TUNISNEWS
5 ème année, N° 1589 du 25.09.2004
قدس برس: تونس: أحزاب المعارضة تلتقي في باريس و »الديمقراطي التقدمي » يعلن مقاطعة الانتخابات الرئاسية الحياة: إجراءات أمنية لوفد تونس بعد رشقه بالعلب الفارغة
الشروق: سابقة سياسية في التشريعية: «التجمع» يُحدث المفاجأة ويختار عدم ترشيح أعضاء الحكومة لرئاسة قائماته الانتخابية الهادي بريك: بمناسبة المسرحية الانتخابية الهابطة في تونس (الحلقة السابعة ): العصابة تفرض الذل و الموت البطئ منصـور بن يحـي : من وحي رحيل أخي الذي لا أعرفه… الطاهر العبيــدي : نحن الجائعون أمـام حقولـنا… صوت الشعب: الدكتاتورية تشدد حملتها على الحريات قبل مهزلة أكتوبر القادم صوت الشعب:المستشفيات العمومية: توزيع غير موضوعي حقائق تفتح الملف في تونس: ما الذي تريده منا الولايات المتحدة؟ الأستاذ مختار الطريفي: في هذه الحالة فقط نلغي مقاطعتنا للأمريكان العميد عبد الستار بن موسى: لانتردد في محاورة التعبيرات المستقلّة في المجتمع الأمريكي محمد بوشيحة: مبادرة الشرق الأوسط الكبيركما نراها… حقائق: عندما قالوا لعضو المكتب السياسي الديمقراطي الوحدوي مختار الجلالي ولغيره :Wait and see السيد ويليام هادسون، سفير الولايات الأمريكية في حوار شامل مع « حقائق » » ليس عندنا وصفات جاهزة نريد فرضها على أحد »
Hamida Ghali: Et quel prétexte lui donnera-t-on en 2009?AFP: Une formation d’extrême-gauche pour le boycott des élections du 24 octobreDr. Sahbi Amri: Délire sénile Nour El Houda: Allons enfants Derbali: Prorata 4
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
Hamida Ghali: Et quel prétexte lui donnera-t-on en 2009?
Une formation d’extrême-gauche pour le boycott des élections du 24 octobre
Les juifs tunisiens ont célébré samedi la fête du Kippour à Tunis
TUNIS, 25 sept (AFP) – La communauté juive tunisienne, l’une des plus importantes du monde arabe, a célébré samedi à la synagogue de Tunis la fête du Yom Kippour (Grand Pardon), a indiqué l’agence tunisienne TAP (officielle). Les membres de la communauté juive ont exprimé au cours de cette célébration, « leur attachement au président (tunisien) Zine El abidine Ben Ali et leur adhésion à son projet de société, fondé sur la coexistence et la toélérence », a ajouté la TAP. Le gouverneur (préfet) de la ville de Tunis, Mahmoud Mehri, a assisté à la fête, a indiqué l’agence. La communauté juive de Tunisie reste l’une des plus importantes du monde arabe, mais elle a considérablement diminué au fil des ans. De 100.000 à l’Indépendance de la Tunisie, en 1956, les juifs ont quitté le pays pour aller s’établir notamment en France et en Israël et ne seraient plus aujourd’hui qu’environ un millier. Ceux qui sont demeurés en Tunisie sont pour moitié établis à Djerba, île touristique au sud du pays, théâtre en 2002 d’un attentat revendiqué par Al-Qaïda, devant la synagogue de la Ghriba, qui a tué 21 personnestouristes allemands, deux Français et cinq Tunisiens).
Chantier Démocratique : liste provisoire des signataires de la lettre ouverte aux opposants
Par ordre alphabétique Ahmed Manaï, (Comité Tunisien d’Appel à la Démission du Président Ben Ali et pour la Formation d’un gouvernement d’union Nationale) Antékrista (reveiltunisien.org) Fathi Jerbi, (Enseignant universitaire, membre du CPR) Hasni (reveiltunisien.org) Le Désenchanté, (Citoyen ordinaire) (tunezine.com) Mistral (nawaat.org) Mkarriz (Chantier Démocrtique, tunezine.com) Neila Charchour Hachicha (PLM) Oiseau Libre (forum, nawaat.org) Rémi Loghmari (forum, reveiltunisien.org) Sami Ben Gharbia alias Chamseddine (nawaat.org) Sihem SASSI, Dr. Bruxelles Zouhair Yahyaoui (tunezine.com) Le CD remercie tous les signataires de la pétition et vous rappelle tous ceux qui ne l’ont pas encore fait et qui désirent le faire de répondre à l’appel au chantier_democratique@yahoo.fr . Votre support est très important pour l’aboutissement de cette initiative. Pour une opposition unie une contre la dictature. Merci Le Chantier Démocratique
تونس: أحزاب المعارضة تلتقي في باريس و »الديمقراطي التقدمي » يعلن مقاطعة الانتخابات الرئاسية
تونس – خدمة قدس برس قررت أحزاب المعارضة التونسية تنظيم مؤتمر تنسيقي في العاصمة الفرنسية باريس، لبحث رؤاها للوضع السياسي بالبلاد، بمناسبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية، المقرر إجراؤها يوم 24 تشرين أول (أكتوبر) القادم. وقال مصدر من أحزاب المعارضة التونسية لـ »قدس برس » إن الاجتماع الذي سيجمع أبرز الأحزاب التونسية المعارضة يوم 16 تشرين أول (أكتوبر) القادم، بدعوة من /لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس/ سيحدد موقفا سياسيا واضحا من الانتخابات القادمة، وسيفتح الباب أمام بناء معارضة قوية، تعيد التوازن للساحة السياسية التونسية، التي يسيطر عليها الحزب الحاكم. والأحزاب التي ستشارك في هذا المؤتمر هي التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي وحركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب العمال الشيوعي التونسي. من جهة أخرى قال الحزب الديمقراطي التقدمي إنه قرر مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة، بسبب المناخ السلبي، الذي تستعد فيه السلطة لتنظيم الانتخابات المقبلة. وجاء في بيان صادر عن الحزب، وأرسلت نسخة منه لوكالة « قدس برس » أن « السلطة مستمرة على نهج الانغلاق والتنكر لمطلب الإصلاحات السياسية، ومواصلة التضييق على مكونات المجتمع المدني المستقلة، واحتكار الإعلام والفضاء العمومي ». وأضاف البيان أن اللجنة المركزية للحزب قررت مقاطعة الانتخابات الرئاسية، بعد استنفاد كل الطرق السياسية والقانونية، وإقامة الحجة على السلطة، التي أصرت على غلق باب الترشح الحر، وصادرت حق التونسيين في التنافس على قيادة البلاد، بحصر الترشحات في ممثل الحزب الحاكم ومن اختارتهم الحكومة منافسين له، بشروط ضبطت على المقاس »، حسب عبارة البيان. وانتقد الحزب « الأحزاب البرلمانية »، التي ساندت ترشح الرئيس زين العابدين بن علي لدورة جديدة. وطالب بضرورة تحديد الولايات الرئاسية بثلاث دورات فقط، تحقيقا للتداول السلمي على الحكم. يذكر أن الانتخابات الرئاسية ستشهد منافسة يعتقد أنها ستكون شكلية بين الرئيس زين العابدين بن علي ومحمد بوشيحة، الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، ومنير الباجي، الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري، ومحمد علي الحلواني، مرشح حركة التجديد وما سمي بالمبادرة الديمقراطية، التي تجمع بعض فصائل اليسار التونسي. المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 25 سبتمبر 2004
إجراءات أمنية لوفد تونس بعد رشقه بالعلب الفارغة
سابقة سياسية في التشريعية: «التجمع» يُحدث المفاجأة ويختار عدم ترشيح أعضاء الحكومة لرئاسة قائماته الانتخابية
فهرس العدد 279 من صحيفة الموقف الأسبوعية الصادر يوم الجمعة 24 سبتمبر 2004
خالد كريشي : دعم مرشح » التجمع » تحزيب لقطاع المحاماة. سليم بوخذر : أي جمعية هذه التي لم تدافع يوما عن حرية الإعلام و حقوق الصحفيين ؟! محمد الفوراتي : مؤسسات المجتمع المدني العربي تطالب بالعدالة في مجتمع المعلومات. منذر الشارني : الإستعمار الجديد يدمر الخصوصيات. اللجنة المركزية لـ » الديمقراطي » تقرر مقاطعة الرئاسية. الرابطة تبعث مرصدا لمراقبة الإنتخابات. مرشح مستقل للإنتخابات الرئاسية. إجتماع المعارضة التونسية يوم 16 أكتوبر
دراسة شملت مصر والسعودية والامارات وتونس والكويت القنوات الفضائية هل تشكّل خطراً على الأسرة العربيّة؟
بمناسبة المسرحية الانتخابية الهابطة في تونس :
عصابة النهب المتصهينة تمعن في التنكيل بالاحرار
الحلقة السابعة : العصابة تفرض الذل و الموت البطئ
الهادي بريك / المانيا
حولت العصابة البلاد الى سجن كبير فمن لا ولي له كالاسلاميين تفرض عليه الموت البطئ في السجون وبعد الخروج منها فيمنعون من طلب الرزق بل تحجر على الاستاذ الجامعي والطبيب الوقوف على الرصيف لبيع المعدنوس اما من له ولي فان ملاحقته تكون بقدر حجم وليه فقدر من الموت البطئ مفروض على كل الناس سواء كانوا اعلاميين او نقابيين او سجناء او سجناء سابقين اومحامين او حقوقيين اوطلبة اومعارضين .
اكثر من خمسين سجينا قتلهم التعذيب او الاهمال في سجون العصابة على امتداد عهدهم الاسود:
القائمة الكاملة بين يدي الان ولمن شاء الرجوع اليها فهي متوفرة في تقارير منظمة العفو الدولية و المجلس الوطني للحريات . والانكى نكاية هذا الزمن النكد ان المتحدثين باسم العصابة كلما سئلوا اثر موت سجين يجيبون بصفاقة لا نظير لها بان سجون تونس خالية من السياسيين .
عبد المجيد بن طاهر سجين نخره السرطان حتى مات في شهر اكتوبر الماضي بعد قضاء 12 سنة بالسجن فلا هو عولج بالسجن ولامكن بعد خروجه من جوازسفرللعلاج خارج البلاد .
سهام بن سدرين والمنصف المرزوقي كاناهدفا لمخطط اغتيال من العصابة وارجع الى ملف اعده الصحبي العمري نشرته تونس نيوزفي 28 اكتوبر 2000 و الى شهادة الشادلي العياري مخابراتي سابق في عصابة القنزوعي والسرياطي وهي منشورة بتونس نيوز في 22 نوفمبر.
لطفي العيدودي سجين اصيب بشلل نصفي جراء التعذيب .
بدرالدين الرقيعي قتل تعذيبا في معتقل بوشوشه في مارس الفارط .
الحبيب الردادي قتل تعذيبا في سجن الهوارب في ذات الشهر .
جمعة الخصخوصي سجين بسيدي بوزيد يودع مستشفى المجانين رغم انه يتمتع بكامل مداركه العقلية وتتشرد اثر ذلك عائلة باسرها : اطفال يغادرون المدرسة ويقتلهم الجوع وزوجة تستغيث ويجدر الرجوع الى صيحتها المنشورة على تونس نيوز في 1 اوت الفارط وهي صيحة تفطر المهج تفطيرا لفرط لوعة الام المسكينة .
لسعد الجوهري تهجم عليه كلاب العصابة بمعدل مرة كل شهرين بعد خروجه من السجن فتشبعه ضربا مبرحا الى حد كسر اعضائه انتقاما من نشاطه الحقوقي وراجع تقريرا مفصلا في ذلك مثلا في 30 اوت من العام الفارط على تونس نيوز.
الفاضل البلدي لم تشفع له استقالته من حركة النهضة فتداهمه ذات الكلاب مرات وتعبث بمعروضاته التي يقتني منها خبزه اليومي وانظر تقريرا عن احدى تلك الهجمات باريانه في 10 جويليه من العام الفارط على تونس نيوز.
الطالبان انيس بن فرج وناظم الزغيدي يتعرضان للتعنيف تشفيا من نشاطهمافي اتحاد الطلبة .
اليوم الاسود للمحامين في تونس هو يوم 13 ديسمبر من العام الفارط حيث تعرضوا الى تعنيف شديد بعيد زيارة الى زميلتهم سعيده العكرمي لتهنئتها بعد اطلاق الخاطفين لسراحها يوم 18 نوفمبر ومن هذا الذي يجرؤ على اختطاف محامية في وضح النهار في بلاد استتب فيها الامن بعصا البوليس الاعمى سوى كلاب العصابة.
كلاب العصابة تداهم البيوت والمقرات وتسرق الحلي والوثائق: حدث ذلك للاستاذ عبد الرؤوف العيادي حيث دوهم بيته وسرق اثاثه ولمقر اللجنة الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين في 14 اوت .
فماذا يمكن ان نقول عن اعمال ارهابية كتلك وهي غيض من فيض لايحيط بتفاصيله سوى ربك سبحانه ؟ أليست تلك اعمال عصابة نهب متصهينة تنكل بالناس اجمعين ؟
من وحي رحيل أخي الذي لا أعرفه…
نوشاتيل (سويسرا) في 24 سبتمبر 2004
منصــور بن يحـــي (أبــو سهيــل)
Vérité-Action عضو مكتب جمعية
نحن الجائعون أمــــــــام حقولــــــــنا…
الطاهر العبيـــدي
taharlabidi@free.fr
عيد الجمهورية- عيد النصر- عيد الاستقلال- عيد الشهداء- عيد الأمهات- عيد الشجرة…
ما أكثر أعيادنا وما أقلّ أفراحنا.. ما أكثر كلامنا وما أحقر أفعالنا.. ما أضخم طبولنا وما أوضع أعراسنا..ما أكبر مخططاتنا وما أتفه إنجازاتنا..ما أعظم شعاراتنا وما أفظع حقائقنا..ما أكثر حماسنا وما أشدّ هزائمنا..ما أكثر وعودنا وما أضخم همومنا..ما أطول خطبنا وما أبشع أحزاننا..ما أكثر اجتماعاتنا وما أوحش اهتماماتنا..
