السبت، 6 يونيو 2009

 

 

TUNISNEWS

9 ème année, N 3301 du 06.06 .2009

 archives : www.tunisnews.net


النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين :بيـــــان

ا ف ب :ادانة 22 شابا تونسيا بتهمة الانتماء الى مجموعة “ارهابية”

محمد بوشيحة:”لسنا معارضة ديكور.. والتطوّرات العالمية أثبتت صحّـة تمسّكنا بالإشتراكية”

 الحوارنت في حوار مع الشيخ راشد الغنوشي بمناسبة الذكرى الثامنة والعشرين للإعلان عن حركة الإتجاه الإسلامي بتونس

الشيخ عبد الوهاب الكافي :  في ذكرى التأسيس

  الهادي بريك:أعاصير الخريف لا تجتث أشجارنا.

المختار اليحياوي:الفساد السياسي: وضع الحالة في تونس

الصباح:أحمد إبراهيم:ضدّ الانغـلاق والتحامل … مِن أجل الديمقراطية والحوار- رد على السيد برهان بسيس-

السياسة:المشرف العام على مؤسسة “الإسلام اليوم”: لغة الخطاب السياسي في تونس تتكئُ الآن على أبعاد عروبية إسلاميّة

صـابر التونسي :التجمع والآثار

نداء من الجالية التونسية بدولة قطر إلى العناية الكريمة لسيادة رئيس الجمهورية التونسية

رويتز:فرنسا تسلم تونس 150 وثيقة صوتية تعود الى الحقبة الاستعمارية

الشروق:هل أصبحت خصوبة التونسيين مهدّدة؟

 المستقبل:كاردينالي تكتب “… تونسية أنا”

الصباح: تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب وتوسيع صلاحيات المجموعات البرلمانية؟

محمـد العروسي الهانـي:كلمة تأبين لروح المناضل عبد الرحمان بن رحومة رجل النضال والوفاء رحمه الله

الجزيرة.نت:الدكتور محمد الهندي:ما جرى في قلقيلية وما يجري في الضفة هو ثمرة للتنسيق الأمني مع إسرائيل

باتريك سيل:بروز تحالف جديد في الشرق الأوسط

إسلام أون لاين.نت :وزير العدل الأمريكي يتعهد بحماية حقوق المسلمين

الحواس تقية :أوباما لا يشجع الفريق الخصم لبلاده

جدعون ليفي:الجبل تمخض فولد جبلا

بني كيتسوبر:عنصري من الطراز الاول

إسلام أونلاين نت:محاولة ثانية لإغلاق “العدالة” التركي أقرب للنجاح


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

التقارير الشهرية لمنظمة “حرية وإنصاف” حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

     جانفي2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm   فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:


تونس في 6 جوان 2009 بيـــــان


إثر التطورات الأخيرة التي عرفتها أزمة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وخاصة المساعي المحمومة لبعض الأطراف لوضع يدها على قرار النقابة المستقل وضرب وحدة الصحفيين، خدمة لأهداف غير مهنية، والتزاما من المكتب التنفيذي بالقانون الأساسي والنظام الداخلي واحتراما للهياكل الشرعية وتمسكا منه بالاحتكام إلى عموم الصحفيين دون سواهم، باعتبارهم أصحاب القرار والسلطة في النقابة مع تأكيد التزامه بكل ما يصدر عنهم، قرر المكتب التنفيذي : 1.عقد جلسة عامة يوم 26 جوان 2009 2.الدعوة لعقد اجتماع المكتب التنفيذي الموسع يوم 30 جوان 2009 3.دعوة أعضاء من قيادة الاتحاد الدولي للصحفيين لحضور الجلسة العامة بصفة ملاحظين وذلك اعتبارا لقيام ثلاثين زميلا من أعضاء بالمكتب التنفيذي الموسع وأعضاء مؤسسين (من ضمنهم الزميل الحبيب أوفخري الذي تم تقديمه كعضو مستقيل من المكتب التنفيذي للنقابة ؟!!) بتوجيه تقرير للاتحاد الدولي للصحفيين بتاريخ 4 جوان 2009 4.عرض التوقيعات الواردة بالعريضة الموجهة للنقابة تحت اسم “عريضة إقالة” على خبير عدلي في الخطوط، بعدما تبين عدم تطابق عديد التوقيعات الواردة بالعريضة مع التوقيعات في استمارات الانخراط إضافة إلى تشابه عديد التوقيعات بما يشير إلى أن مصدرها واحد، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانوني اللازمة. مع التذكير بأن المكتب التنفيذي سيبت في “عريضة الإقالة” المعروضة عليه وتحديد موقفه منها حال تعليق القائمات النهائية للمنخرطين. 5.تجميد عضوية الزميل جمال الدين مهدي شهر الكرماوي استنادا إلى أحكام الفصل 15 من النظام الداخلي للنقابة، حيث سبق للمكتب التنفيذي في اجتماعه الدوري المنعقد بتاريخ غرة جوان 2009 أن قرر فتح تحقيق في خصوص تسريب وثيقة داخلية (مشروع تقرير الحريات) إلى جهات رسمية، وحيث أن الزميل المذكور هو الوحيد الذي بحوزته النسخة الأصلية للمشروع باعتباره رئيس لجنة الحريات . ويؤكد المكتب التنفيذي على أن صلاحيات المكتب التنفيذي الموسع مذكورة حصريا بالفصل 25 من القانون الأساسي، إضافة إلى ما له من سلطات محددة بالفصول 9 و 11 و 19 و24 و 41 و 42 من القانون الأساسي والفصول 37 و 38 و 49 من النظام الداخلي، وليس له أي صفة إطلاقا للحلول محل المكتب التنفيذي أو الدعوة لمؤتمر استثنائي، باستثناء ما له من سلطة معاينة للشغور عند حصول أكثر من ثلاث استقالات من المكتب التنفيذي وهو ما لم يحصل، علما بأن رئيس النقابة هو رئيس المكتب التنفيذي الموسع والناطق الرسمي باسم كل هياكل النقابة. ويدين المكتب التنفيذي بشدة حرمان نقابة الصحفيين من حقها في الإعلام ونشر بلاغاتها واعتماد توجه أحادي، وهو ما نبهت له النقابة في تقريرها للحريات. ويهمه أيضا أن يعلم الزملاء الصحفيين والرأي العام أنه اعتبارا للخروقات القانونية الواردة في المحضر الموجه للنقابة عن طريق عدل منفذ بتاريخ 26 ماي 2009، تم القيام بقضية لدى المحكمة الابتدائية بتونس لإبطاله، وتم تعيين النظر فيها لجلسة يوم 29 جوان 2009. وبقدر ما يؤكد المكتب التنفيذي التزامه التام بكل ما يقرره الصحفيون في إطار نقابتهم، فإنه سيدافع بكل قوة عن استقلالية النقابة ولن يفرط فيها. ويدعو المكتب التنفيذي للنقابة كافة الزميلات والزملاء الصحفيين إلى الالتفاف حول نقابتهم والذود عن استقلاليتها والدفاع عن الشرعية ليبقى القرار قرارهم دون سواهم. عاشت نضالات الصحفيين عاشت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن المكتب التنفيذي الرئيس ناجي البغوري Zied El-Heni         زياد الهاني http://journaliste-tunisien-11.blogspot.com

 


ادانة 22 شابا تونسيا بتهمة الانتماء الى مجموعة “ارهابية”


تونس – ا ف ب – حكم القضاء التونسي على 22 تونسيا بالسجن مع النفاذ مددا تتراوح من ثلاث الى ثماني سنوات بعد ادانتهم بالانتماء الى مجموعة سلفية “ارهابية”، على ما افاد السبت محاميهم سمير بن عمر. واعلن المحامي سمير بن عمر ان محكمة استئناف تونس اصدرت حكمها الجمعة على المتهمين الذين تتراوح اعمارهم بين 21 الى 35 سنة والمتحدرين من جنوب تونس (قابس وقفصة وقبلي والقصرين). واضاف المحامي انهم لوحقوا للانتماء الى مجموعة لم تحدد هويتها و”التحريض على ارتكاب اعمال ارهابية”. وتابع ان المتمهمين نفوا التهم الموجهة اليهم وقالوا انهم ارغموا على الاعتراف “تحت التعذيب”. ويقول المحامون المدافعون عن حقوق الانسان ان اكثر من الفي تونسي معتقلون او ملاحقون بتهمة “الارهاب”، وان هذا العدد لا يقتصر على 300 كما تقول وزارة العدل. وكثرت المحاكمات منذ تفكيك مجموعة سلفية تسببت في مقتل 14 شخصا في اشتباكات قرب تونس سنة 2007.   (المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية 06 جوان 2009 )

“لسنا معارضة ديكور.. والتطوّرات العالمية أثبتت صحّـة تمسّكنا بالإشتراكية”


“لسنا منظمة حكومية وهدفنا المساعدة على نشر الديمقراطية وتقوية المجتمع المدني” في تونس.. مشهد متحرك ومعارضة مشتتة وحزب حاكم مُهيمن “المسألة الأساسية اليوم، هي أن نثِـق في الشعب التونسي ونُـضجه وقُـدرته..” “العالم العربي في أزمة معقّـدة.. والمطلوب تحالف تاريخي يضمّ كل القوى” د. علي أحمد عتيقة: “الدول العربية ستتأثر حتما بتداعيات الأزمة العالمية” تونس: بداية مُـتـجـهـّمـة لسنة سياسية غير عادية محمد بوشيحة، يترشح للمرة الثانية للانتخابات الرئاسية، ويبلغ من العمر 61 عاما، وهو الأمين العام الثاني لحزب الوحدة الشعبية منذ سنة 2000. السيد محمد بوشيحة، حاصل على الأستاذية في التاريخ والجغرافيا، إلى جانب شهادة تكميلية في عِـلم الاجتماع، بدأ رحلته المِـهنية منذ أن كان صحفيا بجريدة “لابريس” في مطلع السبعينات، إلى أن أصبح رئيس مدير عام سابق في شركتيْـن تابعتيْـن للقطاع العام طيلة الجزء الثاني من التسعينات. وفي هذا الحديث، يحدِّد ما الذي يجب أن يتغير في تونس وما هي نوع العلاقة التي تربطه بالرئيس بن علي، ويحدّد مواقفه من ملف الحريات ورابطة حقوق الإنسان وتقارير المنظمات الدولية والإسلاميين ونقابة الصحفيين..   سويس إنفو: اعتبرتم في تصريحاتكم أن الرئيس بن علي هو فوق المنافسة، ماذا تقصدون بذلك ؟ ألا يرسِّـخ كلامكم التُّـهمة التي يوجِّـهها إليكم خصومكم بأنكم “معارضة ديكور”؟ محمد بوشيحة: أودّ أن أشير في البداية، إلى أنه لم يسبق لنا إطلاقا التصريح بأن الرئيس بن علي هو فوق المنافسة. لقد حصل في هذا الأمر نوع من اللّـبس. وحتى نكون واضحين، نشير إلى أن قرار ترشحنا للاستحقاق الرئاسي لانتخابات 2009، يقوم على أساس الإيمان بأنه لا معنى للمشاركة، إذا تجنّـبنا منطق المنافسة. فنحن عندما اخترنا الترشح، فعلنا ذلك لمنافسة جميع الأحزاب، بمن في ذلك الرئيس بن علي.   كما أنني لا أودّ التوقف عند عبارة “معارضة الديكور” طويلا، لأنها فاقدة للدّلالة السياسية، ولأن حجمنا ودورنا لا يقِـل عن دور مختلف مكوِّنات الحركة الديمقراطية، ولأن ما يعنينا أكثر، هو تفعيل الحركة الديمقراطية وتعديل الكفّـة بين مختلف مكوِّنات الساحة السياسية. وحِـرصا على احترام جميع الأطراف، لن أردّ على اتهامات أصبحت ممجوجة.   سويس إنفو: ولكن ما هي أهمية ترشحكم في ظل ميزان القوى الراهن؟ محمد بوشيحة: أعتقد بأننا ساهمنا منذ 1999 في تجاوُز الحاجِـز النفسي للترشح إلى أعلى منصب في الدولة، وعزّزنا سنة 2004 مسار المشاركة التعدّدية، حيث ارتقينا، إحصائيا ونسبيا، من درجة الصفر إلى الدرجة الثالثة في سلّـم التنافس الصّـاعد لديمقراطيتنا الناشئة.   وقد يحِـق لغيري من الطموحين أن لا يقر بواقع اختلال موازين القِـوى السياسية، فيزعم أنه سيكون منافسا نديا وجدّيا، ولكن من واقع خِـبرتي وتجربتي الثانية في الترشّـح، أقِـر بحقيقة موضوعية لا تخضع لرغباتنا، وإنما تنطلق من الواقع التونسي، وهي أن الرئيس بن علي يتمتّـع بالحظوظ الأوفر للفوز، واحتراما منِّـي للناخبين التونسيين، أرفض أن أسوِّق في صفوفهم الأوهام التي لن يصدِّقوها على أي حال.   سويس إنفو: ما الذي يميِّـز خطابكم السياسي عن خطاب الحزب الحاكم ومرشحه؟ وبتعبير آخر، ما الذي يجب أن يتغيّـر في البلاد حسب اعتقادكم؟ محمد بوشيحة: كنا في انتخابات 2004 الحزب الوحيد الذي خاض الانتخابات، انطِـلاقا من برنامج سياسي شامل، وسنقدِّم الخطوط العريضة لبرنامجنا الجديد في ندوة صحفية، سنُـعلن عنها قريبا. وسنعتبره برنامجا منافسا لبقيّـة برامج الأحزاب، إن كانت لها برامج، وتشمّـل هذه المنافسة أيضا الحزب الحاكم.   نحن نسعى إلى مزيد إصلاح وتطوير كل القوانين المنظّـمة للحياة السياسية، مثل المجلة الانتخابية، حيث نطالب بتقليص عدد مكاتب الاقتراع.   كما ألاحظ بأنه لم يقُـم أي حزب بالدّعوة إلى قانون يضمَـن الحدّ الأدنى من النِّـسبية، وذلك في انتظار أن تنضُـج الأوضاع للوصول إلى نسبية كاملة، إلى جانب مُـطالبتنا بتصغير حجْـم الدوائر الانتخابية لتنشيط الحياة السياسية، وكذلك فصل الانتخابات الرئاسية عن التشريعية وعدم اعتبار حجْـم النفقات المالية حاجزا لتحقيق ذلك.   نريد أيضا تطوير قانون الأحزاب، والقانون الأساسي للبلديات، الذي رغم أنه قد وضع في ظل نظام الحزب الواحد، فهو لا يزال يطبّـق حتى الآن، وقانون المجالس الجهوية التي ندعو إلى انتخابها مباشرة من قِـبل المواطنين، وقانون الجمعيات الذي لا يزال يشكِّـل عائقا في وجه الجمعيات المستقلة، ومجلة الصحافة، حيث كنا الحزب الوحيد الذي تقدّم لمجلس النواب بمشروع قانون ينظِّـم قطاع الإعلام ويضمن حرية الصحافة والنشر.   كذلك، ندعو إلى تمكين الأحزاب الراغبة في العمل القانوني، من حقِّـها في ممارسة نشاطها العلني وإتاحة المجال أمام الراغبين في بعث جمعيات مستقلة.   هذا لا يمنعنا من الاعتراف بعديد المكاسب التي تحققت، مثل التمويل العمومي للأحزاب وصحافتها والحرية الواسعة المتاحة للعمل الحزبي، كذلك الشأن بالنسبة لتمكين الأحزاب التي لم تنجح في مستوى الدوائر التي ستبقى من نصيب الحزب الحاكم، من احتلال نسبة هامة من المقاعد في البرلمان، وصلت إلى 25%.   كما نتطلّـع أيضا إلى إقامة نظام برلماني يُـراعي توازُن السلطات والفصل بينها وحماية استقلال القضاء، مثل انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء. وبناءً عليه، أؤكِّـد على أن برنامجي السياسي مُـختلف قطْـعا عن برنامج الحزب الحاكم ومرشّـحه، وذلك بالنظر إلى اختلاف الموقع الذي نحتلّـه في الخارطة السياسية، مقارنة بالحزب الحاكم. فخطابنا هو لحزبٍ معارض يعتبر أن هناك حاجة موضوعية لتغيير عديد من الأشياء.   سويس إنفو: أشرتم في جوابكم إلى صيغة الكوتا المخصّصة لأحزاب المعارضة، واعتبرتم ذلك من الإيجابيات التي تحققت، لكن هناك مَـن يعتقد بأن هذه المسألة بالتّـحديد قد أثرت سلبا على الحياة الحزبية في تونس ومنعتها من التطور، حيث لا تعكس النتائج المُـعلنة، الحجم الحقيقي لهذه الأحزاب؟ محمد بوشيحة: فعلا، النظام الانتخابي المعدّل نسبيا على المستوى الوطني، جعل الأحزاب تعيش مشاكل حقيقية. فاعتبار أن رئيس القائمة هو الوحيد الذي قد يحالفه النجاح لدخول البرلمان، قد وضع الأحزاب أمام تحدٍّ صعْـب وخلق داخلها ظاهرة خطيرة تزداد قوّة مع كل محطة انتخابية، وتتمثّـل في ازدياد نسبة الانتهازية وتضع المسؤولين على الأحزاب أمام مشكلة كيفية تعيين رؤساء القوائم، حيث يخشى، لو تمّ اعتماد الانتخاب الديمقراطي الداخلي، أن يفتح ذلك المجال لانتشار أمراض شِـراء الأصوات والتورّط في معركة المصالح داخل الأحزاب المناضلة، أو الوقوع في المقابل، في هيمنة القيادة التي تجِـد نفسها مطلقة اليديْـن في تعيين من تراه، ولهذا، نفضِّـل أن يكون للناخبين في الدائرة، حرية اختيار مَـن يروْنه أكثر كفاءة في القائمة المرشحة.   لكن، في وضعنا الحالي، تبقى النسبية هدفا، لأنها بكلّ صراحة ودون مُـراوغات، ميزان القوى مختلّ بصفةٍ كبيرة لصالح الحزب الحاكم، وذلك لأسباب يطُـول شرحها، لهذا، أقول إنه في الوضع الرّاهن، ستبقى مسألة النظام الانتخابي إشكالية مطروحة.   سويس إنفو: خلافا لأحزاب أخرى تعيش في قطيعة مع الحُـكم، يتمتع حزبكم بقنوات اتصال بالسلطة، ألا يحمِّـلكم ذلك مسؤولية أكثر في تحسين أوضاع الحريات والحياة السياسية؟ فماذا حقّـقتم في هذا المجال؟ محمد بوشيحة: طبعا، لنا قنوات اتصال بالسلطة، وهو ما يحمِّـلنا، مثلما أشرتم في سؤالكم، المسؤولية في مختلف المجالات، وقد أتاحت لنا هذه القنوات التعبير عن تصوّراتنا بشكل مباشر، كما تمكّـنا من أن نتدخّـل بنجاعة في عديد المناسبات.   وأثمن في هذا السياق، حِـرص الرئيس بن علي على إدارة حوار مستمِـر مع سائر الأحزاب، من خلال اللِّـقاءات المباشرة مع قادتها، وبصراحة لم نجِـد منه سوى القبول الحسن والاستئناس بما نقدِّمه من آراء ومقترحات، كما أن المجالس الوزارية التي تُـشارك فيها كل الأحزاب البرلمانية، قد ساعدت على تطوير حِـوارنا مع السلطة.   سويس إنفو: هل يمكن أن تعطُـونا أمثلة عن هذه التدخلات التي قُـمتم بها؟ محمد بوشيحة: في علاقتنا برئيس الدولة، نتحمّـل مسؤوليتنا في مخاطبته عن كل ما يحصُـل في البلاد، كأحداث الحوض المنجمي وما تتعرض له بعض الجمعيات أو ملف الإعلام والحريات، ولا أذكُـر أن حوارا أجريناه مع الرئيس بن علي ولم نخرج منه بنتيجة ملموسة، ومن بين الملفات التي التي تعرضنا إليها في محادثاتنا ملف بعض الأحزاب والأحزاب التقدمية التي هي قيْـد التشكل من أجل الحصول على ترخيصها القانوني.   كذلك، دعمنا الجهود المتواصلة لحل مشكلة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام لطلبة تونس، وفتحنا مقرّاتنا وصفحات جريدة الوحدة للعديد من المثقفين المستقلين ومكوِّنات المجتمع المدني، كما عمِـلنا على التخفيف من حدّة التوتر مع نقابة الصحفيين، التي لعِـبنا دورا في دعم إنشائها، واستقبلت شخصيا رئيس النقابة، رغبة منّـا في تنقية المناخ الإعلامي. فنحن مع إعطاء وسائل الإعلام مجالا واسعا لحرية التعبير مع عدم الوقوع في الثلب وهتك أعراض الناس، وكل ذلك، يؤكِّـد أن علاقة التوافق التي تجمعنا بالسلطة، لم تمنعنا من التعبير بوضوح عن تمايزاتنا على الصعيد الأيديولوجي والسياسي.   إننا ننطلِـق من اعتقادنا بأنه في مجال الحريات، لا يوجد في تونس نظام بوليسي وقمع، مثلما تتحدّث عنه وسائل إعلام أجنبية، التي بلغ ببعضها الادِّعاء بوجود جُـثث في الشوارع، في حين أن الأجانب عندما يزُورون تونس، يسجِّـلون درجة الأمان التي نتمتّـع بها.   ونأخذ على سبيل المثال ما حدث في قفصة، لقد تمّـت تحركات احتجاجية مشروعة ما دامت سِـلمية، وقد التزمنا بإيصال تلك المطالب إلى السلطة وقدّمنا اقتراحات يُـمكن إنجازها لصالح تلك الجهة التي تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية خاصة، لكن عندما تم اللّـجوء إلى وسائل عُـنف خطيرة، طالبنا بالتّـخفيف على المحكوم عليهم وتدخّـلنا لصالح الشباب المعتقلين من أجل إطلاق سراحهم وتمكينهم من اجتياز امتحاناتهم.   وفي العموم، نقول إن هناك نسَـق إصلاحي، ونتمنى أن تزداد وتيرته بمناسبة الانتخابات القادمة.   سويس إنفو: على ذكر حرية الصحافة، تعتبر المنظمات الدولية المختصّـة في الدفاع عن حرية الصحافة أن حالة الإعلام في تونس تشكِّـل نقطة الضعف الرئيسية التي تعاني منها تونس، وما تعرّضت له نقابة الصحفيين في الفترة الأخيرة، قد زاد من تعقيد الصورة، فما هي، حسب رأيكم، الأسباب الأساسية التي حالت دُون تطوير المشهد الإعلامي في الاتِّـجاه الذي تطالبون به؟ محمد بوشيحة: بكل وضوح، أقول بأن لنا تحفُّـظات فيما تصدره المنظمات الدولية المختلفة من تقارير حول تونس، وهذا موقف لا نخجَـل منه وندافع عنه بكل جدية. فنحن لسنا ضدّ الانخراط فيها واكتساب الخبرة منها، كما أننا على استعداد للتفاعل مع مواقفها، شريطة أن لا تكون مـتأثرة بالخلفيات السياسية وتوزيع الأدوار.   مثلا، هناك مشكلة في أوروبا تُـجاه الأنظمة التي لها اعتراض على مسألة التطبيع مع إسرائيل والتفاعل مع مشاريعها، كما أن هذه المنظمات أو الحكومات الأوروبية تغضّ الطّـرف عن أنظمة لا توجد بها حريات أو ربّـما تضعها في رُتبة متقدِّمة نسبيا، وفي المقابل، تتعامل مع تونس بشكل غريب ولا تأخذ بعيْـن الاعتبار التقدّم الذي تحقق في مجال الحريات في بلد له ديمقراطية ناشئة، وتتعمّـد وضعه في آخر السلّـم. بناءً عليه، نقول إن هناك مشكل.   نحن لا ننفِـي وجود عوائق، ولكن نقول، يمكن القضاء عليها وتذليلها تونسيا. فعلى سبيل المثال، نحن كحزب منخرط، لنا وجود في النقابة العامة للصحفيين ونؤمن بأن من واجبِـها أن تدافع بكل وضوح وحرية على منظورها وأن تقوم بدورها النقابي، ولا يحق لأي طرف سياسي، سواء داخل الحُـكم أو خارجه، للتأثير على هذه النقابة والتحكّـم في تسييرها.   أما بالنسبة للمنظمات الدولية، فمرحبا بها إذا كانت لها مقاييس موضوعية في التقييم، لكن للأسف، أن هناك في المقابل هيئات وحتى صُـحف محترمة، تصبح لها معايير مزدوجة عندما تتدخّـل في الشأن السياسي. ما أؤكده من موقع التّـجربة، أن مشاكلنا لا تعالَـج إلا من داخل تونس، ولا نعتقد بأن الاستفزاز من الطّـرفين يمكن أن يساعد على تذليل بعض الصعوبات القائمة.   كما أننا، إضافة إلى اعتراضنا على الخلفيات السياسية لبعض المنظمات، نحن أيضا ضدّ التمويل المريب. فالتمويل الذي يقدّم لأنشطة واضحة ومقبولة، لسنا ضده، لكننا نرفض كل دعم مالي وراءه نِـقاط استفهام، وذلك من مُـنطلق وطني.   سويس إنفو: وبالنسبة لملف الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان؟ محمد بوشيحة: يبدو أن ملف الرابطة بلَـغ درجة من التعقيد، مما سمح للسلطة بأن تسحب يدَها منه وتعلن بأن المشكلة الحالية هي بين الرابطيين أنفسهم، وأن الأمر الآن هو من مشمولات القضاء. فهناك الذين قدّموا قضايا أمام القضاء وأصبح كل طرف سياسي يعمل على شدّ الحبال لصالحه.   نحن نأسف عمّـا آلت إليه أوضاع الرابطة التي ظهرت في فترة حرِجة جدّا في نهاية السبعينات، وباشتراك كامل الأطراف السياسية. ومنذ ذلك التاريخ، استمرت الرابطة كمنظمة مناضلة ووطنية وأنجزت مهمّـات ضخمة بدون الاعتماد على التمويل الخارجي ولا الداخلي. وللرابطة موقِـعها في الوطن العربي وفي إفريقيا، لهذا، نأسف من جديد للانتكاسة التي حصلت لهذه المنظمة، وأقول بأن المسؤولية يتحمّـلها الجميع.   سويس إنفو: اخترتم، كما سبقت الإشارة، أسلوب المشاركة والتّـفاعل الإيجابي مع السلطة، الآن وقد مرّت أكثر من عشرين سنة على هذا الاختيار، ماذا استفدتم منها بإيجاز؟ محمد بوشيحة: أهم فائدة حصلت في اعتقادي، هو أن حزب الوِحدة الشعبية تمكّـن من أن يحقِّـق وجوده في كافة جهات البلاد، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، ولم يكن ذلك أمرا هيِّـنا. كما عرفنا كيف نفتح طُـرقا جديدة أمام المزيد من ترسيخ التعددية.   سويس أنفو: ملف الإسلاميين لا يزال مطروحا في الساحة الوطنية، أنتم كحزب سياسي، كيف تنظرون له في ضوء ما تشهده البلاد من صعود للتيار السّـلفي، وبالأخص في ظل تداعِـيات أحداث سليمان (في موفى 2007 وبداية 2008، حدثت مواجهات مسلحة بين مجموعة جهادية وقات الأمن في ضواحي العاصمة، وخصوصا في مدينة سليمان – التحرير) الشهيرة؟ محمد بوشيحة: نحن ضدّ أي حركة سلفية في تونس أو في العالم، ومَـهما كانت ديانتها، إيمانا منا بأن الدِّين لا مجال له في السياسة. مع ذلك، نعتقد بأن المعالجة تكون أمنية مع الذين يرفعون السلاح واللجوء إلى وسائل التخريب المختلفة، وتكون اقتصادية واجتماعية بتنفيذ برامج تنموية، وذلك بعد أن أثبتت التجارب أنّ أفضل بيئة تنشأ فيها السلفية – ومصر أحسن مِـثال – هي بيئة الطبقات المسحوقة والأحياء الشعبية الفقيرة، ثم يستغلّـها أصحاب الجاه والمال لتحقيق أغراض سياسية، وهو ما لاحظناه في إيران، حين سيطر البازار والأئِـمة على حركة ثورية شعبية.   كذلك، تعتبر المسألة الثقافية أساسية في هذا المجال. فالظاهرة السلفية وجدت في تونس كردّة فعل على التسلّـط السياسي والتهميش الاجتماعي وفقدان الإحاطة الاجتماعية الكاملة، وقد عِـشت شخصيا فترة السبعينات التي شهِـدت ميلاد هذه الظاهرة، وقد قلنا هذا الكلام للأوروبيين والأمريكيين، إذا أردتم تحقيق أمنِـكم، عليكم مساعدة بلداننا على تحقيق تنميتها.   سويس إنفو: تتمسّـكون بصفة الاشتراكية في مرحلة تخلّـت عنها معظم الأحزاب التونسية، نظرا للتطورات التي حصلت في العالم، فعَـن أيّ اشتراكية تدافعون؟ ولو كنتم في الحكم، ماذا تغيِّـرون في السياسة الاقتصادية الراهنة؟ محمد بوشيحة: ليس تخلِّـي معظم الأحزاب السياسية عن الاشتراكية مِـقياسا لنا لتحديد موقفنا من الطرح الاشتراكي. لقد أثبتت التطوّرات العالمية صحّـة تمسّكنا بهذا الخيار الاشتراكي وبوجاهته. لقد فشل النموذج الرأسمالي للتنمية.   نحن نؤمن بأن دور الدّولة هامّ ومِـحوري، ولسنا مع التحرير الشامل للاقتصاد. نحن مثلا مع تفعيل دور القطاع العام في مجالات حيوية، مثل الصحة والنقل، ولسنا ضد القطاع الخاص ولا ننوي تأميمه، في حال وصولنا إلى الحكم، بشرط أن يحترم القوانين ويقوم بدوره الجبائي وفي مجال التشغيل، إذ بقدر ما تقدم الدولة حوافز للقطاع الخاص، بقدر ما لها دورها التوجيهي والرقابي.   كذلك نحن مع تطوير مناخ الاستثمار، ونحن مع أولوية الفِـلاحة، باعتبارها الممر المركزي لتحقيق تنمية مستدامة. ونعمل أيضا على التصدّي لتفاوُت الثروات من خلال فرْض ضرائب تصاعدية على المداخيل.   أجرى الحديث صلاح الدين الجورشي – تونس – swissinfo.ch   (المصدر: موقع سويس أنفو بتاريخ 06 جوان 2009 )
 

