العظمى أي خليفة بالتعبير القديم ولا يدخل في هذا رئاسة الدولة لإنها ليست خلافة عامة. وذلك فضلا عن حق الإنتخاب والتصويت والترشح والإختيار وغير ذلك من الوظائف السياسية. منتصرا في قضايا الأحوال الشخصية لإبي حنيفة في تجويزه تزويج المرأة نفسها بدون ولي.كما أجاز بعض الفقهاء مسك المرأة للعصمة في يدها فضلا عن حقها في الطلاق وهو الخلع أو الفداء. كما أجاز بعض الفقهاء إشتراط عدم الجمع عليها. كما حصر القوامة في قضية البيت الأسري وليس خارجه كما هو واضح من سياق الآية وفرض الشورى في البيت وضرب الوحي لذلك مثل الرضاع. ومعلوم أن العلمانيين اليوم وعبيد الفكر الغربي عامة يطنطنون حول عدم المساواة في الإرث وبين الإمام أن المساواة في الإرث مع إختلاف أدوار كل من المرأة والرجل ضمن الرسالة الواحدة المتساوية بينهم هو عين الظلم والجور. بينما يكون التشريع الرباني هنا بإتجاهه نحو عدم المساواة في الإرث هو عين العدل نتيجة لإختلاف الأعباء. ولكن الأعور لا يمكنه النظر بعينين فحمدا لله وحده على سلامة البصر والبصيرة. 3 ـ حرية الشذوذ الجنسي : كثيرا ما يورد الإمام هنا مقتطفات مطولة من الأناجيل التي يزعم المسيحيون على إختلاف مللهم ونحلهم وطوائفهم التمسك بها وهي ثلاثة معتبرة عندهم ( حنا ومرقص ومتى) مبينا أن رفض الشذوذ الجنسي سبقت به المسيحية واليهودية قبل تحريفهما الإسلام سبقا تاريخيا وإلا فإن كل الإديان السماوية الثلاثة إسلامية في الحقيقة عقيدة وإن إختلفت جزئيا شريعة. كما يورد مواقف مشرفة لكثير من الأساقفة والقسيسين والمؤسسات الكنسية العربية والغربية في هذا المجال ليحاج به عبيد الفكر الغربي. وفي الآن ذاته يقطع بكل حزم وجزم وشجاعة بحرمة كل ذلك في الإسلام مبرزا أنه مخالف للفطرة البشرية بل والحيوانية كذلك نفسها وهو دليل إنهيار خلقي مريع يكشف عن تسريع وتيرة الإنحدار الحضاري الغربي لولا ما يمسكه من إنجزات أخرى عبقرية عظيمة من مثل التعصير الإداري والحريات السياسية والإعلامية وغير ذلك مما لسنا بصدده الآن. 4 ـ حرية الأقليات : وقد ورد فيها ما يكفي ربما في الورقات السالفة. وبالخلاصة فإن الإسلام كان أحرص الأديان على حقوق الإنسان التي رفعها إلى مصاف الفريضة التي يعاقب تاركها وليس مجرد حق يتنازل عنه صاحبه ليفقد الطرف المقابل ما ينتظره منه ولكن حرص الإسلام ذاك كان منسجما مع عقيدته التوحيدية ونظرته للحياة والإنسان والموت بما يضمن للإنسان سعادته في الآجلة والعاجلة ويلبي طلباته المادية والمعنوية معا ويجعله فردا مكرما ضمن جماعة مسؤولة وبإستقلال وتميز عن ” المغضوب عليهم ” من جانب وعن ” الضالين ” من جانب آخر. وهي حقوق لم تقرر نظريا على الورق ثم ماتت ولكن تجندت لها حضارة إسلامية عريقة عظيمة مازال عقلاء الغرب وباحثوهم يشيدون بها ويبنون عليها نظرياتهم في كل مجال وحقل ولكن تأخر المسلمين وإنحطاطهم أولا ثم إنفتاح أبوابهم للإحتلال العسكري والغزو الفكري وإنحلال آخر رمز لوحدتهم قبل قرن كامل تقريبا جعل منهم فريسة سائغة لولا أن الله سبحانه قيض لهذه الأمة من يجدد لها دينها وهاهي الصحوة الإسلامية المعاصرة تفعل ذلك وما دخل الإسلام مولج حرب فكرية إلا إنتصر فيها بالضربة القاضية منذ الجولة الأولى وذلك هو ما يبشر بحياة الأمة أما الهزيمة العسكرية والمادية فإنما هي دورة بدورة وجولة بجولة ودولة بدولة ” وتلك الأيام نداولها بين الناس “.

وإلى اللقاء في الجزء الثامن من هذه الرسالة

الهادي بريك ـ ألمانيا.


غسان كنفاني (1936 – 1972 )

زهور في حدائق جرداء

 
أحمد الخميسي عاش غسان كنفاني ستة وثلاثين عاما وغاب خمسة وثلاثين لكن العطاء المتنوع خلال عمر قصير بترته رصاصة في صيف 72 مازال يثير الدهشة : قصاص ، وروائي ، ومسرحي ، ومقاتل في الجبهة الشعبية ، وصحفي ، وكاتب سياسي ، ورسام ، جرب النحت ، والشعر ، غير ما تركه من دراسات . كانت حياته القصيرة وإبداعه أقرب إلي عاصفة من القدرة على التعبير عن الكرامة والوطن خرجت من مخيمات نكبة 1948، وحملت معها إلي العالم كله صورة تلك المخيمات وقضية شعب سدت أمامه كل الأبواب ولم يبق له سوى دخول التاريخ برأس ثابت كالرمح، لأن الوطن لا يستبدل بشيء آخر أيا كان . يقول كنفاني في رسالة له : ” حاولت منذ البدء أن أستبدل الوطن بالعمل ، ثم بالعائلة ، ثم بالكلمة ، ثم بالعنف ، ثم بالمرأة . وكان دائما يعوزني الانتساب الحقيقي .. كنت أريد أرضا ثابتة أقف فوقها ، ونحن نستطيع أن نخدع كل شيء ما عدا أقدامنا ، إننا لا نستطيع أن نقنعها بالوقوف على رقائق جليد هشة معلقة بالهواء “. الأقدام التي سارت أول الأمر في عكا حين ولد غسان عام 1936 واصلت سيرها دون توقف ، إلي دمشق ، والكويت ، وبيروت ، إلي أن فجرتها شحنة ألغام وضعت داخل سيارة الكاتب والمبدع والمقاتل . ولد في أسرة فلسطينية فقيرة أرغمها احتلال 1948 على النزوح إلي دمشق ، فأخذ هناك وهو صبي يبيع في الشوارع الأكياس الورقية ، ويكتب الشكاوي بقروش أمام أبواب المحاكم إلي أن أنهى تعليمه ، فتزوج من بلده عكا ، وشد رحاله إلي يافا ، ومنها إلي الكويت عام 1956 . هناك نشر أولى قصصه ” القميص المسروق ” ، ثم رحل إلي بيروت عام 1960 ليعمل في جريدة ” الحرية ” التي كان يصدرها القوميون العرب ، إلي أن شارك عام 1969 في تأسيس مجلة الجبهة الشعبية ” الهدف ” وترأس تحريرها . ظهر غسان كالومضة في اللحظة التي خيم فيها ظلام الهزيمة الشامل على المنطقة بعد النكسة ، وعرف بشعراء المقاومة ، وقفز بالقصة القصيرة والرواية الفلسطينية إلي ذروة فنية وفكرية لم تعرفها من قبله ، وكان في ذلك كله نموذجا نادرا في تاريخ الأدب العربي لمثقف لا يفصل بين كلمته وموقفه ظل بسيط من التردد . أحدثت روايته ” رجال في الشمس ” ضجة حين ظهرت عام 1963 وشحنت الشعب الفلسطيني بفكرة المقاومة قبل بزوغها بسنوات ، وفيها يؤكد غسان أن العالم كله صهريج مغلق للموت الفلسطيني ، وأن الباب الوحيد المفتوح ليس للهرب ، ولكن للبقاء في الوطن ومقاومة الاحتلال . وهزت الرواية في حينه ضمير جيل كامل من أبناء الستينات في مصر وغيرها . سبق ظهور روايته مجموعتان قصصيتان ” موت سرير رقم 12 ” عام 61 ، و ” أرض البرتقال الحزين ” عام 63، وفيهما صور غسان أحوال الفلسطينيين في الخارج والداخل ، وترك ثلاث مسرحيات هي :  ” الباب ” و ” جسر إلي الأبد ” عام 1965 ، و ” القبعة والنبي ” في 67 ، ثم أضاف إلي إنتاجه الروائي ثلاث روايات أخرى هي ” ما تبقى لكم ” و ” أم سعد ” ، وعائد إلي حيفا ” ، علاوة على أربع كتب هامة حول ” الأدب الصهيوني ” ثم الأدب الفلسطيني تحت الاحتلال ” ، ” المقاومة ومعضلاتها ” ، وأخيرا ” ثورة 1936 ” . وخلال ذلك كله كان هم غسان الأول هو تأريخ المعاناة الفلسطينية ودفعها لتجاوز ألمها بحيث تستعيد بلادها . يقول غسان في رسالة له : ” سأظل أناضل لاسترجاع وطني ، لأنه حقي وماضي ومستقبلي الوحيد ، لأن لي فيه شجرة وغيمة وظل وشمس تتوقد وغيوم تمطر ” . متى وكيف وأين استطاع غسان كنفاني أن ينجز كل ذلك وعلى هذا المستوى الأدبي والفكري الرفيع ؟ . يقول من عرفوه إنه كان يقضي طيلة اليوم في عمل شاق ما بين الاجتماعات الصحفية ، والسياسية ، ومسئولياته كعضو في المكتب السياسي للجبهة الشعبية ، وفقط عندما ينتصف الليل ، يخلو إلي نفسه في حجرة مكتبه في الجريدة ، ليكتب ، إلي أن وضعت الموساد الإسرائيلية عبوة ناسفة زنة تسعة كيلوجرام في سيارته تحت مقعده ، وحين خرج من بيته في الحادية عشرة صباح السبت 8 يوليو واستقل سيارته انفجرت العبوة أطارت أشلاءه في الجو مع لميس الصبية الصغيرة ابنة أخته. وكان آخر ما قاله غسان قبل مغادرته البيت : ” أعدوا لنا طعاما شهيا ” ! وها هي ذكرى رحيله تحل كالزهور في حدائق جرداء لتعيد إلي الأذهان صورة ومعنى الكاتب والمثقف حين يغدو عاصفة. أحمد الخميسي . كاتب مصري Ahmad_alkhamisi@yahoo.com
 

 

