14 avril 2003

المقاطعة  كالمقاومة ؟

 بقلم: د. يوسف الرياحي

« إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذوني »

 الإمام حسين

هكذا صرح ابن بنت رسول الله في كربلاء الأولى  في وجه الظلم و الجبروت

و هكذا نصرخ اليوم  في وجه العدوان و في وجه قوات الغزو الأمريكي-البريطاني على العراق على أرض كربلاء الثانية:

إن كان و لابد أن يقتل إخواننا في العراق فلتكن دماءهم تراق بين الناس

و إن كان لا بد من أن تزهق أرواحهم فلتكن على غير أيدينا

و إن كان لا بد من أن تسفك دماءهم فلا يحق أن تكون بأموالنا  

أخي الكريم ..

أنت تقاطع إذن تقاوم

.. و مقاومتنا كمواطنين مخلصين لأوطاننا و لأوطان أبنائنا في البلدان الغربية هي المقاطعة.

فالمقاطعة ليست أمرا استثنائيا، خاصا بالأحداث الأخيرة (الحرب الاستعمارية المعلنة ضد  العراق أو حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني)، إنما هي ضرورة من ضرورات تماسك الأمة في صراعها من أجل إثبات الهوية و استرجاع الحقوق المسلوبة و في صدارتها تحرير بيت المقدس و طرد الغزاة عن أرض الإسلام في العراق. عراق المعتصم بالله الذي استنصرته امرأة، كان قد أسرها الروم، حين استصرخت فيه عزة الإسلام و حرمة المسلمين فأرسل إلى قيصر الروم آمرا إياه برفع المظلمة و صيانة حرمة المسلمين و إلا جيش له جيشا لو أراد خلع الجبال لخلعوه .. لما يصله أوله يكون آخره في بغداد ..بغداد العراق الذي هتكت حرمته و دنست جيوش الاحتلال « الأنجلو-ساكسون » أراضي كربلاء و النجف و « بصرة  » الإمام العارف بالله الحسن البصري .. فهل من معتصم بالله و بكتاب الله و موقن بوعد الله بالنصر .. و كان وعد الله حقا.. اللهم فاشهد.

 و المقاطعة هي من إحدى أولويات التكامل و التعامل الاقتصادي في الفضاء الاقتصادي الإسلامي: إنها الوجه الثاني للاستثمار الحلال لدى الإنسان المسلم (العابد).  » ثم إن المقاطعة لا بد أن تأخذ بعدا دائما متلازما مع التربية الأخلاقية للفرد المسلم« [1]. فباعتبار أن الأمة أمة واحدة فإن المقاطعة هي أبسط أشكال التواصل و التراحم بين أفرادها و أعضائها كأضعف أشكال الإيمان و التماسك للبيت المسلم و المجتمع المسلم و الفضاء المسلم: صدق رسول الله r لما قال  » مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا ما اشتكى عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر و الحمى » فهذا هو سهرنا مع أبناء الانتفاضة و هذه هي حمتنا لجسد الأمة الجريح (فلسطين و العرق) و قلبها الحزين (القدس و كربلاء) : إنها المقاطعة و ذلك أضعف الإيمان.

و لمقاطعة البضائع الأمريكية و المنتجات الصهيونية بركات كثيرة على الأمة  الإسلامية و من أهم أبعادها البعد الأخلاقي و القيمي و هو في الآجل المتوسط و الطويل الأهم و ذلك للاعتبارات التالية: 

–         تحرير الذات للإنسان المسلم و استعادة إرادته المسلوبة

–         تدعيم سلامة و مناعة الجسم الاجتماعي و الاقتصادي الإسلامي.

–    التصدي للغزو الثقافي و الأخلاقي الذي تستبطنه و تساهم في ترويجه البضائع و المنتجات (منطق إشباع الرغبات، سيادة المصلحة الخاصة، التحكيم الغريزي ، مبدأ اللذة في تخصيص الدخل (allocation du revenu) و تحديد خيارات الاستهلاك و الادخار، اعتماد آلية الأسعار في الحسم في معادلة الإنتاج و الاستثمار، الخ).

أخي الكريم .. أنت تقاطع إذن تقاوم

و المقاطعة سلاح ذو حدود كثيرة : إضافة إلى العائد و الكسب الاقتصادي عن طريق إعادة التوزيع (نوعيا و جهويا) للمبادلات التجارية على أساس الجودة و الأسعار و … و الكرامة و احترام حقوق الإنسان، فإن من مردود المقاطعة هو التصدي للغزو الثقافي و القيمي الغربي (النظرة الآلية للإنسان و الكون) و التحكم في انتشار نموذج مجتمع « الداروينية الاجتماعية » و « مجتمع الاستهلاك » و إشباع الرغبات على أعناق الفقراء و الضعفاء و المحرومين.

–         المردود السياسي:

 أساس المقاطعة الفقهي هو الإيجاع، حتى و إن لحق بالموجع بعض من الوجع. كأن يصيب بعض البلاد الإسلامية أو أصحاب الأعمال و المستثمرين المسلمين شيء من النصب و ربما الضرر و الحاجة. فإن ما أصابنا من نصب فإن ذلك من آيات الإيمان و التسليم بأوامر الله و نصرة لدين الله. مما من شأنه أن يجعل من المقاطعة نقطة بداية و ليست هدف في حد ذاتها و لا هي حالة عابرة أو موقف ظرفي، رهين تصاعد العدوان على أطفال الانتفاضة، « ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين » (التوبـة/120). فالمقاطعة نقطة بداية و ليست حالة عابرة أو موقف ظرفي أو زماني أو مكاني إنما هي مسؤولية، مسؤولية حمل الأمانة قال تعالى : « إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا » (الأحزاب /82) و الثبات على العهد « وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا » (الأحزاب/24).

–         المقاطعة مسؤولية من ؟

تعهد الإنسان بحمل الأمانة و قطع العهد بتبليغ الرسالة. فالإنسان المسلم إذا معهود إليه التبليغ و الثبات على الهدى. بذلك تصبح المقاطعة مسؤولية كل من أقر على نفسه بالإسلام و قد يحمل عليها حملا إن لزم الأمر « لأن ما لا يتم الواجب به فهو واجب« :

–        فعلى المستهلك واجب اختيار البضائع لأنه سيسأل عن ماله فيما أنفقه و عن كل لقمة ملء بها بطنه و عن كل قطرة ارتوت بها عروقه.

