السبت، 8 أغسطس 2009

 

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس  

Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

9 ème année, N 3364 du 08.08 .2009

 archives : www.tunisnews.net


السبيل أونلاين:أربع سنوات نافذة بحق الاجىء السابق بفرنسا الدكتور أحمد العشّ

رياض حجلاوي:قد بان زيفك أيها الوزير

الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين:الدكتور منصف بن سالم العقلية الأمنية في مواجهة…. العقل الأكاديمي.

الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين:شباب منزل الجميل…..لدى قاضي التحقيق

الجمعية الدولية المساندة المساجين السياسيين:الأستاذ سمير بن عمر…يُمنع من مقابلة منوبيه

كلمة:السجين عدنان الحاجي ينقل إلى سجن المرناقية

كلمة:النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تحتج على منح فضاء عمومي لمؤتمر انقلابي

الصباح:المكتب الموسع ينظر في البرنامج المقترح للمؤتمر

كلمة:الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة، مؤتمر بـ100 نائب و25 مترشحا

رويترز:تونس ترفض مخاوف اوروبية بتعذيب متهم بالارهاب رحلته ايطاليا

عبد الفتاح الكحولي:قُبيل الاستحقاقات الانتخابية:من أجل نقاش عام يستجيب لمتطلبات التحديث السياسي

سليم بن عرفه :حركة القضاة بين التجميد والمحاباة

د.منصف المرزوقي:جزيرتهم وجزيرتنا

خميس الخياطي:العين بصيرةز قراءة في المشاهدة والمشاهد (1ـ2) أم ـ بي ـ سي 4

رضا الرجيبي:كلمة حقّ….أريد بها باطل

 جيلاني العبدلي:تونس: وطن وبوليس ورشوة (14) في شارع “الحبيب بورقيبة” بالعاصمة

ايلاف:تونس الأولى عربيا والرابعة عالميا في نسبة الطلاق

د.خـالد الطـراولي:هل غابت الجماهير العربية في تاريخها وحاضرها ؟

كمال الساكري: من اعلام السلطان إلى سلطان الإعلام

ضو عقل:القوميّون والدولة الوطنية:إقليمية أم وعي باللحظة التاريخية؟

القرضاوى: أفكار “قطب” لا تنتمي للإخوان وفيها خروج على أهل السنة

رجب أبو مليح :قراءة في كتاب فقه الجهاد القرضاوي: جهاد الفساد مقدم على جهاد الكفر (2)


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


التقارير الشهرية لمنظمة “حرية وإنصاف” حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  

               
    جانفي 2009  https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm        
فيفري 2009    
    مارس 2009     https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm           أفريل 2009      https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm 
    ماي  2009     https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm         
جوان2009


أربع سنوات نافذة بحق الاجىء السابق بفرنسا الدكتور أحمد العشّ

   


 
السبيل أونلاين – تونس – خاص   قضت محكمة تونسية بالسجن النافذ أربع سنوات ، بحق الاجىء السياسي السابق في فرنسا الدكتور أحمد العشّ ، وذلك يوم الجمعة 07 أوت 2009 ، رغم تلقيه ضمانات قبل عودته للبلاد .   وكان العش قد أعتقل حال عودته للتراب التونسي صباح يوم الخميس 30 جويلية 2009 ، وأودع سجن المرناقية بضواحي العاصمة التونسية ، بدعوى الأحكام الغيابية التى تعلقت به .   وعلى ما يبدو فقد إعترض الدكتور العشّ على تلك الأحكام ، وكان من المتوقع أن ينال حكما مع تأجيل التنفيذ ، وكان من المفاجىء صدور حكما نافذا ضده ولمدّة أربع سنوات .   وقضى العش سنوات طويلة من المنفي الإجباري في فرنسا قبل أن يقرر العودة إلى تونس .   بالتعاون مع الناشط الحقوقي – ابراهيم نوّار في سويسرا    (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 08 أوت 2009 )  

بسم الله الرحمٰن الرحيم قد بان زيفك أيها الوزير

 


رياض حجلاوي   تعريف: الدّكتور أحمد العش، طبيب نفساني ومعالج نفسي (مُعتقل حاليا في سجن المرناقية منذ وصوله إلى تونس من باريس يوم الخميس 30 جويلية 2009 عائدا إلى وطنه بعد غياب استمر أكثر من 20 عاما!!!) .   إن المتابع للأوضاع في تونس يلاحظ التناقض الصارخ بين القول والفعل.  فعلى مستوى القول كثرت التصريحات التي يدلي بها وزراء صاحب القصر المحسوبين على اليسار وعلى رأسهم وزير “العدل” ووزير الشباب والرياضة لتلميع صورة النظام. فوزير “العدل” نفى وجود مهجرين بالخارج وقال إن هؤلاء هاربون من العدالة أفلتوا من أحكام قضائية صدرت ضدهم وآثروا البقاء خارج الوطن عوض ممارسة حقهم القانوني في الاعتراض على الأحكام الصادرة أو الانتفاع بالإجراء المتعلق بسقوط العقاب بمرور الزمن. ووزير الشباب والرياضة يلمع صورة صاحب القصر أمام أبناء الحوض ألمنجمي ويحاول مغالطتهم بتأكيده ان توجهات الدولة والرئيس بن علي تقوم على سياسة الأبواب المفتوحة وتنتهج أسلوب الحوار. وإذا نظرنا إلى الفعل فان أول امتحان بعد هذا التصريح لوزير”العدل” يعود الدكتور احمد العش من فرنسا لزيارة والده المريض فيقع اعتقاله من المطار ويحاكمه القاضي محرز شهر بوقا وهو يساري متطرف وقد حكم في العديد من قضايا الشباب الإسلامي وكانت أحكامه جائرة مثل سيده ستالين.  وقد حكم على الدكتور أحمد العش بالسجن مع النفاذ لمدة 4 سنوات كاملة. ولا يزال السيد رضوان الهمامي رهن الاعتقال منذ إيقافه لدى مصالح وزارة الداخلية يوم السبت 11 جويلية وكان قد عاد من قطر حيث يَعمل مهندساً ميكانيكياً، وأراد مشاركة أهله زواج أخته. وهذه زوجة الدكتور الصادق شورو تطلق صرخة استغاثة  ” إننى زوجة السجين السياسي وسجين الرأي آمنة حرم الصادق شورو أرفع أكف الضراعة إلى الله عزّ وجلّ ليرفع عنّا الضيم والظلم والمعاناة ، ويسخّر لنا من أصحاب الهمم العالية والخلق الكريم من ناشطي حقوق الإنسان أفرادا ومؤسسات بالداخل والخارج ، ومن المتنافسين في الدفاع عن المظلومين ومساندة المستضعفين ، أن يهبوا الى نجتنا ويجتهدوا ما في وسعهم لوضع حدّ لمأساة عائلة بأسرها لم تعرف طعما للأمان منذ إعتقال سندها الدكور شورو ، والعمل على إنتشال زوجي من غياهب السجن لإنقاذه من الموت البطيىء ، ليسعد هو بالحرية ونسعد نحن بجمع شملنا بعد طول انتظار ، حتى يبقى لإنسانية الإنسان معنى … والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. فهل بقي لك ضمير أيها الوزير اليساري المتطرف وأنت تكذب وتزيف الحقيقة فهذه أمثلة حية من تونس تبين زيفك وزيف صاحبك صاحب القصر. فمثال الدكتور احمد الذي عاد من فرنسا وكان يعيش حرا وهو طبيب نفساني يؤدي واجبه نحو أبناء الجالية ليعينهم على مصاعب الحياة. فيجد نفسه في تونس بين قضبان السجن بعد هذه المحاكمة الظالمة وقد ترأسها رفيقك بوقا. إنني لا استغرب منكم هذا الكذب فكذبكم تؤسسون له من عمدتكم لينين. ولكن نسيتم أو تناسيتم أن يساركم قد تلاشى وان الإعلام تحرر ليبين زيفكم. وما كذبكم على قناة الجزيرة التي بتابعها الملايين من البشر إلا خير دليل على ان هؤلاء الملايين من البشر ستعرف كذبكم وزيفكم. وان تونس اليوم وهي قادمة على انتخابات رئاسية وتشريعية إذا لم تفهموا أننا أمام استحقاقات حقيقية في إرساء العدل وسن العفو التشريعي العام ورفع الوصاية على الشعب فإنكم ستتلاشون كما تلاشى يساركم.  


الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 08 أوت 2009

الدكتور منصف بن سالم العقلية الأمنية في مواجهة…. العقل الأكاديمي.

 


في تطور صحي خطير، وبسبب الإرهاق النفسي والعصبي فقدَ الدكتور منصف بن سالم نور بصر إحدى عينيه بصورة مفاجأة صبيحة يوم 09 جويلية 2009 ، ومنعته أسباب مادية لمدة 10 أيام من مراجعة الطبيب، لكنه نُقل بعدها إلى مستشفى سوسة حيث تبيّن أن إنسداداً في شرايين العين كان سبباً في ذلك، وتعذرعلى الأطباء المتابعين لحالته إجراء عملية جراحية في العين مخافة حدوث مضاعفات بسبب توعك في القلب وإرتفاع السكري إلى 5 غرامات ، وبسبب الموانع الصحية تلك ، نُصح بالإكتفاء بمعالجة عينه مستعيناً بالأدوية فقط ، وقد سجل الأطباء، بعد عدة أسابيع و بنتيجة العلاجات المعتمدة، تحسناً لرؤية العين المصابة بصورة ملحوظة. ويتعرض الدكتور بن سالم وأفراد عائلته ، من جهة ثانية و منذ 20 عاماً لمراقبة أمنية وملاحقة بصورة دائمة، كان أخرها تعمّد أحد أعوان المرور المسمى طاهر المجابي في مفتق الجمّ إلى توقيف سيارة الدكتور بن سالم ليقوم بعد طلب إستظهار الوثائق الشخصية لمرافقي الدكتور من أفراد عائلته وأقربائه وأصدقائه ، بإستنطاقهم في الطريق العام عن نوع القرابة التي تجمعهم بالدكتور بن سالم، وعن سبب وجودهم برفقته ، وعن أحواله وأحوال زوجته وأبنائه..! وقد  تعمّد عون المرور الطاهر المجابي تكرار ذلك لثلاث مرات. وكانت قـُطع عن الدكتور بن سالم خط الأنترنت منذ نحو 8 أشهر، ومع ذلك تطالب شركة تزويد الأنترنات الدكتور بن سالم بسداد فاتورة السنة القادمة ، فرفع قضية ضد الشركة ، لكن نُصحاء أشاروا عليه بسحب القضية لأنه سيخسرها يقيناً، فقدم طلب فسخ العقد في 2009.08.07 مع شركة الأنترنات التي سارعت بقبول طلبه وفسخ العقد ” بكل سرور”. وكانت أنصفته المحكمة الإدارية في 15 جويلية 2009 بقبول إعتراض الدكتور بن سالم شكلاً بينما رفض شكلاً إعتراض إبنته مريم. في القضية عدد 4/1565 المتعلقة بامتناع وزارة الداخلية عن تسليم الدكتور منصف بن سالم و ابنته مريم جوازي سفرهما، ففي سنة 2006 أمكن لإبنته مريم الحاملة لإجازة في الإعلامية الحصول على موافقة مواصلة دراساتها العليا في الخارج فتقدمت بطلب للحصول على جواز سفر و تقدم أيضاً والدها للمرة السابعة بنفس الطلب إلا أن وزير الداخلية رفض المطلبين معا ، فتولى الأستاذ عبد الوهاب معطر، في حقهما ، رفع قضية في تجاوز السلطة ضد وزير الداخلية الذي برر موقفه بأن : (.. سفر السيد منصف بن سالم و الآنسة مريم بن سالم من شأنه النيل من النظام والأمن العامين ومن سمعة البلاد التونسية ..!)، غير أنه لا يبدو أن هناك آمال في حصول الدكتور بن سالم على جواز سفر، لإمكان إستئناف النيابة ، ناهيك عن أن وزارة الداخلية لم تخضع في أي مناسبة صدرت فيها أحكام ضدها إلى تطبيق قرار القضاء. وفي اقتراح لافت لا تعوزه الطرافة ولا الإبتكار، يدعو الدكتور منصف بن سالم في ظل حالة الحصار المضروبة على عدد غير قليل من الممنوعين من السفر من التونسيين ، والمحرومين من حقهم في جواز سفر ، إلى عقد مؤتمرتأسيسي” لمنظمة تونسية لحق الخروج” والدكتور منصف بن سالم، من مواليد سنة 1953 ، متزوج  وله أربعة أبناء ، مقيم تحت المراقبة الأمنية منذ 20 عاماً وممنوع من التنقل داخل البلاد وخارجها محروم وأبناءه من جوازات سفر ، محروم من التدريس بالجامعة التونسية بعد فصله منها سنة 1989. الدكتور منصف بن سالم حائز على باكالوريا رياضيات سنة 1970 وعلى ديبلوم جامعي للدراسات العلمية: رياضيات وفيزياء سنة 1972 ثم حاز على شهادة الأستاذية بالرياضيات سنة 1974 وعلى ديبلوم الدراسات المعمقة بباريس سنة 1975 وعلى ديبلوم مهندس رئيس صناعة آلية بباريس سنة 1976 وبنفس السنة أيضاً حازعلى دكتوراه إختصاص فيزياء نظرية بباريس وفي سنة 1980 دكتوراه دولة رياضيات. تولى الدكتور منصف بن سالم في تونس وفي غيرها من البلدان بين سنة 1976 وإلى غاية سنة 1987 مهمات عديدة فكان : أستاذاً محاضراً- مدير قسم جامعة صفاقس/ و/عضو بالمجلس العلمي وبلجان الإنتداب/ و/ تولى خطة مقرر بمركزية الرياضيات ببرلين/ و/ مقرر بمجلة الرياضيات الأمريكية/ و/ أستاذ زائر بجامعة مريلند الأمريكية/ و/ المركز الدولي للفيزياء النظرية بإيطاليا/ و / المركز القومي للبحث العلمي بفرنسا/ و/ إتحاد الفيزيائيين والرياضيين العرب/ و/مؤسسة الكويت للتقدم العلمي/ و/اتحاد الجامعات الناطقة بالفرنسية  بلجيكا وكندا.هو من مؤسسي المدرسة القومية للمهندسين وهو أيضاً كاتب عام مؤسس لنقابة التعليم العالي بصفاقس. اُعتُقل الدكتور بن سالم يوم 26 نوفمبر1987و ظل إلى سنة 1989 بحالة إيقاف بدون محاكمة وذلك بعلاقة بما يُعرف حينها بلجنة الإنقاذ الوطني وفي ماي 1989 وقع منعه من مباشرة مهامه بوصفه أستاذ محاضر في الرياضيات بالمدرسة القومية للمهندسين بصفاقس دون أن يكون قد صدر قراراً من أي جهة يَقضِي بمنعه من التدريس بالجامعة وأمام رفض الدكتور الانصياع إلى هذا القرار التعسفي تولى أعوان الأمن منعه بالقوة من دخول الحرم الجامعي، فرَفع الدكتور بن سالم على إثر ذلك في 31 أكتوبر 1989 قضية يطالب فيها بإلغاء رفض وزارة التعليم العالي ضمنيا تمكين الدكتور بن سالم من مباشرة مهامه وقد رسمتْ هذه القضية لدى المحكمة الإدارية تحت عدد 2722 لكن بعد نحو 18 عاماً عينت الجلسة ليوم 25 أكتوبر 2007، ثم عيّنت جلسات ثلاث بعد ذلك التاريخ ، و   منذ 20 عاماً من تاريخ رفع القضية لدى المحكمة الإدارية وبعد أن صارعدد القضية 11722 لا يزال الدكتور منصف بن سالم في إنتظار التصريح بالحكم. وفي سنة 1990 وإثر تصريح صحفي أدلى به الدكتور منصف بن سالم لأحد الصحافيين الجزائريين جعل الصحفي نفسه له عنواناً: ” الاتجاه الإسلامي من علمانية تونس إلى إرهاب بن علي ” ورغم أن الجريدة توقف صدورها بالجزائر بتدخل من السفارة التونسية وهي لاتزال تحت الطبع فقد تم إيقاف الدكتور بن سالم بمنزله بصفاقس، لكن بمحضر الأبحاث ورد أنه: ( ألقي عليه القبض بالمطار وهو يوزّع جريدة الموقف….) وبعد مرور شهرين على حبسه أرسلت وزارة التعليم العالي برسالة على عنوان إقامته، لم يكن روح التشفي قد خفي عن مضمونها، إذ تكلفت الوزارة عناء وضع نسخة مصوّرة من قرار رئاسي بـالرائد الرسمي (JORT) بشطب إسم الدكتور بن سالم من الجامعة التونسية. وبعد خروجه من السجن سنة1993 وضع الدكتور منصف بن سالم بمحل إقامته تحت الإقامة الجبرية، دون أن يكون قد صدر في حقه أي حكم قضائي من هذا القبيل. وظلت ثلاثة فرق من الأمن منذ ذلك الحين تتناوب على مراقبة محل سكناه كامل اليوم والليلة وظلت هذه الحراسة مشددة إلى سنة 2001 و هاتفه القار مقطوع لمدة أربعة سنوات. وفي سنة 1994 مُنع وهو تحت الإقامة الجبرية من زيارة والدته المريضة المقيمة على مسافة 50 كلمترمن محل سكناه وحين توفيتْ والدته لاحقاً لم يُسمح للدكتور بن سالم حضور جنازتها ومراسم الدفن. وفي يوم 1995.06.12 بينما كان الدكتور بن سالم يتسوّق مع زوجته وابنته وابنه عبّاس في السوق الشعبي بصفاقس وكان يلازم تنقلاتهم أعون الأمن السياسي كما هي عادتهم ، دخلت شاحنة خفيفة المكان و صعدت الرصيف وصدمت زوجة الدكتور بن سالم مخلّفة لها سقوط قُـُدر بـ15 بالمائة كما صدمت إبنه عباس(11 عاما) وخلّفت له إعاقة قـُدرت بـ70 بالمائة. وقد تبين لاحقاً أن السائق ، رجل تجاوز الستين ولا يملك رخصة سياقة، ورغم أن الدكتور لا يعتقد أن السلطة وراء ترتيب مثل هذا الحادث، إلا أنه يجزم أنها وراء تعطيل المداواة، الشيء الذي تسبب في إرتفاع نسبة الإعاقة، فقد سُرق الملف الصحي لابنه أكثر من مرة وكان البوليس يُحرر بطاقة إرشادات في حق الطبيب أوالممرضين المباشرين لإبنه، وفي عدد من المرات كان الطبيب والممرض يرفضان الحضور إلى محل إقامته لتغيير ضمادات إبنه المريض مخافة التعرض للمساءلة من قبل أعوان الأمن أمام باب المنزل. ورغم التدخلات المتعدد من لدن شخصيات علمية وديبلوماسية وازنة، لدى السلطات السياسية العليا في تونس، من أجل تسوية وضعية الدكتور منصف بن سالم في ما يتعلق بأجوره المتخلدة بذمة وزارة التعليم العالي و حقه في العودة إلى التدريس، وحقه هو وأبناؤه في جوازات السفر، فإن  تلك المحاولات جميعها آلت إلى فشل: – فوزير التعليم العالي سابقاً العالم الكبير في الرياضياتlaurent Schwartz)  ( جاء إلى تونس والتقى برئيس الدولة وتلقى وعوداً بتسوية وضعية الدكتور بن سالم بصورة نهائية فقام الوزير بناءاً على تلك الوعود  بتسميته بجامعة:(Pierre et marie curie) بباريس6 ، لكن لم يسمح للدكتور بالسفر بحسب الوعود. -أما البروفسور محمد عبد السلام الحائز على جائزة نوبل فقد قدم إلى تونس مرتين وتلقى وعوداً بحل قضية الدكتور بن سالم، لكن دون أن يتم الوفاء بتلك الوعود. – أما الأمير عبد الله أيضاً ولي العهد السعودي حينها فقد قام بتسمية الدكتور بن سالم أستاذاً بجامعة الرياض وطلب من السلطة التونسية أن تسمح له بالسفر، وبعد أن أعدّ العدة للسفر بالتنسيق مع سفارة المملكة العربية السعودية،وبعد أن كان تعيّن موعد سفره ، ألغي كل شيء، دون أي تفسير.  – خلال تسعينات القرن الماضي جرت مخابرة الدكتور بن سالم من الولايات المتحدة الأمريكية ثم السفارة الأمريكية قصد إعلامه أن وفداً من الكونغرس الأمريكي يرغب في زيارته، وكان ذلك إستجابة لضغوط من المؤسسات العلمية من مثل الأكاديمية القومية للعلوم بأمريكا ومنظمات حقوقية فاعلة ثم بعد مدة قصيرة هتفتْ إليه السفارة الأمريكية مجدداً تسأله إن كان موجوداً بالمنزل لأن وفداً من الكونغرس الأمريكي يرغب في زيارته يوم كذا للإطلاع على وضعه بصورة مباشرة وبعد انتظار طويل لم يأت وفد الكونغرس وتبين لاحقاً أنه تم تحويل وجهة الوفد إلى جهة أخرى ثم يُعلن في التلفيزيون أن إستقبل رئاسياً رسمياً نُظم لوفد الكونغرس، حدث ذلك ثلاث مرات تفصل بين الزيارة والتي تليها نحو سنة تقريباً، كل مرة يأتي فيها وفد الكونغرس قصد مقابلة الدكتور، وبناء على موعد مسبق، فيلتقي بالرئاسة ثم يغادر فوراً. وضع لحراسته بعد خروجه من السجن سن 1994، ثلاث فرق كل فرقة تحرسه ثمانية ساعات، و يتبادلون النوبات: الساعة 6 ثم الساعة2 بعد الزوال ثم الساعة10 ليلاً. وفي 30 مارس 2006 أعلن الدكتور منصف بن سالم دخوله وأفراد عائلته في إضراب عن الطعام إحتجاجاً على قرار الجامعة طرد إبنه أسامة بن سالم ورفيقيه بسام النصري وعلي عمر بعد إحالتهم على مجلس التأديب بجامعة صفاقس على خلفية تنظيم تظاهرة طلابية في 02 فيفري 2006. وفي سنة 2006 أمكن لإبنته مريم الحاملة لإجازة في الإعلامية الحصول على موافقة مواصلة دراساتها العليا في الخارج فتقدمت بطلب للحصول على جواز سفر و تقدم أيضاً والدها للمرة السابعة بنفس الطلب إلا أن وزير الداخلية رفض المطلبين معا ، فتولى الأستاذ عبد الوهاب معطر، في حقهما ، رفع قضية في تجاوز السلطة ضد وزير الداخلية الذي برر موقفه بأن : (.. سفر السيد منصف بن سالم و الآنسة مريم بن سالم من شأنه النيل من النظام والأمن العامين ومن سمعة البلاد التونسية ..!) وفي جلسة يوم 28 نوفمبر2007 نظرت الدائرة الرابعة لدى المحكمة الإدارية في القضية عدد 4/1565 المتعلقة بامتناع وزارة الداخلية عن تسليم الدكتور منصف بن سالم و ابنته مريم جوازي سفرهما وعرض محامي الطاعنين أوجه خرق القانون والانحراف بالسلطة من قبل وزير الداخلية، وقد أنصفته المحكمة الإدارية في 15 جويلية 2009 بقبول إعتراض الدكتور بن سالم شكلاً بينما رفض شكلاً إعتراض إبنته مريم. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، وهي تعرض سلسلة المظالم التي حاقت بالدكتور منصف بن سالم، تأسف لما يتعرّض له رجل بمثل قامته من إضطهاد وعُسف وعزلة، وتحمّل السلطات العليا تعمدها، في شخص الدكتور بن سالم إهدار المكاسب العلمية للمجتمع التونسي لهذا الجيل والجيل اللاحق، كما تؤكد الجمعية تمسكها بإلتزامها الدفاع عن الدكتور بن سالم من أجل إستعادة حقوقه كاملة، وتدعو منظمات المجتمع المدني في تونس والمنظمات الحقوقية والإنسانية والعلمية الدولية إلى إسناده من أجل فك الحصار عنه . لجنة متابعة المحاكمات السياسية


الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 08 أوت 2009

شباب منزل الجميل…..لدى قاضي التحقيق


مثل أمام أنظار قاضي التحقيق بالمكتب السادس لدى المحكمة الإبتدائية بتونس اليوم السبت 08 أوت 2009 ، في القضية عدد 15983 كل من رفيق بن يوسف اللافي و سليم بن رضا الترّاس و مروان بن محمد الباشطبجي ومحمد بن إدريس اللافي و محرز بن عبد القادر علاية،  حول ما نسب إليهم من  تهم عقد اجتماعات بدون رخصة وإعداد محل لعقد الاجتماعات والانضمام لتنظيم إرهابي ومحاولة ارتكاب جرائم إرهابية وقد حضر الأستاذتان مها اللافي و نجاة العبيدي لدى قاضي التحقيق الذي إستجاب لطلبهما بالتأجيل للاطلاع على ملف القضية، وذلك  للأيام 11 و12 و14 أوت 2009. وكان أبناء منزل الجميل الموقوفين قد أفادوا أنهم تعرضوا للتعذيب في أقبية وزارة الداخلية. لجنة متابعة المحاكمات السياسية  

الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية المساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 08 أوت 2009

الأستاذ سمير بن عمر… يُمنع من مقابلة منوبيه


مَنعَتْ إدارة سجن المرناقية الأربعاء 05 أوت 2009 الأستاذ سمير بن عمر المحامي عضو الهيئة المديرة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين من زيارة منوبيه الموقوفين، ورغم حصول الأستاذ بن عمر على إذن قضائي، أصرت إدارة السجن على منعه من مقابلة منوبيه من دون تعليل، إلا من القول ” أنها تنفّذ التعليمات العليا” ،ويُعتبر هذا المنع من لدن إدارة سجن المرناقية ،إجراءًا عقابياً ضد الأستاذ بن عمر، لنشاطه في صلب الجمعية ومتابعاته للمحاكمات السياسية في تونس، كماعلى خلفية مباشرة أيضاً لنيابته في قضية العسكريَيْن بقاعدة بنزرت العسكرية، وما أسهم به من جهته من تسليط الأضواء على ملف أحرج السلطات العليا لطبيعته الأمنية الملفقة والمكشوفة، و كان ذلك سبباً، كما يُعتقد ، في إتخاذ قرارات سريعة في 10 جويلية 2009 بتخلية سبيل المحالين في هذه القضية. وكان تعرّض الأستاذ بن عمر في مناسبات سابقة (…مثلاً في 28 أفريل 2007 و في 09 جانفي 2008) إلى مَنعٍ من قبل إدارات السجون من زيارة منوبيه، كما اُستهدف الأستاذ بن عمر أيضاً في أكثر من مناسبة بالإختطاف من قبل أعوان الأمن السياسي( في2002 وفي 2008..) في محاولة لإرهابه وصرفه عن نشاطه في صلب الجمعية، كما تجري بصورة دائمة، مراقبة مدخل العمارة : 43 نهج الجزيرة- تونس، من قبل أعوان للأمن السياسي، الواقع بها مكتب الأستاذ بن عمر ومقر الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين.   والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، إذ تسجّل ما يتعرض له أعضاءها من تضييقات أمنية لأجل عرقلة أدائهم لواجباتهم الحقوقية، فإنها تسجل تضامنها مع عضو هيئتها المديرة الأستاذ سمير بن عمر، وتندد بما ناله من مضايقات أمنية ، وما يتعرض له من محاصرة ومنع يستهدفان أداءه واجباته لأجل إنارة الحقيقة و كشف الحساب لـ ” قضاء يكافح الإرهاب” . كما تدين الجمعية منع إدارة سجن المرناقية الأستاذ بن عمر مقابلة منوبيه، معتبرة أن هذا الإجراء العقابي يَمنع المحامين من إعداد وسائل الدفاع ويُهدر حق المنوبين ويُعدّ لمناخ محاكمات لا تتوفرعلى شروط المحاكمات العادلة . عن الجمعــــــية الهيئة المــديرة  

السجين عدنان الحاجي ينقل إلى سجن المرناقية

 


 لطفي حيدوري
علمت كلمة أنّ السجين النقابي عدنان الحاجي تم نقله إلى سجن المرناقية غرب تونس قبل أسبوع، دون أن تعرف الأسباب الموجبة لذلك. يشار إلى أنّ حكما بالسجن 10 سنوات كان قد صدر ضدّه منذ أشهر على خلفية تأطيره مع مجموعة من نقابيي الرديف بولاية قفصة للتظاهرات الاحتجاجية التي عرفتها المدن المنجمية خلال النصف الأوّل من العام الماضي. كما علمت كلمة أنّ زوجة السيد عدنان الحاجي اضطرت للانتقال من الرديف للإقامة بتونس العاصمة لتكون أقرب إلى سجنه. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 06 أوت 2009)  

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تحتج على منح فضاء عمومي لمؤتمر انقلابي


 لطفي وجهت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين رسالة احتجاج إلى وزير الشباب والرياضة احتجاجا على موافقة مدير المركز الثقافي والرياضي للشباب بالمنزه السادس، على تسخير هذا الفضاء للمؤتمر الذي دعت إليه من جانب منفرد، المجموعة الموالية للحكومة داخل المكتب التنفيذي الموسع للنقابة، يوم 15 أوت الجاري. واعتبرت الرسالة التي وقعها رئيس النقابة ناجي البغوري تلك الموافقة إصرارا على التعامل مع جهة لا تمتلك أية صفة قانونية، وتدخّلا سافرا في الشؤون الداخلية لنقابة الصحافيين ورعاية للأعمال الرامية للانقلاب على هياكلها الشرعية والقانونية. وطالبت ناجي البغوري الوزير التدخل لوضع حدّ للتجاوز الحاصل، وفرض احترام القانون من خلال التزام التعامل مع الجهات القانونية دون سواها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، حسب عبارة الرسالة.  
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 06 أوت 2009)

المكتب الموسع ينظر في البرنامج المقترح للمؤتمر

 


  عقد المكتب التنفيذي الموسع للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين امس الجمعة بالعاصمة اجتماعا خصصه للمحتوى الفكري والنقابي وللجوانب التنظيمية للمؤتمر الاستثنائي للنقابة الذي سينعقد يوم 15 اوت 2009 بالمركب الثقافي والرياضي للشباب بالمنزه السادس في العاصمة.  وسجل ورود ترشح قانوني جديد لعضوية المكتب التفنيذي القادم مما يرفع عدد المترشحين الى 28.   وكون ثلاث لجان عمل يسيرها اعضاء من المكتب التنفيذي الموسع من غير المترشحين لعضوية المكتب التنفيذي القادم وتتألف من منخرطين يعملون بمؤسسات صحفية مختلفة وهذه اللجان هي:   ـ لجنة التثبت في الترشحات والانخراطات: رئيسة: الزميلة سنية عطار ـ مقرر: الزميل سامي كشو   ـ لجنة التنظيم المادي: رئيس: الزميل عفيف الفريقي ـ مقررة: الزميلة روضة ركاز   ـ لجنة المحتوى الفكري والنقابي والبرامج: رئيسة: الزميلة سارة حطاب ـ مقرر: الزميل لطفي التواتي.   كما نظر في البرنامج المقترح ليوم المؤتمر.   ويدعو المكتب التنفيذي الموسع جميع الزميلات والزملاء المنخرطين الى المشاركة في المؤتمر باعتباره فرصة ثمينة لتصحيح المسار وفتح صفحة جديدة من العمل النقابي السليم والمفيد.   20 امضاء   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس)  بتاريخ 8 أوت 2009 )   ملاحظة: لا تنشر الصحف التونسية ومنها الصباح بيانات المكتب التنفيذي الشرعي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في الوقت الذي تحرص فيه على نشر بيانات (أعضاء من المكتب التنفيذي الموسع) في مخالفة لأبسط أبجديات العمل الصحفي في نقل مختلف وجهات النظر للقارئ.

الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة، مؤتمر بـ100 نائب و25 مترشحا


المولدي الزوابي أفادت مصادر نقابية أنّ المؤتمر الجهوي لاتحاد الشغل بجندوبة والذي تقرر عقده يوم الاثنين 11 أوت الجاري والذي سيترأسه السيد منصف اليعقوبي عضو المكتب التنفيذي الوطني أنهى تحضيراته الأوّلية. وكشفت ذات المصادر أن عدد المؤتمرين بلغ نحو 100 مؤتمر وان المرشحين للمكتب التنفيذي بلغ 25 مترشحا 18 منهم من قطاعي التعليم الثانوي والأساسي أكبر القطاعات الممثلة في الاتحاد بـ 16 نائبا لكلّ منهما. ويبدو أنّ التنافس على الكتابة العامة هو الذي يشكل إحدى أهم المسائل المطروحة على المترشحين خاصة في ظل الانتقادات التي وجهت للكاتب العام المتخلي بخصوص ما يصفه عدد من النقابيين بالركود مقارنة مع الفترة التي تولى فيها السيد المولدي الجندوبي الكتابة العامة. من جهة أخرى تمثل الوجوه المترشحة كل الأطراف السياسية المتواجدة داخل الاتحاد ويتوقع أن يكون التنافس على أشده بين قائمتين، الأولى تمثلها تيارات يسارية تمسك بأغلبية مقاعد المكتب التنفيذي الحالي منذ أكثر من عقدين، والثانية يمثلها القوميون وحلفاؤهم من ذوي التوجهات الإسلامية وبعض اليساريين الآخرين، دون أن يكون هذا التجاذب نهائيا حيث كشفت تيارات يسارية عن استعدادها للانضمام للقائمة الثانية التي تحظى بأغلبية تمثيلية (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 06 أوت 2009)  

تونس ترفض مخاوف اوروبية بتعذيب متهم بالارهاب رحلته ايطاليا


تونس (رويترز) – رفضت السلطات التونسية يوم السبت مخاوف المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان من امكانية تعرض علي التومي المتهم بالارهاب والذي رحلته ايطاليا الى تونس للتعذيب وقالت ان قانونها يمنع مثل هذه الممارسات.   وتسلمت تونس هذا الاسبوع علي التومي (44 عاما) رغم اصدار المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان ثلاثة قرارات بتعليق ترحيله خشية امكانية تعرضه للتعذيب في تونس.   وكانت ايطاليا قضت  في  2003   بسجن التومي ست سنوات بتهم الانتماء لمنظمة ارهابية ومحاولة انتداب متطوعين للقتال في العراق.   وقال مصدر قضائي في بيان حصلت رويترز على نسخة منه ان الاعتراض على ترحيل التومي بدعوى امكانية تعرضه للتعذيب في بلاده “لا أساس له من الصحة ولايستند الى معطيات موضوعية”.   وأضاف ان “التومي لم يتعرض لاي سوء معاملة ووضع فور وصوله قيد الحبس الاحتياطي قبل ان يعرض يوم الجمعة على المحكمة الابتدائية بالعاصمة للاعتراض على حكم غيابي صدر بحقه”.   وبالفعل قررت المحكمة اطلاق سراح التومي على أن يمثل أمامها يوم 14 اغسطس الحالي.   وانتقدت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان يوم الجمعة طرد ايطاليا لمشتبه به تونسي بتهمة الارهاب الى دولة قد يتعرض فيه لخطر التعذيب متهمة ايطاليا بخرق المعاهدة الاوروبية لحقوق الانسان وغيرها من الالتزامات الاخرى بموجب القانون الدولي.     (المصدر: وكالة أنباء رويترز بتاريخ 08 أغسطس 2009 )  

قُبيل الاستحقاقات الانتخابية: من أجل نقاش عام يستجيب لمتطلبات التحديث السياسي


بقلم: عبد الفتاح الكحولي   لقد كشف تعدّد القراءات حول الاستحقاق الانتخابي لهذه السنة عن تحوّل إيجابي في مستوى الممارسة السياسية من مجرّد الانخراط في العملية الانتخابية على قاعدة التسويغ القانوني للمشاركة إلى التفكير في الاستحقاق الانتخابي من جهة دلالته وعلاقته بتطوير التجربة السياسية التونسية. إن البروز اللافت للمقالات والتصريحات والحوارات ذات العلاقة بالانتخابات القادمة في الصحافة الحزبية والمستقلة يشكّل ظاهرة قد تتحول من مجرّد مساهمات فردية إلى حالة من النقاش العام حول مسار التجربة السياسية التونسية وسبل تطويرها هذا النقاش الذي رأينا في أكثر من مناسبة أنه المدخل الأهمّ في ضوء معطيات تجربتنا الخاصة لتطوير صيغة الوفاق وجعلها أكثر ديناميكية وفاعلية من خلال الإجماع الرّاسخ على المعايير المشتركة للممارسة السياسية في علاقتهما بتطلعات الشعب ونخبه والمصالح العليا للبلاد وفي سياق متغيرات دوليّه متسارعة تفرض على الجميع الإتفاق حول الحدّ الأدنى الضامن للوحدة الوطنية على قاعدة فسح المجال أمام حراك مجتمعي لا يتوقف يفرضه عالم اليوم. إن القراءات التي قُدّمت بمناسبة هذه الانتخابات يمكن أن تشكل نواة أولى لكتابة سياسية في المرحلة الراهنة بالنظر إلى هيمنة اليومي والتكتيكي على ممارسة الأحزاب وضرورة الانتقال إلى مرحلة أرقى تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الإستراتيجية والضوابط الموضوعية في العمل السياسي حتى يتم القطع مع مرحلة اتسم فيها الجدل السياسي بالطابع الذاتي والمشاحنات العاطفية والخطاب الديماغوجي وغير المسؤول. إلا أن هذا الوجه الإيجابي لا يخفي الوجه السّلبي لما يكتب في الصحافة الحزبية والمستقلة وهو أمر طبيعي بالنظر إلى عدم تجذر ثقافة سياسية تستجيب لطبيعة المرحلة وبالنظر إلى استمرار هيمنة التكتيكي على الإستراتيجي وسيادة النزعة الصراعية على مساعي البناء المشترك وغلبة التفكير في المصلحة الذاتية أو الحزبية الضيقة على التفكير في المصلحة المشتركة والبحث الموضوعي في ممكنات تطوير التجربة انطلاقا من معطياتها الواقعية. ولعّل الحقل الأكثر تعبيرا عن هذا الوجه السلبي ما يكتب حول الانتخابات الرئاسية في الصحافة الحزبية والمستقلة والإلكترونية وسنحاول في هذه الورقة النظر في نمطين من القراءة : 1 – القراءة التبخيسية: وهي قراءة تنظر إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية من زاوية كونها “مشاركة ديكورية” تتغيا إضفاء “طلاء ديمقراطي” على عملية انتخابية “غير ديمقراطية في الأصل” وتتكئ هذه القراءة على جملة من المستندات أهمّها: -الخلل الواضح في ميزان القوى بين المترشّحين إذ يتوفر مرشح الحزب الحاكم على كل مقومات السبق بالنظر إلى معطيات وأسباب متعددة. -مشاركة “أحزاب الموالاة” مشاركة صورية نظرا لرصيد الولاء الذي يثقل تاريخها ويلحقها بغائيات السلطة. -اعتبار ما يحدث على السطح السياسي مجرد تجسيد لترتيبات تتم في الكواليس. ولئن كان المستند الأول واقعيا ويشكل دعامة أساسية لأيّة قراءة لواقع الانتخابات وآفاقها فإنه لا يعدّ بأية حال من قبيل المقدمات التي تستدعي نتيجة واحدة وذلك في ضوء ثقافة حديثة سمتها النسبية وتعدّد المقاربات الممكنة في الوضعية الواحدة. أما المستند الثاني فهو أقرب إلى روح المشاحنة و”البوليميك” منه إلى روح التحليل الموضوعي فحتّى وإن سلّمنا بديكورية هذه الأحزاب وموالاتها فإن ذلك لا يعني من زاوية الفعل الحقيقي في الواقع فقدانها لأي دور وعدم إيجابية ترشحها من منظور توفرها على أدوات الاتصال بالجمهور وقدرتها على التعبئة النسبية في الأوساط الشعبية لأن الأثر الحقيقي يبرز في مدى القدرة على إحداث تغييرات – وإن كانت بسيطة – في بنية تمثل الجمهور للعملية الانتخابية بشكل مخصوص والمشاركة السياسية عامة ارتباطا بخصوصية التجربة التونسية وترسّب الموروث في البنية الاجتماعية . أما المستند الثالث فهو أقرب إلى نظرية المؤامرة منه إلى التحليل العلمي  بشكل ينأى به عن حيازة شرف الحجة الداعمة لهذه القراءة . وإذا عدنا إلى المستند الأوّل الذي يتفق حوله الجميع وبغضّ النظر عن الاختلاف في تحليل أسباب اختلال التوازن بين مرشح الحزب الحاكم وببقية المترشحين فإن هذه الحقيقة لا تؤيد بالضرورة أطروحة المقاطعة لأننا لا نتحرك سياسيا داخل قوالب منطقية صورية بل داخل بنية اجتماعية معقدة لها خصائصها التي تعيّن  مدى نجاعة الإجراء المطلوب ولا نعتقد في ضوء المعطيات الواقعية حصول أي أثر سياسي بفعل مقاطعة الانتخابات كما أنّ درجة تطوّر التجربة السياسية التونسية لا تسمح بالحديث عن المقاطعة من جهة جدواها فقد تكون المقاطعة مجرّد آلية لتسجيل موقف  في سياق سجال سياسي ولكنها لا يمكن أن تتحول في المعطيات الراهنة إلى  آلية لتطوير الحياة السياسية كما أن العودة إلى هذه الحقيقة المتفق حولها يثير إشكالا حول مشاركة ما يسمى أحزاب “المعارضة الحقيقية” في السباق الرئاسي فإذا كان خطاب هذه المعارضات يلحّ على صوريّة ترشح “أحزاب الموالاة” فلا شيء  يدلّل بشكل واضح على عدم صورية ترشح زعماء “المعارضة الحقيقية” من منظور النتائج المنتظرة. يربط هؤلاء جدية الترشح بالنسبة إليهم بالبرامج التي سيقدّمونها للناخب ولكن أليس اتهام “الموالاة” بلعب دور ديكوري ضربا من الرجم بالغيب فإذا كان الحاسم في تحديد مدى الجدية هو البرنامج الانتخابي فإن الموضوعية تقتضي الانتظار حتى تُقدم البرامج ويُنظر في مدى جديتها. وهكذا يبدو هذا الخطاب ضربا من التبخيس القبلي للخصوم السياسيين في سلوك أقرب إلى المنزع الطفولي في الممارسة السياسية منه إلى المقاربة العقلانية الجادة التي تحترم المتلقي . يتناسى البعض تقليد “التحليل الملموس للواقع الملموس” ليتدثّر بعباءة الإرادوية الفجّة والذاتوية المتشبّعة بموروث امتلاك مفاتيح الحقيقة المطلقة في طقس جنائزي يعلن موت ثقافة النسبية. 2 – القراءة التجزيئية: تعمد هذه القراءة إلى تجزئة السباق الرئاسي إلى محورين: -محور أول يكون فيه التنافس بين مرشح الحزب الحاكم وبقية المترشحين وهو سباق ذو نتيجة معلومة سلفا بالنظر إلى الخلل الواضح في ميزان القوة إذ أن مرشح الحزب الحاكم يملك كل مقومات الفوز على منافسيه بشكل حاسم. -محور ثان ينحصر فيه التنافس بين مرشحي الأحزاب السياسية باستثناء مرشح الحزب الحاكم غاية السباق فيه حيازة المرتبة الأولى ضمن أطراف هذا المحور والمرتبة الثانية بشكل عام. هذه التجزئة للسباق الرئاسي وإن انطلقت من معطى واقعي هو اختلال ميزان القوة بين المتنافسين فإنها أخرجت عملية التنافس من إطارها الحقيقي فالغاية من هذا السباق هي الفوز وتحمّل مسؤولية الرئاسة وأعباء الحكم ولا يوجد سباق انتخابي في العالم رهانه الأرقام والمراتب باستثناء حالة الالتجاء إلى دورة ثانية فقد يكون الحصول على المرتبة الثانية مهمّا في سياق مكسب حزبي ولكنه يبقى بلا معنى في سياق البناء السياسي العام . إنها قراءة “حزبية” “تكتيكية” لا تساهم في إكساب العملية الانتخابية أيّة جاذبية في نظر الناخبين بقدر ما تزيد في ترسيخ حالة التنفير من المشاركة بتصوير الانتخابات على أنها لعبة أرقام ومراتب دون مضمون سياسي. وإذا كانت النتيجة محسومة سلفا لصالح مرشح الحزب الحاكم فإن ذلك لا يعني آليا أن المضمون الوحيد لترشح البقية هو حيازة المرتبة الثانية فهناك مضامين سياسية للترشح ترتبط بالإطار العام وبالمساهمة الجادة في تطوير البناء السياسي بالبلاد ومزيد تحديث المجال السياسي. إن القراءة التي لا تضع في اعتبارها العلاقة بين السباق الانتخابي الرئاسي وتطوير التجربة السياسية هي قراءة قاصرة ساقطة في الوهم أو المصلحية الضيّقة هي قراءة سياسوية وليست سياسية . لذلك نرى – من منظورنا – أن الدلالة الأهم للمشاركة في السباق الرئاسي ونحن ننطلق من حقيقة اختلال ميزان القوى أن تعدد الترشحات واختلاف البرامج بين المترشحين يمكن أن يلعب دورا إيجابيا في إضفاء المصداقية على المضمون السياسي للانتخابات بغضّ النظر عن النتائج .كما أن هذا التعدد يمكن أن يساهم في تحريك ما ترسّب في الوعي الجماعي من تمثل تقليدي للعملية السياسية قوامها الحزب الواحد والرأي الواحد و و.فرغم إيماننا بالدور الذي تلعبه النخبة في المجتمع فإننا نرى أيضا أن العملية السياسية وسيرورة الدمقرطة مرتبطتان بالبنية الاجتماعية وفي واقع التجربة التونسية على الرغم  من التحولات التي عرفها المجتماع واقترابه من نمط الحياة العصري فإنه لا يزال يعاني خللا فادحا في مستوى الوعي بالمشاركة السياسية ومدى نجاعتها. ومن ثمّ فإن تعدد الترشحات مع جدية البرامج المقدّمة وتباينها يمكن أن يؤثر بشكل نسبي في تغيير الصورة السائدة حول طبيعة العملية السياسية. كما أن تعدد الترشحات في ظل  وعي سياسي يحكمه التقليد يمكن أن يفرز تمثلات جديدة على مستوى الوعي بحتمية التعدد وصيانة الوحدة من خلال  تعزيز هذا التعدد وتطويره . إن الإبتعاد عن القراءات التآمرية والتبخيسية والتجزيئية من أجل الإنخراط في قراءة تأخذ بعين الاعتبار خصائص التجربة التونسية وممكناتها مع التطلع المستمر إلى تطويرها من أوكد الأمور في هذه المرحلة فهذه القراءة يمكن أن تفيد في تأمل متطلبات المرحلة القادمة وما تفرضه المصلحة الوطنية بما ينتج نظرة أكثر إيجابية إلى الإستحقاق الإنتخابي تأخذ بعين الاعتبار الحق المطلق لأي حزب في ترشيح رئيسه أو أمينه العام أو كاتبه الأول وباعتبار أن الحكم على جدية أي ترشّح معقود على البرنامج الذي سيقدمه للناخبين لا على اعتبارات ذاتية غير موضوعية وارتباطا بالرغبة التي تحدو أي ناشط سياسي في تطوير التجرية وتطلعه الدائم إلى الأفضل رغم مفردات الواقع وتعقيداته. وإذا كنا قد قدّمنا نقودنا لبعض القراءات فإن ذلك لا يعني التقليل من شأنها فهي وجهات نظر تُحترم ويُحترم أصحابها . فهذه النقود تندرج في سياق النقاش العام حول سبل تطوير تجربتنا وفي إطار حقنا في إبداء الرأي مع الإلتزام بواجب احترام كل الآراء المعروضة على  اختلافنا معها وأول الإحترام  التعامل معها بجدية في مستوى النقد . إن ما نلحّ عليه في سياق هذا النقاش هو وضع مختلف القراءات في إطار من الموضوعية والفاعلية بالنظر إلى الضوابط الرئيسة التالية : -ضرورة الارتباط بالمعطيات الخاصة بالتجربة التونسية وأولوياتها الراهنة بعيدا عن التهويم ومنطق المطلقات -تجنّب مزالق الذاتية ومفاعيل التجاذبات السياسية الآنية التي قد تُضرّ بمشهد سياسي لم ينضج بعد خاصة إذا تجاوزت هذه التجاذبات إطارها الموضوعي ولم تندرج في سياق التفكير الجماعي في توفير متطلبات التحديث السياسي -رفض الجمود وتدشين لحظة من التفكير الجاد في ما يمكن أن يطوّر تجربتنا السياسية بالنظر إلى الحراك المجتمعي النامي وإلى مصلحة الشعب والمصالح العليا للبلاد في ضوء مفردات الوضع العالمي الراهن. وأخيرا نأمل أن تتجاوز هذه القراءات المتعددة بمناسبة الإنتخابات ارتباطها باللحظة لتتحوّل إلى حالة من النقاش العام الجاد والمسؤول حول ممكنات تطوير الحياة السياسية وإعادة تأهيل المجال السياسي وتحديثه ولا نملك في هذا غير سلطة إبداء الرأي والإقتراح وأمل التعاطي الإيجابي مع هذه الدعوة. (المصدر: صحيفة ” الوطن” لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 97  بتاريخ 8 أوت 2009)  