استراتيجية جديدة للأنظمة في احتواء الإسلاميين

 
محمد مصطفى علوش (*) مع التراجع التدريجي للإيديولوجيات الماركسية والاشتراكية والقومية المتزامن مع انهيار الاتحاد السوفياتي في التسعينيات من القرن المنصرم، شهد العالم العربي والإسلامي صعودا للحركات الإسلامية السياسية في مصر والجزائر والأردن ولبنان والكويت وغيرها. وبدا اللاعب الأكثر نفوذا في الشارع العربي هو الإيديولوجيات الإسلامية من حركات إسلامية معتدلة إلى حركات راديكالية وأخرى تكفيرية تنتهج العنف في تنفيذ برامجها السياسية. هذا التغيير السريع على المسرح الدولي أظهر إرباكا في إستراتيجيات الأنظمة العربية وتباينا فيما بينها في كيفية استيعاب وتدجين الإسلاميين لديها. ففي الوقت الذي كان النظام الأردني يعمل على تليين وتعديل في مواقف الإخوان المسلمين عبر إفساح المجال لهم في مجلسي النواب والوزراء، كان النظام المصري يمارس العنف والإقصاء في حق الإخوان متذرعاً بعدم التفريق بين الجماعة الإسلامية والإخوان وأنهما وجهان لعملة واحدة. واستمر الأمر على حاله بين الحركات الإسلامية والأنظمة في مد وجزر بحسب التغيرات الإقليمية والدولية، إلاُ أنه لوحظ في السنتين الماضيتين أن الانفتاح الطفيف الذي سمح للإسلاميين المعتدلين بالوصول إلى البرلمان في عدد من الدول العربية لا سيما في مصر وفلسطين، انحسر لصالح إستراتجية جديدة لم تكن معهودة من قبل وهي تقريب الحركات الإسلامية الموصوفة بالتشدد والراديكالية وغياب الرؤية والبرامج السياسية. إضافة للجمعيات الدينية الرسمية المؤيدة للنظام والتي لا يمكن صراحة فصل توجهاتها السياسية عن السياسة الرسمية، فضلاً عن التنظيمات الإسلامية التي لا علاقة لها بالسياسة ولا تحبذ العمل بها وترى العمل السياسي بدعة ضالة، في مقابل إقصاء الحركات الإسلامية المعتدلة التي لها برامج سياسية واضحة كحركة الإخوان المسلمين. لقطات من هذه الإستراتيجية من يراقب سير العملية الديمقراطية في عدد كبير من الدول العربية بمن فيهم دول محور الاعتدال، مصر والأردن يجد أن إستراتيجية واحدة وجديدة تطبق في التعامل مع الحركات الإسلامية بعد تصنيفها إلى فئتين. فئة خطيرة تتمثل في الحركات ذات البرامج السياسية الواضحة كالإخوان وحزب التحرير، وفئة أخرى تتكون من تيارات وتنظيمات عدة تتفاوت فيما بينها في ممارسة العمل السياسي وتسهل السيطرة عليها واستدراجها وهي التيارات السلفية وجماعة الدعوة والتبليغ، وسوف نسلط الضوء على عدد من الدول العربية حتى تتضح لدينا الصورة أكثر. فمثلاً في مصر بعد أن تم إقرار التعديلات الدستورية والتعجيل بالاستفتاء الشعبي عليها رغم ما تحويه من تراجع واضح عن النهج الديمقراطي وخصوصا لجهة المادتين 88 التي تنص على إلغاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات العامة و179 التي تعطي أجهزة الأمن الحق في تفتيش منازل المشتبه فيهم في قضايا الإرهاب والتنصت على هواتفهم ومراقبة مراسلاتهم، فقد تمت محاربة الإخوان المسلمين من خلال حظر إنشاء أحزاب على أسس دينية. ثم في الوقت الذي تفرج فيه السلطات المصرية عن العشرات من تنظيم الجماعة الإسلامية بعد المراجعات التي تقدم بها كوادرها من داخل السجون، يزج بكوادر الإخوان المسلمين ومناصريهم في السجون ويشدد الخناق عليهم ويمارس في حقهم التنكيل ويمنعون من الترشح للانتخابات بأساليب بوليسية ترهيبية مقصودة. الأمر عينه يكاد يتكرر في الأردن حيث إن العلاقة بين جبهة العمل الإسلامي التي تتبنى فكر الإخوان المسلمين والنظام الأردني في أسوء أحوالها اليوم، في الوقت الذي يلاحظ فيه تنام للفكر السلفي وتقريب له. فقد تم مؤخراً تمرير مشروع قانون الأحزاب السياسية الجديد الذي رفضته الأحزاب السياسية الأردنية، حيث اعتبرته “مقيدا للعمل الحزبي ومخالفا دستوريا”، وقد تمثل التضييق على جبهة العمل الإسلامي بالأردن في إغلاق جمعية المركز الإسلامي الخيرية والتحقيق مع معظم موظفيها دون تقديم أي شبهة فساد. وكان حمزة منصور رئيس ‏مجلس شورى حزب جبهة العمل ‏الإسلامي في الأردن كشف عن “ترتيبات تعد ‏حاليًا لمحاصرة جمعية المحافظة ‏على القرآن الكريم (التي ‏يسيطر عليها الإسلاميون)، ‏والحد من نشاطها بإلحاقها ‏بوزارة الأوقاف، التي دأبت منذ ‏سنوات على تأميم المسف فرض الرؤية الرسمية ‏على الخطباء والوعاظ، خلافًا ‏للترخيص الذي تأسست الجمعية ‏على أساسه كجمعية ثقافية تابعة ‏لوزارة الثقافة. الضوء الأميركي في إقصاء الإسلاميين بعد الفشل الذي لحق بالولايات المتحدة الأميركية في العراق وانهزام إسرائيل في لبنان على يد المقاومة الإسلامية وما حصل من استيلاء حماس على غزة مؤخراً، تشجع كثير من الدول العربية في ممارسة المزيد من القمع والتهميش السياسي وإقصاء الديمقراطية عن الحياة السياسية وبدعم مباشر من قبل مروجي الديمقراطية في أوروبا وأميركا كما هو حاصل الآن في غزة. ولعل المصالح المتقاطعة بين الغرب اليوم والأنظمة العربية القائمة تتلخص في نقطتين هما: • الحد من النفوذ الإيراني المتصاعد في العالم العربي وعموم منطقة الشرق الأوسط لا سيما قطع الدعم الإيراني للحركات الإسلامية المعادية للأنظمة وللغرب على السواء، فضلاً عن طموح إيران النووي غير المرغوب فيه في المنطقة، والذي ترى فيه الولايات المتحدة تهديدا إستراتيجيا على المدى البعيد لمصالحها الحيوية في الشرق الأوسط. • الإجماع على خطر تهديد الإسلام السياسي، وإن كان هناك تفاوت واختلاف في وجهات النظر بين هذه الدول في تعريف وتصنيف الحركات الإسلامية المعادية وفق معايير الخطورة التي تتبناها. مما لا شك فيه أن غالبية الدول العربية سواء كانت صديقة للولايات المتحدة أو لا، تحاول جاهدة استثمار خسارة الولايات المتحدة في العراق حتى يتاح لها التحرك بحرية أكثر في ترسيخ نظمها السياسية على قاعدة “أهل مكة أدرى بشعابها” حتى ولو اضطر النظام لممارسة الغش والتزوير علناً في العملية الانتخابية كما حصل في مصر مؤخراًُ. وربما كان ذلك تحصيل حاصل للقوة التي أكتسبها النظام المصري حين رد بقوة على تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية رايس التي قالت في تعليق خجول لها على التعديلات الدستورية في مصر “الديمقراطية أفضل حاجز ضد الإرهاب في الشرق الأوسط”، حيث رفض الرئيس مبارك “أي ضغوط أو إملاءات أو مشروطيات” من شانها المساس “بمصالح مصر أو استقلال إرادتها”، مبيناً أن سبب التعديلات هو وقاية المنطقة مما وقعت في شركه الولايات المتحدة في العراق حيث اعتبر التعديلات تحاصر الإرهاب وتقطع الطريق “على المتاجرين بالدين الذين يمارسون العمل السياسي خارج الشرعية مع مراعاة التوازن الدقيق بين حماية استقرار الوطن وحماية الحريات العامة”. على الرغم من أن هذه الإستراتجية بدأت تطبق في كثير من الدول العربية فإنه لا يزال بين الدول العربية من يمارس سياسة الإقصاء مع جميع الحركات والتيارات الإسلامية، تونس مثلاً يروج لها في الولايات المتحدة الأميركية ودول الإتحاد الأوروبي بأنها دولة ديمقراطية في حين أنها تمارس أشد أنواع الاضطهاد والديكتاتورية وقد ازداد قمعها للحريات بشكل ملحوظ جدا في الآونة الأخيرة، ولم يعد مقصوراً على الحركات الإسلامية المتشددة بل طال كل متدين أو مشتبه في انتمائه لأي حركة إسلامية. فقد كان آخر ما قامت به الدولة حملات اعتقال ضد جماعة التبليغ والدعوة، وذلك منذ المواجهات المسلحة التي شهدتها تونس نهاية عام 2006 وبداية 2007 واتهمت فيها مجموعة تابعة لتيار “السلفية الجهادية” على الرغم من أن جماعة التبليغ والدعوة تعمل منذ ثمانينيات القرن الماضي في تونس، حتى قال عبد الرؤوف العيادي المحامي المتخصص في الدفاع عن الموقوفين من أبناء التيارات الإسلامية، إن دائرة القمع توسعت “بحيث إن المجتمع كله أصبح مستهدفا وليس طرفا بعينه فقط”. وقد كان تصريح وزير الخارجية الجزائري محمد بجاوي بأن الجزائر والولايات المتحدة “تتقاسمان العديد من الانشغالات لا سيما في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، خصوصا في منطقة المتوسط والساحل وأفريقيا”، مضيفا “أننا نتوخى اليقظة في مواجهة التهديد الإرهابي، والجزائر تعرب عن ارتياحها للقرار الأميركي إقامة قيادة عسكرية أميركية موحدة في أفريقيا”، مبرراً كافياً للحكومة الجزائرية لتحصل على الغطاء الأميركي قبيل الانتخابات النيابية في منع قياديي وأعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ من المشاركة في الانتخابات التشريعية. إضافة لمنع الإسلامي علي بلحاج من الترشح للانتخابات والتضييق عليه بحرمانه من الحصول على جواز سفر، الأمر الذي يوضح لنا التضييق المتزايد الذي يتعرض له الإسلاميون في الجزائر بحجة تعرض البلاد لموجات إرهابية جديدة. مبررات إستراتيجية الإقصاء والجذب قد يقول قائل إذا كانت الأنظمة العربية قادرة على السيطرة على شعوبها وفق ما تريد وبغير حسيب أو رقيب فما هو الداعي لتقريب بعض الحركات الإسلامية وإقصاء غيرها طالما أن الأنظمة لا تحبذ أيا من الحركات الإسلامية، ولماذا تقصي الحركات المعتدلة وتقرب الحركات الموصوفة بالتشدد أو ذات الطابع الدعوي؟. الجواب بكل بساطة أن الأنظمة العربية تدرك العمق الديني المتجذر في عقلية الشعوب التي تحكمها وبالتالي لا بد من اتباع سياسة التمويه والخداع في تقريب الشعوب، ومن خلال دعمها للحركات الإسلامية ذات الطابع التربوي والدعوي وغض النظر عن المتشدد منها تستطيع تحقيق أهداف عدة: • إيهام الناس وإقناعهم بأن الإسلام الصحيح هو ما تنتهجه هذه الحركات التي يقتصر دورها على الدعوة والإرشاد، وأن الإسلام لا دخل له في السياسة وما نراه من أحزاب سياسية ذات مرجعية دينية إنما هو خداع لكسب المؤيدين تحت شعار الإسلام. وهذا ما عبر عنه قادة في مصر والأردن وفلسطين وتونس والجزائر وغيرها. • أن الخطر الحقيقي على الأنظمة العربية ليس الحركات الإسلامية التي تنتهج العنف رغم خطورتها لأنه من السهل استدراج هؤلاء إلى العنف لتصفيتهم والتنكيل بهم، خصوصا أن معظم قادات هذا التيار ممن يملكون ثقافة سياسية ضحلة ومن السهل اختراقهم وتوجيههم لما يُؤثر عنهم من حماسة وافرة. وإنما الخطر الحقيقي على الأنظمة هو الحركات الإسلامية الوسطية التي لها برامج سياسية واضحة وقادرة على ممارسة الديمقراطية والتحرك وفقها. • أن بقاء بعض الخلايا المتشددة تسرح وتمرح بعد رصدها كاف لتبرير إبقاء العمل بقوانين الطوارئ وتعذر ممارسة الديمقراطية بشكل أفضل. • وجود الحركات الإسلامية المتشددة وظهورها من فترة لأخرى سياسة مدروسة للأنظمة الفاشلة في تبرير فشل سياساتها الاقتصادية والاجتماعية. • أن التعامل مع الإسلاميين المتشددين والراديكاليين أسهل بكثير من التعامل مع الحركات ذات البرامج السياسية الواضحة. (*) كاتب فلسطيني (المصدر: ركن “المعرفة” بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 جويلية 2007)

الإسلام المتراجع (خواطر بعد مأساة المسجد الأحمر)