عيد الجمهورية-عيد النصر-عيد الاستقلال-عيد الشهداء- عيد الشباب- عيد المرأة-عيد الأمهات-عيد الشجرة…
أعياد تمر، أيام تمر، وسنين تمر وأخرى تندثر..ونحن الجائعون أمام حقولنا، نحن المتسولون أمام حقوقنا، نحن المجرمون أمام قوتنا، نحن المذنبون داخل بيوتنا، نحن المنسيون أمام همومنا، نحن المرتعدون أمام قوانيننا، نحن المتكوّمون أمام سجوننا، نحن المرميون أمام مستشفياتنا، ونحن المتناثرون أمام السفارات والقنصليات نحلم بتأشيرة هروب من ذاك الوطن مرميون، متناثرون كما تتناثر أوراق الشجر…
أعياد تأتي، تعود، وتمر، وأيام تمر، وسنين تندثر وبرامج تتمطط وتنتحر، ونحن كما نحن مواطنون نعيش كما تعيش الأنعام وكما تعيش البقر…
أيام تمر، وسنين تندثر، وأعياد تندثر، وبرامج تتمطط وتنتحر، ونحن كما نحن بؤساء نعيش في الكهوف وفي الحفر…
أعياد تمر، وأخرى تعود وتندثر، وسنين تطوى وتنكسر، ونحن خارج التاريخ ننتظر…
عيد الجمهورية، عيد النصر، عيد الشباب، عيد الاستقلال، عيد الشهداء، عيد المرأة، عيد الأمهات، عيد الشجرة، عيد التغيير…بيانات ثورية، بلاغات نحاسية، خطب بركانية، كلمات زجاجية، تظاهرات عاجية، احتفالات اصطناعية، أفراح وهمية، دول افتراضية، أسلحة انقراضية، مؤتمرات بطنية والحصاد مآسي اجتماعية…
أعياد تمر، أيام تمر، سنين تمر، ونحن كما نحن لا تغيير ولا وضع مستقر…
أعياد تمر، وأيام تمر، وسنين تندثر، وأحلام تنمو وتنتحر، ونحن كما نحن بلا رأي، بلا حرية، بلا حقوق ونعامل كما لا يعامل البشر…
أعياد تمر، وأيام تمر، وسنين من أعمارنا تمحى وتندثر ولم نعرف من المواطنة سوى سجونا تهان فيها كرامة الإنسان وكرامة البشر…
أيام تمر، سنين تمر، وأعياد تعود وتندثر، ونحن كما نحن لا زلنا نحلم بحق امتلاك جواز سفر، لا زلنا نحارب من أجل فتات خبز، لا زلنا نحلم أن لا نكتب باسم مستعار ولا بقلم مستتر…
أعياد تمر، أيام تمر، وسنين تنتحر، وكلّ أشياءنا رديئة بالية تقيأتها الأيام ولفظها الزمن…
أيام تمر، وسنين تمر وأعياد تعود وتأتي وتمر، ولا شيء يبعث على الأمل طالما لم يستيقظ الإعلام ولم يتحرر القلم…
أعياد تمر، أيام تمر، وسنين تندثر ونفس الخطاب، نفس الهتاف، نفس العزف ونفس الوتر…
أيام تمر، وسنين تمر، وأعياد تطوى وتندثر وسجونا تدمر الأجساد، تحاصر العقول، وتغتال القيم، وبوليس قابضا على الأعناق وعلى كلّ مصادر الخبر، ومواطن يهدده الضيق، يجتاحه الضجر، وشباب تمضغه البطالة فيرتمي في قوارب الخطر…
أعياد تمر، أيام تمر، وسنين تندثر، وبلدانا كثيرة تنمو وتزدهر، ونحن لا زلنا فعلا مستتر، لا زال خطابنا ميّتا، محنطا يشبه الأصنام ويشبه الحجر…
أعياد تأتي، تتوراى تعود وتمر وأيام تمر وسنين ومناسبات تمر وأخرى تندثر، ولا شيء عندنا تغير سوى وعود وأوهام متناثرة صفراء، عفراء جرداء، يابسة كما أوراق الشجر… أيام تمر، أعياد تمر، وسنين تندثر ووعود تتهاطل كالمطر، والنتيجة غدر وبؤس وفقر وضياع وتيه ومستقبل يحتضر…
أعياد تمر، أيام تمر وسنين تمر وأعمار تندثر، ونحن كما نحن نحلم أن لا نهان في الإدارات في المعاهد، في الجامعات في المستشفيات، في الطرقات في الحافلات، في الإذاعات في مراكز البوليس وعند كل معابر السفر، ونحن كما نحن مواطنون نحلم بحق الكلام نحلم بحق الانتخاب، نحلم بحق الاختلاف نحلم بحق النقد نحلم باستقلالية الخبر..
أيام تمر سنين تمر أعياد تنتحر ولا شيء عندنا يوحي بالتغيير المنتظر، سوى سجونا تنمو وتزدهر، ومعتقلات وزنازين وقهر واعتداء على المواطن والوطن…
أعياد تأتي وتندثر، أيام تمر، وسنين تمر ونحن المشردون أمام قوتنا، نحن الحزانى أمام سجوننا، نحن المتعبون أمام حدودنا، نحن الغرباء أمام قوانيننا، نحن المشتتون أمام برامج تعليمنا، نحن الزارعون وهم يحصدون، نحن الذين بعرقنا نروي التراب والأرض والحقول وهم يقطفون، نحن المواطنون الذين لا عنوان ولا مقاعد لهم ولا مكان لهم إلا في بيوت الطين والحفر،
نحن المواطنون الذين لا قيمة لهم إلا في قوائم التجنيد وفي مناطق الخطر…
أيام تمر، سنين تمر وأعياد كثر ونحن مواطنون لا زلنا نبحث عن وطن حر، نبحث عن رأي حر نحلم ببرلمان حر…
فهذي الأعياد ليست أعيادنا.. وهذه الاحتفالات ليست احتفالاتنا.. وهذه المهرجانات ليست مهرجانتنا..وهذه الأحلام ليست أحلامنا..وهذه الانتخابات ليست انتخاباتنا..وهذه المجالس ليست مجالسنا..وهذه الأعلام ليست أعلامنا..وهذه الجيوش ليست جيوشنا.. وهذا الاستقلال ليس استقلالنا..وهذه الأفراح ليست أفراحنا..وهذه الجرائم ليست جرائمنا..وهذه النزل النجومية والمقاهي الراقية الفخمة ليست مقاهينا..وهذه الصحف ليست صحفنا..وهذه القصور ليست قصورنا..
لقد أعطونا الأعياد واختلسوا الأفراح، أعطونا حق الكلام وختنوا فينا اللسان، أعطونا صحفا باهتة وأخذوا منا الحبر والتعبير والأقلام، أعطونا دستورا وانتزعوا منه كل الفصول التي تحترم الإنسان، أعطونا قصورا للعدالة وأخذوا المساواة والإنصاف، أعطونا مستشفيات وأخذوا الرعاية والعلاج، أعطونا تلفزيونا ضريرا لا يبصر تعدد الصور ولا اختلاف الألوان، أعطونا تعددية وأخذوا حرية الاختيار، أعطونا مواعيد كثيرة للانتخاب واستولوا على صناديق الاقتراع ، أعطونا عناوين كثيرة وخطبا غزيرة ووعودا طويلة وأخذوا الوطن…
أعياد تمرـ أيام تمر، سنين تندثر، ونحن لا زلنا نبحث عن وطن حر لا زلنا بؤساء نتجرع المر..
» فتكلم يا مواطن فما عاد ينفع السكات تكلم يا مواطن فعلى ماذا السكات
تكلم يا مواطن وقل ما عاد ينفع السبات
تكلم فعلى ماذا الخوف وماذا بقي لك في هذه الحياة
تكلم يا مواطن وقل ما عاد يعنيني الخطاب
تكلم وقل ما عاد يعنيني الانتخاب
تكلم يا مواطن فها أنت مثلنا تجيد فن الرفض
تجيد فن التحدي تبغض الخطي ومعزوف الكلام
وتنسج عن كل جرح حكاية
وتكتب للحلم أنشودة السفر
فرتّب لنا موعدا في الغمام
فنحن الذين اخترعنا البداية
وأنت الذي سوف ترسم خط النهاية.. »
**********
المصدر جريدة الموقف التونسية العدد 278 بتاريخ 17 / سبتمبر/ 2004
الدكتاتورية تشدد حملتها على الحريات قبل مهزلة أكتوبر القادم
كنا أكدنا في العدد الفارط من « صوت الشعب » أنه كلما اقترب موعد المهزلة الانتخابية المزمع إجراؤها يوم 24 أكتوبر القادم ازداد تضييق الدكتاتورية النوفمبرية على قوى المعارضة واشتد انتهاكها للحريات وحقوق الإنسان بهدف تمرير تلك المهزلة بأخف الأضرار والادعاء بأنها محل « إجماع » من قبل مختلف طبقات الشعب وفئاته. ولقد شهدت المدة الأخيرة جملة من الأحداث جاءت لتؤكد صحة هذا الاستنتاج وتفند أوهام الذين ذهب بهم الظن إلى أن اقتراب موعد « الانتخابات » قد يدفع السلطات إلى القيام ببعض الإجراءات « التنفيسية » وإظهار بعض المرونة في معالجة الأوضاع السياسية المتأزمة. وفي هذا السياق تم « التنبؤ » بإمكانية الاعتراف ببعض الجمعيات وإطلاق سراح المساجين السياسيين أو جزء منهم على الأقل.
ويمكن حوصلة هذه الأحداث في ما يلي:
أولا: حملة على حرية التنظم، بدأت في مطلع شهر جوان الماضي بتوجيه « تحذير » إلى الأحزاب القانونية (الحزب الديمقراطي التقدمي، التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) من مغبة التعامل مع الأحزاب « غير القانونية، وخصوصا حزب العمال الشيوعي التونسي. ثم تواصلت برفض ولاية تونس يوم 8 جوان تسلّم الملف القانوني للجمعية التونسية لمقاومة التعذيب والاعتداء على الثلاثة من مؤسّسيها الذين تقدموا بالملف ومن بينهم رئيسة الجمعية الأستاذة راضية النصراوي. وتلا ذلك رفض الاعتراف بالجمعية التونسية للدفاع عن المساجين السياسيين يوم 21 جوان بعد أن كان البعض رأى في منح مؤسسيها وصل الإيداع مؤشرا لإمكانية الاعتراف بها. ثم جاء منع عقد مؤتمر التجمع من أجل بديل عالمي للتنمية الذي استضافت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان افتتاحه بمقرها يوم 27 جوان. وقد كان البوليس السياسي أوقف يوم 24 جوان رئيس هذه الجمعية الجامعي فتحي الشامخ لـ »تحذيره ». كما استجوب البوليس السياسي كلاّ من أحمد الخصخوصي المنسق العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين الذي لــم يلتحق بـ »المصالحة » (25 جوان) وحمه الهمامي الناطق باسم حزب العمال الشيوعي التونسي (10 جويلية) وشكري لطيف الكاتب العام للجمعية التونسية لمقاومة التعذيب (10 جويلية) وتمت دعوتهم جميعهم إلى وضع حد لأنشطتهم « غير القانونية ». وفي نفس الفترة شملت التضييقات بعض أنشطة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان المتعلقة خاصة بحرية التنظم (منع ندوة صفاقس حول حرية التنظم يوم 27 جوان). حاصر البوليس السياسي يوم 16 جويلية منزل الأستاذ جلول عزونة رئيس رابطة الكتاب الأحرار لمنع إجراء الاحتفال السنوي الذي تنظمه بمناسبة ذكرى انبعاثها، بدعوى أن الرابطة « غير مرخص فيها ». وفي يوم 16 أوت استدعت وزارة الداخلية رئيس نقابة الصحفيين التونسيين لطفي حجي وكاتبها العام محمود الذوادي وأعلمهما المدير العام للشؤون السياسية الحبيب حريز بأن نشاط جمعيتهما « غير قانوني ». وفي نفس الفترة منعت « الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين » من عقد جلستها العامة لنفس السبب.
ثانيا: حملة على حرية التعبير والاجتماع. وقد طالت الضغوط والمضايقات جريدة الموقف التي تنشر بصفة قانونية. فقد طالبتها وزارة الداخلية بأن تكف عن نشر أخبار الأحزاب « غير المعترف بها » (المقصود: حزب العمال الشيوعي التونسي) وعن نقد الحزب الحاكم والتشهير باستفتاء 26 ماي 2002 المهزلة. أي أن تكف عن نشر كل ما يحرج السلطة. كما تمت محاصرة بيع الجريدة برفعها من عند الباعة حال توزيعها عليهم وإعادتها إليهم مباشرة قبل صدور العدد الموالي لترجع إلى أصحابها ضمن « الكميات غير المباعة ». ولم تتردد السلطات في منع « حركة التجديد » من توزيع بيان سياسي (جوان) يحلل الوضع العام ويشرح أسباب مشاركة هذه الحركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، بدعوى أن هذا البيان يندرج ضمن « الحملة الانتخابية التي لم تحن بعد » بينما وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية تقوم بالحملة لفائدة بن علي وحزبه على مدار السنة. كما أن صور بن علي العملاقة تملأ جـدران بعض الأماكن العمومية البارزة مرفوقة بدعوات إلى « تجديد الولاء له في أكتوبر 2004 ». وإلى ذلك يمنع حزب العمال من إصدار جريدته ومنشوراته بصفة قانونية، كما يمنع على الصحف حتى ذكر اسمه والإشارة إلى مواقفه. ولم يتوقف الأمر عند خنق الأصوات في الداخل فقد تمكنت السلطة بطرق ملتوية من إيقاف قناة « الحوار » التي ركزت منذ مدة حصصها على موضوع الانتخابات. وفي نفس السياق وضعت السلطة عراقيل عديدة أمام أحزاب وجمعيات معترف بها لمنعها من عقد اجتماعات في فضاءات عمومية لشرح مواقفها من قضايا محلية أو عربية. ومن بين المهازل التي حصلت نذكر الاجتماع الذي نظمه « أصحاب المبادرة » في القصرين بدار الثقافة حيث وجدوا القاعة « محلاة » بصور بن علي كتب عليها « المرشح الوحيد لانتخابات 2004 ». ولما حاول المعنيون الاحتجاج على ذلك أجابهم المسؤولون عن الدار بأن « بن علي هو رئيس الجميع ». وقد طالت الضغوط خلال الفترة الأخيرة حتى جمعية القضاة التي يعسر على أي كان اتهامها بمعارضة النظام وبـ »التطرف ». فقد مُنعت في شهر أوت من عقد ندوة صحفية لشرح مطالب منظوريها المادية والمعنوية والتي يوجد من ضمنها مطلب « ضمان استقلالية القضاء ». وأخيرا وليس آخرا لا بد من الإشارة إلى القانون الذي سنه برلمان الدكتاتورية في شهر جويلية المنقضي بعنوان « حماية المعطيات الشخصية » والذي يمثل تلجيم أفواه التونسيين ومنعهم من التشهير بجرائم الفساد التي يفبركها المقربون من القصر أحد أهدافه الأساسية.