 


الحوارنت في حوار مع الشيخ راشد الغنوشي بمناسبة الذكرى الثامنة والعشرين للإعلان عن حركة الإتجاه الإسلامي بتونس

  6 يونيو حزيران 1981 ـ 2009


الحوار.نت : نتقدم إليك بهذه المناسبة ( الذكرى الثامنة والعشرين للإعلان عن حركة الإتجاه الإسلامي ) بأحر التهاني. بما توحي إليك هذه المناسبة في هذا العام بالذات حيث تشهد تونس محطة إنتخابية رئاسية وبرلمانية ( هي الولاية الخامسة للرئيس الحالي) كما تشهد البلاد منذ سنوات نشوء صحوة إسلامية واسعة قد تكون ـ بحسب بعض المراقبين ـ وريثا شرعيا لحركة النهضة خاصة فيما يتعلق بقضية الهوية العربية الإسلامية للبلاد التي فشلت خطة تجفيف منابع التدين في إستئصالها. الشيخ الغنوشي.بدء نحمد الله تبارك وتعالى حق حمده على أن هدانا لنعمة الاسلام “وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله” وأن ساق لنا هذه النعمة على يد أكرم خلقه وخير أنبيائه ورسله وخاتمهم ، محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، تسليما كثيرا. * ولقد زادنا سبحانه فضلا ومنة أن حملنا شرف الدعوة الى تجديد دينه في زمن وبيئة  سادهما الاعراض  والتنكب عنه،  فنفضنا  غبار التاريخ عن العقائد حتى استقامت  وعن بيوت الله  حتى عمرت وعن القرآن فما عاد مهجورا، واقتحمنا  بدعوة الاسلام قلاع الحداثة، تزاحم الدعوات المخالفة وتنتصر للقرآن بالحجة والبرهان حتى ظهرت عليها جميعا وعاد الاسلام بعد اغتراب وتهميش الى قلب التاريخ وقلب الصراع الحضاري، حتى أعجز أعداءه فما عادوا يمكلون  سبيلا للصد عنه غير امتشاق حجة القوة للوقوف في وجه قوة الحجة. * ونحن اليوم نحتفي بالذكرى الثامنة والعشرين للتأسيس الثاني للحركة الاسلامية في صيغة “حركة الاتجاه الاسلامي”خلفا للصيغة الاولى للحركة الاسلامية التونسية الحديثة ممثلة في “الجماعة الاسلامية”التي انبعثت في بدايات السبعينيات من القرن الماضي الاداري، بهذه المناسبة نترحم أولا على شهداء الحركة ممن لاقوا ربهم في هذا الطريق صابرين محتسبين سواء أكانوا على أعواد المشانق (مثل الشيخ أحمد الازرق وبودقة وبولبابة)أم كانوا يمارسون نشاطهم الدعوي فوجه الى صدورهم رصاص الغدر والاغتيال( الطالب عثمان ابن محمود والطالب الطيب الخماسي والطالب عدنان سعيد.. )أم كانوا تحت سياط الجلادين(  الاستاذ عبد الرؤوف العريبي والرائد المنصوري…)أم كانوا ضحية القتل الممنهج في غياهب السجون( الاستاذ سحنون الجوهري والشيخ الزرن والاستاذ اسماعيل خميرة ..)ويلحق بهم الذين قذف بهم خارج السجن وهم على مشارف المنية.نحتسبهم عند الله شهداء ونهنئهم بما أعد الله لأمثالهم من مكرمات ومقامات، ونهنئ آباءهم وأمهاتهم وزوجاتهم وذرياتهم. * كما نهنئ بهذه المناسبة البطل المقدام الدكتور الشيخ صادق شورو الرئيس السابق للحركة الذي زج به للمرة الثانية في غياهب السجون وكان قد أمضى في الاولى ثماني عشرة سنة لم يفصل بينهما غير ثلاثة أسابيع، وذلك  بعد أن فشلوا في كسر شوكته والنيل من شموخه، نهنئه بصموده ونهنئ اسرته المناضلة كما نهنئ كل أبناء هذه الحركة المباركة حيثما كانت مواقعهم وما اختار الله لهم من البلاء، نهنئهم وعوائلهم وندعوهم جميعا الى المزيد من الصبر والثبات في هذا الهزيع الاخير من الليل الذي تمر بها بلادنا وأمتنا، ونبشرهم بأن الصبح قريب إن شاء الله” إن موعدهم الصبح ، اليس الصبح بقريب؟”. *  كما نشكر بهذه المناسبة حلفاءنا في المعارضة  وندعوهم الى المزيد من التضامن ورص الصفوف في مواجهة الاستبداد ، من أجل تونس حرة من دون قهر ولا وصاية ولا استثناء، فالحرية إما أن تكون للجميع او لن تكون لأحد. كما نشكر بهذه المناسبة كل من وقف معنا في محنتنا ومع شعبنا الأبيّ من قوى تحررية حقوقية وسياسية وإعلامية وأكادمية داخل البلاد وخارجها. كما نعبر بهذه المناسبة عن تضامننا الكامل مع كل ضحايا القمع سواء أكانوا من شباب الصحوة الاسلامية الذين تدور عليهم في صمت رهيب رحى القمع  ، أم كانوا من أبناء الحوض المنجمي ونطالب بكف اليد عن الجميع وإفراغ السجون نهائيا من ضحايا القمع السياسي والديني والاقتصادي.وما ينبغي لنا أن نذهل لحظة عن أسرانا في فلسطين المحتلة ولا عن دعمنا الكامل لحركات المقاومة حيثما وجد احتلال. *ونرى مناسبا في هذه الذكرى أن نلقي أضواء على سياقات  الاعلان عن تاسيس حركة الاتجاه الاسلامي وما ترتب عن ذلك من آثار وردود أفعال وما خسرت تونس والمنطقة من وراء إقصاء الحركة الاسلامية.        سياقات التأسيس: محليا: جاء هذا التحول للحراك الاسلامي سنة1981  وكانت بداياته قبل عشرية دعوة اسلامية احيائية لإعادة الوصل بين الدين والحياة الحديثة التي صاغها عهد الاستقلال على أنقاض الاسلام أحيانا وبمعزل عنه أحيانا أخرى أو توظيفا له، جاء هذا التحول من دعوة إحيائية عامة لا تلامس السياسة إلا من بعيد، الى حركة سياسية ، جاء في سياق تحولات كبرى وقعت في البلاد، رغم تمظهراتها المتعددة إلا أنها  كانت تعبيرا عن أزمة سلطة تشخصنت في زعيم، فتت في عضده امراض الشيخوخة وطالت شيخوخته فتمحورت الصراعات حول من سيخلفه ؟ورغم الطبيعة الاجتماعية الغالبة على الاحداث الكبرى التي حصلت في البلاد منذ نهاية الستينيات إلا أن مرض الزعيم والصراع على خلافته مثّلا العامل الرئيس وراء الاحداث الكبرى التي هزت كيان الدولة ومنها  انتفاضة جانفي 1978 التي كانت زلزالا هز بشدة  الثقة في النموذج التنموي السائد وفي زعامته وحزبه وما يتصل به من فكر وقيم ، وهو ما ادى غير بعيد الى تداعيات أخرى منها اندلاع العنف في قفصة جانفي1980على يد مجموعة من شباب تونس المهاجرتلقوا الدعم من جارتي البلد، ورغم أن وزنهم لم يكن يمثل تهديدا حقيقيا للدولة إلا أنها بسبب ما تعيشه من شبه فراغ في الزعامة استبد بها الهلع لدرجة استنجادها بالجيش الفرنسي والمغربي،بينما المتسللون أفراد معدودون بأسلحة خفيفة.وفي أجواء من الاضطراب الاجتماعي والحيرة المستبدة بالسلطة والرعب وكمخرج من حالة الانسداد طرح الوزير الاول الجديد مشروعا للاصلاح  السياسي يفتح كوة لتنفيس الاحتقان من طريق السماح بتعددية سياسية محدودة، عبر عنها رئيس الدولة في مؤتمر حزبه في 9-4-1981أنه “لا يمانع من تاسيس جمعيات سياسية”. أ- لم يات هذا التطور دون سوابق سياسية وإعلامية وفكرية في البلاد هيأت له وضغطت من أجل حصوله رغم أن ولادته كانت قيصرية، سفحت فيها دماء غير قليلة. ومن تلك السوابق الممهدة ما كان قد حصل منذ بدايات السبعينيات من انشقاق داخل الحزب الحاكم قاده عدد من زعاماته المهمة رفضت ما أدمن عليه زعيم الحزب من انفراد مطلق بالسلطة.  وكان على راس هؤلاء السيد أحمد المستيري أهم رواد المشروع الديمقراطي في تونس ، ولم يلبث هؤلاء أن أسسوا النواتات الاولى للغراس الديمقراطي في البلاد من طريق التاسيس للرابطة التونسية لحقوق الانسان ولجريدة الراي ثم الاعلان عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين فلم تأت نهايات السبعينيات حتى كان في البلاد قاعدة لمؤسسات مجتمع مدني جمعيات وأحزابا وصحفا ، بل مضى الامر اكثر من ذلك الى تطوير علاقات تنسيق بين جماعات معارضة ذات توجهات ايدولوجية مختلفة لبراليين ، اشتراكيين ، شيوعيين ،اسلاميين. حتى أن الحركة الاسلامية كانت تنشر بياناتها في الراي دون اسم عدا توقيع شيخيها مورو والغنوشي، ما حمل صاحب الجريدة السيد حسيب ابن عمار رحمه الله ، ضمن تصنيفه للبيانات أن يطلق اسم الاتجاه الاسلامي على بياناتنا فارتضيناه. وإنه من قبيل الاعتراف بالفضل لأهله اعتبار السيد أحمد المستيري أبا شرعيا للمشروع الديمقراطي في تونس والسيد حسيب ابن عمار ناطقا باسم هذا المشروع الذي تتلمذ فيه الكثير، منهم الجيل الاول من ابناء الحركة الاسلامية ، الذين ردوا بعض جميله،  فاستجابوا لندائه لهم وهم في ردهات المحاكم صائفة1981أن يدعموه في معركته الانتخابية، فأوعزوا الى قواعدهم بذلك، ففعلوا، فتحقق فوز له باهر، لولا عودة حليمة الى عادتها القديمة في التزييف، شاهدة على نفسها بالفشل في أول اختبار. ب- إن كل حديث في تونس عن بدايات الانفتاح الديمقراطي التي طالما تعرضت ولا تزال للإجهاض ما ينبغي أن يقلل من أهمية دور المنظمة الشغيلة التي ارتبطت منذ نشاتها بالاحداث الكبرى في البلاد، فاعلا أساسيا فيها، إيجابا أو سلبا، فقد كانت حاضرة في الاحداث الفاصلة. وحيثما ما مالت حسمت. كان دورها مشهودا في بلورة وتعميق فكرة الاستقلال وربطها بالنضال الاجتماعي . وفي المعركة داخل الحركة الوطنية بين جماعة الديوان السياسي(حزب وبرقيبة) وجماعة اللجنة التنفيذية(حزب الثعالبي)، مالت مع الاولى فرجحت كفتها وهمشت الاخرى. وفي المعركة بين ابن يوسف وبورقيبة انحازت الى الاخير، فسلّمته البلاد . وفي سياق معركتها لانتزاع استقلالها من براثينه خلال السبعينيات التقط المجتمع بعض أنفاسه فنشات   نواتات لحياة اعلامية وسياسية وجمعياتية وأمكن للجامعة أن تحصل على قدر كبير من استقلالها وتخريج اجيال مسيسة والاسهام معها  في الحد من طغيان الدولة، غير أن الاتحاد وفي خضم معركته مع السلطة في نهاية السبعينيات وكان زعيمه التاريخي المرحوم الحبيب عاشور في غياهب السجون أمكن للسلطة أن تنسج مع قيادته اليسارية خيوط تحالف لمواجهة العدو الجديد الذي أخذت حراب السلطة تتجه اليه،فتشكل زواج شاذ لأول  وآخر مرة في تاريخ هذه العلاقة إعلانا عن جبهة انتخابية بينهما، بينما كانت الاعتقالات والمحاكمات في صفوف الاسلاميين على أشدها،وكان ذلك بداية لتحالف قطاع من اليسار ضد الحركة الاسلامية وضد الديمقراطية أسهم ولا يزال في إجهاضها رغم ما حصل من تطور ايجابي من خلال ولادة 18أكتوبر فرزا بين يسار مناضل ويسار انتهازي، كما هو موجود في كل التيارات للاسف.وما استطاعت المنظمة الشغيلة ان تقوم من تلك الوهدة منذ انزلقت اليها بل بقدر امعان السلطة في القمع ومصادرة الحريات ونهب حقوق الشغالين كلما أمعنت المنظمة في التذيل رغم سخط وتململ قواعدها، وذلك تحت لافتة خادعة مقاومة الأصولية- وما من أصولية في البلاد بل في العالم طرّا أقسى وأنكى من أصولية نظام السوق الذي يطيح كل يوم بالملايين، وأوقف البلاد على شفى الافلاس وحمل مواطنيها على البحث عن مفر ابتغاء ما به يتبلغون، حتى بالارتماء في لجج البحار أو هروبا الى البلاد المجاورة.والحقيقة أن ضرب الحركة الاسلامية جاء عقب ضرب الاتحاد سنة1986 خطوة ضرورية لفتح الطريق أمام الخطة التي اعتمدتها الدولة سنة1986، خطة دمج تونس في البوتقة الراسمالة فكان لزاما تجريد الجسم الاجتماعي من أقوى أجهزة دفاعه التي يمكن أن تتصدى لخطة الدمج:اتحاد الشغل والاتجاه الاسلامي.   ج ــ وافق هذا التطور الجاري في المجتمع توجها صوب تحول ديمقراطي مع أزمة عميقة وحالة انسداد يعيشها النظام، ما حمله ليقدم على اتخاذ اجراءات تنفيسية لم تمس من بنية الدولة التسلطية الشمولية  المتمحورة حول زعيمها وحزبها، توافق مع وضع داخلي كانت “الجماعة الاسلامية” تمر به والمتمثل في انكشاف تنظيمها لأول مرة لدى أجهزة الامن بما لم يبق معه مبرر لاستمرار الإسرار به وعدم الاعلان عنه للناس سبيلا لتأمينه  في الحضن الشعبي ، لا سيما والدولة قد فتحت الطريق الى ذلك. وتم بسرعة بلورة مشروع للاعلان عن الحركة وطرحه للحوار مع صفّها، وخلال شهرين أمكن إجراء استفتاء على مبدإ الاعلان، فحصل على أكثر من ثلثي الاصوات، فانعقد مؤتمر للحركة أقر الاعلان وترك لمجلس الشورى وضع التفاصيل والتراتيب، وفي صبيحة 5-6-1981 انعقدت الهيأة التأسيسية ل”حركة الاتجاه الاسلامي”(الاسم البديل للجماعة الاسلامية)بمنزل الشيخ المرحوم محمد الصالح النيفر وحضور الشيخ عبد القادر سلامة الى جانب ثلاثين مندوبا قدموا من جميع انحاء البلاد.وضمت الهيأة ثلاث نساء.وتم الاتفاق على البيان التاسيسي لحركة الاتجاه الاسلامي . وفي اليوم الموالي انعقدت بمكتب الاستاذ عبد الفتاح مورو ندوة صحفية تم الاعلان فيها عن ولادة حركة سياسية وعن مكتبها السياسي وهيأتها التأسيسية. عربيا. وكما أن هذا التطور للحركة الاسلامية لم يكن معزولا عن سياق التطورات الجارية بالبلاد ، لم يكن كذلك معزولا عن سياقات التطور في المنطقة العربية والاسلامية، وبالخصوص التطورات الجارية في مصر بعودة الاخوان المسلمين الى ساحات العمل.وإن احتاج هؤلاء الى وقت أطول حتى يستعيدوا علاقتهم بالوقائع الجديدة مرتضين العودة الى السياسة ولو من طريق التحالف مع عدوهم التاريخي الوفد. كما كان لاندلاع الثورة الاسلامية في ايران 1979- بالاضافة الى انتفاضة 1978العمالية والتواصل مع تنامي الحركة الديمقراطية- تأثير غير قليل في تسييس الحركة الاسلامية وتعميق رؤيتها الاجتماعية والسياسية باعتبار الاسلام غدا منظورا اليه أنه ثورة المستضعفين على الاستكبار الدولي وعملائه المحليين كما هو ثورة على الفراعين والمتألهين. آثار الاعلان: لقد كان للاعلان عن حركة الاتجاه الاسلامي والوثيقة التي صاحبته(البيان التأسيسي) ووقائع الندوة الصحفية آثار واسعة وعميقة ممتدة في كل الاتجاهات. أ ــ لا نكون مغالين إذا اعتبرنا أنه على الصعيد الوطني لا تزال البلاد على نحو أو آخر لم تخرج عن سياقات ذلك الحدث وما أفضى اليه من تداعيات أفضت الى استدعاء ابن علي للانقاذ، إنقاذ تأكدت الحاجة اليه وخصوصا إزاء نتائج انتخابات 1989التي كانت النهضة هي الفائز فيها وفي الاقل حسب اعتراف السلطة هي زعيمة المعارضة ، بنسبة قاربت 20% النسبة التي قررت السلطة بعد أن أفاقت من ذهولها توزيعها  رشاوى على كيانات لا تحصل مجتمعة حتى على 1%. لقد ظل ذلك الحدث حتى يومنا هذا العامل الاساسي الحاضر الغائب الموجه لمعظم سياسات السلطة الداخلية والخارجية هروبا من شبح الكابوس النهضوي. ب- مثل الاعلان على الصعيد الثقافي الحضاري تجسيدا لعودة الاسلام المهمش الى قلب التاريخ فاعلا في مراكز الحداثة،في المعاهد والجامعات والنقابات ونوادي الثقافة فضلا عن المؤسسات التقليدية. ج- مثل البيان التاسيسي أول وثيقة اسلامية حديثة على صعيد الحركة الاسلامية وبالخصوص في العالم العربي وثيقة تتبنى بوضوح وحسم الخيار الديمقراطي دون تلعثم ولا استثناء ولا تردد وترفض العنف سبيلا للتغيير وتعلن انحيازها للعمال والمستضعفين ولحركات التحرر بما فيها الكفاح ضد التمييز العنصري في جنوب افريقيا والمناصرة لحقوق النساء كما تأخذ على عاتقها الاسهام في مهام التجديد والاجتهاد. وعندما تحدى خلال ندوة الاعلان ، صحفي،  رئيس الحركة  لاختبار حدود التعددية في تصوره،ماذا سيكون موقفه لو أن غالبية التونسيين اختارت في انتخابات حرة الحزب الشيوعي؟ لم يتردد في التصريح انه لن يسعنا غير احترام إرادة الشعب. كان ذلك الموقف متقدما على صعيد الحركات ذات الخلفية الايدولوجية اسلامية وماركسية وقومية على حد سواء، فلا يزال معظمها يتطور في اتجاه تبني ديمقراطية حقيقية أي بلا إقصاء ولا وصاية على الشعب. وما احتسته النهضة كأسا واحدة ظل الآخرون يتجرعونه على دفعات. وكثير منهم لمّا يبلغوا النهاية، ومعظمهم لا يزال متشبثا بحق الوصاية على الشعب، وكلّ له استثناءاته وشياطينه التي تستحق الاقصاء. ولا يقتصر الامر على بعد واحد من أبعاد الديمقراطية القبول بالنظام التعددي دون اقصاء وإنما يتجاوزها الى الابعاد الاجتماعية انحيازا الى مبدأ العدالة الاجتماعية وما يقتضيه من انحياز للمستضعفين وللنقابات المدافعة عن حقوقهم ومناصرة لحقوق النساء وهن القطاع الاوسع من المستضعفين الى جانب الاطفال . ولقد ذكرت لي ناشطة اسلامية مغربية أن أدبيات النهضة المدافعة عن حقوق المراة مثل كتابنا “المراة بين القرآن والمجتمع”كن يتداولنه سرا ، لما حمله من دعوة للمساواة لم تكن يومئذ مستساغة في الوسط الاسلامي  في نهاية السبعينيات والنصف الاول من الثمانينيات.لقد كان لتلك الادبيات ولا يزال تأثيراتها على الصعيد المحلي وعلى امتداد الاسلام، ولم يحد من ذلك التاثير غير ما تعرضت له التجربة ولا تزال من عمليات اجهاض واغتيال حرم تونس – كما ذكر مرة الزعيم محمد المصمودي- من تجربة ثرية كانت ستتعزز بها مكانتها في العالم وقد غدا الاسلام عنصرا فعالا في السياسات المحلية والدولية على نحو غدا معه الحكم على نظام يقوم بمدى ديمقراطيته ، وديمقراطيته في بلاد العرب والمسلمين تقاس بمدى قدرته على دمج اسلامييه، من هنا ارتفعت في الميزان الدولي حظوظ دول كالمغرب وتركيا بسبب نجاحها في اشراك اسلامييها في المنتظم الديمقراطي بينما غدت دول مثل تونس ومصر لا تذكر إذا ذكرت إلا في سياق التنديد بانتهاكات حقوق الانسان( يكفي للتاكد متباعة بسيطة لبرنامج الحصاد المغاربي في الجزيرة).     ماذا كان من آثار لتغييب النهضة؟ على غرار المؤلف المشهور للعلامة الهندي الكبير أبي الحسن الندوي”ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟”كان أخونا الكاتب الداعية الشيخ الهادي بريك قد كتب سلسلة من المقالات ناسجا على منوال مشابه:ماذا خسرت تونس بإقصاء النهضة؟ ولكم كان الزعيم صديقنا الاستاذ محمد المصمودي قد عبر عن حسرته على خسران تونس فرصة كانت مهيئة لها أن تقدم من خلال حركة الاتجاه الاسلامي تجربة متميزة في المزاوجة بين الاسلام والحداثة ، فضاعت عليها فرصة التقطتها دول أخرى فغدت مضرب الامثال في الديمقراطية من خلال التعايش بين اسلامييها وحداثييها ، بينما غدت تونس شغلا شاغلا وموضوعا لأكثف وأطول تقارير المنظمات الحقوقية. وهل تذكر تونس في الحصاد المغاربي اليومي لقناة الجزيرة- مثلا- خارج وقائع الاعتداء على حقوق الانسان. ويمكن في هذا الصدد الوقوف على النقاط التالية : أولا- لم تكد تمر عشرية على ظهور الدعوة في السبعينيات حتى كانت قد تغلغلت في أعماق الشعب ومؤسساته بما يذكر بتغلغل الحركة الوطنية في مرحلة الكفاح ضد المستعمر، بل يفوقها بحكم عمق التدين لدى التونسي وما ولّده عهد الاستقلال من تعطش للدين وخشية مما أخذ يتفشى بأثر حركة التغريب الجارفة من أخطار على الاسرة وعلى القيم فوجد في الحركة الاسلامية المنسابة عبر جيل جديد هو محط آمال أهله في ارتقاء اجتماعي تعزز باستقامة خلقية مثل البر بالوالدين والاحسان الى الجيران ، فلم يعد العائد الى أهله في الريف يحمل اليهم من المدينة كما كان معتادا عادات غريبة عنهم بل غدا يعود اليهم حاملا دعوة الاسلام تجدد مخزونه في نفوسهم، فغدا الشاب العائد من المدينة يؤم والديه في الصلاة ويدعو اليها جيرانه وينفض الغبار عن مسجد القرية المهجور ويقيم فيه حلقات لتدريس القرآن والفقه والسيرة، نافضا عن التدين غبار الزمن، مادا جسرا بين الماضي بالحاضر، بين الدين والحياة. ثانيا: تحويل الدولة ماكينة قمع خالصة:ماكان ممكنا لمخطط الدولة في تجفيف ينابيع التدين الذي تبنته الدولة ولمخطط استئصال النهضة أن يأخذ طريقه الى النفاذ دون إخضاع الجسم الاجتماعي كله لمخطط تطهير شاملة وتكييف جهاز الدولة وتحويله ماكينة رهيبة للقيام بهذه الامة فكانت عشرية التسعينيات كما دعاها بحق بعض الدارسين بسنوات الجمر،العشرية الحمراء، حيث دخلت الدولة كلها والقطاع الاوسع من نخبتها الحداثوية في حرب صليبية شاملة ليس على الحركة الاسلامية وحسب بل على الاسلام ذاته وعلى كل صوت معارض حقوقي او سياسي او ثقافي فكانت حربا على ابسط قيم الحداثة التي طالما بشرت بها مثل الحريات وحقوق الانسان وحقوق النساء، فتم تكييف برامج التعليم والثقافة والاعلام والامن والقضاء والعلاقات الخارجية لتنفيذ تلك الخطط. ثالثا: عشرية من التطهير الديني والثقافي والسياسي: لقد كان ضرب النهضة قضاء مبرما على الخطوات المتواضعة التي قطعتها البلاد على طريق الديمقراطية والحداثة الحقيقية التي تتمحور حول قيمة الحرية، بما يؤكد أنك لا يمكن لك القضاء على معارضتك الاقوى وتبقى لك صلة  بديمقراطية أو حداثة. وكانت النهضة بشهادة السلطة نفسها كما صرحت بها انتخابات 1989زعيمة المعارضة.واضح اليوم أنه في عالم الاسلام  لا ديمقراطية دون الاسلاميين.  وكان طبيعيا أن تشهد سنوات التطهير الديني والثقافي والسياسي حالة تصحر للحقوق والحريات حتى حظيت تونس – حسب تعبير حازم صاغية- بأطول تقارير منظمة امنستي.فأجهضت بدايات التطور الديمقراطي التي بدأت بذورها الاولى في بداية السبعينيات، كممت افواه الإعلام المستقل والمعارض حتى اختفت جريدة الراي وامثالها,وتم وضع اليد على مؤسسات المجتمع المدني كالنقابات والرابطة والجامعة، لا مكان لشيء من ذلك في دولة بوليسية بأتم معنى الكلمة حيث  صوت البوليس يعلو فيها كل صوت. أما الثقافة فقد تحولت مهرجانات للتسلية الرخيصة وتكفي متابعة بسيطة للتلفزة التونسية وللاعلام الدائر في فلك السلطة- للوقوف على حجم الكارثة التي حلت بالبلاد حتى الثقافة الهابطة التي كانت شبه محظورة في عهد بورقيبة فرضت هيمنتها .ولاحديث عن المساجد التي غدت مصايد بوليسية للشباب فهجروها وارتحلوا خارج الوطن يبحثون عن مصادر للتزود بالغذاء الديني فوجدوها في الفضائيات والانترنات . أما السياسة فكانت الضحية الاكبر إذ أعلن عن موتها جملة ، كانت مسرحية هابطة التاليف والاخراج استعادة للزمن الستاليني حيث البناء كله ينهض على مسمار وحيد هو الرئيس وحده يحدد كل شيء: كم نصيب المعارضة ومن يرتضيه منافسا هزيلا له ومن يرفضه.كان من الطبيعي أن تتحول البلاد في غياب حراس الحرية والدين والقيم الى ما يشبه حالة الاستباحة العامة وملهى في المتوسط  ومركز لتبييض الاموال الوسخة والاتجار بالمخدرات مركزا يتمول من التنازل عن العرض والدين وما تبقى من استقلال البلاد. رابعا: تصحر سكاني وخراب اخلاقي وتبخر” للمعجزة التنموية” التي حسبوا أنها الثمن المناسب للتضحية بالديمقراطية والاخلاق والدين والسيادة، إذ  ما لبثت أن طلعت عليها شمس سنن الله في “إنه لا يفلح الظالمون”فشاعت أخبار زوارق الموت تحمل الهاربين من نعيم المعجزة الاقتصادية حتى تحول المتوسط الى قبر لشباب تونس.كما توالت موجات هروب عشائر الى الجوار الجزائري فرارا من الجوع. أما السياسة الاجتماعية القائمة على ما يسمى بتحرير المراة   وكان من أهم فصولها التعيسة ما يسمى بتحديد النسل التي بدأ تطبيقها سنة1966 فقد أفضت خلال اربعين سنة فقط الى زلزلة اللبنة الاساسية في البناء الاجتماعي لبنة الاسرة فانتقل الخطاب الرسمي من التنويه بالتيجان التي اكتسبها وحصد من ورائها الجوائز الدولية من الممولين لتلك السياسة الى الحديث عن تصحر النسل ودخول المجتمع التونسي طور الشيخوخة جراء العزوف الجماعي عن الزواج حتى اجتاحت العنوسة نصف التونسيات، وبلغ الطلاق نسبا غير مسبوقة(حوالي خمسة عشر ألفا سنويا) وفشا الاجرام والعنف في كل المستويات والبذاءة.ومن ثمار تلك السياسات حصول ازمات خلقية حادة فشوا للفحش في الخطاب  والعنف في السلوك والغش في المعاملة والاستهتار بالمصلحة العامة، بما يشبه حالة الزلزلة والانفجار. خامسا: ضرب النهضة فتح المجال أمام الامعان في التبعية للخارج وتدخلاته :كان رهان السلطة على اقتلاع الحركة الاسلامية خصمها السياسي الالد من الجذور قد صادف هوى لا من قبل القطاع الاوسع من نخبة “الحداثة” في البلاد التي يزداد شعورها بحصار الاسلام العائد فحسب بل أيضا في الضفة الشمالية خصوصا وفي الغرب عامة طردا لكابوس الاصولية المتصاعد فلم يكن عجبا أن تقبل تونس أول شريك في جنوب المتوسط لدول الاتحاد، وذلك في خضم حربها على الاسلام وعلى الحركة الاسلامية فتفتح خزائن ابواب التمويل سخية من قبل الشريك الاروبي الذي حركت السلطة مخوزنه العدائي للاسلام وأغرته بالشراكة في إنجاز التجربة المغرية ، تجربة اقتلاع حركة اسلامية تقف على بوابة من أهم بوابات الغرب وتمثل إغراء خطرا على عشرات الملايين من المسلمين المهاجرين في الضفة الاخرى مسحوقين ينتظرون قدوم دعم معنوي ياتيهم من بلاد المنشإ، بينما يراد لهم غربيا هضمهم وتحويلهم سمادا في تربته. نحن إذن لم نكن إزاء مجرد مخطط محلي لضرب حركة اسلامية بل إزاء مخطط شراكةلانجاز تلك المهمة، لا شك أن اللوبي الصهيوني كان في مقدمة الضالعين في تلك الشراكة والدافعين اليها. وبلغ الامر الى حد توجيه الدعوة الى سفاح صبرا وشاتيلا لزيارة تونس.     عودة الصحوة والحركة. إن ما سلط على المجتمع التونسي من صنوف التفكيك والتدمير لمقومات شخصيته الدينية والحضارية سواء أكان على يد الاحتلال المباشر أم كان على يد خلفائه  إذ تواصل معهم بشكل أفدح ، لو أنه سلط على سلالسل جبال لدكها دكا ولكن الله سلّم ، إذ ما لبث المجتمع التونسي أن استشعر الخطر الداهم على هويته وما يراد به من دمار حتى انبعثت من صلبه صحوة دينية واسعة باعتبار الدين الاساس الاعظم لشخصيته والحارس الامين لمصالحه الحيوية . ودل الانتشار السريع والاقبال الواسع على تلك الصحوة على عمق الحاجة المجتمعية اليها، فلم يكن عجبا أنه خلال عشرية واحدة من انبعاث تلك الصحوة عم موجها البلاد وزاحمت بجدارة تيارات التغريب على اختلافها،وتجاوزت مرحلة الدعوة العامة الى التعبير السياسي في شكل الاعلان عن حركة سياسية ذات مرجعية اسلامية، وذلك لأول مرة في تونس الحديثة، وبدل الترحيب بهذا التطور لأوسع تيار فكري سياسي في البلاد من طور السرية والراديكالية الى طور العلنية والعمل في نطاق القانون جوبهت بالرفض  والاعتقال بداية لموجات من الملاحقة متصاعدة لا يفصل بين أشواطها غير فترات قليلة من الهدنة لا تلبث سلطة القمع والانفراد والتغريب أن تقطعا بهجمة أوسع . ورغم فشل النظام السابق ، فإن خليفته لم يلبث أن استانف نفس المسار ضمن حملة اوسع وتصميم أعظم على الاستئصال جمع فيها حوله قوى التحديث الإستئصالية المرعبة من عودة الاسلام الى جانب القوى الدولية.ومرة أخرى يثبت المجتمع التونسي أصالة عظيمة بديعة ذكية فبعد أن بدت حياة التونسيين في التسعينيات وكأن الاسلام لم يمر فلا مساجد عامرة ولا شباب متدينا ولا لحية ولا حجاب ولا حتى كتاتيب وخلا الجو لقوى التخريب والدمار، لم يلبث المجتمع التونسي أن استوعب الهجوم الصاعقة فدبت مجددا الحياة في المساجد ضمن صحوة  تعاظمت بسرعة في مفاجأة مذهلة لكل من حدثته نفسه بأن المعركة مع الاسلام ومع تعبيره السياسي قد حسمت الى الابد وأنها صالحة للتصدير الى العالم المتلمظ على احتساء دماء الاسلام والمسلمين. وكما بدات الحركة الاسلامية صحوة دعوية لم تلبث أن أفرزت تعبيرها الحركي والسياسي يستانف المشروع الاسلامي مساره على نفس المنوال . ولا يشك اليوم متابع للحياة التونسية في أن ما يسمونه الاسلام السياسي عائد بإثر وموازاة خلفيته العقدية الصحوية جزء فاعلا في مؤسسات المجتمع المدني ليمثل قوة تصليب لعوده ودعما لقوة المعارضة؟ الى متى تستمر المكابرة؟:  مع أن عينا تتمتع ولو ببصيص ضئيل من البصيرة ما يمكن أن ترتاب في أن النهضة فرضت نفسها أمرا واقعا عبر النشاط الفاعل في مؤسسات المجتمع وبالتعاون مع قوى المعارضة، ومع ذلك فإن سلطة القمع لا تزال تكابر في عناد جموح ومحاولة بائسة  إنكار واقع تنطق شواهده بكل لسان ، فتعتقل العريض والدولاتلي وتنفي الزواري وتحاصر الجبالي وتكمم لمدة ثلاثين سنة أذكى وأفصح خطيب اسلامي عرفته تونس الحديثة لمدة ثلاثين سنة الشيخ عبد الفتاح مورو، وتشرد حوالي ألفين من أبناء وبنات تونس تشتتهم في حوالي خمسين دولة، فالى متى ستستمر هذه المكابرة؟ متى سينتزع ملف النهضة من يد رجال الامن ليوضع بين يدي السياسيين – إذا وجدوا-؟ولو كان الامر بالتمني لتمنينا أن يتم ذلك في عهد الرئيس الحالي،فذلك أدنى لوضع حد لمعاناة الناس التي طالت وتفاقمت ولا تزيد الايام  جراحاتها إلا عمقا واتساعا ، إلا أن السنن غلابة وليس فيما يبدو من  مسالك ما يرجح السير في هذا الاتجاه، اتجاه الاعتراف بوجود شعب له حقوق وطموحات تعبر عنها قوى سياسية وفكرية يجب أن تحترم ويستمع لها ويستجاب لمطالبها ولا تعامل بالاحتقار والقمع والخداع  والاقصاء والتمييز، ومنها الاسلاميون الذين ظلوا منذ ثلاثة عقود وهم يدقون أبواب القانون ليفسح مجال العمل أمامهم في نطاق الشرعية فلا يتلقون غير الصد وإلإحالة على  مؤسسات القمع الامنية والقضائية والاعلامية،لكأن الدولة جهاز لتسليم شهادات الولادة لقوم وشهادات الوفاة لآخرين، وليس التعامل مع المواليد الحقيقية للمجتمع. وإن ثبات  وصمود أبناء وبنات النهضة  في وجه الاهوال التي سلطت عليهم فلا هم استسلموا واندثروا ولا هم استدرجوا الى مخاضة العنف التي طالما استدرجوا اليها  لدليل على أنهم مواليد حقيقية تعبر عن جاجة مجتمعية عميقة . كما أن اندلاع موجة التدين في البلاد واختراقها كل طبقات المجتمع كاف لإقناع من ظل يعاند ويحدث نفسه بإمكان اجتثاث الاسلاميين. أننا إزاء ظاهرة عميقة وحاجة متاصلة في المجتمع لا يمكن للمجتمع ان يستعيد توازنه المفقود دون الاعتراف بها فلم المكابرة وتبديد الجهود واللهاث وراء السراب؟ * خرجوا من سجن مضيق الى سجن موسع:استقبلت المعتقلات في اوائل التسعينيات عشرات الآلاف من قيادات وأعضاء النهضة والمتعاطفين معها وحتى أقاربهم، في أوسع وأشرس حملات قمع عرفها تاريخ البلاد،ورغم أنهم لم يبق منهم اليوم غير أخوين إلا أن السجون لم تعرف العطالة منذ”الاستقلال” فقد استقبلت منذ بدايات الالفية الجديدة أفواجا من شباب الصحوة، إلا أن من غادروا السجون ولم يقضوا فيها نحبهم غادروها بنفوس سامقة عملاقة تحملها هياكل منهكة، ومع ذلك أخضعوا لخطة محاصرة يشبه السجن المتنقل. ولم يصرفهم ذلك عن قضيتهم فقد أثبتوا أن السجون لا تفني العقائد كما يؤكد ذلك أحد رموزهم الاستاذ الصحبي عتيق” إنّ خروج مساجين النهضة في تونس لا يؤكد سوى أن السجون والمعتقلات لا تنهي ولا تمحو حركات فكرية واجتماعية وسياسية معبرة عن حاجات الشعب الحقيقية، وإنما تجذرها وتضفي عليها شرعية نضالية إضافية، مما يستدعي من السلطة مراجعة سياساتها وتمكين كل التيارات من التنافس الشريف باتجاه جعل تونس لكل ابنائها ويستدعي ذلك التخلي عن منطق المواجهة ودق طبول الحرب أو التخويف من الاسلاميين”أقلام اون لاين العدد23. الحوار.نت : هل من رسالة بهذه المناسبة إلى كل من الرئيس الأسبق للحركة الدكتور الصادق شورو في سجنه وإلى الشعب في تونس وأبناء الحركة في داخل البلاد وفي المنافي وإلى أهالي الشهداء وضحايا التعذيب الذي خلف في بعض المساجين المسرحين عاهات بدنية وإلى شركاء مطلب الحريات وإلى من شئت بعد ذلك من أطراف في الحكم أو في المعارضة أو غير ذلك. الشيخ الغنوشي اصبروا وصابروا، فالفجر قريب قريب:إنه ليس أمامكم ياأبناء وبنات النهضة وأمثالهم من القوى السياسية الفكرية المقموعة ، ليس أمامكم إزاء تصامم السلطة عن كل نداءات الاصلاح وإصرارها على متابعة سياسة القمع والخطاب الخشبي  غير الاستعانة بالله للتزود بالمزيد من طاقات الصبر والمصابرة والثبات وتوحيد الجهود ورص الصفوف من أجل تحقيق آمال مجهضة لجيلين  من أبناء وبنات هذا الوطن العزيز منذ تبلورت مطالبهم وتمركزت حول مطلب الحرية”برلمان تونسي”حيث حصدهم في ثلاثينيات القرن المنصرم رصاص الاحتلال وهم يهتفون بهذا الشعار،وملأوا الدنيا هتافا للاستقلال وزعمائه متوهمين أن تضحياتهم قد تكللت بالنجاح وأن آمالهم قد تحققت إلا أنه لم تمض القافلة بعيدا حتى أخذوا يتكشفون عن هول الخديعة ،فخلال نصف قرن شهدت البلاد من القمع على يد دولةالاستقلال ما لم يسجل له التاريخ مثيلا فاستقبلت السجون من أحرار البلاد على اختلاف اتجاهاتهم أضعاف أضعاف ما استقبلته من رجال الحركة الوطنية ونال هؤلاء من ضروب النكال ما لم ينل أؤلائك؟فأي استقلال هو هذا ؟والعبرة من ذلك أننا ما ينبغي أن تخدعنا الشعارات مرة أخرى.ينبغي رفض أن يتلخّص الوطن والقيادة ومصير البلاد في رجل أيا كان.وأن نرفض نهج الاقصاء لأي كان،والوصاية على الشعب من أي كان.الانفراد والاستبداد وادعاء الوصاية على الشعب وممارستها أسّ البلاء، فلنعمل على تغييره، وتأصيل ثقافة الشورى والديمقراطية والمساواة في المواطنة وإعلاء سلطة الشعب والقانون والتعددية واحترام حقوق الانسان وكرامة الشعب والعمل المشترك مع كل من يؤمن بهذه القيم ولنؤصلها أكثر فأكثر في ثقافتنا الاسلامية العربية وتراثها، موقنين بأصالة مبادئ الحق والعدل في النفس البشرية وفي بنية الكون وأنها منتصرة لا محالة بإذن الله لا سيما وقد  تراكمت في شعوبنا تجارب مريرة من شانها أن تكسبه حصانة من الإنخداع مرة أخرى بمنطق”أنا ربكم الأعلى””ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد”. يعزز هذا الامل ثورة الاعلام التي أخذت تعصف بحصون الدكتاتورية على امتداد العالم ولن تبقى منطقتنا العربية الاسلامية جزرا معزولة عن الأمواج المتصاعدة للتحررمن الدكتاتوريات.كفى انخداعا وتبديدا لآمال الاجيال .فلنجعل مطالبنا في تونس حرة بلا اقصاء ولا استثناء ، نصب أعيننا ونعض عليها بالنواجذ ولا نساوم عليها أو نتنازل عنها، فما بذل  من زهرة شبابنا وأبداننا وارواحنا وارزاقنا وأسرنا أغلى من أن نؤوب بالانصاف والارباع والأسداس من الحقوق والحريات. ليس لنا في النهضة مطالب خاصة بنا ،مطالبنا هي مطالب الشعب هي مطالب الاجيال ما قبل “الاستقلال”وما بعده، حريات ديمقراطية غير منتقصة، أو بتعبير آبائنا ومطلبهم الذي ارتفعوا شهداء تحت لوائه ولماّ يتحقق “برلمان تونسي “منتخب انتخابا حرا نزيها.يكون منطلقا لإعادة البناء. إنه قد يبدو اليوم حلما بعيد المنال إن  لم يكن ضربا من الخيال الجامح،وكذا كانت كثير من المشاريع الكبرى للشعوب التي تحققت.إن التونسيين  اليوم على معاناة شبابهم وشاباتهم وارباب اسرهم ومناضليهم  على اختلاف مواقعهم واتجاهاتهم هم من هذا الحلم الذي ناضلت من أجله اجيال هم اليه اقرب أكثر من أي وقت مضى بسبب ما تراكم عندهم من تجا رب وبسبب مناخات التحرر والديمقراطيية المنداحة في العالم.لن تبقى تونس جزيرة معزولة عن رياح الحرية التي تهب عاصفة.         وفي الاخير، نحن ابناء وبنات النهضة إذ  نحتفي بالذكرى الثامنة والعشرين لتأسيس حركة الاتجاه الاسلامي نسجل بفخار أننا قد اجتزنا بنجاح – والفضل والمنة لله- امتحان الوجود وأنجزنا تقويم محنتنا ووقفنا على العبرة منها بعدما استهدفنا به من مخطط استئصال واستهدف به ديننا من مخطط تجفيف الينابيع ، فقد مني كلاهما بالفشل، فهاهي صحوة الاسلام تخترق كل الفئات ، وتتواصل حلقات الاصلاح، حقيقة ينطق بها كل شيء عدا جاحد مستكبر ذي بصر حسير.الثابت أن أنصار الاسلام والحرية على سلم صاعد على امتداد العالم وأن خصومهما في حالة اضطراب وتراجع، والى أن يبلغ  الاتجاه الاول مداه والاتجاه الثاني مستقره من الانحدار بما يغير ميزان القوة لصالح الاول سيظل أصحاب النظر الحسير يمارون مرتابين. أما ذوو البصيرة فمصابرون واثقون من أن المسالة مسالة وقت، واتجاه التاريخ واضح.”إن موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب”؟ والى لقاء قريب على ارض الخضراء وقد استدار الهلال الذي أطل، فغدا بدرا، يبدد الظلمات أسودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه أيها الاخوة والاخوات والاصدقاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحوار.نت :نشكر للشيخ راشد الغنوشي ما أولانا به من حوار بهذه المناسبة (المصدر: موقع “الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 5 جوان 2009)


