مصافحة رمضانية يومية من إعداد الهادي بريك بعنوان : ميثاق الصائم او كيف تتاهل للفوز بكاس الجنة لهذا الموسم
القربى السابعة: شر الاموات ميت الاحياء
بالامس لعل الله ساق اليك تارك صلاة او مدمن تدخين او تارك صوم او عاقا لوالد … فالهمك سبحانه الفؤاد الرحيم واللسان الاريب واليد الحانية والدمعة السخية فهداه الله على يديك فابشر بخزائن محيط هادر لا ينفد. اليوم انت على موعد جديد مع عقبة جديدة وهي قربى : الذكر حياة القلوب وغذاؤها الشافي .. قال عليه السلام : » … وامركم بالذكر فان مثل ذلك كرجل عدا عليه العدو فاحتمى بحصن حصين وقال عليه السلام : » الا انبئكم بافضل اعمالكم واكثرها ذخرا عند مليككم وهي خير لكم من ان تلقوا عدوكم فيضربوا اعناقكم وتضربوا اعناقهم وخير لكم من انفاق الذهب والفضة والورق قالوا بلى قال : ذكر الله . » وقال عليه السلام : » مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله كمثل الحي والميت .. » وقال عليه السلام : » كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان الى الرحمان : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم .. » وقال عليه السلام : » الدعاء مخ العبادة .. » معنى الذكر والمقصد منه : الانسان مخلوق من روح لا يعلم كنههاالا الله تعالى ولكن لها غذاؤها ككل مخلوق ومن جسد امره معروف وغذاؤه معلوم فلا يسعد بدن بشقاء روح لان البدن مقود والروح قائد .. والروح من امر ربي الخلاق فهي منه واليه تعود في المنام وبعد الموت وغذاؤها ذكر مصدرها أي الله تعالى فهي كذلك لا ينفع شئ معها غير فهمها وتغذيتها بما تجوع هي اليه وتظما وتشتاق .. والذكر معناه نبذ الغفلة الغاشية على القلوب بحكم الالف والعادة والشهوة والنمط الحياتي الضاغط والمقصد منه تقديم الغذاء المطلوب والكافي لها حتى لا تجوع ولا تظما ولا يقتلها ضرام الشوق تماما كالجسد .. وسائل الذكر كثيرة واعلاها تلاوة القران لانه يشمل كل انواع الذكر من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وحوقلة وصلاة وسلام على النبي عليه السلام وفيه التامل والتدبر والتفكر. واعلى احوال الذكر حضور القلب لتحقق المقصد من حصول تقوى ورقة قلب وانسكاب دمع وانعزام ارادة للخير ولكن لا يفرط في الذكر بكل ضروبه من تلاوة وتسبيح الخ… وتفكر ودعاء لاجل كثرة غياب القلب وحضور اللسان فذلك مدخل ابليسي فاحذره اذ لا يظل قلبه ذاكرا في كل حال سوى المعصومين من الانبياء والمرسلين ولا فكاك من حضور القلب ومن غيابه والعبرة بمغالبة الشيطان وقهر النفس فان مداومة ذلك يورث الروح غذاء.
القربى الثامنة : اهرع إلى قنوت النوازل فانه سنة وسلاح
مازالت فعاليات الدورة السنوية للفوز بكاس الجنة تتراكم يوما بعد يوم ولا شك انك فيها من المتنافسين الاقوياء الامناء لا املك الا ان ارجو لك فوزا باهرا . انت اليوم على موعد جديد مع عقبة جديدة وهي قربى : قنوت النوازل .. قنت النبي عليه السلام في صلاة الصبح شهرا كاملا يدعو على المشركين الذين قتلوا بعض رسله اليهم وكانوا قد زعموا انهم اسلموا ويطلبون من يعلمهم دينهم الجديد. والقنوت هو عمق الشعور من لدن الانسان بفقره الى ولي نعمته سبحانه في كل ان واوان وهو مايكسبه غنى لا يضاهى فيطفق يعبر عن ذلك بما هو مشروع من العبادة ومنها الدعاء في اثناء اقرب عبادة يكون فيها العبد الى ربه وهي الصلاة التي هي مناجاة .. موجبات دعاء قنوت النوازل هو حصول ضر او ضيم فاذا كان ذلك محيقابالامة باسرها كما هو حالنا اليوم في فلسطين والعراق والشيشان وكشمير وفي كل شبر تقريبا كاثر للظلم بكل صنوفه … فان التزام قنوت النوازل يظل في حكم الواجب العيني وخاصة من لدن الائمة في الصلوات والتراويح لعل الله ييسر لنا انكشاف مصائب دهماء فرقتنا واذلتنا ويبث فينا شعورا بقوته سبحانه وعظمته وشعورا بوحدة امتنا الممزقة الاوصال .. ليس لقنوت النوازل صيغة مخصوصة اذ عادة ما يرتبط بموضوع النازلة فلا تبخلوا عن انفسكم وخاصة الائمة في الصلوات والتراويح جهرا بتعميق الشعور بالافتقار الى العزيز الجبار في ازمة ليس لهامن دون الله كاشفة في شهر رمضان المعظم ولا تترددوا في الدعوة على اعداء الامة من الصهاينة ومن والاهم فان القران دعا على الظالمين باللعنة مرات ومرات بل وخص اسماء بعينها كابي لهب . (تعتذر هيئة تحرير « تونس نيوز » للسيد الهادي بريك ولقرائها الكرام عن الخلل الذي رافق تشر هذه السلسلة من المقالات في اليومين الماضيين لأسباب قاهرة)
السلطة تتهرب من المسؤولية عن حالة السجين العيدودي
بعد أن تأكدت من تدهور حالته الصحية، السلطة تطلق سراح السجين السياسي لطفي العيدودي
بعد أن تأكدت أن حالته ميؤوس منها من الناحية الطبية قامت السلطات التونسي في مسرحية مكشوفة بتسليم عائلة السجين السياسي والقيادي في الحركة الطلابية لطفي العيدودي بطاقة سراح من السجن كما قام أعوانها بفك القيد التي كانت تكبله إلى سريره منذ أكثر من أسبوع رغم حالته الصحية المتدهورة قبل مغادرتهم المستشفى.
ويأتي هذا الاجراء الفضيحة للتغطية على تورط السلطة في تدهور حالة الاخ لطفي العيدودي جراء عمليتين جراحيتين على الدماغ بمستشفى الرابطة غير المختص بعد أن امتنعت إدارة السجون عن التكفل بإجراء العملية في مصحة سكرة المختصة في جراحة الأعصاب وفق ما يقضي به قانون السجون من تكفل الإدارة بمصاريف علاج المساجين.
وقد تدهورت حالة السجين العيدودي بعد إجرائه العمليتين ودخل في غيبوبة عميقة.
هذه جريمة أخرى تضاف إلى جملة الجرائم الأخرى التي ترتكب في زنزانات الموت التونسية. نهضة نت تدعو زملاء السجين لطفي العيدودي وإخوانه إلى الابتهال والدعاء عسى الله أن يشفيه ويخيب ظن الظالمين وتدعو المنظمات الحقوقية والإنسانية والأحزاب السياسية إلى التحرك الفوري من أجل إنقاذ بقية المساجين الذين يتعرضون لخطة موت بطيء ممنهج.
(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 3 نوفمبر 2003 الساعة 7:52:12 مساء بتوقيت غرينيتش)
منظمات حقوقية وطنية ودولية تعبر عن انشغالها لوضع المساجين
سجين سياسي تونسي في وضع صحي حرج بعد عمليتين جراحيتين متأخرتين
باريس – خدمة قدس برس
أثار تدهور صحة سجين سياسي تونسي، وتأخير علاجه، بما بات يهدد حياته بقوة، استنكار العديد من المنظمات الحقوقية التونسية، والدولية. فقد استنكرت هذه المنظمات ما قالت إنه إهمال وتباطؤ متعمد، تصرفت به السلطات التونسية، تجاه وضعية السجين السياسي التونسي لطفي العيدودي، الذي يرقد الآن في إحدى مستشفيات العاصمة تونس، تحت العناية المركزة، وفي حالة حرجة، بعد أن اضطر الأطباء لإجراء عمليتين جراحيتين على رأسه في أقل من 48 ساعة، بسبب تأخر علاجه حتى تدهور وضعه بشدة.
وحسب بيان الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بتونس، فقد دخل السجين السياسي الطالب لطفي بن خميس العيدودي (37 عاما) في غيبوبة، بعد أن أصيب بجلطة دماغية، واتضح أن وضعيته تتطلب تدخلا جراحيا لا يمكن إنجازه إلا بمصحة خاصة، وبأدوات متطورة، بحسب إشارة الطاقم الطبي المباشر، وأن تكاليف العملية تقدر بـ 15 ألف دينار تونسي (الدولار يعادل 1,28 دينارا).
وقالت الجمعية إن الإدارة العامة للسجون والإصلاح التونسية رفضت دفع مصاريف العلاج، برغم أن لها ميزانية مخصصة لمثل هذه الحالات، خصوصا وأن عائلته غير قادرة ماديا على التكفل بدفع تلك المصاريف. وأضافت أنه بعد انتظار رد الإدارة لمدة ستة أيام كاملة تعكرت حالة المعتقل العيدودي الصحية، ودخل في غيبوبة متواصلة، مما اضطر الأطباء لإجراء عملية جراحية تقليدية، مع ما قد ينجر عنها من مضاعفات و أضرار, الأمر الذي جعل حظوظه في الشفاء تتقلص، حسب ما جاء في البيان المذكور.
وقد توصلت وكالة « قدس برس » من المحامي سمير بن عمر عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بتونس، بإشعار عاجل الليلة الماضية، يعلم فيه بأن حالة السجين العيدودي قد تعكرت بشدة، واضطر الطاقم الطبي لإدخاله من جديد إلى غرفة العمليات، لمحاولة إنقاذ حياته.
من جهتها طالبت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية، بالسماح للسجين العيدودي بالتداوي، داعية في نفس الوقت للتحقيق في حرمان إدارة السجون لهذا السجين السياسي، والعديد من المساجين السياسيين من التداوي. كما حثت جمعية « العمل والحقيقة » من مقرها في جنيف السلطات التونسية بإطلاق سراح المعتقل العيدودي، بالنظر لخطورة وضعه الصحي.
هذا ووجهت حركة النهضة التونسية المعارضة، التي ينتمي إليها السجين العيدودي، نداء إلى الرأي العام الوطني والدولي، للتدخل لإنقاذ حياة المعتقل العيدودي ومئات المساجين السياسيين الذين يقبعون في السجون منذ حوالي عقد ونصف في ظروف مأساوية، أدت إلى وفاة العديد منهم داخل السجون. وأشارت النهضة إلى أن العديد من قياداتها يتعرضون لمحاولات قتل بطيء داخل السجون، كما هو شأن المعتقل محمد العكروت.
وتعتقل السلطات التونسية بضع مئات من المساجين السياسيين، يحتجز معظمهم منذ مطلع العام 1991، ولا يزالون يقبعون في السجون في ظروف صعبة، بحسب معظم منظمات حقوق الإنسان التونسية والدولية. وتتحدث العديد من هذه المنظمات الحقوقية، بما فيها منظمة العفو الدولية عن موت العشرات من المعتقلين خلال الفترة الماضية، بسبب التعذيب أو جراء الإهمال ونقص الغذاء والدواء.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 3 نوفمبر 2003)
جمعية دولية تحذر من تردي حالة السجناء بتونس
حذرت الجمعية الدولية لمساندة السجناء السياسيين من خطورة الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي يعيشها السجناء السياسيون في تونس نتيجة ما وصفته بالمعاملة السيئة التي يتعرضون لها. وقالت الجمعية في بيان تلقت الجزيرة نسخة منه إن المعاملة السيئة التي يتعرض لها السجناء أدت إلى تردي وضعهم الصحي بصورة مفجعة حسب تعبير البيان، مشيرة إلى أن عددا منهم بدأ إضرابا عن الطعام للمطالبة بتحسين أوضاعهم. وذكر البيان أن عدم استجابة إدارة السجون في تونس لمطالب هؤلاء السجناء أدت إلى إصابة عدد منهم بأمراض خطيرة ووفاة بعضهم. وعدّد البيان حالات كثيرة بين السجناء السياسيين الذين يعيشون ظروفا إنسانية مزرية. ومن بين هؤلاء لطفي العيدودي وزياد الدولاتلي ومحمد بن عياد العكروت وعلي الزواغي ومحمود حنفية. وقالت الجمعية إن وضعية هؤلاء السجناء « ما هي إلا عينة من الحالات المأساوية التي تستوجب تدخلا سريعا وحاسما من السلطات المعنية لوضع حد لهذه المأساة ».
(المصدر :الجزيرة نت بتاريخ 3 نوفمبر 2003 )
|
Deux détenus en danger de mort par manque de soins, selon une association
AFP, le 02.11.2003 à 15h24 TUNIS, 2 nov (AFP) – Deux « détenus d’opinion » emprisonnés depuis plus de dix ans en Tunisie sont en danger de mort faute de soins médicaux adéquats, a affirmé dimanche l’Association internationale pour le soutien des prisonniers politiques (AISPP), non autorisée en Tunisie. Cette association a lancé un « appel urgent » pour sauver Lotfi Idoudi, 37 ans, condamné à 17 ans de prison en 1991 pour activités syndicales dans la mouvance des étudiants islamistes. Celui-ci, souffrant d’asthme et de tuberculose, a été victime d’une hémorragie cérébrale le 25 octobre. Les examens radiologiques ont démontré l’existence d’un anévrisme au cerveau nécessitant une intervention urgente. Cette opération peut être pratiquée dans une clinique privée mais les autorités pénitentiaires ont refusé sa prise en charge, selon l’AISPP. La Ligue tunisienne de défense des droits de l’Homme (LTDH) a, de son côté, adressé un appel aux autorités pour sauver la vie de Lotfi Idoudi, apprend-on par ailleurs. Dans un autre « appel urgent », l’AISPP attire l’attention sur la « situation dramatique » d’un pharmacien de 47 ans condamné en 1990 à 15 ans de prison pour appartenance au mouvement islamiste tunisien Ennahda (interdit). Ziyad Doulatli était dimanche à son 38ème jour de grève de la faim pour réclamer sa libération ou, à défaut, des soins pour diverses maladies dont il souffre (arthériosclérose, maladie des yeux et du colon), selon l’AISPP. Son épouse et ses deux enfants se sont mis en grève de la faim le 1er novembre pour protester contre le transfert de ce détenu dans une prison à plus de 250 km du lieu de résidence de la famille. L’AISPP fait également état de la « détérioration effroyable » de l’état de santé de plusieurs autres « prisonniers politiques » et affirme qu’une douzaine d’entre eux sont décédés en prison par manque de soins appropriés ces dernières années. L’AISPP, fondée en novembre 2002 par des avocats et défenseurs des droits de l’homme, parmi lesquels le juge dissident Mokhtar Yahiaoui, n’a pas été légalisée par les autorités qui l’accusent de servir de « paravent » à l’islamisme radical. Les autorités tunisiennes dénient le statut de prisonniers d’opinion aux détenus islamistes alors qu’Amnesty international estime leur nombre à environ un millier. AFP
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت 75 شارع فرحات حشاد 7001 بنزرت ــ الهاتف 435.440 72 بنزرت في 3 نوفمبر 2003 بـــيــــان
يعلم فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الرأي العام الوطني أن السجين السياسي أنور بن محجوب ونيس الذي حوكم بـ 12 سنة ونصف سجنا وتحصل أثنائها علي عفو بستة اشهر, لم يطلق سراحه عند إنتهاء المدة في 27 سبتمبر 2003. وتعللت إدارة السجون بأن السجين المذكور عليه حكم إستئنافي غيابي يقضي بعقابه سنة ونصف بتاريخ 8 جانفي 1993 حيث وقع الاعلام به وإصدار منشور تفتيش في شأنه بتاريخ 16 جانفي 1996, والحال أن المبحوث عنه يقبع في السجن منذ سنوات. وفي يوم الإفراج إثر خروجه وقع إيقافه بباب السجن من طرف منطقة الحرس الوطني ببنزرت ووقع الاحتفاظ به بصفة غير قانونية مدة يومين ثم أحيل علي الوكيل العام لدي محكمة الاستئناف بتونس الذي أودعه السجن بصفة غير قانونية لأن الحكم الابتدائي الصادر في شانه لم يكن بالنفاذ العاجل. وفي الحال قام السيد أنور ونيس بالإعتراض على هذا الحكم يوم 29 سبتمبر2003 وهو مازال بحالة إيقاف. وقد علم فرع الرابطة ببنزرت أن محكمة الإستئناف بتونس قد قررت التخلي عن ملف هذه القضية علي ذمة محكمة الإستئناف لمدينة بنزرت التي, بجلستها يوم 30 أكتوبر 2003, وبعد المرافعات, قررت إبقائه بالسجن بعد أن رفضت مطلب السراح الذي تقدم به لسان الدفاع ثم أرجت التصريح بالحكم ليوم 6 نوفمبر المقبل. وإذ يعلم فرع الرابطة ببنزرت بهذا الحاصل المؤسف فإنه : – يدين بشدة الإحتجاز اللاقانوني للسيد أنور ونيس وإبقائه بحالة إيقاف بما يخالف تماما أحكام مجلة الإجراءات الجزائية التي تقر بإلغاء الحكم في حال حضور المعترض وقبول الإعتراض، – يستنكر هذا الاستخفاف المؤلم بالبعد الإنساني والعاطفي في تعامل (وزارة العدل) مع هذه الحالة حيث تعمدت إدارة (السجون والإصلاح) إعلام السجين بالحكم الاستئنافي الغيابي إلا في الساعة الأخيرة من يوم خروجه بباب السجن ـ يطالب السلط أن تتقيد بالقانون وتطلق سراح السيد أنور ونيس الذي سقطت في حقه قضية الاستئناف الغيابي في 16 جانفي 2001 أي بعد خمسة سنوات ـ يعتبر فرع بنزرت أن المنطق الأمني الذي اعتمدته الإدارة التونسية فيما أسمته الاستئصال يؤدي حتما إلي طريق مسدود, وبناءا عليه يطالب الفرع باعتماد منطق آخر يراعي الحقوق المكتسبة للإنسان ويحفظ له كرامته. عن هيئة الفرع علي بن سالم
Tahar Dhifallah a été renvoyé au Niger ce matin
Par : LuizaToscane Au terme de plus de deux semaines d’attente, après avoir refusé à trois reprises d’embarquer pour le Niger, le pays tiers par lequel il avait transité, Tahar Dhifallah a été contraint par la force d’embarquer ce matin sur le vol de 10h50 en partance de Roissy pour Niamey.