ثالثا: مزيد التضييق على السجناء السياسيين وانتهاك حقوقهم وكرامتهم. وقد تجلى ذلك بشكل خاص في الاعتداء الفظيع الذي تعرض له السجين السياسي نبيل الواعر ببرج الرومي حيث اُغتصب من قبل مجرمي حق عام بإشراف من مدير السجن وأحد مساعديه عقابا له على احتجاجه المتواصل على ظروف اعتقاله منذ 13 سنة ومطالبته بتحسينها. ومما يؤكد أن ما حصل ليس فعلة معزولة بل أمرا يندرج في نطاق سياسة مبيتة تهدف إلى تدمير السجناء السياسيين، ملازمة السلطات الصمت حيال هذه الجريمة الشنيعة رغم حملة الاستنكار الداخلية والخارجية والضغوط المسلطة على الضحية كي يتراجع في الشكوى التي رفعها ضد المعتدين عليه أمرا وتنفيذا. وقد تزامن ما تعرض له نبيل الواعر مع اعتداءات أخرى وسوء معاملة استهدفت عددا من السجناء السياسيين علاوة على تعمد السلطات مواصلة حجز البعض منهم رغم انتهاء مدة عقوبته. ومن الملاحظ أيضا أن البوليس السياسي كثّف مراقبة قدماء المساجين السياسيين من مختلف النزعات الفكرية والسياسية وعمد إلى استدعاء العديد منهم إلى مراكز الحرس والبوليس لاستجوابهم حول حياتهم اليومية و »تطورهم الفكري والسياسي » وتذكيرهم بأنهم دائما تحت المراقبة. وبطبيعة الحال فإن هذه الحملة على قدماء المساجين السياسيين إنما تهدف إلى ترهيبهم حتى لا يتحركوا بمناسبة المهزلة الانتخابية. وتجدر الملاحظة أن المراقبة البوليسية تكثفت بشكل عام في كافة أنحاء البلاد بهدف « تأطير » حركة المواطنين.
رابعا: محاكمة شبان جرجيس أمام إحدى الدوائر الاستئنافية للمحكمة الجنائية بتونس. وقد سلط على هؤلاء الشبان حكم بـ13 سنة سجنا. وقد كشفت هذه المحاكمة (شأنها شأن محاكمة أريانة التي شملت شبانا راموا السفر إلى فلسطين للمشاركة في « الجهاد » ضد العدو الصهيوني ونالوا 16 سنة سجنا لكل واحد منهم) استخدام الدكتاتورية النوفمبرية لما يسمى بـ »مكافحة الإرهاب » على الصعيد الدولي لفبركة قضايا ضد شباب مهمش لتبرير قمع الحريات وانتهاك حقوق لإنسان وكسب رضاء الإدارة الأمريكية ودعمها السياسي والمالي والعسكري. كما كشفت مرة أخرى التبعية المطلقة للقضاء التونسي للسلطة التنفيذية. فهيئة المحكمة حكمت بناء على ملف خاو لا توجد به أي حجة تؤكد الجرائم المنسوبة إلى الموقوفين ولم تلبّ أي طلب من طلبات الدفاع ولم تستمع إلى صرخات « المتهمين » مما تعرضوا له من تعذيب وحشي. وقد كانت الرسالة واضحة وهي أن الفريق النوفمبري لا راد له للدفاع عن مصالحه وفرض الصمت من حوله.
كل هذه العناصر مؤشرات للأجواء التي ستجري فيها مهزلة أكتوبر القادم. وهي تبين أنه من الوهم الاعتقاد بأن بن علي وفريقه يفكران في اتخاذ أي من الإجراءات التي من شأنها أن تحسن المناخ السياسي، بل على العكس من ذلك فإن ما يقودهما هو تشديد الضغط والقمع على الشعب وعلى قـوى المعارضة الديمقراطية وعدم التفريط لهما في أي شبر من الفضاء العمومي حتى لا يستغلانه لتطوير قواهما وتهديد مصالح الأقلية الفاسدة التي تنتفع من وجود الدكتاتورية النوفمبرية والتي لها مصلحة في بقائها وبالتالي في تمرير مهزلة أكتوبر القادم بأخف الأضرار.
إن من يريد أن يبني تكتيكا سليما عليه أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الحقيقة ولا يسقط في الأوهام. إن الدكتاتورية النوفمبرية البوليسية لا تملك إلا أسلوبا واحدا في التعامل مع الشعب التونسي وهو أسلوب القمع. ومن هذا المنطلق فإن السبيل الوحيد لمواجهتها هو النضال من أجل تطوير موازين القوى لوضع حد لسيطرتها على مجتمعنا. ولا نخال المشاركة في المهزلة الانتخابية عملا من شأنه أن يساعد على ذلك، بل إنها لن تفيد إلا الدكتاتورية التي لن يزيدها غباء البعض وانتهازية البعض الآخر أو أوهامه إلا صلفا. فهي تقمع وتحاصر ومع ذلك تجد من يحاول إيهام الرأي العام بـ »أن المشاركة في اللعبة خير من البقاء خارجها ». إن حزب العمال يدعو كل المناضلين الديمقراطيين النزهاء الذين جرهم هذا الوهم إلى مراجعة موقفهم وتعزيز موقف المقاطعة لعزل الدكتاتورية وأذنابها أمام الرأي العام الوطني والدولي وفتح آفاق جديدة للنضال ضدهما.
نسرين ف. تونس في أوت 2004
المستشفيات العمومية: توزيع غير موضوعي
1) المستشفيات المحلية
ينص الفصل 12 من قانون 29 جويلية على أن المستشفيات المحلية « تتولى القيام، زيادة على الأنشطة المشار إليها بالفصل 11 (مراكز الصحة)، بخدمات الطب العام وطب التوليد والاسعافات الاستعجالية. وتتوفر لديها أسرة استثفائية ومعدات للتشخيص متلائمة وطبيعة نشاطها وحجمه.
ويوضح الفصل 6 من أمر 11 ماي 1992 المجال أو الاختصاص الترابي للمستشفى المحلي حيث أنه يشمل معتمدية أو عدة معتمديات.
ويحدد الفصل 7 من نفس الأمر، الأقسام التي يشتمل عليها كل مستشفى محلي، بصفة خاصة وهي: قسم للطب، قسم للتوليد، قسم للتصوير بالأشعة، قسم للمخبر، قسم للصيدلة، قسم للعيادات الخارجية والاستعجالي، قسم لطب الأسنان.
وفي خصوص التوزريع الجغرافي للمستشفيات المحلية، نلاحظ اختلالا بين الجهات حيث نجد عددا هاما منها في جهة يقل سكانها عن جهة بها كثافة سكانية وعدد قليل من هذه المستشفيات (2 بأريانة وصفاقس و4 بالقصرين بينما نجد 8 بنابل و9 بالمنستير و10 بالمهدية)! والملاحظ أن هذا الاختلال يقننه الفصل 12 (مستشفى محلي لمعتمدية أو لعدة معتمديات).
2) المستشفيات الجهوية:
ينص الفصل 13 من قانون 29 جويلية 1991 على أن المستشفيات الجهوية « تقوم »، زيادة على الأنشطة المشار إليها بالفصلين 11 و12 من نفس القانون (مراكز الصحة والمستشفيات المحلية)، بالإسعافات الطبية والجراحية المتخصصة. وتتوفر لديها أسرة استشفائية ووسائل تشخيص متلائمة وطبيعة نشاطها وحجمه.
ويوضح الفصل 8 من أمر 11 ماي 1992 الاختصاص الترابي للمستشفى الجهوي حيث أنه يشمل ولاية أو عدة معتمديات. وبصفة استثنائية يمكنه أن يغطي معتمدية واحدة.
ويدعم هذا الفصل الاختلال الصحي الذي وقفنا عليه في مستوى المستشفيات المحلية، فيكرسه بصورة أعمق على مستوى المستشفيات الجهوية حيث أن معتمدية واحدة يمكنها أن تحظى بخدمات مستشفى جهوي بتجهيزاته المتطورة وإطاره الطبي المتخصص وقسم للجراحة وآخر لطب الأطفال (مثلما هو الشأن بالنسبة لمنزل تميم بنابل ومساكن بسوسة وقصر هلال بالمنستير…) بينما يغطي ولاية كاملة مستشفى جهوي واحد مثلما هو الشأن بالنسبة لـ11 ولاية أغلبها ولايات شاسعة فضلا عن الولايات التي لا يوجد بها مستشفى جهوي أصلا! ما معنى هذا الاستثناء؟
إن تقنين مثل هذا الاستثناء معناه ترك الباب مفتوحا لقرارات مماثلة مكرسة للمحظوظية (الجهوية والمحلية)، يتخذها الحاكم الفرد، صاحب النفوذ الذي لا حدود ولا مقاييس موضوعية له! فهذا الاستثناء الجائر يدعم الحكم الفردي المطلق ويعتبر صورة من صوره الفاضحة في القطاع الصحي!
ومرة أخرى نرى بالملموس كيف أن القرار الرئاسي يتحدى القانون ولا يضيف إلا التعسف ولا يؤدي إلا إلى تعميق الاختلال بين المواطنين، داخل الولاية الواحدة أو بين الجهات!
وإذا عرفنا أن المستشفيات الجهوية تشتمل، زيادة على الأقسام الموجودة بالمستشفيات المحلية (أنظر أعلاه)، على قسم للجراحة وقسم لطب الأطفال مع توسيع صلاحيات قسم التوليد مما يمكنه من معالجة أمراض النساء، إذا عرفنا ذلك، وقفنا على حقيقة الدعاية التي تنمق خطب بن علي حول « رعايته الفائقة بالطفولة » حيث أنه يمارس التمييز بين أطفال هذه المعتمدية التي يقر سيادته « منحها » خدمات مستشفى جهوي يحتوي على قسم للأطفال وبين أطفال بقية المعتمديات في نفس الولاية بحرمانهم من تلك الخدمات وإجبار أوليائهم على التنقل، إذا توفر لديهم مال كاف وقدرة كافية على تحمل مشاق السفر إلى المعتمدية « المحظوظة » إن وجدت بجهاتهم أو إلى جهات أخرى أبعد وأكثر كلفة وأكثر مشقة!! هكذا يعامل أطفالنا بمثل هذا الاستخفاف والتمييز الجائر!
هذه الفوارق بين الجهات وداخلها يمكن تفسيرها من ناحية، بما يحظى به بعضها من « لفتة » جهوية- سياسية تفوق الاعتبارت السكانية التي من المفروض أن تتصدر بل تحكم المقاييس في عملية توزيع الخدمات الصحية على سكان البلاد، وكذلك بنوعية المقاييس التي يعتمدها قانون 29 جويلية 1991 في فصله الرابع، لإحداث المؤسسات الصحية، فهي مقاييس يغلب عليها الطابع الذاتي والإرادي. فهذا الفصل يعتمد « حاجيات السكان ». وليس عدد السكان. فإذا كان مقياس عدد السكان يتسم بالموضوعية ويمكّن المواطنين من سهولة مراقبته عند التطبيق، فإن مقياس « حاجيات السكان » يعسّر تلك المراقبة إلى حد الاستحالة تقريبا ويفتح الباب للاعتبارات الذاتية! أما مقاييس « أهمية التجهيز العمومي والخاص الموجود ونوعيته وتقدم التقنيات الطبية »، فهي مقاييس، إذا أضيفت إلى مقياس « حاجيات السكان » تفتح بابا للتلاعب وقلب الحقائق. إذ يكفي لإحداث مؤسسة صحية في جهة ما أو في معتمدية ما، توفير « التجهيز الهام » مع النوعية المطلوبة في مستشفى محلي، أولا ثم الاعتماد على ذلك لاتخاذ قرار إعادة تصنيف تلك المؤسسة الصحية على أنها مستشفى جهوي!!
وخلاصة القول في هذا الصدد، أن صاحب « اللفتة الجهوية-السياسية » هو الذي يحكم ويضع المقاييس ضمن القوانين التي يتحكم في إصدارها والتي تساعده على صبغ قراراته الفردية بمسحة « موضوعية »! فكيفما تكون السلطة، تكون قوانينها! فالسلطة الديمقراطية تكون قوانينها ديمقراطية، محكومة بمقاييس موضوعية. والسلطة الفردية، تنقاد قوانينها بمقاييس ذاتية!
وإن تطبيق هذه المقاييس الذاتية في ظل الحكم الفردي، جعلت لمعتمدية منزل تميم مثلا، مستشفى جهويا به قسم للجراحة وآخر لطب الأطفال، وبحي التضامن مستشفى محليا خال من تلك الأقسام الهامة رغم أن حي التضامن يفوق بكثير منزل تميم من حيث عدد السكان.
وعلى ضوء هذه الملاحظات، يمكن فهم ما جاء بالفقرة الثانية من الفصل 13 من قانون 29 جويلية، حيث نقرأ: » ويمكن منح الصبغة الجامعية لبعض الأقسام الصحية للمستشفيات الجهوية، اعتبارا لتجهيزاتها وكفاءة الأعوان العاملين بها ».