الشيخ عبد الوهاب الكافي :  في ذكرى التأسيس

  


القيروان فـي 06 جوان 2009   الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله   نحتفل اليوم بذكرى الثامنة والعشرون لتأسيس حركة الاتجاه  الإسلامي-و التي أصبحت-كما هو معلوم –  في ما بعد – حركة  النهضة وإنها لذكرى عزيزة علي وعلى كل المخلصين من أبنائها. وكنت ومازلت – كلما راجعت-المبادئ التي أعلنت عليها –في 06 جوان 1981 – أشعر-والحمد لله –باعتزازي لانتسابي – قبل كل شي ء – لديننا الحنيف  –وما توفيقي الا بالله –ثم  لبيانها التأسيسي لا لأني  كنت  من المساهمين   فيه ولكن –وخصوصا لأنه من وحي القران و ا لسنة .  و رضي الله عمن هو أ فقه  مني في ديني من شيوخ  الزيتونة و منهم المرحومان الشيخان –محمد صالح النـيـفر وعبد الرحمان خلـيـف – فقد كان الأخير كبير الفضل بعد الله تعالى-  في تلقيني في حلقات العلم بجامع عقبة بن نافع بالقيروان – و عن وعي مني  أن الدين الإسلامي منهج حياة  – رحمهما الله رحمة واسعة- .    وإن أملي لكبير بأن الله- طال الزمان أو قصر- سينتصر لحركتننا  المحاصرة مادام رجالاتها – كما  عهدتهم في الداخل والخارج  –  متمسكين – قولا وفعلا – بتلك المبادئ التي تستمد  قوتها ونورها من روح الإسلام العظيم كلفهم ذلك ما كلفهم من تضحيات جسام متتابعة –لم تنفك بعد – و لم تعد خافية الا على اللذين عميت أبصارهم على الحق.   وإن مبادئها هذه ما زالت وستبقى  – لعمري – صالحة للنهوض ببلادنا نهضة شاملة لو توفر لها شرط  واحد-اتفق عليه كل  العقلاء من الناس  – وهو من أنـبـل مبادئها- الحرية لجميع الناس مهما اختلفت مشاربهم و من ضمنها أيضا مبدأ الشورى  فيكون بها  الحسم للشـعب بين المناهج المختلفة عن طريق انتخابات شفافة  يشهد على نزاهتها ثـقاة تونسيون ولم لا يكون  معهم من  مثلهم من الأجانب المشهود لهم بالحياد وحبهم للعدل بين كل العباد. كلنا يعلم أن الماء أساس الحياة ومع  الأسف أن غالب حكامنا عمدا – و الا سيكون منهم  غباء- إذ تجاهلوا  ما أثبته التاريخ بأن الحرية ماء بل  إكسير حياة الأمم والشعوب ومن ضروريات نهضتها وازدهارها فـلـتكن الحرية أولى الأوليات  لكل تغيير طموح وليس بتغرير للرأي العام  مفضوح ومكشوف.   و اني لأهيب  بكل الوطنـيين الأحرار أن يواصلوا – بدون كلل أو ملل ما اتفقوا عليه في هيئة  18 أكتوبر أوفي  نخبة مفكرين أو لدى جمعيات حقوقية أو أحزاب سياسية أن يتعاونوا-بجد و إخلاص على ما اتفقوا و ما أجمعوا عليه للدفاع عن الحق المقدس للشعب في الحرية وأن يجـتنبـوا الحسابات الضيقة حتى لا يتركوا أي ثغرة لأعدائها- أعداء الحرية- ينفذون منها لبث الشقاق بينهم  وحتى لا يتزايد –مع مرور الزمن-عدد اليائسين من مشروعاتهم وقـد كانوا ومازالوا يُـعَولون على جهـودهم ليساهموا بها – و بأشكال سلمية- يتفق عليها مع كل القوى الحية الأخرى  لمقاومة الدكتاتورية الجاثمة على صدورنا أكثر من نصف قرن وأن يقــطعوا  دابرها حتى لا ترجع  مستقبلا مهما كانت رايتها .أمنية كانت أو قومية –وطنية أو دينية.   فهل من المعقول أن يُعول عاقل اليوم على قوم كانوا ومازالوا يقولون مالا يفعلون و يعدون ثم يخلفون يحلفون ثم ينكثون. يدَعون الديمقراطية ويسلبون كل الحريات ويعيثون في الأرض  الفساد ينشرون الرعب ويدعون استتباب الأمن والأمان ويُصَـدعون الآذان  بأبواقهم  ويكممون صوت كل الأحرار ويتفاخرون بنمو الاقتصاد وجحافل البطالين تعمر المقاهي وتتزاحم على ركوب زوارق الموت. فهل –كذلك من المعقول أن نيأس منهم لا والله –إذا ما ثابوا لرشدهم كما تاب أبناء يعقوب –وذلك ليس بمستحيل إذا ما-تغيرت موازين القوى بفضل مواصلة تكتل كل الأحرار وتضحياتهم- ولم لا تكون الانتخابات المقبلة فرصتهم الأخيرة لعودتهم  للحق- والرجوع للحق فضيلة – ويكون مثلهم في ذلك كمثل اخوة يوسف فتجيبهم المعارضة-“لا تثريب عليكم اليوم”.    وان كانت الثورات البرتقالية ليست  من طراز.لباس شعبنا فلعلها تكون حافزا لتحركه وذلك بفضل معارضة  واعية نشطة متحفزة مرتبطة في ما بينها بحبل الحرية . وانه   لمن المؤسف بل ومن المؤلم حقا أن نرى بلادنا العزيزة مازالت لا تنعم بالحرية كما تنعم به بلاد أخرى  وهي أحق منها  بذلك. وقد شهد لها بذلك القاصي والداني وحتى من أصبحوا اليوم يطوقونها بالأغلال ويتبجحون – زورا وبهتانا – أمام الملأ –وبدون خجل ولا وجل – أنهم قد أعتقوها من نار السيطرة وحرسوا أهلها من ظلم الفـَجـَرة.   و رغم الآلام الشديدة والحسرة الكبيرة فاني – و بحول لله – لـَم و لن أيأس. وكيف أيأس وأنا اعتقد –من فضل الله- أ نه لا  ييأس من روح الله  الا القوم الكافرون – وكيف أيأس وتونس الحبيبة لقلبي كانت ومازالت-وان شاء الله –ستبقى زاخرة بالرجال المجاهدين الأبطال منهم من قضى نحبه  ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. وأغتنم هذه المناسبة السعيدة لأحيي كل أبنائي الروحيين في – الداخل والخارج- و أهنئهم و أهنئ نفسي بهذا العيـد وأرجو من الله أن يعيده علينا جميعا بنعمة الحرية وأدعو كذلك للشهداء منهم بالرحمة من الله ولذويهم بالصـبر و الأجر الجزيل انه سميع مجيب.   و السـلام عـبـد الوهاب الكافي من مؤسسي حركة الاتجاه الإسلامي سابقا  


أعاصير الخريف لا تجتث أشجارنا.


