السبت، 23 ديسمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2406 du 23.12.2006

 archives : www.tunisnews.net


صفحة 18 أكتوبر: أنقذوا حياة السجين السياسي الصحبي عتيق

رسالة من السجين السياسي عبد الكريم الهاروني إلى شقيقته كريمة

العالم الإخباري: الحزب الديمقراطي التقدمي يطالب بتأسيس جمهورية ثانية في تونس

الصباح: الحيـاة السيـاسيـة:خيـار القطيعة وخيار المشاركـة…هل ما تـزال المعارضة مرشحـة للعب دور؟

الصباح: بعد نزولها خطأ في مطار عسكري جزائري:الطائرة التونسية تعود إلى مطار المنستير بعد إنهاء السلطات الجزائرية التحقيق في الأمر الصباح: وزير الشؤون الدينية يتحدث عن موسم الحج (1427هـ/2006م):9 آلاف عدد الحجاج التونسيين لهذا العام ثلثهم تجاوز الثمانين الصباح: وزير العدل وحقوق الإنسان:مجلة الأحوال الشخصية توفيق بين الأصالة والحداثة.. دون تقيد بأي مذهب

أ ف ب: السماح بعرض مسرحية  “خمسون” بعد منعها أشهرا

رويترز: الإفـراج عن طائرة تونسية بعد احتجازها في الجزائر الخليج الإماراتية: انزلاق أرضي في المهدية يقود الى اكتشاف أثري

د. خــالد الطــراولي:  المشروع الإسلامي التونسي ونزيف الانسحابات (1/3)

مرسل الكسيبي: أسئلة محرجة وخطيرة نطرحها على الفريقين

صابر: لغة “البلاستيك ” حقوق مسجلة لقصر قرطاج

الجريدة: الصحافة الالكترونية في تونس سينظم القطاع دون قانون خاص…

محمد عمار: مؤتمر اتحاد الشغل حسابات وعقابات

جريدة الشعب: أكثر من 100 نائب شاركوا في النقاش بلا محرّمات

حقائق: تشغيل الأطفال في تونس – عالم غريب يحكمه المال بعيدا عن أنظار القانون !

حقائق: النائب مصطفى اليحياوي في مداخلة مثيرة :المعارضة والإعلام فـي قفص الاتّهام ؟

احميدة النيفر المطبعة في بلاد المسلمين والصدع الكبير بين «الانجراف» الثقافي والوعي المفوّت

رفيق عبد السلام: المسألة الطائفية ومسالك العلاج

توفيق المديني: خلفيات مكافحة الفساد في الصين

إسلام أون لاين.نت: القومي الإسلامي: الديمقراطية تمنع تفتيت الأمة الشرق القطرية: زاره عدد من رموز المؤتمر القومي الإسلامي ..معتقل سابق بسجن أبو غريب يقيم معرضا للصور تفضح انتهاكات الاحتلال الراية القطرية: القرضاوي يحسم الخلاف حول اختيار المنسق العام

 


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 


قناة الحوار التونسي

(الكلمة الحرة ,قوام الوطن الحر)

 
برامج حصة يوم الأحد 24 ديسمبر 2006 تبث الحصة من الساعة السابعة إلى التاسعة مساء وتعاد يوم الأربعاء على نفس التوقيت. الأخبار: متابعة لآخر الأحداث الاجتماعية والسياسية وللتحركات النضالية الميدانية. أخبار واقع  الحريات – متابعة لمؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل حكاية مواطن: الجزء الثاني من شهادة لسامية عبو زوجة سجين الرأي محمد عبو . حوار مع الأستاذ مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان حول عديد من الإشكالات الرابطية مشهد السيد عبد الرحمان التليلي بعد تعرضه للاعتداء من قبل البوليس للمشاهدة  يمكن الحصول على البث وفقا للترددات التالية: Hotbird 7a – 13° est TRASPONDEUR : 18 FREQUENCE : 11.541,03 FEQ : 5/6 POLARIS. : V SYMBOL RATE : 22.000 Mb CANAL : Arcoiris Tv elhiwar@elhiwar.org قناة الحوار التونسي باريس في 23ديسمبر 2006


أنقذوا حياة السجين السياسي الصحبي عتيق

 

محرر صفحة 18 أكتوبر

السجين السياسي الصحبي عتيق من مواليد قرية مطماطة من ولاية قابس بالجنوب التونسي بتاريخ 14 أوت 1959 ، متزوج وله من الأبناء رباب التي تبلغ من العمر 17 سنة ومالك الذي ولد بعد اعتقال والده بأيام وهو يبلغ الآن 15 سنة. زاول تعليمه الابتدائي بمطماطة والثانوي بقابس. درس بجامعة الزيتونة كلية الشريعة وأصول الدين، تحصل على الأستاذية ثم درس المرحلة الثالثة واعتقل وهو على وشك إنهاء الدكتوراه. ألف عديد الكتب في أصول الفقه والشريعة. اعتقل سنة 1991 ، تعرض في وزارة الداخلية إلى أصناف مختلفة من التعذيب مما سبب له أضرارا بدنية مزمنة. حكم عليه بالسجن المؤبد من طرف المحكمة العسكرية في اوت 1992 و خفف عليه الحكم بموجب قرارات العفو إلى حدود 21 سنة، قضّى منها حوالي 4 سنوات في العزل الانفرادي . تنقل خلال فترة سجنه بين عدّة سجون تونسية منها 9 أفريل وبرج الرومي والناظور والمهدية وبرج العامري، و منذ ذلك التّاريخ و عائلته تنتقل من سجن إلى آخر لرؤيته… من وراء القضبان. خاض العديد من اضرابات الجوع من أجل المطالبة باطلاق سراحه وتحسين ظروف اعتقاله في السجن. علمنا أن وضعيته الصحية قد تعكرت في الفترة الأخيرة بشكل قد يهدد حياته خاصة و أنه يعاني من عديد الأمراض ناتجة عن رداءة ظروف الاقامة و الاهمال الصحي داخل السجن. 

ونحن في لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبربتونس بعد اطلاعنا على الوضعية الصحية للسيد الصحبي عتيق ـ ندعو المنظمات الحقوقية و الإنسانية الوطنية منها و الدولية للتّحرك العاجل من أجل اطلاق سراحه و عرضه على أطباء مختصين. ـ نطالب السلطات التونسية بإطلاق سراح كافة المساجين السياسيين و سنّ العفو التشريعي العام كما نحملها  مسؤولية المضاعفات السلبية على صحة المساجين السياسييين نظرا لطول المدة و رداءة ظروف السجن.  نناشد الجهات الدولية المختصة التدخل لإجراء تحقيق مستقل حول الفضاعات التي ترتكب منذ ما يزيد عن 15 عشرة سنة داخل السجون التونسية.   المشرف على الموقع www.aktion18oktober.com info@aktion18oktober.com  


 

بسم الله الرّحمان الرّحيم

و الصّلاة و السّلام على النّبيّ الصّادق الأمين

السّجن المدني بالمرناقيّة في 26 ذو القعدة1427 ،  17  ديسمبر 2006

 

أختي العزيزة التّوأم  كريمة

السّلام عليك و رحمة الله و بركاته

 

الحمد لله على نعمة الحياة الّذي هدانا للايمان و ألّف بين قلوبنا و جمعنا على الحقّ و صبّرنا عاى الأذى و أعزّنا بين النّاس. تهانيّ الحارّة و الصّادقة لك و لوالدنا و لاخوتنا و لأبنائك  و لأهلنا في ذكرى ميلادك , ميلادنا المبارك السّعيد. رحم الله أمّنا الحبيبة و سيّدتنا الرّحيمة و مربّيتنا الخبيرة و ربّة بيتنا الحكيمة و محدّثتنا البليغة و محاميتنا القديرة و مناضلتنا الكريمة, المرأة الفاضلة و الزّوجة الوفيّة و الأمّ الحنون, رحمة واسعة و جمعنا بها في جنّة النّعيم. قال الله تبارك و تعالى : “ومن يتّق الله يجعل له مخرجا, و يرزقه من حيث لا يحتسب و من يتوكّل على الله فهو حسبه إنّ الله بالغ أمره قد جعل الله لكلّ شيء قدرا   صدق الله العظيم

 

كلّ عام و كلّ يوم و كلّ ساعة و أنت و أبنائك ووالدنا وإخوتنا و أهلنا بكلّ خير

 

أختي العزيزة: هذا يوم فرح و شكر و أمل نجدّد فيه العهد مع الله و نحاسب أنفسنا و نخطّط لمستقبلنا حتّى لا نعيش أسرى لماضينا ونذكر بخير كلّ من له فضل علينا و نؤدّي 

واجبنا تجاه كلّ من له حقّ علينا فالحياة مستمرّة بحلوها و مرّها و سعيد من عاشها مرتاح الضّمير و فاز فيها بحبّ الآخرين و عمل فيها بما ينفع النّاس و هنيئا لمن تمتّع بسمعة طيّبة في الحياة و ذكر حسن بعد الممات. و قد علّمنا نبيّنا عليه الصّلاة و السّلام أنّ الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم و لكن ينظر الى قلوبكم و أعمالكم”. و الله أسأل يا أختي العزيزة أن نكون من الّذين طابت قلوبهم و صلحت أعمالهم. و قد أسعدني كثيرا ما و جدته في رسالتك الأخيرة من معاني الحبّ لله و رسوله و الحبّ لوالدينا و الحبّ لإخوتنا والحبّ لأبنائك و الحبّ لأهل الخير من النّاس. هذا القلب المليء بالحبّ و العطف و الحنان لن يجد نفسه و حيدا وقت الشّدّة فأهلنا و الحمد لله  أوفياء كرماء يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة فجازاهم الله عنك و عنّي كلّ الخير فسندهم المعنويّ و المادّيّ لي في محنتي الكبيرة و الطّويلة لا يقدّر بثمن و يشرّف العائلة و يشرّف البلاد. فبلّغيهم بهذه المناسبة الجميلة تحيّاتي الحارّة و دعواتي الخالصة لهم بكلّ خير فردا فردا و في مقدّمتهم أبونا المجاهد الصّابر الكريم عمر حفظه الله و أسعده بأبنائه و أحفاده و ردّني اليه ردّا جميلا في أقرب الآجال و أفضل الأحوال. و كما كانت أمّنا الحبيبة رحمها الله تدعو لي بقولها متضرّعة أن يفرّج الله كربي و يخلّص حقّي و يعيدني إليها وإ ليكم فإنّي أدعو الله السّميع المجيب أن يفرّج كربك و يخلّص حقّك و يسعدك بأبنائك و أهلك و لا يسلّط عليك من لا يخافه و لا يرحمك. فلا تحزني إنّ الله معك و نحن جميعا معك

 

أختي الكريمة, لأنّك كريمة و لأنّي كريم إسما و مسمّى فلا غرابة أن نتّفق بعد تجربة طويلة و ثريّة في الحياة أنّ الكرامة قبل كلّ شىء كما علّمنا القرآن الكريم:”ولقد كرّمنا بني آدم فلا نقبل الإهانة أو الإعتداء كما نحرّم على أنفسنا هذه الأعمال فلا يكفي أن يكون الإنسان كريما فهذا حقّ الجميع بدون إستثناء بل يجتهد أن يكون أكرم: “إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم لأنّ التّقيّ لا يهين و لا يعتدي و لا يظلم مهما كان الظّرف لأنّه لا يردّ على الخطإ بالخطإ و الكريم حقّا يكرم غيره لأنّه يعرف قيمة الكرامة أمّا اللّئيم “حاشاك” فإنّه يهين و يهان وإذا أكرمته أساء إليك كما قال المتنبّي:    إذا أنت أكرمت الكريم ملكته  و إذا أنت أكرمت اللّئيم تمرّد.

 

فلا شكّ يا أختي الفاضلة أنّ من أراد أن يعيش كريما دفع ثمن كرامته و في بعض المواقف يكون ثمن الكرامة غاليا لا يقدر عليه إلا قليل من النّاس, و نحن أخوين توأمين في الدّفاع عن الكرامة مهما غلا الثّمن فلا نقبل الإهانة أبدا و لا نهين أحدا و لا نرضى إهانة بشر. نصبر و نقاوم و نقول حسبنا الله و نعم الوكيل. و إنّي بهذه المناسبة السّعيدة أجدّد بإسمي و بإسم إخوتي الأعزّاء أكرمهم الله التّحيّة التّي تليق بمقام أبينا الكريم عمر حفظه الله لأنّه لم يرفع يده على زوجته و أمّنا الكريمة رحمها الله مهما حصل من خلاف لا تخلو منه حياة زوجيّة و هذا من حسن خلقه و كرامة نفسه و سير على خطى النّبيّ الّذي لم يضرب زوجة أبدا و لا ضرب إمرأة أبدا و قال عن النّساء:”لا يكرمهنّ إلا كريم و لا يهينهنّ إلا لإيم و علّم المسلمين من هم خيار النّاس فقال:” خياركم خياركم لأهله و أنا خيركم لأهلي عليه الصّلاة و السّلام و في هذا الموقف الرّائع الّذي نعتزّ به إكراما لأمّنا و إكراما لنا يجعله مرّة أخرى أهلا لإكرامنا بمناسبة و غير مناسبة و في ذكرى ميلاده الخامسة و السّبعين خير مناسبة فاجتهدوا يا إخوتي في إكرامه و تعلّموا منه هذا الدّرس العظيم في احترام الكرامة و إكرام الآخرين, و الأقربون أولى بالمعروف, عملا بقوله تعالى في كتابه العزيز:”و عاشروهنّ بالمعروف فإن كرهتموهنّ فعسى أن تكرهوا شيئا و يجعل الله فيه خيرا كثيرا“, فهنيئا لنا بأب كريم و أمّ كريمة و توأمين كريمة و كريم و إخوة كرام, تلك أسرة كريمة شعارها الحياة في كرامة مهما كان الثّمن من زينة الحياة الدّنيا

 

أختي الفاضلة: لقد سعدت كثيرا برسالتك الأخيرة المؤرّخة في التّاسع عشر من نوفمبر و أرجو المزيد خاصّة لتعويض الزّيارة و إنّي  و إنّ الحبّ الكبير لدى أبنائك لجدّتهم رحمها الله و لخالهم أعاده الله إليهم هو دليل على حبّهم القويّ  لأمّهم  فاحرصي على رعاية هذا الحبّ بحسن معاملتهم و محاورتهم فقد خلقوا لزمان غير زماننا فتفوزي بثقتهم و احترامهم إلى جانب حبّهم فتكوني قدوة حسنة لهم و مساعدة لهم على مواجهة كلّ الصّعاب في حياتهم و إنّي مستبشر خيرا بما أراه من ذكائهم و أخلاقهم و عبادتهم وفّقك الله و إيّاهم لحياة طيّبة كريمة. و إن شاء الله أبعث برسالة إلى العزيزة زينب بمناسبة ذكرى ميلادها لأجيبها عن سؤالها حول عودتي إليكم و أرجو أن تعدّي لها هديّة قيّمة باسمي تسعدها مع سلامي الحارّ لهم جميعا وفّقهم الله لما فيه خيردنياهم و أخراهم و أسعدك بهم. آمين

 

أختي الحنون: أبلّغك أحرّ التّهاني و كلّ أفراد عائلتنا و في مقدّمتهم أبونا الحبيب عمر حفظه الله و إخوتنا الأعزّاء ماهر و إلياس و هندة بمناسبة عيد الإضحى المبارك و كلّ عام و أنتم و المسلمون بخير. في ذكرى ميلادنا قرأت ختما للقرآن ترحّما على أمّنا رحمها الله و السّلام

 

أخوكم الوفيّ : كريم


الحزب الديمقراطي التقدمي يطالب بتأسيس جمهورية ثانية في تونس

 

أعلن أحمد نجيب الشابي الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي أبرز أحزاب المعارضة في تونس مساء الجمعة تخليه عن رئاسة الحزب، ودعا السلطات الى ادخال اصلاحات ليبرالية على دستور البلاد من أجل تأسيس جمهورية ثانية، يکون فيها التونسيون مواطنين لارعايا.

 

وفسر الشابي في افتتاح المؤتمر الوطني الرابع للحزب تخليه طواعية عن الامانة العامة للحزب برغبته في اعطاء مثال لثقافة التداول الديمقراطي على المسؤوليات السياسية في البلاد وعدم احتکارها. لکنه أوضح أنه لن ينسحب تماما من الحياة السياسية

 

(المصدر: موقع “العالم الإخباري” لقناة العالم الفضائية بتاريخ 22 ديسمبر 2006)

الرابط: http://www.alalam.ir/NewsPage.asp?newsid=20061223021053

 

 

الحيــــــــــاة السيــــــاسيــــــــة:

خيـــار القطيعــة وخيــار المشاركـــة…

هــــل ما تــــزال المعارضــــة مرشحـــة للعـــب دور؟

بقلم: كمال بن يونس

 

تونس ـ الصباح

 

تتواصل اليوم بنابل أعمال المؤتمر الرابع للحزب الديموقراطي التقدمي التي نظمت جلسته الافتتاحية بعد ظهر أمس ببورصة الشغل بالعاصمة.. بحضور عدد من المراقبين والنشطاء السياسيين والحقوقيين على الساحتين الوطنية والدولية.. وثلة من أصدقاء الحزب..

 

ومن مميزات هذا المؤتمر أنه ينظم في خضم تحركات سياسية وحزبية بالجملة.. تتزعم بعضها قيادات حزب التجمع الدستوري الديموقراطي وطنيا وجهويا.. فيما تقوم بقية الاحزاب والاطراف السياسية المعارضة بعدة مبادرات لمحاولة إعطاء «نفس جديد».. لمؤسساتها.. ولعب دور سياسي حقيقي.. يتجاوز المشاركة الجزئية لبعض المنخرطين في مجلسي النواب والمستشارين أوالمجالس البلدية والهيئات الاستشارية..

 

وإجمالا يعقد المؤتمر الثاني للحزب الديموقراطي التقدمي (بعد تغيير إسمه وتخليه عن التسمية التي عرف بها منذ 1981 أي التجمع الاشتراكي التقدمي).. بعد سنوات من المخاض والحوار بين عدة ممثلي عدة تيارات فكرية وسياسية داخله.. تجمع بينها برنامج سياسي له بعض الاولويات.. أهمها «الاصلاحات الديموقراطية والاعلامية» ومطلب «تنقية المناخ السياسي العام» إلى جانب مطلب ضمان «حق التنظم والتجمع والتعبير للجميع»..

 

لكن خلافات فكرية وسياسية عديدة تشق نشطاء الحزب.. منها مفهوم الهوية العربية الاسلامية والاشتراكية والصبغة اليسارية والقومية للحزب والعمل «المشترك».. لا سيما ضمن ما عرف بمجموعة 18 أكتوبر..

 

التجــــديد

 

ومن خلال عدة مؤشرات سياسية عن حركية الحزب الديموقراطي التقدمي منها انتظام اصدار صحيفته الاسبوعية مع فتح صفحاتها (القليلة) لكل التيارات والهيئات السياسية والحزبية والحقوقية.. يبدو هذا الحزب الاكثر تأثيرا بين أحزاب المعارضة القانونية.. وهو ما يعكسه نجاحه في تنظيم مؤتمر من حوالي 400 نائب وملاحظ ينتمون جميعا للحزب.. وأغلبهم من نشطاء الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والنقابيين والوجوه المعروفة جهويا ووطنيا..

 

ومن المنتظر أن يسفر هذا المؤتمر عن تجديد مهم يتمثل في تخلي الامين العام المؤسس السيد أحمد نجيب الشابي عن الامانة العامة.. لصالح مرشحة حصلت على الاجماع بعد مرحلة من التنافس الداخلي هي المناضلة الحقوقية والاعلامية المعروفة الاستاذة مية الجربي.. التي عرفها البعض اعلامية في صحيفة «الرأي» مطلع الثمانينات ثم في الموقف.. إلى جانب حضورها في عدة جمعيات حقوقية ونسائية وثقافية..

 

التداول.. لأول مرة

 

ولا شك أن التداول السلمي على الامانة العامة لحزب سياسي سابقة ايجابية لان أغلب قادة أحزاب المعارضة القانونية وغير القانونية (في تونس ومصر وعدة دول شقيقة) كانوا ولا يزالون يتسابقون في المطالبة بالديموقراطية وبالتداول على السلطة في البلاد.. لكنهم يرفضون التداول على قيادة أحزابهم وحركاتهم السياسية.. بل إن من بينهم من يوجد في القيادة المركزية لحزبه أوحركته منذ الخمسينات والستينات..

 

ورغم بقاء الشابي في الحزب ومكتبه السياسي فإن تخليه عن الامانة العامة مؤشر سياسي ايجابي.. فضلا عن كون تولي إمرأة مسؤولية الامانة العامة للحزب لاول مرة تطور مهم في تونس.. يكرس إيمانا بالمساواة الحقيقية بين المرأة والرجل.. علما أن بين المترشحين للجنة المركزية الجديدة للحزب عدة نساء من بينهن السيدات نعيمة حسني وفايزة الراهن الشابي وامينة الزواري وفدوى الرحموني ومنية القارصي ولمياء الدريدي بوحاجب وسعاد الحاجي وخولة الفرشيشي وصفية الشابي المستيري..

 

تنــــافــس

 

ومن خلال قائمة المترشحين الـ130 للجنة المركزية بأعضائها الـ75 يتضح وجود تنافس انتخابي وسياسي حقيقي.. خاصة أن المؤتمر لا يحسم قائمة أعضاء المكتب السياسي الـ25 ولا يختار قائمة لجنة المتابعة القيادية.. بل توكل تلك المهمة للجنة المركزية..