–    و المنتج سواء أكان فردا أم شركة أم تكتل تجاري أو اقتصادي عليهم أن يراعوا عناصر الطهارة و الكرمة – إضافة إلى مبادئ الحرام و الحلال- في دورات الإنتاج و سياسات التسويق. كما يتعين عليهم و على شركات التوزيع الحرص على تقديم البضائع البديلة و فرز بلدان الاستيراد التي لا ترعى في المسلمين إلا و ذمة: فصيام يوم و إفطار يوم أهون من لقمة حرام نحشو بها بطوننا أو جرعة ماء نسقي بها أبنائنا .. إننا لسنا بهائم لأن البهائم وحدها همها بطونها و إنما خلقنا لنعبد الله تعالى و نتأس برسول الله r . إن المقاطعة ليست قضية حرب فقط بل تشمل حتى حالة السلم مع البلدان الأخرى. يجب أن لا يتحول العالم العربي و البلاد الإسلامية سوقا للبضائع الأجنبية و عالم تابع و مرتهن في لقمة عيشه للغير المسلم. يجب أن نعلم جيدا بأن دولة « إسرائيل الكبرى » تقوم على معادلة إفتكاك الأرض أولا و اكتساح الأسواق العربية و ابتزاز الثروات ثانيا.

–    أما أصحاب رؤوس الأموال و رجال الأعمال و المستثمرين عليهم أن يسعوا في الآجال المتوسطة و الطويلة لبعث بيوت الخبرة و مكاتب الدراسات لرصد التحديات الاقتصادية و التنموية للفضاء الاقتصادي الإسلامي[2] (حاجات الشعوب و الإمكانات الطبيعية و البشرية و فرص و مناخات الاستثمار الخ). و هذا من شأنه أن يفتح الباب أمام مضاعفة الاستثمار في البلاد العربية و الإسلامية  و بأقل التكاليف و أكثر أمان. و لقد اضطر بعض المستثمرين من بلدان الخليج أن يسحبوا بل أن « يهربوا » أموالهم المستثمرة و أرصدتهم المودعة في البنوك في الولايات المتحدة الأمريكية بعد التهديدات المتعالية بتجميد حقوقهم بدعوى محاربة ممولي الإرهاب. و بلغت مجمل الأموال التي سحبت من أسواق المال و النظام المصرفي الأمريكي ما يقارب 200 مليار دولار أمريكي من أرصدة الاستثمارات الخليجية[3]. كما يتعين على أصحاب المشاريع أن يعيد الاعتبار في سياسة الاقتراض من المصارف الخارجية و إعادة التفكير في عواقب التمويل بالمديونية لشركات الاستثمار الأجنبية.

–    حتى وكلاء الشركات الأجنبية في المنطقة العربية « نحن ندعوهم لغلق محلاتهم و تسريح العمال و لكن عليهم أن لا يقف عند الباب بل المطلوب هو أن يسعوا إلى تغيير قنوات التوريد و التصدير مع البلدان الصديقة بدل البلدان الحامية للكيان الصهيوني و الداعمة لآليته الحربية« [4]. إنه بإمكانهم بل إنه من واجبهم تنويع بلدان الاستيراد لتجنب المخاطر و الارتهان و الاستفادة من تغير الأذواق و الخبرات من ناحية و اختلاف أسعار الصرف و التنافس و الصراع بين البلدان المصنعة على الحصول على أكبر قدر من الأسواق الخارجية.

و في مثل هذه الحالات تمثل آلية الأسعار أحد العناصر المحددة في التجارة الدولية للاقتصاديات الكبرى فلماذا لا نستفيد من الضغط و الضغط المضاد على الأسعار من بلد لآخر. إن الشعب العربي غاضبا و يريد نصرة إخوانه في فلسطين و نحن نعتقد أن أصدق تعبير و ترجمة لهذه النوايا الحسنة هي المضي في المقاطعة إلى حد إرباك اقتصاد العدو و حلفائه. لا بد من معاقبة الشركات التي تبارك، بدعمها المالي و الصناعي و التقاني لدولة الكيان المحتل، المجازر التي ترتكب يوميا ضد الشعب الفلسطيني و العراقي .. بل أن الكثير من كبرى الشركات في العالم أعطت أربع مرات قيمة مداخيلها المتوسطة لفائدة جيش الاحتلال مساهمة منها في محاولاته لقمع الانتفاضة المباركة .. كما أن مجموعات اللوبي الراعي للعدوان على العراق ما انفك يروج لدعم الغزاة بالمال و العتاد و الدعاية تحت رايات التحرير و الديمقراطية.

  فيا أيها الذين آمنوا .. « أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم » (الحجرات/12). لقد قالت العلماء الأشراف : لإن يأكل الأحد منا لحم أخيه الشهيد أهون من يأكل لحما تساهم أمواله في قتل شخص ثان و لإن يشرب بعضهم دم الشهيد أفضل من يسفك بماله دم شخص ثان.

أخي المؤمن .. لا تشتري سعادتك بدماء إخوانك ..

 

إن المطلوب اليوم، من ناحية، هو صياغة مشروع سياسي و اقتصادي لتفعيل الانتفاضة و الارتقاء بها من ردة الفعل الإنسانية و العاطفية، أمام بشاعة سياسات التقتيل و التنكيل الجماعي التي ينفذها جنود الاحتلال في الضفة و القطاع، إلى الخيار الإيرادي و الواعي و المسؤول. و من ناحية ثانية الانخراط في المقاومة السلمية في أوطاننا و أوطان أبنائنا الرافضة للحرب (فرنسا و بلجيكيا و ألمانيا)­ و النصرة لأحفاد الإمام البصري و صيانة لدماء الحسين الطاهرة التي روت بها تربة العراق الجراح .. فالموقف مقاوة و العمل مقاطعة و ما النصر إلا من عند الله.