هي ذكرى يعرفها فرسانها كما يعرف الوالد ولده.. موعد في التاريخ يذكره أهله مع كل عام جديد بلوعة جديدة وأمل جديد.. هو يوم شمسه هي الشمس وقمره هو القمر وليله هو الليل ولكنه يحرك في أفئدة أصحابه أشواقا تغلي في الصدور المبعدة عن مواطنها.. يوم واحد يصدر فيه عسسه بطاقة تفتيش دولية فيجلبنا جميعا في لمح البصر لنتبادل السلام بالأرواح والكلام بالأحداق والتهاني بالدموع والتعازي بالقلوب .. ثم نتفرق هناك ونتفرق هنا لتبتلعنا أنهار الحياة ومساربها لا يكاد يوقظنا من خريرها الهادئ هنا وصهيلها القارع هناك إلا أثير ينقل إلينا موت رفيق درب لم نكحل منه العيون منذ عشرين عاما كاملة .. هو يوم شاءت له الأقدار الغلابة أن يكون في مقتبل صيف في بلاد الصيف.. بلاد لا يطيب فيها فصل بمثل ما يطيب فيها الصيف.. بلاد يفر إلى صيفها الدافئ الجميل كثيرون ممن هدتهم ليالي الشتاء العجفاء.. هي ذكرى تحط بكلاكلها على المهج التي طحنتها نيران الغربة طحنا بأثقال من حديد.. هي ذكرى تجمع بين ذكرى البلاد بصيفها ترقبه القلوب بفارغ الصبر وذكرى الأحبة وأطلال الأحبة لا يزهدهم في بعضهم بعضا شيب إشتعلت به الذقون كما تشتعل النار بهشيمها تحطمه في شره وتمزقه بنهم.. ولك بعد ذلك أن تقدر أي جبال من الهموم تقصفك بها هذه الذكرى وأي أنهار جارية من أمل غير آسن تغمرك بها الذكرى ذاتها..  أما إذا كنت ممن لفظك وطن الذكرى لفظ النواة فارا قبل عقدين كاملين من العذاب الأليم فما إن وطأت قدماك أرضا باردة لا يعرفها صيف ولا تعرف إلى الصيف سبيلا حتى سالت من مآقيك دموع الشوق حرى ضارمة كطفل فقد أمه الحنون على حين غرة بحجرها الآمن وصدرها الحاني .. إذا كنت من أولئك .. إذا كنت من أولئك فإني متردد هل أعزيك أم أهنيك.. ولعلي أعزيك وأهنيك.. أعزيك في صيف آخر جديد ذهب بتينه وزيتونه وشمسه وظله وليله وقمره وسهره وسمره.. وأهنيك بذكرى أخرى جديدة جاءت مثقلة بالآلام والآمال.. أهنيك بالذكرى الثامنة والعشرين ليوم السادس من حزيران 1981بتونس.. النسيان نعمة حرم منها الإنسان تكريما وتحريرا.. جالت ذاكرتي في هذا اليوم جولانا عجيبا أرقني فلم تدع زاوية من زوايا ثلاثة عقود كاملة ونصف من ذلك الزمن الممتد خلفي إلا فحصته بدقة ونهشته بشراسة وعنف..  ظلت تنتقل في ليلي الداجي البهيم بين الأحبة والخلان ممن فارق الحياة وممن ينتظر.. لا تكاد تتبادل مع هذا ذكرى مشهد حتى تهرع إلى مشهد آخر لخل آخر.. تطوي المشاهد بحلوها ومرها طيا غريبا لا تنهكها عجلة ولا تدع حيا منهم ولا ميتا إلا عادته عودا فاجئا سريعا كمن يودع رحلا يضم حبيب قلبه .. ذاكرة أرهقتني بطيفها كلما عادتني أودعتني لهيبا.. حملت إلي لفيفا واسعا من الأحبة والخلان حتى قلت في نفسي أين أنا من هؤلاء وأين هؤلاء مني وأين نحن جميعا من هذه الذكرى ورسالة الذكرى وألم الذكرى وأمل الذكرى وبلد الذكرى..  هل كتبت الأقدار الغلابة في ألواحها المحفوظة أن عودي إليهم عود صندوق محكم التعليب بداخله جنازة ربما يصلي عليها واحد منهم أو يغلبه البكاء فيتأخر عن ذلك ثم يسرع بها إلى القبر وأكرم عندها بطيب مثوى إستلم أمانته بعد فراق لعقود.. أم كتبت الأقدار الغلابة ألا أنعم حتى بذلك لأطوى في بطن أرض لا يعرف ظهرها صيفا ولا يعرف الصيف إليه سبيلا..  حداء حزين يدمي القلوب وينكأ الجراح وما إلتأمت الجراح.. حداء حزين في مناسبة تكر علينا كل عام كر الليالي العجفاء والأيام السوداء.. مناسبة تلقفها فؤادي بالفرح والحزن معا وبالألم والأمل معا.. تسألني لم وكيف؟ لا أدري والله وما المسؤول بأعلم من السائل.. ولكن من السائل؟ إذا كنت أنت.. أنت بعينك من أولئك الذين ذكرتهم آنفا.. إذا كنت أنت السائل فلا أقول لك إلا ما قال الحب لحبه : أدخل يا أنا.. وإليك يا ( أنا ) طائفة من الأحبة والخلان الذين فارقتهم قبل عشرين عاما كاملة منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .. ما بدل واحد منهم تبديلا لأن الشهامة سلعة لا تباع في الأسواق والكرامة خلق لا يبلى حتى تبلى الأجسام ولأن للعقيدة سرا عجيبا لطيفا لا يدرك حتى أنه ليغيب عقودا طويلة إنحناء للعواصف الهوجاء العاتية ثم ينتفض في إثر هبوب نسمة رقيقة تحمل إليه ذكريات طبعها الدهر في عجب ذنبه..  ذلك هو معنى قولي : أعاصير الخريف لا تجتث أشجارنا.. قدت أشجارنا في بلاد الزيتون تنبت بالدهن  وصبغ للآكلين.. قدت أشجارنا في بلاد التين ثمرا طيبا لشعب طيب في صيف طيب.. قدت أشجارنا من لحمات الأخوة الإسلامية الصافية وأسدية التعاون على الخير والبر.. ومن كانت أشجاره من تين وزيتون وصيف مقدودة فلا تجتث أعاصير الخريف جذوره ولكن تنال من ثماره وأوراقه وأغصانه وحتى جذوعه.. تنال منها ليستبين سبيل الأفاعي الغادرة يتقيها الضعيف ويهوي عليها القوي بفأسه.. تنال منها لتخلف من ماء جذرها زرعا جديدا وغرسا جديدا وغصنا جديدا وثمرا جديدا وورقا جديدا وظلا جديدا.. تخلف كل ذلك لجيل جديد يقول لسانه حاله ومقاله : ” ربنا إغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم “.. آمين. إلى هؤلاء جميعا في معارج الغيب عند مليك مقتدر وفي أوعار المنافي وفي مقتبل صيف جديد فوق أرض الخضراء الحبيبة بهذه المناسبة الحبيبة أزف أطيب الكلام وأزكى السلام سائلا إياهم الدعاء الضارع في سجدات السحر الغالية أن ييسر ألسنتنا لذكره سبحانه وقلوبنا لشكره وأقلامنا لنصرة دعوته وأن يمد أعمارنا في عافية يملؤها بفضله سبحانه علما وحلما وصبرا وشكرا وجهادا وإجتهادا وأن يختم لنا بأحسن الختام : الشهادة في سبيل الإسلام.. الشيخ محمد صالح النيفر ـ الشيخ عبد القادر سلامة ـ الشيخ عبد الوهاب الكافي ـ محمد نويره ـ الشيخ الهادي بلحاج إبراهيم ـ الشيخ راشد الغنوشي ـ الحبيب ريحان ـ الحبيب سويسي ـ الشيخ علي نوير ـ الشيخ ضو صويد ـ عبد العزيز الوكيل ـ الشيخ عبد الفتاح مورو ـ عبد الله الطبوبي ـ عبد الرؤوف بن رمضان ـ الشيخ محمد الهادي الزمزمي ـ جليلة الكسراوي ـ فاضل البلدي ـ زاهر محجوب ـ الشيخ الحبيب اللوز ـ محمد نجيب الخذيري ـ الدكتورة سميرة شيخ روحه ـ الحبيب المكني ـ بنعيسى الدمني ـ عبد الله الزواري ـ سوسن الصدفي ـ الدكتور صالح كركر ـ صالح البوغانمي ـ نجيب العياري ـ عبد القادر الجديدي ـ الشيخ ضو مسكين ـ الدكتور عبد الرؤوف بولعابي ـ الشهيد عبد الرؤوف لعريبي ـ محمد شمام ـ عبد العزيز التميمي ـ وليد البناني ـ الشهيد سحنون الجوهري ـ مصطفى الونيسي ـ صالح التكاز ـ محمد صالح نني ـ صالح بوعلي ـ مصطفى بن حليمة ـ الهاشمي حمدي ـ كمال بن يونس ـ عبد الفتاخ لغوان ـ الهاشمي المدني ـ مصباح الباشا ـ البشير خضري ـ عبد المجيد الصغير ـ علي لعريض ـ حمادي الجبالي ـ علي الزروي ـ الدكتور زياد الدولاتلي ـ محمد الشملي ـ الهاشمي الحامدي ـ محمد الطرابلسي ـ الشيخ المبروك الزرن ـ صالح الدريدي ـ الدكتور صدقي لعبيدي ـ الشيخ محمد العكروت ـ جمال قوادر ـ عبد الكريم العباشي ـ الدكتور محمد بن نجمة ـ صالح الخلفي ـ الباشا بوعصيدة ـ محمد القلوي ـ علي بالساسي ـ حافظ لسود ـ علي بن رمضان ـ لزهر مقداد ـ الطاهر الحسني ـ التومي المنصوري ـ فرحات بن خذر ـ الهادي الحاجي ـ محمد الفقيه ـ الصادق الصغيري ـ لزهر عبعاب ـ الدكتور المنصف بن سالم ـ الدكتور عبد المجيد النجار ـ خميس الماجري ـ جمال الطاهر ـ محمد عون ـ شكري بحرية ـ عبد الرؤوف الماجري ـ حسونة النايلي ـ كريم الهاروني ـ العجمي الوريمي ـ محمد صالح بوعلاق ـ منير قطب البودالي ـ الدكتور منصف بوغطاس ـ الشيخ دانيال زروق ـ كمال الحجام ـ عبد اللطيف الطرابلسي ـ عبد المجيد الزارـ علي بالسرور ـ الناصر الطريفي ـ نور الدين البحيري ـ الهاشمي الجمني ـ كمال رمضان ـ حمادي ميارة ـ عبد الحميد الجلاصي ـ عبد الحميد الغيضاوي ـ الدكتور أحمد لبيض ـ علي شنيتر ـ المبروك شنيتر ـ سيد فرجاني ـ الدكتور شمس الدين بن حمودة ـ الناوي الحنزولي ـ علي القايدي ـ عمر الجليطي ـ نجيب بن حليمة ـ عبد الحميد عبد الكريم ـ علي الشرطاني ـ لطفي زيتون ـ محمود البلطي ـ عبد الرزاق نصر الله ـ سمير ديلو ـ عباس شورو ـ صالح نوير ـ محمد بالريش ـ رضا إدريس ـ عامر لعريض ـ محمد بن سالم ـ نجم الدين الحمروني ـ أحمد لعماري ـ محمد زريق ـ محمد النوري ـ لمين الزيدي ـ عبد اللطيف ممغلي ـ صالح الهيشري ـ أحمد بن عمرـ محرز بودقة ـ بولبابة دخيل ـ عبد المجيد الميلي ـ صلاح الدين التليلي ـ فتحي جبران ـ محمد شراده ـ بوعبد الله بوعبد الله ـ الشيخ الصحبي عتيق ـ أحمد الذهيبي ـ علي الحرابي ـ محمد الهادي بن مسعود ـ عبد القادر لعبار ـ علي النفزي ـ بوراوي مخلوف ـ قسومه قسومة ـ الشيخ لطفي السنوسي ـ الهاشمي المكي ـ جميل عليلة ـ لطفي العمدوني ـ الشهيد المنصف زروق ـ الشهيد عثمان بن محمود ـ نجيب اللواتي ـ الشهيد الطيب الخماسي ـ الشهيد عبد العزيز المحواشي ـ الشهيد عامر الدقاشي ـ الشهيد فتحي الخياري ـ الشهيد إسماعيل خميره ـ الشهيد كمال المطماطي ـ  وآخرون كثر إلتقطتهم الذاكرة وما فرطت في واحد منهم أبدا ولكن ضاق عنهم هذا المجال.. وآخرون أكثر من أولئك عددا طوتهم ليالي النسيان عني.. وآخرون أكثر من هؤلاء وأولئك بأضعاف مضاعفة ضمتنا ظلال تلك الشجرة الطيبة الكريمة المباركة في بلاد الصيف الجميل قبل عشرين عاما كاملة فما سمحت لنا عيون الرقيب بتعارف يطبع ذكراهم في عجب ذنبي.. وآخرون ما عرفتهم ولا إلتقيتهم ذكرهم عند ربك محفوظ.. وآخرون ما عرفهم واحد منا تسربلوا في سنوات الجمر الحامية بأردية لا يحسن التسربل بها سواهم فمسحوا الدمعة عن أرملة وأدخلوا السرور عن يتيم.. وآخرون لن أنساهم ما حييت ولكن يحجزني عن ذكرهم خوفي عليهم أن تهتك العيون الخائنة أستارهم الآمنة بعد أن نجاهم سبحانه من فتن السجن والتشريد.. وأي كرب أنكى عليك من كرب يحجزك أن تذكر الأحبة والخلان في مثل هذه المناسبة.. لعلك تنقم علي إهمالي لآخر سجين.. لا تعجل علي.. ما نسيته ولا أهملت ذكره ولكن جعلته خاتم مسك لهذه الكلمات لا أبتغي بها زلفى لأحد وهل يتزلف العاقل لمن لا ملك له ولا سلطان ولا مال ولا صولجان؟ إنما أتزلف لرب غفور أن يثبت الفؤاد على رسالة الإسلام دينا ودعوة وخلقا وعلما وعملا وتراحما وتكافلا حتى نرحل رحيلا لا أوبة بعده فنلقى الأحبة ممن سبقونا بالشهادة ووطؤوا لنا طريقها.. آخر أطيب كلام وأزكى سلام لآخر سجين صابر محتسب في أنفة تحكي صولات عز وجولات إباء أقفرت أرضنا منها منذ عقود بل قرون..  آخر تحية ختامها المسك للدكتور الصادق شورو فرج الله كربه وكرب بلاده.. الهادي بريك ـ ألمانيا 


الفساد السياسي: وضع الحالة في تونس


يعتبر الفساد من أكثر الضواهر إنتشارا في عالم اليوم بحيث لا يكاد يخلو مجتمع منها. و لكن ما يفرق بين الدول و المجتمعات أمام هذه الضاهرة يتعلق بدرجة تغلغلها و مستوى إتساعها. فالفساد كضاهرة عامة يبرز بصفة عرضية من خلال حالات متفرقة مستهجنة أخلاقيا و محجرة قانونيا يجرمها القانون و يترصدها القضاء. و لكننا نجد أن الفساد يمكن أن يستشري في مجتمع من المجتمعات ليتحول إلى ضاهرة شاملة تفرض قواعدها علية لتتحول إلى ما يشبه الأعراف المقبولة و الممارسات الدارجة في المعاملات تنافس القنوات المشروعة و المنضمة على الأسواق و في مختلف مجالات الحياة تحت نضر أعوان السلطة و خارج طائلة القانون. و من الطبيعي أنه لا يمكن للفساد بلوغ هذا المستوى دون أن تكون له روابط وثيقة تسنده في أعلى مستوى السلطة و تسمح له باختراق مختلف أجهزتها المكلفة بالسهر على سلامة وشفافية الأعمال و نفاذ القوانين و حياد الأحكام. لذلك تختلف طبيعة ضاهرة الفساد جذريا بحسب المستوى  الذي بلغته، بين الضاهرة العادية و حالة الفساد السياسي التي نتناولها في هذا المقال.
 
مدخل لوعي حالة الفساد السياسي
و إذا كان تعريف الفساد بوجه عام موضوع تهتم به القوانين و التشريعات التي تحضر و تحدد مختلف أشكاله و جرائمه و التي لا يتسع المجال لعرضها في هذا الباب فإن الفساد السياسي يحتل في عالم اليوم مركز إهتمام و محور أبحاث العلوم السياسية الحديثة لما يشكله من خطر على استتباب الأوضاع الداخلية لما يقترن به عادة من الإستبداد و التعسف في غصب السلطة من ناحية و الدولية بشكل عام من خلال تركيبته القائمة على الجريمة المنضمة العابرة للحدود أو من خلال مجالاته المهددة لسلامة المجتمعات و استقرار الإقتصاد الدولي مثل تجارة المخدرات و تهريب السلع المقلدة و تبييض الأموال. و يمكن القول أن المفكر التونسي الكبير عبد الرحمان ابن خلدون كان أول من انتبه إلى مركزية عامل الفساد السياسي على استقرار الدول و انحطاطها من خلال ما أطلق عليه تسمية “علم العمران” في مقدمته الشهيرة و إضافته لما يعرف بالنسق الخلدوني الذي وضعه لقيام الدول و انقراضها حيث حدد خمسة أطوار لحياة الدول واعتبر أن الطور الذي يخترق فيه الفساد مؤسسة الدولة مؤشر لطور انحطاطها و دليل على حتمية انقراضها. كما دعى ابن خلدون إلى ضرورة الحكم على وضع كل مجتمع بحسب طبيعة الأحوال التي يعيشها حيث يقول ” إذا تبدلت الأحوال جملة فكأنما تبدل الخلق من أصله و تحول العالم بأسره و كأنه خلق جديد و نشأة مستأنفة و عالم محدث”. و مع المنهج العقلاني الصارم الذي استند عليه في البرهان على صحة نضريته فإن ابن خلدون يورد الدليل القرءاني الصريح لتدعيمها بقوله ” و إذا تأذّن الله بانقراض الملك من أمة حملهم على ارتكاب الذمومات و انتحال الرذائل و سلوك طرقها، فتفقد الفضائل السياسية منهم جملة و لا تزال في انتقاص إلى أن يخرج الملك من أيديهم و يتبدل به سواهم ليكون نعيا عليهم في سلب ما كان الله قد أتاهم من الملك و جعل في أيديهم من الخير “و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليهم القول فدمرناها تدميرا.” و لا يقتصر دور ابن خلدون على إبراز انعكاس الفساد السياسي للقائمين بالسلطة و بطانتهم على انحطاط الدول و خراب العمران بل أن نضرية العصبية التي جاء بها أصبحت أساس الدراسات الإجتماعية الحديثة حول المشاركة السياسية و التماسك الإجتماعي في مواجهة ضاهرة الإعراض عن الحياة السياسية و الإستقالة من الشأن العام. و تتجلى مضاهر الفساد السياسي أساسا في العلاقات العادية المنضمة لحياة الأفراد من خلال ما يمارسه المأمورون التابعون للسلطة و أعوانها من إبتزاز مقابل ما يؤدونه من خدمات للمواطنين في نطاق وضائفهم. و يدخل في هذا السياق فساد الإدارة و فساد القضاء و فساد الشرطة و أجهزة الأمن. و من جهة أخرى بما يحيط به أصحاب السلطة و المقربون منهم أنفسهم من هالة الوجاهة و الإمتيازات بما يجعل منهم طبقة فوق مستوى الناس العاديين لا يطالها القانون و لا تشعر بأدنى إلتزام بأحكامه و يجعل أصحابها في وضع يفتح أمامهم تجارة النفوذ و التوسط و الرشاوي و الغصب و الإستيلاء و إطلاق أيديهم في المال العام بحيث يتجلى الفساد من خلال إزدهار التهريب و ضهور التجارة الموازية و البضائع المزورة و المقلدة و تجارة الممنوعات و التي غالبا ما تستند إلى شبكات الجريمة المنضمة. و يقود عدم تدارك الوضع بسياسات صارمة لتطهير أجهزة السلطة من البطانة التي تتشكل حول رأسها إلى تحول القواعد الطبيعية لعمل هذه الأجهزة إلى سلوك عام قائم على الفساد يشرع الرشوة و المحسوبية و الوجاهة بحيث تتحول مؤسسات الدولة إلى أجهزة في خدمة مصالح أصحاب النفوذ و الوضائف العامة و مطية للتكسب عن طريق العمولات والرشاوي على حساب الفئات الأكثر هشاشة و التي عادة ما تكون أيضا الأكثر عددا و فقرا إضافة إلى تحول إهتمامات الدولة عن مصالح عامة الشعب إلى خدمة ما حقق مزيدا من الثراء لخاصتها. و هذا الثراء الفاحش المتأتي من الفساد لا تلبث أن تضهر علاماته على المستفيدين منه سواءا في مستوى ترف العيش الذي يضهرونه أو بالأخص في مستوى حجم الثروة التي لا يلبث ان يتضح أنهم يملكونها أو من خلال إستثماراتهم عند محاولتهم التحول لرجال أعمال لتبييض الأموال غير المشروعة التي كسبوها من خلال إستثمارها في السيطرة على البنوك و القطاعات الأكثر ربحية في الإقتصاد من جهة و في تدعيم قاعدتهم السياسية تحسبا لحماية مراكزهم الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية على المدى البعيد. وهكذا نجد أن الفساد في هذا المستوى يعود بالأساس إلى طبيعة السلطة نفسها و غياب المراقبة و استحالة المحاسبة عما يقترفه الماسكون بها من تجاوزات في خدمة مصالحهم الخاصة و الإثراء الفاحش و السريع و الذي يطرأ عليهم و على المقربين منهم و الذي لا يجد تبريرا منطقيا له سوى في ما توفر لهم من نفوذ بفعل السلطة الماسكين بها. و هو ما نعني به الفساد السياسي و الذي لا يمثل إستشرائه داخل المجتمع سوى انعكاس لفساد الحكم نفسه قول الشاعر: إذا كان رب البيت بالطبل ضارباً      فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.
الإطار النضري العام لمعضلة الفساد السياسي

