أكاذيب “مدنيّة” وكالة (أكي) الإيطالية للأنباء :وزير الشئون الدينية التونسي: لم نتصادم مع النص الديني بشأن اللبس “الجريدة”:وزراء الداخلية العرب:برنامج موحد لمكافحة الإرهاب ؟ قدس برس: الأمم المتحدة تشيد بتبرع تونسي ‘تاريخي’ لمساعدة الفقراء فخرى شليق: النداء العاجل من أجل هذا الوطن الجريح الحوار نت: حوار مع المناضل لسعد الجوهري الطاهر الأسود: المزيد من السذاجة و الإنكار (في سياق التعليق على تعقيب عبد الرؤوف العيادي) عبدالحميد العدّاسي: لو كنت شجاعا مخلصا لقلت: “صليبنا وهلالهم” طالبة نقابية راديكالية:رسالة الى السيد نجيب الشابي ابو خليل: لما ينغلق الحوار في قناة الحوار اللندنية – الدكتور منصف المرزوقي مثالا سريريا “الجريدة”:الفلاحة في تونس:البنك العالمي يشخص المعوقات ويقدم الحلول “الجريدة”:الـ«BIAT» والاستقالة المنتظرة:صراع بين نويرة ومبروك ؟ جريدة الصباح:ينظمها المرصد الوطني للشباب:خبراء من تونس والخارج يضعون مشاغل الشبــاب على طاولــــة الدرس احميدة النيفر :الإسلاميون في الوطن العربيّ ومأزق الحضارة مرسل الكسيبي:تمجيد الماضي والتغني بالقوة والخضوع للمحور السوري الايراني توفيق المديني: رأي ودراسات :لماذا يصر شيراك على التفاوض مع إيران؟
صحيفة الشرق :وزراء وجامعيون ومثقفون بصوت واحد:إلغاء فكرة المغاربية خسـارة لا مجال لتعويضها.. والاندماج ضرورة حيوية ومستقبلية
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
قناة الحوار التونسي (الكلمة الحرة ,قوام الوطن الحر) برامج حصة يوم الأحد 28 جانفي 2007 تبث الحصة من الساعة السابعة إلى التاسعة مساء وتعاد يوم الأربعاء على نفس التوقيت. الأخبار:تقديم اياد الدهماني متابعة لآخر الأحداث الاجتماعية والسياسية وللتحركات النضالية الميدانية. أخبار واقع الحريات تغطية لأخر التطورات الاجتماعية تحركات اتحاد أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل موسيقي: راب تونسي تحقيق ميداني حول اعتصام عاملات وعمال :ساماك بتونس ريبورتاج حول أربعينية المناضل الاشتراكي التونسي واحد قيادات حركة آفاق التونسية الهادي سلامة فيلم :الصمت قناة الحوار التونسي باريس في 28-01-2007
أكاذيب “مدنيّة”
بيان أيفيكس في 19 جانفي 2007
و قد أثار أعضاء المجموعة بعض الاهتمام حول ما تقوم به الحكومة التونسية من تعتيم حول الاشتباكات الدموية بين قوات الأمن و الجماعات المسلحة التي وقعت في نهاية ديسمبر 2006 و بدايات يناير 2007 في ضواحي جنوب تونس.
بيان الجمعيات التونسية في 26 جانفي 2007
نشجب بوصفنا جمعيات في المجتمع المدني التونسي الإدعاءات الغريبة جدا التي تضمنها هذا التصريح المؤرخ في 19 جانفي والتي زعمت فيه مجموعة أيفكس أنّ اشتباكات دامية جدّت بين أعوان الأمن ومجموعات مسلحة ومتظاهرين مدنيين في أواخر ديسمبر 2006 وأوائل جانفي 2007». ويبدو أن الأمور اختلطت على مجموعة أيفكس أو إنها كانت تتحدث عن بلد آخر غير تونس.
بيان أيفيكس بالفرنسية 19 جانفي
Les membres du TMG ont également exprimé leur inquiétude face à la censure exercée par le gouvernement tunisien à l’occasion des altercations meurtrières entre des agents de sécurité et groupes armés qui ont eu lieu fin décembre 2006 et début janvier 2007 dans les banlieues du sud de Tunis بيان أيفيكس بالأنقليزية 19 جانفي TMG members also highlighted concerns about the Tunisian government’s censorship of deadly clashes between security forces and armed groups in the end of December 2006 and in early January 2007 in the Southern suburbs of Tunis . بيان الجمعيات التونسية بالفرنسية 26 جانفي Les associations de la société civile tunisienne tiennent, également, à dénoncer les allégations fantaisistes contenues dans cette déclaration du 19 janvier, faisant croire à « des altercations meurtrières entre des agents de sécurité et groupes armés et des manifestants civils qui ont eu lieu fin décembre 2006 et début janvier 2007 ». L’IFEX-TMG doit certainement se tromper de pays. Les opérations de neutralisation du groupe terroriste armé de décembre et janvier dernier n’ont concerné aucun « manifestant civil »
وزير الشئون الدينية التونسي:
لم نتصادم مع النص الديني بشأن اللبس
وزراء الداخلية العرب برنامج موحد لمكافحة الإرهاب ؟
الأمم المتحدة تشيد بتبرع تونسي ‘تاريخي’ لمساعدة الفقراء
النداء العاجل من أجل هذا الوطن الجريح
فخرى شليق/ لاهاي هولندا
إلى تجمع 18 أكتوبر و مبادرة الدكتور المنصفالمرزوقي مرورا بكل المبادرات
الوطنية وناشطي الجمعيات الحقوقية وأصحاب المدونات الالكترونية التونسية
يمر وطننا الحبيب بمرحلة دقيقة ومحنة عصيبة ونطقت الأحداث الأخيرة التي جرت على أرضه بالكلام المباح والغير المباح فأربكت الجميع ودفعتهم إلى الاسهاب في السجالات المعقدة من أجل استجلاء الحقيقة ومعرفة السينريوهات الدقيقة لما حدث حتي يتسني للجميع اتخاذ الموقف المناسب والتحرك عبر الممكنات المتاحة لمحاصرة هذا الانفلات الذي يقود باتجاه الحسم في الصراع بين السلطة والمجتمع عبر القوة مما يترتب عليه السقوط في أتون المواجهات المفتوحة والتي لا تقود إلا إلى تأزيم الواقع واستنزاف الطاقات والارتهان إلى التجاذبات الدولية المتسمة بالوحشية وجنون الغطرسة والاستعلاء ووراء هذه المبررات والمخاوف تمترست أغلب البيانات المنددة بالحدث.
غير أن المتتبع للتفاعلات الاعلامية للحدث من بيانات وتصريحات ومواقف يشعر بمراوحة المعارضة مكانها وعدم خروجها عن المؤلوف في التعاطي مع الأحداث وأكتفت بتكرار مواقفها التي حفظها القاسي والداني من تنديد باختيار العنف كمنهج للتغيير وإدانة السلطة في اصرارها على الهروب إلى الأمام وانحيازها إلى الخيارات الأمنية في التعاطي مع المخالفين وانفراد منهجها بلغة العصا الغليظة في تركيع المعارضة واجبارها إما الدخول تحت العباءة أو تجرع مرارة الاقصاء والتنكيل والتيهان في المنافي والأمصار.
والحقيقة أن الآمال كانت أكبر من ذلك وكان الاعتقاد جازما أن هذه المعارضة الطلائعية ستنتفظ بسرعة البرق من أجل انقاظ الوطن من امكانية انحداره إلى الاقتتال الداخلي واجبار السلطة على مراجعة منهجها الذي قاد إلى الافلاس ودفع بفئات من المجتمع على الانتفاض والانتقام ممن ضيق عليها الخناق وحاصرها في أدق شؤونها الخاصة.. ذلك أن اللحظة التاريخية التي يعيشها الوطن محددة لما هو آت وممسكة بمآلات التداعيات المترتبة عن ما جرى في المدة الأخيرة.. فبقاء المعارضة الجادة مخدرة بترف النضال الاعلامي و المناوشة بالبيانات السياسية الممجوجة ترسم صورة حزينة لواقع هذه المعارضة التي تجود من ضعفها بعناصر القوة لسلطة تتمعش من تشتت الأطياف السياسية وانشغالها بنرجسية مصالحها الداخلية مما جعل هذه السلطة تتمادى في استخفافها بكامل مكونات المجتمع وعدم اكتراثها بحجم الضغوطات المسلطة عليها قناعة منها بعدم وجود من ينافسها من هذه الأطياف السياسية ولا من هو بإمكانه الارتقاء إلى ذلك حتي يدفعها إلى مراجعة حساباتها والاعتبار قبل فوات الأوان.
وأحسب أن بالامكان تدارك هذا التراخي والانشداه وضخ الدماء الساخنة في العروق وإحداث الحركية المطلوبة عبر تفعيل الآليات والخروج من صالونات طبخ الأفكار ومعانقة الواقع عبر النضال الميداني ورص الصفوف وجمع الكلمة على برامج مشتركة تلتقي حولها أغلب الأطياف السياسية والحقوقية دون حسابات ضيقة تذهب بحق الوطن في الانعتاق الاستقرار والحرية.
فأولى النداءات إلى جبهة 18 أكتوبر: التي أغرقت رجالاتها وطاقاتها الحيوية في سجالات فكرية تهدف إلى رسم ملامح المجتمع المستقبلي وحسم الخلافات الفكرية من أجل بناء شراكة نضالية تأمن لكل طرف مصالحه في التعبير عن نفسه وحيازة موقع يدافع به عن وجوده إذا تهددته المتغيرات والتقلبات الاجتماعية بعد سقوط الدكتاتورية.. ونحن إذ لا نختلف في أحقية كل طرف بذلك ولكن دون الانشغال عن واجب الدفاع عن هذا الشعب وهو في أمس الحاجة إلى تدخلاتكم ونضالاتكم الجماعية ودون السكوت عن حملات الاعتقال وما يصحبها من تجاوزات خطيرة تصل إلى حد التنكيل بالمخطوفين من ابناء الشعب حتي الموت… فمن غير المعقول أن تتعالى أصوات المستضعفين من أبناء شعبنا بطلب النجدة وتستغيثكم العائلات المقهورة في سجنها الكبير وأنتم تغلقون أبوابكم في انغماس مريب لتمارسوا ترفكم الفكري والسياسي.. فيشبه حالكم حال البزنطيين العدو يحاصر أسوارهم وهم غارقون في الحوار الفكري.. هل المرأة بها روح؟ أم ليس بها روح؟ ومعذرة على التشبيه وأحسب انكم أرقي من ذلك.. ومن أهم المقترحات المطروحة هو تفريغ بعض الطاقات المختصة لحسم الحوارات الفكرية وانشغال الباقي من الفعاليات في النضال الميداني الحقوقي.
أما الثانية من النداءات فإلى الدكتور منصف المرزوقي: الذي أستحثه إلى مزيد من المرونة من أجل أن تلتقي مبادرته مع مراكمات المبادرات السابقة وردم الهوة التي بينه وبين الأطراف الأخرى وفسح المجال مجددا أمام حوار مستفيض يجمع الكلمة ويوحدها ويدفع العجلة باتجاه رص الصفوف والاستفادة من كل كدح نضالي يصب في مصلحة الوطن وهذا الشعب المضطهد.
أما الثالثة فإلى الشخصيات الوطنية: والتي لا أرغب أن أسميها بأسمائها لكي أترك لها فرصة التحرك المثمر من أجل هذا الوطن ومن أجل الأجيال القادمة التي لها علينا حق الاجتهاد في تأمين السلم الاجتماعية وخدمة الأهداف الوطنية التي تحقق الرخاء وتضمن التداول السلمي على السلطة ليحسوا بمعني الحرية وطعم الممارسة الديموقراطية.. ولعل صفة الاستقلالية وغيرتكم على هذا الوطن تمنحكم الفرصة الأكبر في جمع الكلمة وردم الهوة وقيادة المبادرات الجادة لانقاذ هذا الوطن.
أما الرابعة فلنشطاء الجمعيات الحقوقية: وأسماؤهم كثيرة الذين أبهرونا بنوعية تحركاتهم إبان ملحمة 18 أكتوبر وأثبتوا قدرة فائقة في انتاج الأفكار النضالية والتي سمحت بمخاطبة المجتمع السياسي الغربي وأجبرت الصحافة المكتوبة والمرئية على متابعة التحركات وتغطيتها ونحن إذ نثمن ذلك فإننا نستغرب أمر هذا الركود ونطرح أسئلة حارقة كيف؟ ومتي؟ ترى نضالاتكم النور من جديد من أجل المئات من المساجين من شباب تونس العزيزة فكل مسجون مضطهد من طرف السلطة من واجبنا الدفاع عنه مهما كانت تهمه الملفقة من طرف السلطة.
أما الخامسة فلأصحاب المدونات الذين لا يدخرون جهدا في تجلية الواقع التونسي وفضح ممارسات السلطة والدفاع عن حقوق المستضعفين والمظلومين ونحسب أن دورهم في الحث على إنشاء التكتلات الوطنية وجمع كلمة الفرقاء مهم جدا وفتح صفحاتهم لكل المبادرات البناءة التي تهدف إلى رص الصفوف في مواجهة المخاطر التي تهدد الوطن مهما كان مأتاها ونتمني أن نرى على صفحاتهم صوت كل الأطياف وتنوع مشاربهم ليمثلوا الخييمة التي يستظل تحتها كل صوت حر.
إن التقاء كل هذه المكونات .. هيئة 18 أكتوبر أصحاب مبادرة الدكتور المرزوقي ناشطي الجمعيات الحقوقية أصحاب المدونات وغيرها من المنشغلين بالهم الوطني على صعيد واحد من التحركات وفتح المجال أمام مبادرات العمل المشترك سوف يدفع عجلة التغيير إلى الأمام ونحسب أن واقع البلاد يدعونا إلى المسارعة في رص الصفوف وتنويع التحركات وتشجيع اللامركزية في العمل الحقوقي حيث تتوسع دائرة المشاركة والاستفادة من كل الطاقات المنتشرة عبر التراب الأوروبي لصناعة ملحمة نضالية تجبر أرباب السلطة على الرضوخ إلى مائدة الحوار من أجل مصلحة الوطن أو الذهاب إلى الجحيم غير مأسوف عليها.
ودون ذلك من الكدح المتوجب علينا سنصبح متاجرين بعذابات الوطن ونخب منبتة عن هموم شعبها ومتمعشين من ويلات المستضعفين الذين تحرقهم سياط الجلادين وقد لا يغفر لنا هذا الشعب الأبي تقصيرنا وعجزنا حينما يحين وقت الحساب فتتيبس الكلمات في أفواهنا ولا نجد لتقصيرنا تبريرا فهل يحق لنا وقتها أن نلتمس إمكانية المشاركة في قيادة دواليبه.. حتما ستكون الإجابة وقتها قاسية ومخزية… فمن تقاعس اليوم في الدفاع عن هذا الوطن تحت أي لافة من لافتات التبرير فإن التاريخ لا يرحم… ومن لا يرحم نفسه فإن التاريخ لا يرحمه.