 و السؤال هو كيف تصبح المقاطعة سلوك حضاري و قيمي متفق عليه مجتمعيا؟

يجب أن تحل محل المقاطعة الانفعالية و الانتقائية و « و ما بعد التخمة » لبعض مواد الاستهلاك حركة (مقاومة اقتصادية) تدريجية الاطراد و الشمولية. على أن لا تخل بالحاجيات الضرورية و الإستراتيجية للمجتمعات الإسلامية و أن لا تستعدي كل الشركات و البلدان المصدرة للبضائع الأساسية لاقتصاديات العالم الإسلامي. لكن في المقابل لا بد من رفض الانصياع لسياسات التبضيع و الاسترقاق:

  » أموالكم و لا آلامكم » كما قال د. محمد عمارة ..

من هذه الزاوية تصبح المقاطعة قاطعة للرجاء و الطمع في خيرات الأمة و « مصهر » لتقويم المعتقدات و صهر لمعادن الشعوب أمام الظلم و الاستعباد[5]. كما تصبح عنوان الرخاء الحقيقي و التحرر من التبعية و الإنعتاق من نير الاستكبار و قوى الطاغوت.

إن أصدق تعبير على دلالات الانتفاضة و المقاومة و مداهما القيمي و عمقهما الإنساني هو الشعار الذي رفعته الفعاليات العربية و الإسلامية .. لا تشتري سعادتك بدماء إخوانك .. فليس ضروري من لم يكن عادلا أو به حاجة ماسة. و التجارة العادلة هي التي تثمن البضائع[6] و هي التي تفصل في ضرورة البضائع و جودتها و منفعتها أو في الاستغناء عنها و هي التي تشهد للنعيم الحاصل (bien être) أو الأرباح المتوفرة بالاستحقاق و الطيبة و المشروعية.  

أخي الكريم .. أنت تقاطع إذن تقاوم

لقد حقق « سلاح » المقاطعة الأبعاد الحقيقية لفريضتي الصيام و الجهاد في كل ما هو الامتناع الإيرادي و الثبات على العهد، و من حيث الوجوب الشرعي و صبغته الجماعية و أثره العميق في التسليم بالعبودية لله. و في كل ما هو منطق الخلق للإنسان و وحدة المصير للإنسان و الأمة و الكون.

–         الوجوب الشرعي :

 بناءا على المبدأ الفقهي القائل بأن دفع المفسدة (الجماعية) مقدم على جلب المصلحة (الخاصة) لم يبرز أي خلاف لدى العلماء الأشراف في مبدأ الوجوب الشرعي للمقاطعة بحيث أجمعوا على تحريم شراء و تداول البضائع و المنتجات الأمريكية. فلم يتركوا مجالا للتردد أو التسويف بمعنى أن الحرمة مطلقة و شاملة من ناحية و قطعية و عاجلة التنفيذ دون أجل و لا تأخير من ناحية ثانية. و مفاد ذلك أن كل ما يتبع من استهلاك للبضائع الأمريكية هو من باب التعدي على الحرمات[7]. هذا على مستوى الشعوب، أما فيما يخص الحكومات و الدول الإسلامية فهي ملزمة بالمقاطعة –حيث أمكن لها ذلك– و ما لم تتسبب لها في مفاسد هيكلية كبيرة و مضرة لاقتصاديات الهشة.

–         وحدة الإنسان و الأمة :

  قال الله تعالى : « إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين«  (النحل/120). أسوة بالنهج الإبراهيمي الذي وافقت به عبادة الإنسان لله و طاعة الأمة، أدت قيادة العلماء الأشراف في صراعها ضد الاحتلال و ضد تهويد القدس إلى توحيد طاقات و عزائم كل أبناء الأمة دون أي تمييز سياسي أو اجتماعي أو عرقي أو قومي أو ديني أو جنسي. بحيث صار الطفل و الشاب و الشيخ و الذكر و الأنثى و الفقير و الغني و العامل و رب العمل .. صار الكل سواعد للانتفاضة  … اليد في اليد .. جميعا رصوا الصفوف، من أجل إنجاح المقاطعة كل على قدر المستطاع. لم يتركوا فرجات لشياطين الإشهار و الدعاية و الإغراء. و لا تزال يد الله مع الجماعة : « كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز »(المجادلة/21)

فالمستهلك العادي، أبو العيال، مستهلك البضائع الأساسية و الزهيدة الأثمان (الاستهلاك الضروري) لبى النداء جنبا إلى جنب مع المستهلك الميسور، ذو النعمة، (الاستهلاك الكمالي). صاروا جميعا رجال ونساء المقاطعة و أصبحوا حماة للحرمات و الحق و انضموا سويا إلى صفوف الرافضين « شراء سعادتهم بدماء إخوانهم الفلسطينيين« .

– العودة إلى الذات :

     تثبيت الهوية و الذات مطلب سعت لنيله كل الحضارات و المجتمعات البشرية عبر القرون و هدف عجزت على تحقيقه الجيوش الجرارة والحروب المدمرة. و على الرغم من واقع الضعف و التشتت الذي تعيشه الأمة و الهزائم المتتالية التي تكبدتها المجتمعات الإسلامية من المحيط إلى المحيط، فإن قيادة العلماء الأشراف، هذه المرة، استطاعت و للمرة الأولى أن تجمع شتات الأمة على كلمة سواء  « أن لا يعبدوا إلا الله » مخلصين له الدين  (الولاء) و إفراد الله بالألوهية (التوحيد) و تخصيصه بالعبودية (الفطرة) دون الرضوخ لسلطة للمال و منطق اللذة و إشباع الغرائز. لقد استطاعت قيادة العلماء، بإذن الله، أن تصلح ذات بين الناس و أن تستعيد لهم شيئا من العزة و الكرامة و أن تمكنهم من استعادة بعض من سلطة القرار. و تجلى ذلك في إقبال أوسع قطاعات الشعب العربي و الإسلامي، و بكل فئاته الاجتماعية و تياراته الفكرية و أحزابه السياسية و دياناته مختلفة، على مقاطعة البضائع الأمريكية و منتجات البلدان الحامية و الشركات المانحة لدولة الكيان المحتل.