حركة القضاة بين التجميد والمحاباة


سليم بن عرفه   اتسمت الحركة القضائية لهذه السنة 2009، وعلى شاكلة سابقاتها منذ أربع سنوات، باستثناء أعضاء الهياكل الشرعية لجمعية القضاة التونسيين ونشطائها المساندين لهم من النقل والترقية طبقا لأحقيتهم المبررة والمشروعة. في المقابل، سخرت هذه الحركة لمكافأة البعض في تمييز فاضح بين القضاة مستندة الولاء للإدارة والانخراط الفعلي أو الضمني في الانقلاب على الهياكل الشرعية. فهناك أسماء تعاقدت مع الترقيات والاستئثار بالخطط الوظيفية وورد اسمها أكثر من مرّة في حركة السنوات القليلة الماضية، وهناك من لم تستكمل مدّة نقلته السنة الواحدة وأعيد إلى العاصمة بمسؤولية بينما تمتعت عضوة المكتب الموالي للوزارة بالارتقاء إلى الدرجة الثالثة وبإسنادها خطة رئيسة دائرة وهو استثناء نادر مثير لشتى التعاليق. كما احتوت قائمة المكافئين على أسماء ترددت بمناسبة قضايا دعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب. وتستمر محنة  القضاة المدافعين عن الشرعية والاستقلالية، المبعدين إلى مدنين وقابس وقبلي وتوزر وقفصة والقصرين وصفاقس والمهدية والقيروان وسليانة، جراء نقل تعسفية بداعي “مصلحة العمل”! فأي مصلحة ترجى للعمل في ظروف القهر والإبعاد والتفريق بين الزوجة وزوجها وبين الأم وأطفالها وبين المرء وذويه المسنين والمرضى في استخفاف بكل القيم الإنسانية والأعراف المجتمعية؟ وهل من العدل تسليط أعباء”مصلحة العمل” ولمدة أربع سنوات وأكثر على مجموعة من القضاة دون غيرهم؟ هل نسي وزير العدل تصريحه أثناء حواره السنة الفارطة في مجلس النواب والذي طمأن فيه أحد النواب، الذي سأله عن محنة القاضيات، بأن وضعهم ظرفي وسيراجع عند انقضاء أربع سنوات. أهو الظرفي الذي يدوم؟ إن التمادي في التشفي والتنكيل وتجاهل الطعون سواء في النقل التعسفية أمام القضاء الإداري بدعاوي تجاوز السلطة، أو في انتخابات المجلس الأعلى للقضاء لدورتي 2005/2007 و2007/2009، وتجميد الترقيات وتضييقات في العمل وحجز للمرتبات ومنع من السفر وحرمان من اختيار فترات العطلة السنوية، يؤكد السياسة التي تنتهجها وزارة العدل في التعامل مع أزمة الجمعية بمنطق العقاب والإقصاء للتحكم في الترشحات لعضوية المكتب التنفيذي بإبقاء هذه المجموعة من القضاة خارج الدوائر الانتخابية (تونس الكبرى وبنزرت ونابل). إلام وحتّام يلغى حق القضاة في الاجتماع والتعبير وتغيّب مشاغلهم وتطلعاتهم نحو سن قانون أساسي حام لهم يكرس المعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية ومنها بالأساس مبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه واعتماد انتخابات حقيقية لنوابهم داخل المجلس الأعلى للقضاء والتنصيص على وضعهم كسلطة مستقلة. إن معالجة هذه الأوضاع يتطلب قيام حركة تضامن واسعة ونشيطة مع القضاة المتضررين في نقلهم وترقياتهم ورأي عام ضاغط على الحكومة ومساءلتها عن تأبيد هذه الأزمة وتفاقمها خاصة والبلاد مقبلة على انتخابات رئاسية وتشريعية من المفترض أن يكشف فيها الحساب. كما لا يتسنى التجاوز دون استشعار الحكومة للكلفة الباهضة لتلك القرارات، سياسيا واقتصاديا وشعبيا ودوليا، ودون إرادة إصلاح صادق يقطع مع الانغلاق ويشيع انفراجا يمهّد إلى الانتقال نحو الديمقراطية المنشودة.   (الطريق الجديد عدد 140 بتاريخ 8 اوت2009 )  

جزيرتهم وجزيرتنا

د.منصف المرزوقي الهجوم الشرس الذي تقوم به أبواق السلطة التونسية موسميا ضد الجزيرة أمر مألوف وطبيعي .هو ” عقاب” على تغطية الأحداث التي يجب أن تبقى سرّا وهو ” تحذير ” و” تخويف” من مغبة ما سيأتي في حالة تعرّض الجزيرة بالحقيقة للمهزلة الانتخابية التي يعدها النظام في أكتوبر المقبل، وكله خشية من فضيحة جديدة يعلم أنها ستكون لها في الموعد. فحكامنا مثل الخفافيش التي لا تعيش إلا في الظلام لممارسة موبقاتها من تعذيب وفساد وسوء تصرّف، والجزيرة هي اليوم اسطع ضوء وأبعده إشعاعا، الشيء الذي لا يعجب البتة الخفافيش وأبواقهم المأجورة وهو أمر نتفهمه . لكن هناك كلام قيل من قبل هذه الأبواق في البرنامج الذي بثته قناة حنبعل ولا يمكن السكوت عنه . إنه كلام أحد المتدخلين المصريين وكان مبنيا على كذبتين كبيرتين وعلى تعريض صغير. الكذبة الأولى كلاسيكية ومبتذلة وهي القول أن إعطاء حق الكلام لمواطنين ينقدون سياسة نظامهم هو تهجم من القناة على بلد بتاريخه وسكانه وأجياله القادمة. إنه الاختزال المضلل لمصر بتاريخها وسكانها في شخص مبارك وتونس بنخيلها وزياتينها وياسمينها وبشرها في شخص بن علي ، أي في كلتي الحالتين في دكتاتور ليس له الحد الأدنى من الشرعية الانتخابية الفعلية للكلام باسم الدولة…. فما بالك بتمثيل وطن بأكمله. إنه اختزال لا يستأهل حتى الرد ولذلك لن أواصل. الكذبة الثانية هي التي تختزل الجزيرة في دولة قطر . صحيح أنه لولا المال القطري والحماية القطرية لما كانت الجزيرة. لكن هل كانت الجزيرة تصبح الجزيرة لولا عمل جهابذة الصحفيين وباقي المهنيين القادمين من كل أقطار الأمة ونجاحهم في استقطاب كل الأصوات والأقلام التي يحسب لها حساب والتي أعطت للقناة مصداقيتها وإشعاعها ؟ لكن هناك الطرف الثالث والأهم. هل كانت الجزيرة تصبح الجزيرة لولا الجمهور العربي الذي احتضنها وأحبها ووثق فيها لأنه وجد فيه صدى قويا لآلامه وآماله ؟ لنتصور الجزيرة بالعنصر الأول فقط …كانت ستصبح القناة القطرية الثانية لا أكثر . لنتصورها بعنصر مال وحماية دولة خليجية وبصحفيين ومهنيين ، لكن دون الخط الذي جلب لها جمهورها الغفير …أقصى ما كانت ستصل إليه مرتبة قناة العربية وما أدراك ما العربية. المعادلة إذن الجزيرة= الدعم القطري+ مهنية الصحافيين العرب+ مشاركة نخب الأمة + مباركة الجماهير. هاتوا لنا يا خفافيش كل هذه العوامل مجتمعة وستهزمون الجزيرة ، ما عدا هذا ليس أمامكم سوى النباح. أخيرا لا آخرا كلام لا تقبل ويمكن تلخيصه ادعاء الرجل أن السبب الحقيقي في هجوم الجزيرة على ” مصر” و” تونس” هو غيرة القطريين من الحضارة الشامخة لهذين البلدين المتجذرين في آلاف السنين من التاريخ، وهو انتقام رخيص من أصحاب العراقة التاريخية لحفنة من أجلاف البدو فاجأتهم ثروة لا يستأهلونها. على فكرة ماذا لو كان الرجل بصدد عكس مشاعره على الآخرين أي أنه هو وأمثاله من يشعر بالغيرة من القطريين وليس العكس . لم يبق على هذا الرجل إلا أن يرسم لنا سلّم العراقة الحضارية وان يصنف شعوب الأمة إلى أفارقة متوحشين و بدو فقراء وبدو وصوليين من أمثال القطريين ومساكين لهم من التاريخ بضعة مئات من السنين ليضع في أعلى السلم مضيفيه الفينيقيين وفوقهم جبابرة الفراعنة الذي ينتمي لهم. إنه كلام مقرف ومشين بكل معاني الكلمة ولا يستأهل إلا الإدانة المطلقة ومن حمد الله أننا نؤمن بوحدة أمتنا وأن ما يجمع بينا قيم العروبة والإسلام . آه نسيت أن أقول أن هذا الشخص الذي أتى بمثل هذا الكلام يدعى مجدي الدقاق وأذكر أن فيصل القاسم واجهني به في برنامج الاتجاه المعاكس حول الأنظمة العربية وان الرجل أخذ كامل وقته في الجزيرة ليدافع عن أسياده وأنني شاهدته أكثر من مرّة على شاشة القناة التي يعرّض بها . كم أود أن يجيب على سؤالي : هل سيسمح لي أصحابه في قناة حنبعل أو قناة النيل بأن آخذ نفس الوقت الذي أخذه في الجزيرة . كم يصدق فيه مثلنا الشعبي :” يأكل الغلة ويسب الملة” . ملاحظة أخيرة : أثار اهتمامي إبان البرنامج الذي نتحدث عه تدخّل ” اختصاصي” قام بهجوم كاسح ليس فقط على الجزيرة وإنما أيضا على روبير مينارد وراديو كلمة الممنوع والمحاصر في تونس . ما لفت انتباهي هو عمر هذا الرجل الذي قدرت أنه لا يتجاوز الثلاثين.كنت أسمعه وأنا أطوح برأسي : حقا ليس للانتهازية عمر …يا للخسارة …هذا شاب آخر لا يستأهل شبابه.  
(المصدر: موقع الدكتور منصف المرزوقي بتاريخ 8 أوت 2009)  

العين بصيرةز قراءة في المشاهدة والمشاهد (1ـ2) أم ـ بي ـ سي 4


أنـت الأولـى عادة حميدة دأبت عليها مؤسسة «سيغما كونساي» لصاحبها حسن الزرقوني وتتمثل في إصدار نتائج المعاينات الميدانية للمشاهدة التلفزية في تونس… آخر هذه الإحصائيات ما قامت به في الفترة ما بين 3 و10جويلية الماضي وتم في محيط «تونس الكبرى». هذا الرصد الميداني الذي يخضع لقوانين معينة ولفلسفة في الإحصاء إضافة لأخلاقيات مهنية يقوم في بلانا ليس على معرفة اهتمامات المواطن/ المشاهد لغرض دراسة البرامج التلفزية وصداها، بل لمعاينة هذه الاهتمامات لغرض إستشهاري بحت.. بالتالي يجب أن يؤخذ هذا الرصد ونتائجه على حقيقتهما التجارية وأن هذا لا يقلل من صدقيتهما، بل يضعهما في إطارهما الحقيقي… وفي موضوع هذه الممارسة الإحصائية وما مدى مصداقيتها، سبق أن سأل نواب من اللجنة الأولى الحكومة (ممثلة في وزارة الإتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين) عن كيفية إقامتها وتقييما (سؤال رقم 6)، فكان جواب الوزارة أنها تقوم على طريقتين. إحداهما، والتي تستعملها «سيغما»، تقوم على كنش المتابعة. تتمثل هذه الطريقة في توزيع كنش المشاهدة على مجموعة من العائلات في تونس الكبرى بالأساس وبعض ولايات الجمهورية شهريا ويتولى المراقب (سوبرفيزور) زيارة العائلة أسبوعيا للسهر على حسن تعمير الكنش، ويتضمن الكنش جدولا يشمل اسم القناة التي تمت مشاهدتها واسم البرنامج الذي تمت متابعته وتوقيت البث» (ص 6 من أجوبة وزارة الاتصال في نوفمبر 2007 حول مشروع ميزانية الدولة 2008). وهذه وسيلة، وإن كانت بدائية نوعا ما، معروفة ومعمول بها في عديد دول العالم. يبقى أن نسبة الممارسة التقليدية بها كبيرة وكذلك هامش الأخطاء، وإن مأخوذة بعين الإعتبار. ثم هذه الاستطلاعات موجهة بالأساس إلى المؤسسات التجارية. ومؤسساتنا بخيلة وتقليدية… هناك إمكانيات أكثر دقة وأكثر نجاعة، ولكن تكاليفها أكبر من إمكانات السوق التونسية… تراجع التلفزات المحلية؟ تقول أرقام المعاينة الميدانية ان القناة الأولى التي حرصت العينة التونسية (2,600 فرد) على مشاهدتها هي القناة السعودية اللبنانية «أم، بي سي 4» بنسبة 17.8 في المائة، أي ما يقارب 427 ألف متفرج (1 في المائة يعادل 24 ألف نفر في تونس الكبرى) فيما تأتي القناة العمومية الأولى (تونس 7) في المرتبة الثانية بنسبة 13,6 في المائة، أي بعيدا عن القناة السعودية بفارق يزيد عن 4 نقاط (ما يقارب 11 ألف مشاهد) واحتلت القناة الخاصة «حنبعل» المكانة الثالثة بمعدل 10.2 في المائة (فارق 80 آلف متفرج بالنسبة للعمومية التونسية وأكثر من 182 ألف متفرج بالنسبة للخاصة السعودية-اللبنانية)… وقد أختار أزيد من 200 ألف تونسي متابعة القناة الإخبارية القطرية «الجزيرة»، مما جعلها تحتل المرتبة الرابعة قبل «ام، سي 2» (6,4 في المائة) وقناة روتانا سينما (6,3 في المائة)… أما قناة «نسمة تي في» ورغم حداثة عودة الحياة إليها، فإنها احتلت المرتبة السابعة بنسبة 5.7 في المائة، أي ما يقارب 157 ألف مشاهد… نلاحظ هنا غياب «تونس 21» من العشر الأوائل والأمر ينطبق كذلك على القنوات الفرنسية برمتها… فما بالك بالقنوات المغاربية؟ ذهنية التصوير الحجري حينما نعلم أن نسبة مشاهدة التلفزة لتلك الفترة كانت بـ77 في المائة وان القنوات الخليجية مجتمعة جمعت 39 في المائة (936 الفا) مقابل 29.5 في المائة (708 الآف) للقنوات المحلية مجتمعة، بمعنى أن الفارق يقارب 10 نقاط (240 ألف مشاهد)، فإننا نلمس المنافسة الشرسة التي تجدها قنواتنا في جذب مشاهديها… وإن كان هذا التراجع مفهوما علميا لسبب انطلاق فصل الصيف ودخول مجتمعنا في نمط معيشي مغاير لا ولم تأخذه بعين الاعتبار تلفزاتنا (برمجتها، إنتاجاتها، إقتناءاتها)، فإن الطبيعة التلفزية تكره التكرار. فيهجر المواطن الشاشات الصغيرة المحلية إلى شاشات أخرى… ولأنها غير محلية، فقد تحمل توجهات ثقافية وسياسية وقد يعمل البعض منها «لمآرب أخرى» ضد التجانس الوطني… وهو ما يحمل الأطراف الإعلامية ببلادنا مسؤولية كبيرة… الصورة لم تعد اليوم أحادية المظهر والدلالة وأساليب رواجها تناسخت إلى ما لا نهاية ومراكز القوى في العالم تتخذها دائما مطية لسياسات تأثيرية. إلا أن فئة من العاملين في المشهد السمعي – البصري التونسي مازالت تعمل بذهنيات عصر التصوير الحجري (…/…).   خميس الخياطي http://www.assabah.com.tn/pop_article.php?ID_art=23568  