فخرى شليق/ لاهاي هولندا
Telf nr: 0031707786039
خاص بالحوار نت
بالحوار نت: حوار مع المناضل لسعد الجوهري شقيق الشهيد سحنون الجوهري
بمناسبة الذكرى الثانية عشر لاستشهاده في سجون تونس
حاوره الهادي بريك – ألمانيا
نص الحوار :
الحوار نت : مرحبا بك أستاذ لسعد ضيفا كريما على موقعنا شاكرين لك فضلك بقبولك إجراء حديث معنا بمناسبة الذكرى الثانية عشر لاستشهاد شقيقك سحنون عليه رحمة الله تعالى.
الجواب :
السلام عليكم.
السلام على أرواح شهدائنا.
السلام على الأسود في قيدها.
السلام على الخلص من الرجال.
أبدأ بتحية هذه اللفتة الكريمة إلى الشهداء فينا من ارتحل منهم و من ينتظر.
عش في الأرض شريفــــــــــــا من غدا في الناس حــــــــــــــــــــــرا
و يرى بالصبر حلــــــــــــــــوا ما يراه الغيــر مـــــــــــــــــــــــــــرا
الحوار نت : هل يمكن للقراء أن يتعرفوا على عائلة الشهيد سحنون؟ من هم أبناؤه و كم أعمارهم و بماذا يشتغلون و غير ذلك من المعطيات التي يعسر أن تتوفر لغيرك؟
الجواب : إرتحل الشهيد عن عمر يناهز 41 سنة و ثلاثة أشهر و خمسة أيام . و ترك خلفه أرملة و ثلاثة أبناء كان عمرهم يوم ارتحاله (11 سنة ،8 سنوات ،و صغيرهم 6 سنوات ) و قد اشتد عودهم اليوم بفضل من الله و منة.
– عطاء الله 23 سنة طالب بالسنة النهائية.
– أمان الله 19سنة طالب بالسنة الأولى .
ـ سلسبيل 17 سنة تلميذة باكلوريا.
الحوار نت :هل يمكن لك أن تصف لنا حالة التضامن مع أسرة الشهيد بعد استشهاده؟
الجواب : عن أي تضامن تتحدث؟ عن القريب أم عمن يدعون أنهم رفاق درب؟
أظنك تنسج من أمانيك. فالشهداء و عائلاتهم لهم الله أولا و آخرا. أما عن الرفاق فالفاضل فيهم يذكرهم بالدعاء و الرحمة إذا ما عرض لذكرهم. أما سماسرة “السياسة” مثلهم مثل غيرهم يذرفون دموع التماسيح في حضرة الرجال الحافظين للعهد و إذا ما انصرفوا رأيتهم يتهامسون : كيف التخلص من هذا الإرث الثقيل و لا عجب.
أضرب لك بعض الأمثلة حتى تفهم:
1- أحدهم سكت دهرا و نطق قهرا.
ففي سعيه الدؤوب للخلاص الفردي لترضية الجهات الأمنية المبتزة صرح في معرض حديثه عن المحنة داعيا إخوانه إلى ” عفو القلوب “.
فماذا تقول للأرامل و الأيتام. نسيت أنك لست في حاجة أن تقول لهم شيئا و أنت الذي امتنعت عن زيارة العائلات و مواساتهم بدعوى أنه ليست لك صفة؟
2- أحد المحامين ضغط على زميله كي لا يتقدم بدعوى ضد الداخلية على النفقة الشخصية لأسرة الشهيد و أن يجيبهم بالتسويف حتى انقضى الأجل القانوني (10 سنوات من تاريخ حفظ القضية ).
3- أخرون أقعدهم عجزهم فقاموا بمراسلة …… معتبرين شهداءنا ” قتلى “. فمن القاتل ياترى ؟ هل يرجى بهذا وجه الله ؟ لست أدري.
فإن كان هذا فعل القريب فماذا ينتظر من غيره و حال أغلب عائلات الشهداء متشابهة ؟
أعن هذا التضامن تتحدث ؟ فأين ارتحل الرجال ؟
أما عن المجتمع فهو طيب مرهف الإحساس كما عهدناه حافظا للخير و لكن قلوبهم معك و…
و كذلك حالة المكر السيئ التي يكيد بها قاتل الشهيد عليكم.
ماذا تنتظر من العدو و الخصم ؟ إذا كان هذا ما نلقاه من ” الصديق “.
فبعد حرمان شهيدنا من الإسعاف و الرعاية الطبية الضرورية حيث ترك ينزف لما يزيد عن الخمس ساعات إلى أن صعدت رو حه إلى ربها شاكية ظلم العباد …
و لكن أضرب لك بعض الأمثلة عن مكر الطاغية و أعوانه:
1- فبعد حرمان زوجته من زيارته في السجن بعدم تمكينها من بطاقة تعريف وطنية استمر الحرمان من بطاقتها بعدة سنوات بعد استشهاده.
2- رغم مراسلاتها العديدة لرئيس السلطة من أجل تمكينها من حقها في العمل كطبيبة بالصحة العمومية لم تتلق إلا ردا يتيما عن طريق وزير الصحة يعلمها بأن باب الانتدابات اغلق و يعدها بأنه سيولي أولوية لمطلبها إذا مافتح الباب لاحقا و ذلك منذ سنة 2000. أتصدق هذا الادعاء؟ ألم يكن أولى بالوزير أن يقولها صراحة ” إعتراض الجهات الأمنية “؟.
3- الإدرة العامة للسجون ترفض تمكين العائلة من شهادة إيقاف باسم الشهيد حتى يتسنى لها تسوية ملف المنحة العائلية لدى الصناديق الإجتماعية (CNSS et CNRPS ).
4- وزير التعليم العالي يحرم أبناء الشهيد من حقهم في المنحة الجامعية.
5- أرملة الشهيد محرومة من جواز السفر إلى حد هذا اليوم.
6- أغرب ما حدث : حجب دار الصباح نشر رسالة عائلية مرفوقة بصورة للشهيد إحياءا للذكرى السادسة.
فهل لديك ما تضيف؟ و هذا سار على كل عائلات الشهداء.
الحوار نت: كيف تحيي عائلة الشهيد ذكرى استشهاده في كل عام ؟
الجواب : دأبت العائلة على إحياء الذكرى سنويا و ذلك بالاجتماع حول مرقد الشهيد للدعاء و التذاكر و قليلا ما حضر بعض الأصدقاء.
الحوار نت : هل سنحت الظروف الأمنية القاسية التي تعيشها البلاد منذ عقدين كاملين بجعل ذكرى استشهاد سحنون عليه رحمة الله سبحانه ملكا لقطاعات واسعة من الشعب سيما من إخوان دربه على كل السكك التي سلكها الشهيد من مثل :الحركة الاسلامية و الرابطة التونسية لحقوق الانسان و زملاء المهنة (أساتذة تربية إسلامية بالمعاهد الثانوية)؟
الجواب : عندما تتدخل السلطة الأمنية لمنع نشر تحية لذكراه في إحدى الصحف و تذهب بعيدا في توبيخ رئيس تحريرها و لا ينزعج هذا الاخير من المحضر الذي حبر في شأن العدل المنفذ لامتناعه عن نشر إعلان قبض ثمنه تفهم مدى حساسية الموضوع.
أما من ترجو استفاقتهم فالتقاعس صفة غالبة عند بعضهم. لقد أسمعت لو ناديت حيا …..
الحوار نت: هل تشعر عائلة الشهيد بأنها على طريق الوفاء بوصيته المفهومة حتى لو حالت ظروف سجنه و قتله دون النطق بها و ذلك من مثل الثبات على الحق في كل المواقف مهما كانت دمدمة العواصف من حولكم؟
الجواب : لم يعد بين أشبالنا صغير. فقد شبوا عن الطوق. كبروا و كبر معهم همهم ووعيهم و الأمل في عدالة من الجلاد يوما يوطنهم على الصبر وفاءا للذاكرة و سيرا على نهج النبوة الصادقة عسى الله أن يجمعنا في موكب الشهداء.
توارثت أشبالنا التضحية و الوفاء خدمة للأسمى و هذا قدرنا و قدرهم أن نحترق مثل الشموع كي نضيئ بدمائنا درب الخيار العابرين إلى شاطئ الأمان شاطئ الحريّة.
شعارهم : لا يحقد إلاّ عاجز أو جبان. دأبهم : عش عزيزا …
الحور .نت : و هل ترك الشهيد وصيّة أخرى؟
الجواب : قد أفاجئك . إذ لم يكن لشهيدنا وصيّة في أسرة و لا همّ سوى انشغاله الدائم بعائلة الشهيد : سيّد شهدائنا عبد الرؤوف العريبي إذ تعهّد بأن يخلفه فيهم حتى اللقاء يوم الأجر و الجزاء.
أنجـز حرّ ما وعـد
نرجو من الله أن يجمعهما في الآخرة كما اجتمعا في الدنيا.
الحوار نت : هل لك أو لعائلة الشهيد كلمة أخيرة تتوجّه بها إلى قتلته أو إلى الذين يحملون قضيّة سحنون (الإسلام و الحريّة) من بعده أو إلى طرف آخر؟
الجواب : كلمة قبل الأخيرة :
1- إنّ دماء الشهداء و أعراض الثكلى و كرامة الأيتام خطّ فاصل بين الجدّ و اللعب.
2- إنّ كل أشبال الشهداء يرقبون يوما يعاد لهم فيه الإعتبار فلا تقطعوا أملهم و لا تفرّطوا في حقوقهم.
3- بالتونسي “يا ظالم ليك يوم “.
كلمة أخيرة:
سبق أن أطلقت دعوى عبر إحدى الصحف لتشكيل لجنة وطنيّة للحقيقة و المصالحة من أجل الوقوف على حقيقة ما حدث حتى لا تتكرّر المأساة و تزول الحصانات و تنقشع المغالطات و يعرف كلّ منّا ما له و ما عليه. تعرّضت على إثرها إلى حملة شرسة من القريب قبل البعيد فها أنا ذا أدعوكم من جديد إلى التفكير في أمر يصلح به حالنا و مستقبل أجيالنا عوضا عن اللهاث وراء السراب (سلطان،غرب،18 أكتوبر و يسار..) فحال هؤلاء يقول لكم : لو خرجت من جلدك ما عرفتك و أنا أقول : ما حكّ جلدك مثل ظفرك.
طرفة أسوقها لمن كان له عقل :
توهّمت دجاجة أنّ هناك ديكا يغازلها فأخذت تتساءل : هل يرغب فيها أم لا و هي تنزع ريشها الواحدة تلو الأخرى إلى أن انتبهت للفح البرد بعد أن استغرب الديك من صنيعها و اشمأزّ من منظرها. فلا تكونوا دجاجا.
شكرا على رحابة صدركم.
الحوار . نت : شكرا جزيلا للمناضل لسعد الجوهري على ما أولانا به من حوار صريح سائلين المولى الكريم ولي النعمة سبحانه أن يمن على بلادنا وسائر بلاد المسلمين بشآبيب رحمة تندمل فيها جراحات المعذبين فيتحرر سجين وطريد ويشبع جائع ويأمن خائف وتحتضن أرضنا أهلها من جديد.
(المصدر: موقع الحوار . نت بتاريخ 27 جانفي 2007)
المزيد من السذاجة و الإنكار
(في سياق التعليق على تعقيب عبد الرؤوف العيادي)
الطاهر الأسود—باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية
ربما لا يستحق النص القصير الذي كتبه السيد العيادي مؤخرا (للرد على أحد مقالاتي) تعليقا مطولا. و لكن أعتقد أن هذه مناسبة لإبراز الى أي حد لا يعتني بعض السياسيين في تونس بما يكتبون و الى أي حد يمكن لهم أن يغرقوا في الارتجال و الردود السياسوية. كما أن هذه مناسبة على ما أعتقد لإعادة تحريك موضوع المواجهات الأخيرة و التي لا يزال يتعامل معها الطيف الأوسع من الساحة السياسية (سلطة و معارضة) بصمت و رغبة في النسيان و تهميش ما جرى ثم و خاصة بالإصرار على عدم الاعتراف بالفشل في توقع بروز تيار السلفية الجهادية و في تقييم جدي للمعاني السياسية العميقة للـ”الصحوة الدينية” التي تعيشها تونس منذ نهاية التسعينات. مرة أخرى علي أن ألاحظ أن السذاجة و حالة الإنكار لازالت السمة الأبرز في غالبية ردود الأفعال و أن أهم المؤشرات على ذلك هو حرص الغالبية على المضي مجددا في روتين “العمل السياسي” السائد: مزيد من الاعتقالات العشوائية و من البروباغندا من جهة السلطة و التي تحمل الجميع المسؤولية باستثناء ذاتها على الأقل على المستوى العلني و على مستوى الممارسة حتى هذه اللحظة، و مزيد من البيانات الحقوقية و الكلام السياسوي و المناورة من قبل المعارضة. الأكثر من ذلك، كما هو حال السيد العيادي، لا يتم الاكتفاء بالروتين المعتاد و مزيد الانغماس في السذاجة بل يتم نعت من يصف الأشياء بمسمياتها بـ”التسرع” و “العقائدية”. و في الحقيقة هناك مكان وسط ممكن: حيث الى جانب الدفاع عن حق الجميع بما في ذلك المتهمين تعسفا بالانتماء للسلفية الجهادية أو السلفيين الجهاديين في محاكمات عادلة يمكن التنديد بممارسات الأخيرين على أنها إرهابية و هو الأمر الحاصل في المغرب الأقصى مثلا. حيث يجب الفصل بين الممارسة الحقوقية و الممارسة السياسية ولا يمكن الإحجام عن القيام بالثانية بدعوى حماية ظروف الأولى. و لكن الخلط بينهما يبقى المرض الطفولي لطيف واسع من المعارضة التونسية.
سأتعرض هنا الى النقاط التالية:
أولا، عرض النقاط التي ركز عليها السيد العيادي في تعقيبه.
ثانيا، التذكير بالفقرة التي تعرضت فيها لمواقف السيد العيادي في مقال سابق و التي يبدو أنها استدعت تعقيبه.
ثالثا، تعليق على تعقيب السيد العيادي حسب ترتيب النقاط التي عرضها في تعقيبه.
رابعا، ملاحظات أخيرة.