Il était arrivé en provenance du Niger samedi 18 octobre à l’aéroport Charles de Gaulle de Roissy pour y demander l’asile et s’était vu notifier mercredi 22 octobre un refus d’admission en France par le ministre de l’Intérieur, ce dernier ayant estimé sa demande « manifestement infondée ».
Il lui avait également été notifié qu’il serait renvoyé au Niger sur un vol en partance vendredi 24. Tahar Dhifallah a été conduit à deux reprises, les 24 et 26 octobre, à l’aéroport et il a refusé par deux fois d’embarquer à bord du vol en partance pour Niamey.
Plusieurs associations sont intervenues au niveau du ministère de l’Intérieur. Mardi 28, il a été procédé à un nouvel entretien de Tahar Dhifallah dont le résultat ne lui a pas été communiqué.
Mercredi 29, le Tribunal de Grande Instance de Bobigny a prolongé pour huit jours son maintien en zone d’attente internationale.
Vendredi 31, il avait été emmené à l’aéroport pour être embarqué à bord du vol de 10H 50 pour le Niger et avait refusé, pour la troisième fois, d’embarquer. Il avait alors été reconduit en zone d’attente. (RAPPEL : Tahar Dhifallah venait d’obtenir une maîtrise en physique fondamentale, lorsqu’il a été arrêté le 21 février 1994 et condamné le 3 mars de la même année à huit mois d’emprisonnement en appel par le tribunal de Médenine dans le cadre d’une affaire visant le Parti de la Libération Islamique (clandestin). Il a été accusé de « détention de tracts » avec « intention de les distribuer ».
A sa sortie de prison, il a été soumis à un contrôle administratif illégal, car non prévu par le jugement, et a subi l’arbitraire et le harcèlement incessant de la police. Ainsi, il a été obligé d’émarger quotidiennement et en 1997, le pointage est devenu bi-quotidien. Il a été dans les faits assigné à résidence, toute sortie hors de Remada devant faire l’objet d’une autorisation policière préalable.)
ENTRETIEN
Tunisie – Une avocate prête à mourir pour les droits
par Gilles Trequesser REUTERS, le 02.11.2003 à 17h20 TUNIS, 2 novembre (Reuters) – L’avocate tunisienne Radhia Nasraoui, connue pour son action en faveur des droits de l’Homme, se dit prête à mourir et à aller jusqu’au bout de la grève de la faim qu’elle a commencé le mois dernier pour faire cesser le harcèlement et les brutalités dont elle accuse les autorités. Nasraoui se bat depuis plus de dix ans contre la torture, les arrestations arbitraires et les emprisonnements injustifiés en Tunisie. « Comme avocate, je ne peux pas ne pas dénoncer la torture. On veut faire de moi la complice des tortures. Jamais. Quitte à mourir! », a-t-elle dit à Reuters samedi, au 18e jour de sa grève de la faim. Nasraoui, qui souffre toujours de pertes de mémoire et de douleurs à l’estomac, conséquences d’une première grève de la faim de 38 jours en 2002, a entamé le 15 octobre un jeûne de durée indéterminée pour protester contre ce qu’elle qualifie de harcèlement systématique de la part du gouvernement, de brutalités et de surveillance policière. « Je suis contre les actions individuelles, ça ne va pas changer le monde », reconnaît-elle d’une voix faible, allongée sur un canapé dans son modeste appartemment tunisois. « Mais c’est la seule manière de dénoncer ces pratiques sauvages (…), d’attirer l’attention des organisations internationales, des partis progressistes, ceux qui croient aux droits humains », ajoute-t-elle, entre les saluts chaleureux des visiteurs qui se succèdent presque sans interruption et les appels sur son téléphone portable d’amis et de soutiens en Tunisie, mais aussi en France, en Belgique, en Autriche, en Suisse ou en Irlande. Le gouvernement du président Zine el-Abidine Ben Ali n’a fait aucun commentaire à propos des accusations de Nasraoui. Sa grève de la faim n’a pas été non plus annoncée ou commentée par les médias locaux, étroitement contrôlés. LEGERE AMELIORATION POUR LES DISSIDENTS Ben Ali est au sommet de l’Etat depuis 16 ans. La Constitution amendée lui permet de briguer un nouveau mandat en 2004 mais aussi en 2009 et il pourrait donc, s’il est réélu, diriger le pays jusqu’en 2014. Il est parvenu à maintenir la stabilité sociale et à réprimer l’opposition islamiste radicale tout en entretenant une relative prospérité économique dans un pays apprécié des touristes européens. Mais les dirigeants de l’opposition et les défenseurs des droits de l’Homme affirment que le gouvernement ne tolère aucune opinion divergente, viole régulièrement les droits humains fondamentaux et est en train de faire de la Tunisie un Etat policier. Selon Bechir Sid, premier avocat indépendant à présider l’Ordre des avocats tunisiens, sa profession est la première cible des autorités. Selon lui, 70 avocats auraient ainsi été battus par des policiers en civil depuis deux ans. « Le pouvoir cherche a empêcher cette indépendance (…), ils n’aiment que ceux qui suivent, nous n’avons pas choisi cette voie, nous sommes le dernier rempart », a-t-il dit à Reuters. Selon des diplomates, la réelle préoccupation du gouvernement est en fait le renouveau politique du parti islamiste interdit Nahda. Pendant longtemps, Nasraoui a été la seule avocate laïque désireuse de représenter les islamistes et a souvent attiré l’attention d’associations telles qu’Amnesty International sur leurs cas. « Si je défends les islamistes, ça ne veut pas dire que je suis d’accord avec eux. Je ne peux pas admettre qu’on torture quelqu’un parce qu’il est islamiste », explique-t-elle. Selon Nasraoui, qui aura 50 ans ce mois-ci, la situation des opposants s’est légèrement améliorée ces derniers mois. Certaines personnes dont le passeport avait été confisqué sont ainsi désormais autorisées à voyager à l’étranger. « Mais le nombre d’agressions physiques est en augmentation, » nuance-t-elle. « La peur n’a pas disparu mais les gens osent de plus en plus dire non. Il y a cinq ans, les gens n’osaient pas saluer les défenseurs (des droits de l’Homme). Personne n’osait frapper a ma porte ». REUTERS
Communiqué
Après 8 mois de silence, la plainte que Maître Bochra Belhadj Hamida avait déposé en mon nom, le 28 février 2003, contre un agent de la police universitaire qui m’avait violemment agressé, quelques jours auparavant, devant l’entrée de la faculté des Lettres de Mannouba où je travaille, vient d’être suivie d’effets ; une enquête a été ouverte !
C’est dans le cadre de celle-ci que je viens d’être convoqué, à la Gendarmerie de Oued Ellil. La convocation portait la date du 22 octobre 2003 ; soit quelques jours après l’annonce de la «Campagne internationale pour la liberté en Tunisie ».
Parmi les nombreuses réclamations de cette campagne figure la demande que nous avons formulé auprès du Procureur général de la Cour d’Appel de Tunis concernant les nombreuses plaintes déposées par les militant-e-s associatifs et les défenseurs des droits humains et qui n’ont jamais fait l’objet d’enquête.
L’ouverture de cette enquête est certes peu de chose, eu égard à la montagne d’injustices qui s’est formée au fil des années dans notre pays, mais c’est aussi, d’un autre point de vue, un point que nous arrachons contre un pouvoir obstinément anti-démocratique.
Et la lutte continue… Tunis, le 1 novembre 2003 Fathi Chamkhi Enseignant à la Faculté des Lettres de Mannouba Militant altermondialiste
(Source: la liste de diffusion de Raid attac tunisie le 03-11-2003)
التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات
دعوة
يتشرّف التكتّل الديمقراطي من أجل العمل و الحرّيات بدعوتكم إلى حضور ندوة تقييمية موضوعها:
7 نوفمبر 1987 – 7 نوفمبر 2003 : 16 سنة… وبعد ؟
خلال أمسية الخميس 6 نوفمبر ومحورها المؤسسات الجمهورية والحزب الواحد
وأمسية السبت 8 نوفمبر 2003 ومحورها المؤسسة القضائية والواقع الإعلامي
وذلك بمقرّ التكتّل، الكائن بتونس 4 نهج أنقلترا، ابتداء من الساعة الثامنة ليلا
بقلم: رشيد خشانة أتى التغيير الذي ازاح الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 1987 حاملاً اعترافاً ووعداً: الاعتراف بأن الشعب بلغ درجة من النضج لا يستحق معها البقاء في ظل الاستبداد والحكم الفردي، والوعد بإرساء نظام تعددي تحترم في ظله حقوق الانسان والحريات ويقوم على الانتخابات النزيهة والتداول على الحكم. لكن الحصاد، بعد 16 عاماً من ذلك الاعلان، يشير الى هوة بين الشعار والواقع. فالمشهد التونسي الذي كان خصيباً قياساً الى الساحات العربية الاخرى في أواخر الثمانينات اجتاحه التصحر الشامل فقضى على نضارته وشلّ عطاءه واقفل امامه آفاق التطور الفسيحة التي اتاحها التخلص من نظام الحزب الواحد. بدل الانتخابات الحرة والشفافة اتى اول استحقاق انتخابي، بعد سنتين من حلول النظام الجديد، مخيباً للآمال اذ عاود انتاج مجلس من لون واحد فشكل صدمة قوية للمجتمع وأحدث شرخاً مع الدولة ما انفك يتعمق مع مرور الزمن. بعد ذلك بددت حرية الصحافة مربعاً بعد الآخر وطوقت فضاءات العمل السياسي والحقوقي وانطلقت في بواكير التسعينات محاكمات الرأي التي طاولت اهم خصم سياسي للحكم، ليكتمل المشهد في اواسط التسعينات باقامة برلمان تعددي من معارضين معينين، قبل ان تعدل هذه الطبعة التونسية من « الديموقراطية المسؤولة » في الانتخابات الاخيرة (1999) تعديلاً طفيفاً… لسحب من لم يفهموا دورهم. اكثر من ذلك، وعد بيان التغيير بالغاء الرئاسة مدى الحياة التي ارساها بورقيبة في سنة 1975، الا ان التعديل الشامل الذي ادخل على الدستور في « استفتاء » السنة الماضية، كسر سقف الولايات الرئاسية التي كانت محددة بثلاث (فقط؟) وأسس لحكم غير مقيد بزمن ولا خاضع لرقابة برلمان او سلطة قضاء. حتى الحزب الحاكم الذي كان يتمرد احياناً على بورقيبة ويفرض عليه تعايش الاجنحة أُدخل بيت الطاعة فبات جهازاً ادارياً متضخماً يعمل بقواعد الانضباط الهرمي من دون رأي في تسيير دفة الحكم. والطبقة السياسية التي تعلمت اصول العمل السياسي في مدرسة بورقيبة أبعدت بالكامل ليحل محلها موظفون بلا مشروع ولا صدقية. بعد 16 عاماً على « التغيير » تلوح الصورة اليوم كئيبة: نشطاء ملاحقون في كل مكان ولا سلاح لديهم سوى الاضراب عن الطعام والتهديد بحياتهم، نخبة يائسة كفّت عن العطاء لأنها لم تعد تؤمن بجدوى ما تعطي، احزاب بعضها مدجن وبعضها الآخر محاصر او مضروب، سجون مليئة بالسياسيين الذين مضى على اعتقالهم اكثر من ثلاثة عشر عاماً، كفاءات اعلامية واكاديمية واقتصادية هجرت البلد بحثاً عن مكان للتنفس ولو في الغربة، خريجون عاطلون عن العمل يملأون المقاهي ويعززون كتائب المجرمين، شباب لا يحلم سوى بالوصول الى سواحل « لامبيدوزا » الايطالية ولو قضى في الطريق… مع ذلك يستحق التونسيون شهادة تقدير لأنهم تحكموا بأعصابهم وضبطوا النفس فلم يحولوا صراعهم ضد هيمنة الحزب الواحد الى حرب اهلية. وهم يستأهلون، قبل ذلك، نظاماً حديثاً ومنفتحاً، ففي بلدهم ابصر النور اول دستور في العالم العربي (1861)، وظهر اول حزب سياسي (1911) واول نقابات عمالية (1924) واول رابطة حقوق انسان (1977)… واثبتت نخبتهم حيوية مميزة طوال قرن ونصف القرن، الا انها لم تقطف ثمار التحديث حتى اليوم. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 3 نوفمبر 2003)
تونس والمغرب تتنافسان على « خـردة » السلاح الألماني!
دير شبيغيل … البحرية الالمانية تبيع غواصاتها القديمة نتيجة الضيق المالى
برلين – 1 – 11 (كونا) — قالت مجلة « دير شبيغيل » ان وزارة الدفاع الالمانية لاحظت ان هناك اهتماما كبيرا من دول عدة بشراء غواصات المانية قديمة حتى قبل سحبها من الخدمة.
واضافت المجلة الالمانية فى تقرير نشرته فى عددها الاسبوعى اليوم انه نظرا للضيق المالي الذي تعاني منه ميزانية وزارة الدفاع الالمانية فقد قرر وزير الدفاع بيتر شتروك خلال شهر مايو الماضي سحب عشرة غواصات من طراز » اس 143 » مجهزة بطوربيدات ومدافع وصواريخ « اكسوسيت » من الخدمة في موعد اقصاه نهاية عام 2005 .
ونقلت عن شتروك قوله ان هناك ست دول من مختلف انحاء العالم ومن بينها تونس والمغرب تتنافس على الحصول على تلك الغواصات التي يبلغ عمر كل واحدة منها حوالي 30 عاما وانه نبه الى ان غالبية الدول المهتمة بشراء الغواصات تتميز بشيء مشترك وهو انها لا ترغب في دفع أي مبلغ مقابل الحصول على الغواصات .
وتقول دير شبيغل ان شتروك لا يرغب الان في ان يبيع الغواصات مقابل لا شيء او باسعار زهيدة خاصة بعد ان رفضت مؤخرا دائرة مراقبة الحسابات الاتحادية بيع 128 دبابة من نوع « ليوبارد »لبولندا باسعار منخفضة.