–  المقاطعة و منطق اقتصاد الرأسمالي :

إن الاقتصاديات المعاصرة لم تعد تحكمها « يد السوق » الخفية و قانون العرض و الطلب و آليات الأسعار أو سياسة التخطيط المركزي –و إن لم يعد له أثر في ذاكرة الاقتصاد السياسي في العالم اليوم- فحسب، بل أصبحت للتحالفات السياسية و العسكرية للدول الغربية المصنعة و لقوى الاستكبار المحلية و الدولية أكثر من دور في التلاعب بالأسواق و بأرزاق الناس و أرواحهم. و مهما يكن من أمر فلقد أصيب منطق اقتصاد السوق (الطبيعي و العالمي) باختراقات كبيرة و اختلالات جوهرية في النسق والتطبيق نتيجة فعاليات المقاطعة. فالاعتقاد اليقيني بوجود قوانين اقتصادية[8] تتحكم في سلوك المستهلك (النظرة الآلية للإنسان و الكون) أصيبت بانتكاسات عديد جراء المقاطعة أيضا.  

لقد أدخلت المقاطعة عنصرا جديدا في تحديد دالة الإنتاج (fonction de production) و الاستهلاك و المتمثل في مؤشر الكرامة و التكريم (Indice de Takrim ou de Considération de l’Homme) أو ما يعبر عنه العديد بحقوق الإنسان. حيث أن سلوك المستهلك المسلم (الاستهلاك الأمثل و الأكفأ) لم يعد محكوم بقانون العرض والطلب و مستوى الأسعار و آثارها على حجم المشتريات و درجة تلبية الحاجيات و مستوى النعيم المنجر عنها فحسب بل أصبح رهين اطراد مستوى تكريم الإنسان: قال تعالى « ولقد كرمنا بني آدم » (الإسراء/70)

فإذا ما اعتبرنا أن :                                                                                    C = consommation totale

C_{0 =} consommation incompressible

R = revenu total

α = constante

T_h = indice de Takrim ou de considération de l’Homme

 Alors :  C = C₀ + α R T_h     /  T_h = f (H,T,I,D) et   0 < T_h < 1

 Avec : H = Haal, I = Israf (gaspillage), T = Tathir,  D = Darura (nécessité)

مع العلم بأنة مؤشر التكريم مركب من العناصر التي سبق الإشارة إليها (الحلية -liciété- و الطهارة و الإسراف و الضرورة) و كل مقدر بقدره و بنسب تراعي المصلحة العامة للأمة الإسلامية.  

–  المقاطعة من أجل التكامل الاقتصادي العربي و الإسلامي ؟

أعادت المقاطعة طرح العديد من التحديات الاقتصادية و التنموية الكبيرة في العالم في بداية القرن الواحد و العشرين و التي نختص منها في هذه الورقة ما يلي:

1-  غياب الأمن الغذائي في الفضاء الاقتصادي الإسلامي:

 بعدما تبينت السيطرة المطلقة « للوبي الصهيوني » على الاقتصاد الدولي و تحمكه التام في دورة الإنتاج في أغلب الاقتصاديات الوطنية و الدولية. و ذلك من خلال امتلاكه (الجزئي أو الكلي) لرأس مال كبرى الشركات الاقتصادية في العالم و مسكه بالتجارة الدولية (توريدا و تصديرا و توزيعا)[9] .

تأكد للمواطن العربي و المسلم العادي و غير النافذ لخبايا السياسة الدولية نهيك عن المختصين في العلوم السياسية (التي زادتهم إيمانا و يقينا بالله)، كما اتضح لأصحاب الدخل المحدود و الحرفيين و صغار المزارعين و العمال (الاستهلاك الضروري) إلى جانب ذوي النعمة و الأكثر حظا، هشاشة البنى الهيكلية للاقتصاديات الإسلامية وعجزها على توفير أبسط مقومات الحياة (الغذاء و الدواء الخ) دون الارتهان إلى المؤسسات الدولية و الشركات الأجنبية الخاضعة بشكل مباشر أو غير مباشر للصهيونية العالمية . ثم أن عدم امتلاك البلدان الإسلامية لامتيازات اقتصادية مقارنة أو مميزة (avantages économiques comparés et/ou spécialisés) في القطاعات الأساسية (الغذاء و الصحة و النقل والمواصلات الخ) وضعف المبادلات التجارية داخل الفضاء الاقتصادي الإسلامي الطبيعي[10] (للجهات الخمسة المكونة لمنظمة المؤتمر الإسلامي) أديا إلى المزيد من التبعية و إلى إفشال كل المخططات التنموية المعتمدة منذ فترة ما بعد « الاستقلال » في الستينات في القرن الماضي. حتى أن المستهلك « الأنصاري«  المتآخي مع أخيه الفلسطيني أصبح غير قادر على اقتناء حاجاته و توفير الطعام « الطاهر » و الحلال لأهله على الرغم من استعداده لدفع الثمن اللازم و تحمل تبعات المقاطعة و ما يمكن أن تؤدي إليه في بداية الطريق من تدهور للطاقة الشرائية و تضخم للأسعار، نتيجة كثرة الطلب على بعض المواد غير المقاطعة، خاصة في البلاد الإسلامية. إنها الهجرة من الاستهلاك الغريزي و « الوثني » إلى مدينة المآخاة و النصرة مع أبناء الانتفاضة و المقاومة.. فهل لنا من بدر أخرى يا ترى؟؟

          2- تصحيح الأخلاق الاستهلاكية :

لم يعد خاف على أحد أن المقاطعة حطمت الحدود المادية و المعنوية العازلة لانتفاضة الشعب الفلسطيني في صراعه من أجل الحرية و استرجاع أرضه و مقدساته، و ذلك عن طريق فضح الممارسات الوحشية و العنصرية التي ما انفك يرتكبها الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني. كما وسعت دائرة الصراع ليصبح كل وطن أو مدينة أو قرية أو حي أرض لمواجهة الاحتلال. بمعنى آخر فإن الجهاد المالي صار فرضا على كل مسلم و مسلمة[11]. و نحن نعتقد أنه من شان مقاطعة الشيب و الشباب و الولدان للمنتجات الأمريكية أن تساعد على تحقيق  النتائج التالية:

–    تهذيب الذوق الاستهلاكي و ترشيد خيارات المستهلك خاصة بعدما عمت أزمة الغذاء السليم نتيجة لسياسة « فلاحة الأرباح و الإنتاجية » التي أفقدت المستهلك الثقة في سلامة غذائه اليومي. فجميع المنتجات الفلاحية ربما أصبحت مصدر لعديد الأمراض الخطيرة (جنون البقر و الحمى القلاعية و حوت المضادات الحيوية و الزراعة المعدلة وراثيا الخ).                           