 
د. محمد الحداد (*)   اسألوا هؤلاء الشيوخ الذي يفتون باسم الدين، وهؤلاء المهرّجين الذين نصّبوا أنفسهم زعماء للإسلام، وهؤلاء البسطاء الذين لبسوا ثياب التقوى وزعموا أنهم يهدون الناس سواء السبيل. اسألوهم هل قرأوا المثنوي لجلال الدين الرومي وهل داعبت مسامعهم أشعار رابعة العدويّة في العشق الإلهي وهل فقهوا شيئا من حكمة الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي وهل هم قادرون على أن يشرحوا فقرة واحدة من كتاب حكمة الإشراق للسهروردي وهل عرفوا أنّ كلّ اللاهوت الإسلامي (علم الكلام) إنّما استند إلى فلسفة ابن سينا الناقلة بدورها عن الإغريق؟ إنّ نموّ التطرّف الديني وتحوّله إلى الإرهاب في عديد الحالات وخنقه للمجتمعات ولتطورها الطبيعي في غالب الأمر لا يرجع فقط إلى ضعف الحداثة عندنا، مع أنّ لهذا السبب وقعا وخطرا عظيمين، ولكن يضاف إلى هذه المصيبة الأولى حدّة القطيعة التي حدثت بين المسلمين وتراثهم الديني والروحي. وقد جاء الوعاظ المحدثون يستبدلون ذلك التراث الثريّ بمختصرات فقهيّة سهلة القراءة تناسب مستوياتهم الذهنيّة المتواضعة، وبدا لهم من خلال قراءتهم لتلك المختصرات أنّ الفتوى في الدين أمر بسيط فنصّبوا أنفسهم فقهاء دون معرفة وعلماء دون علم. وترى منهم من خاب في الدراسة واشتهر بمساوئ الأخلاق ثم يتوب فجأة ويطلق لحيته ويصبح فقيها يفتي في الحلال والحرام ويتحدث باسم الله والشرع. وليست المسألة عرضيّة متصلة ببعض الشواذ فإنّ التراث الروحاني الإسلامي قد أهملت أغلب أجزائه ولم يبق منه إلا فقه العوام الذي أصبح ديانة الخاصة. لذلك تضخّم الحديث باسم الإسلام وعنه، خاصة منذ السبعينات وهي الفترة التي شهدت غيابا شبه كلّي لمحاولات بناء فكر دينيّ جديد في الإسلام. والأدهى أن القطيعة بين المسلمين وتراثهم الديني لا تتصل بشخصيات من الماضي وحسب لكنها تشمل أيضا شخصيات من الفترة المعاصرة، مثل محمّد عبده (1849ـ 1905) ومحمّد إقبال (1873ـ1938). وليس أبلغ من التراجع العجيب الذي شهدته حالة الإسلام المعاصر ما رأينا مؤخرا من فتاوى بلغت الحدّ الأقصى من الإسفاف والعبثية: فتوى “الدكتور” عزت صافي لتحليل الخلوة بين الرجل والمرأة في محل العمل بحيلة شرعية تتمثل في إرضاع المرأة لزميلها كي يصبح محرّما عليها، هل من هراء أكثر من هذا؟ أمّا مفتي مصر المصنف مع ذلك ضمن المعتدلين، وبعد أن تميّز ببحث حصيف حول جواز التبرّك ببول النبي، فقد أصدر فتوى بتحريم الصور والتماثيل في بلد يعيش بفضل سياحة الآثار الفرعونية. وهكذا التقى المفتي الرسمي بجماعة طالبان المحظورة وقد سبقته في التحريض على تدمير التماثيل البوذية التي تعايشت مع الإسلام منذ بلوغه السند والهند. أمّا مفتي الفضائيات الشيخ القرضاوي فقد أفتى بدوره بأنّ الإسلام يحرّم التماثيل وكلّ الصور المجسمة ومما ورد في فتواه العظيمة ما يلي: “بعض الناس يقول هذا كان في عهد الوثنية وعبادة الأصنام أما الآن فليس هناك عبّاد للأصنام، وهذا ليس بصحيح، فلا يزال في عصرنا من يعبد الأصنام ويعبد البقرة ويعبد المعز، فلماذا ننكر الواقع؟ هناك ناس في أوروبا لا يقلّون عن الوثنيين في شيء تجد التاجر يعلّق على محلّه حذوة حصان مثلا، فالناس لا يزالون يؤمنون بالخرافات والعقل الإنساني فيه نوع من الضعف حتى المثقفون يقعون في أشياء هي من أبطل الباطل ولا يصلها عقل إنسان أمّي. فالإسلام احتاط وحرّم كلّ ما يوصل إلى الوثنية أم يشتمّ منه رائحة الوثنية ولهذا حرّم التماثيل وتماثيل قدماء المصريّين من هذا النوع”. تبارك الله على حكمة الشيخ التي ستصلح العالم كلّه من الهنود الذين يعبدون البقر إلى الأوروبيين الذين يعلقون في محلاتهم حذوة الحصان إلى المثقفين الذين يقعون في الباطل لأنّ عقولهم قاصرة على أن تدرك رجاحة عقل سماحته!! (النص الكامل للفتوى وفتاوى أخرى من نفس القبيل في موقع www.bokra.net ). قبل فتوى علي جمعة بقرن كان يحتلّ منصب الإفتاء في مصر عالم دين مستنير طرح عليه السؤال الذي طرح على “الدكتور” المفتي فأجاب بما يلي: “إنّ الراسم قد رسم والفائدة محققة لا نزاع فيها ومعنى العبادة وتعظيم التمثال أو الصورة قد محي من الأذهان”. وردّ على المعترضين الذين يحتجون بالحديث “إن أشدّ الناس عذابا يوم القيامة هم المصورون” بأنّ “الحديث جاء في أيّام الوثنيّة وكانت الصور تتخذ في ذلك العهد لسببين الأول اللهو والثاني التبرك بمثال من ترسم صورته من الصالحين. والأوّل مما يبغضه الدين والثاني مما جاء الإسلام لمحوه. والمصور في الحالين شاغل عن الله أو ممهد للإشراك به. فإذا زال هذان العارضان وقصدت الفائدة كان تصوير الأشخاص بمنزلة تصوير النبات والشجر”. ثم أضاف متأسفا: “إنّ المسلمين لا يتساءلون (بمعنى: لا يطلبون الفتوى) إلاّ فيما تظهر فائدته ليحرموا أنفسهم منها (…) هل سمعت أننا حفظنا شيئا حتى غير الصور والرسوم؟ ليست ملكة الحفظ مما يتوارث عندنا وإنما الذي يتوراث هو ملكات الضغائن والأحقاد تتناقل من الآباء إلى الأولاد حتى تفسد العباد وتخرب البلاد ويلتقي بها أربابها على شفير جهنم يوم المعاد” (محمد عبده، الأعمال الكاملة، ج 2، صص 204-208). وقبله سجّل ابن خلدون حماقة التفكير بتحطيم التماثيل والآثار فذكر أنّ هارون الرشيد عزم على هدم إيوان كسرى “وبعث إلى يحيى بن خالد البرمكي في محبسه يستشيره في ذلك فقال: يا أمير المؤمنين لا تفعل واتركه ماثلا يستدلّ به على عظم ملك آبائك الذين سلبوا الملك لأهل ذلك الهيكل. فاتهمه في النصيحة وقال: أخذته النعرة للعجم. وشرع في هدمه وجمع الأيدي عليه واتخذ له الفؤوس وحماه بالنار وصبّ عليه الخلّ حتى إذا أدركه العجز بعد ذلك كله وخاف الفضيحة بعث إلى يحيى يستشيره ثانيا في التجافي عن الهدم فقال: يا أمير المؤمنين لا تفعل واستمرّ على شانك لئلا يقال عجز أمير المؤمنين وملك العرب عن هدم مصنع من مصانع العجم. فعرفها الرشيد وأقصر عن هدمه” (الباب الرابع من المقدمة، فصل في أن الهياكل العظيمة جدّا لا تستقلّ ببنائها الدولة الواحدة). لكن فقهاء هذا العصر لا يقرأون ابن خلدون، أمّا محمّد عبده فقد قال عنه راشد الغنوشي في كتاب “ما هو الغرب؟” إنّه ليس مصلحا لكنّه مجرّد شيخ مبهور بالغرب (الغنوشي وآخرون: ما هو الغرب؟ تونس، منشورات المعرفة، دون تاريخ). وكأنّ محمّد عبده قد حدس حركة الإسلام نحو التراجع فقال وهو على فراش موته: ولست أبالي أن يقال محمّد أبلّ أم اكتظت عليه المآتم ولكنّ دينا أردت صلاحه أخاف أن تقضي عليه العمائم إنّ العمائم التي تنشر الجهل هي المسؤولة عن دماء الشباب المغرّر بهم التي تذهب هدرا في عمليات إرهابية فظيعة أو بطولات زائفة من نوع ما رأينا مؤخرا في كارثة الاعتصام بالمسجد الأحمر بباكستان. ولم تعد باكستان تذكر اليوم إلاّ وتتوارد إلى الأذهان صور المدارس الطالبانية والأحزاب الدينيّة المتطرفة واللحى والجلابيب البيض (المستوردة من بلاد الحرب والكفر) تغرق الطرقات بشغبها. ثم كان آخر المطاف عملية التحصّن بالمسجد الأحمر بالعاصمة الباكستانية إسلام أباد وقد انتهت بمقتل عدد يترواح بين المائة والثمانمائة شخص في بعض الأقوال. هل هذه باكستان التي أرادها وحلم بها مؤسسوها سنة 1947؟ اسألوا تلك الجموع التي أخذت المسجد رهينة واسألوا شيوخهم الذين قادوهم إلى الموت: هل قرأوا كتابات محمّد إقبال، الأب الروحي لدولة بالكستان؟ هنا بعض المواقف الدينيّة لإقبال نستعرضها ونسأل دعاة التكفير المعاصرين: هل يتجرّأون على تكفير صاحبها وقد فتح باب التأويل الرمزي للغيبيات وتقريب الدين من تطورات الأزمنة الحديثة؟ يقول محمّد إقبال بخصوص البعث: “البعث إذن ليس حادثا يأتينا من خارج بل هو كمال لحركة الحياة في داخل النفس. وسواء أكان البعث للفرد أم للكون فإنه لا يعدو أم يكون نوعا من جرد البضائع أو الإحصاء لما أسلفت النفس من عمل وما بقي أمامها من إمكانيات” (ص 183). ويقول بخصوص الجنة والنار: “أما الجنّة والنار فهما حالتان لا مكانان ووصفهما في القرآن تصوير حسي لأمر نفساني أي لصفة أو حال. فالنار في تعبير القرآن هي (نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة) إدراك أليم لإخفاق الإنسان بوصفه إنسانا. أما الجنة فهي سعادة الفوز على قوى الانحلال. وليس في الإسلام لعنة أبديّة. ولفظ الأبديّة الذي جاء في بعض الآيات وصفا للنار يفسّره القرآن نفسه بأنه حقبة من الزمان (سورة النبأ، آية 23). والزمان لا يمكن أن يكون مقطوع النسبة إلى تطوّر الشخصيّة انقطاعا تاما فالخلق ينزع إلى الاستدامة وتكييفه من جديد يقتضي زمانا. وعلى هذا فالنار كما يصوّرها القرآن ليست هاوية من عذاب مقيم يسلطه إله منتقم بل هي تجربة للتقويم قد تجعل النفس القاسية المتحجرة تحسّ مرّة أخرى بنفحات حيّة من رضوان الله. وليست الجنة كذلك إجازة أو عطلة، فالحياة واحدة ومتصلة، والإنسان يسير دائما قدما فيتلقى على الدوام نورا جديدا من الحقّ غير المتناهي الذي هو (كلّ يوم هو في شأن). ومن يتلقى نور الهداية الربانية ليس متلقيا سلبيا فحسب لأن كل فعل لنفس حرة يخلق موقفا جديدا وبذلك يتيح فرصا جديدة تتجلى فيها قدرته على الإيجاد” (ص 141). ويقول عن الوحي: “وفي الحقّ إنّ الطريقة التي استعمل بها القرآن لفظ الوحي تبين أنه يعتبر الوحي صفة عامة من صفات الوجود وإن كانت حقيقته وطبيعته تختلفان باختلاف مراحل التدرّج والتطور في الوجود. فالنبات الذي يزكو طليقا في الفضاء، والحيوان الذي ينشئ له تطوره عضوا جديدا ليمكنه من التكيف مع بيئة جديدة، والإنسان المستلهم للنور من أعماق الوجود، كل أولئك أحوال من الوحي تختلف في طبيعتها وفقا لحاجات مستقبِل الوحي أو لحاجات نوعه الذي ينتمي إليه. وفي طفولة البشرية تتطور القوة الروحانية إلى ما أسميه الوعي النبوي، وهو وسيلة للاقتصاد في التفكير الفردي والاختيار الشخصي وذلك بتزويد الناس بأحكام واختيارات وأساليب للعمل أعدّت من قبل” (ص 143). ويقول عن ختم النبوّة: “إن النبوّة في الإسلام لتبلغ كمالها الأخير في إدراك الحاجة إلى إلغاء النبوّة نفسها. وهو أمر ينطوي على إدراكها العميق لاستحالة بقاء الوجود معتمدا إلى الأبد على مقود يقاد منه، وأنّ الإنسان، لكي يحصّل كمال معرفته لنفسه ينبغي أن يترك ليعتمد في النهاية على وسائله هو” (ص 144). ويقول في النظام الجمهوري: لا بدّ من أن نفعل يوما ما فعله الترك (…). إن تنصيب خليفة أو إمام أمر محتوم لا غنى عنه طبقا لرأي أهل السنة. وأول سؤال يرد في موضوع الخلافة هو هل ينبغي أن تسند الخلافة إلى شخص مفرد؟ وقد أجاب الاجتهاد التركي عن هذا بأن روح الإسلام تجيز إسناد الخلافة أو الإمامة إلى جماعة من الناس أو إلى مجلس منتخب. وعلى قدر ما أعلم، لم يبد فقهاء الدين من المسلمين في مصر والهند حتى الآن رأيهم في هذا الموضوع. أما أنا فاعتقد أن الرأي التركي رأي جيد سليم ولا يكاد يوجد ما يدعو إلى الجدل فيه. ونظام الحكم الجمهوري لا يتفق مع روح الإسلام وحسب بل لقد أصبح كذلك ضرورة من الضرورات نظرا للقوى الجديدة التي انطلقت من عقالها في العالم الإسلامي” (ص 180-181). ويقول في تركيا بعد إلغاء الخلافة: “إن تركيا في الحق هي الأمة الإسلامية الوحيدة التي نفضت عن نفسها سبات العقائد الجامدة واستيقظت من الرقاد الفكري وهي وحدها التي نادت بحقها في الحرية العقلية وهي وحدها التي انتقلت من العالم المثالي إلى العالم الواقعي، تلك النقلة التي تستتبع كفاحا مريرا في ميدان العقل والأخلاق” ( 186). ويقول في الوحدة الإسلامية: كل شعب من شعوب الإسلام يجب أن يشغل بنفسه في الوقت الحاضر وأن يركز اهتمامه مؤقتا في شؤونه وحده، إلى أن تصبح شعوبه جميعا قوية قادرة على تأليف أسرة حية من جمهوريات قويّة” (ص 183). ويقول إقبال في نقد الفقه: “لا ريب عندي في أن التعمق في درس كتب الفقه والتشريع الهائلة العدد لا بدّ من أن يجعل الناقد بمنجاة من الرأي السطحي الذي يقول بأن شريعة الإسلام شريعة جامدة غير قابلة للتطور. ومن سوء الحظّ أن جمهور المسلمين المتمسكين بالقديم في بلدنا لم يستكملوا الأهبة بعد لدرس الفقه دراسة نقدية ومن المرجح أن هذه الدراسة إذا حدثت تسيء معظم الناس وتثير خلافات مذهبية” (ص 189). ويقول أيضا: “هذه المذاهب {الفقهية} مع إحاطتها وشمولها ليست إلا تفسيرات فردية وهي بوصفها هذا لا تستطيع الزعم بأنها القول الفصل. وعلماء الإسلام فيما أعلم يقولون بتقليد مذاهب الفقه المشهورة وإن كانوا لم يجحدوا قطّ أن من الممكن من الوجهة النظريّة إنكار حقّ الاجتهاد المطلق. ولكن بما أن الأحوال قد تغيرت والعالم الإسلامي يتأثر اليوم بما يواجهه من قوى جديدة أطلقها من عقالها تطور الفكر الإنساني تطوّرا عظيما في جميع مناحيه فإني لا أرى موجبا لاستمرار التمسك بهذا الرأي” (ص 193). ويقول في نقد الحديث: “يقتضي أن نفرّق بين الأحاديث التي تتضمن أحكاما تشريعية والأحاديث التي ليس لها طابع تشريعي. وفيما يتعلق بالنوع الأول ينشأ سؤال بالغ الأهميّة هو مدى ما يتضمنه من عادات كانت للعرب قبل الإسلام فتركها الإسلام دون تغيير، وأخرى أدخل فيها النبيّ تعديلا. وليست هذه التفرقة من الأمور السهلة وذلك لأن المؤلفين المتقدمين لا يشيرون دوما إلى عرف الجاهلية وعاداتها. وليس من الممكن كذلك أن نتبيّن أن ما أبقى عليه الإسلام من هذه العادات بقبول النبي لها تصريحا أو ضمنا قد أريد بها أن تكون ذات صفة عامة في تطبيقها” (ص 197). ويقدّم تصوّرا عن الاجتهاد الحديث فيقول: “انتقال حق الاجتهاد من أفراد يمثلون المذاهب إلى هيئة تشريعية إسلامية هو الشكل الوحيد الذي يمكن أن يتخذه الإجماع في الأزمنة الحديثة، فإن هذا الانتقال يكفل للمناقشات التشريعية الإفادة من آراء قوم من غير رجال الدين ممن يكون لهم بصر نافذ في شؤون الحياة وبهذه الطريقة وحدها يتسنى لنا أن نبعث القوة والنشاط فيما خيّم على نظمنا التشريعية من سبات ونسير بها في طريق التطوّر” (ص 200). ويميّز بين دين الإيمان الجماعي كما كان يمارس قديما ودين الاستكشاف الفردي والعقل المنفتح: “نستطيع أن نقول إن الحياة الدينية من الوجهة العامة يمكن أن تنقسم إلى ثلاثة أطوار يمكن وصفها بطور الإيمان وطور الفكر وطور الاستكشاف. والحياة الدينية تبدو في الطور الأول صورة من نظام يجب على الفرد والأمة بتمامها أن تخضع لأمره خضوعا مطلقا ومن غير تحكيم العقل في مراميه البعيدة أو غايته القصوى. وهذا الاتجاه قد يكون له نتائج عظيمة في التاريخ الاجتماعي والسياسي لشعب من الشعوب لكنه ليس كبير الأثر في نماء الفرد من الناحية الروحية وفي امتداد أفقه. والتسليم المطلق بنظام ما يأتي في أعقابه تفهّم الحياة الدينية عن أصلها في نوع من الميتافيزيقا هي نظر في الكون متسق اتساقا منطقيا ومن فروعه البحث في ذات الله. وفي الطور الثالث يحلّ علم النفس محل الميتافيزيقا وتزيد الحياة الدينية في طموح الإنسان إلى الاتصال المباشر بالحقيقة القصوى. وهنا يصبح الدين مسألة تمثل شخصي للحياة والقدرة ويكتسب الفرد شخصية حرّة لا بالتحلّل من قيود الشريعة ولكن بالكشف عن أصلها البعيد في أعماق شعوره هو” (ص 209). إنّ كلّ فقرة من هذه الفقرات سيكون مصيرها التكفير اليوم وسيهدر دم صاحبها، ونحن نناشد الشيوخ الأفاضل يوسف القرضاوي وعلي جمعة وعزت صافي وزعماء الحركة الإسلامية في باكستان وكنّا نودّ لو وجهنا السؤال ذاته إلى إمام المسجد الأحمر المولى عبد الرشيد غازي قبل أن يقضى ويذهب إلى الجحيم: هل تتجرّأون أيها السادة على تكفير محمد عبده ومحمّد إقبال؟ (*) كاتب وجامعي من تونس (تنبيه: الاستشهادات المنقولة عن إقبال واردة في كتابه “تجديد التفكير الديني في الإسلام”، نقله إلى العربيّة عبّاس محمود وعلّق عليه الشيخ عبد العزيز المراغي والدكتور مهدي علاّم. ط. 1985. ونرجو بالمناسبة أن تتاح الفرصة لنشرة جديدة فعلا لهذا الكتاب تراجع ترجمة عباس محمود التي لا تخلو من الهنات وتستبدل التعليقات الفلسفية الساذجة للشيخ المراغي بتعليقات معلّق عارف بالفلسفة. يمكن للقرّاء مراجعة النصّ الإنجليزي الأصلي ونصوص أخرى لإقبال على الموقع www.allamaiqbal.com ) (المصدر: موقع الأوان بتاريخ 18 جويلية 2007) الرابط: http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=1127&Itemid=10