(المصدر: وكالة الأنباء الكويتية كـُـونا بتاريخ 1 نوفمبر 2003)
La Tunisie site industriel pharmaceutique
Par: Khaled Boumiza * ProMetic SV Inc, la Pharmacie centrale de Tunisie et l’ACDI auront des participation « in kind » dans ce projet d’un coût de 60 MDT sur un terrain offert par la Tunisie au technopôle de sidi Thabeut et qui entrerait en production en 2006. Une banque privée tunisienne et un fonds arabe s’y intéressent. * Clonage d’un laboratoire de recherche Pierre Fabre, à Sidi Thabeut aussi, sera spécialisé en cancer, à partir de plantes tunisiennes et africaines pour des médicaments biologiques dont la Tunisie tirera les royalties Organisé les 14 et 15 à Tunis, le symposium international de l’industrie pharmaceutique a tenu ses promesses. Au moins deux projets ont été annoncés. Le premier concerne la fabrication, en Tunisie et plus précisément dans la technopole de Sidi Thabeut, de nouveaux médicaments issus de la biotechnologie. Il s’agit notamment de médicaments des familles des interférons et de l’erythropoeïtine. L’intérêt du projet réside dans le fait que celui-ci fera entrer la Tunisie dans l’ère de la fabrication, proprement dite, du médicament et de la maîtrise des processus de fabrication, sur la base de licences internationales et même locales (comme celles de l’institut Pasteur de Tunis). Mais elle réside aussi dans le fait que cela se fera dans le cadre d’un partenariat multilatéral et essentiellement Tuniso-Canadien. Dans un premier temps et sur la base d’une alliance de premier plan signée à l’occasion du symposium, Prometic, la Pharmacie centrale de Tunisie (PCT) et l’Institut Pasteur de Tunisie, prépareront l’étude du projet pour en faire un dossier bancable, détermineront les approches techniques et de propriété intellectuelle et le présenter, pour financement, aux institutions financières et investisseurs privés. Une fois le tour de table bouclé, une société Tunisienne sera créée, avec pour but de produire des médicaments bio-pharmaceutiques, parmi les plus vendus dans les pays développés qui s’attaquent à des maladies particulièrement destructrices en Afrique et au Moyen Orient, dont les hépatites et certains cancers. On sait dés à présent, d’après les déclarations de Pierre Laurin président de l’entreprise canadienne, que « ProMetic Sciences de la Vie Inc, accordera une licence exclusive à cette société et devrait permettre l’utilisation des technologies ProMetic pour la production et la commercialisation de 4 produits précis en Afrique, Moyen Orient et une partie de l’Europe ». Ces produits devraient conféré à la société en création, un marché potentiel de 1,5 milliards de dollars. Le coût de cette licence aurait été estimé à quelques 5 MDT et représenterait la participation « in kind » de ProMetic dans le capital de la nouvelle société. L’entreprise canadienne devrait aussi occuper le siège de gérant de l’entreprise qui sera créée à Sidi Thabeut en Tunisie. On croit aussi savoir que la Pharmacie Centrale de Tunisie serait intéressée, dans un deuxième temps et après, par une entrée dans le capital de l’entreprise. L’entreprise, dont la prochaine création a été saluée à la bourse de Toronto, où ProMetic est cotée; cette dernière a tenu à faire bénéficier ses actions de l’effet d’annonce en direct de Tunis, et a déjà suscité un intérêt certain. On croit ainsi savoir qu’une banque privée tunisienne, déjà impliquée dans le domaine de la santé et plus particulièrement dans le secteur des cliniques, ainsi qu’une société d’investissement arabe, auraient déjà manifesté leurs intérêts et leurs désirs de faire partie du tour de table pour le financement de la société tunisienne, dont le coût de l’investissement est estimé à 60 MDT. Le communiqué publié à l’issu de ce symposium fait aussi part de la possibilité d’un financement de l’ACDI (Agence Canadienne de Développement International. Piloté par un comité constitué de M. Naceur Gharbi, PDG de la PCT, du professeur Amor Toumi DG de la pharmacie et du médicament au ministère de la santé tunisienne et le professeur Koussay Dallagi Directeur de l’institut Pasteur de Tunisie, devrait avoir un temps de maturation de 30 mois et entré en production dans un délai 36 mois, c’est à dire en 2006. Pierre Fabre en Tunisie Qualifiée de « rêve réalisé » par le Professeur Amor Toumi, la seconde annonce faite à la fin des travaux du symposium, concerne un projet de recherche de nouveaux médicaments du cancer, par l’exploration des plantes médicinales tunisiennes et africaines. Plus important, le projet fera appel à la biologie moléculaire et à la robotique. Le projet devra voir le jour en partenariat avec les laboratoires Pierre Fabre dont un laboratoire sera créé ou répliqué dans le technopole de Sidi Thabeut, au Nord de la capitale tunisienne. Le terrain sera accordé gratuitement et dont la construction sera supporté par le laboratoire français. Un accord a déjà été finalisé entre les deux parties, la propriété des découvertes faites par le laboratoire tunisien sera à moitié, celle de l’Etat tunisien et cela en cas où les plantes à la base de la découverte est Tunisienne. An cas où les plantes sont d’une origine, autre que tunisienne, la propriété de la molécule découverte sera (au tiers) partagé entre la Tunisie, les laboratoires Pierre Fabre et le pays d’origine. Le CNRS peut également être associé à ce cadre de propriété s’ il est propriétaire de la cible biologique. Remarque importante, le laboratoire Pierre Fabre Tunisie ne fabriquera pas de médicament. Il se contentera de la recherche et utilisera ou vendra un tiers des licences des médicaments découverts. Des royalties seront donc versées aux propriétaires de la molécule cible sur chaque boite de médicament fabriquée. (c) Management & Nouvelles Technologies, le 02-11-2003 à 7h00 Lien Web : http://www.webmanagercenter.com/management/imprim.php?id=3191&id2=
Tunisia to highlight exciting duty free developments at Dubai expo
Privatisation of duty free sales in Tunisia is to be highlighted at the first ever Middle East Exclusive duty free exhibition being held in Dubai this December.
A Tunisian delegation which will attend the show will be led by Tarek Hamila, owner of the country’s concessionaire Hamila Duty Free. Hamila, which is celebrating it’s 20th anniversary, runs duty free shops on land, in the air and at sea. Cross-Mediterranean ferries running between Tunis and Marseille in the South of France and Genoa in southern Italy have Hamila duty free shops on board. Hamila has also recently signed a five year contract to operate in-flight duty free sales aboard the six aircraft fleet of Tunisian charter company Nouvelair. Flag carrier Tunisair is also privatising its on-board duty free sales and Hamila is bidding for that five year contract too. And a $500,000 refurbishment of Hamila’s diplomatic duty free shop is also underway in Tunis where foreign government representatives can stock up on cut price luxuries. ‘It’s an exciting time for our company with lots of new development in our business where privatisation is the key. Our president is looking forward to coming to Dubai and delivering a presentation on the developments in our country and hearing what’s happening elsewhere too,’ said Hamila spokeswoman Ghofrane Zitouni. ‘Seeking out new and innovative product lines will also be a high priority for us.’ More than 100 exhibitors responsible for internationally recognized names, to small and highly exclusive brands, will be at the Dubai World Trade Centre from December 1-3 to tap into the ever growing Middle East Duty Free and Luxury Goods market. The region’s Duty Free sales alone are expected to double by 2010, according to recent reports from Middle East Duty Free Association (MEDFA). To date, exhibitors from Europe the Far East, the Indian Sub-continent, Russia, the USA and the Middle East have contracted for Middle East Exclusive, which is organised by Channels Exhibitions. Middle East Exclusive is being held under the patronage of HH Sheikh Ahmed bin Saeed al Maktoum, President, Department of Civil Aviation, Government of Dubai and Chairman of the Emirates Group. The show is supported by Dubai Duty Free and the Middle East Duty Free Association (MEDFA). Associated with Middle East Exclusive is a duty free conference organised by MEDFA for December 3 and 4 and the invitational Dubai Duty Free Golf World Cup.
(Source : AME Info, le 3 novembre 2003)
lien web: http://www.ameinfo.com/news/Detailed/30769.html
FLASH INFOS
تصحيح
مصدر مقال الأستاذ أحمد قعلول الذي نشرناه في مراسلتنا بتاريخ 02ـ11ـ2003 هو مجلة أقلام أون لاين وليس سويس إننفو كما أشرنا
معذرة للأستاذ أحمد و لقراءنا الكرام
أوزان التونسيين في ازدياد فى رمضان
تونس (رويترز) –
أظهرت أرقام رسمية أن معدل زيادة الاستهلاك لدى التونسيين يتزايد فى شهر رمضان بنسبة لا تقل عن ٣٠ بالمئة مقارنة بباقى شهور السنة. كما أظهرت دراسات طبية أن حوالى ٣٥ بالمئة من الرجال يزداد وزنهم فى رمضان وترتفع النسبة لدى النساء الى ما يقارب ٦٠ بالمئة.
وتختلف نسبة الزيادة من سلعة غذائية الى أخرى حيث تبلغ ٧٨ بالمئة بالنسبة للبيض و٤٠ بالمئة للحوم الابقار و٥٩ بالمئة للحم الاغنام كما يرتفع استهلاك أنواع معينة من الخبز تتوفر فى شهر رمضان فقط.
ولم تحدد هذه الاحصاءات حجم انفاق التونسيين فى رمضان لكن اخر معطيات حكومية كشفت أن معدل نفقات الاسرة التونسية يفوق ستة الاف دينار (خمسة ألاف دولار) فى السنة وأكثر من ١٣٠٠ دينار للفرد سنويا.
(المصدر: موقع أرابيا.كوم نقلا عن وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 2 نوفمبر 2003)
المحجبات يهربن من تركيا لدخول الجامعة بالنمسا
في الوقت الذي تحظر فيه السلطات التركية بنصوص الدستور دخول الطالبات المحجبات إلى الجامعات لاستكمال دراستهن الجامعية اضطرت الطالبات اللاتي يرتدين الحجاب للهرب إلى النمسا لتلقى التعليم العالي والجامعي .
ووصفت صحيفة ميلليت التركية الصادرة اليوم العاصمة النمساوية فيينا بأنها أصبحت ملجأ لتخريج الطالبات المحجبات من جامعات النمسا .
وأضافت أن طالبات المدارس الدينية التركيات من المحجبات اللاتي يتوجهن للنمسا يجدن شخصيات يقومون بالتكفل بنفقات دراستهن الجامعية ويوفرون لهن أماكن للإقامة .
والجدير بالذكر أن الدستور التركي العلماني يحظر دخول المحجبات إلى المؤسسات الرسمية للدولة والى المدارس أو الجامعات.
(المصدر: موقع « الإسلام اليوم » بتاريخ 3 نوفمبر 2003)
Les enterprises tunisiennes très endettées La « centrale des risques » de la Banque centrale tunisienne (BCT) a récemment dressé la liste des groupes tunisiens les plus endettés (ainsi que des banques créancières). Cette liste, en principe confidentielle, ne comporte pas moins de 127 noms, dont ceux de presque tous les ténors du monde local des affaires. Seize entreprises ont un endettement supérieur à 100 millions de dinars (80 millions d’euros).
Succès de l’emprunt de la STB
La signature de l’emprunt lancé sur le marché financier international par la Société tunisienne de banque (STB), initialement fixée pour le 20 octobre (voir J.A.I. n° 2231, p. 9), a été reportée. La raison en est le succès rencontré par cette levée de fonds : la demande a atteint les 150 millions de dollars, alors que la STB en recherchait 75. Celle-ci envisage maintenant d’emprunter jusqu’à 100 millions de dollars. L’opération est pilotée par l’Arab Banking Corporation, basée à Bahreïn, et par deux banques françaises, le Crédit Lyonnais et Natexis.
(Source: JA/L’Intelligent N°2234 du 2 au 9/11/2003)
Ford Ranger en Tunisie
Alpha Ford, une société tunisienne dirigée par l’homme d’affaires Hamadi Touil, implante actuellement dans la banlieue sud de Tunis une usine de montage de pick-up Ford Ranger, avec l’aide du constructeur américain. L’objectif est de produire 3 500 véhicules par an et d’en exporter une partie en Afrique. Jusqu’à présent, le marché était dominé par le pick-up Usuzu (entre 4 000 et 5 000 véhicules par an). Alpha Ford distribue également les voitures de tourisme Ford et les bus MAN.
(Source: JA/L’Intelligent N°2234 du 2 au 9/11/2003)
Transport public : Une nouvelle génération de bus en service
La Société Tunisienne de Transport (STT) vient d’acquérir deux cent quarante-neuf bus (249) dont 50 unités sont déjà mises en circulation. Dénommés «Irisbus», ils sont munis d’options qui garantissent la protection et la sécurité du passager d’une part, et favorisent la préservation de la propreté de l’environnement d’autre part. En effet, ces véhicules sont équipés d’un système automatique de filtration antipolluant.
(Source: le portail www.bab-el-web.com, d’aprés La Presse du 3 novembre 2003)
Fruits ramadanesques : Disponibilité sur le marché
Les autorités de tutelle ont prévu un stock de réserves comprenant 10 mille tonnes de pommes, 10 mille tonnes de poires et 6 mille tonnes de raisins, sans oublier l’importation de grandes quantités de bananes.
(Source: le portail www.bab-el-web.com, d’aprés Tunis Hebdo du 3 novembre 2003)
Conserves exportées : Une évolution de 440%
Sept mille huit cent quarante tonnes de conserves et semi-conserves alimentaires ont été exportées au titre du premier semestre 2003 contre seulement mille quatre cent quarante-huit tonnes réalisées au cours de la même période en 2002, soit une évolution de 440 %.
(Source: le portail www.bab-el-web.com, d’aprés Tunis Hebdo du 3 novembre 2003)
Espace Fouq Essour : Ramadan en livres
A partir d’aujourd’hui, lundi 3 novembre, l’espace «Fouq Essour» organise, jusqu’au 20 courant, une série de rencontres littéraires intitulée «Ramadan en livres». La première aura lieu avec Aymen Hacen, un jeune poète de 22 ans, normalien, ayant reçu plusieurs prix de poésie et qui vient de publier son 2èmc recueil, «Au creux de ma main» (éd : L’Harmattan). D’autre part, «Ramadan en livres» rendra hommage à Hamadi Essid, décédé en novembre 1991 et Habib Chebbi, auteur de «La fêlure».
(Source: le portail www.bab-el-web.com, d’aprés Tunis Hebdo du 3 novembre 2003)
جذور الدكتاتورية ونشأة الديمقراطية المريضة في تونس
الأستاذ أحمد السميعي (*)
في البداية أود أن أنبه القارئ الكريم إلى أن اختيار هذا العنوان قد شدني بعض الوقت. وقد اهتديت إليه بعد تفكير وتأن, لأن الفكرة التي كنت أريد التحدث عنها، هي قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان في بلادنا, فكانت البداهة تقضي بعنونة هذا المقال، بـ”الديمقراطية وحقوق الإنسان في تونس”، أو “الحركة الديمقراطية في تونس”، أو “ المسار الديمقراطي في تونس”، أو “ إشكاليات الديمقراطية في تونس“، الخ.. إلا أني كنت أحس بضيق، ولم أكن مرتاحا لمثل هذه العناوين، لأنها توحي كلها بوجود شيء اسمه الديمقراطية في بلادنا. وفي هذا الإيحاء هناك تجن على الواقع، الذي يتميز بتفشي عقلية العناد والانغلاق والاستبداد والقمع والتآمر، ولا تتعدى فيه الديمقراطية بعض الشعارات والأحاديث، كما سنتبين ذلك في هذا المقال. وعلى هذا الأساس اخترت هذا العنوان.
مفهوم الديمقراطية وحدودها
إذا كانت هذه الكلمة المطلة علينا من أثينا منذ عدة قرون قبل الميلاد تعني “حكم الشعب” (مع كثير من الانتباه لمفهوم كلمة شعب)، فإنه من الصعب إيجاد معنى دقيق ومتفق عليه لهذه الكلمة في هذا العصر، خارج التعريف الفضفاض الموجود في المعاجم، والذي يذكّر بأصل هذه الكلمة ومعناها في اللغة الإغريقية.
وإذا كان الفصل بين السلطات وضمان الحريات واعتماد الاقتراع الحر لاختيار ممثلي الشعب في المجالس النيابية، تعتبر اليوم، وبشكل عام، الركائز الأساسية لكل نظام ديمقراطي، فإن كل الديمقراطيات، التي ظهرت في العصر الحديث تتسم بالتنوع، من حيث المحتوى، ومن حيث الشكل، حسب المجتمعات، كما تتسم بالتطور والنمو مع مرور الزمن.
ففي بريطانيا يعتبر“ إعلان الحقوق” بعد ثورة 1688، التي حّدت من سلطات الملك، وأسست الملكية الدستورية، أهم محطات الديمقراطية الإنجليزية، رغم أن حق الاقتراع بقي حكرا على الأغنياء، ولم يقع الاعتراف بالاقتراع العام إلا بعد الحرب العالمية الأولى. وكانت الديمقراطية تتطور مع الوقت، وبهدوء نسبي، على وقع النضالات والمعارك، التي كان يخوضها العمال ضد أرباب العمل.
وتعتبر ثورة 1789 و“إعلان حقوق الإنسان والمواطن”، الذي رافقها، أهم محطة في تاريخ الديمقراطية الفرنسية. ولكن بنود هذا الإعلان لم تدخل فعليا في التشريع الفرنسي إلا سنة 1879، أي بعد قرن كامل من الصراعات الدموية الطاحنة، على خلفيات طبقية وإيديولوجية. ولم يقع الاعتراف بحق التصويت للمرأة إلا بعد الحرب العالمية الثانية.
وبصفة عامة انتشرت القيم الديمقراطية، في كل أنحاء أوروبا، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدرجات متفاوتة، وبقيت طبيعة نظام الحكم (ملكي جمهوري رئاسي برلماني…) تختلف من بلد إلى آخر، وكذلك تركيبة المجالس النيابية وصلاحياتها. أما في المجال الاجتماعي والاقتصادي، فقد تعددت الاتجاهات وتضاربت.
فالليبراليون كانوا يركزون على حرية المبادرة والتبادل الحر، بينما كان الاشتراكيون يركزون على المطالبة بتحسين الأجور، وبالضمانات الاجتماعية، والحد من ساعات العمل. أما الديمقراطيون المسيحيون، فكانوا يركزون على ضرورة انسجام الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية مع التعاليم المسيحية، ويسعون إلى إعطاء دور أهم للكنيسة داخل المجتمع.
وإن ما يجب ذكره، والتأكيد عليه، هو أن كل هذه التيارات الاجتماعية والسياسية (ليبرالية- اشتراكية ديمقراطية- مسيحية ديمقراطية- راديكالية- شيوعية- قومية ودينية)، هي التي ساهمت في بناء الديمقراطية في أوروبا، عبر صراعاتها المتواصلة، السلمية حينا، والعنيفة حينا آخر.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر في الواقع امتدادا لأوروبا، فقد أعلنت في دستورها منذ بداية الاستقلال سنة 1776 أن “المواطنين متساوون جميعا في الحقوق والواجبات”، ورغم ذلك لم يقع إلغاء العبودية إلا بعد قرن من ذلك التاريخ. ولم يقع الاعتراف بالحقوق المدنية للسود إلا في بداية الستينات من القرن العشرين.
ومن المفارقات المثيرة بالنسبة لمن يتحدث اليوم عن الديمقراطية، أن السبب الأساسي، الذي دفع “الحزب الديمقراطي”، المنتشر في الجنوب، إلى شن حرب الانفصال عن الشمال، في منتصف القرن التاسع عشر، هو إقدام الحزب الجمهوري الحاكم آنذاك على إلغاء العبودية، التي كان يتمسك بها الديمقراطيون، وهم من كبار الملاكين، الذين يعتمدون على العبيد، في كل أشغالهم.