 

وتضم هذه الهيئة حاليا بالخصوص السادة أحمد نجيب الشابي ورشيد خشانة ومية الجربي وعصام الشابي ومحمد القوماني والمولدي الفاهم والمنجي اللوز وفتحي التوزري والمهدي المبروك وعبد اللطيف الهرماسي.. وهي مفتوحة مبدئيا لكل أعضاء اللجنة المركزية في تونس الكبرى..

 

وكل أعضاء هذه اللجنة من بين المترشحين للجنة المركزية والمكتب السياسي الموسع القادم.. والذي يضم حاليا كذلك ممثلي الجهات وهم السادة عمر الماجري من تونس والحبيب بوعجيلة من صفاقس وعبد الوهاب العمري والمنجي سالم من قابس وصالح بولهاشات من مدنين وعمار الحمدي من القصرين وعلي عمار من قفصة وعطية العثموني من سيدي بوزيد وهشام بوعتور من توزر..

 

النقد الذاتي العلني

 

ومن أبرز ما في المؤتمر الحالي تقديمه تقييمات نقدية لاداء الحزب والمعارضة ككل خلال الاعوام الخمسة الماضية.. وبصفة خاصة لتجارب «التصعيد» السياسي التي قامت بها عدة شخصيات مستقلة ومعارضة.. لا سيما من خلال ما عرف بتكتل 18 أكتوبر..

 

وقد كانت مؤسسات الحزب خلال الاسابيع والاشهر الماضية ساحة لحوار جريء حول ورقة من 60 صفحة صدرت عن عضوين في المكتب السياسي المتخلي هما الدكتور فتحي التوزري والسيد محمد القوماني.. وانعكس الحوار على صحيفة «الموقف» وعلى موقعه الالكتروني.. وكانت الاشكالية الاساسية التي نوقشت هل ينبغي للحزب والمعارضة ككل أن تراهن على خيار «المشاركة السياسية» وعلى العلاقة الايجابية بالسلطة أم على «القطيعة» والتصعيد السياسي؟

 

وقد تطور الحوار حول هذه المسألة في كواليس عدة أحزاب وهيئات حقوقية وجمعياتية.. بعد تقييم الاخطاء «الذاتية» لمختلف الاطراف السياسية والحزبية.. والتي لا يمكن التقدم والبناء دون القيام بنقد ذاتي علني حولها.. وعدم «الهروب إلى الامام».. وتفسير كل النقائص بأخطاء الطرف «الاخر»..

تساؤلات في حركة التجديد

 

وفيما تتواصل الحوارات داخل نشطاء حزب حركة التجديد استعدادا لمؤتمرهم الوطني طرحت المجلة الشهرية للحزب (الطريق الجديد) بدورها تساؤلات حول اسباب المأزق الحالي للاحزاب.. وللمعارضة القانونية خاصة..

 

وفي هذا السياق كتب السيد محمد حرمل «السؤال الخطير هو لماذا لم توفق المعارضة الديموقراطية، والتجديد جزء منها، في اخراج الحياة السياسية من المأزق وتعديل التوازنات المختلة؟» (.. .) إننا في المعارضة لنا مسؤولية الطرف المقابل والمعارض فكيف لم نتمكن من ترجيح الكفة وتعبئة المجتمع في سبيل الديموقراطية؟ هناك من يظن أن هذا «العجز» ناتج عن ضعف في تنظيم الاحزاب، وآخر يحسب أنه ناتج عن قلة «الديموقراطية» فيها وثالث يذهب الى نفي كل المكاسب التي تحققت في الاحزاب، والتبشير بـ«شيء»، كأنه «المهدي المنتظر»، نقيضا للتجديد ومخالفا له، وتعددت التفسيرات و«الحلول» وفي هذه الاجواء المتفائلة أو المتشائمة، لدى أصحاب النوايا الحسنة وأصحاب النوايا المشبوهة يتسرب هذا السؤال الخطير: ما الفائدة من أحزاب «عاجزة»، بل وما الفائدة من مشروعكم المكتوب عليه بالفشل مادام حلما جميلا؟.. سؤال يوظفه من يسعى لنسف التعددية ودور الاحزاب والمعارضة! في حين لا تقدم دون ديموقراطية ولا ديموقراطية دون أحزاب»..؟؟

 

تفــــــاؤل

 

ورغم كل التقييمات المتشائمة بدور سياسي حقيقي للمعارضة والاحزاب السياسية فإن هناك عدة أقلام متفائلة.. في هذا السياق كتب السيد عبد المجدي المسلمي «سيكون من أهداف مؤتمر الحزب الديموقراطي التقدمي أن يوجه رسالة أمل إلى التونسيين والتونسيات مفادها أن التغيير ممكن وأن تونس الديموقراطية والحرية ممكنة..  وأن شعبنا جدير بحياة ديموقراطية حقيقية على غرار شعوب أخرى عربية وغير عربية لا تفوقنا في شيء..  وأنه من حق شعبنا الذي بلغ مستويات متقدمة في التعليم ومن تحرير المرأة ومن التطور الاقتصادي.. وكان في محيطه العربي والافريقي سباقا لتأسيس جمعيات ومنظمات عريقة مثل الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.. من حقه أن تكون له وسائل إعلام حرة وجمعيات أهلية وأحزاب مستقلة..».

 

قلق فكري وغموض سياسـي

 

لكن رغم مؤشرات التفاؤل السياسية ومنها السماح لحزب التكتل الديموقراطي بزعامة الدكتور مصطفى بن جعفر باصدار صحيفة معارضة جديدة «مواطنون».. فإن حالة من الغموض السياسي والحزبي تسود عدة أطراف حزبية وسياسية..

 

كما يقول السيد عمر الماجري القيادي في الحزب الديموقراطي التقدمي: «يرى الامين العام في كتاباته تلازما بين الخيارين (الديمقارطية والاشتراكية) بينما نرى في مقال رياض البرهومي حسما في تبني الديموقراطية السياسية وتخوفا بل ورفضا لتوأمها الليبرالي الاقتصادي. والرأيان يعبران في اعتقادنا عن قلق فكري داخل الحزب وعدم وضوح رؤيا في تأصيل مسألة الديموقراطية السياسية (.. .) وهو وليد رواسب ايديولوجية سابقة مازالت ترى تناقضا دائما بين الاسلام، والقومية والماركسية من جهة والديموقراطية السياسية من جهة ثانية.. وهو ما أنتج لدينا أفكارا ملفّقة تتبنى مسألة للديموقراطية السياسية بدون بذل الجهد الكافي لتأصيلها في أي مشروع فكــــــري..»

 

جيل الفضائيات والانترنــات

 

في نفس الوقت فإن الاحزاب المعارضة الممثلة في مجلسي النواب والمستشارين تبحث بدورها عن دور سياسي «أنجع».. عبر تنظيم ندوات حول ملفات الاعلام وحقوق الانسان و«التصدي للمؤامرات الصهيونية والاستعمارية الجديدة على فلسطين ولبنان والعراق..».

 

كما قامت مجموعة من قيادات هذه الاحزاب «البرلمانية» بمبادرة توحيد صفوفها.. لم يـتأكد بعد ان كانت ستتواصل.. أم تنسى بسرعة مثل مبادرات «تنسيق وعمل مشترك سابقة»..

 

 ولعل السؤال الذي يقض مضاجع الجميع هو لا يزال كثير من رموز الطبقة السياسية الحالية قادرين فعلا على كسب ثقة الشباب والجيل الجديد من التونسيين.. جيل الفضائيات العربية والاجنبية والانترنات؟ جيل مر نصفه بالجامعة يوما.. وباتت له مشاغل جديدة..

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)


 

 

بعد نزولها خطأ في مطار عسكري جزائري:

الطائرة التونسية تعود إلى مطار المنستير بعد إنهاء السلطات الجزائرية التحقيق في الأمر

 

تونس ـ الصباح: علمت «الصباح» من السيد كريم الدّهماني المدير التجاري لشركة الطيران «نوفال آر» أن الطائرة التي كانت قد حطّت خطأ في مطار تلاغمة العسكري بالجزائر عوضا عن المطار التجاري سطيف عادت أمس الأول على الساعة منتصف النهار إلى مطار المنستير بعد انهاء السلطات الجزائرية التحقيق في الأمر.

 

وكانت هذه الطائرة التابعة لشركة «نوفال آر» (الطيران الجديد) قد انطلقت فارغة من دون مسافرين يوم 19 ديسمبر الجاري من مطار المنستير في اتجاه مطار سطيف بالجزائر لتنقل فريق أهلي جدّة لكرة القدم المتركب من أربعين لاعبا من مطار سطيف بالجزائر نحو جدة.. ولكن حصل خطأ ونزلت الطائرة في مطار عسكري جزائري..

 

وفسّر محدثنا هذا الخطأ بالقول» لقد كان المطار العسكري وهو مطار تلاغمة قريبا من المطار التجاري سطيف.. وبالإضافة إلى ذلك فإنهما متوازيان الأمر الذي تسبب في اللّبس.. كما أن طاقم الطائرة يذهب لأول مرة إلى مطار سطيف ولأول مرة يزور هذه الجهة.. ومن الممكن أن يحدث الخلط لأن مسالك الهبوط متوازية بين المطارين».

 

وأضاف المصدر نفسه: «من حسن الحظ أن الطاقم يتميز بخبرة عالية ولم تحدث أية مشاكل تقنية خاصة وأن المطار كان صغيرا وصعبا.. كما لم تحصل أية أضرار للطائرة».

 

تحقيق وأبحاث

 

ذكر السيد كريم الدهماني أن الطائرة بقيت في المطار العسكري إلى حين قيام السلطات الجزائرية ببحوث وتحقيق في الأمر.. وتولت الشركة إرسال طائرة ثانية يوم 20 ديسمبر من تونس وتحديدا من مطار المنستير على الساعة السابعة صباحا إلى مطار سطيف وقامت الطائرة الثانية بتأمين الرحلة لنقل اللاعبين السعوديين المنتمين إلى فريق أهلي جدّة إلى وجهتهم.

 

وقال: «لقد وجدنا تعاونا وتجاوبا كبيرين من قبل السلطات الجزائرية لأنهم تفهموا الأمر وأدركوا أن نزول الطائرة في المطار العسكري كان مجرد خطأ ناجم عن الالتباس الذي حصل لطاقم الطائرة بسبب القرب الجغرافي بين المطارين والمسالك الموازي بعضها لبعض بكلا المطارين». 

سعيدة بوهلال

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)


 

 

وزير الشؤون الدينية يتحدث عن موسم الحج (1427هـ/2006م):

9 آلاف عدد الحجاج التونسيين لهذا العام ثلثهم تجاوز الثمانين

 

تونس ـ الصباح: عقد صباح أمس السيد أبو بكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية ندوة صحفية خصصها للحديث عن موسم الحج لهذا العام (1427هـ) وعرض من خلالها لما تم توفيره من امكانيات ووسائل مادية وتنظيمية حتى يؤدي الحجاج التونسيون مناسكهم في أفضل الظروف.

 

مناسبة دينية ووطنية

 

بعد أن اشار الوزير الى أن موسم الحج هو مناسبة دينية ووطنية تجد كل رعاية ومتابعة دقيقة من لدن رئيس الدولة شخصيا، خلص السيد أبو بكر الأخزوري الى القول أن الاستعدادات التنظيمية لموسم هذا العام 1427هـ قد انطلقت مبكرا وتحديدا منذ أواخر شهر أوت 2006 وذلك بتنسيق تام بين جميع الاطراف المتدخلة بهدف توفير كل الظروف الملائمة لانجاحه سواء على مستوى التنظيم المادي أو الارشاد الديني أو الرعاية الصحية للحجيج التونسيين..

 

فقه التيسير

 

فعلى مستوى الارشاد الديني وبعد أن اشار الوزير الى أن الوزارة قد وفرت لكل حاج تونسي هدية رئاسية متمثلة في قرص ممغنط وشريط سمعي يحتويان على ارشادات دينية تساعدهم على أداء مختلف المناسك في يسر تام وبعيدا عن أية مشقة أو حرج، ذكر بأن الحاج التونسي سيكون منذ انطلاق رحلة الحج مؤطرا دينيا وفقهيا من طرف مجموعة مرشدين دينيين ومرشدات يوجهونه الى الطريق الأيسر في عملية أداء مناسكه بمختلف أنواعها ويجيبونه عن كل ما قد يطرأ له من اشكالات اثناء أدائه لمناسكه في البقاع المقدسة.. هذا فضلا عن سلسلة الدروس الدينية التي وقع تخصيصها للحجيج التونسيين في مساجد مختلف الولايات والمعتمديات على امتداد الأشهر القليلة الماضية..

 

التنظيم المادي

 

أما على مستوى عملية التنظيم المادي فقد اشار الوزير الى أن تحسينات كثيرة ستشهدها ظروف إقامة وتنقلات حجيجنا الميامين في البقاع المقدسة خلال موسم حج هذا العام.. ففضلا عن أن إقامة هؤلاء ستكون في نزل وإقامات قريبة من الحرمين الشريفين في مكة والمدينة، فإن ظروف تنقلهم أثناء أدائهم لمناسكهم ستكون في وسائل نقل مريحة بعيدا عن أي اكتظاظ أو حمولات زائدة.. كما أن الأكلات التي ستقدم اليهم في عرفة ستكون ذات مواصفات غذائية صحية ومتوازنة.

 

الرعاية الصحية

 أما على مستوى الرعاية الصحية فقد ذكر الوزير بأن البعثة الصحية التي رافقت الحجيج التونسيين الى البقاع المقدسة وتسهر على توفير الرعاية الصحية لهم على امتداد أيام الحج تتكون من 57 إطارا طبيا وشبه طبي في اختصاصات مختلفة بما فيها طب امراض النساء والطب النفسي، كما انه قد وقع شحن حوالي 3700كلغ من الأدوية المختلفة لتكون على ذمة من يحتاجها من حجيجنا الميامين.

 

أول رحلة ذهاب وأول رحلة عودة

 

اما عن أول رحلة لحجيجنا الى البقاع المقدسة فقد ذكر الوزير بأنها تمت بتاريخ 6 ديسمبر الجاري، اما آخر رحلة ذهاب فستكون بتاريخ 25 ديسمبر الجاري، فيما ستكون اول رحلة عودة باذن الله بتاريخ 5 جانفي 2007 وآخر رحلة عودة ستكون بتاريخ 24 جانفي 2007.

 

وعن العدد الجملي للحجاج التونسيين لهذا العام أفاد الوزير بأنه يبلغ 9 آلاف حاج أي بزيادة 500 حاج عن عدد حجاج السنة الماضية.. علما بأن ثلث حجاج هذا العام من التونسيين قد تجاوز سن الثمانين.

 

محسن الزغلامي

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)


 

 

وزير العدل وحقوق الإنسان:

مجلة الأحوال الشخصية توفيق بين الأصالة والحداثة.. دون تقيد بأي مذهب

 

سوسة – الصباح: «مجلة الأحوال الشخصية: التشريع والتطبيق» هو محور الندوة العلمية التي نظمتها يوم أمس جمعية قدماء كلية الحقوق بسوسة بالاشتراك مع كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة ومحكمتي الاستئناف بسوسة والمنستير. اشرف على افتتاح الملتقى السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان الذي أشار في كلمته الافتتاحية الى أن مجلة الأحوال الشخصية التي مر على تأسيسها خمسة عقود شكلت دستورا اجتماعيا حقيقيا لتونس سبق دستور اول جوان سنة 59.

 

وكانت تجسيما لاحلام المصلحين التونسيين وخاصة الطاهر الحداد في تلك الفترة.. وبين وزير العدل وحقوق الإنسان في كلمته ان مجلة الأحوال الشخصية وحدت قضاء الأسرة وجاءت في شكل مزيج رائع يوفق بين الأصالة والحداثة بين الأخذ والاضافة دون ان تتقيد باي مذهب مهما كان اذ تنطبق على التونسيين كافة بقطع النظر عن معتقداتهم وانتماءاتهم الفكرية والاجتماعية.

 

مقاربة حقوق الانسان

 

تطرق السيد البشير التكاري في كلمته الى المقاربة التونسية في مجال حقوق الإنسان في علاقتها بمجلة الأحوال الشخصية وأشار في هذا السياق إلى ان انجازات تونس في مجالات حقوق الانسان شملت مختلف الفئات الاجتماعية من معوزين ومحدودي الدخل وطالبي الشغل وعمال وموظفين…

 

واستعرض مكاسب المرأة التونسية العديدة وحقوق الطفل التي جاءت بها مجلة حماية الطفل مؤكدا ان المكانة الاجتماعية والحقوق الانسانية التي تنعم بها المرأة التونسية ويتمتع بها الطفل التونسي اليوم في مختلف المجالات مكانة تولدت عن التراكمات والاصلاحات التي انطلقت مع رواد الاصلاح في بلادنا منذ احمد بن ابي الضياف وخير الدين التونسي وعبد العزيز الثعالبي والطاهر الحداد والزعيم الحبيب بورقيبة.. وتبلورت بصدور مجلة الأحوال الشخصية منذ نصف قرن وتدعمت كما وكيفا مع التحول بفضل المشروع المجتمعي الذي ارساه الرئيس زين العابدين بن علي والبعد الحضاري الذي يحدو رؤيته وبرامجه..

 

حقوق مختلف الأفراد

 

ذكر السيد البشير التكاري كذلك أن مجلة الأحوال الشخصية لا تكرس حقوق المرأة وحدها بل تنظم الأسرة وتضمن حقوق مختلف أفرادها.. وهي انجاز حضاري استمد جذوره من تاريخ تونس الاجتماعي والفكري وهي تؤثر في حاضرها الراهن وتمهد لمستقبل مشرق لاجيالها.

 

خلال حديثه عن التنقيحات التي عرفتها مجلة الأحوال الشخصية توقف وزير العدل وحقوق الانسان عند تنقيح سنة 1993 وما جاء به من اضافات هامة على غرار حماية الأسرة من التصدع والتاكيد اكثر على مبدا الصلح بين الزوجين في حالات التقاضي واستبدال مبدا الطاعة بمبدا الاحترام المتبادل بين الزوجين وقانون الاشتراك في الاملاك بين الزوجين واحداث صندوق النفقة…الخ

 

تواصل الاصلاحات

 

وفي اشارة الى تواصل النهج الاصلاحي في بلادنا لحماية حقوق المرأة والطفل والاسرة اشار وزير العدل وحقوق الانسان الى ان الوزارة تعد حاليا مشروع قانون لتجسيم ما اذن به رئيس الجمهورية في 13 أوت الأخير في مجال توحيد السن الدنيا للزواج في حدود 18 سنة ودعم حماية المطلقة الحاضنة في السكنى حماية لكرامتها ولمصلحة منظوريها الفضلى.

 

وخلص وزير العدل وحقوق الانسان الى أن مجلة الأحوال الشخصية كانت ثورة تشريعية على الأوضاع القديمة والعقليات المتحجرة وهي الان اداة ناجعة لتحقيق متطلبات الحياة العصرية ورفع رهانات التنمية في مختلف المجالات… وان المجلة ادت ولاتزال دورا بارزا في ارساء واقع المشاركة الفعلية لكل ابناء الوطن دون تمييز او استثناء او اقصاء او تهميش و«..هذا الواقع التونسي المحمود يحق لنا ان نعتز ونفاخر به في اطار تمسكنا بهويتنا العربية الاسلامية وبما اخترناه من قيم التسامح والتضامن والوسطية».

 

منى اليحياوي

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)

 


 

السماح بعرض مسرحية  “خمسون” بعد منعها أشهرا

 

تونس- أ ف ب- سمحت وزارة الثقافة التونسية للمسرحي التونسي فاضل الجعايبي بعرض عمله الجديد “خمسون” بعد منع استمر أشهراً، حسبما صرح الجعايبي أمس.

 

وأوضح الجعايبي أن السماح بعرض المسرحية “يندرج في سياق حرية التعبير التي بدونها سنغرق في التكلس الفكري والبؤس الجمالي ومتاهات العنف والتطرف”.

 

ويتوقع أن تعرض المسرحية التي تشارك فيها الممثلة التونسية جليلة بكار كاتبة النص مطلع العام الجديد تمهيدا لعرضها في اليابان ومرسيليا (جنوب فرنسا) في مارس المقبل.

 

وأثار عدم السماح بعرض “خمسون” جدلا واسعا في الأوساط الثقافية والسياسية في تونس. وتتناول “خمسون” كما يشير عنوانها خمسين عاما من تاريخ تونس المعاصر، وتركز المسرحية التي صفق لها الجمهور الباريسي في مسرح “اوديون” لدى عرضها للمرة الأولى في يونيو الماضي على موضوع الإرهاب.

 

وبدأ الجعايبي مسيرته المسرحية قبل أكثر من 30 عاما، وأسس عام 1976 مع مجموعة من المسرحيين التونسيين فرقة “المسرح الجديد” التي طبعت الخشبة التونسية لنحو 15 عاما.

 

وقدمت الفرقة أعمالاً مميزة منها “العرس” المقتبسة عن نص لبريخت و”التحقيق” و”غسالة النوادر” إضافة إلى “عرب” التي تناولت الحصار الإسرائيلي لبيروت عام  1982 وتحولت لاحقاً فيلماً سينمائياً.