1
كتب السيد عبد الرؤوف العيادي (“تعقيب على مقال الطاهر الأسود” تونسنيوز 23 جانفي 2007) يرد على مقال أخير كتبته حيث يصفني بما يلي: “واعظ عقائدي ، جعل لنفسه وصاية فكرية على الأمّة وهو بدل أن يحاول فهم ما يجري يسارع إلى تقويم الأحداث بقوالبه العقائدية دون تمحيص و تدقيق شأن ما كتبه الطاهر الأسود الذي قرن اسمه بصفة الباحث“. و قد برر هذا التوصيف بعدد من المآخذ التي كان علي أن أعيد تنظيمها و تقديمها للقارئ و هي كالتالي:
1- أنني كنت “متسرعا” و لم أقدم أدلة من “الداخل” (عوض الأدلة التي قدمتها و هي من “الخارج”) و أدلة من “الخاص” (و ليس كما فعلت من “العام”) تشير الى أن “الظاهرة السلفية في تونس” هي من “جنس تيار الفتنة الأهلية” و هو ما يصب في إطار “الموقف العقائدي” و ليس “الموقف العلمي” و من ثمة لا يوجد هناك داعي لكي أقرن اسمي بـ”صفة الباحث”: ” و الواضح أن المواقف المسبقة قد أدّت بصاحبنا إلى خلع وصائف متسرعة من جنس ” تيّار الفتنة الأهلية ” دون تأييد حكمه بأدلة خاصة بالظاهرة التي تعرف ” بالسلفيّة ” في تونس ، و إنما كان المنهج الإكتفاء بالعام دون الخاص و بما هو خارجي على حساب ما هو داخلي وهو ما جعل السيّد الأسود يخرج عن إطار البحث الجدّي و الموضوعي إلى إسقاط أحكامه و شتان بين الموقف العلمي و الموقف العقائدي “
2- أنني استعملت مصطلح الارهاب بشكل غامض مما يعكس عدم أخذي بعين الاعتبار الخلط الذي يمكن أن يثيره البعض بين المقاومة و الارهاب: “و لسائل أن يسأل السيّد الأسود ما هو تعريفك ” للإرهاب ” إذ من المعلوم أن تلك الظاهرة ليس محلّ إجماع في تعريفها بل أن كلّ جهة تحاول أن تعرفها طبق معايير تتفق و خياراتها السياسية بما أثار جدلا حول الخلط بين الإرهاب و المقاومة و إرهاب الجماعات و إرهاب الدولة“
3- أنني أيضا كنت غامضا (“لم يحدد المقصود”) أيضا عندما تحدثت عن تيار الفتنة الأهلية خاصة و أن السيد العيادي يعتبر أن السلطة السياسية في تونس تصلح للاتصاف بذلك ربما أكثر من غيرها (“فتنة بوليسية”) و هو ما يعني أن استعمالي لهذا المصطلح لا يعكس أن لي موقفا من ممارسات السلطة و أنني لا أحملها المسؤولية فيما وقع: ” أمّا عن ” الفتنة الأهلية ” فإن هذا المصطلح هو أيضا لم يحددّ المقصود به تحديدا فإذا كانت الفتنة تعني فيما تعنيه الدعوة إلى المواجهة العنيفة فإننا فعلا نعيش فتنة بوليسية بمعنى هجمة بوليسية على المجتمع المدني و السياسي بتونس منذ حوالي عشرين سنة …“
4- أنني على ما يبدو أقع في الخلط السائد (“و هو أمر قائم”) بين الجهاد و الارهاب أو السلفية و الارهاب و يرى السيد العيادي أن ذلك تحديدا ما تقوم بها الأجهزة الأمنية في تونس في محاضر بحثها مع المعتقلين الجدد على أساس “قانون مكافحة الارهاب”: ” أمّا عن تشويه الجهاد و قرن السلفية بالإرهاب فهذا أمر قائم و لا جدال فيه إذ أن من هم محالون بموجب قانون مكافحة ” الإرهاب ” لا ينتمون إلى تنظيم معين ، و إن كــــــــــانت الأبحاث تجري بتهمة الإنتماء إلى ” تنظيم إرهابي ” إذ أن قراءة المحاضر أو ما تسمى كذلك “
5- أنني لا أعرف معنى “السلفية” و لهذا يضطر السيد العيادي (لكي أعرفها) للاستشهاد بمقتطفات من أحد مؤلفات محمد عمارة حيث تتم الاشارة بالمناسبة مرتين لمؤسس المذهب “بن حنبعل”(!): ” و السلفية هي كما ورد في مؤلف الدكتور محمد عمارة ” تيارات الفكر الإسلامي ” هي المذهب الذي وضعه أبو عبد الله أحمد بن حنبعل ، إذ جاء بالصفحة 137 ما يلي : ” و لقد صاغ حنبعل منهج السلفية النصوص الذي يأخذ الإسلام أصولا و فروعا من النصوص و المأثورات و ذلك في مواجهته منهج المتكلمي المعتزلة الذي كان للعقل و التأويل شــــــــــــــــأن عظيم في المنهج الذي أخذوا بواسطته الإسلام ..” كما جاء في آخر الفصل المتعلق بالسلفية قوله : ” على أن أكثر مدارس الحركة السلفية خطرا و عـــظمة و أثرا – في العصر الحديث – كانت تلك التي قادها جمال الدين الأفغاني و الإمام محمد عبده.. و التي كان من أعلامها عبد الرحمان الكواكبي ..و عبد الحميد بن باديس ..ذلك أن هذه المدرسة السلفية قد ذهبت في عقائد الدين و أصوله مذهب السلف القدماء و بحث في مشكلات الدنيا و قضايا الحضارة و المعتزلة .. “
6- أنني أستحق التذكير أن مبدأ الجهاد كفرض عين في الإسلام “ليست (قناعة) خاصة بالسلفيين”، و الأهم من ذلك يستخلص السيد العيادي أن الاتهامات الموجهة لـ”السلفيين” حول خصوصية علاقتهم بـ”فريضة الجهاد” و نعتهم من ثمة بـ”السلفية الجهادية” هو على هذا الأساس غير دقيق: ” أما فيما يتعلق بالقناعة أن الجهاد فرض عين فإنها ليست خاصة بالسلفيين و إنما هي تشمل جميع المذاهب دون استثناء فكيف تتم إحالة هؤلاء الشبان من أجل الانتماء إلى ” السلفية الجهادية ” وهي لا تشير إلى تنظيم محددّ يحمل هذا الإسم ، بل لمجردّ الانتماء العقائدي ؟ فهل أن الأمر يحتاج أن ندللّ على وجود نيّة في الخلط بين ” الإرهاب ” و الانتماء العقائدي إلى السلفية ؟“
7- أخيرا أنني أميز طبيعة العمل المسلح الذي ينخرط فيه المتطوعون “السلفيون” التونسيين في العراق (أي تحديدا ضمن “تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”) ليس على أساس طبيعته و طبيعة برنامجه و ممارسته بل على أساس العقائد المذهبية لأصحابه. و من ثمة فإنني لم أفهم أن الخصوصية “السلفية” للمتطوعين الآن لا تعني أن الظاهرة هي نفس ظاهرة التطوع التي دأب عليها التونسيون (و لهذا كان عليه الاستشهاد بمقتطفات من كتاب للهادي التيمومي يشير لتطوع التونسيين خاصة من طلبة جامعة الزيتونة في حرب فلسطين سنة 1948): ” و لم يسلم السيّد الأسود لحركة تطوع السلفيين للعراق من التجني بجعلها ظاهرة منفصلة عن ظاهرة التطوع التي لازمت المجتمع التونسي فيما مضى سواء إلى فلسطين أو الجزائر أو لبنان و ذلك قولا بأنها لا تستهدف في الوقت الحاضر ” تحرير العراق و استعادة دولته الوطنية الشاملة لكلّ طوائفه بل لأجل دولة العراق الاسلامية ” وهو قول يستند في الواقع إلى تقويم عقائدي يسقط جوهر حركة التطوع بما هي دفاع عـــــــــن الأرض المحتلّة ، و ذلك عبر التركيز عن القناعات المذهبية و جعلها المعيار الأول و الأخير ، و الحال أن الظاهرة لها امتدادها التاريخي بما هي ردّ فعل لمجتمع له روابط الانتماء إلى الأمة العربية الإسلامية و في هذا السياق أورد ما كتبه المؤرخ الأستاذ الهادي القيمومي في كتابه ” النشاط الصهيوني بتونس بين 1897 و 1948 ” إذ استقى من أحد تقارير أعوان الحماية قوله : ” مــــــــــن الشبان ( المتطوعين ) الذين أعمارهم بين العــــــشرين و الخمسة و العشرين سنة و بعضهم من العاطلين تماما و بعضهم من يشتغلون بالخدمات اليومية ” و اضاف الكاتب ” و يوجد بين هؤلاء المتطوعين عشرات من طلبة الجامعة الزيتونية ..” و اشار إلى النشاط الفياض الذي بذلته ” جمعية الشباب المسلمين ” لفائدة القــــــــــضية فهذه المنظمة استطاعت أن تكسب بسرعة تأييدا كبيرا في أوساط طلبة الجامعة الزيتونية و أساتذتها و قد أسست بالاشتراك مع بعض هؤلاء الأساتذة مثل الشاذلي بلقاضي و الفاضل بن عاشور تنظيمين هما ” لجنة الدفاع عن فلسطين العربية ” و فرع المؤتمر الإسلامي بتونس لحماية القدس الشريف ..” فالتاريخ و إن يفرد بعض الظواهر بخصوصية ما ، إلاّ أن الظاهرة في أسبابها و تشكلها تبقى هي هي في جوهرها و لا يجدي انتقاء ما هو من أثر الظرف و فعله للقول بتغير طبيعتها“
2
قبل التعليق على هذه النقاط يهمني كباحث اعتاد شيئا من المنهجية و لكوني أحترم أي ناقد لما أكتب وضع هذا الجدل في إطاره حتى نعرف على ماذا عقب السيد العيادي. ففي مقال سابق تمثل في “تعليق حول مجمل المعطيات الاعلامية و السياسية المرافقة لظهور المجموعة الارهابية في تونس” (أنظر تونسنيوز و عدد آخر من المواقع الالكترونية التونسية بتاريخ 9 جانفي 2007) تعرضت بشكل مطول لمجموعة من المعطيات المحيطة بالأحداث الأخيرة و انتهيت الى التأكيد “على الوضعية العامة التي تعرضت اليها في مقال سابق (“حول الانطلاقة المحتملة لأعمال إرهابية في تونس: استمرار التعامل الساذج في أوساط الطبقة السياسية التونسية مع تيار الفتنة الأهلية ” 29 ديسمبر 2006) و هو ما أعيد تعريفه هنا بأنه استمرار لـ”حالة إنكار” (state of denial) و عدم قدرة على تصديق مستجدات الساحة و هي حالة تشمل أطراف السلطة و المعارضة على السواء.” و من جملة الظواهر المتنوعة الدالة على ذلك و التي تعرضت اليها هي ظاهرة “الانغماس المتزايد في السذاجة (أو المناورة؟)” و هو ما أفردت له فقرة خاصة بهذا العنوان. و في هذا الإطار تعرضت الى ثلاثة نماذج تتميز بتعبيرها المكثف (حيث يوجد غيرها) على هذا “الانغماس المتزايد في السذاجة”. و كانت تصريحات السيد عبد الرؤوف العيادي أحدها.
لأجل الدقة أود بداية التذكير بتصريحات السيد العيادي المنشورة في موقع إسلام أون لاين ثم بمضمون تعليقي عليها و الذي أثار حفيظة السيد العيادي (أعيد نشر هذه المقتطفات من مقالي السابق كاملة في نهاية هذا المقال):
“ويرى العيادي أن مصطلح “السلفية الجهادية” هو “مفهوم غربي غير محايد معرفيا والقصد منه تشويه الجهاد وفي نفس الوقت النيل من فكرة الانتماء إلى السلف بربط الكلمتين إلى بعضهما وجعلهما تعنيان الإرهاب، فمن يقول اليوم السلفية الجهادية يقول إرهابا في حين أن الانتماء إلى السلف ليس جريمة بل إن أغلب علماء الأمة من أحمد بن حنبل إلى ابن تيمية وصولا إلى زعماء الإصلاح مثل محمد عبده وعبد العزيز الثعالبي هم أبناء هذا التيار“. تعليقي على هذه التصريحات تمثل في نقطتين:
أولا، و هنا أكتفي بما قد كنت كتبته: “ما يقوله السيد العيادي خاطئ بكل بساطة حيث أن “السلفية الجهادية” ليست مصطلحا غربيا مسقطا كما يشير و يكفي التذكير بالجماعة المغربية المشاركة في أحداث 2002 في الدار البيضاء و التي تسمي نفسها بـ”السلفية الجهادية” (و لا يسميها أحد بذلك بشهادة شيوخها) كما هو معروف لكل الدارسين للظاهرة (هناك الكثير من المقالات و الدراسات في هذا الشأن و لكن يمكن الاكتفاء بالمقالات التفصيلية للسيد منتصر حمادة في هذا الموضوع خاصة في صحيفة القدس العربي)”.
ثم أضفت في نهاية الفقرة معطى آخر يؤكد هذه النقطة و من ثمة الخطأ البين للسيد العيادي: “و يمكن الرجوع في هذا الإطار الى كتابات و أحاديث أحد أهم المنظرين القاعديين و تيار الفتنة الأهلية و هو مؤسس تنظيم “بيعة الإمام” الأردني أبو محمد المقدسي و الذي يتعرض بشكل متواتر و محدد لمصطلح “خط السلفية الجهادية” بما يحمله بالتحديد من معاني “تكفير الحكام” و إسقاط الشرعية عن “حكام الطواغيت” و “الجهاد” ضدهم.
ثانيا، و هنا أشرت الى نقطة أخرى أكثر أهمية و هي كالتالي: “المشكل، إذا، لا يقتصر على خطأ مماثل و لكن يهم تحديدا الرغبة في و الاصرار على تصور تيار الفتنة الأهلية كطرف ليس إرهابي و الخلط بين مدارس مختلفة يعمل القاعديون عمدا الخلط بينها مثل مدارس “السلف الصالح” (بمعناها بالغ العمومية) و “السلفية العلمية” و “الحنبلية” و “الوهابية” و السلفية القاعدية أو الجهادية”. فالسيد العيادي يخلط تحديدا بين مدارس مختلفة من السلفية عندما يرد على هذا “المفهوم الغربي” (أي “السلفية الجهادية”) بالدفاع عن تيار السلفية بشكل عام (“الانتماء للسلف ليس جريمة“) بل يمضي بعيدا في الخلط حيث يضع “زعماء الاصلاح” (و هم فعلا كذلك مثل الشيخين عبده و الثعالبي) بل و أكثر من ذلك “أغلب علماء الأمة” (و هذا ليس دقيقا) ضمن نفس خط و تيار السلفية الجهادية الراهن و هو تيار له أدبياته المعروفة و شيوخه و ليس من الصعب التعرف على خصوصياته (و هو ما سأتعرض له لاحقا). و كما أشرت أعلاه فإنه من اللافت أن شيوخ السلفية الجهادية يمارسون خلطا مشابها للخلط الذي يمارسه السيد العيادي حيث يعتبرون أنفسهم امتدادا لـ”أغلب علماء الأمة” و أنهم يعبرون عن التيار السلفي “الحقيقي”.