لكنه لا غرابة في هذا الأمر إذا كان يقصد بالديمقراطية نظاما سياسيا، يشبه نظام أثينا القديم، الذي كان يقوم هو أيضا على العبودية، ولا تنطبق فيه كلمة مواطن إلا على قلة قليلة من السكان (حوالي نسبة 1 إلى 5). والديمقراطية الأمريكية كانت وما زالت ترتكز أساسا على حرية المبادرة، واقتصاد السوق، ولا تعير أي اهتمام للمشاكل الاجتماعية والثقافية.
وبعد الحرب العالمية الثانية، استعملت الديمقراطية من قبل الغرب كشعار لمحاربة الشيوعية، باعتبارها نقيضا لها. وقد ركزت الديمقراطيات الغربية دعايتها، في هذه الحقبة، على شعار الحريات (حرية الفكر- حرية المعتقد- حرية التعبير- حرية الملكية- حرية الشغل- حرية التنقل…)،، وهي الحريات التي صادرتها الأنظمة الشيوعية الماركسية تحت شعار دكتاتورية البروليتاريا. إلا أن الشيوعية هي الأخرى ركزت دعايتها على شعار مقاومة استغلال الإنسان للإنسان، واعتبرتها التعبير الأصح عن الحرية. وقد ذهبت عديد الأنظمة الشيوعية إلى اتخاذ اسم “ديمقراطية شعبية”، تعبيرا عن هذا المعنى.
وبعد سقوط جدار برلين، وانهيار الاتحاد السوفيتي، والمنظومة الاشتراكية، واستفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم، أصبح شعار الديمقراطية يرفع في كل أنحاء الدنيا. لكن الغطرسة الأمريكية، والحروب العديدة، التي خاضتها في كل أنحاء العالم باسم الديمقراطية، مستغلة تفوقها العسكري، متجاوزة مفهوم الشرعية الدولية، ومستخفة بكل القوانين والقيم، يجعلنا نتساءل اليوم عن مدى مصداقية هذه الديمقراطية وأهميتها وحدودها.
إنه من المهم في البداية أن نلاحظ أن الحملات الاستعمارية الشرسة والمكثفة، انطلقت أساسا بعد تركيز الديمقراطية في أوروبا. وكان أنصار الاستعمار في الغرب يدعون نشر الحضارة وقيم الحرية والمساواة في العالم، رغم الممارسات البشعة المنافية لأبسط حقوق الإنسان، التي جابهت بها القوات الاستعمارية كل الشعوب المستهدفة.
ومن المهم أيضا أن نذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تدعي الدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية في العالم، هي التي أطلقت قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين، مقترفة بذلك أفظع جريمة (1) في حق الإنسانية وقعت في التاريخ. وقد حصدت هذه الجريمة أكثر من مائتي ألف ضحية، وما زالت آثارها المدمرة باقية إلى الآن.
والولايات المتحدة الأمريكية هي التي استعملت قنابل النابالم الحارقة والمحرمة دوليا ضد الشعب الفيتنامي، مقترفة أفظع الجرائم باسم الدفاع عن الديمقراطية. والولايات المتحدة هي التي اغتالت الديمقراطية، التي تدعي الدفاع عنها، لحماية مصالحها في الشيلي سنة 1971.
والولايات المتحدة هي التي تدعم الكيان الصهيوني منذ تأسيسه، وهي ما فتئت تشجعه على ارتكاب أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، وتستعمل حق النقض في مجلس الأمن، لتمنع أي إدانة دولية لهذا الكيان الغاصب العنصري.
وهاهي الولايات المتحدة اليوم تستعرض عضلاتها على الشعوب الضعيفة، في كل أنحاء المعمورة، تقتل الأبرياء، وتشرد العائلات، وتصادر الأموال، ضاربة عرض الحائط بكل القيم الأخلاقية، وبكل القوانين الدولية.
وإذا أضفنا إلى كل هذه الملاحظات حالة الفوضى السائدة في العالم الآن، والحرمان والتهميش والبطالة والفقر، التي تتخبط فيه أغلبية سكان المعمورة، وكذلك انتشار الفساد، واستفحال الإجرام، وانعدام القيم، فيحق لنا جميعا أن نتساءل ما هي هذه الديمقراطية، التي نتحدث عنها في كل مكان؟ وما معنى حق العمل بالنسبة لملايين العاطلين؟ وما معنى حق الاقتراع لمّا يعوض الدولار بطاقة الانتخاب، ويشتري الأغنياء أصوات الفقراء؟ وماذا تعني المساواة لما يصاب الأغنياء بأمراض التخمة، بينما يموت الفقراء من المرض والجوع؟
وإننا إذ نتعرض بسرعة إلى هذا الإشكال الخاص بالمفاهيم، فإننا لا نسعى إلى الاستنقاص من أهمية المطالبة بالديمقراطية لشعوبنا المستعبدة، والرازحة تحت الاستبداد والقمع، وإنما أردنا أن نبين نسبية هذا المفهوم وتطوره، وخضوعه للظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشعوب من جهة، ونبين النفاق الذي يتعامل به رافعو هذا الشعار من القوى العظمى من جهة أخرى.
دولة « الاستقلال« وتأسيس الدكتاتورية في تونس
عندما أقدمت فرنسا على منح تونس الاستقلال الداخلي سنة 1955، كانت هناك تعددية حزبية قائمة في البلاد، كما كانت هناك صحافة حرة، وجمعيات مدنية مستقلة، إلا أن أعمال العنف التي فرضتها ميليشيات بورقيبة، بدعم من السلطات الاستعمارية، أدخلت البلاد في جو من الإرهاب، تعطلت معه كل إمكانية للحوار. ففرنسا التي كانت تريد فرض نظام عميل في تونس، يواصل المشروع الاستعماري، ويساعدها على الاستفراد بالثورة الجزائرية ومحاصرتها، تدرك جيدا أنه بدون استعمال العنف والإرهاب، لا تستطيع أن تضمن سيطرة بورقيبة على الشعب التونسي، الذي فهم في غالبيته المناورات الاستعمارية، ورفض فكرة الاستقلال الداخلي، وتجاوب مع المواقف، التي اتخذها آنذاك صالح بن يوسف.
ولما تكاتفت ميليشيات بورقيبة مع ميليشيات الحبيب عاشور، وتم إنجاز مؤتمر صفاقس، الذي قرر طرد ابن يوسف من الحزب الدستوري، فكر هذا الأخير في تكوين حزب جديد. وقد اتصل يوم 10 جانفي (كانون ثاني) 1956 بالسيد الطاهر بن عمار رئيس الحكومة آنذاك، وطلب منه الترخيص له بعقد أول مؤتمر لهذا الحزب، ولكن رد الحكومة، الذي جاء بعد 24 ساعة رفض هذا الطلب.
وهذه كانت بداية تأسيس الحزب الواحد (2)، الركيزة الأساسية للدكتاتورية. وفي نفس اليوم احتلت عصابات مسلحة مقرات اتحاد الفلاحين، التي كانت موالية لابن يوسف. ولم يقف الأمر عند هذا الحد ففي يوم 28 جانفي (كانون ثاني) 1956، وقع استنفار كبير لقوات الأمن الفرنسية، التي طوقت مدينة تونس، وأوقفت العديد من أصدقاء ابن يوسف، الذي أجبر على الاختفاء. وفي غرة فيفري (شباط) 1956 التأم مجلس الوزراء التونسي بحضور المجلس الأعلى للدفاع الفرنسي، الذي طلب منه إعادة فرض حالة الطوارئ على البلاد (هكذا يكون الاستقلال).
وفي نفس اليوم وقع إيقاف كل الصحف، ولم يسمح بالصدور فيما بعد إلا للصحف التابعة للحكومة. وهذه هي الركيزة الثانية للدكتاتورية (لجم أي صوت معارض). وقد وقع في السابق اغتيال رئيس جريدة “صوت الطالب الزيتوني”، كما وقع اغتيال المصور الصحفي يوسف بن عمار، الذي يعمل لفائدة جريدتي « الصباح » و »البلاغ »، وذلك لأنه تجرأ على أخذ صور للمظاهرة العنيفة، التي قام بها المقاومون ضد الاتفاقيات، وحاصروا المنجي سليم في مكتبه بقصر الحكومة في القصبة يوم 28 نوفمبر (تشرين ثاني) 1955.
وهذه الاغتيالات تمثل رسالة واضحة للصحافيين في الدولة الناشئة. وتتواصل الأعمال الإرهابية لتأسيس الدكتاتورية. ففي يوم 9 فيفري (شباط) 1956 وقع نسف بيت السيد عمر الرياحي، المندوب النقابي في الاتحاد العام التونسي للشغل، ليكون عبرة لغيره من النقابيين. وهذه ركيزة ثالثة للدكتاتورية (وضع المنظمة العمالية تحت السيطرة الكاملة).
وفي يوم 7 مارس (آذار) 1956 وقع نسف بيت رئيس المحكمة السيد ابن عمار الورتتاني، لأنه لم يساعد السلطة على إيقاف ابنه المختفي. وهذه العملية تمثل رسالة واضحة لرجال القضاء، حتى يعرفوا ماذا ينتظرهم في دولة الاستقلال. وبالتوازي مع هذه الإجراءات تتواصل الإعدامات والاغتيالات في صفوف الوطنيين والمقاومين، كما تتواصل عمليات التعذيب في مقر شعبة “صباط الظلام” الدستورية وغيرها.
وهكذا تكتمل صورة النظام القمعي الاستبدادي، الذي سيؤتمن على قيادة الشعب التونسي، قبل أن تمضى وثيقة الاستقلال: تأسيس نظام الحزب الواحد- القضاء على حرية الصحافة- تدجين الاتحاد العام التونسي للشغل- تسخير القضاء لخدمة السلطة- ممارسة القمع والتعذيب ضد المعارضين، وخلق مناخ عام يسود فيه إرهاب الدولة، حتى يستسلم الشعب، ويلتزم الصمت.
ونحن إذ نستعرض بعض هذه التفاصيل (3) فلنتبين أن دولة الاستقلال، كما وقع التخطيط لها وتأسيسها، لم تكن مشروع تحرير للشعب التونسي، بل كانت مشروع قمع وإذلال واستعباد. وهذا ما دأبت على تكريسه هذه الدولة منذ انبعاثها إلى الآن.
فقد استولى بورقيبة على أجهزة الدولة، وسخرها لفرض دكتاتوريته على الشعب، وأجرى محاكمات عرفية جائرة، ثم نصب المشانق في كل مكان، لتنفيذ حكم الإعدام في ضحاياه من الوطنيين والمقاومين، فأدخل الرعب في قلوب التونسيين، وأجبرهم إما على الصمت، وإما على النفاق والتملق، لقضاء حاجاتهم، وكاد أن يقتل فيهم الروح الوطنية، والإحساس بالكرامة وعزة النفس.
ثم شرع في تنفيذ مشروعه (أو قل المشروع الاستعماري) الهادف إلى سلخ الشعب التونسي من هويته ومحيطه العربي الإسلامي، والزج به في طريق التغريب، حتى يفقد شخصيته، وتسهل السيطرة عليه. والعملية مدبرة من السلطات الاستعمارية، التي أشرفت على تصفية الحركة الوطنية، ومهدت لحكم بورقيبة، وخلقت له المناخ المناسب لفرض دكتاتوريته. وكان أعوان الاستعمار يقومون بحماية بورقيبة وأعوانه، عند تنقلهم داخل الجمهورية.
أما الجيش الفرنسي فكان يلاحق الثوار في كل مكان لتصفيتهم. وفي يوم 23 مارس (آذار) 1956، أي ثلاثة أيام بعد إمضاء “ اتفاقية الاستقلال”، أعلن بلاغ عسكري فرنسي أنه تم القضاء على أكثر من ثلاثمائة مقاوم تونسي في غمراسن وحدها.
بداية الحديث عن الديمقراطية في تونس
في بداية الاستقلال لم تكن الفكرة الديمقراطية لتستهوي النخبة التونسية، كما لم تستهو بقية النخب في العالم الثالث، حيث إن ضغوط الحرب الباردة القائمة آنذاك، أجبرت هذه النخب على الخيار بين أمرين: إما الانحياز إلى المعسكر الغربي، والانخراط في محاربة الشيوعية. وإما الانحياز إلى المعسكر الشرقي، والانخراط في محاربة الإمبريالية والرأسمالية. وحتى منظمة دول عدم الانحياز، فإنها لم تتمكن من بعث قطب ثالث مستقل، وبقيت تحمل في داخلها تناقضات المعسكرين المتقابلين.
وإذا كان غير خاف عن أحد أن بورقيبة منحاز بالكامل للمعسكر الغربي، فإن البعض من أعضاء حزبه، وخاصة من بين العناصر النقابية، كانت لهم ميول اشتراكية، وقد استطاعوا إقناعه في بداية الستينات بتبني سياسة تكون حلا وسطا بين الرأسمالية والاشتراكية، سميت ”سياسة التعاضد”، أو”الاشتراكية الدستورية”.
لكن هذه السياسة المفروضة على الشعب بالقوة لاقت رفضا شعبيا واسعا، وخاصة في أوساط الفلاحين والتجار، مما ساعد كبار الملاكين والرأسماليين على إفشال هذه التجربة، بتعاون مع الأوساط الإمبريالية. وأما بورقيبة الذي طالما دافع عن هذه السياسة، وامتدح التعاضد بإطناب، وطالب بتعميمه بإلحاح، فإنه لم تقع تبرئته فقط من هذه السياسة، بل وقع تقديمه على أنه ضحية مغالطة، من قبل أحمد بن صالح، الذي تم إيقافه وتقديمه للمحاكمة، والزج به في السجن ككبش فداء. بعدها سافر بورقيبة إلى جنيف للتداوي، وترك البلاد وقد بدأت تتخلص من عقدة الخوف، وتتجرأ على الحديث والنقد، وتقديم الاقتراحات. فكان فشل سياسة التعاضد مناسبة جعلت البلاد تستفيق، وفتحت المجال لبروز أفكار جديدة، وخاصة فكرة الديمقراطية.
نشأت فكرة الديمقراطية في تونس في بداية السبعينات، في مناخ عام مطبوع بعناصر أساسية ثلاث:
أ – فشل سياسة التعاضد وسقوطها سنة 1969.
ب- انتشار الوعي القومي العربي في تونس، بعد حرب1967، وانطلاق الثورة الفلسطينية المسلحة، وكذلك بروز ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول) في ليبيا.
ج- تنامي الاحتجاجات الطلابية، وتعدد المحاكمات، التي طالت عددا من الطلبة اليساريين والقوميين، الذين وقع الزج بهم في السجون.
وهذه العناصر الثلاث تعبر في الحقيقة عن فشل ذريع لسياسة بورقيبة في كل الميادين: فشل السياسة الاقتصادية، الهادفة إلى إرساء التعاضد، وفشل السياسة الثقافية، الهادفة إلى عزل الشعب التونسي عن محيطه العربي الإسلامي، وفشل السياسة التربوية، الهادفة إلى خلق جيل جديد من التابعين لبورقيبة والمؤمنين به.
وقد أثر هذا الفشل على بورقيبة تأثيرا عميقا، جعله يغرق في مرض عضال/ لم يفارقه منذ ذلك التاريخ. وقد أكد تقرير الأطباء الذين فحصوه في واشنطن في شهر جانفي (كانون ثاني) 1970 أنه أصبح غير قادر على ممارسة الحكم.
كانت المحطة الأولى، التي انطلقت منها فكرة المطالبة بإصلاحات ديمقراطية في تونس، هي مؤتمر المنستير الأول في أكتوبر (تشرين أول) 1971. لقد كانت السيطرة في هذا المؤتمر للمجموعة اللبرالية، التي يتزعمها أحمد المستيري. وقد تحدث أفرادها بجرأة غير معهودة، وطالبوا بإدخال إصلاحات ديمقراطية على أجهزة الدولة، وعلى هياكل الحزب الدستوري الحاكم، وتمسكوا خاصة باعتماد الانتخاب، لاختيار أعضاء الديوان السياسي للحزب، الذين كانوا يعينون من قبل بورقيبة.
وقد صوت المؤتمرون بأغلبية ساحقة على الإصلاحات المقترحة. إلا أن بورقيبة غادر المؤتمر غاضبا، وأدلى بتصريحات للصحافة الأجنبية، رفض فيها هذه الإصلاحات، وعبر عن تمسكه باختيار “أعضاده الذين يعملون معه في الديوان السياسي”.
ومعنى هذا أنه تحدى إرادة كل المؤتمرين، ومن ورائهم كل الدستوريين. وقد انكشف لعموم الناس استخفاف بورقيبة بكل التونسيين، بما فيهم رفاقه في الحزب وأعضاء حكومته. ولا شك في أن حصيلة مؤتمر المنستير الأول أفقدت الحزب الحاكم مصداقيته وهيبته أمام الدستوريين أنفسهم، وأمام الشعب التونسي، والعالم، بصفة عامة، وجعلت من بورقيبة شبحا مخيفا، رغم مرضه، لا في أنظار الشعب التونسي فقط، بل في أنظار الدستوريين أيضا.
وقد استغل هذا الأمر غلاة المتملقين من البورقيبيين، ليعمدوا إلى عقد المؤتمر التاسع للحزب سنة 1974 في نفس مدينة المنستير، لفسخ قرارات المؤتمر الذي سبقه. وبرغبة واضحة في التحدي، دفع هؤلاء المؤتمرون إلى الموافقة على الرئاسة مدى الحياة، لفائدة بورقيبة، الرجل المريض والعاجز عن ممارسة الحكم. فكان هذا المؤتمر الذي أطلق عليه « مؤتمر الوضوح« محطة أخرى، وقع فيها إذلال الشعب التونسي، وفي نفس الوقت كان مناسبة احتد إثرها الصراع المحموم على خلافة بورقيبة، الذي كان يعتقد أن أجله قريب.