–    الإقصاء التدريجي لجيل الانتفاضة و المقاومة (جزئيا أو كليا) من السوق التجارية لعديد البضائع و الخدمات التابعة للشركات و رجال الأعمال المانحين للاحتلال و الاستيطان. فالأطفال الذين نشئوا و شبوا على صور إيمان حجو و محمد الدرة و مشاهد القصف و الدمار الذي تخلفهما الطائرات الحربية الأمريكية و مظاهر الوحشية لن يغفروا لـ « كوكاكولا » و « دانون » –على سبيل المثال لا الحصر- دم الشهيد النازف أو خراب البيت المهدوم. لن يقبل أي مسلم بتمويل الرصاصة القاتلة أو بتزويد الطائرة القاصفة أو الجرافة المدمرة عن طريق دفع ثمن ذلك المشروب الغازي أو تلك الأكلة السريعة أو هذا القميص الأمريكي الصنع و القائمة تطول[12]. أحسب أن أطفالنا، أو الجزء الأكبر منهم، لن يقبلوا مشاهد القتل و الرعب التي تكال لأطفال غزة و القطاع و بغداد و البصرة و كربلاء و بغداد و هم اللذين تأدبوا بآداب الإسلام و عدالة و إنسانية تعاليمه السمحة و الذين نشئوا على مبادئ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل (1989). لن يقبلوا أن يكونوا عبيدا لأغلى اللعب و أشهى الحلويات و أطيب المشروبات .. فمثل الطفل « كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون » (إبراهيم/24-25) .. نعم إن التجارة العادلة هي التي تحدد الاستهلاك الطيب و النافع .

  –         تجفيف منابع الاقتصاد الحربي لدولة الاحتلال :

تبرز أهمية المقاطعة في حرمان الشركات المتعاملة مع دولة الاحتلال و دول الراعية لغزو العراق من الإيرادات المالية للبضائع التي تسوقها و المنتجات التي غطت بها الأسواق العربية. و هذا من شأنه أن يفقد اقتصاديات البلدان المانحة للآلة العسكرية للاحتلال و الغزو مداخيل الضريبة المباشرة (….) التي تتقلب نسبتها، زيادة أو نقصان، بحسب عدد القطع المباعة و المستهلكة فعليا (تنمو بنمو مؤشر الاستهلاك و تتدنى بتدنيه). أما الأثر المباشر لامتناع المسلمين عن استهلاك السلع و الخدمات التي ترجع عوائدها للبلدان الحامية للاحتلال فهو ضرب المخزون الحربي للوبي الصهيوني. لأنه هو المستفيد الأول من المنح و الإعانات المالية التي يتلقاها من كبرى الشركات الاقتصادية في العالم. و في اعتقادنا أن هذا هو أفضل ضروب الجهاد (الجهاد الاقتصادي و المالي) لنا كمسلمين بعيدين عن  فلسطين المحتلة و عن العراق المستباح  و كمواطنين مسلمين في البلدان الغربية. إن لهذا النوع من الجهاد آثار مباشرة و حاسمة في الصراع من أجل تحرير العراق و استرجاع القدس الشريف و طرد الغزاة في الآجال المتوسطة و الطويلة بإذن الله تعالى.

صفوة القول :      

           بدا واضحا من خلال آثار المقاطعة على اقتصاد دولة الاحتلال تراجع عوائد الشركات المستثمرة[13] في مجلس التعاون الخليجي، التي سجلت خسائر كبيرة في المحصلات السنوية حيث قدرت نسبة انخفاض مبيعات المشروبات الغازية بما يزيد عن 38% في حين فاقت خسائر الأكلة السريعة ¾ قيمتها للعالم الفارط. كما أغلقت سلسلة مطاعم McDonald‘s 600 مطعم .. و أول الغيث رذاذ ثم ينهمر[14] ..

بفضل الله و حزم العلماء الأشراف طيب الله آثارهم اكتسبت المقاطعة في وعي الإنسان المسلم صبغة « الحدود »، لدى الصغار قبل الكبار. فالتحريم قاطع و لا مساومة فيه .. و لا سبيل للتعدي على « الحرمات ». فكما تربى الآباء على حرمة الخمر و الخنزير و إفطار رمضان (عافاكم الله) فإن الأطفال سيكونون بإذن الله جيل « لا كوكا كولا » و « لا دانون« .. و « نعم لـ »مكة كولا » و « نعم لـ « Quick« 

أخي الكريم .. أنت تقاطع إذن تقاوم

لا تحسبن أنك لوحدك تقاطع .. فحيث ما كنت ثق أن ربانيون كثير في كل أرجاء الأرض قد عاهدوا الله على مقاطعة المنتجات الأمريكية و الشركات المانحة للآلة الحربية المحتلة للعراق و فلسطين.

حبة .. حبة، و قارورة .. قارورة، و قطرة .. قطرة … نقاطع بضائع البلدان الغازية و قوات الاحتلال و نشجع        منتجات البلدان الإسلامية و البلدان الرافضة للحرب.

فإما أن تُـعاهد و تُـقاطع .. فتَقطَع،  أو أن تَـقطع العهد .. فتـُقطع

يا أيها الذين آمنوا إن من وصابا لقمان لإبنه:

 « يا بني : زاحم العلماء بركبتيك، و أنصت لهم بأذنيك، فإن القلب يحيا بنور العلماء كما تحيا الأرض الميّتة بمطر السماء«  

و نحن ندعو هنا العلماء الأشراف أن ينظروا في مشروعية القول بالتعويض لتاركي المقاطعة أو المفرط فيها خاصة لمن التزموا بفتوى التحريم للتعامل بالبضائع الأمريكية و ما شابهها. كأن يخرج، من أراد أن يتطهر و الحصول على الأجر، مثل قيمة ما فرط منها. ألم يذهب بعض المالكية إلى وجوب النافلة لمن نوى و شرع فيها ثم قطع ذلك .. و العلماء ورثة الأنبياء.

« إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما » (النساء/104)

د. يوسف الرياحي – باريس 2003

أحمد الجلبي: ملامح الرجل « الصديق » لاسرائيل الذي ينتظر أن يحل محل صدام

من هو أحمد جلبي، زعيم منظمات المعارضة العراقية في المنفى، الذي من المحتمل أن يتم تعيينه في منصب مركزي في الفدرالية الشيعية-السنية-الكردية التي ستقام في العراق، عندما ستقوم الولايات المتحدة بنقل زمام الحكم إلى أيدٍ عراقية؟

الوزير الإسرائيلي (من أصل روسي) نتان شرانسكي، الذي يعرف جلبي والتقاه في عدة مناسبات، يتحدث عن إنسان عصري يتخذ مواقف منفتحة وديمقراطية جدًا. وبحسب أقوال شرانسكي، فإنه ما من شك في أن جلبي « كديمقراطي حقيقي، سيرغب في تعزيز العلاقات مع إسرائيل، بوصفها الدولة الديمقراطية الوحيدة تقريبًا في المنطقة ».

« لقد نفي جلبي من العراق عام 1958 إبان الثورة. لقد شارك في الحركة الديمقراطية، ومنذ عام 1991-1995، حاول تنظيم مقاومة عسكرية لنظام صدام في شمال العراق، لكن هذه المقاومة لم تنجح. وهو يعيش في واشنطن، حيث يعمل في إطار مجموعة يعد من بين أعضائها نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني، وزير الدفاع، دونالد رامسفيلد، وآخرون مثل مستشار الوزير (المستقيل)، ريتشارد بيرل. وكل هؤلاء ملتزمون بأيديولوجية تقول، إن الأمن يمكن أن يتحقق عن طريق الديمقراطية فقط. وهذه الفكرة هي أيضًا ما يربطني بهذه المجموعة؛ لقد أيدت هذه الفلسفة منذ فترة الكفاح ضد الاتحاد السوفييتي ».

– ما هو المنصب الذي سيسنده الأميركيون لجلبي؟

« الآن، هناك صراع جدي بهذا الشأن، بين جهاز الـ »CIA« ، البنتاغون ووزارة الخارجية. فلكل من هذه الجهات أفضلياتها. وجلبي نفسه لا يملك شعبية كبيرة في وزارة الخارجية، في حين يحظى بشعبية كبيرة في البنتاغون وفي مكتب نائب الرئيس. وفي هذه الأثناء، من غير الواضح ماذا سيكون القرار في النهاية. في رأيي، ليس هناك شخص غيره قادر على لعب دور على جانب كبير من الأهمية من ناحية العراقيين والديمقراطية التي يريد الأميركيون إقرارها هناك ».

– لماذا لا نجد آخرين يدعون أن لهم الحق في حكم العراق؟ هل هو الوحيد الذي بإمكانه أن يحل محل صدام؟

« جلبي هو إنسان عصري يتميز بمواقف منفتحة وديمقراطية جدًا. لا شك في أنه زعيم من نوع آخر، لا يتوفر اليوم، لشديد الأسف، في أي بلد عربي. في العالم العربي، هناك الكثير من التحفظات بما يتعلق بالديمقراطية. لذا، فإن الزعماء العرب يهتمون بتحديد علاقاتهم مع الغرب، فيبقى العالم العربي جد مغلق. وجلبي سيقود خطـًا من الانفتاح ».

« إنه يعارض فكرة تنصيب الولايات المتحدة زعيمًا عراقيًا يكون تحت سيطرتها، وهو غير معني أيضًا في حكم العراق برعاية انتداب أمريكي. إنه يرغب في أن يعيَن في المنصب نتيجة عملية ديمقراطية. وهو سيؤيد تطوير مؤسسات تمكن العراقيين من العيش دون خوف أو وجل، حتى لا يظنوا أنهم إذا ما قالوا شيئـًا لا يتناسب ومواقف السلطة، فإن حياتهم ستكون في خطر. إنني متأكد من أن العراق تحت حكمه سيكون دولة عصرية، وأن احتمال العيش معه بسلام سيكون أكبر، احتمال أكبر بالطبع مما كان عليه الأمر تحت حكم صدام، ومما هو عليه بالنسبة لمصر تحت حكم مبارك ».

– كيف سيؤثر، بحسب رأيك، على العلاقات مع إسرائيل؟

« ما من شك في أن جلبي كديمقراطي حقيقي، سيرغب في تعزيز العلاقات مع إسرائيل، بوصفها الدولة الديمقراطية الوحيدة تقريبًا في المنطقة. لكنه، بالطبع، سيكون حذرًا، وسيحاول تعزيز مكانته أولاً. معظم قيمه قريبة من قيمنا، لكن من المهم أن نعمل نحن وفقها ».

– ما هو موقفه في موضوع الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني؟

« إن هذا يتعلق بالفكرة المركزية التي تؤيدها المجموعة التي قامت برعاية جلبي. لقد كانت سياسة الغرب، على الدوام، رعاية دكتاتورات وديين. أما المجموعة التي قامت برعاية جلبي في الإدارة الأميركية، فإنها تدعي أن الديمقراطية هي أفضل من الدكتاتور دائمًا، ولو كان وديًا. لقد آمنت قلة بهذه الفكرة، وقد اعتبرت فكرة هامشية إلى أن تم تعيين مؤيديها في وظائف هامة في الإدارة الأميركية. واليوم، ولا سيما بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، تحولت هذه الأفكار إلى السياسة الرسمية تقريبًا ».

« لقد فوجئت بسماع موقف جلبي بالنسبة للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. فقد قال لنائب الرئيس، تشيني، إن عرفات هو دكتاتور ألحق الضرر بالفلسطينيين وبنا. لقد اعتقد هو الآخر أنه يجب منع وصول أسلحة الدمار الشامل إلى دول ذات أيديولوجية متطرفة، مستذكرًا إيران والعراق في هذا السياق ».

– هل هناك ما يربط بين هذا التوجه، أي رعاية الدكتاتورات الوديين، والعلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية؟

« بالطبع، فلقد كان ذلك عندنا حتى هذه الأيام تقريبًا. هذا بالضبط ما حدث في أوسلو. لقد قال رابين نفسه ذات مرة، إن عرفات بمقدوره معالجة الإرهاب لكونه دكتاتورًا. وهذا هو، للأسف، التوجه السائد في الغرب، إلى أن يصل ذلك إلى اللحظات الحرجة. ففي النهاية، يقدمون التنازلات للدكتاتورات دائمًا، كما فعلوا مع هتلر وستالين، وفي اللحظة الأخيرة فقط، عندما شكل ذلك خطرًا على الديمقراطية فقط، يستيقظون، وأنا آمل أن هذا ما يحدث الآن لبوش الابن ».