كلمة حقّ….أريد بها باطل


بقلم رضا الرجيبي إنّ المتتبّع لِـمَا يكتب على صفحات الشبكة العنكبوتيّة في الأيّام الأخيرة أو ما يدور في حوارات ولقاءات مع الأصدقاء الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقّ يلمس حالة من اليأس و فقدان الأمل ….تراوحت من شخص لآخر في تعبيراتها وحتّى مآلاتها. وذلك راجع دون شكّ لطول المحنة الّتي أطبقت علينا كلّ هذه السّنين…غارسة أنيابها الزّرقاء المسمومة في أجسادنا الّتي أنهكها الجلاّد وأقعدها السّجن وشتّتتْها الغربة والفراق وتلقفتها المَهاجِرُ شرقا وغربا… ولا زالت المحنة تلاحقنا في مظاهر مختلفة, تقطع عنّا الأرزاق أو تسدّ علينا سبل الدراسة أو تحرمنا حقّ التّداوي …. تلتفّ على كلّ عناصر القوّة في كيان الفرد والجماعة تبتغي منّا مقتلا, تاركة آثار مخالبها على أجسادنا ونفوسنا وذاكرتنا ثُمّ إراداتنا…تشدّنا إلى مستنقع الظلم والاستبداد الّذي غرقت فيه البلاد منذ عقدين, فوهنت بعض الأنفس وسكنت فيها شرارة الصّمود والتّصدّي ودبّ فيها الاسترخاء وركنت إلى الاستقالة تستهلكها حتّى أصبحت إلفا مألوفا. والحقيقة أنّ هذه الحالة من اليأس الّتي طالت نفوس البعض تبقى حالة طبيعيّةً إلى حدٍّ ما ليست متخارجة عن تركيبة الإنسان  إذا أوردناها في سياق الضعف البشري الّذي أقرّه القرآن الكـريم”وخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا”فكل منا يحمل بذور ضعفه بين جنبيه و مهما أوتي من قوّة وإرادة يبقى دائما تحمّلُه محدودٌ والله الّذي خلقنا وركّبنا أعلمُ بِنا مِنَّا”ألا يعلم مَنْ خَلقَ وهو اللّطيف الخبير”.وهذه كلمة أخرى عامّة وشاملة يقرّرها الله تعالى “لا يكلّف الله نفسا إلاّ وُسْعَهَا”. والوُسْعُ أو الطّاقة يتفاوت من بشر إلى آخر فما تصبر عليه أنت وتصمد أمامه قد تهن له عزائـم غيرك,وما تحمّله بلال رضي الله عنه تحت السِّياط ولهيب الهجيرة لم يطقه بن ياسر رضي الله عنه وكلاهما مؤمن سابق للإسلام تشرّب من نبع النّبوة إلاّ أنّ ذلك هو شأن المحن تمحّص الإرادات وتسبر أغوار النّفوس. وما مثال الصّحفي عبد الله الزّواري والدكتور الصّادق شورو والدكتور المنصف بن سالم …علينا ببعيد وآخرون مثلهم قضوا نحبهم وما بدّلوا تبديلا. والملاحظ أنّ حالات اليأس وفقدان الأمل قد تأخذ منحى خطيرا فتصبح معولا تهدم ذات الفرد والجماعة وتفرغ صاحبها من كلّ معاني العطاء والإيجابيّة, فيتحوّل الإنسان الّذي كان بالأمس يرصّ صفوف الواقفين في وجه الظلم والاستبداد إلى متقاعد يعزّز صفوف اللاّمبالين والمتفرجين على مآسي الآخرين وجراحهم متحلّلين من كلّ مسؤوليّاتهم… ثمّ يتفاقم الدّاء عندما يختار الإنسان الانعزال راميا وراء ظهره كلّ تاريخه النّضالي النّاصع,متنكّرا إلى منظومته الفكريّة الّتي تربّى عليها قاطعا مع كلّ ما يربطه بماضيه,هذا الماضي الّذي صار وزرا يشدّه إلى الأسفل ولعنة تلاحقه بدلا من أن يكون مفخرة في حياته وإرثا نَيّرا لأبنائه من بعده,فكم من عظيم فارق الدّنيا ولم يورّث أبناءه مالا ولاجاها ولكن ترك لهم ذكرى طيّبة وتاريخا حافلا بالصمود في وجه الاستبداد ونصرة الحقّ.    ويوما بعد يوم تتسع الهوّة بينهم وبين أفكارهم وقناعاتهم حتّى تصبح نسيا منسياّ ثمّ يفسح المجال للتّبرير الّذي قد يصل إلى درجة تقديم أعذار تبدو في ظاهرها مقنعة ومنطقيّة ولكن في باطنها ليست إلاّ أعذارا واهية قد تصبّ عن قصد أو غير قصد في صالح المستبد وتبرر أعماله الإجراميّة ويصبح الجلاد وقاتل الأبرياء صاحب حقّ يستحقّ المساندة وربّما الولاء كما أمست مبادئ ومعتقدات الأمس تبوء باللّعنة والبراء. وأغلب المتساقطين في هذا الحرج يدرجون سلوكهم تحت عنوان “الرجوع إلى الحقّ فضيلة” أو” أنّه غُرّر بهم”. أمّا الأولى فهي كلمة حقّ أريد بـها باطل لأنّها حكمة بالغة وقيمة أخلاقيّة أدرجت في غير محلّها,ذلك أنّ القبول بـها يعني أنّ صاحبها كان في باطل ورذيلة طوال سنوات حياته حتّى “ثاب إلى رشده”ـ كما زعم ـ وليته فعل لأنّه ما إن عاد إليه رشده حتّى عقّ أفكاره واستنكر لقناعاته. فكيف يمكن أن يكون الوقوف بجانب المظلوم ونصرة قضايا الحق والعدل باطلا ورذيلة؟؟ كيف يمكن أن يكون الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر باطلا ورذيلة؟؟ كيف يمكن أن يكون الدّفاع عن الفقراء والمستضعفين باطلا ورذيلة؟؟ كيف يمكن أن يكون الانتصار للحريّة والديمقراطية باطلا ورذيلة؟؟ إنّ العودة إلى الحقّ والاعتراف بالخطأ والنّقد الذّاتي كلّها فضائل لا اختلاف حولها وكلها أخلاق أصيلة في سلوك العظماء والصّالحين لا ينكرها إلّا معتد. صحيح أن المناهج والسبل لنشر هذه القيم وتحقيقها قد تختلف من واقع إلى آخر ومن زمن إلى زمن وقد نصيب ونخطئ في اختيار المنهج الأمثل وذلك لا يشكك من قريب ولا من بعيد في صحّة هذه القيم وصدقها وإنّما التقصير في الأسلوب وكيفيّة التّنـزيل, ورفض القيم والفضائل والإلقاء بها عرض الحائط بحجّة فساد المنهج وعدم نجاعة الأسلوب غلط كبير وشطط عظيم. أمّا الثّانية”التّغرير” فهو عذر أقبح من ذنب لما يتضمّنه من معاني القصور في إدراك الحقائق وانتقاص لعقول الناس(المغرر بهم) ونعتهم بالسذاجة والبلاهة وعدم القدرة على التمييز وهي صفات دأبت الأنظمة المستبدة على إلصاقها  بمعارضيها لتظهرهم أمام الرّأي العام بمظهر المغفّلين السّذج,وتظهر في نفس الوقت الطرف الآخر بمظهر الأفاك المتحايل الذي يستخف بعقول النّاس ويستدرجهم… وكم كانت تزعجني هذه الكلمة أيّام التحقيق إذ كان الجلادون يرددونها على مسامعنا باستمرار “من غرّر بك وأدخلك التنظيم؟؟” “أنت شاب مقبل على الحياة لا تعرف شيئا من الدنيا”؟؟… وكأنهم يريدون إفراغنا من كلّ اختيار وإرادة ومسؤوليّة فما نحن إلاّ أدوات طيّعة في أيادي الآخرين. وكم كان يزعجهم أن يسمعوا من الشباب:”لم يغرّر بي أحد أنا اخترت عن قناعة” بكلّ فخر واعتزاز رغم ما يلاقونه من تعذيب وتنكيل. كنّا شبابا ندافع عن قيم ومبادئ هي أكبر من التنظيمات والأحزاب نراها مطلبا يوميّا في عيون المستضعفين والمقهورين في بلدي ولازالت إلى اليوم تستصرخنا. فما بال أقوام صمّوا آذانهم عن صرخات و آهات إخوان لهم تقاسموا معهم يوما رغيف خبز يابس في زوايا الزنزانات وفراش مبللّ قذر في غياهب السجون وحتّى عصى الجلاد أبت إلاّ أن ترقص على ظهورنا لتختلط دماؤنا في ساح الدفاع عن الحريّة.  

تونس: وطن وبوليس ورشوة (14)

في شارع “الحبيب بورقيبة” بالعاصمة


 جيلاني العبدلي نزلتُ إلى وسط العاصمة لأشارك في مسيرة سلميّة، أعدّ لها بعضُ رموز المجتمع المدني والسياسي التونسي، احتجاجا على تدنيس بيت المقدس من طرف رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق أريال شارون.   وما إنْ وصلتُ إلى نقطة انطلاق المسيرة بمحطة الحافلات المحاذية لخط تونس البحرية، حتّى وجدتُ عددا ضخما من فرق مكافحة الشغب قد انتشروا في أنحاء المحطة، وحالوا دون النفاذ إليها، في حين تكفّلتْ أعدادٌ أخرى من قوى الأمن السياسي باعتراض الوجوه المعروفة من السياسيين والحقوقيين، وإرغامها على العودة على الأعقاب تحت التهديد باستعمال القوّة الماديّة ضدّهُمْ.  وفعْلا نجحتْ تلك الخطةُ الأمنيةُ المحكمةُ والمستندةُ إلى جُيوش من عساكر الأمن، في منْع تلك المسيرة السلميّة المُعلنة وفق التراتيب القانونية ونجحتْ في إجبار جميع الساعين إليها على العودة من حيث أتوْا وهم يحبسُون غيضهم، ويمضغُون مرارتهم على حرمانهم منْ حقّ دستوري في التعبير السلمي، عنْ تضامنهم الطبيعي مع قضيّة قوميّة متجذْرة في وعي جميع التونسيين، ومُتحكّمة في اهتمامهم اليوميّ.  انكفأتُ عائدا كسائر المنكفئين، صاغرا لإجراءات المنْع والقمع، ولمّا كنتُ أسير في الرواق الأوسط لشارع الحبيب بورقيبة، قامتْ الأستاذةُ بُشرى بلحاج حميدة (عن جمعية النساء الديمقراطيات) غير بعيد عنّي صُحبة سيّدة أخرى وطالبة على ما أعتقدُ، بترْديد شعار “فلسطين عربية، فلسطين عربية” بصوت مُرتفع، وهرول نحوهُنّ حوالي خمسة طلبة في مُحاولة لمُعاضدتهنّ في كسْر الحصار، وجعْل المسيرة أمْرا واقعا، لكنْ كان ما لم يكنْ في الحُسبان، فقد اكتشفْتُ أنّ أغلب المدنيين الذين كانوا يتنقّلون في شارع الحبيب بورقيبة ذهابا وإيّابا همْ أعوانُ أمْن، في أزيائهم المدنية على استعداد وتوثّب للتدخّل متى دعتْهُم الضرورة الأمنية.  انقضّ عونانُ منهم على السيدة بُشرى ورفعاها بين أيديهم في عنْف بدنيّ ولفظيّ وغرّبوا بها، وانقضّ آخران على السيدة الثانية وشرّقوا بها بنفس الأسلوب، في حين أقبل أحدُهم على الطالبة ووجّه لها لكْمة عنيفة على مستوى القفا، وجعل يدفعُها لتُعجّل بمُغادرة المكان وهي متألّمة دامعة مُتأزّمة. أمّا الطلبةُ فقدْ هجم على كلّ واحد منهم أربعةٌ شدادٌ غلاظٌ، فرشُوهُمْ أرضا وهُمْ يدُكّونهُمْ لكْما وركْلا، ثمّ اقتادوهم بعُنْف إلى إحدى النقاط الأمنيّة القريبة. ومن جهة أخرى أقبلتْ حجافلُ الأمن على ترويع المواطنين الآمنين السائرين في شارع الحبيب بورقيبة نُزُولا وصُعودا، وأرغمُوهُم على توْلية الأدبار مهما كانتْ وجهاتُهم في السّير، وأيّا كانتْ دوافعُهم، وفي دقائق معدودات حوّلُوا الشارع إلى خلاء لا يجرُؤُ عليه غيرُ عساكر الأمن. أحدُ الشبّان بدا من الشُّجعان، فتجاسر يقتربُ من أحد الأعوان يلتمسُ منه إمكانية السماح له بالمرور في اتجاه المحطة البحرية لضرورة عاجلة، وإذا به يفوزُ منهُ بصفعة مُدوّيّة جعلتْهُ يضعُ كفّه على خدّه المصفُوع وينقلبُ مُتراجعا إلى الخلْف موجُوعا مُغيّرا وجهته إلى حيث  يريدُ أعوانُ الأمن. غادرتُ المكان مُستاء منْ حرمان المواطنين منْ حقّ التظاهر السلميّ ولكمْ استشعرتُ يوْمئذ خطورة القمع ودوره في تأجيج الاحتقان وفي توْليد ظواهر العُنْف والانتقام.   يتبع جيلاني العبدلي: كاتب صحفي Blog : http://joujou314.frblog.net Email : joujoutar@gmail.com


تونس الأولى عربيا والرابعة عالميا في نسبة الطلاق


 يو بي آي   تونس: باتت تونس تحتل المرتبة الأولى عربيا والرابعة عالميا في نسبة الطلاق، وذكرت دراسة أعدتها وزارة شؤون المرأة والأسرة التونسية ونشرت صحيفة “الصباح” التونسية المستقلة اليوم السبت مقتطفات منها،أن عدد حالات الطلاق المسجلة خلال العام الماضي،بلغ 9127 حالة ،مقابل 16 ألف حالة زواج .   وأشارت إلى أن 27 % من إجمالي عدد المطلقين في تونس لا يتجاوز سنهم 36 عاما،علما أن أعمارهم تتراوح بين 36 و50 عاما. واعتبرت الدراسة التي أجريت على عينة تتألف من 500 مطلقة ومطلق ،أن أسباب الطلاق أربعة مرتبطة بالأوضاع الإجتماعية والمادية،وتباعد المستوى الثقافي والإجتماعي بين الزوجين،وبعض المسائل الأخرى المرتبطة بالخيانة .   وتتسبب المشاكل الإجتماعية بنسبة 48.3% من إجمالي حالات الطلاق المسجلة في تونس،بينما تصل نسبة الطلاق بسبب عقم أحد الزوجين إلى 22.7 %،في حين تتسبب المشاكل الجنسية والخيانة والغيرة،وإنعدام الثقة بنسبة 15.8 %،أما نسبة حالات الطلاق بسبب الوضع المادي فقد إستقرت في حدود 13.2 %.   ولفتت الدراسة إلى أن 59 % من حالات الطلاق في تونس تتم خلال السنوات العشر الأولى من الزواج،وأن ثلثي العائلات التي تتعرض إلى الطلاق يكون لها أكثر من طفل،بينما يتألف الثلث الآخر من العائلات من أكثر من ثلاثة أطفال.   وذكرت أن أكثر من 50 % من إجمالي عدد قضايا الطلاق التي نظرت فيها المحاكم التونسية خلال العام الماضي ،رفعتها النساء،وذلك في ظاهرة جديدة ‘ على اعتبار أن تلك النسبة لم تتجاوز 6 % عام 1960،اي قبل نحو نصف قرن.   (المصدر: موقع ايلاف ( بريطانيا) بتاريخ 8 اوت 2009 )  