سياسة الولادات القيصرية
 
بقلم: آمال موسى (*) إن القول بأن العملية الديمقراطية في الوطن العربي معقدة الى أبعد حدود التعقيد، أثبتت التجربة صحته وواقعيته، خصوصا أن دلائل التعقيد كثيرة وأهمها ظاهرة التأزم التي تشهدها البلدان العربية الأكثر تعاطيا مع الممارسة الديمقراطية، ونقصد بذلك كلا من فلسطين والعراق ولبنان. ورغم تعدد أسباب حالات تأزم هذه الديمقراطيات حديثة العهد فإن السبب المتحكم في إنتاج الأزمة يعود بالأساس الى فشل النخب السياسية الفاعلة في المشاهد السياسية المذكورة في التعايش بين بعضها البعض، باعتبار أن كل طرف وجد نفسه مضطرا للعمل مع المختلف معه إما بشكل مفاجئ، كما حصل بين حماس وفتح، أو بدافع المحاصصة الطائفية المحاطة بتكتيك سياسي وطائفي، عجز في مرحلة الممارسة عن تجاوز حقد سياسي دفين، كما هو الشأن في العراق. وإذا ما نظرنا في الاستحقاقات الثقافية والحضارية لظاهرة التعايش سنرى أن ما تعيشه حاليا من مظاهر تعثر وتأزم لا يمثل خيبة أو مفاجأة أو نتيجة غير منتظرة، ذلك أن التعايش بين الأطروحات السياسية المختلفة والمواقف التي تمتلك رؤى متناقضة، مسألة طارئة على البلدان العربية ويستدعي تجذرها صبرا ووقتا طويلين. والواضح اليوم أننا مقبلون على حالات سياسية من الولادات القيصرية ومن الصعب التكهن بحالة الرضيع السياسي، الذي سيتمخض عن هكذا ولادات، خصوصا أن السيناريوهات مفتوحة على الأسوأ وعلى مزيد من انفجار التعايش السياسي وذلك بسبب شكليته وعدم عمقه، أي أن هناك رغبة في إظهار وجود حوار بين الأطياف السياسية المختلفة بدون أن يمارس الحوار. لذلك فإن الغالب اليوم هو الحديث عن التعايش والحديث عن الحوار، وفي الممارسة قلما نجد صدى حقيقيا لهذه الأحاديث، التي لم تغادر بعد إطار الكليشيهات السياسية الإنشائية الفضفاضة. ومن الامارات التي ترجح إقبال الديمقراطيات العربية الثلاث على ولادات قيصرية محفوفة بالخطر وبالغموض هذه المؤشرات: ـ صراع الشرعيات بين فتح وحماس والتلاسن المتبادل بعبارات الشرعية الوهمية والشرعية الحقيقية وذلك على خلفية استخدام أبو مازن لصلاحياته الدستورية وإعلان حكومة الطوارئ، الشيء الذي زاد في حدة الانشقاق والتأزم. ولا نعرف كيف ستخرج كل من حماس وفتح من عنق الزجاجة هذه. ـ مقاطعة جبهة التوافق العراقي السنية حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، تعني بالمعنى الطائفي مقاطعة سنية ضد هيمنة شيعية، وبالتالي صعوبة التعايش الطائفي سياسيا. بل إن هذه الصعوبة أنتجت صعوبات أعمق على مستوى التعايش الاجتماعي، رغم أنه لم يكن موجودا، أو لنقل كان نائما أو تمت صناعته في إطار تكتيك أمريكي خاطئ، حاول أن يفرق طائفيا ليسد سياسيا. ـ حالة الولادة القيصرية المنتظرة في لبنان، يشي بها تصريح الرئيس اللبناني العماد لحود، الذي يستبطن بدوره تهديدات مفتوحة وذلك حين قال إنه يجب أن يتم تأليف حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت ممكن، وإلا فإن لديه كرئيس جمهورية واجبا، عليه أن يقوم به ملمحا الى صلاحيات دستورية، تعمد التكتم عليها. إن كل هذه المؤشرات تعلن بشكل صريح أن سيناريو الولادة القيصرية السياسية هو الأكثر توقعا وأن لا شيء يضمن مواليد بصحة جيدة. وإذا كانت أسباب الولادة القيصرية يحددها الأطباء بأنها ناتجة عن السن المتقدمة للأم أو عن تشوه خلقي للرحم وغير ذلك، فإن الولادات السياسية القيصرية في الديمقراطيات العربية الثلاث هي نتاج عوامل داخلية أهمها غياب ثقافة التعايش التي جعلت العملية الديمقراطية أشد تعقيدا أو بسبب قوى خارجية ظاهرة وخفية، ليس من صالحها نجاح التعايش الطائفي والسياسي في هذه البلدان، خصوصا أنها على المستوى الجيوسياسي حساسة جدا وأي مظهر دائم للتعايش يعني إمكانية خروجها من دول بؤر التوتر الداخلي، وهو ما لا يتماشى مع مصالح بعض الأطراف. لذلك فإن عدم التعايش أيضا يتغذى من عوامل خارجية أهمها تجاذب مصالح قوى خارجية على نحو متنافر، يفجر أي حالة تعايش جنينية. ورغم وعي النخب السياسية الفاعلة في المشاهد السياسية العراقية واللبنانية والفلسطينية بهذه النقطة فإنها تزيد في قتل كافة أشكال التعايش وتدفع بالأوضاع نحو ولادات قيصرية قد يهدر فيها دم غزير، لا يؤسس لكينونة سياسية سليمة. (*) كاتبة من تونس (المصدر: صحيفة “الشرق الأوسط” (يومية – لندن) الصادرة يوم 4 جويلية 2007)