 

(المصدر: صحيفة الوطن السعودية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)

الرابط: http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-12-23/socity/socity08.html

 

 

 


 

 

 

14% نموا في الاستثمارات الخارجية بتونس

 

تونس- رويترز – أفاد تقرير اقتصادي اليوم الجمعة أن الاستثمارات الخارجية بتونس نمت خلال الـ11 شهر الاولى من العام بنسبة 14.6 بالمائة مقارنة بالعام الماضي الى 966 مليون دينار «748 مليون دولار».

 

واضاف تقرير «تدفقات الاستثمارات الاجنبية» الذي اصدرته وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي الحكومية ان زيادة الاستثمارات الاجنبية تعزى الى نمو استثمارات قطاع الطاقة بنسبة 41 بالمائة الى 470 مليون دينار.

 

كما سجل قطاع النسيج زيادة في استثماراته بنسبة 14.2 بالمائة ليصل الى 66 مليون دينار مقابل 57 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي. وقالت مصادر حكومية أنها تتوقع استقطاب استثمارات بقيمة 1.2 مليار دينار.

 وتسعى تونس لجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية لتعزيز صادراتها وزيادة فرص العمل في بلد تصل فيه نسبة البطالة الى 14 بالمائة وفقا للارقام الرسمية.

 

(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)


 

 

انزلاق أرضي في المهدية يقود الى اكتشاف أثري

 

تسبّب انزلاق أرضي شهدته مدينة المهدية التونسية أخيرا في اكتشاف بقايا أحد أكبر معامل صناعة السفن الحربية والتّجارية يعود الى العهد الفاطمي في بداية القرن العاشر الميلادي.

 

وقال عدنان الوحيشي المشرف على الحفريات للفترة الفاطمية بمدينة المهدية في تصريح نشر أمس ان هذا الاكتشاف يتمثّل في جدار علوه نحو سبعة أمتار، ويجسّد جانبا مهما من “دار لصناعة السفن الحربية والتّجارية اشتهرت بها مدينة المهدية في العهد الفاطمي”.

 

وتعتبر مدينة المهدية الواقعة على السّاحل الشرقي على بعد 200 كيلومتر من تونس العاصمة، ثاني عواصم الخلافة بافريقيا، وقد أسّسها الفاطميون، حيث جعلها الخليفة الأول عبيد الله الفاطمي عاصمة للخلافة الفاطمية عام 308 هجري (02D ميلادي).

 

ووصف الوحيشي هذا الاكتشاف بالمهم لأن من شأنه “جعل مدينة المهدية علامة مضيئة ثقافيا وأثريا على الصّعيدين العربي والاسلامي”.

 

وتشير دراسات ومراجع تاريخية عدة الى ان “دار صناعة السّفن الفاطمية تتّسع لأكثر من مائتي مركب، وفيها قبوان كبيران وطويلان”.

 

يذكر انها المرة الثانية التي تساهم فيها العوامل الطّبيعية (الأمطار والانزلاقات الأرضية والانجراف) في تحقيق اكتشافات أثرية في تونس، حيث تسبّبت أمطار غزيرة عرفتها مدينة حيدرة في تسعينات القرن الماضي في اكتشاف لوحة فسيفساء نادرة الوجود.

 

(المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)


الإفـراج عن طائرة تونسية بعد احتجازها في الجزائر

تونس (رويترز) – قالت شركة طيران تونسية يوم السبت ان طائرة ايرباص اي 320 تابعة لها عادت الى تونس بعد ان احتجزتها السلطات الجزائرية إثر هبوط خاطئ بمطار عسكري بولاية ميلة الواقعة على بعد 450 كيلومترا شرق العاصمة.

وقال كريم الدهماني المدير التجاري لشركة (نوفل اير) المالكة للطائرة “الطائرة عادت بسلام ودون اي ضرر ولا خلل وطاقمها بصحة جيدة بعد ان حققت معهم السلطات الجزائرية بكل لياقة”.

وكانت السلطات الجزائرية قد احتجزت الطائرة لمدة يومين للوقوف على ملابسات نزولها في منطقة عسكرية مغلقة وأجرت تحقيقات مع أفراد طاقمها المكون من ستة أفراد كما أجريت فحوص فنية على الطائرة.

وكان من المقرر ان تهبط الطائرة التي لم يكن على متنها ركاب بمطار سطيف المدني الا انها حطت بمطار تملاغة بولاية ميلة على وجه الخطأ.

(المصدر: برقية لوكالة رويترز للأنباء بتاريخ 23 ديسمبر 2006)


 

المشروع الإسلامي التونسي ونزيف الانسحابات (1/3)

الجــــــزء الأول

د. خــالد الطــراولي

ktraouli@yahoo.fr

لعل الأمر ليس بالكثير حتى يصبح ظاهرة، ولكنه يوحي على قلته بأن شيئا قد حدث داخل الصف الإسلامي، وبدأت إرهاصاته تتسع ولو ببطئ، ولن يكون حديثنا عنه استعظاما له ومبالغة فيه، ولا استخفافا به وتصغيرا لشأنه، ولكنه يندرج في باب البحث والتفكر وتشخيصه ومحاولة تبيان الأسباب الكامنة وراءه، رغم تشعبها وفردية نشوئها في بعض الأحيان وشخصية انبعاثها.

 

إن المتابع لتطورات المشهد السياسي التونسي عموما والخطاب الإسلامي خصوصا يلاحظ بروز خطاب ليبرالي جديد تحمله أقلام كانت إلى مدة غير بعيدة داخل الصف الإسلامي حركيا أو فكريا، وإذا كان هذا الخطاب فرديا ممثلا خاصة في كتابات الأخ الفاضل الدكتور خالد شوكات، فإن ما كتبه هذه الأيام الأخ الكريم الأستاذ مرسل الكسيبي في تبنيه للطرح الليبرالي في مشواره السياسي، يؤكد هذا التوجه الجديد ويطرح تساؤلات عميقة وجذرية حول الأسباب والمسببات.

 

الحالة الإسلامية عموما والطاقات المهدورة

لقد مرّ على الحركة الإسلامية الإصلاحية حين من الدهر، نتيجة عوامل داخلية وخارجية، تواجد فيها العديد من الطاقات خارج فضائها، نذكر منها  [[1]] :

الطاقات المعطلة، وهي التي لم يقع استثمار قدراتها المعرفية المتفجرة، فآثرت الانزواء والانتظار، والانسياق وراء طلب الرغيف والارتزاق، أو التواجد في منتديات وجمعيات فكرية وحقوقية، للتخلص ولو بحدود من داعي الفعل والتأثير.                   

                   

ومنها الطاقات الخائفة، وهي التي هالها ما وقع من رعب وعدوان، فاستأمنت لنفسها بالبقاء خارج فضاء المواجهة وفضلت الصمود على طريقتها، في انتظار أيام أفضل وأحوال أهدأ. فسعت إلى الحفاظ على تدينها ولو في مستواه الأدنى من شعائر و عبادات وقيم وفضائل ولو بصعوبة أحيانا.

 

ومنها الطاقات اليائسة والمحبطة، وهي أصناف، منها التي غلب عليها القنوط والتشاؤم، لهول المأساة وسرعة الانهيار وضبابية التصورات والممارسات، فآثرت الانطواء وطي صفحة المشروع نهائيا، والاستقالة من الفعل، والتوجه إلى أعمالها الخاصة، لتصبح عنصرا عاديا في المجتمع، يسعى بكل جهده إلى الذوبان فيه فكرا أو ممارسة أو الاثنين معا.  ومنها التي حبذت النجاة الفردية بعدما أحبطت في نجاح كل السفينة وخلاص المشروع، فرأت اجتهادا الالتحاق بالوطن والتنازل عن المشروع السياسي، فمنهم من آثر الصمت والدخول في مواطنة ساكنة همها الانكفاء على الذات والأسرة وإنقاذ ما يجب إنقاذه إيمانا وسلوكا، ومنهم من آثر المغالبة وتصفية حسابات الماضي والدخول في معارك هامشية لا تفيد أي طرف بل لعلها تزيد الهشيم على النار…

 

 وصنف آخر على نقيض الأوائل، طاقات تتقد عملا وتلهفا على الفعل، غير أنها وصلت من خلال مراجعاتها وتقييماتها إلى يأس من تمكين أفكارها وتمكن مشروعها الذي آمنت به ولا زالت، عبر إطارها الأول، في ظل داخل متعنت وخارج رافض، فآثرت الالتحاق بأحزاب سياسية معارضة أو منظومات فكرية قائمة، حاملة معها لغزها وهمومها، وآملة أن ترى من خلالها تنزيلا للبعض من أفكارها وتصوراتها.    

   

ومنها الطاقات الفاعلة، وهي التي غادرت المؤسسة الأمّ ولم تغادر المشروع، وحاولت التعبير عنه من خلال نوافذ تأثيرية مباشرة تمتلكها أو تشارك فيها، مثل الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت والفضائيات. وهي نوعية ناشطة، وجدت في الاستقلالية والحرية الفردية إطارا جذابا لها ولإبداعاتها. لكن هذه العزلة المفروضة أو المختارة لن تلبث أن تكون عنصر تثبيط وعدم فاعلية مرجوة، في مقابل قوة الجماعة وإمكانياتها ومدى تأثيراتها.

 

ومنها الطاقات الشاذة، وهي التي غُلبت على أمرها، فخلطت بين انتماءها للدين كشعائر ثابتة ومعتقدات راسخة، وبين اجتهاد في التنزيل وتدافع في التمكين. فانسلخت من هذا وذاك، وارتمت في أحضان النموذج الغالب، انتماء قناعة أو انتهازية، وركبت أمواجه. فمنها من عادى مشروعه علنية، ومنها من اكتفى ب “نجاته” الفردية.

 

إن المرء ليعجب حين يلاحظ أن إبداعات الإسلاميين في الأدب والسياسة والاقتصاد وأخيرا في الإعلام كان أغلبها خارج التنظيم، فأدبيات البنوك والإسلامية وإضافاتها الفريدة لعالم المال، أشرف عليها أفراد غادروا تنظيماتهم وتمكنوا عبر اجتهاد رشيد  من بلورة مشروع بنكي جريء يختلف عن الموجود، وعير قراءات الاعتدال والوسطية  من  إفراز كتابات نوعية وتنظيرات تجديدية في المجال السياسي والحريات العامة التي استقرأت الماضي وبحثت في الموروث وأحدثت نقلة مبدعة في مفاهيم المواطنة وفي العلاقة مع الآخر، قام عليها في الأغلب رجال خارج تنظيماتهم. ولعل المكتبة الإسلامية الحالية في اجتهاداتها وإنتاجها المتعاظم كمّا وكيفا يعود في أساسه إلى مجموعة كتاب وباحثين مستقلين لم يستطع التنظيم استيعابهم، ووجدوا راحتهم في إطار بديل. هذه الحالة المرضية تطلق تساؤلات هامة حول الإطار التنظيمي الإسلامي عموما وما يسمح به من حريات وتفاعل داخله، وعن مصداقية آليات تفعيل مشروعه داخلا وخارجا.

 

الحالة الإسلامية التونسية وعمق الأزمة

ليس التوجه الليبرالي لبعض رفاق الأمس ولهذه الطاقات الفاعلة إفرازا جديدا ومفاجئا داخل الإطار الحركي الإسلامي التونسي، ولكنه حلقة جديدة تضاف إلى سلسلة طويلة متنوعة من الخروج من ربقة التنظيم والطلاق من العمل الحركي، والتوجه نحو نجاة فردية أو خلاص فكري أو سياسي، يسعى البعض من خلاله التعبير عن يأس في القديم ومحاولة للعيش أو التواجد أو البناء بعيدا عن مطالب التحزب أو تجاوزات التنظم.

 

لقد تنوعت مشاهد هذا النزيف المتواصل للمشروع الإسلامي منذ التحاق بعض الإخوة في بداية هذه الألفية بكل من الحزب التقدمي الديمقراطي والمؤتمر من أجل الجمهورية، وكان هذا الفصل ناقوس خطر تغافل البعض عنه وتجاهله واستخف به البعض الآخر! وقد كتبت في حينها مقالا ينبذ هذا الخيار وينبه لخطورته ويدعو للتعقل والرشد في شأنه ويحذر الجميع من هذا الشرخ والنزيف المهدد للمشروع في وجوده [[2]]…

 

 وتواصل النزيف ولم يتوقف، بل زادت وتيرته واتسعت، فخرجت علينا لاحقا ظاهرة عجيبة وغريبة لم ينته مشوارها، صاغتها أياد نظيفة تنصلت من التنظيم الحركي وأرادت النجاة الفردية، فقام بعض الأفراد بمحاورة السلطة والقبول بالتخلي عن الجانب الحركي والتنظيمي في حياتهم والعودة إلى مربع العيش البسيط، بعيدا عن هموم السياسة وتضحيات العمل الحركي وعواقب حمل الهمّ العام…

 

وبين هذا وذاك، لا يخلو مشوار الاستبعاد والابتعاد من حلقة طالها النقاش والحوار  والتجاذب السليم أحيانا وغير السليم أحيانا أخرى، مرحلة قاسية ومحزنة لأنها بدأت تطال درجة الرواد… فكان خروج الأخ الفاضل الدكتور الهاشمي الحامدي ثم الأخ الكريم الدكتور صالح كركر عجل الله شفاءه والأخ الفاضل الأستاذ لزهر عبعاب والشيخ الكريم خميس الماجري وآخرين …

ـ يتبــــــع ـ

هوامش :

[1]  انظر سلسلة المقالات  خالد الطراولي ” مركزية المصالحة في الخطاب الاسلامي الجديد”  صحيفة التجديد المغربية من 19/01/2004 إلى 26/01/ 2004

2 خالد الطراولي  “نداء للتعقل” موقع تونس نيوز 7 أوت 2001 و “إسلاميو تونس بين الازدواجية والانصهار” موقع إسلام أون لاين www.islamonline.net/arabic/politics/2001/08/article6.shtml

 

المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net

 


 

أسئلة محرجة وخطيرة نطرحها على الفريقين

مرسل الكسيبي (*)

 

مايطرحه العلمانيون من اشكالات على فرقائهم الاسلاميين يظل الى اليوم حبيس اجابات تتراوح بين الوضوح والابهام ومناطق التعتيم المقصود ,وبالمقابل فان مايطرحه الاسلاميون على خصمومهم العلمانيين من أسئلة الاحتكام الى صناديق الاقتراع والرضي بما تفرزه العملية الانتخابية من تشكيل سياسي مركزي أو جهوي يظل من قبيل الأمر المؤجل والمرفوض.

 

ففي ملف الحريات العامة بما تقتضيه هذه الموضوعة من بسط للشورى واتاحة الفرصة للاحزاب والجمعيات في التشكل والتظاهر السياسي والتنظم النقابي وحق ابداء الرأي والتعبير والتجمهر وفصل للسلطات وحماية لذلك بنص القانون واحترام لحرية المعتقد وضمان لحق التنقل والسفر وحق الصحة والحياة الكريمة …,قد يجد الاسلاميون الأكثر اعتدالا أنفسهم أمام مقولات قابلة للتطبيق والتنفيذ في ظل عدم تعارضها مع منطوق النص الاسلامي ,غير أنه وفي الوقت نفسه واذا ماتعلق الأمر بمناهضة التعذيب بما يقتضيه ذلك من اعتراض على تطبيق العقوبات البدنية المضمنة نصا في القانون الجنائي الاسلامي ,ونقصد بذلك أحكام القصاص والحدود ,فان الاسلاميين بسلفييهم ومدارسهم الأكثر اعتدالا سيجدون انفسهم أمام حرج سياسي وقانوني كبير نتيجة صعوبة الاجابة على مثل هذا السؤال الذي يعد مركزيا في مفاصل المشروع العلماني.

 

اذا ماتمسك الاسلاميون اليوم بأحكام قرانية وردت في رجم الزاني المحصن وجلد الزاني غير المحصن وجلد شارب الخمر ,واذا ماكانوا واضحين وحرفيين في مستوى تطبيق تشريعات القانون الجنائي الاسلامي فانهم سيجدون أنفسهم أوتوماتيكا أمام رفض من قبل مكونات الفضاء العلماني ,وفي مقابل ذلك اذا كانوا من المقاصديين الذين يغلبون روح الشريعة على مفاصلها في مادة الأحكام فانهم سيلقون مصير التشكيك في مصداقيتهم الدينية والأخلاقية أمام جمهور واسع من المسلمين والسلفيين الذين يتمسكون بحرفية النص ,على اعتبار أنه المصدر الأعلى للتشريع الاسلامي .

 

اشكالات قد ينجح فيها العلمانيون نظريا بحكم استنادهم الى القوانين الحديثة والوضعية والمواثيق العالمية لحقوق الانسان وللشرعة الدولية في هذا المجال ,ولكن رصيدهم في العالم العربي في مجال الحكم لم يخل على مدار نصف قرن من أساليب التعذيب والعقوبات البدنية مع الخصوم والمعارضين والتي وصلت الى حد الشنق والقتل والسحل  ,مما حول هذه النصوص الوضعية الجميلة التي تحمي السلامة الجسدية وحقوق الانسان الى خرقة بالية لانجد صوتا لها الا في الخطاب الفكري والاعلامي والسياسي .

 

اننا حتما أمام اشكالات حقيقية ,فمن نتبع اليوم ؟ الخطاب الاسلامي السلفي الذي يعدنا بالجنة في مقابل الصبر على الفقر والجوع والحصار والحرب والتخلف في البنى التحتية والتعليمية والصحية …؟وكأن الجنة مرادف لكل هذه الظواهر التي جاء الاسلام لمحاربتها واخراج الناس من واقعها المرير ,أم الخطاب الاسلامي المعتدل في مقابل التخلي عن نصوص قرانية ونبوية جاءت واضحة في موضوعات الأحكام الجنائية ؟ أم الخطاب العلماني البراق الذي أشبعنا بوعود الحريات الفردية والجماعية واحترام حقوق الانسان واحترام ارادة الشعب وأورث مجتمعاتنا واقعيا مزيدا من القهر والتسلط والاستبداد والتخلف والتبعية ؟!

 

أسئلة موضوعية لابد أن نطرحها على العقل العربي حتى نبتعد جميعا اسلاميين وعلمانيين عن ممارسة الازدواجية مابين الممارسة والخطاب ,حيث أن جملة من الاشكالات لابد أن يواجهها الفقهاء المسلمون اليوم بشجاعة وقدرة على الاجتهاد الواعي والدقيق ,كما منظرو العلمانية بجرأة وشجاعة من أجل معرفة أسباب فشل المشروع التحديثي العلماني في منطقتنا العربية بعد أن وعدنا هذا المشروع بجنة أرضية ليس لها مثيل حتى في أوربا والغرب …

 

ثمة أسئلة حرجة جدا أيضا بالمقابل من حق الاسلاميين والبسطاء والمواطنين المعنيين بشؤون تربية الأجيال القادمة أن يطرحوها على قادة المشروع العلماني في المنطقة العربية ,وعلى رأسها ماموقف العلمانيين من قضايا الشذوذ الجنسي ؟,هل هي شيء مقبول من منظور أخلاقي وعلماني ولابد من حماية هذه الظواهر الاجتماعية الشاذة بنص القانون بحكم انها تدخل في مجال الحرية الشخصية ,أم أن للحريات الشخصية في المشروع العلماني حدود وضوابط أخلاقية لايمكن أن يتعداها ومن ثمة لابد على قادة هذا المشروع أن يراعوا خصوصية البئة العربية والاسلامية.

 

ماموقف قادة المشروع العلماني العربي ومنظريه من حماية الدعارة وتقنينها وتأسيس دورها وحاراتها في بعض بلادنا العربية ,هل تعتبر هذه الظاهرة ضمن دائرة الحريات الفردية والجماعية أم أن البئة العربية والاسلامية لها خصوصية لابد من مراعاتها من أجل حماية المجتمع من الانهيار الأخلاقي ومن تفشي الأمراض والتفكك الأسري والاجتماعي…؟

 

ماموقف قادة المشروع العلماني من تعاطي المخدرات والاتجار بها بكميات خفيفة؟ ,هل يعد هذا الفعل جريمة أو جنحة يعاقب عليها القانون؟ أم أنها تظل في اطار الحريات الفردية المسموح بها اليوم في بلاد الغرب ؟

 

ماموقف العلمانيين من قضية الزي الاسلامي أو الحجاب ؟ هل هو زي مسموح به حيث انه يدخل في مجال الحريات الفردية والشخصية ؟ ,أم أنه زي رجعي ومتخلف كما يدعي الكثير من العلمانيين ومن ثمة وجبت محاربته بسلطة الدولة والقانون ؟…

 

أسئلة من الوزن الثقيل أتحدى ايا من قادة المشروع العلماني العربي بأن تكون له أجوبة جاهزة وشافية وضافية عليها…

 

وحينئذ فانه يمكن القول بأننا أمام مجموعة من الاشكالات الفكرية والسياسية المطروحة بحدة على قادة ومنظري وفقهاء المشروعين ,حيث أن الاجابة فيها لاتكفي بصيغة نعم أو لا ,بقدر ما أنها تتطلب مأسسة فكرية وفقهية ونظرية تخرج عن قدرات الفرد مهما بلغ من ذكاء واتقاد ذهن واتساع بصيرة.