– هل ثمة ما يربط بين جلبي وأبو مازن؟

« كل الوقت، اعتمدنا على كون عرفات دكتاتورًا جيدًا. إذا اتضح بأن أبو مازن هو دكتاتور جيد أيضًا؟ أبو مازن هو أيضًا يمثل فئة، كل ما فعلته حتى الآن هو السيطرة بشكل دكتاتوري. يجب العثور على علامات تشير إلى أن أبو مازن هو زعيم من نوع آخر. السؤال ليس مع أي دكتاتور سنتدبر بشكل أفضل، وإنما هل ستكون هناك إصلاحات ومؤسسات تضمن أن يعيش الناس ويختاروا دونما خوف ».

(المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 13 أفريل 2003)

Le lourd passif judiciaire et financier de M. Chalabi

Jean-Pierre Stroobants

Soutenu par le Pentagone et les « néoconservateurs » de l’administration américaine, consulté par la Maison Blanche, Ahmed Chalabi ne fait pourtant pas l’unanimité à Washington. Le chef du Conseil national irakien (CNI), en qui certains voient le chef d’un gouvernement intérimaire pour l’Irak, est jugé « fantasque et égocentrique » par le département d’Etat et la CIA, rapporte le New York Times. « Ambitieux, potentiellement déstabilisateur, mégalomane », M. Chalabi suscite aussi la méfiance à cause de son passé judiciaire.

Né en 1944 à Bagdad, dans une famille influente, diplômé du Massachusetts Institute of Technology et de l’université de Boston, ce docteur en mathématiques a enseigné à l’université américaine de Beyrouth avant de gagner Amman. C’est là qu’il fonde la Petra Bank, qui allait rapidement devenir le troisième établissement de Jordanie. En 1989, la banque fait faillite ; trois ans plus tard, Ahmed Chalabi est jugé par contumace et condamné à vingt-deux ans de prison pour fraude et détournement. Il a toujours affirmé que cette affaire était le résultat des pressions exercées par Saddam Hussein sur la Jordanie.

Réfugié à Londres, où il fonde le CNI, il commence alors une intense campagne de lobbying auprès de membres du Congrès américain. La CIA le finance : le CNI va recevoir jusqu’à 4,3 millions de dollars. En 2001, lorsque les services américains s’intéresseront à l’usage que M. Chalabi a fait de ces dollars, le département d’Etat déterminera qu’au moins 114 000 dollars ont été détournés. L’argent a notamment servi à régler des factures de décoration, de peinture et d’affiliation à un club de gymnastique… Un autre audit, mené en 2002, conclura à l’amélioration du contrôle interne du CNI. La CIA a toutefois continué à suspecter l’opposant irakien.

Une autre affaire a éclaté en Suisse. M. Chalabi y a été impliqué dans la faillite de la Socofi – un établissement financier basé à Genève et contrôlé par sa famille. Le quotidien Le Temps affirme que, selon des experts, la société, liée à la Petra Bank, a laissé un découvert de 140 millions de francs suisses (93,3 millions d’euros). Là aussi, la famille Chalabi a évoqué « une opération des services secrets irakiens ».

Des personnes liées au régime de Bagdad – et notamment Barzan Al-Tikriti, le demi-frère de Saddam Hussein, qui aurait été tué lors d’un bombardement récent, ancien chef de services secrets et ex-ambassadeur à l’ONU, à Genève – ont installé effectivement dans la Confédération un réseau financier au profit des dirigeants irakiens. La famille Chalabi a aussi accusé l’ancien directeur de la Socofi, mais l’a maintenu en fonction.

En 2000, lorsque deux de ses frères ont été condamnés pour faux, avec sursis, M. Chalabi n’a pas été inquiété et l’enquête n’a pas révélé d’enrichissement personnel. Une investigation menée par des experts indépendants a pourtant évoqué, d’après Le Temps, le transfert de dettes des membres de la famille Chalabi à des sociétés insolvables et l’octroi de crédits sans garantie à d’autres sociétés appartenant à des proches de l’opposant irakien.

(Source: le journal le Monde du 15.04.03)

Ahmed Chalabi, président du Conseil national irakien

« Les gens sont ravis d’être libérés mais veulent se gouverner eux-mêmes »

Pour la principale figure de l’opposition à l’ancien régime, l’ONU s’est discréditée en Irak et son rôle ne peut être « central » dans la reconstruction.

Vous vous trouvez actuellement dans la ville de nassiriya. comment avez-vous été reçu par les irakiens ?

J’ai été extrêmement bien reçu.

Quel rôle entendez-vous jouer en Irak ?

Je veux participer à la reconstruction de la société civile, qui a été complètement détruite et corrompue.

Vous n’avez donc pas l’intention de jouer un rôle politique ?

Absolument pas. Je ne suis candidat à aucun poste.

Quelle est votre vision pour le prochain gouvernement de l’Irak ?

Un gouvernement démocratique choisi par les Irakiens eux-mêmes.

Quel rôle, à votre avis, la communauté internationale devrait-elle jouer maintenant en Irak ?

D’abord, il ne faut pas oublier que la communauté internationale n’a pas soutenu la guerre contre Saddam Hussein. La France et l’Allemagne en particulier ont, de facto, soutenu Saddam Hussein et son régime. Et donc, du point de vue moral, elles sont très mal vues en Irak. Comment peuvent-elles maintenant venir en Irak ? Les Irakiens ne les accepteraient jamais. Ce sont les Américains qui, avec beaucoup de courage, ont fait de grands sacrifices et nous leur en sommes reconnaissants.

Vous semblez en colère…

Si vous me trouvez en colère, il faudrait venir en Irak et voir l’attitude des Irakiens envers certains Européens, et en particulier la France. La France et l’Allemagne ont utilisé l’ONU pour s’opposer aux peuples irakiens.

Comment voulez-vous mener la « dé-baassification » de l’Irak ?

Nous sommes contre l’assassinat et l’humiliation des individus appartenant au parti Baas. En même temps, nous sommes pour la destruction totale de ce parti. Ils doivent nous dire où se trouvent certains individus et biens publics qui ont été volés.

Quel est votre avis sur le gouvernement provisoire américain ?