عوائق بنيوية تحول دون تحقيق الوحدة الإفريقية
 
توفيق المديني (*) هيمن على قمة أكرا في غانا، اتجاهان في الاتحاد الافريقي، الأول يدعمه العقيد معمر القذافي والرئيس السنغالي عبدالله واد ويدعو الى اقامة دولة افريقية اتحادية «على الفور»، بينما يدعو الآخر بقيادة رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي الى التريث وتطبيق الوحدة «تدريجيا»، لحين حل ازمات ملحة في دارفور والصومال ودول أخرى. ويواجه الاتحاد الافريقي الكثير من الصعوبات والعقبات، التي تحول من دون تحقيق وحدته في إطار دولة افريقية واحدة، سواء اكانت فيدرالية او كونفدرالية، ويرجع ذلك الى عوامل عدة ابرزها ما يلي: -1 دور الاستعمار الفرنسي – البريطاني في توريث الدول الافريقية حديثة الاستقلال مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية لعل اهمها واخطرها النزاعات المسلحة المنتشرة في ارجاء القارة الافريقية، والتي ترجع بالأساس الى تصاعد النعرات القبلية والعراقية والثقافية، والنزعة الانفصالية. وهذه الصراعات تلقي بثقلها على مصير الاتحاد الافريقي، هناك عدة حروب اهلية مستقلة في افريقيا، ابرزها في جنوب السودان سابقا واقليم دارفور حالي، والكونغو الديموقراطية، وانغولا، وهي تحتاج الى حلول جذرية بشأنها، إذ ان استمرارها سيؤدي الى اجهاض اي مسعى افريقي وحدوي. وهناك أكثر من 20 مليون لاجئ افريقي، إذ تعتبر افريقيا اكبر قارات العالم من حيث عدد اللاجئين، إذ وصل العدد في عام 1995 الى نحو نصف عدد اللاجئين في العالم، وهناك ايضا الخطر الذي يشكله مرض نقص المناعة المكتسب «الإيدز» على مستقبل القارة جراء انتشاره الواسع والسريع ، إذ تشير الاحصائيات الى ان وباء الايدز قد خلف خلال الـ 20 عاما الماضية 23 مليون وفاة في العالم، 17 مليون منها في افريقيا. -2 إشكالية الديموقراطية في افريقيا، فمعظم الأنظمة الافريقية بشهادة منظمات حقوق الانسان العالمية، هي انظمة ديكتاتورية ومتسلطة وفاسدة في اغلب الحالات، وتتصرف كذكور متسلطين على رأس شعوب متحولة الى قطعان حقيقية من البقر الوحشي يوجهها قادة سياسيون (بناء الدولة القومية) او اقتصاديون (التنمية)، وقد اصبحت الثقافات الديكتاتورية المحلية منابع لا تنضب من اجل تشريع افعال السلطات الحاكمة الأكثر فسادا وغرابة وتفاهة، فالفساد يعتبر آفة منتشرة في معظم بلدان القارة الافريقية، وتمارسه النخب الوطنية بامتياز. واذا كانت هناك ثقافة سياسية ديموقراطية جديدة تتشكل فوق البقايا الساخنة لسابقتها، اي ثقافة الديكتاتورية والتسلط، فإن الديموقراطية الافريقية ما زالت مثل الطفل الذي يحبو، وان كانت تعكس تطورا بطيئا، لكن لا رجعة عنه في العقليات. وهكذا شهدت البلدان الافريقية تقريبا قيام منظمات مراقبة من اجل مكافحة الفساد. بالطبع كانت هذه المراقبة في اغلب الحالات غير مجدية. فالرأي العام الافريقي بات يطالب الحاكم باستقامة نموذجية، وبإدخال الاخلاق الى الحياة السياسية. كما انه في سجل المطالب الديموقراطية، من المفروض تعيين الرئيس من خلال انتخابات شفافة ونزيهة. ويستعيد الرئيس الافريقي حجمه الانساني اذ تنتزع عنه صفة القداسة والتفوق والخلق والقدرة على اصدار الحقائق اللاهوتية، فيحاول بمنظمات واحزاب المجتمع المدني التي تسهر على التجييش ضده ما أن يخرق حقوق الانسان، فاضافة الي تزوير الانتخابات تفاديا للفشل يلجأ الزعماء الافارقة الى استخدام قوات الامن والجيش لتجاوز المؤسسات الديموقراطية سعيا للبقاء في السلطة. ان المثير للانتباه في المسارات الديموقراطية في افريقيا هو غياب فئات اجتماعية تنادي فعلا بالمثل والقيم الديموقراطية وتتبناها. فالفئات الوسطى المدنية التي كان يمكن ان تضطلع بدور المحور الديموقراطي، قضت عليها منذ الثمانينات مشاريع الاصلاح الهيكلي، ولم تعد موجودة في اكثرية البدان الافريقية. في الوقت الذي يحافظ الريف على صمته أو لا يحسن ايصال صوته. وقد ازدادت هشاشة الحياة بفعل فقدان الأمن الغذائي والصحي والتربوي وبسبب وباء الايدز والأمية والبطالة. واذ تضاف هذه الى انحطاط احزاب المعارضة وضعفها، فانها تنزل الديموقراطية من رأس الأولويات. ويعتمد ترسيخ الديموقراطية في افريقيا على ميزان القوي بين المجتمع والافراد والمؤسسات من جهة، وعلى تعميق التقانات الجديدة التي لا تزال هشة، ونشرها داخل جميع طبقات المجتمع من جهة اخري. 3 – تعتبر افريقيا في الوقت الحاضر على هامش النمو للاقتصاد العالمي 1.8 في المئة من التجارة العالمية، وواحد في المئة من الاستثمارات العالمية. ويواجه الكيان الجديد – الاتحاد الافريقي، صعوبة توفير الموارد المالية اللازمة بهدف الشروع الفعلي في مرحلة انشاء مؤسسات الاتحاد الافريقي مثل – البرلمان الافريقي، والبنك المركزي الافريقي، ومحكمة العدل الافريقية، هذا في الوقت الذي تعاني فيه معظم بلدان القارة الافريقية ديونا خارجية متراكمة، لم يتم ايجاد حلول جذرية بشأنها حتى الوقت الراهن، ما يمثل عقبة في طريق اضطلاع الاتحاد الافريقي الجديد بمهامه. 4 – وهناك بطبيعة الحال مواقف الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات وفرنسا وبريطانيا، التي ترفض نشوء تجمعات اقليمية وقارية في افريقيا، إذ ان قيام ونجاح الاتحاد الافريقي سيكون خصما من رصيد النفوذ الغربي لدول دول القارة الافريقية. فالولايات المتحدة التي تعمل على فرض نظام القطب الواحد، لا يمكن ان تقف موقف المتفرج من هذا الكيان الافريقي الجديد الذي ينشد الاستقلالية عن الهيمنة الغربية والتنمية المستقلة. 5 – الضغوطات الدولية التي تمارسها القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا من اجل اعاقة المشروعات الوحدوية في القارة الافريقية، اذ ان قيام ونجاح الاتحاد الافريقي سيكون خصما من رصيد النفوذ الفرنسي لدى دول القارة الافريقية. 6 – ان الحروب وعدم الاستقرار من المعوقات الرئيسة التي تحول من دون النمو في قارة شهدت 186 انقلابا و26 حربا كبرى خلال نصف القرن الأخير. وستكون افريقيا بحلول 2025 اكثر من مليار و300 مليون افريقي وفي عدد يقارب عدد الصينيين او سكان الهند، واكثر من سكان الاتحاد الاوروبي او الولايات المتحدة، مع اغلبية من الشبان حيث لن تتجاوز اعمار 800 مليون نسمة الـ 15. بيد أن افريقيا، ومنذ تحقق الاستقلالات،تعاني التسلط الذي يمارسه العسكر. فقد تميزت العلاقات القائمة بين الحكومات والشعوب وجيوشها بنوع من الخداع الخطير. اذ اعتقدت الدول أن قوى الامن بحكم تسلحها تمثل هذه القاعدة الصلبة التي ينهض عليها سلام السلطة السياسية واستقرارها. وكان الامل انه في حالات الاضطرابات الخطيرة سيكون في امكان العسكريين «القوة الوحيدة المنظمة» داخل الدول المتداعية، ان يدّعوا شرعيا انهم منقذو البلاد من التداعي.. هكذا برر الكولونيل جوزف ديزيريه موبوتو استيلاءه بقوة السلاح على السلطة في العام 1965 على انه «شر لابد منه.. وهو عمل سليم وشرعي ومبرر ومناسب». وهكذا حطم الجنرال ساني الباشا في العام 1991، بوحشية انطلاقة الشعب النيجيري نحو الديموقراطية التعددية، واعلن عاليا ان طموحه الوحيد هو ان يحكم نيجيريا بطريقة «حازمة» و.. «انسانية»، وهكذا اطلق العريف المتقاعد فوداي سنكوح والمتمردون السيراليونيون في العام 1991 حركة تمرد مسلحة فظيعة لهدف وحيد، كما أكدوا، هو «انقاذ سيراليون من نظام فاسد متخلف وقمعي». وهكذا شبكة اخرى من «المخلصين»، من عيدي أمين دادا في اوغندا الى جان بيديل بوكاسا في افريقيا الوسطى الى منغيستو هايلي مريام في اثيوبيا الى صمويل دو في ليبيريا الخ.. كلهم استخدموا البلاغة نفسها لتبرير اقحام القوة العسكرية في صلب العمل السياسي. وكل ذلك لم يكن سوى نوع من الايهام. فمنذ مطلع تسعينات القرن الماضي بات جليا ان الميثاق المعقود بين السياسي والعسكري لا يمكن ان يشكل اساسا متينا لتثبيت السلطات في شرعتيها الملتبسة. كما بدا واضحا ايضا ان الجنود الذين حولوا عن مهماتهم الاصلية ووضعوا في الخدمة المطلقة للسلطة السياسية قد ينقلبون في اي لحظة على «اليد التي تطعمهم». وهكذا رأينا رجالات باللباس العسكري ينشرون الفوضى والموت في كل مكان من القارة تقريبا، من ليبيريا الى سيراليون ورواندا وزائير والكونغو وافريقيا الوسطى. ولم نذكر هنا سوى بعض الحالات الاكثر مأساوية .. حتي وصل الأمر بهم الي بعض الدول التي كانت تعتبر حتى ذلك الوقت نموذجا للسلام والاستقرار مثل ساحل العاج. فما العمل مع هذه الجيوش الافريقية لبناء دولة اتحادية على غرار الولايات المتحدة الأميركية؟ (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة “الوسط” (يومية – الكويت) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)
 