أود هنا إضافة ملاحظة جانبية خاصة بما أشار اليه السيد العيادي حول انتماء “أغلب علماء الأمة” للرؤية الفقهية التي تجمع الامامين بن حنبل و بن تيمية. فإذا كان المقصود من الربط بين الامامين بن حنبل و بن تيمية (الأول في القرن التاسع ميلادي و الثاني من القرن الثالث عشر ميلادي) الإشارة الى أحد المدارس الكلاسيكية الفقهية أي “الحنبلية” فإنه من البديهي بالنسبة للعارفين بتاريخ الفقه الاسلامي أن الرؤى الفقهية التي يشترك فيها الامامين (المعروفة بالمدرسة”الحنبلية”) تمثل أحد الخطوط الاجتهادية الأربع لا غير في الفقه الاسلامي السني و لا يمكن أن تمثل “أغلب علماء الأمة“.
3
سيكون من المتوقع (فقط بالنسبة لأولائك الذين لا يعرفون السيد العيادي) أن يرد في تعقيبه قبل أي شيئ على تعليقي عما صرح به في اسلام أون لاين. غير أن لا شيئ من ذلك، للأسف، قد حصل. حيث لم يرد على أي شيئ قلته حول مسألة أن السلفية الجهادية ليست “مفهوما غربيا” أو على أنه خلط بين مدارس السلفية بشكل عام و أدبيات و شيوخ القاعديين و السلفية الجهادية بشكل خاص. و علي أن أقول أنني لم أكن أتوقع أن أقرأ شيئا يفاجئني في علاقة بالسيد العيادي بما في ذلك ردا جديا عما كتبته. فالرجل مناضل حقوقي ليس في ذلك شك و هو أمر يستحق الاحترام. و لكنه يتصف، و هذا مجرد تقييم لا يعكس أي توصيف عدائي أو شخصي، على مستوى تحليله بسذاجة ملفتة لا يمكن لي أن أمر عليها مرور الكرام (و هو “الشخصية السياسية” التي يؤخذ بتصريحاتها) و خصوصا متى كنت باحثا. كان من المعقول لأغراض “التمحيص” و “التدقيق” و “الموقف العلمي” أن أبحث عن أي شيئ في التعقيب المعروض أعلاه من قبل السيد العيادي يمكن أن يشير الى أنه عقب عما علقت به على تصريحاته في اسلام أون لاين. غير أن السيد العيادي لم يكلف نفسه عناء التعقيب على تعليقي على تصريحاته بل كان يرغب في أن يعقب على مسائل أخرى وردت في مواضع أخرى في مقالي و هي مسائل مختلقة عندما نرى كيف أعاد السيد العيادي صياغتها. و ليس ذلك مجرد صدفة. فالسيد العيادي من النوع الذي يكرر نفسه و لا يستطيع أن يراجع ما قاله على ضوء أي معطيات لم يكن يعرفها. حيث سيمضي دائما في التكرار و الاجترار. في نفس الوقت لا بأس في الأثناء من الاستشهاد من هذا المؤلف أو ذاك للتعقيب في حين كان الأجدر بالسيد العيادي أن يعيد هو نفسه قراءة تلك الفقرات التي نسخها في تعقيبه و أن يحاول أن يرينا كيف يرد بذلك على النقاط التي تعرضت اليها. و للمفارقة تشير تلك الاستشهادات تحديدا الى قصوره المعرفي (و حقيقة لم يعد هناك داعي لإخفاء هذه الخاصية المميزة للسيد العيادي عنه) في علاقة بظاهرة مميزة للمرحلة التاريخية التي نعيشها مثلما هي السلفية الجهادية. قصور رغم كل التوقعات يبقى مفاجئا، على أن أقول، بالنسبة لمحامي يتخصص في قضايا سياسية و خاصة في قضايا “السلفيين” و الأكثر من ذلك بالنسبة لشخص يقدم نفسه كـ”نائب رئيس حزب”.
أمر هنا للتعليق على النقاط التي أثارها السيد العيادي تباعا حسب الترتيب أعلاه.
1- بداية لم أعمم وصف “تيار الفتنة الأهلية” على مجمل “الظاهرة السلفية في تونس” فهذه مسألة مختلقة من قبل السيد العيادي حيث خصصت وصف تيار الفتنة الأهلية بالسلفية الجهادية. و في الحقيقة تندرج هذه المسألة المختلقة في إطار الخلط الذي في ذهن السيد العيادي بين “السلفية” عموما و “السلفية الجهادية” خصوصا. فبالنسبة اليه أي توصيف للسلفية الجهادية ينطبق على السلفية حتى لو كنت أكدت أكثر من مرة على أن هناك فرقا بين الظاهرتين. و كان على السيد العيادي إذا كان حقا جادا في كتابة تعقيبه أن يطلع على ما كتبت بدقة و أمانة أكبر. و أتمنى حقا أن لا يحضر السيد العيادي تعقيباته و مداخلاته في المرافعات التي يقوم بها بنفس الأسلوب الذي قام به في تعقيبه هذا على مقالي. و أورد هنا فقرات من نصوص كتبتها في علاقة تحديدا بالنقاشات الدائرة حول الساحة التونسية (و ليس مكان آخر خارجها) أين أقر و أؤكد على التمييز بين الظاهرتين.
في مقالي الأخير “تعليق حول مجمل المعطيات…” أشرت الى ما يلي:
“و هنا يجب التذكير بمجموعة من النقاط المتوقع أنها معروفة لكل الأطراف. بداية الغالبية العظمى من التونسين المتطوعين (و الذين يمثلون خمس في المائة من “المقاتلين الأجانب” في العراق) و حسب بيانات الذين قتلوا أثناء عمليات حربية هم ينتمون تحديدا لتنظيم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” أو كما كان يسمى قبل بيعة الزرقاوي لابن لادن أي “جماعة التوحيد و الجهاد”. إن ذلك ليس مجرد صدفة حيث أن قرار الذهاب للعراق يأتي في معظمه في إطار شبكات التنظيمات القاعدية و خاصة في الأوساط التي تتبنى الفكر السلفي. و هنا ليس كل من يتبنى الرؤى السلفية يتبنى ضرورة السلفية الجهادية (أو مسك السلاح كجزء أساسي لممارسة “الدعوة”) و لكن كل السلفيين الجهاديين هم قبل كل شيئ سلفيون”
و في مقالي السابق “حول الانطلاقة المحتملة…” أشرت الى ما يلي:
” و قد أدى استمرار التعامل الأمني الاستئصالي في المساهمة بجدية في إقحام عناصر جديدة كانت في هامش تيارات السلفية قبل اعتقالها ضمن مسار السلفية الجهادية من خلال الممارسات المتهورة و التعذيب و الاهانة الشخصية للمعتقلين و عائلاتهم.”
و في الأثناء و في تعليق كتبته أثناء حوار في منتدى نواة (بتاريخ 1 جانفي 2007 و أعيد نشر الحوار في موقع تونسنيوز 2 جانفي 2007) مع السيد محمد الحمروني (المتحدث باسم “جمعية أهل البيت الثقافية” الشيعية التونسية) خصصت ليس على السلفية بشكل عام بل على الوهابية تحديدا حيث أكدت على التمييز بينها و بين السلفية الجهادية:
“ من جهة أخرى ليست “الوهابية” ضرورة طرفا طائفيا يمكن وصفه بدون تردد بـ”المروق” حيث توجد ضمنه تيارات مختلفة و ليست السلفية الجهادية إلا تيارا من تياراته المتناقضة في كثير من الأحيان إلا إذا كان هذا التقييم بتأثر تجربة الصراع السعودي الايراني و التي نتج عنها لغة صراع خاصة أجدها كما هي في الخطاب الذي تتبنونه. و في الحقيقة لا يمكن التعامل مع الوهابية بشكل دوغمائي يدفع منتسبيها أكثر نحو التطرف من خلال وضعهم بشكل فوقي في صندوق واحد نسميه “المروق”. حيث لن يساعد ذلك على تغذية الآراء المعتدلة على قلتها فيها كما لا يقوم إلا بخلق نهج متطرف على الضفة الشيعية“
و هكذا الاشكال الذي يتوجب على السيد العيادي أن يطرحه بوضوح هو التالي: هلى أن تيار السلفية الجهادية في تونس هو تيار فتنة أهلية أم لا؟ غير أنه مهتم، كما يجب أن نتوقع، بتهويمات عامة تتجاوز خصوصية التيار السلفي الجهادي للتأكيد على الطابع “الاصلاحي” للسلفية عموما و (ضمنيا) في تونس بناء على معطيات من “الخارج” و من “العام” (بن حنبل، بن تيمية، عبده… الخ). من جهتي فقد أجبت بالإيجاب على هذا السؤال و ذلك بناء على معطيات محددة (تبين بالمناسبة أن لا فرق بين “الخاص” و “العام” و “الداخل” و الخارج” عند طرح هذه الاشكالية الفقهية و السياسية ذات الاستتباعات العملية) سأتعرض اليها بالتفصيل في النقطة الثالثة أسلفه (و لو أن تلك ستكون معطيات سبق أن عرضتها و لم يهتم بها السيد العيادي فهي ليست مفيدة بالنسبة له و هو الذي يقرأ فقط ما لا يقدم له إضافة).
إذا اعتراض السيد العيادي كما عرضه بنفسه لا يحتاج حتى للرد بفعل أنه خارج الموضوع من حيث أنه يعترض على مسألة وهمية. و لكن حتى يمكن أن يكون اعتراض السيد العيادي على طريقة صياغة موقفي مبررا علينا أن نعيد صياغة ما قاله و أن نفترض: أولا، أنه يعتبر أنني كنت متسرعا و لم أعتمد على معطيات “داخلية” و لا “خاصة” في وصفي للمجموعة التي كانت وراء الأحداث الأخيرة بأنها تتبع السلفية الجهادية. ثانيا، علينا (لكي يكون اعتراض السيد العيادي على منهجي في تحليل الأحداث الأخيرة مفهوما) أن نفترض أنه يعتبر من التسرع أن أصف التابعين للسلفية الجهادية بأنهم يصنعون الفتنة الأهلية. و رغم أن هذه لم تكن اعتراضات السيد العيادي حسب نص ما كتب فإنني سأجيب عليها فقط رغبة مني في التفاعل الجدي معه.
للإجابة على النقطة الأولى (التسرع في وصف عناصر المجموعة بأنهم ينتمون لللسلفية الجهادية) ينبغي أن أذكر أن المقال الذي كتبته يوم 9 جانفي (“تعليق حول مجمل المعطيات….”) و الذي بنيت فيه تحليلي على أساس انتماء عناصر المجموعة لتيار السلفية الجهادية كان بناء على تقارير اخبارية محددة نُشرت خاصة منذ 6 جانفي. و قد حرصت في مقدمة المقال على تحديد التقارير الصحفية التي تتسم بشكل خاص على حد أدنى من المصداقية الإخبارية و كنت علقت بشكل مفصل على أهمية التحقيق الميداني و تميز عدد محدود جدا فحسب بهذه الميزة. و هكذا لم أختلق أي علاقة بين هؤلاء العناصر بالسلفية الجهادية بل أكثر من ذلك كتبت مقدمة كاملة لتمييز التقارير الاخبارية عن غيرها التي تروج الاشاعة. و طبعا التقارير الصحفية التي بنيت عليها تحليلي تتصل تحديدا بمعطيات من “الداخل” و من “الخاص”. الآن آتي للمقال الأول الذي كتبته في شأن الأحداث الأخيرة و ذلك يوم 29 ديسمبر 2006 (“حول الانطلاقة المحتملة…”) فقد أشرت في بدايته الى أنه: “و بغض النظر عن صحة الأخبار المتداولة أخيرا من حيث نسبها لتيار السلفية الجهادية— هذه الأخبار التي يجب التعامل معها بحذر كبير من خلال رفض التعتيم المحلي المعتاد و الذي يمس السلامة الأهلية في هذه الحالة و لكن أيضا من خلال تجنب التضخيم و التوقف عن التعامل مع هذه الأحداث كمجرد مناسبة للمناورة ضد النظام القائم—قلت بغض النظر عن صحة و دقة نسبها للسلفية الجهادية فإن هذه الأعمال ستحدث لامحالة لوجود ما يكفي من العوامل و المؤشرات و المعطيات لحدوثها”. أما العوامل و المؤشرات التي أتحدث عنها فهي أيضا متعلقة بـ”الخاص” و بـ”الداخل” و ليست مجرد تهويمات عمومية. و التقويم الذي قدمته مبني على رصد مستمر للساحة منذ فترة طويلة و ليس من المستغرب بل من المفترض أن يقدم أي باحث توقعات معينة بشرط تقديم حد أدنى من المعطيات التي تبرر مثل تلك التوقعات . و قد أثبتت توقعاتي في هذه الحالة صحتها و لم يكن ذلك ناتجا عن الصدفة كما أنني لا أعتقد أنني كنت وحيدا في هذا الإطار. و المعطيات التي دفعتني للتوقع (في مقال 29 ديسمبر) لم تكن مستقاة إلا من معطيات سابقة كنت أشرت اليها في مقال كتبته أشهر قبل الأحداث الأخيرة (نشر في أقلام أون لاين عدد 19) و كلها تشير الى أنه في حالة وجود مجموعة مسلحة في تونس فإنه من المتوقع أن تكون تابعة للتيار السلفي الجهادي. و تنحصر هذه المعطيات باختصار فيما يلي: أولا، أنه ببساطة كان هناك قبل الأحداث الأخيرة تونسيين ذي خلفيات سلفية جهادية متمركزين في تونس و قد برزوا إعلاميا من خلال انضمامهم لتنظيمات سلفية جهادية تتبع تحديدا القاعدة. كان هناك مؤشرين على ذلك: القبض على أكثر من مجموعة من الشبان التونسيين منذ سنة 2005 (على الأقل) بصدد الالتحاق بالجماعة السلفية للدعوة و القتال و ذلك على التراب الجزائري (و لا يتعلق الأمر هنا بمجرد أشخاص لايزالون في تونس و تم اعتقالهم على أساس نية الالتحاق بالتنظيم الجزائري كما يحدث الآن في بعض المحاكمات في تونس). المؤشر الثاني هو أن معظم الذين تطوعوا في العراق و لقوا حتفهم من التونسيين كانوا من “تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” دون أي من التنظيمات المسلحة الأخرى و ذلك حسب البيانات التي ينشرها التنظيم بين الفينة و الأخرى حول “الشهداء المهاجرين” (أي المسلمين غير العراقيين). ثانيا، أن كان هناك في السنوات الأخيرة مؤشرات على نية القاعدة في توسيع عملياتها على مدى الأقطار المغاربية و تحديدا من خلال تأسيس ما سمي آنذاك بـ”تنظيم القاعدة في بلاد المغرب”. و كانت هذه المؤشرات تقتصر في البداية على تقارير صحفية مبنية على الأرجح على تقارير أمنية سربت للصحف الجزائرية و المغربية (على إثر الكشف على سلسلة من الخلايا المغربية منذ 2005 ذات العلاقة بتنظيم الجماعة السلفية للدعوة و القتال) و لكن خيمت بعض الشكوك على هذه التقارير على خلفية احتمال وجود مرامي سياسوية لدى الحكومتين المغربية و الجزائرية وراء تسريبها. غير أن صحة هذه المؤشرات أصبحت مؤكدة تحديدا في سبتمبر 2006 و ذلك عبر تصريحين متلاحقين: الأول كلمة الظواهري بمناسبة أحداث 11 سبتمبر حيث أعلن فيها انضمام الجماعة السلفية للدعوة و القتال و الثانية تصريح أبو مصعب عبد الودود (أمير الجماعة) بعد ذلك ببضعة أيام يؤكد فيها البيعة و الأهم من ذلك يشير الى أن الجماعة أصبحت مكلفة من قبل تنظيم القاعدة بالعمليات على كامل التراب المغاربي. و تم التأكيد على كل ذلك مرة أخرى مؤخرا (في 26 جانفي الجاري) عندما نشرت الجماعة بيانا تعلن فيه تغيير اسمها من الجماعة السلفية للدعوة و القتال الى “تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي”.