لذلك برزت في السنوات الأخيرة بوادر تشكل مقاربة جديدة في تناول مسألة الفساد السياسي عن طريق تطوير ترسانة من القوانين الدولية لمقاومة الفساد السياسي و تركيز قواعد مشتركة للمعايير الدولية المتعلقة بتحديد مفاهيم الفساد السياسي و آليات الكشف عليه و مقاومته داخليا و دوليا و ذلك تحت إشراف الأمم المتحدة و صندوق النقد الدولي و منظمة الشفافية العالمية. مثل إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 30 مارس 2004 و التوصيات الأربعين الخاصة بلجنة العمل المالي للمعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال الصادرة في 20 جوان 2003 و غيرها من الإتفاقيات و القوانين و الآليات الدولية و الإقليمية و الوطنية المنبثقة عنهما. و يقدر البنك الدولي حصيلة الفساد من الرشاوي المدفوعة للشخصيات السياسية في تقريره الصادر سنة 2004 بأكثر من ترليون دولار سنويا كما يتعتبر الآفة الثالة من حيث الأهمية التي تعاني منها الشعوب الإفريقية بعد الفقر و البطالة. و لكن الإجماع الحاصل حول خطورة الوضع و أولويته لا يقابله نفس الإجماع من حيث المقاربة النظرية لمواجهته. و تتنازع الرأي الغالب في هذا المجال نضريتين أساسيتين؛ الأولى نضرية دعم المؤسسات و تلح على التركيز على المؤسسات باعتبارها تمثل نقصة ضعف الأنظمة المخترقة بالفساد السياسي مما يجعل السلطة تمارس في هذه النضم وفق هياكل و قواعد غير واضحة المعالم تتيح لأصحاب القرار السياسي مجالا واسعا من الحرية في تحديد خياراتهم في الصفقات المالية بحيث تصبح الرشاوي أهم حافز لهم في تحديد القرار. لذلك تبحث هذه النضرية على التركيز على دعم المؤسسات و تفعيل دورها لتشكل درعا في مواجهة الفساد و تسد منافذه. أما النضرية الثانية فتعتبر أن تغول السلطة في المخترقة بالفساد السياسي يشكل حافزا للفساد بحيث يتصرف المسؤولين الرسميين بشكل منطقي و لكن بمنطق ربحي لأنهم لا يميزون في قرارة أنفسهم بين أموالهم الخاصة و الأموال العامة و في غياب إي مراقبة أو سلطة مضاده فإنهم يوجهون كامل النضام في الإتجاه الذي من شأنه أن يخدم أكثر مصالحهم الخاصة. لذلك نجد أصحاب القرار يتلاعبون بخطط السياسة الإقتصادية لتوجيهها نحو المجالات التي من شأنها أن تجلب لهم أكثر ربح مالي و تكون أكثر مردودية. و يرى أصحاب هذه النضرية أن الدولة التي يهيمن عليها الفساد السياسي بحاجة إلى إعادة هيكلة بالكامل بمعنى تغيير كامل للنضام لإصلاحها و تركيز آليات مكافحة الفساد السياسي داخلها. و رغم التباين في منهج المعالجة تتفق النضريتان في تشخيص الفساد باعتباره سياسيا بالأساس و قائم على إشتراك الموظفين العموميين و القادة السياسيين في استغلال النظام لمآرب شخصية بسبب غياب سلط مضادة تدعمها مؤسسات حقيقية. و من البديهي أن لا تسعى الدول التي لا تقوم السلطة فيها على قواعد الحكم الرشيد وسلطة القانون إلى تطوير تشريعاتها المتعلقة بمقاومة الفساد أو ترقية عمل مؤسساتها على قواعد الشفافية و تدعيم إستقلالية وسلطة القضاء فيها و فتح مشاركة المجتمع المدنى في مراقبة تصرف مسؤوليها عن طريق توسيع حرية الصحافة و التعبير. إن هذا الجانب النضري لقضية الفساد السياسي يحيلنا مباشرة على العقدة التي يتوقف عليها حل كامل المشكلة و ترتهن أي إستراتيجية لمقاومة الفساد في بلادنا. ذلك أن الإستراتيجية الإجرامية في مقاومة الفساد و تبييض الأموال المترتبة عنه تقتضي وجود إرادة سياسية لوضعها و تطبيقها و إذا كان الإطار السياسي نفسه متورط في الفساد فإنه يصبح من السذاجة إنتضار وضع أو تنفيذ هذه السياسة منه. كما أنه لن يتسنى قياس مستوى الفساد من خلال المعطيات التي تقدمها مثل هذه الحكومات. ذلك إن الفساد عندما يستولي على السلطة تصبح هذه الأخيرة لا تسعى إلى كشف حقيقة الفساد بل إلى التعتيم عليه و إخفاء حقيقته و في أقصى الحالات إلى تبريره. لذلك يبقى المرجع الحقيقى لقياس درجة الفساد السياسي في أي دولة أو مجتمع من المجتمعات في ما تعتمده هذه الدولة من تشريعات و تراتيب للتصدي لضاهرة الفساد بين القائمين بالسلطة فيها و في مستوى الحرص و الشفافية في التقيد بهذه الإجراءات و تنفيذها. و تقوم هذه الإجراءات عادة على: – إعتماد التصريح عن الممتلكات والدخل لدى المسؤولين الرسميين عند تولي المسؤولية و عند مغادرتها وبصفة دورية بيتهما كل سنة أو سنتين و تركيز هيئة لها من الإستقلالية و النفوذ ما يتيح لها مراقبة صحة التصاريح و التثبت في شرعية الموارج و الممتلكات المصرح بها و تتبع المخالفين و من تحوم شبهة الفساد حول مصادر ممتلكاتهم و دخلهم. و نجد أن بعض الدول تحمل صراحة المسؤولين الرسميين عبء الإثبات بأن مداخيلهم وممتلكاتهم متأّتية من مصدر شرعي. (إتفاقية الدول الأميركية لمكافحة الفساد  1996 ).و كذلك مدى شمول هذه التصاريح لأفراد عائلة المصرح و أقاربه المباشرين. – إعتماد المعايير الدولية في مراقبة المعاملات المالية الحاصلة من طرف ” الشخصيات السياسية الأكثر تعرضا” و هم ما يطلق عليهم عادة “PPE”  وهم حسب تعريف مجموعة العمل المالي “الأشخاص الموكلة إليهم أو الذين أوكلت إليهم مهام عامة بارزة، كرؤساء الدول أو الحكومات، والسياسيين رفيعي المستوى، والمسئولين الحكوميين رفيعي المستوى والمسئولين القضائيين والعسكريين، وكبار الموظفين التنفيذيين في الشركات المملوكة للدولة، ومسئولو الأحزاب السياسية الهامين. وتنطوي علاقات العمل مع أعضاء عائلات هؤلاء الأشخاص أو شركاؤهم المقربين على مخاطر تتعلق بالسمعة مثل تلك المخاطر التي يتضمنها التعامل مع هؤلاء الأشخاص بعينهم، ولا ينطبق هذا التحديد على الأفراد الذين يشغلون مناصب متوسطة أو أقل في الفئات المذكورة”. و من المعلوم أنه لا يوجد مثل هذه الأدوات و التشاريع لمراقبة الفساد السياسي لأصحاب السلطة و القرار و المحيطين بهم في القانون التونسي باستثناء نص مغمور لا يكاد يعلم به أحد يتعلق بالتصرح على الشرف بالمكاسب للقضاة بالنسبة لهم و لزوجاتهم و أبنائهم القصر و يشمل العقارات و السياات و الأسهم والحصص و الرقاع و الأصول التجارية و الحيوانات و المبلغ لدى البنوك و الإموال تحت اليد عند التصريح و تدع هذه التصاريح لدى دائرة المحاسبات إلا أنه لا يوجد أدنى مؤشر على تواصل تطبيقها أو فعالية تذكر لها منذ إحداثها. كما أنه ليس هناك في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في تونس التزام للمؤسسات المالية باتخاذ نظام إدارة يسمح لها بالتحقق من هوية الأشخاص المعرضين سياسيًا، والحصول على موافقة الإدارة للدخول في علاقة عمل مع الأشخاص المعرضين سياسيا، وبالاستعلام عن أي شخصية ظاهرة سياسيا أو عن مصدر أموالها وذمتها المالية أو بإثبات اليقظة المشددة نحو الأشخاص المعرضين سياسيا. و قد سكت القانون عدد 75 لسنة 2003 – الصادر في 10 ديسمبر 2003 عن مسألة الأشخاص المعرضين سياسيًا وعن الإجراءات المحددة لليقظة التي يجب تطبيقها عليهم. و إذا كان القانون هو الذي يوفر الأدوات التشريعية و القنوات الإجرائية اللازمة لمقاومة الفساد فإن فعاليته رغما عن نقائصه تتوقف بالأساس على الدور الذي يضطلع به القضاء في تطبيقه. و هو ما يطرح الدور المحوري لمسألة إستقلال القضاء و سبب ضروريتها حتي يتمكن القضاء من الإضطلاع بواجبه في مقاومة الفساد و درء الفساد السياسي عن مؤسسات الدولة و القائمين بالسلطة من خلالها. لذلك شكل هذا المطلب لحد اليوم عنوان مطاب القضاة منذ قيام دولة الإستقلال و سبب إضطهادهم و محاصرتهم. فهيمنة السلطة التنفيذية على القضاة من خلاال وزارة العدل بين بالتجربة أنه وضف أساسا لتوفير حصانة للقائمين بالسطة و منع لحد اليوم القضاء من محاسبتهم. و يثار عادة للتملص من ضرورة دعم سلطة القضاء و رقابتهم على شفافية ممارسة القائمين بالسلطة لمهامهم و محاسبتهم عن التجاوزات و الفساد الذي لا تخلو سلطة أن تغر صاحبها من الوقوع فيه بالدفع بمخاطر هيمنة القضاء على السلطة و الوقوع في فخ ما يعرف بحكومة القضاة و التحول من استبداد السلطة التنفيذية إلى استبداد السلطة القضائية التي ليست معصومة بدورها من الفساد. و الحقيقة أن هذا الإدعاء ليس سوى كلمة حق أريد بها باطل يريد من خلالها الماسكين للسلطة الفعلية المحافضة على إطلاق يدهم في المال العام و التملص من كل ما من شأنه أن يحد من سلطتهم. ذلك أن القضاء مهما بلغت سلطته و مدى إستقلاليته لا يمكنه أن يتعدى الإطار المرسوم له كمرفق عمومي في خمة المجموعة كما يحدده الدستور و تنضمه القوانين و التراتيب. كما أن القضاء لو أتيح له ممارسة سلطته الدستورية في ردع الفساد السياسي فإنه لا يتناول المشتبه بفسادهم من خلال دورهم في السلطة أو خلفيتهم السياسية و إنما من خلال مخالفتهم للقنون و تجاوزهم لضوابط أدائهم شانهم شأن غيرهم من المواطنين. و هكذا نجد أن العلاقة بين السلطة و القضاء في مجال مكافحة الفساد بشكل عام و الفساد السياسي بشكل خاص تعتبر في حد ذاتها مؤشرا على مستوى الفساد السياسي للسلطة. إذ لاتوجد سلطة نزيهة في مجتمع من المجتمعات لا تدرك أهمية تحصين نفسها من الفساد و مخاطر الإغراءات التي تعرض القئمين بالسلطة إلى الإنحراف و الفساد مهما كانت نزاهتهم. ذلك أن الفساد السياسي يقاس قبل كل شيئ من خلال حرص السلطة نفسها على توفير أدوات مقاومة الفساد بين القئمين بها وذلك من خلال تعزيز التشريعات و دور المؤسسات في مواجهته. إننا من خلال قضية الفساد السياسي إنما نطرح مسألة أولية تتجاوز مسألة الحكم على السلطة من حيث طبيعتها الإسنبدادية أو الديموقراطية، التقدمية أو الرجعية و اللائكية أو الإسلامية لأنه قبل طرح الخيار حول كل ذلك يحتاج المواطن العادي و البسيط كما نحتاج جميعا أن نعرف هل أنها سلطة فاسدة أو نزيهة حتى تكون جديرة بثقته.

المختار اليحياوي – تونس في 5 جوان 2008 Tunisia Watch – 


ضدّ الانغـلاق والتحامل … مِن أجل الديمقراطية والحوار بقلم أحمد إبراهيم الامين الاول لحركة التجديد

– رد على السيد برهان بسيس-


طلع علينا السيد برهان بسيس في ركنه “البعد الاخر” ليوم 20 ماي الماضي بمقال بعنوان “ضد التباكي… من أجل العمل” انطوى على العديد من المغالطات، فضلا عن تحامله، من أعلى الصفحة إلى أسفلها، على المعارضة الديمقراطية عموما، وعلى شخصي كأمين أول لحركة التجديد ومرشح “المبادرة الوطنية” إلى الانتخابات الرئاسية القادمة خصوصا.. ويمهد السيد برهان بسيس لمغالطاته بالتأكيد على أن نهج الاصلاح الديمقراطي قد “قطع بشكل نهائي مع مرحلة المرشّح الواحد سليلة عهد الحزب الواحد المهيْمن”، ولكنه سرعان ما يستدرك مؤكدا أن “توازنات المشهد السياسي السائد” تجعل تعدد الترشح المنصوص عليه في القانون لا يعدو أن يكون مجرد إمكانية نظرية لا ترتقي إلى المستوى الذي تصبح فيه “المنافسة الانتخابية رهانا حقيقيا تستوي فيه الحظوظ أكثر بقليل من مجرد التمرين البيداغوجي”.  وبعبارة أخرى فإن ما يستفاد من هذا التمهيد هو أن تعدد الترشح للرئاسية (الذي لم يتم مجرد إقراره كمبدإ إلا بعد 43 سنة من الاستقلال، منها 12 سنة بعد 7 نوفمبر 1987) لم يجد بعد، وقد مضت من عمره عشر سنوات، طريقه إلى التجسيد في الواقع… ولا شيء في الافق يدل على أن البلاد ستهتدي يوما إلى “بوابة المرور نحو صورة تنافس انتخابي حقيقي” نظرا إلى قوة الحزب الحاكم مقارنة بما عليه أحزاب المعارضة من ضعف… بغض النظر على أن قوة الاحزاب لا يمكن أن تقاس في غياب انتخابات تتوفر فيها ظروف التنافس، فإن اعتبار التكافؤ أو التقارب في موازين القوى بين الحزب الحاكم والمعارضة شرطا لوجود تلك الظروف يترتب عنه الحكم على الحياة السياسية بالجمود الابدي. وما دام هذا الانخرام في موازين القوى هو العامل الوحيد الذي يفسر بل يبرر في نظر صاحب المقال عدم “توفر شروط المنافسة الانتخابية” في واقع تونس اليوم، فإن هذا الواقع المتسم بهيمنة حزب واحد على الدولة والمجتمع يبدو محكوما عليه بإعادة إنتاج نفسه إلى ما لا نهاية له طبقا لارادة بعض غلاة الشد إلى الوراء، كما أن بعض الاقلام المنخرطة في هذا المنطق يبدو لها من “الطبيعي” أن تمنح لنفسها حرية التحامل كيفما شاءت على كل مسؤول سياسي معارض يقرر أخذ إمكانية الترشح التي يخولها له القانون مأخذ الجد ويصر على ممارستها كاملة وبدون مركبات. لذلك يحاول السيد برهان بسيس النيل من مصداقيتي وينسب إلي تهكما صفات وأقوالا  من صنع خياله وهو غير واع  بتناقضها، فيزعم من ناحية أنني أسعى إلى “إشغال الساحة ببكائيات التظلم” (؟؟) ثم يحولني في الفقرة الموالية من حال البكاء والتمسكن إلى وضع من يدعي امتلاك قوة القائد المظفر الذي “يرتجف منه النظام”(!!)…  لست أدري أي الصورتين الكاريكاتوريتين يريد كاتب المقال من القارئ أن يصدقها، لكن الواضح أن من ينسب إلي هلوسات فولكلورية مختلقة  يسعى إلى التهرب من الخوض في نقاش جدي حول لب الموضوع…. فهل يرى هذا الخبير المقتدر أن مصداقية الانتخابات ممكنة بدون ضمان الحياد في الاشراف على سيرها، وبدون توفير ظروف منافسة حقيقية يحترم فيها مبدإ الندية والمساواة في الحقوق بين المترشحين دون تمييز لاي منهم على غيره؟؟ وكيف يفسر احتكار جل وسائل الاعلام من طرف واحد، في الوقت الذي يستمر فيه إقصاء «حركة التجديد» من الإذاعة والتلفزة؟ أليس من يحاول تبرير مثل هذا الوضع كمن يحاول إقناعنا بإمكانية تنظيم مباريات الكأس في كرة القدم في ظروف تنعدم فيها أدنى شروط التنافس الحقيقي بين إحدى “الجمعيات الكبرى” وأي من  الجمعيات “الصغيرة”، بدعوى أن”ضعفها” يحتم عليها قبول اللعب بدون حارس مرمى وبدون قلب هجوم والاذعان لمنع جمهورها من دخول الملعب والاعتراف بأحقية الجمعية “القوية” حتى في تعيين الحكم من بين مسيريها فقط… إلى غير ذلك من الاشتراطات التعجيزية؟؟!!! لقد كان على السيد برهان بسيس أن يجيب بهدوء على مثل هذه التساؤلات البسيطة ويعتمد الحد الادنى من الموضوعية والاسلوب المتحضر وينأى بنفسه عن استسهال التحامل وتشويه المواقف واختلاق التصريحات… إن التجني على الرأي المخالف والاصطفاف وراء عقلية الحزب الواحد لم يساهما ولن يساهما في شيء في تطوير الحياة السياسية ولا في الرفع من مستوى الاعلام… وحده احترام التعددية وقواعد الحوار الديمقراطي قادر على الارتقاء بالمشهد السياسي وإعطاء المصداقية للصحافة والصحفيين!!  
(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 جوان 2009)  


مُنتقدُو “التعاطي الرسمي التونسي مع الإسلام” يتساقطون

المشرف العام على مؤسسة “الإسلام اليوم”: لغة الخطاب السياسي في تونس تتكئُ الآن على أبعاد عروبية إسلاميّة  


بن حديد: صورة تونس تكون من خلال آراء أبنائها الذين يعطون للدين صورة جيدة وليس من خلال آراء خارجية العرفاوي: الضباب بدأ يبتعد عن مرآة حقيقة الإسلام في تونس   بثت قناة العربية مؤخرا حوارا أجراه الإعلامي تركي الدخيل مع الشيخ سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم حول مقاله الأخير الذي نشره بتاريخ 11 أفريل 2009 الّذي راجع فيه مواقفه السابقة ضد تونس والتي كان يحمل عنها “انطباعا غير جيد” ليفاجئ المشاهدين بآرائه الجديدة التي ثمن فيها المكانة التي يحظى بها الإسلام في تونس والانفتاح الذي تشهده البلاد في محيطها العربي والإسلامي هذا وقد جاء في مقال  المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم(مؤسسة شبه حكومية ) المعنون بـ”الإسلام والحركات” والذي أثار ضجّة إعلامية وسياسية أنه زار بلدا إسلاميا “كنتُ أحملُ عنه انطباعا جيدا وسمعت غير مرة أنه يضطهد الحجاب ويحاكم صورياً ويسجن ويقتل ( …) وجدتُ أنّ مجريات الواقع الذي شاهدته ( في زيارته الأخيرة لتونس بدعوة من المنظمة العربية للثقافة والعلوم الإيسسكو، بمناسبة مؤتمر عن الشباب المسلم و تحديات المستقبل ) مختلف شيئاً ما، فالحجاب شائع جداً دون اعتراض، ومظاهر التدين قائمة، والمساجد تزدحم بروادها من أهل البر والإيمان.   ويضيف في ذات السياق أنه سمع لغة الخطاب السياسي فرآها ” تتكئ الآن على أبعاد عروبية إسلامية، وهي في الوقت ذاته ترفض العنف والتطرف والغلو وهذا معنى صحيح ومبدأ مشترك لا نختلف عليه”.   ويضيف في تصريحاته للعربية أن هذه اللغة تتكئ على ” القيم الإسلامية بغض النظر عما هو الدافع له” وهو ما يؤكد حسب رأيه “عمق الإسلام في تونس”.   وفي رده عن مواقف البعض التي تعتبر الحضور الإسلامي في اللغة السياسية المحلية عائد لطبيعة الخطاب السياسي في تونس الذي “يتترّس” بالإسلام يجيب بأن ذلك دليل على أن “الإسلام (في تونس) عميق الجذور في البلد”.   وفي سؤال لمقدم البرنامج تركي الدخيل عن مصير الكتب التي حملها معه أوضح الشيخ سلمان العودة أن “كتبي وكتب مؤسسة الإسلام اليوم تم توزيعها على حضور المؤتمر وعلى الضيوف وعلى الأعضاء”.   وفيما يخص ملف الإسلاميين في تونس اعتبر رئيس مؤسسة الإسلام اليوم أن تونس تتعاطى بانفتاح معهم مثلما تتعاطى ليبيا مع الحركات الإسلامية داخلها. تعليقات ومواقف وفي تعليقه على هذه التصريحات الأخيرة للشيخ سلمان فهد العودة التي راجع فيها مواقفه بخصوص تونس يعتبر الكاتب الصحافي نصر الدين بن حديد بأنه لا توجد اطلاقيات فيما يتعلق بمواقف الأشخاص من القضايا الراهنة وبأنها قابلة دائما للتطور وبأنّ آراء الشيخ سلمان العود القديمة غير متأكدة وأن تغير مواقفه أتى عندما توضحت له مجريات الأمور في تونس وبالخصوص فيما يتعلق بالإسلام.  ويرى بأن صورة تونس تكون من خلال آراء وتطلعات أبنائها الذين يعطون للدين صورة جيدة وليس من خلال آراء الغير من خارج تونس الذين يعطون صورة كما تحلو لهم والتي تعتبر غير محددة.    إلى ذلك يرى متابعون للشأن الداخلي بأنّ تونس تشهد في الآونة الأخيرة انفتاحا على الشأن الديني من خلال الزيارات المتتابعة لرموز إسلاميين يصفهم البعض بالــ”معتدلين” من بينهم  الشيخ يوسف القرضاوي بمناسبة افتتاح تظاهرة “القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية” والذي أحدثت زيارته جدلا كبيرا بين العلمانيين والإسلاميين بسبب كتاباته السابقة التي كفّر فيها بعض المثقفين أمثال الشاعر صغير أولاد أحمد ومؤخرا رئيس مؤسسة الإسلام اليوم الشيخ سلمان العودة، هذا إضافة لمظاهر أخرى من التوجيه الديني وذلك بإنشاء بنك الزيتونة الإسلامي لرجل الأعمال الشاب محمد صخر الماطري وإحداث إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم وبعث قناة تلفزية دينية “حنبعل الفردوس”. جمال العرفاوي صحفي بجريدة الصحافة ومراسل موقع”مغاربيّة” من تونس: ما أقدم عليه العودة ستكون له توابع ايجابية على صورة تونس لدى شريحة كبيرة وواسعة من التيارات الاسلامية الأخرى   أعتقد أنّ ماقام به العودة … يعبر عن شجاعة لا جدال فيها ، كما أعتقد ان الاعترافات التي أتاها الشيخ سلمان العودة لا لبس في صدقيتها لاني لا اظنّ أنّ هذا الرجل يسعى إلى نيل رضا جهة  رسمية أو مؤسسة حكومية: كانت للرجل مواقف لا مبرّر لها سوى عدم معرفته للواقع التونسي فهو يجمع معلوماته من محدثين أو من أخبار متنا ثرة تنشر هنا وهناك بالاضافة الى موقف التيار الاسلامي الخليجي خاصة والعربي عامة من تونس وما ينقل عنها من تحرر نسائها وعلمانية دولتها ، هذه الفكرة تعاظمت مع مرور الأيام ومنذ اطلاق مجلة الاحوال الشخصية وأصبح تعاطي هؤلاء مع المسالة الدينية في تونس كما تعاطى الشيخ محمد الصالح بن مراد مع كتاب الطاهر الحداد ” هذا على الحساب إلى أن أقرأ الكتاب”.   وبالتوازي مع هذه المسلمات الخاطئة تعرضت تونس منذ اندلاع المواجهة السياسية والأمنية وما تبعها من محاكمات للتيار الديني أواخر ثمانينات القرن الماضي ، تعرضت إلى حملة  منظمة  من قبل تيارات الاسلام السياسي  استخدمت  فيها جميع أنواع الأراجيف إلى حدّ الادعاء بأنّ دخول المساجد في تونس لا يتم الا بعد الاستظهار ببطاقة مغناطيسية معدة للغرض، ومازالت هذه “الكذبة” تتردد إلى اليوم في العديد من المواقع الاسلاموية ، ولكن ما حصل خلال الاشهر القليلة الماضية أنّ الضباب بدأ يبتعد عن مرآة الحقيقة كما يقال وخاصة بعد زيارة الشيخ يوسف القرضاوي الذي أعطى تصريحات تناقض ما كان يردده عن تونس  وهو الذي طالب في يوم من الايام باعادة فتحها من جديد .   اما عن تراجع الشيخ عودة عن المسلمات السابقة التي كان يحملها عن تعاطي الحكومة التونسية مع المسألة الدينية  وهي سلبية لا محالة فندها اليوم وقوفه شخصيا على أرض الواقع ، وهنا لا أود الدخول في التفاصيل ولكن يكفي ان أشير الى القلق الكبير الذي أصاب التيار العلماني في تونس من العودة القوية للتدين وكان من مظاهره تزايد عدد المحجبات بشكل ملفت ليس في الشارع فقط بل في المؤسسات العمومية .   أعتقد أنّ ما قام به العودة من مراجعة جذرية لمواقفه السابقة يحسبُ للرجل ويعبر عن شجاعة لا جدال فيها ، وبغض النظر عن موقفي الشخصي منه ومن غيره من الشيوخ الا أنّ ما أقدم عليه ستكون له توابع ايجابية على صورة تونس لدى شريحة كبيرة وواسعة من التيارات الاسلامية الأخرى ، ويكفي العودة اليوم لقراءة التعاليق حول حواره الأخير مع قناة العربية  والذي أدارهُ الاعلامي تركي الدخيل ، وهي تعاليق لم تعد تصب في خانة واحدة كما تعودنا في كل مرة تطرح فيه المسألة الدينية في تونس.
(المصدر: صحيفة “السياسة” (يومية – الكويت) الصادرة يوم 6 جوان 2009)  


التجمع والآثار


 صـابر التونسي التجمع حزب عريق! … عروقه ممتدة في أرجاء الوطن وتاريخه! … تغيرت أسماؤه وصفاته ولكنه حافظ على أصله! … يشهد ترميمات مستمرة برعاية سامية! … لا حدود للميزانية الموكولة لتلك المهمة! … المهم أن يبقى مرمما ويبدو للناظر بوجه حسن! … وهي سياسة حكيمة، فالتجمع هو وجه تونس لذلك وجب على جميع “الرعايا” تفهم الأمر والقبول به! وإن كانت أهواؤهم غير تجمعية! … فالعاقل من يحسن التفريق بين الهوى الشخصي وبين السياسات العليا التي من شأنها الحفاظ على الهيكل العام للبلاد وعمود خيمتها وأوتادها! … فلا يعقل أن نسمح للريح أن تعرينا بدعوى الخلاف أو التنافس الديمقراطي! هناك ثوابت للوطن يجب أن تكون فوق المنافسة والمزايدة! … منها “فخامته” لأنه رمز رقينا وازدهارنا ووحدة صفنا! … ومنها “تجمعنا” وإن لم ننتم يوما إليه، لأنه مشترك وطني! … فهو الحزب الذي صنع الإستقلال! … وهو الحزب الذي لم تهتز شعبيته منذ أن حكم البلاد قبل أكثر من نصف قرن! … نخب تونس وإطارتها صنعت في المصنع المركزي للتجمع أو في الورش الجانبية المتفرعة عنه! ذلك ما لم يفهمه كثير من مواطنينا حين عارضوا بناء مقر للتجمع بساحة قصر العبدلية، بدعوى أن القصر أثر مهم وأن البناء الجديد سيشوهه! … وذلك منهم سوء فهم وقصر نظر!  … أولا لأن القصر كان لسنوات خلت مهملا، وملاذا للمنحرفين، وثانيا لأن عملية ترميمه تمت في عهد الحزب الحاكم بأموال الدولة التي هو مفوض للتصرف فيها وفق ما يراه! والإشارة المهمة الأخرى أن التجمع يعتز بماضي تونس وحاضرها وهو حكم البايات الذي لا يزال قائما وإن تغيرت الأسماء!  … فالأسرة “العلوية” الحالية سليلة الأسرة الحسنية التي بنت قصر العبدلية وحكمت تونس حقبة زمنية طويلة! لعلها خطوة مهمة جدا أن يحصل مزيدا من التصالح بين بايات عصرنا وبايات الماضي! … بل لعله يكون أنفع وأجدي لو استعدنا لقب الباي لمن يحكمنا واستعدنا معه نظام الملك والتوريث!  ولا عيب في ذلك فالعاقل يدور مع المصلحة حيث دارت! … وبما أنه ليس بالإمكان أفضل مما هو كائن فلا عبرة بالمسميات! فأل حسن قالت إحداهن حين علمت بالبناء الجديد متوقعة أن التجمع سيتحول إلى أثر من الآثار لأنه اختار طواعية أن يقبر نفسه داخل أثر! … قلت قولك يشبه قول قائد جيش المسلمين حين عاد له رسوله لجيش فارس وقد حمله الفرس كيسا من تراب سخرية منه! … قال هذا فأل حسن، الله أكبر فتحت فارس! ولكن هذه ليست من تلك والتجمع لن يسقط مادام الصندوق موجوادا! ومطابع اللون الأحمر تطبع من غير حساب! … وبفتحة الصندوق سابغ أحمر يطغي على كل الألوان!   (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 6 جوان 2009)