وتطبيقا لذلك، قرر وزير الصحة العمومية منح الصبغة الجامعية لقسم الأذن والأنف والحنجرة بالمستشفى الجهوي بمنزل بورقيبة مثلا. ونلاحظ أن هذه « الإمكانية » تعقّد مسألة تصنيف المستشفى « الجهوي » الذي أحدثت به « بعض الأقسام الجامعية »، فإلى أي حد نواصل اعتباره مستشفا جهويا؟ وكيف يمكننا اعتباره مستشفى جامعيا؟
لا شك أن « الحل » بيد وزير الصحة العمومية الذي يضبط بصفة فردية، كما رأينا، قائمة مختلف الهياكل الصحية ويتولى بالمناسبة إعادة النظر في مسألة تصنيف بعض المستشفيات المحلية فيرتبها ضمن المستشفيات الجهوية كما فعل مع مستشفيات مجاز الباب ومساكن وقرقنة وجبنيانة والمحرس وبن قردان وذلك في قراره المؤرخ في 16 سبتمبر 1998 الذي رتب كذلك المستشفى الجهوي « الطاهر صفر » بالمهدية ضمن المستشفيات الجامعية.
المصدر : صوت الشعب – العــــــدد 231
http://www.albadil.org/article.php3?id_article=276
ALLONS ENFANTS…….
Par NOUR EL HODA
la société tunisienne dans sa très grande majorité aspire au progrès à la prospérité et à la paix ; La violence et la dégradation des valeurs qu’elle subie donne d’elle une fausse image mutante et assoupie , soumise et désuète , mais dans le fond et la réalité saignante de son impuissance elle est juste anesthésiée par différentes forces additionnées à leurs propres dérives et déviances , négatives et suicidaires qui sont , malheureusement et le temps joue absolument contre les forces démocratiques , en passe de la dominer et de la réduire complètement à leur conventicule mafieux.
Tel est le simple constat devant le spectacle ahurissant de ses affaires générales et humaines en premier lieu.
A l’aube du troisième millénaire le trait dominant tient en effet dans cette incroyable passivité , passivité de la société civile qui pourtant cahin caha continu de militer à la base et de faire vivre l’idée du changement et du renouveau dans le progrès , mais qui consent trop souvent à la marginalisation de son discours et son action sous la pression des sicaires du régime par manque de courage et de cohésion .passivité des élites politiques qui s’opposent à la dictature et qui malgré l’excellence et la compétence de ses programmes et ses projections a fini par accepter un peu trop facilement son cloisonnement et n’ont aucune relation directe et mobilisatrice avec la seule et authentique force qui peut enrayer et défaire le système :le peuple .enfin passivité des tunisiens de plus en plus isolés et coupés les uns des autres ,fixé dans cette culture fataliste et prudente de l’individualisme nihiliste et sans lendemain autre que la pérennité de la dictature et de leurs malheurs pourtant de plus en plus évidents .des tunisiens vivants certes mais complètement atomisés dans un ensemble sans contours et sans aucune autre perspectives que de se nourrir et de survivre à l’oppression , à la débâcle et à la misère organisée.
La nation Tunisienne se laisse aller au gré des tumultes et des torrents spéculatifs , au rythme des faillites et des folies mégalomanes et dévastateurs d’un minable dictateur et d’une oligarchie ignorante , stupide et liberticide qui trahit le pays et met la patrie à genoux sur tous les plans .elle se laisse bercer par le chant des sirènes et coule sur les récifs de l’arbitraire et de la haine de soi , elle se laisse berner et dicter sa conduite et jusqu’à sa vie intime , elle se vide lentement mais sûrement de toutes ses énergies ,et ce qui en reste malgré tout et tient le coup est galvaudé , non utilisé et méprisé , agonisant dans les cafés mouroirs de nos cités ou dans les geôles oubliettes d’un pouvoir policier de plus en plus arrogant , de plus en plus pressant et présent , à croire que toutes les forces vraiment actives du pays sont des fonctionnaires de police ou des militants du parti unique.
Le futur et l’espoir se bornent , le quotidien et le présent des êtres se font précaires ce qui ne change rien à leur côté stressants et désespérants pour la très grande majorité de la population. les perspectives d’une vie meilleure se font rares , les débouchés vers un léger mieux être aussi, le mouvement délétère semble l’emporter et de loin sur le sens de la vie .Plus d’aspérités , plus de tolérance , plus de respect , plus de solidarité , plus de convivialités , plus de choix , plus le choix , les attitudes et les mots se nivellent , le discours est totalement aseptisé , la pauvre , prudente , chétive et frileuse pensée s’étiole .tout est déréglé en notre si douce dictature , en notre Tunisie martyr dans le tumulte et le chaos aveugles de la terreur et du mutisme où se mélange et s’accumule la rancœur , la haine et la solitude.
Aucune question ne mobilise nos instincts naturels pas même l’idée ou le rêve d’un autre possible. nous attendons , qui le déluge qui la déflagration qui le retour messie , à tous nos niveaux cette sale dictature nous tue et érige l’esclavage au rang des beaux arts .subir et encore subir et toujours subir à ne plus sentir les choses ni voir la lumière la clarté du sens de la vie ni distinguer les choses au fond de leurs subtilités et dans le merveilleux carrousel de la création ,ils font de nous des bêtes de laboratoires de méprisables organismes génétiquement modifiés par la violence et la terreur sans aucun goût ni saveur .cette attitude nous caractérise désormais et a emporté dans un même et terrible mouvement le souffle du collectif et l’aptitude de chacun de nous à maîtriser son propre vie et son environnement , ce n’est pas la fin de l’histoire de notre pays , mais depuis le 7 novembre ce fut la fin du politique.
(Source: (Source : L’e-mag tunisien « Al Khadra », N°4 mis en ligne le 24 septembre 2004)
http://elkhadra2004.ifrance.com/elkhadra2004/index.htm
Par DERBALI
Le projet de réforme qui doit cristalliser les fondements même de l’islam moderne celui qui prétend à l’animation et à la gestion de la cité dans toutes ses réflexions et ses projections, celui qui a la prétention d’être une force de proposition comme tous les autres courants politiques ou partis politiques qui se disent modernistes ,démocratiques , progressistes et humanistes doit absolument faire vivre dans ses messages , ses actions et ses émulations la sublimation de l’être avant toute autre chose et dans toutes ses complexités et présenter son projet libérateur et émancipateur dans son épanouissement et sa simplicité active et concrète et non pas comme un diktat digne de cette culture archaïque et tiers-mondiste qui veut que tout se décide par le haut et souvent aux dépends de la base et du peuple. la réforme et le renouveau pour le seul bien-être obligé de la nation tunisienne doit être l’expression la plus large possible d’ un travail collectif dont la source d’inspiration reste avant tout l’histoire , notre propre histoire , la civilisation , notre civilisation et sa seule vérité millénaire qui doit absolument se mettre au diapason avec ses propres singularités avec celle du genre humain car le salut se trouve absolument dans l’interaction , l’interconnexion des différences et des particularités des sociétés humaines libres et conscientes de leurs droits et leurs devoirs historiques .Revitaliser notre champs culturel , historique et civilisateur qui a fait l’Homme tunisien et que malgré tout il a préservé d’un ethnocide certain tout au long de sa tumultueuse histoire , se résoudre à la valorisation de ses propres vérités , donnera un sens à notre projet et notre futur c’est en cela seulement qu’on pourra lui donner la source légitime de son épanouissement libre et responsable.
Le musulman dans l’action politique à la lumière de sa condition , de sa foi , implacablement universelle , parce qu’elle ne peut être totalement elle-même que dans l’amour la tolérance et la générosité, cette foi dans sa dimension politique moderne et réformée, dans sa sève originelle , stimule l’Homme politique sans jamais le priver ou le déposséder ou le castrer de sa propre réflexion , de son libre arbitre , de son intelligence pratique et relationnelle d’avec les autres et avec son l’époque , de sa part divine d’intimité , des contraintes économiques sociales et culturelles. cette dimension politique de la foi musulmane ne peut-être et aboutir sans l’intelligence consciente et active du citoyen libre , tout simplement et naturellement parce qu’il ne peut y avoir de vérité , de fidélité aux choix et aux principes fondamentaux et à l’humanisme des cœurs et de l’esprit sans la compréhension profonde des évolutions et l’engagement radical mais en toute liberté dans le progrès .pour le musulman révolutionnaire , républicain , démocrate et absolument , viscéralement réformateur vivant dans son siècle ,assumant sa condition et la charge émotionnelle et culturelle de ses attributions , lucide sur l’événement et l’événementiel , l’universalité est le seul combat ambitieux et valable qui peut répondre à la profondeur de ses aspirations puisqu’elle ne le limite aucunement dans des archaïsmes suicidaires mais au contraire le remet sur le droit chemin de l’ouverture de la connaissance , de la recherche , du savoir. Tous ces dogmes qui ont fait sa splendeur et qui finiront par le libérer de toutes les pesanteurs et les préjugés qui le maintient en état d’esclavage et dans une suicidaire position de dominé. nous devons plus qu’élaborer et tenir un discours clair et lisible , audible , compréhensible pour l’autre , mais aussi mettre en évidence nos rejets et nos tares , et notre éthique sociale et politique et les principes fondateurs de nos disponibilités et de notre démarche , la résonance et l’incorruptibilité de nos ambitions , nos actions et nos engagements. le discours ainsi épuré simple et pratique doit être compréhensible dans sa seule lecture , signification et vérité , sans ruse ni langue de bois , compréhensible par les nôtres , nos coreligionnaires en premier lieu, nos concitoyens qui ne partagent pas nos aspirations et puis par l’humanité entière ,mettre en avant nos principes , nos choix et nos conceptions sociales politiques et culturelles , un discours en amont pour expliquer la logique interne de la référence islamique en elle-même , par elle même ;la recherche de l’autre est la raison axiale et centrale en islam c’est ce qui explique que dans notre intériorité humaine , grâce au seul enseignement du saint Coran et du prophète SAW , il existe en nous une disposition naturelle vers le transcendant , que nous avons pu survivre à toutes les agressions extérieure et surtout à la déflation et à l’ethnocide intérieur mis en place par les forces des ténèbres les aliénés et les matérialistes liberticides, ainsi que par les sectes et les déviants comme les wahhabites et autres talibans , les extrémistes de tout bord , cette transcendance nous pousse à faire notre choix de la vie ou son rejet , cette aspiration qui est une des bases de l’islam est aussi un des éléments essentiel , fondamental de la structure de la conscience humaine, elle explique par la raison et la logique que la spiritualité ne peut –être hors du monde , nous avons en ce siècle de lumière plus à expliquer le sens et la profondeur de nos vérités qu’à clamer à tord et à travers nos différences , exprimer ces vérités , les assumer totalement et non pas les imposer ; tout simplement en débattre et les confirmer par les conviction et l’ouverture de l’esprit dans leur seule clarté et leur finalité , les assumer par l’action de tous les instants et l’exemple moral , et surtout exiger de soi même la sublimation de sa propre vie , vivre , individuellement et dans la paix et la plénitude ses rapports avec les autres , tous les autres et dieu au cœur de la fraternité humaine pour trouver ou approcher le juste sens , l’équilibre du juste milieu où l’Homme est un frère pour l’Homme , tous les Hommes qui n’ont dans leur part d’humanité que notre créateur pour seul juge , et la liberté , sa propre liberté , car c’est en étant soi-même libre qu’on respecte la liberté des autres, vivre et mourir pour cette noble idée.
Les consciences et les hommes meurent et tous les espaces de vie se délitent sous cette si douce dictature perfide , notre Tunisie sous la haine de ben Ali ressemble de plus en plus au radeau de la méduse , réfléchir notre condition et définir notre cohésion pour sauver notre patrie doit nous interpeller tous et affirmer notre cohésion au-delà de tout calcul partisan qui ne peut faire le jeu que du système et ses dérives , en cela aussi nous devons , nous musulmans réformateurs faire l’effort dans la définition des priorités avec tous les autres , même si certains d’entre eux sont peu représentatifs et réclament des prétentions et des positions démesurées , nous devons seulement même hors de nous travailler à la libération de notre pays , dans une Tunisie démocratie , seul le peuple sera souverain et les choses et les ambitions et les vérités normalement et naturellement trouveront notre place , la démocratisation de notre pays nous réjouit et nous suffit , elle est nôtre et ne nous fait pas peur , nous avons nos atouts , nous avons l’histoire , et les sacrifices des centaines de nos frères pour nous.
L’islam dans sa formulation politique et sociale , parce que d’une façon ou d’une autre elle a toujours existé , ne peut relever que de l’ascèse jamais de l’ambition carriériste , de l’opportunisme , du calcul politicien des stratégies pernicieuses basées sur le mensonge et le parjure , l’égoïsme individuel et la trahison .il ne peut éloigner le croyant du soucis permanent de l’élévation ; être dans le monde totalement sans aucun calcul réducteur pour que ce monde , œuvre divine pour nous , soit totalement et pleinement en nous , le comprendre , le décortiquer , le questionner, l’interpeller et chercher les fondements de sa complexité et celle de notre être même par le savoir et la connaissance de sa profonde nature pour se rapprocher de l’acte accompli de l’amour , la volupté et de la passion aveugle , servir son prochain pour se rapprocher ainsi de son créateur , se rapprocher de Dieu n’est possible que par le don de soi , l’altruisme par le savoir et la connaissance et la sublimation de l’intelligence.
L’islam par essence est plus vaste et approprié que le stricte pensée ou la philosophie, il est !!vivre selon les saintes écritures sans se substituer au jugement divin , c’est-à-dire avoir une morale de vie sans pour cela juger les autres ou les rejeter et se substituer ainsi par l’ignorance à Dieu , ce qui revient à dire rejeter tout fanatisme et jugement de valeur envers ses semblables , aimer , vivre véritablement , c’est la sève du saint Coran ; aimer véritablement et vivre de tout n’est nullement une manière de ratiociner , c’est l’enseignement le plus noble du prophète SAW, c’est dans cette vision que doit se situer notre action, c’est dans ces convictions que nous devons servir notre pays et les nôtres et ils en ont bien besoin, le tout est qu’ils choissent notre démarche en toute liberté , en toute démocratie et acceptent le principe même de leur libre arbitre et ses règles institutionnelles qui sont la critique , le débat et l’alternative.
(Source: (Source : L’e-mag tunisien « Al Khadra », N°4 mis en ligne le 24 septembre 2004)
حقائق تفتح الملف في تونس
ما الذي تريده منا الولايات المتحدة؟
أكثر من أي وقت مضى تحتاج علاقاتنا بالولايات المتحدة الأمريكية للوضوح، فمواقفنا من هذه القوة العضمى تختلف وتتباين بين القطيعة والتحالف والحوار النقدي، ولعل السبب في ذلك يعود لجملة عوامل من أهمها أن أمريكا التي تحرك ورقة الاصلاح في البلاد العربية وتريد الانصات لأصوات التغير فيها، هي ذاتها التي لم تكف يوما عن الانحياز للدولة العبرية وعن الالتزام بتفوقها النوعي علينا وهي كذلك التي تقصف يوميا مدن العراق مخلفة عشرات الضحايا من المدنيين، فلن الحق في طرح السؤال : ماالذي تريده منا الولايات المتحدة ولسنا وحدنا من سيجيب، الأمريكيون سيفعلون معنا ذلك أيضا.