و هكذا ليس من الضروري أن نكون علماء فضاء حتى نتوقع ما حدث و لا يجب أن نتفاجئ: فإن وجود عناصر تونسية تخرج في السنين الأخيرة من تونس لتنضم للتنظيم الجزائري (السلفي الجهادي) المكلف بقيادة عمليات مسلحة على مستوى كافة الأقطار المغاربية (بما في ذلك تونس) يجعل أي متتبع جدي أن يتوقع ظهور مجموعة مسلحة في علاقة بالسلفية الجهادية في تونس تستهدف تحديدا تنفيذ استراتيجية القاعدة في الفتنة الأهلية. طبعا لم تخرج تلك المجموعات من فراغ بل كانت سلفية قبل التحول للسلفية الجهادية. و التيار الأخير حسب أي متتبع للساحة في السنوات الأخيرة و كل من يختلط مع الأوساط الشبابية المتدينة هو تيار واسع و لو اقتصر على الكلام حتى 23 ديسمبر 2006. و هو الأمر الذي أكدت عليه في مقالي يوم 9 جانفي (“تعليق حول مجمل المعطيات…”) و تم التأكيد عليه في مقال نشر بتونسنيوز (11 جانفي) من قبل “عدنان العيدودي” (أكد و أضاف على معطيات سابقة حول طبيعة التيار السلفي في تونس نشرت في مقالات للسيد علي بن سعيد).
آتي الآن للنقطة الثانية: هل من التسرع و مجرد معطيات “عامة” و “خارجية” أن نقول أن تنظيم القاعدة يستهدف عربيا الفتنة الأهلية؟ طبعا هنا على السيد العيادي أن يقرأ بشيئ من الجدية و يتوقف عن قراءة محاضر الأمن التونسي لكي يتعرف على استراتيجية القاعدة. حيث ليس عليه سوى قراءة كتابات شيوخها المعروفين مثل الظواهري و المقدسي. و يجب أن أضيف هنا شيخا جديدا علينا الاهتمام بها منذ أصبحت الجماعة السلفية للدعوة و القتال تنظيما قاعديا يستهدف الأقطار المغاربية و هو “المسؤول الشرعي” للجماعة أبو البراء أحمد. و هنا فقد كتبت كثيرا عن استراتيجية القاعدة حول أولية “حاكمية الشريعة” على المستوى البرامجي و ما يتبع ذلك من ضرورة ملحة حسب وجهة نظر التنظيم في إقامة “إمارات إسلامية” بقوة السلاح عوض ما تراه من “حكومات كفرية” و هو الأمر الذي لا يجب أن ينتظر نهاية الاحتلال الأمريكي في العراق: فاستراتيجية القاعدة لا ترى أي فرق بين “الحكومات الموالية للكفر” و “الكفر الأمريكي” على سبيل المثال. و هذا تحديدا ما يميز تنظيم الجماعة السلفية للدعوة و القتال حيث أنه تنظيم يستهدف في الآن ذاته محاربة النظام الجزائري و إسقاطه ككل (و ليس فقط حكومة الرئيس بوتفليقة) بوصفه “نظاما يحكم بما لم ينزل الله” كما يحاجج المسؤول الشرعي للجماعة أبو البراء أحمد (و الذي تتوفر له تسجيلات في هذا الشأن و خاصة رفض التخلي عن حمل السلاح ضد النظام الجزائري عبر مواقع تحميل الفيديو الأساسية في شبكة الانترنت). في نفس الوقت الذي يرسل فيه ببضع مقاتلين لدعم “تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين” ذي المشروع الطائفي (الأمر الذي يتشكك فيه السيد العيادي و الذي سأتعرض له أسفله في النقطة (7)). إن عمليات القاعدة كما هو معروف الآن لا تستهدف العناصر الأمنية فحسب بل أيضا مواقع مدنية بتبرير فقه التترس المعروف و الذي يبرر استهداف المدنيين. و علينا أن نتذكر هنا أن ايديولوجيا السلفية الجهادية و من ثمة القاعدة تقسم المجتمع الى طوائف بالفعل و لا ترى إلا في التطبيق المحدد للوهابية السلفية الجهادية التطبيق الحقيقي للإسلام و لهذا فمصير هذه الرؤية هي بشكل آلي استهداف معظم المجتمع كما حصل بسرعة مذهلة في الجزائر خلال أواسط التسعينات عندما كفر جمال الزيتوني ثم الزوابري (أمراء الجماعة الاسلامية المسلحة) كافة المجتمع الجزائري ممن لا يوالون الجماعة. كل هذه معطيات و مؤشرات مترابطة لا يمكن الفصل بينها لأن الظاهرة السلفية الجهادية هي كذلك، فهي ظاهرة عابرة للحدود يداخل فيها “الداخل” مع “الخارج” من حيث كونها جزائرية، و عراقية، و افغانية، و تونسية… الخ، كما أنها ظاهر يرتبط فيها “العام” النظري و الفقهي و العقائدي بـ”الخاص” العملي و الممارسة و التنفيذ. إن الرؤية السلفية الجهادية العقائدية هي من تحتم تقييم ممارساتها لأن ممارساتها ليست إلا تنفيذا لصياغاتها العقائدية. لا نحكم حكما عقائديا على طرف لا تنفصل عقائده عن ممارساته الإقصائية التكفيرية.
و هنا علي أن أسأل السيد العيادي: كيف يمكن وصف من يحمل السلاح بنية القتل ضد العناصر الأمنية وفق رؤية السلفية الجهادية التكفيرية؟ هل يبرر اختلافك مع السلطة سياسيا أن تتجاهل أن عمليات من هذا النوع تعني تحديدا الفتنة الأهلية في نهاية الأمر؟ أليس من السذاجة الملفتة أن تقتصر على تحليل هذه الظاهرة من خلال بعض المحاضر الأمنية التي لا تؤكد شيئا بقدر ما تؤكد فشل أسلوب الأجهزة الأمنية (كما يجب أن تتوقع) في كشف الشبكات التونسية للسلفية الجهادية بما في ذلك المجموعة المسلحة المعنية بالأحداث الأخيرة؟
2- أعتقد أن وصف المجموعة المسلحة المعنية بالأحداث الأخيرة بأنها إرهابية توصيف دقيق. يعترض السيد العيادي بأن ذلك يتجاهل أن تعريف مصطلح الارهاب “ليس محل إجماع”. لكن هل يجب أن يوجد هناك إجماع على تعريف ظاهرة محددة لكي يعبر أي كان عن تبنيه لتعريف محدد لها يراه مناسبا للحقيقة؟ هل كان يجب أن ننتظر حتى يتفق كل سكان العالم، مثلا، على أن الأرض كروية حتى يمكن تبني ذلك المصطلح. إن الإشكال هو في مبررات أي تعريف لمصطلح محدد و ليس في تبني ذلك المصطلح بالذات. و لهذا كان على السيد العيادي أن يقدم ماهية تعريفه أو لماذا لا يتبنى أي تعريف للارهاب. و هنا تمظهر آخر لضحالة تحليل و كتابة السيد العيادي الذي يكتفي بإشارات عامة لا تعبر عن العمق المطلوب لمن هو في موقعه. أمر الآن لتعريفي للإرهاب و الذي يجعلني في النهاية أصف به المجموعة المسلحة المعنية بالأحداث الأخيرة.
هناك، حسب رأيي، مستويين ضروريين لكي يمكن وصف أي ظاهرة بأنها إرهابية: الأول سياسي متعلق بأهداف و المعاني الاستراتيجية لتلك الظاهرة، و الثاني إجرائي يتعلق بطبيعة أسلوب تحقيق تلك الظاهرة. و المستوى الأول يحظى ببعض الأولوية أحيانا على حساب المستوى الثاني و لكن في ضوابط و حدود سياسية معينة. كم أن هناك إرتباطا ضروريا بين المستويين. و يمكن تقديم تعريف عام لا أعتقد أنني أبتدعه: فالممارسة الارهابية هي التي تحمل مشروعا للفرض بالقوة و بممارسة القتل بهدف إقصاء شعب كامل بمبرر وجود سلطة أخرى تلغيه خارجه و هنا يصبح هذا الشعب بجميع مدنييه تحت رحمة هذا المشروع من خلال إجراء القتل العمد.
لكي أنتقل من “العام” الى “الخاص” يتعلق المستوى الأول بطبيعة الأهداف السياسية و الاستراتيجية المعلنة (و ليس مجرد نوايا عقائدية ذاتية) لأي مجموعة مرتبطة بتيار السلفية الجهادية. و هنا فإن كون هذا التيار يعلن بدون مواربة أنه يستهدف إقامة “دولة إسلامية” مقابلة لكل المظاهر “الكفرية” الأخرى و التي تشمل حسب الأدبيات المعلنة و المعروفة للسلفية الجهادية أي سلطات ذات طابع ديمقراطي أو تستمد شرعيتها من “غير ما أنزل الله” (أي مصادر شعبية للحكم) فإننا بصدد استراتيجية تعمم إرهاب المجتمع على قاعدة تأويل فئوي و طائفي لطبيعة “الحكم الاسلامي”. و بهذا المعنى يقع إلغاء شعب كامل للاعتقاد في أنه غير مؤهل لأي تعبير سياسي مباشر. و هنا نأتي للمستوى الثاني أي الإجرائي: حيث أن “ربانية” الأهداف بالنسبة لتيار السلفية الجهادية يتيح قتل المدنيين، فهذه الرؤية الإقصائية تشرع ممارسة العنف بدون مواربة و بشكل أقصى من خلال فقه التترس و الذي يبيح تقريبا قتل كل شيئ تقريبا بما في ذلك قتل”العامة من المسلمين” إذا كان ذلك “في حكم الضرورة المكروهة”. و قد تم تقديم هذا التبرير (بصيغ مختلفة) في كل الميادين التي يسقط فيه مدنيون بشكل عام (من كل الأديان بما في ذلك المسلمون) جراء عمليات القاعدة سواء في الجزائر و العراق أو لندن و نيويورك. كما أن عمليا السلفية الجهادية تستهدف بشكل مركز مواقع مدنية بغض النظر عن وجود المدنيين فيها من عدمه (المنشآت السياحية و الاقتصادية عامة). الى جانب كل ذلك فإن قتل عناصر الأجهزة الأمنية في بلد لا يخضع للإحتلال العسكري هو عمل إرهابي لأن تكفير رجال الأمن و الجيش في أقطارنا الاسلامية و إباحة دمائهم بشكل شامل على أساس تكفير الحاكم يدخل في نطاق العمل الإرهابي لأن هؤلاء هم بمقام المدنيين ماداموا لا يمثلون إرادة خارجية لا تنبع من ظروف الداخل. حيث يمكن آنذاك (أي في ظرف الاحتلال العسكري) ممارسة المقاومة العسكرية للتحرير بما أن الطرف الأجنبي المحتل مارس القوة العسكرية لفرض نظام لا يعترف لا قانونيا و لا فعليا بأي شكل من الأشكال بوجود شعب كامل على تلك الأرض. و أرجو من السيد العيادي أن يوضح موقفه في علاقة بكل هذه المعطيات: هل يعتقد أن وضع القوى الأمنية و العسكرية في وضع الاحتلال العسكري مماثل لوضع القوى الأمنية و العسكرية الممثلة لأطراف داخلية مهما كانت ممارساتها دكتاتورية؟ أما إذا كان هذا الأمر غامض بالنسبة للسيد العيادي فعليه أن يبادر الى تفسير ذلك خاصة أنه يدعو لاستراتيجية “المقاومة السلمية” على مستوى الداخل التونسي.
و تعريف الارهاب الذي أستعمله ليس مفصلا على مقاس السلفية الجهادية فهو ينطبق على حالات تبدو متباينة.حيث أن المستووين الذين ذكرتهما يجعلاني أصف بصفة الإرهاب ليس فقط السلفية الجهادية بل إرهاب جيوش الاحتلال كما هو الحال في العراق و هي الجيوش التي تقيم أنظمة عسكرية عنصرية بما هي تلغي شعبا كاملا و لهذا تحديدا هناك تبرير يصل لتشريعات في القانون الدولي لاستعمال السلاح ضد الاحتلال الأجنبي. و هنا بالمناسبة رغم أن هناك إجماع دولي على مستوى المواثيق الأممية فإن مبدأ مقاومة الاحتلال شرعي من الناحية السياسية قبل إقرار هذه المبادئ في القوانين الدولية. و المستوى السياسي الأول في هذه الحالة (أي إلغاء وجود شعب كامل) يتناسب مع المستوى الإجرائي و الذي كان و لا يزال يبيح حصد الأرواح المدنية بفعل أنه يحتقر وجودها أصلا. و في حالات المقاومة في المقابل توجد حالات خاصة يصبح فيها استهداف الأجنبي المحتل المدني مشروعا (حسب خيارات و ظروف الأطراف المقاومة) متى كان وجوده على أساس إستيطاني يؤكد إلغاء الشعب الأصلي صاحب الأرض. و هي الحالات التي كان يمكن ملاحظتها في الجزائر إبان الاحتلال الاستيطاني الفرنسي و منذ سنة 1948 في فلسطين.