نداء من الجالية التونسية بدولة قطر إلى العناية الكريمة

 لسيادة رئيس الجمهورية التونسية 


سيادة رئيس الجمهورية التونسية   بعد إهدائكم خالص التحيات وأجمل آيات العرفان والتقدير نلفت نحن أبناء الجالية التونسية بقطر عناية  سيادتكم إلى مشاغل أبنائكم بالدوحة نتيجة الأجواء المشحونة المخيمة منذ مدة على المدرسة التونسية بالدوحة بسبب الفساد المستشري فيها والمسكوت عنه منذ إغلاق السفارة التونسية بالدوحة في سنة 2006 الأمر الذي شجع المشرفين عليها على التمادي  في العبث بها و سوء التصرف في مكتسباتها والتكسب غير المشروع منها بشتى الوسائل والطرق منها دون أي آلية من آليات المراقبة المعمول بها في كل المؤسسات عدى بعض الزيارات السنوية الصورية لبعض أعضاء المنظمة. وما إصرارنا المتكرر على الكتابة إليكم سيادة الرئيس الا دليل على ثقتنا المطلقة في عنايتكم بمشاغل أبنائكم في الخارج متى وصلتكم أصواتهم وأنتم الحريصون دائما على تحقيـق العدالة والإنصاف متى قصرت الدوائر الرسمية المعنية وتقاعست الجهات المسؤولة في القيام بذلك .   سيادة رئيس الجمهورية لقد سبق واشرنا في رسائلنا المفتوحة الماضية إلى تفشي مظاهر الفساد والتجاوزات بالمدرسة التونسية بالدوحة دون تدخل جدي من أي جهة رسمية كانت ولو حتى بالبحث أو تقصي حقيقة الأمور في محاولة لتكريس هذه الأوضاع كأمر واقع وتهديد وإقصاء كل من إنتقد أو تحدث عن هذه الاوضاع وهو ما خلق أجواء مشحونة وشجع المشرفين على منظمة التربية والاسرة  وعلى رأسهم رئيسها سالم المكي المؤتمن على هذا المكسب الهام للجالية بقطر على إعتبار مدرسة الدوحة الدجاجة التي تبيض ذهبا لا غير وذلك بتعيين العديد من أفراد أسرهم و معارفهم في وظائف مستحدثة لا داعي لها برواتب تفوق أضعاف رواتب المعلمين والأساتذة من ذلك وعلى سبيل الذكر لا الحصر تعيين شقيقة رئيس منظمة التربية والاسرة المسماة سعاد المكي في خطة صورية “ممرضة” صحبة زوجها وإحدى قريباته علاوة على بقية الأعضاء الآخرين مقابل التغاضي عن الفساد الإداري والمالي المستشري بالمدرسة و ذلك من خلال التمسك بشخصية لا تحمل مؤهلات تربوية ولا شهادات علمية لإدارة المدرسة تحت مسمى منسقا عاما بمساعدة المتصرف المالي الذي إستقدم شقيقه على كفالة المدرسة ثم توظيفه في أحدى المؤسسات القطرية قبل أن يختلس منها مبالغا مالية كبيرة والفرار إلى تونس بما في ذلك من خيانة للأمانة و إساءة لسمعة تونس في الخارج خاصة وأن المدرسة التونسية بالدوحة كفيلة المتهم الذي هو الآن محل بحث ومتابعة.   سيادة رئيس الدولة هل من الطبيعي أن تدار مؤسسة تربوية خارج تونس من طرف شخص لا يحمل حتى شهادة الثانوية العامة بمنطلق الحرية والتصرف في موارد المدرسة التي تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات من العملة التونسية بدون أى من آليات الرقابة المالية المعمول بها عادة في مثل هذه المؤسسات؟؟؟؟؟ وما هو سر تمسك رئيس منظمة التربية والاسرة بهذا الشخص وبالمتصرف المالي برغم كل الشكاوى والتذمرات وكل المشاكل التي صاحبت مجيئهما للدوحة والتي وصل البعض منها إلى المحاكم القطرية ؟؟؟؟؟ أم أن أشخاصا بهذه الصفات طوع اليد و رهن الإشارة أحب وأنفع له ولبعض أعضاء منظمة التربية والأسرة من أشخاص من أهل الذمة والإختصاص.                                                           سيادة رئيس الدولة لقد أصبحت المدرسة التونسية بالدوحة مرتعا للفساد والبحث عن المنافع الشخصية غير المشروعة بشتى الوسائل والطرق من وراء حسابات المدرسة البنكية والهبات والمساعدات المقدمة من الجهات والمؤسسات القطرية بعنوان مساعدة المدرسة على تجاوز أزمتها التي لم نكن نسمع عنها قبل تولي منظمة التربية والأسرة مسؤولية الإشراف عليها حيث كانت تسجل فوائض مالية في نهاية كل موسم دراسي كما أن مجالات التكسب غير المشروع طال كل شيء ولم تسلم منه حتى وسائل تنقلات أبنائنا التلاميذ من وإلى المدرسة وبين الدوحة و تونس من خلال الإتفاقات المبرمة بين المنسق العام والمحاسب مع هذه الشركات الناقلة مقابل العمولات.                                                                              هذا وتنشط في كل صائفة ظاهرة المتاجرة بالسيارات الفخمة والبضائع الثمينة المصدرة إلى تونس من قطـر من طرف بعـض الإداريـين بالمدرسـة وأقارب ومعارف المسؤولين بمنظمة التربية والأسرة  كما تشهد بذلك سجلات الديوانة التونسية وتؤكده الإستعدادات الحالية لتصدير الدفعة الجديدة لهذه الصائفة من قطر إلى تونس والتي ستشمل نوعية سيارات الطوارق الألمانية الفخمة وغيرها.                                                                                                 سيادة رئيس الدولة أمام هذا الوضع المتردي الذي له عظيم الأثر على الأجواء السائدة بالمدرسة و وسط أبناء الجالية لعدم تجاوب السلط المختصة بشؤون الجالية التونسية بقطر التي أضحت تدفع فاتورة هذه التجاوزات من خلال الزيادات متكررة في الرسوم الدراسية لتغطية العجز في ميزانية المدرسة مع المستوى المتردي للخدمات مقارنة بمدارس بقية الجاليات الأجنبية الاخرى المقيمة بقطر برغم حملات التوسل و طلب المساعدات التي تقوم بها المدرسة التونسية دونا عن غيرها ، لم يبق لنا سيادة الرئيس سوى التظلم لدى سيادتكم وكلنا ثقة في تفاعلكم مع مشاغل أبنائكم في الخارج الذين تولونهم كل الرعاية والإهتمام وذلك بالإذن بفتح تحقيق في كل التجاوزات التي أعقبت وصول الإدارة الحالية ومن يتخفى ورائها ومحاسبة كل من ثبت تورطه من قريب أو من بعيد حتى تعود الأجواء الطيبة التي كانت سائدة في الجالية التونسية بقطر.                                                                              أولياء أمور تلاميذ المدرسة التونسية بقطر
 
 


فرنسا تسلم تونس 150 وثيقة صوتية تعود الى الحقبة الاستعمارية

 


 (رويترز) – قال مسؤولون حكوميون اليوم السبت إن تونس وقعت اتفاقا مع المعهد السمعي البصري الوطني بفرنسا تعيد بموجبه باريس الى الاذاعة التونسية 150 وثيقة صوتية تعود الى فترة الاستعمار. وأضافوا ان المعهد الفرنسي سيسلم الاذاعة الوطنية التونسية هذه الوثائق الصوتية التي تخص الفترة التاريخية ما بين 1934 و1956 تاريخ استقلال تونس عن فرنسا. وسلم ايمانويل هوج مدير المعهد السمعي البصري الوطني بفرنسا 81 وثيقة صوتية الى منصور مهني المدير العام للاذاعة التونسية وتعهد بتسليم بقية الوثائق قبل نهاية سبتمبر ايلول المقبل. ولم يكشف المسؤولون في تونس او باريس عن مضمون هذه الوثائق الصوتية التي تهم فترة الاستعمار الفرنسي بتونس والذي امتد من 1881 الى 1956.   (المصدر: وكالة أنباء رويتز بتاريخ 6 جوان 2009 )


هل أصبحت خصوبة التونسيين مهدّدة؟

* تونس (الشروق) حمّلوها مسؤولية الدراما التي تعيش.. بأنها وحدها العاجزة وغير القادرة والحاملة لخلل عدم الانجاب… فاقتنعت وانزوت تستنفد ما تبقى من سنوات العمر على تلك القناعة. كتومة هي الى حدّ مخيف.. تكثر من اللباس حتى في أشدّ الأيام حرارة وتغطي وجهها حدّ أنك بالكاد تستطيع التعرّف عليها. تتحاشى ملاقاة الأجوار أو التحدّث إليهم.. فلا تظهر سوى في المناسبات تقدم التهاني أو التعازي وتغادر على عجل. أخبرها الأطباء قبل سنوات عديدة أنها قادرة على الانجاب وطلبوا حضور زوجها لإجراء التحاليل اللازمة لكنه رفض ذلك بقناعة أنه قادر على الانجاب.. وأنه وحده من يعلم ذلك ولا شأن للأطباء به. أكثر من 17 سنة مرّت على تلك القناعة.. هي تتجرّع خيبتها بين جدران المنزل.. وهو يداري خيبته بالتهديد بالانفصال عنها والزواج من جديد.. متعثرا بخصاصته وحاجته الى العمل.. مسنودا بدعم لا محدود من المجموعة بأن زوجته وحدها المتسببة في دراما عدم رزقهما بطفل. واحدة من صور الدراما الاجتماعية المتكرّرة والكثيرة في تونس.. صور العقم الذي تحمل المرأة في الغالب تهمته اجتماعيا. غير أن إحصاءات الجمعية التونسية للخصوبة تؤكد أن نسبة العقم تتوزع بالتساوي بين النساء والرجال في تونس.. وتبلغ 30 لدى الجنسين. ومن جهة أخرى تشير الاحصاءات الرسمية المعلنة الى أن 15 من الأزواج في تونس يعانون من عدم القدرة على الانجاب.. علما وأن النسبة العالمية المعلنة حول العقم يبلغ أقصاها 15. فما هي أبرز أسباب العقم لدى الجنسين في تونس؟ وهل أصبحت الخصوبة مهددة في بلادنا؟ خصوبة الرجال أسباب عديدة تقف وراء تدني الخصوبة لدى الجنسين حسب ما جاء في ملف وثائقي أصدره ديوان الأسرة والعمران البشري نهاية شهر ماي بمناسبة انعقاد حلقة شهر ماي من منتدى السكان والصحة الانجابية. وحسب نفس المصدر تتساوى الأسباب لدى الجنسين بنسبة 35.. كما تتسبب التعفنات الجنسية المنقولة في «ضرب» القدرة الفيزيولوجية على الانجاب لدى الجنسين بنسبة قاربت 75. ويتحمّل الزوج مسؤولية العقم في ما بين 30 و40 من الحالات.. بسبب التهاب الخصيتين الراجع الى داء السيلان الذي يصيب الخصية بالالتهاب فتتضخّم بنسبة 4 الى 5 مرات حجمها العادي.. أو مرض «النكاف» الذي يصيب غدد الأطفال على جانبي الوجه وقرب الأذنين وفي حال عدم معالجته بالطريقة الكافية «تنتقل الجرثومة الى الخصية لتتلف الحجيرات المولّدة للحيوانات المنوية وتقضي عليها».. وبالتالي إصابة الطفل ـ الكهل مستقبلا بالعجز عن الانجاب. كما يشير الملف الوثائقي لديوان الأسرة والعمران البشري الى أن الريب بإمكانه التسبب في العقم لدى الرجال.. وهي حالة عقم نادرة تنجم عن تنقل جرثومة عبر الغشاء المخاطي التنفسي الى القناة الناقلة للحيوانات المنوية فتسدها وتتسبب في العقم. الخصوبة والتدخين أسباب أخرى تقف وراء ضعف خصوبة الرجال في تونس وقد تتسبب في العقم لديهم تعود بالأساس الى التدخين واستهلاك الكحول وانتشار بعض الأمراض المزمنة واستهلاك بعض الأدوية مثل المهدّئات. ويشير محمود العنابي الأخصائي في الديمغرافيا والمهندس في الاحصاء في محاضرة له حول الخصوبة في الدول المغاربية الى أن التدخين أصبح من أبرز العوامل المتسببة في العقم لدى الرجال في تونس. من جهتها قالت الدكتورة وداد حازم بن أيوب الاخصائية في الاقلاع عن التدخين ان النيكوتين الذي يستنشقه المدخن عبر السجائر يؤثر سلبا على قدرة تحرك الحيوان المنوي. كما يؤثر التدخين على الأعصاب الدقيقة في العضو الذكري ويتسبب في انسداد الشرايين الصغرى مما يساهم في اضطرابات في انتصاب العضو. وتبيّن الدكتورة بن أيوب أن التدخين يضعف تدريجيا القدرة الجنسية وبالتالي يمسّ القدرة الفيزيولوجية على الانجاب. ويمثل التدخين حسب ما جاء في الدراسات وحسب ما صرّح به المختصون عاملا آخر لعقم النساء. وتؤكد الدكتورة وداد حازم بن أيوب على أن النيكوتين يتلف فرصة المدخنة في التلاقح.. فتتحول تلك الفرصة من واحدة على أربعة (وهو المعدل العادي للمرأة) الى أكثر من ذلك، كما يتسبب التدخين أيضا في إتلاف الحمل وعدم نجاح عملية طفل الأنبوب فيُفشل بذلك المساعدة الطبية على الانجاب. خصوبة النساء إن نجح الحمل سيولد الطفل هزيلا أو قد يموت فنسبة وفايات الرضع أبناء المدخنات مرتفعة في تونس». وتضيف الدكتورة بن أيوب أن التدخين بإمكانه أن يتسبب في مضاعفات وتعكّرات كثيرة أثناء الولادة مشيرة الى أنه لم ينجز الى حدّ الآن في تونس أي بحث ميداني يتعلق بمدى تأثير التدخين على الخصوبة. الى جانب التدخين تواجه النساء أسبابا أخرى وفيرة تحولهن الى عدم قادرات على الانجاب. أولى تلك الأسباب يصفها المختصون بالعداء البيولوجي الذي يحصل بين البويضة والحيوانات المنوية للزوج.. إذ تفرز الزوجة سموما مضادة للحيوانات المنوية لزوجها بسبب تنافر في التركيبة المناعية بينها وبين زوجها. وذلك ما يفسّر ربما نجاح مطلقات في الانجاب بعد زواجهن ثانية. كما يمكن للمرأة أن تواجه عقما مؤقتا يؤخر فرصة إنجابها الى سنة بعد الزواج. هذا النوع من العقم يصيب البالغة بعد 10 سنوات من نضجها إذا لم تكن لها أية ممارسة جنسية.. إذ يبقى جهازها التناسلي في حالة خمول حتى يذبل ويمكن لبعض المصابات بانسداد قناة المبيض أو بتشوه في الرحم أو بانسداد عنق الرحم وضيق مجرى عنق الرحم أن تفقد القدرة على الانجاب. وتتعرض المرأة بدورها ا لى خطر العقم بسبب التعفنات المنقولة جنسيا.. أو بسبب أمراض المهبل أو عدم اعتنائها بنظافة جهازها التناسلي.
(المصدر: جريدة “الشروق ” (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 جوان 2009)  


كاردينالي تكتب “… تونسية أنا”


أصدرت الممثلة السينمائية الإيطالية كلاوديا كاردينالي كتاباً تعبر فيه عن عشقها لتونس يحمل عنوان “تونسي” My Tunisia وقد صدر مؤخرا عن دار النشر الفرنسية “تيمي للنشر”. ويتضمن الكتاب الذي جمع بين الصور الفوتوغرافية والكلمات المعبرة عن عشق أيقونة السينما الأوروبية لتونس مسقط رأسها، حيث ولدت في 15 أبريل/ نيسان 1938 بضاحية سيدي بوسعيد شمال تونس. ومنها انطلقت إلى عالم السينما بعد فوزها بمسابقة جمال في تونس سنة 1957. تقول كاردينالي في مقدمة الكتاب الذي جاء في مئتي صفحة “إنني فخورة بالانتماء الى بلدي تونس، البلد الذي أنجب العديد من الأسماء اللامعة والفاعلة في جميع الميادين.. طيبة الناس وعطر سيدي بوسعيد وجمال البحر كلها أشياء قريبة الى قلبي وعقلي”. بهذا بدأت كاردينالي تقديم كتابها الجديد، الثاني في رصيدها، والذي انطوى على مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية، بعضها بالأبيض والأسود وبعضها الآخر بالألوان مأخوذة من ألبومها الخاص وأخرى من الديوان الوطني للسياحة التونسية. وتقول كلاوديا في كتابها: “غادرت تونس في الخمسينات وتعودت منذ ولوجي عالم الأضواء والشهرة على السفر والانتقال من هوليوود الى لندن ومن مراكش الى موسكو، ولكن سفري وترحالي لم يمنعا شوقي لزيارة تونس بين الحين والآخر وملاقاة الأصدقاء”. معبرة عن هذا العشق الدائم لتونس بقولها: “أنا أشبه بالطائر المسافر الحالم دوما بالعش الذي ولد فيه”. وفي الكتاب تعود كاردينال الى عالمها الخاص الذي مثلت تونس نقطة البداية فيه فتحكي بحب كبير عن أماكن عاشت فيها طيلة 16 سنة من مدارس ومعاهد ثانوية وشواطئ حلق الوادي وخير الدين والكاتدرائية المنتصبة بالشارع الرئيسي للعاصمة والتي تكن لها الكاتبة حبا خاصا، لأنها شهدت زواج والديها. كما تحدثت أيضا عن المناظر الطبيعية التونسية الخلابة التي سحرتها وعن جربة والحمامات وبنزرت وعبق الياسمين الذي أحبته. لتروي من خلال الصور والذكريات مسيرة نصف قرن من النجومية العالمية. في طفولتها، تمنت كاردينالي أن تشتغل بالتدريس، لكن مشاركتها في مسابقة “أجمل ايطاليات تونس” وفوزها بالمرتبة الأولى، وبالتالي تمكينها من حضور فعاليات مهرجان البندقية السينمائي سنة 1956 غير حياتها رأسا على عقب، اذ انهالت عليها العروض للعب أدوار سينمائية لكنها رفضت مبررة ذلك بعدم رغبتها في التمثيل. لكن في نفس السنة ورغبة منها في خوض التجربة مثلت الى جانب عمر الشريف والموسيقي التونسي الراحل رضا القلعي في الشريط الفرنسي التونسي “جحا” لجاك براتيي. وفي سنة 1968 كانت انطلاقتها الحقيقية نحو العالمية بشريط “حدث ذات مرة في الغرب” لصاحب نهج “السبغيتي ويسترن” سيرجيو ليوني. (المصدر: صحيفة “المستقبل” (يومية – بيروت) الصادرة يوم 6 جوان 2009)

 تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب وتوسيع صلاحيات المجموعات البرلمانية؟

تونس-الصباح: علمت “الصباح” أنه من غير المستبعد أن يتم تقديم مشروع التعديلات التي سيتم إدخالها على بعض أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب والمتعلقة بالمجموعات البرلمانية للنظر فيها خلال جلسة عامة للمجلس قبل نهاية جوان الجاري.  وكانت اللجنة الخاصة التي تم تشكيلها منذ أسابيع للغرض قد عقدت إلى حد الآن جلستين تم خلالهما النظر في التعديلات المقترحة والاستماع إلى وجهات نظر اعضاء اللجنة بمختلف انتماءاتها السياسية. وقد علمنا من بعض المصادر أن النقاش داخل اللجنة الخاصة تميز بالعمق والثراء وتركز خصوصا على محاور تهم تحديد صلاحيات المجموعات البرلمانية، وإمكانية توسيعها لتشمل صلاحيات جديدة غير مضمنة في الأحكام الحالية التي تنظم عمل المجموعات او التكتلات البرلمانية، خاصة من حيث إمكانية تقدمها بمشاريع قوانين أو اقتراح طلبات استماع لأعضاء الحكومة. وهو ما سيمثل في صورة إقرار ذلك نقلة نوعية إضافية تحسب لصالح دفع العمل البرلماني التعددي والممارسة الديمقراطية صلب مجلس النواب.  وسيتيح تنقيح النظام الداخلي لمجلس النواب تفعيل دور الأحزاب والمجموعات البرلمانية. كما أنّ تيسير تكوين المجموعات سيسمح للأقلية بتنسيق وإبلاغ مواقفها لتكون سندا للعمل التشريعي ودافعا للعمل البرلماني التعدّدي والممارسة الديمقراطية داخل مجلس النواب. مع العلم أن النظام الداخلي للمجلس شهـد سنـة 2004، تعديلا أفضى إلى إدخال مفهوم جديد ضمن العمل البرلماني وهو المجموعات البرلمانية، لكن التعديل المذكور لم يرتق إلى مستوى التطبيق الفعلي على اعتبار أن شرط تشكيل المجموعة البرلمانية بـ10 بالمائة من مجموع النواب حال دون ذلك، بما أن تشكيل المجموعة يقتضي حسابيا أن تتكون المجموعة من حوالي 19 نائبا. أما التنقيح المنتظر الذي سيسمح بتشكيل المجموعات البرلمانية بـ5 بالمائة من مجموع النواب، سيمكن فعليا من تجاوز عقبة العدد المطلوب على اعتبار أنه إذا وصل عدد النواب إلى 253 نائبا بعد الانتخابات التشريعية المقبلة وفقا لتعديل المجلة الانتخابية، فيكفي 13 نائبا تقريبا كحد أدنى لتشكيل مجموعة برلمانية. ويرى مراقبون أن تشكيل المجموعات البرلمانية قد يتجه وفق مبدأين، إما اتجاه الأحزاب الممثلة بمجلس النواب، وخاصة منها المعارضة، إلى تشكيل مجموعات برلمانية وفق مبادئ وتوجهات الحزب نفسه، أو أن تتشكل المجموعات وفق توافق أعضاء المجموعة على رؤى وموافق واتجاهات معينة دون شرط أن يكون أعضاؤها منتمين لنفس الحزب. أي إمكانية أن تتشكل تلك المجموعات من أعضاء تنتمي إلى أكثر من حزب واحد يجمعها توافق فكري، أو سياسي أو خيارات وأهداف تنموية.. يذكر ان رئيس الدولة كان قد دعا في الذكرى العشرين للتحول الى مراجعة احكام النظام الداخلي لمجلس النواب المتعلقة بالمجموعات البرلمانية قصد تيسير تكوينها وذلك بالنزول بعدد المقاعد المشترطة لتكوين مجموعات برلمانية من 10 بالمائة الى 5 بالمائة. ومن المقرر أن تتيح التنقيحات التي شهدتها المجلة الانتخابية الترفيع إلى 25 بالمائة في عدد المقاعد المخصصة للمستوى الوطني بالنسبة إلى انتخابات أعضاء مجلس النواب. وسيمكن تنقيح المجلة الانتخابية من الترفيع في العدد الجملي للمقاعد النيابية التي بلغت 189 مقعدا في انتخابات 2004 مقابل 182 مقعدا في انتخابات 1999 و163 مقعدا في انتخابات 1994. وهو ما سيسمح بإحراز أحزاب المعارضة على تمثيل أوسع في مجلس النواب في الانتخابات التشريعية المقررة خلال السنة الجارية، علما بأن هذه الأحزاب تستأثر حاليا بـ37 مقعدا بالمجلس موزعة على خمسة أحزاب هي حركة الديمقراطيين الاشتراكيين 14 مقعدا، وحزب الوحدة الشعبية 11 مقعدا، والاتحاد الديمقراطي الوحدوي 7 مقاعد، وحركة التجديد 3 مقاعد، والحزب الاجتماعي التحرري مقعدان. الإطار القانوني الحالي للمجموعات يذكر أن التعديل المنتظر للنظام الداخلي لمجلس النواب سيشمل أساسا الباب الخامس منه الذي ينظم الإطار القانوني للمجموعات البرلمانية داخل المجلس. وخاصة منها الفصول من 28، إلى 32. مع العلم أن الفصل 29 من النظام الداخلي الحالي ينص على أن المجموعة البرلمانية تتكون بعد إيداع تصريح ممضى من طرف أعضائها لدى رئيس مجلس النواب مصحوبا بقائمة اسمية لأعضاء المجموعة مع ذكر إسم رئيس المجموعة الذي يكون ممثلها والناطق باسمها. وينص الفصل 30 على أنه “لا يحق للنائب الإنخراط في أكثر من مجموعة نيابية واحدة، وله أن لا ينتمي لأية مجموعة. ويتم الإعلان في بداية المدة النيابية وفي بداية كل دورة تشريعية عن تركيب المجموعات النيابية وتنشر قائماتها بالرائد الرسمي لمداولات مجلس النواب.” مع الإشارة الى أن الفصل 32 يحجر على المجموعات عقد اجتماعات خاصة داخل بناية المجلس خارجة عن نطاق عملها النيابي، كما يحجر عليها قبول أشخاص غير نواب خلال اجتماعاتها. رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 جوان 2009)

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 628 على موقع تونس نيوز

الوفاء من شيم المؤمنين

بقلـم : محمـد العروسي الهانـي مناضل دستوري – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي المناضل عبد الرحمان بن رحومة في ذمة الله محمـد العروسي الهانـي:كلمة تأبين لروح المناضل عبد الرحمان بن رحومة رجل النضال والوفاء رحمه الله  