الصراع داخل السلطة والصراع داخل المجتمع
إن أزمة 1969، وإن أسفرت عن انفراج عام في البلاد، وتجرؤ على الحديث والنقد والمطالبة،، من داخل الحزب الحاكم ومن خارجه، فإنها لم تسفر عن خلق تعددية سياسية حقيقية في البلاد ولا عن الفصل بين الحزب والدولة، ولا عن خلق مناخ ديمقراطي داخل الحزب الحاكم.
كما إنها لم تسفر عن تغيير جذري في الدستور، يحد من الطابع الاستبدادي للسلطة التنفيذية، ومن الصلوحيات الموكولة لرئيس الدولة، والتي جعلته فوق القانون، ولا يخضع لأي محاسبة. وذلك لسببين اثنين: أولهما أن بورقيبة، رغم فشله وانهياره لم يسمح بذلك، وبقي متشبثا بالسلطة والحكم الفردي. وثانيهما أن الصراعات داخل الحزب، بين مختلف الجماعات، لم تكن مبنية على أسس فكرية وثقافية وإيديولوجية، بقدر ما كانت مبنية على الجهويات، وعلى المصالح الشخصية.
وقد برزت داخل السلطة، منذ ذلك الوقت، كتل لا هم لها إلا الصراع، من أجل الخلافة، مستغلة شعارات الإصلاح الديمقراطي، التي طرحها الليبراليون في مؤتمر 1971 لتغذية صراعاتها، بين متظاهر بتأييد هذه الشعارات، ومعلن عن رفضه لها ومحاربتها. وقد لاحظنا أن معظم رموز النظام آنذاك، قد مروا، مرارا عديدة، من النقيض إلى النقيض، حسب الظروف والملابسات.
أما بورقيبة فقد بقي، على امتداد عشريتين متتاليتين، قضى معظمها في الخارج، جاثما على البلاد والعباد، يستنزف أموالا هائلة من ميزانية الدولة، بتدبير من ثعالب بشرية تجيد التملق والتمسح، أحاطت به من كل جانب، طمعا في الخلافة. ولم تكن له من مهمة، طوال هذه السنين الطويلة، سوى الإمضاء على تعيين ثم إقالة الوزراء، وفي أغلب الأحيان بعد إهانتهم.
ومن بين خمسة وزراء أولين عينهم، لم يخرج منهم سالما إلا الأخير، الذي كاد أن يلقى نفس المصير، لو لم يسبق إلى إزاحته والاستيلاء على السلطة. وكان بورقيبة يصر كلما وقعت محاكمة لمعارضيه على المطالبة بالرؤوس.
لقد طالب برأس أحمد بن صالح، الذي وقف إلى جانبه في صراعه مع صالح بن يوسف في بداية “الاستقلال”. وطالب برأس الحبيب عاشور، الذي صخر له الميليشيات لنصرته في مناسبات عديدة. وأصر في الأخير على المطالبة بعشرات الرؤوس من الإسلاميين، حتى يشفي غليله، إلا أن خطورة الوضع حالت دون ذلك. وقد غضب غضبا شديدا لما علم أنه لم يقع الحكم بالإعدام على راشد الغنوشي سنة 1987، وطالب بإعادة المحاكمة.
ولكن هذا الوضع داخل السلطة لا يعني أن الديمقراطية لم تكن قد بدأت تتلمس خطواتها الأولى في تونس داخل المجتمع، منذ ذلك الوقت. إنها كانت تتأسس في الواقع، لما برزت تيارات سياسية منظمة ومناضلة، تحمل توجهات فكرية وثقافية متباينة، تتصارع فيما بينها تارة، وتارة تتحالف لمقاومة السلطة.
فالحركة اليسارية برزت في الجامعة منذ أواخر الستينات، ثم امتدت إلى الاتحاد العام التونسي للشغل، وخاضت معارك عديدة ضد النظام، تمثلت أساسا في تنظيم إضرابات طلابية وعمالية، كثيرا ما كانت تؤول إلى مواجهات عنيفة مع قوات الأمن. وكانت هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام، وانتصار الثورة الشيوعية هناك، قد شجعت هذا التيار، ودفعته دفعا قويا في أواسط السبعينات. فوقع إضراب عام في الجامعة، واشتباكات عنيفة مع قوات الأمن، في شهر ديسمبر (كانون أول) 1975، كما تكثفت الإضرابات العمالية سنة 1976.
أما التيار القومي الموجود على الساحة الجامعية هو الآخر، منذ أواخر الستينات، وشارك في جل المعارك الطلابية، فقد ساهمت في دفعه على الساحة السياسية هزيمة 1967، وما خلفته من مرارة في النفوس، أدت إلى ردة فعل عنيفة ضد سياسة التغريب المعادية للعروبة والإسلام، والتي أسس عليها بورقيبة نظامه. وقد شجع قيام الثورة الفلسطينية المسلحة هذا التيار، وكذا فعلت ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول) الليبية. وقد تطوع عدد كبير من الشباب التونسي آنذاك للقتال في صفوف الثورة الفلسطينية. أما أحمد بن صالح فقد أسس مع مجموعة من أنصاره حركة الوحدة الشعبية، وتموقعوا بصفة واضحة على اليسار، وخاضوا عدة نضالات في الجامعة وبين صفوف العمال. وقد وقع اعتقال 28 شخصا منهم بين 1977 و1978.
أما المجموعة التي استقالت من الحزب الدستوري، أو أقصيت منه، بعد مؤتمر المنستير الأول، فقد تجمع معظمهم حول جريدة « الرأي »، يعبرون من خلالها عن توجهاتهم الفكرية والثقافية. وقد أشاعوا داخل النخبة قيم الديمقراطية، وبقوا يرددون شعارات الإصلاح الديمقراطي، ويطالبون بالحريات وحقوق الإنسان، إلى أن تمكنوا في سنة 1977 من الحصول على الاعتراف بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي كانت أول ثمرة لنضالاتهم السابقة. ثم تمكنت مجموعة منهم من تكوين حركة الديمقراطيين الاشتراكيين سنة 1978.
أما التيار الإسلامي، الذي ظهر منذ بداية السبعينات، في شكل حركة ثقافية، ثم تطور إلى حركة سياسية منظمة سنة 1979، فقد كانت سياسة بورقيبة الاستفزازية تجاه العروبة والإسلام هي الدافع القوي لبروز هذا التيار. وقد جاءت الثورة الإيرانية سنة 1979 لتدفعه بقوة على الساحة التونسية السياسية والثقافية.
لكن النضالات التي خاضتها كل هذه الأطراف، رغم أهميتها، لم تتمكن من إحداث تغيير حقيقي داخل المجتمع، يفرض على السلطة تقديم تنازلات، بقدر ما مكنت بعض رموز النظام من توظيف هذه النضالات لصالحهم، في صراعهم المحموم على الخلافة، وإدخال البلاد في سلسلة من الأزمات الخطيرة، راحت ضحيتها آلاف الأشخاص بين قتيل ومعاق وسجين ومشرد. وكانت بداية هذه الأزمات الخطيرة أحداث 26 جانفي (كانون ثاني) 1978، ثم تلتها أحداث قفصة عام 1980، ثم جاءت بعدها ما سميتبـ « ثورة الخبز« سنة 1984. وفي النهاية جاءت عملية السابع من نوفمبر (تشرين ثاني) سنة 1987، لتضع حدا لكل هذه الصراعات، وتلتف على كل النضالات السابقة، وتدخل البلاد في طور جديد من تاريخها.
ديمقراطية أم مؤامرة على هوية الشعب؟
إن الحركات المنظمة، والمتباينة في توجهاتها الفكرية والثقافية، والمتصارعة تارة، والمتحالفة تارة أخرى، والتي خاضت معارك عديدة، ووقعت في مواجهات عنيفة ودامية مع السلطة، منذ بداية السبعينات، هي التي كرست التعددية السياسية والثقافية في الواقع، وهي التي عمقت الوعي بضرورة التعامل الديمقراطي فيما بينها، بعد تراكم عدة أزمات خطيرة سابقة، هزت البلاد من أقصاها إلى أقصاها، وخاصة أحداث جانفي (كانون ثاني) 1978، وأحداث قفصة 1980 وثورة الخبز سنة 1984.
وإنه وإن كان الصراع على الخلافة، وكذلك المعطيات الإقليمية (دخول ليبيا والجزائر على الخط، وتأثير الثورة الفلسطينية)، والدولية (مقتضيات الحرب الباردة)، لها دور كبير في دفع هذه الأحداث، فإنه لا يمكن أن ننكر أنها جاءت، أساسا، نتيجة صراعات داخلية بين السلطة ومختلف أطراف المعارضة. إلا أن هذه الصراعات لم تسفر عن قيام مشروع ديمقراطي، لأن مختلف الأطراف وقعت في فخ الاستسلام لبورقيبة، باعتباره « أب كل التونسيين،« بعد أن سارعت جميعها إلى التعبير عن مساندتها المطلقة له، وبدون مقابل بعد أحداث قفصة 1980، وارتهنت لإرادته، في سعيها لبناء الديمقراطية، ولم تدرك أنه هو جوهر الاستبداد والدكتاتورية. فكانت الغلبة له.
وقد استغل هذه الفرصة ليستعيد السيطرة على الجميع، ويوهمهم بأنه حريص على المضي قدما في إصلاح الأوضاع، وإطلاق الحريات في البلاد. واستغل انعقاد المؤتمر الاستثنائي للحزب الاشتراكي الدستوري يوم 10 أبريل (نيسان) 1981، ليعلن عند الافتتاح، وعلى طرف اللسان، على أنه “لا يرى مانعا في بعث تشكيلات قومية سياسية واجتماعية..”. أعلن بورقيبة إذا وبدون حماس عن تبني تعددية سياسية، بعد أن ربطها بعدة شروط، توحي بأنها ستكون لا محالة شكلية وتحت الرقابة.
وفي يوم 6 جوان (حزيران) 1981 بادرت حركة الاتجاه الإسلامي بتقديم ملف لوزارة الداخلية، قصد الحصول على التأشيرة، إلا أن الطلب قوبل بالرفض. ولم تكتف السلطة برفض التأشيرة، بل سارعت بالقبض على أبرز عناصر الحركة المعروفين (107)، وحاكمتهم، وزجت بهم في السجن، وذلك بعد شهر ونصف تقريبا من تاريخ طلب التأشيرة. ورغم حرص هذه الحركة، منذ بداية تأسيسها، على التأكيد على طابعها السلمي، وعلى رفضها للعنف، واعتمادها التعامل الديمقراطي، وعلى إيمانها بالتداول السلمي على الحكم، فإنها كانت دائما محل اتهام عنيف، وتهجم شرس، ورفض قاطع من قبل السلطة لوجودها.
أما أحزاب المعارضة الأخرى فقد وقع الاعتراف بها، في فترات متلاحقة، وكأن الأمر مدروس بعناية فائقة. فقد وقع رفع الحظر عن الحزب الشيوعي يوم 18 جويلية (تموز) 1981، أي في نفس اليوم، الذي وقع فيه إيقاف راشد الغنوشي، رئيس حركة الاتجاه الإسلامي. وفي سنة 1983 وقع الاعتراف بحركة الوحدة الشعبية. كما وقع الاعتراف بحركة الديمقراطيين الاشتراكيين، التي تأسست منذ سنة 1978. وقد وقع غض الطرف نسبيا عن هذين الحزبين، ثم سمح لهما بالمشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 1981.
وعلقت آمال كبيرة على هذه الانتخابات، باعتبار أنها ستكون أول انتخابات تعددية. لكن الحصيلة جاءت مخيبة لهذه الآمال، بعد أن عمدت السلطة إلى تزييف نتائج الانتخابات، التي أفرزتها صناديق الاقتراع، والتي مثلت انتصارا ساحقا لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين، على حساب الحزب الحاكم. ولم تستطع هذه الحركة أن تفعل شيئا غير الاحتجاج، وتواصلت الأمور كما كانت سابقا، وكأن شيئا لم يكن.
برهنت هذه الانتخابات بجلاء، وبشكل قاطع، على أن العقلية الديمقراطية ليست من شيم بورقيبة، ولا من شيم الذين تربوا في مدرسته، حتى أولئك، الذين يتظاهرون بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. واتضح أن الإعلان عن تبني التعددية السياسية لم يكن سوى مناورة فرضتها الأحداث.
أما كيفية التعامل مع حركة الاتجاه الإسلامي، فهو في الحقيقة جوهر الموضوع. لقد رأى بورقيبة في الظهور المفاجئ لحزب إسلامي قوي ومنظم، يريد أن يفرض نفسه على الساحة السياسية، تحديا شخصيا له، ونقضا لكل ما فعله في تونس. ولم يتردد في رد الفعل بقوة، وعلى الفور، وذلك بمنع هذا الحزب من العمل العلني، وبمحاكمة أعضائه، والزج بهم في السجن. وبدأ التخطيط للتصدي للحركة الإسلامية منذ ذلك الوقت.
ويبدو أن هذا التخطيط ارتكز على أربعة عناصر أساسية:
1- القمع (ملاحقة- محاكمة- سجن- تعذيب).
2- الدفع إلى استعمال العنف لإبراز خطورة هذا التيار على المجتمع، وتبرير الانقضاض عليه لاحقا.
3- تشجيع بقية الاتجاهات السياسة على الوقوف في وجه الحركة الإسلامية.
4- تسخير كل وسائل الدعاية لتشويه هذه الحركة.
وعندها بدأت أعمال العنف في الجامعة تتخذ أبعادا خطيرة ومنظمة، وكانت تحمل بصمات الأجهزة الأمنية. فبعد أن وقع تشجيع الطلبة الإسلاميين على استعراض عضلاتهم في الجامعة، وخلق جو من الفزع داخل اليسار، عمد النظام إلى تشجيع الطلبة اليساريين ليقوموا بالمثل. وكشاهد على هذا الانحراف الخطير يمكن التذكير بالمجزرة، التي كان ضحيتها طلبة إسلاميون في مبيت منوبة سنة 1982، قامت بها تحت حماية الأمن عناصر تدعي الثورية.
وفي ثورة الخبز في أوائل جانفي (كانون ثاني) 1984، التي هزت البلاد، وراح ضحيتها آلاف الأشخاص، تبين أن التسيب الأمني كان مقصودا للتشجيع على الفوضى والتخريب، نكالة في شخص الوزير الأول، المتهم آنذاك بالتعاطف مع الإسلاميين. كما استغلت هذه الاضطرابات، التي دامت قرابة أسبوع كامل، لتصفية عدة مناضلين إسلاميين مفترضين، والقبض على آخرين، والزج بهم في السجن، اعتمادا في أغلب الأحيان على وشايات صادرة عن ميليشيات الحزب الحاكم. ولم تصدر من داخل المجتمع المدني، إثر هذه الأحداث، أي إشارة تدل على وجوده. فتدخل الجيش في الشوارع لمواجهة الشعب، وهو أمر أدخل الفزع في النفوس، وفرض الصمت على الجميع. ولكن الصراع على الخلافة أصبح بعد هذه الأحداث أكثر شراسة من ذي قبل.
وجاءت الأزمة التونسية – الليبية سنة 1985، لتتحول بفعل هذا الصراع إلى مواجهة جديدة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة، وتضع حدا للديمقراطية المغشوشة، التي أعلن عنها بورقيبة في بداية الثمانينات. وكان هاجس الخوف من المشروع الإسلامي، قد دفع بعض فصائل المعارضة، وخاصة اليسار إلى الانكماش، وبقي الإسلاميون يواجهون بمفردهم آلة القمع البورقيبية، حتى عشية السابع من نوفمبر (تشرين ثاني) 1987.
هكذا إذا تأسست “الحركة الديمقراطية” في تونس، منذ بداية الثمانينات، على إعلان رسمي مزيف، مبني على المناورة، وهي تحمل هاجس التصدي للحركة الإسلامية، التي اعتبرت منذ البداية خارج المنظومة الديمقراطية، ووقعت محاصرتها من قبل كل التيارات الأخرى، بما فيها التيار القومي، الذي انساق بدون روية وراء النظام العراقي في الحرب على إيران، (والتي كانت في الواقع حربا أمريكية)، رافعا شعار الحرب على الفرس، والتصدي “للظلامية” و”الخطر الأصولي”، وهي نفس الشعارات، التي أطلقها بورقيبة في تونس، والتي صار يرددها بقية حلفائه في الحرب على الإسلام.
لكن رغم هذه الظروف الصعبة فإن الحركة الإسلامية، استطاعت أن تتوسع، وتمد نفوذها إلى قطاعات واسعة من الشعب التونسي المقهور والمتعطش إلى التخلص من سياسات بورقيبة، المستخفة بهويته ومقدساته. وقد استفادت هذه الحركة من زخم الثورة الإيرانية الصامدة في وجه الاستعمار والإمبريالية، وأصبحت رقما لا يمكن لأحد، لا في السلطة، ولا في المعارضة، أن يتجاهله. وعلى هذه الخلفية جاءت محطة السابع من نوفمبر (تشرين ثاني).
التغيير من أجل التواصل
لا شك أن بيان السابع من نوفمبر (تشرين ثاني) أثلج صدور التونسيين، لأنه خلصهم من ”غمة”، كما عبرت عن ذلك في ذلك الوقت مواطنة من الأوساط الشعبية، أمام فريق من الإذاعة الوطنية، كان يقوم بعملية استطلاع لرأي المواطنين. لكن هذا البيان كان قد استقبل في نفس الوقت بكثير من الحذر في أوساط عديدة، لأن متزعم العملية ليس من الوجوه المعروفة بميولها الديمقراطية، بل على العكس تماما، كانت الصورة، التي يحملها عنه المواطن التونسي، هي صورة رجل المخابرات والمهمات الأمنية.