و هكذا يمكن تقديم تعريف للإرهاب، و يمكن وصف المجموعات المرتبطة بالسلفية الجهادية به (بما في ذلك المجموعة المسلحة في تونس) من دون أن يعني ذلك “الخلط بين المقاومة و الإرهاب”.
3- في علاقة بمسألة نعت تيار السلفية الجهادية بأنه تيار الفتنة الأهلية كنت قد تعرضت لذلك في معرض تعليقي على النقطة (1). يبقى الآن أن أتساءل على أساس ما كتبه السيد العيادي و الذي يبدو أنه يعترض على وصف تيار السلفية الجهادية بأنه تيار الفتنة الأهلية: في حالة الافتراض بأن السلطة في تونس تتحمل كل المسؤولية فيما يجري (و هو موقف سياسوي و غير دقيق) فهل ينفي ذلك على تيار السلفية الجهادية أنه تيار للفتنة الأهلية؟ أرجو منه توضيح ذلك بعيدا عن العموميات و المناورة السياسية. لكن في نهاية الأمر هل يمكن المماثلة بين مشروع السلفية الجهادية في تونس و مشروع السلطة حتى يمكن اختزال الأخيرة في أنها أيضا، حسب ما يلمح السيد العيادي، تيار فتنة أهلية لا تختلف عن الأولى سوى بكونها صادرة عن من هو في موقع السلطة (“الفتنة البوليسية”)؟
لقد تعرضت بوضوح و بشكل بارز لمسؤولية السلطة عما يجري و على بروز تيار السلفية الجهادية في البلاد. و لكنني أعتقد أنه يجب الالتزام بشيئ من الجدية و عدم الخلط بين مواجهة الممارسات الاستبدادية و تفسير ظاهرة السلفية الجهادية: فقد حاججت بأن مسؤولية السلطة هي جزئية و أن غياب الديمقراطية ليس المعادل الميكانيكي لظهور السلفية الجهادية كما هو واضح في أقطار عربية مضت جديا في إصلاحات سياسية (المغرب و الجزائر و الأردن). حيث توجد أسباب أخرى سياسية خارجية و أخرى لاسياسية مسؤولة عن ظهور هذا التيار (تعرضت لها بالتفصيل خاصة في مقالي “تعليق حول مجمل….” تحديدا في العنصر الأخير: “ملاحظات أخيرة”). بل أكدت على أن تيار السلفية الجهادية تستفزه الممارسات الديمقراطية و هو يستهدف النظام الديمقراطي بالأساس و يعتبر مجرد النص الدستوري في أغلب الأقطار العربية على “حق التعبير” و “الانتخاب الحر” و أصلا وجود مجالس تشريعية (حتى و لو صورية) جميعها قرائن رئيسية لتكفير الأنظمة القائمة. إن ممارسات السلطة و إن كانت ساهمت و تساهم في ظهور السلفية الجهادية من خلال الامعان في الانغلاق السياسي و المعالجة الأمنية المتعسفة في أحيان كثيرة فإن ذلك لا يعني أن السلطة تستهدف على مستوى برنامجها السياسي الدخول في حرب أهلية في البلاد مثلما هو الحال مع السلفية الجهادية و التي تدعو لـ”الجهاد ضد الطاغوت” و تشريع ممارسة العنف المنفلت من عقاله. و بمعنى آخر هناك اتفاق بين مجمل الأطراف السياسية في تونس بما في ذلك السلطة حول اللغة و المبادئ التشريعية بشكل عام (نظام دستوري قائم على الفصل بين السلطات) بالرغم من التباين على مستوى الممارسة فإن تيار السلفية الجهادية ينعزل عن هذا التوافق و يدعو لرفض كامل لذلك بل و تكفير كل الداعين لإقامة نظام دستوري مماثل. و لا يتوقف هذا الموقف على مستوى التعبير العقائدي حيث يقع ترجمة ذلك عبر الممارسة العنيفة. بل أنه جزء عقيدي أساسي ممارسة هذا الرفض و ذلك تحت مفهوم مشوه عنوانه “إقامة فريضة الجهاد ضد الطاغوت” أي بمعنى آخر العمل على إشعال الحرب الأهلية.
4- يعتقد السيد العيادي من دون أن يقدم أي قرائن على أنني أخلط بين: أولا، الجهاد و الإرهاب. ثانيا، بين السلفية و الارهاب. هذه أيضا مسألة مختلقة من قبل السيد العيادي تعتمد الخلط بين مفاهيم عقائدية و شعارات تيارات سياسية و ما ينجر عن ذلك من تعميم و عدم الدقة و ربما حتى بعض الجهل.
السؤال الأساسي هنا هو التالي: هلى أن نعت تيار السلفية الجهادية بالإرهاب يعني أن السلفية أو (و) الجهاد ممارسات إرهابية؟ إن ذلك يكون ممكنا في حالة واحدة: أن ما أعنيه من تيار السلفية الجهادية يعبر عن تيار السلفية بشكل عام و هذا غير صحيح (و هي المسألة التي تعرضت لها في النقطة (1)). كما أن ذلك يعني أن تيار السلفية الجهادية يمارس حقا الجهاد في حين أنني أفرق بين المقاومة و هي أيضا جهاد و بين الارهاب (و هي المسألة التي تعرضت لها في النقطة (2)). غير أن المشكل هنا في ماهية هذه المفاهيم و علاقتها بطروحات السلفية الجهادية حسب فهم السيد العيادي. حيث يبدو أن رفض الأخير لنعت السلفية الجهادية بالإرهاب و من ثمة اعتقاده أن نعت هذا التيار بتلك الصفة تعني نعت السلفية ذاتها و الجهاد ذاته بالارهاب إنما يعكس اعتقاده أن تيار السلفية الجهادية هو “التيار السلفي” و هو المعبر عن “السلفية” بشكل عام. كما أنه يعكس أنه يعتبر ممارسات هذا التيار هي فعلا “جهادية”.
5- أعتقد أن السيد العيادي هو الذي يحتاج أكثر مني لمزيد التعرف على التيار السلفي بشكل عام و السلفية الجهادية بشكل خاص. و في الحقيقة أرجو أنه لا يقتصر في ذلك على مؤلف “تيارت الفكر الإسلامي” للمصري محمد عمارة. و لا يرجع ذلك لأن كتابات الأخير لا تحتاج الاهتمام. على العكس حيث أعتقد أن قراءاته متوازنة عموما و فيها الكثير من الجدية و البحث مقارنة بكتاب آخرين. و لكن الكتاب الذي أشار اليه السيد العيادي ترجع طبعته الأولى لأكثر من ثلاثين سنة و هو تحديدا ما يمكن أن نصفه بتقييم يركز على “العام” عوض “الخاص”. حيث شهدت السلفية المعاصرة تحولات كبيرة في الثلاثين سنة الأخيرة و شقتها صراعات قوية و بالتأكيد فإن السيد العيادي يحتاج الى مراجع محينة (up to date). و في الحقيقة تعكس هذه الرؤى الضبابية و المغرقة في العمومية لدى السيد العيادي في علاقة بفهم التيارات المعاصرة في الفكر الاسلامي بنفس الطريقة التي ينظر بها و غيره الكثيرون من النخبة السياسية التونسية التقليدية للوضع الفكري في تونس و هي النخبة التي تعتقد أنها فاهمة لكل ما يحدث و أن لا شيئ يستدعي المراجعة و مزيد التعمق خاصة في ظواهر مثل “الصحوة الدينية” الراهنة.
و في هذا الإطار علي هنا أن أسوق بعض الملاحظات شديدة الاختصار فيما يخص العلاقة بين السلفية عموما و السلفية الجهادية بشكل خاص على مستوى الساحة التونسية. حيث، و كما أشرت الي ذلك أعلاه، فإنه رغم أن ليس كل سلفي هو بالضرورة سلفي جهادي فإن السلفيين الجهاديين هم تحديدا سلفيون. و هنا علي أن أحدد بشكل خاص أني أقصد من مصطلح “السلفي” على الساحة التونسية معنى “السلف الصالح” شديد العمومية (حيث يعتبر الصوفية أنفسهم سلفيون بل أن الشيعة يعتبرون نفسهم كذلك أيضا) بل أقصد أساسا تيار “السلفية” حسب التأويل الوهابي ليس فقط حسب كتابات الشيخ محمد بن عبد الوهاب أوائل القرن التاسع عشر بل أيضا ما تراكم عليها من كتابات و رؤى تستمر حتى الفترة الراهنة في أوساط كثيرة من الأوساط الفقهية المتركزة في أقطار الخليج و خاصة في السعودية (فقط للملاحظة من المعروف للمتتبعين للشأن الفقهي و السياسي الخليجي و السعودي أنها لا تقتصر كما هو شائع على الأوساط الوهابية بل هناك أوساط أخرى تتميز برؤى متمايزة مثل “السرورية” و “القطبية” و “الاخوان”…). و “السلفية” التي نتحدث عنها في تونس تعني تحديدا هذا التيار ذي التأثر بشكل أو بآخر بالرؤى الوهابية. و كما هو معروف أيضا فضمن السلفية الوهابية هناك تيارات مختلفة تمايزت أكثر خاصة في ظل انطلاق عمليات “قاعدة الجهاد في الجزيرة العربية” من أهمها تيار “السلفية العلمية” (الذي يرفض تكفير الحاكم في السعودية) و “السلفية الجهادية” (التي تكفر كل الحكام العرب و مثل تكفير العائلة المالكة في السعودية حجر زاوية في فكر هذا التيار خاصة منذ كتابة أبي محمد المقدسي لرسالة “الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية” و التي عممت صفة التكفير على جميع الحكام بعد الصمت الطويل و الاجماع في الصفوف الوهابية لفترة طويلة على التوصيف الشرعي للحكم في السعودية). و في علاقة بالساحة التونسية و لأن “تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي” المعلن عنه حديثا (سابقا: الجماعة السلفية للدعوة و القتال) أصبح منذ سبتمبر 2006 معنيا بالمجال المغاربي ككل بما في ذلك الساحة التونسية (و هو ما تجسد عمليا في المجموعة المسلحة المعنية في الأحداث الأخيرة) فإنه التعبير السياسي و العقائدي الرئيسي عن السلفية الجهادية في تونس. أخيرا من الضروري الإشارة الى وجود تيارين في السعودية ضمن “السلفية العلمية” من الضروري أن يتركا أثرهما على مستوى أتباع السلفية مغاربيا و تونسيا و هما: أولا، ما يطلق عليه البعض بـ”السلفية النصية” و هي رؤية أقطاب ما يمكن تسميته بالبيروفراطية الفقهية في السعودية و المتركزة خاصة في المؤسسة الرسمية المسماة “هيئة كبار العلماء” و في عدد من أساتذة كليات الشريعة السعودية و من أشهر ممثليها شيوخ طاعنون في السن مثل الشيخين محمد العثيمين و عبد العزيز آل الشيخ. في الأثناء يعتمل تيار آخر في الأوساط الفقهية السعودية يطلق عليه البعض تسمية “السلفية الاجتهادية” يمثلها دعاة مصلحون أقل عمرا (مثل سليمان بن فهد العودة) و أكثر استعدادا لتقبل آراء جديدة متفهمة للظروف المعاصرة و هي رؤية تهتم بشكل متزايد بنصوص نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين لكل من رشيد رضا و محمد عبده و الأفغاني و هم لذلك قريبون جدا من تيار “الاخوان”.
6- لا أحتاج للتذكير بأن فريضة الجهاد هي فريضة إسلامية تشمل جميع الطوائف فليس هناك في أي من مقالاتي أي مجادلة لذلك كما أنه حسب علمي لا يوجد أي مذهب أو طائفة تجادل في ذلك. و عندما أستعمل في مقالاتي اصطلاح “السلفية الجهادية” يتم ذلك لوصف تيار و ليس لوصف تميز ذلك التيار بظاهرة الجهاد. حيث يوجد مجاهدون من طوائف مختلفة. و لكن مصطلح السلفية الجهادية هو الطريقة التي يسمي بها كثير من السلفيين الجهاديين أنفسهم و ليست مسقطة من قبلي أو هي مفهوم غربي كما سبق أن بينت. و الأهم من كل ذلك أن أهداف و برنامج و ممارسات تيار السلفية الجهادية لا تمت بصلة للجهاد بقدر ما تقوم بالفتنة الأهلية و الارهاب على عكس مجاهدين آخرين عبر العالم الاسلامي سواء كانوا سنة (المقاومة الحقيقية في العراق و المقاومة الفلسطينية) أو شيعة (حزب الله في لبنان). و لهذا يواصل السيد العيادي عناده في علاقة بهذه النقطة بشكل يلامس الجهل.
7- يعرض السيد العيادي موقفي من قضية تطوع تونسيين للقتال في العراق بشكل مشوه يجعله مبني ليس على معطيات بل على موقف مسبق من عقائدهم يتجاهل الممارسة. ثم ينتهي لأن يجعل هذه الظاهرة و لو أنها تتميز “بخصوصية ما” في نفس سياق التطوع المعتاد و التاريخي للتونسيين في معارك العرب و المسلمين الكبرى. طبعا السيد العيادي لا يخوض في هذه “الخصوصية” و في المقابل يرى من الضروري الاستشهاد بفقرة حول تطوع تونسيين من طلبة جامع الزيتونة في حرب فلسطين سنة 1948 من مؤلف حول الحركة الصهيونية في تونس للهادي التيمومي. فذلك كافي حسب السيد العيادي للتدليل على موقفي العقائدي.
للتثبت من إدعاء السيد العيادي حول أني أميز على أساس عقائدي من موجة المتطوعين الراهنين للقتال في العراق دعني بداية و لتفادي التكرار إعادة نسخ الفقرة التي تحدثت فيها حول هذا الموضوع الشائك من مقالي الأخير فحسب (حيث تحدثت على موضوع دور القاعدة في العراق في عدد من المقالات في السابق و هي الإشكالية الرئيسية في تقييم مسألة التطوع الجارية الآن).