فقدت الأسرة الحزبية الموسعة والبلدية مناضلا شهما ورجلا غيورا وصديقا حميما وأخا كريما كان له سخاء وبذل وعطاء وتواضع ووفاء وصبر وصمود لا مثيل له رحمه الله فقدنا أخا عزيزا ومناضلا وفيا لا يعرف الراحة والسكينة والاسترخاء ولا يمل ولا يكل من العمل الدؤوب المضني فقدنا رجلا كله عطاء وسخاء لفائدة غيره لا يعرف النوم قبل الساعة الثانية صباحا سخر حياته لفائدة أبناء مدينته ولفائدة مشاغل أبناء وطنه وجلدته منطقة بلدية زاوية الجديدي بالوطن القبلي فقد كان الراحل العزيز عبد الرحمان بن رحومة رحمه الله مناضلا مخلصا تفانى في خدمة جهته منذ كان طالبا وتحمل رئاسة الشعبة الدستورية في سن مبكرة وكان ويؤمن بالعمل الجماعي الهادف وخدمة وطنه وشعبه وانخرط مبكرا وعندما تحصل على شهادة الإجازة في الحقوق التحق بالوزارة الأولى وعمل فيها كاهية مدير إدارة الشؤون السياسية ثم تدرج إلى خطة مدير الإدارة وبعدها خطة مديرا عاما للإدارة السياسية طيلة ثلاثة عقود كاملة وعمل مع سبعة وزراء أول على التوالي السادة المناضل الزعيم الهادي نويرة رحمه الله، والأستاذ محمد مزالي ورشيد صفر نجل الزعيم الطاهر صفر والرئيس السيد زين العابدين بن علي عندما كان وزيرا أولا والسيد الهادي البكوش والدكتور حامد القروي ومحمد الغنوشي وكان مثالا في السلوك والتواضع والأخلاق والعمل الدؤوب والنشاط الحثيث واقترن عمله في سلك الإدارة في أعلى هرم الوزارة الأولى وأدق إدارة عامة الشؤون السياسية مع هذه المحطة عمل في صلب الحزب الحر الدستوري رئيسا لشعبة زاوية الجديدي طيلة سنوات وفي اللجان المحلية والجهوية والوطنية طيلة ثلاثة عقود وفي ماي 1985 عندما أحدثت بلدية جديدة بزاوية الجديدي رشحه الحزب وزكاه رئيس قائمة الحزب الاشتراكي الدستوري   لبلدية زاوية الجديدي ومنذ انتخابه في ماي 1985 شمر على ساعد الجد والكد وخطط بطريقة ذكية لتطوير منطقة البلدية وفعلا في ظرف خمسة أعوام من 1985-1990 حقق أحلام الجهة وأنجز مشاريع كبرى تذكر فتشكر ثم جدد له الحزب الثقة وانتخب لدورة ثانية من 1990 إلى 1995 وازداد النشاط وتطورت المنطقة ووفر فيها كل المرافق الضرورية قصر البلدية – المعهد الثانوي – السوق البلدية- فرع البنك والجامع الكبير المرافق الصحية والشبابية والطرقات والتجميل والأرصفة والمساكن والملعب الرياضي وكل مرافق الحياة وبفضل هذا العمل النضالي الهادف ازداد إشعاع هذه المناضل الغيور وأصبح مضرب الأمثال في كل أنحاء الولاية وقد سخر كل علاقته مع المسؤولين لفائدة بلدته ولم يفكر يوما في حياته الخاصة او تحسين وضعه الاجتماعي أو الاستفادة والمكاسب لأسرته وأهله بل سخر هذا العلاقات لفائدة تطوير بلدته وتحسين وضع المتساكنين وقد سعى بكل جهده وعلاقته والظروف المتاحة له وأخذ بيد عدد هام من شباب جهته وساعدهم على الشغل وإحداث مواطن الرزق وكان للأخ المناضل عبد الرحمان بن رحومة علاقات حميمة مع كل المناضلين في أنحاء الجمهورية ومحبوب عند الجميع وكل أعضاء مجلس النواب يعرفونه معرفة جيدة لأنه مرابط بالمجالس طيلة أشهر عرض المزانية العامة للدولة طيلة 30 سنة وهذه العلاقات ساعدته على تطوير جهته. وعرفته سنة 1975 في مجال النضال الوطني وتوطدت العلاقة الأخوية الحميمة طيلة 30 سنة وقد عملنا معا في صلب الحزب وكان التعاون متين بين إدارة الشؤون السياسية وإدارة المناضلين بدار الحزب لمتابعة ملفات ومنح المناضلين والمقاومين وكان التعاون متين وقوي وقد أحببت هذا المناضل الدستوري حبا مفرطا مما جعلني أحرص على دعوته في ثلاث مناسبات للإشراف على نشاط وطني وحزبي في معتمدية فوسانة مرتين عام 1985. وفي مؤتمر شعبة الحجارة الدستورية عام 1987 وكان نشاط الأخ عبد الرحمان ملحوظا وكلماته تنفذ للقلوب. وبدوره كان يستدعني لمواكبة النشاط الحزبي والشبابي والبلدي بزاوية الجديدي والأخ عبد الرحمان بن رحومة كان الصديق الحميم يبقى 4 ساعات كاملة واقفا يصغي لهموم ومشاغل الناس متواضعا معهم وقد زكاه الحزب للمرة الثالثة عام 2000 إلى 2005 وانتخب رئيسا للبلدية وعمل طويلا أكثر من اللازم مع عمله الإداري السامي مما تسبب له في الأم وأمراض وحصلت له جلطة قلبية عام 2004 وبقي يعاني من هذه الجلطة ولم يحافظ على صحته وواصل عمله حتى وافته المنية يوم 3 جوان 2009 إثر مرض عضال وترك رحيله فراغا كبيرا لا في حهة الوطن القبلي فقط بل في كامل أنحاء البلاد وبالتالي ترك فراغا كبيرا عند أصدقائه وخلانه وزملائه وقد ودعت بلدته شيبا وشبابا ابنها البار إلى مثواه الأخير يوم 4 جوان 2009 بقلوب باكية وعيون دامعة وخشوع وتأثر ولا مرد لقضاء الله ولا نقول إلا ما يرضي الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والله أكبر. و إن زاوية الجديدي بشبابها و كهولها و شيوخها و نسائها و أطفالها يبكون على فقدان الراحل العزيز و كلهم تأثر و تدبر و خشوع و ترحما و تضرعا لله العلي القدير أن يرحم إبنهم البار عبد الرحمان بن رحومة. و يجزيه الله خير الجزاء على ما قدمه من تضحيات جسام و نضالا طويلا و إرهاقا لا مثيل له في سبيل تطوير منطقته التي تعز عليه أكثر من أبنائه و أهله و حرمه و إبنه الوحيد و قد أعطى كل ما يملكه من صحة و وقت ثمين لفائدة أبناء بلدته حتى أصبحت على ما هي عليه اليوم من تطور ملحوظ في جميع المجالات و لا ينكر بصمات هذا المناضل إلا متكبرا جحودا. رحم الله الفقيد الراحل العزيز وأسكنه الله فراديس جنانه ورزق الله أهله وذويه وأسرته وابنه الوحيد وزوجته وشقيقه محمد وأصهاره وأبناء عمومته وأصدقائه وكل من عرفه من قريب أو بعيد وخاصة أبناء ولاية نابل رزقهم الله جميعا جميل الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.   قال الله تعالى: ” كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ” {صدق الله العظيم}. صديقـك الوفـي محمـد العـروسـي الهانـي مناضل معتمد متقاعد، الهاتف: 22.022.354


ما جرى في قلقيلية وما يجري في الضفة هو ثمرة للتنسيق الأمني مع إسرائيل

الدكتور محمد الهندي حاوره من غزة ضياء الكحلوت أجرت الجزيرة نت هذا اللقاء مع القيادي البارز بحركة الجهاد الإسلامي الدكتور محمد الهندي: كيف تنظرون لأحداث قلقيلية الأخيرة؟ ما جرى في قلقيلية وما يجري في الضفة الغربية هو ثمرة للتنسيق الأمني مع إسرائيل، وليس صحيحا أن المسألة صراع بين فتح وحماس، حتى أن أطرافاً بالسلطة في رام الله يقولون إنهم يقومون بالتزاماتهم وفق خارطة الطريق، والمعروف أن البند الأول من خارطة الطريق هو القضاء على المقاومة وملاحقتها. نحن نتساءل ومن حقنا أن نقول: في مقابل ماذا يجري هذا التنسيق وإراقة الدم الفلسطيني في قلقيلية؟ فالذين سقطوا هناك سقطوا ضحايا للتنسيق الأمني والشراكة مع العدو الصهيوني، هم مطلوبون لإسرائيل ومطاردون، وهم مقاومون، وأعتقد أن هناك معلومات من إسرائيل وتنسيق مع السلطة لاعتقال هؤلاء أو قتلهم. نحن بصراحة نقول: هذه سياسة غير وطنية وغير مفهومة، ولا يوجد مبرر واحد يدفع السلطة للاستمرار في ملاحقة المقاومين، هناك في السلطة من يقوم بتقديم خدمات مجانية لإسرائيل ضد المقاومة أو لمصالح شخصية. هل ستؤدي هذه الأحداث لمزيد من الاقتتال في الضفة؟ بدون شك أنا قلق جداً على مستقبل الضفة الغربية، إسرائيل تنظر بارتياح كبير وهي لن تتوقف عن مطالباتها للسلطة للاستمرار في ملاحقة المقاومة، وهذه جريمة يجب أن تتوقف وإن لم تتوقف فلا أحد يستطيع أن يتصور إلى ماذا ستصل الأوضاع هناك. إذا استمرت سياسة المطاردة والملاحقة تحت شعار التنسيق الأمني نتوقع كل يوم مثل هذه الأحداث، أعتقد أن المقاومين في الضفة لن يسلموا أنفسهم، وهناك تعليمات لهم بذلك كما سمعنا من حركة حماس. أنتم كفصيل مقاوم، ماذا سيكون ردكم؟ نحن لدينا معتقلون عند السلطة في الضفة، وأصيب قبل نحو أسبوع مقاوم من سرايا القدس خلال ملاحقته من قبل السلطة، موقفنا نحن كفصائل أن ما يجري جرائم، ولا يوجد أي مبرر لاستمرار هذه الجرائم، ومع تأكيدنا على أنها تقدم مجانا للعدو الصهيوني دون أي مقابل. برأيك هل هذه الأحداث ستؤثر على الحوار الوطني؟ بالتأكيد ستؤثر، لا معنى للحوار حينما يراق الدم الفلسطيني وتستمر الاعتقالات في صفوف المقاومة في الضفة، كنا في الحوار نقول إننا نريد مناخا صحيا لإنجاح الحوار، لكن هذا كان يقابل باعتقالات في الضفة، كيف يمكن أن يتحاور الناس! هل نفهم من ذلك أن الطرف الآخر لا يريد حواراً؟ بالتأكيد لا يريد حوارا، من يقوم بالاعتقالات والملاحقة والقتل لا يريد حوارا. من هو برأيك الطرف الآخر، فتح أم السلطة؟ السلطة بالطبع، شهداء الأقصى في الضفة الذين يقومون بعمليات ضد إسرائيل أو قاموا: ملاحقون من قبل السلطة كما حماس والجهاد الإسلامي. في المقابل هناك من يقول إن حماس تعتقل في غزة؟ نحن ضد الاعتقالات أيا كانت سواء في غزة أو الضفة، لكننا نفرق بين أسباب الاعتقال، نحن سنكون ضد أي اعتقال سياسي في قطاع غزة، وقمنا بالضغط للإفراج عن بعض المعتقلين في غزة من حركة فتح. هل أنتم مع مقاطعة حماس للحوار الوطني؟ نحن لا ندعو لمقاطعة الحوار رغم ما حدث، نقول إن العرب وبالذات مصر التي ترعى الحوار يجب أن تبذل جهدا مضاعفا من أجل تجاوز العقبات ومن أجل وقف حملة المطاردة في الضفة الغربية، إن لم تقم مصر بذلك فنحن نتوقع الأسوأ. لماذا لم تفلح جهودكم وجهود غيركم على الصعيد المحلي لتقريب وجهات النظر بين حماس وفتح؟ نحن منذ البداية حاولنا على الأرض أن نحل المشاكل، أحيانا ننجح وأحياناً نفشل، في الحوار قمنا بمجهودات لتقريب وجهات النظر، لكن بوضوح: هناك شروط خارجية تجعل من التوافق صعباً، يجب أن تزول هذه الشروط حتى ينجح الحوار ويتقدم وينتهي الانقسام الداخلي. تقولون إن اللجنة المشتركة التي تقترحها مصر حلاً للخلاف إزاء برنامج الحكومة غير قابلة للتنفيذ، لماذا؟ بالتأكيد، لأنه عندما نوقشت التفاصيل في القاهرة كان يراد من هذا الشكل أن تكون اللجنة تابعة لحكومة سلام فياض في رام الله، وليست وسيطة من أجل الإعمار، وهي تحاول أن تنزع صلاحيات الحكومة في غزة. لماذا لم يتم التوصل لاتفاق فلسطيني رغم جولات الحوار الخمس؟ هناك مشاكل حقيقية، أولا برنامج الحكومة: فالسلطة تريد حكومة تعترف بالاتفاقيات مع إسرائيل، وحماس لا يمكنها ذلك، ونحن كقوى مقاومة غير راضين عن ذلك، كانت هناك حكومات فلسطينية معترفة بالاتفاقيات، فماذا جلبت؟ فقط جلبت لنا مزيدا من المستوطنات ولم تحرك الحواجز الإسرائيلية سنتيمترا واحدا. والاعتقالات، والخلاف السياسي بين البرنامجين، إضافة للضغوط الخارجية التي تعيق أي تقدم في الحوار. هل توجد تهدئة غير معلنة في غزة؟ ليس هناك اتفاق بمعنى اتفاق، لكن الوتيرة منخفضة جدا تقرب من التهدئة باعتبار أن بعد الحرب والمحرقة في غزة، أصبحت هناك أولويات لمساعدة الناس وترميم الأوضاع ومحاولة الإعمار، هذه أولويات الآن، إذا اسرائيل اعتدت المقاومة ترد، هذه معادلة قائمة قبل الحرب وبعدها، عندما كان هناك اعتداءات في الضفة الغربية كان هناك رد من المقاومة بغزة، طبعا هناك وساطات مصرية لإبرام تهدئة لكن لم يتم التوصل لمثل هذا الاتفاق. ماذا تقرأون في المناورات الإسرائيلية الأخيرة؟ أعتقد أن هذه المناورات والإيحاء بأن هناك تصالحا ومسيرة سياسية في فلسطين، كلها تخدم هدفا مختلفا له علاقة بردع إيران، هذا العنوان المواجهة الموجود الآن، لكن كيف؟ بضغوط بضربة بحصار، كل هذه الاحتمالات تقولها إسرائيل. ماذا تقرأ في خطاب أوباما، وهل فيه نبرة جديدة؟ الخطاب باختصار علاقات عامة وإعلان نوايا، لكن عند الحديث عن القضية الفلسطينية لم يكن يتحدث بحقيقية مطلقة، عندما تحدث عن معاناة اليهود لم يتحدث أنها كانت في أوروبا ولم تكن عند العرب والمسلمين، وتم حلها على حساب الشعب الفلسطيني. هو لم يتحدث عن محرقة مستمرة منذ 61 عاما ولا تزال مستمرة، وتستخدم فيها إسرائيل العنف، كما أنه لم يتخذ أي موقف عن الحديث الإسرائيلي عن استمرار البناء في المستوطنات ورفض مطالباته للتوقف عن عمليات الاستيطان. والمفروض أن يتحدث عن إرهاب الدولة الإسرائيلية وعن العقاب الجماعي والحصار والموت البطيء الذي يعيشه الفلسطينيون. كيف ترون مستقبل مشروع المفاوضات والتسوية السلمية؟ مشروع التسوية انتهى وهو فاشل بالمطلق، ليس هناك أي إمكانية لتسوية حول القضايا الرئيسية للشعب الفلسطيني، فلا حل بالنسبة عندهم لمشكلة اللاجئين ولا حل لمشكلة القدس والأرض والمستوطنات، لا نريد أن ندخل لحقل تجارب بعد الـ15 عاما التي جربناها بعد أوسلو المشؤوم، ولا نريد أن ندخل لحقل تجارب تضيع فيه حقوق جديدة ومقدسات جديدة وأرض جديدة. في المقابل، ما هو مستقبل مشروع المقاومة؟ واضح أن المقاومة تتقدم وإسرائيل تتراجع، نحن قبل عشرين عاما لم نكن نرى مقاومة، فالمقاومة بغزة كانت تمتلك ثلاث قطع سلاح فقط، أما الآن فالمقاومة لها مؤيدون في العالم وثقافة وإعلام وسلاح وخاصة بعد المحرقة في غزة. المقاومة في لبنان أثبتت أن إسرائيل هشة، فهي تستطيع أن تردع أنظمة عربية تخشى على عروشها لكنها لا تستطيع أن ترهب المقاومة أو تردع المقاومة الشعبية التي تحتضنها الأمة. إسرائيل تتراجع منذ عام 2000 في لبنان، وفي غزة تراجع منذ 2005، فالكيان لم يستطع تحقيق أي من أهدافه خلال الحروب الأخيرة على شعبنا، إسرائيل هذه مثل كل الإمبراطوريات عندما تتراجع تصبح أكثر عنفاً وأكثر دموية وأكثر شراسة، وهذا ما نتوقعه من الجولات القادمة، تتراجع أمام شعب يؤمن بحقوقه ويقاتل لأجلها. إذن هل تتوقعون حرباً إسرائيلية جديدة على غزة؟ الحرب قائمة لكنها بأشكال مختلفة، كانت قبل أشهر بالدبابات والمحارق والفوسفور، والآن بالحصار، فالناس تموت بالحصار أو القنابل والفوسفور، الحرب عند اسرائيل مستمرة ضد الحق الفلسطيني وشعبنا. الصراع مستمر وطويل، ولا أفق لأي مفاوضات سياسية، على الشعب الفلسطيني أن يستعد ويعي جيداً متطلبات المرحلة القادمة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 6 جوان 2009)  


بروز تحالف جديد في الشرق الأوسط


باتريك سيل فيما سيذكر التاريخ الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى القاهرة أمس، ثمة تجمّع إقليمي جديد يتخذ شكلاً في الجزء الشمالي من الشرق الأوسط، قد يتحوّل إلى تجمع مهمّ للغاية. تعمل كل من تركيا وإيران والعراق وسورية على تطوير روابط التجارة والطاقة والأمن في ما بينها، ما يدل على رغبةٍ مشتركة في جعل مستقبلها الوطني خالياً من أي تدخل خارجي لا سيما غربي. فما هي العوامل التي تدفع إلى تشكيل تجمّع جديد مماثل؟ لا شك أنها متعددة وخاصة بكل بلد. فتركيا، التي واجهت الخلافات وخيبات الأمل مع الولايات المتحدة حول حرب العراق، ومع الاتحاد الأوروبي حول عدم التقدم بالسرعة المرجوة في مفاوضات الانضمام إليه، ومع “إسرائيل” حول المسألة الفلسطينية، أرست سياسيةً إقليميةً طموحةً إزاء الدول العربية والإسلامية المجاورة لها. وارتفع حجم التبادلات التجارية بين تركيا وإيران من مليار دولار فقط عام 2000 إلى 10 مليارات دولار عام 2008، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ليبلغ 20 ملياراً في المستقبل القريب. كما تخطّط تركيا لاستثمار 12 مليار دولار في حقل الغاز ساوث بارس الإيراني، وهي سياسة تتعارض بوضوح مع ما دعت إليه “إسرائيل” وأصدقاؤها الأميركيون لجهة فرض عقوبات إضافية على إيران. ويزور حوالي مليون سائح إيراني تركيا سنوياً كما يزور الملايين منهم العراق، لا سيما كربلاء، وهي المدينة التي فيها قُتل الحسين حفيد النبي محمد عام 680. ويُعتبر ضريحه أقدس محجّة بالنسبة إلى الشيعة. وتمتد شراكة سورية الاستراتيجية مع إيران على مدى ثلاثين سنة وما من مؤشر يدل على أنها قد تتزعزع. أما محور طهران-دمشق-حزب الله فهو واقع جغرافي سياسي حيوي في المنطقة وقد اعتبر الكثيرون خلال عهد بوش أنه شكّل العقبة الأساسية التي اعترضت الهيمنة الأميركية-الإسرائيلية. وعلى خلاف سلفه، يسعى أوباما حالياً إلى التقرب من إيران ومن سورية إلا أنه غير مستعد بعد للإقرار بواقع أنه لا يمكن تفادي حزب الله على الساحة اللبنانية. وفي حال تمكن أوباما من تحقيق خططه الطموحة المتعلقة بالسلام في الشرق الأوسط، فما من سبب يدعو إلى تأجيل إطلاق حوار أميركي مع حزب الله وحركة حماس. إلى ذلك، تحسنت علاقة سورية مع تركيا بشكل لافت، بعدما كانت قد بلغت من التوتر حداً قارب الحرب في العام 1998 بسبب دعم سورية لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان. كما ازدهرت العلاقات التجارية المتبادلة في ما بينهما. ويعتبر قرار تركيا الأخير القاضي بتعزيز تدفق مياه الفرات إلى منطقة شمال شرقي سورية بعدما عانت من جفاف قاحل دليلاً على طبيعة العلاقات بينهما في المستقبل. كما تطوّرت العلاقات السورية-العراقية التي شهدت توتراً كبيراً خلال حكم صدام حسين. وخلال نيسان (أبريل) الماضي، وقّع رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري على اتفاقية واسعة النطاق في بغداد ساهمت في إرساء منطقة تجارة حرة وفي تقديم التعاون في ميداني الطاقة والتعليم. وستساهم سورية في أعمال إعادة تأهيل خط أنابيب النفط الممتدة من كركوك إلى بانياس والتي تعبر الأراضي السورية. ومن المتوقع أن يتم توسيع مرفأ سورية في اللاذقية وتحسين الطرق المؤدية إلى العراق بهدف تقديم تسهيلات نقل في حركة الاستيراد والتصدير في العراق. وقد توجّه قطار يحمل 800 طناً من الفولاذ من مرفأ طرطوس في 30 أيار (مايو) إلى بغداد وهي أول رحلة شحن برية بين البلدين منذ عقود. لكل من إيران وتركيا وسورية مصلحة في مستقبل العراق. ولا شك أن إيران ترغب في أن يكون العراق دولة مجاورة صديقة بزعامة شيعية. كما أنها تريد أن يزدهر العراق لكن من دون أن يكون قوياً حتى لا يفرض أي خطر مماثل للخطر الكبير الذي فرضه صدام حسين في الماضي. ولا تزال ذكريات حرب إيران-العراق بين عامي 1980 و1988 حية. فقد تفضّل إيران أن يصبح العراق دولةً فيدراليةً وبالتالي ضعيفةً عوضاً عن دولة قوية موحّدة. وتدرك طهران أن العراق وهو بلد عربي يحمل تقليداً وطنياً قوياً، لن يقبل أن يكون دميةً في يد إيران. ومهما تكن هوية الشخص الذي سيفوز بالانتخابات الرئاسية الإيرانية في 12 حزيران (يونيو)، سواء الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد أو خصمه الأساسي رئيس الوزراء الأسبق المير حسين الموسوي وهو محافظ «معتدل» مدعوم من الأحزاب الإصلاحية الأساسية، من غير المرجح أن تتغير الخطوط الأساسية لسياسة إيران الخارجية كعلاقاتها الوثيقة مع سورية والعراق وتركيا ومعارضتها للتطرف السني في أفغانستان وباكستان ودعمها لحزب الله وللفلسطينيين واستمرارها في تخصيب اليورانيوم. وتتساءل الدول المجاورة للعراق، كيف سيكون حال هذا البلد الذي شهد القتل والدمار والفوضى في السنوات الست الماضية؟ وهل يمكن التوصل إلى توازن إقليمي حالياً بما أن العراق بات قادراً على الدفاع عن مصالحه الوطنية؟ ويبدو واضحاً أن العراق قد تغيّر كثيراً. فسجلّ عدد القتلى أدنى مستوياته في شهر أيار (مايو) بعد أن بلغ 165 شخصاً منذ الاجتياح الأميركي عام 2003. أما الأمن فيعود تدريجياً على رغم حصول بعض التفجيرات الانتحارية. كما تحرز قوات الأمن العراقية كالجيش والشرطة والاستخبارات تقدماً من ناحية الحجم والفاعلية. وشكّل التوصل أخيراً إلى اتفاقية حول وضع القوات مع الولايات المتحدة التي تفرض وقتاً محدداً لسحب القوات المسلحة الأميركية بمثابة دليل مهم على استرجاع السيادة العراقية. لكن ثمة أموراً كثيرةً بحاجة إلى تغيير. فالعلاقات بين السنة والشيعة في العراق لا تزال متوترةً وكذلك العلاقات العربية-الكردية. فلم يقرّ بعد البرلمان القانون الخاص بالهيدروكربون على رغم أن الحكومة المركزية اعتبرتها بمثابة غضّ نظر عن بدء تصدير النفط من المنطقة الكردية إلى تركيا. والكتاب الذي وضعه ريتشارد هاس بعنوان «حرب الضرورة، حرب الخيارات» يضع حرب عام 1990 لتحرير الكويت في تعارض مع حرب عام 2003 الهادفة إلى الإطاحة بصدام حسين. فيعتبر الكاتب أن الأولى هي حرب ضرورية والثانية هي حرب خيارات وخيارات سيئة. وكان لها وقع كارثي على القوات المسلحة الأميركية وعلى ميزانيتها وسمعتها. وقد أودت حرب العراق بحياة مئات الآلاف من العراقيين وساهمت في تشريد ملايين آخرين وأضرت ببنية البلد التحتية وأطلقت شرارة العنف وقوّضت التوازن الإقليمي لمصلحة إيران الكبرى. وأصبح هاس وهو مسؤول أميركي سابق رفيع المستوى، رئيس مجلس العلاقات الخارجية ومقرّه نيويورك. ويوضح كتابه أن امتلاك صدام حسين المزعوم لأسلحة الدمار الشامل لم يكن الذريعة الأساسية لشن الحرب. فقد مارس كل من القيادة المدنية في وزارة الدفاع الأميركية لا سيما نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفوفيتز والمحافظون الجدد في مكتب نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، الضغوط من أجل شن هجوم على العراق، فكان هاجسهم الجغرافي السياسي يقوم على الإطاحة بالأنظمة العربية الأساسية فضلاً عن نظام إيران وإعادة تشكيل المنطقة بأكملها لتكون آمنةً ل”إسرائيل”. وحظي المحافظون الجدد بهذه الفرصة الفريدة بسبب حاجة أميركا الملحة بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) إلى بعث رسالة واضحة إلى العالم العربي حول قوة الولايات المتحدة السياسية. ومن المرجح أن يعيد كتاب هاس إحياء النقاش حول الدور الذي اضطلع به أصدقاء “إسرائيل” في واشنطن لدفع الولايات المتحدة إلى حرب في العراق. وسيعطي ذلك أوباما القدرة على مكافحة الضغوط الإسرائيلية التي تُمارس لمهاجمة إيران. قد لا يكون التجمّع الذي يضم تركيا وإيران والعراق ائتلافاً قوياً غير أن عدداً من المصالح المشتركة المتعددة تدفع هذه الدول الأربع في هذا الاتجاه، فضلاً عن الخوف من إمكانية حصول اعتداء إسرائيلي على إيران وسورية وعدم معرفة مسار السياسة الأميركية في المستقبل.  (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم  5 جوان 2009)  