تركيا.. الفرص العربية في حال فوز حزب العدالة والتنمية

 
بقلم: آمال موسى (*) تقريبا كل السيناريوهات المتوقعة للانتخابات البرلمانية التركية، المزمع عقدها الاثنين القادم، تشير الى أن حظوظ حزب العدالة والتنمية مرتفعة جدا، حيث إما أنه ينفرد بالحكم ويحصل على قرابة 40 بالمائة من المقاعد البرلمانية، أو يشاركه طرف آخر وتبقى الأغلبية النسبية من نصيبه. وإذا ما صدقت استطلاعات الرأي والسيناريوهات المتوقعة، فإن نتائج هذه الانتخابات ستكون ذات أهمية بالغة بالنسبة الى الدول العربية، وهي أهمية تكتسي طابعا عمليا وبراغماتيا وستؤسس لواقع ومستقبل مختلفين وخاصين للعلاقات العربية والتركية، التي لطالما عاشت برودا وحيادا وعدم ثقة متبادلة. وستحدد هذه الانتخابات مصير التنافس الذي بلغ حد الصراع بين كتلتين أساسيتين، هما كل من الجبهة الكمالية العلمانية وجبهة اسلامية توصف بالمحافظة والليبرالية والمعتدلة وتوصف أيضا بالعلمانية المؤمنة. وكما هو معلوم فإن الجبهة الكمالية العلمانية شديدة الوفاء لإيديولوجية مؤسس تركيا الحديثة عام 1923 مصطفى كمال أتاتورك، الذي لم يدخر جهدا في قطع تركيا عن جذورها التاريخية والثقافية، جاعلا الحكم لـ«القبعة» الأوروبية بدل «الطربوش» العربي. ولا تعلق هذه الجبهة أهمية لعلاقاتها بالدول العربية، بل تركز أولا وأساسا على العالم الأوروبي ودولة اسرائيل، حتى أن تركيا كانت أول دولة اسلامية تعترف بدولة اسرائيل عام 1948 دون أن ننسى التعاون العسكري بين البلدين الذي عمق برود العلاقات العربية التركية وجعلها دائما مشوبة بالتوجس لما تمثله علاقتها الحميمة بإسرائيل من خطورة على الأمن القومي العربي. أما الجبهة الاسلامية والتي من أهم مكوناتها حزب العدالة والتنمية، فهي الى جانب روحها العملية وعملها على تأصيل الحداثة الاسلامية وإيمانها بقيم الديمقراطية فإنها تولي في مشروعها العام أهمية خاصة لمسألة تصالح تركيا الحديثة مع تاريخها وهويتها والحد من التطرف العلماني. وقد اعتنى بهذه المسألة في البداية كل من مندريس وديميريل وتورغت أوزال ثم الشهير أربكان. ومن المنتظر في حال فوز حزب العدالة والتنمية، الذي يضم في عناصره تلاميذ اربكان الروحيين، بأغلبية المقاعد البرلمانية، أن يتواصل المشروع بدفق أقوى وأكثر أهمية. ذلك أنه في السنوات الأخيرة لم تتأكد علاقات تركيا بالدول العربية بشكل حاسم، ويقطع بشكل نهائي مع تاريخ طويل من الريبة والتوجس. كما أن موعد الانتخابات، يتزامن مع تغلغل المزيد من القناعة لدى الأتراك بأن الاتحاد الأوروبي يماطل في قبول عضويتهم، وأنهم مرفوضون فرنسيا وأوروبيا، لعدة أسباب مبدئية يصعب التراجع عنها او التسامح معها أوروبيا. ويعلم الأتراك أن الرفض المغلف بالتردد، يعكس تكتيكا اوروبيا كي لا يسقط الأتراك الورقة الأوروبية من حساباتهم وأحلامهم ويلتفتون نحو الولايات المتحدة. وبالنظر الى هذا المعطى الذي يغذي بشكل مباشر وغير مباشر الثقافة الاسلامية الشرقية داخل تركيا وأيضا التغيرات التي بدأت تتبلور في السياسة الخارجية التركية اليوم، فإن المصلحة تفرض على العرب دراسة هذه التغيرات، التي سيتأكد اعتمادها الواثق والنهائي بالخصوص إذا ما فاز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية وواصل الحكم بمفرده. وتتمثل التغيرات المقصودة في نقل تركيا مجال مصالحها الحيوية بشكل لافت الى مناطق لم تكن ذات أهمية وأولوية في سياساتها السابقة، حيث خلقت مجموعة مصالح في كل من روسيا والصين وأفريقيا والعالم العربي. وفي الحقيقة هناك مؤشرات كثيرة، تدل على أن العلاقات العربية التركية في عهد حزب العدالة والتنمية في طريقها الى التطور، من ذلك دور المنسق غير المعلن الذي تلعبه تركيا بين سوريا وإسرائيل وأيضا التنامي الطفيف لمعدل التبادل التجاري خصوصا أنه تمت إقامة مناطق حرة في المغرب ومصر. كما أن العلاقة الوردية بين تركيا وإسرائيل لم تعد الاستثناء، إذ توسعت دائرة التطبيع العربي الاسلامي مع اسرائيل وبالتالي لم تعد العلاقة التركية الاسرائيلية تشكل عقبة في حد ذاتها أمام العلاقات العربية التركية كما هو الحال من قبل. إن الذي ينمي العلاقات الدولية ويقويها اليوم هو البعد الاقتصادي المصلحي، الذي وحده قادرا على جعل الأبعاد الأخرى ذات أهمية. ولعل حاجة تركيا اليوم الى التوسع اقتصاديا والبحث عن أسواق جديدة للاستثمارات تجد لها الآذان الصاغية والايجابية في العالم العربي، باعتبار أنها ستساعده على تقليص نسب البطالة المرعبة وعلى تنمية معدل التبادل التجاري وخلق قنوات هامة لرجال الأعمال العرب. إن التعاطي بنفعية مع دولة ذات مواصفات اقليمية من شأنه أن ينشط الديبلوماسية الاقتصادية النائمة وأن يضخ تاريخا مشتركا يزيد عن ستة قرون، بالحياة والتألق والكثير من المصلحة المادية، التي يمكن أن تكون رصيدا من الحجم الثقيل للرهانات الجغراسياسية الحساسة. (*) كاتبة من تونس (المصدر: صحيفة “الشرق الأوسط” (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

تركيا وإسلامها السياسي: فشل الكمالية الداوي
 
علي العبد الله (*)     لم تستقر العلاقة بين الدولة والدين في الجمهورية التركية التي أقامها الجنرال مصطفى كمال (أتاتورك =أبو الأتراك)، حيث ما يزال التوتر والصراع يحكم العلاقة بينهما. أخذ أتاتورك عن النموذج الفرنسي المبادئ العلمانية، والدولة القومية المركزية، حيث ترتكز المواطنة على حقوق الفرد لا على الهوية العرقية أو الدينية.وعن النموذج السوفياتي الشمولية ونظام الحزب الواحد والاقتصاد الموجه.وعن القوانين السويسرية القانون المدني وعن التشريع الإيطالي الفاشي قانون العمل، وطبقها في مجتمع يدين بوجوده للدين الإسلامي. ألغى نظام الخلافة، وفصل الشعب التركي عن تاريخه- ستة قرون في ظل الإسلام- وعزله عن محيطه الإسلامي. قطع أواصر المجتمع، في حياته اليومية، عن الدين الإسلامي (العطلة الأسبوعية يوم الأحد، قراءة القرآن باللغة التركية، استبدال الحرف اللاتيني بالحرف العربي في الكتابة باللغة التركية، واستبدال القبعة بالطربوش، الخ…). غير أن النظام العلماني لم يستطع اختراق البنية الأساسية للمجتمع التركي، ولم يستطع اجتثاث المشاعر الدينية عند غالبية المواطنين، فانشطر المجتمع التركي إلى أقلية «متعصرنة» وأكثرية متمسكة بتقاليدها باحثة عن سبل تطورها من داخل قيمها، ما جعل الصراع الاجتماعي والسياسي بين الطرفين يأخذ شكل صراع حضاري، صراع من أجل الهوية والاختيارات الأساسية. كما لم يستطع التوجه الشمولي المتشدد الصمود في وجه المصاعب المحلية والإقليمية حيث بدأ الواقع يفرض ذاته على الخيارات السياسية للدولة الأتاتوركية. فقد اضطر حزب الشعب الجمهوري- حزب أتاتورك- إلى شيء من الليبرالية كوسيلة لاستعادة شعبيته المتآكلة، فسمح بتأسيس حزب معارض – الحزب الديموقراطي- في إطار عملية هي أقرب إلى مأسسة للديكتاتورية والاستبداد منها إلى إشاعة مناخ سياسي ديموقراطي. فقد بقي الخيار الأساسي، سياسياً واجتماعياً، دون تغيير. كما اضطرت الظروف السياسية والاقتصادية، المحلية والإقليمية والدولية، في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، الدولة التركية إلى التراجع عن إجراءاتها ضد الدين الإسلامي ودفعتها إلى إعادة الاعتبار إليه. وبفعل عاملين مهمين: القضية القبرصية والأزمة الاقتصادية، دُفعت تركيا إلى اللعب بورقة الهوية الإسلامية في الخلاف حول قبرص والسعي إلى الاستفادة من الثروة النفطية. وقد تبلور ذلك بالانضمام إلى منظمة المؤتمر الإسلامي وتضمين دستور 1982 فرض التعليم الديني في المدارس الابتدائية، وأصبح هدف السياسة الثقافية في تركيا الحفاظ على الإسلام عنصراً ليس بالإمكان فصله عن الثقافة التركية. كما نظرت- في إطار المواجهة بين الشرق والغرب، حيث كانت في صف الغرب،واتساع النشاط الماركسي في تركيا- إلى الإسلام بوصفه وسيلة فعّالة لتقويم الأخلاق ومحاربة الشيوعية فلجأت إليه في سعيها إلى تقليم أظافر التيار اليساري. لقد عُدّ عقد ثمانينات القرن العشرين فاتحة عهد جديد في موقف الدولة التركية من الدين. فبسبب تنامي التيارات الدينية في المجتمع من جهة وبسبب الحاجة إلى استخدام الدين والأخوة الدينية في مواجهة أكراد تركيا المطالبين بدولة كردية في جنوب شرق الأناضول من جهة ثانية، خفت النزعة العلمانية حيث غدت واحدة من الأركان التي يوصف بها نظام تركيا المعاصرة وعاد الإسلام، كدين وثقافة، قوة مهمة جداً ليس في مقدور النظام تجاهل انتماء تركيا إليه. لكن ومع أن الإسلام السياسي قد حقق نجاحات كبيرة في الحياة السياسية، فان تحويل تركيا من العلمانية إلى الإسلام لم يكن قاب قوسين أو أدنى، وذلك بسبب تعارضات وتشعبات مسألة الهوية. فبالرغم من تبدل شكل الصراع الداخلي من صراع بين يمين ويسار إلى صراع عقائدي بين إسلاميين وعلمانيين (دون أن نغفل الصراع القومي بين أتراك وأكراد) وازدياد الإحساس التركي بهويته المتميزة عن الغرب الأوروبي وبانتمائه إلى فضاء حضاري آخر، فإن انعكاسات ذلك على الحياة الوطنية التركية لم تكن تصب في مجرى واحد. قفد وجد فيها الإسلاميون فرصة لتحويل خيارات تركية الخارجية باتجاه إسلامي بينما وجد فيها القوميون المتشددون فرصة لتعويم الطورانية ولحظة مناسبة لاستعادتها وتكريسها. لقد أدت التطورات في العقود الأخيرة إلى تجاذبات عقائدية وقومية داخلية عبرت عن تحول في اتجاهات التفكير داخل المجتمع التركي الذي أعاد النظر في المنطلقات الأساسية للأتاتوركية، حيث طرحت فكرة «العثمانية الجديدة» والتي تضمنت تجاوزاً لأحد أهم أطروحات الأتاتوركية في السياسة الخارجية – الانكفاء إلى حد العزلة (سلام في الوطن، سلام في الخارج) – وفكرة «الجمهورية الثانية» والتي تختصر بتعميم كامل للديموقراطية والحريات بما فيها حقوق الأقليات (الكردية أساساً) في التعبير عن هويتها وتغليب النزعة المدنية في المجتمع على النزعة العسكرية التي استبدت بالجمهورية الأولى منذ تأسيسها وما زالت (مرحلة حكم الرئيس اوزال). وفي ذلك خروج على روح اتفاقية لوزان التي لم تعترف فيها تركيا بوجود أقليات عرقية بل دينية غير إسلامية. لكن هذه الدعوات اصطدمت بجدار الموقف الغاضب للمؤسسة العسكرية وللقوميين المتشددين فكان تحركهم السريع والعنيف لوقف المتغيرات الداخلية على صعيد طرح المواقف والقضايا ووقف عملية تعديل أولويات تركية الأتاتوركية وخياراتها الداخلية والخارجية، لاحتواء «خطر» الإسلام (والأكراد). وجاءت إجراءات المؤسسة العسكرية والتيار العلماني المتشدد المتحالف معها ضد التيار الإسلامي في أواخر تسعينات القرن الماضي متلاحقة ومتصاعدة، شملت كل مجالات نشاط هذا التيار ممثلاً في «حزب الرفاه»: 1-تسريح عدد من ضباط الجيش من ذوي الميول الإسلامية. 2-حظر توظيف المفصولين من الجيش في مؤسسات وشركات الدولة. 3-إغلاق المدارس الدينية غير الرسمية وزيادة فترة التعليم الإلزامي من 5 إلى 8 سنوات، ما يعني توجيه ضربة شديدة إلى مدارس الأئمة والخطباء البالغ عددها 500 مدرسة تضم 500 ألف طالب. 4-فرض قيود على الدعم المالي الخارجي،وبخاصة عبر شبكة المنظور القومي الناشطة في ألمانيا بين العمال الأتراك. 5-مقاطعة الشركات الإسلامية وعدم التعامل معها من قبل الدولة. 6-الالتزام الكامل والمطلق بالمادة 174 من الدستور المتضمنة المبادئ الأساسية للعلمانية. 7-حل «حزب الرفاه» ومنع رئيسه وستة من قادته من ممارسة العمل السياسي لمدة خمس سنوات. 8-مصادرة أملاك «حزب الرفاه» وتحويلها إلى خزينة الدولة. وقد هدفت هذه الإجراءات إلى: 1-تقويض الأسس التي يرتكز عليها هذا التيار. 2-وضع الإسلاميين تحت هاجس «الرقابة» و»الحل» لدفعهم إلى: أ-هجر النزعة الإسلامية. ب-الوقوع في «الخطأ» باللجوء إلى العنف مما يبرر ضربهم بقوة والقضاء عليهم. جـ-إرباكهم قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة. د-إسقاط نموذج التعايش الإسلامي- العلماني (وزارة أربكان- تشيلر) كي لا يشكل مثالاً يحتذى به في العالم الإسلامي حيث تتواجه الأنظمة والحركات الإسلامية في لعبة التجاهل المتبادل. والهدف الأخير خطوة في سياق إستراتيجية التحالف الأميركي الإسرائيلي التركي الأتاتوركي الساعي إلى احتواء المخاطر وإبقاء المتغيرات الإقليمية والدولية تحت الضبط والسيطرة، وتوجيه الأحداث بما يخدم أهداف هذا التحالف. لم تنجح المؤسسة العسكرية التركية والتيار العلماني المتشدد المتحالف معها في دفع الإسلاميين إلى اليأس أو التطرف، كما لم تستطع أن تلغي وجود التيار الإسلامي الواقعي للاعتبارات المحلية والدولية الآتية: 1-وفرت الديموقراط ية التركية- رغم سقفها المنخفض،حيث وقف الجيش في ظل فترات الحكم الدستوري/الديموقراطي خلف الجهاز المدني واضعاً بذلك سقفاً على حركة النظام والمجتمع وحيث بقي المدنيون واجهة النظام والعسكريون قاعدته الرئيسية- وفرت للتيار الإسلامي فرصة البقاء والعودة إلى النشاط السياسي الشرعي بعد كل إلغاء. وقد سُجل للإسلاميين الأتراك موقفهم المسؤول الذي وقى تركيا شر فتنة داخلية تدفع إليها الفئات العلمانية المتشددة من خلال إغلاق الأبواب أمام الإسلاميين لمنعهم من ممارسة نشاطهم السياسي بحرية وبصورة سلمية، لاقتناعهم بأن اللجوء إلى العنف في مجتمع تعددي عرقياً ومذهبياً، مثل المجتمع التركي، يعني اندلاع حرب أهلية تنتهي بالبلاد إلى التفكك والتقسيم. كما حدَّت الديموقراطية من درجة القمع ضد التيار الإسلامي لأن المؤسسة العسكرية تريد الإبقاء على الجسور مع الديموقراط يات الغربية مفتوحة لعلاقة ذلك باختياراتها الخارجية ورغبتها في الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي باعتباره أحد مداخل تقويض الإسلام. 2-قدرة الإسلاميين الأتراك على التكيف مع المتغيرات واحتواء التحركات المضادة وامتصاص الصدمات. فقد سبق للمؤسسة العسكرية أن حلت حزب النظام الوطني (حزب أربكان الأول) يوم 20/5/1971 فأسس أربكان حزب «السلامة الوطني» والذي حُلَّ بدوره إثر انقلاب 12/9/1980 فعاد أربكان وأسس «حزب الرفاه « الذي حُلَّ يوم 16/1/1998. وقد أكد قادة «الرفاه» تمسكهم بالعمل السياسي الشرعي حيث أعلن بولند إرينج (أحد النواب البارزين في حزب الرفاه آنذاك ورئيس البرلمان الحالي): «إذ حل الحزب 40 مرة فسوف نؤسسه للمرة الـ 41». وأعلن أربكان بعد إعلان حكم المحكمة بحل الحزب: «هذه حادثة بسيطة جداً في مسيرة التاريخ وأدعو الجميع إلى التزام الهدوء». واستخدم صدور قرار الحل لتأكيد تمسكه بالديموقراطية رغم أنها ديموقراطية تحظر الأحزاب. لم تيأس الحركة الإسلامية أو تتطرف بل تابعت عملها السياسي في انتظار انتهاء فترة حظر العمل السياسي على قادتها السبعة. لم تطالب بإقامة دولة إسلامية أو تطبيق الشريعة واعتبارها مصدراً من مصادر التشريع، فقد راعت الواقع التركي لقطع الطريق على المؤسسة العسكرية التي تتربص بها، كما راعت المزاج العام النافر من التشدد السياسي. لقد أدركت أن المطالبة بذلك فيها مخاطرة كبيرة ونتائجها غير مأمونة العواقب فالرأي العام التركي في قطاعه العلماني، ومعظم النخبة السياسية غير مهيأة أصلاً لسماع مثل هذا الخطاب فضلاً عن مناقشته أو الاستجابة له، والجماهير الشعبية تبحث عن حل سريع لمشكلاتها اليومية. وعندما حل «حزب الفضيلة» عام 2000 سارعت إلى تشكيل حزبين جديدين واحد باسم «حزب السعادة» في حزيران (يونيو) 2001 وآخر باسم «حزب العدالة والتنمية» في آب (أغسطس) 2001. 3-قدرة الإسلاميين الأتراك على اكتساب ثقة المواطنين واحترامهم،حيث استطاعوا خلال فترة تسلمهم المجالس البلدية وتشكيل الائتلاف مع حزب الطريق القويم تحسين الأداء الاقتصادي للبلاد وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، وقدرتهم على تعزيز سمة «الاستقامة» و»نظافة الكف» التي طبعت المؤسسات البلدية التي تولوها. وهذا أتاح لهم الاحتفاظ بجماهيريتهم، بل توسيعها. فقد حصلوا في انتخابات 1991 و1994 و1995على نسب 11.9 و19.1 و21.1 في المئة على التوالي – تراجعت النسبة في الانتخابات 1999 إلى 15.6 في المئة نتيجة لرغبة المجتمع التركي في حكومة مستقرة فابتعد عن التيار الإسلامي خطوات لأنه في حال إحرازه الأولوية ومشاركته في الحكومة لن يكون عامل استقرار نتيجة للعداء المنهجي السافر الذي تعلنه المؤسسة العسكرية له. وهذا ما دفع المواطنين المتطلعين إلى الاستقرار إلى إعطاء أصواتهم في المجالس البلدية لهذا التيار وفاءً بالجميل لما حققه في تجربته البلدية والحكومية السابقة من إنجازات وحجبوها عنه في البرلمان تلافياً لتكرار حالة التوتر وعدم الاستقرار التي شهدتها فترة الائتلاف الإسلامي- العلماني (أربكان- تشيلر)- وعودته بقوة في الانتخابات الأخيرة في 3/11/2002 عبر «حزب العدالة والتنمية» الذي اكتسح الانتخابات وحصل على 363 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغة 550 مقعداً، بعد أن اختار صيغة للعمل تتفق مع الواقع التركي: احترام الدين والعلمانية معاً، باستعادة الركن المغيب من الهوية التركية (الدين)، ووضع الإسلام في وعاء ليتعايش مع الديموقراطية والعلمانية، في مقاربة ترى الاندماج في النظام وتغييره تدريجياً. لقد أثبتت التجربة أن التيار الإسلامي وتنظيمه السياسي أصبحا جزءاً أساسياً من المجتمع والعمل السياسي، وأن محاولات استئصال هذا العامل بأسلوب قسري باءت بالفشل. فبعد كل محاولة كان الإسلام، كقوة اجتماعية وسياسية، يعود إلى الحلبة أكبر وأقوى، خاصة وأن هدم نظام الثقافة والقيم السائدة في تركيا، وهو في أساسه إسلامي، لم يستطع أن يرسخ نظام القيم الغربي الجديد ويعمّمه لدى كل الفئات الاجتماعية فاقتصر ذلك على نخبة كمالية تتشكل أساساً من كبار الضباط والموظفين وأرباب المهن الحرة، فيما بقيت الأكثرية الساحقة مرتبطة بالإسلام ممارسة وسلوكاً يومياً. إن فسحة الديموقراطية بعد 1945،على محدوديتها، قد أكدت أن الكمالية في بُعدَها العلماني، كما فهمها أتاتورك، ليست الصيغة المناسبة لمجتمع ودولة في بلدٍ كان عنصر الدين (الإسلام) علة وجودهما وعظمتهما على امتداد أكثر من ستة قرون. (*) كاتب سوري (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 جويلية 2007)