“و هنا نأتي لمسألة التطوع للقتال في العراق و انعكاسه على تشكل تيار سلفي جهادي يثير الفتنة الأهلية. حيث لا يمكن لأي متتبع سياسي أن يفصل الخطاب الشمولي و في كل تفاصيل الحياة لمنتسبي السلفية الجهادية و قرار التطوع للقتال في العراق. و هنا يجب التذكير بمجموعة من النقاط المتوقع أنها معروفة لكل الأطراف. بداية الغالبية العظمى من التونسين المتطوعين (و الذين يمثلون خمس في المائة من “المقاتلين الأجانب” في العراق) و حسب بيانات الذين قتلوا أثناء عمليات حربية هم ينتمون تحديدا لتنظيم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” أو كما كان يسمى قبل بيعة الزرقاوي لابن لادن أي “جماعة التوحيد و الجهاد”. إن ذلك ليس مجرد صدفة حيث أن قرار الذهاب للعراق يأتي في معظمه في إطار شبكات التنظيمات القاعدية و خاصة في الأوساط التي تتبنى الفكر السلفي. و هنا ليس كل من يتبنى الرؤى السلفية يتبنى ضرورة السلفية الجهادية (أو مسك السلاح كجزء أساسي لممارسة “الدعوة”) و لكن كل السلفيين الجهاديين هم قبل كل شيئ سلفيون. و هذا يعني تحديدا أن الذهاب للعراق لا يتم في هذا الإطار من أجل المساعدة على تحرير العراق و استعادة دولته الوطنية الشاملة لكل طوائفه بل لأجل إقامة “دولة العراق الاسلامية” و التي تعني تحديدا دولة “أهل السنة و الجماعة” بمعانيها الطائفية (هذا المشروع القديم في أدبيات القاعدة و لكن المعلن عنه مؤخرا فقط). و كما كتبت قبلا أكثر من مرة فإن هناك مشروعا حقيقيا للتحرير و المقاومة في العراق و هو بصدد التقدم و ضرب الاحتلال و لكنه يفرق بين محاربة الشيعي بحسب دوره في مشروع الاحتلال و محاربته لأنه “رافضي” كما فعل و يفعل القاعديون. و هنا نأتي للنقطة الأساسية: إن الذهاب للعراق بالنسبة للسلفي الجهادي لا ينفصل تحديدا عن مشروع إثارة الفتنة الأهلية في أي مجتمع “جاهلي” يحكمه “الطاغوت”. و هو ما ينطبق بالنسبة لهذه الرؤية ليس على السلطة السياسية في تونس فحسب بل و خاصة على النظام الدستوري المنظم للدولة ذاتها. إنه من الغريب حقا عدم قدرة الكثير من الأطراف السياسية الربط بين معني ذهاب منتسبي هذا التيار للعراق و الانعكاس المباشر لذلك على رؤية هؤلاء لطبيعة الوضع في تونس. و بمعنى آخر الحالة السابقة في السنوات الأخيرة للذهاب الى العراق لم تكن إلا المقدمة الضرورية لمشروع الفتنة الأهلية و “الجهاد المحلي”. و هكذا لم يكن هناك فرق بالنسبة لمنتسبي السلفية الجهادية بين الذهاب الى “الفلوجة” و الذهاب الى “جبال تزي وزو” حيث معاقل “الجماعة السلفية للدعوة و القتال” و الذهاب لـ”جبل الرصاص”. هنا من الضروري أن أؤكد مجددا على الفرق بين موجات التونسيين الذي شاركوا عبر سنين في المعارك القومية و الاسلامية الكبرى في فلسطين و لبنان و حتى العراق (خاصة مع بداية الحرب) و بين ذهاب السلفيين الجهاديين الى العراق. و لكن للأسف لم تستطع عديد الأطراف للدواعي التي أشرت اليها أعلاه التمييز بين الموجتين”
فهل موقفي هذا مبني على معطيات عقدية أو واقعية؟ هل يشكك السيد العيادي في أن الغالبية العظمى من المتطوعين التونسيين في القتال في العراق إثر الاحتلال و من خلال بيانات القتلى (حسب قوائم تنظيم القاعدة و ليس محاضر الأمن التونسي) ينتمون لـ”تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين”؟ هل يشك السيد العيادي في المشروع الطائفي للقاعديين في العراق؟ ألم يعلن القاعديون في العراق جمهوريتهم “السنية” في الأنبار (الوهابية السلفية الجهادية) الطائفية بامتياز (و المسماة بـ”دولة العراق الإسلامية”)؟ ألم يبادر القاعديون في العراق الى القتل على الهوية (و ليس فقط على أساس “الولاء للكفر” أو الاحتلال) من خلال تكفير “أئمة الرافضة” و تحليل دماء أتباعهم بشكل معلن (و ليس سري) و هو ما تجسد في تفجيرات عشوائية رهيبة تستهدف بدون أي شك جموع المدنيين الشيعة (في أسواق و مساجد و أحياء شعبية) في مجازر طائفية غير مسبوقة في تاريخ العراق نددت بها كافة فصائل المقاومة في العراق؟ هل يمكن تبرير هذا الموقف الطائفي المعلن بولاء بعض الأطراف الشيعية (كما هو الحال حتى مع بعض الأطراف السنية) للاحتلال؟ أليس في النهاية المشروع الطائفي للقاعدة في العراق يساهم في التقليل من التركيز على الاحتلال و التركيز في المقابل على الاقتتال العراقي الداخلي و هي بالمناسبة الورقة الأخيرة التي التجأت اليها الادارة الأمريكية في استراتيجيتها في العراق؟
كل هذه الأسئلة متعلقة بالممارسة و ليس ببعض الجوانب العقدية المجردة فحسب. غير أن السيد العيادي لا يناقش أيا منها في تعقيبه بما في ذلك عندما ينعت موقفي بالعقائدية. لقد ذهب التونسيون من خلفيات سياسية و عقائدية (بمعنى ايديولوجية) شديدة التنوع و في موجات متعاقبة للمشاركة الطوعية في القتال في فلسطين و لبنان (1982 و حتى بعد ذلك بما في ذلك خلال التسعينات) و مصر (في حروب 1956 و 1967 و 1973) و سوريا (حربي 1967 و 1973) و الجزائر (حرب التحرير) و العراق (خلال العدوان الثلاثيني ثم خلال بداية العدوان الأخير) للمشاركة في معارك واضحة المعالم تستهدف مواجهة العدوان الأجنبي و التحرير بمعزل عن أي خلفيات عقائدية أو اييولوجية. في المقابل جير القاعديون في العراق مشاعر التطوع في اتجاه جزء من المعركة الدائرة منذ بداية الاحتلال الأمريكي في العراق لمصلحة مشروعهم الطائفي. و ليس هناك شك في أن الكثير من الشبان التونسيين ذوي الخلفية السلفية يذهبون بدافع تحرير أرض محتلة و لكنهم عمليا و من حيث الممارسة يتم استخدامهم من قبل تنظيم القاعدة في مصلحة مشروع طائفي مقيت يساهم في تحويل البوصلة من قتال الاحتلال الى قتال طائفي سني شيعي و الأكثر من ذلك يتم تغطية برنامج “الجهاد ضد الطواغيت” المحليين بما يعنيه ذلك من فتنة أهلية في إطار التعبئة لمصلحة القتال في العراق. و عوض أن تكون المعركة في العراق مناسبة للوحدة الوطنية و تصدير نموذجها لبقية الأقطار يتم استخدامها من قبل القاعديين لمصلحة تصدير الفتنة الأهلية. و في المحصلة لا يفعل القاعديون و من ثمة السلفية الجهادية سوى خلق معارك تركز على الداخل و بالتالي الفتنة الأهلية حتى في الميادين التي يوجد فيها إحتلال عسكري مباشر واضح المعالم. و لهذا لا يمكن فصل ممارستهم عن رؤاهم العقائدية لأنهم لا يقومون بذلك الفصل حيث تستجيب هذه الممارسات لأولية مبدأ “حاكمية الشريعة” كما يطرحها شيوخهم. و هكذا لا يمكن للباحث و السياسي الرصين تقييم مسألة التطوع الراهنة بمعزل عن كل هذه المعطيات الفاقعة في واقعيتها و التي لا تتعلق بمجرد عقائد مفصولة عما هو سياسي.
4
من بين المسائل التي يمكن التركيز عليها في نهاية هذا المقال و تحديدا في علاقة بالنقاش الذي يثيره تعقيب السيد العيادي هو ضرورة التمييز بين حكم الجهات القضائية و مسار الدفاع القضائي و بين التقدير السياسي. و في الحالتين لا يمكن أن توجد أحكام مطلقة فلا يضمن “مسار العدالة” و جهاز القانون حتى في ظل غياب التعذيب و الاعتقالات التعسفية أحكاما عادلة في المطلق (مثلا إمكانية الحكم بشكل عادل على المتهمين في تونس بالانتماء لتيار التنظيمات القاعدية) كما ليس من المفترض أن يضمن التقدير السياسي توصيفات نهائية (مثلا أن السلفية الجهادية لن تتغير بفعل ضغط الواقع و تتراجع عن أطروحاتها أو بعضها). و بمعزل عن القضية الحقوقية العادلة المناهضة للتعذيب مهما كان ضحيته فإن هناك مجال ضروري للقيام بالتقدير السياسي. و القيام بالتقدير السياسي لا يتم بناء على ترسانة كاملة من المعطيات (لأن ذلك غير ممكن) بل على ما يتوفر منها و لذلك هو تقدير و ليس حكما. و لهذا لا يمكن تقييم التقدير السياسي بأدوات التحليل الجنائي و القضائي. هذين المسارين مختلفين و لا يبدو أن السيد العيادي يدرك ذلك. حيث يخلط بين صفته كمحامي للمتهمين في القضايا الراهنة الخاصة بـ”قانون الارهاب” لسنة 2003 و ما يستدعي ذلك من أدوات قضائية و قانونية خاصة و بين مجال التحليل و البحث السياسي و الاستراتيجي أي “فهم ما يجري” على المستوى البنيوي و هو مسار متمايز في الجوهر عن المسار الذي يعالج إشكال من ينتمى حقا للقاعدة و من لا ينتمي. و هذا الخلط تحديدا هو أحد المؤشرات على السمة المميزة التي أشرت اليها في مقدمة المقال الخاصة بالمرض الطفولي لأوساط عريضة في المعارضة التونسية. و لو أن المفارقة أن أي مرض طفولي من المفترض أن يرافق قيادات جديدة و ليس تقليدية.
أريد أن أختم بملاحظة أخيرة حول ما يمكن أن يعنيه خطاب مماثل للسيد العيادي و الذي لا أعتقد أنه خطاب معزول في أوساط المعارضة. حيث أصبح من غير الممكن أن أقيم ردود فعل من نوع التي قام بها السيد العيادي ضمن إطار السذاجة فحسب و عدم ملاحظة رغبة بعض هذه الأوساط في ممارسة خطاب سياسوي يفكر في المناورة بالحدث و كيفية تسجيل نقاط على حساب السلطة أكثر من محاولة تقديم مقاربة جدية و عميقة لما يجري بعيدا عن الحسابات السياسية. المشكل في الحقيقة أشار اليه السيد العيادي نفسه: حيث هناك حاجة حقيقية “لفهم ما يجري”. غير أنه و غيره يقومون بكل شيئ إلا محاولة “فهم ما يجري”. في الحقيقة أصبح من غير الممكن عدم طرح سؤال مقلق و متشائم بعض الشيئ: هل توجد حتى القابلية و الاستعداد في الطبقة السياسية التقليدية للتخلي عن المقاربات السياسوية و العمل بجدية أكبر على “فهم ما يجري”؟
(المقتطف الخاص بتعليقي على تصريحات السيد العيادي في مقال سابق)
تعليق حول مجمل المعطيات الاعلامية و السياسية المرافقة لظهور المجموعة الإرهابية في تونس
(….)
انغماس متزايد في السذاجة (أو المناورة؟)
أحيانا يصبح الرصيد النضالي الحقوقي لبعض الوجوه عائقا أمام تقييم جدي لما يقولونه و يقومون به. و لا يمكن التشكيك في صدق أشخاص مثل السيد المنصف المرزوقي على سبيل المثال و لكن ذلك لا يعني أن ما يقولونه لا يلامس السذاجة بل و يستغرق فيها. لفتت إنتباهي ثلاثة أمثلة في هذا السياق و الذي لا يتصف بالسذاجة المتوقعة فحسب بل يتجاوزها للانغماس في سذاجة مفاجئة و صادمة أحيانا تشيرالى التشبث المعاند بتصور قديم لما يجري و من ثمة المضي أكثر في “حالة الإنكار”. أول النماذج بدون منازع هي “حكومة” السيد المرزوقي “المؤقتة”. و لا أعتقد أنه من الضروري هنا التذكير بأبسط الدواعي التي يمكن أن تدفع أيا كان للقيام بدعوة مماثلة عدى الترف البلاغي و عدم القدرة على التفكير. حيث ليست البلاد في وضع فوضى سياسية شامل تنقسم فيه بين فرقاء يملكون نصيبا مؤثرا في الشارع. و لا أعتقد أن السيد المرزوقي يعتقد حتى (أرجو على الأقل ذلك) أنه يملك قسطا جماهيريا في حالة عصيان و من ثمة يفكر في إنقاذ البلاد و حل الأزمة القائمة (من مظاهرات و اضرابات يومية) من خلال الدعوة لحكومة مؤقتة تنتقل بنا نحو انتخابات نزيهة (؟!). حقا لا أستطيع التفكير في أي تعليق مناسب هنا إلا أن الساحة السياسية المعارضة في حالة جدب حقيقية خاصة عندما يكون السيد المرزوقي أحد “وجوهها السياسية الرئيسية”. النموذج الثاني هي تصريحات للسيد عبد الرؤوف العيادي (في تقرير للسيد محمد الحمروني لصالح “إسلام أون لاين”) و التي أسوقها كما هي: “ ويرى العيادي أن مصطلح “السلفية الجهادية” هو “مفهوم غربي غير محايد معرفيا والقصد منه تشويه الجهاد وفي نفس الوقت النيل من فكرة الانتماء إلى السلف بربط الكلمتين إلى بعضهما وجعلهما تعنيان الإرهاب، فمن يقول اليوم السلفية الجهادية يقول إرهابا في حين أن الانتماء إلى السلف ليس جريمة بل إن أغلب علماء الأمة من أحمد بن حنبل إلى ابن تيمية وصولا إلى زعماء الإصلاح مثل محمد عبده وعبد العزيز الثعالبي هم أبناء هذا التيار“. ” و هنا المشكل لا يكمن فقط في أن ما يقوله السيد العيادي خاطئ بكل بساطة حيث أن “السلفية الجهادية” ليست مصطلحا غربيا مسقطا كما يشير و يكفي التذكير بالجماعة المغربية المشاركة في أحداث 2002 في الدار البيضاء و التي تسمي نفسها بـ”السلفية الجهادية” (و لا يسميها أحد بذلك بشهادة شيوخها) كما هو معروف لكل الدارسين للظاهرة (هناك الكثير من المقالات و الدراسات في هذا الشأن و لكن يمكن الاكتفاء بالمقالات التفصيلية للسيد منتصر حمادة في هذا الموضوع خاصة في صحيفة القدس العربي). المشكل، إذا، لا يقتصر على خطأ مماثل و لكن يهم تحديدا الرغبة في و الاصرار على تصور تيار الفتنة الأهلية كطرف ليس إرهابي و الخلط بين مدارس مختلفة يعمل القاعديون عمدا الخلط بينها مثل مدارس “السلف الصالح” (بمعناها بالغ العمومية) و “السلفية العلمية” و “الحنبلية” و “الوهابية” و السلفية القاعدية أو الجهادية. و يمكن الرجوع في هذا الإطار الى كتابات و أحاديث أحد أهم المنظرين القاعديين و تيار الفتنة الأهلية و هو مؤسس تنظيم “بيعة الإمام” الأردني أبو محمد المقدسي و الذي يتعرض بشكل متواتر و محدد لمصطلح “خط السلفية الجهادية” بما يحمله بالتحديد من معاني “تكفير الحكام” و إسقاط الشرعية عن “جكام الطواغيت” و “الجهاد” ضدهم.