 

وزير العدل الأمريكي يتعهد بحماية حقوق المسلمين

أمريكا قررت تأجيل نقل السفارة الأمريكية إلي القدس

 
 
وكالات – إسلام أون لاين.نت أمريكا قررت تأجيل نقل السفارة الأمريكية إلي القدس تعهد وزير العدل الأمريكي “إريك هولدر” بحماية حقوق مسلمي الولايات المتحدة تنفيذا لوعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ببداية جديدة مع العالم الإسلامي، والتي أكد عليها في الخطاب الذي ألقاه قبل يومين من جامعة القاهرة. تزامن ذلك مع خطوتين أخريين تتناغمان مع خطاب أوباما؛ وهما: تأجيل نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، والبحث في إمكانية تعديل نظام المحاكم العسكرية الخاصة بمعتقلي جوانتانامو. وقال هولدر في تصريحات صحيفة أمس الجمعة: إن الوعد الذي أطلقه الرئيس بتجديد العلاقات بين الولايات المتحدة والمسلمين الإسلامية “يبدأ هنا، في وزارة العدل، إذ إننا عازمون على استخدام القوانين التي تحمي الحقوق المدنية لحماية المسلمين الأمريكيين”. وخلال خطابه في جامعة القاهرة دعا أوباما إلى “بداية جديدة” بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، ترتكز على “المشاركة” في التنمية وتحسين مستقبل العالم؛ استنادا إلى القيم الإنسانية التي “لا تختلف عن القيم الأمريكية والقيم التي يدعو إليها الإسلام”. وعلى صعيد متصل أعلنت الإدارة الأمريكية أن أوباما أصدر قرارا بتأجيل نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس لمدة 6 أشهر “بسبب عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول وضع المدينة”. وينص قانون صدر في 1995 على نقل السفارة إلى القدس، لكن الرؤساء الأمريكيين اضطروا باستمرار إلى إرجاء تطبيقه؛ حفاظا على قبول العرب دورهم كراعٍ لعملية السلام. وكانت إسرائيل قد أعلنت القدس عاصمة لها في عام 1950 واحتلت في نكسة عام 1967 الجزء الشرقي منها لتضمه إلى الجزء الغربي الذي تسيطر عليه منذ عام 1948، معتبرة أن المدينة بكاملة “عاصمتها الأبدية الموحدة”، وهي خطوة لا تلقى اعترافا من المجتمع الدولي. وحتى الآن لا يوجد تصريح رسمي لأوباما منذ توليه منصبه رئيسا للولايات المتحدة في يناير الماضي يحدد موقفه من وضع القدس، وفي خطابه للعالم الإسلامي الذي ألقاه الخميس في القاهرة لم يشر إلى القدس إلا بقوله: “لابد أن نعمل ليوم تصبح فيه القدس وطنا لكل أولاد إبراهيم عليه السلام من مسلمين ومسيحيين ويهود، كما ورد في قصة الإسراء عندما صلى موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام جميعا معا”. وكان أوباما أكثر وضوحا وصراحة في إعلان موقفه بشأن القدس خلال حملته الانتخابية الرئاسية العام الماضي، فبعد ساعات قليلة من إعلان الحزب الوطني الديمقراطي اختيار أوباما لخوض سباق الرئاسية في يونيو 2008 سارع إلى إلقاء كلمة أمام لجنة الشئون العامة الأمريكية / الإسرائيلية “إيباك” (أكبر المنظمات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة)، قال خلالها بما يشبه الوعد إذا فاز بالانتخابات: إن “القدس ستبقى عاصمة إسرائيل، ويجب أن تبقى غير مقسمة”. وبعد يوم من انتقادات عربية واسعة لهذا التصريح خفف أوباما في حديث مع شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية من لهجته التأكيدية على أن القدس “عاصمة” لإسرائيل قائلا: “موضوع القدس يبقى رهنا بالمفاوضات بين الجانبين، كواحدة من قضايا أخرى”. غير أنه  أصر على تمسكه بعدم قابلية القدس للتقسيم (جزؤها الشرقي للعرب والغربي لإسرائيل)، قائلا: “من الناحية العملية سيكون من الصعب للغاية تنفيذ ذلك”، ومؤكدا في ذات الوقت أن إسرائيل “لها حق مشروع في هذه المدينة”. المحاكم العسكرية وفي خطوة “تصالحية” أخرى مع العالم الإسلامي تدرس الإدارة الأمريكية إمكانية تعديل نظام اللجان العسكرية الاستثنائية الخاصة بمحاكمة معتقلي جوانتامو -جميعهم مسلمون- بشكل يسمح للمحكوم عليهم بالإعدام أن “يعترفوا بالذنب” وهو مبدأ قانوني لتخفيف الأحكام الصادرة بشأنه. ووفقا لما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية على موقعها الإلكتروني مساء الجمعة، فإن مسئولين حكوميين لم تكشف هوياتهم قالوا إن التعديلات يمكن أن تسمح أيضا للمدعين العسكريين بتجنب كشف التفاصيل المتعلقة بتقنيات الاستجواب المطبقة في المعتقل. وأشارت إلى أن هذا الاقتراح ورد في مشروع قانون ما زال سريا لكنه وزع على البرلمانيين قبل أن يعرض على الكونجرس، وقدم النص أيضا إلى وزير الدفاع روبرت جيتس. ومن المتوقع -بحسب “نيويورك تايمز”- أن تشمل التعديلات أيضا عدم الأخذ بالاعترافات التي جمعت تحت التعذيب، وعدم قبول أدلة تم جمعها من شهود لا يحضرون لتأكيدها أمام المحكمة. وأكدت الصحيفة في هذا المجال أن الجزء الأكبر من الأدلة التي تدين المعتقلين الخمسة المتهمين بالتورط في اعتداءات 11 سبتمبر 2001 جاءت من “اعترافات انتزعت خلال جلسات استجواب قاسية”؛ ما يطعن في صدقيتها. وكان تعليق نشاطات المحاكم العسكرية الاستثنائية 4 أشهر أول قرار اتخذه أوباما غداة توليه مهامه في 20 يناير الماضي، وبعد يومين اتخذ قرار إغلاق معتقل جوانتانامو خلال عام، غير أنه قرر الإبقاء على هذه المحاكم في منتصف مايو الماضي، متعهدا بإجراء تعديلات تعطي بعض الحقوق للمعتقلين. لكن رغم هذه التعديلات، ترى سوزان لاشولييه، المحامية العسكرية لرمزي بن الشيبة أحد المتهمين الخمسة بتدبير هجمات 11 سبتمبر، أن “اللجان العسكرية” بصيغة أوباما ستبقى نظاما قضائيا استثنائيا، أو على حد تعبيرها “نظاما رابعا”. وتعتبر “اللجان العسكرية” المكلفة بالنظر في قضايا معتقلي جوانتانامو محاكم استثنائية مختلفة عن المحاكم الفيدرالية والمحاكم العسكرية التقليدية، أنشأها الكونجرس عام 2006، ويؤخذ عليها أنها لم تكن تلتزم بحقوق الدفاع. ومن بين الأحكام التي أصدرتها تلك اللجان الحكم على سليم حمدان السائق السابق لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بالسجن خمس سنوات ونصف في أغسطس 2008، كما حكمت في نوفمبر على علي حمزة أحمد البهلول، المختص بالدعاية الإعلامية للقاعدة، بالسجن مدى الحياة. (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 6 جوان   2009)


أوباما لا يشجع الفريق الخصم لبلاده


الحواس تقية تاريخ السياسة مملوء بالنهايات السيئة التي كانت بداياتها نوايا حسنة، وليس من المستبعد أن يكون أوباما أحد فصولها، هذا إذا صدقنا أن نواياه في التصالح مع العالم العربي صافية مثل صفاء عين الديك كما يقول المثل الفرنسي، فلا يمكن أن ينجح في مسعاه إلا إذا أرجع الحقوق التي كانت وراء كره المسلمين لأميركا, أو على الأقل أن يتوقف عن اغتصاب ما تبقى منها، وفي الحالتين سيُضعف شركاءه الذين بنت أميركا عليهم سياساتها منذ أن قررت وراثة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية في الشرق الأوسط، ويكون مثل جحا الذي يقطع بالمنشار الغصن الذي يقف عليه. مثلاً من مصلحة أميركا وإسرائيل أن تظل المنطقة العربية ممزقة، حتى لا تتمكن من التضامن لتصير قوة قادرة على حماية نفسها من الاختراقات، وليس احتلال إسرائيل لفلسطين إلا مسمار جحا في الجدار العربي، أما الهدف البعيد فكان دائماً، كما بيّن عالم السياسة العربي الراحل حامد ربيع، شطر القلب العربي في وسطه حتى ينقطع الشام عن مصر، أما المستوطنات والدولة الفلسطينية فهي مسائل حقيقية لكنها جزء بسيط من اللوحة الكلية لمأساة العالم العربي والعالم الإسلامي، وحتى إذا سايرنا أوباما في تمسكه بحل الدولتين ورفض المستوطنات فإن أميركا لم تقطع إلا بداية الطريق نحو العالم الإسلامي، وهب أن أوباما صادق إلى درجة أنه يريد أن يستعيد العالم العربي والإسلامي وحدته, فإننا حينها نكون أمام طبيب أسنان وليس رئيس الولايات المتحدة, لأن طبيب الأسنان هو الذي أقسم أن يداوي المرضى حتى لا يحتاجوه ويرجعوا إليه. أما رؤساء الدول فإنهم أقسموا على أن يقتنصوا حاجة الدول الأخرى إليهم، إذا كانت موجودة، ويخلقوها إذا لم تكن موجودة، ولو لم يكن العالم العربي مجزأً ومفتتاً لما احتاج إلى التدخلات الأميركية لتحميه من نفسه، ولنفترض أكثر أن الرئيس الأميركي يريد حب الشعوب الإسلامية حتى ولو طلق إسرائيل بالثلاث، فسيجد نفسه وبلده أمام عملاق لا يرضى إلا بأن يستعيد أمجاد هارون الرشيد لمّا كان يقول للغمامة اذهبي حيث شئت فسيأتيني خراجك، ولن يدخل آنذاك أميركي إلى البلاد الإسلامية إلا سائحاً أو عاملاً أو لاجئاً، لكن للأسف الشديد فإن الأميركيين لا يدفعون لأوباما حتى يشجع الفريق الخصم، ولننظر حولنا، بعد أن ننزع النظارات الدينية، لنرى أن أميركا غاضبة من استقلال بلدان تشاطرها الديانة المسيحية في أميركا الجنوبية، ولم تتردد في الترحيب بمحاولة الانقلاب على رئيس فنزويلا المنتخب هوغو شافيز، ولو كان أوباما جاداً في شعوره بذنوب أميركا لبادر إلى مصالحة شعوب أميركا الجنوبية, لأن جرائم بلاده فيها أسبق من جرائمها بالعالم الإسلامي, لكنه لا يعرض بضاعة المصالحة في العالم الإسلامي إلا لأنه يريد أن يحصل منا على قروض جديدة من الأرواح والأموال يحتاجها في مآزقه بالعراق وأفغانستان وباكستان وإيران على وعد أنه سيرد إلينا في المستقبل ديوننا السابقة عليه. والتجزئة تنطبق على داخل البلدان العربية, كما تنطبق على ما بين البلدان العربية، لأنها في الحالتين توهن الجسد العربي والإسلامي، وتجعله ضعيفا متهالكا لا يقف دون الاستناد إلى قوة خارجية، هي الولايات المتحدة في الوقت الراهن، فليس من مصلحة الولايات المتحدة إرساء الديمقراطية بالعالم العربي لتتوقف الحروب الأهلية الباردة والساخنة، لأن الحكام سيستمدون شرعيتهم من شعوبهم, ولن يحتاجوا إليها للبقاء في السلطة ولا في الوصول إليها، ولن يكون بيدها ما تساومهم به لتحصل على الامتيازات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ولنفترض هنا أيضا أن أوباما هو (الأم تيريزا) في حسن النوايا، وأنه يريد أن يتخلى عن الحكام العرب الذين يحكمون شعوبهم رغماً عنهم فسيفوز بالانتخابات حكام يستمدون سلطتهم وشرعيتهم من الالتزام بالحرص على خدمة بلدانهم، ولن يشعروا بأي دين نحو أوباما لأنه ليس له من فضل إلا أنه أوقف بلده عن السطو على حقوق الآخرين، ويكون أوباما مرة أخرى قد شجع الفريق الخصم لينتصر على بلده. طبعا نحن نرى من أفعال أوباما ما يؤكد على أنه يعلم أنه يبيعنا كلاماً، وأنه ليس بالساذج الذي يشجع الفريق الخصم، سارع من أول يوم إلى طمأنة أصدقائه من الأنظمة العربية دون أن يحملهم سلامه للديمقراطية، وتحدث عن حق إسرائيل ولكن لم يتحدث عن حق العرب في مقاومة احتلالها لبلادهم، فتفادى التحدث عن أهم أمرين يلخصان المشروع العربي في المرحلة القادمة وهما التحرير والديمقراطية، لأن كليهما يقضي على التجزئة التي صورها نزار قباني أحسن تصوير حين قال: لم ينتصر العدو على جيوشنا ولكنه تسرب كالنمل من ثقوبنا وهذه الثقوب لا يمكن أن يكون أوباما من الغباء إلى درجة أن يغلقها بنفسه ليسد على أميركا طرق التسرب إلى مواردنا وأراضينا. t.haoues@alarab.com.qa (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 6 جوان   2009)  


الجبل تمخض فولد جبلا


جدعون ليفي تل أبيب ورام الله لم تمسكا امس تنفسهما في وقت خطاب الرئيس الامريكي في القاهرة. تل أبيب بعدم اكتراثها، رام الله بيأسها، في المدينتين سبق أن سمعوا خطابات جميلة وتاريخية الى أبعد الحدود. ومع ذلك لا يمكن لأحد أن يتجاهل خطاب باراك اوباما: الجبل الذي تمخض فولد جبلا. اوباما بقي اوباما. فقط المحللون الاسرائيليون حاولوا التقليل من اهميته (‘لا بأس’) وفرض الرعب (‘ذكر الكارثة والنكبة في نفس واحد’)، او ادعاء الاهانة (‘لم يذكر حقنا في البلاد في الكتب المقدسة’). ولكن اوباما ظهر أمس ايضا كصديق حقيقي لاسرائيل، ليس (فقط) في الكوفية بل وايضا بنجمة داود. رئيس الوزراء أمر الوزراء بعدم الحديث وهم بالطبع انقضوا على الاستوديوهات. عوزي لنداو قال ان الدولة الفلسطينية هي ‘دولة ايرانية’، يتسحق هيرتسوغ سخف نفسه اكثر من ذلك حين قال ان مشكلة المستوطنات هي ‘مشكلة اعلامية’، وكلاهما معا كانا منشغلين عمليا في أمر واحد فقط: كيف نواصل خداع امريكا الجديدة ايضا؟ لم يسبق للسياسيين الاسرائيليين أن بدوا بائسين واقزاما مثلما بدوا أمس امام صورة حامل الوعد في القاهرة. هكذا كان الوعد في القاهرة، فجر يوم جديد. رئيس امريكي يتحدث عن المفاوضات مع ايران دون شروط مسبقة، بل ودون تلميح بالتهديد؛ يتحدث عن حماس كحركة شرعية ينبغي لها فقط ان تهجر العنف وتعترف باسرائيل؛ يتحدث، ولن تصدقوا، عن الامن ليس فقط للاسرائيليين بل وللفلسطينيين ايضا؛ يتحدث عن كل المستوطنات بأسرها كغير شرعية؛ يتحدث عن تجريد المنطقة بأسرها من السلاح النووي. لا يكفي؟ اوباما ايضا تحدث في القاهرة (!) ضد نفي الكارثة، عن حقوق النساء والاقباط وعن الحاجة الى الديمقراطية التي تتناسب وثقافة كل مجتمع. عمل محسوب لزعيم محبوب، سار بحكمة وحساسية بين الكارثة والنكبة، بين الاسرائيليين والفلسطينيين، بين المسيحيين واليهود والمسلمين، تحدث بعظمة، بكبريات العظمة، كما يتناسب والحدث. اليمينيون عندنا خاب ظنهم في أنه لم يسوغ على الاقل غوش عصيون الصغيرة والمقدسة، محبو السلام خاب ظنهم في أنه لم يعرض جدولا زمنيا قاطعا لتنفيذ مطالبه. ولكن الخطاب هو مجرد خطاب، زمن التحقيق لا يزال امامنا. ولكن لماذا نثقل في الكلمات؟ نشرة ‘الساعة الخامسة مع’ بدأت بالتطورات الاخيرة في قضية دودو توباس، هذا هو المهم. الكوميدي الوطني، تسفيكا هدار، قال في مدخل مبنى الشرطة: ‘بالاجمال سرقوا لي السيارة’. اوباما موباما، لا يهم اسرائيل تتواصل على عادتها. هآرتس 5/6/2009 (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 جوان  2009)  


عنصري من الطراز الاول


بني كيتسوبر احسن رئيس الولايات المتحدة صنعا عندما عقد مقارنة بين المعاناة اليهودية في المحرقة النازية وبين المعاناة الفلسطينية ‘خلال بحثهم عن الوطن’ كما قال. مثل هذا التزييف الصارخ للتاريخ ليس بعيدا كثيرا عن التنكر لحدوث المحرقة. المقارنة بين كارثة اليهود وبين معاناة الفلسطينيين تماثل المقارنة بين المقتول والقاتل الذي لم ينجح في الوصول الى هدفه. صحيح انهم قتلوا وقتلوا فينا الا اننا بقينا رغم ذلك. فلسطينيون كما نعرف ومعهم الشعوب العربية شرعوا في حرب ابادة ضد يهود اسرائيل الشابة التي اقيمت ضمن حدود خطة التقسيم الصغيرة (بعرض 14 كيلومترا). لو تغلبوا علينا لحدث في تل ابيب وحيفا فصل اخر من المحرقة الاوروبية. كان بامكان الفلسطينيين واخوانهم في الدول العربية ان يقيموا وطنا حينئذ وبعد ذلك بـ 19 عاما ايضا حتى حرب حزيران (يونيو) عندما كانت ‘يشع’ والقدس محتلة من قبل الاردن ومصر. الفصل الثاني المحاولة الاضافية للقضاء علينا تمت في حرب حزيران (يونيو). السماء وقفت الى جانبنا مرة اخرى في هذه الحرب التي انتهت بهزيمتهم الماحقة وعودتنا الرائعة الى قلب بلادنا ووطننا اراضي السامرة ويهودا والقدس، الى احضان الشعب اليهودي. بالمناسبة اين كانت الولايات المتحدة خلال تلك الـ 19 عاما الفاصلة بين 1948 و 1967؟ لماذا لم تعمل حينئذ على اقامة دولة فلسطينية؟ الرد معروف للجميع: الفلسطينيون ايضا لم يعملوا على اقامة دولة كهذه في مناطق يهودا والسامرة. هم رغبوا في ذلك الحين مثل اليوم ايضا بالقدس ورمات غان. اوباما عاد للتأكيد عن رغبته باقامة دولتين لشعبين. هذا توازن مزعوم ومساواة بين اليهود والعرب. الا ان اوباما ‘نسي’ أن اكثر من مليون عربي يتمتعون بحقوق ديمقراطية لا مثيل لها لدى اخوانهم في الدول العربية الاخرى يعيشون في دولة اليهود. لا يقوم احد باعاقتهم في البناء بما في ذلك البناء غير القانوني بحجم عشرات الآلاف اما نحن اليهود فمن المحظور علينا ان نقطن في السامرة او ان نبني او ان نشتري الاراضي. اوباما الذي افترض به ان يكون حساسا للعنصرية يتحول بنفسه الى عنصري من الطراز الأول. ولكن يبدو لي ان العسل يخرج من المرارة. مثل هذه التزييفات المفرطة والضغط القاسي وغير المتوازن سيدفعنا الى العودة الى انفسنا والى يهوديتنا والى عمودنا الفقري الذي حافظ على وجودنا عبر الاجيال. ليس بامكاننا ان نتهرب من القيام بعملية تبصر داخلية حول هويتنا وهوية هذه البلاد وما الذي نفعله فيها. آن الاوان لأن نتوقف عن التفكير بطريقة امريكية وان نبدأ في التفكير على النمط اليهودي. وحينئذ سنفهم ايضا ما قاله الملك داوود في المزامير ‘ان قبلت الاحسان من الشعوب فقد اخطأت’ يقصد القول ان كل خير تعطينا اياه امم العالم يصب في مصلحتهم وضد مصلحتنا. (هو من مؤسسي غوش ايمونيم ومن اوائل المستوطنين في السامرة) معاريف 5/6/2009 (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 جوان  2009)
 


محاولة ثانية لإغلاق “العدالة” التركي أقرب للنجاح

 


رويترز إستانبول (تركيا)- قد يكون أمام دعوى قضائية ثانية محتملة لإغلاق حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا فرصة أفضل للنجاح، عكس المحاولة الأولى التي زعمت محاولة الحزب فرض أجندة إسلامية على البلاد وتهديد مبادئها العلمانية. وقد يكون تأثير المحاولة الثانية على الأسواق أشد مما حدث أثناء المحاولة الأولى في العام الماضي، عندما فر المستثمرون خوفا من الاضطراب السياسي. وانتهت الدعوى الأولى بتوجيه المحكمة الدستورية العليا تحذيرا للحزب الحاكم، وحرمانه من نصف المساعدات المالية الحكومية. وتزايدت الأسبوع الماضي التكهنات بشأن محاولة ثانية لإغلاق الحزب عندما ذكرت صحف تركية أن عبد الرحمن يالجينكايا، ممثل الادعاء الذي وقف وراء أول دعوى قضائية لإغلاق الحزب، يحقق في مزاعم بوجود صلات غير قانونية بين الحزب وجماعة خيرية مقرها ألمانيا. وكان حزب العدالة والتنمية (يمين وسط) قد نجا بالكاد من محاولة لإغلاقه العام الماضي، وأدت هذه المحاكمة إلى اضطراب في الأسواق، ودفعت المستثمرين إلى التفكير فيما إذا كانت ستؤدي إلى نهاية حكم الحزب، الذي استمر ستة أعوام، وهي فترة شهدت نموا اقتصاديا واستقرارا سياسيا لم يسبق له مثيل منذ عقود من الزمان. ومن المرجح أن تؤدي دعوى قضائية جديدة لإغلاق الحزب إلى كبح الاستثمار وارتفاع عائدات السندات، وأن تدفع الحكومة مرة أخرى إلى التركيز على محاولة البقاء بدلا من مواصلة الإصلاحات لتسهيل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي والمساعدة في جذب مزيد من الاستثمار الأجنبي. أوراق الدعوى وقال إرجون أوزبودون الخبير في القانون الدستوري بجامعة بيلكنت في أنقرة: إن أعضاء كثيرين في القضاء التركي العلماني ما زالوا يرغبون في إغلاق حزب العدالة والتنمية، وإن إقامة دعوى ثانية لإغلاق الحزب أمر لن يكون مفاجئا. وتدور القضية حول إذا ما كانت جمعية “دينيتس فينيري”، وهي جمعية خيرية إسلامية مقرها ألمانيا، قدمت أموالا للحزب التركي الحاكم، وينفي الحزب أي صلة مع الجمعية الخيرية. وقال أوزبودون: “الحزب ممنوع بموجب الدستور من تلقي أموال من شخص أو مؤسسة أجنبية، ولكن سيكون من الصعب إثبات ادعاء كهذا”، مضيفا أنه إذا أمكن إثبات الادعاء “فإن الحزب يمكن أن يغلق عندئذ”. وأرسلت بالفعل أوراق الدعوى إلى محكمة الاستئناف حيث يشغل يالجينكايا منصب كبير ممثلي الادعاء، لكنه لم يدل بأي تصريح بشأن الملف إلى الآن، ومع هذا فإنه شدد في كلمة أمس الجمعة على دوره في الدفاع عن الدستور العلماني. وقال: “الواجب الرئيسي لكبير ممثلي الادعاء هو حماية النظام الدستوري والديمقراطية والجمهورية العلمانية ومراقبة ومعاقبة الذين يعملون ضد الدستور والمبادئ الديمقراطية”، ولعبت الدعوى القضائية الأولى دورا في تراجع البورصة بنسبة 12% في الفترة منذ بدء القضية إلى الجلسة الأخيرة. ضعف انتخابي وستضر دعوى قضائية ثانية بشدة بالعملة التركية المقدرة بالفعل بشكل أكبر من قيمتها الحقيقية، كما أنها ستقلص أيضا من احتمالات الاستثمار على المدى المتوسط في وقت تتدنى فيه الرغبة في تحمل مخاطر، وفي وقت تخفف فيه القيود المالية التي تفرضها الحكومة في إطار سعيها إلى إيجاد مخرج من الأزمة التي تعصف باقتصادات العالم. وتأتي الدعوى الثانية في وقت أصبح فيه الحزب أكثر ضعفا في أعين الناخبين بعد أن تراجع تأييدهم له في الانتخابات المحلية التي جرت في مارس الماضي، وهو أول تراجع منذ صعود الحزب للسلطة في عام 2002. وقال سينان أولجين -من مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية، وهو مركز أبحاث مقره مدينة إستانبول-: إن “تراجع التأييد سيكون جانب ضعف إضافي للحزب أثناء دعوى إغلاقه؛ لأنه يكون من الأصعب إغلاق حزب يتمتع بتأييد كبير مقارنة بحزب يضعف تأييده”، وتابع أولجين بأن الدعوى “ستحدث درجة من الغموض السياسي وستقوض الاستقرار الاقتصادي للبلاد بما يهدد الاستثمار الأجنبي”. (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 6 جوان   2009)

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

12 août 2005

Accueil TUNISNEWS 6 ème année, N° 1909 du 12.08.2005  archives : www.tunisnews.net  السجين السياسي محمد علي بنرجب: صيحة استغاثة وإعلان

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.