وكان السؤال، الذي يتبادر إلى الذهن، في ذلك الوقت، هو هل ينوي أصحاب السلطة الجدد حقيقة إرساء نظام ديمقراطي في البلاد؟ وهل سيتمكنون من ذلك؟ أم إن العملية مجرد مناورة لربح الوقت. وفي هذه الحال ما هو هدفهم الحقيقي؟ ولم تهتم أحزاب المعارضة، التي فاجأتها الأحداث آنذاك، وأربكتها، بالإجابة عن هذه الأسئلة، بقدر ما كانت مهتمة بالسعي إلى الاستفادة من « التغيير،« والحصول على بعض المواقع. ولم تنتبه في غمرة الانتشاء بالأوهام، التي سربلتها، إلى أبعاد المؤامرة، التي وقع ضحيتها آنذاك الأستاذ بشير الصيد، رئيس التجمع القومي العربي، وما تحمله من دلالات.
والآن وبعد مرور قرابة خمسة عشر سنة نستطيع أن نجيب عن هذه الأسئلة بكل تأكيد، ونتبين كثيرا من الحقائق. فالأمر لا يتطلب تمحيصا وتدقيقا لنتأكد من أن الاستبداد والتعسف ومختلف أساليب القمع، التي تأسست عليها دولة “الاستقلال”، ما زالت على حالها إلى الآن، إذا لم تكن قد استفحلت في بعض جوانبها. فالحريات العامة والفردية مصادرة، وتخضع لإرادة البوليس. والصحافة ملجمة، وتخضع لرقابة صارمة. والسجون التونسية مليئة بمساجين الرأي. والإهانات والانتقام والتعذيب هي الممارسات المعتمدة ضد المساجين السياسيين وذويهم. ودستور البلاد ما زال يغلب السلطة التنفيذية على باقي السلط، ويضع رئيس الدولة فوق القانون، ولا يخضع لأي محاسبة. وقد زاد التنقيح الأخير في الطين بلة، لما جعل من هذا الرئيس شخصا فوق كل البشر، لا يخضع لأي محاسبة طوال حياته، حتى بعد تنحيه عن الحكم.
وهناك دلالات عديدة تبين أن مشروع السابع من نوفمبر (تشرين ثاني) لم يكن منذ البداية مشروعا لتحرير الشعب، وبناء الديمقراطية، وإنما كان مشروعا لمواصلة الحصار على الحركة الإسلامية، ومحاولة القضاء عليها. وبهذا المعنى لا يمثل هذا المشروع انقلابا على نظام بورقيبة، كما يحلو للبعض أن يسمي ذلك، وإنما هو تواصل لهذا النظام، وإنقاذ له من الانهيار، بعد أن أصبحت حالة بورقيبة، وصارت تصرفاته تمثل مهزلة حقيقية، تثير السخرية في كل الأوساط.
ولعل عملية جلب بورقيبة إلى صندوق الاقتراع ليدلي بصوته لفائدة ابن علي في انتخابات 1989، ترمز إلى هذا التواصل.
– أولى الدلالات على هذا التواصل هي أن السلطة الجديدة لم تطلق سراح المساجين على الفور، ولم تعترف بحركة الاتجاه الإسلامي، رغم أنها كانت في البداية توهم البعض بحسن نواياها في هذا الاتجاه، وذلك للمناورة وربح الوقت.
– الدلالة الثانية هي أن مشروع تنقيح الدستور، الذي قدمته الحكومة آنذاك، لم يتضمن أي محتوى ديمقراطي، بل على العكس تماما، وسع في صلوحيات رئيس الدولة، على حساب الوزير الأول والحكومة، وجعله غير مسؤول أمام البرلمان، على عكس الدستور القديم. وكأن الأمر مقصود، يهدف إلى إزاحة كل العراقيل أمام رئيس الدولة، وإعطائه سلطة مطلقة، تمكنه من تنفيذ مهام خطيرة تنتظره…
– الدلالة الثالثة هي أن الحملة على الحركة الإسلامية بدأت منذ الأشهر الأولى بعد وقوع « التغيير« . وقد انطلقت هذه الحملة من الجامعة، عندما أمضى حوالي مائتي أستاذ جامعي على عريضة تطالب بفصل الدين عن الدولة.
وكانت الصورة تدل على أن هناك من يقوم بعملية تنسيق بين قصر قرطاج والأوساط الجامعية. وقد أسفرت هذه العملية في النهاية على دخول أعداد كبيرة من هؤلاء « المثقفين« في صفوف التجمع الدستوري.
– الدلالة الرابعة هي تنظيم حملة صحفية شعواء ومركزة، تدعو إلى عدم تمكين الحركة الإسلامية من التأشيرة، وتهاجم المشروع الإسلامي. ويهدف هذا المنع إلى حرمان الحركة من العمل السلمي والعلني، وإجبارها على اتباع أساليب أخرى، تساعد على إدانتها، وتكون مبررا لعملية استئصالها.
– الدلالة الخامسة هي تزييف انتخابات 1989، وحرمان الحركة الإسلامية من دخول البرلمان، والمشاركة في الحياة السياسية، ثم استغلال نتيجة هذه الانتخابات لجر كل الأحزاب والحساسيات إلى الوقوف إلى جانب الحزب الحاكم، والتصدي للحركة الإسلامية، التي وقع تقديمها في صورة وحش شرس، سيأتي على الأخضر واليابس، لو كتب له أن يستلم السلطة في البلاد.
وكانت هذه الأعمال تقدم على أنها تجسيد لمسار ديمقراطي مزعوم، بينما هي في الواقع لا تمثل سوى تواصل للمؤامرة، التي تهدف إلى استئصال الحركة الإسلامية من الساحة السياسية التونسية، والتي وقع الإعداد لها بإحكام. وقد شاركت في تنفيذ هذه المؤامرة، منذ البداية، كل العناصر المعادية للإسلام من اليمين ومن اليسار. وحتى العناصر التي لم تشترك في هذه المؤامرة فإنها أجبرت على الصمت. ولم يقف في وجه هذه المؤامرة من خارج الاتجاه الإسلامي إلا أنفار قليلون، يعدون على الأصابع، معظمهم من سلك المحاماة، ومن مناضلي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
ولعل من أبز هذه العناصر الأستاذ محمد شقرون عميد المحامين سابقا، والدكتور المنصف المرزوقي، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان آنذاك، والأستاذ المحامي نجيب الحسني. ثم جاءت حرب الخليج الثانية، لتكون فرصة للتعجيل بتصفية الحركة الإسلامية، وذلك باستغلال الخلاف، الذي نشب بين أعضاء قيادتها، بخصوص الموقف من الحرب، والذي كانت له انعكاسات خطيرة على هياكل الحركة ومناضليها، وأربكتهم جميعا، وأحدثت بعض الانقسامات في صفوفهم. استغلت السلطة هذا الظرف، وأخرجت مسرحية الانقلاب العسكري لتكون مدخلا لتنفيذ المرحلة الحاسمة من المؤامرة، والمتمثلة في إلقاء القبض على كل عناصر الحركة، والزج بهم في السجن. وفرض الصمت على الجميع.
وانطلقت منذ ذلك الوقت رحلة الإسلاميين وذويهم مع العذاب المرير، والقهر والتشرد. سميت سنوات التسعينات بسنوات الصمت، وسماها البعض سنوات الجمر، ونحن لما نجمع التسميتين معا تتجلى أمامنا الصورة الحقيقية للمأساة الفظيعة، التي عاشتها بلادنا، خلال تلك العشرية. فأي صورة تكون أكثر وحشية من تلك، التي يوضع فيها الإنسان على الجمر، وهو مكبل، وفمه ملجم، حتى لا يستطيع الصراخ؟!..
وفي أواخر التسعينات بدأ الأمل يدب في بلادنا، بعد أن ارتفعت بعض الأصوات من داخل البلاد، لتقطع الصمت، وتطلق صيحات الفزع، ولو بعد فوات الأوان، لتنقذ ما يمكن إنقاذه، متحدية قوات البوليس المنتشرة في كل مكان، رافعة شعار “لا خوف بعد اليوم”، وشعار ”نمارس حقوقنا لا نطالب بها”، وهي الشعارات، التي أطلقها المجلس الوطني للحريات، بدفع من المناضل الصادق والشجاع الدكتور المنصف المرزوقي. وردت السلطة الفعل، بعد أن أصابها في البداية شيء من الذهول. فتعددت الاستفزازات والاعتداءات ضد كل الناشطين الحقوقيين، الذين استفاقوا من السبات الطويل، واقتيد البعض منهم إلى المحاكم ووقع الزج ببعضهم في السجون.
ولكن المجتمع المدني المستفيق لتوه لم يستسلم، وواصل النضال والتصدي لهذا القمع، ولهذه الممارسات. إلا أن العلمانيين المتطرفين، ودعاة التغريب، سرعان ما تجمعوا من جديد، بعد أن سقط بينهم الجدار الفاصل بين يمين ويسار، وأصبحوا يرفعون شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويربطونها بشعار « الحداثة« الغامض والمشبوه، في محاولة متواصلة وعنيدة لإقصاء التيار الإسلامي من الساحة السياسية التونسية، ومواصلة المشروع البورقيبي المفروض على الشعب بالقوة، منذ نصف قرن تقريبا.
وفي هذا الصدد وقع التناغم من جديد بين أطراف من السلطة وأطراف من « المعارضة« لمواصلة « التغيير،« الذي لا يمثل في الواقع سوى عملية إنقاذ للبورقيبية، وتمكينها من التواصل. وقد لاحظنا في السنوات الأخيرة أن بعض الأصوات بدأت تتصاعد، من كل مكان، من داخل البلاد ومن خارجها، للدعوة إلى الحفاظ على ذاكرة بورقيبة، باعتباره « مصلحا« كبيرا، ورمزا بارزا من رموز« الحداثة« في تونس. وقد تجند للمساهمة في هذا المشروع حتى أولئك الذين نالهم من النظام البورقيبي نصيب وافر من القمع والإذلال والتشريد.
أي ديمقراطية نريد لتونس؟
وإذا أردنا في هذه اللحظة التاريخية التي نعيشها اليوم بكل ملابساتها أن نحدد مفهوما واضحا للديمقراطية، التي نريدها لشعبنا كي يسترجع كرامته، ويتمكن من النهوض لبناء مستقبله حسب إرادته، فإنه لا يختلف اثنان على أن هذه الديمقراطية لا بد أن تبدأ بصياغة دستور جديد يضمن الأهداف التالية:
– استقلالية القرار الوطني والتصدي لكل محاولات التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية. – حرية التعبير وحرية المعتقد وحرية التنظم في أحزاب وجمعيات وحرية التجمع والتظاهر السلمي. – الفصل التام بين السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) وتوازنها. – التداول السلمي على السلطة حسب انتخابات حرة تشرف عليها هيئة مستقلة (يمكن تحديدها دستوريا). – عدم إقحام الأجهزة الأمنية والجيش في الصراعات السياسية الداخلية. – مقاومة الفساد والرشوة عبر منظومة قانونية تجرم هذه الأعمال تجريما قويا وصارما. – تجريم عملية تزوير الانتخابات تجريما قويا وصارما. – تجريم عملية تعذيب المواطنين تجريما قويا وصارما. – ثم يقع بعد ذلك ضبط آليات لاحترام هذا الدستور، والعمل بمقتضاه، ومعاقبة كل من يخل بأحكامه. – والتشجيع على بعث مؤسسات إعلامية مستقلة، تساهم في تنوير الرأي العام، واطلاعه على كل ما يجري من أحداث هامة في داخل البلاد وخارجها. – وضبط آليات لضمان الحقوق وتوفير الحماية لكل المواطنين.
ولسائل أن يسأل هل يمكن لهذه الأهداف أن تتحقق؟
لو كان الأمر يتعلق بأطراف مخلصة لشعبها، متخلصة من الأنانية، صادقة في تبنيها للديمقراطية، حرة في تصرفاتها، وقادرة على فرض إرادتها، لكان الأمر في غاية السهولة، ولاجتمع التونسيون الممثلون لمختلف التيارات الفكرية والسياسية في يوم مشهود، ولاتفقوا على صياغة هذا الدستور، ثم العمل بمقتضاه، ولأصبح شعبنا ينعم بالحرية، مكرما، مرفوع الرأس، معتزا بذاته وبهويته، وملتفا بكل حماس حول مؤسساته وممثليه، ومستميتا في الدفاع عن وطنه ومقدساته (وكأني بمن يقرأ هذه السطور من محترفي السياسة في هذا العصر يتبسم هازئا من هذه الأحلام التي قد يعتبرها صبيانية). وإنه رغم ميلنا إلى التفاؤل والمراهنة على الجانب الخير في الإنسان، فإن هذا الحلم الجميل يبدو لنا اليوم بعيد المنال.
فما هي العراقيل؟
لسائل أن يسأل ما دامت كل الأطراف الموجودة على الساحة السياسية في تونس تطالب بإرساء الديمقراطية، باعتبارها سلطة الشعب، فما الذي يجعل هذه الديمقراطية لا تطبق في الواقع، وأصبحت تبدو لنا اليوم بعيدة المنال إن لم نقل مستحيلة؟
قد يتبادر إلى الذهن أن هذا التعطيل ناتج عن الخلافات الفكرية العميقة بين التونسيين، والمقاربات المختلفة والمتناقضة لفكرة الديمقراطية، وكيفية تحقيقها، لكن الواقع يفند هذا الادعاء: إن الخلافات والتناقضات الموجودة في الغرب، مهما كانت حدتها، لم تعطل الديمقراطية في هذه البلدان. فقد لاحظنا في أوج الحملة العسكرية العدوانية على العراق أن المواطنين الغاضبين في بريطانيا وفي الولايات المتحدة خرجوا في مظاهرات احتجاجية عارمة، رافضة لهذا العدوان، وفيهم حتى من رفع صورا للرئيس العراقي، في تحد واضح للسلطات الرسمية.
والتيارات الإسلامية المقموعة في بلدانها الأصلية، والمشردة في كل مكان في العالم، لم تجد لها متنفسا إلا في البلاد الغربية الديمقراطية، رغم العداء المتأصل للإسلام عند بعض الأوساط المتصهينة والمتنفذة في هذه البلدان.
كما إن بروز حركة نازية جديدة شرسة،، استعرضت عضلاتها في الطريق العام عدة مرات واستعملت العنف ضد مقيمين أجانب، وضد مواطنين ألمان من أصل أجنبي، لم يعطل الديمقراطية في ألمانيا.. ووجود تيارات فكرية وحركات سياسية متناقضة وممتدة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين لم يعطل الديمقراطية في فرنسا…
فالديمقراطية على عكس هذا الادعاء تقوى وتترسخ بوجود اختلافات وتناقضات داخل المجتمع، لأنها تعني في النهاية قدرة المجتمع على التصرف في هذه الاختلافات وهذه التناقضات بطرق سلمية.
وهناك من يعتقد أن الشعوب العربية والإسلامية تطبعت بثقافة الاستبداد، عبر العصور، وهي الآن غير مؤهلة للديمقراطية، وقدرها أن تبقى خاضعة للسيطرة والاستبداد. وهذه المقولة التي تعتبر أن العرب “ أمة عصا”، وأن “الإسلام دين استبداد”، كثيرا ما تتردد على ألسنة بعض المثقفين، وهي مقولة يستفيد منها الحكام العرب المستبدون أيما استفادة، لأنها تبرر استبدادهم وبطشهم بشعوبهم. وإنه وإن كان من المنطق أن لا تصدر هذه المقولة عن ألئك الذين يطالبون بالديمقراطية، إذ لا يعقل أن نطالب بشيء، ونحن نؤمن باستحالة تحقيقه، فإن بعض “الديمقراطيين” في بلادنا يرددون هذه المقولة، ويؤكدون عليها، على خلفية أن الديمقراطية كي تتحقق لا بد أن تمر حتما عبر التخلي عن الثقافة العربية والإسلامية. هكذا يجهد البعض أنفسهم ليحاولوا إقناعنا بهذا الكلام…
فزيادة عن شرعية التساؤل حول إمكانية تحقيق هذا الأمر في الواقع، فإنه لا مناص من التنبيه إلى أن هذه الدعوة تخرج عن مفهوم الديمقراطية، باعتبارها حكم الشعب، لتدخل ضمن أشد وأتعس دعوات القمع والإذلال، لأنها تريد أن تسلخ الشعوب من هويتها، لتفرض عليها بالقوة ثقافة بديلة، بدعوى تحريرها ودفعها في طريق التقدم. وهذه هي بالضبط فحوى الإيديولوجيا، التي روجت وتروج لها الدوائر الاستعمارية الغربية في كل مكان.
وفي كل الأحوال فإن القول بأن هناك شعوبا تفرض عليها طبيعتها وثقافتها ومعتقداتها أن ترفض الحرية والسيادة، وأن تتمسك بأنظمة متسلطة مستبدة، تضمن لها القمع والقهر، يبقى قولا سخيفا متنافيا مع الواقع، ومتناقضا مع طبيعة الإنسان، الذي يبدأ حياته منذ الطفولة بمصارعة الآخرين من أجل حريته وسيادته.