هل غابت الجماهير العربية في تاريخها وحاضرها ؟

د.خـالد الطـراولي ktraouli@yahoo.fr بين ظلم التاريخ وظلمنا للتاريخ هل نتهم تاريخنا في ثقافته وسلوكياته، فنبحث من هنا وهناك عن صور اللامبالاة والانسحاب والركون عند الأجداد، وعن أطروحات الانكفاء في الصومعة عند الفقهاء والمحدثين، وخفوت التنظير السياسي وتضخم فقه الطهارة والنفاس على فقه الخروج والثورة والرفض؟ أم نقول أن كل أمة مهما علا بنيانها واكتمل نضجها اليوم، صاحب تاريخها البعيد والقريب، الغث منه والسمين عند رعيتها ولى روادها، وأن المشهد الإسلامي في أيامه الخالية، كما روّج لثقافة الرفض والمجابهة، عبر نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقول الحق عند سلطان جائر وعدم التغاضي عن الشأن العام وهمّ المسلمين، وومضات الثورات والخروج المتتابعة فصوله، والذي شكل جزء من هذا الموروث الإيجابي المطموس، نرى هذا المشهد نفسه يفرز عقلية الإرجاء وثقافة التراخي والانسحاب حسب المصدر والأهداف. وما ثقافتنا السلبية التي صاحبت يومنا وليلنا منذ ثلاثة عقود من الزمن أو أكثر قليلا، إلا تعبيرا موثقا لهذا الفصيل السلبي في موروثنا وتواصلا لبنيانه، فلم نكن المبدعين الرواد ولكن تابعين لبعض مظاهر الأجداد، فكنا خير خليفة لشر فرقة وفصيل وتصور! وغاب مقدسنا الناهض وصور بعض أسمائه ونجومه التي أضاءت حيث كان السواد عاما أو يكاد. لكن هذا التفسير والتأويل لا يمثل في الحقيقة جوابا شافيا ونهائيا لمعضلة دخول الكهوف التي ارتاءتها شعوبنا منذ خروجها من ربقة الاستعمار، ولكنه يفتح الباب على مصراعيه لسؤال حضاري ومصيري لهذه الأجيال ولغيرها : لماذا حملت الرعية هذا البعد السلبي في تراثنا ولم تتبن حمل الموروث الإيجابي وصوره الجميلة التي عبر عنها مقدسنا القولي والفعلي؟، هل هو عجز الكفاءة والطاقة والفهم؟ أم هو ذبول الإرادة أو غيابها؟ أم هو انهيار العزيمة وضياع الأمل؟ أم هو الاستبداد والإكراه والاضطرار؟ أم هو كل ذلك؟؟؟؟ لن نكون ظالمين لهذا التاريخ الطويل العريض الجميل، إذا طفح البعض من إنائه بمحطات بارزة وأساسية مشوبة باللغط والشطط، لم تكن الجماهير حاضرة في الموعد في عديد اللحظات التاريخية والمصيرية التي شكلت شخصيتها وعقليتها وسلوكها، وصبغت يومها وليلها، والتي أعطت لحضارتها منهجا واتجاها ومذاقا قاست منه بعد حين، وساهم في نكوصها وسقوطها. وسوف نتعرض إجمالا لموعدين حاسمين نعدّهما من أعظم المحطات التي تخلت فيهما الرعية عن أداء دورها وكانت العواقب وخيمة على الفرد والمجموعة والمشروع : وجاء الحاكم بولاية العهد وغاب عهد الرعية كانت اللحظة الأولى في هذا المسار، لما أراد معاوية بن أبي سفيان استخلاف ابنه يزيد، وتحويل الشورى النسبية التي عليها حال الحكم، إلى هرقلية جديدة، تورث فيها السلطة كما يورث الثوب، يروى بن عبد ربه في العقد الفريد أنه لما أراد معاوية البيعة ليزيد جمع الوفود وطلب من أصحابه أن يتقدموا الخطباء حتى يوجهوا الحديث إلى ما يريد، فتقدم منهم الضحاك بن قيس فقال : “إنه لا بد للناس من وال بعدك والأنفس يُغدى عليها ويراح… ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن معدنه وقصد سيرته، من أفضلنا حلما وأحكمنا علما فوله عهدك واجعله لنا علما بعدك…”، ثم تكلم عمرو بن سعيد فقال : ” .. إن يزيد أمل تأملونه وأجل تأمنونه طويل الباع رحب الذراع إذا صرتم إلى عدله وسعكم وإذا طلبتم رفده أغناكم…”، ثم تكلم  يزيد بن المقنّع فقال:” أمير المؤمنين هذا، وأشار إلى معاوية، فإن هلك فهذا، وأشار إلى يزيد، فمن أبى فهذا، وأشار إلى سيفه! فقال معاوية : اجلس فإنك سيد الخطباء.”[[1]] وتم في هذا الموكب “الخاشع” والمهزلة القولية تأسيس أكبر حيف واختطاف للشأن العام، في تاريخ المسلمين ووقع الاعتداء الصارخ على دستورهم غير المكتوب وتم “تنقيحه” ووقع تحييد الرعية وتهيب الفقيه. غابت الجماهير في أول لقاء كبير بينها وبين التاريخ، منها من غاب خوفا من استبداد ضارب وعقلية فردية زاحفة، وفضلت السكوت والمضي في شأنها الخاص، ولم تعد تعنيها هموم المسلمين شيئا، فدخلت سوقها أو صعدت صومعتها ونالها الصمت والوجوم! ومنها من أوجد لنفسه مبررا شرعيا وفتوى شاردة تشرع للسلطة الفردية، وتؤسس لها جمهورا وفيا لها، حيث الحكم الغشوم خير من فتنة تدوم، وتدعم موقفها الواقف على الأعراف..، فخرج هذا الصنف من التاريخ ودخل الدنيا وظن أنه لم يخرج من الآخرة! ومنهم أفراد  حدثتهم أنفسهم بالوقوف أو بالنقد، لكنهم عجزوا عن التفاف الناس حولهم رغم شرعياتهم التاريخية أو العلمية، فخذلتهم الإرادة أو الاستراتيجية أو الرعية أو القوة والمدد.  لما حضرت معاوية بن سفيان الوفاة وابنه يزيد غائب أبلغه رسالة ومما قال فيها ” لست أخاف عليك إلا ثلاثة الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، فأما الحسين بن علي فأرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه، وأما ابن الزبير فإنه خبّ ضب فإن ظفرت به فقطعه إربا إربا وأما ابن عمر فإنه رجل وقذه الورع فخل بينه وبين آخرته يخل بينك وبين دنياك”[ [2]]، وقتل الحسين وخذله أهل العراق والمسلمون من بعدهم، وقتل الزبير وخذله المدد والتخطيط، ومات ابن عمر بعيدا عن السياسة والسياسيين. هكذا غابت الرعية في أول حراك سياسي هام ومحدد وتركت التاريخ يكتب بدونها! دعنا نجذب الحديث قليلا نحو مناطق الأحلام والفرضيات ونتساءل بحياء ماذا لو رفضت الجماهير كل الجماهير الانصياع لمطلب معاوية، وتقدم الفقيه وتمردت الحجاز والكوفة والبصرة والشام، ماذا يكون حال الحضارة الإسلامية؟، ماذا يكون حال الفرد المسلم وحال مجتمعه؟، كيف يكون تراثنا؟ كيف يكون الأجداد؟ وكيف يكون الأحفاد؟، كيف نكون نحن؟ هل يصح فينا قولة: هذا ما جناه علي أبي وما جنيت على أحد؟ دخل التتار بغداد وخرجت الجماهير من التاريخ يروي بن كثير في تاريخه أنه لما دخل التتار بغداد “..قتلوا جميع ما قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش.. وكان الجماعة من الناس يجتمعون ‘لى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة… وقيل بلغت القتلى ألفي ألف نفس(مليونان)… وكان الرجل يستدعى به من دار الخلافة من بني عباس فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى مقبرة الخلال تجاه المنظرة فيذبح كما تذبح الشاة ويؤسر من يختارون من بناته..  ”  حتى ذُكِر أن الفرد من التتار كان يمسك بالمجموعة من المسلمين ويأمرهم أن يظلوا في مكانهم حتى يأتي بالسيف فيبقون ينتظرون ليجيئ ويذبحهم جميعا!!!   كان هذا المشهد الأليم يصور هذا الخنوع والانسحاب العجيب للجماهير عن أداء دورها في التصدي والرفض والتضحية وخروجها الغريب من التاريخ في محطة حساسة من المشوار الحضاري للمجتمع الإسلامي الذي تواصل نكوص أعلامه وتأكدت بداية النهاية لمشروعه. إن هذه المحطة الهامة التي غابت فيها الجماهير، ورفضت مؤازرة السلطان وخيرت الفناء، عبرت عن حقيقة جديدة سوف نلقاها عند الأحفاد وهو أن إطار الاستبداد إذا اشتد بركانه واحمر جمره وعدوانه، يمكن أن يقصم الإرادة والعزيمة ويعوّد الجماهير على الخنوع، وترك الساحة، كما يجعلها لا تميز بين مستبد الداخل ومستبد الخارج، وهي تمني نفسها من خلال عدم أداء دورها في الدفاع، على أن يكون القادم الجديد أقل فتكا من القديم. إن لقاء عجيبا جمع ثلاث عوامل مختلفة، ساهمت في استبعاد دور الجماهير في هذه المحطات المصيرية في حياتها، وانحرفت بالتاريخ والجغرافيا نحو مواطن العجز والتنحي والسقوط ولو بعد حين، استبد الحاكم وتنحى الفقيه وخافت الرعية!  كان الحاكم مستبدا عاتيا جائرا، حتى وإن ظهرت من هنا وهناك ومضات عدل لا تسمن ولا تغني من جوع. غابت المؤسسة، وغاب العدل إلا من بعض الثنايا التي جعلته مكرمة من الحاكم على رعيته! يروي المسعودي في مروجه حديث أحدهم إلى معاوية بقوله :” ..ونحن نخاف جبروتك، فإن كنت تطلق ألسنتنا ذببنا عن أهل العراق بألسنة حداد لا تأخذها في الله لومة لائم وإلا فإنا صابرون حتى يحكم الله ويضعنا على فرَجه  فقال له معاوية والله لا يطلق لك لسان”. وتخلف الفقيه رغم وجود العديد من الوجوه المعروفة، ولعل بعضها خيّر الابتعاد عن السياسة تنظيرا وممارسة، وترك الجماهير وشأنها، وطلق الشأن العام نهاية. والتزم البعض بموقف الحاكم وآزره تأصيلا وحضورا، وعارض البعض الآخر على استحياء، ووقفت جماعة قليلة على منابر من نور، ولكن عددها وتخلف الجماهير عنها، لم يساعدا على تثبيت أمرها وتكوين تيار زاحف يقتلع الاستبداد تنظيرا وثقافة، قبل أن يرمي به سلوكا وممارسة خارج التاريخ. وتمثل دعوة أبي ذر وفقهه الثوري عند البعض والحماسي عند البعض الآخر، المثال الحي لهذا الصنف من الفقهاء الزهاد. وخافت الرعية والتزمت مغارتها إلا من رحم ربك! كانت اشعاعات فردية تنطلق من هنا وهناك ولكنها لم تشكل أبدا جمهورا واسعا، وقبرت الفكرة بموت أفرادها. وفي قصة حجر وأصحابه وما آلت إليه دعوتهم، دليل على هذا المشوار الأعرج. لقد ساهم الاستبداد ولا شك في تنمية هذا الخوف وتمكنه في نفوس العباد، لكن تغيب الفقيه ورواج أفكار الإرجاء وثقافة التخلي والانسحاب، ساهما في اسستاب الأمن للحاكم وخلو الإطار من كل فكر جماهيري ضاغط، والحيلولة دون تكوّن أي تيار جماهيري زاحف. التاريخ يعيد نفسه ؟ وسوف نجد هذه العوامل الثلاث تجدد حظورها الباغي وتعيد نفسها، ويعيد التاريخ مشواره في فهم لغز الغياب المتكرر للجمهور العربي في العقود الحديثة، من استبداد الحاكم الحالي وتهيّب الفقيه وخوف الرعية، فبعد حقبة الاستعمار، عقود تتدافع والحاكم العربي في عليائه، ماسك بدرته وصولجانه، يأمر بما يشاء كيف يشاء متى يشاء، ورعيته مغيبة مهمشة طالها الخوف والحيرة، تعلقت بمحطات سوداء من تاريخها، ورمت جانبا أحلى ما فيه من كرامة ومقاومة وبناء، ودخلت الكهف كما دخل أجدادها عندما نادى منادي الحضور وداعي النهوض، ورفضت التململ وتركت الذئاب تأخذ مكانها ولم تحظر في محطات المصير! وظن الجميع أن المأدبة لا يحضرها الكرماء وأن التاريخ يعيد نفسه على استحياء، إلا أن المكنوز الإيجابي لهذا التاريخ وما أكثره وهو الغالب وإن كثر اللغط، ووجود العناوين النيرة لهذا المقدس الذي تحمله، توحي بوجود توجهات عامة سليمة وإن كانت مازالت في طور الارهاصات. إن تحررنا وتقدمنا يبقى وليد لقاء حاسم بين حضور الجماهير الواعية القابلة للحراك السلمي، عبر تشكل عقلية التدافع وثقافة الممانعة، وحضور الفقيه العالم الواعي المقتنص للمعلومة السليمة من التاريخ وتوظيفها أحسن توظيف، ووجود النخبة المتألقة التي تعيش هموم جماهيرها وهويتها ومقدسها، ولا تتقوقع في كهوفها وصالونات الشاي في دردشات وترف فكري لا يسمن ولا يغني من جوع. إن محطة الاستقلال توجت هذا اللقاء الثلاثي حين كانت الارادة والعزيمة توجه العقول والأيدي، ولا سبيل إلى استقلال ثاني دون تجديد هذه الومضات الفاعلة من تاريخنا القديم والحديث. ملاحظــة : يصدر لي قريبا كتاب جديد بعنوان ” رؤى في الاقتصـاد الإسـلامي” للحجز يرجى الاتصال بهذا العنوان kitab_traouli@yahoo.fr (المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net1 أوت  2009) [1]  بن عبد ربه “العقد الفريد” تحقيق محمد شاهين الجزء الخامس ص 112، المكتبة العصرية بيروت 1998. 2 المرجع السابق ص 115.  

منارات من اعلام السلطان إلى سلطان الإعلام

كمال الساكري سيطر على المشهد الإعلامي السمعي والمكتوب والمرئي هذه الآونة وطنيا وعربيا موضوع حرية الإعلام ودور الإعلام وأهدافه وأخلاقيات المهنة وعوض أن تتابع حوارا موضوعيا ينزّل الموضوع في إطاره الحضاري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي حتى ندرك كافة جوانب الموضوع ونحكم لصالح الإعلام أو بعض الوسائل الإعلامية كلما تحرت الصدق واختارت الموضوعية بعيدا عن التعامل أو المجاملة والدسّ الرخيص وقول نصف الحقيقة وإخفاء النصف الآخر ألخ..أو تحكم على كل وسيلة إعلامية مجانبة لميثاق الصحافة الوطني والعربي والعالمي ومزيفة للواقع عوض كل ذلك فإننا أصبحنات نصدم بإعلام يكرس حقيقة كونه جزءا من الأزمة الصحفية الإعلامية الوطنية والقومية بدل أن يكون جزءا من الحل ! لقد طغى على المشهد الإعلامي الاتصالي الوطني والقومي إعلام خاضع لسلطان المال وسلطان الإيديولوجيا والمذهب والحاكم بأمره وبتنا نرى ونسمع أصواتا تصم الآذان وتدمي العيون وعمّ ضجيج الدفاع عن السلطان وحكامته حتى خلنا أنفسنا في سوق عكاظ أو في لاذقية المعري “كل يعظم دينه يا ليت شعري ما الصحيح” وعوض أن نرى ونسمع ونقرأ تحاليل نقدية تميز الغث من السمين بما يساعد المواطن على بناء ثقافة نقدية سليمة فإننا غُمرنا بطوفان من التحامل من هذه الجهة يقابله طوفان من الكذب والنفاق والزيف من الجهة الأخرىوما زاد الطين بلّة أن الصفوف تداخلت والمواقف تباينت بشكل يصعب فيه تصنيف الفرقاء هل اختلف المشهد الإعلامي السلطاني بين الإعلام الحكومي والخاص؟ أم تراهما اتحدا في نفس الموقف؟ لقد استبشرت العرب بعصر الفضائيات وظنّت أن ساعة الفرز الإعلامي والثقافي قد أزفت لكشف طبائع الاستبداد وعجائب الاستغلال وغرائب الاستقواء وفظائع الرشوة والمحسوبية والفساد. إلا أنّ تكاثر الفضائيات الخاصة والذي تجاوز عددها ثلاثمائة لم يزد المشهد إلا التباسا بل انزلاقا إلى الطائفية والمذهبية والجهوية والعري والعار والتحريض على العنف والشذوذ ولم يسلم من هذا الانحراف إلا بعض الفضائيات. غير أن المؤلم حقا أنه حتى هذا البعض لم يسلم من مرض خدمة السلطان أو الأمير أو الملك فسقط بذلك في فخّ خدمة المتنفذين ماليا وسياسيا ومذهبيا وغابت خدمة الحرية والقيم النبيلة في مقدمتها استقلال الشعوب وعزتها وتقدمها. وبذلك أعتقد أن الإعلام العربي سواء الحكومي الرسمي أو الخاص لم يستطع تجاوز أزمة الإعلام بل أصبح جزءا منها. وأعتقد أنه لا خلاص للشعوب والأمم إلا بوجود إعلام حرّ وإعلاميين أحرار يرفضون أي سلطة سوى سلطة الحق والعدل والمساواة فرسان قلم لا يخشون في الحق لومة لائم ولا ترهبهم السجون ولا الشجون ولا الجوع أو الحرمان والتهميش الذي سيلجأ إليه أصحاب المؤسسات الإعلامية لمعاقبة المتمردين على إعلام الزيف والمديح والزمر والطبل . إن الأمة العربية في مرحلة فرز حقيقي بين الأحرار والعبيد وبين حملة مشاعل التنوير والتقدم وحمالة الحطب يوقدونه خدمة لأسيادهم وأعتقد أن عصر الإعلام الحرّ قد هلّ ولن تفلح أفواه المشككين في إطفاء نور الحقائق الماثلة للعيان. (المصدر: صحيفة ” الوطن” لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 97  بتاريخ 8 أوت 2009)  