 

ما العمل حينئذ ؟

 

اننا في الظرف الراهن يمكن أن نلتقي على الحد الأساسي والأدنى المشترك من الخطابين ,وهو أن قضية الحرية قضية مركزية لابد أن نناضل من أجلها سويا في كل تفصيلات المعارضة العربية ,حيث أن مناهضة التعذيب نتيجة الرأي الفكري والعقدي والسياسي يعد جريمة لابد من التصدي لها على مستوى كل المدارس السياسية الفكرية العربية والاسلامية ,كما أن قضايا حرية الرأي والتعبير والاعلام قضايا مركزية لاينبغي التهاون في طلبها والتـأسيس لها على أرض الواقع حماية وتشييدا ,ومن ثمة فان التلطيف من تشنج الدولة وغلوها في مصادرة ملفات الاحتكام الى المؤسسات والدراسات العلمية والاستراتيجية في قضايا النهضة العمرانية والاقتصادية والتقنية والتنموية وكذلك مجالات التحديث السياسي الرامي الى ادخال جرعات معتبرة على حياتنا في مجال الاصلاح والدمقرطة مما يخفف من احتكار الدولة للقرار وفردانيته على مستوى قضايانا المصيرية ,كل ذلك يعتبر برنامج عمل مشترك لا أظن ان أصحاب العقول الاسلامية النيرة أو أصحاب المنطق اللائكي والعلماني يرفضونه من باب أنه من من ثانويات الدين أو من محرماته أو من تهافت العلمانية وسقط المتاع فيها…

 

تبقى القضايا الخلافية الأخرى مطروحة للتنسيب الواقعي والاجتماعي والبيئي في ضوء ديناميكية فكرية واجتهادية وسياسية مطروحة على الفريقين ,ولعله من المهم بمكان احياء المؤسسات الاسلامية العريقة في العالم العربي والاسلامي من أجل الاجابة على جوهر الأسئلة التي تمثل منطقة خلاف مركزي بين المشروعين ,غير أن ذلك لن يتم في ظرف زمني وجيز بحكم عدم تمتع هذه المؤسسات بالاستقلالية العلمية والسياسية والمالية في ظل ماتعرفه المنطقة العربية والاسلامية من استبداد .

أما فيما يخص الفريق العلماني ومايطرح عليه من أسئلة محرجة فان تنسيب الدراسات النفسية والاجتماعية والسياسية والقانونية واخضاعها للمنظومة البيئية والاجتماعية العربية والاسلامية ,يعد شرطا من شروط نجاح الخلاصات الفكرية التي تشكل نواتات رئيسة لمثل هذه الأسئلة ,حيث ان استيراد الأجوبة الجاهزة من أكاديميات وجامعات الغرب أو سجلاته الحقوقية والسياسية والقانونية من شأنه أن يساهم في اسقاط حلول جاهزة ومستوردة لبئة لابد أن تستقل في علوم النفس والاجتماع والسياسة وغير ذلك من العلوم الانسانية على اعتبار نسبية هذه العلوم بحسب البئة والمنظومة التي ترعرعت وتطورت فيها.

 

(*) مدير صحيفة الوسط التونسية:  reporteur2005@yahoo.de

 

(المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” الالكترونية بتاريخ 21 ديسمبر 2006)


بسم الله الرحمن الرحيم

لغة “البلاستيك ” حقوق مسجلة لقصر قرطاج

 

صابر : سويسـرا  
 
تنعم تونس تحت ظل حكامها الحاليين بحقوق الإنتاج والنشر والتوزيع  لمواد تندر فى الأسواق السوداء والبيضاء على السواء ومن بين تلك الصناعات الجيل السابع من اللغة البلاستيكية المعلّبة بشرائح من”الزبدة” الساخنة… وبالعودة إلى تصريحات المسؤول بوزارة ما يعرف مجازا بوزارة حقوق الإنسان بتونس رضا خماخم فى برنامج للتلفزيون البلجيكي نجده يقدم لنا عرضا إشهاريا لتلك السلعة البائرة لدى الكثير من الأوساط الدولية الرسمية وغير الرسمية ولدى المنظمات الحقوقية العالمية والتونسية والشعب التونسى ناهيك عن المعارضة الوطنية .. فعقوق الإنسان , أقصد حقوق الإنسان , بنظر السيد المدير بالوزارة الهلامية والوزير بلا حقيبة وبلا “دوسيات” أيضا هو خيار إستراتيجى و “حاجة مهمة برشة”  وهى حقوق غير قابلة للمراجعة والنقض فمنذ تخيير سبعة نوفمبر وتونس توجهت مباشرة نحو التأسيس لدولة القانون وسيادة حقوق الإنسان …… لتضعهم تحت حراسة مشددة وفى أماكن آمنة مثل 9 أفريل وبرج الرومي والهوارب والكاف وغيرها من المقرات والثلاجات المفتوحة خصيصا لذلك على إمتداد البلاد طولا وعرضا وهى بالمناسبة آمنة وأمينة على سلخ كل تلك القيم وتعليبها وشحنها لتعرض بعد ذلك بأثمان بخسة للغاية مقارنة بالسعرالدولي نظرا لتدني كلفة إنتاجها المرتكزة أساسا على الهواء ومشتقاته ولأن التجربة أصلا  فائضة على الإستهلاك المحلي ومعدة للتصدير كزيت الزيتون والتمور والمعارضين الله الله على هذا الإشهار المدفوع والذى خرج من “ريق شايح”لا يؤمن بصلاح السلعة التى يعرضها لعدم مطابقة العبارات الإشهارية التائهة لمواصفات المعروض .. لا يهم !!! فهذا شأن معظم الإعلانات المدفوعة الأجر المعروضة على التلفزيونات!! .. و الوزير الممثل لم يزد على أن لعب دور”الكومبارس” فى هذا العرض الإشهارى الفاشل جدا , وهذا التقييم من منظور تجارى فقط , ذلك أن الأمانة الإقتصادية تستوجب القول بأن السلعة التى يقدمها الوزير الممثل هي مغشوشة تماما ليس من حيث مادتها وتكوينها فقط ولكن الأهم أن تاريخ الصلاحية قد مرت عليه عدة سنوات شارفت على العقدين من الزمن وليس من الأيام والساعات , وأصبح إستهلاك هذه البضاعة من قبل المواطنين وكذلك الوافدين خطرا على صحتهم وحتى على حياتهم ذلك أن عدة أمراض آنية ومستقبلية قد تلحق بكل مستهلك لهذه المادة خاصة إذا كانت لديه شحنات معقولة من الكرامة الإنسانية  , حتى عن طريق الشم والنظر لأنها أمراض منقولة ,  صحيح هي منقولة بأمانة و المسؤولية لا تقع علي ناقلها والخطر محفوظ  للمصدر ولكن الخطر قائما ولابد من التنبيه وإسداء النصيحة الطبية لحضرات المستمعين بعد موت الدكتور حكيم عليه رحمة الله , ومن بين تلك الأمراض عفاكم الله على سبيل الذكر لا الحصر مرض الغثيان  و”الفدة ” و”البلغمة”  و”التفل بلا ريق” وهذا الأخير بالمناسبة مرض نادر تهيجه مثل هذه المواد خاصة بما ينبعث منها من غبار يتجه حسب الرصد الجوى”شرش برّانى” وبسرعة عُقد لا تستطيع الوسائل التقنية المتوفرة لدى المرصد المذكور تحديدها , كما تسبب تلك البضاعة أيضا عفاكم الله فى مرض”القهقهة العالية المصحوبة بدموع غزيرة” وهى أعراض قد تعرّض صاحبها لتهمة الجنون من طرف الجيران وأيضا تهمة الأعتداء على موظف أثناء تأدية كذبته أقصد عمله وهى جنحة بلا عقاب إلى حد الآن لأنها غير مذكورة فى القوانين والمناشير واللوائح التى صادق عليها مجلس النواب وتنتظر مشروع قرار جديد يقدم مسودته الوزير الممثل لأصحاب الإختصاص إن أراد مقاضاة الجناة هناك أمر فى غاية الخطورة من جهة الأهمية وهو أن هذه اللقطات الإشهارية لم تسجل فى المسرح البلدى وإنما سجلت داخل مكاتب عمومية تعود ملكيتها الإعتبارية للمواطنين التونسيين بالداخل والخارج حتى وإن كانت المفاتيح بيد الوزير المذكر , كما أن المشاهد دارت أمام علامة مميزة من العلامات الوطنية وهو علم البلاد التونسية المفدى , وهذا الإستثمار الغير مشروع لهذه المقرات العمومية والرموز الوطنية تحمّل الوزير المسؤولية فى أن كل العائدات المالية من هذه الحركات البلهوانية تعود بالضرورة وبحكم القوانين التى تحكم البلاد منذ أرست دولة القانون وعقوق الإنسان إلى صندوق الإستثمار المتمثل فى الكرسي الوثير الموجود بالمكتب مسرح اللقطات وهذا ما يوفر للممثل المذكور ونقصد ممثل القانون والمؤسسات التمديد فى مهمته فى هذا المنصب وهو ما يتطلب أيضا تزويده بعلاوات يستحقها لما قام ويقوم  به  من تنسيق وتعاون فى أدواره سواءا فى هذا المشهد الذى أداه بإحترافية عالية أو ماهو مرشح له من أدوار فى الأفلام السنمائية والمشاهد المسرحية القادمة والتى دشنت مرحلة القطع مع ما يعرف لدى النقاد والمتابعين باللغة  الخشبية وأدوار”بوسعدية” لتدخل تلك المشاهد مرحلة من الأدوار التجريبية أو ما يصطلح على تسميته  فى منجد مصطلحات المسرح والسنما النوفمبرية الحديثة باللغة البلاستيكية الطيعة التى تستجيب إلى تحديث الخطاب المسرحى الذى أنشأه العهد السعيد فى كل المقرات العمومية والخاصة أخيرا نحن نبشر كل المخرجين بهذه “الفلتة”التى لبست الشخصية كما يجب أن يكون وكما يتطلبه الموقف لتعرض نفسها عليهم بهذا العمل الكوميدى النوفمبري الجاد كي ينظروا إليها بعين تقدرها حق قدرها كي يرشحوها لأدوار رئيسية إن كانت لهم النية فى إنتاج مسرحي أو سنمائي أو تلفزيوني كما نلفت عناية النقاد المسرحيين والسنمائيين إلى الكتابة حول هذه الطاقة الجديدة التى تخرجت من معهد سبعة نوفمبرالعالى للحركات البلهوانية واللغات البلاستيكية واللسانيات المحلية المهجّنة ونعتذر على الإختصار فى العنوان لأن عرضه كاملا سيأخذ منا الوقت وكذلك مساحة غير متوفرة لدينا فى الطبع والنشر دمتم وإنقطع الأذناب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مؤتمر اتحاد الشغل

حسابات وعقابات

بقلم: محمد عمار

 

بشهادة الجميع يبقى مؤتمر المنستير لاتحاد الشغل أكثر المؤتمرات شراسة وسخونة في كنف الديمقراطية وحرية التعبير، حيث عاش النقابيون مؤتمرا موازيا في الكواليس بعيدا عن القاعة المحتضنة له، جمع المترشحين والنقابيين “المغضوب عليهم”. هذا المؤتمر الذي طغت عليه نتائج الإنتخابات –وهذا طبيعي- على المضامين الأساسية تخللته عدة شعارات وهزات من الداخل، هزات كادت توقف المؤتمر لعل أهمها عندما تطرق المؤتمرون إلى نقطة الهيكلة والمدة النيابية التي تم تحديدها منذ مؤتمر جربة الاستثنائي بنيابتين.

 

الأجواء المشحونة والتي يتحكم فيها الرقم الصعب في المعادلة النقابية السيد علي رمضان، أفرزت خطابات ذات بعدين تضمنتها كل من كلمات المؤتمرين والضيوف : خطاب عروبي إسلامي قومي يركز على القضية الفلسطينية ولبنان والعراق وسوريا ويدعو إلى دحر العدو الصهيوني متعللا بأولوية محاربة الامبريالية والصهيونية وهذا الخطاب يمثله تحالف يساري عروبي إسلامي تزايد في رفع الشعارات وهو بدا مؤثرا على قرابة الثلث من المؤتمرين. أما الخطاب الثاني فقد تجاوز العرب إلى الأممية من خلال أمريكا اللاتينية (فنزويلا، كوبا والبرازيل) حيث يرى هؤلاء أن شافيز على سبيل المثال أكثر عروبة من العرب أنفسهم في الدفاع عن القضايا العربية وحرماتها وهو تفكير تبناه قرابة خمس حاضري مؤتمر المنستير.

 

في هذا الخضم خلفت بعض النقاط أسئلة بلا أجوبة. فبعد أن كان مقررا أن يلقي مختار الطريفي رئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان كلمة في جلسة الافتتاح غادر المؤتمر تاركا برقية قام بتلاوتها أحد المقررين بعد انتخاب رئيس المؤتمر وتحت إلحاح النواب والتي أكد فيها على استفحال أزمة الرابطة وهو ما أثر بعد ذلك على تدخلات المؤتمرين الذين عابوا على الاتحاد أن لا يأخذ موقفا صريحا مساندا للرابطة وجمعية المحامين الشبان وجمعية القضاة وإفراد مشكلة هياكلها الشرعية ببيان خاص يؤكد على مساندة النقابيين لها.

 

السيد الهادي الجيلاني رئيس الأعراف لم يستطع في تدخله أن يتم جملة كاملة فقد لقيت كلمته عدة مقاطعات وشعارات تدعو إلى استقلالية الاتحاد وحريته ورفع الحصار عن “النقابيين المعسكرين خارج الفندق”. والمعلوم أن هذه المجموعة التي تضم قرابة المائتي نقابي منهم بعض المترشحين للمكتب التنفيذي الجديد كلها من غير المؤتمرين غايتها متابعة أشغال المؤتمر عن بعد والمشاركة بصفة لاصقة في الحملة الانتخابية إلا أن قرار المكتب التنفيذي المتخلي ورئاسة المؤتمر بمنعها من الاقتراب من النزل أين يعقد المؤتمر أدى إلى دخولها في مناوشات مع رجالات الأمن.

 

هذه الفوضى العارمة في النهار تتحول إلى “تكتيك” و”تحالفات” في الليل في أرجاء الفندق، في الشارع وفي زوايا الفنادق المجاورة تحاول تقوية حظوظ هذا وإضعاف حظوظ الآخر بينما تواصل التكتم حول القوائم لدى القيادات. وعاش النواب والمترشحين حالة من الهستيريا وشد الأعصاب فبمن سيطيح الغربال يا ترى خاصة وأنه لا مجال للتزوير اعتبارا أن أغلب الجهات والقطاعات المؤثرة أعضاء في لجنة الفرز وتواجد الصحافة كمراقب وشاهد عيان ؟ وفي خضم ذلك ظهرت المناشير والبيانات الانتخابية حاملة في طياتها المضامين الأساسية التي ستدافع عنها المترشحين كقوائم أو بصفة فردية والتي ولئن اختلفت أشكالها فإن مضامينها واحد وأهمها التمسك باستقلالية وديمقراطية الاتحاد وعدم انخراطه في أية حملة دعائية لتزكية الانتخابات الرئاسية القادمة والنضال من أجل الملفات العالقة مثل التأمين على المرض والتعليم العالي و”السمسرة باليد العاملة” واستئناف المفاوضات بشأن قطاعات أخرى لضمان حق الشغل والعيش الكريم وذلك بغية إقناع النواب بما ينوون فعله.

 

هذه الحملة الانتخابية يرى فيها أغلب النواب المشاركون في مؤتمرات سابقة أنها مجرد هراء لأنهم لا يستطيعون فعل شيء فاللعبة الانتخابية واضحة وهم يلاحظون رغم شفافية المؤتمر وديمقراطيته أن النتائج في معظمها هي معروفة مسبقا لدرجة أن البعض من المناوئين ردد بأن “شعار مؤتمر المنستير هو سيارة، منحة وامتياز وليس النضال والصمود والتقدم الذي ذهب مع حشاد والحامي والتليلي وعاشور”.

 

وفي قراءة لتركيبة المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد نلاحظ سقوط الغضباني والمداخلي والماجدي إضافة إلى انسحاب مسعود ناجي (رئيس المؤتمر) وصعود رباعي جديد وهم المنصف الزاهي (قفصة) وبلقاسم العياري (بن عروس) وحسين العباسي (القيروان) والمولدي الجندوبي (جندوبة). وأهم ما يميز هذه المكتب هو مواصلة الحلف التقليدي (قرقنة-قفصة) هيمنته على وراثة الاتحاد مع غياب العنصر النسائي رغم ترشح 6 نساء وتنقيح النظام الداخلي بالإقرار بمبدأ المساواة بين المرأة والرجل، إلى جانب إقصاء كلي للساحل رغم ترشح عدة رموز معروفة بنضالها من خلال أزمتي 78 و85 على غرار جنيدي عبد الجواد (قصيبة المديوني) وعبد المجيد الصحراوي (الساحلين) والحبيب بسباس (المنستير) وسعيد يوسف (المنستير)…

 

والسؤال المطروح حاليا : ما هو مستقبل الاتحاد في ظل التركيبة الحالية علما وأن المؤتمر انغمس في الحسابات الانتخابية دون تعميق الحوار حول الإشكاليات المصيرية المطروحة أمام الشغالين والبلاد ؟ فهل هي قادرة على إعادة ترتيب البيت دون “تسيس” في حين أن  مؤسسات الاتحاد مهددة بالإفلاس على غرار نزل أميلكار الذي بلغت نتائجه السلبية نحو 157 ألف دينار وشركة التأمين التي تحتضر وديون الاتحاد الجبائية التي ناهزت 2 مليون دينار… ؟ وماذا لو ذهب جراد لسبب أو آخر قبل نهاية النيابة الحالية في ظل حالته الصحية المضطربة ؟

 

(المصدر: أسبوعية “الجريدة” الألكترونية (تونس)، العدد 54 بتاريخ 23 ديسمبر 2006)

الرابط: http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=1223


 

على أعقاب مؤتمر المنظمة الشغيلة

مسائل أساسية في مجابهة تحديات المرحلة

بقلم سامية الجبالي

 

أفرز المؤتمر الحادي والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل مكتبا تنفيذيا جديدا بلغت نسبة الجديد فيه 30% وذلك بصعود 4 أعضاء هم حسين العباسي ومنصف الزاهي والمولدي الجندوبي وبلقاسم العياري مقابل خروج كل من الهادي الغضباني ومسعود ناجي وسليمان الماجدي وعبد النور المداحي.

 

ولئن كان لكل من واكب أشغال هذا المؤتمر أن يقر الحس النقابي العميق والروح الديمقراطية العالية التي ميزت مؤتمر الشغالين فإن بعض المسائل ما تزال في حاجة إلى التنظيم أو لنقل في حاجة إلى مزيد التحسيس والتوعية.

 

وأولى هذه المسائل هي اقتصار المكتب التنفيذي للمنظمة الشغيلة على العنصر الرجالي دون العنصر النسائي مع الإشارة إلى أن عدد المترشحات لعضوية المكتب التنفيذي بلغ 5 نساء أحرزت السيدة نعيمة الهمامي على أعلى نسبة تصويت بينهن ذلك أنها حصلت على 168 صوتا فيما لم تتجاوز الأصوات المتحصل عليها لبقية المترشحات الـ44 صوتا تحصلت عليها السيدة كلثوم برك الله.

 

غياب التمثيلية النسائية داخل المكتب التنفيذي للمنظمة يضع أكثر من نقطة استفهام حول سبب هذا الغياب ولنا أن نتساءل : هل عجزت المرأة العاملة والنقابية على وجه الخصوص عن كسب ثقة النواب مما يؤهلها للاضطلاع بإحدى مهام المكتب التنفيذي ؟

 

ثاني المسائل التي يجب التمعن فيها قصد تلافيها في قادم المؤتمرات هي عمليات الإقصاء التي انتهجها بعض الأعضاء تجاه نقابيين ومترشحين لعضوية المكتب التنفيذي إذ حرم عدد كبير من دخول مقر انعقاد المؤتمر مما أدى إلى مرابطة هؤلاء أمام المقر لثلاثة أيام متتالية.

 

أحد أعضاء المكتب التنفيذي المتخلي والذي لم تكفه الأصوات للاضطلاع بعضوية المكتب مرة ثانية ناشد رئاسة المؤتمر السماح لزملائهم النقابين بالدخول لأن ما هو ممنوع حسب التقاليد النقابية هو دخول قاعة المؤتمر وليس مقر انعقاده وثانيا لأن الأحوال الجوية كانت سيئة جدا والتقاليد التضامنية والمبادئ الإنسانية تمنع تجاهل معاناة الآخرين.

 

هذا الإقصاء الذي برره البعض بأنه حرص على حسن سير فعاليات المؤتمر أدى إلى انتظام مؤتمرين للاتحاد الأول داخل قاعة المؤتمرين تولى خلاله النواب عرض جملة من الملفات الكبرى وطالبوا بضرورة التحرك في اتجاه الحسم فيها على غرار ملف التأمين على المرض ونقابة التعليم العالي والمناولة والتغطية الاجتماعية فيما دافع المؤتمرون خارج مقر انعقاد المؤتمر عن “حقهم” في مواكبة فعاليات المؤتمر الحادي والعشرين للمنظمة الشغيلة.

 

الظاهرة الصحية وسط هذا الانقسام هي التحالفات بين الداخل والخارج مما أدى إلى صعوبة في التكهن بتركيبة المكتب الجديد تواصلت إلى اللحظات الأخيرة من عمليات فرز الأصوات.