تحدي أردوغان يزيد شعبيته ويحرج المعارضة

   

 
                 إبراهيم بوعزّي-إسطنبول قوبل إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عزمه على اعتزال السياسة في حال لم يحصل حزبه العدالة والتنمية على الأغلبية في انتخابات الأحد القادم، بانتقادات من زعماء أحزاب المعارضة. فقد علق زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي على قرار أردوغان بقوله إنه “يعكس مدى الخوف الذي ينتاب أي أحد يشعر باقتراب أجله”. أما نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري مصطفى أوزيوراك فقد رأى أن أردوغان “يحاول تغيير مسار الأحداث لصالحه، وإن تكتيكاته لن تنطلي علينا”. وقلل زعيم الحزب الديمقراطي محمد آغار من إعلان أردوغان، وقال إنه “يمكن القيام بأي شيء في الحياة السياسية، فكما أنه توجد أحزاب في السلطة فإن أحزاباً أخرى عليها أن تكون في المعارضة، وكما أن حزباً ما يمكن أن يأخذ 1% من الأصوات، فيمكن لحزب آخر أن يحصل على 51%، ولا يستدعي هذا اعتزالاً للعمل السياسي”. الشارع التركي ورصدت الجزيرة نت جانبا من ردود فعل الشارع التركي على تصريحات أردوغان. وقال الصحفي محمد كونر إنها لن تغير من نتائج الانتخابات، فقد اتخذ كلّ موقفه وقراره منذ مدّة، ولكن هدف أردوغان هو إحراج المعارضة والدفع بزعمائها نحو التخلي وترك المجال للأجيال الشابة لقيادة أحزابهم. وأضاف كونر أن الناخبين الذين لم يتخذوا قراراً إلى حد الآن ليس من السهل تغيير مواقفهم بمثل هذه التصريحات. أما الكاتب التركي إسماعيل ياشا فاعتبر أن تلك التصريحات زادت العدالة والتنمية شعبية أكثر في الأوساط الإسلامية على وجه الخصوص. وأضاف أن ذلك ظهر خلال الإقبال الكبير من سكان قونيا على الاجتماع العام لحزب العدالة والتنمية الذي انعقد الثلاثاء الماضي رغم أن قونيا تعتبر قلعة من قلاع حزب السعادة وزعيمه الروحي نجم الدين أربكان. وأوضح ياشا أن أردوغان متأكّد تماماً من فوزه في الانتخابات القادمة لذلك فقد أعلن قراره الجريء ذلك. أما المترجم ألبارصلان أصلان فيعتقد أن الغالبية في تركيا معجبة بشخصية أردوغان وترى فيه نفسها، غير أنه نفى أن يكون للتصريحات أي دور في تغيير قناعات الناخبين قبل أيام من الانتخابات. وأضاف أصلان أنه في حال لم يفز حزب العدالة والتنمية بالأغلبية فإن أردوغان سينسحب فعلا من الساحة السياسية، لما عهده فيه الشعب من عدم تراجع عن أي قرار يقطعه. ورأى أنه من الصعوبة بمكان أن ترجع قاعدته الشعبية إلى حزب السعادة الذي انشق عن خطه المعروف. وتشير مصادر صحفية تركية إلى أن ثقة أردوغان جاءت نتيجة سببين أولهما  الإقبال الكبير من الشارع التركي على حزبه الذي ظهر جلياً خلال الحملة الانتخابية. والثاني هو استطلاعات الرأي في مختلف الأوساط وعلى رأسها استطلاع آراء القيادات العسكرية، والاستطلاعات التي أجرتها السفارة الأميركية بأنقرة. وتشير استطلاعات رأي أجراها حزب العدالة والتنمية إلى أنه سيحصل على أغلبية تتراوح بين 37% و46% وكلتا النسبتين تخولان أردوغان تشكيل حكومة دون الحاجة إلى ائتلاف. وتشير نفس الاستطلاعات إلى أن حزب الشعب الجمهوري سيبقى في الترتيب الثاني بأصوات تتراوح بين 16% و22%، وفي تلك الحالة يبقى الحزب في المعارضة داخل البرلمان مع احتمال تشكيله حكومة ائتلافية مع حزب الحركة القومية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 جويلية 2007)

انضمام اليابان إلى المحكمة الجنائية الدولية

 

 
انضمت اليابان إلى المعاهدة التي تخولها عضوية المحكمة الجنائية الدولية والمساهمة المالية فيها. وقالت وزارة الخارجية اليابانية في بيان الثلاثاء إن قرار الانضمام لمعاهدة روما يعكس رغبة طوكيو في “إرساء دولة القانون داخل المجتمع الدولي، بما ينسجم مع قيم الدبلوماسية اليابانية”. ومعاهدة روما نصت على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وهي أول محكمة دائمة مكلفة بالنظر في جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وأوضحت أن قيمة المساهمة المالية السنوية لليابان في المحكمة ستناهز ملياري ين (ما يعادل 16.2 مليون دولار) أي 22% من موازنة المحكمة العامة. وبانضمامها إلى المحكمة، اعتبارا من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تصبح اليابان العضو الخامس بعد المائة فيها. يذكر أن صلاحيات المحكمة الدولية لا تخولها ملاحقة أي شخص إلا إذا ارتكب جرائم في دولة موقعة على معاهدة روما أو كان يحمل جنسية هذه الدولة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 جويلية 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية)


جاك شيراك يقترب من دائرة الاتهام في قضية كليرستريم

  