القوميّون والدولة الوطنية: إقليمية أم وعي باللحظة التاريخية؟

الأستاذ: ضو عقل   يعتقد القوميّون الوحدويّون أن الدولة الطبيعية يجب أن تكون متطابقة مع الكيان القومي و الاجتماعي للأمة. فلكل أمة كيانها السياسي الذي يعبر عن وجودها القومي المتميز عن بقية الأمم و القوميات. فحدود الدولة القومية هي الحدود الجغرافية للأرض القومية المشتركة وهي حدود اللغة و الحضارة القومية المميزة لأمة عن أخرى.  فكما للأمة الفرنسية و الأمة الألمانية دولة لكل منهما كان طبيعيا أن يناضل القوميون و الوحدويون العرب و لازالوا من أجل أن تكون لأمة العرب التي تعيش على هذه الرقعة من الأرض المشتركة و التي تمتد من المحيط إلى الخليج دولتها الواحدة تعبيرا سياسيا عن وحدة الأرض و اللغة و الماضي و المصير المشترك. و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن و يجري التاريخ بما لا تشتهي الأمم و كذلك كان الشأن بالنسبة للأمة العربية التي أدرك أعداؤها قبل أبنائها أهميتها الحضارية. يكفي أن تكون أرضها مهبط كل الرسالات السماوية فتداعت عليها الأمم الإستعمارية كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها فكانت مؤامرات التجزئة و البلقنة بدءا “بسايكس بيكو” مرورا بالهجمة الإستعمارية الأوروبية و التي طالت كل أقطار الوطن العربي و وصولا إلى الهجمة الحديثة التي تستهدف حتى الدولة الإقليمية في وجودها و ما يحدث في العراق و السودان و الصومال و ما يحاك للجزائر و مصر و غيرها خير مثال على ذلك. في هذا الظرف التاريخي الحرج وجد القوميّون أنفسهم أمام مفارقة تتمثل في الدفاع عن الدولة الإقليمية التي أنكروها! فانطلاقا من إدراكهم للحظة التاريخية التي تمر بها الأمة كان لزاما على الوحدويين وعي متطلبات المرحلة و ما تقتضيه من الحفاظ على الكيان الإقليمي لكل دولة من الدول العربية التي وجدوا فيها وعيا بضرورة إفشال المخطط “الصهيوإمبريالي” الذي يهدف اليوم إلى تجزئة المجزأ و تفتيت المفتت إمعانا في إضعاف العرب أمام العدو الصهيوني ليضمن له البقاء و السيطرة على كل العرب. هذا المشروع الذي انخرطت فيه بغباء حينا و عن سابق إصرار حينا آخر قوى عديدة تحت مسميات دينية و اجتماعية و آخرها “فرسان الديمقراطية” من الليبيراليين الجدد راكبي الدبابات و المشاريع المشبوهة الآتية من وراء البحر. لقد أدرك القوميون أن الدفاع عن المشترك الذي يجمعهم بأبناء شعبهم في كل قطر من شأنه أن يوقف مسلسل التردي الذي يدفع بالأمة إلى مهاوي التناحر العرقي و الديني و الطائفي و العشائري. ففي ظل هذا التردي يصبح الحفاظ على الوحدة الوطنية في كل قطر موقفا قوميا تقدميا يفوّت على أعداء الأمة فرصة العبث بمكوناتها السابقة لتكوينها القومي و توظيفها لمصلحته. فالصراع القبلي في السودان أو في الصومال أو في اليمن كما الصراع الطائفي في العراق أو في لبنان متخلف مهما رفع من شعارات خلاله يصل بها بعض السذج إلى الجهاد في سبيل الله!  إن الوعي الوطني و القومي و تغليب الولاء للأمة  على كل الولاءات الحزبية الضيقة هو الذي يجعل القوميين محصنين ضد الصراعات الجانبية و ضدّ هذه المشاريع المشبوهة حتى و إن رفعت بعض شعاراتهم في الحرية و الديمقراطية.  إن التمسك بالوحدة  الوطنية خيار وحدوي لا غبار عليه ينبع من الإيمان بأن المشترك بين أبناء القطر الواحد يمكن أن يتطور إلى لبنة من لبنات البناء القومي انطلاقا من الإرادة  الحرة و الواعية لأبنائه و التي كلما كانت حرة كلما أدركت ضرورة الوحدة العربية سبيلا وحيدا للبقاء و الدفاع عن مستقبل الأجيال القادمة في عالم أنجزت فيه كل الأمم تقريبا وحدتها القومية بل و تنادت تلك الأمم إلى خلق فضاءات أرحب لمواجهة التحديات التي تواجهها. انطلاقا من هذه المعطيات انصب نضال القوميين على تحرير إرادة المواطن العربي حيثما كان بالانخراط في تحرير الأرض و تحرير الإنسان سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و لأنهم يغلّبون الولاء للأمة على كل ما عداه و لم ينخرطوا في صراعات أدت بالبعض للتضحية بأقطار من أجل مصلحة حزب أو فئة أو طائفة اتضح فيما بعد أنها لا تغني عن الوطن الذي ضيعه بسقوطه في شباك غير مرئية لمشاريع تتجاوز فهمه القاصر وأفقه الضيق المحصور في الصراع على سلطة تكون في أغلب الأحيان وهمية كما هو الشأن في العراق و فلسطين. إنه قدر القوميين و قدر هذه الأمة التي مازال بعض أقطارها تحت الاحتلال الأجنبي المباشر وهي الأمة التي مازال أعداؤها قادرين على توظيف عناصر القوة فيها كالدّين ضدّ وحدتها و مستقبلها! وفي مقابل ذلك تبقى الأمة العربية الأمة الوحيدة المشتبكة اشتباكا مباشرا و مسلحا مع المشروعين الصهيوني و الإمبريالي و ذلك فخر لها يعبّر عن إرادة البقاء و التحرر الكامنة في كل فرد فيها.   تحيّة لكل الذين ساروا على هذا الدرب من الشهداء و الأحياء في ذكرى ثورة 23 يوليو الخالدة   
(المصدر: صحيفة ” الوطن” لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 97  بتاريخ 8 أوت 2009)  

حمّله بعض المسئولية عن الاتجاهات التكفيرية القرضاوى: أفكار “قطب” لا تنتمي للإخوان وفيها خروج على أهل السنة

 


السيد زايـد 08-08-2009 قال الشيخ يوسف القرضاوي الداعية والفقيه الإسلامي إن الأفكار التكفيرية التي انتهى إليها المفكر الإسلامي سيد قطب في كتاباته ليست على منهج أهل السنة والجماعة الذي ارتآه جمهور الأمة، محملا قطب المسئولية عن أفكاره وليس الإخوان، ومؤكدا أن هذه الأفكار التكفيرية لا توافق فكر الإخوان المسلمين، لأن فكر الإخوان ليس فيه تكفير، حسبما تحدث. جاءت هذه الشهادة للقرضاوي عن سيد قطب في حوار مع ضياء رشوان، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، في برنامجه “منابر ومدافع” الذي تبثه فضائية “الفراعين” المصرية – لتفتح الباب مجددا للنقاش حول الفكر التكفيري عند قطب وعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين، وتصنيف قطب وانتمائه وهل هو إخواني أم سلفي أم جهادي؟ من الاعتدال إلى التفكير وقال القرضاوي في الحديث الذي بثته القناة مساء الجمعة 8 يوليو 2009 إن سيد قطب انتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين في بداية الخمسينيات من القرن العشرين، وإن انضمامه للإخوان جاء بناء على رغبته واقتناعه بالجماعة، مشيرا إلى أن التغير في أفكار قطب من الاعتدال إلى التكفير ظهر في كتاباته المتأخرة، خاصة تفسيره الشهير “في ظلال القرآن” وكتابه “معالم في الطريق”، ومؤكدا أن هذا التغيير يظهر بصورة واضحة عند المقارنة بين الطبعة الأولى من الظلال والثانية، حيث بدأ يتحدث في الثانية عن “الحاكمية” و”الجاهلية”. وأكد القرضاوي أن ما كتبه قطب من أفكار خلال المرحلة الأخيرة من حياته يؤكد “خروجه عن أهل السنة والجماعة بوجه ما، فأهل السنة والجماعة يقتصدون في عملية التكفير حتى مع الخوارج”، قائلا إن أهل السنة لا يكفرون إلا “بقواطع تدل على أن الإنسان مرق من الدين الإسلامي تماما”. وأضاف: “أعتقد أن الأستاذ قطب في هذا الأمر بعد عن الصراط السوي لأهل السنة والجماعة”، مرجعا هذا البعد إلى عدة أسباب أهمها أن هذه الكتابات كتبت في السجن، فقد كان يرى أن الدولة من خلال تمكينها للشيوعيين بعدت عن الإسلام. وعلى الرغم من هذا الخروج عن أهل السنة والجماعة يرى القرضاوي أن قطب لو قدر له أن يعيش ويخرج من السجن ويناقش الناس في أفكاره لكان تراجع عن الكثير منها كما تراجع أخوه محمد قطب الذي تخلى عن فكرة التكفير العام للمسلمين (أعدم في 29 أغسطس 1966 بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر). قطب ومدرسة الإخوان  وردا على سؤال حول تصنيف سيد قطب وانتمائه إلى المدرسة الإخوانية من عدمه قال القرضاوي إن سيد قطب كان من المعجبين بالإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وكتب عنه مقالته “حسن البنا وعبقرية البناء” معبرا فيها عن قدرات البنا التنظيمية في تأسيس الجماعة وتشكيل هياكلها التنظيمية. لكن قطب لم ينقل عن فكر البنا -والكلام للقرضاوي- مثلما نقل عن الشيخ أبو الأعلى المودودي، فقد تأثر قطب بالمودودي كثيرا وأخذ عنه فكرة الحاكمية والجاهلية، ولكن قطب خرج في النهاية بنتائج عن تكفير المجتمع وجاهليته تختلف تماما عمل قاله المودودي. وقال القرضاوي إنه لا غبار على  الحاكمية فهي فكرة إسلامية أصيلة، وتعني أن تكون المرجعية للشريعة الإسلامية، وقد تحدث عنها الإمام أبو حامد الغزالي وغيره من علماء المسلمين. أما “الجاهلية” فدلالتها تختلف عند قطب عما جاءت عليه في القرآن الكريم اختلافا كليا وجزئيا، حسبما يقول القرضاوي مستشهدا بما كتبه قطب نفسه في كتابه “معالم في الطريق”، والذي اعتبر فيه أن المجتمع بالأساس غير مسلم ومهمة المصلحين هي رد الناس أولا إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة وأن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وأكد القرضاوي أن قطب أخطأ في قضية تكفير مجموع المسلمين وليس فقط الحكام والأنظمة، مشيرا إلى أن قطب يتحمل بعض المسئولية عن تيار التكفير، فقد أخذ أفكار المودودي ورتب عليها نتائج لم تخطر على بال المودودي نفسه، وهذا أيضا ما فعله شكري مصطفى وغيره، حيث أخذ شكري أفكار قطب وخرج منها بنتائج لم تخطر على بال قطب، حيث اعتبر شكري أن جماعة “جماعة المسلمين” هم فقط المسلمون ومن دونهم فهم كفار. “الجاهلية “ومحاكمة أفكار قطب ونفى القرضاوي في الوقت ذاته أن تكون شهادته عن قطب هي افتئات على قطب، معتبرا أنها محاكمة للرجل من خلال كلامه والنصوص التي وردت في كتبه، وذلك ردا على ما قاله بعض الإخوان، مثل “محمود عزت” الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، بأن الخطأ فيمن قرأ سيد قطب وليس فيما كتبه. وقال القرضاوي إن الكلام الذي نقله عن قطب عن التكفير والجاهلية كلام واضح ولا يحتمل أي تأويل، مستشهدا في حديثه برواية للدكتور محمد عبد الله المهدي، والذي كان معتقلا عام 1965، حيث أكد له أن قطب اعترف أن الكتابات التي كتبها في المرحلة الأولى من حياته كـ”العدالة الاجتماعية في الإسلام”، و”السلام العالمي والإسلام”، و”مشاهد القيامة في القرآن”، لا تمثل رأيه ومذهبه الجديد، ولكن ما يذهب إليه ويتبناه هي ما كتبه في كتبه الأخيرة في السجن  مثل “معالم في الطريق” والطبعة الثانية من “الظلال” و”هذا الدين” و”الإسلام ومشكلات الحضارة”. وفي النقاش الذي جرى في السجن يعترف قطب بأن له منهجين قديما وجديدا تماما كالإمام الشافعي، لكن الشافعي غيّر في الفروع أما هو-قطب- فقد غير في الأصول، أي في أصول العقيدة، وهذه هي الإشكالية، حسبما يتحدث القرضاوي. وقال القرضاوي إن الذي يتأمل كتابات قطب لا يشك في أنه تجاوز في مسألة التكفير، مؤكدا أن منهج قطب ليس هو منهج الإخوان المسلمين الذي وضع  الإمام البنا أسسه في “الأصول العشرين”، وأشار إلى أن قطب لم يعش داخل الجماعة ولم يترب “على حصيرها”، فقد كانت فترة وجوده في صفوف الجماعة قليلة وما لبث أن دخل السجن، وفي السجن ظهرت التغيرات والمؤثرات الهائلة على أفكاره. واعتبر القرضاوي أن المهم الآن ليس هو نسب سيد قطب لجماعة الإخوان أو غيرهم، ولكن المهم هو أفكاره، قائلا: نحن نحاكم أفكارا.. والذي يتحمل مسئولية هذه الأفكار هو صاحبها وليس الإخوان.. وأنا أرى أن هذه الأفكار لا توافق فكر الإخوان المسلمين، لأن فكر الإخوان ليس فيه تكفير”. إخواني أم جهادي أم سلفي؟ وعن السبب في التنازع على أفكار قطب بين كل من الإخوان المسلمين والسلفيين والجهاديين قال القرضاوي إن هذا يعود إلى أن فكر قطب يمثل مجالا ثريا يأخذ  الجهاديون ويستفيدون منه، كما أن السلفيين يأخذون من أفكاره لكن لا يرونه سلفيا لأنه كان حليق اللحية، والإخوان أيضا يستفيدون من أفكاره، مؤكدا أنه لا يزال يقرأ كتابات سيد قطب ويأخذ منها ما يفيده، وذلك نظرا لأهميتها وصدق صاحبها في كتاباته. وحذر القرضاوي كل من يقرأ كتابات قطب من الوقوع في أسر أفكاره، خاصة أن صاحبها كاتب ومفكر عظيم كتب هذا الكلام في لحظات نقاء روحي وصدق مع النفس كما أن لديه من الموهبة في الكتابة ما يجذب القارئ ويؤثر فيه. وفي النهاية أشار القرضاوي إلى أن هذه الشهادة واختلافه مع قطب فيما انتهى إليه من أفكار تكفيرية وأنها ليست على منهج أهل السنة والجماعة الذي ارتآه جمهور الأمة والإخوان المسلمين لا تمنعه من أن يقول إن هذا الرجل أديب عظيم بمقياس الإبداع في النقد الأدبي وداعية عظيم وعالم ومفكر عظيم، وهو أيضا مسلم عظيم يكتسب هذه العظمة ليس فقط من أفكاره، ولكن من خلال التضحية بنفسه وتقديم عنقه فداء لدعوته في سبيل الله. صحفي بموقع إسلام أون لاين.نت (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 08 أوت 2009)  

قراءة في كتاب فقه الجهاد القرضاوي: جهاد الفساد مقدم على جهاد الكفر (2)