فإذا كانت الخلافات والتناقضات الفكرية، وكذلك الثقافة العربية الإسلامية، لا تمثل عائقا في طريق الديمقراطية في بلادنا، فما هو يا ترى السبب، الذي جعل الديمقراطية تتردد على كل الألسن كشعار، ولكنها لم تر النور إلى الآن؟
والجواب واضح وضوح الشمس: إن المحرك الأساسي للأطراف المعنية (السلطة- أحزاب المعارضة الرسمية وشبه الرسمية- الأطراف الأجنبية) هي المصالح، وليست المبادئ المعلنة. وما الموقف المعادي للحركة الإسلامية، والرافض لوجودها على الساحة السياسية، إلا أكبر دليل على ذلك.
فليس هناك أي تفسير لهذا الموقف المتعنت، الذي يتنافى مع مفهوم الديمقراطية، والذي أصبح يمثل عقبة في سبيل تحقيقها، غير كونه مرتبط بوجود خطوط حمر مرسومة، وبمصالح ورهانات لها أهمية كبرى.
والمتابع للأحداث التي تجري اليوم في كل أنحاء العالم يدرك إلى أي مدى أصبح تدخل القوى العظمى في الشؤون الداخلية لبلدان العالم الثالث فاضحا ومكشوفا. فمن يدعي أننا تجاوزنا مرحلة الاستعمار يكون مخطئا، ولا يمكن له أن يهتدي إلى الطريق الصحيح لتحقيق الحرية للشعب والديمقراطية في البلاد.
خلاصة
إن المطالبة بالديمقراطية في تونس انطلقت من داخل السلطة منذ بداية السبعينات، بعد انهيار سياسة التعاضد، وانهيار هيبة الدولة، وهيبة بورقيبة معها. ولكن هذا المطلب بدا منذ البداية مرتهنا بالكامل لإرادة بورقيبة ولا أحد سواه. وذلك لطبيعة الدولة البورقيبية، التي لم تتأسس لتحرير شعب من العبودية والفقر والجهل، كما يتردد دائما على مسامعنا، وإنما تأسست لصيانة شخص مهم في معادلة السياسة الاستعمارية والحرب الباردة.
وقد أدرك هذه الحقيقة وتأقلم معها كل المسؤولين في الحزب الدستوري، وبقوا على امتداد ثلاثة عقود منغمسين في خدمة مصالحهم، يحبكون الدسائس ضد بعضهم البعض، ويتصارعون على خلافة بورقيبة المريض تارة، والمتمارض تارة أخرى. ولم يجرأ أحد على إزاحته عن السلطة، رغم عجزه وأخطائه المتكررة. وبقي كالشبح المخيف جاثما على البلاد، يبدد ثرواتها في بناء القصور، ونصب التماثيل، في كل مكان، وإقامة حفلات أعياد الميلاد، وتسخير أجهزة الدولة بكاملها لتلبية نزواته، مثيرا السخرية في كل أنحاء العالم.
ولم تفلح النضالات، التي قامت بها فصائل المعارضة، والتضحيات، التي قدمتها في تأسيس مشروع ديمقراطي، يخلص الشعب من الدكتاتورية، لأن الأطراف المتصارعة داخل السلطة استطاعت في كل مرة أن تلتف على هذه النضالات، وهذه التضحيات، وتوظفها لصالحها. ولما برزت الحركة الإسلامية بقوة على الساحة الثقافية والسياسية، تهدد النظام البورقيبي من أساسه، شعر هذا الأخير بالخطر، وعمد إلى وضع سياسة جديدة، تقوم على خلق تعددية صورية، يسعى من خلالها إلى تشجيع كل التيارات على الوقوف صفا واحدا ضد الاتجاه الإسلامي، الذي وقع تقديمه على أنه خطر داهم، يتهدد البلاد والعباد.
وقد تفاعل مع هذه السياسة وتحمس لها غلاة العلمانيين، ودعاة التغريب من اليمين ومن اليسار، واستطاعوا أن يحولوا الصراع ضد الدكتاتورية البورقيبة إلى صراع ضد « الاخوانجية،« بتواطؤ مع بعض أطراف السلطة والأجهزة الأمنية.
وقد أدت هذه السياسة عمليا إلى دعم الدكتاتورية، وسد الطريق أمام أي مشروع ديمقراطي، والتمديد في أنفاس البورقيبية. ولذلك السبب أصبحت هذه السياسة تمثل مؤامرة ضد الشعب التونسي، تسعى إلى تزييف هويته بالقوة، وتأبيد عبوديته. ويجب على كل الوطنيين المخلصين أن ينددوا بها ويقاوموها.
وهذه السياسة، التي بدأت منذ بداية الثمانينات، مازالت متواصلة إلى الآن. وقد عمل نظام « العهد الجديد« على تثبيتها وتدعيمها، بتعاون أوسع من ذي قبل، مع غلاة العلمانيين والانتهازيين، وحتى مع بعض القوميين واليساريين البارزين.
واعتقد هذا النظام والمتحالفون معه أنهم قادرون على تمرير المؤامرة، تحت شعار « مقاومة الإرهاب« ، و« بناء الديمقراطية« . لكنهم فشلوا في هذا المسعى، ولم يقنعوا أحدا. وهاهم اليوم واقعون في ورطة، وإن لم يدركوها بعد، بعد أن تبين أن سياستهم هذه هي نفس السياسة الصهيونية، التي يطبقها آرائيل شارون وجورج بوش في حربهما على الإسلام والمسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان.
وهي في الواقع سياسة قديمة قدم الاستعمار والصهيونية، ولم تكن وليدة أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). فالاستعمار كان يسعى دائما إلى فرض الاستسلام على الشعوب المستهدفة، ويوجه تهمة الإرهاب إلى كل من يقاومه ويدافع عن حرية شعبه وكرامته.
وأمام غطرسة الولايات المتحدة الأمريكية، التي استفردت اليوم بقيادة العالم، وأصبحت تشن حربا شرسة على المسلمين في كل مكان، استبشر قصيرو النظر، من أعداء الإسلام في بلادنا بهذه الحرب، واعتقدوا أن مهمة الحركة الإسلامية في الدفاع عن نفسها تبدو في المستقبل مستحيلة، فأصبحوا يقدمون أنفسهم على أنهم هم حراس الديمقراطية، ويرددون علانية، وفي تناغم كامل مع الصهيونية، أن الإسلاميين لا مكان لهم في نظام ديمقراطي، وأن على المسلمين أن يخرجوا من دينهم، ليحصلوا على بطاقة الانخراط في الديمقراطية!!!
وغاصوا إلى مدى أعمق في محاولاتهم لهدم الإسلام، ولم يكتفوا، كما تعودوا في السابق، بإطلاق شعارات فضفاضة غامضة، مثل مقاومة الظلامية والسلفية والخطر الأصولي، وعدم استغلال الدين لأغراض سياسية، وفصل الدين عن الدولة، ورفض الدولة الدينية…
إنهم يعلنون اليوم أن الإسلام لا يتوافق مع حقوق الإنسان، وأن الديمقراطية لا تتحقق إلا بالتخلي نهائيا عن الشريعة الإسلامية، وخلع الحجاب بالقوة عن المرأة المسلمة، والتصدي لظاهرة الإقبال عن المساجد، وإقرار المساواة في الإرث بين المرأة والرجل.
وهناك من سبق شارون وجورج بوش، واشترط على المسلمين، للانخراط في نادي الديمقراطية، أن يحذفوا الآيات القرآنية، التي تتحدث عن الجهاد، والآية التي تبشر أمة الإسلام بأنها خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر…
وكل هذه الشعارات لا تمثل في الوقت الحاضر، حتى ولو كانت مقبولة، وهي ليست كذلك، أولويات بالنسبة للشعب التونسي، الذي يعاني من الحرمان والاستبداد والبطالة والفساد. وإنما تطرح هذه الشعارات لتسديد ضربات إضافية للإسلام، في ظل الهيمنة الصهيونية على العالم، ولاستفزاز الساحة الإسلامية، وسد الطريق أمام إقامة حوار وطني حر، يمكن أن يؤول إلى تخليص البلاد من الدكتاتورية.
وإنه لا مناص اليوم من البحث عن سبل للتنسيق بين مختلف الأطراف الوطنية الجدية والفاعلة، للخروج من حالة الانسداد، التي فرضتها السلطة، كما فرضها هؤلاء المتطرفون. وإن مبادرة « آكس »، التي حاولت أن تقوم بهذا الدور، وهي مفتوحة لكل الأطراف بدون استثناء، (إلا من أقصى نفسه)، تبقى أهم المبادرات، التي قام بها رجال صادقون، في هذا المجال، ويمكن لأبناء تونس المخلصين أن يطوروها، ويخلقوا منها أملا في إنقاذ البلاد من الدكتاتورية والفساد.
وإننا إذ نفهم مواقف القلة القليلة من العلمانيين المتطرفين، ودعاة التغريب، المعادين بطبيعتهم للإسلام، والذين يستمدون قوتهم من الدعم الخارجي، فإننا لا نفهم بالخصوص مواقف التيارات القومية المعادية للحركة الإسلامية.
وأما اليساريون الحقيقيون فلا يعقل أن يبقوا متخوفين من الانفتاح على الشعب، ومتحصنين وراء السلطة القمعية، بمواقف إقصائية مؤيدة. وليتذكروا أن كلمة يسار في الأصل تعني كل الذين كانوا يجلسون في الجمعية التأسيسية الفرنسية على اليسار، يجمعهم التمسك بسيادة الشعب، ورفض كل الامتيازات. وكان فيهم رجال دين بارزون، لعبوا دورا كبيرا في الثورة الفرنسية. فعسى أن ينتبه اليساريون الصادقون إلى هذه الحقيقة. وعسى أن ينتبه القوميون بعد ما حصل ويحصل في العراق، وما يحصل في فلسطين، إلى أن العروبة لا تعني شيئا من دون الإسلام، وتصبح ضربا من ضروب العنصرية، وعودة إلى الجاهلية، وأن ينتبهوا إلى أن كل مخططات الاستعمار السابقة والحاضرة، تسعى إلى خلق تعارض وتصادم بين العروبة والإسلام.
فإذا انتبه اليساريون الصادقون، والقوميون المخلصون في بلادنا، إلى هذه الحقائق، وسعوا إلى التصالح مع التيارات الإسلامية، والتعاون معها، فإن الديمقراطية ستصبح قريبة المنال في بلادنا، وسينكشف بأكثر وضوح أمر المتعاونين مع الاستعمار، والمتسترين وراء شعارات التقدمية والحداثة وحقوق الإنسان.
(*) كاتب من تونس
(المصدر: العدد التاسع من مجلة أقلام أون لاين – أكتوبر 2003)
Radhia Haddad : “La Présidente des femmes”
Par: Ali Ben Samir
Le nom de Radhia Haddad ne peut être dissocié de l’histoire de la Tunisie et surtout de celle de la lutte pour l’émancipation de la femme. Elle fut une femme de cœur, de volonté et de courage. Ses engagements patriotiques n’ont jamais été démentis ainsi que ses prises de position en faveur de la démocratie et du respect des Droits de l’Homme. Elle fut l’une des rares à avoir affirmé et défendu ces principes du temps du pouvoir de Bourguiba et souvent devant lui, contrairement à certains, et non des moindres, qui ont attendu son départ pour “rappeler” leurs hauts faits en matière de démocratie… Née dans une famille de la bourgeoisie de Tunis, Radhia Haddad a vécu dès sa prime jeunesse dans un milieu qui favorisera son évolution intellectuelle et ses choix politiques. Dans sa famille, elle s’éveilla aux idées nationalistes et à la nécessité d’une réforme du statut de la femme ; elle n’était pas la seule à subir les effets de ces mouvements d’idées, et c’est d’ailleurs au contact d’une pionnière de la cause de la femme, Bchira Ben Mrad, qu’elle acquit une conscience plus aiguë de ces questions. A propos de cette période de sa vie, Radhia Haddad écrit dans son livre “Parole de femme” : “Je pressais constamment Bchira Ben Mrad de donner une plus grande dimension à son association, d’abord en lui assurant une existence légale, pour sortir de la clandestinité tolérée où nous agissions, puis en dépassant le cadre étroit des jeunes filles b.c.b.g., issues des milieux cultivés et aisés, pour mobiliser l’ensemble des femmes du pays autour des vrais problèmes de l’heure”. Cette relation ne fut pas exempte de critique de la part de Radhia Haddad qui écrit à ce propos : “En fait, je ne souviens pas avoir eu l’occasion d’un véritable échange d’idées avec elle. Notre communication était entravée par le respect que je devais à une personne plus âgée, ainsi que la gêne instinctive que je ressentais à l’idée qu’elle était la fille du plus acharné des ennemis de Tahar Haddad”. Autant de considérations subjectives qui peuvent fausser l’évaluation objective du rôle de Bchira Ben Mrad. Après une période où elle mena des activités associatives, Radhia Haddad adhère au Néo-Destour. Elle y restera une vingtaine d’années, jusqu’au Congrès de Monastir qui a eu les conséquences que l’on sait. Militante, elle assuma les missions dont elle était chargée avec beaucoup de courage, de modestie et d’abnégation. Avec l’Indépendance, l’idée de la création d’une association de femmes destouriennes faisait son chemin. D’une part, parce que le Néo-Destour devait, selon sa logique de prise du pouvoir, disposer d’un appareil d’encadrement des femmes, et, d’autre part, parce qu’il fallait barrer la route aux divers groupes de femmes de gauche et notamment communistes qui s’activaient. C’est ainsi que le 26 janvier 1956, l’UNFT a vu le jour. Après le premier congrès de la jeune Union des Femmes tunisiennes, le 7 avril 1958, Radhia Haddad fut désignée présidente, bien qu’elle fût arrivée en seconde position, lors du vote, derrière Fathia Mzali. Le Bureau Exécutif n’était pas acquis à sa présidente. Loin de là, et Radhia Haddad devait rester vigilante face aux intrigues et aux manœuvres. Pour cela, elle a pu compter sur le soutien de Bourguiba qui a toujours tranché en sa faveur. Au cours de cette période, le rôle joué par l’UNFT fut immense dans l’action en faveur de l’émancipation de la femme tunisienne. Il y avait certes Bourguiba qui avait mis son prestige et son poids historique au service de la cause de la femme, qu’il considérait d’ailleurs comme sa propre cause, mais il y avait aussi le travail de terrain, déterminant dans de telles entreprises, car il fallait vaincre les réserves, les méfiances et les oppositions et faire prendre conscience aux femmes, à l’époque analphabètes dans leur écrasante majorité, de leurs droits et des perspectives de libération qui s’offraient à elles. Cette tâche difficile et exaltante, a été menée par des militantes animées par Radhia Haddad ; et c’est sans soutes là le plus grand apport de Radhia Haddad à l’histoire de la Tunisie moderne. Au cours des années 60, la Tunisie a entamé une série de grandes réformes, et Bourguiba apportait tout son soutien à l’expérience du socialisme destourien. Radhia Haddad fut l’une des rares parmi les responsables de l’époque à clamer tout haut ce que tout le monde pensait, c’est-à-dire que le projet dérapait… Toujours dans le même esprit d’indépendance et de cohérence, elle adopta au Congrès de Monastir du PSD des positions courageuses qui lui ont coûté bien cher. Elle fut l’objet d’un procès mesquin, mais elle ne désarma pas et continua son action en faveur de la démocratie et des Droits de l’Homme jusqu’en 1981, date à laquelle elle y mit fin volontairement. Ses relations avec Bourguiba ont été déterminantes dans la vie et l’évolution politique de Radhia Haddad. Elle écrit d’ailleurs dans l’avant-propos de son livre “Parole de femme” : “Le personnage central de ce livre, c’est Bourguiba. Ce n’est qu’à son sujet que j’ai voulu exprimer le fond de ma pensée, sans pourtant parvenir à porter sur lui un jugement global et définitif”. Comme la plupart des collaborateurs de Bourguiba, Radhia Haddad lui vouait un grand respect et une reconnaissance sincère pour le rôle qu’il a joué dans l’histoire de la Tunisie.
Cependant, ces relations, tout comme celles de Bourguiba avec ses autres collaborateurs (nous en excluons bien évidemment les courtisans) n’étaient pas exemptes d’ambiguïté et de situations conflictuelles. Radhia Haddad était fascinée par Bourguiba, le respectait et se sentait tenue à bien des concessions pour éviter le point de rupture, mais son action était également motivée par d’autres exigences, celles de la démocratie, du respect des institutions ; ce qui ne manquait pas de heurter Bourguiba, de plus en plus sensible aux courtisans qui l’entouraient. La rupture a libéré Radhia Haddad, mais lui a laissé un sentiment d’amertume. Bourguiba, quant à lui, avait de l’affection pour Radhia Haddad. Il l’a toujours soutenue, comme elle l’a, elle-même, écrit. Certains y ont vu l’influence de Wassila mais, au-delà de cet aspect, Bourguiba appréciait les qualités de la militante et de la présidente de l’UNFT au point qu’il a déclaré au Congrès de l’UNFT en 1966 : “Quand elle venait me dire qu’elle était surmenée et épuisée, et qu’elle était débordée par l’accumulation des problèmes, par les difficultés internes de certaines sections, par l’indisponibilité et l’irresponsabilité de plusieurs de ses collaboratrices, je me disais en moi-même : c’est exactement la situation que j’ai connue il y a trente ans !” Cependant, cette affection, même si elle était sincère, ce soutien, n’avaient pour lui de sens que s’ils étaient au service de Bourguiba et de ses choix, et c’est sans doute là que se trouve l’origine de ce qu’ont ressenti tous les bourguibistes, et ils furent nombreux, qui ne comprenaient pas qu’ils puissent être “punis” par l’homme qu’ils étaient sûrs de servir par leur volonté de faire évoluer le système. C’est sans doute là le destin de certains hommes et femmes. Radhia Haddad, quant à elle, l’a assumé avec courage et dignité.