فيها الخصام وهي الخصم والحكم، قد يكون هذا الصدر الشعري الأقدر على وصف علاقتنا بالولايات المتحدة الأمريكية، فهذه القوة الدولية العظمى ياتت تشكل مفردة أساسية من مفردات تاريخنا الوطني والقومي الحديث.
فمن من البلاد العربية لا تربطه علاقات بنحو أو بآخر بواشنطن ومن منها يستطيع تجاهل العلاقة معها، ومن منا لا يكاد يذكر أمريكا وجوبا كلما تحدث عن فلسطين أو لبنان أو العراق أو سوريا أو أفغانستان.
واذا كان العرب والتونسيون جزء منهم لا يتوانون في ادانة سياسات أمريكا الضالمة والمنحازة لاسرائيل فهل منا من ينكر اعجابه بتقدمها العلمي وبجبروتها المادي أو ينكر حقيقة الآلاف الحالمين من شبابنا بالعيش هناك في بلاد العم سام. البعض يقول ان العتب في هذا الالتباس يقع علينا وليس على الأمريكان فهم ومنذ البداية كانوا واضحين ولم يخدعونا بمواقف ظاهرة تخفي أخرى في الباطن في حين نحن لم نحسم تصورنا حولها هل هي « الشيطان الأكبر » أم أنها بوابة كبرى للتقدم وفرصة مضاعة الالتحاق بركب الحضارة والانتساب الى نادي الأقوياء.
ترى هل نلتفت الى الماضي أم الى المستقبل ونحن نبحث عن العلاقة الصحيحة بالولايات المتحدة الأمريكية؟
نحن مثلا في تونس تعود علاقاتنا بالولايات المتحدة الى بواكير القرن 18 عندما كنا من أوائل الدول التي اعترفت باستقلالها عن التاج البريطاني وأقامت معها علاقات ديبلوماسية، وهي التي ردت هذا الجميل بمثله فساندت الحركة الوطنية في تونس ولعبت دورا في استقلال تونس ووقفت معنا في حرب بنزرت، ولم تستعمل ضدنا حق النقض كما هي عادتها لما أرادت المجموعة الدولية ادانة العدوان الاسرائيلي على مقرات الفلسطيننين في حمام الشط.
لكن تونس لم تبق فقط ذلك البلد الباحث عن أي حليف في معركة الاستقلال، وهي لم تفعل ذلك على حساب عروبتها واسلامها، كما أن الولايات المتحدة في 2004 لا تشبه كثيرا الولايات المتحدة في الثامن عشر أو في منتصف القرن العشرين.
استجدت أمور فعلت فعلها في هذه العلاقة التي لم تعد تعكسها الماريا الرسمية فقط أو الاهتمامات القطرية لوحدها. فالمجتمع المدني في تونس له رأيه في هذه العلاقة على ضوء متابعته للدور الأمريكي في تطورات الشؤون الفلسطينية والأفغانية والعراقية. والولايات المتحدة أطلت علينا بعد أحداث 11 سبتمبر بمشروع شراكة وبرنامج اصلاح لما قالت ان اوضاع عربية يجب أن تتبدل لتجفيف « منابع الارهاب » بالتوصيف الأمريكي طبعا، وهاهي تفتتح لها مكتبين أحدهما في أبو ظبي والآخر في تونس حاملة في جرابها أجندة أثارت جدلا واسعا وتحفظات ليس بين أعدائها بل ولدى حلفائها التقليديين من الحكومات العربية، فضلا عن التعبيرات المستقلة في المجتمع المدني.
فالآن وقد عرضت أمركيا بضاعتها كان لا بد من اجابة ما…اجابة على أطروحة يجب أن نقرأها بتمعن قبل أي رد فعل لا يرقى لتحديات اللحظة.
الاصلاح وأهدافه
دون شك نعنبر « المبادرة الأمريكية للشراكة في الشرق الأوسط واحدة من مواليد حدث الحادي عشر من سبتمبر، فقد دفعت نلك المفاجأة المؤلمة لأمريكا صناع القرار في البيت الأبيض للتساؤل عن الأسباب التي تجعل شبانا عاديين من بلاد عربية عدة لا تعوزهم الثقافة والتكوين العلمي لمهاجمة برجي التجارة العالمية في نيويورك بطائرات مدنية والتسبب في ازهاق أرواح أكثر من ثلاثة آلاف ضحية. يومها قررت الولايات المتحدة مراجعة سياساتها، بل فهمها لمجريات الأمور في البلاد العربية مستنتجة أن عقودا من التخلف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي هو الذي يصبح تربة تنبت التطرف والعدوانية بمقاييس الولايات المتحدة. وتحت مفهوم الحرب الوقائية الذي لاقى انتقادات واسعة داخل المجتمع الدولي شنت أمريكا هذه الحرب على واجهتين، الأولى تستهدف ما يسميه البيت الأبيض « أوكار الارهاب » وهي تشمل دولا متهمة بايواء منظمات معادية للسياسات الأمريكية، بالتوازي مع دعوة الدول العربية للتفاعل مع مبادرة شراكة من أجل الاصلاح، وتحدث مسؤولون أمريكيون في مرار عدة عن نقدهم لبعض المناهج التعليمية والتعليمية الدينية التي ألمحوا الى أنها تمثل في الواقع بنية تحتية للارهاب. كما قالوا ان الدكتاتورية والجمود الاجتماعي الذي يظهر خاصة في نهميش المرأة يوسع دائرة الاتبعاد والاقصاء الذي يدفع بعض الشباب لليأس والاحباط وبعد ذلك للجماعات المتطرفة التي تعدهم بجنة لم يجدوا شيئا منها في دنياهم. هذه القراءة أثارت حفيظة حكومات وأحزاب ومنظمات عربية هذا المشروع الأمريكي الذي تقول أوراقه انه نابع عن توجيه من الرئيس الأمريكي جورج بوش وبدعم من الديمقراطيين والجمهوريين لحكومته « بالعمل مع حكومات وشعوب بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية وايجاد الفرص التربوية والتعليمية والاقتصادية« .
وتضيف أوراق مبادرة « ميبي « وهو الاسم المختصر للمبادرة ان هذه الفكرة هي استجابة الولايات المتحدة لأصوات في المنطقة تدعو الى الانفتاح السياسي والاصلاح الاقتصادي وتدعو الى تطوير برامج تعليمية تفي بتحديات الشباب والمستقبل، وتدعو لتمكين المرأة في هذه المجتمعات ومنحها كامل حقوقها وتمكينها من ممارسة تلك الحقوق بالكامل« .
وتقول وثائق مبادرة الشراكة الأمريكية ان هذه المحاور أثيرت سواء في قمم الاسكندرية والعقبة وصنعاء أو في تقرير التنمية البشرية الذيي أنجزه خبراء عرب في سنة 2002 بطلب واشراف من الأمم المتحدة، والذي تضمن أرقاما زنسبا وفزعة تحكي حجم التخلف العربي في عالم اليوم. وبلغة التفاصيل تقول الوثائق ان هذه المبادرة تستند الى أربعة دعائم. الدعامة الأولى هي الديمقراطية وهي تهدف الى دعم سيادة القانون واستقلال الجهاز القضائي وفتح الأبواب للمشاركة السياسية وضمان اجراء الانتخابات الحرة والمنصفة وبناء المؤسسات الديمقراطية ودعم المجتمع المدني ومساعدة وسائل المستقلة. الدعامة الثانية هي دعم النمو الاقتصادي بتكوين وتطوير بيئة للمنافسة في مجال التجارة العالمية وزيادة النمو في المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم واجتذاب وتنشيط الاستثمار المباشر المحلي والأجنبي.
الدعامة الثالثة تهدف الى التفوق في مجال التعليم وذلك باتاحة الفرص للجميع وتمكينهم من الوصول الى المؤسسات التعليمية وبتعزيز الجودة في التعليم والعمل على تقدمها وبتطوير المهارات اللازمة لتحقيق النجاح.
أما الدعامة الرابعة والأخيرة فهي تدعو لمنح المرأة كامل حقوقها وتمكينها من ممارسة حقوقها وذلك اضافة للدعم القانوني بتأسيس منظمات وشبكات الاتصالات الداعية لحقوق المرأة.
هذه الوصفة تريد لها الولايات المتحدة أن تعمل في عدد من الدول هي الجزائر ومصر ولبنان والمغرب وما أسمته وثائق المبادرة « الأراضي الفلسطينية » وتونس والسعودية واليمن والبحرين والعراق والأردن والكويت وعمان وقطر وسوريا والامارات العربية المتحدة وطبعا « اسرائيل« .
ويقف وراء المشروع حشدهائل من المؤسسات والجمعيات والأحزاب والشركات الأمريكية. وقد توصل الى تنفيذ عدد من المشاريع في قطاعات حيوية مثل « القيادة في أوساط الطلبة » و« تقديم مساعدات فنية في مجال التجارة الحرة » و« ورشة عمل للنساء العاملات في مجال القانون » و« تدريب لرجال الأعمال » و« محو الأمية للفتيات والنساء » و« برنامج الشراكة للجامعات » و« القيام بمسح اقليمي عن وضع حريات المرأة و« دعم المؤسسات القضائية وسيادة القانون« .
هذه المشاريع وغيرها كان لنا في تونس نصيب منها وكذلك نصيب من الجدل فيها. فعلى أرضنا ينتصب مكتب للمبادرة بدأ نشاطا تقول المؤشرات ان وتيرته سترتفع.
المكتب وأجندته
كانت حقائق قد أشارت باقتضاب في عددها قبل الأخير للندوة الصحفية التي في احدى قاعات السفارة الأمريكية بتونس الصحفيين التونسيين بفيليب مولرن مدير المكتب الاقليمي لمبادرة الشراكة الأمريكية مع دول الشرق الأوسط ووعدنا عندها بالعودة الموسعة لهذه الندوة. فقد بسط فيها مولرن عددا من المعطيات الهامة التي تسلط الاضواء على منطلقات وآليات وأهداف هذه المبادرة.
في هذا الحوار قال هذا المسؤول الأمريكي ان هدف مكتب تونس يريد « مساندة حركة الاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتعليمي في تونس وبلدان المغرب العربي » وأكد أن المشروع لا يهدف لفرض أية صيغ أو أفكار جاهزة وانما « هي تريد أن تتفاعل ايجابيا مع حكومات وشعوب المنطقة » وأضاف « نحن نعرف المصاعب التي تعترض هذه المهمة وندرك أنها تحتاج الكثير من الوقت كي تطرح ثمارها« .
زقال « اننا نضبط أجندتها بناءا على حاجيات دول المنطقة فلكل بلد خصائصه التي تقتضي مشاريع معينة ترتب أولوياته وفق ذلك« .
وأشار الى أن ما تريده الولايات المتحدة انما هو « التجاوب مع ارادات التغيير والاصلاح الآخذة في الارتفاع في المنطقة العربية مطالبة بمواكبة التقدم والرقي والحداثة في العالم« .
وعن اختيار تونس بالذات كنقطة انطلاق للمبادرة في منطقة شمال افريقيا قال فيليب مولرن « ينبع هذا القرار مما لمنطقة المغرب العربي من ميزات خاصة على الصعيدين السياسي والاجتماعي قياسا بدول المشرق عموما، فتونس أولا عبرت عن استعدادها لاحتضان هذا المكتب، وهي تنعم بمكاسب اقتصادية واجتماعية هامة تستحق الدعم والاشعاع« . ولم ينس الاشارة الى العلاقات الامريكية التونسية العريقة والمميزة. وعن برنامج عمله قال : « اننا نسعى لمد جسور الحوار مع كل الأطراف المعنية بمبادرتنا سواء كانت داخل الحكومة أو من الأحزاب أو من رجال الأعمال وفي منظمات المجتمع المدني بمختلف أطيافها« .
وأضاف ان جوهر هذا البرنامج يقوم على تقديم خبرات في مجالات ذات أولوية كالمرأة والتعليم » وفي سعي لدفع الشبهات عنه قال « ان هذا العمل ليس فيه مس من سيادة أي بلد ونحن لا نريد فرض أية فكرة على أي كان بل تربد تقديم يد العون لمن يرغب في ذلك« . ووضح أن آلية العون هذه لن تكون تقليدية اذ أن المبادرة لن تبني مؤسسات أو شركات وأنما ستدعم جهودا قائمة في الأصل بالمال عند الحاجة وخاصة بالخبرة والمهارات اللازمة« . ونفى أن يكون من أهداف مبادرته التورط في أية تجاذبات داخلية قائلا بصوت صارم « نحن لسنا هنا لنتسبب في مشاكل مع الجهات الرسمية ولا نستعدي طرفا على آخر، لكننا نرى أنه من مصلحة دول المنطقة وجود أحزاب قوية ومجنمعا مدنيا حرا ومستقلا« . واعترف مولرن بأن المبادرة جاءت على خلفية وقوف البيت الأبيض على أخطاء فادحة شابت سياساته في السابق وقال « نحن أصحاب مصلحة في استقرار ورفاه المنطقة فيهما نأمل في واقع دولي أفضل« . وأفاد بأن فرق عمل تنشط في مختلف السفارات الأمريكية في المنطقة لمتابعة هذا الجهد الذي يسعى لاستدراك أخطاء الماضي وخاصة منها تهميش « أصوات الاصلاح في الوطن العربي« .