 

مسألة ثانية يجدر بنا التوقف عندها أثناء حديثنا عن مؤتمر المنظمة الشغيلة وهي التشبث بتوصيات المؤتمرات واحترامها والالتزام بها ومرد تطرقنا إلى هذه المسألة هو اللغط الكبير الذي أحاط بمسألة الترشح لدورتين متتاليتين للمكتب التنفيذي لا غير وهو البند العاشر من النظام الداخلي حيث حاول بعض النواب الحث على مراجعة هذه البند والنظر فيه في أول مجلس وطني ينعقد بعد المؤتمر فيما اقترح البعض الآخر عقد مؤتمر استثنائي يخصص للنظر في هذه المسألة بالذات علاوة على تنقيح بعض بنود النظام الداخلي وإعادة هيكلة الاتحاد. الجدل بشأن هذه المسألة حاز قسطا هاما من فعاليات المؤتمر خلص بعده المؤتمرون إلى ضرورة التمسك بالبند العاشر من القانون الداخلي للاتحاد والمتعلق بالتداول على القيادة الذي حدد بدورتين نيابيتين.

 

الإشكالية وطرحها كان من قبيل الجدل العقيم ذلك أنه ما كان لهذه النقطة أن تطرح أساسا لأنها من النقاط التي تم الاتفاق بشأنها في مؤتمر جربة ولم تدرج أساسا ضمن مشاريع لجان اللوائح التي عرضت على أنظار المؤتمر بل كان من الأجدى الدعوة إلى العمل على تطبيقها على اعتبار أن تصحيح المسار النقابي الذي دعا إليه مؤتمر جربة الاستثنائي يتطلب أساسا التمسك بالتوصيات المتمخضة عن المؤتمرات والتي تتجه نحو التساوي في الحظوظ بين النقابيين وضرب الوصاية من خلال فسح المجال للأجيال النقابية الجديدة.

 

مختلف هذه النقاط كانت أبرز ما يؤخذ على مؤتمر المنظمة الشغيلة في صيغته الواحدة والعشرين واعتقادنا أنه إن تم العمل على تشريك العنصر النسائي في قيادة الاتحاد والسعي إلى عدم اعتماد مناهج الإقصاء في شأن بعض النقابيين والالتزام بما تقره المنظمة الشغيلة سيكون على درجة أكبر من الفاعلية وسيتمكن من تعزيز مركزه باعتباره أحد أهم الفضاءات الديمقراطية في بلادنا وستؤهله لمجابهة تحديات المرحلة القادمة على المستوى الوطني والدولي أيضا.

 

(المصدر: أسبوعية “الجريدة” الألكترونية (تونس)، العدد 54 بتاريخ 23 ديسمبر 2006)

الرابط: http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=1224

 


 

الصحافة الالكترونية في تونس

سينظم القطاع دون قانون خاص…

بقلم مباركة العماري

 

إن التحولات الكبيرة التي ما فتئ يعيشها المشهد الإعلامي العالمي نتيجة الثورة التكنولوجية، تجعل من الصحافة الالكترونية نمطا من أهم الأنماط الإعلامية التي أفرزها التواصل الشبكي. وباعتبار أن تونس ليست بمعزل عن هذا المشهد، تتنزّل الضرورة الملحة لتنظيم هذا القطاع. والتنظيم هنا لا يعني بالضرورة إصدار قانون خاص بالصحافة الالكترونية.

 

نشير في البداية أنه قد أحدثت لجنة صلب وزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين مكلّفة بإعداد دراسة وتقارير شاملة عن واقع الصحافة الالكترونية، ممّا من شأنه أن يفضي إلى تنظيم هذا القطاع. وتضم هذه اللجنة إعلاميين وخبراء ومختصين في التشريع لتدارس الوضع بالتنسيق مع فريق عمل منبثق عن المجلس الأعلى للاتصال، كهيئة استشارية تسهر على تدارس المشهد الإعلامي التونسي وإبداء الرأي في الملفات الخاصة به. وقد عُقدت عديد الاجتماعات والزيارات والمشاورات كامل السنة المنقضية مع كل الأطراف المعنية للتعاون المثمر بهدف فهم واقع الصحافة الالكترونية في تونس.

 

كما أكدت لنا مصالح وزارة الاتصال أن الدعوة موجهة لكل من ينشط في هذا المجال، لإبداء الرأي والتشاور والمساهمة في إعداد تقرير لتنظيم نشاط الصحافة الالكترونية تحقيقا لتوصيات الرئيس زين العابدين بن علي في هذا الإطار.

 

إنّ الفكرة الخاطئة والشائعة بين الأوساط الإعلامية تقول بأن هناك مساعي لإصدار قانون خاص بقطاع الصحافة الالكترونية وهو أمر نفاه لنا السيد معز الصوابني رئيس الجمعية التونسية للانترنات وعضو في اللجنة الوطنية في الوزارة ورئيس فريق العمل حول موضوع الصحافة الالكترونية في المجلس الأعلى للاتصال. وقد أكّد لنا كذلك أنّ كل الأطراف، من إعلاميين ومختصين ضمن هذه اللجنة، يعملون بصفة متكاملة وبتنسيق تام لإعداد مقترحات لتدارس أوضاع الصحافة الالكترونية في تونس، بهدف تنظيم القطاع وتحديد المشهد العام لمجال النشر الالكتروني التونسي.

 

وباعتبار أن المشكل يكمن أيضا في ضبابية بعض المفاهيم التي لا تزال حديثة كمصطلح “الصحافة الالكترونية” والصحفي الذي يعمل بمؤسسة ذات نشاط إعلامي الكتروني بالأساس، نشير هنا أنّ  “الصحفي هو الصحفي ذاته سواء عمل في الصحافة الالكترونية أو في الصحافة المكتوبة التقليدية” على حد تعبير السيد معز الصوابني.

 

من جهته صرّح لنا السيد محمد حمدان، بصفته عضو في المجلس الأعلى للاتصال ومدير معهد الصحافة وعلوم الإخبار، أن مجلة الصحافة تحتوي على ما يكفي من القوانين لتنظيم الصحافة ككل، وأنّه من المنتظر فقط أن يشمل مشروع تنظيم قطاع الصحافة الالكترونية بعض التنقيحات في مجلة الصحافة كإسناد بطاقة الاحتراف للصحفيين الذين يعملون في الصحافة الالكترونية.

 

ونضيف أنّه من المنتظر أن تشمل هذه التنقيحات أيضا مراجعة الأمر الخاص بإنشاء الصحف وربطه بالإيداع القانوني وكذلك إدراج تعريف خاص بالصحافة الالكترونية وتعريف للصحافي الذي يعمل في مؤسسة إعلامية الكترونية. كما نشير أنه من شروط الحصول على ترخيص لإنشاء صحيفة الكترونية هو قيام الشخص المعنوي بالإدلاء بجملة من البيانات ثم المصادقة على كراس الشروط إلى جانب إجبارية الحصول على إمضاء الكتروني.

 

ولتوضيح الالتباس الذي لدى البعض في تصنيف بعض مواقع المؤسسات الإعلامية ضمن الصحافة الالكترونية، نقول أن هذا التصنيف لا يشمل الصحف التي تُنشأ مواقع الكترونية لتعيد وتنقل محتوى العدد المطبوع إلى الموقع، فالنشر الالكتروني إذن ليس مجرد تحويل المطبوع إلى رقمي. فالصحافة الالكترونية كأحد ابرز التحديات التي تواجه الإعلام المعاصر إذن تشمل المواقع التي يكون نشاطها إعلاميا مباشرا بالأساس وتكون خاضعة لضوابط العمل الإعلامي.

 

فما يميّز النشر الالكتروني -كوسيط إعلامي حديث- عن الوسائط الإعلامية التقليدية، هو أنّه يقوم على زمنية جديدة وعلى تنوّع للمضامين يجمع بين النص والصورة والصوت في نفس الوقت.

 

ونشير كذلك أن معظم الأطراف المختصة في المجال الاتصالي والنشر الالكتروني تؤكد أن الصحافة الالكترونية هي تقنية من أهم التقنيات المعاصرة والتي تسهم في تعميم المعرفة وهي مكمّلة للصحافة الورقية وليست تهديدا لها، فمن المبكّر إذن الحديث عن مدى تأثير الصحافة الالكترونية على مستقبل الصحافة الورقية لا سيما في تونس.

 

وأمّا في ما يخص واقع الصحافة الالكترونية في تونس فإنها تعيش تطوّرا محتشما وضبابية. فرغم الجهود التي انتهجتها الدولة لتقريب التكنولوجيا من المواطنين والتشجيعات الخاصة باقتناء الحواسيب العائلية والقوانين المنظمة للصحافة، فإنها مازالت تعاني من “ضعف المضمون وبالإضافة إلى غياب إستراتيجية اقتصادية كفيلة بضمان استمرارية المشروع” وهو ما أكّده السيد الصادق الحمامي الأستاذ المحاضر في معهد الصحافة في دراسة حول “واقع الصحافة الالكترونية في تونس”. ودعا الأستاذ الصادق الحمامي أيضا إلى ضرورة “توفير بيئة تقنية وسياسية وثقافية متحرّرة وإطار قانوني مرن لا يشكل حاجزا مانعا للتجارب لتجاوز البعد المؤسساتي للمضمون الالكتروني التونسي”.

 

وأمام النسق البطيء داخل شبكة عالمية بلا حدود وغياب بيع المضمون وندرة الاشهار وعدم إدراك مفهوم “الإعلام التفاعلي”، بالإضافة إلى العدد المتواضع لمستخدمي الانترنات في تونس قياسا إلى العدد الإجمالي للسكان (الذي يبلغ 1.148.870 مستخدم حسب إحصائيات الوكالة التونسية للانترنات، أي بنسبة 11,34% من إجمالي عدد السكان)، وأمام مستخدم واع يميّز الجيد والرديء، نرجو أن تكون التعديلات الجديدة على مجلة الصحافة المنتظرة حافزا لأصحاب الأفكار في هذا المجال لتوجيه نشاطهم إلى هذا النوع من الصحافة.

 

وحتى تتوضح الصورة أكثر علينا انتظار هذه التنقيحات المرتقبة منذ مدة والتي قد تبلور مفاهيما أكثر تناسبا مع متطلبات الواقع الجديد لقطاع الصحافة التفاعلية. ولكن الأهم في كل ذلك أن تأخذ بعين الاعتبار ضرورة المحافظة على أخلاقيات المهنة الصحفية وصيانة الملكية الفكرية.

 

(المصدر: أسبوعية “الجريدة” الألكترونية (تونس)، العدد 54 بتاريخ 23 ديسمبر 2006)

الرابط: http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=1222&gpl=54

 

تشغيل الأطفال في تونس :

عالم غريب يحكمه المال بعيدا عن أنظار القانون !

 

200 ألف طفل تونسي تتراوح أعمارهم بين 6 و16 سنة لم يدخلوا المدرسة و77 ألفا يتركون مقاعد التعليم الأساسي سنويا…

 

هذه آخر الارقام التي سجلها مكتب اليونسيف بتونس، وهي ارقام تؤكد استمرار وجود تحديات سواء في ما يتعلق بعدد الملتحقين بالمدارس او بنوعية العملية التعليمية من جهة، وتفسر من جهة اخرى وفي ندرة الدراسات والمعلومات ظاهرة تشغيل الاطفال في تونس.

 

بعيدا عن لعبة الارقام والاحصائيات، فان المشاهدة العينية تؤكد وجود بعض الاطفال يشتغلون في تونس، الذكور منهم باعة في الشوارع، والاناث معينات منازل عند بعض الأسر التونسية، رغم صرامة القانون المحلي والاتفاقيات الدولية الممضاة عليها ورغم الوعي الجماعي الذي يعترف للطفل بحقوقه في التعليم والعيش الكريم. «لم أحب المدرسة يوما ولا الدراسة، الاولى مزعجة والثانية لا تستهويني» كذلك تحدث سامي «بكل ازدراء للمدرسة وللدنيا بأسرها، هو طفل لم يتجاوز بعد سن 16 عاما، قذف بنفسه الى الشارع منذ اكثر من 3 سنوات، «سامي كسكروت»، كذلك يلقبه الجميع ويفخر بذلك أحيانا ويسخط احيانا كثيرة، وما اكثر ما يلقب «أبناء الشوارع» بعضهم وكأن الجميع منهم يتفق على رفضه لاسمه، او يعتقد ان اسمه الاصلي لا يكفيه ليفرض نفسه في الشارع او بعضا منه يستعمل كنية خوفا من الشرطة، والبعض الآخر يلتصق به نعت تندرا من اصحابه وسخرية منهم كثيرا ما يسخر «أطفال الشوارع» من بعضهم لمجرد كلمة يلفظها الواحد فيهم «قافا» عوض عن «» أو لكونه لا يجعل كلامه ممزوجا بألفاظ نابية، فهي برهان على رجولة في عالم الصغار والشارع.

 

أغلبهم تجدهم في الشارع في منطقة برشلونة وشارل ديغول والسوق المركزية والاسواق بعيدا عن مقاعد الدراسة يفضلون الرصيف بما فيه من اخطار وعنف وقسوة الطبيعة من حرّ وبرد، رغم قلة النسبة المعلن عنها (2% من الاطفال الذكور منقطعون عن الدراسة في تونس) فان ما يلاحظ جليا جدير بالتوقف عنده لما يشكل من خطورة على الطفل في حد ذاته والمجتمع بصفة عامة. ذلك ان هؤلاء الاطفال الذين نراهم في محطات المترو والحافلات والاسواق، يثيرون الانتباه. طفولة غير بريئة بعيدا عن كل تقييم ذاتي، فإنّك تراهم فلا تكاد تلمح على محياهم ما يشير الى طفولة بريئة، ولا تستمع في كلامهم الى ما يدل على سنّهم، أما وجوههم فتكثر في بعضها علامات التعنيف الذي يمارس عليهم في غياب الحامي لهم، أحيانا تمر بجانبهم فلا تشعر بالامان فتجد نفسك مجبرا على ان تحترس منهم، وان وقفت لتشتري من أحدهم فانك قد تندم على ذلك لكثرة الحاحهم استكانة تارة وعنفا تارة اخرى. يقضون كامل اليوم في الشارع او كله بين الاسواق والمقاهي والحدائق العمومية يتبادلون فيها السجائر وأشياء أخرى…

 

بعضهم فلت عن زمام عائلته كما هو حال «صالح» يحدثنا في لهجة كلها ثقة مزعومة «مثلي مثل اصحابي، نعمل ونلبس ونأكل ونشرب» وعندما سألناه عن المدرسة طاطأ رأسه أسفا او خجلا أو لامبالاة، فقط بدا لنا مترددا واقتصر على قول «الحمد الله أني اعرف القراءة والكتابة.. بمفرده ابن 16 المنقطع عن الدراسة منذ 4 سنوات انه اكتسب من التعليم ما يفيده في حياته، المهم عنده انه يتباهى امام اصحابه بانه يقرأ الجرائد و«الحمد لله يا ربي» هذا اقصى ما يحدده غاية من التعليم.

 

في الشمال الغربي

 

تبلغ أضعف نسب تمدرس في تونس في ولايات جهة الشمال الغربي حيث تتجاوز 7،90% في حين تبلغ في الوسط الغربي 6،92%…. هذه النسب تجعلنا نتساءل عن مصير هؤلاء المنقطعين عن الدراسة وخاصة منهم المنقطعات عن الدراسة من الفتيات. ضمن المتعارف عليه والذي لا يخفى على الجميع ما قد تمارسه فتيات هذه المناطق، فلم يعد الشارع مصير الفتيان المنقطعين عن الدراسة فإن بعض الفتيات في سن الطفولة القانوني يغادرن مقاعد الدراسة اجبارا او اضطرارا ليلتحقن بالعمل في العاصمة، ولا يسعفهن مستواهن التعليمي المتدني بعمل عدا معينات منزلية، حتى ان جهة الشمال الغربي عرفت بتصدير «الفتيات للعمل كمعينات في العاصمة.، ولعل الاسوأ في الامر ان عقلية بعض الاباء في هذه الجهة اصبحت مبرمجة على تشغيل بناتهم، الامر لدى البعض بديهي جدا، فالطفلة عليها منذ الصغر ان تتعود على كسب المال لاب كثيرا ما ينفقه في جلسات لعب الورق في مقهى بلا كراس في ركن ما بلا عنوان…

 

السيد رضا موظف باحدى المؤسسات العمومية اتجه يوما اضطرارا الى احدى قرى منطقة عين دراهم ليجلب من هناك فتاة تساعد زوجته في شؤون المنزل وتحرسه وتقدم الاكل لأطفاله حين يعودون من المدرسة في غيابه وغياب زوجته، «رغم عناء السفر ومشقته رجع السيد رضا بلا معينة منزلية رغم احتياجه الشديد لخدماتها، يحدثنا بغضب مرير «ما ان وصلت الى المكان حتى «استوقفى اكثر من رجل يعرض علي خدماته. أو بالاصحّ ابنته «كبضاعة»، فالجميع كان يعلم اني لست من سكان القرية طبعا، والجميع استقرأ سبب مجيء والجميع له عرض لطلب لم اقدّمه بعد». ويواصل حديثه بكل استغراب «والغريب ان الجميع يبدو في صحة جيدة، لا عاهة لأحد تمنعه من الشغل، والجميع مقتنع ان البنت عليها ان تقوم بدورها وتشتغل، عشر سنوات من اعالتها في المنزل كافية حسب رأيهم بأن تجعلها انسانا سويا قادرا على تعويض ما صرف عليها وان تجعلها قادرة على ان تعيل عائلة». كان هذا الكلام يثير السيد رضا ويجعله يقارن بين الجهود التي يبذلها في سبيل تحقيق الراحة لابنائه، والجهود التي تبذلها بعض الفتيات الصبيات في سبيل تحقيق الراحة لأب ليس له من هم سوى الشاي والدخان بنفثه وينفت معه ابوته.

 

عاد السيد رضا الى العاصمة، وفي مخيلته امر واحد جعل الزمان والمكان يتداخلان في تقهقر الى الوراء… «أهو سوق العبيد ما كنت أرى؟، أنحن في القرن 21 اما ماذا؟» يعترف انه قصد المكان وهو على علم انه سيجد معينة منزلية لكنه لم يكن يتصور انه سيجد خلية او »شبكة» منظمة تستبيح «المتاجرة بالاطفال» او عضوا بالمعنى المادي فقط، شبكة حدد فيها سعر البنات المعينات المنزلية حسب السنّ والخبرة وحتى اللغات المتقنة، فقط نسخة من بطاقة تعريف الاب او «السمسار» والاهم من كل ذلك عليك دفع شهرين مسبقا… في هذا السوق الخاسر الوحيد هو أب الذكور.

 

معينة عفوية

 

«بصراحة تعجبني الحياة هنا مع اخوتي وماما» تقولها في لهجة متلعثمة، الكل هنا يحبني والكل يقدم لي الهدايا، وبصراحة لا اريد ان اعود الى بيتنا، الطقس بارد جدا وليس لهم مدفأة ولا ماء هنا أريح». كذلك تتحدث زينب بكل عفوية وخجل، المهم عندها انها تعيش بعيدة عن أشغال منزلهم الشاقة ، في منزلها الجديد تجد الدفء العاطفي والمادي ، فالحب موجود والمدفأة موجودة وهما امران كفيلان ليجعلاها تفضل «دارنا» كما تشعر بذلك متحدثة عن مكان عملها «على فين اخوتي» ولا تتجرأ تملصا من ان تنسب منزلها الاصلي اليها، هي فتاة تبلغ من العمر 15سنة، وتشتغل منذ كان سنها 10 سنوات، تحولت من منزل سابق الى المنزل الحالي حيث تمكث فيه منذ سنة لا تشعر أنها معينة منزلية البتة كما لا يشعرها «هنا» الجميع بذلك ولا يكاد السامع اليها والى معاملة العائلة يستشعر ذلك.

 

تحدثنا السيدة بهيجة صاحبة المنزل «زينوبة ابنتي الصغيرة وهي الان الباقية لي بعد زواج بناتي، هي حنون وتسمع الكلام، وأخاف الله فيها وارجو من الله ان يطيل في عمري لأزوجها كما زوجت اخواتها» وتقصد الحاجة بأخواتها «بناتها الاصليات». بعض الفتيات يجدن الرحمة والرفق من الاغراب، فيكون عملهن رغم كونه يدر عليهن او على اوليائهن راتبا شهريا فرصة للانتساب الى عائلة ويتجاوز العمل لربط علاقة قد تضاهي العلاقة الاسرية. وفرصة لتعلم صنعة مع الدخول في برنامج محو الاموية. ولئن كانت زينب محظوظة في عملها، فان بعض الفتيات دون السن القانوني للعمل (16 سنة) حسب تقرير اليونسكو الاخير (2006) للاطفال يبين ان الاطفال العاملين في المنازل يتعرض بعض منهم الى الاذى الجسدي والنفسي، خاصة البنات ذلك ان العديد منهن مجبرات على القيام بمهمات غير ملائمة ابدا لاعمارهن وقوتهن الجسدية، والطعام الذي يتناولونه غالبا ما يكون غير ملائم، وهو أقل الى حد بعيد من الوجبات التي تناولها الاسرة المستخدمة للطفل. يعتبر التقرير ان الاطفال العاملين خدم في المنزل من بين اكثر الاطفال العاملين والمحتجبين عن الانظار فعملهم يؤدى داخل المنازل بعيدا عن الانظار . كما يبرز التقرير ذاته ان ظروف حياة هؤلاء الاطفال وعملهم يعتمد اعتمادا كليا على اهواء صاحب العمل.