  رجب أبو مليح / 06-08-2009 أفرد فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي الباب الثاني من كتابه “فقه الجهاد” لأنواع الجهاد ومراتبه، وقسمه إلى سبعة فصول، وهي: بين الجهاد والقتال، ومرتبة جهاد النفس، ومرتبة جهاد الشيطان، ومرتبة جهاد الظلم والمنكر في الداخل، ومواقف الناس أمام جهاد الداخل، ومرتبة جهاد اللسان والبيان (الجهاد الدعوي والإعلامي)، ومرتبة الجهاد المدني، ومرتبة الجهاد العسكري، أو (تطور الجهاد من الدعوة إلى القتال). وأكد الشيخ القرضاوي أن الجهاد أعم وأشمل من القتال، وأورد آيات كريمات من القرآن المكي الذي نزل ولم يكن ثمةّ جهاد في هذا الوقت. ومن هذه الآيات قول الله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِن بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل:110]. وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 41-42]. وبعد أن يتحدث الشيخ عن مراتب جهاد النفس، وجهاد الشيطان، يصل إلى مرتبة جهاد الظلم والمنكر في الداخل فيقول: (ومن مراتب الجهاد الذي جاء به الإسلام: مرتبة جهاد الشرِّ والفساد في الداخل، وهذا الجهاد في غاية الأهمية لحماية المجتمع من الضياع والانهيار والتفكُّك؛ لأن المجتمع المسلم له أسس ومقوِّمات وخصائص تميِّزه وتشخِّصه، فإذا ضُيِّعت أو نُسيت أو حُوربت هذه الأسس والمقوِّمات لم يبقَ مجتمعا مسلما).(1) وعدد فضيلة الشيخ في كتابه ميادين الجهاد الواجب في داخل المجتمع، ومنها: – ميدان مقاومة الظلم والظالمين والأخذ على أيديهم، وعدم الركون إليهم، كما قال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [هود:113]، والإسلام يطلب هنا من المسلم أمرين أساسيين: أولهما: ألا يظلم. وثانيهما: ألا يكون عونا لظالم، فإن أعوان الظالم معه في جهنم، ولهذا يَدين القرآن جنود الطغاة كما يَدين الطغاة أنفسهم، كما في قوله سبحانه: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [القصص:8]، وقال عن فرعون: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [القصص:40]، فاعتبر الطاغية والجنود جميعا من الظالمين، ونزلت نقمة الله فشملتهم جميعا، وأخذتهم جميعا بما قدمت أيديهم. وذلك أن الجبار المستكبر في الأرض لا ينفذ ظلمه بنفسه، ولكن بوساطة هذه الآلات البشرية التي يستخدمها في قهر العباد، وإفساد البلاد، وهي تكون له عادة أطوع من الخاتم في أصبعه!(2)   وسواء كان الظلم من الأغنياء للفقراء، أم من الملاَّك للمستأجرين، أم من أرباب العمل للعمال، أم من القادة للجنود، أم من الرؤساء للمرءوسين، أم من الرجال للنساء، أم من الكبار للصغار، أم من الحكام وأولي الأمر للرعية والشعوب، فكله حرام ومنكر يجب أن يقاوَم ويجاهَد، بما يقدر عليه الإنسان من اليد، واللسان، والقلب، كما جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود: “ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي، إلا كان له من أمته حواريُّون وأصحاب، يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خُلُوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤمرون، فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل…”(3). إن خطر الفساد الداخلي إذا تفاقم: يشكل خطرًا جسيمًا وشرًّا كبيرًا على الأمة، ولهذا يعتبر الإسلام الجهاد ضدَّ الظلم والفساد في الداخل مقدَّما على الجهاد ضدَّ الكفر والعدوان من الخارج، فالفساد الداخلي كثيرا ما يكون ممهِّدا للعدوان الخارجي، كما تدلُّ على ذلك أوائل سورة الإسراء، إذ قصَّت علينا ما وقع لبني إسرائيل حين أفسدوا في الأرض مرتين، وعلَوا (طغَوا) علوًّا كبيرا، ولم يجدوا بينهم مَن ينهى عن هذا الفساد أو يقاوِمه، فسلَّط الله عليهم أعداء من الخارج، يجوسون خلال ديارهم، ويدمِّرون عليهم معابدهم، ويحرقون توراتهم، ويسومونهم سوء العذاب، ويتبِّرون ما علَوا تتبيرا، وكان وعد الله مفعولا. ومن هنا رأينا الفساد والانحلال، مقدمة للغزو والاحتلال، وقد هدَّدهم بمثل هذه العقوبات القدرية إذا وقع منهم مثل ذلك الإفساد في المستقبل، وذلك في قوله تعالى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء:8]، أي إن عُدتم إلى الطغيان والعلو والإفساد عُدنا عليكم بتسليط الأعداء.(4) ميدان مقاومة الفسوق والانحلال واقتراف المعاصي، واتباع الشهوات، وهو انحراف خطير، إذا استسلمت له الأمة ساقها إلى مهاوي الرَّدَى، واختلَّت أمور حياتها كلِّها، وظهر الفساد والاختلال في البر والبحر بسوء أعمالها، واعوجاج سلوكها. كما قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41](5). – ميدان مقاومة الانحراف الفكري والابتداع في الدين، بأن يحدث فيه ما ليس منه، وأن يزيد عليه ما لا تقبله طبيعته في عقيدته أو شريعته أو أخلاقه، أو تقاليده، أو يدعو إلى مفاهيم تتناقض مع عقائده أو شرائعه أو قِيَمه. والإسلام -خاصة- شديد الحساسية نحو الابتداع والإحداث في الدين، والمناقضة في الفكر. لذا قال رسوله الكريم: “مَن أحدث في أمرنا ما ليس منه، فهو ردٌّ”، ومعنى “في أمرنا”: أي في ديننا. ومعنى “فهو رَدٌّ”(6): أي مردود عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: “كلُّ بدعة ضلالة، وكلُّ ضلالة في النار”(7). مقاومة الردَّة والمرتدين ومن جهاد الفساد والمنكر في داخل المجتمع الإسلامي: جهاد الردَّة عن الإسلام، أي: الكفر بعد الإيمان. وإذا كان الإسلام يأمر بتغيير المنكر، ومقاومة الظلم والمعصية، إذا وقعت؛ باليد أو اللسان أو بالقلب، فإن الكفر أشدُّ خطرا، وأعظم شرًّا على المجتمع من المعاصي كلها، حتى الكبائر منها، فهو أكبر الكبائر، وهو أنكر أنواع المنكر، والردَّة -خاصة- شرُّ مراتب الكفر.(8) فمَن آمن بالإسلام عن اقتناع وبصيرة، ثم لاحت له شبهات، يجب عليه أن يعرضها على أهل العلم من المسلمين الثقات ليناقشوه فيها، ويزيلوا شبهته، فقد جاء هذا الدين بعقائد توافق الفطرة، ومفاهيم تخاطب العقل، وشرائع تحقِّق العدل، وقِيَم وأخلاق تزكي النفس، وترتقي بالحياة. فإذا افترضنا أن هذا الشخص لم يقتنع، أو أظهر لنا أنه لم يقتنع، وفقد يقينه بحقيقة الإسلام، وصدق نبيه، وظلَّ ذلك في نفسه، ولم يدعُ إلى ذلك الآخرين، لينضمُّوا إلى ركبه، فأمره إلى الله، وجزاؤه في الآخرة. لكن خطر هذا المرء إنما يخاف شرُّه إذا غدا داعية للكفر والردَّة داخل المجتمع المسلم، فهذا انقلاب على المجتمع، وتغيير للولاء والانتماء من أمة إلى أمة، وهو أشبه بالخيانة العظمى بالمعيار الوطني؛ فكما لا يجوز للمواطن تغيير ولائه لوطنه ولأمته، وتحويله لوطن آخر، وأمة أخرى، ولاسيما إذا كانت الأمة الأخرى تستعمر وطنه وتتحكم فيه، كذلك لا يجوز -بالمعيار الديني- أن يغيِّر المسلم ولاءه من أمة الإسلام إلى أمة أخرى، ومن وطن الإسلام -أو دار الإسلام- إلى وطن آخر أو دار أخرى. وهذا هو شأن المرتد؛ فالردَّة ليست مجرَّد تغيير موقف عقلي. بل هي تغيير للهُويَّة والولاء، وانسلاخ من أمة للانضمام إلى أمة أخرى تخالفها أو تعاديها.(9) رِدَّة السلطان وأخطر أنواع الردَّة: رِدَّة السلطان، أو رِدَّة الحاكم، الذي يُفترَض فيه أن يحرس عقيدة الأمة، ويقاوم الردَّة، ويطارد المرتدين، ولا يُبقي لهم من باقية في رحاب المجتمع المسلم، فإذا هو نفسه يقود الردَّة سرا وجهرا، وينشر الفسوق سافرا ومقنَّعا، ويحمي المرتدين، ويفتح لهم النوافذ والأبواب، ويمنحهم الأوسمة والألقاب(10). ويتحدث فضيلة الشيخ القرضاوي بعد ذلك عن الجهاد المدني وماهيته فيقول: وهناك (الجهاد المدني)، وهو المقصود بالحديث هنا، ونعني به: الجهاد الذي يلبِّي حاجات المجتمع المختلفة، ويعالج مشكلاته المتنوعة، ويغطِّي مطالبه المادية والمعنوية، وينهض به في سائر المجالات، حتى يتبوَّأ مكانته اللائقة به، وهو يشمل مجالات عدة: المجال العلمي أو الثقافي، والمجال الاجتماعي، والمجال الاقتصادي، والمجال التعليمي والتربوي، والمجال الصحي والطبي، والمجال البيئي، والمجال الحضاري بصفة عامة. وهذا الجهاد لم يذكره الإمام ابن القيم في المراتب الثلاث عشرة للجهاد في (الهدي النبوي)، ولكنه جهاد تقوم عليه الأدلَّة الشرعية، من القرآن والسنة، كما يستند إلى مقاصد الشريعة.(11) ثم يختم هذا الباب بالجهاد العسكري وهو موضوع الكتاب وقد مر بعدة أطور: 1. طور الإنذار والتبليغ بالدعوة الفردية. 2. طور جهاد الدعوة الكبير في العهد المكي. 3. طور جهاد الصبر على الأذى ومنع القتال. 4. طوْر الإذن بالقتال. 5. طور الأمر بالقتال. 6. طور الجهاد القتالي المختلف فيه. سبب الحرب وعلتها في الإسلام ثم يناقش في الباب التالي مسألة من أهم مسائل في فقه الجهاد، وهي سبب الحرب في الإسلام، وهل هي للهجوم والغزو بقصد توسيع دائرة الإسلام، وإخضاع الناس -كل الناس- وتعبيدهم لله رب العالمين، أم أنها للدفاع عن الإسلام والمسلمين بغرض الدعوة إليه، وعرضه على الناس ثم نترك لهم حرية الاختيار من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر؟ بعبارة أوجز هل القتال في الإسلام للدفاع أم للهجوم؟ وهنا يذكر الشيخ رأيين للعلماء يطلق على الفريق الأول الدفاعيين أو المسالمين المعتدلين، والثانية الهجوميين أو المتشددين. تحرير محل النزاع وقبل الخوض في أدلة كل فريق وبيان وجهة نظره يحسن تحرير موطن الخلاف أو النزاع بين الفريقين. فكلا الفريقين يوجب جهاد الدفع، وهو رد الاعتداء الذي يحدث على أرض أو أفراد الدول الإسلامية في الخارج والداخل، فهذا فرض بإجماع الفقهاء المتقدمين منهم والمتأخرين، وكلا الفريقين يتفق على وجوب بعض أنواع من جهاد الطلب منها: أولا: تأمين حرية الدعوة، ومنع الفتنة في الدين، ومقاومة الذين يمنعون الدعوة بالقوة، بل يقتلون الدعاة، كما فعل الأمراء التابعون لإمبراطور الروم. ثانيا: تأمين سلامة الدولة الإسلامية، وسلامة حدودها، إذا كانت مهدَّدة من قِبَل أعدائها. ثالثا: إنقاذ المستضعفين من أسرى المسلمين، أو من أقلياتهم، التي تعاني التضييق والاضطهاد والتعذيب، من قِبَل السلطات الحاكمة الظالمة المستكبرة في الأرض بغير الحق. رابعا: إخلاء جزيرة العرب من (الشرك المحارب)، المتجبِّر في الأرض، وخلع أنيابه المفترسة، واعتبار الجزيرة وطنا حرًّا خالصا للإسلام وأهله، وبهذا يكون للإسلام معقِله الخاص، وحِماه الذي لا يشاركه فيه أحد(12)، ويرى الشيخ القرضاوي أن هذا السبب الرابع من أسباب جهاد الطلب، لم يعد له وجود اليوم، وأصبح في ذمة التاريخ. وموضع الخلاف يتحدَّد في نقطة واحدة، وهي: غير المسلمين المسالمون، الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين، ولم يخرجوهم من ديارهم، ولم يظاهروا على إخراجهم، ولم يظهر في أقوالهم ولا أعمالهم أي سوء يضمرونه للمسلمين، بل كفُّوا عن المسلمين أيديهم وألسنتهم، وألقَوا إليهم السلم، فهل يقاتَل هؤلاء أو لا يقاتَلون؟ فريق المعتدلين أو دعاة السلام، أو الدفاعيين كما يسمُّونهم، يقولون: هؤلاء لا يقاتَلون؛ لأنهم لم يفعلوا شيئا يستوجب قتالهم، بل صريح آيات القرآن الكثيرة يمنع من قتالهم، نقرأ من هذه الآيات: في سورة البقرة: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190]. وفي نفس السورة: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة:256]. والمتشدِّدون من ذوي الرأي المعاكس، يتخلَّصون من هذه الآيات بكلمة في غاية السهولة، ولكنها في غاية الخطورة، وهي قولهم: إن هذه الآيات كلها (منسوخة)، والذي نسخها: آية أو جزء من آية من سورة التوبة، وهي: ما أُطلق عليه: (آية السيف).(13) وترتب على هذا الفكر المتشدد -كما يقول الشيخ- عدة آثار منها: 1. رفض ميثاق الأمم المتحدة. 2. تجريم الانضمام إلى هيئة الأمم المتحدة. 3. معارضة اتفاقية إلغاء الرق. 4. معارضة اتفاقية جنيف بشأن الأسرى. ثم ناقش قضية أخرى وهي أن هذا الفكر المتشدد يثبّت فرية انتشار الإسلام بحد السيف، التي يلصقها غير المسلمين ظلما وعدوانا بالإسلام. وبعد أن ناقش أدلة المسالمين وأدلة المتشددين، يقف الشيخ مع الرأي الأول وهو أن الإسلام لا يحارب من سالمه، ولا يعتدي على أفراده ولا مقدساته ويستدل بالأدلة التالية: 1- دعوة الإسلام إلى السلم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة:208]، وقد فُسِّر {السِّلْمِ} في الآية: بالموادعة وترك الحرب، كما فُسِّر بالإسلام وشرائعه كافَّة. 2- وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، فشرع قتال مَن قاتلنا، ومفهومه عدم قتال مَن لم يقاتلنا، ونهى عن الاعتداء ومنه قتال مَن سالم. 3- منعه -في سورة النساء- صراحة عن قتال مَن سالمنا، بقوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} (النساء:90). 4- أمره سبحانه بالجنوح للسلم -حتى بعد وقوع القتال- إذا جنح لها العدو، وإن كان يريد الخداع، قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} [الأنفال:62،61]. 5- أمر الله تعالى لرسوله بالتولِّي والإعراض عن المشركين إذا لم يستجيبوا لدعوته، ولم يُؤمر بقتالهم، ففي سورة التوبة: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [الآية:129]… 6- وضع دستور المسالمة والمحاربة في آيتين من سورة الممتحنة: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 9،8]. 7- حديث الرسول المتفق عليه: “لا تتمنَّوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية…”. 8- قراءة صحيحة للسيرة النبوية ولغزوات الرسول صلى الله عليه وسلم. 9- قراءة صحيحة لفتوحات المسلمين: أنها كانت ردًّا لعدوان، أو منعا لفتنة المؤمنين. 10- بيان أن عِلَّة القتال هي: الاعتداء والحِراب والفتنة في الدين. وليست مجرَّد الكفر، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6]. 11- فلسفة الإسلام في كسب الناس بالسلم، والدعوة بالحُجَّة والإقناع، والأسوة الحسنة. مستشار القسم الشرعي بشبكة إسلام أون لاين.   1- فقه الجهاد 169 .   2- فقه الجهاد 170 .   3- رواه مسلم في الإيمان (50)، وأحمد في المسند (4379)، عن ابن مسعود.   4- فقه الجهاد 171، ومراجعه .   5- فقه الجهاد 175 .  6- متفق عليه.  7- رواه مسلم .  8 – فقه الجهاد 180 .  9 – فقه الجهاد 181 .   10- فقه الجهاد 187 .   11- فقه الجهاد 214 .   12- فقه الجهاد1/ 240 ? 241 .   13- فقه الجهاد1/ 243- 245 . (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 06 أوت 2009)

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

24 mai 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année,N° 3653 du 24.05.2010  archives : www.tunisnews.net  LTDH: En opposition flagrante avec le processus

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.