وخلص الى الاستنتاج في قوله « لقد أخطأنا ونريد تصحيح هذا الخطأ« . مهونا من تأثير خيارات الحكومة الأمريكية في العراق وفلسطين اذ على حد ما جاء في مداخلته « يعي الامريكيون حجم الشكوك التي تحيط بالمبادرة بالنظر لعدة عوامل لكن مع الوقت سنتمكن من زرع بذور الثقة بيننا وبين شركائنا وعلينا العمل قبل ذلك وليس الانتظار الى الحين الذي تحل فيه تلك المعضلات التي قد تستغرق عقودا متطاولة« . وبالفعل أردف مكتب الشراكة في تونس القول بالعمل فلقد نفذ عددا من الربامج نذكر أهمها وهي ارسال نساء أعمال الى الولايات المتحدة لاجراء تمارين وللحصول على خبرات في مجال اختصاصهن وتنظيم دورة تدريبية للصحفيين في مجال اكتساب المهارات الصحفية الأساسية وتقديم مساعدات تقنية ومنح مالية تهدف الى تنمية العلاقات بين البلدين تونس وأمريكا في مجال الاقتصاد ودفع عجلة الاستثمار، ورصد مبالغ خصصت لاقامة صلات بين الجامعيين الأميركان والتونيين أساتذة وطلبة. كما أشارت نسوة قاضيات تونسيات في دورة احتضنتها البحرين كان محورها الأساسي هو « الاصلاح القضائي« .
واضافة الى ذلك مولت المبادرة دراسة وزيارة شباب تونسيين في الولايات المتحدة بل أكثر من هذا قدمت ال« ميبي« هبات الى منظمات غير حكومية بلغت جملتها 100 ألف دولار ذهب ربعها لتدريب الصحفيين في اطار مؤسسة « أميديست » ومنح ربعها الثاني لجمعية التضامن القومي وصرفت في دعم حقوق الانسان وتحسين أوضاع المرأة في قرى داخل الجنوب التونسي ودعم الربع الثالث جهود المؤسسة العربية لرجال الأعمال في اسناد الباعثين الشبان. وخصص الربع الرابع كمساعدات للمدرسة المتوسطية للأعمال.
ويتوقع أن تشمل الأجندة مزيدا منالأفكار والتحركات التي تثير عددا من ردود الفعل التي هي في الحقيقة قديمة وتقليدية فالذهاب الى رحاب السفارة الأمريكية والتعامل مع برامجها والتفاعل مع هياكلها ومواكبة مناسبتها لم يكن محل اجماع داخل الساحة الوطنية والظرف الدولي تسيطر عليه صور الآلة العسكرية والأمريكية وهي تفصل وتخيط الواقع القومي والاقليمي وفق منطق لن يتضارب في كل الأحوال مع مصالحها كما لن يخدم بالضرورة مصالحنا كلها، وبين هذا وذاك مساحة واسعة تسع المواقف المتناقضة.
الرافضون وحججهم
شكل الموقف من التعامل مع الولايات المتحدة وما ينبثق عن هياكلها السياسية والديبلوماسية من مبادرات مادة لنصوص وبيانات الأحزاب والمنظمات والجمعيات في تونس، وهي التي تتضمن دعوات للمقاطعة وردود فعل على سياسات انتهجتها أمريكا في قضايا قومية كفلسطين والعراق.
وفي أحيان عدة تقرر هذه الجهات عدم التعامل مع هذه المبادرات لكونها تشكل « خيانة لدماء الشهداء وتنكرا لمعاناة شعوبنا في العراق وفلسطين وتزكية لسياسات أمريكا العدوانية ضدهم« . بل ان هناك جمعيات بعثت من أجل مهمة أساسية هي « مقاومة التطبيع » بالتوازي مع « مقاومة العدوان الامبريالي الأمريكي« . وفي وقت يقول فيه بعض المتابعين ان هذه المواقف تديرها جماعات ايديولوجية لا تزال تسبح في فكر ستينيات القرن الماضي ولم تستطع مواكبة التحولات الدولية التي أسقطت الايديولوجيات وجلبت مزيدا من الواقعية البراغماتية لساحة العلاقات بين الدول على ضوء موازين قوى قائمة. يرد الرافضون لهذا المنطق بأن جملة المبادرات الأمريكية ومن بينها مبادرة الشراكة تصب في منظور أمريكي جذوره الايديولوجية، ليبرالية المنحى يمينية الهوى.
وعلى مقتضاها لا ترى بنظارة الاصلاح على المقاييس الامريكية سوى نصف الكأس دون ما تبقىز فليس « التخلف العربي » وحده هو الذي ينبت الارهاب وانما كذلك السياسات المجحفة للولايات المتحدة بحق الشعوب العربية مذكرين بفشل الولايات المتحدة في لعب دور الوسيط النزيه الحريص على الحل العادل لمعضلة فلسطين، فضلا عن ملامح المخرج من الأزمة العراقية. ويتساءل هؤلاء ترى ماهو الوجه الحقيقي للسياسة الخارجية الأمريكية. أهم « الجمل الناعمة والأفكار الوردية التي تبشر بثماؤ الشراكة » أم هي أعمال الآلة العسكرية الأمريكية في أفغانستان والعراق. ويقولون ضمنيا هل يجب أن نحدق طويلا في صور قتلى العراقيين من رجال عزل ونساء وأطفال حتى نتعرف الى الملامح الدقيقة للاصلاح والديمقراطية الأمريكية الموعودتين. ويثير الرافضون نقاط استفهام كبيرة حول حرص الولايات المتحدة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية بما قد يمس سيادتها وهي لم تترك مجالا للمناورة أو النقاش في الاصطفاف معها في حربها على الارهاب حتى أنها ضاقت بمواقف فرنسا ودول أخرى لم تشاطرها الرأي كألمانيا التي لم ترسل جنودها الى العراق، فكيف الأمر بدول ضعيفة مشتتة مثل الدول العربية. ويضيف هؤلاء ألم تكن المملكة العربية السعودية ومصر وهما حليفتا أمريكا من أوائل من رفض التدخل في شؤونهما الداخلية في رد على ضغوط أمريكية متزايدة طالبت بالاصلاح والتغيير في هذين البلدين. ومن الأساس يصب الرافضون جام شكوكهم عن مصداقية عناوين المبادرة لاسيما الاصلاح الديمقراطي فالولايات المتحدة التي أسقطت نظام صدام حسين لأنه دكتاتوري أجرم في حق شعبه وفي حق جيرانه–وهذا حق– هي نفسها التي دعمت نظاما دكتاتوريا متخلفا ودمويا هو النظام الشاهنشاهي في ايران وهوالذي كان يقنل عشرات الآلاف في اليوم الواحد من المدنيين العزل. وهي نفسها التي دعمت اسقاط رئيس منتخب في انتخابات نزيهة هو الرئيس الشيلي اللمبي ودعمت دكتاتورا عسكربا هو بينوشيه الذي قصف البرلمان والقصر الرئاسي بالطائرات زاقترف أنواع شتى من خروقات حقوق الانسان.
وعلى ضوء هذه الاعتبارات وغيرها يرى الرافضون أن بحث مكونات مبادرة الشراكة هو حديث في التفاصيل التي هي دون الاعتبارات الأساسية في تقييم السياسات الأمريكية ومع ذلك تقول أوساط مقربة من الجانب الأمريكي ان هذا الخطاب الساخن والمتشدد لا يعبر بالضرورة عن حقيقة العلاقات التي تربطه بمكونات المجتمعين المدني والسياسي، فهذه المواقف « الثورية » بعضها عابر تفرضه تطورات عابرة وبعضها معد للاستهلاك الاعلامي تروج بضاعة أسواق المزايدات التي تحكمها اعتبارات محلية بحتة بعيدة في الواقع عن سياسات أمريكا وعن قضايا العراق وفلسطين، ويشير الأمريكان الى أن بعض أصحاب المواقف المحتدة يتحولون بعيدا عن الأضواء الى « حملان وديعة » غاية في الاسنعداد للتحاور والتفاهم والعبرة على ما يبدو بالأفعال وليس بالأقوال، فهل قدر للعلاقات العربية الأمريكية أن ترتهن بازدواجية أحكمت قبضتها على الطرفين؟.
الملف ومستقبله
كما في كل بداية انطلقت قاطرة « مبادرة الشراكة الأمريكية » مثقلة بالمصاعب والأسئلة والشبهات تشق طريقها الواعرة داخل دول لا تزال تبحث عن نفسها وعن اجابات لأسئلتها الاجتماعية والاقتصادية في عالم اليوم، أما سرعتها فستتحكم بها وتيرة الأحداث في فلسطين والعراق.
فالسؤال الأساس هو هل نجحت الولايات المتحدة في ترتيب أولوياتها عندما قررت اطلاق مبادرتها ليس فقط قبل حل هاتين المعضلتين وانما في وقت تهاطلت الأخبار المشربة بالدماء الحارة على مسامع المواطن العربي بنسق يومي تقريبا أم أنه كان ينبغي عليها أن تقلب الترتيب قرنم مثل هذه المبادرة لن يأخذ مداه في ظل أزمة ثقة عميقة تهز العلاقات العربية الأمريكية خاصة في صيغتها غير الرسمية. فليس من أحد في تونس أو العالم يرفض الاستفادة من التقدم العلمي في الولايات المتحدة أو من خبرات التصراف الاقتصادي والاجتماعي، لكن لا أحد يريد لأن يفعل ذلك على حساب جراح مفتوحة بآلامها المفجعة.
هذا ما يعيدنا لى صميم المبادرة والى الجوهري في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة العربية وقضاياها، فترى هل تعامل واشنطن الحكومات العربية صنفا من أصناف خطب حسن النوايا فحسب؟.
لسنا نملك اجابة جاهزة لكن سياق الأحداث وجدل العلاقات العربية الأمريكية يقول ان الولايات المتحدة تحتاج بدورها الى برنامج اصلاحي يستمع الى أصوات الحكمة داخل بلاد العم سام والتي تقول جنب الحقوق العربية كفانا ما اقترفناه في المغتصبة
المصدر : مجلّة حقائق. عدد 978 . 23 سبتمبر 2004 .
الأستاذ مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
في هذه الحالة فقط نلغي مقاطعتنا للأمريكان
تعدّ الرابطة من المنظمات التي ثابرت على المطالبة بالإصلاح ليس باعتباره مطلبا أمريكيا وإنما باعتباره مطلبا طرحه المجتمع المدني في تونس منذ عقود. فنحن لم ننتظر أن تطرح الولايات المتحد هذا المطلب. ولذا لايمكن أن نعتبر التحرك في هذا الاتجاه استجابة لأجندة أمريكي. ولنا أن نذكّر الجميع بأنّ حكومات الولايات المتحدة دعّمت الأنظمة العربية التي ما كان لها أن تستمر لولا الدعم الأمريكي. ثم إن بعض الحكومات العربية ترفع عنوان الإصلاح دون القيام بتنفيذ برنامج عملي يؤكّد التزامها هذا. وليس من المعقول أن نُتّهم بتنفيذ أجندة أمريكية في حين أمريكا هي التي التحقت بجزء من مواقفنا. بل إنّها هي التي تفتقد مصداقية رفع هذا المطلب فهي التي لم تكفّ عن الحديث عن الاعتداء الإرهابي في 11 سبتمبر 2001 وهو اعتداء أدنّاه في حينه ونواصل إدانة كل عمل إرهابي، لكن هذا لاينسينا ضلوع الإدارة الأمريكية في أعمال إرهابية مثل انقلاب 11 سبتمبر 1973 في الشيلي والذي نفذ بدعم من المخابرات المركزية الأمريكية. وسيحاكم بينوشيه رجل أمريكا في الشيلي من أجل جرائمه ضد الإنسانية التي خلّفت آلاف الضحايا. ثم إن من تتهمهم أمريكا بالإرهاب هم في الحقيقة صنائعها في أيّام المواجهة مع الاتحاد السوفياتي.
في إطار هذه الرؤية نتباين مع الأطروحة الأمريكية للإصلاح فأجندتنا أسبق ونضالنا في سبيله أقدم. مع ذلك نقول إنّ كل مبادرة تدعوا الحكّام إلى الإصلاح بما يخدم حقوق الإنسان والحريات العامة والحكم الديمقراطي الرشيد ويتماشى مع مبادئ فصل السلط والتداول السلمي على السلطة ويمكّن كل التونسيين والتونسيات من ممارسة حقوق المواطن في إطار المساواة الكاملة بينهم، كل مبادرة من هذا القبيل تقنع الحكام بتبنّي هذه المطالب نحن ندعمها.
وإذا كان الأمريكيون جادون في المطالبة بالإصلاح في المنطقة العربية فلابد أن يتخلوا تماما عن سياستهم الحالية في فلسطين والعراق. وأن لايستعملوا الدعوا إلى الإصلاح للضغط على الحكومات العربية الرافضة للتخلي عن حقوقها الوطنية. فتتحول دعوة الإصلاح إلى العصا الغليضة التي يهددون بها حكومات عربية لا لأنّها غير ديمقراطية و‘نّما لمعارضتها للسياسة الأمريكية في المنطقة. وعلى الحكومات العربية ودون رضوخ للمشيئة الأمريكية أن تبادر بالإصلاح بما يمكّن مواطنيها من لعب دورهم في مواجهة الأخطار الخارجية كمواطنين كاملي الحقوق.
وكانت الرابطة قد قرّرت مقاطعة أنشطة السفارة الأمريكية في تونس إثر الغزو الأمريكي للعراق وما انجرّ عنه من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ولحق الشعب العراقي في تحقيق مصيره وهذا لم يمنعنا من تبليغ مواقفنا للأمريكان في أطر أخرى خارج السفارة وخارج إطار هذه الشراكة. فنحن ليس لنا مشكلة مع الحوار من حيث المبدأ لكن ليس على حساب الموقف من الانتهاكات التي يقترفونها. ويشمل هذا الموقف على وجه الخصوص المناسبة الاحتفالية أمّا أطر الحوار فنحن نسجّل حضورنا فيها بالقدر الذي نراه مفيدا وكنّا قد رفضنا مقابلة ويليام بورنر بطلب منهم لتزامن زيارته مع الإعلان عن جرائم سجن أبو غريب. ومؤخّرا رفضنا دعوة للمشاركة في ندوة نظّمها المعهد الجمهوري في تونس كان موضوعها تدريب النسوة القياديات وذلك لأنّ المشروع ذو صلة مباشرة بالأجندة الأمريكية الخاصّة. نحن ندرس هذه الطروحات حالة بحالة ونتخذ موقفا منها وفق منطلقاتنا وبما ينسجم مع أجندتنا.
في الخلاصة نحن لا نزمع المساهمة في مبادرة الشراكة إذا بقيت السياسياسات الأمريكية على حالها تكيل بمكيالين وتقتفي أثر مصالحها الخاصّة وإذا ما بقيت قضيّة حقوق الإنسان طيّعة لتلك المصالح.