 
                سيد حمدي-باريس بات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك مهدداً بالتحقيق معه على خلفية قضية كليرستريم وفضيحة العمولات السرية في صفقة سلاح فرنسية. كما اقتربت نهاية فريق الشيراكيين من كبار الساسة المؤيدين له مع تحديد تاريخ السابع والعشرين من الشهر الحالي موعداً للتحقيق مع رئيس الحكومة السابق دومينيك دو فيلبان. وشهدت القضية تحولاً مهماً في أعقاب مثول جان لوي غرغوران الصديق المقرب من دو فيلبان أمس الأربعاء أمام هيئة التحقيق للاستماع إليه بخصوص مذكرة الجنرال فيليب روندو. مذكرة عسكرية وكشفت مصادر التحقيق أن غرغوران تطرق مطولاً إلى العبارة الواردة في المذكرة العسكرية للجنرال روندو وجاء فيها على لسان الأخير “أثناء لقاء مع جان لوي غرغوران نائب رئيس الشركة الأوروبية للفضاء والدفاع الجوي في الرابع من مايو/أيار 2004، عرفت أنه بعد تلقيه تعليمات من دومينيك دو فيلبان قبل ثمانية أيام قرر أن يتكلم أمام القاضي فان ريومبك”. وكان القاضي ريومبك قد تلقى منذ سنوات عدة مذكرة مجهولة المصدر تتضمن أسماء من بينها نيكولا ساركوزي زعم كاتبها أنها متورطة في فضيحة العمولات السرية. ومن المقرر أن يمثل اليوم أمام قضاة التحقيق في نفس القضية اللبناني عماد لحود ليدلي بأقواله حول مذكرة الجنرال روندو. وتحظى جلسة اليوم بأهمية كبيرة نظراً لأن مذكرة الجنرال روندو جاء فيها أن عماد لحود قال “إن جان لوي غرغوران تلقى تعليمات من دومينيك دو فيلبان قام رئيس الجمهورية (شيراك) بصياغتها من أجل التخلص من ساركوزي”. ضابط مخابرات وكان الجنرال روندو الذي انتهى عمله في أجهزة الاستخبارات أواخر عام 2005 قد دارت حوله شبهات بأنه قام بدور عميل استخباراتي مزدوج في رومانيا في منتصف عقد السبعينيات. وفيما يطلق عليه بعض خصومه لقب “السيد الجاسوس” فإنه يرفض ذلك بشكل قاطع قائلاً إنه “ضابط مخابرات”. وكان قاضيا التحقيق هنري بونز وجان ماري قد تمكنا في الـ28 من مارس/آذار من العام الماضي من مصادرة جهاز حاسوب خاص به عقب دهم منزله. وتمكن القاضيان من استكمال 30 ألف صفحة من المعلومات التي كان قد قام بمحوها في وقت سابق من أوراقه في مكتبه بالاستخبارات قبل انتهاء فترة عمله. ووضع القاضيان أيديهما على آخر أربع مذكرات من بين هذه المعلومات صنفها الجنرال روندو تحت اسم “عملية الارتداد”. وأفاد الجنرال الذي باتت معلوماته محور القضية بأنه تعرض لـ”الخداع” وأنه “جرى توظيفه”. وقد صرح محاميه إريك موران للصحفيين بأن موكله “لا يشعر بالأسف مطلقاً” جراء كتابته هذه المذكرات. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 جويلية 2007)


 

كوشنر: حماس لديها اتصالات بالقاعدة

 
باريس (رويترز) – قال برنار كوشنر وزير الخارجية الفرنسي يوم الاربعاء ان لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) الفلسطينية اتصالات بتنظيم القاعدة مضيفا أن هذه الاتصالات لم تكن نتيجة للضغوط الغربية لعزل الجماعة الفلسطينية. وكان كوشنر يرد على تصريحات لوزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما في وقت سابق هذا الاسبوع قال فيها ان سياسة الغرب التي تستهدف عزل حماس التي سيطرت على قطاع غزة الشهر الماضي قد تدفعها للارتماء في أحضان القاعدة. وقال كوشنر “لا أظن أن حماس انتظرت حدوث هذا الوضع القاسي.. الوضع الحالي الرهيب في غزة.. كي تجري اتصالات مع القاعدة وقد يكون من السذاجة الاعتقاد بأننا.. المجتمع الدولي.. مسؤولون.” ولم يخض كوشنر الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي في التفاصيل. ونفى اسماعيل هنية زعيم حماس في قطاع غزة وجود القاعدة هناك. وقال لرويترز في مقابلة أجريت معه مؤخرا “الكل يعرف أنه لا يوجد هناك تنظيم قاعدة في قطاع غزة وأن الحديث عن أن قطاع غزة أصبح موطيء قدم للقاعدة يهدف الى استجلاب عداوات دولية ضد الشعب الفلسطيني وضد قطاع غزة على وجه الخصوص.” وأحكم الحصار الاسرائيلي على سكان القطاع البالغ عددهم 1.5 مليون نسة منذ أن استولت حماس على الاقليم. وحذرت الامم المتحدة والبنك الدولي من كارثة اقتصادية وانسانية اذا لم يعاد فتح طرق التجارة لكن اسرائيل والغرب يصران على عزل حماس اذا رفضت قبول حق اسرائيل في الوجود ونبذ العنف. وقال داليما في تصريحات نقلتها وسائل اعلام ايطالية يوم الثلاثاء وأكدها المتحدث باسمه ان تهميش حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير كانون الثاني عام 6002 رغم تصنيفها في الغرب كجماعة “ارهابية” لم يقدم مثالا جيدا للديمقراطية. وأقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحكومة التي تقودها حماس بعد أن استولت الجماعة على قطاع غزة. وقال كوشنر للصحفيين “غالبا ما اتفق في الرأي مع صديقي ماسيمو داليما. لكنني هنا لا اتفق.” وتابع قائلا “لكنني أتعامل مع القضية التي أثارها ماسيمو بمنتهى الجدية. يجب ألا نترك الفلسطينيين في هذا الوضع في غزة. ذلك مؤكد وهو محق في ذلك. والآن دعنا ألا نتهم الغرب بالمسؤولية عن الصلة فيما بين تلك التنظيمات المتطرفة.” وأضاف أن “سياسة عزل الفلسطينيين في غزة اذا قدر لها أن تستمر سياسة خطرة للغاية حقا.” (المصدر: موقع “سويس انفو) (سويسرا) بتاريخ 18 جويلية 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء) 

مصر تفتح مخيمات لإيواء آلاف الفلسطينيين العالقين بالعريش
 
العريش (مصر) (رويترز) – قال احمد عبد الحميد محافظ شمال سيناء إن المحافظة قررت فتح سبع مخيمات لايواء الاف الفلسطينيين العالقين بمدينة العريش المصرية بعد نفاد نقود معظمهم ولجوء عدد كبير منهم للنوم في الشوارع والحدائق العامة. وقال عبد الحميد للصحفيين إن المخيمات أقيمت في ثلاث مدارس ونزل للشباب وثلاثة معسكرات للاقامة الدائمة بمدينة العريش وانها جهزت بكافة وسائل الاعاشة اللازمة لاقامة الفلسطينيين العالقين. وتابع أن وجبات غذائية ستقدم يوميا للفلسطينيين المقيمين بهذه المخيمات وانه امكن تدبير جزء من المبالغ اللازمة لهذه الوجبات فيما سيتم تدبير الباقي في وقت قريب. واضاف انه تم فتح المستشفيات العامة والمركزية بمدن العريش والشيخ زويد ورفح لعلاج المرضى الفلسطينيين من العالقين مجانا. واغلقت نقطة عبور رفح وهي المنفذ الرئيسي للقطاع الفقير على العالم الخارجي معظم الوقت منذ التاسع من يونيو حزيران قبل أن تهزم حركة المقاومة الاسلامية (حماس) قوات حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسيطيني محمود عباس في قطاع غزة وتسيطر عليه. وعلى الرغم من أن المعبر يخضع من الناحية الفنية لسيطرة المسؤولين الفلسطينيين والمصريين فان بوسع اسرائيل اغلاقه. وفي وقت سابق من هذا الشهر قرر الاتحاد الاوروبي خفض بعثاته لمراقبة المعبر نظرا لعدم معرفة موعد اعادة فتحه. واعترضت عقبات مقترحات للسماح للفلسطينيين بالعودة لغزة عبر معبر كرم ابو سالم ويعترض بعض المسؤولين الفلسطينيين على استخدامه نظرا لسيطرة اسرائيل عليه. ومن ناحية أخرى قال مسؤول مصري بمعبر رفح الحدودي أمس الاربعاء ان السلطات الاسرائيلية رفضت طلبا مصريا لادخال كميات كبيرة من الطحين مقدمة كمساعدات للشعب الفلسطيني من برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة عبر معبر كرم ابو سالم. وقال المسؤول لرويترز “اسرائيل رفضت على مدار اليومين الماضيين طلبات مصرية بادخال 650 طنا من الطحين الى قطاع غزة الفلسطيني عبر معبر كرم ابو سالم بدعوى عدم وجود تنسيق مسبق لادخالها.” واضاف ان 15 شاحنة مصرية كانت محملة بالمساعدات اضطرت للعودة الى مدينة رفح المصرية لتوضع في المخازن حتى توافق اسرائيل على ادخالها الى قطاع غزة. وكانت هذه المساعدات قد وصلت الى معبر رفح الحدودي على ثلاث دفعات منذ يوم الجمعة الماضي. ويقع معبر كرم أبو سالم في منطقة حدودية مثلثة بين مصر واسرائيل وغزة وتشرف عليه اسرائيل بالكامل. (المصدر: موقع “سويس انفو) (سويسرا) بتاريخ 18 جويلية 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء) 

بعد الفشل في تحقيق مهمتها …

تعديل مهمة لجنة تقصي الحقائق إلى «دعم الحوار الفلسطيني»

 
القاهرة – الشرق – ربيع شاهين فشلت لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن مجلس وزراء الخارجية العرب الطارئ الذي انعقد عقب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة منتصف الشهر الماضي في مواصلة اجتماعاتها وانجاز المهمة الموكولة اليها خلال ثلاثة إلى أربعة أسابيع اعتبرت الحد الأقصى وفقا لقرار المجلس الوزاري. كانت اللجنة ـ التي تشكلت من 5 دول عربية (من بينها تونس، التحرير) والأمين العام للجامعة ـ قد كلفت بإعداد تقرير شامل يتضمن أسباب أحداث غزة وكيفية التعامل معها وسبل تجنب تكرارها، فيما عقدت اجتماعا واحدا على مستوى المندوبين الدائمين للدول الأعضاء بمشاركة مساعد الأمين العام السفير أحمد بن حلي وليس الأمين العام الذي كان في مهمة إلى بيروت خلال هذا التوقيت. واكدت مصادر دبلوماسية أن اللجنة التي كان يتعين عليها أن تنهي تقريرها قبل عدة أيام فشلت في مواصلة مهمتها. وقال هشام يوسف رئيس مكتب الأمين العام إن اللجنة تجمع معلوماتها بشتي الطرق وعبر مصادر عديدة، معتبرا فيما صدر تجاهها من جانب ياسر عبد ربه القيادي بحركة فتح لا يعكس سوى رأيه الشخصي ولا يعني بأي حال أن يكون بمثابة فيتو من حركة فتح ضد اللجنة. وأضاف أن اللجنة ستقدم تقريرها إلى الاجتماع القادم لوزراء الخارجية العرب 30 يوليو وفقا لما تجمع لديها من معلومات، مؤكدا أن مهمتها ليست ادانة هذا الطرف أو ذاك أو توجيه اللوم لأي فصيل أو قيادة فلسطينية بأي من الحركتين، وانما المساعدة على البحث فيما آلت اليه الأوضاع وسبل تجنبها وعدم تكرارها. لكن مصادر دبلوماسية بالقاهرة كشفت عن تعثر انعقاد اللجنة التي كان يتعين ـ حسب تكليف وزراء الخارجية لها ـ أن تلتقي عدة مرات لإنجاز هذه المهمة التي أوكلت اليها لسماع كل الأطراف حتى لو اقتضى أن تلتقي بعض القيادات والرموز الفلسطينية ليس بالضرورة داخل غزة وانما بأي من دول الجوار. واشارت المصادر الى ان هذا التعثر يرجع الى اللافتة التي وضعت عنوانا لمهمة اللجنة وهو “تقصي الحقائق”، مما جعل حركة فتح تعترض عليها ولا ترحب بمهمتها لخشيتها من ادانة أي من رموزها. وأشارت المصادر إلى أنه لهذا السبب تغيرت مهمة اللجنة من تقصي الحقائق إلى دعم الحوار الفلسطيني وفقا للتحركات التي تعمل بهذا الاتجاه من جانب العديد من الدول العربية والأمانة العامة للجامعة. (المصدر: صحيفة “الشرق” (يومية – قطر) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

 


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

19 septembre 2007

Home – Accueil – TUNISNEWS 8 ème année, N° 2675 du 19.09.2007  archives : www.tunisnews.net C.R.L.D.H. Tunisie: Flash Infos AISPP: Communiqués

En savoir plus +

31 mars 2004

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1411 du 31.03.2004  archives : www.tunisnews.net عبدالحميد العدّاسي: إلى عبداللطيف و عيّاد – أدعوكما

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.