Il n’y a pas de gouvernement provisoire américain. Le général Jay Garner –responsable de l’Office de la reconstruction et de l’assistance humanitaire– et son équipe sont là pour réinstaller les services publics, un travail qui devrait s’achever d’ici à quelques semaines. L’autorité intérimaire sera choisie par les Irakiens, un comité d’experts rédigera un projet de Constitution, qui sera mis au référendum.

Vous avez dit vous-même que les Américains devraient rester en Irak pendant au moins deux ans.

Oui, ils doivent rester deux ans. Mais pas pour gouverner. Les gens sont ravis d’avoir été libérés par les Américains mais veulent se gouverner eux-mêmes.

Qui devrait s’occuper de la sécurité du pays et empêcher les pillages ?

Ce sont les Irakiens, une fois de plus, qui s’en chargent. De plus, les Forces irakiennes libres le font déjà. Cette force est présente à Nassiriya, à Mossoul et à Kirkouk. Elle est à cinquante kilomètres de Bagdad. Elle est équipée et entraînée et peut devenir le noyau de l’armée irakienne.

Qui a composé ces « Forces irakiennes libres »?

Cette force a été formée au nord de l’Irak.

Quel rôle prévoyez-vous pour l’ONU ?

Je ne crois pas que l’Organisation des Nations unies pourrait jouer un rôle central en Irak. Elle est devenu de factoalliée de Saddam Hussein. L’Irak était la plus grande expérience politique de l’ONU et elle a échoué. Elle aurait dû par exemple créer un tribunal ad hoc.

Souhaitez-vous qu’un tribunal ad hoc soit créé maintenant ?

C’est trop tard pour l’ONU. Les Irakiens eux-mêmes vont créer un tel tribunal.

Quelle sont vos préoccupations principales ?

Tout d’abord la réinstallation des services publics. Puis, la « dé-baassification » car nous savons que les baassistes sont en train de se regrouper.

La brigade Al-Badr, qui se trouve en Iran, devrait-elle maintenant rentrer en Irak ?

Bien évidemment. Ce sont des Irakiens qui se sont opposés pendant des années à Saddam Hussein. Ils devraient rentrer.

Que dites-vous de l’assassinat de l’hodjatoleslam Abdul Majid Al-Khoï. Pourquoi a-t-il été assassiné ?

C’était un homme courageux. Quant à son assassinat, selon des informations préliminaires, il a été assassiné parce qu’il se trouvait en compagnie d’un homme, Haider Al-Kadar, un homme détesté par les Irakiens, un homme très proche du régime de Saddam Hussein.

Que savez-vous des rumeurs selon lesquelles certains responsables du régime se trouvent en Syrie ?

Je ne sais pas grand-chose à ce sujet.

Quand l’opposition compte-t-elle annoncer la composition de l’autorité intérimaire irakienne ?

Très prochainement…

Propos recueillis (par téléphone depuis Téhéran) par Afsané Bassir

(Source: le journal le Monde du 15.04.03)

“quelque 30 000 militaires irakiens ont probablement été tués en trois semaines par ces bombardements”

un officier britannique

Les bombardements aériens ont probablement fait de nombreuses victimes

Jacques Isnard

Les bombardements sur l’Irak auront été plus intenses en trois semaines, cette fois-ci, que durant les cinq semaines de frappes aériennes lors de la première guerre du Golfe. Des prisonniers irakiens, qui s’étaient déjà battus en 1991, ont dit l’avoir vécu ainsi à leurs gardiens britanniques. Leur sentiment est conforté par les premiers bilans de la campagne conduite contre le régime irakien.

En trois semaines, plus de 30 000 sorties aériennes et le rythme, depuis, est demeuré soutenu : plus d’un millier par jour. Au total, 24 000 munitions larguées, dont 70 % de bombes dites guidées (au lieu de 7 % il y a douze ans), et quelque 800 missiles de croisière Tomahawk. Pour la première fois de son histoire, l’armée de l’air américaine a aligné la gamme complète de ses bombardiers, depuis le vieux B-52 (modernisé pour lancer des bombes CBU-105 à sous-munitions) jusqu’au B-1 supersonique à flèche variable, en passant par le B-2 « furtif », à 2,2 milliards de dollars (autant en euros) l’exemplaire.

Qu’ils frappent des cibles stratégiques, des sites sensibles ou des concentrations de troupes, les avions de la coalition sont restés en patrouille permanente, jour et nuit, au-dessus de leurs objectifs, à commencer par les villes irakiennes. Le cas le plus spectaculaire est ce B-1, en « hippodrome » au-dessus de Bagdad, qui a largué, le 7 avril, ses quatre bombes GBU-31 d’une tonne douze minutes après que les coordonnées de sa cible (qualifiée de « Big One » par l’état-major américain, autrement dit Saddam Hussein ou ses proches) sont parvenues à son équipage.

A n’en pas douter, la débâcle des armées irakiennes et, ici ou là, la faiblesse de leur résistance face à la progression terrestre de la coalition anglo-américaine, trouvent leur cause dans ce « matraquage » constant et systématique, avant et pendant la manœuvre terrestre. A Tikrit, c’est un des chefs de tribu dans le fief de Saddam Hussein qui exhorte les responsables américains à cesser les bombardements pour déposer les armes. A la BBC, c’est un officier de la Garde républicaine, fait prisonnier à Bagdad, qui rapporte que le seul mot d’ordre donné aux troupes était : « Surtout, évitez les bombes ». Ce qui n’a pas empêché de nombreuses désertions de soldats irakiens, admet-il.

Dans le conflit actuel, l’attention de la plupart des observateurs a été attirée par le fait que le général Tommy Franks, le commandant en chef des forces de la coalition, avait innové en couplant offensive terrestre et raids aériens à la différence de 1991. Mais, en réalité, la campagne de bombardements se sera révélée aussi lourde de conséquences, sinon plus que la précédente, en semant la mort et suscitant la crainte dans la population et parmi les combattants.

Interrogé par le Financial Times du 11 avril, avant la chute de Tikrit, un officier britannique en poste à Qatar, le commandement central des opérations, emploie le mot de « carnage » pour évoquer certaines frappes aériennes. Sans pouvoir dresser un décompte des pertes civiles, il considère que quelque 30 000 militaires irakiens ont probablement été tués en trois semaines par ces bombardements.