وفي اليوم الذي تصبح فيه حقوق الإنسان والديمقراطية مقياسا لنظم العلاقات بين الولايات المتحدة وغيرها من الدول بعيدا عن منطق الولاء و« الصداقة » سوف نغيّر نحن تعاملنا مع المبادرة التي تطرحها.
المصدر : مجلّة حقائق. عدد 978 . 23 سبتمبر 2004 .
العميد عبد الستار بن موسى
لانتردد في محاورة التعبيرات المستقلّة في المجتمع الأمريكي
من البديهي أن يتوجّه المحامون باهتمامهم إلى ما يتجاوز القضايا المهنيّة البحتة، فنحن لم نهمل في يوم من الأيام الهموم الوطنية والقومية فكنّا دائما إلى جانب شعبينا في العراق وفلسطين بنفس القدر الذي دافعنا فيه عن الانفتاح السياسي وعن ضمان الحريات الأساسية التي هي عماد حيويّ من أعمدة المجتمعات الحديثة والمتقدمة ولقد بنينا هذه الرؤية على أساس من المعاهذات الدولية والقيم الكونية التي نصت على أهمّها وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ونحن نعتقد من موقعنا أنّ المصلحة الوطنية تقتضي التفاعل مع قضيّة الحريات وحقوق الإنسان كما تتطلب الانصات لأصوات الإصلاح التي لاتريد سوى رصّ الصفّ الوطني بعد بنائه على أسس سليمة. ونرى أنّ حجر الزاوية في التخلف الذي يعانيه الوطن العربي إنّما هو عدم مراعاة هذه الميادئ. لكنّنا كذلك نتابع وبنفس المستوى الانتهاكات التي تقترف بحق الشعوب العربية خاصّة في العراق وفلسطين من تجاوزات تقوم بها وتشجّعها نفس الجهة التي تقول اليوم إنّها تريد دعم خيارات الإصلاح وتبحث عن شركاء لمبادرات تحرّكها في المنطقة. وإنّ المتأمّل في هذه المبادرة الأمريكية يجدها قد تضمّنت دعائم برّاقة تبشّر بقيم سامية ليس بوسع أحد رفضها.الشعب العربي هو واحد من الشعوب الساعية لتحقيق هذع المطالب لكنّ النظر الدقيق في المبادرة ومقارنتها بالوقائع يجد أنّ ما يجري هو عكسها كما نرى ذلك في العراق وفلسطين وأفغانستان. فالأمريكيّون الذين قالوا إنّهم جاؤوا محرّرين إنّما كانوا في الحقيقة غزاة يمارسون كل ممارسات الاحتلال. فلا مؤسسات ديمقراطية ولاإعلام حرّ ولامؤسسات مستقلّة. بل حكومة في العراق منصّبة واغتيال لعلماء البلاد وتضييع لمخزونها ومصادرة للحريات الإعلامية كما حدث ذلك مع قناة الجزيرة لمجرد أنّها نقلت ما اقترفته القوّات الأمريكية. أضف إلى ذلك ما تضمّنته المبادرة من نقاط مثيرة للجدل في صلة بقيم الشعوب ومبادئها. فما يقال عن إصلاح التعليم يهدف في أبواب منه إلى تفكيك العملية التعليمية ونزعها من عمقها المعرفي وحرصها في تلقين الكفايات التي لاتهدف إلاّ لتخريج طلبة جاهزين للاندماج في دورة الاقتصاد الاستهلاكي بمرجعية ليبرالية. وهذا ما نراه مجرد مقدمة لتطويع المجتمعات العربية لمنطق المؤسسات المالية الاحتكارية الكبرى وتجهيزها لتقبّل التطبيع السياسي والثقافي مع الكيان الصهيوني فيما بعد.نحن مع الحوار البنّاء والمتكافئ بين الشعوب ومنها الشعب الأمريكي بما فيه من ممثلي مجتعه المدني. وللعلم فقد كان محامون تونسيّون قد التقوا محامين أمريكيّين في عدد من المنتديات ووجدناهم يتخذون مواقف عادلة ومشرّفة من انتهاكات حكومة بلدهم خاصّة في أبو غريب وغوانتانامو مندّدين بسياساتها المجحفة بحق الفلسطينيّين والعراقيّين.
وهذا ما يجعلنا نتمسّك برفض الوصفات الرسمية الأمريكية المسقطة لكنّنا لانتردد في التحاور مع التعبيرات المستقلّة داخل المجتمع الأمريكي الذي لايمكن اختزاله في السياسة الحالية لإدارة جورج بوش.
المصدر : مجلّة حقائق. عدد 978 . 23 سبتمبر 2004 .
محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية
مبادرة الشرق الأوسط الكبيركما نراها…
لقد كنّا في حزب الوحدة الشعبية من أوّل الأحزاب السياسية التي عبّرت بوضوح عن موقفها المناهض والرافض لما سمي مشروع الشرق الأوسط الكبير. وهذا الرفض لايرتبط بمعاداة آلية للولايات المتحدة الأمريكية بل هو رفض مبني على ثلاثة اعتبارات هي :
1 السياق الذي تنزّل فيه المشروع.
2 فهمنا للآليات الحقيقية للتحديث الاجتماعي.
3 إدراكنا لحقيقة السياسات الأمريكية في المنطقة العربية.
فبالنسبة إلى النقطة الأولى فالكل يدرك أنّ مشروع الشرق الأوسط الكبير أتى إثر العدوان الأمريكي على العراق وبصرف النظر عن المضامين البرّاقة لهذا المشروع فإنّه يعتبر في جوهره تبريرا بل محاولة للتغطية على الفضاعات الأمريكية التي ارتكبت في حق أبناء العراق ومن حسن الحظ أنّ هذا المشروع لم ينجح في التغطية على الجرائم الأمريكية في العراق ونحن نعيد التأكيد في هذا الإطار على أن المدخل الحقيقي لمزيد التطوير السياسي والاجتماعي في الوطن العربي يمرّ عبر إزالة الاستعمار.
وهذا يجرّنا إلى النقطة الثانية التي يقوم عليها رفضنا لهذا المشروع وهي إدراكنا للآليات الحقيقية للتحديث الاجتماعي لأنّ التحديث لايمكن أن يكون حقيقيا وعميقا إلاّ إذا انبنى على البنى الاجتماعية والقوى الذاتية للمجتمع ويكفي أن نشير إلى ما أحدثه الاستعمار المباشر من تفكيك للبنى الاجتماعية لمجتمعاتنا حتى نتأكّد من أنّ التدخل الخارجي يلحق أضرارا ويؤدّي دورا سلبيّا.
والنقطة الثالثة هي بالنسبة إلينا تندرج في كيفية التعاطي مع مشروع الشرق الأوسط الكبير وتتمثل في رفضه وعدم التعامل معه خاصّة وأنّنا ندرك أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لاتهمّها في تعاملها مع الوطن العربي إلاّ مصالحها الذاتية في إطار تمشّيها نحو فرض هيمنة أحادية الجانب على العلاقات الدولية. ونعتقد أنّ التصدّي لمشروع الشرق الأوسط الكبير يمرّ حتما عبر إيجاد آليات ذاتية لتطوير الديمقراطية وإيجاد عقد اجتماعي وسياسي جديد بين السلطة العربية وبنى هياكل المجتمع المدني خاصّة وأنّ هناك التقاء موضوعيا حول ضرورة الإصلاح السياسي وهو ما يعني أنّ الحوار يمكن أن يوجد آليات ورزنامة متفقا عليها إيجاد توازن بين السلط ولدعم الحريات وحقوق الإنسان.
التصدّي لمشروع الشرق الأوسط الكبير يقتضي أيضا تفعيل نسق التبادل بين الأقطار العربية لأنّ التكامل الاقتصادي العربي يطوّر أوضاع مجتمعاتنا بشكل إيجابي. أمّا بالنسبة إلى التعامل مع مكتب الشراكة الذي يتخذ من السفارة الأمريكية بتونس مقرّا له فقد سبق أن عبّرنا عن بعض الاحترازات التي لنا حول اختيار تونس وحول دور هذا المكتب. وإذا كنّا لانحكم على النوايا لأنّنا بانتظار البرامج فإنّنا لانتوقع لعمل هذا المركز نجاحا كبيرا خاصّة وأنّ مشاريع استقطاب النخب ليست جديدة على السياسات الأمريكية ولم تحقق لحسن الحظ النجاح المأمول.
ونحن كحزب سياسي يرفض السياسات الأمريكية الحالية ويؤمن بالندية ولذلك فإنّنا لن نتعامل مع أنشطة المركز الإقليمي لمشروع الشراكة إلاّ إذا :
3 تراجعت الولايات المتحدة الأمريكية عن سياساتها الحالية.
4 إذا وقع التعامل مع حزب الوحدة الشعبية بندّية لأنّنا نؤمن أنّ لشعبنا إرثا حضاريا وثقافيا يجعله يرفض الإملاء والتدخل الأجنبي ويجعله قادرا على تقديم الإضافة للفكر الإنساني ونشارك إذا ما وقع بالتالي التطرق بطريقة نقدية لمجمل نواحي السياسات الأمريكية.
المصدر : مجلّة حقائق. عدد 978 . 23 سبتمبر 2004 .
عندما قالوا لعضو المكتب السياسي الديمقراطي الوحدوي مختار الجلالي ولغيره
: Wait and see
كنت قد تحادثت بمعيّة ثلّة من ممثلي الأحزاب والمجتمع المدني مع كاتب الدولة المساعد السابق « كرانير » المكلّف بالديمقراطية وحقوق الإنسان إبّان زيارته إلى تونس وكان موضوع حديثه أنّ الولايات المتحدة الأمريكية اقتنعت بأنّ الأنظمة التي تتعامل معها لاتصدّقها القول في جديتها في الشأن الديمقراطي وميدان الحريات. وكانت فرصة لي لأجيبه على سؤال طرحه : ما العمل الذي يجب على الولايات المتحدة فعله لدعم هذا التوجّه ؟
وكان سؤاله في الحقيقة يرتبط بالميزانيّة التي خصصت لتمويل هذا المجهود. قلت له إنّ المسألة لاتتعلق إطلاقا بالتمويل رغم أهميته فالساحة الوطنية والعربية لها خصائصها التي تستدعي برنامجا يراعيها. والتمويل فيه أمر دون غيره من القضايا أهمية. أخبرته بأنّ الهمّ الديمقراطي في العالم العربي ليس قضية شركة تجمع شركاء ورأس مال وإنّما هي جملة حقائق تتطلّب تغيير عقليات شبّت على الخوف والولاء. ولذا فإنّ المدخل الصحيح لإحلال الديمقراطية إنّما هو حمل الإرادة السياسية على تبديل منهج تعاملها مع مختلف أوجه الحياة السياسية والمدنية، مع ما يتطلّبه ذلك من إجراءات تتصل بفتح الحريات الإعلامية وحرية التنظيم واحترام الرأي المخالف. وأخبرته أنّ سياسات الولايات الولايات المتحدة الخاطئة في التعامل مع القضايا العربية وتوجّهها شبه الكلي للأنظمة دون الشعوب هي التي توفّر التربة والذرائع التي تولّد الأفكار المتطرّفة. وصارحته بأنّ هذا الإرث في التعامل الأمريكي الخاطئ هو الذي يطرح نقطة استفهام كبيرة في مصداقية وجدّية هذا التوجّه. فأمريكا داعية الديمقراطية هي الخارجة الأولى عن الشرعية الدولية وهي التي لا تتبع إلاّ مصالحها. وأضَفت : إنّ ما سيتغيّر نظرتنا للسياسةالأمريكية إنّما هو الأفعال وليس الأقوال. فردّ عليّ « انتظر وسوف ترى« . فانتظرت ورأيت وبلّغت رأيي إلى ويليام بورنز سكرتير الدولة لملف الشرق الأوسط في لقاء جمعني به في 14 ماي 2004 أثناء زيارته لتونس وأخبرته أنل وغيري أنّ السياسات الأمريكية بقيت عند العناوين الجميلة وهي دعم الديمقراطية واستقلال القضاء وحرية الإعلام والنهوض بالتعليم والمرأة وغابت أيّة آثار لخطّة واضحة تجسّد هذه العناوين. بل الأدعى هو أنّ الولايات المتحدة واصلت نفس الأخطاء فسمعنا بفضيحة أبو غريب وتابعنا ما قعلته الإدارة الأمريكية بحرية الإعلام كما في مثال قناة الجزيرة وتغطيتها لأحداث العراق. كما لمسنا مواصلة أمريكا الخلط بين المقاومة والإرهاب.
وكبر في أذهاننا الشؤال : هل الولايات المتحدة تقاوم الإرهاب أم تغذّيه ؟
وقلنا لهم نحن مستعدّون للتفاعل معهم لكن سياساتهم تمنعنا من التفاعل مع هذا التوجه. وشخصيا جوبهت اتصالاتي هذه التي كنت فيها واحدا من مجموعة أسماء تمثّل الأحزاب والمنظمات والجمعيات في تونس بردود فعل. لكن الرأي عندي كان قبول الدعوة للاتصال من قبل هؤلاء في طار حوار لنستمع إلى ما يطرحه الأمريكان لنبلّغهم وجهات نظرنا. ولقد فعلت ذلك بتكليف من حزبي ممثلا في مكتبه السياسي. فصَلف الولايات المتحدة وسياساتها الظالمة يتطلّبان محاورتها لحثّها على تغييرها وليس مجابهتها بمقاطعة لن تجدي نفعا.
وعلى أساس من هذه الرؤية شاركت في زيارة للولايات المتحدة قابلت فيها ومن معي من الوفد التونسي شخصيات سياسية مرموقة ووجوها بارزة في المجتمع المدني الأمريكي وقيادات عربية هناك. وفي كل جلسة كنّا نبلّغهم نظرتنا للقضايا العربية ولحصاد السياسات الأمريكية. ولاحظنا وجود أناس يتفهّمون مواقفنا جيّدا حتى من أعضاء الكونغرس وهم من الراعبين في تغيير سياسات البيت الأبيض لأنّهم يرونها ظالمة. وأرى أنّه علينا توثيق الصلة بهؤلاء ودعمهم ومدّهم بحقائق الأوضاع العربية حتى يتخذوا منها المواقف الصحيحة. وفي ظل ضبابية السياسات الأمريكية وعدم وضوح معالم مبادراتها خاصّة تلك التي تتعلّق بالشراكة مع الشرق الأوسط، نخشى أن تقف وراءها خلفيات لانعيها الآن بالشكل الكافي. والأكيد أنّ المبادرة لم تأت فقط من أجل سعادة شعوب المنطقة إذ قد يكون المراد منها حث الأنظمة على إجراء بعض الانفتاح على شعوبها بإصلاحات بسيطة تبرّر مواصلة دعم الولايات المتحدة.