 

ويقر كذلك ان عدد هذه الفئة في العالم بأسره لا يمكن تحديده كميا بسبب احتجابه. ولكنه كما وجد في تعليق في التقرير «يبلغ ملايين الاطفال بالتأكيد»كما تضيف هذه الدراسة ان عدم نضج الاطفال في هذا العمل جسديا يتركهم اكثر عرضة من الكبار للاصابات المرتبطة بالعمل وقد يكونون أقل وعيا بالمخاطر التي تنطوي عليها مهنتهم ومكان عملهم، من ذلك الحروق والامراض الجلدية جراء استعمال سوائل التطهير، والامرّ من ذلك ان هؤلاء الاطفال ( البنات و الذكور بصفة عامة) غالباما يضيعون فرصة التعليم .

 

إلحاح سطيّش

 

«بربّي اشتري مني» يكرّرها على مسمعيك مرّات ومرات ومرات… يضجرك بها يقلقك، يثير غضبك وقد يوصلك الى فقدان اعصابك، تنهره، تغيّر مكانك من محطة المترو، فيتبع خطاك في اصرار لا مثيل له، يعيدها بطريقة اخرى «عيش أختي، اشتري مني واحدة فقط، أمي مريضة وعلي ان اجمع ما لا اشتري لها به الدواء…و … و…» ولا تبالي به، يقف امامك ينظر الى عينيك تارة مسترحما إياك، منكسرا محزونا.. يغير من استراتيجيته في كل دقيقة الى ان تجد نفسك مدفوعا الى الشراء منه مستسلما لرغبته الصارمة في البيع لك. هو «سطيّش» كما ينعته الجميع هنا في منطقة ساحة برشلونة وما حولها ، طفل ضعيف البنية يكاد يتساوى مع الارض اشعث، او «رجل كما ينعت نفسه «انا رجل البيت بعد وفاة والدي» يقولها بكل فخر واقتدار، لا يجد حرجا في ان يقف امامك يتوسلك شراء ما يبيعه، تارة يكون مناديل وعلب «الكرولوفيل»، وأخرى مظلات واحيانا كثيرة يجعل من اللاشيء أشياء يبيعها… المهم عنده ان يعود الى المنزل بمال قليل او كثير لامّه واختيه الصغيرتين… مال يكفيه لشراء ما يسد رمق عائلته فالشارع يهبه الكثير ليأكله يوميا ويوفر لعائلته اللقمة.

 

«منذ مرض والدي وانا اشتغل في الشارع، غادرت مقاعد الدراسة مبكرا، كنت اتمنى لو قاسمت اصدقائي التعليم، غير ان حالتنا كانت لا تسمح لي سوى بالخروج للعمل… كنت اساعد والدتي في بيع الخبز الذي تصنعه، لكن الآن «هذه التجارة» لم تعد ممكنة فوالدتي لم تعد تتحمّل حرارة الموقد الغازي، ولم تعد تتحمّل اي شيء… تراني يوميا اوصل اختي الى المدرسة واتجه نحو الشارع الذي يهبني ما يهب الجميع حلالا طيبا». من الغريب ان يفقه طفل يعمل في الشارع الكسب الحلال الطيب ويطلبه من الله، ومن الغريب ايضا ان تسمعه من بعيد يسب الجلالة لمجرد ان احد المارة يصطدم به ليصل الى المترو يجعل «بضاعة الطفل» تهوي ارضا وتختلط بماء المطر وتدوسها اقدام بقية المارة المسرعين، مفارقة بين ما يلفظه الطفل امامنا وبعيدا عنا… هو طفل دمّر الشارع براءته جسديا وزرع فيه قاموسا لا يليق بطفولته وجعله في احيان عديدة فريسة لاطفال من فئته، يتلقى منهم التعنيف لمجرد كونه باع اكثر منهم…

 

أيّامه يتخللها الركض وراء لقمة العيش والصمود امام مارة لا يعبؤون به وببضاعته وخوف الى حد الرعب من «قراصنة» الشارع. وأكثر ما يحز في نفسه ان يشتري منه اصدقاؤه ما يبيع… اصدقاؤه مكانهم المدرسة ومكانه الشارع هذا ما يؤلمه ولا يؤلمه حين يتذكر انه رجل البيت فعمله يجعله لا يكترث بهم ويفتخر بنفسه اقتناعا واضطرارا. قصة قد تكون من نسج خياله او دهائه، قد تصدقه او لا تصدقه، لكنك تجد نفسك مجبرا امام توسلاته ونظرة منه في انتظار المترو الذي تأخر ونظرة الأخرين الاستنكارية والفضولية عليك ان تشتري منه علبة من «الكرولوفيل» تفتحها تأخذ منها واحدة تلوكها فتتداخل حلاوتها بمرارة ما حكاه وما تراه من طفل الخامسة عشرة.

 

الفة جامي    

 

(المصدر: مجلة حقائق (تونس) العدد 1095 بتاريخ 20 ديسمبر 2006) 


النائب مصطفى اليحياوي في مداخلة مثيرة :

المعارضة والإعلام فـي قفص الاتّهام ؟

 

مداخلة النائب مصطفى اليحياوي أثارت جدلا بين البرلمانيين تأرجح بين الرفض والقبول لهذه النوعيّة من المداخلات، وظلّت حديث الشارع السياسي وهي مداخلة تصنّف بالعاديّة لكلّ من يعرف النائب مصطفى اليحياوي، وهو محام تقدّمي من ذوي النزعة الوحدويّة كان قد انتمى للاتّحاد الديمقراطي الوحدوي وغادره ليبقى معارضا مستقلاّ.

 

فاجأ النائب مصطفى اليحياوي الرأي العام الوطني بمداخلته الجريئة التي افتتحها بالسؤال عن الدرجة التي تدحرج إليها الحوار بين الفرقاء السياسيين مبرزا أنّ الخيار التوافقي مرتهن بالأخلاق السياسيّة لهؤلاء وأولئك مؤكّدا أنّه لا يحقّ لأيّ طرف في تونس أن ينتصب ليوزّع صكوك الوطنيّة أو شهائد الديمقراطيّة… ودعا النائب مصطفى اليحياوي بعض القوى السياسيّة قائلا : ”إنّ من واجب من لا يرضون عن الخيارات والسياسات المطبّقة أن يكونوا موضوعيين في التقييم والتقدير وأن يلتزموا الحقيقة، ولا يركّزوا على جانب دون آخر لتشويه الصورة، وأن لا يبالغوا ولا يلقوا الأحكام جزافا وأن يراعوا المصالح العليا للوطن، كما أنّ من واجب الأطراف الأخرى أن لا تبالغ في الحساسيّة من نقد خياراتها وسياساتها…”. وفي سبيل مزيد توسيع المشاركة السياسيّة تطرّق النائب مصطفى اليحياوي إلى مسألتين تتعلّق أولاهما بعمل الحكومة والثانية بالنظام الانتخابي.

 

وسائل الإعلام الوطنيّة هل هي حقّا أجهزة ؟

 

لاحظ النائب مصطفى اليحياوي أنّ ”لا سبيل إلى تحقيق أيّ تقدّم ديمقراطي حقيقي إلاّ بإطلاق حريّة الرأي والتعبير التي توفّرها فقط الصحافة المستقلة”. وبيّن الأستاذ مصطفى اليحياوي أنّه ”لا حاجة إلى القول إنّ التجربة في بلادنا أثبتت أنّ لا مجال في هذا الشأن للاعتماد على صحافة القطاع الخاص التي تنعت تجاوزا بالصحافة المستقلّة في الرقّي بواقع الإعلام بحكم أنّ كلّ الحوافز والتشجيعات والنصائح وحتّى الأوامر لم تجد نفعا في تحويل هذا القطاع من الوجهة الوحيدة التي تعنيه وهي وجهة الربح السهل دون جهد ودون مخاطرة إلى وجهة المهمّة التاريخيّة والثقافيّة لإعلام هذا القطاع تحت سماوات أخرى حيث هو بحقّ سلطة رابعة”.

 

وأضاف السيد النائب ”أنّ لا حاجة أيضا إلى القول إنّ وسائل الإعلام الوطنيّة من إذاعة وتلفزة لا تصدق عليها هذه التسمية إلاّ بما هي أجهزة، وفي ما عدا ذلك فهي بعيدة عن التطوّر الحاصل في الميدان وعن الخدمات الاجتماعيّة والسياسيّة المطلوبة منها…”. ولم يقف الأستاذ النائب عند هذا الحدّ وأمام أعضاء الحكومة أكّد اليحياوي ”أنّ إذاعتنا وتلفزتنا الحاليّة تحطّان من شأن المستمع والمشاهد، وتوحيان له بأنّه غير قادر على الفهم والاستيعاب والمقارنة والتقدير والتحليل وذلك بتقديمها الرأي الواحد على أنّه الحقيقة التي لا شيء وراءها ومن ثمّ التصرّف على أنّ من عهد إليهم أمر تسييرها هم أوصياء على وعي الناس ومستقبل الوطن إذ هم يمنحون أنفسهم حقّ تقرير ما ينبغي وما لا ينبغي أن يسمع ويشاهد”. كما أضاف حضرة النائب في هذا الصدد ”أنّه لا حاجة إلى جدال طويل لمعاينة كيف أنّ المواطنين طلّقوا وسائل الإعلام الوطنيّة ولجأوا إلى طرق أخرى لمعرفة ما يدور حولهم بل وعندهم في أحيان كبيرة”.

وقال اليحياوي ”إنّه لا أمل في زحزحة هذه الوسائل عن تسويق الرضا عن الذات بل والإعجاب بها والاشتغال بأمور منقطعة الصلة باهتمامات الناس وعن التمسّك بإنكار التعدديّة واختلاف الآراء وتباين المواقف ونسبيّة الحقائق، وهي خصائص يزخر بها المجتمع وتعدّ مصدر حيويّته وثرائه”. وشدّد على ”أنّ هذا الوضع لن يصلح إلاّ بتصوّر جديد لموقع وسائل الإعلام الوطنيّة في الفضاء الإعلامي الوطني والدولي يأخذ في الاعتبار ضرورة رفع القيود والتوقف عن ممارسة الوصاية وذلك وأساسا باتّباع منهج يقوم على مبدإ الاستقلال في الإدارة والتسيير. واستخلص النائب مصطفى اليحياوي أنّ وسائل الإعلام الوطنيّة، وليس قطاع الإعلام الخاص هي المدعوّة إلى كسر ا لجليد وتخطّي جدار الحذر والحيطة والخوف والانطلاق من موقع النديّة لمنافسة المؤسسات التي تتصارع على مستوى العالم لتشكيل رأي الشعوب.

 

أحزاب المعارضة : وشهد شاهد من أهلها !

 

كما تطرّق النائب مصطفى اليحياوي إلى التعدديّة الحزبيّة معتبرا أنّ هيمنة الحزب الواحد على الحياة العامّة هي حقيقة ولا ينبغي أن تتخذ تعلّة لضعف الأحزاب السياسيّة الأخرى وهشاشتها أو مبرّرا لقصورها وفشلها الراجعين في الأساس إلى عيوب ذاتيّة صاحبت ولادتها أو لحقتها في الطريق…

 

وتحدّى النائب المعارض أحزابها قائلا : ”إنّ أحزابنا التي تصف نفسها على استحياء بالوطنيّة لخشيتها من وصف المعارضة لا يصحّ أن تعتبر في أوضاعها الحاليّة أحزابا حقيقيّة، والأولى الاقتصار على تسميتها بتنظيمات، إذ أنّ الحزب السياسي تلزم له مواصفات لا تتوفّر فيها”، وتساءل : ”كيف لا ولا يسعى واحد منها إلى السلطة، ولا يمتلك أيّ منها برنامجا للحكم، ولا يمثّل أيّ منها مصالح ذات أساس اجتماعي”. وعلاوة عن نقده الجارح لأحزاب المعارضة أكّد النائب مصطفى اليحياوي ”أنّ شعاراتها برّاقة بل مغرية أحيانا إلاّ أنّها تبقى شعارات جوفاء مبيّنا أنّ هذه الأحزاب هي أحزاب افتراضيّة”.

 

واستدلّ اليحياوي على ضرورة تطوير الأحزاب لنفسها بما ورد في خطاب سيادة رئيس الجمهوريّة يوم 10 ديسمبر 2005 : ”إنّ الديمقراطيّة والتداول في قناعتنا هما أيضا تنافس بين برامج وخيارات استراتيجيّة تستجيب لطموحات الشعب وليست الديمقراطيّة بأيّ حال من الأحوال مجرّد شعارات أو خطب تعبويّة”، كما انتهى النائب اليحياوي في مداخلته إلى الاستخلاص في الخاتمة معتبرا أنّ ”تخلّي أحزاب المعارضة عن دورها كسلطة مضادّة ترك المجال واسعا للقوى الرافضة للنظام من أساسه سواء تلك العاملة في العلن أو أختها العاملة في السر، وسواء تلك التي تلبس زي الصراع الطبقي ودكتاتوريّة البروليتاريا أو أختها غير الشرعيّة التي ترى التقدّم في العودة إلى الخلف القادمة في جبّة المعمّم”. تلك هي أهمّ ا لمسائل التي طرحها بكلّ جرأة النائب مصطفى اليحياوي مخلّفا ردود فعل متباينة تؤكّد كلّها أنّ المجلس أسرع في خطاه نحو ترسيخ حوار ديمقراطي بين الفرقاء رغم محدوديّته…

 

سامي العكرمي

 

(المصدر: مجلة حقائق (تونس) العدد 1094 بتاريخ 17 ديسمبر 2006)


المطبعة في بلاد المسلمين والصدع الكبير بين «الانجراف» الثقافي والوعي المفوّت

احميدة النيفر (*)

 

كان على المسلمين ان ينتظروا عام 1139هـ/ 1726م ليشهدوا دخول أول مطبعة بالأحرف العربية ديارهم بعد أن أعلن قاضي اسطنبول اسحق زاده افندي انه «يتوجب شكر الله على هذا الفن البديع» مُنهياً بذلك فترة حظر طويلة شملت الطباعة وكل كتاب غير مخطوط. أياً كانت أسباب المنع فالمؤكد ان المسلمين الذين انتظروا ثلاثة قرون للاستفادة من هذا «الفن البديع» لم يكونوا مقطوعين عن جانب من حركية الغرب الأوروبي العلمية.

 

لقد أثبتت الوثائق الرسمية ان العثمانيين أقبلوا منذ القرن الخامس عشر على تبادل تجاري واسع مع أوروبا تمثّل خصوصاً في اقتناء الجديد من ادوات الحرب والقتال، لكنهم مع ذلك لم يروا أي داع للاهتمام بالمخترعات الأوروبية المتصلة بالطباعة والنشر. أكثر من ذلك، لم تر السلطات في تلك المخترعات – عند السماح لها بالدخول – إلا كونها أدوات لفن جميل لا يختلف عما عهدوه من فن الخط والزخرفة. فكما فاتها ان تجعل المطبعة من مقتنياتها الأوروبية في الأول فاتها بعد ذلك ان تدرك أبعادها الحقيقية والآفاق الفكرية والاجتماعية التي يمكن ان تفتحها للمسلمين.

 

تستوقفنا هذه الحادثة المهمة لدلالاتها البعيدة في التاريخ الثقافي الوسيط للعالم القديم وما اعتراه من تحولات حضارية كبرى ولقدرتها على إضاءة جوانب من الأزمة الثقافية والفكرية لمسلمي اليوم.

 

أولى تلك الدلالات تتعلق بالعالم الإسلامي في تاريخه الحضاري، إنه حقق مع فتح القسطنطينية على يد العثمانيين (857هـ/ 1453م) نوعاً من التعويض عما كان لحق به قبل ذلك بعقود عندما سقطت قرطبة (633هـ/ 1236م) مؤذنةً بأفول نجم المسلمين في الغرب الأوروبي. لكن مؤشرات عدة تؤكد ان ما غنمه المسلمون في شرق أوروبا لا يعادل خسارتهم الحضارية في غربها لأن العثمانيين على رغم جهودهم الكبرى ما استطاعوا إحياء قرطبة.

 

في الجهة المقابلة على الضفة الأوروبية وفي القرن الثامن عشر ذاته كانت أولى لبنات العصر الحديث تُرْصفُ مشكّلة ملامح ظاهرة ثقافية غير مسبوقة طوال القرون. انه «ترفيع» أوروبا الى رتبة قارّة منفصلة ثقافياً وفكرياً عن آسيا وافريقيا اللتين كانتا ملتحمتين بها في ما كان يُعرف بالعالم القديم. كانت أهم نتائج العصر الحديث ظهور صدع كبير فصل القسم الأوروبي عن مجموعته الأفرو – آسيوية، بحسب مقولة المؤرخ الأميركي «مارشال هدجسون» صاحب نظرية «وحدة التاريخ العالمي». لقد تمكنت أوروبا نتيجة ثوراتها المعرفية الكبرى وما نجم عنها من تقدم صناعي وتطبيقات علمية وتحولات اجتماعية وسياسية ان تختطّ لنفسها موقعاً لا يُضاهى بالنسبة الى الصين والهند فضلاً عن افريقيا. لقد ظهر مع العصر الحديث أخدود عميق في الأرضية «الأورو – أفرو – آسيوية» التي شهدت منذ قرون حالة توافق وترابط سمحت بحركة الأفكار وتواصل المعرفة وتأهيل ثقافات الإنسان القديم بعضها لبعض.

 

كان ذلك الانقلاب في المستوى الثقافي الإنساني أشبه بما يُعرف بالانجراف القاري المعتمد لدى بعض علماء الأرض القائلين بانفصال قارات المعمورة بعضها عن بعض تدريجاً بعد ان كانت متصلة ومشكّلة كتلة واحدة.

 

ما أتاحه الصدع الثقافي الحديث لأوروبا هو تنكّر شبه نهائي لما كان يُعرف مثلاً في القرون الوسطى بالتواصل المعرفي الذي أُجري بفضله تبادل فكري وعلمي لم ينقطع بين الشرق والغرب الأوروبي متيحاً لهذا الأخير جانباً مهماً من أسباب نهضته.

 

بهذه القطيعة اختل التوازن القديم المرتكز على «ترسيمة» تتكامل فيها الأقسام الثلاثة المكونة للعالم القديم. من ثم ظهرت قراءة مجتزأة لتاريخ الغرب الأوروبي على أساس انه في تحديد هويته الثقافية – الحضارية لا يدين لأحد إلا للأصول اليونانية – الرومانية التي يضيف إليها البعضُ النسق اليهودي – المسيحي. بهذا الانتساب الانتقائي أمكن لأوروبا ان تتعملق بينما تضاءل شأن الباقين إن لم يضمحل.

 

أخطر ما في هذا التحرف في رؤية العالم انه مكن نخباً وشعوباً ان تعتبر نفسها محوراً مركزياً للتاريخ والتقدم فلا تقيم للآخرين وزناً على اعتبار انهم لم يكونوا – في افضل الحالات – سوى بوادر هامشية لا أثر لها في الحراك الرئيسي العام الذي ترى نفسها ممثلة له وفاعلة فيه بجدارة.

 

في المستوى السياسي الاجتماعي عرف التشكّل الأوروبي مع العصر الحديث تنامياً للنزعات القومية في معظم دوله. تمثّلت أبرزُ سمات هذا التوجه في إيلاء حماية الأرض القومية وقدسية حدودها الجغرافية اهمية قصوى الى جانب حرص على تماثل عناصر مجتمع كل دولة بالتضييق على الأقليات والتشديد على ما يمكن ان يشجع الاختلاف والتعدد. بذلك تميزت سيرورة هوية الغرب الأوروبي في العصر الحديث بحركتين متزامنتين: ابتعاد عن فضائه الثقافي القديم وإعلاء من شأن الشخصية القومية وتحصينها في شكل حاد.

 

بالعودة الى العالم الإسلامي في القرن 12هـ/ 18م، لحظة ولوج الطباعة إليه، فإننا لا نكاد نقف على ما يدل على تقدير السلطة العثمانية طبيعة التحولات التي كانت تعتمل في أوروبا المجاورة. لم يكن في سياسة اسطنبول أو في خطابها ما يدل على استيعابها حاجة المسلمين الى تواصل مع تطلعات عالمه الثقافي القديم بجزأيه الآسيوي والافريقي، فضلاً عما كان يتحقق في أوروبا التي توالت حركتها نحو النهضة. ظلت سياسة الامبراطورية العثمانية توسعية غازية طوال القرن 10هـ/ 16م ثم دفاعية انكفائية في القرون الموالية. لذلك لم تغادر في الحالتين رؤيتها الوسيطة للعالم في حين كان انجراف أوروبا عن مجموعتها الثقافية القديمة تدشيناً للعصر الحديث بتموقع جديد وتحولات اجتماعية سياسية هائلة. تلك هي المفارقة التي عاشها جزءان متجاوران من العالم القديم، جزء يولد من جديد وجزء يذوي ويندحر ونسيج ثقافي معطّل.