لو كنت شجاعا مخلصا لقلت: “صليبنا وهلالهم” (*)
Biographie de l’abbé Pierre : Henri Groues , dit Abbé Pierre
Henri Grouès, sous le nom de l’abbé Pierre, s’engage dans la résistance où il aide des juifs à se cacher. Recherché par la Gestapo, il rencontre le général De Gaulle en 1943 à Alger. Après la guerre, il est élu député de Meurthe-et-Moselle de 1945 à 1951. En 1949, il fonde “Emmaüs” communauté de chiffonniers construisant des logements provisoires pour les “sans domicile”. Lors de l’hiver rigoureux de 1954, l’abbé Pierre lance à la radio un appel à “l’insurrection de la bonté” en faveur des sans-logis, déclenchant un vaste mouvement de solidarité. Il est également entendu par le Parlement qui, quelques semaines plus tard, décide de lancer un programme de 12000 logements d’urgence. L’association d’Emmaüs s’internationalise et comprend de nombreuses communautés dans près de quarante pays. En 1988, il crée la “Fondation de l’abbé Pierre” pour le logement des défavorisés. Le Président de la République le fait Grand Officier de la Légion d’Honneur en 2001. Le 1er février 2004, cinquante ans après son appel pour “l’insurrection de la bonté”, il réitère son appel, et s’engage avec Emmaüs pour un nouveau “Manifeste contre la pauvreté” dans un pays où il y a cinq millions d’exclus, dont un million d’enfants. Toute sa vie durant, avec son franc-parler qui tranche avec le langage policé des autorités catholiques, l’abbé Pierre mène une croisade pour défendre les plus pauvres. Aujourd’hui, il passe un mois sur deux dans la solitude austère et la prière dans un couvent de capucins en Normandie. Dans son recueil de méditation, “Mon Dieu… pourquoi?” (Plon, 2005), l’abbé Pierre affiche des positions relatives au célibat des prêtres, à l’ordination des femmes et à l’homosexualité, à l’opposé de celles du pape Benoît XVI. Voir les articles de Libération (28/10/05), L’abbé Pierre lui aussi est monté au septième ciel et du Canard enchaîné (02/11/05), Copulons !… Pourquoi ?.
L’abbé Pierre lui aussi est monté au septième ciel (Ludovic Blecher
Libération – 28 octobre 2005 – (1/4 de page) Dans son dernier livre, “Mon Dieu… pourquoi?” (Plon), l’abbé Pierre avoue avoir cédé “de manière passagère” au désir charnel. “Mais je n’ai jamais eu de liaison régulière”, précise le Français préféré des Français.
Coécrit avec Frédéric Lenoir, son livre, un recueil de méditation, “aborde, de façon pas très catholique, des thèmes comme le pêché, l’enfer ou le bonheur”. Il pense qu’autoriser l’ordination des prêtres mariés pourrait relancer les vocations. N’ayant “jamais compris pourquoi Jean Paul II et le cardinal Ratzinger avaient affirmé que jamais l’Eglise n’ordonnerait des femmes”, l’abbé Pierre est aussi un partisan de l’ouverture de la prêtrise aux femmes.
Comprenant que les couples homosexuels veuillent faire reconnaître leur amour par la société, il préfère parler d'”alliance” homosexuelle, terminologie moins traumatisante, plutôt que de “mariage”. En outre, il “laisse la porte ouverte à l’adoption d’enfants par des homosexuels” dans la mesure où les enfants ne subissent pas de préjudices psychologique ou social.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): قرأت لبرهان بسيس مقالا بعنوان ” صليبهم وهلالنا “، وقد ورد على صفحات تونس نيوز بتاريخ 26 يتاير جانفي 2007.
رسالة الى السيد نجيب الشابي
اكتب لكم هذا لإعلامكم أنه مباشرة بعد كل هجمة تبتدأونها ضدنا يأخذ عليكم حزب الدستور المشعل ليقوم بسلسلة ايقافات و محاكمات و ملاحقات و كأنه ينتظر الفرصة لذلك مستعملا نفس تهمكم التي حرصتم على الدوام بإلصاقها بنا و نحن لا نطلب منكم التدخل لفائدتنا أو الدفاع عنا فقط ما نرجوه هو أن تكفوا أذيتكم عنا أما أذى السلطة نحن نتكفل به و لنا القدرة على تحمله و مواجهته.
أعلمكم أستاذنا الفاضل,أنه بعد الحملة غير المبررة التي شنتها علينا صحيفتكم الموقرة اثر أحداث غرة ماي و ما تخللتها من مقالات متشنجة ومن وشايات معلنة تحرض السلطة ضدنا و تؤلبها علينا محتجين على عدم تدخلها لحسم خلافات نقابية داخل منظمة جماهيرية هي ملك لكافة القوى و الحساسيات النقابية والسياسية و قلبتم كعادتكم الحقائق و كلتم لنا من التهم ما حرك آلة القمع التي شملت قبلنا رموز المعارضة النقابية (الحبيب بسباس و علي الضاوي) و أصبح جراد هو المناضل و أصبحنا نحن أدوات السلطة وأصبح الدستوري محمد الدامي الذي يحصد من التجمع المسؤوليات والمناصب ومن صحيفتكم الموقرة صفة النضال و المبدئية لنعاقب نحن على حضورنا و حجم انتشارنا الذي عجزتم عن تحقيقه بامكاناتكم و خبراتكم و صداقاتكم و تحالفاتكم في الداخل وفي الخارج و كانت بداية الهجمة بحملة من مجالس التأديب و الطرد التعسفي شملت عديد الجهات(تونس-بنزرت-ماطر-زغوان-صفاقس-قفصة-قابس-جندوبة) وثم تلتها حملة مركزة في مختلف الجهات شملت عائلات رفاقنا و أوليائهم الذين تم جلبهم بالقوة الى مخافر البوليس و إجبارهم على تو قيع التزامات للضغط على أبنائهم في محاولة لثنيهم عن مواصلة نضالهم في التنظيم الذي سمته جريدتكم “مشبوها” ومن ثمة بدأت سلسلة المحاكمات بالجملة لتشمل كل من الرفاق نجيب الدزيري و نزار بوجلال ثم فؤاد الورغي ثم عصام السلامي و الشادلي الكريمي بصفاقس للمرة الثانية ثم حسين بن عون الذي لفقت له تهمة مفضوحة أثارت استغراب جل المراقبين خصوصا عند تقدم طالب دستوري للمحكمة معترفا أنه قدم شكاية كيدية بطلب من البوليس السياسي ومن مدير المبيت(محمد العربي بن عياد الذي أصبح مختصا في تقديم القضايا ضد النقابيين) ليحاكم مع ذلك بشهر سجن نافذ و لا يطلق سراحه بعدها بتعلة أن النيابة العمومية قد استأنفت الحكم ليحال مجددا وفي كنف السرية للمحاكمة بدون حضور محامببه لتضيف له محكمة الاستئناف شهرا آخر قبل أن يطلق سراحه ليعاد إيقافه عشية يوم الأربعاء الماضي أي بعد خروجه بأربعة أيام فيحال مجددا بنفس التهمة.
السيد نجيب الشابي المحترم, لقد تعرضنا علاوة على ما تنشره جريدتكم لحملة موازية في مواقع مختلفة تارة باسم غسان بن خليفة مسؤولكم الطلابي الذي لا نسمع عنه الا في الانترنيت وتارة بأسماء مستعارة أو شخصيات وهمية تتهجم على رفاقنا و على رموزنا و تطالب علنا وزارة الداخلية بالتدخل وأحيانا أخرى عن طريق نكرات لا تربطنا بهم أي صلة و لا نعرف عنهم شيئا كالأستاذ الجامعي البعثي في السابق أو السجين السياسي الإسلامي نبيل الرباعي أو غيرهم ممن دفعوا للتحرش بنا دون موجب لتكون الحصيلة اثرها ملفات جديدة تراكم و قضايا بالجملة تكدس بشكايات عادة ما يتقدم بها كاتب عام إحدى الكليات أو مدير مبيت جامعي أو حارس يتم اجباره على ذلك أو طالب دستوري فتلتقي قصدتم ذلك أم لا عصا القمع و أبواق التشويه في سنفونية واحدة باختلاف أدوات الإرهاب (الارهاب البوليسي+”الارهاب الديمقراطي”).
الأستاذ المحترم نحن نختلف معكم في التوجه و نختلف معكم في المنطلقات و كلانا يدعي النضال من أجل الديمقراطية لذا نرجوكم أن توقفوا هذه الاساليب و تكفوا عنا أذيتكم و لا موجب لصحيفتكم أن تركب على تحركاتنا و تمجد نضالات و انتصارات طلابية و تهاجم الواقفين وراءها.نحن لا نطلب منكم أن تفتحوا لنا جريدتكم أو أن تنقل ما نتعرض له من محاكمات و مضايقات فهذا مطلب ماعدنا نطمح في تحققه لكن ما نطلبه أن تنسونا كما تتجاهلوا محاكماتنا و معاناتنا وألا تعاقبونا على مواقف مختلفة عن مواقفكم و ان تتركوا مهمة إرهابنا للبوليس و القضاء فهما كفيلان لفعل فعلهما فينا,نكتب لكم هذا وننشره علنا و أملنا أن تعفونا عناء واجهة نحن في غنى عنها و نشهد أصدقائنا قبل خصومنا أننا فعلنا بهذا وبصمتنا السابق ما يقيم الحجة على غيرنا فلنا معاركنا و لنا أهدافنا ولا مصلحة لنا في الانسياق وراء معارك دونكشوطية لا تقدم بنا و لا تخدم إلا اعداءنا.
نتمنى أن يكون هذا كفيل بغلق الباب نهائيا فالساحة تتسع لنا جميعا و لغيرنا وان اخترتم النضال ضدنا فتحملوا أستاذنا تبعاته فنتحاسب في العلن و نتحاجج في الوضوح بعيدا عن نميمة الصالونات و ثرثرة العجائز و ليكشف الكل أوراقه و ليفتح ملفاته. معذرة أستاذنا الفاضل ان كان في لهجتي نوع من التشنج لكن قمعكم و قمع السلطة علينا كثير.
شكرا على رحابة صدركم والسلام. طالبة نقابية راديكالية
لما ينغلق الحوار في قناة الحوار اللندنية
الدكتور منصف المرزوقي مثالا سريريا
وكان الدكتور اراد ان يجمع كل ما تقوله المعارضات يمينا ويسارا ووسطا ويقدمه باسمه الخاص في حين انه يعرف –على الاقل بالسماع-ان عشرات ومئات وربما الافا سبقوه في مجال النضال السياسي ضد بورقيبة وبعده وشردوا وعذبوا وماتوا ولكنهم زرعوا نباتا سيزهر يوما ما..وليعلم الدكتور ان العمل السياسي والنضال الديمقراطي والثوري بداته اجيال الستينات حين كان تلميذا لا يفقه الفرق بين الشعبة والوطن والرئيس والمعارضة..ولا يمكن لخطاب متشنج وملخبط ان يكون بديلا يسير على هديه الشعب التونيسيين في نضالهم من اجل الخبز والكرامة والحرية… ولست ادري كيف يجرا المنصف المرزوقي ان يمارس علينا رجولته من لندن بالذات في حين انه اختار الانطواء وغلق باب بيته على نفسه ورفض الخروج للشارع مطالبا برحيل النظام كشرط لخروجه لحي الخزامة وقضاء لوازمه من عطار الحي لان كمشة من الحفتريش قذفوه بالحجارة واعتدوا على سيارته خلافا للموظفين الامنيين الذين يحترمهم ويحترموه…هل نغير النظام السياسي لان 5 منحرفين عاديين اعتدوا على سيارة مواطن ليس اكثر من عادي..الا ترى يا دكتور ان جنون العظمة مرض لا يعالج وانت الطبيب…من كلفك بالحديث عن الشعب التونسي ومن مكنك من احقية تمثيله في حين انك تطالب برئيس يتحصل على 51 في المائة فقط…الا ترى انك منحت نفسك منذ الان وقبل ان تصل نتائج الصندوق 100 في المائة وجاوزت في ذلك بورقيبة وبن علي..
رئيس الجمهورية يعين السيد منصر الرويسي رئيسا للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية
قرطاج 27 جانفي 2007 (وات) اكد الرئيس زين العابدين بن علي لدى استقباله صباح يوم السبت السيد منصر الرويسي الذى عينه رئيسا للهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية خلفا للسيد زكرياء بن مصطفي، دعمه لعمل الهيئة حتي تقوم بدورها علي الوجه الاكمل بما يتناسب ومكانة حقوق الانسان ضمن الثوابت والخيارات الوطنية. (المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 27 جانفي 2007)
هيئة نبذ الحقوق والتفويت فى الحريات
صراع بين نويرة ومبروك ؟
ينظمها المرصد الوطني للشباب: خبراء من تونس والخارج يضعون مشاغل الشبــاب على طاولــــة الدرس
الإسلاميون في الوطن العربيّ ومأزق الحضارة
تمجيد الماضي والتغني بالقوة والخضوع للمحور السوري الايراني
لماذا يصر شيراك على التفاوض مع إيران؟
وزراء وجامعيون ومثقفون بصوت واحد: إلغاء فكرة المغاربية خسـارة لا مجال لتعويضها.. والاندماج ضرورة حيوية ومستقبلية