أمّا الإصلاح الحقيقي والنهوض بشعوبها فهو موكول للأنظمة القائمة نفسها من جهة وهو أمر ليس بعسير إذا ما وجدت العزيمة وصدقت النوايا وموكول إلى النخب المحلّية إذا ما عدلت عن الاستقالة وعن عقلية المصالح الضيّقة.
المصدر : مجلّة حقائق. عدد 978 . 23 سبتمبر 2004 .
السيد ويليام هادسون، سفير الولايات الأمريكية في حوار شامل مع « حقائق »
»
ليس عندنا وصفات جاهزة نريد فرضها على أحد«
حاوره نبيل الريحاني
سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في فلسطين والعراق وفي باقي الدول العربية محل اهتمام متواصل لدى المواطن التونسي الذي لاينفكّ عن طرح نقاط استفهام كبيرة حولها. حقائق التقت سعادة السفير الأمريكي في تونس ويليام هادسون وسألته عن هذه النقاط وكذلك عن أبعاد مبادرة الشراكة وما يتصل منها بالعلاقات الأمريكية التونسية فكان معه هذا الحوار.
يسود اعتقاد لدى عموم الشارع العربي والإسلامي أنّ الولايات المتحدة لم تقم بمراجعة جذرية لسياساتها الخارجية إثر حادثة 11 سبتمبر ممّا يعني استمرار نفس الأخطاء التي تشوب مواقف البيت الأبيض، هل هذا ما يحدث فعلا ؟
كما تعلمون الولايات المتحدة تعمل باستمرار على تقييم سياساتها وهي تتخذ خطوات عملية في هذا الاتجاه من بينها مبادرة الشرق الأوسط الموسّع وشمال إفريقيا. وكذلك مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط المنبثقة عن قمّة الثمانية. كما لم نتوقف عن البحث عن شركاء في المنطقة للتحاور في هذا السياق وكانت تونس كبلد صديق من بين البلدان التي تفاعلت إيجبابيا مع رغبتنا هذه. ونحن نفطر بما تتطلع إليه الشعوب العربية من الانفتاح والشفافية. ولقد أولينا على وجه المثال أهمية خاصة لنص بيان توجه به أكادميّون عرب إلى الحكومات العربية يتضمن جملة مطالب تهدف للإصلاح والتغيير. ولا ننسلا أنّ السياسات الخارجية الأمريكية لاتخلو من إيجابيات هامة للغاية فالرئيس جورج بوش هو أوّل رئيس أمريكي يعلن بوضوح لالبس فيه بدولة فلسطينية مستقلة وبتعايش بين شعبين ودولتين في سلام وكرامة واقترح خطة خارطة الطريق لتجسيد ذلك. صحيح أنّ قضايا ومشاكل العالم العربي تحتاج لأكثر من جمل ديبلوماسية جميلة فالأوضاع الراهنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تمر بفترة تراجيدية مؤسفة. ونحن نعي معاناة الفلسطينيين اليومية وما يشعرون به من إهانات مستمرّة ونعتقد أنّ مثل هذه الممارسات يجب أن تتوقف تماما كما نعتقد أنّه من حق الشعب الإسرائيلي أن يعيش في أمن وسلام. المسألة تتجاوز مجرد بعث دولتين إلى تأمين مستقبل أفضل لأطفال وعوائل الشعبين يكون ثابتا ومستقرا.
هذه الخطوط العريضت التي استعرضتها تشير إلى وجود فعلي لعملية المراجعة لسياساتنا لكن هذه المسيرة مايزال ينتظرها أشواط أخرى لتقطعها ونحن في حاجة مستمرّة لشركائنا حتى نحدد بنجاح بوصلة هذه السياسات التي يجب أن تستجيب لتطلعات الشعوب العربية الطامحة إلى واقع أفضل.
هذه الشعوب سعادة السفير تقيس الأقول بما تفرزه من أعمال ومبادرات فعلية وهي تميل إلى نقد سياسات الإدارة الأمريكية لكونها تكيل بمكيالين. ففي دارفور تفعل كل شيء لتتدخل في شؤون السودان بينما تتجاهل معاناة الفلسطينيين لعقود ؟
في مشكلة دارفور التي أشرت إليها تسعى الولايات المتحدة إلى التصرّف بأسلوب وقائيّ حتى نتجنّب تطوّر الأوضاع أكثر بما قد يصبح كارثة إنسانية. في فلسطين الإشكال دون شكّ له جانب إنساني لكنّه في جوهره سياسي ونحن كما تلاحظون نبذل جهودا جبّارة من أجل إجلاس مختلف الأطراف إلى طاولة التفاوض قصد التحادث في ما يولّد موجات العنف المتبادل.
من هذه الزاوية تبدو قضية دارفور أسهل فهي تتطلب جلب الغذاء والعون الطبّي للسكان الفارين من مناطق القتال. وفي فلسطين يحتاج الشعب الفلسطيني إلى العون بدوره وقد بذلنا جهدا من أجل تمكينه من حادياته لكن أهمّ حاجة تحقق مصالحه إنّما هي التوصّل إلى حلّ سياسي وسلمي لمشكلته. ولعلّكم تتابعون أخبار الجولات المتتالية لويليام بورنز في عواصم الشرق الأوسط لاستدراجها مجددا إلى موائد التفاوض فهي المخرج الوحيد لأومة الشرق الأوسط.
يقول بعض المتابعين إنّ الولايات المتحدة فشلت في لعب دور الوسيط النزيه ذي المصداقية خاصّة بعد فضيحة سجن أبو غريب ونتيجة لرفضها التعامل مع رئيس فلسطيني منتخب هو عرفات وسعيها أخيرا لاستهداف سوريا ولبنان، بماذا تردّون على هذا القول ؟
أودّ بداية لو سمحت التحدث عما وقع في سجن أبو غريب وهو بكل المقاييس رهيب وتراجيدي وهو نقطة سوداء طالت الولايات المتحدة الأمريكية لكننا نعمل كل ما في وسعنا لملاحقة ومحاكمة كل من تثبت مسؤوليته في تلك الأحداث وبالفعل حكمنا بالسجن على بعض المتهمين وسوف نستمر في ذلك حتى نثبت للعالم أنّ العدالة طبقت في هذا الملف المؤسف حقا.
وأتفهم كيف تنال مثل هذه الأمور من مصداقية الولايات المتحدة لكن آمل أن يكون الجميع قد لاحظ كيفية معالجة هذه القضيّة بشكل مفتوح وشفاف وعادل.
في الموضوع السوري نحن نعمل ونتحرك بتنسيق مع الأمم المتحدة وخاصّة مع أصدقائنا الفرنسيين والأهم من ذلك مع سوريا نفسها فويليام بورنز مبعوث الرئيس بوش زار دمشق مؤخرا وأجرى مباحثات على أعلى مستوى فيها. فسوريا هي واحد من أكبر شركاء الولايات المتحدة وعلاقاتنا معها كبيرة وعريقة.
فيما يهمّ الإصلاح ومبادرة الشراكة في الشرق الأوسط تعلمون أن أفكاركم قوبلت بتحفظات ليس فقط من قبل أعداء سياسات الولايات المتحدة وإنّما أيضا من قبل حلفاء تقليديين لها مثل مصر والسعودية. ماذا فعلتم لطمأنة هذه المخاوف الجادة ؟
أنا متفائل للغاية في موضوع الإصلاح وأنتم تعلمون دون شك أنّنا فتحنا مكتبين إقليميين أحدهما في أبو ظبي والآخر في تونس. ونحن ندرك ما لتونس ولدول المغرب العربي من خصوصيات اجتماعية وتاريخية. وينبع تفاؤلي من إيماني بجدى الحوار رغم أنه لايثمر بين عشية وضحاها. إنّه التزام طويل المدى يتطلّب من الشعوب العمل الشاق من أجل تحقيق الأهداف المشتركة. علينا التمسك بالحوار لأنّه الإطار الأمثل لتبادل الأفكار والخبرات ولتنسيق الجهود. الآن نفّذنا انطلاقة واعدة لقاطرة الإصلاح في الجامعة العربية وصارت القناعة بالحوار تتمتع بأكبر قدر من الأنصار الذين يريدون الاستماع لبعضهم البعض والبحث معا عن حلول وفاقية لتنفع الجميع.
ولايخفاكم أنّ اختيار تونس لينتصب فيها مكتب الشراكة قرار له خلفياته ومبرراته. فالجميع يعرف العلاقات العريقة التي تربط بين تونس وبين الولايات المتحدة وهي صداقة تعود إلى القرن الثامن عشر. وتونس بلد مميّز في هذه المنطقة من العالم بما حققه من نجاحات اقتصادية واجتماعية وهو بلد قيادي وطليعي في مستواه التعليمي وفيما حققه لفائدة المرأة. وهذا في رأيي أساس مشترك واسع يمثّل قاعدة انطلاق صالحة لعمل مشترك في كل الصعد. هذا لايعني أن مواقفنا متطابقة تماما لكن كنا دائما ملتزمين بالحوار الإيجابي البناء ممّا مكننا من التقدم في علاقاتنا وفي مجالت التعاون والشراكة بيننا.
ألا تشعركم رغبتكم في إقامة علاقة الشراكة مع عدد من الأطراف حكومية ومستقلة لها مواقف متباينة من موضوعات الإصلاح بالخشية من أن تصبحوا طرفا في تجاذبات داخلية تعيشها تونس وبلدان أخرى ؟
هذا سؤال جيد، نحن لا نريد التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد وليس عندنا وصفات جاهزة نريد فرضها على أي كان. ما يهمّنا هو الاعتناء بمجالات يقغ تحديدها من قبل الدول العربية وتراها في حاجة لدعمنا كشركاء يرغبون في تقديم العون والخبرات في مجالات من قبيل التعليم والنهوض بأوضاع المرأة.
نحن نفضّل التعاون مع الدول العربية بمختلف مكوناتها قصد الوصول إلى حلول ومعالجات تراعي خصوصيات كل بلد منها. لسنا نرغب في فرض أفكار جاهزة لكننا نعرض ما نملكه من خبرات تساعد على التقدم والازدهار ولسنا بديلا عن جهود تلك البلدان نفسها ففي تونس مثلا نجحت الدولة في الوصول إلى عديد الحلول المثمرة بما حقق نتائج إيجابية نحن معجبون بها ونريد دعمها قدر ما نستطيع.
في الولايات المتحدة تحدثت بعض صحفنا عمّا أنجزتموه في مجال التعليم وعما حققته تونس في مجال التسامح الديني وما وصلتم إليه من الانفتاح الاقتصادي وليكن كلامنا بأمثلة. تونس حققت خطوات هامة في الانفتاح الاقتصادي ونحن نأمل في الوصول معها إلى طور الشريك الأساسي من خلال المزيد من اتفاقيات الشراكة والتبادل الحر. وبما أن تونس تحمل الاستعداد والإمكان العملي لتطوير هذه العلاقة فإن ذلك يشجعنا على الاستثمار في هذا الاتجاه. وفي مجال المرأة نحن نهتم لسعي تونس لتوسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية وفي هذا السياق انتظمت ندوة جمعت نسوة من بلدان المغرب العربي نحن موّلناها لكن مضامينها قدّمتها المشاركات دون تدخّل من أحد.
أرجو أن تكون هذه الأمثلة وضّحت المقصود ببرنامج الشراكة الذي يهدف للإنصات لأصوات الإصلاح والتغيير في البلاد العربية. فنحن شركاء لكم ولا نفرض عليكم شيئا.
الذي يقرأ محاور هذه الشراكة ويتابع أسلوب الولايات المتحدة في تحريكها يلحظ فرقا بين منطق الشراكة في المنطقةالمغاربية وبين المطالبة والضغط لتبديل مناهج التعليم والتعليم الديني في دول مشرقية أليس ذلك يبرر مخاوف البعض من أن كلامكم عن الشراكة هو حديث في تكتيك الإصلاح وليس استراتيجيته وفق منظوركم ؟
مايستبعد هذه المخاوف من أصلها هو أن تونس وبعيدا عن أي موقف خارج عن إرادتها قد سارت بعيدا في الإصلاح الاجتماعي والتعليم فليس من موجب اليوم للحديث فيها عن مشكلة وضع المرأة أو عن مناهج تعليمية مثيرة لجدل ما. ونحن نهتمّ بالفعل بقطاعات طليعية في المجتمع مثل الشباب فهم قادة المستقبل في كل المجتمعات. ونحن هنا لانفكر في جعلهم مطيّة أو منفذا لتمرير أو فرض أفكارما. كل ما نريده هو الإنصات لما يفكّرون به وإسماعهم ما يوجد لدى شبابنا من أفكار لتوسيع مساحات التفاهم والتعارف بينهما.
عملنا نشيط في هذا الاتجاه حيث ننظّم رحلات متبادلة ولقاءات أعتقد أنّها ستسهم في دعم العلاقات بين الشعبين قبل كل شيء.
برنامج الشراكة والإصلاح ثماره على المدى البعيد كما فهمنا. لكن المواطن التونسي يتطلع إلى ما يحدث في الراهن ويأمل في أن يغيّر انتخاب جون كيري السيايات الخارجية للولايات المتحدة، هل يشجعكم سعادة السفير على التشبث بهذا الأمل ؟
اسمح لي بأن أكون صريحا معكم، فالسياسات الخارجية للولايات المتحدة في مرتكزاتها الأساسية محلّ دعم من قبل الجمهوريين والديمقراطيين ومن يعتقد أن هذه السياسة ستتغيّر بفوز جون كيري في سباق الرئاسة سيجد نفسه في النهاية مخطئا. وصول كيري للرئاسة قد يجلب ربّما تبديلا في أسلوب هذه السياسة لكنّها في الجوهر ستبقى هي ذاتها.
المصدر : مجلّة حقائق. عدد 978 . 23 سبتمبر 2004 .