 

ما يلفت النظر في الحداثة الأوروبية انها وإن انطلقت من «قطيعة» ثقافية وفكرية فإنها سرعان ما أدركت حاجتها الى التمدد والتوسع مما دفع بها الى العودة الى عالمها القديم لكن من دون إرادة في رأب الصدع. لقد كان المشروع الاستعماري الغربي في جانب منه تعبيراً عن استعادة لعلاقات الارتباط القديمة لكن في سياق هيمنة واستعباد. الأهم ان هذا الوضع لم يطل به الزمن إذ تأكد الأوروبيون بصورة تدريجية ان الشعوب المستعمرة في آسيا وافريقيا وإن خضعت الى المشروع التوسعي واستفادت منه جزئياً فإنها لم تكن منقادة له بالكامل. هذا الرفض للاستقالة التامة كان دالاً على ان ذلك القاع الثقافي القديم لا يزال قائماً على رغم تمزقه.

 

اما العثمانيون فإنهم – على رغم جهود اصلاحية عدة – كانوا في إعراض كامل عن أهم ما أثبته العصر الحديث. كان خطاب القيادة العثمانية امبراطورياً كأنه يردد في ثقة ظاهر قول الشاعر: «السيف أصدق إنباء من الكتب» على رغم وضوح الأدلة على تداعي الامبراطوريات. كان الخطاب وثوقياً لا تزيده الأيام إلا صرامة لاعتقاده بأن الأمجاد الماضية تكسبه مناعة وأن ما تراكم من ثرواته هائلة وحضارة باهرة يعفيه من إدراك الدرس الأوروبي الحديث المثبت أهمية «القطيعة» في صوغ التاريخ من جهة وحتمية الانفتاح على الآخر وقبول ما يفرضه من مراجعات من جهة اخرى.

 

لقد استعادت الدولة العثمانية لقب الخلافة الإسلامية مع السلطان سليم الأول اوائل القرن 10هـ/ 16م لكنها لم تتجاوز في ذلك نوعاً من الترميز العقيم إذ لم يولّد خطاباً جديداً يدل على تحول في رؤية الذات ورؤية الآخر.

 

كان الواقع الامبراطوري الوسيط قد غشّى امكان رؤية ما يحدث بجوار المسلمين في ظل القيادة العثمانية ثم استفحل الأمر عند حصول الانقلاب السياسي في القرن 13هـ/ 19م مع جمعية «الاتحاد والترقي» وحزب «تركيا الفتاة».

 

كان هناك تحرّف آخر في رؤية العالم وفي الربط بين الماضي والمستقبل مما أعجز العثمانيين ومن جاء بعدهم من بناء مشروع للمسلمين يكونون فيه موصولين مع العالم الحديث فاعلين فيه وليس في مواجهته أو في أعقابه.

 

لقد ظهر شرخ في الذات الثقافية انطلق من تركيا ثم تعمّق في كامل العالم الإسلامي عبر تحديث قسري غير موصول بالتراث وبالمؤسسات التقليدية وغير ساع لإعادة قراءة لحظات التأسيس الأولى وما اتصل بها من روابط تلك الذات بالنسيج القديم.

 

تلك هي اهم الدلالات الثقافية لحادثة دخول المطبعة البلاد الإسلامية بتأخير كان مقداره ثلاثة قرون. وهو تأخير ندرك الى اليوم آثاره في وعي مفوّت لا يتيح مصالحة المجتمع مع نفسه ومع عصره.

 

هي حادثة فارقة تساعد على تجاوز المعارك العرضية بتحديد طبيعة الإشكالية الحضارية في عالم المسلمين أو:

 

– كيف يمكن تجاوز المواقف الدفاعية التي تعتبر ان التراث المنجز له كامل القدرة على مواجهة واقع الهيمنة الحضارية الحديثة؟

 

– كيف يتأتى تأهيل الثقافة الإسلامية في حين اننا نواصل الإعراض عن اعتبار الإسلام في لحظة التأسيس كان تواصلاً وقطيعة في آن واحد، تواصلاً مع السمات الأساسية لقيم الإنسان وسيرورة التاريخ في العالم القديم وقطيعة اسست لرؤية جديدة للعالم والحياة والمجتمع؟

 

حادثة المطبعة مع حوادث اخرى تكشف معضلة الثقافة والفكر لدى مسلمي اليوم بوجهيها: وجه الخصوصية التي لا معنى لها إن لم تترجم ضمن فاعلية في التاريخ ووجه العالمية التي تقتضي مراجعة جدية للنظرية التي تستبطن عنفاً مدمراً والقائلة إن الإصلاح لا يكون إلا ذاتياً في مضمونه وأدواته وآفاقه.

 

(*) كاتب وجامعي من تونس

 

(المصدر: ملحق “تـراث” بصحيفة الحياة الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)


المسألة الطائفية ومسالك العلاج

 
رفيق عبد السلام

تشهد المنطقة العربية الإسلامية في صورتها العامة، ضروبا شتى من الصراعات السياسية والتصدعات الاجتماعية المدمرة انعكست سلبا على مستوى الاستقرار الأهلي ووحدة النسيج العام، كما فتحت المجال واسعا أمام التدخلات الأجنبية. ولعل أخطر هذه الظواهر على الإطلاق ظاهرة الانقسام الطائفي والعرقي التي بدأت تطفو على السطح الخارجي وتطل بوجهها الكالح والمرعب في الكثير من البلاد العربية والإسلامية، ويقدم العراق بما يشهده من قتل طائفي أعمى وإهراق دماء الأبرياء تحت مسوغات دينية ومذهبية صورة كاشفة لهذا الوضع الكارثي الذي بدأ يغرق فيه هذا البلد ويتهدد عموم المنطقة. من المؤكد هنا أن أزمة العراق الراهنة لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال عن سياسات الاحتلال الأميركي وما جره من تداعيات خطيرة على مقومات التعايش الوطني، سواء من خلال انتهاجه نظام محاصصة طائفيا وعرقيا ألغى كل مقومات المشترك الوطني والعربي والإسلامي، أو من خلال استخدامه بعض الجماعات أو الطوائف ضد البعض الآخر بحجة تخليص البلد من إرث حزب البعث المنهار. الكل يعلم أن السياسة تلعب دورا أساسيا في إشعال لهيب الفتن الطائفية مثلما تلعب دورا في إطفائها، بل كثيرا ما تكون الفتن الطائفية والحروب الأهلية ناتجة عن ألاعيب السياسة وحسابات السياسيين أكثر مما هي نتاج الجماعات والطوائف. قد يبدو هنا نوعا من المفارقة الغريبة والعجيبة، وضربا من الجمع بين ما لا يجمع، القول بأن بعض الجماعات الدينية الناقمة على العلمانية والعلمانيين، والتي انتدبت نفسها لمحاربتهما أن تكون أكبر دعاة الحل العلماني بلا وعي منها. فعلا إنها لمفارقة عجيبة، ولعلها تدخل ضمن ما أسماه الفيلسوف الألماني هيغل بمكر التاريخ، أن تصبح أكثر الجماعات مناهضة ونقمة على العلمانية والعلمانيين هي نفسها أول من يستدعي الحل العلماني ويقوي الحاجة إليه قبل غيرها: كيف ذلك؟ إن هذه الجماعات بحكم ما يطبعها من ضيق الأفق الفكري والديني، فضلا عن منزعها الاستبعادي والعنفي، فإنها تدفع الأمور دفعا نحو تعميق التمزقات الدينية والاجتماعية وزعزعة أسس الاستقرار العام، ومن ثم تجعل من المعطى الديني عامل تفجير للحمة الداخلية وتمزيق عرى السلم الأهلي بدل أن يكون عامل توحيد ورأب للتصدعات، وكأنها تريد أن تثبت -فعلا لا قولا- بأن الدين عاجز بطبعه عن بناء أسس الإجماع العام. فحينما يكف الدين عن بناء المشترك ومد جسور التواصل بين الأفراد والمجموعات، أو حينما يتحول إلى عامل تناحر وانقسام، فإن أتباعه هم قبل غيرهم أول من يؤسس شروط تجاوزه وإلغائه، ومن ثم يشرعون الباب واسعا أمام الحل العلماني باعتباره الأقدر على ضمان السلم المدني واستعادة مقومات الوحدة وعوامل الانسجام الاجتماعي المفقودين. لا ننسى هنا أن العلمانية بما في ذلك ضمن سياقاتها الغربية كانت في أصلها معالجة عملية لمعضلة التمزق المذهبي والديني التي فتحتها الحروب الدينية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، قبل أن تكون رؤية فكرية أو نظرية فلسفية كما يتصور الكثير. فالجماعات الطائفية بوجهيها الشيعي والسني والتي لا تتورع عن ممارسة العنف والقتل الطائفي بحجة الدفاع عن المذهب أو الطائفة على نحو ما نراه اليوم في العراق أو بعض البلاد الإسلامية الأخرى، إنما تعجل الخطى هي قبل غيرها نحو العلمانية، وهي أول من يضر بالمذهب والطائفة وحتى الدين الذي تدعي مناصرته. حينما يتعاطى الشيعي العراقي مثلا مع مسألة الحكم بما يشبه الغنيمة التي يتوجب اختطافها أو الاستئثار بها لصالح طائفته على حساب بقية التشكيلات الاجتماعية والمذهبية الأخرى، وحينما يتحول الانتماء السني إلى جماعة طائفية مغلقة تريد الثأر لنفسها أو الانتقام من غيرها فإن ذلك لن يخلف إلا الصراعات وتغذية الأحقاد، ومن ثم إعطاء مشروعية للحل العلماني. مهما كانت مبررات الطائفية ومهما كانت قوة سلطانها وثقل أثرها، فإنه لا يجب الاستسلام لهذا المرض الطائفي الذي يتهدد الجسم الإسلامي في الصميم، كما أنه لا يمكن الرد على هذه الطائفية المريضة بطائفية مضادة، بل إن البديل عن ذلك يقوم على ترسيخ روح التعايش وبث معاني الهوية الجامعة، والتشديد على أولوية الأمة والدين والأوطان على الطوائف والمذاهب و الجماعة الإثنية. يجب الاعتراف هنا بأن التعصب الطائفي والعرقي شأنه في ذلك شأن المرض العضال الذي ينهك الأبدان فإنه يصيب المجتمعات في الصميم، ويملأ الأفراد والجماعات أحقادا ووساوس، كما يعمي البصر والبصيرة، ولعل أولى الشروط اللازمة لعلاج هذا الخلل يقوم على تقديم التشخيص الدقيق والصحيح الذي يعترف بأن التعصب الطائفي والإثني مفسد للسلم الأهلي ومهلك لأسس الاجتماع السياسي السليم. إن أولى الخطوات الصحيحة التي يتوجب قطعها لمعالجة هذا الخلل تبدأ بإرجاع الطوائف إلى حجمها ووضعها الطبيعيين باعتبارها خيارات فقهية ومدارس كلامية وليست كتلا دينية أو هويات اجتماعية سياسية مغلقة. فالمشكلة لا تكمن في الانتماء لهذا المذهب أو ذاك، بل في تحويل المذاهب إلى طوائف مغلقة على نفسها تتربص الدوائر ببعضها بعضا، مثلما يتم تحويل القبائل إلى ضرب من القبلية المقيتة. نعم هنالك خلافات فقهية وأصولية وتاريخية ين السنة والشيعة لم تحسم بالأمس البعيد والقريب مثلما هي لن تحسم اليوم أو غدا، ولكن هذه القضايا يجب أن تظل موضع تحاور بين علماء المسلمين ومفكريهم بدل أن تكون مجالا للمساجلات العقيمة والتنازع بالألقاب، خاصة وأن الكثير من القضايا التي يثار حولها الضجيج هي من مخلفات التاريخ وصراعات الماضي أكثر مما هي تعبير من مشكلات الحاضر. إنه لأمر محزن ومخجل في ذات الوقت ألا تتورع بعض جماعات التخلف الشيعي عن سب الصحابة وتجريحهم، وأن تقدم جماعات التعصب السني على استدعاء مقولات الروافض والباطنية وما شابه ذلك من مصنفات جارحة. فالحرب أولها الكلام على ما قالت العرب. من المؤكد هنا أن الأمم التاريخية الحية هي التي تجعل من ميراث التاريخ مساعدا على مد جسور التواصل ونسج خيوط الهوية العامة، في حين تعمل الأمم المأزومة على النبش في تاريخها عما يفسد حاضرها ويهلك مصيرها. نعم هنالك مظالم قد ترتكب بحق هذه الجماعة أو تلك أو بحق هذه الطائفة أو تلك ولكن مدخل العلاج لا يقوم على تأجيج الصراعات ومزيد إنهاك الجسم الإسلامي المنهك أصلا بلعبة التقسيم والحذف، بل الالتزام بميزان العدل والإنصاف، وترسيخ عرى الوحدة بين مختلف “طوائف” المسلمين وقومياتهم. ومهما كان موقفنا من المذاهب والعرقيات فسيظل هناك سنة وشيعة ومتصوفة، ومسلمون ومسيحيون وعرب وفرس وترك وبربر وكرد وغيرهم في العالم العربي والإسلامي، هذه هي تركيبة المنطقة وهذا هو ميراث التاريخ، ولن تقدر أي فئة أو مجموعة مهما كان اندفاعها وحجم تعصبها على إلغائها أو نقضها، كما أن بعض “الاختراقات” الشيعية في الجسم السني أو بعض الاختراقات السنية في الجسم الشيعي لن تغير واقع التوازنات التي استقر عليها المسلمون لقرون متتالية بين أغلبية سنية وأقلية شيعية. إن الاستسلام لنزعات الجهالة والتعصب الطائفي التي تجتاح بعض البلاد العربية والإسلامية معناه نسف ما تبقى من مقومات مشروع النهوض الإسلامي من الجذور، وإخراج العرب والمسلمين من دائرة التاريخ أصلا بعدما تم محاصرتهم في الجغرافيا. فما معنى الحديث عن نهضة العرب والمسلمين، أو مواجهة تحديات الخارج في الوقت الذي ينساقون إلى إهراق دماء بعضهم بعضا والاحتكام إلى غريزة القتل والانتقام الأعمى الذي يتناقض مع كل مقومات الدين ومتطلبات الحياة المدنية السليمة؟ قد يقول البعض إن الوضع الراهن للاحتراب الطائفي على نحو ما نشهده في العراق أو ما نشهده من توترات مذهبية في الخليج العربي أو في لبنان ما عاد يفيد فيه التشبث بالمبادئ السياسية والأخلاقية، ما دام الأمر يتعلق بمصالح كبرى لدول وجماعات لن تصغي كثيرا للمطالب الأخلاقية والدينية ولن تثنيها عن تحقيق مطامحها. فما يعني هذه الدول والجماعات ترسيخ مصالحها القومية أو تثبيت مواقعها الطائفية والعرقية قبل أي شيء آخر، وهي لن تتورع عن توظيف كل شيء لبلوغ مآربها السياسية. أقول إن هذه القراءة لا تخلو من بعض الصحة في التوصيف ولكنها مع ذلك تظل “واقعية” مدمرة ومهلكة، لأنها لا تعني شيئا في نهاية المطاف سوى ركوب موجة الجهالة والتخلف بحيث يصبح الكل في محاربة الكل تحت ادعاءات المصالح ولعبة الواقعية السياسية. في الأخير نقول إن ثمة حاجة ملحة لبذل جهود مشتركة بين إيران والعالم العربي لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في إطار مصالحة تاريخية بين إيران المسلمة وجوارها العربي، مصالحة تأخذ بعين الاعتبار مقومات الجوار ورابطة الدين مع العمل على كف التدخلات الخارجية التي لم تجن منها شعوب المنطقة سوى الحروب والدمار. ولعل أولى الخطوات الصحيحة التي يتوجب على إيران اتخاذها تبدأ برفع الغطاء السياسي والديني في العراق عن الجماعات الشيعية المتعصبة وما تمارسه مليشياتها المسلحة من اعتداء على الأرواح والأعراض، مقابل خطوة أخرى من الجسم الإسلامي السني العربي برفع الغطاء عن جماعات التعصب والجهالة السنية التي لا تتردد في إعمال سيف القتل والتدمير ضد المخالفين، مع التشديد على الحق في مقاومة الاحتلال، وعزل كل المتعاونين معه مهما كانت مذاهبهم وطوائفهم أو حساباتهم الخاصة. من هنا يبدأ الحل والعلاج وما عدا ذلك فلا يعني شيئا سوى مزيد التمادي في مسار الفتنة والدمار المهلكين للحرث والزرع. ــــــــــــ كاتب تونسي
 
(المصدر:موقع الجزيرة نت بتاريخ 21 ديسمبر 2006)


خلفيات مكافحة الفساد في الصين

توفيق المديني تندرج قضية مكافحة الفساد، التي كان آخر ضحاياها، سكرتير الحزب الشيوعي في مدينة شنغهاي، في إطار صراع المحاور بين الرئيس الحالي هيو جينتاو، والمقربين من الرئيس السابق جيانغ زيمين.ومرة أخرى تطبق القيادة الصينية المثل الصيني المعروف الذي يوعز بالطريقة الآتية: “يجب قتل الدجاجة لإخافة  السعادين”.والحال هذه، فإن الدجاجة، هي شين ليانغيو، سكرتير الحزب الشيوعي في مدينة شنغهاي الذي أطيح به بسبب الفساد المالي. وتمت الإطاحة أيضا بالمقربين منه في حملة التطهير هذه في سبتمبر/أيلول الماضي.إذ اتهمتهم السلطات الصينية باختلاس أموال من صناديق التقاعد لتمويل مشاريع في البنية التحتية  ومشاريع عقارية، بطريقة غير شرعية.ويشكل الإطاحة بشين ليانغيو حدثا مهما في الصين، نظرا لمكانته المزدوجة، فهو الرجل رقم واحد في الحزب الشيوعي الصيني في الكيانية المدينية الأكثر ازدهاراً في البلد، وهو في الوقت نفسه عضو في المكتب السياسي. ومنذ تنحية وإدانة عمدة مدينة بكين السابق شين كسيتونغ  بنحو خمس عشرة سنة سجنا في العام 1995، لم تشهد الصين منذ ذلك الوقت رجلا رفيع المستوى في التراتبية القيادية يدفع ثمن حملة التطهير ضد الفساد. في بداية  أغسطس/آب الماضي، أرسلت السلطة المركزية في بكين مئات من مفتشي لجنة الرقابة والتفتيش التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي  إلى شنغهاي للتحقيق في سرقات صناديق التقاعد التابعة للمدينة. واندفعت الصحافة الصينية في الفجوة المفتوحة من قبل الرقابة، لترفع  تقريراً بليغاً عن ممارسات السلطة المحلية،على إيقاع الاعتقالات والمعلومات المتسربة. وعندما كشفت كيف أن أموال التقاعد استخدمت لتمويل المشاريع العقارية  للمقاولين المقربين من السلطة، أثار التحقيق مسألة حساسة ودقيقة.  حتى إن كان العاملون محظوظين جدا في الصين، فإن ثلاثة أرباع الأجراء في شنغهاي  يقبضون أقل من 300 يورو شهريا. وهم متمسكون بتقاعدهم الهزيل ويسخرون من أن الشقة الغالية جدا والتي لم تبع أبداً في شنغهاي، في حي تومسون الريفيرا، بلغت رقما قياسيا بنحو 190 مليون ياوان “19 مليون يورو”. إن فضيحة صناديق التقاعد التي عصفت بمدينة شنغهاي تظهر لنا حجم التشوهات والاعوجاجات القائمة، في مجال تقنيات الإدارة، وقوانين السوق، التي يمكن أن يفرزها نظام إدارة غير ديمقراطي على الإطلاق، ولا يفسح في المجال للمنافسة الشريفة في القطاعين العام والخاص. وإذا كانت شنغهاي، المدينة الأكثر عصرية في الاقتصادات الصينية، هي في قلب الإعصار، فإن هذا يقوي الرهانات.هذه المرة، لا يمزح مفتشو الحزب. إذ جندت السلطات الصينية رجال أمن لمنع هروب المسؤولين المتورطين في فضائح الفساد التي  تمثلت في اختلاسات مالية قدرت بنحو 300 مليون يورو، بينما صادرت في الوقت نفسه جوازات سفر المسؤولين المحليين الكبار. وككل المجموعات المحلية الأخرى، تكلفت شنغهاي في نهاية الثمانينات بمهمة إدارة تقاعدات 17 مليون مقيم. وأنشأت الإدارة المعنية شركة، تعرضت لخسائر كبيرة. وفي سبيل تحقيق مزيد من الأمان، تم  إيداع  أموال التقاعد لمحترف في المالية، بنك شنغهاي للتنمية، الذي التزم بمعدل ثابت الاسترجاع.  بيد أن البنك المرتبط بالسلطة المحلية، موّل مشاريع عقارية كبيرة عدة. وفي العام ,1977 لما كانت الحكومة المركزية واعية بالانحرافات، فرضت خطة تقضي بوضع أموال التقاعد في سندات على الخزينة.بيد أن مكتب العمل والشؤون الاجتماعية في مدينة شنغهاي وضع عدة سنوات لتغطية الأموال في بنك التنمية، الذي لجأ إلى توظيفات مالية مربحة عدة عن طريق كيانات جديدة.   الرسالة التي يريد الرئيس الصيني هيو جينتاو- الذي هو في الوقت نفسه  الأمين العام للحزب الشيوعي- توجيهها واضحة: إن خنق الدجاجة يفترض أن هناك سعادين يجب تخويفها . فالأمر يتعلق بتأكيد سيطرة القيادة المركزية للحزب لدى القيادات المحلية في المقاطعات الأخرى، التي يحاول فيها المسؤولون الإثراء في إقطاعياتهم المختلفة.ويرى المحللون في هذه الإقالة المغطاة إعلاميا بشكل كبيرفي الصين، طريقة ما للقول إلى القيادات التي تحتل مراكز مهمة في الحزب أنه ليس هناك شخص بمنأى عن العقاب الإمبراطوري القاري، ولإظهار الرأي العام  أنه في هذه الأوقات العصيبة، حيث يعمق النمو اللامساواة الاجتماعية، “أن الجرائم الاقتصادية” لن تظل من دون عقاب. لا شك أن قضية شنغهاي  خطيرة، لكن يجب على المرء أن يكون ساذجا للاكتفاء بهذا التبرير الرسمي. فالسبب الحقيقي لهذا التطهير يجب بحثه في مكان آخر. ذلك أن الفضيحة الحقيقية، التي تبرر اندفاع قطاع الرؤوس، ليست مالية، وإنما سياسية.فالجريمة الحقيقية التي ارتكبها مسؤولون شنغهاويون هي أنهم تحدوا سلطة بكين، العاصمة المتغطرسة، الضامنة للسلامة الإمبراطورية  المهددة من قبل مناطق النفوذ الإقطاعية التي أصبحت متطاولة ومتعجرفة أكثر فأكثر.في بداية الثمانينات، عندما بدأت مرحلة التخلي عن الماوية، حيث أصبح قانون الإيمان هو الاقتصاد-لا الإيديولوجيا- كمصدر حقيقي للقوة، لم تكن بكين  انطلاقا من قوتها الذاتية  قادرة على تحرير الطاقات الخاصة لإثراء البلاد. فالعاصمة الإمبراطورية، هي قطب بيروقراطي لا قطب للنمو الاقتصادي.فقد اقتضى الأمر خلق مناطق جديدة للثروة، تمثلت في “المناطق الاقتصادية الحرة الخاصة” التي انتشرت على طول الساحل الصيني، في هونج كونج، وماكاو، أو في مواجهة تايوان، وهي نماذج أريد منها أن تكون مدرسة للاقتصاد الجديد.ومع انتشار هذه “النمور” المحيطية، تحمست الصين الجنوبية. وكانت المقاطعة المنارة في ذلك الوقت هي غوانغ دونغ، وعاصمتها كانتون، التي أرست  دعائم “الصين مصنع العالم”. ولم تتأخر العلاقة بين التجار الجنوبيين والموظفين الكبار في الشمال عن التوتر. ففي عام 1998 اندلع نزاع حاد بسبب ديون أجنبية مكثفة استدانتها كانتون من دون مراعاة التوجيهات المركزية. فتمت الإطاحة بقيادة المقاطعة.وبعد سنتين من ذلك التاريخ، حصل الأمر عينه مع ميناء كسيامين المواجه لتايوان، إذ كانت القيادات الحزبية المحلية متورطة في عمليات تهريب للسلع  ألحقت أضرارا كبيرة بخزينة الدولة.إن الذي يقلق الحكومة المركزية في بكين : هو انبثاق مناطق مزدهرة تهدد سلطتها. ومع ذلك، لا تستطيع بكين أن تقتل “الدجاجة  التي  تبيض لها ذهبا”، فالسلاح الذي في حوزتها هو تنظيم نوع من التناوب الجغرافي في إطار منح المحسوبية للدولة.كانت كانتون الابن المدلل طيلة السنوات .1995-1985 فقامت الحكومة المركزية بسحب هذه العناية منها. ووقع اختيار الحكومة المركزية  على مدينة أخرى رمزية: شنغهاي. فتحولت إلى واجهة حقيقية للرأسمالية الصينية  على العالم منذ بداية عقد التسعينات، وباتت مدللة من قبل بكين، حيث يجلس على العرش قيادات قديمة من شنغهاي، في مقدمتهم الرئيس السابق جيانغ زيمين (2002-1989).وهنا أيضا يتكرر الأمر عينه  الذي حصل في كانتون. فشنغهاي التي أصبحت رمزا للازدهار الاقتصادي الصيني الذي يتغنى به مؤتمر دافوس ووول ستريت بوصفها بابل القرن الصيني الجديد، ها هي اليوم تقطف ثمار الغطرسة التي يحس بها بقية مناطق الصين القارية.ومع اقتراب موعد المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي سيعقد  خلال السنة المقبلة، يعمل الرئيس هيو جينتاو تحت راية مكافحة الفساد في شنغهاي على إحكام قبضته على مقاليد السلطة: الحزب والدولة، والتخلص من بقايا جيانغ زيمين، الذي لا يزال تأثيره قويا في شنغهاي، وحتى داخل أعضاء المكتب السياسي للحزب ال.24 * كاتب اقتصادي
 