(Source: Réalités N°931 du 30 octobre 2003)
France : Malaise dans la laicite.
Par Noura Borsali Le débat sur la laïcité en France, qui a rebondi ces dernières semaines, tourne autour de la question du port des “ signes religieux ostentatoires ” dans les institutions républicaines françaises.
Cette polémique, qui suscite des prises de positions multiples et contradictoires, reprend un débat qui a traversé, quelques mois auparavant, la société française et provoqué des divisions au sein du gouvernement comme de toute la classe politique. “ Sous les assauts répétés des islamistes, les principes républicains reculent tant à l’école que dans la vie publique ”, commentait, il y a un mois, le magazine français L’Express . Le 3 juillet dernier, le président Chirac a créé une commission composée de 20 “ sages ”, présidée par Bernard Stasi et destinée à présenter, vers la fin de cette année et après l’audition de spécialistes, des propositions à l’Elysée en vue d’ “ une meilleure application du principe de la laïcité ”.
En installant cette commission, M.Chirac a tenté de mettre fin —provisoirement— à un débat houleux autour du voile et surtout aux divisions intergouvernementales à propos de cette question. Tandis que le Premier ministre Jean-Pierre Raffarin et d’autres ministres s’exprimaient en faveur d’une loi interdisant le port du voile, le ministre de l’Intérieur, Nicolas Sarkozy et quelques autres ministres se prononçaient pour une laïcité débarrassée “ des relents sectaires du passé ”. La polémique portait sur deux questions fondamentales : faut-il légiférer pour interdire les signes religieux à l’école ? Ou faut-il soumettre la loi de 1905 relative à la séparation de l’Eglise et de l’Etat à une éventuelle révision ?
Ces questions concernent sans conteste l’un des fondements de la République française, d’où le désarroi aussi bien de la classe politique que des intellectuels et des composantes de la société civile. L’inquiétude est en effet grandissante particulièrement dans les rangs des chefs des établissements scolaires et des enseignants désemparés face à “ des comportements inédits ”, avec cette perpétuelle question : “ Que faire ? ”.
En effet, “ que faire face à des élèves qui rompent le jeûne du Ramadan en plein cours ? Que faire face à un enfant qui refuse de faire la ronde parce qu’il ne doit pas toucher la main des filles ?… Que faire face à des parents qui interdisent à leur fille d’aller à la piscine ?… ”, rapporte L’Express qui relève également la “ variété des réponses ” telles que “ ce proviseur qui se renseigne sur la direction de la Mecque parce qu’une élève la lui a demandée pour faire sa prière au lycée ” ou encore cette “ directrice d’école qui adresse un “ shana tova ! ” à ses coreligionnaires juifs devant tous les élèves ”.
Mais, cette question ne touche pas simplement l’école. “ Des conventions bilatérales avec le Maroc, l’Egypte ou l’Algérie reconnaissent par exemple le droit à la répudiation des Françaises qui ont la double nationalité ” ou relève encore l’hebdomadaire français, cette “ circulaire ministérielle de 1991, qui autorise “ le regroupement des sépultures de défunts de confession musulmane ” alors que, selon la loi de 1885, les cimetières sont “ conçus comme des espaces publics et où le regroupement des sépultures par confession est en théorie interdit ”…
S’y ajoute la question de la mixité déjà remise en cause dans certaines piscines dans certaines municipalités, dans certaines cliniques où des hommes exigent que “ leur femme, fille ou sœur ne soit examinée que par des médecins de sexe féminin ”… De nombreux exemples cités dans le dossier de L’Express (du 18/09/2003) et qui révèlent autant de confrontations entre laïcité et religion créant, selon le camp inquiet, un malaise dans la laïcité française.
Au ministre de l’Intérieur, Nicolas Sarkozy, il est reproché son implication active dans la constitution du Conseil français du culte musulman (CFMC) et, selon le cardinal Lustiger (cité par l’hebdomadaire français ), ses efforts en vue de l’installation de “ l’Islam en religion d’Etat ”, et ce, “ au détriment de sa neutralité ”, selon ses détracteurs inquiets d’un “ islam politisé ” et de voir “ les fondamentalistes l’emporter sur les modérés de la Mosquée de Paris ”.
Pourtant, Sarkozy s’est fait interpeller par les militants de l’Union des organisations islamiques de France (UOIF) sur l’interdiction du port du voile sur les photos d’identité. Mais, misant sur ses rapports — améliorés— avec les organisations musulmanes de France, il se prononcera contre l’opportunité d’une loi interdisant non le seul voile islamique mais l’ensemble des signes religieux.
En effet, l’actuel débat pourrait, selon certains observateurs, ne pas se limiter au seul voile islamique qui focalise à présent l’attention, pour s’étendre à tous “ les signes religieux ostentatoires ” tels que le port de la kippa, de la croix de grande taille (mode gothique) ou encore aux signes politiques tels que les keffiehs palestiniens ou les plaques de Tsahal (reproduction de plaques israéliennes d’identification militaire, portée autour du cou).
Certaines parties, tout en considérant que la présence de ces signes demeure très limitée dans les établissements (200 élèves voilées en France selon le gouvernement), relativisent les problèmes liés à ces signes qui risquent de renforcer, à leur regard, le communautarisme et le repli défensif sur son groupe et plaident par conséquent pour une meilleure intégration des élèves qui risquent de se diriger vers des établissements confessionnels.
D’autres demeurent plutôt intransigeantes quant au respect du principe de la laïcité à l’école même si cela entraînait l’appel à des conseils de discipline et l’exclusion de celles qui refusent de se défaire de ces signes distinctifs comme c’était récemment le cas des deux sœurs voilées Alma et Lila Lévy qui a ravivé une polémique sur la définition de la laïcité vieille d’une quinzaine d’années.
En attendant les conclusions et propositions de la commission Stasi sur la laïcité (du nom de son président) et de la fin des travaux parlementaires sur la question du voile, nombreux sont ceux qui prônent la fermeté en affirmant, comme le Premier ministre Jean-Pierre Raffarin, que “ la République s’impose à la foi ” et en défendant le principe de légiférer même si une éventuelle loi n’est vue que comme un “ ultime recours ”.
A ceux-là, l’archevêque de Bordeaux, dans le camp adverse, hostile à une politique répressive ne pouvant conduire, selon lui, qu’à des “ réflexes d’un corps social se sentant suspecté et menacé ”, rétorquera que l’“ on ne réforme pas la société par décrets ”.
Et d’ajouter après avoir fait “ un parallèle avec le rejet initial de la loi 1905 sur la séparation de l’Eglise et de l’Etat par les catholiques et “ l’ajustement réciproque ” réalisé depuis: “ Ce que la République a fait dans la durée, tout au long du XXème siècle, avec vigilance, réalisme, sens politique du compromis et du dialogue ” avec l’Eglise, je pense qu’elle doit le poursuivre en ce début du troisième millénaire ” (AP).
Il ne croyait si bien dire dans un pays où la laïcité a su s’imposer aux catholiques. Dans le camp adverse, au début du dernier millénaire…
(Source: Réalités N°931 du 30 octobre 2003)
تواصلا مع الأستاذ حجاج نايل
العلمانية لا يمكن أن تكون طريقا للدولة الدينية
بقلم: د. خالد شوكات
سعدت برد الأستاذ حجاج نايل الناشط الحقوقي واليساري البارز، على مقالي المنشور سابقا في « تونس نيوز »، وقد أثارت نقاط عديدة وردت في مقاله حفيظتي، فضلا عن الأسئلة التي وجهها إلي، ويهمني بهذا الصدد تسجيل النقاط التالية:
1- إنني أخالف الأستاذ حجاج في قوله أن الدولة الدينية كانت وهما تاريخيا، فالدولة الدينية – والمقصود بها عندي الدولة التي حكمها رجال الدين أو النصوص الدينية المقدسة- كانت موجودة في التاريخ الغربي والإسلامي – والإنساني بشكل عام-، ولا شك أن الدولة التي أقامتها حركة طالبان في أفغانستان على سبيل المثال – ولم تنته إلا قبل سنتين فقط-، كانت نموذجا لهذه الدولة التي تمتلك فيها فئة قليلة الحقيقة الدينية، وتطلب من المجتمع بمختلف مكوناته أن ينصاع لها.
2- إن قول الأستاذ حجاج بأنني لم أحدد موقفي من الدولة الدينية بوضوح، كان مجانبا للحقيقة الكامنة في جوهر الموضوع الذي أرادت مقالتي أن يخلص إليها، فإذا كنت مؤمنا بالدولة الدينية فلماذا المداراة. أنا أعيش في بلد حر، وأملك حق التعبير عن قناعتي بكل حرية. أؤكد إذا وأقول مجددا أنني ضد الدولة الدينية، سواء أكانت محكومة من قبل رجال دين يزعمون العصمة، أو محكومة بنصوص دينية تحتكر فئة تأويلها ولي عنقها حسب مصالحها وأهوائها.
3- إن الدولة العلمانية برأيي لا يمكن أن تفضي إلى الدولة الدينية كما أشار إلى ذلك الأستاذ حجاج، الذي يبدو أنه خلط – ولو سهوا- بين العلمانية والديمقراطية، إذ التسليم التكتيكي بالديمقراطية، للمشاركة مرة واحدة في الانتخابات ثم منعها لاحقا، هي التي يمكن أن تحقق المخاوف التي أثارها الأستاذ حجاج – ومن قبله ولا يزال الكثير من اليساريين- من استغلال برغماتي للنظام الديمقراطي بما يقود إلى حالة شمولية، وهي بالمناسبة ليست خاصية للأحزاب الدينية المتشددة فقط، بل هي خاصية لكافة الأحزاب الشمولية، القومية واليسارية – الشيوعية أيضا.
4- إنني أود أن أوضح للأستاذ حجاج أن الهدف من مقالتي كان مخاطبة الشرائح المتدينة في المجتمعات العربية والإسلامية بالدرجة الأولى، كما كان الهدف أيضا التوفيق بين كلمتي « مسلم » و »علماني »، أكثر منه » إسلامي » و »علماني »، فأنا من منطلق تجربة ذاتية أشعر بأن قناعتي بضرورة الدولة العلمانية، لا تتناقض مع إيماني العميق بالله وبرسالته الخاتمة التي أنزلها على محمد صلى الله عليه وسلم، وإنني عندما دعوت إلى علمنة الدولة في العالم العربي والإسلامي، لم أشعر بأنني خرجت عن الملة أو ارتكبت خيانة في حق عقيدتي الدينية.
5- إن رغبتي أكيدة أيضا، في تذكير الأستاذ حجاج بأنني أدافع عن نوع معين من الدولة العلمانية، و هي الدولة العلمانية الديمقراطية الليبرالية، وليست الدولة العلمانية المعادية للدين أو الكارهة له والمتحاملة عليه، فقد كان ستالين علمانيا أيضا، غير أن تجربته في حق المتدينين كانت قاسية جدا، تماما كما كان أتاتورك علمانيا كذلك، غير أن العلمانية عنده كانت عقيدة دينية جديدة لها كهنوتها ومعابدها وسدتنها.
6- وإن توجهي بالخطاب للشرائح المتدينة، لا يعني أن أمر التحول إلى العلمانية الديمقراطية الليبرالية، أمر يخصهم وحدهم في العالم العربي والإسلامي، ذلك أن جميع التيارات السياسية والايديولوجية العربية، اليسارية والقومية وغيرها، وعلى الرغم من أنها كانت علمانية – بمعنى إيمانها بفصل الدين عن الدولة- إلا أن علمانيتها كانت عقيدة دينية أرضية، ظهرت معها أصنام و قواعد عبادة وتحول خلالها أشخاص إلى معصومين لا ينطقون عن الهوى، فالتغيير الذي أناضل – مع كثيرين من بينهم بلا شك الأستاذ حجاج- من أجل إحداثه، تغيير شامل متعدد يتجه صوب كافة مكونات العقل السياسي العربي والإسلامي.
7- إلى ذلك فإن التأكيد جار أيضا، على أن الدولة العلمانية التي قصدتها في مقالتي، هي دولة العلمانية المتسامحة، وليست الدولة العلمانية المتشككة والمتوهمة والخائفة، التي تأخذ الناس بالنوايا، وتمارس ضدهم ذات الممارسات التي يعاني منها الناس في الدول الدينية الثيوقراطية، والتي تقوم على التفتيش في الضمائر واستباحة حقوق المواطنين بالريبة. إن الدولة العلمانية الديمقراطية التي نريدها، دولة المساواة أمام القانون، والحكم على الأشياء والظواهر من خلال الممارسات والتصريحات، لا النوايا والظنون.
8- إنني كشخص متدين – و لا أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء- أرى أن من حق المتدينين أن لا يكونوا مجبرين في ظل الدولة العلمانية على الاختيار بين الحفاظ على عقيدتهم وممارسة شعائرهم بكل حرية، وبين مواطنتهم، وإلا كانت النتيجة دفع الناس للتطرف والتشدد والإقصاء، فأفكار الإقصاء لا تقود إلا إلى تعميم الإقصاء، تماما كما تقود أفكار التوافق والتعايش إلى قبول الجميع بالتواصل والعيش المشترك.
9- ويهمني أن أصارح الأستاذ حجاج بأنني لا أعير قضية التصنيف هذه بالا، فلا شك أن الحركة الديمقراطية المسيحية على سبيل المثال، كانت على خلاف بين مع التوجهات الكهنوتية الإكليركية داخل الكنيسة، وقد قدمت طيلة قرون شهداء في سبيلها إلى بناء مجتمع علماني ديمقراطي، يسع المتدينين وغير المتدينين، واليمينيين واليساريين. إنني مهموم جدا بفكرة التعايش المشترك والقبول المتبادل بين مختلف أطراف ومكونات المجتمع في عالمنا العربي والإسلامي. إن قناعتي أننا جميعا يجب أن نسلم لبعضنا بأن هذا وطننا جميعا، علينا أن نعيش فيه معا، ولا يمكن لأحد عندما ينفرد بنفسه أن يزعم العصمة أو يخطط لإفناء الآخر. لنعش جميعا في وطننا بحرية، ولنتحدث مع بعضنا كبشر لا كمعصومين، ولننظم مسألة السلطة وفقا لهذا الأساس المتعدد، وبناء على الاحتكام لرغبة المواطنين. تلك هي قضيتي الرئيسية.
10- وختاما، فإنني راغب في توضيح مجموعة من المسائل، أولها أن أغلب الدين من صنع البشر، فالفقه مثلا يمثل الأغلبية المطلقة في الإسلام الموروث، ولا شك أن إضفاء العصمة على ما يقول أو يفعل البشر يتنافى مع العقل والمصلحة، وثانيها أن « لا علمانية » الدولة العالم العربي خصوصا، على الرغم من عدم حكم الإسلاميين لها في الغالب، قد قاد أيضا إلى تشويه الدين وممارسة الحكام الوصاية عليه بحجة حمايته من المتطرفين، فتحرير الدين من ربقة الدولة يعني أيضا تحريره من وصاية الحكومات وتأويلهم لنصوصه، ولا يعني فقط تحريره من وصاية الإسلاميين أو غيرهم من الجماعات الدينية، وثالثها أنني شخصيا لا أتصور إمكانية الحديث في السياسة أو ممارستها مع أشخاص يزعمون أنهم يمثلون الله أو ينطقون بإسمه، فالسياسة كما أراها شأن بشري، ولا يجب أن ينتقص هذا القول من مكانة الدين، أو يفهم الأمر على هذا النحو، فقوة الدين في طوعية الإيمان به، وليس في تواكله على السلطة، والله – كما أحببته- لا أراه في حاجة إلى سلطان البشر ليفرض إيمانه به عليهم، فهو صاحب السلطان الأكبر.
مع المحبة والتقدير
3-11-2003
لافتة
صاحبة السّيادة
شعر: أحمد مطر
إن لَمْ تُكنْ كذّابَهْ
إن لم تكن ساقيةً في حانةٍ
أو مُومِساً في مُلتقي عِصابَهْ..
لاتّخذَتْ مِنها السّماواتُ سَماواتٍ لَها
واستعبَدَتْ هَيْبتُها سِيادةَ المَهابَهْ!
إن لم تكنْ لَعّابَهْ
إن لم تكن أنفاسُها مُريبةً
ولم تكُنْ بنفسِها مُرتابَهْ..
لأطفأَتْ بنارها
غَليل ألفِ غَيمةٍ
وأشعلَتْ بمائِها
حَريقَ ألفِ غابةْ!
إن لم تُكنْ نَصّابَهْ
إن لم تكن لسارقٍ نافذةً
ولم تكن لقاتلٍ بَوّابَهْ..
لَعَيَّرَتْ فَقْرَ الغِني
وَصارَ مُقتني الدُّنا
أَمامَ ما تملكُهُ.. أحقَرَ مِن ذُبابَهْ!
إن لم تُكنْ هيّابَهْ
إنْ نَزَعَتْ مِن قلبِها
مَخالبَ الخَوفِ
وإن عَضّتْ لَهُ أنيابَهْ..
لأدركَتْ كيفَ يكونُ مُمكناً
بِضغطةِ الإبهامِ والسَّبّابَهْ
أن تُسحَقَ الدبّابَهْ!
إن آمنَتْ بذاتِها
وَغالبَتْ لَذّاتِها
فإنَّ أقوي قُوَّةٍ
لن تستطيع مُطلَقاً
أن تَهزِمَ الكِتابَهْ!
(المصدر: صحيفة الراية القطرية الصادرة يوم 1 نوفمبر 2003)
|