(المصدر: صحيفة الخليج الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)

 

القومي الإسلامي: الديمقراطية تمنع تفتيت الأمة

الدوحة – محمد صبره ومصطفي شعبان – إسلام أون لاين.نت

 

اختتم المؤتمر القومي الإسلامي السادس جلساته بالعاصمة القطرية الدوحة بعد انتخاب منير شفيق منسقا عاما له خلفا للدكتور عصام العريان الذي قدم استقالته لظروف اعتقاله ومنعه من السفر للخارج.

وشدد المؤتمر على أن الديمقراطية هي الطريق الأمثل لتحصين الأمة وتأمين استقرارها ومنع تفتيتها وتقوية جبهاتها الداخلية.

وعلى الرغم من عدم صدور بيان ختامي عن المؤتمر الذي أنهى أعماله ليل الجمعة 22-12-2006 فإنه استعرض مسودة لمشروع بيان ختامي، ستجري مناقشتها تمهيداً لإصدار البيان بصورته النهائية خلال أسبوع بحسب ما ذكره مدير المؤتمر “أسامة محيو“.

وتضمن مشروع البيان الختامي -والذي حصل مراسل إسلام أون لاين على صورة منه- على عدة توصيات تمثل أبرزها في تأكيده على أن “النهج الديمقراطي هو السبيل الموضوعي لتحصين الأوطان، وتأمين استقرارها وتقوية جبهاتها الداخلية“.

كما دعا “لمواجهة خطر التقسيم والتفتيت الداخلي في الأقطار العربية على أسس عرقية وطائفية ومذهبية وذلك بالتغيير الديمقراطي الذي يخلق المناخ العادل لوأد تفجر النزاعات المحتملة لأن غياب الوعي المعرفي والحكم غير الديمقراطي هو المسئول عن تلك الأزمات“.

 

إدانة تجاوزات الأنظمة

وأدان المؤتمر “التجاوزات للدساتير والقوانين التي ترتكبها السلطات في النظم العربية والتي تؤدي إلى هدر حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير”، موجها الدعوة لإغلاق ملف الاعتقالات السياسية والإفراج عن جميع المعتقلين أو المحكومين صوريا.

كما تعرض مشروع البيان لخصوصية العلاقة بين التيارين القومي والإسلامي منوهاً لأهمية أن يكون كل تيار من التيارين على يقين بأن التيار الآخر ليس فقط حليفا لكنه داعم ومكمل له وأن أي خطوة نضالية تدعم مسار أحدهما هي دعم لمسار الآخر لأنهما على مسار واحد وفي قاطرة واحدة.

كما قدم المؤتمر جملة من التوصيات بشأن القضايا الهامة التي تتعرض لها الأمة، ففيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد المؤتمر أن قضية فلسطين هي قضية الأمة المركزية، بالنسبة إلى الأمة العربية بمسلميها ومسيحييها، مشددا على حق الشعب الفلسطيني المشروع في مقاومة الاحتلال وتحرير ترابه الوطني.

ودعا المؤتمر جميع القوى الفلسطينية إلى تفادي الصدام، ورفع السلاح في وجه العدو فقط ولا يستخدم للاقتتال بين أبناء الشعب الواحد. كما طالب بتضافر الجهود لوقف الإجراءات الصهيونية العنصرية ضد القدس ومواطنيها، معتبرا أن حق العودة حق شخصيا لكل مهجّر فلسطيني.

وألمح المؤتمر إلى أن “حصار التجويع المفروض على مواطني الضفة والقطاع شكل من أشكال جريمة التطهير العرقي”، داعيا الدول العربية لتنفيذ قرار مجلس وزراء خارجيتها القاضي بكسر الحصار.

رفض تحوير الصراع

ورفض المؤتمر “أي محاولة أمريكية هدفها أن يتوارى الصراع العربي الصهيوني ليحل محله صراع عربي إيراني تكون أدواته الانقسامات المذهبية (شيعية وسنية)”.

وأصر المؤتمر على أن إسرائيل هي العدو الأساسي للأمة العربية والإسلامية، داعيا لتشكيل هيئة قومية إسلامية تنبثق عن هذا المؤتمر لفتح حوار إستراتيجي على أعلى المستويات في الدول العربية ومع الجمهورية الإسلامية الإيرانية “لوضع تصور مشترك لهزيمة المشروع الأمريكي في العراق“.

وبالنسبة للوضع في لبنان ذكر مشروع البيان الختامي للمؤتمر أن ما يتعرض له لبنان من محاولات ضرب الوحدة الوطنية وتشويه صورة المقاومة بجعلها طائفية أو مذهبية لا ينفصل عما تتعرض له فلسطين والعراق والذي تقف خلفه “المخططات الأمريكية الصهيونية“.

ودعا المؤتمر جميع اللبنانيين بكل أطيافهم إلى التزام وحدة لبنان وعروبته وحماية مقاومته مع التمسك بأحكام الدستور، مطالبا بإنشاء علاقات طيبة بين لبنان وسوريا مبنية على احترام سيادة كل من البلدين الشقيقين.

 

رفض الحكومة العراقية

وبخصوص القضية العراقية أعلن المؤتمر رفضه للاحتلال وكل ما نتج عنه من عملية سياسية وقوانين وأنظمة وقرارات ودستور ومحاكم غير شرعية فضلا عن محاولات التقسيم القسري للعراق.

وبالنسبة لموقفه من النظام القائم حاليا في العراق، اعتبر المؤتمر أن الحكومة العراقية الحالية المشكلة في ظل الاحتلال ووفق إرادته حكومة “غير شرعية”، مناشدا الدول العربية والأجنبية فضلا عن المنظمات الدولية بسحب اعترافها بها.

وفيما يتعلق بقضايا الساحة المغاربية ذكر المشروع الختامي للمؤتمر أن القضية الرئيسية في الساحة المغاربية هي قضية الضغوط التي تمارس على الهوية العربية الإسلامية للمغرب العربي التي واجهت، على امتداد قرون، الاستعمار الغربي وانتصرت عليه.

وحذر المؤتمر من “الفرنكوفونية لكونها مؤسسة فرنسية ذات خطة إستراتيجية رامية إلى الهيمنة الثقافية والسياسية والاقتصادية باسم الانفتاح والمعاصرة”، كما دعا في الوقت نفسه، ملمحا لخطورة استخدام الأمازيغية ذريعة لمن يبغي تنفيذ مشاريع تجزئة وتفتيت للساحة المغاربية.

وطالب المؤتمر بضرورة استكمال المغرب لتحرير سبتة ومليلة والجزر المحتلة.

وحول القضية السودانية نبه المؤتمر الرأي العام العربي والإسلامي إلى المخاطر المحدقة بالسودان جراء المشاريع التقسيمية المرسومة له، داعيا مؤسسات الإعلام العربية إلى إبراز حقيقة الأوضاع في دارفور والتصدي للتشويه الذي تقوم به وسائل الإعلام الغربي.

وخلال فعاليات اليوم الثاني والأخير للمؤتمر جري انتخاب منير شفيق منسقا عاما خلفا للدكتور عصام العريان الذي قدم استقالته لظروف اعتقاله ومنعه من السفر للخارج.

وكان المؤتمر عقد جلسات دورته السادسة بالدوحة يومي الخميس والجمعة 21و22 من ديسمبر بمشاركة 70 شخصية من قيادات التيارين القومي والإسلام

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 23 ديسمبر 2006)


 

 

زاره عدد من رموز المؤتمر القومي الإسلامي ..

معتقل سابق بسجن أبو غريب يقيم معرضا للصور تفضح انتهاكات الاحتلال

محمد فوراتي

 

عرض عبدالجبار العزاوي المعتقل السابق في سجن أبو غريب بمناسبة المؤتمر القومي الاسلامي عدداً من الصور التي تكشف حجم الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في العراق. وتحتوي الصور على مشاهد من طرق التعذيب المعتمدة في سجون الاحتلال وصور للشهداء الذين سقطوا من جراء القصف أو القتل العشوائي. كما تضمنت صوراً أخرى هي صيحات الفزع والهلع لنساء واطفال العراق من جراء ما ذاقوه من خوف ورعب أو من فقدان حبيب قضى نحبه تحت سياط أو نيران القوات الغازية. ونقلت بعض المشاهد الفوتوغرافية نماذج من تشوهات خلقية لبعض الأطفال أو بعض الشهداء الذين قطعت أطرافهم وظهرت أجسادهم مكسوة بالدماء.

 

وزار المعرض عدد كبير من الشخصيات المشاركة في المؤتمر القومي الاسلامي الذي استضافته الدوحة. ومن الذين زاروا المعرض الدكتور يوسف القرضاوي والأستاذ خالد مشعل. وقد تأثر جل من شاهد تلك الصور التي تعبر عن حجم المعاناة والانتهاكات التي يقع تحتها رجال واطفال ونساء العراق اليوم تحت الاحتلال.

 

وقال عبدالجبار العزاوي وهو مستشار في اتحاد الأسرى والمعتقلين العراقيين إن فكرة المعرض ولدت بعد أن ذاق أصنافا من العذاب في سجن أبو غريب لمدة 7 أشهر. وأضاف في تصريح لـ الشرق أن المعاناة القاسية التي عاشها في سجن أبو غريب جعلته يعتقد أنه دليل متحرك على هذه الفضيحة ولابد له من المساهمة في كشفها للرأي العام. وقال العزاوي «لقد قررت ان أجعل من أولوياتي اخراج تلك الحقيقة للناس وأن أبلور معاناة الآلاف من السجناء وعائلات الشهداء من خلال إقامة المعارض واللقاءات التلفزيونية لكي ننصف أهل الحق من رجال ونساء أبو غريب ومختلف سجون الاحتلال».

 

وأكد أن هدفه من عرض مثل هذه الصور التي لا تكشف إلا جزءا يسيرا من فظاعات الاحتلال هي فضح الانتهاكات وأساليب المحتل التي تحط من الانسانية وكشفها للعالم، مؤكدا أنه يمتلك صوراً أكثر فظاعة لم يستطع عرضها لبشاعتها التي لا تطيقها عين واحتراما للمشاعر الإنسانية. وكان عبد الجبار العزاوي أقام معارض مماثلة في لبنان واسطنبول والدوحة قال إن الناس تفاعلوا معها كثيرا وزادتهم يقينا بفظاعات الاحتلال التي لايمكن لمن يشاهدها على الورق ان يدرك فظاعتها كمن عاشها لأشهر عديدة.

 

ويعمل العزاوي ضمن فريق كبير من العراقيين ضمن اتحاد الأسرى والمعتقلين العراقيين وجمعيات حقوقية أخرى على الاتصال بالمنظمات الاقليمية والدولية لإطلاعهم على حقيقة الوضع ودفعهم إلى الضغط على قوات الاحتلال لتطلق سراح المئات من الشبان العراقيين. وقد نجحت بعض الجهود كما يقول عبد الجبار العزاوي في اقناع الكثير من الأوروبيين إلى جانب العرب ومنظمات اخرى بدول إسلامية على مشاركتهم في التعريف بهذه المظلمة. كما أقام اتحاد الأسرى والمعتقلين السياسيين ورشات عمل عديدة مع منظمات حقوقية اوروبية في عدة دول زادت من تعاطف المجتمع الدولي مع معاناة الشعب العراقي.

 

ويؤكد العزاوي والفريق الذي يعمل معه من العراقيين أنهم سيواصلون عملهم الإعلامي والحقوقي في كشف هذه الفظاعات والتنديد بها حتى يزول الاحتلال، وحتى تعود الكرامة والإنسانية لمن سلبت منهم، مع التعويض لكل المتضررين واهاليهم عن أيام العذاب والمهانة والبطش التي عاشوها.

 

(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)


 

 

القرضاوي يحسم الخلاف حول اختيار المنسق العام

 

الدوحة – أيمن عبوشي: شاب اختيار منسق عام للمؤتمر القومي- الإسلامي السادس في الجلسة الختامية للمؤتمر مساء أمس بعض اللغط والاحتجاج علي طريقة اختيار منسق عام للمؤتمر، فيما جري اختيار منير شفيق منسقاً عاماً للفترة المتبقية لدورة الدكتور عصام العريان الذي أعلن استقالته في ورقة مكتوبة لتعذره من ممارسة مهامه بسبب منعه من السفر.

 

وأوضح السيد ياسين محمد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني في تصريحات ل الراية أسباب اعتراضه علي طريقة اختيار شفيق بأنها لا تشكل احتجاجا علي اختيار شخص د. شفيق بقدر ما تعتبر احتجاجاً علي طريقة الاختيار نفسها.. مؤكدا بأنه ينظر باحترام كبير لشخص د. شفيق.. وقال نعمان إن طريقة التزكية لم تكن مناسبة.. . لافتاً إلي انه أراد أن يكون هناك أكثر من مرشح بحيث يتم اختيار المرشح الأنسب بطريقة الاقتراع السري من أجل إعطاء المنصب قوة معنوية أكبر وان الاختيار كان حقيقيا .. وأوضح نعمان بأن الأسلوب الحالي في اختيار المنسق العام فيه العديد من الفجوات، مشيرا إلي وجود عناصر مؤثرة في المؤتمر، توحي بأنها صاحبة القرار في اختيار ممثل المؤتمر.. وشدد نعمان علي انه باحتجاجه خلال الجلسة الختامية أراد تجاوز ذلك من خلال انتهاج طريقة ديمقراطية كاملة.

 

وظل الجدال قائما خلال الجلسة حتي تدخل الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر في الدوحة ورئيس لجنة أمناء القدس المنبثقة عن المؤتمر، الذي قال أعتقد ان الموضوع لا يحتاج لكل هذا النقاش.. أخونا الدكتور عصام العريان أحد الشخصيات العاملة في الحقل الإسلامي والحقل العربي وأنا أعرفه معرفة شخصية وأعرف مدي إخلاصه واختاره هذا المؤتمر منسقاً عاماً لما عرف عنه ليس لأنه ركن قيادي في جماعة الإخوان المسلمين فقط ونفي القرضاوي ان تكون جماعة الإخوان المسلمين قد اشترطت علي العريان تقديم استقالته لعدم ممارسة نشاطين في آن معاً.. وأوضح الشيخ القرضاوي بأن كل ما في الأمر هو أن د. العريان يتعرض لمنع السفر والذي يحول دون مشاركته بصورة فعلية في إدارة المؤتمر.

 

وحيا الشيخ القرضاوي الذين صوتوا لبقاء العريان منسقاً عاماً للمؤتمر، كي لا تستسهل السلطات التنفيذية في تلك البلدان من ممارسة قمعها ضد أعضاء المؤتمر، لكنه استشهد بما قاله الإسلامي راشد الغنوشي الذي طالب سابقاً بضرورة قبول استقالة العريان الذي يعجز عن القيام عمليا بمهامه كمنسق عام للقومي الإسلامي.. وطالب القرضاوي المؤتمر بضرورة توجيه الشكر والتقدير للعريان علي دوره السابق.

 

يذكر أن المفكر د. منير شفيق يعرف باعتباره قوميا إسلامي التوجه.. وهو من أصل فلسطيني.

 

وخلال الجلسة الختامية أعلن الدكتور المسفر عن ترشح كل من الدكتور عبد اللطيف عربيات ود. شفيق إلا أن عربيات أعلن انسحابه ففاز د. شفيق بالزكية.

 

وفي ختام الجلسة، تحدث مطران الكنيسة الأرثوذكسية بالقدس المحتلة، الأب عطا الله حنا ، مشيداً بالدكتور الشيخ يوسف القرضاوي ومواقفه المعتدلة، وجدد الأب عطا الله العهدة العمرية بين الخليفة عمر الفاروق والبطريارك صفرونيوس في كلمته التي اختتم بها الجلسة الختامية للمؤتمر، مؤكداً وقوف المسلمين والمسيحيين صفا واحداً في الدفاع عن القدس والقضايا القومية والمصيرية التي تواجه الأمة.. وأعلن الأب عطا الله رفضه بشكل قاطع التطاول علي الإسلام واتهامه بدعم الإرهاب، في محاولة للإساءة للإسلام.

 

وأكد الرمز المسيحي المعروف في العالم العربي أن من يسيء للإسلام لا يحق له أن يتكلم باسم المسيحية، مشدداً علي أن من يدافع عن الإسلام إنما يدافع عن هذه الأمة.. لافتا إلي أن المسيحيين العرب جزء من هذه الأمة.

 

ومنح الأب عطا الله وسام القبر المقدس وسام كنيسة القيامة.. كنيسة البطريارك صفرونيوس للشيخ يوسف القرضاوي مؤكدا أن كنيسة القيامة المشرقية ستظل كنيسة عربية وشرقية.

 

وتوجه الشيخ القرضاوي بدوره بالشكر للأب عطا الله مؤكدا العلاقة الخاصة بين المسلمين وأهل الكتاب من اليهود والنصاري، لافتاً إلي العلاقة الوطيدة التي تربط المسيحيين العرب بالأمة الإسلامية.

 

(المصدر: صحيفة الراية القطرية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2006)

 

Home – Accueil

Lire aussi ces articles

4 mars 2011

Home – Accueil-الرئيسية في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس Un effort

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.